You are on page 1of 34

‫الفصل األول ‪:‬املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر ‪.

‬‬

‫متهيد‪:‬‬

‫إ ّن اإلصالحات االقتصادية املطبّقة ابجلزائر‪ّ ،‬أول ما استهدفت هي املؤسسة العمومية‪ ،‬إذ كان أمل احلكومات أن تساعد‬
‫املؤسسات العمومية االقتصادية يف حتقيق عدد من النتائج اإلجيابية كتطوير القطاعات االسترياتيجية‪ ،‬واحلفاظ على مستوايت عمالة‬
‫عالية‪ ،‬ومل ينظر مللكية الدولة على أهنا معوقات كامنة لألداء يف هذه املؤسسات‪.‬‬

‫حيث تعترب طبيعة التنظيم الذي عرفته املؤسسات العمومية االقتصادية أحد األسباب األساسية يف عدم فعالية و كفاءة‬
‫القطاع العمومي‪ ،‬و ابلتايل اجتهت الدولة إىل إعادة النظر يف عمل أو يف طريقة عمل هذه املؤسسات و هذا عن طريق اإلصالحات‬
‫الضرورية للنهوض ابإلنتاج وزايدة املردودية‪ ،‬فقد اصطدمت املؤسسات اجلزائرية بعدة مشاكل منها سوء التسيري اإلداري و املايل‪،‬‬
‫ازدواجية املهام (مهام اقتصادية و اجتماعية)‪ ،‬مع مركزية القرار‪.‬‬

‫نتيجة لذلك‪ ،‬عرفت املؤسسات العمومية االقتصادية يف اجلزائر عدة حتوالت سواء يف هيكلها أو يف سياسة متويلها‪،‬‬
‫وسنحاول من خالل هذا الفصل التطرق إىل خمتلف املراحل اهليكلية اليت مرت هبا هذه املؤسسات يف املبحث الثاين‪ ،‬مث السياسة‬
‫التمويلية املتعلقة هبا من خالل سرد مراحل تطور نظام التمويل يف اجلزائر من خالل املبحث الثالث‪.‬‬

‫قبل هذا وذاك‪ ،‬الأبس أن نعاجل من خالل املبحث األول خمتلف أنواع املؤسسات االقتصادية‪ ،‬أهدافها‪ ،‬وظائفها وكذا‬
‫خمتلف مصادر متويل احتياجاهتا ‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫الفصل األول ‪:‬املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر ‪.‬‬

‫املبحث األول ‪ :‬ماهية املؤسسة االقتصادية ‪.‬‬


‫ظاهرة املؤسسة ظاهرة معقدة‪ ،‬ولذلك جند وجهات نظر خمتلفة يف إعطاء تفسري ملفهوم املؤسسة‪ ،‬فهناك من لديهم نظرة‬
‫حمدودة وجزئية ملفهوم املؤسسة من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى هناك من يرى املؤسسة من جانب قانوين‪ ،‬وآخرون يهتمون ابجلانب املايل‬
‫فقط‪.‬‬

‫املطلب األول ‪ :‬تعريف املؤسسة االقتصادية ‪.‬‬


‫من أجل تعريف املؤسسة‪ ،‬سنتطرق يف هذا املطلب إىل حتديد مفهومها‪ ،‬خصائصها وأهدافها ‪.‬‬

‫مفهوم املؤسسة‪ :‬لقد تعددت مفاهيم املؤسسة االقتصادية ابختالف األزمنة واالجتاهات‪ ،‬وميكن أن جتمع بعضها يف‬ ‫‪.1‬‬
‫النقاط التالية ‪:‬‬
‫ابلنسبة لرتوشي "‪ "M.TRUCHY‬تعرف أبهنا الوحدة اليت جتمع فيها وتنسق العناصر البشرية واملادية للنشاط االقتصادي‬
‫؛‬
‫أما ابلنسبة ملاركس " ‪ ،" MARX‬فاملؤسسة الرأمسالية تكون متمثلة يف عدد كبري من العمال‪ ،‬يعملون يف نفس الوقت حتت‬
‫إدارة نفس رأس املال ويف نفس املكان من أجل إنتاج نفس النوع من السلع؛‬
‫ويضيف فرنسوا بريو"‪ "François PIROUX‬أن املؤسسة " شكل إنتاج‪ ،‬بواسطته وضمن نفس الذمة (‪)Patrimoine‬‬
‫تدمج أسعار خمتلف عوامل االنتاج املقدمة من طرف أعوان متميزين عن مالك املؤسسة‪ ،‬هبدف بيع سلع أو خدمات يف السوق من‬
‫أجل احلصول غلى دخل نقدي ينتج عن الفرق بني سلسلتني من األسعار"؛‬
‫وقد جاء لربينت "‪ "M.LEBRETON‬بتعريف املؤسسة كما يلي‪ ":‬هي كل شكل تنظيم اقتصادي‪ ،‬مستقل ماليا‪ ،‬والذي‬
‫يقرتح نفسه إلنتاج سلع أو خدمات يف السوق " ‪.‬‬
‫ونالحظ أن التعاريف السابقة‪ 1‬مل تكن شاملة ملختلف جوانب املؤسسة‪ ،‬حيث أن التعريفني األولني قد اقتصرا على وظيفة االنتاج‬
‫فقط‪ ،‬يف حني أن املؤسسة ميكن أن تشمل عدة وظائف وتنتج أكثر من سلعة أو خدمة ‪.‬‬
‫ونظرا الختالف املؤسسات فيما بينها يف أشكاهلا وقدراهتا‪ ،‬فال ميكن تعريف املؤسسة إال مبكوانهتا‪ ،‬لكننا إذا حاولنا اجلمع‬
‫بينها يف تعريف عام‪ ،‬ينطبق على الكل‪ ،‬أمكن القول أن‪":‬املؤسسة عبارة عن منظمة‪ ،‬جتمع بني خمتلف عوامل اإلنتاج ـً العمل‪ ،‬رأس‬
‫لية‪ ...،‬ـ بطريقة مثالية للبحث عن الفعالية يف مجيع امليادين من أجل إنتاج سلعة أو تقدمي خدمة "‬
‫املال‪ ،‬آالت‪ ،‬خربات‪ ،‬مواد أو ً‬
‫هذا التعريف ينطبق على مجيع املؤسسات إبختالف أحجامها‪ ،‬جماالت عملها‪ ،‬طابعها القانوين‪ ،‬و النظام السياسي‬
‫السائد يف البلد املستقبل وكذا مستوى تطور هذا البلد‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫خصائص املؤسسة‪ :‬من التعاريف السابقة‪ ،‬ميكن استخالص الصفات واخلصائص اليت تتصف هبا املؤسسة االقتصادية‪:‬‬ ‫‪.2‬‬
‫للمؤسسة شخصية معنوية مستقلة من حيث امتالكها حلقوق وصالحيات‪ ،‬أو من حيث واجباهتا ومسؤولياهتا؛‬ ‫‪‬‬
‫هلا القدرة على اإلنتاج أو أداء الوظيفة اليت وجدت من أجلها ؛‬ ‫‪‬‬

‫‪1‬انصر دادي عدون‪" ،‬اقتصاد املؤسسة " ‪ ،‬الطبعة‪ ، 1‬دار احملمدية العامة ‪ ،‬اجلزائر‪ ،1998 ،‬ص ص ‪ 10-9‬؛‬
‫‪2‬موساوي نور الدين‪" ،‬واقع االقرتاض املصريف للمؤسسة العمومية اجلزائرية"‪ ،‬مذكرة ماجستري‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية وعلوم التسيري‪ ،‬جامعة اجلزائر‪،‬‬
‫‪ ،2004/2003‬ص‪41‬؛‬

‫‪10‬‬
‫الفصل األول ‪:‬املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر ‪.‬‬

‫كون املؤسسة قادرة على البقاء ملا يكفل هلا من متويل كاف وظروف سياسية مواتية وعمالة كافية وقادرة على تكييف نفسها‬ ‫‪‬‬
‫مع الظروف املتغرية ؛‬
‫التحديد الواضح لألهداف االسترياتيجية‪ ،‬والربامج‪ ،‬وأساليب العمل‪ ،‬فكل مؤسسة تضع أهدافا معينة تسعى لتحقيقها‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫أهداف كمية ونوعية‪ ،‬ابلنسبة لإلنتاج لتحقيق رقم أعمال معني ؛‬
‫ضمان املوارد املالية لكي تستمر عملياهتا‪ ،‬ويكون ذلك إما عن طريق االعتمادات‪ ،‬وإما عن طريق اإليرادات الكلية‪ ،‬أو‬ ‫‪‬‬
‫القروض‪ ،‬أو اجلمع بني هذه العناصر كلها أو بعضها‪ ،‬حسب الظروف ؛‬
‫البد أن تكون املؤسسة مواتية للبيئة اليت وجدت فيها وتستجيب لتغرياهتا‪ ،‬فاملؤسسة التوجد منعزلة‪ ،‬وإن كانت معاكسة هلذه‬ ‫‪‬‬
‫الظروف فإهنا ميكن أن تعرقل عملياهتا وأهدافها ؛‬
‫جيب أن يشمل إصالح املؤسسة إمكانية زواهلا‪ ،‬إذا ضعف مربر وجودها أو تضاءلت كفاءهتا ؛‬
‫‪1‬‬
‫والتقوم املؤسسة االقتصادية إال على األركان األساسية التالية ‪:‬‬
‫القوانني الشرعية والقانون األساسي املنبثق عنه وتوابعه من مراسيم وتعليمات ؛‬ ‫‪‬‬
‫جمموع العقود واملعاهدات اليت تربمها املؤسسة مع املتعاملني معها ؛‬ ‫‪‬‬
‫املسؤول أو من ينوب عنه؛‬ ‫‪‬‬
‫املنتوج ومشتقاته ؛‬ ‫‪‬‬
‫الوسائل املادية والبشرية والتنظيمية لإلنتاج ؛‬ ‫‪‬‬
‫السوق ومراكز تبادل القيم ؛‬ ‫‪‬‬
‫الزابئن واملستهلكون للمنتوج ومشتقاته ؛‬ ‫‪‬‬
‫احمليط العام املادي واملعنوي ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫أهداف املؤسسة االقتصادية‪ :‬تباينت أراء املفكرين حول أهداف املؤسسة‪ ،‬فمنهم من يرى أن هناك هدف واحد‬ ‫‪.3‬‬
‫يتمثل يف تعظيم الربح‪ ،‬بينما يقرالبعض اآلخر بتعددية األهداف‪ .‬ففي هذا اجملال نقول أنه ليس مهما اإلقرار بوجود هدف واحد‬
‫للمؤسسة أو عدة أهداف بل األهم هو األخذ بعني االعتبار املكان والزمان الذي توجد فيه املؤسسة حمل الدراسة من حيث أهدافها ‪.‬‬
‫مبعىن ميكن أن جند مؤسسة أو مؤسسات هلا عدة أهداف وليس هدف واحد ألهنا وجدت يف السبعينات وكانت مهمتها حتقيق‬
‫‪2‬‬
‫خمططات التنمية‪ .‬وهذه األخرية تتضمن أهدافا اقتصادية واجتماعية‪ ،‬إذ أن أهدافها تتعلق أبهداف اجملتمع ‪.‬‬
‫ميكن مجع أهداف املؤسسات االقتصادية يف النقاط التالية‪:‬‬

‫األهداف االقتصادية‪ :‬ميكن مجع عدد من األهداف اليت تدخل ضمن هذا النوع كمايلي‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫حتقيق الربح ‪ :‬إن استمرار املؤسسة يف الوجود‪ ،‬الميكن أن يتم إال إذا استطاعت أن حتقق مستوى أدىن من الربح يضمن هلا‬ ‫‪‬‬
‫إمكانية رفع رأمساهلا‪ ،‬وابلتايل توسيع نشاطها للصمود أمام املؤسسات األخرى يف نفس الفرع أو القطاع االقتصادي‪ ،‬أو احلفاظ على‬
‫مستوى معني من نشاطها‪ ،‬وقبل هذا استعمال الربح احملقق لتسديد الديون‪ ،‬توزيع األرابح على الشركاء‪ ،‬أو تكوين املؤوانت لتغطية‬
‫اخلسائر أو أعباء غري حمتملة ‪ .‬لذا يعترب الربح من بني املعايري األساسية لصحة املؤسسة اقتصاداي ؛‬

‫‪1‬حممد مسن‪" ،‬التدبري االقتصادي للمؤسسات‪ ،‬تقنيات واستسراتيجيات"‪ ،‬دار ساحل للنشر‪ ،‬اجلزائر‪ ،2001،‬ص‪ 21‬؛‬
‫‪2‬عمر صخري‪" ،‬اقتصاد املؤسسة"‪ ،‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪ ،‬اجلزائر‪ ،1993،‬ص‪2‬؛‬

‫‪11‬‬
‫الفصل األول ‪:‬املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر ‪.‬‬

‫حتقيق متطلبات اجملتمع‪ :‬إن حتقيق املؤسسة لنتائجها مير عرب عملية تصريف أوبيع إنتاجها املادي أو املعنوي وتغطية‬ ‫‪‬‬
‫تكاليفها‪ ،‬وعند القيام بعملية البيع‪ ،‬فهي تغطي طلبات اجملتمع املوجودة به‪ ،‬سواء على املستوى احمللي‪ ،‬اجلهوي‪ ،‬الوطين أو الدويل ‪.‬‬
‫فيمكن القول أن املؤسسة االقتصادية حتقق هدفني يف نفس الوقت‪ ،‬تغطية طلب اجملتمع وحتقيق األرابح‪ ،‬وختتلف طبيعة هذه األخرية‬
‫‪1‬‬
‫من املؤسسة العمومية إىل اخلاصة‪ ،‬حيث يعترب يف األوىل وسيلة الستمرار نشاطها وتوسيعه من أجل تلبية حاجات متجددة وإضافية؛‬
‫عقلنة اإلنتاج ‪ :‬تستخدم املؤسسة املوارد املتاحة إلنتاج تشكيلة من املنتجات مستخدمة الكفاءة الفنية والكفاءة‬ ‫‪‬‬
‫االقتص ادية‪ ،‬واهلدف من ذلك هو تعظيم االنتاج الذي ميكن تصريفه‪ ،‬وختفيض التكاليف يف أي مستوى ابملؤسسة‪ ،‬حبيث يكون‬
‫اهلدف إجياد وفورات داخلية وخارجية واستنفاذها ‪.‬‬
‫ففي حالة االنقطاع يف التموين تلجأ املؤسسة للمخزون‪ ،‬وعند وجود خمزون أمان غري كايف أو انعدام املخزون تتوقف‬
‫ا ملؤسسة عن االنتاج لكنها تبقى تتحمل جمموعة من التكاليف "دفع اإلجيار‪ ،‬االهتالكات‪ ،‬أتمني األجور‪...،‬اخل" اليت تسبب عجز‬
‫‪2‬‬
‫داخلي ‪ .‬ويف حالة عدم وجود خمزون املخرجات لتغطية السوق‪ ،‬يتحول االنقطاع الداخلي إىل انقطاع خارجي ‪.‬‬
‫األهداف االجتماعية‪ :‬من بني األهداف العامة للمؤسسة‪ ،‬األهداف االجتماعية‪ ،‬اليت تتمثل فيمايلي‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫ضمان مستوى مقبول من األجور‪ :‬يعترب العمال يف املؤسسة من بني املستفيدين األوائل من نشاطها‪ ،‬حيث يتقاضون‬ ‫‪‬‬
‫أجورهم مقابل عملهم هبا‪ ،‬إال أن مستوى وحجم هذه األجور يرتاوح بني االخنفاض واالرتفاع حسب طبيعة املؤسسة‪ ،‬طبيعة النظام‬
‫االقتصادي‪ ،‬مستوى املعيشة للمجتمع‪ ،‬وحركة سوق العمل وغريها من العوامل املعقدة‪ .‬وغالبا ما حتدد قوانني من طرف الدولة تضمن‬
‫للعامل مستوى من األجر يسمح له بتلبية حاجاته‪ ،‬واحلفاظ على بقائه‪ ،‬وهذا ما يسمى ابجلر األدىن املضمون؛‬
‫إقامة أمناط استهالكية معينة ‪ :‬تقوم املؤسسة االقتصادية عادة ابلتصرف يف العادات االستهالكية ملختلف طبقات اجملتمع‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫وذلك بتقدمي منتوجات جديدة أو بواسطة التأثري يف أذواقهم عن طريق اإلشهار والدعاية سواء ملنتجات قدمية أو ملنتجات جديدة غري‬
‫موجودة سابقا؛‬
‫توفري التأمينات واملرافق للعمال‪ :‬تعمل املؤسسات على توفري بعض التأمينات‪ ،‬مثل التأمني الصحي والتأمني ضد حوادث‬ ‫‪‬‬
‫العمل وكذلك التقاعد ‪ .‬كما اهنا ختصص مساكن سواء الوظيفية منها أو العادية لعماهلا أو احملتاجني منهم "ويظهر هذا أكثر يف‬
‫املؤسسات العمومية" ابإلضافة إىل املرافق العامة مثل تعاونيات االستهالك أو املطاعم‪...‬اخل ‪.‬‬

‫األهداف التكنولوجية‪:‬ابإلضافة إىل ما سبق تؤدي املؤسسة دورا هاما يف امليدان التكنولوجي‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫البحث والتنمية ‪ :‬تتنافس املؤسسات فيما بينها للوصول إىل أحسن طريقة إنتاجية وأحسن وسيلة من خالل عمليات‬ ‫‪‬‬
‫البحث والتطوير‪ ،‬مما يؤدي إىل التأثري على اإلنتاج ورفع املردودية اإلنتاجية فيها ‪.‬‬
‫كما أن املؤسسة تؤدي دورا مساندا للسياسة القائمة يف البالد يف جمال البحث والتطوير التكنولوجي‪ ،‬نظرا ملا متثله من وزن‬ ‫‪‬‬
‫يف جمموعها وخاصة الضخمة منها‪ ،‬من خالل اخلطة التنموية العامة "للدولة" املتوسطة األجل‪ ،‬اليت يتم من خالهلا التنسيق بني العديد‬
‫من اجلهات ابتداء من هيئات ومؤسسات البحث العلمي‪ ،‬اجلامعات‪ ،‬واملؤسسات االقتصادية وكذا هيئات التخطيط األخرى كاجمللس‬
‫االقتصادي واالجتماعي ‪.‬‬

‫‪1‬انصر دادي عدون‪" ،‬اقتصاد املؤسسة"‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪ 19‬؛‬
‫‪2‬موساوي نور الدين‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪43‬؛‬

‫‪12‬‬
‫الفصل األول ‪:‬املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر ‪.‬‬

‫املطلب الثاين‪ :‬تصنيف املؤسسات االقتصادية‪.‬‬


‫ختتلف معايري تصنيف املؤسسات اإلقتصادية ‪،‬فمنها ما يصنف حسب صيغتها القانونية‪ ،‬مثل أن تكون شخصية أو عائلية‬
‫أو عمومية أو خاصة‪ ،‬حمدودة التبعية أوجمهولة أو خمتلطة ‪...،‬اخل‪ .‬ومنها مايصنف حسب تقنيات اإلنتاج أوقطاعاته أوحسب أنواع‬
‫اخلدمات‪.‬‬
‫وسنتعرض فيمايلي‪ ،‬إىل خمتلف معايري تصنيف املؤسسات اإلقتصادية‪.‬‬
‫التصنيف القانوين‪:‬على أساسه يتم تصنيف املؤسسة إىل نوعني‪ :‬املؤسسات اخلاصة‪ ،‬املؤسسات العمومية ‪.‬‬ ‫‪.1‬‬

‫املؤسسات اخلاصة‪ :‬وهي مؤسسات تعود ملكيتها ألشخاص خواص‪ ،‬ميلكون حق اختاذ القرار‪ ،‬وهي توجد على‬ ‫‪‬‬
‫نوعني‪":‬املؤسسات الفردية والشركات" ‪.‬‬
‫املؤسسات الفردية‪ :‬وهي املؤسسات اليت ميتلكها شخص واحد أو عائلة وهي متتاز بسهولة التنظيم واإلنشاء‪ ،‬واملسؤول‬ ‫‪‬‬
‫األول واألخري فيها‪ ،‬وعن إدارهتا وتسيريها هو صاحب املؤسسة‪ 1.‬تتمثل املؤسسة الفردية يف التجار الصغار واملهن احلرة كاألطباء‬
‫واحملامني وغريهم‪ ،‬ومن خصائصها‪:‬‬
‫السهولة يف التنظيم واالنشاء؛‬ ‫‪‬‬
‫صاحب املؤسسة هو املسؤول األول واألخري عن نتائج أعمال املؤسسة‪ ،‬وهدا يكون دافعا له على العمل بكفاءة لتحقيق‬ ‫‪‬‬
‫أكرب إيراد ممكن؛‬
‫مالك املؤسسة هو املسؤول األول الوحيد عنها‪ ،‬حيث يقوم إبدارهتا وتنظيمها وتسيريها ويرجع له األمر يف اختاد أي قرار‬ ‫‪‬‬
‫خيص مؤسسته ؛‬
‫قلة الشركاء يقلل من املشاكل وعدم التفاهم مما يؤدي إىل تفادي اإلنقطاعات النامجة عن سوء التفاهم وكثرة األراء؛‬ ‫‪‬‬
‫قلة رأس املال‪ ،‬إذ أن املالك هو املمول نفسه فقد يؤدي دلك إىل وجود ديون انجتة عن قلة خربة املالك وصعوبة احلصول‬ ‫‪‬‬
‫على متويل خارجي متمثل يف القروض البنكية‪.‬‬
‫الشركات‪ :‬وهي عبارة عن مؤسسات تعود ملكيتها إىل شخصني أوأكثر‪ ،‬حيث يلتزم كل واحد منهم بتقدمي حصة من املال‬ ‫‪‬‬
‫أو العمال‪ ،‬واقتسام ما قد ينشأ عن هده الشركة من أرابح أو خسائر‪ ،‬وتنقسم بدورها إىل ‪:‬‬
‫شركات أشخاص "شركات تضامن"‪ :‬هي شركة قانونية تتكون من أشخاص يشرتكون يف احلصص اإلجتماعية لرأس ماهلا¸‬ ‫‪‬‬
‫ويتقاسم الشركاء األرابح و اخلسائر‪ ,‬كما يتقامسون أيضا املهام اإلدارية و تتعدى مسؤولية املشاركني يف تسديد الديون إىل أمواهلم‬
‫‪2‬‬
‫اخلاصة ؛‬
‫شركات األموال‪ :‬تستخدم شركات األموال للمؤسسات كبرية احلجم ‪ ,‬ومتثل شخصية اعتبارية هلا احلقوق القانونية اليت‬ ‫‪‬‬
‫تتمتع هبا الشخصية الطبيعية‪ ،‬أي أهنا تقوم مبمارسة نشاطات أعمال وامتالك األصول‪ ،‬وبيع وشراء املنتجات‪ ،‬واقرتاض األموال‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫على العموم ميكن للمؤسسة التجارية أن أتخذ أشكال قانونية متعددة‪ ،‬نذكر منها‪:‬‬
‫‪ ‬شركات مغفلة اإلسم "‪ ،"SA‬اليت ميكن أن أتخذ شكل التعاونيات "‪"SCOP‬؛‬
‫‪ ‬شركات ذات أسهم بسيطة "‪"SAS‬؛‬

‫‪1‬عمر صخري‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪ 10‬؛‬


‫; ‪Michel DARBELET et autres, « Economie d’entreprise », Ed foucher, Paris, 1994, P13‬‬
‫‪2‬‬

‫; ‪www.encyclopedie.snyk.com « forme de l’entreprise », date du 02/04/05‬‬


‫‪3‬‬

‫‪13‬‬
‫الفصل األول ‪:‬املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر ‪.‬‬

‫شركات ذات أسهم بسيطة لشخص واحد "‪"SASU‬؛‬ ‫‪‬‬


‫شركات ذات مسؤولية حمدودة اليت ميكن أن أتخذ كذلك شكل التعاونيات "‪"SCOP‬؛‬ ‫‪‬‬
‫مؤسسة لشخص ذات مسؤولية حمدودة "‪ "EURL‬؛‬ ‫‪‬‬
‫شركة توصية بسيطة "‪ "SCS‬؛‬ ‫‪‬‬
‫شركة توصية ابألسهم "‪."SCA‬‬ ‫‪‬‬

‫املؤسسات العمومية‪ :‬ابلنسبة هلذا النوع من املؤسسات‪ ،‬يكون رأس املال مملوكا جملموعة عمومية متمثلة يف الدولة أو‬ ‫‪‬‬
‫اجلماعات احمللية‪ ،‬كما أن سلطة القرار ترجع إليها ‪ .‬يضاف إىل ذلك أن املؤسسة العمومية متلك تنظيمات "‪ "status‬خمتلفة‪:‬‬
‫مؤسسات وطنية‪ ،‬منشآت عمومية‪ ،‬وأيضا مؤسسات االقتصاد املختلط ‪.‬‬

‫التصنيف االقتصادي للمؤسسة‪ :‬يف هذا الشكل ميكن تصنيف املؤسسات حسب معايري اقتصادية معينة‪ ،‬فيمكن‬ ‫‪.2‬‬
‫دراستها تبعا للنشاط االقتصادي‪ ،‬أو تبعا حلجمها ‪.‬‬

‫تبعا للنشاط االقتصادي‪:‬‬ ‫‪‬‬


‫حسب طبيعة نشاطها‪ ،‬ميكن تصنيف املؤسسات إىل ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫املؤسسات احلرفية ‪ :‬وهي اليت متارس نشاطات يدوية؛‬ ‫‪‬‬
‫املؤسسات التجارية ‪ :‬وهي مؤسسات هتتم ابلنشاط التجاري‪ ،‬حيث تشرتي سلع وتعيد بيعها بدون أن حتدث عليها أي‬ ‫‪‬‬
‫تغيريات ؛‬
‫املؤسسات الصناعية‪ :‬تقوم بتحويل املواد األولية‪ ،‬وتبيعها على شكل منتجات مصنعة أو نصف مصنعة‪ ،‬وتتميز ابحتياجها‬ ‫‪‬‬
‫لرأس مال كبري ويد عاملة‪ .‬وتنقسم هذه املؤسسات إىل ‪:‬‬
‫‪ ‬مؤسسات الصناعة الثقيلة‪ ،‬كمؤسسات احلديد والصلب ومؤسسات اهليدروكاربوانت؛‬
‫‪ ‬مؤسسات الصناعات التحويلية واخلفيفة‪ ،‬كمؤسسات املغزل والنسيح واجللود‪...‬اخل؛‬
‫املؤسسات الفالحية‪ :‬وهي املؤسسات اليت هتتم بزايدة إنتاجية األرض أو استصالحها‪ ،‬وتقوم هذه املؤسسات بتقدمي ثالثة‬ ‫‪‬‬
‫أنواع من اإلنتاج‪1،‬وهو االنتاج النبايت واالنتاج احليواين والصيد البحري‪ ،‬والشيء املالحظ يف هذا القطاع أنه مرتبط ابألحوال اجلوية‬
‫واملخاطر املناخية رغم التطورات التكنولوجية؛‬
‫املؤسسات اخلدماتية‪ :‬هي املؤسسات اليت تقوم بتقدمي خدمة معينة‪ ،‬كالنقل‪ ،‬البحوث العلمية‪...‬اخل؛‬ ‫‪‬‬
‫املؤسسات املالية‪:‬هي املؤسسات اليت تقوم بنشاطات مالية كالبنوك ومؤسسات التأمني ومؤسسات الضمان االجتماعي ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪2‬‬
‫كما ميكن تقسيمها حسب القطاع االقتصادي‪ ،‬بتحديد نشاطها الرئيسي إىل‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫القطاع األويل‪ :‬فالحة‪ ،‬صيد‪...،‬اخل؛‬ ‫‪‬‬
‫القطاع الثانوي‪ :‬صناعة‪ ،‬مباين وأشغال عمومية‪...،‬اخل؛‬ ‫‪‬‬
‫القطاع الثالثي‪ :‬قطاع اخلدمات‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪1‬موساوي نور الدين‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪ 49‬؛‬


‫‪2‬‬
‫; ‪www.encyclopedie.snyk.com , op.cit‬‬

‫‪14‬‬
‫الفصل األول ‪:‬املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر ‪.‬‬

‫تبعا حلجم املؤسسة‪ :‬اعتمادا على جمموعة من املقاييس كعدد العمال‪ ،‬قيمة رقم األعمال‪ ،‬القيمة املضافة‪ ،‬ميكن التمييز‬ ‫‪‬‬
‫‪1‬‬
‫بني املؤسسات الصغرية‪ ،‬املتوسطة والكبرية ‪.‬‬
‫املؤسسات الصغرية واملتوسطة‪ :‬وهي املؤسسات اليت يتحمل فيها املقاول شخصيا وبطريقة مباشرة كل املسؤوليات املالية‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫‪2‬‬
‫التقنية‪ ،‬االجتماعية والتجارية وكذا املعنوية مهما كان شكلها القانوين‪ ،‬وميكن أن تنمو هذه املؤسسات لتصبح مؤسسات كربى‪.‬‬
‫وحسب ميشال داربلي "‪ ،"Michel DARBELET‬تعترب مؤسسة صغرية ومتوسطة كل مؤسسة يقل عدد عماهلا عن ‪ 500‬عامل‬
‫ورقم أعماهلا ال يتجاوز ‪ 100‬مليون فرنك فرنسي(سابقا)؛‬
‫املؤسسات الكربى ‪ :‬وهي املؤسسات اليت تشغل أكثر من ‪ 500‬عامل‪ ،‬وتتميز مبا يلي‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫ترتكز على مبدأ اقتصادايت احلجم‪ ،‬أي هناك توسيع قدرات اإلنتاج لنحصل على ختفيض يف تكلفة الوحدة الواحدة ؛‬ ‫‪‬‬
‫القدرة على التفاوض‪ ،‬أي للمؤسسة متعاونني فكلما كانت قدرة التفاوض عالية كلما أصبحت أقوى‪ ،‬وهذا ما يؤثر على‬ ‫‪‬‬
‫تكاليفها ؛‬
‫اجملموعات "‪ :"les groupes‬وهي جمموعة من املؤسسات سواء كانت جتارية‪ ،‬صناعية أو مالية‪ ،‬مرتبطة بعقد ملكية وعلى‬ ‫‪‬‬
‫رأس هذه اجملموعة شركة أم اليت تعترب كحافظة"‪ "holding‬؛‬
‫املؤسسات متعددة اجلنسيات‪ :‬هي عبارة عن مؤسسات تتميز ابخلصائص التالية‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫تزاول نشاطات جتارية وإنتاجية وتتواجد يف بلدان متنوعة؛‬ ‫‪‬‬
‫على رأس كل نوع يف بلد معني مواطن خاص‪ ،‬مثال‪ :‬الفرع الفرنسي على رأسه فرنسي؛‬ ‫‪‬‬
‫على مستوى املقر األصلي للمؤسسة مديرية عامة متكونة من أشخاص من خمتلف اجلنسيات؛‬ ‫‪‬‬
‫رأس مال املؤسسة موزع على املستوى العاملي ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪1‬‬
‫; ‪Michel DARBELET, op.cit, P14‬‬
‫‪2‬‬
‫; ‪M.MARCHESNAY et C.FOURCADE, « gestion de la PME/PMI », ed NATHAN, Paris, 1997, P81‬‬

‫‪15‬‬
‫الفصل األول ‪:‬املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر ‪.‬‬

‫املطلب الثالث‪ :‬وظائف املؤسسة ومصادر متويلها‪.‬‬


‫من أجل مزاولة نشاطها‪ ،‬تقسم املؤسسة إىل جمموعة من الوظائف اليت ختتلف حسب حجم وطبيعة النشاط‪ ،‬كما أهنا من‬
‫أجل نفس الغرض فإهنا حتتاج إىل مصادر مالية تقوم من خالهلا بتغطية خمتلف احتياجاهتا‪ ،‬وميكننا إدراج فيمايلي وظائف املؤسسة‬
‫وخمتلف مصادر التمويل املمكنة ‪.‬‬

‫وظائف املؤسسة‪:‬‬ ‫‪.1‬‬


‫لقد كانت املؤسسة يف املاضي صغرية احلجم‪ ،‬يقوم عدد حمدود من األشخاص مبجمل مهامها‪ ،‬فكانت الوظائف جممعة‬
‫وغري واضحة املعامل‪ .‬أما اليوم‪ ،‬وقد أخذت أحجاما ضخمة واتسعت على نطاق عاملي‪ ،‬أصبحت هلا عدة وظائف تتمثل أمهها‬
‫فيمايلي ‪:‬‬

‫الوظيفة اإلنتاجية ‪ :‬تعترب أهم الوظائف‪ ،‬فاملؤسسة تتكون من األقسام والورشات اليت تتغري من حيث الكم واحلجم حسب‬ ‫‪‬‬
‫متطلبات اإلنتاج الذي حيدد التوزيع والتبادل واالستهالك‪.‬‬
‫وهي جتمع بني خمتلف عناصر اإلنتاج لتصنيع املنتج حسب اخلصائص احملددة من طرف قسم الدراسات‪ ،‬واملواد واإلمكانيات اليت‬
‫يتيحها قسم التموين‪.‬‬
‫إذن تنصب هذه الوظيفة على حسن التدبري يف استخدام اإلمكانيات والقدرة املتاحة مبا يؤدي إىل االستفادة منها قدر اإلمكان يف رفع‬
‫اإلنتاجية حسب األهداف املسطرة؛‬

‫الوظيفة اإلدارية ‪ :‬لكل مؤسسة إدارة تضم وظائف القرار والتنسيق والرقابة والتمثيل يف الداخل واخلارج‪ .‬وتكون وظيفة‬ ‫‪‬‬
‫اإلدارة على مستوى املؤسسة أو الوحدة أو املصلحة أو اجملموعة اجلهوية أو الوطنية أو العاملية‪ .‬كما يزيد حجمها ونطاق صالحيتها أو‬
‫ينقص‪ ،‬على نطاق مركز التدبري‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫يتحمل مسؤولية اإلدارة العليا للمؤسسة أانس عادة ما يرتقون من مراكز دنيا‪ ،‬بعدما اكتسبوا خربة ومؤهالت لذلك؛‬

‫الوظيفة التسويقية‪ :‬تشكل هذه الوظيفة وجه املؤسسة اليت تظهر به يف السوق‪ ،‬فهي تتكفل بعرض املنتج على الزبون‪ ،‬و‬ ‫‪‬‬
‫تشهره لتحوله إىل أرابح ‪ .‬و هي تشكل الرابط األساسي بني إدارة املؤسسة و خمتلف األقسام (حبوث‪ ،‬إنتاج‪ ،)... ،‬و الزبون‬
‫‪2‬‬
‫املستهدف؛‬
‫الدراسة و البحث‪ :‬وهتدف إىل ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫دراسة احتياجات السوق للمنتج؛‬ ‫‪‬‬
‫تقدير سعر البيع للمنتج يف حالة التطوير؛‬ ‫‪‬‬
‫البحث عن خمتلف األدوات واآلالت الالزمة لعملية اإلنتاج؛‬ ‫‪‬‬
‫وضع املخططات؛‬ ‫‪‬‬
‫دراسة – ابلتنسيق مع الوظيفة التسويقية – السوق‪ ،‬من حيث املنافسة‪ ،‬براعات االخرتاع‪ ،‬القوانني والتشريعات الصادرة من‬ ‫‪‬‬
‫طرف الدولة‪...،‬اخل؛‬
‫حتديث التكنولوجيا املستعملة من طرف املؤسسة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪1‬حممد مسن‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪24‬؛‬


‫‪2‬‬
‫; ‪www.encyclopedie.snyk.com, op.cit‬‬

‫‪16‬‬
‫الفصل األول ‪:‬املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر ‪.‬‬

‫الوظيفة التموينية‪:‬مع اتساع السوق واملنافسة‪ ،‬أصبح التموين ابملواد األولية من أهم الوظائف اليت تشغل املسريين‪ ،‬فهو‬ ‫‪‬‬
‫ابلتأثري املباشر على التكلفة والسعر وجودة املنتج وحجم املبيعات‪ ،‬جيربهم على ضمان مايلي‪:‬‬
‫جودة التموين‪ ،‬ابختيار أحسن املواد األولية اليت تضمن هلا أجود املنتجات؛‬ ‫‪‬‬
‫أحسن األسعار‪ ،‬مع مراعاة النسبة األساسية سعر‪/‬جودة؛‬ ‫‪‬‬
‫أحسن عالقة بني املؤسسة ومتوينها‪ ،‬وما تضمنه من متييزات وتسهيالت وخدمات ما بعد البيع؛‬ ‫‪‬‬
‫حرية االختيار ما بني خمتلف املوردين‪ ،‬الستغالل فرص املؤسسة وتفادي االحتكار وانقطاع التموين ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫التوظيف‪ :‬هي الوظيفة اليت تتعهد إببرام ومتابعة وإهناء عقود التشغيل يف املؤسسة فهي تسهر على تطبيق قوانني الشغل من‬ ‫‪‬‬
‫أجور وعطل وترقيات ومكافآت وعقوابت وخصومات‪ ،‬وما إىل ذلك من انشغاالت تسيري املوارد البشرية‪ .‬وتندرج ضمن هذه الوظيفة‬
‫األساسية عدة وظائف تكميلية مثل اخلدمات االجتماعية والتكوين املهين والعالقات النقابية وما إىل ذلك؛‬
‫الوظيفة التمويلية‪ :‬تعترب الوظيفة التمويلية من أهم الوظائف يف نشاط األعمال‪ ،‬فال ميكن ألي مؤسسة أن تقوم بنشاطها‬ ‫‪‬‬
‫من إنتاج وتسويق وغريها من الوظائف‪ ،‬دون توفري األموال الالزمة لتمويل اإلدارات التشغيلية‪ ،‬كما اهنا تقرر مع هذه اإلدارات حجم‬
‫األموال اليت تستخدم واألغراض اليت ستوجه إليها‪ ،‬لذلك فإن اهلدف الرئيسي للسياسة املالية هو االستخدام احلكيم والعقالين‬
‫لألموال‪ ،‬وأن العملية األساسية اليت تنطوي عليها هذه املقارنة الرشيدة بني مزااي االستخدامات احملتملة وبني تكلفة املصادر البديلة‬
‫احملتملة‪ ،‬حبيث ميكن حتقيق األهداف املالية الشاملة للمؤسسة‪ .‬وهذا عن طريق مبدأ املردودية املالية اليت متثل املعيار الفاصل يف عملية‬
‫اختيار وتنفيذ االستثمارات‪ ،‬وهذا بغية رفع فرتات اإلنتاج ابنتهاج استثمارات ذات طابع مكثف ومتسع‪.‬‬
‫مصادر متويل املؤسسات االقتصادية‪ :‬لتمويل نشاطها واستثماراهتا‪ ،‬تتوفر أمام املؤسسات اإلقتصادية جمموعة من‬
‫املصادر املالية‪ ،‬بداية من مواردها اخلاصة أي التمويل الذايت‪ ،‬ابإلضافة إىل املوارد اخلارجية وذلك ابالقرتاض من البنوك وفقا لشروط‬
‫معينة‪ ،‬أو بدخوهلا البورصة وذلك إبصدار أسهم االكتتاب أو السندات‪ .‬وميكن تقسيم هذه املصادر إىل ‪ :‬قصرية األجل‪ ،‬متوسطة‬
‫األجل‪ ،‬وطويلة األجل ‪.‬‬

‫التمويل قصري األجل‪ 1:‬يقصد ابلتمويل قصري األجل ‪,‬تلك األموال اليت حتصل عليها املنشأة من الغري تلتزم بردها خالل‬ ‫‪‬‬
‫فرتة التزيد عادة عن السنة ‪.‬‬
‫و تنقسم مصادر التمويل قصرية األجل إىل نوعني أساسيني ‪ :‬اإلئتمان املصريف واإلئتمان التجاري ‪.‬‬
‫اإلئتمان املصريف ‪ :‬يعرف اإلئتمان املصريف أبنه‪ ،‬القروض قصرية األجل اليت حتصل عليها املؤسسة من البنوك‪ ،‬وميكن أن‬ ‫‪‬‬
‫منيز فيه ‪:‬‬
‫القروض غري مكفولة بضمان معني‪ :‬وفق هذا النوع من القروض‪ ،‬يتم اإلتفاق بني املؤسسة والبنك على فتح اعتماد‬ ‫‪‬‬
‫للمؤسسة‪ ،‬ومعىن ذلك أن يسمح البنك للمؤسسة ابإلقرتاض كلما لزمها املال بشرط أن التزيد املبالغ املقرتضة عن مبلغ معني يف أي‬
‫وقت ‪.‬‬
‫كما يلجأ البنك إىل وضع شرطني مها ‪:‬‬
‫جيب أن يرتك املقرتض يف حسابه اجلاري لدى البنك قيمة ‪ %10‬إىل‪ %20‬من قيمة القرض املمنوح ابلفعل ؛‬ ‫‪‬‬
‫وجوب قيام العميل ابلسداد على األقل كل سنة مرة واحدة ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ 1‬كنجو عبود كنجو وغريه‪" ،‬اإلدارة املالية"‪ ،‬دار املستقبل للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،1997 ،‬ص‪ 242‬؛‬

‫‪17‬‬
‫الفصل األول ‪:‬املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر ‪.‬‬

‫ويف هذا اجملال من القروض ميكن أن جند القروض املفتوحة‪ ،‬القرض املتجدد "الدوري"‪ ،‬القروض اخلاصة بعملية معينة ‪.‬‬
‫القروض املكفولة بضمان‪ :‬قد تطلب البنوك ضماان معينا جيب أن يقدمه املدين قبل منحه اإلئتمان‪ ،‬وقد يكون مضموان‬ ‫‪‬‬
‫أبحد األشكال األتية ‪:‬‬
‫‪ ‬القرض املضمون بضمان شخص آخر ؛‬
‫‪ ‬القرض املكفول بضمان أصل معني مثل حساابت العمالء املدنية وأوراق القبض أو األوراق املالية األخرى أو‬
‫البضائع ‪.‬‬
‫اإلئتمان التجاري‪ :‬يتمثل اإلئتمان التجاري يف البضائع اليت ميكن أن حتصل عليها املؤسسة دون احلاجة إىل دفع قيمتها‬ ‫‪‬‬
‫نقدا‪ ،‬وهذا اإلئتم ان خيص غالبا البضائع وليس اآلالت أو األصول الثابتة ‪ .‬ويتوقف منحه على عدد من العوامل النامجة عن حالة‬
‫التجارة واملنافسة مثل ‪ :‬طبيعة السلعة املباعة‪ .‬وغالبا ما يتم منح اإلئتمان يف سلع تتمتع بطلب كبري ‪.‬‬
‫ومن أنواع اإلئتمان التجاري‪ :‬احلساب اجلاري املفتوح‪ ،‬أوراق الدفع‪ ،‬السفتجة ‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫ويطلق على اإلئتمان التجاري اإلمتان التلقائي‪ ،‬نظرا ألنه يزيد وينقص مع التقلبات يف حجم النشاط ‪.‬‬
‫التمويل متوسط األجل‪ :‬يعرف التمويل متوسط األجل‪ ،‬أبنه ذلك النوع من القروض الذي يتم سداده يف فرتة تزيد عن‬ ‫‪‬‬
‫السنة وتقل عن سبعة سنوات‪ ،‬ينقسم إىل ‪:‬‬
‫قروض مباشرة متوسطة األجل‪ :‬متنح مثل هذه القروض من قبل البنوك وشركات التأمني‪ ،‬ويتم سدادها على مدار من‬ ‫‪‬‬
‫السنوات على شكل أقساط دورية‪ ،‬وهذه تسدد خالل فرتات حمددة ومتساوية "شهر‪ ،‬ثالثة أشهر‪،‬سداسي‪ ،‬سنة" ‪.‬‬
‫وعادة ما يكون القرض مكفول بضمان معني‪ ،‬ابإلضافة إىل أن معدل الفائدة يف حالة القروض املتوسطة األجل يكون أكرب منه‬
‫يف حالة القروض قصرية األجل ‪.‬‬
‫القرض اإلجياري‪ :2‬كان ظهور هذا النوع من التمويل يف الوالايت املتحدة األمريكية يف عام‪ ،1952‬مث شاع استخدامه يف‬ ‫‪‬‬
‫الستينات يف أورواب ‪.‬‬
‫إن عقد القرض اإلجياري هو عقد إجيار مع اختيار املشرتايت‪ ،‬وهي تقنية متويل كغريها من التقنيات أين ميكن للمؤسسة أن ختتار‬
‫اإلستثمار ‪ ,‬وتتصل هبيئة مالية للقرض اإلجياري طالبة منها شراءه وإعادة استئجاره منها ‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫يتخذ القرض اإلجياري أشكال عديدة من أمهها‪ :‬استئجار اخلدمة "االستئجار التشغيلي"‪ ،‬البيع مث اإلستئجار‪ ،‬اإلستئجار املايل ؛‬
‫التمويل طويل األجل ‪ :‬تبلغ فرتة استحقاق األموال طويلة األجل‪ ،‬ما يزيد عن احلد األدىن هلا‪ ،‬وهو سبعة سنوات‪ ،‬وميكن‬ ‫‪‬‬
‫أن يكون هذا التمويل من مصادر داخلية أو خارجية ‪.‬‬
‫التمويل الذايت‪ :‬التمويل الذايت للمؤسسة يعين قدرة املؤسسة على متويل نفسها بنفسها دون اللجوء إىل األطراف اخلارجية‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫وذلك من خالل اإلعتماد على النتيجة الصافية بعد إقتطاع الضرائب‪ ،‬واليت يوزع جزء منها على الشركاء والعمال‪ ،‬أما اجلزء الباقي فهو‬
‫املقدار الذي تستطيع املؤسسة التصرف فيه بعد هناية الدورة ‪ ،‬وحيسب التمويل الذايت وفق العالقة التالية ‪:‬‬

‫التمويل الذايت = األرابح الصافية غري املوزعة ‪ +‬اإلهتالكات ‪ +‬املؤوانت‪.‬‬

‫‪ 1‬رضوان وليد العمار‪" ،‬أساسيات يف اإلدارة املالية"‪ ،‬دار امليسرة للنشر والتوزيع‪ ،‬مصر‪ ،1997 ،‬ص‪ 193‬؛‬
‫‪2‬‬
‫; ‪Stéphane GRIFFITHS, « gestion financière », ed Eyrolles, France, 1996, P22‬‬
‫‪3‬كنجو عبود كنجو وغريه‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.250‬‬

‫‪18‬‬
‫الفصل األول ‪:‬املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر ‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫ويلعب التمويل الذايت دورا ابرزا يف التأثري على هيكل املؤسسة الداخلي وقد يستعمل وفق مايلي‪:‬‬
‫إمكانية متويل االستثمارات وابلتايل يؤخذ بعني اإلعتبار يف برامج اإلستثمار للمؤسسة؛‬ ‫‪‬‬
‫إمكانية دفع فوائد األسهم أو السندات؛‬ ‫‪‬‬
‫حتقيق شروط التوازن الدائم برفع األموال اخلاصة بقيمة التمويل الذايت ؛‬ ‫‪‬‬
‫األسهم والسندات ‪ :‬األسهم هي وسيلة من الوسائل الرئيسية للتمويل طويل األجل‪ ،‬وتصدر شركات املسامهة يف الكثري من‬ ‫‪‬‬
‫احلاالت األسهم‪ ،‬مرة واحدة خالل مدة حياهتا‪ ،‬و عرفت العديد من املؤسسات االقتصادية اجلزائرية هذه التجربة من خالل فتح‬
‫رأمساهلا لالكتتاب العام‪ ،‬و خنص ابلذكر‪ ،‬مؤسسة صيدال لألدوية‪ ،‬مؤسسة الرايض للمواد الغذائية‪ ،‬فندق األوراسي‪ ،‬و عرفت التجربة‬
‫جناحا نسبيا‪ٍ ،‬رغم حداثة السوق املالية الوطنية‪ .‬أما إذا كانت املؤسسة يف حاجة إىل متويل طويل املدى فبإمكاهنا إصدار سندات‬
‫يكتتب فيها اجلمهور‪ ،‬و السند هو معاهدة تربط املؤسسة ابملكتتب‪ ،‬يدفع من خالهلا هذا األخري مثن السند يوم إصداره و تتعهد‬
‫املؤسسة أن ترد له بعد أجل معني يرتاوح بني سنة و مخس عشر سنة‪ ،‬و تدفع له عائدا من خالل معدل فائدة من القيمة االمسية‬
‫للسند ؛‬

‫اإلئتمان الطويل املدى‪ :‬يهدف هذا اإلئتمان إىل متويل اإلستثمار الثقيـل و تسـديده ميكـن أن يسـتغرق مـدة أكثـر مـن سـبع‬ ‫‪‬‬
‫سنوات دون أن تتجاوز ‪ 25‬سنة‪ .‬واجملاالت اليت يستخدم فيها هذا النمط من التمويل تتمثل على وجه اخلصوص يف شراء األراضي و‬
‫العقارات املعقدة إليواء النشاطات اإلنتاجية‪ ،‬املباين اليت أتوي الورشات أو املخازن أو املستودعات‪ ،‬و ابلنظر إىل املدة الطويلة لتجميد‬
‫املـوارد الــيت يتطلبهــا هــذا النــوع مــن التمويــل فــإن املصــريف يقــوم بتعليــل دقيــق ملخــاطر املشــروع و بخــذ بعــني اإلعتبــار العوامــل اإلجيابيــة و‬
‫الســلب ية قبــل اختــاذ قـرار التمويــل‪ ،‬فكــل حــادث أو تعثــر يف تنفيــذ املشــروع يف مرحلــة مــن مراحلــه قــد يــؤدي إىل تقلــيص حظــوظ تســديد‬
‫أقساط التمويل يف آجاهلا‪ ،‬وعليه فإن املصريف عادة ما يلجأ إىل طلب ضماانت عينية لتأمني اسرتجاع متويله أصال و فوائد ‪.‬‬

‫‪ 1‬انصر دادي عدون ‪" ،‬تقنيات مراقبة التسيري"‪ ،‬طبعة ‪ ،1‬دار احملمدية‪ ،‬اجلزائر‪ ، 2000 ،‬ص ‪ 84‬؛‬

‫‪19‬‬
‫الفصل األول ‪:‬املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر ‪.‬‬

‫املبحث الثاين‪:‬التطور اهليكل للمؤسسات اإلقتصاديّة اجلزائرية‪.‬‬


‫عرفت املؤسسة اجلزائرية تطورات و عمليات تصحيح قبل الوصول إىل مرحلة االستقاللية‪ ،‬وكان هذا التطور نتيجة ملعطيات‬
‫كل مرحلة اترخيية من خالل ظروف سياسية معينة ذات أبعاد اقتصادية‪ .‬فكانت الرغبة من عملية إصالح و هيكلـة القطـاع الصـناعي‬
‫الوطين أن يصبح أكثر مردودية ومصدر خللق الثروة يف اجملتمع‪.‬‬

‫األول‪ :‬مرحلة ما قبل الثمانينات ‪.‬‬


‫املطلب ّ‬
‫يوصف االقتصاد اجلزائري يف فرتة ماقبل الثمانينات‪ ،‬ابالقتصاد التابع تبعيّة خانقة مع فقدان التوازن العام‪ ،‬الناتج عن‬
‫السياسة اإلقتصاديّة اليت كانت تتبعها وتنتهجها فرنسا خالل فرتة االستعمار‪ .‬وقد تركت االقتصاد اجلزائري يعاين من جمموعة من‬
‫‪1‬‬
‫العراقيل‪ ،‬وأمهّها‪:‬‬
‫‪ ‬عدم التكامل بني القطاعات والتفكك داخل القطاع نفسه"االنعدام التام ملختلف الفروع الصناعيّة اليت تلي الواحدة بعد األخرى‬
‫يف عمليّة اإلنتاج"؛‬
‫‪ ‬التبعيّة اإلقتصاديّة‪ :‬تبعيّة ماليّة‪ ،‬تقنيّة‪ ،‬وجتاريّة؛‬
‫‪ ‬اقتصاد خمتل وغري متوازن‪ ،‬إذ متركز القطاع االقتصادي يف الشمال‪،‬والصناعة يف املدن الكربى؛‬
‫‪ ‬الشغور االقتصادي الناجم عن توقف وجتميد جمموعة من االستثمارات‪ ،‬ابإلضافة إىل هجرة األوروبيني‪ّ ،‬أدى إىل اخنفاض يف‬
‫النشاط االقتصادي‪ ،‬حبيث اتبعها اخنفاض يف استرياد اآلالت واملع ّدات واملواد االستهالكية‪ ،‬هجرة رؤوس األموال‪ ،‬اخنفاض الصادرات‬
‫إىل اخلارج؛‬
‫خاصة يف جمال التوزيع‪.‬‬‫‪ ‬سوق داخليّة غري منظمة‪ّ ،‬‬
‫هلذا فقد سارعت السلطة السياسيّة آنذاك إىل فك االرتباط مبنطقة الفرنك الفرنسي سنة ‪ ،1963‬وذلك قصد تقليص‬
‫التبعيّة اجتاه اخلارج وبعث قطاع اقتصادي اتبع للدولة‪ ،‬بخذ على عاتقه عمليّة البناء االقتصادي واالجتماعي‪ .2‬وتوجهت هذه املبادرة‬
‫العامة ابجلزائر آنذاك واليت كانت فرنسيّة يف معظمها‪.‬‬
‫مبجموعة من التأميمات للشركات األجنبيّة ّ‬

‫التسيريالذايت‪ :‬طبقت عمليّة التسيري الذايت يف اجلزائر‪ ،‬نتيجة مغادرة مئات اآلالف من املستوطنني األوروبيني للجزائر‪،‬‬ ‫‪.1‬‬
‫اتركني مزارعهم‪ ،‬ومصانعهم ومتاجرهم اليت كانوا حيتلوهنا‪ ،‬هبدف إحداث فراغ كبري ميكن أن يهز البناء االقتصادي واالجتماعي للبالد‪.‬‬
‫من أجل تفادي استيالء الربجوازية الوطنيّة على هذه الثروات ابإلضافة إىل ضعف السياسة‪ ،‬كانت ضرورة جتسيد التنظيم‬
‫جسد التسيري الذايت‬
‫املادية والبشريّة للخروج من حالة الفراغ القانوين‪ ،‬وهو ما ّ‬ ‫اجلماعي لتسيري املؤسسات لتجسيد كل الطاقات ّ‬
‫يعرفه أبنه‪ ":‬جتربة اشرتاكيّة يف ميدان اإلنتاج‪ ،‬واقتسام الناتج بني أفراد اجلماعة"‪.3‬‬
‫للمؤسسات‪ ،‬الذي ّ‬
‫ّ‬
‫من هنا برزت ع ّدة مراسيم تنظيميّة للتسيري الذايت‪ ،‬منها‪:‬‬
‫‪ ‬املرسوم املؤرخ يف ‪ 1962/11/23‬املتعلّق إبنشاء جلنة التسيري يف املؤسسات العموميّة؛‬
‫‪ ‬املرسوم املؤرخ يف ‪ 1963/03/18‬املتعلّق حبل مشاكل امللكيّات الشاغرة؛‬

‫‪1‬كسرى مسعود‪":‬تطور املؤسسات العموميّة اإلقتصاديّة يف اجلزائر"‪ ،‬مذكرة ماجستري‪ ،‬كليّة العلوم اإلقتصاديّة وعلوم التسيري‪ ،‬جامعة اجلزائر‪ ،‬جوان‪ ،1999‬ص‪33‬؛‬
‫‪2‬‬
‫‪Moukhtar BELAIBOUD, « Gestion Stratégique de l'entreprise Algérienne », OPU, Alger, 1986, P07‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Ahmed BOUYACOUB, « La gestion de l'entreprise industriel publique en Algérie », Tome1, OPU, Alger, 1987,‬‬
‫;‪p30‬‬

‫‪20‬‬
‫الفصل األول ‪:‬املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر ‪.‬‬

‫للمؤسسات العموميّة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ ‬املرسوم املؤرخ يف ‪ 1963/03/22‬املوضح للمعامل الكربى للتسيري الذايت‬
‫املسرية ذاتيّا على أهنا "شخصية معنويّة من أشخاص القانون اخلاص تتميّز ابالستقاللية‬
‫ّ‬
‫‪1‬‬
‫منه ميكن تعريف املؤسسة العموميّة‬
‫والالمركزيّة املرفقيّة‪ ،‬وهي مسرية من طرف املنتجني وفق مبادىء الدّميقراطيّة املباشرة"‪.‬‬
‫املسرية ذاتيّا حبوايل ‪ 345‬مؤسسة‪ ،‬يف جانفي ‪ 2.1964‬إالّ أن التسيري الذايت‪ ،‬قد عان من ع ّدة‬ ‫أحصي عدد املؤسسات ّ‬
‫مشاكل وعراقيل‪ ،‬حالت إىل إعاقة سريه‪ ،‬ومن أمهها‪:‬‬
‫عمايل‪ ،‬رغم أتطريه بقانون خاص‪ ،‬إالّ أنه مل يساهم يف خلق مؤسسات جديدة‪ ،‬فهو مل يشمل إالّ‬ ‫‪ ‬إن التسيري الذايت كتنظيم ّ‬
‫املهمشة‪ ،‬حيث أن ‪ %36‬من املؤسسات تشغل أقل من ‪ 50‬عامل؛‬ ‫الصغرية واحلرفيّة ّ‬
‫الوحدات ّ‬
‫العماليّة واحتفاظها ابلطابع االستشاري؛‬
‫‪ ‬هتميش املشاركة ّ‬
‫العمال‪ ،‬وذلك راجع للمستوى الثقايف‪ ،‬مما ّأدى إىل‬ ‫‪ ‬نقص اإلطارات واليد العاملة املاهرة‪ ،‬وغياب الوعي الكايف عند معظم ّ‬
‫العمال وجلنة التسيري من جهة وبني رئيس جلنة التسيري واملدير العام من جهة أخرى؛‬
‫حدوث نزاعات بني جملس ّ‬
‫السلطة وسوء التنظيم والتنسيق‪ ،‬ممّا ّأدى إىل احتكار السلطة من طرف اإلدارة؛‬
‫‪ ‬سوء توزيع ّ‬
‫العمال ألجورهم؛‬
‫العمال‪ ،‬وعدم تقاضي أغلب ّ‬ ‫‪ ‬سوء توجيه اإلنتاج‪ ،‬وضعف جتنيد ّ‬
‫العمال يف التسيري‬
‫السلطة السياسيّة والواقع املعاش‪ ،‬فاألوىل ترفع شعارات االشرتاكية يف خطاابهتا مبشاركة ّ‬ ‫‪ ‬وجود تناقض بني ّ‬
‫‪3‬‬
‫العمال حتقيق ذلك يف الواقع‪.‬‬
‫والنتائج‪ ،‬بينما مل ير ّ‬
‫املؤسسات االقتصادية‪.‬‬
‫أمام كل هذه املشاكل‪ ،‬مت التفكري يف نوع آخر من ّ‬

‫‪ .2‬الشركة الوطنيّة‪ :‬مع بداية ‪ 1965‬اختذت ع ّدة إجراءات كان من شأهنا تنظيم القطاع العام واستغالله أحسن استغالل‪،‬‬
‫وعلى هذا األساس متّ إنشاء شركات وطنيّة يف إطار املخطّط اإلستعجايل الثالثي‪ ،1969-67‬هتتم ابلنشاطات االقتصادية ذات‬
‫العامة‪.‬‬
‫املنفعة ّ‬
‫إيديولوجيّة الشركة الوطنيّة تعتمد أساسا على مبدأ رأمساليّة ال ّدولة‪ ،‬وهي نوع من االشرتاكية تكون فيها وسائل اإلنتاج يف يد‬
‫الرأمسايل‪ .‬فامللكيّة تعود لل ّدولة‪ ،‬بينما تسيري الشركة‬
‫ال ّدولة‪ ،‬كما تعتمد على االستقاللية املاليّة والتنظيميّة املوجودة يف إطار النظام ّ‬
‫العمال يف التسيري والنتائج‪.‬‬
‫الوطنيّة كشخص معنوي يتمتّع ابستقالليّة‪ ،‬دون مشاركة ّ‬
‫مؤسسة عن طريق مرسوم قبل ‪ 1965‬أو أمر بعد ‪ 19‬جوان ‪ ،1965‬هلا مقر اجتماعي ابجلزائر العاصمة‪،‬‬ ‫وكل شركة وطنيّة ّ‬
‫هدف اجتماعي ورأمسال‪.4‬‬

‫يعتمد تنظيم الشركة الوطنيّة على جهازين أساسيني مها‪:5‬‬


‫حمرر فقط لنقص‬ ‫‪ ‬اجمللس اإلداري‪ :‬الذي ميثل لل ّدولة كمساهم وحيد يف رأمسال ّ‬
‫املؤسسة‪ ،‬وإىل غاية ‪ 1965‬مل يكن إالّ جهاز ّ‬
‫الكفاءات‪ ،‬وإبتداءا من سنة ‪ ،1965‬أصبح جهاز استشاري وهو جلنة لتوجيه ومراقبة مدير الشركة الوطنيّة‪.‬‬

‫العمال‪ ،‬جلنة التسيري‪ ،‬املديريّة؛‬


‫العامة‪ ،‬جملس ّ‬
‫تتكون أساسا من‪ :‬جهاز اجلمعيّة ّ‬
‫املسرية ذاتيّا‪ّ ،‬‬
‫للمؤسسات ّ‬
‫املكونة ّ‬
‫ينص هذا املرسوم على أن اهليئات ّ‬
‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫;‪Ahmed BOUYACOUB, « La gestion de l'entreprise industriel publique en Algérie », op.cit, p46‬‬
‫‪3‬‬
‫;‪Necib Redjem, « L'entreprise publique Algérienne », OPU, Alger, 1987, p36‬‬
‫‪4‬‬
‫;‪A- BRAHIMI,"L'économie Algérienne", OPU, Alger, 1991, P103‬‬
‫حممد الصغري‪"،‬إشكالية تنظيم القطاع العام يف اجلزائر"‪ ،‬ديوان املطبوعات اجلامعيّة‪ ،‬اجلزائر‪ ،1992 ،‬ص‪23‬؛‬
‫بعلي ّ‬
‫‪5‬‬

‫‪21‬‬
‫الفصل األول ‪:‬املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر ‪.‬‬

‫يتكون اجمللس من ممثلني من ع ّدة وزارات‪ :‬الصّناعة‪ ،‬التجارة‪ ،‬املاليّة والدّاخليّة‪ ،‬وهي متارس على الشركة الوطنيّة وصاية ذات‬
‫ّ‬
‫طابع تقين‪ ،‬اقتصادي ومايل‪ .‬ويقوم اجمللس اإلداري مبهام اإلدارة والتسيري واختاذ خمتلف قرارات اإلنتاج؛‬

‫‪ ‬املدير‪ّ :‬‬
‫يعني مبرسوم رائسي‪ ،‬ابقرتاح من الوزارة الوصيّة‪ ،‬ميارس خمتلف املهام اإلداريّة لسري نشاط الشركة‪ ،‬منها التمثيل أمام الغري‪.‬‬
‫عملت الشركات الوطنية على حتقيق أهداف سياسيّة‪ ،‬اقتصادية واجتماعية مثل‪:‬‬
‫‪ ‬توحيد مركز القرارات ابعتباره الوسيلة املفضلة ملمارسة أعمال القوة العموميّة يف خمتلف فروع االقتصاد الوطين؛‬
‫‪ ‬التشغيل بتوظيف أكرب عدد ممكن دون االهتمام ابلكفاءات؛‬
‫خاصة منها جمال احملروقات؛‬
‫‪ ‬حتقيق االستثمارات وإعطاء األولويّة للصناعات القاعديّة‪ّ ،‬‬
‫‪ ‬التسيري احلسن لوحدات اإلنتاج؛‬
‫‪ ‬متوين السوق الوطنيّة ابملواد الضروريّة‪.‬‬

‫لكن احنصرت طبيعتها يف النقاط التالية‪:1‬‬


‫املؤسسة؛‬
‫الصناعيّة ّ‬
‫‪ ‬قدرهتا على حتقيق الرتاكم وخلق الثروة‪ ،‬وذلك عن طريق تسيري الوحدات ّ‬
‫‪ ‬قدرهتا على إدارة فرع كامل؛‬
‫‪ ‬مسامهتها يف التكامل االقتصادي عن طريق تنمية العالقات مابني القطاعات‪.‬‬
‫كما أهنا اصطدمت بع ّدة مشاكل‪ ،‬منها‪:‬‬
‫لكل التقلبات ال ّداخليّة واخلارجيّة؛‬
‫‪ ‬غياب نسيج قانوين وتقين‪ ،‬ممّا جعلها عرضة ّ‬
‫مكونة‪ ،‬واليت وإن وجدت فهي غري مستعملة كما جيب؛‬ ‫‪ ‬غياب إطارات ّ‬
‫‪ ‬سوء توزيع السلطة االقتصادية وتفشي البريوقراطيّة؛‬
‫املؤسسة‪ ،‬وحىت طبيعة هذه القرارات فهي بعيدة عن الواقع املعاش‪ ،‬ممّا‬ ‫كل البعد عن ّ‬ ‫‪ ‬اختاذ القرارات يف مستوايت وأجهزة بعيدة ّ‬
‫يستبعد إمكانيّة جتسيدها؛‬
‫للعمال؛‬
‫الصالحيّات التمثيليّة ّ‬
‫ابلعمال‪ ،‬األمر الذي ّأدى إىل اختالط الوظائف واملهام بني اإلدارة و ّ‬ ‫‪ ‬غياب قانون خاص ّ‬
‫الصناعيّة واختالف املستوايت التكنولوجيّة املطبقة ؛‬ ‫‪ ‬التشتت اجلغرايف للوحدات ّ‬
‫املؤسسة‪ ،‬ولقد متثلت هذه االزدواجية يف وجود رئيس جملس اإلدارة ومدير يف‬ ‫‪ ‬كما أن اجلهاز التنفيذي متيّز ابالزدواجية يف إدارة ّ‬
‫للوصاية‪.‬فبالرغم من‬
‫ّ‬ ‫املؤسسة خاضعة‬
‫السري احلسن ملتابعة املشاريع من جهة‪.‬ومن انحية أخرى كانت إدارة ّ‬ ‫آن واحد‪.‬ممّا أثر على ّ‬
‫يسمى ابجمللس‬‫ؤسسة عن طريق ما ّ‬ ‫املؤسسة فإن الوزير يف الواقع العملي هو الذي كان يشرف على تسيري امل ّ‬ ‫األمهيّة الظاهريّة ملدير ّ‬
‫اإلستشاري‪.2‬‬
‫الصعوابت‪ّ ،‬أدت إىل ظهور أسلوب جديد وهي املؤسسة اإلشرتاكية ‪.‬‬ ‫كل هذه ّ‬ ‫ّ‬

‫املؤسسة‬
‫للمؤسسات حاول إعادة ترتيب العالقات داخل ّ‬
‫ّ‬ ‫املؤسسة االشرتاكية‪ :‬إن إصدار قانون التسيري االشرتاكي‬ ‫‪.3‬‬
‫العمال يف‬
‫املؤسسات العموميّة وإسهام ّ‬
‫العموميّة‪ ،‬ويعترب هذا القانون منوذجا جديدا لتجسيد اإليديولوجية االشرتاكية وحل مشاكل ّ‬

‫‪1‬‬
‫;‪Ahmed BOUYACOUB, « La gestion de l'entreprise industriel publique en Algérie », op.cit, P97‬‬
‫حممد الصغري‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪21‬؛‬
‫بعلي ّ‬
‫‪2‬‬

‫‪22‬‬
‫الفصل األول ‪:‬املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر ‪.‬‬

‫الرئيسي لتحقيق‬ ‫املؤسسة االشرتاكية شخصية معنويّة‪ ،‬تتمتع ابلشخصيّة املدنيّة واالستقالل املايل‪ ،‬وتعد العنصر ّ‬ ‫عمليّة التسيري‪ .‬وتعترب ّ‬
‫العمال يف التسيري‪.‬‬
‫أهداف التنمية املخطّطة واملكان املفضل ملمارسة مبادىء التسيري االشرتاكي عن طريق مشاركة ّ‬
‫مؤسسات متجانسة إبمكاهنا تطوير سياسات متوافقة يف مجيع ميادين‬ ‫يكمن اهلدف األساسي للتسيري االشرتاكي يف إنشاء ّ‬
‫خاصة يف وحدات اإلنتاج‪.‬‬ ‫النشاط ّ‬
‫املؤسسات االشرتاكية كان قد أتثر مبجموعة من العوامل‪ ،‬حنصرها فيما يلي‪:‬‬‫إن االنتقال من الشركة الوطنيّة إىل شكل ّ‬
‫مؤسسات عصريّة قادرة على إجناز‬ ‫‪ ‬اجتاه النظام القائم عقب التصحيح الثوري سنة ‪ ،1965‬إىل ضرورة إقامة دولة تقوم على ّ‬
‫متطلّبات وعمليّات التنمية الشاملة عرب تنفيذ املخطط الوطين‪ ،‬بعد االعتماد وتطبيق منهج وأسلوب التخطيط يف النشاط‬
‫االقتصادي؛‬
‫العماليّة يف التسيري؛‬
‫بكل إجيابيّاهتا وسلبيّاهتا ابعثا على ضرورة إجياد صبغة لبعث املشاركة ّ‬
‫‪ ‬كانت جتربة التسيري الذايت ّ‬
‫العامة للحد من املصاعب املرتتبة عن تع ّدد أشكال إدارة النشاط االقتصادي‪.‬وقد‬ ‫‪ ‬الرغبة يف توحيد أشكال املشروعات ّ‬
‫تكرس الطابع االشرتاكي يف التنمية وتوحيد أنظمة التسيري بصدور ميثاق التسيري‬ ‫شهدت تلك املرحلة ظهور ع ّدة مواثيق وقوانني ّ‬
‫للمؤسسات سنة ‪.1971‬‬ ‫ّ‬ ‫االشرتاكي‬
‫ولقد متثلت هذه املواثيق والقوانني يف‪:‬‬
‫‪ ‬امليثاق الوطين لسنة ‪1976‬؛‬
‫‪ ‬دستور ‪1976‬؛‬
‫للعمال ‪ 1975‬املنظم لعالقات العمل؛‬ ‫‪ ‬القانون العام ّ‬
‫الصادر يف سنة ‪ 1975‬والذي وضع بذلك ح ّدا الستخدام املخطّط العام الفرنسي من قبل‬ ‫‪ ‬املخطّط الوطين احملاسيب ّ‬
‫التعرف على حالتها املاليّة‬
‫املؤسسات العموميّة االقتصادية بغية تسهيل عمليّة ّ‬
‫الشركات الوطنيّة‪.‬كما أنه مسح بتوحيد احلساابت بني ّ‬
‫وتسهيل مراقبتها‪.‬‬
‫وقد قام هذا التنظيم على جهازين أساسيّني مها‪:‬‬
‫العمال؛‬
‫‪ ‬جملس ّ‬
‫‪ ‬جملس املديريّة؛‬
‫وفيما خيص املشاكل اليت عرفها النظام‪ ،‬فقد متثلت يف النقاط التالية‪:‬‬
‫العمال واإلدارة؛‬
‫السلميّة وبطء اختاذ القرار نظرا ملبدأ توحيد التسيري بني ّ‬‫‪ ‬ضخامة اهلياكل ّ‬
‫خاصة املمثلني؛‬
‫العمال‪ّ ،‬‬ ‫‪ ‬تدين فعاليّة القرارات املتعلّقة ابلتسيري نظرا لتدين املستوايت الثقافيّة ملعظم ّ‬
‫العمال على الكسل وعدم حتفيزهم على بذل اجملهودات؛‬ ‫العامة يف ميدان العمل وشجع ّ‬ ‫‪ ‬وقوع ع ّدة جتاوزات متس اآلداب ّ‬
‫املقرر ممّا ساعد على وقوع نزاعات وتضارابت يف العالقات‪1‬؛‬ ‫يفرق بني العون التنفيذي والعون ّ‬ ‫‪ ‬األسلوب التنظيمي املعتمد مل ّ‬
‫‪ ‬االختالل الكبري يف ميدان االستثمارات‪ ،‬حيث ّأدى سوء الربجمة والتقييم غري احلقيقي للمشاريع إىل التأثري سلبا على إجنازها‬
‫وعدم احرتام مواعيد تسليمها‪.2‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Abdelmadjid BOUZIDI, « 25 Questions sur le mode de fonctionnement de l'économie Algérienne », Alger,‬‬
‫; ‪1988, P46‬‬
‫‪2‬‬
‫; ‪A, BRAHIMI, op.cit, PP 223, 225‬‬

‫‪23‬‬
‫الفصل األول ‪:‬املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر ‪.‬‬

‫اخلصائص املميّزة ملرحلة ما قبل الثمانينات‪ :‬لقد متيّزت املرحلة األوىل اليت امتدت ما بني"‪ 1962‬ـ ‪"1980‬‬ ‫‪.4‬‬
‫بتسجيل نتائج ميكن التعرف عليها فيما يلي‪:‬‬
‫الصناعات املصنّعة ومتّ فيه إعطاء األولويّة للصناعة الثقيلة‬
‫اتسمت هذه املرحلة بتطبيق النموذج التنموي الذي يعتمد على ّ‬ ‫‪‬‬
‫ال ّدافعة إىل إنتاج وسائل اإلنتاج لتحديث الزراعة والقضاء على الفوارق اجلهويّة‪ ،‬وتدعيم االستقالل االقتصادي؛‬
‫املؤسسات‬‫الصناعيّة الكربى وإمداد ميزانيّات ّ‬
‫لقد ساعدت ضخامة عائدات احملروقات خالل تلك الفرتة على متويل املشاريع ّ‬ ‫‪‬‬
‫تتحملها نتيجة إلضفاء الطّابع االجتماعي على نشاطها دون االهتمام مبردوديتها املاليّة‪.‬‬
‫العموميّة ابألموال لتغطية اخلسائر اليت كانت ّ‬
‫املؤسسات على إثرها‬ ‫الصناعيّة ّأدى إىل تبعية تكنولوجيّة‪ ،‬أصبحت ّ‬‫الرهان على كسب املعركة ّ‬ ‫كما أن تشجيع إقامة املشاريع الكربى و ّ‬
‫مستهلك لتكنولوجيا مستوردة من البلدان املتق ّدمة؛‬
‫إن عدم التحكم يف هذه التكنولوجيّة املستوردة من قبل العامل اجلزائري ّأدى يف كثري من األحيان إىل تعطّل اآلالت ساعات‬ ‫‪‬‬
‫وتتحمل املؤسسة العموميّة تكاليف‬ ‫ّ‬ ‫طويلة يف اليوم‪ ،‬ممّا تسبّب يف ارتفاع تكاليف اإلنتاج للمنتوج املتمثلة يف تكاليف تشغيل اآلالت‪،‬‬
‫الصيانة الباهضة‪ ،‬وحجم الفضالت واملهمالت الغري قابلة للبيع‪ ،‬الناجتة على التشغيل السيئ لآللة ابإلضافة إىل مشاكل أخرى مرتبطة‬ ‫ّ‬
‫للصناعات الكربى ‪.‬‬
‫ابلرتكيز اجلغرايف ّ‬

‫املؤسسات االقتصادية‪.‬‬
‫املطلب الثاين ‪ :‬إعادة هيكلة ّ‬
‫لقد بدأت عمليّة إعادة اهليكلة يف الثمانينات‪ ،‬وذلك بسبب اإلختالالت املتع ّددة يف االستثمار واالستغالل اليت كان يعاين‬
‫املؤسسات العموميّة‪ ،‬هو أحد األسباب يف عدم فعاليّة وكفاءة القطاع‬ ‫منها اجلهاز اإلنتاجي‪ .‬كما أن طبيعة التنظيم الذي عرفته ّ‬
‫العمومي‪ ،‬لذلك اجتهت ال ّدولة إىل إعادة النظر يف سبل اإلصالحات اليت متكنها من زايدة اإلنتاج‪ .‬فجاءت إعادة اهليكلة للقضاء على‬
‫ووضعيتها‪.‬ابلرفع من اإلنتاج وحتقيق الالمركزيّة ودميقراطيّة التسيري‪ ،‬ابإلضافة إىل إختاذ‬
‫ّ‬ ‫املؤسسة العموميّة‬
‫هذه العناصر‪ ،‬وحتسني ظروف ّ‬
‫بكل عقالنيّة‪.‬‬
‫للمؤسسات من شأنه التح ّكم فيها وتسيريها ّ‬
‫ّ‬ ‫معني‬
‫حجم ّ‬
‫املؤسسة العموميّة‪ ،‬حيث صدر املرسوم ‪ 240/80‬واملتعلّق إبعادة‬ ‫يعترب اتريخ ‪ 04‬أكتوبر ‪ 1980‬منعرجا جديدا يف تطوير ّ‬
‫املؤسسات العمومية االقتصادية‪ ،‬فسبقت إعادة اهليكلة العضويّة مثّ تلتها إعادة هيكلة ماليّة‪.‬‬
‫هيكلة ّ‬
‫يقصد إبعادة اهليكلة العضويّة "تقسيم املؤسّسات إىل مؤسّسات صغرية احلجم‪ ،‬حىت يتم ّكن‬ ‫‪ .1‬إعادة اهليكلة العضويّة‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫سريون من التحكم فيها وحتسني مردوديتها املاليّة واإلقتصاديّة"‬
‫امل ّ‬
‫املؤسسات‪ ،‬وفقا جملموعة من املبادىء اليت تنقسم إىل جمموعتني‪ ،‬منهجيّة‬
‫الصدد‪ ،‬كلّفت جلنة وطنيّة بتنفيذ عمليّة تقسيم ّ‬
‫يف هذا ّ‬
‫‪2‬‬
‫وتقنيّة‪.‬‬

‫‪ ‬املبادىء املنهجيّة‪ :‬يف منهجيّة تطبيق نصوص إعادة هيكلة املؤسسات العمومية االقتصادية‪ ،‬كان الب ّد من أن أتخذ بعني‬
‫اإلعتبار األمور التالية‪:‬‬
‫مبدأ الشموليّة‪:‬حيث جيب أن تكون إعادة اهليكلة ذات مضمون شامل نظرا لكون املشاكل اليت تعاجلها معق ّدة ج ّدا‪ ،‬حبيث‬ ‫‪‬‬
‫الميكن مناقشتها على حدى؛‬

‫‪1‬‬
‫; ‪A, BRAHIMI, op.cit, P339‬‬
‫‪ 2‬قطّــاف ليلــى‪" ،‬إشكككاليّة تطك ّكور املؤسّسككة العموميكّكة االقتصككادية يف اجلزائككر"‪ ،‬مــذكرة ماجســتري‪ ،‬كلّي ـة العلــوم االقتصــادية وعلــوم التســيري‪ ،‬جامعــة اجلزائــر‪،‬‬
‫‪ ،1999/1998‬ص ص ‪56 ،52‬؛‬

‫‪24‬‬
‫الفصل األول ‪:‬املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر ‪.‬‬

‫يتعني إنشاء‬
‫املتخصصة‪ ،‬كما ّ‬
‫ّ‬ ‫مبدأ التنسيق‪:‬وذلك عن طريق توضيح العالقات على مستوى الوحدة اإلنتاجيّة أو ّ‬
‫املؤسسات‬ ‫‪‬‬
‫خيص‪:‬اإلنتاج‪ ،‬التمويل‪ ،‬التوزيع‪.‬‬
‫هيئات هتتم ابلتنسيق بني خمتلف القطاعات‪ ،‬فيما ّ‬
‫‪ ‬املبادىء التقنيّة‪:‬وهذه املبادئ توضح الوسائل والطرق اليت جيب اتباعها تقنيّا للوصول إىل الغاية‪ ،‬من بينها جند أن اجلزائر قد‬
‫رّكزت على‪:‬‬
‫مبهمة معيّنة‪ ،‬هبدف‬
‫معني أو ّ‬
‫مؤسسات جديدة ختتص مبنتوج ّ‬ ‫‪ ‬مبدأ التخصّص‪:‬وهو تقليص عدد منتجات ّ‬
‫املؤسسات وذلك خبلق ّ‬
‫التخصص وتقسيم املهام؛‬
‫ّ‬ ‫حتسني الطاقة اإلنتاجيّة والعمل مبزااي‬
‫ملؤسسة‬
‫مهمة التسويق ّ‬ ‫‪ ‬مبدأ فصل اإلنتاج عن التسويق‪:‬أي تتك ّفل ّ‬
‫مؤسسة إبنتاج سلعة معيّنة أو خدمة ما‪ ،‬يف حني حتيل ّ‬
‫السلع‪:‬‬
‫أخرى‪ ،‬وعمليّة الفصل هذه تتم وفق ثالثة أصناف من ّ‬
‫‪ ‬سلع موجهة للتجهيز املنزيل؛‬
‫‪ ‬سلع صناعيّة‪ ،‬وسيطيّة‪ ،‬سلع التجهيز؛‬
‫للسوق اخلارجيّة‪.‬‬‫‪ ‬منتوجات موجهة ّ‬
‫‪ ‬مبدأ حتسني ودعم التسيري‪:‬ومن مجلة إصالحات اإلدارة والتسيري جند‪:‬‬
‫‪ ‬إستقالليّة يف التسيري مع حتميل مسؤوليّة عمليّة اإلنتاج للمديرّايت واجلماعات احملليّة؛‬
‫العامة من العاصمة إلعادة تركيزها يف مناطق جغرافيّة قريبة لوحدات اإلنتاج‪ ،‬لكن مع مراعاة توفري‬‫‪ ‬حتويل املديرّايت ّ‬
‫كل الشروط هلذه املديرّايت؛‬
‫ّ‬
‫‪ ‬التقليل من موظفي املديرّايت وحتديدهم من أجل التنسيق امليداين للوحدات‪.‬‬
‫موزعة بني خمتلف القطاعات‪.1‬‬
‫مؤسسة ّ‬ ‫مؤسسة إىل حوايل ‪ّ 460‬‬ ‫املؤسسات اليت كان عددها ‪ّ 80‬‬ ‫حتولت ّ‬ ‫مبوجب هذا النموذج ّ‬
‫إعادة اهليكلة املاليّة‪ :‬نظرا لوجود عجز يف اإلستغالل لدى ّ‬
‫املؤسسة االشرتاكية بسبب املديونيّة املصرفيّة املتزايدة‪ 2‬متّت‬ ‫‪.2‬‬
‫إجراء عمليّة اهليكلة املاليّة حيث كانت الوضعيّة املالية للمؤسسات تتميّز مبا يلي‪:‬‬
‫كالصحة والتكوين‪ ،‬ويف املقابل‬ ‫األوليّة املستوردة‪ ،‬وكذا الوظائف غري األساسيّة ّ‬ ‫‪ ‬سلبيّة املردوديّة املاليّة الرتفاع التّكاليف‪ ،‬منها املواد ّ‬
‫حتديد أسعار املنتجات دون األخذ بعني اإلعتبار التكاليف احلقيقيّة؛‬
‫السابقة؛‬
‫ظل عدم تسديد ال ّديون ّ‬ ‫‪ ‬إرتفاع درجة املديونيّة‪ ،‬فاملشاريع ال تنتهي يف مواعيدها‪ ،‬وهلذا تبحث على متويل قصري املدى يف ّ‬
‫للتخوف من الندرة‪ ،‬لصعوبة‬ ‫ّ‬ ‫املتغرية بوجود فائض يرجع‬
‫‪ ‬سلبيّة رأس املال العامل اليت ترجع من جهة إىل وضعيّة املخزوانت ّ‬
‫السيولة واللّجوء إىل القروض قصرية األجل لتحقيقها‪.‬‬‫التصريف وارتفاع األسعار‪ ،‬ومن جهة أخرى إىل إنعدام ّ‬
‫املؤسسة قصد جتسيد اإلستقالليّة املاليّة‪،‬‬
‫متثل مضمون إعادة اهليكلة املاليّة يف جمموعة من التدابري املتخذة من طرف ال ّدولة و ّ‬
‫وإدخال معيار املردوديّة كمبدأ أساسي يف التسيري‪ ،‬ومن أجل ذلك إختذت اإلجراءات التالية‪:‬‬
‫متوسطة وطويلة األجل بدل من القصري‪ ،‬اهلدف من‬ ‫‪ ‬تكليف البنك الوطين للتنمية بتمويل املؤسسة اليت تعاين من عجز بقروض ّ‬
‫السحب على املكشوف مبستوايت مقبولة‪ ،‬متّ احلصول على فائض من رأس املال‪3‬؛‬‫هذا هو تغطية األصول التابعة وجعل ّ‬

‫‪1‬‬
‫; ‪A, BRAHIMI, op.cit, p339‬‬
‫‪2‬‬
‫;‪H.BENISSAD, « Algérie : Restructuration et reformes économiques 1979 -1993 », OPU, Alger, p4‬‬
‫‪3‬‬
‫‪A.CHAREF, A.BOUZIDI, « L'entreprise publique en Algérie », La revue de CENEAP N:1, Alger, Mars 1985,‬‬
‫;‪P58‬‬

‫‪25‬‬
‫الفصل األول ‪:‬املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر ‪.‬‬

‫تقرر‬
‫‪ ‬ختصيص تسبيق من طرف اخلزينة العموميّة غري قابل لإلسرتجاع بغية التخفيف من ح ّدة العجز اهليكلي‪ ،‬ومن جانب آخر ّ‬
‫الصناعيّة أبموال مؤقتة على املدى الطّويل"‪ 30‬سنة" مع إمكانيّة التسديد خالل ‪ 8‬سنوات ومبع ّدل فائدة يق ّدر بـ‬
‫تدعيم النشاطات ّ‬
‫سنواي ‪1‬؛‬
‫‪ّ %2‬‬
‫املؤسسة عرب وضع رزانمة لتسديد الفوائد واألصول؛‬
‫‪ ‬إعادة هيكلة ديون ّ‬
‫املؤسسات‪.‬‬
‫‪ ‬تصفية ال ّديون فيما بني ّ‬
‫كما حاولت عمليّة إعادة اهليكلة التدخل وتصحيح ع ّدة أنظمة موجودة تتمثل يف‪:‬‬
‫الربح؛‬
‫السلع‪ ،‬تكاليف اإلنتاج وهامش ّ‬
‫‪ ‬نظام األسعار‪:‬ابألخذ بعني اإلعتبار نوعيّة ّ‬
‫املؤسسة‪.‬‬
‫‪ ‬إصالح النظام اجلبائي بشكل يساعد على تنشيط نتائج اإلستغالل وختفيض الضغط على خزينة ّ‬
‫املشاكل النامجة عن إعادة اهليكلة‪ :‬ترتب عن تطبيق عمليّة إعادة اهليكلة ع ّدة مشاكل‪ ،‬ميكن ذكرها فيما يلي‪:‬‬ ‫‪.3‬‬
‫املؤسسات بتكاليف إعادة هيكلة ابهضة‪ ،‬وهي‬ ‫‪ ‬إن اإلنتقال من فكرة حجم أكرب إىل فكرة حجم أصغر‪ ،‬ترتب عنه إرهاق هذه ّ‬
‫من نوع التكاليف الثابتة املرتبطة ابإلدارة؛‬
‫العامة والوحدات التوزيعيّة املوجودة يف مناطق بعيدة؛‬
‫‪ ‬صعوبة اإلتصال بني اإلدارة ّ‬
‫أجنر عنه تناقص قدرهتا على التحكم جيّدا يف اجلانب التكنولوجي‪ ،‬واخنفاض إمكانياهتا يف‬ ‫املؤسسات إىل وحدات ضعيفة ّ‬ ‫‪ ‬تقسيم ّ‬
‫املوردين األجانب؛‬
‫التفاوض وضعف قدرهتا على التعامل مع ّ‬
‫املؤسسة العموميّة مؤقتا‪ ،‬حيث مل تقضي على أسباب التدهور‪ ،‬إذ متّ التعامل‬ ‫‪ ‬مل تساهم إعادة اهليكلة املاليّة إالّ يف أتجيل مشاكل ّ‬
‫يتحسن التسيري؛‬
‫مع آاثر العجز وليس مع أسبابه‪ ،‬وهلذا مل ّ‬
‫املؤسسة العموميّة‪.‬‬
‫‪ ‬كما مل يوضع ح ّد للخلل املوجود يف التسيري‪ ،‬وال ملظاهر التبذير‪ ،‬اإلختالس‪ ،‬والالّمباالة اليت متيّز ّ‬
‫للمؤسسات العموميّة اإلقتصاديّة مبالغ ماليّة كبرية مولت من خزينة ال ّدولة‪ ،‬لكن‬
‫ّ‬ ‫وقد كلّفت عمليّة إعادة اهليكلة العضويّة واملاليّة‬
‫املالحظ أن هذه العمليّة مل تسمح بتحقيق األهداف املنتظرة منها‪ ،‬بل أكثر من ذلك ّأدت إىل إختالالت هيكليّة داخل اإلقتصاد‬
‫الوطين‪ ،‬وظهور ظواهر سلبيّة كإنتشار السوق املوازية والبطالة والتضخم‪.‬األمر الذي إنعكس سلبا على النمو اإلقتصادي‪.‬‬

‫املؤسسة العموميّة‪،‬‬
‫إن تعثر إعادة اهليكلة املاليّة والعضويّة وفشل حماوالت إعادة اإلصالح‪ ،‬وطغيان تدخل ال ّدولة يف تسيري نشاط ّ‬
‫مرة أخرى إىل إصالحات جديدة متس‬ ‫ختص فعاليتها‪ .‬هذا الوضع ّأدى ّ‬
‫كلها عوامل جعلتها تفقد حريّة املبادرة يف إختاذ القرارات اليت ّ‬
‫اتمة يف التسيري‪ ،‬ومتكينها من تبين املعايري‬
‫املؤسسة العموميّة إستقالليّة ّ‬
‫املؤسسة العموميّة‪.‬وكانت هذه اإلصالحات ترمي إىل إعطاء ّ‬ ‫ّ‬
‫املؤسسات العموميّة‪.‬‬
‫اإلقتصاديّة واملاليّة اليت تضمن هلا االستمرار وال ّدميومة‪.‬ولقد عرفت هذه اإلصالحات ابستقالليّة ّ‬

‫املؤسسات العموميّة‪.‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬استقاللية ّ‬
‫املؤسسات العموميّة اإلقتصاديّة‪ ،‬وذلك من‬
‫منذ عام ‪ ،1988‬ابشرت اجلزائر إصالحات إقتصاديّة عرفت إبسم إستقالليّة ّ‬
‫الرقابة اليت كانت مفروضة عليها‪.‬حيث رافقت‬‫أجل النهوض هبا وترقيتها عن طريق حترير نشاطها من التدخل املباشر ألجهزة ال ّدولة و ّ‬

‫‪1‬‬
‫;‪BOUZIDI Abdelmadjid , ‹‹25 questions...... ››, op.cit ,p82‬‬

‫‪26‬‬
‫الفصل األول ‪:‬املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر ‪.‬‬

‫املؤسسات ودخوهلا يف اقتصاد‬


‫هذه اإلصالحات صدور جمموعة من القوانني التشريعيّة لتهيئة الشروط الالّزمة لتطبيق استقاللية ّ‬
‫السوق‪ .1‬وابلتايل إخضاعها لقانون املتاجرة لتحقيق املردوديّة والفعاليّة‪ ،‬وتتمثل هذه القوانني فيما يلي‪:2‬‬
‫‪ ‬قانون ‪88‬ـ‪ 01‬املؤرّخ يف ‪ 12‬جانفي ‪ ،1988‬يتضمن القانون التوجيهي للمؤسّسات العموميّة االقتصادية؛‬
‫‪ ‬قانون ‪88‬ـ‪ 02‬املؤرّخ يف ‪ 12‬جانفي ‪1988‬املتعلّق ابلتخطيط؛‬
‫‪ ‬قانون ‪88‬ـ‪ 03‬املؤرّخ يف ‪ 12‬جانفي ‪1988‬املتعلّق بصناديق املسامهة؛‬
‫‪ ‬قانون ‪88‬ـ‪ 04‬املؤرّخ يف ‪ 12‬جانفي ‪1988‬املتعلّق بتعديل القانون التجاري وحيدّد القواعد اخلاصّة املطبّقة على املؤسّسات‬
‫العموميّة االقتصادية‪.‬‬

‫املؤسسات مزيدا من حرية‬ ‫املؤسسات اإلقتصاديّة‪ :‬إن مفهوم إستقالليّة ّ‬


‫املؤسسات يعين منح ّ‬ ‫‪ .1‬مفهوم وأهداف إستقالليّة ّ‬
‫للمؤسسات وإختاذ إجراءات كثرية وتدابري‬
‫ّ‬ ‫املبادرة يف إطار العمل على التجسيد الفعلي لالّمركزيّة مع تطبيق إعادة اهليكلة النظاميّة‬
‫املؤسسات العموميّة‪.3‬‬
‫متنوعة للتخفيف من ضغوط احمليط على ّ‬ ‫ّ‬
‫املؤسسات العموميّة‪ ،‬إىل حتقيق األهداف التالية‪:4‬‬
‫السلطات من خالل تطبيق إستقالليّة ّ‬
‫تسعى ّ‬
‫املؤسسات‪،‬‬
‫تؤدي اإلستقالليّةإلىتطبيق قواعد التسيري التجاري على مستوى ّ‬
‫وضع منهج لتنظيم اإلقتصاد الوطين‪ ،‬حبيث ّ‬ ‫‪‬‬
‫وإدخال نشاطهم يف إطار التخطيط الوطين‪ ،‬من خالل خمطّطات قصرية املدى؛‬
‫املؤسسة العموميّة اإلقتصاديّة؛‬
‫حتسني فعاليّة ّ‬ ‫‪‬‬
‫التسيري األحسن للموارد البشريّة؛‬ ‫‪‬‬
‫املؤسسة العموميّة؛‬
‫إحياء شخصية وهويّة ّ‬ ‫‪‬‬
‫رفع التدخل املباشر لل ّدولة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫املؤسسات العموميّة‪ :‬ميكن جتميع األسباب اليت ّأدت إىل إنتهاج إستقالليّة ّ‬
‫املؤسسات اإلقتصاديّة فيما‬ ‫أسباب إستقالليّة ّ‬ ‫‪‬‬
‫يلي‪:5‬‬
‫مسه‬
‫الركود الذي ّ‬
‫املشاكل النامجة عن إعادة اهليكلة وعجز هذه األخرية يف التحكم ابإلقتصاد الوطين والنهوض به من حالة ّ‬ ‫‪‬‬
‫حىت أن حتقق املستوى التوازين؛‬
‫املؤسسات اليت تكاد ّ‬
‫وحل عقدة ّ‬ ‫ّ‬
‫الصالبة وعدم اإلستعمال العقالين لألدوات‬
‫ّ‬ ‫من‬ ‫بنوع‬ ‫ز‬‫ّ‬‫يتمي‬ ‫الذي‬ ‫التخطيط‬ ‫جهاز‬ ‫على‬ ‫يطرة‬ ‫الس‬
‫ّ‬ ‫و‬ ‫التحكم‬ ‫ضعف‬ ‫‪‬‬
‫اإلقتصاديّة؛‬
‫كقوة اقتصاديّة؛‬
‫التداخل الكبري بني مهام الدولة كسلطة سياسيّة و ّ‬ ‫‪‬‬
‫املؤسسة ألعباء ال عالقة هلا ابلنشاط األساسي؛‬
‫حتميل ّ‬ ‫‪‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Mustafa M'KIDECHE, « L'Algérie entre l'économie de rente et économie émergente », Ed Dahleb, Alger, 2000,‬‬
‫;‪p36‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Ahmed BOUYACOUB, « La difficile adaptation de l'entreprise aux mécanismes de marché », cahier de CREAD,‬‬
‫;‪N°45, 1998‬‬
‫‪ 3‬قطّاف ليلى‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪71‬؛‬
‫‪4‬‬
‫‪Chakib CHRIF, « Privatisation de l'entreprise publique économique Algérien, Raisons et avantages »,‬‬
‫;‪Economie, N33, Mai1996, p17‬‬
‫‪ 5‬للمزيد إطّلع على‪ :‬قطاف ليلى‪،‬مرجع سابق‪،‬ص ص ‪74‬ـ‪77‬؛‬

‫‪27‬‬
‫الفصل األول ‪:‬املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر ‪.‬‬

‫املؤسسة وأخذ القرارات ّأدى إىل ثقل فاتورة اجلهاز البريوقراطي الذي أصبح يعيق سريان‬
‫تدخل مديرّايت الوصاية يف تسيري ّ‬ ‫‪‬‬
‫اإلقتصاد‪.‬‬

‫املؤسسات اإلقتصاديّة‪ :‬يعمل مبدأ استقالليّة ّ‬


‫املؤسسات على رفع أدائها والتحكم يف تسيريها‪،‬‬ ‫‪ .2‬مبادىء إستقالليّة ّ‬
‫ولتجسيده يؤخذ بعني اإلعتبار‪ ،‬ثالثة جوانب‪:‬‬

‫الصادر يف ‪ 12‬جانفي ‪ 1988‬من خالل املواد "‪ "7 ،6 ،5 ،3‬على‬ ‫اجلانب القانوين‪ّ :‬‬
‫ينص القانون رقم ‪88‬ـ‪ّ 01‬‬ ‫‪‬‬
‫مايلي‪:1‬‬
‫مسرية وفقا لقواعد القانون التجاري؛‬
‫املؤسسة العموميّة اإلقتصاديّة شخصيّة معنويّة ّ‬‫ّ‬ ‫‪‬‬
‫املؤسسة العموميّة اإلقتصاديّة شركة مسامهة أو شركة ذات مسؤوليّة حمدودة‪ ،‬رأمساهلا ملك بطريقة مباشرة لل ّدولة و‪/‬أو‬ ‫ّ‬ ‫‪‬‬
‫اجلماعات احملليّة"؛‬
‫وحمرر حسب احلالة بطريقة مباشرة أو غري مباشرة عن‬ ‫املؤسسة العموميّة اإلقتصاديّة‪ ،‬متلك رأس مال إجتماعي‪ ،‬مكتتب ّ‬ ‫‪‬‬
‫طريق ال ّدولة أو عن طريق اجلماعات احملليّة؛‬
‫املؤسسة العموميّة اإلقتصاديّة ابستقالليّة ماليّة متكنها األخذ بعني االعتبار سياسة التمويل الذايت إنطالقا من‬ ‫هبذا تتمتع ّ‬ ‫‪‬‬
‫اخلاصة املشكلة من احلصص ذات الطابع االحتياطي واألرابح غري املوزعة؛‬ ‫مصادرها ّ‬
‫املختصة‬
‫ّ‬ ‫بكل استقالليّة من خالل هيئاهتا‬ ‫للمؤسسة العموميّة اإلقتصاديّة كامل القدرة القانونيّة للتعامل‪ ،‬اإللتزام والتعاقد‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫‪‬‬
‫هلذه األغراض‪ ،‬وفقا للقوانني املعمول هبا يف اجملال التجاري‪ ،‬والتشريعات املعمول هبا يف جمال اإللتزامات املدنيّة والتجاريّة‪.‬‬

‫اجلانب اإلداري‪ :‬متّ فصل املهام بني اهليئات املركزيّة "ال ّدولة" و ّ‬
‫املؤسسة‪ ،‬ممّا جعل منها مركز للقرار املستقل‪ ،‬فبعدما كانت‬ ‫‪‬‬
‫للمسريين إلختاذ القرار يف إطار سياسة تنمويّة شاملة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ختول للوزارة والسلطة الوصيّة‪ ،‬أتيحت الفرصة‬
‫السابقة ّ‬
‫يف املرحلة ّ‬
‫اجلانب اإلقتصادي‪ :‬أوكلت للمؤسسة العموميّة اإلقتصاديّة ومن أجل حتقيق التنمية‪ ،‬جمموعة من املهام‪ ،‬بناءا على القانون‬ ‫‪‬‬
‫مادته ‪09‬؛‬
‫‪ 88‬ـ ‪ ،01‬يف ّ‬
‫األمة واإلقتصاد؛‬
‫‪ ‬إنتاج الثروات ووضعها يف خدمة ّ‬
‫التحسني املستمّر إلنتاجيّة العمل ورأس املال؛‬ ‫‪‬‬
‫تعميق الطابع الدميقراطي يف إدارهتا وتسيريها؛‬ ‫‪‬‬
‫تطوير املستوى العلمي والتكنولوجي‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫املؤسسات اإلقتصاديّة يف االستقاللية يف إختاذ القرار‪ ،‬اإلستقالليّة يف‬
‫ومن خالل ما سبق ذكره‪ ،‬تتجلّى مظاهر إستقالليّة ّ‬
‫الربامج والتسيري‪ ،‬اإلستقالليّة املاليّة‪ ،‬اإلستقالليّة يف املراقبة وتقييم اآلداء‪.‬‬

‫املؤسسات العموميّة اإلقتصاديّة ويتم تدخلها يف احلياة‬


‫من خالل القانون رقم ‪88‬ـ‪ 01‬تعترب ال ّدولة املساهم األساسي يف ّ‬
‫املؤسسات عن طريق صناديق املسامهة‪.‬‬
‫اإلقتصاديّة هلذه ّ‬

‫‪1‬‬
‫;‪A. BRAHIMI, op.cit, PP 412,413‬‬

‫‪28‬‬
‫الفصل األول ‪:‬املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر ‪.‬‬

‫املؤسسات العموميّة على استقالليتها‪ ،‬أصبحت ال ّدولة بصفتها مالكة‬ ‫بعد أن حتصلت ّ‬ ‫‪ .3‬صناديق املسامهة‪:‬‬
‫تسمى صناديق املسامهة‪ ،‬واليت أوكلت هلا املهام التاليّة‪:1‬‬
‫خاصة ّ‬
‫ومسامهة يف رأس املال‪ ،‬التقوم بعمليّة التسيري‪ ،‬بل أنشأت هياكل ّ‬
‫املؤسسات العموميّة اإلقتصاديّة حلساب‬ ‫صندوق املسامهة مكلّف بتسيري حمفظة القيم املنقولة‪ ،‬وتطبيق حق امللكيّة على ّ‬ ‫‪‬‬
‫مبهمة املراقبة اإلسرتاتيجيّة؛‬
‫ال ّدولة‪ ،‬الشيء الذي يتطلّب القيام ّ‬
‫املؤسسات تقوم إبصدار أسهم لفائدة ال ّدولة‪ ،‬وهذه األخرية‬ ‫يعترب ضامن لقيمة األسهم‪ ،‬السندات والقيم األخرى‪ ،‬حيث أن ّ‬ ‫‪‬‬
‫حتوهلا إىل صناديق املسامهة مقابل سندات‪2‬؛‬ ‫ّ‬
‫للمؤسسات العموميّة اإلقتصاديّة؛‬
‫كل اإلجراءات الكفيلة بتحقيق اإلنتعاش اإلقتصادي واملايل ّ‬ ‫يقوم بدراسة ووضع ّ‬ ‫‪‬‬
‫السوق‪ ،‬وتبحث يف فرص توظيف األموال قصد حتقيق‬ ‫تؤدي صناديق املسامهة دور الشركات املاليّة‪ ،‬فهي تساعد يف توسيع ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪‬‬
‫األرابح وابلتايل تراكم املوارد املاليّة؛‬
‫الرواتب‪ ،‬الضرائب‪ ،‬ال ّديون‪ ،‬وتوزيع احلصص املاليّة ابلعملة‬ ‫تساهم يف دراسة الوسائل التنظيميّة اإلقتصاديّة‪ ،‬كاألسعار‪ّ ،‬‬ ‫‪‬‬
‫الصعبة؛‬
‫ّ‬
‫يتوىل‬
‫الصدد ّ‬ ‫يتوىل تسيريها املايل‪ ،‬وهبذا ّ‬ ‫عامة ّ‬
‫يعمل صندوق املسامهة عوان ائتمانيا لل ّدولة اليت تسند إليه رؤوس أموال ّ‬ ‫‪‬‬
‫املؤسسة العموميّة‪.‬وهبذا يشكل حافظة‬ ‫الصندوق القيام ابستثمارات إقتصاديّة حلساب ال ّدولة‪ ،‬السيما عن طريق املسامهة يف رأس مال ّ‬
‫يتوىل تسيريها‪.‬‬‫للقيم املنقولة اليت ّ‬

‫ّأما مصادر متويل صناديق املسامهة‪ ،‬فهي عبارة عن‪:3‬‬


‫مسامهة ال ّدولة؛‬ ‫‪‬‬
‫املؤسسات العموميّة؛‬
‫األويل يف رأس مال ّ‬ ‫اإلشرتاك ّ‬ ‫‪‬‬
‫إصدار قروض سنديّة مضمونة أو غري مضمونة عن طريق ال ّدولة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫يسري أنشطة‬
‫كل صندوق ّ‬
‫وقد بلغ عدد الصناديق اليت متّ إنشاؤها مثانية"‪ ،"08‬بغية إجياد تنظيم جديد لتوزيع املهام‪ ،‬وقد كان ّ‬
‫معني‪ ،‬حسب ما يلي‪:‬‬ ‫قطاع ّ‬
‫صندوق الصناعات الغذائيّة والصّيد؛‬ ‫‪.1‬‬
‫صندوق املناجم‪ ،‬احملروقات والطّاقة؛‬ ‫‪.2‬‬
‫صندوق مستلزمات التّجهيز؛‬ ‫‪.3‬‬
‫صندوق البناء واألشغال العموميّة؛‬ ‫‪.4‬‬
‫صندوق الكيمياء‪ ،‬الكيمياء البرتولية والصّيدلة؛‬ ‫‪.5‬‬
‫صندوق اإللكرتونيّات‪ ،‬اإلتصال واإلعالم اآليل؛‬ ‫‪.6‬‬
‫صندوق الصناعات النسيجيّة‪ ،‬اجللود‪ ،‬األحذية والتأثيث؛‬ ‫‪.7‬‬
‫صندوق اخلدمات‪.‬‬ ‫‪.8‬‬

‫املؤرخ يف ‪ 1988/01/12‬املتعلّق بصناديق املسامهة‪ ،‬الصادر ابجلريدة الرمسية للجمهورية اجلزائرية‪1988 ،‬؛‬
‫راجع املواد (‪2‬ـ ‪ )9‬من القانون ‪88‬ـ ‪ّ 03‬‬
‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫;‪A. BRAHIMI, op.cit, p 413‬‬
‫‪3‬‬
‫;‪Ibidem, p 414‬‬

‫‪29‬‬
‫الفصل األول ‪:‬املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر ‪.‬‬

‫السوق دون خوصصتها حسب نظرة‬ ‫املؤسسات وإخضاعها لقواعد ّ‬ ‫هكذا أصبحت هذه الصناديق الوسيلة املالئمة لوضع ّ‬
‫القائمني على شؤون التنظيم اإلقتصادي‪.‬‬
‫وخاصة املاديّة‬
‫ّ‬ ‫املؤسسات العموميّة اجلزائريّة ال تستطيع إنتاج قيم مضافة مبا متلكه من موارد‬ ‫ولكن هذه اإلجراءات ابءت ابلفشل ألن ّ‬
‫منها‪ ،‬فهي حتقق العجز من سنة ألخرى يف ميزانيتها اخلتاميّة‪.‬‬
‫مع إجتاه اجلزائر حنو إقتصاد السوق وجب التغيري‪ ،‬ومنه عوضت صناديق املسامهة ابلشركات القابضة العموميّة"‪"Holding‬‬

‫الصناعيّة‪.‬‬
‫املطلب الرابع ‪ :‬سياسة إعادة اهليكلة ّ‬
‫خاصة واالقتصاد‬
‫املؤسسة بصفة ّ‬ ‫متس ّ‬ ‫هاما يف تصحيح اإلقتصاد الوطين‪ ،‬حيث أهنا ّ‬ ‫تعترب إعادة هيكلة الصناعية عنصرا ّ‬
‫الرفع من‬
‫عامة‪ ،‬وقد ظهرت يف الثمانينات يف إطار إعادة التنظيم العضوي واملايل وتوسيع وعصرنة أداة اإلنتاج الوطنيّة قصد ّ‬ ‫بصفة ّ‬
‫العمال‪ ،‬إعطاء أكثر فرصة لإلطارات‬ ‫فعاليتها ومن مقدار تنافسيتها وإدماجها يف التقسيم ال ّدويل للعمل‪ ،‬من خالل تقليص عدد ّ‬
‫املؤسسة العموميّة اإلقتصاديّة للمشاركة العماليّة‪ ،‬وكذا للرأس املال اخلاص كمورد خارجي إضايف‪،‬‬ ‫املؤهلة يف التسيري‪ ،‬فتح رأس مال ّ‬
‫‪1‬‬
‫وتؤدي إىل احلصول على قطاع إنتاجي متناسق‪ ،‬متوازن‪ ،‬ومبردودية كافية لتمويل النمو‪.‬‬ ‫وتقليص عوامل التبعيّة لل ّدولة ‪ّ ،‬‬
‫املؤسسات العموميّة اإلقتصاديّة عن طريق‬
‫وهلذا الغرض أحدثت وزارة الصناعة وإعادة اهليكلة‪ ،‬اليت تعمل على حتسني وضعيّة ّ‬
‫خاصة لتلك اليت تعاين من عجز‪ .2‬واألهداف األساسيّة اليت ترمي إليها سياسة‬ ‫تطهريها ماليّا‪ ،‬وإعداد هلا خمطّط إصالح داخلي‪ّ ،‬‬
‫إعادة اهليكلة الصناعيّة يتمثّل يف‪:‬‬
‫خاصة ملقياسي املردوديّة واملنافسة؛‬‫املؤسسات إبخضاعها ّ‬ ‫حتسني إستعمال املوارد من قبل ّ‬ ‫‪‬‬
‫حتقيق منو مستمر يسمح إبدماج اإلقتصاد الوطين يف السوق العامليّة؛‬ ‫‪‬‬
‫إهناء األزمة اليت يعرفها جهاز اإلنتاج الوطين؛‬ ‫‪‬‬
‫التطور من أجل ختفيف مع ّدالت البطالة؛‬ ‫للمؤسسات اليت هلا إمكانيّة ّ‬
‫ّ‬ ‫رد اإلعتبار‬ ‫‪‬‬
‫احملرك األساسي لعمليّة التنمية‪ ،‬حيث مثّ يف هذا اإلطار‬ ‫اإلنفتاح على القطاع اخلاص الوطين واألجنيب اللّذان يشكالن ّ‬ ‫‪‬‬
‫املؤسسات الصغرية واملتوسطة ابإلضافة إىل إنشاء وكالة اإلستثمار‬ ‫ّ‬ ‫املصادقة على قانون االستثمارات‪ ،‬وإنشاء وزارة‬
‫واملسامهة‪" )APSI(3‬الوكالة الوطنيّة لدعم اإلستثمار‪ ANDI‬حاليّا"‪.‬‬

‫جممعات إقتصاديّة‪ :‬يف إطار اإلصالحات اإلقتصاديّة املتبعة‪ ،‬حلّت صناديق املسامهة لتسيري أموال ال ّدولة‪ ،‬وذلك‬
‫إنشاء ّ‬ ‫‪.1‬‬
‫وعوضت ابلصناديق القابضة"‪ ،"Holding‬وهي ‪ 11‬جممّع‪،‬‬
‫يف ديسمرب‪ ،1995‬لعدم وجود تنسيق بني هذه الصناديق الثمانية‪ّ ،‬‬
‫العامة حسب نوع النشاط اإلقتصادي‪.‬‬
‫املؤسسات ّ‬
‫كل ّ‬‫جتمع ضمنها ّ‬
‫جممع املناجم؛‬
‫ّ‬ ‫‪.1‬‬
‫جممع امليكانيك؛‬
‫ّ‬ ‫‪.2‬‬
‫جممع احلديد والفوسفات؛‬‫ّ‬ ‫‪.3‬‬
‫جممع اإللكرتونيك؛‬
‫ّ‬ ‫‪.4‬‬
‫الصيدلة؛‬
‫ّ‬ ‫و‬ ‫الكيمياء‬ ‫ع‬ ‫جمم‬
‫ّ‬ ‫‪.5‬‬

‫‪1‬‬
‫;‪M, MKIDECHE, « Privatisation et reformes économique », Séminaire sur la privatisation, 1992, P06‬‬
‫سنتطرق هلذا املوضوع بنوع من التفصيل يف الفصل الثاين؛‬
‫ّ‬
‫‪2‬‬

‫‪ 3‬انصر دادي ع ّدون‪" ،‬اقتصاد املؤسسة"‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪109‬؛‬

‫‪30‬‬
‫الفصل األول ‪:‬املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر ‪.‬‬

‫جممع صناعة املواد الغذائيّة األساسيّة؛‬


‫‪ّ .6‬‬
‫جممع املواد الغذائيّة املختلفة؛‬
‫‪ّ .7‬‬
‫جممع صناعة اآلالت اإلنشائيّة ومواد البناء؛‬
‫‪ّ .8‬‬
‫جممع اإلجناز واألشغال الكربى؛‬
‫‪ّ .9‬‬
‫جممع الصناعات املختلفة؛‬
‫‪ّ .10‬‬
‫جممع اخلدمات‪.‬‬
‫‪ّ .11‬‬
‫اجملمعات مايلي‪:‬‬
‫من املهام اليت أوكلت هلذه ّ‬
‫املؤسسة العموميّة اإلقتصاديّة إىل الشركات القابضة العموميّة؛‬
‫حتويل بيع األمالك اليت متلكها ال ّدولة أو ّ‬ ‫‪‬‬
‫تسيري رؤوس األموال التجاريّة التابعة لل ّدولة وإدارهتا وتنظيمها يف شكل شركات مسامهة؛‬ ‫‪‬‬
‫تص ّدر مجيع القيم املنقولة أو تشرتيها؛‬ ‫‪‬‬
‫املشاركة يف تنفيذ السياسة اإلقتصاديّة للحكومة؛‬ ‫‪‬‬
‫حتديد وتطوير إسرتاتيجيّات وسياسات اإلستثمار‪ ،‬وكيفيّة متويل الشركات التابعة هلا‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫جسد يف‬ ‫املؤسسات العموميّة اإلقتصاديّة‪ :‬إذ تتمثل اخلوصصة يف القيام مبعاملة أو معامالت جتاريّة تت ّ‬ ‫خوصصة ّ‬ ‫‪.2‬‬
‫مؤسسة عموميّة أو جزء من رأمساهلا‪ ،‬أو كلّه لصاحل أشخاص طبيعيّني أو معنويّني‪ ،‬وبتحويل‬ ‫كل األموال املاديّة واملعنويّة من ّ‬‫حتويل ّ‬
‫مؤسسة عموميّة إىل أشخاص طبيعيّني أو معنويّني بواسطة الوسائل التعاقديّة‪.1‬‬ ‫تسيري ّ‬
‫للمؤسسات العموميّة اإلقتصاديّة‪ ،‬مع تدين املساعدات املالية للجزائر من جهة‪ ،‬ويف ظلّ‬ ‫ّ‬ ‫ظل الظروف املتدهورة‬ ‫يف ّ‬
‫اإلخنفاض املستمر إليرادات ميزانيّة ال ّدولة بسبب هبوط أسعار البرتول‪ ،‬مع ختصيص نسبة معتربة منها خلدمة ال ّدين‪ ،‬مل جتد اجلزائر‬
‫مساعدات وقروض‪ ،‬فلجأت إىل صندوق النقد الدويل الذي اشرتط على اجلزائر القيام إبصالحات عميقة‪ ،‬وحتقيق الشروط التاليّة‪:‬‬
‫‪ .1‬ختفيض قيمة ال ّدينار؛‬
‫‪ .2‬توقيف دعم األسعار وحتريرها؛‬
‫املؤسسات العموميّة اإلقتصاديّة اليت تعاين من عجز‪.‬‬ ‫‪ .3‬خوصصة ّ‬
‫الرفع التدرجيي‬ ‫بدأ التطبيق التدرجيي هلذه االتفاقية‪ ،‬حيث متّ ختفيض قيمة ال ّدينار يف ‪ 1994‬بنسبة ‪ ،%40‬ابإلضافة إىل ّ‬
‫الرفع النهائي لل ّدعم الحقا‪.‬‬
‫لل ّدعم على خمتلف األسعار الضروريّة‪ ،‬على أن يصل إىل ّ‬
‫املؤسسات الشرط األكثر صعوبة‪ ،‬نظرا لسعيها حنو حتقيق اهلدف اإلجتماعي من خالل نشاطها‪ ،‬ومن املؤّكد‬ ‫تبقى خوصصة ّ‬
‫السابقة‪ ،‬فهي هتدف إىل‪:‬‬
‫أن اخلوصصة هتدف إىل حتقيق ما عجزت عن حتقيقه اإلصالحات اإلقتصاديّة ّ‬
‫زايدة املنافسة وحتسني األداء والكفاءة اإلقتصاديّة؛‬ ‫‪‬‬
‫تنشيط وتطوير أسواق املال؛‬ ‫‪‬‬
‫خفض العجز املايل للحكومة؛‬ ‫‪‬‬
‫توسيع قاعدة امللكيّة‪.2‬‬ ‫‪‬‬

‫الصادر يف ‪ 26‬أوت‪ 1995‬الصادر يف اجلريدة الرمسية للجمهورية اجلزائرية الفصل‬


‫املؤسسة العموميّة ّ‬
‫خبوصصة ّ‬
‫املادة األوىل من القانون رقم ‪95‬ـ‪ 22‬املتعلّق ّ‬
‫ّ‬
‫‪1‬‬

‫الثالث رقم ‪ 48‬؛‬


‫‪ 2‬إيهاب ال ّدسوقي‪" ،‬التخصّصيّة واإلصالح اإلقتصادي يف ال ّدول النامية مع دراسة التجربة املصريّة"‪،‬دار النهضة العربيّة‪ ،‬مصر‪ ،1995 ،‬ص‪20‬؛‬

‫‪31‬‬
‫الفصل األول ‪:‬املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر ‪.‬‬

‫املبحث الثالث ‪ :‬تطور السياسة التمويلية للمؤسسات اإلقتصادية اجلزائرية‬


‫بعد االستقالل انتهجت اجلزائر النموذج املخطط القائم على التخطيط املركزي عامة والتخطيط املايل خاصة‪ ،‬وهلذا ابدرت‬
‫السلطات إىل وضع جهاز مصريف ومايل وطين يتالءم مع متطلبات ومنوذج التنمية‪ ،‬وحلماية مؤسسات الدولة من التمويل األجنيب‬
‫اختذت جمموعة من اإلجراءات االستعجالية املتمثلة فيمايلي‪: 1‬‬
‫إنشاء البنك املركزي يف ديسمرب‪ 1962‬كبنك إصدار‪ ،‬وإنشاء اخلزينة العمومية ؛‬ ‫‪‬‬
‫إصدار العملة الوطنية يف ‪" 1964‬الدينار اجلزائري" ؛‬ ‫‪‬‬
‫إنشاء الصندوق اجلزائري للتنمية سنة ‪ ، 1963‬الذي أصبح فيما بعد البنك اجلزائري للتنمية‪ ،‬وإنشاء صندوق التوفري‬ ‫‪‬‬
‫واالحتياط سنة ‪ 1964‬؛‬
‫وضع إجراءات إنشاء البنوك الوطنية وأتميم البنوك األجنبية املوجودة ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫متت عملية أتميم البنوك سنة ‪ ،1966‬وأنشئ أول بنك جتاري جزائري يف ‪ 13‬ماي ‪ 1966‬وهو البنك الوطين اجلزائري‬
‫الذي أخذ حمل عدة بنوك أجنبية‪ ،‬بعد ذلك أنشئ القرض الشعيب اجلزائري‪ ،‬والبنك اخلارجي اجلزائري ‪ .‬هذا ما جعل هذه البنوك‬
‫التجارية تتدخل لتقدمي القروض متوسطة وقصرية املدى ‪.‬‬

‫لكن عرفت السياسية التمويلية يف املؤسسات االقتصادية تطورا عرب خمتلف حمطات اإلصالح‪ ،‬وهذا ما يفرض علينا التطرق‬
‫إليه من خالل هذا املبحث من أجل التعرف على أنظمة التمويل املنتهجة ومدى أثرها على املؤسسة االقتصادية اجلزائرية ‪.‬‬

‫املطلب األول ‪ :‬نظام متويل املؤسسة اجلزائرية قبل استقاللية املؤسسات‪.‬‬


‫ميز نظام التمويل يف هذا املرحلة فرتتني‪ ،‬فرتة ما قبل ‪ ،1971‬وفرتة ما بعد ‪ ،1971‬حيث مت إرساء قواعد االشرتاكية يف‬
‫تطبيق التخطيط املايل‪.‬‬

‫الفرتة األوىل "قبل‪ :"1971‬يف هذه الفرتة كان على املؤسسات أن تضمن متويل استثماراهتا عن طريق البنك املركزي‬ ‫‪.1‬‬
‫اجلزائري وكذا املصارف التجارية‪ ،‬لكن سرعان ما تبني أن الصندوق اجلزائري للتنمية جهاز ممركز الستثمارات املؤسسة‪ ،‬حىت ولو‬
‫تضمن التمويل األويل‪ .‬حيث واجهت هذه األخرية مشكلة عدم قدرهتا يف احلصول على قروض من البنوك التجارية‪ ،‬وهذا الرفض يعود‬
‫إىل ختوف البنوك من املخاطر‪ ،‬ابإلضافة إىل أن القروض تتم حسب ميزانية املعدات اليت من املفروض أن يسريها الصندوق اجلزائري‬
‫للتنمية من خالل األموال اليت يتقاضاها من اخلزينة‪ .2‬ولكن لوحظ أن الصندوق اجلزائري للتنمية يعترب وسيط بني خزينة الدولة‬
‫واملؤسسات العمومية‪ ،‬إذ ساهم يف إنشاء املؤسسات اجلزائرية األوىل ويف القيام ببعض عمليات اخلزينة العمومية اليت تتعلق بتسيري ميزانية‬
‫‪3‬‬
‫التجهيز إىل غاية ‪.1966‬‬

‫تفحص طلبات القروض من طرف اجمللس اإلداري للمؤسسات‪ ،‬وتبعث إىل هيئة القرض اليت تعطي رأيها حول قيمة القرض‬
‫املطلوب والذي سيمنح من طرف اخلزينة‪ .‬هذه األخرية تضع األموال حتت تصرف الصندوق اجلزائري للتنمية على حسب احلاجات‪،‬‬

‫‪1‬القزويين شاكر‪" ،‬حماضرات يف اقتصاد البنوك"‪ ،‬ط‪ ،2‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪ ،1992 ،‬اجلزائر‪ ،‬ص‪ 56‬؛‬
‫‪2‬موساوي نور الدين‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪ 158‬؛‬
‫‪3‬القزويين شاكر‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪ 64‬؛‬

‫‪32‬‬
‫الفصل األول ‪:‬املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر ‪.‬‬

‫تعطى هذه القروض حسب بنسبة فائدة ‪ ،٪4‬تقسم كما يلي ‪ ٪3 :‬للخزينة و‪ ٪1‬للصندوق اجلزائري للتنمية ‪ .‬فكان هذا األخري‬
‫يتحمل مسؤولية االستحقاقات اليت ترد إىل اخلزينة‪.‬‬

‫ونظرا للعجز الكبري الذي أحدثته املؤسسات العمومية اليت كانت تعاين اختالال يف بنيتها منذ بداية نشاطها‪ ،‬فإن مواصلة‬
‫عملية متويل هذه األخرية تطلبت من البنوك التجارية اللجوء املتزايد إىل سلفات البنك املركزي واالستدانة اخلارجية‪ 1‬للحصول على‬
‫املوارد الناقصة‪ ،‬فيتم توفري السيولة عن طريق اإلصدار النقدي بدون مقابل‪ ،‬ودون مراقبة القروض املوزعة‪ 2‬وال أية متابعة لتقدمي‬
‫املشاريع‪ ،‬سواء من طرف اخلزينة أو من طرف اخلزينة أو من طرف مديرية التخطيط الذين جتاوزهتما ضخامة هذا العمل‪ ،‬وال على‬
‫‪3‬‬
‫مستوى البنوك التجارية ‪.‬‬

‫والشكل املوايل يبني طريقة متويل خمتلف قروض االستغالل واالستثمار من طرف اجلهاز املصريف واخلزينة العمومية قبل‬
‫‪1971‬‬
‫الشكل رقم ‪ :01‬هياكل وقنوات التمويل لقروض االستثمار واالستغالل يف هناية الستينات ‪.‬‬
‫قروض االستثمار‬
‫الخزينة العمومية‬ ‫البنك المركزي الجزائري‬

‫الشركة‬ ‫البنك‬ ‫البنك‬ ‫القرض‬ ‫البنك‬


‫الصندوق الجزائري للتنمية‬ ‫الوطنية‬ ‫الشعبي‬ ‫الخارجي‬ ‫الشعبي‬ ‫الوطني‬
‫للقرض‬ ‫العربي‬ ‫الجزائري‬ ‫الجزائري‬ ‫الجزائري‬

‫تـمـويـل نـشـاطـات االسـتـغ ـالل‬

‫‪Source: H.BENISSAD, économie et développement en Algérie, OPU, Alger, 1982, P219.‬‬

‫مميزات نظام التمويل يف هذه الفرتة‪ :‬لقد كان األمر الذي مييز هذه الفرتة‪ ،‬هو البحث عن كيفية ضمان استمرار‬ ‫‪‬‬
‫متويل االقتصاد الوطين أمام قلة املوارد املالية من جهة‪ ،‬وعدم قيام القطاع املصريف األجنيب بدوره من جهة أخرى ‪ .‬لكن أسلوب التمويل‬

‫‪1‬اجمللس الوطين االقتصادي واالجتماعي‪ " ،‬إشكالية إصالح املنظومة املصرفية‪ :‬عناصر من أجل فتح نقاش اجتماع "‪ ،‬الدورة السادسة عشر‪ ،‬نوفمرب‪،‬‬
‫‪ ،2000‬ص‪16‬؛‬
‫‪2‬‬
‫‪DEBBOUB Youcef, « Régularisation des investissements dans le secteur d’état industriel et réformes‬‬
‫; ‪économiques en Algérie : 1970/1990 », thèse de doctorat d’état, université d’Alger, 1990, P73‬‬
‫‪3‬اجمللس الوطين االقتصادي واالجتماعي‪" ،‬إشكالية إصالح املنظومة املصرفية‪ :‬عناصر من أجل فتح نقاش اجتماع "‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪ 17‬؛‬

‫‪33‬‬
‫الفصل األول ‪:‬املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر ‪.‬‬

‫املنتهج متيز بتعارض طرق التمويل مع أهداف التنمية (أهداف القطاع املصريف وأهداف املؤسسات الوطنية)‪ ،‬وميكن تلخيص مميزات‬
‫سياسة التمويل يف النقاط التالية‪: 1‬‬
‫غياب القرض املصريف يف متويل املؤسسات وتكفل اخلزينة بذلك ؛‬ ‫‪‬‬
‫اعتبار التسبيقات اليت متنحها اخلزينة للمؤسسات العمومية مبثابة هبات ؛‬ ‫‪‬‬
‫عدم إعطاء األمهية لتكاليف املشروع وملردودية رؤوس األموال من طرف األعوان االقتصاديني (مؤسسات عمومية‪ ،‬هيئات‬ ‫‪‬‬
‫القرض) ؛‬
‫تعارض اجلهاز املصريف (الذي يبحث عن املردودية املالية) واحتياجات متويل املؤسسات العمومية (اليت تتميز بدرجة كبرية‬ ‫‪‬‬
‫من اخلطورة)‪ ،‬مما أدى إىل وجود اختالالت يف التمويل ‪.‬‬
‫كل هذا أدى ابلسلطات إىل القيام إبصالحات مالية سنة ‪ ،1971‬أعطت رؤية جديدة لعالقات التمويل‪ ،‬وحددت أيضا‬
‫طرق متويل االستثمارات ‪.‬‬

‫الفرتة الثانية "‪ :"1987-1971‬لقد كانت أغلب االستثمارات متول يف هذه الفرتة عن طريق القروض‪ ،‬واليت ميكن‬ ‫‪.2‬‬
‫حتديدها فيما يلي‪: 2‬‬
‫قروض بنكية متوسطة األجل‪ ،‬تتم بواسطة سندات قابلة للخصم لدى البنك املركزي ؛‬ ‫‪‬‬
‫قروض طويلة األجل ممنوحة من طرف مؤسسات مالية متخصصة مثل البنك اجلزائري للتنمية ؛‬ ‫‪‬‬
‫وتتمثل مصادر هذه القروض يف اإليرادات اجلبائية‪ ،‬وموارد اإلدخارات املعبأةمن طرف اخلزينة واليت منح أمر تسيريها إىل هذه‬
‫املؤسسات املتخصصة ‪.‬‬
‫التمويل عن طريق القروض اخلارجية املكتتبة من طرف اخلزينة والبنوك التجارية واملؤسسات ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫املباديء العامة إلصالحات ‪ :1971‬لقد حددت هذه املباديء فيمايلي ‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫إجبار البنوك على متويل املؤسسة االشرتاكية‪ :‬حيث أصبح البنك جمرب على متويل االستثمارات عن طريق القروض‬ ‫‪‬‬
‫املتوسطة وطويلة األجل‪ ،‬إذ اعترب وسيلة ختطيط يف يد الدولة‪ ،‬يتم من خالله التمويل بقروض قابلة للتسديد مع إلغاء التمويل بقروض‬
‫هنائية‪ ،‬بسبب وجود مقابل من السلع واخلدمات القابلة للبيع واليت ميكن من خالهلا تسديد القروض‪ .‬اهلدف من هذا حسب وزير‬
‫املالية‬
‫آنذاك هو التمكن من معرفة القدرة املالية والصناعية لكل مؤسسة ومعرفة مستوى مردوديتها‪ 3‬؛‬

‫إخضاع املؤسسة اجلزائرية لرقابة البنك‪ :‬واليت تتمثل حسب قانون املالية لسنة ‪ 1971‬يف‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫التوطني املصريف‪ :‬وهو متركز حساابت املؤسسة وعملياهتا املصرفية لدى بنك واحد فقط‪ ،‬أي حمدودية البنك‪ ،‬وهذا املبدا‬ ‫‪‬‬
‫مفروض لعدة أسباب ‪:‬‬

‫‪1‬فرحية نشيدة‪" ،‬التمويل الداخل لالستثمارات العمومية املنتجة يف اجلزائر"‪ ،‬مذكرة ماجستري‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية وعلوم التسيري‪ ،‬جامعة اجلزائر‪،‬‬
‫‪،1997/1996‬ص‪67‬؛‬
‫‪2‬لطرش الطاهر‪" ،‬تقنيات البنوك"‪ ،‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪ ،‬اجلزائر‪ ،2000 ،‬ص‪ 181‬؛‬
‫; ‪Ahmed BOUYACOUB, « la gestion de l’entreprise industriel publique en Algérie», op.cit, P83‬‬
‫‪3‬‬

‫‪34‬‬
‫الفصل األول ‪:‬املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر ‪.‬‬

‫‪ ‬التوزيع احلسن للقروض ؛‬


‫‪ ‬خلق عالقة ثقة ما بني البنك واملؤسسة ؛‬
‫‪ ‬التسيري السهل خلزينة املؤسسة ‪.‬‬
‫إلغاء التمويل الذايت‪ :‬منعت هذه اإلصالحات املؤسسات من اللجوء إىل التمويل الذايت وأرغمتها على إيداع كل أمواهلا يف‬ ‫‪‬‬
‫البنك‪ ،‬حىت تتمكن الدولة من ختطيط مركزي يتحكم يف املوارد‪ ،‬وتوزيعها بنفسها على البنوك والقطاعات اليت جتدها يف حاجة إليها ‪.‬‬
‫وعليه فالبنك التجاري هو املسري حلساابت املؤسسة فيما خيص القروض قصرية األجل‪ ،‬بينما البنك اجلزائري للتنمية يزودها ابلقروض‬
‫الطويلة ؛‬
‫منع التعامل بني املؤسسات وإجبارها على املشاركة يف ميزانية الدولة‪ :‬ابستثناء القروض اخلارجية‪ ،‬متنع املؤسسات من‬ ‫‪‬‬
‫تقدمي قروض وتسبيقات مالية لبعضها البعض‪ ،1‬واملشاركة بفائضها يف ميزانية الدولة‪ ،‬كمقابل مايل مللكية الدولة‪ ،‬وهذا يف هناية كل‬
‫ثالثي بصفة تقديرية‪ 2‬؛‬

‫احلصول على تصريح من البنك املركزي‪ :‬حيث جيب موافقة البنك املركزي على حصول املؤسسات على القروض‬ ‫‪‬‬
‫اخلارجية‪ ،‬حىت تتمكن من ختفيض التكاليف هلذا النوع من القروض ؛‬
‫مركزية قرارات االستثمار‪ :‬واليت تعترب من صالحية جهاز التخطيط التابع للدولة ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫مميزات نظام التمويل يف هذه الفرتة‪ :‬إن األوضاع االقتصادية واملالية اليت ميزت هذه الفرتة‪ ،‬مل تكن تدعو إىل التفاؤل‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫إذ اتصفت بتدهور أوضاع املؤسسات االقتصادية واملالية‪ ،‬مما أدى إىل الشروع يف عملية إعادة اهليكلة املالية والعضوية قصد حتسني‬
‫فعاليتها ‪.‬‬

‫كما لوحظ ختلي البنوك عن دورها يف مراقبة استعمال القروض من طرف املؤسسات االقتصادية‪ ،‬األمر الذي أدى إىل إنشاء‬
‫بنك الفالحة والتنمية الريفية يف ‪ 13‬مارس ‪ 1982‬الذي اهتم بتمويل هياكل وأنشطة اإلنتاج الفالحي والزراعي‪ ،‬مث تاله بعد ذلك‬
‫بنك التنمية احمللية يف ‪ 30‬أفريل ‪ 1985‬الذي اهتم بتمويل عمليات االستثمار اإلنتاجي املخطط من طرف اجلماعات احمللية ‪.‬‬

‫لتحسني العالقة بني املؤسسات واجلهاز املصريف‪ ،‬قامت السلطات بتعديل القوانني واملراسيم‪ ،‬واليت جتسدت يف قانون ‪-86‬‬
‫‪ 12‬املتعلق ابلبنك والقرض الذي وضع قواعد جديدة للتعامل على أساس اخلطة الوطنية للقرض‪ .‬لكن عدم إصدار مراسيم تنفيذية‬
‫هلذا القانون أدى إىل عدم فعاليته على مستوى البنوك واملؤسسات االقتصادية‪ ،‬مما أدى إىل تعديله بنصوص جديدة الستقاللية‬
‫املؤسسات سنة ‪. 1988‬‬
‫اجلدول رقم‪ :‬قيمة القروض املوجهة لالقتصاد مابني ‪.1987-1970‬‬

‫املطلب الثاين‪ :‬نظام التمويل بعد استقاللية املؤسسات ‪.‬‬


‫‪1‬‬
‫; ‪DEBBOUB Youcef, « Régularisation des investissements….. », op.cit, P84‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Abdelkrim HARCHAOUI, «Analyse dynamique de l’équilibre et des modes de financement de l’entreprise‬‬
‫‪nationale », Mémoire de Magistère, Faculté des sciences économiques et de gestion, Université d’Alger, 1989,‬‬
‫; ‪P40‬‬

‫‪35‬‬
‫الفصل األول ‪:‬املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر ‪.‬‬

‫متيزت هذه الفرتة بصدور قانون ‪ 01-88‬املتعلق ابستقاللية املؤسسات‪ ،‬والذي أكد بشكل خاص على الطابع التجاري‬
‫للمؤسسات العمومية االقتصادية ومنه البنوك اليت تتميز ابلشخصية املعنوية‪ ،‬والقدرة على إبرام العقود بكل استقاللية طبقا لقوانني‬
‫التجارة واألحكام التشريعية املعمومل هبا‪.‬‬

‫املرحلة األوىل "قبل إصدار قانون النقد والقرض ‪ :"10/90‬يف ظل االستقاللية وجب على املؤسسة العمومية‬ ‫‪.1‬‬
‫االقتصادية انتهاج سياسة متويلية حقيقية تسمح هلا بتجنيد األموال الالزمة واليت تتالءم مع تشغيلها‪ ،‬من أجل جتنب اختالل التوازن‬
‫املايل واهليكلي‪ ،‬وابلتايل االختيار األمثل لوسائل التمويل بتطوير التمويل الذايت والقروض املصرفية‪.‬‬
‫ومبا أن البنوك التجارية ما هي إال مؤسسات عمومية اقتصادية مستقلة‪ ،‬فإهنا تسعى إىل حتقيق الربح من خالل تنويع منتجاهتا املالية‬
‫وحتسني تسيري قروضها‪ .‬لذلك اعتمدت على املباديء التقليدية اليت تتحكم يف منح القروض للمؤسسات‪ ،‬واليت تتمثل فيما يلي‪: 1‬‬

‫املردودية‪ :‬حيث متلك البنوك حق رفض منح القرض للمؤسسة ما إذا مل تكن هلا مردودية‪ .‬إذ المينح القرض للمؤسسة إال‬ ‫‪‬‬
‫بعد تقييم إمجايل ملردوديتها‪ ،‬وذلك ابخلذ بعني االعتبار أهدافها املسطرة والوسائل اليت حبوزهتا وكذا أتثري احمليط عليها ؛‬

‫التعويضات‪ :‬تعوض للبنك القروض املمنوحة يف اآلجال احملددةاليت تتناسب مع القواعد العامة للتحركات الفعلية ملوارد‬ ‫‪‬‬
‫املؤسسة املرحية والقرض ؛‬

‫الضمان‪ :‬مبا أن املخاطرة موجودة‪ ،‬فالبد من توفر القيم املادية اليت متلكها املؤسسة كضمان‪ ،‬وهذه الضماانت نوعني ‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫الضماانت احلقيقية‪ :‬تظهر هذه الضماانت عندما خيصص املدين ملكا له عوضا عن القرض يف حالة العجز عن تسديده‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫ومن بني هذه الضماانت جند‪ :‬الرهن‪ ،‬الرهن احليازي؛‬
‫الضماانت الشخصية‪ :‬تشكل تعهد شخص واحد أو عدة أشخاص بتسديد الدين يف حالة ما إذا مل يلتزم املدين بتعهداته‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫وتتمثل هذه الضماانت يف عقد الكفالة ‪.‬‬

‫من أجل متويل االستثمار‪ ،‬تعتمد املؤسسة إما على التمويل الذايت‪ ،‬االدخار العمومي‪ ،‬أو القرض املصريف‪ .‬عندما يكون‬
‫االستثمار مربجما‪ ،‬يتطلب حتقيق قرض مصريف التوجه بطلب لدى البنك املعين‪ ،‬مرفقا مبلف اقتصادي ومايل‪ ،‬حيتوي على ‪:‬‬
‫أتثري االستثمار على اإلنتاج أو الطاقة اإلنتاجية ؛‬ ‫‪‬‬
‫مصري اإلنتاج اإلضايف ؛‬ ‫‪‬‬
‫أتثري التكاليف على اإلنتاج ؛‬ ‫‪‬‬
‫ميزانية العملة الصعبة ؛‬ ‫‪‬‬
‫هيكل متويل االستثمار ؛‬ ‫‪‬‬
‫تغيريات رأس املال العامل ؛‬ ‫‪‬‬
‫الوضعية املالية للمؤسسة ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪1‬موساوي نور الدين‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪ 169‬؛‬

‫‪36‬‬
‫الفصل األول ‪:‬املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر ‪.‬‬

‫أما فيما خيص متويل االستغالل‪ ،‬فيتم بقروض قصرية املدى‪ ،‬بعد قيام البنك بدراسة مالية هتدف إىل حتديد القرض وتقييم‬
‫شدة املخاطرة‪ .‬ابإلضافة إىل أصناف اخرى من القروض قصرية املدى بدال من التسبيقات املصرفية‪ ،‬وهذا ب ‪:‬‬
‫مراقبة التغيريات والرصيد املتوسط للحساب اجلاري ؛‬ ‫‪‬‬
‫مجيع املعلومات عن الوضعية العامة‪ ،‬وعن القطاع الذي تنتمي إليه املؤسسة ؛‬ ‫‪‬‬
‫حتليل امليزانية وجدول حساابت النتائج ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫ويوضح لنا اجلدول املوايل كيفية توزيع القروض على االقتصاد خالل الفرتة املمتدة ما بني ‪ 1986‬و‪. 1990‬‬
‫اجلدول رقم‪ :01‬توزيع قروض االقتصاد ما بني ‪( 1990-1986‬الوحدة‪ :‬مليار دينار)‪.‬‬
‫‪1990‬‬ ‫‪1989‬‬ ‫‪1988‬‬ ‫‪1987‬‬ ‫‪1986‬‬ ‫قروض البنك املركزي‬
‫‪65.7‬‬ ‫‪30.7‬‬ ‫‪16.9‬‬ ‫‪18.2‬‬ ‫‪23.2‬‬ ‫حقوق على البنوك التجارية‬
‫‪98.9‬‬ ‫‪110.4‬‬ ‫‪104.4‬‬ ‫‪82.4‬‬ ‫‪65.9‬‬ ‫حقوق على اخلزينة العمومية‬
‫‪Source : NAAS Abdelkrim, « le système bancaire Algérien de la décolonisation à l’économie‬‬
‫‪de marché », ed INAS, Paris 2003, P179.‬‬
‫إن األرقام املبينة يف اجلدول أعاله‪ ،‬تظهر على أمهية القروض املوجهة للخزينة العمومية مقارنة ابلبنوك التجارية‪ ،‬مما يدل على‬
‫قلة عمليات متويل اإلنتاج بسبب تفوق التسهيالت املقدمة للدولة من جهة‪ ،‬وغياب مراقبة توزيع القروض من طرف البنك املركزي من‬
‫جهة أخرى‪.‬‬

‫وابلتايل‪ ،‬فإن عدم الصرامة يف تطبيق القانون ووجود عدة عراقيل‪ ،‬جعل السلطات تتوجه حنو نظام بنكي جديد متثل يف‬
‫قانون النقد والقرض ‪ 10/90‬الذي اعترب اإلطار احلقيق لتطبيق اإلصالح املايل والنقدي‪ ،‬إبدخال مفهوم الرقابة البنكية‪ ،‬من أجل‬
‫حتسني عملية التمويل وتوزيع القرض ليصبح قابل للتسديد يف إطار عالقة جديدة بني البنك واملؤسسة العمومية االقتصادية ‪ ،‬تتصف‬
‫ابلتعاقدية والقواعد التجارية‪ .‬والعالقة اجلديدة بني املؤسسة والبنك تعطي احلرية هلذا األخري يف رفض منح قرض للزبون الذي يعاين من‬
‫وضعية مالية متدهورة ‪.1‬‬

‫لقد حاول قانون النقد والقرض إعطاء نفس جديد لبنك اجلزائر من خالل الوظائف اليت حددت له للتأثري على كل من‬
‫اإلصدار النقدي‪ ،‬السوق النقدية‪ ،‬سوق الصرف‪ ،‬حتويل الدينار‪ ،‬مراقبة البنوك التجارية‪ ،‬وتسيري املديونية اخلارجية ‪ .‬إذ كان يعمل‬
‫قانون النقد والقرض على ‪:‬‬

‫إرساء قواعد اقتصاد السوق لتطوير عملية ختصيص املوارد‪ ،‬وخلق عالقة جديدة بني اجلهاز البنكي واملؤسسات العمومية‬ ‫‪‬‬
‫االقتصادية تقوم على االستقاللية التجارية والتعاقديةيف ظل جو تنافسي جديد؛‬
‫جلب املستثمر األجنيب وتشجيعه إبجراءات مسهلة يضعها بنك اجلزائر‪ ،‬ومنه متهيد األرضية القانونية لالستثمار بصدور‬ ‫‪‬‬
‫قانون االستثمارات وإنشاء سوق مايل ‪.‬‬

‫‪ 1‬بن طلحة صليحة‪" ،‬اجلهاز املصريف اجلزائري ومتويل املؤسسة العمومية"‪ ،‬مذكرة ماجستري‪ ،‬جامعة اجلزائر‪ ،1997/1996 ،‬ص‪61‬؛‬

‫‪37‬‬
‫الفصل األول ‪:‬املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر ‪.‬‬

‫املرحلة الثانية "بعد قانون النقد والقرض‪ :"10/90‬متيزت هذه الفرتة ابلفرق بني التطبيق البنكي وعمل املؤسسات‬ ‫‪.2‬‬
‫العمومية االقتصادية اليت كانت تتلقى أحياان رفض التمويل من طرف اجلهاز البنكي‪ ،‬حيث أن البنوك التجارية كانت تقوم بدراسة‬
‫معمقة وتقدم قروض أقل من متطلبات املؤسسات العمومية‪. 1‬‬
‫إن اجلهاز البنكي ال يبحث عن اجلو املالئم لتدعيم املؤسسات ذات الصحة املالية اجليدة‪ ،‬نظرا النغالقه على نفسه‪ ،‬إضافة‬
‫إىل نقص الدعم املايل الكايف والضروري لتعزيز وتوسيع نشاطات املؤسسة‪.‬‬

‫ويف سبيل حتسني العالقة بني البنك واملؤسسة العمومية االقتصادية‪ ،‬وضعت استرياتيجية للبنك عوضا عن استرياتيجية الدولة‪،‬‬
‫وذلك من خالل مايلي‪: 2‬‬

‫تعويض الرخصة اإلمجالية لالسترياد مبيزانية العملة الصعبة للمؤسسات ؛‬ ‫‪‬‬


‫للمؤسسة العمومية احلق يف اختيار نوع البنك الذي تتعامل معه ؛‬ ‫‪‬‬
‫يكون التمويل من طرف البنك تبعا ملفاوضات بني املؤسسة والبنك ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫ما جيب اإلشارة إليه هو أن هذه الفرتة متيزت بتطبيق برانمج دعم اإلنعاش اإلقتصادي‪ ،‬الذي ظهرت من خالله عدة‬
‫خمططات حملاولة إخراج املؤسسة العمومية االقتصادية من حالة العجز اليت كانت والزالت تعاين منها‪ ،‬ومن بينها التطهري املايل وخمطط‬
‫التصحيح الداخلي وبرانمج أتهيل املؤسسات االقتصادية‪ .‬كما ظهرت عدة مؤسسات تعمل على دعم املؤسسات الصغرية واملتوسطة‬
‫كالوكالة الوطنية لدعم تشغيل الشباب وغريها ‪.‬‬

‫إثر هذا عرفت القروض املقدمة من البنوك لالقتصاد خاصة املؤسسات االقتصادية‪ ،‬سواء العمومية أو اخلاصة‪ ،‬ارتفاعا‬
‫ملحوظا خالل السنوات اليت تقرر فيها تطبيق هذا الربانمج‪ ،‬حيث انتقلت مبالغ القروض من ‪ 731.1‬مليار دينار سنة ‪ 1998‬إىل‬
‫‪ 893.3‬مليار دينار سنة‪ 2001‬إىل ‪1266‬مليار سنة ‪.32002‬‬

‫ومن اجلدير ابلذكر أنه على الرغم من حتسن القدرات املالية لدى البنوك العمومية اليت يعرف خزينتها ارتفاعا ملحوظا من‬
‫حيث حجم السيولة‪ ،‬إذ قدرت حبوايل ‪ 1378‬مليار سنة ‪ 2003‬مث ارتفعت بنسبة ‪ ٪8.8‬يف جوان ‪ ،2004‬يبقى املتعاملون‬
‫االقتصاديون مبا فيهم اخلواص يعانون من صعوابت االستفادة من القروض البنكية اليت مازالت حذرة إبفراط فيما خيص التسيري‪ .‬إذ أن‬
‫الصعوابت املوجودة بني مقدمي رؤوس األموال واملستثمرين تزيد من مشاكل متويل االستثمار ومن مجود النظام البنكي يف سياق وفرة‬
‫الريع الناجم عن النظام االقتصادي احلايل ‪.‬‬

‫من جهة أخرى‪ ،‬فإن غياب وغموض النصوص املسرية للعقار والذي يعد عنصر ضروري ملفهوم الضماانت البنكية‪ ،‬قد‬
‫زادت من تعقيد مشكل التمويل‪ ،‬خصوصا فيما يتعلق ابمللكيات األصلية وتنظيم سندات ملكية األراضي‪ .‬لذلك ينبغي إعداد‬
‫سياسات متويل مبراعاة عجز الضمان‪ ،‬وهلذا متكنت السلطات العمومية ابلتعاون مع املؤسسات املالية وابالستفادة من جتارب الدول‬

‫‪1‬‬
‫; ‪BENHLIMMA Ammour, « Le système bancaire algérien : textes et réalités », ed Dahleb, Alger, 1996, P16‬‬
‫‪ 2‬بوزعرور عمار‪" ،‬دور اجلهاز املصريف من منظور اإلصالحات االقتصادية الكلية"‪ ،‬مذكرة ماجستري‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية وعلوم التسيري‪ ،‬جامعة‬
‫اجلزائر‪ ،1998 ،‬ص ص‪32-31 :‬؛‬
‫‪3‬‬
‫; ‪Banque d’Algérie, « Rapport 2002, évolution économique et monétaire en Algérie », Juin 2003 ; P54‬‬

‫‪38‬‬
‫الفصل األول ‪:‬املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر ‪.‬‬

‫األخرى يف جمال مرافقة االستثمار‪ ،‬من إنشاء هياكل دعم املستثمرين (شركات أو صناديق رأس املال املخاطرة‪ ،‬صندوق ضمان قروض‬
‫املستثمرين للمؤسسات والصناعات الصغرية واملتوسطة‪.)...،‬‬

‫إن التحفضات فيما خيص متويل االستثمارات جترب املؤسسات االقتصادية اجلزائرية على تعطيل منوها واحلد من استثماراهتا‪،‬‬
‫ومع إنشاء صندوق الضمان على الودائع (املؤسسات الصغرية واملتوسطة) الذي مت مبوجب مرسوم تشريعي بتاريخ ‪،2004/08/19‬‬
‫‪1‬‬
‫فإن احمليط البنكي قد يعرف شروطا مشجعة بنسبة متكنه من تلبية طلبات القروض ‪.‬‬
‫كما أن إنشاء شركة إعادة التمويل والتأمني وشركة ضمان القرض العقاري‪ ،‬قد غري املخطط العام للقطاع املايل وآليته‬
‫التقليدية‪ .‬وقد كان هلذا التغيري أمهية ملموسة‪ ،‬سيما إبعطاء أكثر سيولة يف السوق املالية‪ ،‬وسيسهل املتعاملون اجلدد من مسار توسيع‬
‫سوق عمليات التمويل التأمينية ليشمل كل البنوك التجارية‪ ،‬كما سيسامهون يف تشجيع املؤسسات املالية األخرى على املشلركة يف‬
‫عمليات القروض التأمينية يف إطار ضمان اإلئتماانت بواسطة سندات امللكية احملددة بوضوح‪. 2‬‬

‫ويف جمال حتسني ظروف متويل االستثمارات يقدم تعميم تقنيات إجيار‪-‬بيع فرصة جديدة فيما خيص عراقيل متويل‬
‫االستثمارات ‪.‬‬

‫ومن بني األسباب اليت تعرقل نشاط املؤسسات االقتصادية هو غياب معايري دولية فيما يتعلق بنشاطات البورصة‪ ،‬وعدم‬
‫جناعة دوائر التمويل املصريف لالقتصاد الوطين بصفة عامة ‪.‬‬
‫أما على املستوى التقين فإن منط التمويل يف السوق اجلزائري‪ ،‬يعاين من عدة اختالالت مبا فيها نقص الديناميكية على مستوى‬
‫مؤسسة البورصة وغياب التأهيل الفعلي للتقنيات املتطورة على مستوى البنوك ‪.‬‬

‫تتمثل أحد مميزات احمليط املصريف الوطين يف غياب ثقافة متويل تتكفل ابالستثمارات طويلة األجل‪ ،‬وهذا ما يؤكد على غياب‬
‫النظام الذي يعاجل اهلندسة املالية من برامج نشاطات البنوك‪ ،‬وبصفة عامة‪ ،‬ينحص جهازان البنكي على عدد حمدود من العمليات‬
‫تتمثل يف‪: 3‬‬
‫حركة املكشوف يف احلساب اجلاري لتمويل استغالل املؤسسة؛‬ ‫‪‬‬
‫القرض املتوسط املدى الذي يعاد خصمه من البنك املركزي لتمويل االستثمارات ؛‬ ‫‪‬‬
‫إستعمال القرض الواثئقي كسند مايل رئيسي يف العالقات التجارية واملالية اخلارجية ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫فيما خيص التمويالت طويلة املدى‪ ،‬فإن اخلطوط اخلارجية كافية لكن االستفادة منها صعب‪ ،‬وبسبب غياب أدوات مالية‬
‫حقيقة‪ ،‬يتم االعتماد يف متويل االستثمار على القروض املصرفية فقط‪ ،‬والعراقيل اليت متنع االستفادة من التمويل تتمثل يف العراقيل‬
‫املرتبطة بتكلفة القروض‪ ،‬العراقيل البريوقراطية‪ ،‬عراقيل احلذر ابإلضافة إىل مشاكل السيولة وضعف األموال اليت متنحها البنوك ‪.‬‬
‫ويبني اجلدول املوايل نسبة طبيعة القروض املمنوحة من طرف البنوك خالل الفرتة املمتدة ما بني ‪.2001-1996‬‬
‫اجلدول رقم‪ :02‬هيكل التمويل البنكي لالقتصاد حسب اآلجال (الوحدة‪ :‬نسبة مئوية)‬

‫‪ 1‬اجمللس الوطين االقتصادي واالجتماعي‪" ،‬مشروع التقرير التمهيدي حول الظرف االقتصادي واالجتماع للسداس األول من سنة ‪ ،"2004‬الدورة‬
‫العامة العادية ‪ ،25‬ديسمرب ‪ ،2004‬ص‪33‬؛‬
‫‪ 2‬اجمللس الوطين االقتصادي واالجتماعي‪" ،‬مشروع التقرير التمهيدي حول الظرف االقتصادي واالجتماع للسداس األول من سنة ‪ ،"2003‬الدورة‬
‫العامة العادية ‪ ،23‬ديسمرب ‪ ،2003‬ص‪148‬؛‬
‫‪ 3‬نفس املرجع‪ ،‬ص‪ 40‬؛‬

‫‪39‬‬
‫الفصل األول ‪:‬املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر ‪.‬‬

‫‪2001‬‬ ‫‪2000‬‬ ‫‪1999‬‬ ‫‪1998‬‬ ‫‪1997‬‬ ‫‪1996‬‬ ‫القروض‬


‫‪61‬‬ ‫‪60‬‬ ‫‪59‬‬ ‫‪64‬‬ ‫‪62‬‬ ‫‪77‬‬ ‫قصرية األجل‬
‫‪39‬‬ ‫‪40‬‬ ‫‪41‬‬ ‫‪36‬‬ ‫‪38‬‬ ‫‪23‬‬ ‫طويلة ومتوسطة األجل‬
‫‪100‬‬ ‫‪100‬‬ ‫‪100‬‬ ‫‪100‬‬ ‫‪100‬‬ ‫‪100‬‬ ‫اجملموع‬
‫‪Source : NAAS Abdelkrim, op.cit, P240 et 275.‬‬
‫إذا كانت اإلرادة يف عدم التدخل يف الدائرة االقتصادية شبه مؤكدة‪ ،‬فإن إجراءات السلطات العمومية ال تصب يف غالبيتها‬
‫يف اجتاه تشجيع العرض االقتصادي لألمالك واخلدمات وكذا األموال ‪.‬‬

‫هذا يستوجب التكفل احلقيقي للدولة بسياسة هتدف إىل عصرنة الدائرة النقدية واملالية‪ ،‬كما جيب أن تندرج يف إطار رؤية‬
‫جديدة تبىن على اإلجراءات التالية ‪:‬‬

‫املشاركة الفعالة للدولة كمتعامل اقتصادي يف إعادة تنشيط السوق املالية ؛‬ ‫‪‬‬
‫تشجيع املتعاملني يف سياق نشاط األسواق املالية ؛‬ ‫‪‬‬
‫اإلسراع يف حتقيق اجملال املايل املالئم ؛‬ ‫‪‬‬
‫مساندة املؤسسات املالية يف حتقيق اإلصالحات الشاملة واليت كان من املفروض استكماهلا بصفة عامة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪40‬‬
‫الفصل األول ‪:‬املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر ‪.‬‬

‫خالصة الفصل األول ‪:‬‬


‫املؤسسة هي الوحدة االقتصادية اليت تتجمع فيها املوارد البشرية واملادية الالزمة لإلنتاج اإلقتصادي‪ ،‬وهي الوحدة اإلقتصادية‬
‫اليت متارس النشاط اإلنتاجي والنشاطات املتعلقة به من ختزين‪ ،‬شراء وبيع‪ ،‬بغية حتقيق األهداف اليت أوجدت من أجلها سواء كانت‬
‫اقتصادية أو اجتماعية‪ .‬ومن أجل موازلة نشاطها تعتمد املؤسسة يف تغطية احتياجات على جمموعة من املوارد املالية اليت تستطيع أن‬
‫تتحصل عليها إما عن طريق مصادرها اخلاصة كالتمويل الذايت ورأس املال اجلماعي‪ ،‬أو عن طريق املصادر اخلارجية كالتمويل البنكي‬
‫أو التمويل عن طريق البورصة ‪.‬‬

‫ومبا أن املؤسسة هي مصدر خلق الثروة‪ ،‬فقد سعت الدولة اجلزائرية إىل أتسيس اقتصاد قوي من خالل حماولة تطوير‬
‫املؤسسات اإلقتصادية‪ .‬إذ هذه األخرية حتوالت و عمليات تصحيح عديدة‪ ،‬فمن أتميم إىل إعادة هيكلة‪ ،‬إىل استقاللية إىل خوصصة‬
‫‪ .‬وكان هذا التطور نتيجة ملعطيات كل مرحلة اترخيية بسبب ظروف سياسية معينة ذات أبعاد اقتصادية‪ .‬وكانت الرغبة يف كل مرة من‬
‫عملية إصالح و هيكلة املؤسسات االقتصادية أن تصبح أكثر مردودية ومصدر خللق الثروة يف اجملتمع‪.‬‬
‫إذ شرع يف أوائل السبعينات إبصالح املؤسسة العمومية االقتصادية الستكمال مسار منوذج التنمية االشرتاكية بوضع قانون‬
‫التسيري االشرتاكي‪ .‬ونظرا لإلختالالت املتع ّددة يف االستثمار واالستغالل اليت كان يعاين منها اجلهاز اإلنتاجي‪ ،‬ابإلضافة إىل طبيعة‬
‫املؤسسات العموميّة والذي يعترب أحد األسباب املؤدية لعجزها‪ ،‬جاءت عملية إعادة اهليكلة‬ ‫التنظيم وضخامة احلجم الذي عرفته ّ‬
‫العضوية اليت مت مبوجبها تقسيم املؤسسة الواحدة إىل جمموعة مؤسسات أقل حجما‪ ،‬مث تلتها إعادة اهليكلة املالية أين مت تطهري ديون‬
‫املؤسسات العمومية االقتصادية‪.‬‬
‫وكان للظروف االقتصادية واالجتماعية اليت شهدهتا اجلزائر يف أواخر الثمانينات‪ ،‬واستمرار العجز املايل للمؤسسات العمومية‬
‫االقتصادية‪ ،‬ابلغ األثر يف تسريع إ صالح هذه املؤسسات‪ ،‬بدءا من االستقاللية إىل تطبيق قواعد اقتصاد السوق‪ ،‬ومن مث إعادة اهليكلة‬
‫الصناعية اليت كانت مبثابة متهيد خلوصصة املؤسسات العمومية االقتصادية ‪.‬‬

‫أما ابلنسبة لتمويل هذه املؤسسات‪ ،‬فقد متيز نظام التمويل قبل استقاللية املؤسسات سنة ‪ 1988‬إبرساء قواعد االشرتاكية‬
‫يف تطبيق التخطيط املايل؛ وميكن تقسيم هذه املرحلة إىل فرتتني‪ ،‬فرتة ما قبل ‪ 1971‬وفرتة ما بعد ‪ .1971‬فقبل إصالح ‪،1971‬‬
‫لوحظ غياب القرض املصريف يف متويل املؤسسات وتكفل اخلزينة بذلك واعتبار التسبيقات اليت متنحها اخلزينة للمؤسسات العمومية‬
‫مبثابة ه بات‪ ،‬ابإلضافة إىل عدم إعطاء األمهية لتكاليف املشروع وملردودية رؤوس األموال من طرف األعوان االقتصاديني (مؤسسات‬
‫عمومية‪ ،‬هيئات القرض) ‪.‬ومع إصالحات ‪ ،1971‬أصبحت البنوك جمربة على متويل املؤسسات االشرتاكية‪ ،‬مع إلغاء التمويل الذايت‬
‫للمؤسسات ‪.‬‬
‫لتحسني العالقة بني املؤسسات واجلهاز املصريف‪ ،‬قامت السلطات بتعديل القوانني واملراسيم‪ ،‬واليت جتسدت يف قانون ‪-86‬‬
‫‪ 12‬املتعلق ابلبنك والقرض الذي وضع قواعد جديدة للتعامل على أساس اخلطة الوطنية للقرض‪.‬‬
‫يف ظل االستقاللية أصبحت البنوك التجارية مؤسسات عمومية اقتصادية مستقلة‪ ،‬تسعى إىل حتقيق الربح واحلفاظ على‬
‫توازهنا املايل‪ ،‬فاعتمدت على املباديء التقليدية اليت تتحكم يف منح القروض كاملردودية والضماانت والتعويض‪ ،‬كما أتيحت الفرصة‬
‫أمام املؤسسة العمومية االقتصادية انتهاج سياسة متويلية تعتمد على التمويل الذايت‪ .‬مث اجتهت حنو نظام بنكي جديد متثل يف قانون‬
‫النقد والقرض ‪ 10/90‬الذي اعترب اإلطار احلقيقي لتطبيق اإلصالح املايل والنقدي‪ ،‬من أجل حتسني عملية التمويل وتوزيع القرض‬
‫ليصبح قابل للتسديد يف إطار عالقة جديدة بني البنك واملؤسسة العمومية االقتصادية ‪ ،‬تتصف ابلتعاقدية والقواعد التجارية‪ ،‬اليت‬
‫تعطي احلرية للبنوك يف رفض أو قبول طلبات القروض ‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫الفصل األول ‪:‬املؤسسة االقتصادية ومراحل تطورها يف اجلزائر ‪.‬‬

‫يبقى نظام التمويل يعاين حاليا من عدة مشاكل كالعراقيل املرتبطة بتكلفة القروض‪ ،‬العراقيل البريوقراطية‪ ،‬عراقيل احلذر‬
‫ابإلضافة إىل مشاكل السيولة وضعف األموال اليت متنحها البنوك ‪ ،‬كما يزيد نشكل العقار الذي يعد عنصر ضروري ملفهوم الضماانت‬
‫البنكية‪ ،‬من تعقيد مشكل التمويل‪ .‬ابإلضافة إىل نقص الديناميكية على مستوى مؤسسة البورصة وغياب التأهيل الفعلي للتقنيات‬
‫املتطورة على مستوى البنوك‪ .‬كل هذا أدى إىل إنشاء مؤسسات دعم االستثمار كشركات أو صناديق رأس املال املخاطرة‪ ،‬وصندوق‬
‫ضمان قروض املستثمرين للمؤسسات والصناعات الصغرية واملتوسطة‪ ،‬وتشجيع تقنيات إجيار بيع ‪.‬‬

‫إن فشل سياسات متويل املؤسسات االقتصادية وضعف النظام املايل ابإلضافة إىل مشاكل أخرى متعلقة ابملؤسسة‪ ،‬أدى إىل‬
‫عجز هيكلي زامن خمتلف مراحل املؤسسات العمومية االقتصادية‪ ،‬وهذا ما سنحاول التطرق إليه يف الفصل الثاين ابلرتكيز على أسباب‬
‫العجز ‪.‬‬

‫‪42‬‬

You might also like