You are on page 1of 3

‫السرقة لدى الطأفال‬

‫قبل أن ندخل في حلول المشكلة أعتقد أنه يجب أن نفهم المشكلة أولل‪ً.‬ا‬
‫مشكلة الكبار أنهم يفترضون أن الطفل لديه نفس التعاريف التي يحملونها عن مفهوم من المفاهيم )‬
‫الكذب ‪ ،‬السرقة ‪ ،‬الصدق ‪ً. ،‬ا‪ً.‬اإلخ ( ولذلك هم يتعاملون مع هذا الطفل من هذا المنطلق ‪ً.‬ا‬

‫والمشكلة الثانية أن الوالدين بطبيعة الحال يركزان على الجانب السلبي لدي الطفل ‪ ،‬وهو ما‬
‫يزعجهما كثيرال ‪ ،‬ونجد أن الطرح دائمال حول هذا الجانب ‪ً.‬ا‬
‫يكثر التأنيب للطأفال وقد يصل المر إلى حد أعلى من التأنيب وهو التعنيف أو الضرب‪ً.‬ا في المقابل‬
‫يندر أن يبادر الب أو الم بالبحث عن جوانب إيجابية لدى طأفلهم ومن ثم العمل على تنميتها –‬
‫تعزيزها – بالمكافأة سواء بالمدح وهو الجانب المعنوي أو بجانب مادي كتقديم هدية للطفل ‪ً.‬ا‬

‫أود البدء بالحديث عن الطفل الصغير غير المميز ) لنقل دون سن الخامسة‪ ،‬مع اختلفا الطأفال في‬
‫ذلك(‪:‬‬
‫ل أزال أتذكر حادثة جميلة من كلم الشيخ علي الطنطاوي رحمه ال ‪ ،‬وإن كانت حول كذب‬
‫الطفل إل أني أوردها هنا كشاهد على اختلفا تعريف المفهوم بين الكبير والطفل‪ً.‬ا‬
‫يقول أن ابنته الصغيرة ) جدال ( خرجت تجري مرعوبة من المكتبة إلى الصالة حيث يوجد هو‬
‫ووالدتها لتخبرهما أ‪ ،‬هناك أسد في المكتبة‪ً.‬ا‬
‫سارعت الم إلى نهر الطفلة على هذه الكذبة‪ ،‬إل أن الشيخ أصر على أنها ل تكذب بهذا السن – هذا ما‬
‫يراه هو وما يراه كثير من التربويين أيضال – وإنما تصف ما تعتقد أنه أسد‪ً.‬ا وبعد الذهاب معها إلى‬
‫المكتبة وطألبهم أن تريهم هذا السد‪ ،‬أشارت بخوفا إلى )صرصار(‪ً.‬ا‬

‫هذا هو السد في ذهن الطفلة‪ ،‬شيء مخيف بغض النظر عن الحجم أو باقي الصفات فهي غير موجودة‬
‫أصلل في ذهنها‪ً.‬ا‬

‫في المقابل عندما يأخذ – ول أقول يسرق – طأفل صغير – أقول صغير – شيء ل يخصه من غيره‬
‫فهو ل يرى أنه ارتكب خطأ‪ً.‬ا أعتقد أنه يشعر بحاجة إلى هذا الشيء‪ ،‬وبطبيعة الحال أبسط الطرق‬
‫للحصول عليه هي أخذه مباشرة‪ً.‬ا‬

‫الطفل هنا وبهذه المرحلة من العمر ل يستطيع تقييم أبعاد أخرى مثل ‪ ،‬حق الخر الذي أخذ منه هذا‬
‫الشيء ‪ ،‬العقاب المنتظر لفعله‪ ،‬مدى صحة الفعل نفسه بل ل أعتقد أن لديه تصور أفضل للبدائل مثل‬
‫طألب شيء مماثل من والديه أو ممن لديه هذا الشيء ‪ً.‬ا‬

‫من المهم أن نعلم أن ذهن الطفل مرتبط فقط باللحظة الحالية ) الن ( وليس لديه المقدرة على أن‬
‫يتخيل أن يحدث ذلك في المستقبل‪ ،‬هو ل يعي ) غدال ( أو ) بعد كم يوم ( التي نعده بها‪ً.‬ا‬
‫ومشكلتنا أنا نعتقد أنه ل يريد أن يصبر‪ ،‬ول نستطيع أن ننزل إلى مستوى تفكيره بل نريده دائمال أن‬
‫) يرقى ( بتفكيره ليختصر عشرين أو ثلثين سنة ليفكر مثلنا‪ً.‬ا وبطبيعة الحال دائمال نعتقد أنه هو‬
‫المخطئ‪ً.‬ا‬

‫المرحلة التي تلي سن الخامسة بقليل وتقل عن الثامنة ‪ ،‬أعتقد أن الطفل يعلم أن يخطئ‪ ،‬ويدرك أنه‬
‫أذنب في حق غيره‪ ،‬ونشاهد ذلك في تأنيب ضميره لحقال ومحاولته التكفير بإعادة ما أخذ أو‬
‫تعويض الشخص بمقابل – خاصة إذا كان طأفل آخر‪ -‬وقد يكون المقابل هو اللعب معه‪ً.‬ا‬

‫ما بعد سن الثامنة يفترض أن الطفل مدرك للبعاد ) حق الخر ‪ ،‬العقوبة ‪ ،‬البدائل ( وتتدرج مقدرة‬
‫الطفل على استيعاب ذلك بتقدمه في العمر‪ً.‬ا‬

‫جوانب يجب أن نراعيها لتلفي هذه المشكلة ) الوقاية (‪:‬‬


‫من المهم أن نفهم أطأفالنا‪ً.‬ا‬
‫وهي عبارة للسف نظرية‪ ،‬ل يطبقها الكبار – بمن فيهم من يتحدثون عنها وأنا أولهم ‪ً.-‬ا‬
‫نحتاج مجهود هائل لكي ننزل بمستوى تفكيرنا إلى مستوى الطفل لنفهم كيف يفكر ومن ثم ننطلق‬
‫في حلولنا من هذه النقطة‪ً.‬ا‬
‫مع ازدياد العمر نحتاج إلى إعطاء الطفل نوع من الثقة في نفسه‪ ،‬ونشعره عمليال بذلك‪ً.‬ا يجب أن‬
‫نشعره أننا نأتمنه ونقوم ببعض المور التي تعوده على ذلك ) إعطاءه كيس حلوى لتوزيعها على‬
‫الطأفال بدلل من أن نقوم بذلك ‪ ،‬أن نطلب منه إيصال هديه إلى طأفل آخر‪ ،‬إيصال مبلغ مالي – قليل‬
‫خشية الضياع – إلى والدته أو والده أو شخص قريب (‪ً.‬ا‬

‫ومع التقدم في العمر يجب أن نعوده على تحمله لمسؤولية مالية محدودة ‪ ،‬ميزانية صغيرة عند‬
‫دخول محل ليشتري بها ما يراه – بإشرافا أحد الوالدين ‪ً. -‬ا‬

‫كذلك يجب أن نتأكد من أننا قد أعطيناه حقوقه سواء كانت مادية أو معنوية‪ً.‬ا‬
‫المادية بتقديم المال – المناسب – أو الهدية العينية له كغيره‪ً.‬ا‬
‫والمعنوية وهي مهمة ونغفل عنها ‪ ،‬أن نشاركه فرحته بألعابه ‪ً.‬ا عندما نهمل ذلك ستسقط اللعبة‬
‫من عين الطفل وإن كان ينتظرها لفترة طأويلة ‪ً.‬ا نحتاج إلى إظهار فرحنا بهذه اللعبة بل‬
‫ومشاركته في اللعب بها‪ً.‬ا‬

‫الملحظ أن الوالدين بعد شراء لعبة طأال انتظارها وتكرر طألبها من الطفل يبدآن النقد والتنقيص‬
‫من هذه اللعبة‪ ،‬وفي هذا تحطيم كبير لجانب من شخصية الطفل ‪ً.‬ا‬

‫بعضهم قد يزيد المر سوءل بمدح لعبة طأفل آخر – مع تنقصه للعبة طأفله – فننمي سلوك عدواني‬
‫في الطفل إضافة المشاكل التي سببناها في ذم لعبته‪ً.‬ا‬

‫أعتقد أنه يجب أن نراجع هذه المور أيضال لتلفي مشكلة السرقة لدى الطأفال‪:‬‬
‫إذا رأي الطفل غيره من الطأفال ومعهم ألعاب جديدة ما بين فترة وأخرى وهو ل يحصل عليها إل‬
‫نادرال فقد يدفعه ذلك إلى السرقة‪ً.‬ا‬

‫إذا لم نعطي للطفل مصروفال ما بين فترة وأخرى – سواء في المناسبات كالعياد والنجاح‪ ،‬أو عند‬
‫التسوق – فقد يدفعه ذلك إلى السرقة‪ً.‬ا‬
‫إذا شعر الطفل ببخل والديه – معه ‪ -‬فقد يدفعه ذلك إلى السرقة‪ً.‬ا‬

‫الموضوع يطول ولن أستطيع أن أقول كل ما أريد‪ ،‬ولكن أريد أن اختم بمفتاح ذهبي لحل المشكلة‪:‬‬

‫هل نحب أطأفالنا ؟‬


‫هل يعلمون أننا نحبهم ؟‬
‫هل يشعرون بهذا الحب ؟‬

‫إذا لم تكن الجابة بنعم على كل ما سبق فهناك خلل في تربيتنا ينشأ عنه خلل في سلوك أطأفالنا‪ً.‬ا‬
‫ل يكفي عبارة ) أحبك (‪ ،‬بل ل بد من ترجمتها عمليال مع أطأفالنا‪ً.‬ا‬

‫ملحظة‪:‬‬
‫في سيرة الرسول صلى ال عليه وسلم وتعامله مع الطأفال روائع كثيرة ل بد من أن نستلهمها في‬
‫تعاملنا مع أطأفالنا‪ً.‬ا لم أورد شيئال منها ل رغبة عنها ولكن لمرين‪ :‬الول أنني كنت أفكر بطرح مثل‬
‫هذا الموضوع في موضوع مستقل‪ً.‬ا والثاني أنني سمعت من بعض الباء من ينتقد على التربويين‬
‫إعطاء كلمات عامة ) مثل القدوة والتربية الصالحة وغيرها ( دون ترجمة عملية لهذه الكلمات ‪ ،‬أي‬
‫أنهم يقولون أرنا كيف نعمل ليكون الناتج تربية صالحة ‪ ،‬وهو ما حاولت أن أبرز جزء يسير منه‬
‫في ما ذكرت‪ً.‬ا‬

‫د‪ً.‬اصالح بن عبدال العبدالكريم‬

You might also like