Professional Documents
Culture Documents
مقدمة:
أدى تطبيق النظام االقتصادي الرأسمالي في العديد من الدول األوربية منذ منصف القرن الثامن
عشر إلى ظهور العديد من المشاكل التي صاحبت تطبيق هذا النظام على أرض الواقع ،أوجبت التفكير
في ضرو ةر تغيير األوضاع و تقديم نظام اقتصادي بديل عنه ،قادر على تجـاوز االخــتالالت التي عرفتها
المجتمــعات األوربيـة على الصــعيد االجتماعي و االقــتصادي .و مع بداية القرن التاسع عشر ،ظهرت
الفكرة االشتراكية ،كرد فعل للدمار و االختالل الذي نتج عن استتباب النظام الرأسمالي.
2
األستاذة :سويلم ليلى درس :مدخل لالقتصاد
"االشتراكية نظام اجتماعي و اقتصادي قائم على الملكية العامة لوسائل اإلنتاج ،ظهرت نتيجة
إلغاء النمط الرأسمالي لإلنتاج واقامة دكتاتورية البروليتاريا .وتبني االشتراكية على شكلين من الملكية:
ملكية الدولة (العامة) والملكية التعاونية والجماعية .وتقتضي الملكية العامة انعدام وجود الطبقات
المستغلة واستغالل اإلنسان لإلنسان ،وتقتضي وجود عالقات التعاون والمساعدة المتبادلة بين العمال
المشتركين في اإلنتاج".
جاءت االشتراكية لكي تعبر عن وجهة نظر رافضة لألوضاع القائمة منتقدة في ذلك أداء النظام
الرأسمالي .حيث صاحبت المرحلة الرأسمالية الليبرالية تعاسة كبي ةر للطبقة العاملة واستغالل كبير لألطفال
والنساء الذين كانوا يعملون في المناجم المظلمة والمعامل الضيقة .ومن ناحية أخرى ساعد المستوى
المنخفض لألجور ،أصحاب األموال على تكديسها واستثمارها الشيء الذي أدى على تقدم اقتصادي كبير
على حساب تضحيا ت اجتماعية قاسية للطبقات العمالية الكادحة .
انتقاد النظام ا لرأسمالي و أسسه الفلسفية ،واعتباره نظاما يساعد على استغالل طبقات اجتماعية
لصالح طبقات أخرى.
تقديم اقتراحات ونماذج لمجتمعات جديدة يكون األفراد فيها متساوون وال تعرف االستغالل.
3
األستاذة :سويلم ليلى درس :مدخل لالقتصاد
و يمكن إجمال االنتقادات التي وجهت للرأسمالية ،وشكلت في الوقت ذاته دافع للضرو ةر التغيير
نحو االشتراكية ،في النقاط التالية:
نشر األنانية بسبب تكريس مبدأ الملكية الخاصة ،حيث تتحكم فئة الرأسماليين باألسواق تحقيقاً
لمصالحهم الذاتية دون تقدير لحاجة المجتمع أو احترام للمصلحة العامة.
االحتكار :إذ يقوم الشخص الرأسمالي باحتكار البضائع وتخزينها حتى إذا ما فقدت من األسواق
نزل بها ليبيعها بسعر مضاعف يبتز فيه المستهلكين الضعفاء.
المزاحمة والمنافسة :فكثي ًار ما تؤدي المنافسة إلى إفالس الشركات الصغيرة و المتوسطة .لعدم
قدرتها على منافسة الشركات الكبرى االحتكارية.
خلق الصراع بين الطبقيات داخل المجتمع ( بين طبقتين إحداهما مبت ةز يهمها جمع المال من كل
السبل وأخرى محرومة تبحث عن المقومات األساسية لحياتها).
4
األستاذة :سويلم ليلى درس :مدخل لالقتصاد
يتلخص الدافع الـروحي في هذا النظام في الوصول إلى إشبـاع كل حاجات األفراد بطريقة
جماعية ،حيث يسعى األفراد داخل النظام االشتراكي إلى العمل على إزالة كل الفوارق الطبقية التي سادت
المجتمع الرأسمالي ،و ذلك عبر إلغاء نظام حافز الربح ،فال يصبح الهدف من النشاط االقتصادي هو
تحقيق الربح؛ ألن الربح عندهم وسيلة من وسائل سوء االستغالل يؤدي إلى سوء التوزيع في الدخل و
الثروة ،وبالتالي يحل محل الربح كحافز اقتصادي الشعور القومي واإلحساس بالمسؤولية والمشاركة في
إشباع حــاجات المجتمع ،فتتحقق العدالة و المساواة في إنتاج و توزيع الثروة.
2- 3شكل النظام االقتصادي االشتراكي :نقصد بها الجوانب التنظيمية واالجتماعية في النظام
االقتصادي االشتراكي .ف بالنسبة لإلطار القانوني و االجتماعي في هذا النظام فإنه يرتكز على المبادئ
التالية:
يقوم النظام على مبدأ عام هو إلغاء الملكية الفردية للموارد االقتصادية و أدوات اإلنتاج ،حيث
يجب أن تتملك الدولة هذه الموارد و األدوات ،فالملكية العامة تشمل ملكية الدولة لمصادر الثروة الطبيعية
و للمشروعات الصناعية و التجارية و لمشروعات النقل و المصارف و للمشروعات الزراعية.
و ال يعني هذا أن الملكية الخاصة محرمة تحريما مطلقا ،بل تبقى منحصرة في بعض الجوانب،
فالملكية الخاصة نظام طبيعي بالنسبة ألموال و سلع االستهالك ،فاألفراد يملكون ما يحصلون عليه من
5
األستاذة :سويلم ليلى درس :مدخل لالقتصاد
دخول ،و يملكون ما يحصلونه من مدخرات ،و لهم حرية التصرف في ما يملكونه ،باإلضافة إلى ملكية
السكن و السيا ةر و الملبس و المأكل ،في حدود التي ال تخل بالمبدأ العام.
و يؤدي إلغاء الملكية الخاصة إلى تقريب الفوارق بين الطبقات و اختفاء طبقة الرأسماليين و
مالك الزراعيين أو الصناعيين ،و في هذا النظام يتقاض الفرد أج هر نظير ما يقدمه من الجهد ،و يصبح
الجهد المبذول في اإلنتاج هو أساس التفرقة في مستوى المعيشة بين األفراد ،و تختفي بذلك الطبقة التي
تحصل على دخل دون أن تساهم في اإلنتاج بالعمل.
يتم تنظيم الحياة االقتصادية و توزيع موارد اإلنتاج على القطاعات المختلفة طبقا لخطة خاصة
تضعها السلطة المركزية و تلتزم بتنفيذها كافة الوحدات اإلنتاجية (جهاز التخطيط داخل الدولة) ،و يساعد
السلطة المركزية في وضع الخطة العامة عدد من اإلدارات تختص كل إدا ةر منها بدراسة مشكلة معينة و
اقتراح الق اررات المناسبة لحلها.
فجهاز التخطيط يأخذ شكال هرميا تمثل قمته هيئة التخطيط العليا التي تضع الخطة االقتصادية و
االجتماعية ،و تقوم بالتنسيق بين هيئات التخطيط ،و تشمل الخطة العامة جانبي اإلنتاج و االستهالك.
و ال تستهدف الخطة تحقيق الربح و إنما تسعى إلى تحقيق المصلحة العامة ،و بذلك تكون اإلنتاجية
عبا ةر عن العائد االجتماعي ،و ال تنحصر في مجرد األرباح النقدية.
كما إن المحرك لكافة الق اررات االقتصادية ال يرتكز على السوق أو األسعار ،بل على أساس الخطة
االقتصادية .و يرجع غياب السوق في النظام االشتراكي إلى غياب الحريات على مختلف المستويات.
6