You are on page 1of 21

‫املحاضرة الاولى‬

‫الفكر الاقتصادي التجاري‬


‫املدرسة املاركنتيلية‬

‫إذا كانت الحضارات القديمة و العصور الوسطى لم تتناول الفكر الاقتصادي إال بشكل عارض‬
‫ضمن ألافكار الدينية أو ألاخالقية أو القانونية‪ ،‬فقد بدأ الاهتمام بالسياسات الاقتصادية مع نشأة‬
‫الدولة الحديثة و خاصة في القرن السادس عشر‪ ،‬و ظهرت تبعا لذلك عدة اتجاهات فكرية تناولت‬
‫العديد من ألافكار الاقتصادية‪ ،‬و التي مهدت بذلك لظهور و نشأة علم الاقتصاد السياس ي الحديث‪ ،‬و‬
‫من أهم ألافكار التي سادت خالل هذه املرحلة نجد أفكار و تصورات املدرسة أو التيار التجاري‬
‫الاقتـصادية‪ ،‬و الطرق املناسبة لتسيير اقتصاد الدولة‪ ،‬في طريقها ملواجهة املشاكل الاقتصادية على‬
‫استقرارها و بقاءها‪.‬‬
‫عرف العالم ألاوربي مع بدايات القرن السادس عشر تحوالت كبرى‪ ،‬بسبب الاكتشافات‬
‫الجغرافية و حركة إلاصالح الديني و ميالد الدولة القومية و ما صاحب هذا من ظهور طبقة بورجوازية‬
‫في املجتمعات ألاوربية‪ ،‬و لقد ساير الاتجاه املاركنت يلي هذه التحوالت و عبر عنها بصفة عملية ألنه كان‬
‫يدعو إلى املزيد من التفتح على التيارات التجارية‪ ،‬و قدم أنصار هذا الاتجاه مجموعة من السياسات‬
‫الاقتصادية التي اعتقدوا أنها الكفيلة بتحقيق الرفاه و الاستقرار للدولة الحديثة‪ .‬لتشكل بذلك ميالد‬
‫مرحلة جديدة من التنظيم و الفكر الاقتصادي عرف بالرأسمالية التجارية‪.‬‬

‫‪ -1‬تعريف املدرسة التجارية‬


‫يطلق مصطلح " التجارية‪ /‬املاركنتيلية" على مجموعة آلاراء وإلاجراءات الاقتصادية التي طبقها‬
‫أنصار الدولة القومية في معظم البلدان ألاوربية‪ ،‬في املدة بين القرنين الخامس عشر والثامن عشر‪،‬‬
‫بهدف توفير فائض في امليزان التجاري للدولة‪ ،‬وهذا الفائض هو الوسيلة الوحيدة في نظرهم لجذب‬
‫املعادن الثمينة الالزمة لتقدم ألامة وتقوية الدولة وال سيما الدولة املحرومة من مناجم الذهب‬
‫والفضة‪.‬‬
‫و كان موضوع التجارية ألاساس ي هو إلاجابة عن السؤال آلاتي‪ :‬ما العمل إلغناء ألامة و إغناء‬
‫ألامير الذي يجسدها‪ ،‬و ما هو السبيل لتدعيم القوة السياسية و الاقتصادية للدولة؟‬
‫فقد كان لظهور الدولة القومية كوحدة سياسية جديدة في أوربا دورا حاسما في بلورة‬
‫اتجاهات فكرية اقتصادية جديدة للتجاريين‪ ،‬وجهت الغرض من البحث وجهة سياسية تستهدف قوة‬
‫الدولة الناشئة‪.‬‬
‫تتميز هذه املرحلة باحتالل التجارة املكان ألاول في التفكير الاقتصادي‪،‬على أن ذلك ال يجب أن‬
‫يخفي علينا حقيقة هذه الاقتصاديات‪ ،‬فهي اقتصاديات زراعية بالدرجة ألاولى‪ ،‬و الاهتمام بالتجارة‬
‫ظهر باعتبارها النشاط الاقتصادي الوليد الذي بدأ يستحوذ على اهتمام املفكرين‪ ،‬و قد بدت التجارة‬
‫لهم كنشاط جديد قادر على تحقيق ثراء الدولة و غناها‪ ،‬و لقد اقتض ى نمو التجارة و ازدهارها الاهتمام‬
‫بالصناعة باعتبارها عامال من عوامل الازدهار التجاري ( صناعة السفن‪ ،‬و السكك الحديدية لنقل‬
‫املواد و السلع التجارية)‪ ،‬فكانت الصناعة تابعة للتجارة‪ ،‬و قد أدى ازدهار التجارة في هذه املرحلة من‬
‫التاريخ ألاوربي إلى ظهور أساليب جديدة للتجارة‪ ،‬فزاد استخدام ألاوراق التجارية‪ ،‬و بدأت بعض‬
‫ألاشكال الجديدة للشركات التجارية تظهر‪ ،‬و بصفة عامة بدأ عصر البورجوازية‪.‬‬

‫‪ -2‬أفكار و مبادئ و املدرسة التجارية‪:‬‬


‫أ‪ -‬مصدر القيمة‪ /‬الثروة عند التجاريين‪:‬‬
‫ساد لدى التجاريين أن البحث الاقتصــادي يجب أن يستــهدف الوصول إلى إثراء الدولة‪ ،‬و‬
‫اعتقدوا أن الطريق إلى ذلك لن يتحقق إال من خالل زيادة املعدن النفيس للدولة‪ ،‬فاملعادن الثمينة‬
‫عندهم مصدر للثروة ومخزن للقيمة‪ ،‬فمعيار قياس قوة الدولة و ثرائها هو حجم ما تملكه من الذهب‬
‫و الفضة‪ ،‬لذلك يرون أنه يتوجب على الدولة الحصول على أكبر كمية من املعادن النفيسة‪.‬‬

‫ب‪ -‬الحماية الجمركية وتحقيق ميزان تجاري رابح كآلية لزيادة الثروة‪:‬‬
‫يمكن‪ ،‬حسب مذهب التجارية‪ ،‬زيادة الثروة بأحد طريقين‪ :‬استثمار مناجم الذهب والفضة إذا‬
‫كانت متوافرة في الدولة ومنع خروج هذين املعدنين من البالد أو تنشيط التجارة الخارجية والتصدير‬
‫من السلع والخدمات بقيمة تزيد على القيم التي يشتريها البلد من الخارج‪ ،‬أي تحقيق ميزان تجاري‬
‫ً‬
‫رابح يحقق فائضا يتم تسديده باملعادن الثمينة‪ ،‬و ذلك عن طريق زيادة الصادرات و فرض الضرائب‬
‫على الواردات بهدف زيادة الحصول على النقود املعدنية‪ ،‬و عادة ما كان التجاريون يقولون ‪":‬إن بيع‬
‫البضائع لآلخرين يكون دائما أفضل من شراء البضائع من آلاخرين"‪ ،‬ألن البيع يحقــق مزية مؤكدة و‬
‫الشراء يجلب ضررا ال يمكن اجتنابه‪ .‬واقترح أنصار التجارية اتخاذ تدابير متعددة لتحقيق هذا الهدف‬
‫منها‪:‬‬
‫‪ -‬تشجيع الصادرات من املواد املصنعة ومنع استيراد السلع املنافسة للسلع الوطنية‪.‬‬
‫‪ -‬بناء شركات املالحة وامتالك أساطيل بحرية ضخمة للنقل‪.‬‬
‫‪ -‬توفير مواد أولية بأسعار منافسة عن طريق إقامة مستعمرات أو مستوطنات خارج‬
‫البالد‪.‬‬
‫وهكذا ترى التجارية ضرورة اتباع سياسة الحماية الجمركية والسيما تطبيق سياسة منع‬
‫ً‬
‫الاستيراد لتوفير ميزان تجاري رابح يشكل فائضه مصدرا للثروة‪.‬‬
‫ج‪ -‬املوقف السلبي تجاه املنافسة و تشجيع سياسات الاحتكار‪:‬‬
‫من أهم أفكار و مبادئ املذهب املاركنتيلي املوقف السلبي تجاه املنافسة‪ ،‬وعدم الترحيب بها‬
‫واملوافقة والتشجيع على الاحتكار أو على التحكم الاحتكاري في ألاسعار واملنتجات‪ ،‬وبذلك تراجع مفهوم‬
‫السعر العادل أمام املاركنتيلية‪ ،‬ومن هنا كانت منح وبراءات الاحتكار تعطى بحرية كبيرة في إنجلترا في‬
‫عصر امللكة اليزابيث‪ .‬وكانت هذه املنح هبة سخية إلى أن قيدها البرملان إلانجليزي خالل حكم جيمس‬
‫ألاول بموجب قانون الاحتكارات في العامين (‪ 3261‬و ‪.)3261‬‬
‫من جهة أخرى‪ ،‬وملا كان الثراء والسعي إليه قد أصبح موضع احترام صار أخذ الفائدة على‬
‫ً‬
‫رأس املال إذا لم يتجاوز حد الاعتدال‪ ،‬أمرا مقبوال‪ ،‬وأصبح تمويل العمليات التجارية بأموال مقترضة‬
‫ً‬
‫عمال مشروعا‪ ،‬ولم يعد في ذلك ما يحرم التجار من دخول الجنة‪ ،‬وقد كان ذلك تغيرا في املواقف وفي‬
‫الفكر عما كان يجرى في الفترة السابقة‪ ،‬فقد كان هناك التمييز‪ ،‬كما سبق وأن بينا‪ ،‬بين نوعى الفائدة‪،‬‬
‫فالفائدة تدان بشدة إذا كانت ابتزازا من جانب املحظوظين للمعوزين‪.‬‬

‫د‪ -‬تحقيق الاكتفاء الذاتي‬


‫في طريقها لزيادة ثروتها تسعى الدول لتعزيز مصالحها و مكاسبه على حساب الدول ألاخرى‪،‬‬
‫فمنفعة الدول "أ" يكون على حساب خسارة الدول "ب"‪ ،‬و من هنا فإن الهدف من ثراء الدولة يستدعي‬
‫اتخاذ سياسات أنانية على حساب الغير‪.‬‬
‫ً ً‬
‫و نتيجة لهذا املبدأ فقد كان للمركنتيلية أثرها على النظام الناش ئ للعالقات الدولية كبيرا جدا‪,‬‬
‫ألن منطلقها القائل إن السياسة الاقتصادية الخارجية يجب أن تعكس مصالح الدولة كانت تتالءم مع‬
‫ً‬
‫الاتجاه نحو التفكير املتمحور حول الدولة القومية والذي كان ظاهرا في ذلك الوقت‪ .‬فقد كان‬
‫ً‬
‫املركنتليون منطوين على ذاتهم كليا وال يهتمون إال بمصالحهم الخاصة‪ .‬و قد كان املركنتليون يجادلون‬
‫بشكل خاص بأن سياسة الدولة يجب أن تسعى لزيادة الصادرات وخفض الواردات بالنسبة ملستوى‬
‫معين للنشاط الاقتصادي‪ .‬و بما أن صادرات دولة ما هي واردات دولة أخرى فإن هذا املبدأ الداعي إلى‬
‫السعي للفائدة ألانانية أصبح يسمى سياسة "إفقار جاري"‪ .‬و قد عزز هذا املنطق بيئة سادتها الحروب‬
‫و الصراعات بين الدول‪.‬‬
‫هـ ‪ -‬زيادة السكان‪:‬‬
‫يرى أنصار التجارية ضرورة زيادة السكان في البلد‪ ،‬ألن هذه الزيادة تسهل الحصول على يد‬
‫عاملة رخيصة‪ ،‬وتشجع تنمية الصناعة وتجارة التصدير‪ ،‬من ّ‬
‫ثم زيادة ألارباح والثروة‪ .‬وفي الوقت‬
‫نفسه فإنهم يرون أن نمو التجارة والصناعة يسمح بتشغيل عدد أكبر من الناس‪ ،‬مما يؤدي إلى تشجيع‬
‫زيادة السكان ويقود إلى تقوية الدولة‪ .‬وهكذا فزيادة السكان وتنمية الثروة عامالن يرتبط أحدهما‬
‫باآلخر وهما مرتبطان ببناء قوة الدولة‪.‬‬
‫‪ -3‬الاتجاهات و السياسات الاقتصادية التجارية‪:‬‬
‫إذا كان الاتفاق بين التجاريين على أن هدف السياسة الاقتصادية هو العمل على زيادة قوة‬
‫الدولة و زيادة ثروتها الاقتصادية‪ ،‬فقد اختلفت الوسائل و السياسات باختالف ظروف كل دولة‪،‬‬
‫فتطبيق مبادئ التجاريين لم يتم بنفس الصورة بين كل الدول ألاوربية‪ ،‬بل بالعكس كانت له عدة‬
‫اتجاهات أبرزها في اسبانيا‪ ،‬فرنسا‪ ،‬و إنكلترا‪ ،‬و كان كل اتجاه يعبر عن وضعية تاريخية معينة و عن‬
‫بنية اقتصادية معينة‪ ،‬و يعبر في نفس الوقت عن آفاق تنمية اقتصادية معينة‪.‬‬

‫أ‪ -‬املذهب التجاري املعدني في إسبانية‬


‫يقوم هذا املذهب على أن ثروة الدولة تتمثل في مقدار النقود املسكوكة من الذهب أو الفضة‬
‫التي تمتلكها‪ .‬فنظرا ألن إسبانيا كانت تمتلك مناجم الذهب في العالم الجديد (البيرو واملكسيك)‪ ،‬تركز‬
‫اهتمام التجارية على جلب أكبر كمية ممكنة من الذهب والفضة من ممتلكات إسبانيا فيما وراء‬
‫البحار‪ ،‬والعمل للمحافظة عليها ومنع تسربها خارج البالد‪ .‬و لزيادة ممتلكات إسبانيا للمعادن النفيسة‬
‫و منع تسربها خارج إسبانيا‪ ،‬طالب أنصار التجارية في إسبانية بتطبيق عدد من إلاجراءات‪:‬‬
‫‪ -‬منع خروج النقود املسكوكة والسبائك‪.‬‬
‫‪ -‬دعوا إلى الحد من الاستيراد عن طريق فرض الحماية الجمركية‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -‬سنت السلطات إلاسبانية القوانين التي ألزمت البواخر التي تحمل البضائع املصدرة‬
‫تسليم الدولة قيمتها بالذهب والفضة‪ ،‬كما منعت التجار ألاجانب الذين يبيعون‬
‫سلعهم داخل إسبانية من إخراج الذهب والفضة وألزمتهم شراء سلع إسبانية مقابلها‪.‬‬

‫ب‪ -‬املذهب التجاري الصناعي في فرنسا‬


‫كانت فرنسا ترى بأن إثراء الدولة يكون عن طريق تشجيع الصناعات املحلية لزيادة حجم‬
‫الصادرات‪ ،‬ذلك أنهم كانوا يعتقدون أن املنتجات الصناعية أقدر على الزيادة و التوسع من املنتجات‬
‫الزراعية‪.‬‬
‫و لقد اشتهر من بين املركانتليين الفرنسيين لوي بودان‪ ،‬أنطوان دي مونكريتيان و كولبير‪.‬‬
‫‪ -‬لوي بودان‪:‬‬
‫يعرف لوي بودان بتقديمه للقانون الكمي للنقود‪ ،‬الذي فسر من خالله سبب ظاهرة ارتفاع‬
‫ألاسعار التي اجتاحت أوربا في القرن السادس عشر‪ ،‬بحيث كان يرى أن ذلك راجع إلى دخول الذهب‬
‫إلى أوربا‪ ،‬ألن هذا الدخول يؤدي بالضرورة إلى زيادة كمية النقود‪ ،‬الش يء الذي ينتج عنه انخفاض في‬
‫قيمة النقود و بالتالي في قدرتها الشرائية‪.‬‬
‫أنطوان دي مونكريتيان‬ ‫‪-‬‬
‫يتفق "أنطوان دي مونكريتيان" مع "بودان" في قضية تدخل الدولة في التصنيع‪ ،‬عبر تشييد‬
‫صناعة وطنية تكون أساسا للنهضة‪ ،‬و تمكن البالد من رفع صادراتها مقابل جلب العملة الذهبية‪ .‬فهو‬
‫يعتبر الصناعة بالنسبة للبلد "بمثابة الدم للقلب"‪ ،‬و انتقد مونكريتيان سياسة تراكم الذهب‪ ،‬مبينا‬
‫سلبياتها على الاقتصاد‪ ،‬مؤكدا على أن إلانتاجية هي ألاداة الوحيدة لضمان جمع الثروات‪،‬‬
‫كولبير‬ ‫‪-‬‬
‫بالرغم من إسهامات املفكرين السابقين في تقديم أفكارهم الاقتصادية‪ ،‬لكن يبقى ذكر‬
‫املاركنتلية الفرنسية مقترنا بشكل كبير باسم وزير املالية كولبير ‪ ، Colbert‬بالرغم أنه لم يترك مؤلفات‬
‫تعبر عن أفكاره‪ ،‬و لكنه عمل كرجل دولة على تطبيق سياسة تصنيعية بفرنسا‪.‬‬
‫كان يعتقد بأن وفرة املعادن الثمينة في الدولة دليل على قدرتها وقوتها وبأن زيادة كمية‬
‫املعادن الثمينة في دولة معينة غير ممكنة إال على حساب الدول ألاخرى‪ .‬إذ ّإن كمية املعادن الثمينة‬
‫محدودة تدور في أوربا‪ ،‬ولذا ال يمكن زيادة النقود في فرنسا إال بأخذ الكمية نفسها من دول مجاورة‪.‬‬
‫ولذلك تركزت جهود التجارية بزعامة كولبير على مجموعتين من التدابير‪:‬‬
‫‪ -‬وضع قواعد لتنظيم إلانتاج تضمن تحسينه وتزيد قدرته على املنافسة‪:‬‬
‫‪ -‬وضع قواعد الحماية الجمركية إزاء السلع ألاجنبية‪.‬‬
‫كان كولبير يركز كل الاهتمام على دعم الصناعة‪ ،‬وتحسين جودة إلانتاج الصناعي‪ ،‬وتوفير كل‬
‫الشروط املواتية لتقوية الصناعة الفرنسية‪ ،‬فالصناعة في رأيه هي املرتكز ألاساس ي لزيادة الصادرات‪،‬‬
‫أما دور الزراعة فيقتصر على إنتاج املواد الغذائية للسكان وتوفير املواد ألاولية لتوسيع الصناعة‪ .‬ومن‬
‫أجل ذلك اتخذت إلاجراءات و التدابير التالية‪:‬‬
‫‪ -‬إقامة مصانع ملكية لضمان زيادة إلانتاج وتحسينه‪.‬‬
‫‪ -‬منح املساعدات وإلاعفاءات الضريبية للمصانع القائمة‪.‬‬
‫‪ -‬فرض أسعار متدنية على املواد الغذائية لإلبقاء على ألاجور منخفضة‪ ،‬وتوفير يد عاملة رخيصة‬
‫وفرض أسعار متدنية على املواد ألاولية ومنع تصديرها لتوفيرها للصناعة بتكلفة متدنية‪.‬‬
‫‪ -‬فرض الحماية الجمركية ملصلحة إلانتاج الوطني وإعفاء املواد ألاولية الالزمة للصناعة‬
‫الوطنية‪.‬‬
‫‪ -‬إقامة املنشآت البحرية وتوسيع ألاسطول وفرض رسوم إضافية على السفن ألاجنبية بنسبة‬
‫حمولتها عند رسوها في املوانئ الفرنسية‪.‬‬
‫‪ -‬تأسيس شركات تجارية كبيرة لتصريف املنتجات الصناعية في الخارج‪.‬‬
‫املحاضرة الثانية‬
‫املدرسة الطبيعية‬
‫‪-‬‬
‫‪ -3‬نشأة املدرسة الطبيعة و أهم روادها‬
‫ظهرت املدرسة الطبيعية في فرنسا في النصف الثاني من القرن الثامن عشر و لفظة الفيزيوقراطية‬
‫هي كلمة إغريقية مركبة من (فيزي( التي تعني الطبيعة و كراتوس التي تعني حكم أي حكم الطبيعة ‪ .‬و‬
‫لقد كان الدكتور فرنسوا كيناي (‪) 3661 -3261‬ابرز رواد مدرسة الطبيعيين حيث بدا حياته العامة‬
‫بممارسة مهنة الطب و نشر بضعة بحوث في العلوم الطبيعية و لم يبدأ كيناي الاشتغال بالسياسة إال‬
‫عندما خطا إلى عتبة العقد السابع من عمره حيث نشر بعض البحوث حول مشكلة الحبوب ثم نشر‬
‫بعد ذلك أهم مؤلف اقتصادي في عصره وهو الجدول الاقتصادي عام ‪3671‬م و قد ناصر كيناي في‬
‫آرائه و أفكاره العديدة من الكتاب و املفكرين مثل امليركيزميرابو و ديون دي نيمور فامليركيز ميرابو‬
‫(‪ ) 3611 – 3637‬قام بنشر عدة كتب من أهمها نظرية الضريبة ‪ 3621‬والفلسفة الزراعية ‪ 3621‬أما‬
‫ديون دي نيمور فقد كان اصغر أنصار مدرسة الطبيعيين سنا ونشر كتابا هاما عام ‪3623‬‬
‫باسم ‪ ″‬الفيزيوقراطية " و هي تعني حكومة الطبيعة و الجدير بالذكر أن كتاب الفيزيوقراطية كان هو‬
‫السبب في تعريف مفكري هذه املدرسة باسم الفيزيوقراطيين و إن كان أنصار هذه املدرسة يطلقون‬
‫على أنفسهم اسم الاقتصاديين ولم يكن وصفهم باسم الفيزيوقراطيين ( الطبيعيين ) إال فيما بعد ولقد‬
‫كان هؤالء الطبيعيون رغم تميزهم بأسلوبهم الخاص في عرض آرائهم و أفكارهم إال أنهم كانوا ال‬
‫يختلفون فيما بينهم حتى في أدق التفاصيل و هذا ما يجعلهم جديرين حقا باالنتماء إلى مدرسة فكرية‬
‫واحدة ال نظير لها في غيرها من التيارات الفكرية و لكن ليس من شك أن كيناي هو املنبع الرئيس ي‬
‫ألفكار مدرسة الطبيعيين أما بقية الكتاب الاقتصاديين لهذه املدرسة فقد ساروا على منواله‬
‫‪ -6‬مبادئ املدرسة الطبيعية‬
‫‪ -‬امللكية الفردية ‪ :‬تقوم أساسا على املنفعة الشخصية فكل شخص في تصرفاته الاقتصادية الذاتية‬
‫يحث غيره على املنافسة في هذا املجال‪.‬‬
‫‪ -‬الحرية الفردية ‪ :‬و ينطلق هذا املبدأ من تطورات مفكري التنوير املناهضة لتسلط الكنيسة من‬
‫منطلق ( دعه يعمل دعه يمر‪) .‬‬
‫‪-‬التسليم بان الزراعة هي العمل الوحيد املنتج أو النشاط الاقتصادي الذي يعطي إلانتاج الصافي‪.‬‬
‫‪-‬الطبقات الاجتماعية ‪ :‬و هي عبارة عن تطور الفيزيوقراطية‪:‬‬
‫أ – الطبقة املنتجة ‪ :‬تظم مختلف املزارعين الذين يستثمرون في إيجار ألارض من ا صحابها املالك و‬
‫هي الطبقة الوحيدة املنتجة لإلنتاج الزراعي‪.‬‬
‫ب ـ طبقة املالك ‪ :‬تتكون من الطبقة املالكة لألرض ورجال الكنيسة‪.‬‬
‫ج ـ الطبقة العقيمة ‪ :‬تتكون من التجار والصناع والحرفيين واستثمارها أساسا يتمثل في اقتناء‬
‫املنتوجات الزراعية ( أي ال تحقق ناتجا صافيا‬

‫‪-3‬الظروف التي ظهرت فيها املدرسة الطبيعية‬


‫‪-‬ظهورها في فرنسا ‪ :‬حيث كانت الفالحة متأخرة جدا إذا ما قورنت ببريطانيا‪.‬‬
‫ـ أنها تعبر عن تصور فلسفي جديد وظهور طبقة اجتماعية لها منطلقات فكرية ذات بعد أخالقي وديني‬
‫للكون ومن هذا النظام الطبيعي‪.‬‬
‫ـ قيام املدرسة الطبيعية على إنقاذ املدرسة التجارية التي أهملت الفالحة وأدى إلى انخفاض أسعارها‬
‫وذلك بمنع تسويق املحاصيل الزراعية‪.‬‬

‫‪-4‬أهم ألافكار التي نادي بها الطبيعيون تحت تأثير الديني و العلمي‬
‫ذكرنا سابقا أن الطبيعيون أو الفيزيوقراط هم مجموعة من الاقتصاديين ظهرت في فرنسا أواخر‬
‫القرن ‪ 36‬و استمر فكرها ظاهرا في الحياة العلمية خالل القرن ‪ 31‬ولقد كانوا أول من يرفض الفلسفة‬
‫التجارية تماما بناءا على اقتناع فكري و كرد فعل ملا حدث في فرنسا من جراء تطبيقها ‪ .‬الفيزيوقراط في‬
‫هذا الرفض للماركنتالية يتفقون تماما مع بعض الرواد العظام ألاوائل مثل وليم بيني و كانتيون وقد‬
‫نجحوا في أن يستبعدوا نهائيا الاعتقاد القائل بان الثروة تتعلق بالتجارة و املعادن النفيسة‪ .‬و لقد‬
‫تشبعت هذه املجموعة الفرنسية بالفلسفة الطبيعة فاعتقدت أن هناك قوانين تحكم النشاط‬
‫الاقتصادي و تسيره بانتظام بالغ تماما كما أن هناك قوانين طبيعية تحم املجموعة الشمسية أو‬
‫الدورة الدموية في جسم إلانسان و قرروا أن الجهل بالقوانين الطبيعية التي تحكم النشاط‬
‫الاقتصادي ال يمنع من تقرير املبدأ الهام وهوانه يجب ترك النظام الاقتصادي الحر حتى يمكن‬
‫للقوانين الطبيعية أن تحركه حركة منتظمة وتوجهه تلقائيا إلى التوازن الطبيعي‪.‬ووفقا لهذه الفلسفة‬
‫يجب أن تتخلى الدولة عن التدخل في النشاط الاقتصادي‪.‬‬
‫و يفسر ال فيزيوقراطيين العيوب امللحوظة في التنظيمات الاقتصادية بالجهل بالقوانين الطبيعية و‬
‫بتدخل الدولة في الشؤون الاقتصادية ولقد تأثر الطبيعيون بالتقدم العلمي الذي حدث في عصرهم في‬
‫فروع الفلك و ألاحياء و الطبيعيات و لقد اكتشف نيوتن في ذلك الحين قوانين الجاذبية كما اكتشفت‬
‫الدورة الدموية في علم الطب و أصبحت هذه الاكتشافات عامال مهما ومؤكدا أن لكل ظاهرة طبيعية‬
‫قانونها الطبيعي الذي يحكمها و يتحكم فيها ومما يذكر أن كيناي وهو ابرز الاقتصاديين في املدرسة‬
‫الطبيعية كان طبيا في البالط الفرنس ي و انه في صياغته للجدول الاقتصادي قد تأثر جدا بمعلوماته‬
‫الطبية عن الدورة الدموية‪.‬‬
‫و يالحظ أيضا أن الفكر الديني في عصر الطبيعيين فد تطور كثيرا و ظهرت آراء جديدة تؤيد أن الخالق‬
‫قد أعطى لكل ش يء خلقه قانونه الخاص به الذي يسير به وانه لذلك يتركه يتحرك حركة ذاتية و بناءا‬
‫على ذلك فان عمل الظواهر الطبيعية ليس له ما يبرره بل انه يفسر ألامور على وجه التأكيد بعبارة‬
‫أخرى انه لو تركت ألاشياء حرة فإنها تنتظم في حركتها على أحسن وجه دون أن يحدث أي اضطراب و‬
‫أنها قادرة على أن تحقق توازنها طبيعيا‬

‫‪ -5‬تقويم مدرسة الطبيعيين‬


‫إن النظرة الفاحصة إلى ما خلفته مدرسة الطبيعيين من تراث فكري في مجال الاقتصاد تكشف عن‬
‫كثير من املزايا التي تنفرد بها هذه املدرسة في صدد تطور الفكر الاقتصادي وان كانت عرضة في ذات‬
‫الوقت إلى بعض أوجه النقد بما قدمته من أفكار و آراء‪.‬‬
‫مزايا مدرسة الطبيعيين‪:‬‬
‫يمكن لنا أن نعدد مزايا مدرسة الطبيعيين التي تزعمها فرنسوا كيناي و ذلك فيما يتصل بأمرين‬
‫أساسيين ‪:‬وضع الاقتصاد السياس ي بين العلوم الاجتماعية و النتائج الهامة آلراء الطبيعيين في ميدان‬
‫الفكر و ميدان الواقع‪.‬‬
‫أ ) الوضع املستقبل لالقتصاد السياس ي‬
‫لقد أسهمت مدرسة ا لطبيعيين في جعل الاقتصاد السياس ي علما له استقاللية بين العلوم من صفة‬
‫التبعية للفلسفة و الدين التي كان طابعها املميز في العصور القديمة و العصور الوسطى و كذلك من‬
‫صفة التبعية للسياسة العملية التي ميزت أبحاث التجاريين في امليدان الاقتصادي‪.‬‬
‫ب ) إلانتاج ثروة ألامة‬
‫لم يعد النظر إلى النقود املصنوعة من املعدن النفيس على أنها تشكل الثروة القومية التي تسعى‬
‫الدولة إلى تر كيمها من خالل تشجيع الصادرات و تقليل الواردات كما كان الحال عند التجاريين بل‬
‫كانت الثروة عن الطبيعيين تتمثل في إلانتاج الذي عرفوه بأنه العمل الذي يخلق مادة جديدة‪.‬‬
‫ج ) املناداة باملذهب الحـ ــر‬
‫يرجع إلى الطبيعيين الفضل في تأسيس املذهب الفردي أو الحر حيث نادوا بترك النشاط الاقتصادي‬
‫لألفراد حرا من أية قيود تفرضها الدولة عليه و إدارة هذا النشاط وفقا للمصالح الذاتية لألفراد وعلى‬
‫أساس املنافسة الجارية بينهم و اقتصار مهمة الدولة على ألامن والعدالة والقيام باألشغال العمومية و‬
‫لقد أخذت املدرسة الكالسيكية بهذا املذهب إبان القرن ‪ 31‬وظل سائدا حتى القرن العشرين‪.‬‬
‫د ) انتهاج ألاسلوب العلمي في البحث الاقتصادي‬
‫لقد أدرك الطبيعيون أن درجة إنتاجية العمل التي جعلت تحقيق الفائض أمرا ممكنا قد ظهرت في‬
‫الزراعة ولم يذهبوا إلى ابعد من ذلك غير أن هذه املحدودية في الفكر تتضمن تقدما ملموسا في تطور‬
‫الفكر الاقتصادي في رأي مؤرخي هذا الفكر‪ .‬ذلك ألنها كشفت على أن الطبيعيين كانوا أول مدرسة‬
‫فكرية استخدمت في ترابط و تناسق منطقي أسلوب العزل و التجريد كأسلوب علمي في البحث‬
‫الاقتصادي و لكن الطبيعيين لم يدركوا حينئذ أنهم اتخذوا أولى خطوات البحث العلمي ألاصيل في‬
‫املجال الاقتصادي‪.‬‬
‫نقد مدرسة الطبيعيين‪:‬‬
‫ال تعني كل هذه املزايا التي انفردت بها هذه املدرسة أن هذا الفكر يخلوا من نقاط الضعف التي‬
‫تدعوا إلى توجيه النقد إليه إذ نتلمس أوجه نقدها كما يلي‪:‬‬
‫أ )خطأ فكر الطبيعيين حول مفهوم إلانتاج‪:‬‬
‫درجة الخطأ في فكر الطبيعيين حول مفهوم إلانتاج أنهم اعتبروا أن السمة الوحيدة لإلنتاج انه ذو‬
‫طابع ما دي فحسب الن العمل املنتج في رأيهم هو الذي يخلق مادة جديدة أما أي عمل ال يخلق مادة‬
‫جديدة فهو غير منتج و لكن حسب الفكر الحديث فان إلانتاج هو خلق ملنفعة جديدة أو زيادة منفعة ‪،‬‬
‫كما اعتبر الطبيعيون أن الزراعة هي الوحيدة القادرة على خلق مادة جديدة‪.‬‬
‫ب) خطأ فكر الطبيعيين حول الضريبة املفردة‪:‬‬
‫من الطبيعي أن خطأ الطبيعيين في مفهوم إلانتاج قد أوقعهم في خطأ املناداة بفكرة الضريبة املفردة‬
‫حيث أنهم اعتبروا أن إلانتاج هو خلق ملادة جديدة وان الزراعة هي الوحيدة القادرة على خلق مادة‬
‫جديدة و لهذا ينبغي إخضاع القطاع الزراعي لوحده إلى الضريبة ‪ ،‬لكن الواقع الاقتصادي يؤكد غير‬
‫ذلك فكل من الصناعة و التجارة تحقق ناتجا صافيا يمكن إخضاعه للضريبة باإلضافة إلى إن الدول‬
‫في حاجة إلى موارد مالية لتغطية النفقات العامة مما ال يمكن أن تنهض به ضريبة وحيدة هي ضريبة‬
‫الزراعة ولذلك وجب تعدد مصادر إلايرادات العامة وفوق كل ذلك فانه من غير العادل أن ينفرد‬
‫النشاط الزراعي لوحده بالعبء الضريبي دون سائر ألانشطة الاقتصادية ألاخرى‪.‬‬
‫ج) خطأ تركيز الجهد إلانمائي على الزراعة‪:‬‬
‫أدى الاهتمام البالغ بالزراعة من ط رف الطبيعيين إلى إهمال الصناعة في فرنسا في عصرهم ‪ ،‬إذ‬
‫أنشرت دعوة العودة إلى الطبيعة و الحياة الزراعية و بطبيعة الحال فان هذا الاتجاه التنموي لم يكن‬
‫هو الاتجاه السليم و بالتالي من املزايا العديدة التي كان من املمكن التمتع بها لو أن الصناعة سارت‬
‫جنبا إلى جنب مع الزراعة في إطار توازني للنمو الاقتصادي‬
‫وحيث أن الزراعة ال تهتم بعنصر الغرض فقط وإنما يجب التعاون بين العمل و ألارض أي وجود‬
‫طبقة املزارعين ‪ .‬فان الطبيعيين اعتبروا هذه الطبقة الوحيدة التي يمكن وصفها بأنها الطبقة املنتجة و‬
‫أن طبقة رجال الصناعة و التجارة عقيمة و السبب في ذلك كما تقدم يرجع إلى أن املزارعين وحدهم‬
‫الذين يستطيعون تحقيق منتج صافي و هذا الرأي يعتبر تحول هاما في تاريخ الفكر الاقتصادي إذ انه‬
‫يمثل ثورة على آراء التجاريين الذين يعتبرون أن طبقة التجار هي الطبقة الوحيدة املنتجة إسنادا إلى‬
‫أن التبادل التجاري هو النشاط املنتج الوحيد أو ألاساس ي في اكتساب الدخل القومي ‪ ،‬ولقد رد آدم‬
‫سميت على آراء املدرسة الطبيعية فيما بعد وقال انه من الخطأ اعتبار أن الصناعة نشاط غير منتج و‬
‫ذلك الن الصناع أو رجال الصناعة يحققون إضافة إلى املنتج القومي تماما كرجال الزراعة وانه من‬
‫الخطأ اعتبار أن قيمة ما يستهلكه رجال الصناعة تساوي قيمة املنتجات الصناعية وبناء على ذلك فان‬
‫كل نشاط يساهم في زيادة الرفاهية املادية يعتبر نشاطا منتجا والعكس صحيح ‪ ...‬ولكن هذا التحديد‬
‫يعتبر تحديا تعسفيا وذلك الن النشاط الاقتصادي في الواقع يؤدي إلى زيادة السلع املادية باإلضافة إلى‬
‫الخدمات مما يؤدي إلى زيادة إنتاج السلع املادية باإلضافة إلى الخدمات مما يؤدي إلى زيادة الرفاهية‬
‫بصفة عامة وبالتالي فان كل نشاط يحقق إشباعا لرغبات املجتمع ويساهم في زيادة الرفاهية يعد‬
‫نشاطا منتجا‪.‬‬
‫د) خطأ إخضاع الاقتصاد السياس ي للقوانين الطبيعية‪:‬‬
‫من ألامور املسلم بها أن الظواهر الاقتصادية تتغير وتتطور على مدار الزمن وتبعا لذلك تتغير‬
‫القوانين التي تحكم هذه الظواهر فالقوانين التي تحكم الظواهر الاقتصادية في مجتمع إقطاعي غير تلك‬
‫التي تحكمها في مجتمع زراعي ومن ثم إذا سلمنا بان الظواهر الاقتصادية متغيرة وبالتالي إن القوانين‬
‫التي تحكم هذه الظواهر متغيرة عبر الزمن ينكشف لنا على الفور الخطأ الذي وقع فيه الطبيعيون‬
‫عندما اخضعوا الاقتصاد السياس ي للقوانين الطبيعية التي من بين صفاتها أنها غير قابلة للتغيير‪.‬‬
‫وما نخلص إليه في ألاخير أن املدرسة الطبيعية كانت أول مدرسة حاولت دراسة النشاط‬
‫الاقتصادي من زاوية كلية اجتماعية كما اتخذت من الزراعة نقطة انطالق كل ألانشطة الاقتصادية (‬
‫استثمار ألارض ) ونادت بإلغاء الحواجز الجمركية وحرية تسويق املحاصيل الزراعية داخليا وخارجيا‪.‬‬
‫املحاضرة الثالثة‬

‫الفكر الاقتصادي عند الكالسيك‬

‫منذ النصف الثاني من القرن الثامن عشر‪ ،‬شهد علم الاقتصاد طفرة كبيرة مع ظهور املفكر‬
‫الاقتصادي آدم سميث الذي وضع أولى اللبنات التي ساهمت في بناء علم الاقتصاد الحديث وجعله‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫علما منفصال بذاته عن باقي العلوم واملجاالت البحثية‪ .‬ثم جاء بعده جان بابتيست ساي صاحب قانون‬
‫ألاسواق الشهير (العرض يخلق الطلب)‪ .‬وال يمكننا أن ننس ى طبعا دافيد ريكارد وصاحب قانون امليزة‬
‫النسبية أولى لبنات نظريات التجارة الدولية‪ ،‬وغيرهم الكثيرين من رواد املدرسة الكالسيكية الذين هم‬
‫أوائل الاقتصاديين الذين أسسوا مبادئ هذا العلم في العصر الحديث وتبقى أعمالهم ونظرياتهم هي‬
‫التي مهدت الطريق ملن بعدهم‪ .‬سواء أكملوا طريق الدفاع عن الحرية الاقتصادية واقتصاد السوق‪ ،‬أو‬
‫انتقدوا هذه النظرية‪.‬‬

‫وسنتناول حديثنا عن نظرة الكالسيكيين لالقتصاد عبر عدة محاور نبرز فيها إنتاج املدرسة الكالسيكية‬
‫في نقاط بسيطة ‪:‬‬

‫‪ -1‬دور الفرد‬

‫يرى الكالسيك أنه من خالل سعي الفرد لتحقيق مصلحته الشخصية الخاصة سيحقق بذلك‬ ‫‪‬‬

‫املصلحة العامة‪ ،‬كما أشار إلى ذلك مفهوم اليد الخفية آلدم سميث حيث يرى أن إلانسان‬
‫أناني بطبعه‪ ،‬لكن ذلك ليس ً‬
‫سيئا بالضرورة؛ فالجزار الذي يبيع اللحم ال يفعل ذلك بنية توفير‬
‫اللحم الطازج للناس بأسهل طريقة‪ ،‬لكن دافعه ألاساس ي هو الحصول على أقص ى ربح من‬
‫اللحم الذي يبيعه‪ ،‬وهذا ألامر هو الذي يدفعه للعناية بسلعته وتقديم اللحم الطازج للناس‪.‬‬
‫ً‬
‫وهكذا تتحقق املنفعة العامة انطالقا من سعي كل شخص نحو تحقيق مصلحته الخاصة‪.‬‬

‫ومن نتاج إيمان الكالسيك بسعي الجميع لتحقيق املصلحة الشخصية‪ ،‬رأوا أن الفاعلين‬ ‫‪‬‬
‫ً‬
‫الاقتصاديين (املؤسسات والشركات مثال) في سعيهم لتحقيق أقص ى استفادة ممكنة‪ ،‬فإن هذا‬
‫يتكفل بتوجيه املوارد املتاحة نحو أفضل استخدام ممكن لها‪ ،‬وبالتالي يستفيد الاقتصاد منها‬
‫بأقص ى كيفية ممكنة وتتحقق املنفعة العامة‪.‬‬
‫‪ -2‬دور السوق‬

‫يرى الكالسيك أن كل ألاسواق (أسواق السلع والخدمات أو سوق العمل) تسودها املنافسة‬ ‫‪‬‬

‫الكاملة‪ ،‬حيث تسعى كل املشروعات إلى تعظيم أرباحها الكلية فتسمح هذه املنافسة بتخفيض‬
‫التكلفة إلى أقل حد ممكن‪ .‬وحالة املنافسة الكاملة تحقق أعلى فاعلية لألسواق التي تسمح‬
‫بتحقيق الرفاه الاقتصادي‪.‬‬
‫مبدأ حرية ألاسواق وفاعليتها ليس مرتبطا فقط باألسواق الداخلية القتصاد ما‪ ،‬بل ألامر‬ ‫‪‬‬

‫ينطبق أيضا على السوق العالمي التي تجري فيه التبادالت التجارية عن طريق الاستيراد‬
‫والتصدير‪ .‬فكان إنتاج اقتصاديي املدرسة الاقتصادية كآدم سميث أو دافيد ريكاردو عبر نظرية‬
‫امليزة النسبية‪ ،‬ينصب حول أن السوق العالمي إذا تحقق فيه شروط السوق التنافس ي؛‬
‫كشيوع وإتاحة التكنولوجيا املستخدمة للجميع مع إمكانية الحصول عليها دون قيود ملن يرغب‬
‫في شرائها من هذه ألاسواق‪ ،‬سينتج عن ذلك منافسة بين مختلف الدول حيث تتخصص كل‬
‫واحدة منها فيما تمتلك فيه ميزة نسبية مقارنة بغيرها من الدول‪ .‬فإذا تم هذا‪ ،‬فإن السوق‬
‫يلعب دوره أيضا في تحقيق املنفعة لجميع الدول التي تعتمد على تبادالت تجارية حرة بدون‬
‫قيود‪.‬‬

‫‪ -3‬دور الدولة‬

‫املبدأ بسيط‪ ،‬إذا كان العمل الحر لألسواق يتميز بالفاعلية التي تحقق املنفعة للجميع‪ ،‬فيجب‬ ‫‪‬‬

‫علينا أن ندع ألاسواق تقوم بدورها الطبيعي‪.‬‬


‫ولهذا فعلى الدولة أال تتدخل في النشاط الاقتصادي‪ ،‬إال في أضيق نطاق‪ ،‬كتنظيم امللكيات‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫وتقديم خدمات التعليم‪ ،‬والشرطة والقضاء‪ ،‬والدفاع عن سيادة الدولة من التهديدات‬


‫الخارجية وغير ذلك من ألاعمال العامة‪.‬‬

‫بشكل قد يهدد حدوث املنافسة‬ ‫فالدولة إذا تدخلت في ألاسواق ستفسد عملها الطبيعي َّ‬
‫الفعال‬
‫ٍ‬
‫الكاملة التي يراها رواد املدرسة الكالسيكية أفضل ما يمكن الوصول إليه‪ .‬وبالتالي فال يوجد ش يء‬
‫أفضل تستطيع الدولة أن تقدمه لالقتصاد‪ .‬وعليه فأقص ى ما يمكنها تحقيقه هو أن تكون “سكرتارية”‬
‫لرجال ألاعمال تساعدهم وتذلل لهم العقبات وتوفر ألامن داخل البالد وتحمي حدودها الخارجية ما‬
‫ييهئ املناخ الالزم لقيام العمليات الاقتصادية داخل ألاسواق‪.‬‬
‫‪ -4‬دور النقود‬
‫فريق إلى فريق آخر‪ ،‬أي أننا‬
‫أما النقود فهي بالنسبة للكالسيك مجرد “عربة لنقل قيم املنتجات” من ٍ‬
‫نستخدمها فقط لتسهيل التبادالت بيننا‪ ،‬وبالتالي فالنقود وسيلة وليست غاية‪ ،‬فالغاية نفسها هي‬
‫الحصول على السلع والخدمات الستهالكها وتحقيق املنفعة‪ ،‬أو استثمارها لجمع الثروة‪.‬‬

‫ومن هذا املنطلق‪ ،‬فإن الطلب على النقود يكون إلتمام املعامالت التجارية فقط‪ ،‬وبالتالي فهو مشتق‬
‫من الطلب على السلع والخدمات؛ فإذا ارتفع الطلب على السلع والخدمات‪ ،‬يرتفع الطلب على النقود‬
‫أيضا؛ ألن وظيفة النقود الوحيدة هي الوساطة في عملية التبادل‪.‬‬

‫نظرة الكالسيك للثروة‬


‫يثمن الكالسيك املوارد الاقتصادية للدولة كافة‪ ،‬من العمل ورأس املال وألارض وكذلك ألاعمال الحرة‪،‬‬
‫ً‬
‫فضال عن جميع ألانشطة الاقتصادية من زراعة وتجارة وإنتاج‪ ،‬بل واهتموا بالتبادل التجاري الدولي‪،‬‬
‫ورأوا أن كل ذلك يسهم في تنمية ثروة ألامة؛ لذا فالثروة الحقيقية في نظرهم تتمثل في السلع‬
‫الاستهالكية والاستثمارية‪ ،‬ال في كمية النقود التي يمتلكها الفرد‪.‬‬

‫نتيجة‬
‫وعلى الرغم من كل الانتقادات املوجهة لهذه املدرسة إال أن ً‬
‫أحدا ال يستطيع أن ينكر قيمة ألافكار‬
‫والنظريات التي قدمتها في مجال الاقتصاد والتي أسست فيما بعد إلنتاج فكري غزير سواء جاء ليتمم‬
‫ويضيف على ما جاء به الاقتصاديون الكالسيك‪ ،‬أو كان هدفه بيان مواطن الخلل فيه‪ ،‬أو حتى جاء‬
‫َ‬
‫ليناقضه ويأتي بعكسه‪ .‬وسنكمل رحلتنا مع هذا إلانتاج الفكري املتميز ملن أتوا بعد الكالسيك في‬
‫املقاالت القادمة‪.‬‬
‫املحاضرة الرابعة‬
‫النظام الاشتراكي‬

‫ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َْ ُ‬


‫ي الاش ِّت َر ِّاك ِّي‬ ‫النظ ِّام الاق ِّتص ِّاد ِّ‬ ‫‪ -‬مف ُهوم ِّ‬
‫الجماعية لوسائل إلانتاج‪ ،‬وتحكم َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫النظام الاشتراكي هو ذلك ّ‬ ‫ّ‬
‫الدولة في‬ ‫امللكية‬ ‫النظام الذي يقوم على‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫الاقتصادي من خالل التخطيط املركز ّي‪ ،‬وقد َّ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬
‫تم تطبيق الفكر‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫إدارة‪ ،‬وتسيير‪ ،‬وممارسة النشاط‬
‫العلمية‪ ،‬وإقامة َّأول‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫البلشفية في العام ‪3136‬م لالشتر َّ‬ ‫َّ‬ ‫ّ َّ‬ ‫ّ‬
‫املاركسية أو‬ ‫اكية‬ ‫تبني الثورة‬ ‫اكي من خالل ِّ‬ ‫الاشتر ِّ‬
‫الاتحاد الس ّ‬ ‫َّ ّ‬ ‫َّ‬ ‫دولة اشتر َّ‬
‫وفييتي‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫ماركسية في جمهورية ِّ‬ ‫اكية‬
‫ات‬
‫لهز ٍ‬ ‫يتعرض َّ‬ ‫النامية منها‪ ،‬غير َّأنه بدأ َّ‬ ‫خاصة َّ‬ ‫َّ‬ ‫وقد ازدهر الفكر الاشتراكي في العديد من دول العالم‬
‫حتى انهار الاتحاد الس ّ‬ ‫ّ‬ ‫مانينيات َّ‬ ‫َّ‬
‫السبعينات من القرن املاض ي‪ ،‬ولم تنته حقبة الث َّ‬ ‫عنيفة منذ َّ‬
‫وفييتي على‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫العلمية‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫ملدة زادت عن سبع سنوات‪ ،‬وانهارت معه الاشتر َّ‬
‫اكية‬ ‫أثر الحرب َّالتي خاضها في أفغانستان َّ‬
‫وتخلي غالبية دول العالم عن ّ‬ ‫ّ‬
‫تبني هذا الفكر‬ ‫ِّ‬ ‫اكي‪ِّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫ى ذلك إلى ارتداد الفكر الاشتر ِّ‬ ‫وقد َّأد‬
‫وب ُه‪:‬‬ ‫الاشت َراكي َو ُع ُي ُ‬
‫ِّ ِِّّ‬
‫ْ‬
‫النظ ِّام‬
‫َ‬
‫س ِّ‬ ‫‪ُ -‬أ ُس ُ‬
‫النظام الاشتراكي املاركس ي على العديد من ألاسس‪ ،‬يمكن تلخيصها فيما يلي‬ ‫•يقوم ّ‬
‫ِّ‬
‫َّ‬
‫امللكية العامة‪:‬‬ ‫‪َّ 1-‬‬
‫ملكية وسائل إلانتاج‪ ،‬وتقوم َّ‬ ‫الشعب في َّ‬ ‫َّ‬
‫الدولة بعد ذلك بإدارة‬ ‫وذلك من خالل إشراك جميع أفراد‬
‫َّ‬
‫تقرر توزيع ألارض على مجاالت الاستخدام املختلفة‪ ،‬وهي التي ّ‬ ‫الاقتصادي‪ ،‬فهي َّالتي ّ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬
‫تحدد‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫النشاط‬
‫َّ‬
‫والاستهالكية‪.‬‬ ‫َّ‬
‫إلانتاجية‬ ‫السلع‬ ‫املوجهة إلنتاج ّ‬ ‫كم َّية املوارد َّ‬ ‫ّ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫يتسلم ٌّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫يقدمون خدماتهم للمجتمع ٌّ‬ ‫وألافراد ّ‬
‫كل منهم‬ ‫إلانتاجية‪ ،‬وفي املقابل‬ ‫كل حسب طاقته‪ ،‬وقدرته‬ ‫ِّ‬
‫كل فرد حسب قدرته‪،‬‬ ‫الناتج‪" :‬من ّ‬ ‫الدخل أو َّ‬ ‫ألاساسية في توزيع َّ‬ ‫َّ‬ ‫أجرا بقدر ما يحتاج إليه‪ ،‬فالقاعدة‬ ‫ً‬
‫ِّ‬
‫الدخل‬ ‫التجربة إلى تعديالت على هذه القاعدة‪ ،‬من خالل توزيع َّ‬ ‫ولكل حسب حاجته"‪َ ،‬وإ ْن َأ َّدى واقع َّ‬ ‫ّ‬
‫ِّ‬ ‫ٍ‬
‫َّ‬
‫لكمية العمل املبذول‪ ،‬والتباين في املهارات العمالية‪ ،‬مع إشباع الدولة للحاجات العامة ‪-‬للجميع‪-‬‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫وفقا ِّ‬
‫والص َّحة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ َّ‬
‫بصورة مجانية كالتعليم ِّ‬
‫الخاصة‪ ،‬كما ألغت املواريث‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫امللكية‬ ‫التأميم للقضاء على‬ ‫الدولة على َّ‬ ‫واعتمدت َّ‬
‫الربح‪:‬‬ ‫‪2-‬عدم الاعتراف بحافز ِّ‬
‫طبقا لهذا ّ‬ ‫الاقتصادي ً‬ ‫َّ‬
‫العامة‪ ،‬أو الجماعة‪ ،‬وليس‬ ‫النظام هو إشباع الحاجات َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ّ‬ ‫َّإن الهدف من النشاط‬
‫النقيض من ذلك ينظر إليه على َّأنه وسيلة‬ ‫السعي للحصول عليه ‪ ،‬بل على َّ‬ ‫الربح الفاحش‪ ،‬أو َّ‬ ‫ّ‬
‫تحقيق ِّ‬
‫َّ‬ ‫تؤدي إلى سوء توزيع َّ‬ ‫من وسائل الاستغالل ّ‬
‫الدخل والثروة‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬
‫النظام‬ ‫الاقتصادي لزيادة إلانتاج‪ ،‬وتنمية املوارد الاقتصادية في ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫الربح ‪-‬كحافز للنشاط‬ ‫ويحل محل ِّ‬
‫ّ‬
‫القومي‪،‬‬ ‫باملسئولية‪ ،‬واملشاركة في بناء الاقتصاد‬ ‫َّ‬ ‫اكي‪ -‬الشعور الوطني‪ ،‬والقومي‪ ،‬وإلاحساس‬ ‫ّ‬
‫ِّ‬ ‫الاشتر ِّ‬
‫وإشباع حاجات املجتمع‪.‬‬
‫َّ‬
‫‪3-‬التخطيط املركزي‪:‬‬
‫َّ‬ ‫اللجنة العليا َّ‬ ‫َّ‬ ‫الدولة على جهاز َّ‬ ‫وذلك من خالل اعتماد َّ‬
‫للتخطيط لوضع خطة‬ ‫التخطيط‪ ،‬أو الهيئة‪ ،‬أو‬
‫القومية املراد تحقيقها‪ ،‬ووسائل تحقيق هذه ألاهداف‪ ،‬وإخطار جميع‬ ‫َّ‬ ‫تحدد ألاهداف‬ ‫قومية شاملة ّ‬ ‫َّ‬
‫ِّ‬
‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫َّ َّ‬ ‫الوحدات إلانتا َّ‬
‫إلانتاجية في املرحلة‬ ‫تمثل برنامج العمل للوحدات‬ ‫جية في الدول بهذه الخطة التي ِّ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬
‫املقبلة‪ ،‬ممثال في فترة الخطة املركزَّية التي عادة ما تكون خمس سنوات‪.‬‬
‫التنفيذ‪ ،‬فجهاز‬ ‫مركزية َّ‬ ‫َّ‬ ‫التخطيط‪ ،‬وال‬ ‫مركزية َّ‬ ‫َّ‬ ‫اكي على مبدأ‬ ‫ّ‬ ‫التخطيط في ّ‬ ‫ويقوم َّ‬
‫النظام الاشتر ِّ‬ ‫ِّ‬
‫َّ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫إلانتاجية وظروفها‪ ،‬وله وحدة القرار‬ ‫التخطيط هو الذي يضع الخطة آخذا في الاعتبار رأي الوحدات‬
‫للخطة املوضوعة‪ ،‬وبذلك َّ‬ ‫َّ‬ ‫إلانتاجية ً‬ ‫َّ‬ ‫الخطة‪َّ ،‬أما َّ‬ ‫َّ‬ ‫ّ ّ‬
‫فإن‬ ‫وفقا‬ ‫التنفيذ فيترك للوحدات‬ ‫هائي في وضع تلك‬ ‫ِّالن ِّ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫جهاز َّ‬
‫التخطيط وحده هو الذي يجيب على ألاسئلة الثالثة‪ :‬املشكلة الاقتصادية‪ :‬ماذا‪ ،‬وكيف‪ ،‬وملن‬
‫ننتج؟‪.‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُُ ُ‬
‫ي الاش ِّت َر ِّاك ِّي‪:‬‬ ‫النظ ِّام الاق ِّتص ِّاد ِّ‬ ‫•عيوب ِّ‬
‫النظام بفلسفته‬ ‫الاجتماعية‪ ،‬فأنكر هذا ّ‬ ‫َّ‬ ‫أسمالي ومظامله‬ ‫ّ‬ ‫للنظام َّ‬
‫الر‬ ‫كرد فعل ّ‬ ‫النظام الاشتراكي ّ‬ ‫جاء ّ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫َّ‬
‫يوعية وجود هللا؛ فجاهر بأنه ال إله‪ ،‬والحياة مادة‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫الش َّ‬
‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ّ ُ‬ ‫وقد كشف الواقع عن ترنح ّ‬
‫الثمانينات من القرن‬ ‫صريعا في أواخر‬ ‫اكي‪ ،‬ث َّم سقوطه‬ ‫النظام الاشتر ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ًّ‬ ‫َّ َّ‬
‫مورثا لشعبه الفقر والجوع‪،‬‬ ‫املاض ي‪ ،‬بما حمله من املتناقضات‪ ،‬وبما اعتدى به على الفطرة السوية‪ِّ ،‬‬
‫سببا لتخلفه وضياعه‪.‬‬ ‫ولم يجد ًّبدا من نبذ أوهام كارل ماركس ‪ ،‬وضالالته معتبرها ً‬
‫اكي فيما يلي‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫أهم عيوب ّ‬ ‫وعليه؛ فيمكن إيجاز ّ‬
‫النظام الاشتر ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ْ َ ِّ َ‬
‫َُْ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ف َ‬ ‫َ ْ ُ‬
‫الحا ِّف ِّز ِّ ِِّلنج ِّاز ألاعم ِّال املخت ِّلف ِّة‪:‬‬ ‫‪1-‬ضع‬
‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫فحرمان ألافراد من ّ‬
‫ويؤثر في الحافز‬ ‫أمر يتنافى مع الفطرة والطبيعة البشرَّية‪ِّ ،‬‬ ‫الخاصة ٌ‬ ‫َّ‬ ‫امللكية‬ ‫َّ‬ ‫حق‬ ‫ِّ‬
‫سيئا‪" ،‬فحق امللكية الفردية إذا منع؛ فال مكان للحافز على إلانتاج‪ ،‬أو‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫الفردي إلنجاز ألاعمال تأثيرا ِّ‬ ‫ِّ‬
‫الناس في ّ‬ ‫الالمباالة وإلاهمال‪ ،‬ويصبح َّ‬ ‫َّ‬ ‫الحافز على الابتكار َّ‬
‫النهاية‬ ‫ِّ‬ ‫والتجديد‪ ،‬وال صوت يعلو على صوت‬
‫النظام الاشتراكي على غير الحقيقة‬ ‫شركاء في الفقر والحرمان‪ ،‬وينتكس الشعور القومي َّالذي َّاتخذه ّ‬
‫ِّ‬
‫حافزا لإلنتاج‪.‬‬ ‫ً‬
‫الع َّم ِّال‪:‬‬ ‫اض إ ْن َتاج َّية ُ‬ ‫ْ َ ُ‬
‫‪2-‬ان ِّخف ِّ ِّ ِّ‬
‫بغض َّ‬ ‫أجرا َّ‬ ‫َّ‬ ‫ً ً‬
‫إنتاجيته‪،‬‬‫َّ‬ ‫النظر عن‬ ‫ّ‬
‫ِّ‬ ‫محد ًدا‬ ‫يتسلم ً‬ ‫نظاما فعال للحوافز‪ ،‬فكل عامل‬ ‫فالعامل عندما ال يجد‬
‫وفقا لقاعدة‪" :‬م ْن ُك ّل ف ْرد َح َس َب ق ْد َرته‪َ ،‬ولك ّل َح َس َب َح َ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫اج ِّت ِّه‪".‬‬ ‫ِّ ِّ ِّ ٍ‬ ‫ِّ ِّ ٍ‬
‫َ َْ ْ‬ ‫َ َ َ َّ ْ‬ ‫ََ‬ ‫َ ْ‬ ‫صاد َّية وإلا ْن َت َّ‬ ‫ْ َ‬ ‫َّ ُ َ َ َ‬
‫اط َّي ِّة‪:‬‬
‫يد والبي ُروق َر ِّ‬ ‫يص املو ِّار ِّد‪ ،‬و ِّسياد ِّة التع ِّق ِّ‬ ‫اجي ِّة ِّفي تخ ِّص ِّ‬ ‫‪ِّ 3-‬قلة الكفاء ِّة الاق ِّت ِّ ِّ ِّ ِّ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ ُ َ َ ْ‬ ‫ُ‬
‫وإلانتاجية‬ ‫الاقتصادية‬ ‫يق الكفاءة‬ ‫لطة في يد مجموعة قليلة من صانعي القرار حال دون تح ِّق ِّ‬ ‫فتركز الس ِّ‬
‫اطية‪.‬‬ ‫التعقيد والبيروقر َّ‬ ‫في تخصيص املوارد‪ ،‬وسيادة َّ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫إلانتاجية في إنتاج ّ‬
‫املحددة في الخطة‪ ،‬ولكن‬ ‫الكم َّيات‬ ‫ّ‬
‫السلع املعينة لها ب ِّ‬
‫َّ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫فكثيرا ما نجحت الوحدات‬ ‫" ً‬
‫دائما عند مستوى املواصفات‪ ،‬أو الكفاءة‪ ،‬أو الجودة املطلوبة‪" .‬‬ ‫ليس ً‬
‫‪َ 4-‬ع َد ُم َت ْحقيق الك َف َاية َو َ‬
‫الع ْد ِّل‪:‬‬ ‫ِّ ِّ ِّ ِّ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫اكية املاركسية "عن تحقيق الكفاءة إلانتاجية والاقتصادية‪ ،‬والعدالة‪ ،‬والرفاهية‬‫َّ‬ ‫لقد عجزت الاشتر َّ‬
‫أمرا‬ ‫حرَّية ألافراد‪ ،‬وأبادت أصولهم بل وأرواحهم‪ ،‬وأصبحت العدالة في َّ‬
‫التوزيع ً‬ ‫ّ‬
‫لشعوبها‪ ،‬بل قهرت ِّ‬
‫َّ َّ‬
‫وحل محلها الاستغالل‪" .‬‬ ‫يستحيل تواجده‪،‬‬
‫تحول إلى وحش مفترس‬ ‫ألاقل على املستوى إلانساني‪ ،‬فقد َّ‬
‫ّ‬ ‫النظام الاشتر َّ‬ ‫َّإن ّ‬
‫اكي نظام ثبت فشله على ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ماوية‪ ،‬فشت فيه‬‫الس َّ‬
‫وللرساالت َّ‬
‫ّ‬ ‫ًّ‬ ‫ًّ‬ ‫ًّ‬ ‫ََ َ‬
‫فتك بشعبه اقتصاديا‪ ،‬واجتماعيا‪ ،‬وسياسيا‪ ،‬فبعد إنكاره لإلله ِّ‬
‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫وتفش ى الاستبداد ّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬
‫همه القضاء على الكرامة‪ ،‬واملشاركة‬ ‫السياس ي‪ ،‬الذي أصبح جل ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫كتاتورية‪،‬‬ ‫الد‬‫ِّ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫إلايجابي لجماهير الناس‪ ،‬ولم يبق في نفوس الناس سوى الكره‪ ،‬والحقد‪ ،‬وعدم‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬
‫الفعالة‪ ،‬والتجاوب‬ ‫َّ‬
‫ِّ‬
‫املباالة‪.‬‬
‫اعمال موجهة‬

‫الحصة الاولى‬
‫تقديم بحث حول املدرسة التجارية من طرف الطلبة‬
‫اسئلة مناقشة‪:‬‬
‫‪ -1‬ماهو مصدر الثروة عند التجاريين ؟‬
‫‪ -2‬كيف يتم زيادة هذه الثروة عند التجاريين؟‬
‫‪ -3‬ماهو موقفهم اتجاه املنافسة‬
‫‪ -4‬ماهي اهم الاتجاهات الاقتصادية التجارية ؟‬

‫الاجابة‪:‬‬
‫‪ -1‬ساد لدى التجاريين أن البحث الاقتصــادي يجب أن يستــهدف الوصول إلى إثراء الدولة‪ ،‬و‬
‫اعتقدوا أن الطريق إلى ذلك لن يتحقق إال من خالل زيادة املعدن النفيس للدولة‪ ،‬فاملعادن‬
‫الثمينة عندهم مصدر للثروة ومخزن للقيمة‪ ،‬فمعيار قياس قوة الدولة و ثرائها هو حجم ما‬
‫تملكه من الذهب و الفضة‪ ،‬لذلك يرون أنه يتوجب على الدولة الحصول على أكبر كمية من‬
‫املعادن النفيسة‪.‬‬
‫‪ -2‬تشجيع الصادرات من املواد املصنعة ومنع استيراد السلع املنافسة للسلع الوطنية‪.‬‬
‫بناء شركات املالحة وامتالك أساطيل بحرية ضخمة للنقل‪.‬‬
‫توفير مواد أولية بأسعار منافسة عن طريق إقامة مستعمرات أو مستوطنات خارج البالد‪.‬‬
‫وهكذا ترى التجارية ضرورة اتباع سياسة الحماية الجمركية والسيما تطبيق سياسة منع‬
‫ً‬
‫الاستيراد لتوفير ميزان تجاري رابح يشكل فائضه مصدرا للثروة‪.‬‬
‫‪ -3‬من أهم أفكار و مبادئ املذهب املاركنتيلي املوقف السلبي تجاه املنافسة‪ ،‬وعدم الترحيب بها‬
‫واملوافقة والتشجيع على الاحتكار أو على التحكم الاحتكاري في ألاسعار واملنتجات‬
‫‪ -4‬إذا كان الاتفاق بين التجاريين على أن هدف السياسة الاقتصادية هو العمل على زيادة قوة‬
‫الدولة و زيادة ثروتها الاقتصادية‪ ،‬فقد اختلفت الوسائل و السياسات باختالف ظروف كل‬
‫دولة‪ .‬من ابرز الاتجاهات نجد ‪ :‬املذهب التجاري املعدني في إسبانية‪ ،‬املذهب التجاري الصناعي‬
‫في فرنسا (راجع املحاضرة)‬
‫الحصة الثانية‬
‫تقديم بحث حول املدرسة الطبيعية من طرف الطلبة‬
‫اسئلة مناقشة‪:‬‬
‫‪ -1‬ماهي اهم مبادئ املدرسة الطبيعية؟‬
‫‪ -2‬ماهي اسهامات املدرسة الطبيعية الفكرية لعلم الاقتصاد ؟‬

‫الاجابة‪:‬‬
‫‪ -1‬امللكية الفردية ‪ :‬تقوم أساسا على املنفعة الشخصية فكل شخص في تصرفاته الاقتصادية‬
‫الذاتية يحث غيره على املنافسة في هذا املجال‪.‬‬
‫‪ -‬الحرية الفردية ‪ :‬و ينطلق هذا املبدأ من تطورات مفكري التنوير املناهضة لتسلط الكنيسة‬
‫من منطلق ( دعه يعمل دعه يمر‪) .‬‬
‫‪-‬التسليم بان الزراعة هي العمل الوحيد املنتج أو النشاط الاقتصادي الذي يعطي إلانتاج‬
‫الصافي‪.‬‬
‫‪-‬الطبقات الاجتماعية ‪ :‬و هي عبارة عن تطور الفيزيوقراطية‪:‬‬
‫الطبقة املنتجة ‪ :‬تظم مختلف املزارعين الذين يستثمرون في إيجار ألارض من ا صحابها املالك‬
‫و هي الطبقة الوحيدة املنتجة لإلنتاج الزراعي‪.‬‬
‫طبقة املالك ‪ :‬تتكون من الطبقة املالكة لألرض ورجال الكنيسة‪.‬‬
‫الطبقة العقيمة ‪ :‬تتكون من التجار والصناع والحرفيين واستثمارها أساسا يتمثل في اقتناء‬
‫املنتوجات الزراعية ( أي ال تحقق ناتجا صافيا‬
‫‪ -2‬بأمرين أساسيين ‪:‬وضع الاقتصاد السياس ي بين العلوم الاجتماعية و النتائج الهامة آلراء‬
‫الطبيعيين في ميدان الفكر و ميدان الواقع‪.‬‬
‫‪ -‬الاصتقاصاا الايا ‪ :‬لقد أسهمت مدرسة الطبيعيين في جعل الاقتصاد السياس ي علما له‬
‫استقاللية بين العلوم من صفة التبعية للفلسفة و الدين التي كان طابعها املميز في العصور‬
‫القديمة و العصور الوسطى و كذلك من صفة التبعية للسياسة العملية التي ميزت أبحاث‬
‫التجاريين في امليدان الاقتصادي‪.‬‬
‫إلانااج ثروة لامة‪ :‬لم يعد النظر إلى النقود املصنوعة من املعدن النفيس على أنها تشكل‬
‫الثروة القومية التي تسعى الدولة إلى تر كيمها من خالل تشجيع الصادرات و تقليل الواردات‬
‫كما كان الحال عند التجاريين بل كانت الثروة عن الطبيعيين تتمثل في إلانتاج الذي عرفوه‬
‫بأنه العمل الذي يخلق مادة جديدة‪.‬‬
‫املناااة باملذهب الحـ ــر‪ :‬يرجع إلى الطبيعيين الفضل في تأسيس املذهب الفردي أو الحر حيث‬
‫نادوا بترك النشاط الاقتصادي لألفراد حرا من أية قيود تفرضها الدولة عليه و إدارة هذا‬
‫النشاط وفقا للمصالح الذاتية لألفراد وعلى أساس املنافسة الجارية بينهم و اقتصار مهمة‬
‫الدولة على ألامن والعدالة والقيام باألشغال العمومية و لقد أخذت املدرسة الكالسيكية بهذا‬
‫املذهب إبان القرن ‪ 11‬وظل سائدا حتى القرن العشرين‪.‬‬
‫انتهاج لاسلوب العلمي في البحث الاصتقاصااي‪ :‬لقد أدرك الطبيعيون أن درجة إنتاجية العمل‬
‫التي جعلت تحقيق الفائض أمرا ممكنا قد ظهرت في الزراعة ولم يذهبوا إلى ابعد من ذلك غير‬
‫أن هذه املحدودية في الفكر تتضمن تقدما ملموسا في تطور الفكر الاقتصادي في رأي مؤرخي‬
‫هذا الفكر‪ .‬ذلك ألنها كشفت على أن الطبيعيين كانوا أول مدرسة فكرية استخدمت في ترابط‬
‫و تناسق منطقي أسلوب العزل و التجريد كأسلوب علمي في البحث الاقتصادي و لكن‬
‫الطبيعيين لم يدركوا حينئذ أنهم اتخذوا أولى خطوات البحث العلمي ألاصيل في املجال‬
‫الاقتصادي‪.‬‬
‫الحصة الثالثة‬
‫تقديم بحث حول املدرسة الكالسيكية من طرف الطلبة‬
‫اسئلة مناقشة‪:‬‬
‫‪ -1‬ماهو مصدر الثروة عند الكالسيك؟‬
‫‪ -2‬تكلم عند نظرة الكالسيك للفرد والسوق والدولة‬
‫الاجابة‪:‬‬
‫‪ -1‬مصدر الثروة الاساس ي عند الكالسيك هو العمل‪ ،‬كما انهم يثمنون املوارد الاقتصادية للدولة‬
‫ً‬
‫كافة‪ ،‬من رأس املال وألارض وكذلك ألاعمال الحرة‪ ،‬فضال عن جميع ألانشطة الاقتصادية من‬
‫زراعة وتجارة وإنتاج‪ ،‬بل واهتموا بالتبادل التجاري الدولي‪ ،‬ورأوا أن كل ذلك يسهم في تنمية‬
‫ثروة ألامة؛ لذا فالثروة الحقيقية في نظرهم تتمثل في السلع الاستهالكية والاستثمارية‪ ،‬ال في‬
‫كمية النقود التي يمتلكها الفرد‪.‬‬

‫‪ -2‬بالنسبة للفرد‪ :‬يرى الكالسيك أنه من خالل سعي الفرد لتحقيق مصلحته الشخصية الخاصة‬
‫سيحقق بذلك املصلحة العامة‪ ،‬كما أشار إلى ذلك مفهوم اليد الخفية آلدم سميث حيث يرى‬
‫سيئا بالضرورة‪ .‬ومن نتاج إيمان الكالسيك بسعي‬ ‫أن إلانسان أناني بطبعه‪ ،‬لكن ذلك ليس ً‬
‫الجميع لتحقيق املصلحة الشخصية‪ ،‬رأوا أن الفاعلين الاقتصاديين (املؤسسات والشركات‬
‫ً‬
‫مثال) في سعيهم لتحقيق أقص ى استفادة ممكنة‪ ،‬فإن هذا يتكفل بتوجيه املوارد املتاحة نحو‬
‫أفضل استخدام ممكن لها‪ ،‬وبالتالي يستفيد الاقتصاد منها بأقص ى كيفية ممكنة وتتحقق‬
‫املنفعة العامة‪.‬‬
‫بالنسبة للسوق‪ :‬يرى الكالسيك أن كل ألاسواق (أسواق السلع والخدمات أو سوق العمل)‬
‫تسودها املنافسة الكاملة‪ ،‬حيث تسعى كل املشروعات إلى تعظيم أرباحها الكلية فتسمح هذه‬
‫املنافسة بتخفيض التكلفة إلى أقل حد ممكن‪ .‬وحالة املنافسة الكاملة تحقق أعلى فاعلية‬
‫لألسواق التي تسمح بتحقيق الرفاه الاقتصادي‪ .‬مبدأ حرية ألاسواق وفاعليتها ليس مرتبطا‬
‫فقط باألسواق الداخلية القتصاد ما‪ ،‬بل ألامر ينطبق أيضا على السوق العالمي التي تجري‬
‫فيه التبادالت التجارية عن طريق الاستيراد والتصدير‪.‬‬
‫بالنسبة للدولة‪ :‬لها دور الدركي واساس ذلك هو إذا كان العمل الحر لألسواق يتميز بالفاعلية‬
‫التي تحقق املنفعة للجميع‪ ،‬فيجب علينا أن ندع ألاسواق تقوم بدورها الطبيعي‪ .‬ولهذا فعلى‬
‫الدولة أال تتدخل في النشاط الاقتصادي‪ ،‬إال في أضيق نطاق‪ ،‬كتنظيم امللكيات‪ ،‬وتقديم‬
‫خدمات التعليم‪ ،‬والشرطة والقضاء‪ ،‬والدفاع عن سيادة الدولة من التهديدات الخارجية وغير‬
‫ذلك من ألاعمال العامة‪.‬‬
‫الحصة الرابعة‬
‫تقديم بحث حول املدرسة الاشتراكية من طرف الطلبة‬
‫اسئلة مناقشة‪:‬‬
‫‪ -1‬ماهي اسس النظام الاشتراكي ؟‬
‫‪ -2‬ماهي عيوب النظام الاشتراكي ؟‬
‫الاجابة‪:‬‬
‫‪ -1‬اسس النظام الاشتراكي‪:‬‬
‫َّ‬
‫امللكية العامة‪ :‬وذلك من خالل إشراك جميع أفراد الشعب في َّ‬
‫ملكية وسائل إلانتاج‪ ،‬وتقوم‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫تقرر توزيع ألارض على مجاالت‬ ‫ِّ‬ ‫تي‬ ‫ال‬ ‫الاقتصادي‪ ،‬فهي‬ ‫ِّ‬ ‫الدولة بعد ذلك بإدارة النشاط‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫والاستهالكية‪.‬‬ ‫إلانتاجية‬ ‫السلع‬ ‫كم َّية املوارد املوجهة إلنتاج ِّ‬ ‫تحدد ِّ‬ ‫الاستخدام املختلفة‪ ،‬وهي التي ِّ‬
‫ً‬ ‫َّ‬
‫النظام هو إشباع‬ ‫الاقتصادي طبقا لهذا ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫الربح‪َّ :‬إن الهدف من النشاط‬ ‫عدم الاعتراف بحافز ِّ‬
‫السعي للحصول عليه ‪ ،‬بل‬ ‫العامة‪ ،‬أو الجماعة‪ ،‬وليس تحقيق الربح الفاحش‪ ،‬أو َّ‬ ‫َّ‬ ‫الحاجات‬
‫ِّ‬
‫تؤدي إلى سوء توزيع‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫على النقيض من ذلك ينظر إليه على أنه وسيلة من وسائل الاستغالل ِّ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫الدخل والثروة‪.‬‬
‫َّ‬ ‫الدولة على جهاز َّ‬ ‫التخطيط املركزي ‪ :‬وذلك من خالل اعتماد َّ‬ ‫َّ‬
‫التخطيط‪ ،‬أو الهيئة‪ ،‬أو اللجنة‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫العليا َّ‬
‫القومية املراد تحقيقها‪ ،‬ووسائل‬ ‫تحدد ألاهداف‬ ‫قومية شاملة ِّ‬ ‫للتخطيط لوضع خطة‬
‫َّ َّ‬ ‫تحقيق هذه ألاهداف‪ ،‬وإخطار جميع الوحدات إلانتا َّ‬
‫تمثل‬ ‫جية في الدول بهذه الخطة التي ِّ‬
‫َّ َّ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬
‫املركزية التي عادة ما‬ ‫إلانتاجية في املرحلة املقبلة‪ ،‬ممثال في فترة الخطة‬ ‫برنامج العمل للوحدات‬
‫تكون خمس سنوات‪.‬‬
‫‪ -2‬عيوب النظام الاشتراكي‬
‫الخاصة ٌ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َُْ َ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ ْ ُ َ‬
‫أمر يتنافى مع‬ ‫امللكية‬ ‫حق‬ ‫ضعف الحا ِّف ِّز ِّ ِّإلنج ِّاز ألاعم ِّال املخت ِّلف ِّة‪:‬فحرمان ألافراد من ِّ‬
‫َّ‬
‫سي ًئا‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫ا‬
‫تأثير‬ ‫ويؤثر في الحافز الفردي إلنجاز ألاعمال ً‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ة‪،‬‬ ‫َّ‬
‫البشري‬ ‫بيعة‬ ‫والط‬ ‫الفطرة‬
‫َّ‬ ‫ً ً‬ ‫اض إ ْن َتاج َّية ُ‬ ‫ْ َ‬
‫يتسلم ً‬
‫أجرا‬ ‫نظاما فعال للحوافز‪ ،‬فكل عامل‬ ‫الع َّم ِّال‪:‬فالعامل عندما ال يجد‬ ‫ان ِّخف ُ ِّ ِّ ِّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫إنتاجيته‪ً ،‬‬
‫وفقا لقاعدة‪ِّ " :‬م ْن ك ِّل ف ْر ٍد َح َس َب ق ْد َرِّت ِّه‪َ ،‬وِّلك ٍل َح َس َب‬ ‫َّ‬ ‫النظر عن‬ ‫محد ًدا بغض َّ‬
‫ِّ‬
‫َّ‬
‫اج ِّت ِّه‪".‬‬ ‫َح َ‬
‫اط َّي ِّة‪:‬فترك ُز‬
‫َ َْ ْ‬ ‫َ َ َّ‬ ‫ََ‬ ‫َ ْ‬ ‫ص ِّاد َّي ِّة وإلا ْن َتاج َّ‬ ‫الاقت َ‬ ‫ْ‬ ‫الك َف َ‬ ‫َ‬
‫يد والبي ُروق َر ِّ‬ ‫يص املو ِّار ِّد‪ ،‬و ِّس َياد ِّة الت ْع ِّق ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ص‬‫ِّ‬ ‫خ‬ ‫ت‬ ‫ي‬‫ف‬ ‫ة‬ ‫ِّ‬
‫ِّ ِّ ِّ‬ ‫ي‬ ‫ِّ‬ ‫ة‬
‫ِّ‬ ‫اء‬ ‫قلة‬
‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ‬
‫الاقتصادية‬ ‫يق الكفاءة‬ ‫لطة في يد مجموعة قليلة من صانعي القرار حال دون تح ِّق ِّ‬ ‫الس ِّ‬
‫اطية‪.‬‬ ‫التعقيد والبيروقر َّ‬ ‫وإلانتاجية في تخصيص املوارد‪ ،‬وسيادة َّ‬ ‫َّ‬
‫َّ‬
‫إلانتاجية‬ ‫املاركسية "عن تحقيق الكفاءة‬ ‫َّ‬ ‫الع ْدل‪:‬لقد عجزت الاشتر َّ‬
‫اكية‬ ‫َع َد ُم َت ْحقيق َ َ َ َ‬
‫الكفاي ِّة و ِّ‬ ‫ِّ ِّ ِّ‬
‫والرفاهية لشعوبها‪.‬‬ ‫والاقتصادية‪ ،‬والعدالة‪َّ ،‬‬ ‫َّ‬

You might also like