You are on page 1of 3

‫التطور التاريخي للفكر القاتصادي‬ ‫الوحمر الثالث‬

‫‪ -3‬المدرسة الكلسيكية‪:‬‬

‫تمهيد‪:‬‬
‫خخكلها‬‫خخذت ش‬ ‫إن الثورة الصناعية الكبرى التي بدأت في أوربا في نهاية القرن الثامن عشر‪ ،‬و اتخ‬
‫خخة‬ ‫خختنتاجات المدرس‬ ‫خخب اس‬ ‫الكامل في مطلع و منتصف القرن التاسع عشر أثبتت بالوقائع المادية بأن أغل‬
‫خخناعات‬ ‫الفيزيوقراطية كانت خاطئة و بعيدة عن الواقع العملي‪ ،‬و بذلك ظهرت الحاجة مع بزوغ فجر الص‬
‫خخادي‬ ‫خخع القتص‬ ‫خخرح الواق‬ ‫الجديدة و العلقات القتصادية الجديدة إلى مدرسة اقتصادية جديدة تعلل و تش‬
‫الجديد‪ ،‬فظهرت عندها المدرسة الكلسيكية كاستجابة لهذه التحولت القتصادية ‪.‬‬
‫)‪(1‬‬

‫و منذ ظهور هذه المدرسة الجديدة عرف القتصاد عهدا جديدا‪ ،‬خاصة مع ظهخخور عخخدد مخخن‬
‫المفكرين القتصاديين و خاصة النجليز منهم‪ ،‬الذين أعطوا النظريخخة القتصخخادية اتجاهخخا و حيويخخة‬
‫جديدين)‪.(2‬‬
‫اعتبرت الكلسيكية الطار الفكري للثورة الصناعية و المعبر عن التجاه الليبرالي الذي ساد هذه‬
‫الفترة من تاريخ أوربا‪ ،‬و شكلت في الوقت ذاته امتداد للمدرسة الفيزيوقراطية فيما يتعلق بالساس الفلسفي‬
‫المرتبط بمبدأ الحرية و الملكية الشخصية كأساس للتفاعلت القتصادية‪.‬‬

‫‪ /3-1‬تعريف المدرسة الكلسيكية‪:‬‬


‫ساهمت أفكار عدد من المفكرين القتصاديين أمثال ‪ ) :‬آدم سميث ‪ /‬ريكاردو ‪ /‬ستيوارت ميل ‪/‬‬
‫مالتس( في ظهور اتجاه جديد في دراسة الظواهر القتصادية و قدموا ما يعرف بالنظريخخة التقليديخخة أو‬
‫الكلسيكية النجليزية‪.‬‬
‫و يتميز تفكير هذه المدرسة بمحاولة تحليل المبادئ التي تحكم النظام الرأسمالي تحليخل دقيقخخا و‬
‫صلبا‪ ،‬و متابعة التطور التاريخي الذي أدى إلى نشأة هذا النظام‪ ،‬و التنبؤ بمستقبله‪ ،‬و كان العتقاد السائد‬
‫لدى أنصار هذا التجاه هو وجود قوانين تحكم الظاهرة الجتماعية)‪.(3‬‬
‫غير أن الملحظ بالنسبة لهؤلءا المفكرين هو أنهم انقسموا إلى طائفتين فيما يتعلق بنظرتهم إلخخى‬
‫خخر‬ ‫خخض الخ‬ ‫مستقبل النظام الرأسمالي‪ ،‬فكانت كتابات البعض منهم مشبعة بروح التفاؤل في حين أن البع‬
‫سلك طريق التشاؤم حول مصير النظام الرأسمالي‪ .‬غير أن كل الكلسيكيين يتفقون في نقخخاط مشخختركة‬
‫تكون الساس العلمي الفلسفي لفكرهم القتصادي‪:‬‬
‫‪ -1‬الكلسيكية تهتم بالتصرفات القاتصادية الجزئية‪ :‬أي بالمشاكل المرتبطة بالمصلحة الفردية و‬
‫هي مشاكل القيمة و السعار و المردود‪...‬إلخ‪ ،‬فنظرتها "ميكرو اقتصادية"‪ ،‬و هي تعتقخخد أن‬
‫المجموعة تتكون بعد إضافة الجزئيات بعضها ببعض‪.‬‬
‫‪ -2‬الكلسيكية فلسفة سكونية‪:‬أي أن دراستها تنصب على واقع معين و في فترة زمنية معينخخة‪،‬‬
‫غير أن هذا ل يعني إهمالها التام للحركية في تحليلها‪ ،‬بل نجدها تهتم بقضايا التطور المتعلقة‬
‫بالسكان و تراكم رأس المال‪ ،‬و لكن ذلك يعبر عن مجرد استنتاج إمكانية وجود توازن قار و‬
‫دائم بسبب تداخل المصالح الخاصة‪ ،‬فالكلسيكية سكونية التحليل حركية المضمون‪.‬‬
‫الكلسيكية فلسفة ليبرالية‪ :‬ترى أن الحرية القتصادية و حق الملكية الشخصية مبخخادئ‬ ‫‪-3‬‬
‫أساسية في الحياة القتصادية‪ ،‬باعتبارهما حق مقدس للنسان و هبته إياهم الطبيعة‪،‬لخخذلك ل‬
‫ينبغي على الدولة التدخل في توجيه النشطة القتصادية أو الحد من الملكية الشخصية)‪.(4‬‬

‫‪ /3-2‬آدم سميث)‪ (‬و ثروة المم‪:‬‬


‫‪ ( 1‬أنطوان أيوب‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.154‬‬
‫‪ ( 2‬حازم الببلواي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.51‬‬
‫‪ ( 3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.51‬‬
‫‪ ( 4‬فتح ا والعلو ‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.106‬‬
‫‪ ( ‬آدم سميث ‪ : 1723-1790 ( Adam Smith ) /‬هو اسكتلندي ولد في اكوسيا‪ ،‬تعلم في جامعات كلسجو و‬
‫أكسفورد‪ ،‬ثم باشر مهنة التدريس‪ ،‬فأصبح أستاذ المنطق ثم الفلسفة الخلقية في جامعة كلسجو ثم للقتصاد‬

‫‪1‬‬
‫التطور التاريخي للفكر القاتصادي‬ ‫الوحمر الثالث‬
‫خخة‬ ‫خخي النظري‬ ‫يعتبر لدى الكثيرين أب القتصاد السياسي‪ ،‬يعتبر آدم سميث أول اقتصادي يكتب ف‬
‫القتصادية و هو يشغل وظيفة أستاذ جامعي‪ ،‬مما انعكس بشكل واضح في عرضه المنظم لفكاره‪.‬‬
‫و يعتبر كتاب"ثروة المم" )‪ ،1776 (‬مرجعا أساسيا للفكر القتصاديالحديث‪،‬بحيث تلخصت‬
‫فيه أفكار سميث القتصادية‪ ،‬و التي تميزت بروح التجديد و البداع‪ ،‬فمعظم أفكاره جاءات مناقضخخة‬
‫خخبر‬ ‫خخميث ع‬ ‫خخفها س‬ ‫خختي اكتش‬ ‫لمبادئ المدرسة الفيزيوقراطية‪ ،‬و تضمنت الكثير منالنظرياتالقتصادية ال‬
‫احتكاكه بالواقع العملي‪ .‬و أصبح علم القتصاد السياسي بعد صدور هذا المؤلفهو علم الثروة‪.‬‬
‫لكن بالرغم من أن هذا الكتاب يحتوي على آراءا و أفكار اقتصادية جديدة غير أننا نلتمخخس فخخي‬
‫خخا‬ ‫خخاك نظام‬ ‫طياته انتماءا آدم سميث للمدرسة الطبيعية من الناحية الفلسفية‪ ،‬التي تقوم على العتقاد بأن هن‬
‫خخام‬ ‫خخن أي نظ‬ ‫طبيعيا‪ ،‬و أن هذا النظام قادر على التوفيق بين المصالح الخاصة و العامة بصورة أفضل م‬
‫خخا‬ ‫خخميث‪ ،‬فيم‬ ‫آخر‪ ،‬لذلك يمكن القول بأن الفلسفة العامة التي سيطرت على أعمال الطبيعيين وجدت عند س‬
‫يتعلق بضرورة وجود نظام طبيعي)‪.(1‬‬
‫عموما يمكن تلخيص أعمال سميث الفكرية في النقاط التالية‪:‬‬
‫أ‪ -‬الدور الساسي للمصلحة الخاصة و الدوافع الشخصية في الحياة القاتصادية‪:‬‬
‫خخذه‬ ‫تشكل المصلحة الشخصية و مبدأ الحرية الساس النظري لفلسفة سميث القتصادية‪ ،‬و تقوم ه‬
‫خخعور‬ ‫خخة الش‬‫خخابه " نظري‬ ‫الفلسفة على العتقاد في سلمة و كفاءاة النظام الطبيعي‪ ،‬فآدم سميث يعتقد في كت‬
‫الخلقي" ‪ ،1759‬بأن السلوك النساني يخضع لست بواعث‪ :‬حب الذات‪ ،‬التعاطف‪ ،‬الرغبة في الحرية‪،‬‬
‫الحساس بالملكية‪ ،‬عادة العمل‪ ،‬و الميل للمبادلة‪.‬‬
‫خخق‬ ‫خخق التواف‬ ‫خخى تحقي‬ ‫خخادر عل‬ ‫و قد أدى اعتقاد سميث في وجود نظام طبيعي إلى العتقاد بأنه ق‬
‫يية ‪/‬‬ ‫ييد الخفي‬ ‫خخرة " الي‬ ‫خخي فك‬ ‫خخذه ه‬ ‫والنسجام بين المصالح الخاصة للفراد و بين المصلحة العامة‪ ،‬وه‬
‫‪ "Invisible hands‬التي تعني أن‪ :‬الفراد في سعيهم لتحقيق صالحهم الخاص يحققييون –دون أن‬
‫يشعروا‪ -‬المصلحة العامة‪.‬‬
‫خخك؟‬ ‫خخق ذل‬ ‫فآدم سميث اعتقد بأن الدافع الشخصي هو أكبر ضمان للصالح العام‪ ،‬و لكن كيف يتحق‬
‫يجيب سميخخث بأن‪ :‬الدافع الشيخصي هو مجرد وسييلة أو أداة‪ ،‬و الصالح العام هو دائما الغاية أو‬
‫ييس‬ ‫خخوله‪ ":‬لي‬ ‫الهدف‪ ،‬و يوضح سميث هذه العلقة و النسجام بين المصلحة الخاصة و الصالح العام‪ ،‬بق‬
‫بفضل و كرم الجزار أو صانع الجعة أو الخباز ما يسمح لنا بتوفير الطعام لعيشنا‪ ،‬بقدر ما يرجع ذلك إلى‬
‫نظرتهم إلى مصالحهم الخاصة‪ ،‬و عندما نطلب خدماتهم‪ ،‬فإننا ل نتوسل إلى إنسانيتهم بقدر ما نستحث‬
‫مصالحهم الشخصية‪ ،‬و هكذا‪ ،‬فعندما نتوجه إليهم فإننا ل نعرض عليهم حاجتنييا‪ ،‬بييل إننييا نسييتثير‬
‫مصالحهم الشخصية‪ ،‬فل أحد سوى الشحاذ الذي يمكن أن يعتمد في حياته على أفضال الخرين" )‪.(2‬‬

‫ب‪ -‬الحرية القاتصادية مبدأ ضروري لستقرار الحياة القاتصادية‪:‬‬


‫بعد أن فسر سميث أهمية الدوافع الشخصية في الحياة القتصادية‪ ،‬فإن النتيجة الحتمية لذلك هخخي‬
‫خخبة دون‬‫ضرورة ترك الحرية التامة و المطلقة للفرد في العمل كيفما يشاءا و بالطريقة التي يراها هو مناس‬
‫أن تحد هذه الحرية حدود‪ ،‬إل حدود المنافسة أو المزاحمة‪ ،‬بمعنى أن الحرية يجب أن تنمخخو فخخي بيئخخة‬
‫المنافسة بين الفراد دون أي احتكار الذي من شأنه أن يقضي على محاسن الحرية)‪.(3‬‬
‫و استند سميث في تبريره لمبدأ الحرية إلى أن‪:‬‬
‫‪ -‬الفرد هو أفضل حكم على تقرير مصلحته الخاصة‪.‬‬
‫‪ -‬و بالتالي يجب تركه حرا في سلوكه‪.‬‬

‫السياسي‪ .‬زار فرنسا سنة ‪ 1765‬و أمضى فيها سنتين مكنته من الحتكاك بالفيزيوقراطيين‪ ،‬ثم حصل على منحة‬
‫مكنته من التفرغ للكتابة و التأليف‪ ،‬و كان في آخر حياته موظفا كبيرا في الجمارك‪.‬‬
‫‪‬‬
‫‪) Inqury Into The Nature and Causes of the Wealth of Nations.‬‬
‫‪ ( 1‬حازم الببلواي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.55‬‬
‫‪ ( 2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.56‬‬
‫‪ ( 3‬أنطوان أيوب‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.168‬‬

‫‪2‬‬
‫التطور التاريخي للفكر القاتصادي‬ ‫الوحمر الثالث‬
‫و لضمان حماية الحرية كأساس للفعاليات القتصادية دعا سميث إلى تطبيق آليييات اقاتصيياد‬
‫خخات‪ ،‬و‬ ‫خخباع الحاج‬ ‫السوق الحر‪ ،‬الذي يعتبر تنظيما اجتماعيا لضبط سلوك الفراد في ميدان النتاج و إش‬
‫خخا‬‫خخة و تطوره‬ ‫يتوقف قيام هذا التنظيم على مدى توافر المؤسسات الجتماعية الضرورية و بخاصة الدول‬
‫خخة‬‫على النحو الذي يساعد على تدعيم السوق الحر‪ .‬عبر سن التشريعات القانونية و القضائية و توفير البيئ‬
‫الثقافية و الحرية السياسية المناسبة لنجاح مثل هذه التطبيقات القتصادية‪.‬‬
‫و على هذا النحو فقد كانت دعوة سميث إلى الحرية القتصادية جزءا متكامل من نظخخرة شخخاملة‬
‫للجوانب السياسية و الجتماعية و القانونية‪ ،‬فالدعوة إلى اقتصاد السوق في ظل غياب هذه المؤسسخخات و‬
‫النظم تبقى غير متكاملة‪.‬‬
‫خختطيع أن‬ ‫خخا ل تس‬ ‫و قد استخلص سميث أن الحكومة فيما عدا وظيفة وضع القوانين السليمة‪ ،‬فإنه‬
‫تكون أكثر فاعلية و كفاءاة في تحقيق المصلحة العامة‪ ،‬و أن تدخلها في النشاط النتاجي يكون ضارا فخخي‬
‫أغلب الحيان‪ .‬و طالما أن الفراد هم أقدر على التعرف على مصالحهم الخاصة‪ ،‬و طالمخخا أن النظخخام‬
‫الطبيعي يؤدي إلى التنسيق بين المصلحة الخاصة و العامة‪ ،‬فالنتيجة المنطقية لذلك هي عدم تدخل الدولة‪.‬‬
‫ما عدا في حدود وظيفتها التي تقتصر على سخن القوانيخخن المنظمة للحياة القتصادية و الختي تحمخي‬
‫الحريات و ملكيات الفراد‪ ،‬إلى جانب قيامها بمهمة الدفاع الخارجي و توفير القضاءا العخخادل‪ ،‬و إقامخخة‬
‫خخيك‬ ‫خخدى الكلس‬ ‫خخة ل‬ ‫خخمية الدول‬
‫بعض المشروعات التي يعجز الفراد على القيام بها‪ ،‬و اصطلح على تس‬
‫بخ"الدولة الحامية"‪.‬‬
‫خخة‬‫خخى حري‬ ‫خخرف عل‬ ‫كما عارض سميث بشدة القيود التي يمكن أن يفرضها التجار و أصحاب الح‬
‫النشاط القتصادي‪.‬‬

‫ج‪ -‬العمل أساس القيمة ‪ /‬مصدر الثروة‪:‬‬

‫‪3‬‬

You might also like