Professional Documents
Culture Documents
عرف تسيير المؤسسات تطورات كثيرة منذ مئات السنين ,من خالل أراء و أفكار
.و نظريات العديد من الكتاب و المفكرين و الممارسين
فمنذ ظهور اإلدارة كعلم مستقل تزايد الباحثون في مجاالت اإلدارة المختلفة
وتزايدت معهم اآلراء التي خلصوا إليها من أجل تطوير العمل اإلداري .حيث أنه
ليس بمقدور رجل اإلدارة تحقيق أهداف مؤسسته بمجرد إصداره قرارًا معينًا ،
وإنما ال بد له من القيام بمجموعة من المهام والتي اصطلح على تسميتها
بالوظائف اإلدارية أو وظائف العملية اإلدارية المتمثلة في التخطيط و التنظيم و
إعداد تنمية القوى العاملة و التوجيه و القيادة و التقويم ،إن أداء هذه المهام
مجتمعة وقد يكون غيرها عالوة عليها وسيلة القائد أو أداته لتحقيق أهداف
.مؤسسته
إال أن الباحثين بمجال اإلدارة لم يتفقوا على أسلوب واحد يحكم عمل المديرين -
القادة -للوصول إلى األهداف المطلوبة بأقل وقت وجهد ومال وإنما اختلفت
نظرتهم إلى هذا األمر ،و هذا ما أدى إلى ظهور عدة أنواع لإلدارة وكذلك عدة
مدارس و كان من أهمها المدرسة الكالسيكية و من أهم النظريات التي قدمتها
.نظرية اإلدارة العلمية لفريدريك تايلور
إذن :كيف تعرف المدرسة الكالسيكية وكيف نشأة و ما هي أهم االفتراضات التي
قامت عليها؟
و من هم أهم رواد هذه المدرسة؟
وكيف ظهرت النظرية العلمية لفريدريك تايلور وما أهم التجارب التي قام بها؟
هل نجحت هذه النظرية و فيما تتمثل االنتقادات الموجهة لها؟
على أي قواعد ومبادئ اعتمدت هذه النظرية وما هي األسس التي قامت عليها
هذه النظريات؟
وأخيرا هل نجحت هذه النظرية في تحقيق ما كانت تسعى إليه ؟
في نهاية القرن 18وبداية القرن 19عرف العالم تغييرا جذريا بعد الثورة
الفرنسية ,و الثورة الصناعية والثورة العلمية التقنية التي أدت إلى ظهور اآللة ,و
من هنا عرف العالم االقتصادي تغيرا من وسائل بسيطة إلى وسائل أكثر دقة
فظهرت فيه أفكار بسيطة ونظريات علماء ومفكرون ساهموا في تطور العلم
االقتصادي وحيث اعتمدوا في دراساتهم التحليلية للظواهر االقتصادية على
نظريات من بينها النظرية الكالسيكية وهذه الدراسة جاءت لتصحيح بعض األفكار
التي كانت تسود في الفكر االقتصادي القديم وقد انبثق منها العديد من الفالسفة
.المفكرين
المطلب األول :مفهوم و نشأة المدرسة الكالسيكية
:نشأة المدرسة الكالسيكية
يطلق تعبير المدرسة الكالسيكية أو التقليدية على النظريات التي ظهرت في العالم
الغربي حيث انبثق هذا المذهب على أسس التي وضعها الطبيعيون وتطور في
إنجلترا نتيجة التوسع االقتصادي الذي عرفته فترة أواخر القرن الثامن عشر ،ثم
انتشرت في فرنسا .و يتفق المفكرون الكالسيكيون فيما بينهم على أن المصلحة
الشخصية هي أساس التصرفات البشرية في إطار الحرية و المنافسة .و هذه
المصلحة ال تتناقض مع المصلحة العامة .و قبل التطرق إلى أهم األفكار و
المحاور التي تناولتها المدرسة الكالسيكية ,تجدر اإلشارة إلى الظروف
.الموضوعية التي سبقت تطور هده المدرسة
فمن وجهة النظر االجتماعية العامة ،يمكننا القول بان الوضعية التي تزامنت مع
:نشوء البناء النظري الفكر الكالسيكي كانت لها الخصوصيات التالية[]1
انتصار النظرة العلمية لألشياء التي عوضت أساليب التفكير القديمة وذلك تحت -
.تأثير التغيرات االقتصادية و االجتماعية التي تميزت بها تلك الفترة
هيمنة الحيوية الفكرية آنذاك أدت إلى بروز العلوم االجتماعية ،السياسية و -
.النظرية االقتصادية
نشوء الفردية باعتبارها فلسفة تهتم بالفرد ،أي اإلنسان ،إال أنها ال تهتم بالفرد -
بشكل عام ،و إنما بالفرد الذي ينتمي إلى فئة اجتماعية معينة ،أو ما كان يعرف
آنذاك بالفرد الناجح .و أن صورة الفرد الناجح تجسدت في تلك الفترة في رجل
.األعمال ،و بصورة أدق في الرأسمالي
إلى جانب هذه العوامل المعنوية التي تصادفت مع نشوء الفكر الكالسيكي ,هنالك
عوامل أخرى موضوعية أو مادية ،كان لها األثر الكبير في التعجيل بقيام التفكير
الكالسيكي .و قبل التطرق إليها بالتفصيل يجدر القول أن البدايات األولى
لظهورالفكر الكالسيكي تمثل في أعمال دافيد ريكاردو و آدم سميث التي تصادفت
مع مرحلة تميزت باالنتقال من الصناعة الحرفية إلى الصناعة المعملية و بداية
.الرأسمالية الصناعية
:و يمكن ذكر ثالثة عوامل موضوعية أساسية طبعت هذه المرحلة[]2
النمو الديموغرافي ،استدعى إحداث تغيير جذري على أساليب االستغالل -
الزراعي ،و بالخصوص القضاء على األساليب اإلقطاعية و الذي عجل بقيام
.الطبقة العمالية
التنظيم الجيد الذي عرفته المعامل باستعمالها للعناصر التكنولوجية الجديدة التي -
نجمت عن الثورة الصناعية ،كالعربة المتنقلة و اآللة البخارية .هذه األخيرة,
.عجلت بالتوسع الكبير في صناعات الحديد و الصلب و قطاع السكك الحديدية
كل هذه الظواهر و األحداث شكلت جوهر اهتمام المفكرين الكالسيكيين أو بمعنى
آخر ،فان مجال االهتمام و المالحظة عند الكالسيكيين انصب على اقتصاد في حالة
.تحول قصوى
:تعريف المدرسة الكالسيكية
إذا انتقلنا للكالم حول الفكر اإلداري المعاصر سنجد أن أول مدرسة إدارية تكلمت
حول السلوك اإلنساني وكيفية السيطرة عليه بطريقة علمية حديثة هي المدرسة
الكالسيكية ،فهي تيار فكري حاول تطبيق العلم على اإلنسان ،وسميت هذه
المدرسة بالكالسيكية ألنها المدرسة األولى التي تميزت بوضع األسس والقواعد و
التقاليد العريقة في اإلدارة والتي لم تكن معروفة من قبل وهي بال شك وليدة
الفترة الزمنية التي ظهرت فيها ومن أسباب ظهورها االقتصاد الرأس مالي القائم
على المشروع الحر و المنافسة ،واالتجاه إلى الترشيد و التفكير المنطقي و تفسير
السلوك اإلنساني والسلوك التنظيمي استنادا إلى مفاهيم العلوم الطبيعية النامية في
ذلك الوقت" .وقد افترضت المدرسة الكالسيكية بشكل عام بأن األفراد كسالى
وأنهم غير قادرين على تنظيم وتخطيط العمل وأنهم غير عقالنيين وأنهم
انفعاليين ،ولهذه األسباب هم غير قادرين على أداء أعمالهم بطريقة صحيحة
وفعالة ,وبالتالي صارت السيطرة على هذا السلوك الغير الرشيد حتمًا مقضيًا"[
،]3ولذا ستجد أن جميع النماذج الخارجة من المدرسة الكالسيكية تركز على
فرض نموذج عقالني ورشيد وقوي على العاملين وذلك كمحاولة للسيطرة على
.سلوكهم داخل المنظمة
المبادئ األساسية للفكر الكالسيكي
بالرغم من تعدد النظريات التي تندرج تحت هذا العنوان إال أنها جميعا تشترك في
:مبادئ رئيسية نذكر منها[]4
اإلنسان كآلة:تنظر هذه النظريات نظر محدودة لإلنسان ،فالنموذج الذي 1 )-
تضعه هذه المدرسة لإلنسان هو نموذج آلة يمكن التحكم به كما يمكن التحكم
.باآللة
فرضية اإلنسان االقتصادي :ترى هذه النظرية أن اإلنسان كائن اقتصادي 2)-
بمعنى أنه يمكن التأثير على كافة نواحي سلوكه عن طريق الدوافع االقتصادية،
.كزيادة األجر و المزايا المادية األخرى من عالوات و منافع
التنظيم نظام مغلق :ال تعبر هذه النظريات األهمية المناسبة للظروف البيئية 3)-
المحيطة كمحددات على سلوك اإلنسان ،وعلى التنظيم بشكل إجمالي ،إذ ترى أن
.التفاعل فيه على أعضاء التنظيم الرسميين و بالقنوات المحددة
نمط المركزية الهرمي :تتمسك هذه النظريات بنمط المركزية الهرمي 4) -
كمبادئ أساسية للتنظيم األمثل و الذي على كافة التنظيمات أن تطبقه إذا أرادت
تحقيق أقصى درجة ممكنة من اإلنتاجية,كما تؤكد على المفاهيم السلطوية كأساس
.لسير العمل اإلداري
المطلب الثاني :نظريات و رواد المدرسة الكالسيكية
الفرع األول :النظرية اإلدارة العلمية
نشأة النظرية العلمية *
تقترن بدايات اإلدارة العلمية باسم وجهود فريدريك تايلر وهي جهود جاءت بعد"
إضافات من كثير من الرواد األوائل أمثال ماثيو باولتن ،جيمس وات ،روبرت
أوين ،تشارلز بابيج ،هنري تاوني ،فريدريك هالسي ،فرانك جيل برت ،هنري
.غانت ،ايمرسون وآخرون غيرهم"[]5
ولد فرد ريك تايلور عام 1856في والية فيالدلفيا األمريكية ,ونشأ في عائلة
برجوازية ,و قد عاش تايلور وهو المنظم الرئيسي ألفكار هذه الحركة في فترة
تميزت بالفساد السياسي و اإلداري وعدم الكفاية والفعالية وبدأ حياته عامال في
شركة ميدفيل للفوالذ في مدينة فيالدلفيا في والية بنسلفانيا األمريكية ،و تدرج
.في العمل من مراقب عمال إلى مساعد مهندس حتى أصبح رئيسا للمهندسين
وفي الوقت الذي كان يعمل فيه استطاع أن يحصل بالمراسلة على شهادة في
الهندسة الميكانيكية من معهد ستيفنز .وعمل في حقل االستشارات حيث قام
باكتشاف طريقة جديدة لعمل الفوالذ ومن ثم أصبح رئيسا للجمعية األمريكية
.للمهندسين الميكانيكيين
لقد قام بالتعمق في تحليل ظواهر العصر الذي يعيش فيه ومشكالته ,و كانت "
الورشة الصناعية" في مصنع " ميدفال" للصلب هي مجتمعه المصغر وعصره
.الذي آثار فضوله
وقد لمس تايلور بهذا واحدة من أهم مشكالت عصر الثورة الصناعية والتفوق
اآللي ,محرزا بذلك انتصارا باهرا في ميدان من أهم ميادين العمل الصناعي .
وفي ذلك الوقت كانت هناك مشكلة هامة تنحصر في الشك الذي بدأ يتسرب إلي
النفوس في أن الثورة الصناعية الهائلة أخذت تعجز عن تحقيق وعودها .فالثورة
الصناعية التي أحدثت تغيرات جذرية في أساليب اإلنتاج ,وساعدت بإتباع سياسة
اإلنتاج علي نطاق واسع ,علي زيادة ثروة األمم التي اتبعت أساليبها ...هذه
:الثورة سرعان ما اصطدمت صداما مباشرا مع نقيضين هما[]6
الحاجة المستمرة إلي تحقيق المزيد من الربح للمؤسسات الصناعية 1-
الرأسمالية حتى يمكن لهذه المؤسسات أن تستمر في تأدية وظائفها االجتماعية
.في مجتمع صناعي متقدم
حاجة العاملين في تلك المؤسسات إلي زيادة دخولهم حتى يتيسر لهم الحصول 2-
علي حاجتهم من ذلك التيار المتدفق من السلع والخدمات التي يقدمها النظام
.الصناعي المتقدم
وكانت الوسيلة التقليدية لإلدارة في مواجهة هذين النقيضين هي الحزم وتخويف
العاملين بشتى الوسائل حتى يمكنها" محاصرة" مطالبهم وضغوطهم لزيادة
األجور والمهايا .ومنذ اللحظة التي وطأت فيها أقدام تايلور مصنع "ميدفال"
اضطر إلي االشتراك في هذا الصراع والقيام بدور رئيسي فيه وبحكم شعوره بما
يشعر به العمال لم تخف عليه مساوئ تلك الحوافز" اإلكراهية" التي كانت اإلدارة
تلجأ إليها واستطاع باختالطه الدائم بهم أن يدرك أثر تلك السياسة في تعميق
التناقض بين العمال واإلدارة ألن النتيجة الطبيعية الستجابة العمال لهذا النوع من
الحوافز القهرية هو تفاقم نفورهم من إطار العالقات االجتماعية للنظام الصناعي
.القائم إذ ذاك
ورغم إن التفكير"الهندسي" الفني كان هو الغالب علي تايلور ،إال أن وجوده"
داخل إطار هذا الصراع جعله يركز اهتماماته علي الورشة الصناعية ،وكيف
يجعلها أكثر تحقيقا لمطالب المجتمع الصناعي واألسرة اإلنسانية عموما ..فاتجه
.بحثه نحو أماكن االستعاضة عن القهر واإلكراه باإلنتاجية"[]7
وتساءل تايلور ..هل ثمة تعارض بين دافع تحقيق المزيج من الربح وما يطالب
به العمال من زيادة في األجور والمهايا لو أمكن الحصول علي عائد أكبر من نفس
كمية العمل وبنفس عدد اآلالت؟ ..إن هذا السؤال العريض هو الذي يفسر لنا لب
.فلسفة تايلور ،وجهود هذا الرجل العظيم في هذا الميدان
وبدأ تايلور دراساته التي مالبثت أن اتخذت شكال علميا وتبلورت فيما يعرف اآلن
باال داره العلمية .ويحب أن نقرر أنه في نفس الوقت الذي كان تايلور يقوم فيه
بتلك الدراسات بل وقبل ذلك .لم تغيب هذه المشكلة عن أنظار كثير من رجال
اإلدارة ,وكثير من المنشآت الصناعية .ولكن كل هذه الدراسات والمجاالت لم تكن
مضاهية لتجارب تايلور ونتائجها البارزة مما جعل علم اإلدارة العلمية مقترنا دائما
.باسم تايلور
أجرى تايلور عدة تجارب عملية دقيقة في الورش الصناعية التي عمل فيها و فيما
.يالي بعض تجارب التي قام بها تايلور
التجارب التي قام بها تايلور *
لقد اهتم تايلور في أثناء عمله بإنتاج أقصى حد ممكن عن طريق مجموعات العمل
التي يشرف عليها ،فلم يكن مرتاحا لنظام العمل في المصنع العتقاده بأن هذا
النظام ال يقوم على تقدير سليم لطاقة العامل اإلنتاجية ،بل مبني على سجالت
اإلنتاج السابقة التي تقدر عشوائيا معدل اإلنتاج المطلوب وهو مبدأ عرفه العمال
وحاولوا دوما الحفاظ عليه بدرجة مما جعل العمال أصحاب المبادرة بتحديد كمية
اإلنتاج.تعد سنة 1898بداية تجارب تايلور حيث ذهب في ذلك العام ليعمل في
شركة بيت لحم للفوالذ حيث قام هناك بدراساته المشهورة في عدة مجاالت على
:النحو التالي[]8
:ـ تجربة رفع الكتل المعدنية1
أجرى تايلور تجربة لرفع الكتل المعدنية على مجموعة تتكون من 75عامل كانوا
يقومون برفع المعادن على قاطرات ،كان العامل الواحد عند بدأ التجربة يرفع ما
معدله 12.5طن من الخامات يوميا ،ومن دراسته ومالحظته للوضع تبين له أن
العامل الواحد يستطيع أن يرفع حوالي 47طن باليوم و ب %43من وقت العمل
فقط ،حيث أن الوقت المتبقي يحتاجه العامل للراحة واستعادة النشاط .وبالفعل
قام تايلور بتزويد العمال بالتعليمات الالزمة للقيام بالعمل مسبقا و باألدوات
الالزمة للقيام بالعمل و تحديد الوقت المناسب إلتمامه ،وبعد تطبيق التجربة تبين
له صدق فرضيته بالرغم من ذلك استلزم استغنائه عن 8/7من أفراد المجموعة
التي بدأها ألنهم ال يتناسبون مع العمل المطلوب منهم ،وإذ لم يكونوا قادرين على
.األعمال المطلوبة إليهم
تعتبر األفكار و النظريات والمبادئ التي جاء بها المفكرين الذين صنفناهم ضمن
المدرسة الكالسيكية أفكار على قدر كبير من األهمية ،إذ أن دعاتها رجال وعوا
العصر الذي عاشوا فيه واستجابوا له استجابة رائعة فقد كان هدف زيادة اإلنتاج
في سلم األوليات في المجتمعات الغربية ،كان العمال غير مهرة وغير مدربين
ومن مستويات ثقافية متدنية وكانت الحوافز االقتصادية ذات اثر فعال في نفوس
العاملين ،وذلك فقد أكدت دراسات الزمن و الحركة سبيال ممتاز أثبتت نجاعته في
تحسين اإلنتاج و زيادته و ساهم وال شك في تقدم المجتمعات الصناعي ,وكذلك ال
تزال المبادئ والعناصر اإلدارية التي آتى بها أتباع النظريات المختلفة على الرغم
مما توصف به من قصور وعدم الواقعية إال أنها تبقى إطارا مفيدا وتراثا فكريا
مفيدا حتى اآلن فال تزال النظرية البيروقراطية إطارا علميا لفهم البيروقراطية
الحكومية و إعادة تنظيم أجهزتها على الرغم من مضى ثمانين عاما على وضعها
ومع هذا فان ما تقدم ال يعني بآي حال من األحوال كمال تلك النظريات و تحصنها
ضد النقد العلمي ،فهي وال شك عجزت عن إدراك كثير من األمور لم تكن ذات
:أهمية في حينه وفيما يلي بعض الماخد عليها
لقد دعاة النظرية فهما محدودا لطبيعة اإلنسان ،فقد رأوا فيه كائنا جامدا كاآللة"
يجب إعادة قولبته بشكل يتناسب مع العمل المطلوب منه .و كذلك فان اإلنسان في
نظر هذه النظريات إن لم يكن جامدا فهو إنسان اقتصادي يمكن تعديل سلوكه
بالتأثيرات االقتصادية كزيادة األجر و الحوافز المادية األخرى .إذ إن رد فعله
العكس سيكون حتما زيادة اإلنتاج و التماشي مع إرادة اإلدارة ،و كذلك فان
اإلنسان في نظرهم صراحة كان أو ضمنيا كسول وقصير النظر و أناني وغير قادر
على إصدار القرارات الجديدة إلى غير ذلك من االفتراضات السلبية وهذه
االفتراضات تجافي المنطق و الواقعية على األقل من المنظور العصري الحالي مما
.أوقع التنظيمات اإلدارية المبنية عليها في مشاكل كثيرة"[]20
تعتبر افتراضات إتباع هذه النظريات عن طبيعة األجهزة اإلدارية و البيئية التي"
تعمل فيها بعيدة عن الصحة ،فهم يفترضون أن األهداف معروفة واألعمال
روتينية متكررة وان التنظيم نظام مغلق و محصن ضد التأثيرات البيئية وهذا األمر
لم يعد صحيحا وال واقعيا .ولم تكن بعض المبادئ التي جاءت بها هذه المدارس
قائمة على التجربة وال على عالمية التطبيق"[ ، ]21بل تتناقض مع بعضها كما
هو األمر بالنسبة لمبدأ وحدة األمر و مبدأ التنسيق ،فالمبدأ األول يقض أن ال
يكون للمرؤوس أكثر من رئيس واحد بينما بنص المبدأ الثاني على ضرورة وجود
أكثر من رئيس للمرؤوسين إذا كان عمله ذو تأثير على أعمال اآلخرين الن ذلك
يساعد على زيادة حاالت االحتكاك والتضارب إن هذا التناقض ال يقتصر على
هذين المبدأين بل يشمل كثيرا منها
لقد أتت النظرية العلمية خاصة و الكالسيكية عامة مفاهيم جديدة والعالقة بين
العامل واإلدارة ولقد وضعت مناهج جديدة متمثلة خاصة في التصدي لمختلف
المشاكل بسالح العلم وقد فتحت األبواب لعدة نظريات أخرى للظهور و البروز ،
على الرغم من ان هذه النظرية قد تعرضت لعدة انتقادات و كذلك اتساع الهوة بين
اإلدارة والنقابات العمالية إال أنها قد نجحت في تحقيق عدة مبتغيات كانت تهدف
إلى تحقيقها