Professional Documents
Culture Documents
المقدمة
..المبحــث األول :نشأة الفكر المركانتيلي أو التجاري
.المطلب األول :تعريف الفكر المركانتيلي .
.المطلب الثاني :ظروف ما قبل المركانتيلية .
.المطلب الثالث:نشأة المركانتيلية .
شهد القرن الخامس عشر والسادس عشر تحرر العبيد من س طوة النظ ام اإلقط اعي في أوروب ا و أتج ه معظم المتح ررين
للعمل في التج ارة إلى أن نش اط التج ارة ال داخلي لم يكن من اإلتس اع و األهمي ة بحيث ي وفر لهم مكان ة إقتص ادية ك برى
وسلطة سياسية في بالدهم .لقد جاء التغيير األساسي في األوضاع اإلقتصادية واإلجتماعية عن طري ق التج ارة الخارجي ة
التي كانت تنمو بص ورة متس ارعة بحيث أدت ت دريجيا إلى ث راء التج ار و أدت إلى رف ع أهميتهم في النش اط اإلقتص ادي
وظهورهم كطبقة إجتماعية قوية في بلدانهم ومن أهم األسباب التي أدت إلى تطور التجارة الدولية هي :
_3إكتشاف القارة األمريكية الغنية بالذهب و كانت النتيجة الحتمية الكتش اف المن اجم الغني ة بال ذهب في الق ارة األمريكي ة
وزيادة التجارة الخارجية ونموها مع الشرق األوس طج واألقص ى أن زاد ث راء طبق ة التج ار وزادت ق وتهم داخ ل بل دانهم
وبدأو يسعون تدريجيا إلى تحرير المدن من سيطرة اإلقطاعيين فتكونت في كل مدينة عيئة إلدارتها مكونة من طبقة التجار
ذوي النفوذ وصاحب هذه التطورات إتخاذهم مع الملك لمحارب ة اإلقط اعيين و تق ويض نف وذ النبالء و األم راء ولق د ك ان
إلكتشاف الموارد الجديدة للثروة أيضا أثر إقتصادي له أهمية كبرى فلقد تدفقت المعادن النفيسة على أوروبا وخاصة الدول
اإلستعمارية الكبرى مثل :إسبانيا البرتغ ال ,انجل ترا ,هولن دا ,فرنس ا واس تخدمت ه ذه المع ادن في ش راء النتج ات من
البلدان األوربية المتقدمة.
_4ومن جهة أخرى ونتيجة لتحالف الملك والتجار فقد تم القضاء على سلطة اإلقطاعيين والنبالء و األمراء وتمكن الملك
من فرض سلطة مركزية على سلطات األمراء التي كانت تقوم في مراكز متعددة داخل الدولة و كانت هذه الخط وة األولى
التي أدت إلى ظهور الدولة األوروبية الحديثة التي تقوم على أساس قومي و تخض ع لس لطة مركزي ة واح دة وك انت الق وة
الثانية التي أدت إلى ظهور الدولة األوروبية الحديثة بروز القوميات العرقية و تفكك اإلمبراطوريات الكبرى و انهياره ا و
يعد ظهور الدولة األوروبي ة به ذا الش كل الح ديث ذا أث ر ب الغ في سياس ة التج اريين إذ ق ام ه ؤالء برس م سياس ة التج ارة
الخارجية على مستوى اإلقتصاد القومي بما يخدم مصلحتهم و يحقق لهم أكبر ربح و أكثر ثراء.
ولق د ك انت حرك ة النهض ة الفكري ة في أوروب ا من أهم األح داث ال تي س اهمت في تط ور الفك ر السياس ي و اإلقتص ادي
األوروبي وال تي ص احبت عص ر الرأس مالية التجاري ة المتح ررة من ال دين ومن فلس فات وقي ود الكنيس ة وأدى ذل ك إلى
زعزع ة مرك ز الكنيس ة ومن ثم إلى إنهي ار بقي ة أعم دة النض ام اإلقتص ادي وتقوي ة الس لطة المدني ة للمل ك أو الحكومة
من جهة أخرى ال تؤمن إال بمصلحتها القومية وتعمل جاهدة على م د س لطانها و توس يع رقعته ا إلى احت دام الص راع بين
هذه الدول لصون مستعمراتها وعدم السماح ألي دولة باستغالل مواردها.
المطلب الثالث :نشأة المركانتيلية
في مثل هذه الظروف التي ذكرناها من قبل كان الب د له ذه التط ورات أن تج د تعب يرا عنه ا في مج ال الفك ر اإلقتص ادي
فإنهيار النظام اإلقتصادي وقيام الدول الوطنية ذات السلطة المركزية ووقوع كل منها في سباق مع اآلخرين من أجل بس ط
سلطانها و األهمية المتزايدة للتجارة الدولية كل هذه التطورات اقتضت فلسفة جديدة تختل ف عن ت راث العص ور الوس طى
ومن هنا نشأت مجموعة األفكار التي أطل ق عليه ا فيم ا بع د الميركانتيلي ة أو التجاري ة ويربطه ا جميع ا خي ط واح د وه و
محاولة الكشف عن السياسة اإلقتصادية المالئمة لحاجات الدول الصاعدة.
.المبحـث الثانــي:مبادئ الفكر المركانتيلي
:يقدم علماء الفكر اإلقتصادي على أن أفكار التجاريين كانت تدور حول عدد من المبادئ األساسية أال وهي
وبالنظر إلى الظروف التي أتت بالمذهب التجاري والتي كان ضمنها ظهور الدولة اإلقليمية نجد أن دوافع التجاريين
إلعطاء المعادن النفيسة كل هذه األهمية كانت منطقية فقد أستنفذت الحرب المتواصلة خزائن الملوك ولم توفر الضرائب
اإليراد الالزم لقيام الدولة بأعباء الدفاع والحروب واإلدارة العامة وأصبح الملوك في ضائقة مستمرة ،والملك ليس في
حاجة إلى قمح أو قطن لمتابعة حروبه والقيام بسائر نفقات الدولة وإنما هو بحاجة مستمرة إلى ذهب وفضة ليؤكد
سلطانه ويحقق أطماعه ويدرأ عن نفسه أطماع غيره إذن فالمعدن النفيس وقوة الدولة توأمان ال ينفصالن
غير أن المسألة ال تقف عند حد مالئمة المعدن النفيس للقيام بحاجات الدولة الناشئة فالواقع أن وجهة نظر التجاريين
تستند إلى أكثر من ذلك فإننا نجد في كتابات بعضهم قياس ثروة األمة على ثروة األفراد ،فكما أن الفرد يقاس غناه بما
لديه من ذهب وفضة كذلك شأن األمم وفي ذلك يقول توماس مان 1664ويصدق ثروة المملكة ما يصدق على ثروة
.الفرد الذي يكسب دخال سنويا مقداره 1000جنيه ولديه رأس مال نقدي يبلغ ألفا من الجنيهات
إذا أنفق هذا الفرد 1500جنيه في السنة فإنه سيفقد كل أمواله بعد أرب ع س نوات في حين سيض اعفها خالل نفس الم دة
إذا أنفق 500جنيه سنويا فقط وهذه القاعدة ال تغيب أبدا في حق المملكة.
كذلك يمكننا أن نركز على عنصرين هامين أديا بالتجاريين إلى إتخاذ هذا الموقف من المعادن النفيسة
أوال – اإلرتفاع الشديد لألسعار في أوروبا خالل القرن السادس عش ر ال ذي ص احبته زي ادة ض خمة في كمي ة المع ادن
النفيس ة المتدفق ة إلى أوروب ا وبزي ادة غ ير معه ودة في ن واحي النش اط التج اري والص ناعي والح رفي وق د دف ع ه ذا
المركانتيليين إلى الربط بين هذه الظواهر المختلفة وكان التفسير الذي خلصوا إليه هو أن الزيادة في النش اط اإلقتص ادي
قد تترتب على اإلرتفاع في األسعار وزيادة الموجود في الدولة من المعادن النفيسة ( النقود الذهبي ة والفض ية ) لكن ه ذا
التحليل لم يكن مبينا على أي أساس علمي بل هو عبارة عن استنتاج جاء من حدوث ظاهرتين معا في آن واحد .
ثانيا – إعتق اد العدي د من التج اريين أن مس توى س عر الفائ دة يح دد كمي ات الق روض ال تي تس تخدم في القي ام بالنش اط
اإلنتاجي والتجاري وأن مستوى الفائدة يتوقف على كمية المع ادن النفيس ة الموج ودة في الدول ة ف إذا زادت كمي ة النق ود
وأنخفض سعر الفائدة فهذا سيؤدي حتما إلى زيادة النشاط اإلقتصادي .
المطلب الثاني:تحقيق ميزان تجاري موافق
من أهم المبادئ التي أعطاها التجاريون أهمية كبرى هو مبدأ اإلهتمام بالتجارة الخارجية أو الدولية فمن وجهة نظرهم إلى
العالقة بين ثروة األمة وما لديها من معدن نفيس فإن الزيادة من هذا المعدن يعني زيادة ثروة األمة ومن ثم فإذا كان للبلد
مناجم لهذه الثروة وجب عليهم استغاللها بشتى الوسائل وإذا إفتقر البلد لمناجم ومعادن نفيسة فالطريق إلى زيادة رصيده
منها يمر عبر التجارة الدولية وهذا ال يتحقق إال إذا باع البلد سلعا للعالم الخارجي بقيمة تزيد عن كمية ما يشتريه منه وهذا
ما يسمى تحقيق الفائض في الميزان التجاري وهذا الفائض المتحقق يزيد من ثروة الدولة من المعدن النفيس وبالتالي
وكنتيجة لذلك ستنتعش األسعار واإلنتاج أما في حالة وقوع العكس وهو أن قيمة الواردات تكون أكبر من قيمة الصادرات
فإن الدولة ستحقق عجزا في ميزانها التجاري وستضطر إلى إخراج معادنها النفيسة بمقدار ذلك العجز وفي ذلك نقصان
شرائه ويلزم عن هذا التحليل وجوب العمل على تحقيق فائض في الميزان التجاري لزيادة الثروة ويقول ميسلند 1623
"إذا زادت قيمة السلع الوطنية والمصدر ة عن قيمة السلع األجنبية المستوردة فإن القاعدة التي تصدق دائما هي أن المملكة
تصبح أكثر غنى وأنتعاشا حيث أن الفائض البد أن يأتي لها بالمعدن النفيس.
كما أن توم اس م ان 1664يق ول :إن الطريق ة العادي ة لزي ادة ثروتن ا تتمث ل في التج ارة الخارجي ة حيث يتعين علين ا أن
نراعي دائما القاعدة وهي أن نبيع لألجانب سنويا أكثر مما نشتري منهم في القيمة.
لقد أستطاعت المركانتيلية أن توجه النظرة للتجارة الخارجية بعين الحارس لكل تحرك أو تدفق للسلع والمعادن النفيسة وقد
مرت هذه السياسة بعدة مراحل وهي:
المرحلة األولى :وهي التي تعرف بمرحلة السياسة المعدنية " " Bullionisonوفيها أعتبر التجاريون أن الطريق ة الوحي دة
لإلحتفاظ برصيد الدولة من المعدن النفيس وزيادته هي فرض رقابة تامة على كل خروج أو تحرك للمعدن النفيس وتركيز ك ل
المعامالت في الصرف األجنبي في يد موظف عمومي وهو صراف الملك حيث يشرف على تصدير أو أس تيراد أو التص رف
في المعدن النفيس مع العالم الخارجي .
المرحلة الثانية :في هذه الفترة وجدت الدولة أنه يكفي أن تكون معامالت الدولة مع كل دولة على انفراد ذات فائض في
الميزان التجاري ومنه لم يعد هناك داع إلى مراقبة للصادرات من الذهب والفضة وإنما يكفي أن تكون مجموع
المعامالت لصالح الدولة.
المرحلة الثالثة :في هذه المرحلة اتضحت فكرة الميزان التجاري الحديثة حيث أن البلد يجب عليه تحقيق فائض في
الميزان التجاري السنوي بغض النظر عن المعامالت الثنائية األداء حيث يمكن أن يحقق خسارة بوحدة مع البلد األول
لكنه يعوضها بربح عدة وحدات مع بلدان أخرى بحيث تكون النتيجة النهائية فائضا موافقا على التجارة الخارجية في
مجملها كما تجدر اإلشارة إلى أن التجاريين تطرقوا حتى لما يسمى بالصادرات والواردات غير المنضورة وعلى ذلك
فإننا نجد أن توماس مان يشير إلى نفقات النقل البحري ونفقات الجيوش خارج البالد وما يدفع الكاثوليك للكنيسة بروما
وهو يذكر أثر هذه المدفوعات على دخول وخروج الذهب شأنها شأن السلع التي تستوردها وتصدرها الدولة .
المطلب الثالث:تدخل الدولة في الحياة االقتصادية
واضح أن منطق التجاريين يقتضي تدخل الدولة في التجارة الخارجية .فإن الميزان التجاري الموافق ال ينشأ من تلقاء
نفسه.والبد ان يكون محال لسياسة هادفة من الدولة و منثم فقد نادى التجاريون بوجوب إخضاع التجارة الدولية لقيود
بقصد تحقيق فائض دائم في الميزان التجاري .وتتمثل هذه القيود في فرض ضرائب جمركية على الواردات وحضر
بعضها كما تتمثل في إعانة بعض الصادرات.
لم يقف تدخل الدولة عند حدود التجارة الخارجية بل تعداه إلى إشرافها على عملية إنتاج السلع المعدة للتص دير و توف ير
ظروف أخرى لزيادة الصادرات .وكان أكثرها شيوعا منح إنتاج سلعة أى معينة أو تص ديرها لش ركة معين ة ومث ل ذل ك
شركة الهند الشرقية و شركة الشرق األوسط في إنجلترا.كذلك إمتد ت دخل الدول ة إلى أس عار الس لع و مس توى األج ور
وإستيراد العمال المهرة من الخارج و إنشاء صناعات وطنية و إستغالل المزارع و المن اجم في المس تعمرات للحص ول
على المواد األولية.
لم يقف تدخل الدولة عند حدود التجارة الخارجية بل تعداه إلى إشرافها على عملية إنتاج السلع المعدة للتصدير و توفير
ظروف أخرى لزيلدة الصادرات .وكان أكثرها شيوعامنح إنتاج سلعة أى معينة أو تصديرها لشركة معينة ومثل ذلك
شركة الهند الشرقية و شركة الشرق األوسط في إنجلترا.كذلك إمتد تدخل الدولة إلى أسعار السلع و مستوى األجور
وإستيراد العمال المهرة من الخارج و إنشاء صناعات وطنية و إستغالل المزارع و المناجم في المستعمرات للحصول
على المواد األولية.
كانت المفاضلة بين اوجه النشاط اإلقتصادي من المسائل التي شغلت رجال الفكرالتجاري منذ زمن قديم فقد تولد شعور
بأن الحرف ال يمكنها ان تكون بنفس اإلهمية و يجب ترتيبها حسب مردودها من المعادن النفيسة ومن هنا جائت
المفاضلة بين الزراعة و التجارة و الصناعة .
فمن البديهي أن تأتي التجارة الدولية في قمة النشاطات التي تساهم في ثروة البلد فهي الطريق الوحيد لزيادة رصيد
الدولة من المعدن النفيس و قد أشار التجاريين إلى أن التجارة الداخلية ال تزيد شيئا إلى الثروة ذلك أن ربح أحد الطرفين
يشكل خسارة بالنسبة للطرف اآلخر ومن ثم فال جديد يضاف مهما كان حجم الصفقة .اما في التجارة الدولية فما يكسبه
البلد يمثل إضافة صافية لثروته حيث أن الطرف الخاسر هو بلد أجنبي .و بالمثل فإن ما يخسره البلد في التجارة
الخارجية يمثل إقتطاعا من الثروة القومية.
كما اعطى التجاريون الصناعة المرتبة الثانية من حيث األهمية بعد التجارة الدولية فالصناعة هي أساس الصادرات التي
يأتي للبلد بالمعدن النفيس.و ترتب على ذلك أنهم كانو ينادون بإتباع السيلسات التي من شأنها دعم الصناعة الوطنية
كإعفاء المواد األولية من الضرائب الجمركية أو إخضاعها لضرائب مخففة.
أما الزراعة فلم تحظى من التجاريين بتقدير يذكر ألن حسب منظورهم لألمر فإن الزراعة ال تستطيع زيادة رص يد البل د
من المعادن النفيسة كما أنها عاجزة عن تصدير كمية كبيرة من العمل الوطني إلى الخ ارج ل ذلك فق د ج ائت التج ارة في
ذيل أوجه النشاط اإلقتصادي التي تضيف إلى الثروة.
المبحـث الثــالث:السياسات المتبعة في الفكر المركانتيلي
إن الغاية وراء سياسة التقييد الشديد للتجارة الخارجية كانت تتمثل أساسا في تحقيق المص لحة االقتص ادية القومي ة,وه و
تكوين الفائض من المعادن النفيسة.و لذلك أصبح تدخل الدولة أمرا حتميا ح تى يتم محارب ة ال واردات وتقيي دها من جه ة
والعمل على إنعاش الصادرات و تحقيق اكبر مكسب ممكن منها من جهة اخرى .هذه السياسة كانت ترتكز أساس ا على
عدة سياسات إنتهجها المركانتيليون لتحقيق اهدافهم ومن اهم هذه السياسات :
من اهم األساليب الرئيسية التي إبتدعها المركانتيليون للتحكم في التجارة الخارجية تنظيم إحتكار الدولة لها فقد قامت
الدولة بمنع األجانب من التجارة في سلع معينة او في مناطق معينة كما قامت بتنظيم و إدارة الصادرات الوطنية بطرق
مباشرة .فلقد حرمت البرتغال مثال على أي دولة أجنبية أن تتاجر مع مستعمراتها في الشرق و استخدمت في ذلك
أسطولها البحري .كما قامت الدولة األسبانية بحراسة تجارتها الخارجية دائما بقوة بحرية و حددت ميناء إشبيلية و عدد
محدود من موانئ مستعمراتها األمريكية للشحن البحري كل ذلك لتتأكد من وقوع التجارة الدولية بيدها.واحتكرت الدولة
الهولندية تجارة مستعمراتها في الهند الشرقية بالكامل و ابتدعت وسائل عدة لتنفيذ هذه السياسة من أهمها الرقابة
المباشرة و تحديد الكميات المنتجة من السلع الهامة داخل مستعمراتها .وسنت بريطانيا قانون القمح لتحرم به إستيراد
اية انواع من الغالل إال في حاالت الشح الشديد في المحاصيل الوطنية كما سنت أيضا قوانين المالحة البحرية لتمنع بها
أية سفن أجنبية من المتاجرة في الموانئ البريطانية أو فيم بينها وبين موانئ مستعمرات التاج كما ربطت فيما بينها و بين
مستعمراتها بروابط جمركية بشكل يجعل من المستحيل أن تذهب تجارة المستعمرات الهامة إلى الدول المنافسة
وباإلضافة إلى هذا أصدرت بريطانيا قوائم ببعض السلع الهامة التي يحرم تصديرها من مستعمراتها و هنا نالحظ مدى
أهمية الدور الذي لعبته المالحة في تمكين الدولة من إحتكار التجارة الخارجية و تنظيمها ولقد كان هذا من أحد األسباب
المباشرة وراء صدور قوانين المالحة في بريطانيا وغيرها من الدول المركانتيلية.
من الممكن تلخيص سياسة االستيراد المركانتيلية في مبدأ هام أال وهو محاربة السلع والخدمات االجنبية ألنها تتسبب في
تسرب المعدن النفيس خارج الدولة أما األسلوب الذي إتبع لتنفيذ هذه السياسة فقد تمثل في الضرائب الجمركية المرتفع ة
و المنع المباشر لبعض السلع من الدخول أما تجارة الواردات من المس تعمرات فق د ك ان له ا وض ع خ اص حيث ك انت
البلدان االوروبية المركانتيلية تحصل عليها بأثمان بخسة ثم تعيد تص دير ج زء كب ير منه ا في الس وق االوروبي و من ثم
يتحقق لها منها فائض صافي من الذهب .
إال أن قوانين االستيراد كانت مرنة و لينة إذا م ا تعل ق االم ر ب المواد الخ ام ال تي ال تت وافر عليه ا الدول ة و الض رورية
للصناعات التصديرية المهمة كونها ترفع من قيمة الصادرات و منه فهي تدخل المعادن النفيس و تزيد في ثرؤة البلد..
المطلب الثالث:سياسة التصدير
أما بالنسبة لسياسة التصدير فق د ش جعت الص ادرات من الس لع المص نوعة بكاف ة الوس ائل الممكن ة والعم ل دائم ا على
إكتساب أسواق خارجية جديدة خاصة البلدان المكتشفة حديثا و الغنية بالمعادن النفيسة.
وحينما كانت بعض صناعات الصادرات تعجز عن مواجهة المنافسة االجنبية في بعض االسواق فإن الدولة ال تتوانى
عن مساعدتها مباشرة بمعونة مالية.
ما أن الدول المركانتيلية قد قامت بفرض ضرائب جمركية مرتفعة جدا على بعض صادرات المواد الخام و السلع نص ف
المصنعة و التي تلزم للصناعات القومي ة الهام ة ال تي ي در تص دير منتجاته ا مكاس ب كب يرة من المع دن النفيس.و هك ذا
تمكنت الدول من حماية صناعاتها القومية الهامة من مواجهة أي ة مش اكل ق د تنش أ في س بيل الحص ول على مس تلزمات
إنتاجها .وهكذا ساهمت الدول المركانتيلية في تقوية المركز التنافسي لص ناعاتها القومي ة في االس واق الخارجي ة ومن ثم
ازدادت قدرتها على اكتس اب المع دن النفيس و اس تطاعت ان توج ه ك ل طاقاته ا االقتص ادية نح و تص دير المنتج ات و
تحقيق الفائض المنشود في الميزان التجاري و تعزيز ثروتها من المعادن النفيسة.
لقد تنبه المركانتيليون إلى أهمية تخفيض نفقة اإلنتاج للصادرات من السلع المصنوعة لهذا دعو إلى سياسة األجور
المنخفضة ألنها تساهم في بقاء نفقات اإلنتاج منخفضة.ولكن باإلضافة إلى ذلك اعتقدو ان األجور المنخفضة منشأنها أن
تشجع العمال على بذل جهد اكبر لمضاعفة اجرهم ومن ثم يزداد اإلنتاج المخصص للتصدير.كما انهم إعتقدو أن االجور
المرتفعة تذهب بأكملها الشباع الحاجات اإلستهالكية للطبقة العاملة و من ثم فإن إرتفاع االجور يعني زيادة اإلستهالك .
الخاتمة
النظام المركانتيلي التجاري marcuntilismهو نظام اقتصادي نشأ في أوروبا لتعزيز
ثروة الدولة وزيادة ملكيتها من المعدنين النفيسين عن طريق التنظيم الحكومي الصارم
لكامل اإلقتصاد والتوجه التام للتجارة الخارجية والدولية .
لقد ساهمت المركانتيلية في تطور الفكر اإلقتصادي في العالم وقدمت مبادئ طورت فيما
بعد وقامت عليها قواعد ونظريات اقتصادية بل أن المركانتيلية هي اللبنة األولى في بناء
التفكير اإلقتصادي الرأسمالي الحديث .
لكن هذا المذهب كان مذهبا استغالليا وأعطى للحكومة الصالحيات ألن تفرض قيودا على
الشعب وأن تستغله شر إستغالل لتحقيق منفعتها ومنفعة كبار التجار وأدت السياسات التي
أتبعتها إلى إستعمار بلدان كاملة وتجريدها من مواردها بالقوة وإستعباد شعوبها .
إن المذهب التجاري تولد نتيجة ظروف معينة وتطور بحسبها ولكنه لم يستطع مواكبة
تطور الشعوب ووعيها بمدى أهمية رفاهية الفرد ومدى أهمية حرية التجارة فتالشى
ليترك مكانا لتصورات إقتصادية جائت لتوافق تطور الشعوب .
قائمة المراجع:
_1تاريخ األفكار االقتصادية عبر العصور من تأليف :األستاذ خالد أبو القمصان
د .سعيد النجار