You are on page 1of 28

‫المدرســــــة الكينزيـــــــة‬

‫مقدمة‬

‫المبحث األول ‪ :‬أسباب و ظروف نشأة المدرسة الكينزية ورائدها‬

‫المطلب األول ‪ :‬أسباب و ظروف نشأة المدرسة الكينزية‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬التعريف برائد المدرسة الكينزية " جون مينا رد كينز"‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬أهم أفكار كينز و تقييمها‬

‫المطلب األول ‪ :‬انتقادات كينز للنظرية الكالسيكية‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬النظرية العامة الكينزية (أدوات التحليل االقتصادي عند كينز )‬

‫اخاتمة‬

‫‪1‬‬
‫مقدمــــــــــــــــــــــــــــة‬

‫إن التحليل الذي ساد المدرسة النيوكالسيكية و المرتكز على التحليل الوحدوي و االهتمام‬
‫بمشاكل سلوك الوحدات االقتصادية ‪ ،‬عجز عن مواجهة مشكالت اقتصادية جديدة ظهرت لألفق‬
‫أال و هي األزمة العالمية أو أزمة الكساد العالمي سنة ‪ ، 1929‬حيث أن النظام الرأسمالي و‬
‫الحرية االقتصادية التي كان يدعو إليها و عدم تدخل الدول في النشاطات االقتصادية أصبح‬
‫غير وارد تماما ‪ ،‬إذ أن ظهور األزمة و اإلختالالت في كل أوجه النشاط االقتصادي و في كل‬
‫الدول الرأسمالية تقريبا أدى الى تدخل الدول في هذه المجتمعات و اتخاذ التدابير الالزمة‬
‫لمعالجة األزمة‪.‬‬

‫و في هذا الوقت بالذات بدأت في الظهور مجموعة من األفكار االقتصادية التي ارتكزت أساسا‬
‫على انتقادات ألفكار الكالسيكيين ‪ ،‬ثم المناداة بتدخل الدول من أجل مواجهة هذه األزمة من‬
‫خالل تحليل جديد للظواهر االقتصادية أال و هو التحليل الكلي أي التركيز على المجاميع الكلية‬
‫و ليس الفردية‪.‬‬

‫فما هي الظروف و العوامل التي ساعدت على ظهور هذه المدرسة ؟‬

‫و من هو رائد هذه المدرسة ؟ و ما هي أهم األفكار و النظريات التي قدمها كينز؟ و كيف يمكن‬
‫تقييمها؟‬

‫‪2‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬أسباب و ظروف نشأة المدرسة الكينزية‬

‫المبحث األول‪ :‬أسباب و ظروف نشأة المدرسة الكينزية‪:‬‬

‫ال يمكن أن نفهم األفكار التي جاء بها "كينز" إال إذا وضعناها في الظرف الزماني و المكاني‬
‫الذي صدرت فيه‪ ،‬فلقد كانت الوضعية االقتصادية في بريطانيا و في كل الدول الرأسمالية بعد‬
‫أزمة ‪ 1929‬تتسم بتقلص الطلب و انتشار البطالة التي عرفت باسم " الكساد الكبير " ووصلت‬
‫إلى أشدها في ‪ 1932‬و استمرت إلى غاية بداية الحرب العالمية الثانية و تميز هذا الكساد‬
‫بوجود بطالة كبيرة و تعطل جزء كبير من الطاقة اإلنتاجية خاصة في مجال الصناعة ‪ ،‬كما أن‬
‫األسعار و األرباح و األجور بلغت مستويات منخفضة جدا ‪ ،‬و باختصار توقف االقتصاد عن‬
‫‪1‬‬
‫السير و ساد جو من التشاؤم و خاصة في دوائر رجال األعمال و اإلنتاج‪.‬‬

‫لقد أدت فترة الكساد إلى فقد ثقة رجال األعمال و االقتصاديين في النظرية التقليدية فقد انخفضت‬
‫األجور و استمر الركود ‪ ،‬و أدى ذلك إلى وجود ‪ 25%‬من قوة العمل في حالة بطالة و معظم‬
‫المصانع أغلقت و استغلت بنصف طاقتها اإلنتاجية ‪ ،‬و استمر هذا الركود في الظروف‬
‫االقتصادية عقدا من الزمن‪.‬‬

‫إن النظام الرأسمالي الذي كان النظام العالمي ( أي النظام الذي يغطي كافة أنحاء العالم) و عند‬
‫ظهور األزمة االقتصادية دفع الدول في المجتمعات الرأسمالية إلى اتخاذ إجراءات قصد معالجة‬
‫األزمة مسجلة بذلك بدء مرحلة من التدخل الكبير للدولة في الحياة االقتصادية و هذا يدل على‬
‫ميالد رأسمالية الدولة االحتكارية‪.‬‬

‫‪ -1‬بن حمودة سكينة ‪ ،‬دروس في االقتصاد السياسي‪ ،‬الجزائر ‪ :‬دار الملكية للطباعة و اإلعالم‪ ، 2006 ،‬ص‪.167‬‬

‫‪3‬‬
‫إن عجز النظرية الكالسيكية الجديدة على مواجهة مشكالت االقتصاد القومي و االهتمام فقط‬
‫بمشكلة سلوك الوحدة االقتصادية (الرجل االقتصادي) أدى إلى ضرورة التفكير بنوع اخر من‬
‫التحليل و إعادة النظر في النظريات التي كانت سائدة في الفكر االقتصادي التقليدي‪.‬‬

‫و في مواجهة البطالة‪ ،‬و الطاقة اإلنتاجية العاطلة ظهر نموذج "كينز" ‪ ،‬ذلك النموذج الذي بين‬
‫سبب عجز النظام السعري عن انتشال االقتصاد تلقائيا من حالة الكساد و العودة إلى التوظيف‬
‫الكامل للموارد ‪ ،‬و قد أحدثت كتابات " كينز" ثورة اقتصادية بكل معنى الكلمة و إحداث‬

‫ثورة في التفكير االقتصادي حول قضايا البطالة ‪ ،‬و عمل األسواق الكلية و بناء على ذلك‬ ‫‪1‬‬

‫كان أبا لالقتصاد الكلي‪.‬‬

‫و إلى جانب هذه الظروف االجتماعية و االقتصادية التي أثرت على أفكار كينز و أدت إلى‬
‫ظهور النظرية الكينزية فقد تأثر كينز بمؤلفات االقتصادي السويدي " ويكسل ‪" Wicksell‬‬
‫السيما في حقل النقود ‪ ،‬وظهر هذا الـتأثير واضحا في رسالته األولى عن النقود سنة ‪.1930‬‬

‫و لهذه األسباب كلها ال يمكن التطرق إلى أفكار كينز إال بعد شرح مبسط ألزمة الكساد العالمية‬
‫( أزمة ‪ )1929‬و بعض االنتقادات التي وجهها كينز للنظرية التقليدية التي كانت قوانينها عاجزة‬
‫‪2‬‬
‫عل إيجاد حلول لهذه األزمة‪.‬‬

‫مفهوم األزمة ‪:‬‬

‫األزمة تعني الشدة أو الضيق‪ ،‬و تمثل مرحلة أو فترة صعبة في حياة الفرد أو المجتمع‪ ،‬و تظهر‬
‫من خالل مظهر من خالل مظهر بارز و مميز لها‪.‬‬

‫أما األزمة االقتصادية فهي ذلك الكساد الذي استفحل أمره و جعل الماليين من المستثمرين‬
‫يفقدون مدخراتهم‪ ،‬كما أدى ذلك إلى إغالق سوق العمل و المصانع و إفالس البنوك‪ ،‬و تكدس‬
‫السلع و البضائع الفائضة عن االستهالك مما انجر انخفاض األسعار‪.‬‬

‫‪ -1‬محفوظ بن عصمان‪ ،‬مدخل في االقتصاد الحديث‪ ،‬الجزائر ‪ :‬دار العلوم للنشر و التوزيع ‪ ،2003 ،‬ص ‪.86‬‬
‫‪ -2‬رجب عزمي ‪ ،‬اإلقتصاد السياسي ‪ ،‬ط ‪ ،4‬بيروت ‪ :‬دار العلم للماليين ‪ ، 1988 ،‬ص ‪.113‬‬

‫‪4‬‬
‫نشأة أزمة ‪ 1929‬و تطورها ‪:‬‬

‫انطلقت من الواليات المتحدة األمريكية كونها أقوى دولة بعد الحرب العالمية األولى ألنها‬
‫استفادت من الحرب لكونها لم تمسها‪ ،‬و زادت من قوة صناعتها اقتصادها‪ ،‬فصارت الممون‬
‫الرئيسي للدول المحاربة زراعيا و صناعيا و اقتصادها ‪ ،‬مما شجع المزارعون و الصناع‬
‫األمريكيون على زيادة اإلنتاج لسد حاجيات الدول األوروبية المتزايدة‪ ،‬و لكن منذ ‪ 1926‬بدأت‬
‫المؤسسات األمريكية تشعر بوطأة المضاربات و أخذت األرباح تقل تدريجيا ‪ ،‬و تضخم اإلنتاج‬
‫الزراعي و قل الطلب و انخفضت األسعار نظ ار لتوقف المصانع في الدول األوروبية عن استيراد‬
‫السلع األمريكية بعد أن توصلت إلى إنتاج حاجاتها الزراعية و الصناعية بنفسها‪ ،‬كما ظهرت‬
‫دول مصدرة للقمح بعد الحرب ‪ ،‬و لهذه األسباب تكدست البضائع في الو‪.‬م‪.‬أ و تراكمت الديون‬
‫و أفلست الكثير من المعامل والمصانع و تم تسريح العمال و انتشرت البطالة و ضعفت القدرة‬
‫الشرائية و تفاقمت المشاكل االجتماعية و األخالقية‪ .‬إضافة إلى ذلك أثار تباطؤ الدول األوروبية‬
‫عن تسديد ديونها المتوجبة عليها للو‪.‬م‪.‬أ ‪ ،‬ففقد المستثمرون األمريكيون و األجانب الثقة في‬
‫الخزينة األمريكية و انعكس ذلك على بورصة "وول ستريت" األمريكية حيث تسبب عرض‬
‫األسهم للبيع بكثافة مما أدى إلى هبوط األسعار بشكل حاد و مزيد من اإلفالس و التسريح و‬
‫البطالة‪ ،‬و سرعان ما انتقلت األزمة إلى الصعيد االجتماعي‪.‬‬

‫تطور األزمة ‪:‬‬

‫انتقلت عدوى األزمة إلى خارج الو‪.‬م‪.‬أ بطرق مختلفة‪:‬‬

‫‪ -‬توقفت الو‪.‬م‪.‬أ عن استيراد المواد األولية الالزمة لصناعتها و عجزت الدول المنتجة لهذه‬
‫المواد و معظمها في أمريكا الالتينية تسويقها‪.‬‬
‫‪ -‬طلبت دول أوروبا الغربية و الوسطى تسديد القروض و الديون التي عليها‪ ،‬مما أدى إلى‬
‫إفالس المؤسسات المالية و الصناعية و التجارية و انتشار البطالة‪.‬‬
‫‪ -‬سحبت أمريكا أموالها من أوروبا فتأثر االقتصاد األوروبي‪ ،‬ثم انعكس كل ذلك على‬
‫المستعمرات األوروبية فأصبحت األزمة عالمية ‪.‬‬
‫إن أهم الدول التي مستها األزمة‪:‬‬

‫‪5‬‬
‫النمسا ‪ :‬لضعف اقتصادها و كثرة األموال األجنبية المستثمرة فيها حيث أدى سحب هذه‬
‫األخيرة و الودائع إلى إفالس بنكها عام ‪.1931‬‬
‫ألمانيا‪ :‬سحب القروض األجنبية من البنك األلماني خاصة األمريكية‪.‬‬
‫إنجلترا‪ :‬خفضت إنجلت ار في قيمة الجنيه اإلسترليني‪ ،‬فاضطرب الميزان التجاري األوروبي‬
‫بل العالمي‪.‬‬
‫فرنسا‪ :‬تعرضت لصعوبات اقتصادية تحولت إلى أزمة بلغت ذروتها عام ‪ ،1932‬فقل‬
‫التصدير و ارتفع عدد العاطلين و اضطرت أكثر من ‪ 20‬دولة إلى تخفيض قيمة‬
‫عمالتها‪.‬‬
‫بدأت الدول المتأثرة باألزمة معالجتها بعدة طرق مختلفة ‪ ،‬و اضطرت على عدة خطط‬
‫منها الخطة الجديدة ) ‪ (New Deal‬التي وضعها الرئيس األمريكي (تيودور روزفلت) ‪،‬‬
‫و خالصة القول أن النظام الرأسمالي الحر لم يصبح قاد ار على حماية االقتصاد مما‬
‫وجب التدخل في شؤون االقتصادية بواسطة مخططات توجيهية‪.‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬التعريف برائد المدرسة الكينزية ‪:‬‬

‫جون مينارد كينز ‪John Maynard Keyness‬‬


‫)‪ ،(1946-1883‬اقتصادي و رجل دولة إنجليزي‪ ،‬هو إبن جون نيفيل كينز أستاذا‬
‫في جامعة كامبرج ‪ ،‬تعلم الرياضيات و االقتصاد في أيتون و كامبرج و أصبح أستاذا‬
‫في جامعة كامبرج سنة ‪ ، 1920‬سافر إلى الهند و عمل موظفا بها كتب مؤلفا حول‬
‫النقود الهندية‪ ،‬بعنوان " الت داول النقدي و التمويل في الهند" ‪ ،‬ثم عمل في و ازرة المالية‬
‫البريطانية‪ ،‬و أصبح ممثال لها في مؤتمر السالم بباريس و أصدر كتابه " النتائج‬
‫االقتصادية لمعاهدة السالم في فرساي" سنة ‪ ، 1919‬في ‪ 1936‬أصدر كتابه المشهور‬
‫" النظرية العامة للنقود و الفائدة و االستخدام" ‪ .‬مثل بريطانيا في مفاوضات بروتن وودز‬
‫سنة ‪ ،1945‬حيث وضعت أسس المعامالت النقدية الدولية‪.‬‬
‫كان كينز مستثم ار ناجحا حيث كون ثروة ضخمة بواسطة المضاربة بالعمالت األجنبية‪،‬‬
‫ونشر إبان الحرب العالمية الثانية خطة لإلصالح النقدي شنتها الحكومة البريطانية تحت‬

‫‪6‬‬
‫إسم " خطة كينز" سنة ‪ ، 1943‬و كان قد أصبح آنذاك اللورد جون مينارك كينز ‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫توفي سنة ‪.1946‬‬

‫الفصل الثاني ‪ :‬أهم افكار كينز و تقييمها‬


‫المبحث األول ‪ :‬كينز للنظرية الكالسيكية‪:‬‬

‫لقد كانت نظرية "كينز" مناقصة لنظرية الكالسيكيين فكان أول عمل قام به هو انتقاده‬
‫لهذه األخيرة قبو وضع أسس منهجه الجديد و من أهم أركان النظرية الكالسيكية التي‬
‫تعرضت للنقد هي ‪:‬‬
‫‪ -1‬الحرية الفردية‬
‫‪ -2‬المصلحة الخاصة‬
‫‪ -3‬مبدأ االنسجام بين مصلحة الفرد و مصلحة الجماعة المبني على فكرة‬
‫النظام الطبيعي‪.‬‬
‫‪ -4‬المنافسة الحرة و دور جهاز األسعار في تحريك النشاط االقتصادي العام‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -5‬المبدأ القائل بأن الربح هو حافز األفراد على اإلنتاج و التقدم االقتصادي‬
‫لقد رفض " كينز" االعتراف بما جاءت به النظرية الكالسيكية بأن الفرد و‬
‫هو يحقق مصلحته الخاصة ال يضر بمصالح اآلخرين كما رأى أن تدخل‬
‫الدولة عند الضرورة لتحقيق التوظيف الكامل عن طريق خلق طلب كاف‬
‫لمعادلة الزيادة في اإلنتاج و تهيئة البيئة و الظروف الالزمة لتحقيق التوازن‬
‫شيء ضروري و الزم‪.‬‬
‫كما أن اإلنسجام ال يكون دائما بين المصلح الشخصية و المصلحة‬
‫الجماعية‪ ،‬كما أن المنافسة الحرة ال تؤدي دائما إلى توازن االقتصاد العام‬

‫‪-1‬ولعلو فتح هللا ‪ ،‬االقتصاد السياسي‪ ،‬د ب ن‪ ،‬دار الحداثة ‪ ، 1997 ،‬ص ‪.134‬‬
‫‪-2‬عزمي رجب‪ ،‬مرجع سابق الذكر ‪ ،‬ص‪.114‬‬

‫‪7‬‬
‫فالتوازنات الجزئية ال تؤدي دائما الى التوازن العام‪ ،‬و ارتكاز الكالسيك على الربح كحافز وحيد‬
‫لألفراد لتحقيق الرفاهية في الحياة ال يكون دائما صحيحا‪.‬‬
‫و لقد ارتكز كينز في انتقاده للنظرية الكالسيكية حول نقطتين و هي ‪ :‬مشكل البطالة و مشكل‬
‫النقود ( االدخار ‪ ،‬االستثمار‪ ،‬الفائدة)‬

‫‪ .1‬مشكلة البطالة‪:‬‬

‫يرى " كينز" أن الكالسيكيين ارتكبوا خطأ كبي ار عندما رفضوا اعتبار وجود البطالة العمالة‬
‫العتقادهم أن كل واحد راغب للعمل يجده بسهولة بما يناسب إمكانياته الفكرية و الجسمية‬
‫بسبب المنافسة الموجودة في سوق المواد و سوق عوامل اإلنتاج‪ ،‬و لقد برهنت الوقائع‬
‫االق تصادية خطأ هذا الطرح بدليل أن إنجلت ار و كل الدول الرأسمالية عرفت ظاهرة‬
‫البطالة المستمرة منذ أول القرن العشرين‪ ،‬و أن الظاهرة تفاقمت أثناء األزمة االقتصادية‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫و لذلك يبحث كينز في كيفية محاربة البطالة و الوصول إلى مرحلة االستخدام الكامل‪.‬‬
‫‪ -‬و يرى كينز خالفا للنظرية الكالسيكية أنه ليس صحيحا أن العمال يتركون عملهم بمجرد‬
‫انخفاض األجر الحقيقي‪ ،‬و قد أثبتت التجارب أن العمال يقبلون األجر النقدي السائد مع‬
‫ارتفاع تكاليف المعيشة‪.‬‬
‫‪ -‬كما يرى كينز أن اقتراح النظرية الكالسيكية بتخفيض األجور لحل مشكل البطالة و‬
‫فائض اإلنتاج خاطئ ألن االنخفاض العام في األجور البد أن يؤدي إلى نقص الطلب‬
‫الكلي‪ ،‬و هو ما يؤدي إلى زيادة حجم البطالة ال غلى قلتها‪.‬‬
‫‪ -‬و يرفض " كينز" رفضا تاما معالجة الكالسيك لمشكلة البطالة بواسطة تخفيض األجور‬
‫مع بقاء الطلب الكلي ثابت‪ ،‬ألن في الحقيقة تخفيض ا ألجور في كل الصناعات يؤثر‬
‫على الطلب الكلي‪.‬‬
‫‪ -‬و يرى كينز أنه من غير المنطقي أن نعالج المشكلة على أساس تخفيض األجور‪ ،‬ألن‬
‫هذا يعني تناسي أمرين هامين ‪:‬‬

‫‪ -1‬فتح هللا ولعلو ‪ ،‬مرجع سابق الذكر ‪ ،‬ص ‪.135‬‬

‫‪8‬‬
‫‪ -‬وجود نقابات عمالية قوية ترفض هذا اإلتجاه‪.‬‬
‫‪ -‬وجود تشريعات عمالية تحدد الحد األدنى لألجور و الحد األقصى للساعات‪.‬‬

‫يرى كينز أن هناك عوامل أخرى تتدخل في حجم التوظيف و هي ‪:‬‬

‫‪ -1‬الطلب على النقود‬


‫‪ -2‬سعر الفائدة‬
‫‪ -3‬توقعات أرباب األعمال عن األسعار المستقبلية‬
‫‪ -4‬توزيع الثروة حجم المدخرات‬
‫إن الظاهرة األولى و األكثر انتشا ار ألزمة ‪ 1929‬و هي البطالة التي مست االقتصاد‬
‫األمريكي‪ ،‬و التي بينت خطأ النظرية النيوكالسيكية التي تقول أن التوازن يحدث بطريقة‬
‫تلقائية في السوق حيث كلما زاد عرض اليد العاملة أكثر من الطلب عليها فإن األجور‬
‫تنخفض‪ ،‬و بالتالي يجب تشغيل هذا الفائض من اليد العاملة ‪ ،‬لكن رغم هذا التشغيل‬
‫فإن هناك نسبة من اليد العاملة ‪ ،‬لكن رغم هذا التشغيل فإن هناك نسبة من اليد العاملة‬
‫غير مشغلة‪ ،‬كما أن األجور مازالت منخفضة و لهذا يجب العمل على التشغيل حتى‬
‫تحقيق المساواة‪.‬‬
‫النفقة الحدية للعامل (األجر) = اإلنتاجية الحدية‪.‬‬
‫و في هذه الظروف فالبطالة ال تكون إال لمن ال يريد أو ال يرغب في العمل و هكذا‬
‫يتحدد األجر الحالي في السوق‪.‬‬
‫إن نقد "كينز" لهذه التحليل و الذي مفاده أن الحديين تجاهلوا أن األجر ليس ثمن بسيط‬
‫يمكن رفعه أو خفضه يوما بعد يوم نظ ار الرتفاع العرض و الطلب‪ ،‬فالعمال أنشؤوا‬
‫نقابات تعمل من أجل عدم خفض أجورهم‪ ،‬و هنا يجد االقتصاد نفسه في وضعية أن‬
‫العمال يقبلون العمل لمستويات منخفضة من األجر و رغم هذا فهم ال يجدون مناصب‬
‫‪1‬‬
‫عمل و هو ما يسميه " كينز" ب البطالة الالإرداية أو ما نسميه بالبطالة الكينزية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Kheladi Mokhtar, Introduction A l’Economie politique, Alger : OPU.2004 ;P139‬‬

‫‪9‬‬
‫‪ .2‬مشكلة النقود (االدخار‪ ،‬االستثمار‪ ،‬الفائدة)‪:‬‬

‫لم يدخل الكالسيكيون في اعتبارهم النقود و لم يولها أي اهتمام بل اعتقدوا أن لها دو ار محايدا و‬
‫أنها مجرد حجاب يغطي الحقيقة ‪ ،‬و يرى كينز أن هذا هو الخطأ الثاني الذي ارتكبه الكالسيك‬
‫ألن للنقود دو ار إيجابيا لتعلق الناس بها و العمل على الحصول عليها رغبة في اكتنازها‪ ،‬و هي‬
‫‪1‬‬
‫أداة أساسية في التحليل االقتصادي‪.‬‬

‫يرى "كينز" أن الكالسيك أهملوا التغيرات في مستوى الدخل عندما نظروا غلى‬
‫سعر الفائدة على أنه العامل الوحيد الذي يحقق التعادل بين االدخار و‬
‫االستثمار‪.‬‬
‫كما اختلف " كينز" مع الكالسيك بأن العالقة بين االدخار وسعر الفائدة هي‬
‫عالقة طردية حيث يرى أنه في بعض األحيان تكون عالقة عكسية و هناك‬
‫عوامل أخرى تتدخل في حجم المدخرات و هي ‪:‬‬
‫‪ -‬مستوى الدخل‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬االحتياط للطوارئ‬
‫إن سعر الفائدة عند النيوكالسيك هو مكافأة صاحب رأس المال‪ ،‬و هو السعر الذي‬
‫يعطي لألسر من أجل تشجيعها على عدم االستهالك الفوري للمداخيل و ادخار جزء‬
‫منها‪.‬‬
‫إن كينز انتقد هذا التحليل النيوكالسيكي للفائدة و أدخل في التحليل االقتصادي الجانب‬
‫البسيوكولوجي إلي يفسر سلوك الفرد من أجل ادخار جزء من دخله في شكل سيولة ‪ ،‬و‬
‫يفسر هذا الدافع لالدخار بثالثة أسباب و هي ‪ :‬المبادلة‪ ،‬االحتياط و المواظبة‪.‬‬
‫حيث أنه حسب كينز سعر الفائدة هو السعر الذي يجعل األفراد يقررون التنازل على‬
‫جزء من السيولة و تغييرها‪.‬‬

‫‪ -1‬فتح هللا ولعلو ‪ ،‬مرجع سابق الذكر ‪ ،‬ص ‪.135‬‬


‫‪-2‬سكينة بن حمودة ‪ ،‬مرجع سابق الذكر ‪ ،‬ص ‪.176‬‬

‫‪10‬‬
‫‪ .3‬الدولة‪:‬‬

‫إن هدف الدولة من االستثمار هو دفع الطلب‪ ،‬فيجب إعطاء الوسائل لألفراد من أجل‬
‫طلب السلع و الخدمات‪ ،‬فالدولة إذن توزع الدخول بخلق مناصب شغل في فروع معينة‬
‫التي ال يهتم بها القطاع الخاص‪ ،‬كما تتدخل الدولة في تحديد معدل الضرائب المختلفة ‪،‬‬
‫و معدل الفائدة عن طريق وضع سياسة موازني ة و سياسة ضريبية‪.‬‬
‫و هكذا نجد أن كينز استنتج أن الدولة عنصر أساسي في عمل االقتصاد الحديث عكس‬
‫المدرسة الكالسيكية التي نادت بعدم تدخل الدولة‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬النظرية العامة الكينزية ( أدوات التحليل االقتصادي عند كينز)‬

‫سميت هذه النظرية بالنظرية العامة ألنها تشمل جميع األوضاع و الحاالت االقتصادية‬
‫الممكنة في كل مكان و زمان‪ ،‬و عامة أيضا من حيث أنها تناولت الكليات و ليس‬
‫ا لجزئيات‪ ،‬فهي ال تتعلق بمواضيع و دراسات جزئية و فردية كما هو الحال في االقتصاد‬
‫‪1‬‬
‫الكالسيكي و هذا االتجاه يعرف باقتصاد المجموعات أو االقتصاد الكلي‪.‬‬
‫فنظرية كينز إذن تدرس العالقات بين مجموعات كبيرة من الظواهر االقتصادية مثل ‪:‬‬
‫حجم العمالة العام أو التوظيف العام‪ ،‬الدخل العام ‪ ،‬االستثمار العام ‪ ،‬االستهالك العام‪،‬‬
‫اإلنفاق العام‪ ،‬العرض الكلي ‪ ،‬الطلب الكلي‪.‬‬
‫عرض كينز نظريته باالرتكاز على ثالثة عناصر مهمة و هي ما تسمى بأدوات التحليل‬
‫االقتصادي عند كينز و هي ‪:‬‬
‫‪ )1‬الميل الحدي لالستهالك‬
‫‪ )2‬الفعالية الحدية لرأس المال‬
‫‪ )3‬سعر الفائدة‬

‫‪ -1‬عزمي رجب ‪ ،‬مرجع سابق الذكر ‪ ،‬ص ‪.118‬‬

‫‪11‬‬
‫نظرية الدخل و االستخدام‪:‬‬

‫إن نقطة البداية في دراسة و تحليل الدخل و االستخدام عند كينز انطلقت من تحديد‬
‫مفهوم الطاقة اإلنتاجية في االقتصاد و هي " قدرة االقتصاد على إنتاج سلع و خدمات‬
‫تعتبر محدودة في المدى القصير " لذا يمكن القول بأن النظرية الكينزية لالستخدام‬
‫تنطلق أساسا من الطلب الكلي الذي يعتبر المحدد األساسي و الحاسم لمستوى الدخل و‬
‫االستخدام في المدى القصير‪ ،‬أما في المدى الطويل فقد تظهر عوامل أخرى تؤثر على‬
‫الطاقة اإلنتاجية‪.‬‬
‫و قبل البدء بتحليل العناصر األساسية في نظرية الدخل و االستخدام البد من إعطاء‬
‫‪1‬‬
‫فكرة عن منحنيات الطلب الكلي و العرض الكلي و ما يعنيه كل واحد منهما‪.‬‬

‫أ‪ .‬منحنى الطلب الكلي‪:‬‬


‫هو منحنى يوضح العالقة بين المصروفات المتوقعة عند كل مستوى من مستويات‬
‫الدخل أو اإلنتاج الحقيقي ‪ ،‬أي هو منحنى يوضح العالقة بين كل مستوى من‬
‫مستويات اإلنتاج و ما يقابله من إنفاق من أجل شراء ذلك اإلنتاج‪.‬‬
‫و على هذا األساس يمكن القول أن منحنى الطلب الكلي يمثل إحدى األدوات‬
‫التحليلية التي يتم اعتمادها في تحديد المستوى التوازني للدخل و االستخدام و‬
‫اإلنتاج‪ ،‬أي أنه يعتبر إحدى األدوات الهامة في التحليل االقتصادي‪.‬‬
‫و يمثل منحنى الطلب الكلي بالشكل التالي‪:‬‬
‫‪ C‬االستهالك‬
‫‪D‬‬
‫‪C= a+by‬‬

‫‪a‬‬
‫‪Y‬الدخل‬
‫الشكل ( رقم ‪ )01‬منحنى الطلب الكلي‬

‫‪ -1‬محمود حسين الوادي‪ ،‬أحمد عازف العساف‪ ،‬االقتصاد الكلي‪ ،‬عمان ‪ :‬دار المسيرة‪ ،2009 ،‬ص‪.87‬‬

‫‪12‬‬
‫و إذا كان التعامل مع اقتصاد مغلق ليس له عالقات مع العالم الخارجي فإن ‪:‬‬

‫الطلب الكلي = اإلنفاق العائلي ( االستهالك) ‪+‬اإلنفاق الحكومي (االستثمار) ‪+‬إنفاق القطاع‬
‫الخاص (استثمار)‬

‫ب‪ .‬منحنى العرض الكلي‪:‬‬


‫هو عبارة عن المنحنى الذي يبين العالقة بين اإليرادات المتوقعة للمنتجين و عند‬
‫كل مستوى من مستويات اإلنتاج أو الدخل‪ ،‬حيث أن كل إنتاج يجب أن يولد دخال‬
‫و هذا الدخل البد أن يعود للمنتجين بشكل إيرادات‪ .‬لذا فإن كل نقطة على منحنى‬
‫العرض تبين أن لكل مستوى من الدخل مستوى يقابله من اإلنفاق‬
‫و يمكن توضيح منحى العرض الكلي بالشكل التالي‪:‬‬

‫اإليرادات المتوقعة‬

‫‪S‬‬

‫‪45°‬‬ ‫‪Y‬‬
‫الشكل (رقم ‪ )02‬منحنى العرض الكلي‬

‫و من أجل تحديد الوضع التوازني للدخل و االستخدام البد من الجمع بين منحنيا‬
‫الطلب الكلي و العرض الكلي حيث وضح كينز أن مستوى الدخل و االستخدام‬
‫التوازني سوف يتحدد عند نقطة تقاطع منحنى الطلب الكلي مع منحنى العرض‬
‫الكلي كما يوضحه الشكل التالي‪:‬‬

‫‪13‬‬
‫‪ Q‬اإلنفاق‬

‫‪S‬‬ ‫‪D‬‬

‫‪L‬‬ ‫‪C- a + by‬‬

‫‪ Y‬الدخل‬
‫الشكل ( رقم ‪ )03‬مستوى الدخل و االستخدام التوازني‬

‫إن نقطة تقاطع المنحنيين تحدد المستوى التوازني للدخل و االستخدام أي النقطة‬
‫التي تمثل حالة توازن االقتصاد القومي‪.‬‬
‫ومن خالل تحليل كينز فإنه يمكن جعل االقتصاد في حالة توازن أو إعادة التوازن و‬
‫خاصة في المدى القصير من خالل التأث ير على وحدات اإلنتاج أو وحدات اإلنفاق‪.‬‬
‫و ما يهمنا هو تحرك دالة الطلب الكلي إلى وضع أعلى من وضعها السابق الذي‬
‫يمثل رغبة وحدات اإلنفاق على إنفاق المزيد من الدخل المتولد من اإلنتاج الجاري‪،‬‬
‫أي زيادة وحدات اإلنفاق إنفاقها أكثر من الدخل المتولد‪ ،‬أو أكثر مما يتوقعه‬
‫المنتجون و ذلك سيؤدي بالضرورة إلى حدوث اختالل سيدفع جميع القوى المؤثرة‬
‫في النشاط االقتصادي للتحرك من أجل دفع االقتصاد للتوازن من جديد و بحالة‬
‫أفضل مما كان عليه سابقا‪ ،‬و عادة فإن نقطة التوازن الجديدة تمثل وضعا أفضل‬
‫لالقتصاد عما كان عليه‪ ،‬إذ تعني المزيد م ن اإلنتاج و االستخدام و الدخل و هو ما‬
‫سماه كينز بالطلب الفعال‪ ،‬و يمكن توضيح ذلك بالشكل التالي‪:‬‬

‫‪14‬‬
‫‪Q‬‬
‫‪S‬‬
‫’‪D‬‬
‫‪L‬‬ ‫‪D‬‬

‫‪Y‬الدخل (اإلنتاج)‬
‫الشكل ( رقم ‪ ) 04‬تحرك دالة الطلب الكلي إلى وضع أعلى‬
‫‪ : Q‬اإلنفاق الكلي‬
‫‪ :Y‬الدخل اإلنتاج‬
‫نظرية االستهالك و االدخار‪:‬‬
‫إن الطلب الكلي هو المحدد الرئيسي لمستوى الدخل و االستخدام في المدى القصير‪ ،‬و‬
‫يمثل الطلب الكلي اإلنفاق الكلي أي‪:‬‬
‫الطلب = اإلنفاق الكلي = اإلنفاق االستهالكي (العائلي) ‪ +‬اإلنفاق االستثماري (قطاع‬
‫األعمال) ‪+‬اإلنفاق الحكومي ( استهالكي و استثماري) ‪+‬صافي اإلنفاق الخارجي (‬
‫الفرق بين قيمة الصادرات و قيمة الواردات)‪.‬‬
‫)‪Y=C+I+G+(X-M‬‬
‫العوامل المحددة لإلنفاق االستهالكي‪:‬‬
‫لقد اعتمد كينز في تحليله لطبيعة العالقة بين الدخل و االستهالك على فكرتين‬
‫أساسيتين أو اللتان أصبحتا األساس في النظرية الحديثة للدخل و االستخدام و هما‪:‬‬
‫‪ -‬العالقة الوثيقة بين الدخل و االستهالك‬
‫‪ -‬و طبيعة العالقة بين الدخل و االستهالك‬

‫‪15‬‬
‫حيث بين االستهالك يعتمد دائما على الدخل و أن العالقة بينهما هي عالقة طردية‪ ،‬و قد أطلق‬
‫كينز على هذه العالقة بالميل لالستهالك‪ ،‬و الذي نعبر عنه بالعالقة التالية‪:‬‬

‫االستهالك‬

‫الميل المتوسط لالستهالك =‬

‫الدخل‬

‫أما الفكرة الثانية فهي طبيعة هذه العالقة و المتمثلة فيمايلي‪:‬‬

‫"أن الناس يميلون من حيث المبدأ و بصورة عامة إلى زيادة إنفاقهم االستهالكي كلما زاد دخلهم‪،‬‬
‫لكن بمقدار أقل‪ ،‬و قد سمى كينز تلك العالقة بالقانون السيكولوجي األساسي"‪.‬‬

‫أي أن كينز يعتقد بوجود عوامل ذاتية و عوامل موضوعية‪.‬‬

‫فالعوامل الذاتية‪ :‬هي العوامل النفسية ( السيكولوجية) المؤثرة في الطلب العائلي على السلع‪،‬‬
‫تتأثر اتجاهات الشراء باإلشهار‪ ،‬و جاذبية المنتج‪ ،‬و التوقعات المتعلقة بمستوى األسعار‪ ،‬و‬
‫الوفرة المستقبلية للسلع و مستويات الدخول المستقبلية و كذلك بصفات المستهلك النفسية مثل‬
‫الكرم ‪ ،‬البخل ‪ ،‬حب المظاهر المغاالة في اإلنفاق‪.‬‬

‫أما العوامل الموضوعية ‪ :‬فهي كالتالي‪:‬‬

‫توزيع الدخول ‪ :‬حيث يؤثر توزيع الدخل في مستوى االستهالك الكلي إذا كان مستلمو‬
‫الدخل ليس لديهم نفس الميول المتوسطة لالستهالك و قد تؤدي إعادة توزيع الدخل إلى‬
‫انتقال دالة االستهالك الكلية و التغير في ميل الدالة‪.‬‬
‫تقلبات األسعار في األسواق‪ :‬فعندما تنخفض األسعار يقبل الطالبون على رفع مستوى‬
‫استهالكهم و عندما ترتفع األسعار يتقلص الطلب مع العلم أن للطلب تأثي ار أيضا على‬
‫األسعار‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫اختيارات الدولة في ميدان الضرائب ‪ :‬فالدولة تستطيع أن تنقص من الميل الحدي‬
‫لالستهالك لبعض الفئات االجتماعية إذا عمدت على رفع الضرائب التي تصب على‬
‫مداخيلهم‪.‬‬
‫اختيارات الدولة في ميدان التخطيط العام ‪ :‬فتوجيه الدولة قد يساعد قطاعا على حساب‬
‫قطاع آخر أو دخل فئة على حساب فئة أخرى و يؤثر هذا بالطبع على مستوى‬
‫االستهالك عند األفراد و القطاعات‪.‬‬
‫التقسيط االئتماني للمستهلك‪ :‬تؤثر تكلفة ووفرة التقسيط االئتماني للمستهلك على قدرته‬
‫الشرائية فكلما كانت وفرة في القروض االستهالكية و تكلفة أقل لهذا القرض فإن زيادة‬
‫االقتراض االستهالكي يؤدي إلى انتقال منحنى دالة االستهالك الكلي إلى األعلى‪.‬‬
‫سعر الفائدة ‪ :‬في التحليل الكالسيكي كان ينظر إلى سعر الفائدة على أنه الثمن المدفوع‬
‫لألفراد مقابل التضحية باالستهالك الحاضر أي أنه ثمن االدخار ‪ ،‬و بالتالي اعتبر‬
‫سعر الفائدة العامل المحدد لالستهالك الحاضر أي أنه ثمن االدخار ‪ ،‬و بالتالي اعتبر‬
‫سعر الفائدة العامل المحدد لالستهالك‪ .‬إال أن األمر لم يعد كذلك في التحليل الكينزي‪،‬‬
‫و مع ذلك يشير االقتصاديون إلى أن سعر الفائدة قد يؤثر على االستهالك عن طريق‬
‫تغير تكاليف االقتراض‪ ،‬أو بتأثيره على القيمة الجارية للثروة عندما ترتفع أسعار السندات‬
‫نتيجة انخفاض أسعار الفائدة مثال و بالتالي تصبح دالة االستهالك على النحو التالي‪:‬‬
‫‪C=c(y,i)1‬‬
‫و على هذا األساس حدد كينز الدالة الخطية لالستهالك‪:‬‬
‫‪C=Co+byd‬‬
‫حيث تمثل ‪ Co‬كمية االستهالك عندما يكون الدخل المتاح صفرا‪.‬‬

‫‪-1‬ضياء مجيد الموسوي‪ ،‬النظرية اإلقتصادية ‪ ،‬التحليل االقتصادي الكلي‪ ،‬ط ‪ ، 3‬الجزائر ‪ :‬ديوان المطبوعات الجامعية ‪،2005 ،‬‬
‫ص‪.120‬‬

‫‪17‬‬
‫‪C‬‬

‫‪C‬‬
‫‪C0‬‬ ‫‪p‬‬

‫‪45°‬‬ ‫‪yd‬‬

‫الشكل ( رقم ‪ )05‬يمثل دالة االستهالك الكلي‬

‫أما المفهوم اآلخر الذي استند عليه كينز في تفسيره للعالقة بين الدخل و االستهالك ‪ ،‬فهو ما‬
‫أطلق عليه بالميل الحدي لالستهالك‪ ،‬و يعرف الميل الحدي لالستهالك بأنه أي تغير في الدخل‬
‫البد و أن يؤدي إلى تغير في االستهالك و لكن بدرجة أقل‪.‬‬

‫التغير في االستهالك‬
‫الميل الحدي لالستهالك (‪= )MPC‬‬
‫التغير في الدخل‬

‫= ‪MPC‬‬ ‫)‪-(1‬‬
‫𝐶∆‬
‫𝑦∆‬

‫إن األفراد يستهلكون قسطا من دخلهم و يكون هذا القسط المستهلك متناسبا مع مستوى الدخل ‪،‬‬
‫فإن ارتفع الدخل ارتفع االستهالك‪ ،‬و لكن ارتفاع االستهالك أقل من ارتفاع الدخل‪ ،‬فاألفراد‬
‫‪1‬‬
‫يدخرون أكثر كلما ارتفع دخلهم ألنهم يكونوا قد استجابوا إلى حاجاتهم الملحة و الضرورية‪.‬‬

‫‪ -1‬يوجين أ ‪ ،‬ديوليو‪ ،‬النظرية االقتصادية الكلية‪ ( ،‬ترجمة ‪ :‬محمد رضا العدل وحمدي رضوان عبد العزيز) الجزائر ‪ :‬ديوان‬
‫المطبوعات الجامعية ‪ ، 1983 ،‬ص ‪.68‬‬

‫‪18‬‬
‫و الجدول التالي يوضح ذلك‪ :‬فإذا رمزنا للدخل ب ‪ Y‬و االستهالك ب ‪ C‬فإننا نجد‪:‬‬

‫)‪Y($‬‬ ‫)‪C ($‬‬ ‫‪APC‬‬ ‫‪MPC‬‬


‫‪200‬‬ ‫‪200‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪/‬‬
‫‪400‬‬ ‫‪360‬‬ ‫‪0.90‬‬ ‫‪0.80‬‬
‫‪600‬‬ ‫‪520‬‬ ‫‪0.78‬‬ ‫‪0.80‬‬
‫‪800‬‬ ‫‪680‬‬ ‫‪0.58‬‬ ‫‪0.80‬‬
‫‪1000‬‬ ‫‪840‬‬ ‫‪0.48‬‬ ‫‪0.80‬‬

‫يبدو من الجدول أن قيمة الميل الحدي لالستهالك هي ‪ 0,8‬و تبقى ثابتة ‪ ،‬بينما تنخفض قيمة‬
‫الميل الوسطي لالستهالك مع ارتفاع مستوى الدخل‪.‬‬
‫و نفس هذا التحليل يطبق على األمم و الدول‪ ،‬فالدول المتقدمة اقتصاديا تدخل كثي ار فيكون ميلها‬
‫الحدي لالستهالك منخفضا‪ ،‬أما الدول المتخلفة اقتصاديا يكون ميلها الحدي لالستهالك مرتفعا‬
‫ألنها لم تتمكن من اإلستجابة إلى كل حاجاتها و بالتالي فاإلدخار منخفض أو غير موجود‪.‬‬
‫نظرية االستثمار (اإلنفاق االستثماري)‪:‬‬
‫إن اإلنفاق االستثماري ما هو إال ذلك النوع من اإلنفاق على السلع الرأسمالية و التي‬
‫تتمثل في اآلالت‪ ،‬و أدوات اإلنتاج‪ ،‬كما يتضمن اإلنفاق على المباني الجديدة و‬
‫‪1‬‬
‫اإلضافات إلى المباني القديمة‪ ،‬كما يتضمن التغير في المخزون السلعي‪.‬‬
‫إن اإلنفاق االستثماري له أهمية كبي رة في النشاط االقتصادي لعدة أسباب منها‪:‬‬
‫‪ -1‬اعتباره أهم العوامل المحددة للطاقة اإلنتاجية‪ ،‬فهو أحد العوامل األساسية في عملية‬
‫التنمية االقتصادية‪.‬‬

‫‪ -1‬محمود حسين الوادي‪ ،‬أحمد عارف العساف‪ ،‬مرجع سابق الذكر‪ ،‬ص ‪.120‬‬

‫‪19‬‬
‫‪ -2‬يعتبر أحد المكونات الرئيسية للطلب الكلي‪.‬‬
‫‪ -3‬يتميز بأنه شديد التقلب نظ ار ألن التغيرات التي تحدث في قطاع السلع الرأسمالية‬
‫تكون أسرع بكثير من التغيرات التي تحدث في قطاع السلع االستهالكية ‪.‬‬

‫و من العوامل المحددة لإلنفاق االستثماري‪:‬‬

‫‪ -1‬الكفاية الحدية لرأس المال و المقصود بها العائد الي تحققه الوحدة النقدية المستثمرة‪.‬‬
‫‪ -2‬سعر الفائدة والتي تمثل كلفة رأس المال المستثمر و الذي يمكن استعماله للمقارنة بينه و‬
‫بين الكفاية الحدية لرأس المال من أجل معرفة مقدار رأس المال المطلوب استثماره في‬
‫أي نشاط‪.‬‬
‫كما أن هناك مجموعة من العوامل األخرى المحددة لإلنفاق االستثماري و هي ‪:‬‬
‫‪ -‬التقدم العلمي و التكنولوجي‪.‬‬
‫‪ -‬توقعات المستثمرين‪.‬‬
‫‪ -‬حالة االقتصاد القومي (انتعاش أو انكماش)‪.‬‬
‫‪ -‬األرباح المتوقعة‪.‬‬
‫‪ -‬درجة المخاطرة التي تتعرض لها األموال المستثمرة‪.‬‬

‫‪ -1‬مضاعف االستثمار‪:‬‬
‫إن العمالة تزيد بزيادة االستثمار ما لم يكن هناك تغير في الميل الحدي لالستهالك‪،‬‬
‫كما أن المجتمع قد يجد أنه من الضروري أن ينفق مقدار أكبر من النقود على‬
‫االستثمار لمنع البطالة‪.‬‬
‫فعندما تقوم الدولة بمشروعات عامة فإن الزيادة الكلية في الدخل القومي ستكون‬
‫أكبر من المبلغ المنفق على هذه المشروعات‪ ،‬و بالمثل تصبح الزيادة في العمالة‬
‫الكلية الناشئة عن المشروعات الجديدة أكبر من عدد العمال الذين يعملون في‬
‫المشروع األصلي ‪ ،‬ألن الزيادة في الطلب على السلع االستهالكية الناشئة عن‬
‫العمالة األساسية ستؤدي إلى زيادة أكبر في حجم الصناعات االستهالكية ‪ ،‬و هذا‬

‫‪20‬‬
‫يؤدي بدوره إلى زيادة العمالة ‪ ،‬و عدد المرات التي تزيد بها العمالة األصلية بسبب‬
‫الزيادة في االستثمار يطلق عليها اسم " المضاعف" » ‪.« Multiplicatieur‬‬
‫أو بعبارة أخرى يبين المضاعف عدد المرات التي تتضاعف بها الزيادة في‬
‫االستثمار و نمز له ب ‪. Ke:‬‬
‫فإذا افترضنا أن الدخل قد تغير من ‪ y‬إلى)‪ ∆𝑦(𝑦 +‬و لتحديد قيمة 𝑦∆ ننطلق‬
‫من معادلة التوازن‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫=𝑦‬ ‫‪(𝑎 + 𝐼 ) … … … … … … … … … … … … … .1‬‬
‫𝑏‪1−‬‬

‫بالتعويض بالقيم الجديدة ل‪ y‬و‪ I‬نجد ‪:‬‬


‫‪1‬‬
‫= 𝑦∆ ‪𝑦 +‬‬ ‫‪(𝑎 + 𝐼 + ∆𝐼 ) … … … … … … … … … 2‬‬
‫𝑏‪1−‬‬

‫بطرح المعادلة رقم )‪(1‬من المعادلة رقم )‪(2‬نجد ‪:‬‬


‫‪1‬‬
‫= 𝑦∆‬ ‫)𝐼∆(‬
‫𝑏‪1−‬‬

‫أي أن التغير في مستوى الدخل يساوي التغير في مستوى االستثمار مضروبا‬


‫بالقيمة‬
‫‪1‬‬
‫𝑏‪1−‬‬
‫و تسمى بمضاعف االستثمار و نرمز له ب ‪ke‬‬
‫= ‪Ke‬‬
‫𝑦∆‬ ‫‪1‬‬
‫=‬
‫𝐼∆‬ ‫𝑏‪1−‬‬
‫حيث ‪ b‬هو الميل الحدي لالستهالك‪.‬‬
‫و منه ‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫المضاعف =‬

‫‪-1‬الميل الحدي لإلستهالك‬


‫‪21‬‬
‫و منه ‪:‬‬

‫‪1‬‬

‫‪1‬‬
‫=‬ ‫المضاعف‬

‫الميل الحدي لالستهالك‬

‫‪ -2‬الكفاية الحدية لرأس المال ‪:‬‬

‫يعتبر "كينز" الكفاية الحدية لرأس المال عنص ار أساسيا يلعب دوره كباعث للمستثمر‬
‫الذي يقوم باستثمار أمواله ‪ ،‬ذلك ألن عملية االستثمار خطيرة و مغامرة يجب على‬
‫المستثمر أن يقدر نتائج اإلقدام عليه‪ ،‬و هذا ما جعل "كينز" يهتم بمفهوم الحافز‬
‫على االستثمار أي دافع المستثمر ليقوم باستثمار أمواله‪.‬‬
‫فالمستثمر يترقب مردود أو عائد سنوي لالستثمار و يجب مقارنة هذا المردود بسعر‬
‫قرض رأس المال و هو ما يسميه "كينز" بالكفاية الحدية لرأس المال‪ ،‬فالكفاية الحدية‬
‫لرأس المال حسب "كينز" هو عبارة عن معدل الخصم الذي يحقق المساواة بين قيمة‬
‫رأس المال و مجموع القيم الحالية لعوائده‪.‬‬
‫و لتكن هذه العوائد‪:‬‬
‫‪S1,S2,S3,…………….Sn‬‬
‫حيث ‪ S1‬عائد السنة األولى‬
‫‪ S2‬عائد السنة الثانية‬
‫‪ S3‬عائد السنة الثالثة‬
‫‪ Sn‬عائد السنة األخيرة‬

‫‪-1‬سكينة بن حمودة ‪ ،‬مرجع سابق الذكر ‪ ،‬ص ‪.149‬‬

‫‪22‬‬
‫و لحساب الكفاية الحدية لرأس المال نحسب معدل الخصم الذي يجعل مجموع القيم الحالية‬
‫للعوائد مساوية إلى ثمن رأس المال‪.‬‬
‫فإذا افترضنا أن )‪ (P‬هو ثمن رأس المال و )‪ (r‬هي الكفاية الحدية لرأس المال المعادلة التالية‪:‬‬

‫‪𝑆1‬‬ ‫‪𝑆2‬‬ ‫𝑛𝑆‬


‫=𝑃‬ ‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬ ‫⋯‬ ‫…‬ ‫…‬ ‫…‬ ‫…‬ ‫…‬ ‫‪.‬‬
‫‪(1 + 𝑟) (1 + 𝑟) 2‬‬ ‫𝑛 )𝑟 ‪(1 +‬‬

‫‪ S1,S2,S3 ,………Sn‬و عرفنا قيمة )‪(P‬‬ ‫و إذا أعطيتنا قيما ل ‪:‬‬


‫تمكننا من حساب )‪ (r‬أي الكفاية الحدية لرأس المال‪.‬‬
‫ثم مقارنته مع سعر الفائدة ‪. T‬‬
‫الحالة األولى ‪ :‬إذا كانت الكفاية الحدية لرأس المال مساوية لسعر الفائدة فإنه يجب القيام‬
‫باالستثمار‪.‬‬
‫الحالة الثانية ‪ :‬إذا كانت الكفاية الحدية لرأس المال أكبر من سعر الفائدة فإنه يجب القيام‬
‫باالستثمار‪.‬‬
‫الحالة الثالثة ‪ :‬إذا كانت الكفاية الحدية لرأس المال أصغر من سعر الفائدة فإنه يجب‬
‫التوقف عن االستثمار‪.‬‬

‫‪ -3‬معدل الفائدة ‪:‬‬


‫إن سعر الفائدة عند كينز ظاهرة نقدية تحدد انطالقا من معطيين اثنين هما ‪:‬‬
‫‪ -1‬عرض النقود ‪ :‬و تمثل كمية النقود الموجودة في السوق التي تصدر عن البنك‬
‫المركزي‪ ،‬فهذا األخير يستطيع أن يؤثر على مستوى معدل الفائدة ألنه يتحكم‬
‫في إصدار العملة ‪ ،‬أو وسائل الدفع التي يخلفها الجهاز المصرفي في شكلها‬
‫المتعلق بالنقود االئتمانية‪ ،‬و منحنى عرض النقود عديم المرونة و لذا يتخذ‬
‫الوضع العمودي مبينا لنا كمية النقود المحددة من طرف السلطات‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫‪ I‬الفائدة‬

‫‪MS‬‬

‫كمية النقود‬

‫الشكل ( رقم ‪ ) 06‬منحنى عرض النقود‬

‫ب‪ -‬الطلب على النقود ‪ :‬أو ما يسميه " كينز" بالتعلق بالسيولة و هو مفهوم يعبر عن‬
‫األهمية التي يعطيها األفراد للنقود بحيث يميلون إلى بقاء أمالكهم و أموالهم في شكل نقود‬
‫أو في شكل سيولة حبا للنقود في حد ذاتها‪ ،‬و يرى " كينز" أن هذا التعلق بالسيولة يعود‬
‫إلى ثالثة دوافع هي ‪:‬‬

‫دافع الدخل أو دافع المعامالت حيث يعمل األفراد على المحافظة على العملة‬
‫في اليد طول الفترة الفاصلة بين وقت استالمهم للدخل ووقت إنفاقه أي إمكانية‬
‫استعماله أثناء هذه الفترة من أجل تغطية المصروفات اليومية‪.‬‬
‫و كلما زاد الناتج الكلي و العمالة ارتفعت األجور و األثمان و زاد الطلب على‬
‫النقود للمعامالت‪.‬‬
‫دافع االحتياط ‪ :‬إن األفراد يتعلقون بالنقود احتياطا للمستقبل و خاصة للنفقات‬
‫غير المنتظرة ‪ ،‬و ينشأ هذا الدافع لألفراد و المؤسسات االقتصادية و يسمى‬
‫بدافع المشروع لدى هذه المؤسسات‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫دافع المضاربة ‪ :‬يعمل األفراد المضاربين على المحافظة على النقود من أجل‬
‫استعمالها و عرضها في األسواق المالية ستنخفض في المستقبل فإنهم يؤجلون‬
‫عمليات الشراء و يحتفظون بالنقود سائلة‪ ،‬و يتوقف حجم هذا الجزء من الطلب‬
‫‪1‬‬
‫على توقعات األفراد بالنسبة لالئتمان في المستقبل بما في ذلك سعر الفائدة‪.‬‬

‫و يمكن تمثيل الطلب على النقود بالمنحنى التالي‪:‬‬

‫‪I‬الفائدة‬

‫‪MD‬‬

‫‪M‬كمية النقود‬

‫الشكل ( رقم ‪ )07‬منحنى الطلب على النقود‬

‫ويبين المنحنى أن كل زيادة في النقود يقابلها انخفاض في سعر الفائدة‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫و يحدث التوازن في القطاع النقدي عندما يتساوى عرض النقود مع الطلب عليها‪.‬‬

‫‪ I‬الفائدة‬ ‫‪MS‬‬

‫‪i1‬‬ ‫‪MD‬‬

‫‪ M‬كمية النقود‬

‫الشكل ( رقم ‪ )08‬التوازن في القطاع النقدي‬

‫‪ -1‬زيتون أحمد ضياء الدين ‪ ،‬مبادئ في علم االقتصاد ‪ ،‬االسكندرية‪ ،‬المكتب العلمي للنشر و التوزيع ‪ ،2001 ،‬ص ‪.379‬‬
‫‪ -2‬يوجين أ‪.‬د‪ .‬يوليو‪ ،‬مرجع سابق الذكر ‪ ،‬ص ‪.146‬‬

‫‪25‬‬
‫النتائج التي توصل إليها كينز‪:‬‬

‫استنتج كينز بصورة عامة من نظريته أن ‪:‬‬

‫‪ -1‬في حالة البطالة يترتب على الدولة أن تسعى لتأمين العمل للجميع‪ ،‬و ذلك بالتأثير‬
‫المباشر على االتجاهات االقتصادية األساسية مثل التأثيرات النفسية التي تهمين على‬
‫االتجاه االقتصادي العام‪.‬‬
‫‪ -2‬الشرط األساسي لهذا التدخل هو عدم المس بالحريات األساسية لألفراد ‪ ،‬و ترك القطاع‬
‫الخاص يأخذ المبادرات االقتصادية‪.‬‬
‫‪ -3‬ضرورة وجود جهاز إداري متين له القدرة على التدخل و التأثير على القطاع الخاص‪.‬‬
‫‪ -4‬اعتبار األدوات المالية أدوات اقتصادية تستخدم لتحقيق أغراض اقتصادية و اجتماعية‬
‫فهي تستعمل من أجل محاربة البطالة و كبح التضخم ‪ ،‬و محاربة التخلف و العمل على‬
‫تدعيم حركات اإلنشاء و التعمير‪ .‬كما أصبحت أداة لتحقيق أغراض اجتماعية حيث‬
‫تهدف إلى توفير العمل لكل من يرغب فيه و إلى محو التفاوت بين الطبقات و إقرار‬
‫التوازن االجتماعي‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫المبحث الثالث ‪ :‬تقييم أفكار كينز ‪:‬‬

‫إن أفكار كينز و نظرياته أحدثت تطو ار جوهريا في الفكر االقتصادي ‪ ،‬لقد أطلق على النظرية‬
‫الكينزية اسم الثورة الكينزية أو العلم االقتصادي الجديد‪ ،‬فقد كان كينز باعتماده على التحليل‬
‫الكلي للظواهر االقتصادية مذهبا جديدا و تحليال حديثا لم يسبقه إليه أحد و خاصة أن التحليل‬
‫الكلي كان ينطلق من التحليل الجزئي‪ .‬إال أن أفكار كينز القت مجموعة من االنتقادات التي‬
‫يمكن إدراجها فيمايلي‪:‬‬

‫‪ -1‬ال يمكن اعتبار نظرية كينز نظرية عامة من وجهة نظر البعض ألنها ال تصلح لكل‬
‫مكان و زمان ‪ ،‬فقد وضعت النظرية في زمن األزمة االقتصادية ‪ 1929‬أي أزمة‬
‫الكساد العظيم ‪ ،‬فهل هي صالحة لحل أزمة ‪ 2008‬؟‬
‫‪ -2‬إن كينز جمع أفكاره من مختلف الكتاب الذين سبقوه ( التجاريون‪ ،‬الطبيعيون ‪،‬‬
‫التقليديون) و بالتالي هناك مغاالة في اعتبار الفكر الكينيزي ثورة في علم االقتصاد‪.‬‬
‫‪ -3‬التقليل من الحرية االقتصادية في النظام الرأسمالي و التي تعتبر سمة من سماته‬
‫األساسية‪.‬‬
‫إن االنتقادات الموجهة للنظرية الكينزية هي في معظمها انتقادات شكلية ال تمس جوهر‬
‫النظرية العامة‪ ،‬و بالتالي فالنظرية الكينزية هي مدرسة حديثة لالقتصاد الكلي‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫خاتمـــــــــــــــــــــــــــــــة‬

‫خالصة لما جاء في هذا العرض للمدرسة الكينزية نستنتج أن المحور األساسي الذي‬
‫قامت عليه النظرية هو االنتقادات التي وجهت للمدرسة الكالسيكية و إظهار مساوئها و‬
‫كذا إظهار عيوب األنظمة الرأسمالية المتطورة ‪ ،‬و في مقدمتها اإلخفاق في تأمين‬
‫العمالة الكاملة لأليدي العام لة ‪ ،‬و عدم نجاحها في إيجاد عدالة لتوزيع الدخول و‬
‫الثروات‪ ،‬انطالقا من تحليل االستهالك و االستثمار و النقود ‪ ،‬و توصل إلى ضرورة‬
‫تدخل الدولة لتحقيق التوازن العام‪ ،‬و هذا ال يعني أن كينز يحبذ االشتراكية و إنما هو‬
‫يؤكد دائما ثقته بالباعث الفردي و المشاريع الخاصة‪ ،‬و إنما يدعو إلى إحداث بعض‬
‫األجهزة الحكومية الفعالة للرقابة على النشاط االقتصادي العام‪ ،‬و التوجيه المركز في‬
‫بعض الميادين الهامة كالنقود و االدخار و االستثمار و االستهالك و سعر الفائدة و‬
‫غيرها من الظواهر االقتصادية العامة‪.‬‬

‫‪28‬‬

You might also like