You are on page 1of 11

‫المحور السادس‪ :‬المؤسسات العمومية االقتصادية ‪( EPE‬التدخل المباشر)‬

‫بعد أن تطرقنا إلى تدخل الدولة في المجال االقتصادي عن طريق تأطير األنشطة‬
‫االقتصادية من خالل الضبط‪ ،‬فإن تغير دور الدولة من مقاولة إلى مساهمة أدى إلى التغيير‬
‫في تنظيم و إدارة القطاع العام االقتصادي‪ ،‬فبعد أن كانت تتدخل بشكل مباشر في تسيير‬
‫المؤسسات االقتصادية لم يعد بإمكانها التدخل في التسيير الذي أضحى يخضع لقواعد‬
‫التجارة‪ ،‬و استعانت بهياكل وسيطة في ذلك لتتولى هذه األخيرة اإلشراف على تسيير‬
‫مساهمات الدولة في المؤسسات العمومية االقتصادية باسم و لحساب الدولة و كذا ممارسة‬
‫حقها في الملكية‪ ،‬و في هذه الحالة تكون الدولة مساهمة في المجال االقتصادي‬
‫أي صاحبة النشاط االقتصادي كمنتجة للسلع أو عارضة للخدمات بصفتها متعامل‬
‫اقتصادي عمومي‪.‬‬

‫أوال‪ :‬مفهوم المؤسسات العمومية االقتصادية‬

‫مرت المؤسسة العمومية االقتصادية بعدة مراحل أدت إلى تطور مفهوم هذه األخيرة‬
‫وفقا لتدرج األنظمة االقتصادية التي انتهجتها الجزائر‪ ،‬فالتحول من النظام االشتراكي‬
‫إلى التوجه نحو اقتصاد السوق‪ ،‬أدى بدوره إلى تبني عدة مفاهيم و تطور النظام القانوني‬
‫الخاص بهذه المؤسسات‪.‬‬

‫‪ -1‬تعريف المؤسسات العمومية االقتصادية‪ :‬خالفا للمشرع الفرنسي الذي لم‬


‫يعرف المؤسسات العمومية االقتصادية‪ ،‬نجد أن المشرع الجزائري عرفها من خالل النصوص‬
‫القانونية التالية‪:‬‬
‫‪ ‬عرفها القانون رقم ‪ 10-88‬المتضمن القانون التوجيهي للمؤسسات العمومية‬
‫االقتصادية‪ ،‬و ذلك بالرجوع إلى المواد ‪ 5 ،4 ،3 ،2‬بحيث‪:‬‬
‫‪ -‬تتمتع المؤسسة العمومية االقتصادية بالشخصية المعنوية‪ ،‬و تخضع لقواعد القانون‬
‫الخاص‪.‬‬
‫‪ -‬أن المؤسسة العمومية االقتصادية وسيلة إلنتاج المواد و الخدمات و تراكم رأسمال‪.‬‬
‫‪ -‬أن المؤسسة العمومية االقتصادية منظمة في شكل شركة مساهمة أو شركة المسؤولية‬
‫المحدودة‪ ،‬تمتلك الدولة أو الجماعات المحلية فيها مباشرة أو بصفة غير مباشرة جميع‬
‫األسهم أو الحصص‪.‬‬

‫‪ ‬عرفتها المادة ‪ 25‬من قانون المالية التكميلي لسنة ‪ 0994‬التي عدلت المادة ‪5‬‬
‫من القانون رقم ‪ ،10-88‬إذ أصبحت المؤسسات العمومية االقتصادية شركات ذات رؤوس‬
‫أموال تحوز فيها الدولة أو أشخاص القانون العام األغلبية المطلقة للرأسمال االجتماعي‪.‬‬

‫‪ ‬و هو ما تأكد بصدور األمر رقم ‪ 25-95‬المتعلق بتسيير رؤوس األموال التجارية‬
‫التابعة للدولة‪ ،‬الذي اعتبر المؤسسات العمومية االقتصادية شركات تجارية تخضع‬
‫في إنشائها و تنظيمها و سيرها لألحكام المتعلقة بشركات رؤوس األموال المنصوص عليها‬
‫التجاري‪.‬‬ ‫في القانون‬

‫‪ ‬عرفتها المادة الثانية من األمر ‪ 14-10‬المتعلق بتنظيم المؤسسات العمومية‬


‫اإلقتصادية و تسييرها و خوصصتها المعدل و المتمم‪ ،‬الذي ألغى األمر ‪:25-95‬‬
‫" المؤسسات العمومية االقتصادية هي شركات تجارية تحوز فيها الدولة أو أي شخص‬
‫معنوي آخر خاضع للقانون العام أغلبية رأس المال االجتماعي مباشرة أو غير مباشرة‬
‫و هي تخضع للقانون العام‪" .‬‬
‫خصائص المؤسسات العمومية االقتصادية‪ :‬من خالل التعاريف السابقة‬ ‫‪-2‬‬
‫يمكن أن نستخلص الخصائص التالية المميزة للمؤسسات العمومية االقتصادية عن غيرها‬
‫من المؤسسات العمومية ( ذات الطابع اإلداري ‪ EPA‬أو ذات الطابع الصناعي و التجاري‬
‫‪:) EPIC‬‬
‫‪ -‬للمؤسســة شخصــية قانونيــة مســتقلة مــن حيــث امتالكهــا لحقــوق و ممارستها‬
‫لصــالحياتها‪ ،‬إضافة إلى تحمل مسؤولياتها و التزاماتها‪.‬‬
‫‪ -‬الطابع المزدوج للمؤسسات العمومية االقتصادية‪ ،‬حيث تعتبر المؤسسة العمومية‬
‫االقتصادية شخص من أشخاص القانون العام‪ ،‬و تمثل األداة القانونية لتدخل الدولة‬
‫في االقتصاد‪ ،‬كما تخضع من حيث النشأة للقانون الخاص‪.‬‬
‫‪ -‬خضوع المؤسسة العمومية االقتصادية لقواعد القانون التجاري‪.‬‬
‫‪ -‬األموال التي تحوزها الدولة في هذه المؤسسة‪ ،‬تصنف ضمن األمالك الخاصة للدولة‬
‫( الدومين الخاص ) تخضع لقواعد القانون الخاص‪.‬‬
‫‪ -‬ضـمان المـوارد الماليـة لكـي تسـتمر عملياتهـا‪ ،‬و يكـون ذلـك إمـا عـن طريـق‬
‫االعتمـادات‪ ،‬و إمـا عـن طريـق اإليرادات الكلية‪ ،‬أو عن طريق القروض‪ ،‬أو الجمع‬
‫بين هذه العناصر كلها أو بعضها حسب الظروف‪.‬‬
‫‪ -‬تحقيـق الـربح‪ ،‬فاسـتمرار المؤسسـة ال يمكـن أن يـتم مـا لم تحقـق مسـتوى أدنى مـن‬
‫الـربح يضـمن لهـا إمكانيـة رفع رأسمالها‪ ،‬و بالتالي توسيع نشاطها للصـمود أمـام‬
‫المنافسـة الشرسـة‪ ،‬أو الحفـاظ علـى مسـتوى معـين مـن نشـاطها‪ ،‬و بالتالي البد من‬
‫تحقيق هذا الهدف لالستعانة به في تنفيذ اإلستراتيجية المتبعة من طرفها‪.‬‬
‫‪ -‬تحقيق المصلحة العامة‪ ،‬بحيث أن تدخل الدولة من خالل ممارسة وظيفة االنتاج‬
‫أو تقديم خدمات عادة ما يكون من أجل سد الفراغ‪ ،‬في حالة عجز الخواص عن‬
‫ممارسة بعض األنشطة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬التطور التنظيمي للمؤسسات العمومية االقتصادية ‪EPE‬‬

‫إن المؤسسات العمومية االقتصادية في النظام االشتراكي تتضمن تحقيق األهداف‬


‫الكبرى للنظام االشتراكي‪ ،‬و ذلك بامتالك الدولة لوسائل اإلنتاج‪ ،‬بواسطة تأميم المؤسسات‬
‫أو إنشاء أخرى بأموال الدولة طبقا ألهداف الخطة االقتصادية المسطرة‪ ،‬و من أجل القضاء‬
‫على االستغالل‪ ،‬فالمحيط العام للمؤسسة االقتصادية العمومية في هذا النظام هو تنفيذ‬
‫المؤسسات العمومية‬ ‫الخطة الموجهة من أجل تحقيق أهداف التنمية الشاملة‪ ،‬غير أن‬
‫االقتصادية في االقتصاد الحر تختلف عن مثيلتها في االقتصاد االشتراكي إذ ال تؤدي نفس‬
‫األهداف‪ ،‬فوجودها في النظام الحر ليس ألغراض اجتماعية‪ ،‬بل على العكس تماما من‬
‫ذلك‪ ،‬فهي مثل مثيالتها في القطاع الخاص إذ كالهما يستعمل نفس الطرق في اإلنتاج‬
‫و التوزيع‪ ،‬من أجل تحقيق نتائج إيجابية معتبرة‪.‬‬

‫‪ -1‬المؤسسات العمومية االقتصادية في ظل االقتصاد الموجه‪:‬‬

‫أخذت السلطات على عاتقها ضرورة التخلص من األساليب االستعمارية من خالل تبني‬
‫األساليب اإلشتراكية في تسيير جميع األنشطة سواء كانت إدارية‪ ،‬ثقافية‪ ،‬صناعية أو تجارية‬
‫أو فالحية‪ ،‬و قصد توفير اإلطار التنظيمي للنهوض باالقتصاد الجزائري و تجسيد سياسة‬
‫التصنيع بعيدة األفق‪ ،‬سارعت السلطات إلى وضع استراتيجية للتنمية االقتصادية و التي‬
‫تجسدت في تبني سياسة اقتصادية اشتراكية ترجمتها هيمنة الدولة على المجال االقتصادي‬
‫عن طريق مؤسساتها العمومية‪ ،‬هذه األخيرة لم تكن تمثل سوى وسيلة تنفيذ مخططات الدولة‬
‫من أجل تحقيق التنمية االقتصادية‪.‬‬

‫حيث شهدت فترة تبني االقتصاد الموجه‪ ،‬ثالثة مراحل لتسيير المؤسسات العمومية‬
‫االقتصادية‪:‬‬
‫أ‪ -‬مرحلة التسيير الذاتي (‪ :)1699-1691‬تميـزت كمـا أشـار إلى ذلـك" عبـد اللطيـف بـن‬
‫أشـنهو" بعجـز القـوى االجتماعية عن ممارسة قدرتها االقتصادية"‪ ،‬تعد تجربة التسيير الذاتي‬
‫وليدة الظروف التي عرفها االقتصاد الجزائري بعد االستقالل مباشرة‪ ،‬نتيجة الدمار الذي‬
‫خلفه المستعمر‪ ،‬مما أدى إلى تعطل دور اإلنتاج لم تثن هذه األوضاع و الصعوبات من‬
‫عزيمة العمال الجزائريين الذين تحركوا بصورة تلقائية و عفوية و قاموا بتسيير هذه‬
‫المؤسسات‪ ،‬و قد أدى هذا إلى نمط "التسيير الذاتي"‪ ،‬فما كان من السلطات السياسية وقتها‬
‫إال تزكية هذا النوع من اإلدارة‪ ،‬و قــد تبنى هذا الن ـوع من المؤسـسات وحـدد إطاره القانوني‬
‫في المرسوم رقم ‪ 95-33‬المؤرخ في ‪ 0933/02/08‬المتعلق بتنظيم و تسيير المؤسسات‬
‫المسيرة ذاتيا‪.‬‬

‫ب‪ -‬مرحلة الشركات الوطنية (‪ :)1691-1699‬إن الشركات الوطنية التي أنشأت‬


‫في منتصف الستينات‪ ،‬أصبح عددها بعد هذا التاريخ كثي ار جدا و أصبحت تمتد إلى كل‬
‫القطاعات‪ ،‬و قد اعتبرها ميثاق الجزائر الوسيلة المفضلة لضمان تدخل الدولة لتأمين انجاز‬
‫المشاريع المخططة و ازدادت أهميتها في المرحلة التي أعقبت تراجع أسلوب التسيير الذاتي‬
‫في القطاع الصناعي و التجاري‪.‬‬

‫و نظ ار لهذه األهمية تم تبسيط التنظيم اإلداري للشركة الوطنية الذي ال يختلف أساسا‬
‫عن المؤسسات العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري إذ يقوم تنظيمها على جهازين‪:‬‬
‫أحدهما للمداولة و اآلخر للتنفيذ‪.‬‬

‫إال أن هذا التدخل للدولة في المجال االقتصادي في إطار صيغة الشركة الوطنية‬
‫لم يكن يستجيب لالحتياجات الضرورية‪ ،‬بسبب غياب منطق واضح لهذا التدخل الذي كان‬
‫خاضع للظروف و الضرورات الميدانية‪ ،‬رغم ذلك كانت صيغة الشركات الوطنية أكثر‬
‫انتشا ار بسبب االستثمارات العديدة للدولة أساسا في مجال إنتاج السلع‪ ،‬خصوصا بعد التراجع‬
‫عن صيغة المؤسسة العامة ذات الطابع الصناعي و التجاري‪ ،‬و قيام الدولة بتأميم العديد‬
‫من الشركات األجنبية‪.‬‬

‫جـ ‪ -‬مرحلة التسيير االشتراكي (‪ :) 1611 -1691‬يتم تطبيق النظام االشتراكي في إطار‬
‫المؤسسة االشتراكية التي هي ملك للدولة تابعة للقطاع العام‪ ،‬تتولى الدولة االستثمار فيها‬
‫و مشاركة العمال في إدارتها و تسييرها و هي تسير حسب المبدأ االشتراكي‪ ،‬يتكون رأسمالها‬
‫من أموال عامة‪ ،‬تتمتع بالشخصية المعنوية و االستقالل المالي‪ ،‬و تتضمن وحدة أو عدة‬
‫وحدات‪ ،‬و يعتبر عمالها منتجون و مسيرون في آن واحد‪ ،‬جاء هذا النظام لتكريس‬
‫الديمقراطية في عالم الشغل‪ ،‬و إشراك العمال في تسيير و اتخاذ الق اررات و ممارسة الرقابة‬
‫و تحسين ظروفهم‪ ،‬و رفع مستواهم االقتصادي االجتماعي الثقافي و التقني‪ ،‬و رفع مستوى‬
‫اإلنتاج الوطني‪ ،‬و تحقيق التنمية الوطنية الشاملة و االستقالل االقتصادي‪.‬‬

‫تبرز أهمية المؤسسات االشتراكية من خالل وظائفها و أهميتها في إدارة دواليب‬


‫االقتصاد الوطني‪ ،‬و هذا ما دفع بالسلطة آنذاك إلى إصدار تشريعات خاصة بها‪ ،‬سواء من‬
‫ناحية تنظيمها أو من ناحية نشاطها‪ ،‬و كانت األرباح التي تحققها المؤسسات توزع‬
‫على العمال و الدولة و المؤسسة حسب حصص معينة‪ ،‬كما كانت تخضع للرقابة‬
‫التي تمارسها السلطة المركزية عن طريق الوصاية‪ ،‬بهدف ضمان الحفاظ على وحدة الدولة‬
‫و خروج هذه األشخاص عنها‪ ،‬و المؤسسة االشتراكية توضع تحت وصاية الوزير أو الوالي‬
‫أو رئيس المجلس البلدي‪.‬‬
‫‪ -1‬المؤسسات العمومية االقتصادية في ظل بداية االصالحات االقتصادية و التوجه‬
‫نحو اقتصاد السوق‪:‬‬

‫تجسيدا النسحاب الدولة من النشاط االقتصادي و من تسيير المؤسسات العمومية‬


‫االقتصادية بعد منحها االستقاللية‪ ،‬استعانت الدولة المساهمة بهياكل وسيطة لتتولى تسيير‬
‫مساهماتها في المؤسسات‪ ،‬هذه الهياكل منظمة في شكل شركات مساهمة تخضع للقانون‬
‫التجاري‪ ،‬تنوعت و تعددت هذه األجهزة المسيرة لمساهمات الدولة عبر االصالحات‬
‫االقتصادية‪ ،‬و كانت البداية مع صناديق المساهمة سنة ‪ ،0988‬إال أنه نظ ار لفشل هذه‬
‫األخيرة تم حلها و استبدلت بالشركات القابضة العمومية في ظل األمر ‪ ،25-95‬لتحل‬
‫محل هذه األخيرة شركات تسيير مساهمات الدولة بمقتضى األمر ‪ ،14-10‬لتتخذ حاليا‬
‫شكل مجمعات صناعية‪.‬‬

‫أ‪ -‬استقاللية المؤسسة العمومية االقتصادية‪:‬‬


‫و الهدف من االستقاللية هو إعطاء الصفة التجارية للمؤسسة العمومية االقتصادية‬
‫وفك قيود الرقابة التي كانت مفروضة عليها بإطار حرية أكبر للمسير في اتخاذ القرار‬
‫رافقها صدور مجموعة من القوانين التشريعية لتهيئة الشروط الالزمة لتطبيقها‪ :‬قانون رقم‬
‫‪ 10-88‬المؤرخ في ‪ 02‬جانفي ‪ 0988‬يتضمن القانون التوجيهي للمؤسسات العمومية‬
‫االقتصادية‪ ،‬قانون رقم ‪ 12-88‬المؤرخ في ‪ 02‬جانفي ‪ 0988‬المتعلق بالتخطيط‪ ،‬قانون‬
‫‪ 13-88‬المؤرخ في ‪ 02‬جانفي ‪ 0988‬المتعلق بصناديق المساهمة‪ ،‬قانون ‪ 14-88‬المؤرخ‬
‫في ‪ 02‬جانفي ‪ 0988‬المتعلق بتعديل القانون التجاري و يحدد القواعد الخاصة المطبقة‬
‫على المؤسسات العمومية االقتصادية‪.‬‬

‫و تبعا لذلك تم تقسيم ذمة المؤسسة إلى جزئين‪ ،‬الجزء األول يتضمن الرأسمال‬
‫االجتماعي الذي هو ملك للدولة و ال تمارس عليه المؤسسة إال حق االنتفاع‪ ،‬حيث يخضع‬
‫لقواعد القانون العام‪ ،‬أما الجزء الثاني فيتكون من األصول االجتماعية فهي ملك للمؤسسة‬
‫و تخضع لقواعد القانون الخاص‪.‬‬

‫استعانت الدولة المساهمة بصناديق المساهمة في ظل إصالحات ‪ 0988‬من أجل‬


‫تنظيم انسحابها من التسيير المباشر للمؤسسات العمومية االقتصادية‪ ،‬لتتصرف كمجرد‬
‫مساهم توكل إدارة و تسيير أسهمها إلى صناديق المساهمة ( األعوان اال ئتمانية )‬
‫مما يسمح لها باالنسحاب و يحافظ على حقوقها كمالك لألسهم‪ ،‬و قد تم إنشاء ‪ 8‬صناديق‬
‫بموجب القانون ‪ ،13-88‬كما أشار المرسوم ‪ 009/88‬إلى أن صندوق المساهمة هو عون‬
‫ائتماني تابع للدولة‪ ،‬ينشأ بناء على قرار يتخذه مجلس الوزراء بعقد توثيقي في شكل شركة‬
‫ذات أسهم‪.‬‬

‫ب‪ -‬إعادة هيكلة المؤسسات العمومية االقتصادية‪ :‬دخل االقتصاد الجزائري في سنوات‬
‫التسعينات في مرحلة جديدة تختلف اختالفا جذريا عما سبقها‪ ،‬و ذلك بتبنيها لنظام السوق‬
‫و ما يحمله من انعكاسات على االقتصاد و المؤسسات االقتصادية و قيامها بمواصلة‬
‫اإلصالحات التي بدأتها سابقا‪ ،‬و لكن هذه المرة باللجوء إلى المؤسسات المالية الدولية‬
‫بالنظر لكثرة المشاكل المالية التي عانت منها المؤسسات االقتصادية الجزائرية‪ ،‬وفشلها‬
‫المزمن للخروج منها‪ ،‬فقد تم اتخاذ مجموعة من اإلجراءات‪ ،‬يعتبر التعديل الهيكلي عن‬
‫مجموعة السياسات االقتصادية التي تهدف إلى تحقيق اإلصالحات االقتصادية ضمن‬
‫البرنامج المسطر‪ ،‬تقوم هذه السياسات على الحد من الطلب االجتماعي‪ ،‬بتقليص الواردات‬
‫و رفع األسعار‪ ،‬لتقليص العجز الخارجي‪ ،‬ونجد أن للتعديل الهيكلي برامج تمتد على المدى‬
‫القصير‪ ،‬المتوسط‪ ،‬و الطويل‪.‬‬

‫و مع صدور دستور ‪ 0989‬الذي أضفى منطق الحرية على الملكية‪ ،‬تم توسيع دائرة‬
‫ملكية المؤسسات العمومية االقتصادية‪ ،‬حيث نصت المادة ‪ 08‬من القانون رقم ‪31-91‬‬
‫المتعلق باألمالك الوطنية على إدماج كل عناصر الذمة المالية (رأسمال‪+‬األصول) ضمن‬
‫الذمة المالية للمؤسسة‪ ،‬أي تصبح المؤسسة مالكة للرأسمال االجتماعي و األصول معا‬
‫كما أنها تصبح قابلة للتداول بالطرق التجارية‪ ،‬فهي قابلة للتصرف و التنازل‪ ،‬و هذا ما أكده‬
‫األمر ‪ 25-95‬المتعلق بكيفية تسيير رؤوس األموال التجارية المملوكة للدولة‪ ،‬كما تم‬
‫بموجب هذا األمر إحالل الشركات القابظة محل صناديق المساهمة‪.‬‬

‫و حسب األمر ‪ 25-95‬تعتبر الشركات القابضة العمومية مجموعات مالية تتخذ شكل‬
‫شركات ذات أسهم تشترك فيها الدولة أو أشخاص القانون العام‪ ،‬تتولى تسيير رؤوس األموال‬
‫التجارية للدولة بتوظيفها في المؤسسات العمومية االقتصادية و الرقابة عليها عن طريق‬
‫حيازة أغلب رأسمالها أو أغلب األصوات في الجمعيات العامة لها‪.‬‬

‫جـ ‪ -‬خوصصة المؤسسات العمومية االقتصادية‪ :‬إلرساء آليات اقتصاد السوق البد من‬
‫"الخوصصة" كوسيلة لذلك‪ ،‬فتعد الخوصصة من المفاهيم االقتصادية الجديدة التي تندرج‬
‫في سياق اإلصالحات االقتصادية الجارية‪ ،‬فهي تكريس لتوجهات الدولة و مجهوداتها‬
‫في المجال االقتصادي‪ ،‬كما أن اتخاذ قرار الخوصصة للدول النامية يعتبر نتيجة منطقية‬
‫لتناقص إمكانياتها المالية‪ ،‬ظهرت فكرة الخوصصة في أول مرة في قانون المالية التكميلي‬
‫لسنة ‪ ،0994‬الذي نص على إمكانية فتح رأسمال المؤسسة للمساهمين الخواص باإلضافة‬
‫إلى إمكانية التنازل عن أصول المؤسسة لفائدة الخواص‪ ،‬و فعال اعتمدت الجزائر برنامج‬
‫الخوصصة بصفة رسمية منذ سنة ‪ ،0995‬و ذلك بعد صدور األمر ‪ 22-95‬المتعلق‬
‫بالخوصصة‪.‬‬

‫ثم صدر األمر رقم ‪ 14-10‬المتعلق بتنظيم المؤسسات االقتصادية و سيرها‬


‫و خوصصتها المعدل و المتمم بموجب األمر رقم ‪ 10-18‬المؤرخ في ‪ 28‬فبراير ‪2118‬‬
‫الذي يلغي األمر ‪ ،22-95‬حيث عرف الخوصصة في المادة ‪ 03‬منه‪ " :‬كل صفقة تجسد‬
‫في نقل الملكية إلى أشخاص طبيعيين أو معنويين خاضعين للقانون الخاص من غير‬
‫المؤسسات العمومية و تشمل هذه الملكية كل رأسمال المؤسسات أو جزء منه تحوزه الدولة‬
‫بصفة مباشرة أو غير مباشرة أو األشخاص المعنويين الخاضعين للقانون العام و ذلك عن‬
‫طريق التنازل عن أسهم أو حصص اجتماعية أو اكتساب لزيادة في الرأسمال‪ ،‬و بذلك تدخل‬
‫عملية الخوصصة المؤسسات العمومية االقتصادية التابعة لمجموع قطاعات النشاط‬
‫االقتصادي‪".‬‬

‫كما قرر المشرع سنة ‪ 2110‬استبدال الشركات القابضة العمومية بنموذج جديد إلدارة‬
‫القطاع العام االقتصادي يدعى بشركات تسيير مساهمات الدولة بسبب الصعوبات‬
‫التي واجهت األمر ‪ ،22-95‬و هي مؤسسات عمومية مكلفة بتسيير مساهمات الدولة‬
‫في المؤسسات العمومية االقتصادية‪ ،‬أنشأت بمقتضى المرسوم التنفيذي ‪ 283-10‬المؤرخ‬
‫في ‪ 24‬سبتمبر ‪ 2110‬المتضمن الشكل الخاص بأجهزة إدارة المؤسسات العمومية‬
‫االقتصادية و تسييرها و ذلك تطبيقا لنص المادة ‪ 5‬من األمر ‪ 14-10‬لتتولى مهمة تسيير‬
‫القيم المنقولة المشكلة لرؤوس األموال االجتماعية في المؤسسات العمومية االقتصادية‪.‬‬

‫د‪ -‬المجمعات الصناعية‪:‬‬

‫قررت السلطات العمومية التخلي عن العمل بنظام شركات تسيير مساهمات لتحل‬
‫محلها المجمعات الصناعية‪ ،‬إذ قرر مجلس مساهمات الدولة حل شركات تسيير المساهمات‬
‫بموجب الالئحة الوحيدة رقم ‪ 10‬للدورة ‪ 042‬بتاريخ ‪ 28‬اوت ‪ 2104‬المتضمنة إعادة تنظيم‬
‫القطاع العام التجاري‪ ،‬حيث قام المجلس بالموافقة على إعطاء شكل جديد للقطاع العام‬
‫االقتصادي‪ ،‬المقترح من طرف وزير الصناعة و المناجم الذي يتمثل في‪ :‬إنهاء شركات‬
‫تسيير المساهمات‪ ،‬إنشاء مجمعات صناعية من خالل التحويل القانوني لشركات تسيير‬
‫المساهمات التابعة للقطاع الصناعي‪ ،‬باإلضافة إلى شركات تسيير مساهمات و مؤسسات‬
‫عمومية اقتصادية أخرى التابعة للقطاعات أخرى‪.‬‬
‫تتمتع المجمعات الصناعية باستقالية مالية أكبر من تلك التي كانت تتمتع بها األجهزة‬
‫الوسيطة السابقة‪ ،‬و ذلك بهدف تحقيق المزيد من الحرية في التسيير‪ ،‬ذلك أن عملية إعادة‬
‫التنظيم استهدفت تقليص عدد األطوار التنظيمية و اقتصاد الهياكل التي تتطلب مسار مبسط‬
‫التخاذ القرار‪ ،‬بحيث تكون المؤسسة األم المحاور الوحيد لصاحب األسهم‪ ،‬و ستستبدل‬
‫مراكز القرار المتعددة بقطب وحيد التخاذ القرار الذي سيعمل باسم الدولة‪.‬‬

You might also like