You are on page 1of 15

‫دروس ملخصة لمادة الضبط االقتصادي‬

‫المبحث األول‪ :‬ماهية سلطات الضبط االقتصادي‬


‫أدى نظام العولمة إلى تحول الدولة من دولة متدخلة إلى دولة ضابطة من خالل انسحابها التدريجي من السوق‬
‫واستحداث هيئات جديدة تحل محلها وتعمل باسمها ولصالحها لتقوم بمهمة ضبط النشاط االقتصادي والمالي بغرض‬
‫ضمان حياد الدولة‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬نشأة سلطات الضبط االقتصادي في الجزائر‬
‫تبنت الجزائر بعد االستقالل النهج االشتراكي الذي جعل من الدولة العون االقتصادي األساسي‪ ،‬وذلك باالعتماد على‬
‫المؤسسة العمومية االقتصادية التي تمارس أنشطة االستثمار‪ ،‬اإلنتاج‪ ،‬التوزيع‪ ،‬االستيراد‪ ،‬التصدير‪ .‬وكان تسيير‬
‫االقتصاد يتم من خالل مبدأين أساسيين‪ ،‬أولهما تركيز القرار االقتصادي وثانيهما التسيير اإلداري لالقتصاد‪.‬‬
‫إن تطبيق هذا النهج أدى إلى انحرافات واخفاقات لحقت باقتصاد الدولة ومست المجتمع في استق ارره‪ .‬وقد أدت هاته‬
‫الضغوطات إلى تحوالت جذرية مست مختلف المجاالت‪ ،‬وهو ما عجل بتبني إصالح هيكلي لالقتصاد من خالل‬
‫اعتماد المنافسة الحرة كمبدأ أساسي لتنظيم الحياة االقتصادية واالنسحاب تدريجيا من الميدان االقتصادي‪ ،‬ونزع‬
‫االحتكارات وازالة التنظيم‪ ،‬ووصوال إلى وضع ميكانيزمات وقواعد جديدة ذات طابع ليبرالي لضبط النشاط االقتصادي‪،‬‬
‫والتي تمثلت في سلطات الضبط االقتصادي‪.‬‬
‫إن مفهوم سلطات الضبط المستقلة في الجزائر ظهر ألول مرة مع إنشاء المجلس األعلى لإلعالم بمبوجب قانون‬
‫اإلعالم لسنة ‪ . 1990‬غير أن أولى السلطتين اللتين ظهرتا في المجال االقتصادي هما مجلس النقد والقرض واللجنة‬
‫المصرفية وذلك بالقانون ‪ 10/90‬المؤرخ في ‪ . 1990/04/14‬كما تم إنشاء لجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة في‬
‫سنة ‪ ،1993‬وبعدها أنشئ مجلس المنافسة سنة ‪.1995‬‬
‫ومع بداية القرن ‪ 21‬بدأت مرحلة جديدة شهدت حركة تسارع إلنشاء مجموعة جديدة من هذه الهيئات وتعديل النصوص‬
‫السابقة‪.‬‬
‫فقد تم إنشاء كل من سلطة ضبط البريد والموصالت السلكية والالسلكية بالقانون الصادر سنة ‪ ،2000‬وفي نفس السنة‬
‫(‬ ‫استحدثت سلطة ضبط التبغ والمواد التبغية ‪ ،‬أما سنة ‪ 2001‬تم إنشاء سلطتي ضبط القطاع المنجمي‬
‫الوكالة الوطنية للممتلكات المنجمية‪ ،‬والوكالة الوطنية للجيولوجيا والمراقبة المنجمية )‬
‫كما استحدث المشرع لجنة ضبط الكهرباء والغاز بالقانون الصادر سنة ‪ .2002‬وفي نفس السنة تم استحداث سلطة‬
‫ضبط النقل‪.‬‬
‫أما سلطة ضبط المياه فقد أنشئت بالقانون الصادر سنة ‪ .2005‬وفي نفس السنة أنشئت وكالتين في ميدان‬
‫المحروقات‪ ،‬األولى هي الوكالة الوطنية لمراقبة النشاطات وضبطها في مجال المحروقات والثانية هي الوكالة الوطنية‬
‫لتثمين موارد المحروقات‪.‬‬
‫وقد أنشأ القانون ‪ 01/06‬لسنة ‪ 2006‬الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته‪ .‬وفي نفس السنة أنشئت لجنة‬
‫اإلشراف على التأمينات‪ .‬وبعدها بسنتين أي في سنة ‪ 2008‬تم استحداث الوكالة الوطنية للمواد الصيدالنية ذات‬
‫االستعمال الطبي البشري مكلفة بضبط سوق المواد الصيدالنية‪ .‬وبمجيء سنة ‪ 2012‬أنشئت سلطة ضبط في مجال‬
‫االستعالم المالي‪.‬‬
‫ما يمكن مالحظته على هذه النشأة أن أغلب سلطات الضبط وجدت بهدف الضبط االقتصادي للسوق مما يجعلها‬
‫مرتبطة ارتباطا كبي ار بالحريات االقتصادية على حساب الحريات األخرى التي تأخر استحداث سلطات ضبطها‪.‬‬
‫وهذا عكس النموذج الفرنسي التي ارتبط فيه ظهور هيئات الضبط المستقلة بمجال الحقوق والحريات ثم انتقلت بعد ذلك‬
‫للمجال االقتصادي‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬األبسااب االقتصادية لظهور بسلطات الضاط االقتصادي‬
‫إن انسحاب الدولة من المجال االقتصادي أدى إلى تبني المعايير اآلتية‪:‬‬
‫‪ -1‬خوصصة المجال االقتصادي‪ :‬إن اعتماد اقتصاد السوق يفرض على الدولة مجموعة من المبادئ ذات الطابع الليبرالي‪.‬‬
‫أ‪ -‬مبدأ حرية التجارة والصناعة‪ :‬والذي اعتمد منذ دستور ‪ 1989‬وبشكل صريح في دستور ‪ .1996‬في حين تنص المادة‬
‫‪ 43‬في فقرتها األولى من التعديل الدستوري ‪ 2016‬على أن حرية االستثمار والتجارة معترف بها وتمارس في إطار‬
‫القانون‪.‬‬
‫وتفرض معايير اقتصاد السوق تكريس مبدأ حرية المنافسة المعتمد منذ سنة ‪ .1995‬ولكن هذا ال يعني االنسحاب كلية‬
‫من المجال االقتصادي‪ ،‬تفاديا لألزمات االقتصادية‪ .‬وبذلك تحول دور الدولة من دولة متدخلة إلى دولة ضابطة‬
‫منظمة‪.‬‬
‫ب‪ -‬خصخصة المؤبسبسات العمومية االقتصادية‪ :‬سمح قانون المالية التكميلي لسنة ‪ 1994‬بفتح رأسمال المؤسسة العمومية‬
‫االقتصادية للمساهمين الخواص‪ ،‬إضافة إلى إمكانية بيع األصول‪.‬‬
‫واستنادا للدستور في المادة ‪ 140‬الفقرة ‪ 27‬منه يكون اختصاص البرلمان سن قانون ينظم نقل الملكية من القطاع العام‬
‫إلى القطاع الخاص‪.‬‬
‫وقد عرف األمر ‪ 04/01‬المؤرخ في ‪ 2001/08/20‬المتعلق بتنظيم المؤسسات العمومية االقتصادية وتسييرها‬
‫أو‬ ‫وخوصصتها من خالل المادة ‪ 13‬الخوصصة بأنها‪ " :‬كل صفقة تتجسد في نقل الملكيةّ إلى أشخاص طبيعيين‬
‫معنويين تابعين للقانون الخاص من غير المؤسسات العمومية‪ ،‬وتشمل هذه الملكية كل رأسمال المؤسسات أو جزء‬
‫منه تحوزه الدولة مباشرة أو غير مباشرة و‪/‬أو األشخاص المعنويين الخاضعين للقانون العام‪ ،‬وذلك عن طريق التنازل‬
‫عن أسهم أو حصص اجتماعية أو اكتتاب لزيادة في رأس المال " ‪.‬‬
‫جـ‪ -‬إزالة االحتكارات العمومية‪:‬‬
‫كانت الدولة تهيمن على النشاط االقتصادي من هالل المؤسسة العمومية االقتصادية‪ ،‬وذلك من خالل االحتكار‬
‫القانوني الممنوح لها‪ .‬وهو ما كرس هيمنة القطاع العام على القطاع الخاص‪ .‬وبعد دخول البالد مرحلة اإلصالحات‬
‫االقتصادية تمت إزالة االحتكارات العمومية بصفة تدريجية‪ ،‬وتم فتح معظم النشاطات التي كانت تنفرد بها الدولة من‬
‫خالل مؤسساتها أمام المبادرة الخاصة‪.‬‬
‫‪ -2‬إزالة التنظيم‪ :‬كانت الدولة وفق المنظومة االشتراكية ملزمة بتنظيم مختلف النشاطات االقتصادية ( المخططات‬
‫الخماسية والرباعية ‪ ، )...‬إال أن التجربة أثبتت فشل هذا التوجه‪ .‬مما دفع الدولة إلى التخلي عن أسلوب التنظيم‬
‫والعمل على تحرير النشاط االقتصادي‪ ،‬وتبلورت إزالة التنظيم من خالل ما يلي‪:‬‬
‫أ‪ -‬فتح مجال التجارة الخارجية أمام المتعاملين الخواص‪:‬‬
‫بعد االستقالل قامت الدولة باحتكار مجال التجارة الخارجية‪ ،‬وقد أكد على ذلك دستور ‪ 1976‬بقوله أن احتكار‬
‫الدولة يشمل بصفة ال رجعة فيها مجال التجارة الخارجية ومجال تجارة الجملة‪ .‬فمسألة إبرام العقود المتعلقة باستيراد‬
‫أو تصدير البضائع والخدمات مع المؤسسات األجنبية يعود لالختصاص الحصري للدولة أو إلحدى هيئاتها‪ ،‬ومنع‬
‫الخواص من التدخل في هذا المجال‪.‬‬
‫غير أنه أمام تفاقم المديونية الخارجية وأمام ضغط صندوق النقد الدولي اضطرت الجزائر التخاذ إجراءات‬
‫لتحرير اقتصادها‪ ،‬ومن أهمها تحرير التجارة الخارجية بصفة تدريجية‪ ،‬فقد سمح قانون ‪ 29/88‬لسنة ‪1988‬‬
‫للمؤسسات الخاصة بالتدخل في مجال التجارة الخارجية‪ ،‬مع ضرورة الحصول على رخصة االستيراد‪.‬‬
‫ثم صدر المرسوم التنفيذي ‪ 37/91‬لسنة ‪ 1991‬الذي فتح مجال التجارة الخارجية أمام كل مؤسسة منتجة للسلع‬
‫والخدمات وكل شخص يمارس تجارة الجملة‪.‬‬
‫ب‪ -‬إلغاء النصوص المقيدة لالبستثمار‪:‬‬
‫بصدور قانون ترقية االستثمارات بالمرسوم التشريعي ‪ 12/93‬المؤرخ في ‪ 1993/10/05‬اعترف للخواص بحرية‬
‫االستثمار‪ ،‬وقد تم إنشاء الوكالة الوطنية لتطوير االستثمار ‪ ،‬بغية تبسيط اإلجراءات و إزالة العراقيل وتشجيع‬
‫االستثمارات‪.‬‬
‫جـ‪ -‬اعتماد مبدأ حرية األبسعار‪:‬‬
‫يعتمد قانون السوق على العرض والطلب وألجل ذلك صدر قانون األسعار وذلك بمقتضى القانون ‪ 12/89‬المؤرخ‬
‫في ‪ ،1989/07/05‬وتكرس تحرير األسعار بقانون المنافسة لسنة ‪ 1995‬والذي أقر مبدأ المنافسة الحرة‪.‬‬
‫ويمكن للدولة استثناء التدخل لتنظيم األسعار في حالتين هما‪ :‬حالة السلع والخدمات ذات الطابع االستراتيجي‪،‬‬
‫وحالة االرتفاع المفرط لألسعار بسبب اضطراب خطير للسوق أو كارثة أو صعوبات مزمنة‪.‬‬
‫د‪ -‬تكريس مبدأ حرية التعاقد‪:‬‬
‫انتقلت المؤسسة العمومية االقتصادية من األسلوب التنظيمي إلى األسلوب التعاقدي ويظهر ذلك سواء من‬
‫خالل عقودها المبرمة في تعامالتها‪ .‬حيث تخضع للقانون المدني والقانون التجاري‪ ،‬الذين يمنحانها حرية كبيرة في‬
‫التعاقد‪ ،‬وهذا بخالف الوضع السابق الذي حاول أن يوحد من خالله المشرع النظام القانوني المطبق على‬
‫المؤسسات العمومية اقتصادية أو إدارية‪.‬‬
‫وبالنسبة لعالقتها مع عمالها تم استبدال التنظيمات واللوائح والتوجيهات بأسلوب التعاقد من خالل قانون العمل‬
‫‪ 11/90‬المؤرخ في ‪.1990/04/21‬‬
‫وفي األخير ما يجدر التنويه به أن انسحاب الدولة من الحقل االقتصادي لم يكن نهائيا‪ ،‬إذ ال بد من تواجد‬
‫السلطة العامة‪ ،‬إال تعرض االقتصاد لألزمات و سادت الفوضى وفرض االحتكار بدل المنافسة الحرة‪ ،‬لذا أنشئت‬
‫سلطات الضبط االقتصادي لمراقبة وضبط السوق‪.‬‬
‫المطلب الثالث ‪ :‬تعريف وخصائص بسلطات الضاط االقتصادي‬
‫أوال ‪ :‬تعريف بسلطات الضاط االقتصادي‬
‫يصعب إعطاء تعريف دق يق وموحد لسلطات الضبط االقتصادي‪ ،‬بالنظر الختالف أنظمتها القانونية‪ ،‬وتباين‬
‫المجاالت التي تضبطها‪ ،‬وكذا تباين واختالف نشاطها وطريقة عملها من دولة ألخرى‪.‬‬
‫فقد عرفت بأنها ‪ " :‬مؤسسات تابعة للدولة تعمل باسمها ولحسابها مع تمتعها باالستقاللية في مواجهة الحكومة‬
‫والبرلمان‪ ،‬هدفها ضبط قطاعات معينة بصفة مباشرة "‬
‫كما عرفت بأنها " هيئات وطنية ذات طابع إداري‪ ،‬ال تخضع ال للسلطة الرئاسية وال للوصاية اإلدارية‪ ،‬وهي تتمتع‬
‫باالستقاللية العضوية والوظيفية وال تخضع إال للرقابة القضائية "‬
‫وقد عرفها مجلس الدولة الفرنسي بأنها " هيئات إدارية تتصرف باسم الدولة دون أن تخضع بذلك لسلطة الحكومة "‬
‫ويمكن إجماال القول بأن سلطات الضبط المستقلة في الميدان االقتصادي أوجدها المشرع وخول لها قانونا‬
‫اختصاص الضبط في قطاع معين‪ ،‬إذ تقوم أساسا بتنظيم العالقات فيما بين المتعاملين أنفسهم من جهة‪ ،‬وبين‬
‫المتعاملين والسوق من جهة أخرى‪ .‬فهي مؤسسات قانونية يناط بها ضبط النشاطات االقتصادية والمالية‪ ،‬وتمتلك‬
‫صالحية اتخاذ القرار مما يجعلها سلطات وليست مجرد هيئات استشارية‪ ،‬وهي ال تخضع ال للسلطة الرئاسية وال للرقابة‬
‫الوصائية‪ ،‬غير أنها تخضع للرقابة القضائية‪ .‬وتتمتع باستقاللية عضوية ووظيفية سواء عن السلطة التنفيذية أو السلطة‬
‫التشريعية‪ .‬وهي تتمتع باختصاصات متنوعة كانت سابقا موزعة على عدة هيئات وسلطات‪ ،‬وذلك بهدف جعلها أكثر‬
‫فعالية اتجاه المهام المكلفة بها في قطاع معين‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬خصائص بسلطات الضاط المبستقلة‬
‫يمكن إيجاز أهم خصائص سلطات الضبط من خالل ما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬تقوم سلطات الضبط المستقلة على أساس تحقيق ثالث احتياجات أساسية هي ضمان عدم تحيز اإلدارة أي‬
‫حيادها‪ ،‬والسماح بإشراك ذوي االختصاصات المختلفة بهدف االستفادة من خبرتهم‪ ،‬وضمان التدخل السريع‬
‫للدولة لمسايرة تطور الحاجيات واألسواق وتنشيط االقتصاد الوطني‪.‬‬
‫‪ -2‬تتصرف سلطات الضبط االقتصادي باسم الدولة‪ ،‬وهي تتمتع باالستقاللية العضوية والوظيفية بالرغم من أن‬
‫البعض منها ال يتمتع بالشخصية المعنوية‪.‬‬
‫‪ -3‬تصنف سلطات الضبط المستقلة خارج اإلدارة التقليدية‪ ،‬بالنظر الستقاللها عن جهات الرقابة الرئاسية‬
‫والوصائية‪ ،‬ومن ثم فال توجه لها األوامر والتعليمات‪ ،‬كما يتمتع أعضاؤها بنظام العهدة‪.‬‬
‫‪ -4‬يمكن لسلطات الضبط المستقلة اتخاذ ق اررات تنفيذية ( تنظيمات‪ -‬ق اررات فردية – توصيات – جزاءات ‪،) ...‬‬
‫ولكن هي تختلف عن الق اررات القضائية التي تتمتع بحجية الشيء المقضي فيه‪.‬‬
‫‪ -5‬سلطات الضبط المستقلة ليس لها نظام قانوني واحد فهي تختلف من حيث تشكيلتها وطريقة تعيين أعضائها‪،‬‬
‫كما تختلف أيضا من حيث مجاالت وميادين تدخلها‪ ،‬وكذا أهمية وحجم االختصاصات الممنوحة لها‪.‬‬
‫الماحث الثاني‪ :‬الطبيعة القانونية لبسلطات الضاط االقتصادي‬

‫أنشئت عدة سلطات ضبط مستقلة في الميدان االقتصادي في ظل دستوري ‪ 1989‬و ‪ ،1996‬ولم يوجد أي‬
‫نص فيهما يقر بها صراحة أو يحدد طبيعتها‪.‬‬
‫واكتفيا بالتقسيم الثالثي للسلطة في الدولة‪ ،‬وتطرقا لبعض الهيئات األخرى‪ :‬المجلس الدستوري‪ ،‬المجلس األعلى‬
‫للقضاء‪ ،‬مجلس المحاسبة‪ ،‬المجلس اإلسالمي األعلى‪ . ...‬ومن جهة أخرى ال يمنع الدستور إنشاء سلطات الضبط‬
‫المستقلة‪ .‬حيث يخول الدستور للبرلمان بسن قوانين تنشئ من خاللها فئات المؤسسات وذلك استنادا للمادة ‪ 140‬فقرة‬
‫‪ 28‬من التعديل الدستوري لسنة ‪.2016‬‬
‫وتمثل سلطات الضبط المستقلة شكل غير مألوف في القانون التق ليدي‪ ،‬مما يصعب عليه على إعطاء مفهوم موحد لها‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى النصوص القانونية المنشئة لهذه السلطات نجد أن أغلبها ال تتضمن تحديدا لطبيعتها القانونية باستثناء‬
‫البعض منها ‪ :‬كمجلس المنافسة‪ ،‬سلطة ضبط المياه‪ ،‬الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته‪ .‬أما باقي السلطات‬
‫فقد كيفت بعدة أوصاف‪ ،‬فمنها ما وصفت على أنها سلطة ضبط مستقلة مثل لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها‪،‬‬
‫وأخرى وصفت بأنها هيئة مستقلة تتمتع بالشخصية المعنوية واالستقالل المالي كلجنة ضبط الكهرباء والغاز‪ ،‬وفي‬
‫مجال المحروقات استحدث المشرع وكالتين تعتبران سلط تي ضبط ال تخضعان للقواعد القانونية المطبقة على اإلدارة‪.‬‬
‫غير أن هيئات أخرى سكت فيها المشرع عن تحديد طبيعتها القانونية مثل مجلس النقد والقرض واللجنة المصرفية‪.‬‬
‫وأمام غياب تحديد قانوني موحد ومتجانس للطبيعة القانونية لسلطات الضبط المستقلة‪ ،‬يتعين علينا البحث في جملة من‬
‫العناصر التي تشكل جوهر هذه السلطات‪.‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬الطااع البسلطوي‬
‫يقصد بالسلطة التي تتمتع بها هيئات الضبط االقتصادي منحها القدرة على اتخاذ القرار الذي يمكنها من‬
‫مباشرة االختصاصات التي استحدثت من أجلها بكل فعالية دون الرجوع إلى هيئة أخرى‪ ،‬وتعد تصرفاتها بمثابة‬
‫تصرفات إدارية‪ .‬ومن ثم ال يقصد بالسلطة في هذا المجال المعنى التقليدي لها الذي ينص عليه الدستور‪ ،‬والذي يقسم‬
‫سلطة الدولة إلى ثالث سلطات‪ :‬السلطة التنفيذية ‪ ،‬السلطة التشريعية ‪ ،‬السلطة القضائية‪.‬‬
‫فهيئات الضبط االقتصادي هي سلطات بالمعنى الذي يجعلها تختلف عن الهيئات االستشارية‪ ،‬بالرغم من تعدد‬
‫تسمياتها وفق النصوص القانونية المنشئة لها‪ :‬سلطة‪ ،‬مجلس‪ ،‬لجنة‪ ،‬خلية‪ ،‬وكالة‪ ،‬مؤسسة‪ ،‬هيئة‪.‬‬
‫فهي تتمتع بسلطة حقيقية في إصدار الق اررات‪ ،‬والتي كانت اختصاص حصريا للسلطة التنفيذية ( اإلدارة العامة ) ففي‬
‫مجال المنافسة حولت بعض الصالحيات التي كان يتمتع بها وزير التجارة إلى مجلس المنافسة‪ .‬كما تتمتع لجنة تنظيم‬
‫عمليات البورصة ومراقبتها بسلطة إصدار الق اررات التنظيمية‪ ،‬والتي كانت في األصل من اختصاص وزير المالية‪،‬‬
‫ونفس الحال بالنسبة لوزير الطاقة الذي حولت بعض صالحياته وسلطاته إلى سلطة الضبط في مجال الكهرباء والغاز‪.‬‬
‫إن مبرر ذلك يعود لكون أن وظيفة هذه الهيئات ال تقتصر على التسيير‪ ،‬وانما تتعلق أساسا بالضبط وللقيام بذلك تتمتع‬
‫بسلطة اتخاذ الق اررات التي تمكنها من تعديل النظام القانوني وتغيير المراكز القانونية‪.‬‬
‫وعلي ه فهي تتمتع بسلطة إصدار أعمال ذات طبيعة إدارية محضة تخضع لرقابة القضاء من حيث سالمة‬
‫مشروعيتها‪ .‬ومن جهة أخرى فإن فكرة السلطة التي تتمتع بها هذه الهيئات تبرز من خالل سلطة القمع والعقاب‪ ،‬والتي‬
‫تعد من صميم اختصاص السلطة القضائية‪.‬‬
‫وما تنبغي اإلشارة إليه في األ خير أن هناك من هذه الهيئات من ال تتمتع بسلطة إصدار ق اررات ملزمة ونافذة‪،‬‬
‫( الحكومة )‬ ‫ومع ذلك فإن التوصيات واآلراء الصادرة عنها لها قوة وتأثير معنويين على السلطة اإلدارية التقليدية‬
‫التي غالبا ما تأخذ بمضامين هذه اآلراء‪ ،‬األمر الذي يجعل من هذه الهيئات سلطات بالمعنى الواسع لها أي سلطة‬
‫معنوية‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الطااع اإلداري‬
‫تتمتع معظم سلطات الضبط االقتصادي بالطبع اإلداري‪ .‬فقد تثبت الصفة اإلدارية صراحة من طرف المشرع‪،‬‬
‫كما هو الحال بالنسبة لمجلس المنافسة الذي كيفه القانون المنظم له بأنه سلطة إدارية‪ ،‬ونفس الشيء بالنسبة للهيئة‬
‫الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته الذي كيفها المشرع صراحة بأنها سلطة إدارية مستقلة‪ .‬والحال ذاته بالنسبة للجنة‬
‫اإلشراف على التأمينات والوكالة الوطنية للمواد الصيدالنية وسلطة ضبط الخدمات العمومية للمياه وخلية معالجة‬
‫االستعالم المالي‪.‬‬
‫وبالمقابل اعترف المشرع صراحة لوكالتي المحروقات سلطتين مستقلتين ذات طابع تجاري‪ ،‬واألمر ذاته بالنسبة للجنتين‬
‫المكلفتين بضبط قطاع المناجم‪.‬‬
‫إال أن اإلشكال يثار في حالة عدم تدخل المشرع واعطائه التكييف القانوني للهيئة التي أنشأها‪ ،‬كما هو الحال‬
‫مثال بالنسبة للجنة ضبط الكهرباء والغاز وسلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية والالسلكية‪.‬‬
‫(‬ ‫ولقد تكفل كل من القضاء والفقه بتحديد طبيعة سلطات الضبط باالعتماد على معيارين هما‪ :‬المعيار المادي‬
‫الموضوعي ) من خالل التركيز على مهامها وطابعها التخصصي وتمتعها بصالحيات السلطة العامة‪ .‬فهذه الهيئات‬
‫تسهر على تطبيق واحترام القانون والتنظيمات في مجال اختصاصها أي في قطاع نشاطها‪ .‬فتصرفاتها تعد أعماال‬
‫إدارية تمكنها من اتخاذ ق اررات إدارية واجبة التنفيذ‪ ،‬وهي بذلك تتمتع ببعض امتيازات السلطة العامة‪.‬‬
‫أما المعيار الشكلي الذي يركز على مجال منازعات هذه الهيئات‪ ،‬فالق اررات الصادرة عن هذه السلطات تخضع لرقابة‬
‫القضاء اإلداري ( مجلس الدولة ) كأصل عام‪ ،‬واستثناء يختص القاضي العادي ببعض منازعات هذه الهيئات كمجلس‬
‫المنافسة مثال‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬طااع االبستقاللية‬
‫تعتبر االستقاللية مظه ار هاما لوظيفة الضبط االقتصادي‪ ،‬فالضبط الفعال والمرن ال يتحقق في ظل التبعية‬
‫سواء للسلطة السياسية أو لقوى السوق‪.‬‬
‫فهذه الهيئات تتمتع بخصوصية متفردة من خالل استقالليتها التي لم يربطها المشرع واالجتهاد القضائي بوجود‬
‫الشخصية المعنوية من عدمها‪.‬‬
‫إن االستقاللية هي المبرر الرئيسي إلنشاء هذه السلطات‪ ،‬فعلى خالف اإلدارة التقليدية تتمتع هذه الهيئات‬
‫باستقاللية عضوية ووظيفية‪ ،‬سواء بالنسبة للسلطة التنفيذية أو التشريعية‪ ،‬لكنها تخضع للرقابة القضائية‪ ،‬فهذه الهيئات‬
‫لها سلطات فعالة تجعلها تختلف عن الهيئات االستشارية‪ .‬ومهمتها تتمثل في ضبط المجال االقتصادي والمالي‪.‬‬
‫وبفضل استقالليتها تضمن الحياد‪ ،‬طالما أن الدولة تتدخل هنا كعون اقتصادي فال يتصور أن تكون خصما وحكما في‬
‫آن واحد‪.‬‬
‫وتختلف درجة استقاللية هذه الهيئات من سلطة إلى أخرى‪ ،‬وال يمكن القول بأن هذه الهيئات تتمتع باستقاللية‬
‫مطلقة‪ ،‬فاالستقاللية المقصودة هي االستقاللية النسبية‪.‬‬
‫وهناك من السلطات من اعترف لها المشرع صراحة باالستقاللية‪ :‬كسلطة ضبط البريد والمواصالت‪ ،‬وسلطة ضبط‬
‫الكهرباء والغاز‪ ،‬ولجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها‪ ،‬ونفس الحال بالنسبة للوكالتين المنجميتين‪.‬‬
‫في مقابل ذلك هناك سلطات أخرى لم يقر المشرع صراحة لها بطابع االستقاللية‪ ،‬كما هو الحال بالنسبة لمجلس النقد‬
‫والقرض واللجنة المصرفية ومجلس المنافسة‪.‬‬
‫وتتجسد استقاللية سلطات الضبط في المجال االقتصادي من خالل االستقاللية العضوية واالستقاللية الوظيفية‪.‬‬
‫أوال‪ :‬االبستقاللية العضوية‬
‫إن االستقاللية العضوية لسلطات الضبط االقتصادي تتجلى من خالل مجموعة من الضمانات القانونية‪:‬‬
‫‪ -1‬تشكيلة بسلطات الضاط االقتصادي ‪:‬‬
‫من خالل النصوص المنشئة لسلطات الضبط يتبين أنه ال يوجد نظام موحد يحكم تشكيلة هذه الهيئات‪ .‬وتتمثل‬
‫خاصية االستقالل في هذا المجال في التركيبة الجماعية والمختلطة لهذه الهيئات‪ ،‬وكذا تعدد واختالف الجهات‬
‫المقترحة ألعضائها‪.‬‬
‫إن تعدد األعضاء المشكلين واختالف صفاتهم ومراكزهم القانونية يبرز الطابع الجماعي لهذه الهيئات‪ ،‬األمر‬
‫الذي يحقق ميزة إيجابية تتمثل في تعدد األفكار والمقترحات‪ ،‬وهو ما يسمح بإضفاء بعضا من الشفافية على‬
‫أعمالها‪ ،‬وبالنتيجة تدعيم وضمان استقالليتها‪.‬‬
‫ويتراوح عدد أعضاء هذه الهيئات ما بين ‪ 4‬إلى ‪ 12‬عضوا‪ ،‬ويظهر ذلك من خالل التفصيل التالي‪:‬‬
‫‪ -‬سلطتي ضبط اقتصاديتين تتشكالن من ‪ 4‬أعضاء ‪ ،‬ويتعلق األمر بكل من لجنة ضبط الكهرباء والغاز وسلطة‬
‫ضبط الخدمات العمومية للمياه‪.‬‬
‫‪ -‬سلطتي ضبط اقتصاديتين تتشكالن من ‪ 5‬أعضاء‪ ،‬ويتعلق األمر بكل من لجنة اإلشراف على التأمينات‬
‫والسلطة الوطنية للتصديق اإللكتروني‪.‬‬
‫‪ -‬سلطة ضبط اقتصادي تتشكل من ‪ 6‬أعضاء‪ ،‬ويتعلق األمر بخلية معالجة االستعالم المالي‪.‬‬
‫‪ 3 -‬سلطات ضبط اقتصاديتين تتشكل من ‪ 7‬أعضاء‪ ،‬ويتعلق األمر بكل من الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد‬
‫ومكافحته ولجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها‪ ،‬وسلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية واالسلكية ‪.‬‬
‫‪ -‬سلطة ضبط اقتصادي تتشكل من ‪ 8‬أعضاء‪ ،‬ويتعلق األمر باللجنة المصرفية‪.‬‬
‫‪ -‬سلطة ضبط اقتصادي تتشكل من ‪ 9‬أعضاء‪ ،‬ويتعلق األمر بمجلس النقد والقرض‪.‬‬
‫‪ -‬سلطة ضبط اقتصادي تتشكل من ‪ 12‬عضوا‪ ،‬ويتعلق األمر بمجلس المنافسة‪.‬‬
‫وفيما يخص باقي السلطات فقد أحيل إلى التنظيم لتحديد تشكيلتها ( سلطة ضبط النقل والوكالة الوطنية للمواد‬
‫الصيدالنية المستعملة في الطب البشري )‬
‫إن تعدد صفة األعضاء ومراكزهم القانونية يضمن الشفافية وعدم التحيز‪ ،‬خاصة في حالة وجود أشخاص‬
‫متخصصين أو ذوي خبرة وأشخاص يتمتعون بالمصداقية‪.‬‬
‫فمن هذه السلطات من تضم القضاة كاللجنة المصرفية ولجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها‪ ،‬ومن من تضم‬
‫القانونيين والممثلين المهنيين كمجلس المنافسة‪ ،‬وهناك من تضم الخ براء كلجنة اإلشراف على التأمينات‪ ،‬ومنها من‬
‫تضم األساتذة الجامعيين‪.‬‬
‫وبالنسبة القتراح تعيين األعضاء ال يخضع الحتكار جهة واحدة‪:‬‬
‫فبالنسبة للجنة ضبط الكهرباء والغاز يعينون بناء على اقتراح وزير الطاقة‪ ،‬وبالنسبة للجنة اإلشراف على التأمينات‬
‫يقترحون من طرف المحكمة العليا ووزير المالية‪.‬‬
‫أما لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها يقترح أعضاؤها من طرف كل من وزير العدل‪ ،‬وزير المالية‪ ،‬وزير التعليم‬
‫العالي‪ ،‬محافظ بنك الجزائر‪ ،‬المصف الوطني للخبراء المحاسبين‪.‬‬
‫وبالنسبة للجنة المصرفية يعود اقتراح أعضائها إلى كل من‪ :‬المحكمة العليا‪ ،‬مجلس الدولة‪ ،‬مجلس المحاسبة ووزير‬
‫المالية‪.‬‬
‫‪ -2‬وجود قواعد متعلقة اعهدة أعضاء بسلطات الضاط االقتصادي‪:‬‬
‫كقاعدة هامة يقصد بالعهدة تلك المدة القانونية المحددة والتي يمارس من خاللها األعضاء مهامهم وصالحياتهم‪ ,‬دون‬
‫أن تكون هناك إمكانية لعزلهم إال في حالة ارتكابهم ألخطاء جسيمة‪ ،‬وهذا لتجنب وقوعهم تحت طائلة الضغط أو‬
‫التأثير من جانب الجهة صاحبة سلطة التعيين‪.‬‬
‫وتتراوح مدة العهدة بين ‪ 4‬سنوات بالنسبة لمجلس المنافسة ولجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها وخلية معالجة‬
‫االستعالم المالي‪ .‬وتكون مدة العهدة ‪ 5‬سنوات بالنسبة لكل من اللجنة المصرفية وسلطة ضبط المياه والهيئة الوطنية‬
‫للوقاية من الفساد ومكافحته‪ ،‬أما سلطة ضبط الكهرباء والغاز فتبلغ العهدة فيها مدة ‪ 6‬سنوات‪.‬‬
‫مع مالحظة أن بعض السلطات لم يحدد فيها المشرع مدة العهدة‪ ،‬وهو ما يشكل قيدا على استقالليتها‪.‬‬
‫إن قاعدة عدم قابلية المدة للق طع‪ ،‬يولد لدى األعضاء إحساسا باالستقاللية والحرية في اتخاذ الق اررات‪ ،‬وهذا نتيجة‬
‫يقينهم بأنه ال يمكن ألي جهة أن تعزلهم أثناء مدة عهدتهم‪.‬‬
‫غير أن هذه القاعدة ال يقر بها القانون الجزائري صراحة إال بالنسبة لرئيس اللجنة المصرفية الذي ال يمكن قطع عهدته‬
‫إال في حالة ارتكابه خطئا جسيما أو لظروف استثنائية‪.‬‬
‫أما بالنسبة للنظام الفرنسي فإن هذه القاعدة مطبقة حتى في ظل سكوت المشرع‪ ،‬وهذا من خالل القرار المبدئي لمجلس‬
‫الدولة الفرنسي الذي أقر بمبوجبه عدم إمكانية إنهاء مهام أعضاء السلطات اإلدارية المستقلة قبل إتمام عهدتهم حتى‬
‫وان بلغوا سن التقاعد القانونية‪.‬‬
‫وتأكيدا لالستقاللية العضوية أيضا تبنى المشرع نظام تنافي وظيفة العضو على مستوى بعض سلطات الضبط‬
‫المستقلة كلجنة اإلشراف على التأمينات والسلطة الوطنية للتصديق اإللكتروني والوظائف والمهام الحكومية والبرلمانية‬
‫واالنتخابية‪ .‬زيادة على ضرورة استبعاد أية مصالح له ضمن قطاع النشاط محل الضبط وهي ما تسمى بالموانع‪ ،‬كما‬
‫ألزمه القانون بواجب التحفظ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬االبستقاللية الوظيفية‬
‫تتمتع غالبية سلطات الضبط المستقلة بالشخصية المعنوية‪ ،‬وهي غير خاضعة ال لرقابة السلطة الرئاسية وال‬
‫لرقابة الوصاية اإلدارية‪ ،‬وهي تتمتع باستقالل مالي واداري‪.‬‬
‫‪ -1‬التمتع االشخصية المعنوية‪:‬‬
‫بالرغم من عدم اعتبار الشخصية المعنوية عامال حاسما لقياس درجة االستقاللية‪ ،‬إال أنها مع ذلك تعد عامال مهما‬
‫في سبيل تحقيقها‪ ،‬بالنظر لآلثار المترتبة عنها كأهلية التقاضي‪ ،‬والتعاقد وتحمل المسؤولية‪.‬‬
‫وقد اعترف المشرع بالشخصية المعنوية ألغلبية هذه السلطات‪.‬‬
‫‪ -2‬التمتع ااالبستقال ل المالي واإلداري‪:‬‬
‫تمكن االستقاللية اإلدارية سلطات الضبط االقتصادي من اتخاذ ق ارراتها دون الرجوع إلى سلطة أخرى‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى تسمح لها بتسيير شؤونها بكل حرية‪ ،‬فلجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها هي من تقوم بتحديد‬
‫مهام مستخدميها وتصنيفهم وتحديد رواتبهم‪ .‬أما سلطة ضبط البريد والمواصالت فتتولى هي بنفسها تحديد تنظيمها‬
‫وقواعد عملها وحقوق وواجبات أعضائها والقانون األساسي لمستخدميها‪.‬‬
‫و يجسد االستقالل المالي لسلطات الضبط االقتصادي عدم تبعيتها للحكومة من حيث التمويل‪ ،‬ولو أن العديد‬
‫منها مازال يعتمد في موارده المالية على ميزانية الدولة‪.‬‬
‫‪ -3‬وضع النظام الداخلي‪:‬‬
‫تقتضي االستقاللية الوظيفية أن تكون لسلطات الضبط الحرية في تحديد نظامها دون تدخل من أي جهة‪ ،‬وهو ما‬
‫نجده مكرسا بالنسبة لسلطة ضبط الكهرباء والغاز‪ ،‬ولجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها‪ ،‬ومجلس النقد‬
‫والقرض‪ ،‬وسلطة ضبط البريد والمواصالت‪ ،‬وسلطة ضبط المياه‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬حدود ابستقاللية بسلطات الضاط االقتصادي‬
‫إن سلطات الضبط االقتصادي تتمتع باالستقاللية كما هو مؤكد في النصوص المنشئة لها إال أنها مع ذلك تعد‬
‫استقاللية نسبية‪ .‬وذلك من خالل بعض القيود التي تبقيها تحت تأثير السلطة التنفيذية‪.‬‬
‫‪ -1‬على المبستوى العضوي‪:‬‬
‫بالرغم من تعدد الجهات المقترحة ألعضاء سلطات الضبط االقتصادي‪ ،‬إال أن سلطة تعيينهم تبقى حك ار على‬
‫السلطة التنفيذية الممثلة في رئيس الجمهورية‪ ،‬ما عدا رئيس لجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة الذي يعينه‬
‫الوزير األول‪ ،‬وباقي األعضاء الذين يعينون من طرف وزير المالية‪ .‬وبالمقارنة مع النظام الفرنسي الذي نجده في‬
‫بعض الحاالت يعتمد على توزيع سلطة التعيين بين عدة جهات كما هو الحال بالنسبة لسلطة األسواق المالية‪،‬‬
‫التي يتقاسم سلطة التعيين فيها كل من رئيس الجمهورية‪ ،‬محكمة النقض‪ ،‬مجلس الدولة‪ ،‬مجلس الشيوخ‪ ،‬مجلس‬
‫النواب‪ ،‬المجلس االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬مجلس المحاسبة‪ ،‬محافظ بنك فرنسا‪.‬‬
‫وفي حاالت أخرى يشترط المشرع ضرورة استشارة هيئة معينة‪ ،‬أو إلزامية إجراء انتقاء أولي‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى يالحظ أن الحكومة ممثلة في هذه الهيئات‪ ،‬فمجلس المنافسة يضم ممثلين لوزير التجارة أحدهما‬
‫دائم واآلخر مستخلف لكن دون حق التصويت‪ .‬كما أن لجنة ضبط الكهرباء والغاز تتضمن مجلسا استشاريا يضم‬
‫ممثلين عن الدوائر الو ازرية ( الطاقة‪ ،‬المالية‪ ،‬الداخلية‪ ،‬التجارة‪ ،‬البيئة‪ ، )...‬أما اللجنة المصرفية فتضم في تشكيلتها‬
‫ممثال عن وزير المالية‪.‬‬
‫إن تقنية الربط أو اإللحاق لبعض هذه السلطات يمكن أن تشكل نوعا من الرقابة اإلدارية‪ .‬فالهيئة الوطنية للوقاية‬
‫من الفساد ومكافحته تابعة لرئيس الجمهورية‪ ،‬أما السلطة الوطنية للتصديق االلكتروني فهي ملحقة بالوزير األول‪ ،‬ويتبع‬
‫مجلس المنافسة لوزير التجارة‪ ،‬وبالنسبة للجنة اإلشراف على التأمينات تم ربطها بوزير المالية‪.‬‬
‫وأخي ار إن عدم تحديد مدة عهدة األعضاء يشكل قيدا على استقالليتهم‪ ،‬وهو ما نجده محققا لدى كل من مجلس‬
‫النقد والقرض‪ ،‬سلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية والالسلكية‪ ،‬لجنة ضبط الكهرباء والغاز‪ ،‬ولجنة اإلشراف على‬
‫التأمينات‪ .‬فهؤالء األعضاء يكونون عرضة للعزل في أي وقت ما دام أن المشرع لم يحدد حاالت العزل وال إجراءاته‪.‬‬
‫‪ -2‬على المبستوى الوظيفي‪:‬‬
‫على الرغم من تمتع سلطات الضبط بالشخصية المعنوية‪ ،‬إال أن هناك هيئات ال تحوز ذلك‪ ،‬وهو ما يؤثر في‬
‫استقالليتها المالية‪ .‬فاألعباء المالية لكل من مجلس النقد والقرض واللجنة المصرفية يتحملها بنك الجزائر‪ ،‬وتمول لجنة‬
‫اإلشراف على التأمينات من طرف الخزينة العمومية ‪ .‬كما أن بعض سلطات الضبط وبالرغم من االعتراف لها‬
‫بالشخصية المعنوية واالستقالل المالي‪ ،‬إال أنها تعتمد على ميزانية الدولة‪ ،‬فميزانية مجلس المنافسة تسجل ضمن أبواب‬
‫ميزانية و ازرة التجارة‪ .‬أما لجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة وبالرغم م ن أن لها بعض الموارد الخاصة إال أنها‬
‫تتحصل على إعانة تسيير من ميزانية الدولة‪.‬‬
‫كما أن إعانة الدولة تشمل هيئات أخرى متمتعة أيضا بالشخصية المعنوية كما هو الحال بالنسبة للهيئة الوطنية للوقاية‬
‫من الفساد ومكافحته‪ ،‬وسلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية والالسلكية‪ ،‬وسلطة ضبط الخدمات العمومية للمياه‪،‬‬
‫وسلطة ضبط الكهرباء والغاز‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى تشرف الحكومة على وضع األنظمة الداخلية لبعض هذه الهيئات بموجب سلطة التنظيم‪ ،‬كما هو‬
‫الحال بالنسبة لمجلس المنافسة‪ ،‬خلية معالجة االستعالم المالي‪ ،‬السلطة الحكومية للتصديق اإللكتروني‪ .‬فوضع النظام‬
‫الداخلي للهيئة من طرف سلطة أخرى يشكل نوعا من الرقابة على تنظيم وعمل هذه السلطات‪.‬‬
‫وأخي ار هناك بعض مظاهر التبعية لهاته السلطات‪ ،‬تتمثل في رقابة السلطة التنفيذية على أعمال بعض هاته‬
‫الهيئات‪ .‬فأنظمة مجلس النقد والقرض تخضع قبل نشرها في الجريدة الرسمية للرقابة المسبقة لوزير المالية‪ .‬كما أن‬
‫لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها تتمتع باختصاص إصدار األنظمة بغرض ضبط سوق القيم المنقولة‪ ،‬غير أنها‬
‫تبقى خاضعة لموافقة وزير المالية لنشرها بالجريدة الرسمية‪ .‬كما يمكن لهذا األخير الحلول محلها في حالة تعليق‬
‫عمليات البورصة لمدة تتجاوز الـ ‪ 5‬أيام‪ ،‬وهذا في حالة وقوع حادث كبير ينجر عنه اختالل في سير البورصة أو‬
‫حركات غير منتظمة ألسعار البورصة‪.‬‬
‫ويجيز القانون للحكومة أن تصرف النظر عن ق اررات مجلس المنافسة وعدم أخذها بعين االعتبار‪ ،‬وهذا بأن‬
‫ترخص إما تلقائيا أو بناء على طلب من األطراف المعنية بالتجميع الذي كان محل رفض من قبل مجلس المنافسة‪.‬‬

‫الماحث الثالث‪ :‬تنظيم واختصاصات بسلطات الضاط االقتصادي‬


‫تتمتع سلطات الضبط االقتصادي بطابعها غير المتجانس‪ ،‬وبتنوع اختصاصاتها وصالحياتها المخولة لها قانونا‬
‫لممارسة مهامها الضبطية‪ ،‬مع تكريس القانون للرقابة القضائية على أعمالها‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تنظيم بسلطات الضاط االقتصادي‬
‫سنركز في هذا المطلب على أهم سلطات الضبط في المجالين المالي واالقتصادي من زاوية تشكيلتها البشرية المتمثلة‬
‫في أعضاءها‪ ،‬دون البحث في المصالح والهياكل اإلدارية والتقنية لهذه الهيئات‪ ،‬لكونها تتعلق بالتسيير الداخلي لهاته‬
‫الهيئات‪.‬‬
‫‪ -1‬مجلس النقد والقرض‪ :‬يحكمه األمر ‪ 11/03‬المؤرخ في ‪ 2003/08/11‬المعدل والمتمم والمتعلق بالنقد‬
‫والقرض‪ ،‬وهو يحتكر السلطة النقدية في الدولة‪ ،‬ويتشكل من أعضاء مجلس اإلدارة وهم محافظ بنك الجزائر‬
‫رئيسا و ‪ 3‬نواب له وكذا ‪ 3‬شخصيات ذوي كفاءة في المجال االقتصادي والمالي‪ ،‬إضافة إلى شخصيتين‬
‫تختاران بحكم كفاءتهما في المسائل االقتصادية والنقدية‪.‬‬
‫‪ -2‬اللجنة المصرفية‪ :‬ينظمها قانون النقد والقرض المذكور أعاله‪ ،‬وتتكفل اللجنة المصرفية بمراقبة مدى احترام‬
‫البنوك والمؤسسات المالية لألحكام التشريعية والتنظيمية المطبقة عليها من جهة وقواعد حسن سير المهنة من‬
‫جهة أخرى‪ ،‬كما تتولى البحث عن المخالفات التي يرتكبها أشخاص غير مرخص لهم بالقيام بأعمال البنوك‬
‫والمؤسسات المالية‪ ،‬باإلضافة إلى إنزال عقوبات تأديبية على المخالفين للقواعد القانونية وأخالقيات المهنة‪.‬‬
‫وتتشكل اللجنة المصرفية من محافظ بنك الجزائر رئيسا‪ ،‬ثالثة أعضاء يختارون بحكم كفاءتهم في المجال‬
‫المصرفي والمالي والمحاسبي‪ ،‬وقاضيين ينت دبان من طرف كل من المحكمة العليا ومجلس الدولة‪ ،‬وممثل عن‬
‫مجلس المحاسبة‪ ،‬وأخي ار ممثل عن وزير المالية‪.‬‬
‫‪ -3‬لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها‪ :‬يحكمها المرسوم التشريعي ‪ 10/93‬المؤرخ في ‪1993/05/23‬‬
‫المتعلق ببورصة القيم المنقولة المعدل والمتمم‪ .‬وهي مكلفة بتنظيم ومراقبة سوق القيم المنقولة وضمان شفافيتها‬
‫من خالل رقابة نشاطات الوسطاء في عمليات البورصة‪.‬‬
‫وتتشكل من رئيس‪ ،‬قاض يقترحه وزير العدل‪ ،‬عضو يقترحه وزير المالية‪ ،‬أستاذ جامعي يقترحه وزير التعليم‬
‫العالي‪ ،‬عضو يقترحه محافظ بنك الجزائر‪ ،‬عضو يختار من المسيرين لألشخاص المعنوية المصدرة للقيم‬
‫المنقولة‪ ،‬عضو يقترحه المصف الوطني للخبراء المحاسبين ومحافظي الحسابات والمحاسبين المعتمدين‪ ،‬مع‬
‫ضرورة تمتع هؤالء األعضاء بقدرات في المجال المالي ومجال البورصة‪.‬‬
‫على التممينات‪ :‬ينظمها القانون ‪ 04/06‬المؤرخ في ‪ 2006/02/20‬المعدل لألمر ‪07/95‬‬ ‫‪ -4‬لجنة اإلشرا‬
‫المؤرخ في ‪ 1995/01/25‬المتعلق بالتأمينات‪ .‬ويقوم مجال التأمين على عنصر االحتمال الذي يكون له دور‬
‫أساسي في تحديد أسعار المنتجات قبل معرفة التكلفة الحقيقية‪.‬‬
‫وعليه تكون الرقابة على نشاط التأمين واعادة التأمين من اختصاص لجنة اإلشراف على التأمينات التي‬
‫من شأنها أن تحافظ على حقوق المؤمن لهم‪ ،‬ووضع قواعد واجراءات من شأنها أن تجنب شركات التأمين من‬
‫الوقوع في اإلفالس‪.‬‬
‫وتتشكل من ‪ 5‬أعضاء ممثلين عن وزير المالية من بينهما رئيس اللجنة‪ ،‬قاضيين تقترحهما المحكمة العليا‪،‬‬
‫خبير في ميدان التأمينات يقترحه وزير المالية‪.‬‬
‫‪ -5‬مجلس المنافبسة‪ :‬ينظمه األمر ‪ 03/03‬المؤرخ في ‪ 2003/07/19‬المتعلق بالمنافسة المعدل والمتمم‪،‬‬
‫واعترف له المشرع صراحة بأنه سلطة إدارية وتتمتع بالشخصية المعنوية واالستقالل المالي‪.‬‬
‫ويعد المجلس جهاز ضبط السوق وتنظيم النشاط االقتصادي الذي يسود فيه المنافسة الحرة‪.‬‬
‫ويتكون مجلس المنافسة من ‪ 12‬عضوا‪ 6 :‬أعضاء خبراء في مجاالت المنافسة والتوزيع واالستهالك والملكية‬
‫الفكرية‪ 4 ،‬أعضاء يختارون من ضمن المهنيين‪ ،‬وعضوين يمثالن جمعيات حماية المستهلك‪.‬‬
‫‪ -6‬بس لطة ضاط البريد والمواصالت البسلكية والالبسلكية‪ :‬يحكمها القانون ‪ 03/2000‬المؤرخ في ‪2000/08/05‬‬
‫المعدل والمتمم‪ ،‬وهي تتمتع بالشخصية المعنوية واالستقالل المالي‪ ،‬وتتمثل مهمتها في السهر على وجود‬
‫منافسة فعلية ومشروعة‪ ،‬تقوم على التمييز بين المتعاملين‪ ،‬وضبط العالقة بينهم وبين الزبائن‪ .‬ويعد مجال‬
‫االتصاالت السلكية والالسلكية من أهم القطاعات الحيوية في الدولة‪.‬‬
‫وتتشكل سلطة ضبط البريد والمواصالت من ‪ 7‬أعضاء‪ ،‬غير أن القانون لم يحدد طبيعة التشكيلة وال مؤهالت‬
‫األعضاء‪.‬‬
‫‪ -7‬لجنة ضاط الكهرباء والغاز‪ :‬يحكمها القانون ‪ 01/02‬المؤرخ في ‪ 2002/02/05‬المتعلق بالكهرباء وتوزيع‬
‫الغاز بواسطة القنوات المعدل والمتمم‪ .‬وهي تتمتع بالشخصية المعنوية واالستقالل المالي‪ .‬مهمتها تتمثل في‬
‫ضمان احترام التنظيم التقني واالقتصادي والبيئي في مجال الكهرباء والغاز‪ ،‬وكذا حماية المستهلك وشفافية‬
‫إبرام الصفقات وعدم التمييز بين المتعامين‪ .‬وهي تتشكل من ‪ :‬رئيس وثالث مديرين يقترحهم وزير الطاقة‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬اختصاصات بسلطات الضاط االقتصادي‬
‫تتمتع سلطات الضبط االقتصادي بعدة اختصاصات من أجل القيام بمهمة ضبط المجال المالي واالقتصادي‪،‬‬
‫واقامة التوازن بين حقوق والتزامات كل طرف في السوق‪ .‬والمالحظ على هذه الصالحيات هو تنوعها‪ ،‬وهي تنتمي‬
‫في األصل إلى السلطتين التنفيذية والقضائية‪ .‬وقد تم تجميع هذه االختصاصات في يد هيئة واحدة بغرض تحقيق‬
‫فعالية هذه السلطات للقيام بمهام الضبط المسندة لها‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬اختصاص إصدار ق اررات إدارية‬
‫تختص سلطات الضبط االقتصادي بإصدار ق اررات ذات طابع إداري وهي على نوعين تنظيمية وفردية‪.‬‬
‫‪ -1‬البسلطة التنظيمية‪ :‬اعترف المشرع لبعض سلطات الضبط االقتصادي بالسلطة التنظيمية‪ ،‬ويتعلق األمر‬
‫بالخصوص بكل من مجلس النقد والقرض ولجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها ومجلس المنافسة ولجنة‬
‫ضبط الكهرباء والغاز وسلطة ضبط البريد والمواصالت السلكية والالسلكية‪ .‬أما باقي السلطات فتمارس‬
‫سلطات معنوية في المجال التنظيمي عن طريق تقديم آراء واقتراحات وتوصيات إلى الحكومة أي أنها تتمتع‬
‫بسلطة تأثير معنوي‪.‬‬
‫ووفقا للدستور تختص الحكومة بالسلطة التنظيمية‪ ،‬األمر الذي يطرح إشكالية مدى دستورية منح السلطة‬
‫التنظيمية لهيئات الضبط االقتصادي‪.‬‬
‫ويقصد بالسلطة التنظيمية إمكانية هذه الهيئات إصدار مجموعة من األنظمة ( اللوائح )‪ ،‬والتي تتمثل في‬
‫مجموعة من القواعد العامة والمجرد ة والملزمة تطبيقا لنصوص تشريعية وتنظيمية سابقة‪ .‬وعليه تمارس على‬
‫سبيل المثال لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها سلطة تنظيمية عند إصدار أنظمة تتعلق بالقيم المنقولة‬
‫وكذا بالمتدخلين في البورصة كفئة األشخاص المصدرة للقيم المنقولة وفئة المستثمرين فيها‪.‬‬
‫‪ -2‬بسلطة إصدار الق اررات اإلدارية الفردية‪:‬‬
‫وهي تتعلق بحاالت محددة بعينها‪ ،‬وهي تتمثل أساسا في الترخيص اإلداري بهدف الضبط المسبق للمجال‪،‬‬
‫كما يمكن أن تتخذ صورة التأشيرة‪.‬‬
‫ويالحظ أن أغلب هيئات الضبط االقتصادي تتمتع بسلطة منح االعتماد أو الرخصة اإلدارية‪ ،‬فمجلس‬
‫المنافسة مثال بإمكانه أن يرخص بالتجميع في أجل ‪ 3‬أشهر من تاريخ تقديم الطلب‪ .‬وال يمكن للوسيط في‬
‫عمليات البورصة أن يمارس نشاطاته إال بعد الحصول على قرار االعتماد من طرف لجنة تنظيم ومراقبة‬
‫عمليات البورصة‪ ،‬كما يمكن للجنة ضبط الكهرباء والغاز دراسة الطلبات وتسليم الرخص إلنجاز وتشغيل‬
‫المنشآت الجديدة إلنتاج الكهرباء‪.‬‬
‫أما في ما يخص التأشيرة فيمنح القانون الوكالة الوطنية للمنتجات الصيدالنية سلطة تسليم تأشيرات‬
‫استيراد المواد الصيدالنية والمستلزمات الطبية المستعملة في الطب البشري‪.‬‬
‫كما يتعين على الشركات أو المؤسسات العمومية الناشطة في سوق القيم المنقولة الحصول على تأشيرة‬
‫لجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة قبل إصدار مذكرة إعالمية موجهة للجمهور‪.‬‬

You might also like