You are on page 1of 7

‫حماية المستهلك من الممارسات المنافية لقواعد المنافسة على‬

‫ضوء القانون ‪ 31.08‬والقانون ‪104.12‬‬


‫مارس ‪21 2022‬‬

‫مقدمة‬

‫تعتبر المنافسة ركنا أساسيا من أركان اقتصاد السوق الحر‪ ،‬وعنصرا فعاال لضمان استمرارية هذا النظام االقتصادي‪ ،‬وذلك بما‬

‫تعكسه من منافع لكافة أطراف السوق سواء بالنسبة للمستهلكين الذين يحصلون على السلع والخدمات‪ ،‬أو بالنسبة للمنتجين لما توفره‬

‫لهم من حوافز الستمرارية التطوير واالبتكار‪ ،‬وحتى بالنسبة للمجتمع ككل لما توفره من استخدام أمثل للموارد المتاحة‪ .‬غير أن هذه‬

‫المنافسة قد تمارس بتعسف من قبل التجار والذين ال يؤمنون إال بالربح السريع نتيجة للجشع الذي يرتابهم بعيدا عن كل روح تنافسية‬

‫‪.‬شريفة‪ ،‬والتي يقع ضحيتها المستهلك باعتباره الطرف الضعيف في هذه العملية االستهالكية‬

‫والمشرع المغربي كباقي التشريعات األخرى وضع قواعد خاصة تسعى إلى حماية المستهلك بعالقته مع المهنيين ويتعلق األمر‬

‫بالقانون رقم ‪ 31.08‬القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك‪ ،‬أما الحماية المقررة له من بعض الممارسات المنافية لقواعد السوق‬

‫نجد القانون ‪ 104.12‬المتعلق بحرية األسعار والمنافسة‪،‬حيث حاول المشرع في هذا القانون إستحضار المعايير الدولية المعمول بها‬

‫في قانون المنافسة‪ ،‬خصوصا ما يتعلق باإلتفاقيات المنافية للمنافسة حيث نظم هذه اإلتفاقيات في المادة ‪ 6‬من قانون ‪ 104.12‬وذلك‬

‫لوضع حد للتجاوز التي من شأنها اإلضرار بالمنافسة ‪ ،‬لكن قد ترد على هذه اإلتفاقيات اإلستثناءات تثبت شرعيتها وهذا ما تم‬

‫‪.‬التنصيص عليه من طرف المشرع المغربي من خالل مقتضيات المادة ‪ 9‬من نفس القانون‬

‫اذن هل استطاع المشرع المغربي من خالل القانون ‪ 31.08‬والقانون ‪ 104.12‬توفير حماية للمستهلك من الممارسات المنافية‬

‫للمنافسة ؟‬

‫‪ :‬سنحاول اإلجابة عن هذه اإلشكالية من الخالل التصميم التالي‬

‫‪.‬المحور األول ‪ :‬حماية المستهلك كفاعل أساسي في السوق‬

‫‪ .‬المحور الثاني ‪ :‬تأثير الممارسات المنافية للمنافسة على المستهلك‬

‫‪ .‬المحور األول ‪ :‬حماية المستهلك كفاعل أساسي في السوق‬

‫ال يخفى على أحد مدى األهمية التي أضحت توليها التشريعات المقارنة والوطنية لقانون االستهالك‪ ،‬وذلك من أجل توفير الحماية‬

‫‪.‬الضرورية للمستهلك األمر الذي يشجعه على المساهمة في التنمية االقتصادية‬

‫ففي ظل القواعد العامة للتعاقد المتشبعة بمبدأ سلطان اإلرادة أصبح المستهلك في وضعية غير عادية تجاه المهني‪ ،‬لهذا جاء قانون‬

‫رقم ‪ 31.08‬المتعلق بتحديد تدابير لحماية المستهلك لكي يضفي ويحقق توازنا بين أطراف العالقة التعاقدية عن طريق اعتماد سياسة‬

‫‪ .‬حماية الطرف الضعيف من الممارسات التي قد تؤثر سلبا على المصالح االقتصادية للمستهلك (‪)1‬‬
‫‪:‬وعليه نصت ديباجة القانون ‪ 31-08‬القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك على مايلي‬

‫‪:‬يعتبر هذا القانون إطارا مكمال للمنظومة القانونية في مجال حماية المستهلك‪ ،‬ومن خالله يتم تعزيز حقوقه األساسية وال سيما منها‬

‫الحق في اإلعالم –‬

‫الحق في حماية حقوقه االقتصادية –‬

‫الحق في التمثيلية –‬

‫الحق في التراجع –‬

‫الحق في االختيار –‬

‫الحق في اإلصغاء إليه –‬

‫حقوق المستهلك األساسية مكفولة بمقتضى أحكام الظهير الشريف المؤرخ في ‪ 18‬فبراير ‪ 2011‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 31 -08‬القاضي‬

‫بتحديد تدابير لحماية المستهلك‪ ،‬ويحظر على أي شخص إبرام أي اتفاق أو ممارسة أي نشاط يكون من شأنه اإلخالل بتلك الحقوق(‬

‫‪)2.‬‬

‫من خالل هذه الحقوق التي منحها المشرع المغربي لفائدة المستهلك حاول من خاللها توفير حماية له من بعض الممارسات المنافية‬

‫للمنافسة خاصة من خالل الحق في اإلعالم (أوال) والحق في التراجع (ثانيا) والتي تعتبر من أهم الحقوق التي جاء بها القانون‬

‫‪ 31.08.‬لفائدة المستهلك‬

‫أوال ‪ :‬الحق في اإلعالم‬

‫نظم المشرع المغربي أحكام االلتزام باالعالم في القسم الثاني من القانون رقم ‪ ،31.08‬فرضه المشرع المغربي لصالح الطرف‬

‫‪ .‬الضعيف ( المستهلك ) في عقود االستهالك يتحمله الطرف القوي (المهني) كنوع من الحماية عمال بمبدأ المساواة بين المتعاقدين‬

‫ويعرف هذا االلتزام بأنه ‪ ”:‬التزام قانوني يقع على عاتق المهني في المرحلة السابقة على التعاقد أي في مرحلة المفاوضات‪ ،‬حيث‬

‫يلتزم المهني بتقديم المعلومات واالرشادات التي تسمح للمستهلك بتكوين فكرة واضحة عن العقد ومحله‪ ،‬وتبصيره بكل أمر يمكن‬

‫أن يؤثر على قراره في إبرام العقد من عدمه‪ ،‬وبذلك تكون إرادة المستهلك حرة في التعبير عن القبول‪ ،‬ويسمى بااللتزام قبل التعاقدي‬

‫‪.‬باإلعالم‬

‫كما يلتزم المهني باإلعالم خالل مرحلة تنفيذ العقد‪ ،‬ويتضمن اإلدالء بجميع المعلومات التي يجب على المستهلك معرفتها أثناء التنفيذ‬

‫ويسمى االلتزام باالعالم الالحق على التعاقد‪ ،‬فهذا االلتزام يوجب على المهني بعد إبرام العقد وعند تنفيذه تقديم المعلومات‬
‫الضرورية والخاصة باستعمال السلعة أو الخدمة وكذا تحذيره من المخاطر المصاحبة لهذا االستعمال واالحتياطات الواجب اتخاذها‬

‫‪ .‬لتجنبها‪ ،‬حتى يتمكن المستهلك من استعمال المبيع واالنتفاع به بشكل سليم وآمن(‪)3‬‬

‫‪ :‬ثانيا ‪ :‬الحق في التراجع‬

‫اذا كان المشرع قرر للمستهلك حق إنهاء العقد باإلرادة المنفردة‪ ،‬إنما فعل ذلك استثناءا من مبدأ القوة الملزمة للعقد‪ ،‬و إن الحق في‬

‫التراجع عن التعاقد الذي قرره المشرع للمستهلك يهدف بصفة أصلية إلى حماية رضا المستهلك و تنقيته مما قد يلحق به من عوامل‬

‫المجازفة التي تؤدي إلى الندم و يكون ذلك من خالل منحه مهلة إضافية للتروي و التدبر في أمر العقد الذي أبرمه‪ ،‬درءا لألخطاء‬

‫‪.‬التي تلحق به كأثر لتسرعه في التعاقد‪ ،‬خاصة مع ما تتميز به المعامالت الحالية من وسائل جدب و إغراء‬

‫ويمكن تعريف الحق في التراجع على أنه عدالة خاصة أو تحكيمية منحها المشرع للطرف الضعيف لتدارك ما قد يشوب إرادته‬

‫ورضاه من عيوب ناتجة عن عدم إلمامه ورؤيته رؤية واضحة للمنتج‪ ،‬هدفها وضع المستهلك كشريك في القرار ومكنة رافعة ألداء‬

‫‪ .‬المهنيين تحت طائلة رجوع المستهلك عن التعاقد إذا ما أخل المهني بالتزاماته القانونية(‪)4‬‬

‫‪:‬أما الحاالت التي يمكن فيها للمستهلك ممارسة الحق في التراجع فتتجلى في‬

‫‪‬‬ ‫‪.‬جل عمليات العقود المبرمة عن بعد ‪ :‬عبر األنترنيت أو الهاتف أو المراسالت البريدية‬

‫‪‬‬ ‫‪.‬حالة الشراء خارج المحالت التجارية كالبيع في مكان العمل أوفي مقر السكنى‬

‫يجب أن يتلقى المستهلك كتابة أو بأي وسيلة دائمة أخرى موضوعة رهن تصرفه‪ ،‬في الوقت المناسب وعلى أبعد تقدير عند التسليم‬

‫معلومات حول شروط وكيفيات ممارسة حق التراجع وكذا عنوان المورد والمعلومات المتعلقة بالخدمة بعد البيع وبالضمانات‬

‫‪.‬التجارية وشروط فسخ العقد إذا كان غير محدد المدة أو كانت مدته تفوق سنة‬

‫ويرد على هذا المبدأ استثناءات نصت عليها المادة ‪ 38‬من القانون رقم ‪ 31.08‬في ما يخص العقود المبرمة عن بعد التي ال يمكن‬

‫فيها للمستهلك إرجاع المنتوج‪ ،‬على سبيل المثال الجرائد والمجالت وكذا المنتوجات المصنوعة حسب مواصفات المستهلك أو المعدة‬

‫…له خصيصا وأيضا المنتوجات التي تكون معرضة للفساد أو سريعة التلف‬

‫آجال التراجع‬

‫بصفة عامة‪ ،‬للمستهلك أجل سبعة أيام لممارسة حقه في التراجع وذلك ابتداء من تاريخ تسلمه المنتوج أو قبوله عرض الخدمة‪.‬‬

‫‪.‬ويمكن لبعض الموردين اقتراح تمديد أجل التراجع شريطة التنصيص على ذلك في الشروط العامة لعقد البيع‬

‫تجدر اإلشارة أيضا إلى أنه إذا صادف اليوم األخير المحدد ألجل التراجع يومي السبت أو األحد أو يوم عطلة‪ ،‬فيتم تمديد المدة إلى‬

‫‪.‬يوم العمل المقبل‬


‫في بعض الحاالت‪ ،‬يمتد أجل التراجع إلى ‪ 30‬يوما إذا أخل المورد بالتزامه الخاص بالتأكيد الكتابي للمعلومات األساسية (كالمميزات‬

‫‪.‬األساسية للمنتوج أو الخدمة‪ ،‬اسم المورد وتسميته التجارية ومعطياته الهاتفية…) وكذا أجل التسليم ومصاريفه‬

‫في ما يخص الخدمات فُيحتسب تاريخ توقيع وقبول العرض كأول يوم لممارسة الحق في التراجع‪ .‬أما في ما يتعلق بالبيع خارج‬

‫‪.‬المحالت التجارية فُيحتسب أجل التراجع ابتداء من تاريخ تقديم الطلب‬

‫المحور الثاني ‪ :‬تأثير الممارسات المنافية للممارسة على المستهلك‬

‫ظهرت الحاجة لحماية المنافسة منذ زمن مبكر في الدول ذات االقتصاد الحر ‪ ,‬بحيث يعتبر االحتكار أي عمل يؤدي على تقييد‬

‫المنافسة‪ .‬وقد اتجهت دول كثيرة اآلن نحو تطبيق نظام اقتصاد السوق‪ .‬وقد أفرو االهتمام بحماية المنافسة ونظام السوق أنماطا‬

‫مستحدثة من الجرائم والمخالفات ‪ ،‬حرصت التشريعات على منعها ومعاقبتها ‪ ،‬ففي الواليات المتحدة األمريكية مثال رغم أن‬

‫االقتصاد فيها قائم على أساس المبادرة الحرة وتنظيم النشاط االقتصادي من خالل أسواق تنافسية مفتوحة فإن ذلك لم يحل دون‬

‫التدخل الحكومي بغية تحقيق أهداف اقتصادية محددة‪ ،‬بما في ذلك الحد من انتشار االحتكار وحماية المستهلك ويتجلى ذلك من خالل‬

‫إصدار قانون شرمان سنة ‪ 1890‬الذي يمنع أي شخص أو شركة من احتكار التجارة أو التعاقد أو التجمع أو التواطؤ على إعاقتها‪.‬‬

‫‪.‬وقد تدعم هذا القانون بقوانين الحقة مثل قانون كاليتون المضاد كذلك الحتكار قانون هيئة التجارة الفيدرالية‬

‫والمشرع المغربي كغيره من التشريعات المقارنة حاول وضع حد للممارسات المنافية للمنافسة من خالل القانون رقم ‪104.12‬‬

‫‪.‬المتعلق بحرية األسعار والمنافسة خاصة في المواد من ‪ 6‬إلى ‪ 10‬من القانون السالف الذكر‪)5( .‬‬

‫إن تنظيم الممارسات المنافية لقواعد المنافسة تعد الصورة الثانية التي تنضاف إلى مبدأ حرية األسعار التي تمثل التوجه الليبرالي‬

‫‪.‬ألي نظام اقتصادي يقوم بينهما‬

‫‪...‬اقرأ أيضا‬

‫السند القانوني لمنح الجمعيات صفة االدعاء في دعاوى حماية المستهلك ‪‬‬
‫عقد الكراء التجاري ما بين القانون رقم ‪ 49.16‬و القانون رقم ‪ 73.17‬‬
‫‪‬‬ ‫جريمة عدم توفير مؤونة الشيك ونظام صعوبات المقاولة فراغ تشريعي يهدد مصير المقاوالت‬

‫أوال‪ :‬االتفاقات المنافية لقواعد المنافسة‬

‫بالرجوع إلى الفقرة األولى من المادة ‪ 6‬من قانون المنافسة المغربي نجدها قد نصت صراحة على أن االتفاقات أو‬

‫التحالفات…”تحظر عندما يكون الغرض منها أو يمكن أن تترتب عليها عرقلة المنافسة أو الحد منها أو تحريف سيرها في سوق‬

‫ما…”‪ ،‬بناء عليه يشترط ضرورة توافر عالقة سببية بين االتفاق المبرم وعرقلة سير المنافسة وإال أصبح تدخل السلطات المختصة‬

‫لمنع هذا االتفاق غير مبرر‪ ،‬إال أنه مع ذلك فاألمر كما أسلفنا ال يستدعي أن يكون الخرق قد تحقق فعال كي يتم هذا التدخل‪ ،‬إذ يكفي‬

‫أن يكون الضرر محتمال‪ ،‬وفي هذا اإلطار ذهب مجلس المنافسة الفرنسي إلى أن اثر منع االتفاقات المنافية لقواعد المنافسة تشمل‬

‫‪:‬الحاالت التالية‬
‫‪.‬ـ االتفاقات التي يكون الغرض منها ويترتب عنها المساس بقواعد المنافسة‬

‫‪.‬ـ االتفاقات التي يكون الغرض منها عرقلة سير المنافسة ولو لم يترتب عنها أي أثر‬

‫‪.‬ـ االتفاقات التي يعتمد أن تترتب عنها عرقلة سير المنافسة رغم عدم ظهور هذه اآلثار(‪)6‬‬

‫في حين حدد القانون المغربي من خالل المادة ‪ 6‬كما هو الحال بالنسبة للمادة ‪ 67‬من لقانون الفرنسي بعض اآلثار قد تنتج عن‬

‫‪:‬االتفاقات المنافية لقواعد المنافسة على سبيل المثال ال الحصر فيما يلي‬

‫‪.‬ـ الحد من دخول السوق والممارسة الحرة للمنافسة من لدن منشآت أخرى‬

‫‪.‬ـ عرقلة تكوين األسعار عن طريق اآلليات الحرة للسوق بافتعال ارتفاعها وانخفاضها‬

‫‪.‬ـ حصر أو مراقبة اإلنتاج أو المنافذ أو االستثمارات أو التقدم التقني‬

‫‪.‬ـ تقسيم األسواق أو مصادرة التموين‬

‫ثانيا‪ :‬المظاهر اإلجرائية لحماية المستهلك من الممارسات المنافية للمنافسة‬

‫‪.‬الدعاوى المدنية‬

‫تطبيقا للقواعد العامة‪ ،‬فإن فعال ألحق ضررا بالغير‪ ،‬يمكن أن يكون محال للمسؤولية المدنية‪ ،‬ومادام أن األفعال والممارسات المنافية‬

‫لقواعد قانون المنافسة من شأنها ال محالة إلحاق الضرر بالغير‪ ،‬فإن إمكانية مساءلة الفاعل وفقا لقواعد المسؤولية المدنية تبقى‬

‫‪.‬واردة‬

‫وإذا كانت مقتضيات قانون المنافسة قد أحدثت مساطر خاصة لمتابعة هذه األفعال‪ ،‬فإن بعض نصوص هذا القانون ذاته خولت‬

‫صراحة إمكانية عرض بعض الحاالت على المحاكم المختصة باعتبارها محال لدعاوى مدنية‪)7(،‬متى توافرت عناصر المسؤولية‬

‫المدنية من خطأ‪ ،‬وضرر وعالقة سببية بينهما ويتعلق األمر على وجه الخصوص بالممارسات المنافية لقواعد المنافسة والممارسات‬

‫‪.‬التي من شأنها خرق مبدأ الشفافية في العالقات بين المهنيين‬

‫‪:‬إقامة الدعاوى على أساس المادتين ‪ 6‬و‪ 7‬من قانون حرية السعار والمنافسة *‬

‫اعتبر المشرع باطال بقوة القانون كل التزام واتفاقية تتعلق بإحدى الممارسات الممنوعة والمنافية لقواعد المنافسة‪ .‬وبناء عليه يحق‬

‫لكل من له مصلحة في ذلك إثارة هذا البطالن لدى المحكمة كما يحق لكل متضرر من هذه الممارسات أن يطالب بالتعويض عن‬

‫‪.‬األضرار التي لحقت به من جراء ذلك‬

‫‪ :‬أ ـ دعوى إلغاء االلتزامات المتعلقة بالممارسات المنافية لقواعد المنافسة‬


‫تنص الفقرة األولى من المادة ‪ 9‬من قانون حرية األسعار والمنافسة على أنه‪”:‬يعد باطال بقوة القانون كل التزام أو اتفاقية يتعلق‬

‫‪”.‬بممارسة محظورة تطبيقا للمادتين ‪ 6‬و‪ 7‬أعاله‬

‫وعليه‪ ،‬يبقى مجال تطبيق أثر البطالن شامال لكل الممارسات المنافية لقواعد المنافسة سواء تعلق األمر باالتفاقات أو باالستغالل‬

‫‪.‬التعسفي ما لم يكن مبررا بإحدى االستثناءات المنصوص عليها ضمن المادة ‪ 8‬كما سبقت اإلشارة إلى ذلك‬

‫ونظرا الرتباط محتوى المادتين ‪ 6‬و‪ 7‬من قانون حرية األسعار والمنافسة بالنظام العام االقتصادي وما يستلزمه ذلك من ضمان‬

‫الحرية التنافسية‪ ،‬رتب المشرع عن كل خرق لهذه المواد أثر البطالن المطلق‪ ،‬كما أعطى الصالحية للمطالبة بذلك من قبل كل من له‬

‫‪.‬مصلحة في ذلك سواء أكان من أطراف هذه االلتزامات أو االتفاقات أو من غيرها‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن جزاء البطالن قد يلحق االتفاق بأكمله أو جزءا منه فقط كإلغاء إحدى البنود دون األخرى‪ ،‬ففي هذه الحالة‬

‫األخيرة يميز بين ما إذا كانت هذه البنود غير المشروعة يتوقف عليها صحة االتفاق أو االلتزام‪ ،‬وهنا يلحق البطالن االتفاق ككل‬

‫حيث تعود األطراف إلى الحالة التي كانت عليها قبل التعاقد‪ ،‬وال يترتب عن ذلك سوى استرداد ما دفع بغير وجه حق(‪ )8‬أو المطالبة‬

‫بالتعويض إن كان له كمحل أما إذا لم يكن من شأن هذا الجزء أن يؤثر على صحة االتفاق ككل واستمراره فيبطل الجزء ويبقى‬

‫‪.‬االتفاق قائما‬

‫‪:‬ب ـ دعوى التعويض عن الضرر الناتج عن الممارسات المنافية لقواعد المنافسة‬

‫دعوى التعويض عن األضرار الناجمة عن الممارسات المنافية لقواعد المنافسة قد تقام بصفة تبعية أو مستقلة عن دعوى البطالن‪،‬‬

‫أما بالنسبة لطالب التعويض فقد يكون أحد أطراف االتفاق المنافي لقواعد المنافسة أو أية مقاولة كانت ضحية االتفاقات أو االستغالل‬

‫التعسفي‪ ،‬بل قد تقام الدعوى حتى من قبل الهيئات المهنية‪ ،‬أو من طرف جمعيات المستهلكين المعلن أنها ذات منفعة عامة‪)9(.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن الدعوى في هذه الحالة تقام على أساس المسؤولية الناشئة عن الفعل الشخصي‪ ،‬مما يستلزم من طالب‬

‫التعويض إثبات كل من الخطأ والضرر ثم العالقة السببية بينهما‪ ،‬وهو ما قد يكون سببا في عدم نجاعة الطريق القضائي للحصول‬

‫على التعويض لصعوبة إثبات العناصر السابقة من جهة ولصعوبة إيجاد المعايير الصحية التي يمكن على أساسها أن يقوم القاضي‬

‫‪.‬بتحديد مبلغ التعويض‬

‫وحتى يتسنى للمحكمة اإلطالع أكثر حول القضايا المحالة عليها في إطار هذه الممارسات خول لها المشرع أن تستشير مجلس‬

‫المنافسة(‪)10‬‬

‫‪.‬الجزاءات الجنائية‬

‫معظم الممارسات المحظورة في ظل قانون حرية األسعار والمنافسة رتب المشرع على ارتكابها جزاءا جنائيا يتمثل في الحبس أو‬

‫‪.‬الغرامة أو هما معا‬


‫وتطبيقا للمادة ‪ 67‬من قانون حرية األسعار والمنافسة يعاقب بجزاء جنائي كل شخص طبيعي شارك على سبيل التدليس أو عن علم‬

‫مشاركة شخصية في تخطيط الممارسات المنصوص عليها في المادتين ‪ 6‬و‪ 7‬أو تنظيمها أو تنفيذها أو مراقبتها‪ .‬وقد حدد هذا الجزاء‬

‫‪.‬في الحبس من شهر إلى سنة وغرامة من ‪ 10.000‬إلى ‪ 500.000‬درهم أو بإحداهما فقط‬

‫ويمكن طبقا للمادة ‪ 69‬أن يعاقب مرتكبي المخالفة بالحرمان من واحد أو أكثر من الحقوق المنصوص عليها في الفصل ‪ 40‬من‬

‫‪.‬القانون الجنائي بصرف النظر عن تطبيق الفصل ‪ 87‬من نفس القانون‬

‫ويمكن في حالة مخالفة أحكام المادتين ‪ 6‬و‪ 7‬من قانون حرية األسعار والمنافسة أن يعتبر األشخاص المعنويون مسؤولون جنائيا كلما‬

‫توافرت سوء نية هؤالء وترتب عنها آثار خطيرة‪ ،‬وحدد المشرع الجزاء في غرامة تبلغ بالنسبة للمقاولة ما بين ‪ 25‬و ‪ 55‬من رقم‬

‫‪.‬األعمال دون اعتبار الرسوم المنجزة في المغرب خالل آخر سنة محاسبية مختتمة‬

‫وإذا لم يكن المخالف منشأة يتراوح مبلغ الغرامة ما بين ‪ 200.000‬و ‪ 2.000.000‬درهم(‪)11‬‬

‫‪ :‬خاتمة‬

‫وفي األخير يمكن القول أن حماية المستهلك تبقى مرهونة بتنظيم المنافسة وضبطها‪ ،‬حيث أن الحرية الممنوحة للفاعلين االقتصاديين‬

‫في أطار معامالتهم مع المستهلك‪ ،‬لم تضمن حقوق هذا األخير‪ ،‬فكثيرا ما يكون المستهلك هو المستهدف بالدرجة األولى من‬

‫الممارسات غير المشروعة‪ ،‬لذا ندعو المشرع إلى ضرورة اعتماد آليات جديدة لتطوير مهمة الرقابة والتصدي لمختلف الممارسات‬

‫‪.‬المنافية للمنافسة والتي يقع ضحيتها المستهلك‬

‫‪ :‬الئحة المراجع‬

‫سكينة نصور ‪ ”:‬الزمن في قانون االستهالك ” مذكرة لنيل دبلوم الماستر في العلوم القانونية‪ :‬اختيار القانون المدني‪ ،‬سنة ‪ 2018‬ـ)‪1‬‬

‫‪ 2017 .‬جامعة محمد الخامس بالرباط‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية أكدال الرباط‬

‫‪.‬القانون رقم ‪ 31.08‬القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك )‪2‬‬

‫خديجة مضي ‪ ”:‬أهمية الحق في اإلعالم على ضوء مقتضيات القانون المغربي رقم ‪ ” 31.08‬مقال منشور بمجلة قانون و )‪3‬‬

‫‪.‬أعمال العدد الخامس‬

‫‪.‬سكينة منصور‪ :‬مرجع سابق )‪4‬‬

‫قانون حرية األسعار والمنافسة رقم ‪5) 104.12‬‬

‫‪ .‬قانون االلتزامات والعقود المغربي‬

You might also like