You are on page 1of 24

‫ماستر قانون المقاولة‬

‫مادة الملكية الفكرية ‪2‬‬

‫السداسي الثالث‬

‫اتفاقية برن لحماية المصنفات األدبية و الفنية‬

‫تحت إشراف الدكتور‪:‬‬


‫د‪ .‬محمد محبوبي‬
‫من إعداد الطلبة ‪:‬‬
‫زهرة حبيبي‪ ،‬أسامة معني‪ ،‬محمد دغدوغي‬

‫السنة الجامعية‪2024-2023:‬‬
‫تقديم‬
‫تعد حماية الملكية الفكرية أداة استراتيجية في عملية االبتكار وتضطلع البراءات وحقوق المؤلف والمعلومات‬
‫السرية‪ ،‬مثل األسرار التجارية‪ ..‬بدور مهم خالل مرحلة البحث والتطوير فهي حاسمة قبل إطالق منتج إلى‬
‫السوق‪ ،‬حيث يمكن أن يسعى المنافسون إلى التعدي على الجهود االبتكارية‪.‬‬
‫وفي هذا االطار جاءت اتفاقية برن حماية للمصنفات وحقوق مؤلفيها حيث تستند إلى ثالثة مبادئ‬
‫أساسية وتشمل مجموعة من األحكام المتعلقة بالحد األدنى للحماية الواجب منحها وبعض األحكام الخاصة‬
‫التي وضعت لمصلحة البلدان النامية‪.‬‬
‫وبالنظر إلى أهمية الملكية الفكرية باعتبارها أساس قيام النهضة في المجتمعات المتقدمة‪ ،‬بل وأساس لحفز‬
‫اإلبداع والمبدعين ‪ ،‬وانسجاما مع الطبيعة القانونية لثمار الذهن وقابليتها لالنتشار في جميع أنحاء العالم‪ ،‬من‬
‫حماية حقوق المؤلف داخل حدود موطنها األصلي غير كافية‪ ،‬لذلك ووعيا من المجتمع بخطورة التأثيرات‬
‫السلبية لالعتداءات على حماية اإلبداع وصيانة مكتسبات المبدعين‪ ،‬وأمام الحاجة الملحة إلى وضع قوانين‬
‫وتشريعات تحمي تلك الحقوق والمصنفات من عبث القراصنة والمقلدين‪ ،‬ومن كل أنواع التعدي المادية‬
‫والرمزية على حرمة الفكر واإلبداع‪ ،‬لذلك برزت الحاجة إلى والضرورة إلى حماية المصنفات األدبية‬
‫والفنية على الصعيد الدولي‪ ،‬والذي بدأ وجوده الطبيعي بإبرام اتفاقية برن (سويسرا) الخاصة بحماية‬
‫المصنفات األدبية والفنية ‪9‬شتنبر‪ 1886‬وكملت في باريس‪ ،1896‬والتي أصبحت المرجعية القانونية لشتى‬
‫النظم التي أخذت على عاتقها حماية الحقوق األدبية والفنية بموجب تشريعات خاصة‪ ،‬وليس من شك أن‬
‫الصورة النهائية التي أصبحت عليها اتفاقية برن هو ما كانت عليه من قبل‪ ،‬وإنما خضعت إلى تعديالت‬
‫أهمها تعديل برلين‪ ،1908‬وكذا تعديل برن‪ ،1914‬ثم تله تعديل ‪ 1967‬بروما‪ ،‬وفي بروكسيل‬
‫سنة‪ ،1948‬وفي ستوكهولم‪ 1967‬وأخيرا في باريس‪.1 1971‬‬
‫ومن هنا تبرز أهمية الموضوع‪ ،‬حيث أن هذه االتفاقية و الحماية التي جاءت التي جاءت بها تكمن في‬
‫اتصالها باإلبداع الفكري والثقافي وهي من أهم الضرورات التي يفرضها العصر على المجتمعات التي‬
‫تسعى إلى تحقيق النهضة بل وأساس لحفز اإلبداع والمبدعين فيها‪.‬‬
‫وعلى هذا األساس يمكن طرح اإلشكال الرئيسي لهذا الموضوع الذي نحن بصدد دراسته فإلى حد أي‬
‫استطاعت اتفاقية برن توفير الحماية القانونية الالزمة للمصنفات األدبية والفنية؟‬

‫‪ . 1‬وداد العيدوني ‪ ،‬الحماية القانونية للملكية األدبية والفنية‪ ،‬مطبعة سيليكي األخوين طنجة‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،2019‬ص‪28‬‬
‫فهذه اإلشكالية تتفرع عنها مجموعة من التساؤالت لعل أهمها‪:‬ماهي تجليات الحماية التي كرستها اتفاقية‬
‫برن؟ وما هي أهم التدابير القانونية لحماية المصنفات األدبية والفنية في ضوء اتفاقية برن؟‬
‫ولدراسة هذا الموضوع سنقسمه وفق التصميم التالي‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬االتفاقيات الخاصة بحماية المصنفات األدبية‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬اتفاقية برن كإطار عام لحماية المصنفات األدبية والفنية‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬سياق إبرام اتفاقية برن لحماية المصنفات األدبية والفنية‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬المبادئ األساسية الثالثة األساسية التفاقية برن‬
‫المطلب الثاني‪ :‬تعزيز التدابير الحمائية التفاقية برن‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬المصنفات المشمولة بالحماية‬
‫أوال‪ :‬المصنفات األصلية‬
‫ثانيا‪ :‬المصنفات المشتقة‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬مضمون حق المؤلف‬
‫أوال‪ :‬الحقوق األدبية‬
‫ثانيا‪ :‬الحق المالي للمؤلف‬
‫المبحث الثاني‪ :‬التدابير القانونية لحماية المصنفات األدبية والفنية في ضوء اتفاقية برن‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬نطاق تطبيق اتفاقية برن‬
‫الفقرة األولى‪ :‬من حيث األشخاص‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬من حيث الزمان‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬مدة الحماية للحقوق‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الحماية القضائية في إطار اتفاقية برن لحماية المصنفات األدبية و الفنية‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬شروط المطالبة بالحماية القضائية‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬الحماية الجنائية في إطار اتفاقية برن‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬االتفاقيات الخاصة بحماية المصنفات األدبية‪.‬‬
‫بعد أن استقرت مبادئ الحماية األساسية لحماية حقوق المؤلفين على مصنفاتهم األدبية و الفنية فقد ظهرت‬
‫الحاجة إلى وضع ضوابط محددة و موحدة لتحقيق تلك الحماية على المستوى الدولي وفي ضوء الحداثة‬
‫النسبية لحماية الحقوق المعنوية و منها حقوق الملكية الذهنية على وجه الخصوص فإن أول تنسيق دولي لتلك‬
‫الحماية لم يبدأ إال مع التوقيع على اتفاقية برن في التاسع من سبتمبر عام ‪.1886‬‬

‫تتناول اتفاقية برن حماية المصنفات وحقوق مؤلفيها وتستند إلى ثالثة مبادئ أساسية وتشمل مجموعة من‬
‫األحكام المتعلقة بالحد األدنى للحماية الواجب منحها وبعض األحكام الخاصة التي وضعت لمصلحة البلدان‬
‫النامية (المطلب األول) وذلك لتعزيز الحماية الدولية في إطار االتفاقيات الخاصة الحماية المصنفات األدبية و‬
‫الفنية (المطلب الثاني)‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬اتفاقية برن كإطار عام لحماية المصنفات األدبية والفنية‪.‬‬
‫تعتبر اتفاقية برن من أبرز االتفاقيات ذات الطابع الدولي في القرن‪ ،19‬ألنها أصبحت المصدر للقوانين‬
‫الوطنية‪ ،‬وقد شملت اتفاقية برن من خالل إطارها العام الذي جاءت فيه وكذا مضمون نصوصها أحكام عامة‬
‫وأساسية جعلتها تساهم في بسط الحماية الدولية لحقوق الملكية الفكرية‪ ،‬فمن جهة‪ ،‬أولت اتفاقية برن‬
‫االعتراف للحقوق األدبية والفنية بالطبيعة القانونية الخاصة ومن جهة أخرى عملت على وضع مجموعة من‬
‫األحكام الخاصة التي تطبق على كل حق من حقوق الملكية الفكرية حسب طبيعته‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬سياق إبرام اتفاقية برن لحماية المصنفات األدبية والفنية‪.‬‬
‫شكلت اتفاقية برن المرجعية القانونية لشتى النظم التي أخذت على عاتقها حماية الحقوق األدبية والفنية‬
‫بموجب تشريعات خاصة‪ ،‬وتعد هذه االتفاقية أقدم اتفاقية متعددة األطراف وتوفر أعلى مستوى من مستويات‬
‫الحماية‪ ،‬وتتضمن مقتضيات جوهرية وردت على عدة مراحل متعاقبة وطورت ونقحت منذ توقيعها‪،1908‬‬
‫ثم عدلت في باريس‪ 1986‬وعدلت في برلين سنة ‪ ،1908‬ثم كملت في برن‪ ،1914‬ثم عدلت في روما سنة‬
‫‪ ،1969‬وفي بروكسيل سنة‪ ،1948‬وفي سوكهولم‪ 1967‬وأخيرا في باريس‪.19712‬‬
‫وتبوأت هذه االتفاقية السبق التاريخي والموضوعي في تأصيل الحماية القانونية للحقوق على األعمال األدبية‬
‫والفنية‪ ،‬وأضحت القاعدة المستلهمة لسائر المصادر الدولية الالحقة بدءا باتفاقية الجوانب المتصلة بالتجارة‬
‫تريبس التي جاءت لتوحيد معايير الحماية الدولية ضمن سائر حقوق الملكية الفكرية بما فيها الحقوق على‬
‫األعمال األدبية والفنية‪.3‬‬

‫‪ . 2‬وداد العيدوني‪ ،‬الحماية القانونية للملكية األدبية والفنية في التشريع المغربي واالتفاقيات الدولية‪ ،‬مطبعة سيلكي أخوين طنجة‪ ،‬طبعة‪ ،2019‬ص‪.28‬‬

‫‪ . 3‬أحمد بوراري‪ ،‬الحماية القانونية لحق المؤلف والحقوق المجاورة في التشريع الجزائري واالتفاقيات الدولية‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص‪،‬‬
‫كلية الحقوق والعلوم السياسية باتنة‪ ،‬ص‪.311‬‬
‫وتنقسم أحكام االتفاقية‪ ،‬إلى قسمين‪ ،‬األحكام الجوهرية أو الموضوعية التي تتمثل في مجموعة من القواعد‬
‫الواجبة التطبيق بصورة موحدة توفر الحد األدنى من الحماية‪ ،‬وعندما يكون التشريع الوطني لدولة عضو في‬
‫االتحاد قاصرا على بلوغ الحد األدنى من الحماية المتفق عليها في االتفاقية تحل أحكام االتفاقية محل التشريع‬
‫عن طريق األحكام التنظيمية المشتركة‪.4‬‬

‫أما قواعد اإلحالة فهي تسعى لحل التنازع الذي ينشأ بين مختلف القواعد القانونية‪ ،‬عن طريق إحالة األمر‬
‫إلى النظام القانوني للبلد الذي تجري فيه المطالبة بالحماية‪ ،‬وتتمثل القواعد اإلدارية واألحكام الختامية في‬
‫األجهزة التي يتكون منها اتحاد برن‪.5‬‬

‫وتعتبر اتفاقية برن مفتوحة أمام الدول لالنضمام إليها ولهذا فحسب الفقرة األولىمن المادة‪ 28‬من االتفاقية فإنه‬
‫يجوز لكل دولة من دول االتحاد الموقعة على هذه الوثيقة أن تصدق عليها وإذا لم تكن قد وقعتها فبوسعها‬
‫االنضمام إليها وتودع وثائق التصديق أو االنضمام لدى المدير العام‪.6‬‬

‫والجدير بالذكر أن اتفاقية برن لم تدرج الحقوق المجاورة لحق المؤلف ضمن نصوصها‪ ،‬نظرا لالتجاه السائد‬
‫آنذاك من حماية أصحاب تلك الحقوق‪ ،‬بموجب تشريعات المؤلف‪ ،‬إلضفاء طابع االبتكار عليهم‪.7‬‬

‫وقد تناولت اتفاقية برن التي اعتمدت سنة ‪ ،1886‬حماية المصنفات وحقوق مؤلفيها وتتيح االتفاقية للمبدعين‬
‫مثل المؤلفين والموسيقيين والشعراء والرسامين وما إلى ذلك‪ ،‬سبل التحكم في طريقة استخدام مصنفاتهم ومن‬
‫يستخدمها وبأية شروط وتستند االت فاقية إلى ثالثة مبادئ أساسية وتشمل مجموعة من األحكام المتعلقة بالحد‬
‫األدنى للحماية الواجب منحها وبعض األحكام الخاصة التي وضعت لمصلحة البلدان النامية التي ترغب في‬
‫استخدامها‪.‬‬
‫كما تناولت اتفاقية برن حماية المصنفات وحقوق مؤلفيها حيث تستند إلى ثالثة مبادئ أساسية وتشمل‬
‫مجموعة من األحكام المتعلقة بالحد األدنى للحماية الواجب منحها وبعض األحكام الخاصة التي وضعت‬
‫لمصلحة البلدان النامية‪( .‬الفقرة الثانية)‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬المبادئ األساسية الثالثة األساسية التفاقية برن‬
‫إن من أبرز ما وفرته اتفاقية برن من تدابير خاصة اعتدت بها معظم التشريعات الوطنية أنها اعترفت‬
‫للحقوق األدبية والفنية بالطبيعة الخاصة‪ ،‬وتستند إلى ثالث مبادئ أساسية و المتمثلة في‪:‬‬
‫مبدأ المعاملة الوطنية ( تشبيه المصنفات األجنبية بالمصنفات الوطنية)‬ ‫‪‬‬

‫‪ . 4‬أحمد بوراوي‪ ،‬الحماية القانونية لحق المؤلف والحقوق المجاورة في التشريع الجزائري واالتفاقيات الدولية‪ ،‬أطروحة مقدمة لنيل درجة دكتوراه في العلوم‬
‫القانونية ‪،‬سنة‪،2015/2014‬ص‪.315‬‬

‫‪ . 5‬أحمد بوراوي‪ ،‬الحماية القانونية لحق المؤلف والحقوق المجاورة في التشريع الجزائري واالتفاقيات الدولية‪ ،‬أطروحة مقدمة لنيل درجة دكتوراه في العلوم القانونية‬
‫‪،‬سنة‪،2015/2014‬ص‪. 316‬‬

‫‪ . 6‬محمد محبوبي‪ ،‬مظاهر حماية الملكية الفكرية في ضوء التشريع المغربي‪ ،‬مطبعة المعارف الجديدة‪ ،‬الطبعة األولى‪،2015‬ص‪.44‬‬

‫‪ . 7‬محمد محبوبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪44‬‬


‫مؤدى هذا المبدأ أن جميع المصنفات التي يتم إعدادها في دولة من دول االتحاد بالحماية في بقية دول‬
‫االتحاد‪ ،‬وبنفس مستوى الحماية الممنوحة من تلك الدول لمصنفات مواطنيها ‪8‬وذلك بصريح المادة الخامسة‬
‫من اتفاقية برن التي تنص على أنه ‪ ”:‬يتمتع المؤلفون‪ ،‬في دول االتحاد غير دولة منشأ المصنف‪ ،‬بالحقوق‬
‫التي تخولها قوانين تلك الدول حاليا أو قد تخولها مستقبال لرعاياها باإلضافة إلى الحقوق المقررة بصفة‬
‫خاصة في هذه االتفاقية‪ ،‬وذلك بالنسبة للمصنفات التي يتمتعون على أساسها بالحماية بمقتضى هذه االتفاقية”‪.‬‬

‫وعليه فحماية المصنفات األجنبية لألحكام نفسها التي تخضع لها المصنفات الوطنية‪ ،‬إال فيما يخص بعض‬
‫النقاط المحددة مثل مدة الحماية حيث ينطبق بصددها أسلوب المقارنة بين مدد الحماية‪.9‬‬

‫مبدأ الحماية التلقائية‬ ‫‪‬‬

‫ومعناه أن المصنفات األجنبية تحمى بشكل تلقائي بمجرد نسبتها إلى المؤلف ومن غير أن يتوقف ذلك على‬
‫أي إجراء شكلي لتقرير التمتع بالحق أو حمايته ‪ 10‬عمال بمقتضيات الفقرة الثانية من المادة الخامسة من‬
‫اتفاقية برن ‪ 11‬التي تنص على أنه‪ ”:‬ال يخضع التمتع أو ممارسة هذه الحقوق ألي إجراء شكلي‪ ،‬فهذا التمتع‬
‫وهذه الممارسة مستقالن عن وجود الحماية في دولة منشأ المصنف‪ .‬تبعا لذلك‪ ،‬فإن نطاق الحماية وكذلك‬
‫وسائل الطعن المقررة للمؤلف لحماية حقوقه يحكمها تشريع الدولة المطلوب توفير الحماية فيها دون سواه‪،‬‬
‫وذلك بصرف النظر عن أحكام هذه االتفاقية”‪.‬‬

‫فاالبتكار يشكل شرطا كافيا ووافيا لحمايته‪ ،‬فال يؤخذ بعين االعتبار مواصفات المصنفات أو القيام بإجراء‬
‫شكلي آخر‪ ،‬وإن يرى بعض من الفقه أنه قد يكون من األفضل إيداع المصنف لدواع تتعلق باإلثبات‬
‫خصوصا أن مدعي التقليد عليه أن يثبت أسبقية عمله بالنسبة للعمل المقلد وقد يكون من الصعب عليه تحديد‬
‫لحظة ابتكاره للعمل‪ ،‬وبالرغم من عدم تأثير اإليداع على الحماية القانونية للمصنفات المبتكرة‪ ،‬إال أن‬
‫التشريعات حددت إجراءات له ‪.12‬‬
‫مبدأ استقالل الحماية‬ ‫‪‬‬

‫ومؤداه أن نطاق الحماية ووسائل الطعن المقررة لحق المؤلف يحكمها التشريع الوطني للدولة المطلوب‬
‫توفير الحماية فيها دون سواها وبغض النظر عن أحكام هذه االتفاقية‪ ،13‬وهذا ما أكدته الفقرة الثالثة من المادة‬
‫السادسة من اتفاقية برن التي جاء فيها‪ ”:‬وسائل الطعن للمحافظة على الحقوق المقررة في هذه المادة يحددها‬
‫تشريع الدولة المطلوب توفير الحماية فيها”‪.‬‬

‫‪ . 8‬وداد العيدوني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.28‬‬


‫‪ .9‬أحمد بوراوي‪ ،‬الحماية القانونية لحق المؤلف والحقوق المجاورة في التشريع الجزائري واالتفاقيات الدولية‪ ،‬أطروحة مقدمة لنيل درجة دكتوراه في العلوم‬
‫القانونية سنة‪،2015/2014‬ص‪316‬‬
‫‪ . 10‬وداد العيدوني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.29‬‬
‫‪ . 11‬اتفاقية برن لحماية المصنفات األدبية والفنية‪ ،‬وثيقة باريس للمنظمة العالمية للملكية الفكرية‪ ،‬نص رسمي باللغة العربية(ويبو) جنيف‪.1998-1996‬‬
‫‪ . 12‬محمود عبد هللا‪ ،‬حق المؤلف في القوانين العربية‪ ،‬المركز العربي للبحوث القانونية والثقافية بيروت‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،2018‬ص‪.60‬‬
‫‪ . 13‬وداد العيدوني‪ ،‬مرجع سابق‪.29 ،‬‬
‫(أ) المصنفات الناشئة في إحدى الدول المتعاقدة أي المصنفات التي يكون مؤلفها من مواطني تلك الدولة‪ ،‬أو‬
‫التي نشرت للمرة األولى في تلك الدولة يجب أن تحظى في كل دولة من الدول المتعاقدة األخرى بالحماية‬
‫نفسها التي تمنحها لمصنفات مواطنيها (مبدأ "المعاملة الوطنية")‬

‫( ب) ويجب أال تكون الحماية مشروطة باتخاذ أي إجراء شكلي (مبدأ الحماية "التلقائية")‬
‫( ج) وال تتوقف الحماية على الحماية الممنوحة في بلد منشأ المصنف (مبدأ "استقالل" الحماية) ومع ذلك إذا‬
‫حدد تشريع أية دولة متعاقدة مدة للحماية أطول من الحد األدنى المنصوص عليه في االتفاقية وتوقفت حماية‬
‫المصنف في بلد المنشأ‪ ،‬جاز رفض الحماية عند انتهاء مدتها في بلد المنشأ‪.‬‬
‫وتتعلق المعايير الدنيا للحماية بالمصنفات والحقوق الواجب حمايتها ومدة الحماية‪:‬‬
‫(أ) بالنسبة إلى المصنفات‪ ،‬يجب أن تشمل الحماية "كل إنتاج في المجال األدبي والعلمي والفني‪ ،‬أيا كانت‬
‫طريقة أو شكل التعبير عنه" (المادة ‪ 2‬من االتفاقية)‪.‬‬

‫( ب) ومع مراعاة بعض التحفظات أو التقييدات أو االستثناءات المسموح بها‪ ،‬تدخل الحقوق تالية الذكر ضمن‬
‫الحقوق التي يجب االعتراف بها كحقوق تصريح استئثارية‪:‬‬

‫•حق الترجمة‪،‬‬

‫•وحق تحوير المصنفات وتعديلها‪،‬‬

‫• وحق األداء العلني للمسرحيات والمسرحيات الموسيقية والمصنفات الموسيقية‪،‬‬

‫•وحق تالوة المصنفات األدبية علنا‪،‬‬

‫•وحق نقل أداء تلك المصنفات للجمهور‪،‬‬

‫•وحق اإلذاعة (مع جواز النص في تشريع الدولة المتعاقدة على مجرد الحق في الحصول على مكافأة عادلة‬
‫بدال من حق التصريح)‬
‫• وحق االستنساخ بأية طريقة أو شكل كان (مع جواز نص الدولة المتعاقدة على السماح في بعض الحاالت‬
‫الخاصة باالستنساخ دون أي تصريح شرط أال يخل االستنساخ باالستغالل العادي للمصنف‪ ،‬وأال يسبب أي‬
‫ضرر ال داعي له للمصالح المشروعة للمؤلف‪ ،‬ومع جواز النص على الحق في الحصول على مكافأة عادلة‬
‫عن التسجيالت الصوتية للمصنفات الموسيقية)‪.‬‬
‫• وحق استعمال مصنف ما إلنتاج مصنف سمعي بصري‪ ،‬وحق استنساخ ذلك المصنف أو توزيعه أو أدائه‬
‫علنا أو نقله للجمهور‪.‬‬
‫وتنص ا التفاقية على بعض "الحقوق المعنوية"‪ ،‬أي الحق في المطالبة بنسب المصنف إلى مؤلفه والحق في‬
‫االعتراض على أي تشويه أو تحريف أو تعديل أو تقييد للمصنف من شأنه اإلضرار بشرف المؤلف أو‬
‫بشهرته‪.‬‬

‫( ج) وفيما يتعلق بمدة الحماية‪ ،‬تستوجب القاعدة العامة منح الحماية حتى انقضاء خمسين سنة من وفاة‬
‫المؤلف‪ .‬بيد أن هناك بعض االستثناءات لتلك القاعدة العامة‪ .‬ففي حالة نشر مصنف مغفول اسم مؤلفه أو‬
‫تحت اسم مستعار‪ ،‬تنقضي مدة الحماية بعد ‪ 50‬سنة من إتاحة المصنف قانونا للجمهور‪ ،‬ما لم تتضح تماما‬
‫هوية المؤلف من االسم المستعار‪ ،‬أو ما لم يكشف المؤلف عن هويته خالل تلك الفترة‪ .‬وفي الحالة األخيرة‪،‬‬
‫تطبق القاعدة العامة‪.‬‬
‫وبالنسبة إلى المصنفات السمعية البصرية (السينمائية)‪ ،‬تبلغ المدة الدنيا للحماية ‪ 50‬سنة اعتبارا من تاريخ‬
‫إتاحة المصنف للجمهور (أي عرضه) وإال اعتبارا من تاريخ ابتكاره‪.‬‬
‫وبالنسبة إلى مصنفات الفنون التطبيقية والمصنفات الفوتوغرافية‪ ،‬تبلغ المدة الدنيا للحماية ‪ 25‬سنة اعتبارا‬
‫من تاريخ ابتكارها‪.‬‬
‫وتسمح اتفاقية برن ببعض التقييدات واالستثناءات للحقوق المالية‪ ،‬وهي الحاالت التي يجوز فيها االنتفاع‬
‫بالمصنفات المشمولة بالحماية بدون تصريح مالك حق المؤلف‪ ،‬وبدون دفع أي مكافأة‪.‬‬
‫ويشار إلى هذه التقييدات عادة بعبارة "االنتفاع المجاني" بالمصنفات المشمولة بالحماية‪ ،‬وتنص عليها المواد‬
‫‪( 9‬االستنساخ في بعض الحاالت الخاصة)‪ ،‬و‪( 10‬االقتباس واالنتفاع بالمصنفات على سبيل التوضيح‬
‫ألغراض التعليم)‪،‬و‪(11‬استنساخ جريدة أو مواد مشابهة واالنتفاع بالمصنفات بغرض اإلبالغ باألحداث‬
‫الجارية)‪،‬و‪(12‬التسجيالت المؤقتة ألغراض البث) ويسمح ملحق وثيقة باريس الخاصة باالتفاقية أيضا للدول‬
‫النامية بإنفاذ تراخيص غير طوعية لترجمة المصنفات واستنساخها في بعض الحاالت‪ ،‬فيما يتعلق باألنشطة‬
‫التعليمية وفي هذه الحاالت‪ ،‬يُسمح باالنتفاع المشار إليه بدون ترخيص مالك الحق‪ ،‬بشرط دفع المكافأة التي‬
‫ينص عليها القانون‪.‬‬

‫اذن جاءت هذه الحماية القانونية الى صيانة وضع‪ ،‬ومنع االعتداء عليه‪ ،‬سواء كانت شخصية تتجه الى‬
‫المؤلف ذاته وهو الفرد الموهوب الذي يتمتع بخيال خصب‪ ،‬وملكة إبداع يستطيع عن طريق الكتاب أو‬
‫المحاضرة أو المسرح أو الرسم‪ ،‬ان يرسم للمستقبل صورة تختلف عن صورته الحاضرة بما له من ملكة‬
‫تصور وقدرة في التعبير فإن هذا الفرد الموهوب يرعاه القانون ويقدر جهوده وإنتاجه ويحيطه بسياج من‬
‫الحماية يحافظ بها على ما أنتجه لحاضر أمته وألجيالها المستقبلة وليشجع غيره من طريقها على االقتداء به‪.‬‬
‫ولذلك فإن القانون يبسط حمايته عليه وقد تكون لحماية القانونية عينية تتجه الى المصنف إذ ال يكفي ان‬
‫يهتدي الشخص الى فكرة مبتكرة حتى يسبغ عليها القانون حمايته‪ .‬وإذا يلزم فضالً عن ذلك ان تصاغ هذه‬
‫األفكار في شكل مادي محسوس تظهر الى عالم الوجود أيا ً كان نوعها أو طريقة التعبير عنها أو أهميتها أو‬
‫الغرض منها‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬تعزيز التدابير الحمائية التفاقية برن‪.‬‬
‫تتيح االتفاقية للمبدعين‪ ،‬مثل المؤلفين والموسيقيين والشعراء والرسامين وما إلى ذلك‪ ،‬سبل التحكم في طريقة‬
‫استخدام مصنفاتهم ومن يستخدمها وبأية شروط وقد أوردت اتفاقية برن أحكام خاصة لحماية المصنفات‬
‫األدبية والفنية‪ ،‬من خالل تحديدها للمصنفات المشمولة بالحماية والتي ال تخرج على نوعين رئيسيين(الفقرة‬
‫األولى)‪ ،‬فضال على تناولها لحقوق المؤلف بالشيء من التفصيل والتي تتمحور في الحقوق المادية‬
‫والمعنوية(الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬المصنفات المشمولة بالحماية‬
‫إن أهم ما وفرته اتفاقية برن من تدابير خاصة اعتدت بها معظم التشريعات الوطنية أنها عمدت إلى تعداد‬
‫المصنفات المشمولة بالحماية في المادة الثانية‪ ،‬والتي تقسم إلى مصنفات أصلية(أوال) وأخرى مشتقة(ثانيا)‬
‫أوال‪ :‬المصنفات األصلية‬
‫تعتبر األعمال التي يبتكرها المؤلف مصنفات أصلية ومباشرة ألنه لم يتم اللجوء إلى إسقاطها من عمل سابق‬
‫أو دون أن يكون مصدرها عمال فكريا سابقا أو مستندا إلى عناصر مما سبقه‪ ،‬وسنحاول توضيح حقيقة‬
‫المقصود بكل نوع من أنواع هذا المصنفات التي أقرتها اتفاقية برن‪.‬‬
‫الكتب والكتيبات وغيرها من المصنفات المكتوبة‬ ‫‪‬‬

‫جمعت اتفاقية برن بين هذه المصنفات‪ ،‬وأوردتها في بند واحد تتسم به من وجود إطار مشترك بينهما وهو‬
‫أن الكتابة هي وسيلة نقلها إلى الجمهور‪ ،‬فاتفاقية برن تحمى المصنفات الكتابية تحمي المصنفات المكتوبة‬
‫بمختلف مجاالتها سواء األبية أو العلمية أو الفنية‪.14‬‬

‫المحاضرات والمواعظ واألعمال األخرى‬ ‫‪‬‬

‫ويقصد بها المصنفات التي جرى العرف على توجيهها شفويا إلى الجمهور بقصد التأثير فيهم‬
‫كالمحاضرات والخطابات والمواعظ‪.‬‬

‫المصنفات المسرحية والمسرحيات الموسيقية‬ ‫‪‬‬

‫تمتد مظلة الحماية القانونية التي توفرها اتفاقية برن لتشمل المصنفات المسرحية والمسرحيات الموسيقية‪،‬‬
‫والتي هي شكل من أشكال الفن التي تؤدى أمام الجمهور‪ ،‬ويترجم فيه الممثلون نصا مكتوبا إلى عرض‬
‫تمثيلي على خشبة المسرح‪.15‬‬
‫المصنفات المؤدية بحركات أو خطوات فنية والتمثيليات اإليمائية‬ ‫‪‬‬

‫‪ . 14‬محمد سامي عبد الصادق‪ ،‬الوجيز في حقوق الملكية الفكرية‪ ،‬بدون ذكر المطبعة القاهرة‪ ،‬طبعة‪ ،2002‬ص‪.56‬‬
‫‪ . 15‬وداد العيدوني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪96‬‬
‫تشمل الحماية بموجب اتفاقية برن المصنفات الموسيقية‪ ،‬سواء المقترنة باأللفاظ كاألغاني واألناشيد‬
‫واألعمال األوبرية والتواشيح الدينية المصحوبة بموسيقى‪ ،‬أو غير المقترنة باأللفاظ‪ ،‬كالسيمفونيات‬
‫والموسيقى التصويرية المصاحبة لألعمال الدرامية‪.16‬‬
‫مصنفات الرسوم والنحت والطباعة‬ ‫‪‬‬

‫تتمتع مصنفات الفنون الجميلة‪ ،‬ممثلة في الرسم والنحت أو الطباعة أو غيرها بالحماية القانونية باعتبارها‬
‫مصنفات أدبية بمعنى المادة األولى من اتفاقية برن‪.‬‬
‫المصنفات الفوتوغرافية والمصنفات األخرى المعبر عنها بأسلوب مماثل‬ ‫‪‬‬

‫يقصد المصنفات الفوتوغرافية صورة أشياء حقيقية منتجة على سطح سريع التأثر بالضوء أو أي إشعاع‬
‫آخر‪ ،‬أو بتعبير أدق فالمصنفات الفوتوغرافية هي كل تسجيل للضوء أو إشعاع أخر على دعامة‪ ،‬ينتج أو‬
‫يمكن إنتاج صورة منه‪ ،‬أيا كانت التقنية التي أنجز بها‪.17‬‬

‫أما المقصود بما يماثل المصنفات الفوتوغرافية‪ ،‬فهي تلك األعمال التي يستخدم فيها أسلوب مشابه للتصوير‬
‫الفوتوغرافي‪ ،‬كما هو الحال بالنسبة للصور المنقولة من خالل شاشات التليفزيون أو عن طريق برامج‬
‫الحاسوب أو شبكة االنترنت والتي يكون لها ما للمصنف الفوتوغرافي من تأثير بصري‪.‬‬
‫مصنفات الفنون التطبيقية والتشكيلية‬ ‫‪‬‬

‫يقصد بمصنفات الفن التطبيقي والتشكيلي مختلف األعمال والنقوش والزخارف والتلوينات‪ ،‬المطبقة تطبيقا‬
‫عمليا لتخرج في النهاية في شكل مادي مجسم‪ ،‬كاألواني المزخرفة واألدوات المنقوشة‪ ،‬وكل ما يقتضي‬
‫مهارة فنية ويتميز بطابع أصيل‪.‬‬
‫الصور التوضيحية والخرائط الجغرافية والتصميمات والرسومات التخطيطية المصنفات المجسمة‬ ‫‪‬‬

‫المتعلقة بالجغرافيا أو الطبوغرافيا أو العمارة أو العلوم‬


‫تمتد الحماية لتشمل مختلف االبتكارات التي يكون الهدف منها زخرفة المصنفات المكتوبة أو توضيح‬
‫محتواها‪ ،‬وكذلك تتمتع بالحماية وفقا ألحكام اتفاقية برن الرسوم التخطيطية والمصنفات المتعلقة بالجغرافيا أو‬
‫الطبوغرافية أو التصميمات المعمارية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬المصنفات المشتقة‬
‫المصنف المشتق‪ 18‬هو كل مصنف يوضع باالستناد إلى مصنف آخر سابق له‪ ،‬إذ إنه يستعير بعض العناصر‬
‫من مصنف سابق بعد أن يتم تحويلها في عمل جديد‪ ،‬كترجمات األعمال وتكييفها لفن من الفنون وإعادة‬
‫التوزيع الموسيقي ومجموعات األعمال‪ ،‬وقد نصت اتفاقية برن في المادة الثانية الفقرة الثالثة على الحماية‬

‫‪ . 16‬محمد سامي عبد الصادق‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪59‬‬


‫‪ . 17‬بالل محمود عبد هللا‪ ،‬حق المؤلف في القوانين العربية‪ ،‬ص‪95‬‬
‫‪ . 18‬عرف المشرع المغربي المصنف المشتق بموجب الفقرة الخامسة من المادة األولى من القانون رقم‪ 2.00‬كما عدل وتمم بأنه‪”:‬هو كل إبداع جديد تم تصوره وإنتاجه‬
‫انطالقا من مصنف موجود من قبل أو مصنفات موجودة من قبل”‪.‬‬
‫القانونية لهذه الفئة من األعمال من خالل تنصيصها على أنه‪ ”:‬تتمع الترجمات والتحويرات والتعديالت‬
‫الموسيقية وما يجرى على المصنف األدبى أو الفني من تحويالت أخرى بنفس الحماية التى تتمتع بها‬
‫المصنفات األصلية وذلك دون المساس بحقوق مؤلف المصنف األصلي”‬

‫وانطالقا من ذلك‪ ،‬فإننا سنتطرق لنوعين من المصنفات المشتقة فقط وهي‪:‬‬


‫ترجمات المصنفات‬ ‫‪‬‬

‫إن الترجمة علم قائم بحد ذاته توجب على المترجم إتقان اللغة وبذل الجهد لكي يأتي العمل معبرا عن نفس‬
‫المعنى للمصنف األصلي‪ ،‬و يندرج هذا الصنف ضمن الحقوق المالية التي تعود لصاحب حق المؤلف‪،‬‬
‫وبالتالي فإن ترجمة أي مصنف توجب االستحصال على إذن من مؤلفه‪ ،‬ما لم يكن ذلك المصنف قد دخل في‬
‫الملك العام‪ ،‬والمصنف نتاج الترجمة يعتبر عمال محميا بصفته مصنفا أدبيا طالما كان مبتكرا‪.‬‬
‫المختارات ومجموعات األعمال‬ ‫‪‬‬

‫جاء في الفقرة الخامسة من المادة الثانية على أن‪ ”:‬تتمتع مجموعات المصنفات األدبية أو الفنية لدوائر‬
‫المعارف والمختارات األدبية التي تعتبر ابتكارا فكريا‪ ،‬بسبب اختيار وترتيب محتوياتها‪ ،‬بالحماية بهذه الصفة‬
‫وذلك دون المساس بحقوق المؤلفين فيما يختص بكل مصنف يشكل جزءا من هذه المجموعات”‪.‬‬

‫وعليه فعمل المؤلف في هذا النوع من المصنفات المشمولة بالحماية يقتصر فقط على تحديد‬
‫مضمونها واختياره من مصنفات قد يتم اختيارها إما من أعمال مؤلفين مختلفين أو من أعمال مؤلف واحد‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬مضمون حق المؤلف‬
‫إن المصنفات التي تستوفي شرط اإلبداع هي وحدها تستوجب الحماية‪ ،‬ويتمتع المؤلف بحقوق معنوية أو‬
‫أدبية وحقوق مالية أو اقتصادية كما يسميها بعض الفقه‪ ،‬وهو ما ترجمته اتفاقية برن حينما فصلت بين هذين‬
‫الحقين ووضعت المعايير التي تكفل التمييز بينهما‪.‬‬

‫على هذا التوجه‪ ،‬سنحاول معالجة كال الحقين بشكل وجيز‪:‬‬


‫أوال‪ :‬الحقوق األدبية‬
‫الحق األدبي هو عبارة عن مجموعة من الصالحيات االمتيازات التي يستأثر بها المؤلف المبتكر للدفاع عن‬
‫شخصيته التي تجلت في المصنف الذي ابتكره‪ ،‬هذه الحقوق التي تعتبر من الحقوق الشخصية التي ال يمكن‬
‫الحديث عنها إال إذا كان هماك مصنف مبتكرا وتترتب عن هذا الحق عدة حقوق فرعية والتي تمثل امتيازات‬
‫وسلطات يمكن للمؤلف من حماية شخصيته التي يعبر عنها إنتاجه الذهني‪ ،‬وكرست اتفاقية برن هذا الحق‬
‫اللصيق بشخصية في المادة السادسة مكررة التي جاء فيها‪ ”:‬بغض النظر عن الحقوق المالية للمؤلف‪ ،‬بل‬
‫وحتى بعد انتقال هذه الحقوق‪ ،‬فإن المؤلف يحتفظ بالحق في المطالبة بنسبة المصنف إليه‪ ،‬وباالعتراض على‬
‫كل تحريف أو تشويه أو أي تعديل آخر لهذا المصنف أو كل مساس آخر بذات المصنف يكون ضارا بشرفه‬
‫أو بسمعته‪.‬‬
‫إال انه رغم كون اتفاقية برن تشكل أولى األسس التشريعية على المستوى الدولي‪ ،‬التي بسطت الحماية‬
‫القانونية للحقوق األدبية والفنية‪ ،‬واعترفت منذ بدايتها بالطبيعة الخاصة للحقوق األدبية إعماال لألهمية التي‬
‫تحظى بها‪ ،‬فقد بدا مستهجنا مخالفتها للقواعد األصولية لدى مختلف فقه القانون نحو تأقيت الحماية القانونية‬
‫للحقوق األدبية على األعمال المحمية‪ 19‬من خال تنصيصها في الفقرة الثانية من المادة السادسة على أنه‪”:‬‬
‫الحقوق الممنوحة للمؤلف بمقتضى الفقرة االولى السابقة تظل محفوظة بعد وفاته‪ ،‬وذلك على األقل إلى حين‬
‫انقضاء الحقوق المالية‪ ،‬ويمارس هذه الحقوق األشخاص أو الهيئات المصرح لها من قبل تشريع الدولة‬
‫المطلوب توفير الحماية فيها‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن الدول التي ال يتضمن تشريعها المعمول به‪ ،‬عند التصديق على‬
‫هذه االتفاقية أو االنضمام إليها‪ ،‬نصوصا تكفل الحماية بعد وفاة المؤلف لكل الحقول المنصوص عليها في‬
‫الفقرة السابقة‪ ،‬يكون لها الحق في النص على أن بعض هذه الحقوق ال يحتفظ بها بعد وفاة مؤلف‪.‬‬
‫خالف ما ذهبت إليه اتفاقية برن للمصنفات األدبية والفنية والتي اعتبرت بموجب المادة السادسة مكررة أن‬
‫الحقوق المعنوية ليست حقا مؤبدا وأنه يعود لكل دولة أن تحدد مدة حماية الحق‪ ،‬فإن معظم‬
‫التشريعات‪ 20‬أقرت للمؤلف الحقوق المعنوية باعتبارها جزء ال يتجزأ من شخصية المؤلف وجعلتها مستمرة‬
‫ال تسقط بمرور الزمن وال يجوز التصرف أو الحجز عليها‪ ،‬إنما يجوز انتقال تلك الحقوق إلى الغير عن‬
‫طرق الوصية أو قوانين اإلرث‪.‬‬

‫وعموما تتفرع عن الحق األدبي مجموعة من الحقوق الفرعية‪ ،‬والتي تمثل امتيازات امكن المؤلف من حماية‬
‫شخصيته التي يعبر عنها إنتاجه الذهني والتي قسمت إلى حقوق سلبية(أ )وحقوق إيجابية(ب‪).‬‬

‫أقرت اتفاقية برن حقوقا سلبية للمؤلف يمكن إجمالها فيما يلي‪:‬‬

‫حق األبوة‪Droit De Paternité‬‬ ‫‪‬‬

‫نصت المادة السادسة مكررة من اتفاقية برن على أن المؤلف‪…”:‬يحتفظ بالحق في المطالبة بنسبة المصنف‬
‫إليه‪ ” ،‬وعليه فهذه االتفاقية اعترفت للمؤلف بحقه في في نسبة مصنفه إليه‪ ،‬أو ما يعرف في األوساط الفقهية‬
‫بالحق في األبوة‪ ،‬ومضمون هذا الحق أن للمؤلف التمسك باالعتراف بأن مصنفه الذي أبدعه هو من نتاج‬
‫فكره‪ ،‬كذلك حق في أن يصل مصنفه إلى الجمهور حامال اسمه ولقبه ومؤهالته العلمية‪ ،‬كما أن له الحق في‬
‫أن يتم اإلعالن عن اسمه عند االقتباس من مصنفاته أدبية كانت أو فنية أو علمية‪ ،‬فضال عن حقه في إتاحة‬
‫مصنفه للجمهور بدون أن يحمل أي اسم على اإلطالق أو تحت اسم مستعار‪ ،‬وفي منع الغير من طرح‬
‫مصنفاته تحت اسم آخر‪.‬‬

‫‪ . 19‬سامر محمود الداللعة‪ ،‬اإلرهاص ات القانونية لتداعيات تأقيت الحماية القانونية للحق األدبي للمؤلف وفق أحكام اتفاقية برن لحماية المصنفات األدبية‪-‬دراسة مقارنة‪،-‬‬
‫ص‪.5‬‬
‫‪ . 20‬من ذلك المشرع المغربي الذي أكد في المادة التاسعة من قانون حق المؤلف والحقوق المجاورة رقم‪ 2.00‬كما عدل وتمم على أنه‪ ”:‬إن مؤلف المصنف‪ ،‬بصرف النظر‬
‫عن حقوقه المادية وحتى في حالة تخليه عنها‪ ،‬يمتلك الحق فيما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬أن يطالب بانتساب مصنفه له‪ ،‬وبالخصوص أن يوضع اسمه على جميع نسخ هذا المصنف في حدود اإلمكان وبالطريقة المألوفة ارتباطا مع كل استعمال عمومي‬
‫لهذا المصنف؛‬
‫‪ ‬أن يبقى اسمه مجهوال أو أن يستعمل اسما مستعارا؛‬
‫‪ ‬أن يعترض على كل تحريف أو بتر أو أي تغيير لمصنفه أوكل مس به من شأنه أن يلحق ضررا بشرفه أو بسمعته‪.‬‬
‫الحق في احترام المصنف‬ ‫‪‬‬

‫إذا كان الحق في احترام المصنف مالزم للحق في إشهار المصنف‪ ،‬فإذا كان هذا األخير يعكس حكما‬
‫شخصية المؤلف الذي له أن يحدد الوقت المناسب إلشهار عمله‪ ،‬فإن له الحق باإلضافة إلى ذلك في أن يصل‬
‫مصنفه إلى الجمهور وفقا للصورة التي أرادها ودون أي تشويه أو تغيير وإال امتنع عن إشهار المصنف‪.‬‬
‫الحق في سحب المصنف من التداول‬ ‫‪‬‬

‫يحدث في كثير من األحيان أن يقرر المؤلف بإتاحة مصنفه للجمهور للحكم عليه ويقوم بطرحه للتداول فعال‪،‬‬
‫عن طريق التعاقد بين ناشر أو منتج معين تنتقل إليه حقوق استغالل المالي‪ ،‬ثم يشعر من بعد ظهور المصنف‬
‫وتداوله بين أفراد المجتمع أن أفكاره التي عبر عنها قد تغيرت ولم يعد مصنفه مطابقا ألرائه ومعتقداته‪،‬‬
‫فيقوم بإجراء تعديالته عليه سواء بإضافة بعض األفكار أو حذف بعضها‪ ،‬أو يقوم بسحب المصنف من‬
‫التداول نظرا لما يترتب على استمرار تداوله من إساءة إلى سمعته ومكانته األدبية وذلك كله بإرادته‬
‫المنفردة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الحق المالي للمؤلف‬
‫أقرت اتفاقية برن للمؤلف بحقوق مالية إلى جانب الحقوق األدبية‪ ،‬بمقتضاها يكون للمؤلف حق استثمار‬
‫مصنفه‪ ،‬والحصول على مقابل من وراء نشره أو إذاعته أو استنساخه والسماح باستعماله‪ ،‬وقوام هذا الحق‬
‫أنه يتضمن عنصرا ماليا يفيد المؤلف فيما يدره عليه استغالل اإلنتاج األدبي أو الفني من ألرباح مادية أو‬
‫خيرا اقتصادية‪.21‬‬
‫وخولت هذه االتفاقية لصاحب المؤلف الحق االستئثاري في استغالل مصنفه‪ ،‬وذكرت على سبيل المثال ما‬
‫يشتمل عليه هذا الجانب من جوانب الملكية الفكرية من حقوق والتي تتمثل في‪:‬‬

‫حق الترجمة وحق إعادة النشر واستنساخ المصنف‬ ‫‪‬‬

‫إن ترجمة العمل إلى أي لغة أخرى هو حق من الحقوق المالية التي تعود لصاحب حق المؤلف ‪ ،‬وبالتالي فإن‬
‫ترجمة أي مصنف توجب االستحصال على إذن من مؤلفه‪ ،‬ما لم ذلك المصنف قد دخل في الملك العام‪،‬‬
‫والمصنف نتاج الترجمة يعتبر عمال محميا بصفته مصنفا أدبيا طالما كان مبتكرا وذلك بصريح المادة‪ 8‬من‬
‫اتفاقية برن التي جاء فيها ‪ ”:‬يتمتع مؤلفو المصنفات األدبية والفنية الذين تحميهم هذه االتفاقية بحق اشتئثاري‬
‫في ترجمة أو الصريح بترجمة مصنفاتهم طوال مدة حماية ما لهم من حقوق في المصنفات األصلية”‪.‬‬

‫كما يعود لصاحب حق المؤلف الحق في نسخ‪ 22‬وطبع وتسجيل وتصوير العمل بجميع الوسائل المتوفرة‬
‫بما فيها التصوير الفوتوغرافي أو السينمائي أو على أشرطة الفيديو واألسطوانات واألقراص المدمجة مهما‬
‫كان نوعها أو بأي طريقة أخرى كما تؤكد على ذلك المادة التاسعة‪”:‬يتمتع مؤلفو المصنفات األدبية والفنية‬

‫‪ . 21‬محمد محبوبي‪ ،‬مظاهر حماية حقوق الملكية الفكرية في ضوء التشريع المغربي‪ ،‬مطبعة المعارف الجديدة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،2015‬ص‪23‬‬
‫‪ . 22‬النسخ هو صنع نسخة أو أكثر من أي مصنف بأي طريقة أو بأي شكل كان بما في ذلك التسجيل الدائم أو المؤقت على أسطوانات او أشرطة أو أقراص أو‬
‫ذاكرة إلكترونية ‪.‬‬
‫الذين تحميهم هذ ه االتفاقية بحق استئثاري في التصريح بعمل نسخ من هذه المصنفات بأية طريقة وبأي شكل‬
‫كان”‪.‬‬
‫الحق في األداء العلني والتأجير والتوزيع‬ ‫‪‬‬

‫الحق في نقل المصنف إلى الجمهور يتمثل في وضع المصنف إلى الجمهور إما بصورة مباشرة‪ 23‬من خالل‬
‫األداء العلني وإما بصورة غير مباشرة‪ 24‬من خالل أجهزة اإلرسال ويجد هذا الحق اساسه في المادة ‪”:1/11‬‬
‫بتمثيل مصنفاتهم وأدائها علنا بما في ذلك التمثيل واألداء العلني بكل الوسائل أو الطرق”‪.‬‬

‫عالوة على ذلك فللمؤلف كامل الحق في توزيع وتأجير وإعارة مصنفه‪ ،‬ومعناه أن يكون للمؤلف الحق في‬
‫المشاركة في عائد استغالل مصنفه من عمليات التأجير‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬التدابير القانونية لحماية المصنفات األدبية والفنية في ضوء اتفاقية برن‪.‬‬
‫إن صيانة حقوق المبدعين ال يتأتى من خالل تكريس هذه الحقوق فقط ‪ ،‬بل ال بد من سن إجراءات قانونية‬
‫لفض النزاعات عن طريق تخويل القضاء صالحيات إنهاء االعتداءات التي قد حقوق المؤلفين(المطلب‬
‫الثاني)‪ ،‬لكن قبل ذلك ارتأينا تحديد نطاق تطبيق اتفاقية برن ومدة الحماية(المطلب األول)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬نطاق تطبيق اتفاقية برن‬


‫حددت اتفاقية برن نطاق تطبيق أحكامها من حيث األشخاص(الفقرة األولى) ومن حيث الزمان(الفقرة‬
‫الثانية)‪ ،‬فضال عن تحديدها مدة حماية المصنفات األدبية والفنية(الفقرة الثالثة)‬
‫الفقرة األولى‪ :‬من حيث األشخاص‬
‫لمعرفة النطاق الشخصي للحماية التي توفرها اتفاقية برن‪ ،‬ال بد من بيان المقصود بالمؤلف الذي يحمى‬
‫قانونا‪ ،‬بحيث ال يمكن ألي شخص أن يدعي بأنه مؤلف‪ ،‬ما لم ينطبق عليه صفة المؤلف وأن تتوفر فيه‬
‫صفات تدل على أنه قد ابتكر أو أبدع شيئا معينا أو مصنفا وكان هذا المصنف نتاج ذهنه وأصيال حتى يتمتع‬
‫بالحماية القانونية‪.‬‬

‫وقد تعددت التعريفات التي أعطيت فمنهم من قال بأنه‪ :‬الذي ابتكر األثر الفني محل الحق [في حين عرفه‬
‫البعض األخر بأنه كل من ينتج إنتاجا ذهنيا أو فكريا أيا كان نوعه وأيا كانت طريقة التعبير عنه أو أهميته أو‬
‫الغرض منه مادام اإلنتاج ينطوي على قدر معين من االتبكار‪.25‬‬

‫‪ . 23‬النقل المباشر ‪communication direct‬هو الذي يتم في مواجهة الجمهور‪ ،‬فال يوجد وسيط بينهما‪ ،‬كما هو حال الجمهور في مسرح لحضور عمل فني‬
‫أو موسيقي أو مسرح‪ ،‬إذ يكون الجمهور في هذه الحالة على تماس وتفاعل مع الفنان المؤدي أو الفنانين المؤدي الموجودين على خشبة المسرح‪ ،‬فالنقل‬
‫المباشر أو أداء العمل علنيا هو تنفيذ العمل عن طريق العرض أو العزف…‬
‫‪ . 24‬أما النقل غير المباشر ‪ communication indirect‬فيتم من خالل وضع المصنف في متناول الجمهور بواسطة أجهزة االتصال التي من شأنها أن‬
‫تشكل وسيطا بينهم‪ ،‬وسواء كان ذلك من خالل اإلرسال السلكي أو الالسلكي وسواء كان ذلك عن طريق الموجات الهرتزية او ما شابها‪.‬‬

‫‪ . 25‬إدريس الفاخوري‪ ،‬حقوق الملكية الفكرية في التشريع المغربي‪ ،‬طبعة‪ ،2020‬ص‪.37‬‬


‫ويتخذ التأليف صورا متعددة‪ ،‬فقد يكون مصنفا منفردا‪ ،‬فقد يكون مصنفا منفردا بحيث يكون المؤلف الملك‬
‫األصلي للمصنف‪ ،‬أو يكون مشتركا بين عدد من المؤلفين ويسمى بالمصنف المشترك‪ ،‬وقد يعملون تحت‬
‫إشراف وإدارة شخص طبيعي أو معنوي‪ ،‬حال المصنفات الجماعية‪.‬‬

‫فبالنسبة للمصنف المشترك ‪ [26‬فهو الذي ساهم في ابتكاره أكثر من مؤلف‪ ،‬سواء أمكن فصل مساهمة كل‬
‫منهم فيه أو لم يمكن‪ ،‬والذي ال يندرج ضمن المصنفات الجماعية‪ ،‬وعليه فالمصنف المشترك يوجب أن يكون‬
‫هناك إلهام مشترك بين المؤلفين‪ ،‬األمر الذي يحكم وجود عالقة وثيقة بالتعاون بين الشركاء بالتأليف على‬
‫أساس التنسيق والتشاور في المشاركة وتحديد المهام والمساهمات المطلوبة من كل منهم‪ ،‬وبصرف النظر‬
‫عما إذا كانت مساهمات الشركاء بالتأليف تتقدم بنفس الوتيرة أم بصورة متعاقبة‪ ،‬يكفي أن يكون االتفاق عليها‬
‫بالتشاور‪ ،‬ذلك أن المساهمات الفردية لكل من المؤلفين من شأنها أن تؤدي إلى إنجاز العمل المشترك‪.‬‬

‫إلى جانب المصنف الذي يقوم بتأليفه شخص بمفرده‪ ،‬توجد المصنفات الجماعية‪Œuvre collective 27‬التي‬
‫هي من إنجاز مجموعة من المؤلفين بإيعاز من شخص ذاتي أو معنوي يتولى نشره على مسؤوليته وباسمه‪،‬‬
‫وتكون المشاركة الشخصية لمختلف المؤلفين المسهمين في إبداع المصنف ذاتية في مجموع المصنف من‬
‫غير أن يتأتى تمييز مختلف اإلسهامات وتحديد أصحابها‪.‬‬
‫عالوة على هذه المصنفات‪ ،‬هناك العديد من المصنفات التي تبتكر في عالقة عمل‪ ،‬حيث يبتكر األجراء‬
‫المرتبطون بعقود عمل فردية مصنفات محمية في عرض عملهم‬
‫وتأسيسا على ما سبق فإن أحكام اتفاقية برن تسري وكما تقضي بذلك الفقرة األولى من المادة الثالثة على‪:‬‬

‫أ‪ -‬المؤلفين من رعايا إحدى دول االتحاد عن مصنفاتهم سواء كانت منشورة أم لم تكن‪.‬‬

‫ب‪ -‬المؤلفين من غير رعايا إحدى دول االتحاد‪ ،‬عن مصنفاتهم التي تنشر ألول مرة في إحدى دول االتحاد‬
‫أو في آن واحد في دولة خارج االتحاد وفي إحدى دول االتحاد‪.‬‬

‫وعليه يتمت ع المؤلفون‪ ،‬في دول االتحاد غير دولة منشأ المصنف‪ ،‬بالحقوق التي تخولها قوانين تلك الدول‬
‫حاليا أو قد تخولها مستقبال لرعاياها باإلضافة إلى الحقوق المقررة بصفة خاصة في هذه االتفاقية‪ ،‬وذلك‬
‫بالنسبة للمصنفات التي يتمتعون على أساسها بالحماية بمقتضى هذه االتفاقية وال يخضع التمتع أو ممارسة‬
‫هذه الحقوق ألي إجراء شكلي‪ ،‬فهذا التمتع وهذه الممارسة مستقالن عن وجود الحماية في دولة منشأ‬
‫المصنف‪.28‬‬

‫‪ . 26‬عرف المشرع المغربي المصنف المشترك بمقتضى الفقرة الرابعة من المادة األولى من القانون رقم‪ 2.00‬كما عدل وتمم بأنه‪ ”:‬كل مصنف أسهم في‬
‫إبداعه مؤلفان أو عدة مؤلفين‬
‫‪ . 27‬عرف المشرع المغربي المصنف الجماعي بمقتضى الفقرة السادسة من المادة األولى‪ ”:‬كل مصنف جديد يدمج فيه مصنف موجود من قبل ‪ ،‬دون تعاون‬
‫مع مؤلفه‪.‬‬
‫‪ . 28‬الفقرة األولى من المادة الخامسة من اتفاقية برن‪ -1 ”:‬يتمع المؤلفون‪ ،‬في دول االتحاد غير دولة منشأ المصنف‪ ،‬بالحقوق التي تخولها قوانين تلك الدول‬
‫حاليا أو قد تخولها مستقبال لرعاياها باإلضافة إلى الحقوق المقررة بصفة خاصة في هذه االتفاقية‪ ،‬وذلك بالنسبة للمصنفات التي يتمتعون على أساسها بالحماية‬
‫االتفاقية‪.‬‬ ‫هذه‬ ‫بمقتضى‬
‫‪ 2-‬ال يخضع التمتع أو ممارسة هذه الحقوق ألي إجراء شكلي‪ ،‬فهذا التمتع وهذه الممارسة مستقالن عن وجود الحماية في دولة منشأ المصنف‪ .‬تبعا لذلك‪ ،‬فإن‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬من حيث الزمان‬
‫أخذت اتفاقي ة برن بخصوص المصنفات التي تشملها الحماية المقررة بمقتضى بقاعدة األثر الفوري المباشر‬
‫وذلك بصريح المادة ‪ 18‬منها والتي تنص على أنه”‪:‬‬

‫تسري هذه االتفاقية على كل المصنفات التي ال تكون‪ ،‬عند دخول هذه االتفاقية حيز التنفيذ‪ ،‬قد سقطت بعد في‬
‫الملك العام لدولة المنشأ بانقضاء مدة الحماية‬
‫ومع ذلك‪ ،‬إذا سقط أحد المصنفات في الملك العام في الدولة المطلوب توفير الحماية فيها‪ ،‬نتيجة انقضاء مدة‬
‫الحماية السابق منحها له‪ ،‬فإن هذا المصنف ال يتمتع فيها بالحماية من جديد‪.‬‬

‫يجري تطبيق هذا المبدأ وفقا لألحكام التي تتضمنها االتفاقيات الخاصة المعقودة أو التي قد تعقد لهذا الغرض‬
‫فيما بين دول االتحاد‪ .‬وفي حالة عدم وجود مثل هذه األحكام‪ ،‬تحدد الدول المعنية‪ ،‬كل فيما يخصها‪،‬‬
‫الشروط الخاصة بتطبيق هذا المبدأ‬
‫تنطبق األحكام السابقة أيضا في حالة انضمام دول جديدة إلى االتحاد وكذلك في الحالة التي تمتد فيها الحماية‬
‫بالتطبيق للمادة ‪ 7‬أو بسبب التنازل عن التحفظات”‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬مدة الحماية للحقوق‬
‫من المعلوم أن المؤلف إذا علم أن مصنفه سوف يتمتع بالحماية القانونية لفترة زمنية محددة‪ ،‬سوف يكد‬
‫ويجتهد إلنتاج مصنفات كثيرة‪ ،‬من أجل المساهمة في إثراء وتنمية الجانب الثقافي داخل حدود وطنه‪ .‬ومن‬
‫ثم انعقد اإلجماع على ضرورة تحديد مدة زمنية لحماية حقوق المؤلف وحقوقه المجاورة األمر الذي ترتب‬
‫عنه ظهور العديد من االتجاهات التي يمكن على ضوئها تحديد مدة لسريان هذا الحق‪ ،‬ومن األمور التي‬
‫أجمع عليها معظم الفقه أن الحقوق األدبية والمالية يجب أن تدوم طوال مدة حياة المؤلف مهما امتد به العمر‬
‫كتعويض عادل يكافئ جهده الذهني ويمثل حافزا له‪ ،‬إال أن النقاش اختلف حول مدة حماية الحقوق األدبية‬
‫بعد وفاة المؤلف‪ ،‬بين قائل بانقضائها بوفاة المؤلف أو لمدة محددة بعد وفاته‪ ،‬وبين من يرى أن هذا النوع من‬
‫الحقوق ال يسقط بالتقادم أو بمضي المدة ويمثل هذا االتجاه العالمة الفرنسي “كانط” الذي يعتبر أول فقيه‬
‫اعترف بعدم قابلية الحق األبي للتقادم حي د خول الورثة بل وأفراد المجتمع الحق في الدفاع عن المصنف‬
‫بعد وفاة المؤلف‪.29‬‬

‫إال أن اتفاقية برن وإن شكلت أولى األسس التشريعية على المستوى الدولي التي وفرت الحماية القانونية‬
‫للحقوق األدبية والفنية‪ ،‬واعترفت بالطبيعة الخاصة للحقوق األدبية إعماال لألهمية التي تحظى بها تلك‬
‫الحقوق وانسجاما مع طبيعة الحقوق األدبية والفنية‪ ،‬فقد اتجهت نحو تأقيت الحماية القانونية للحقوق األدبية‬
‫على األعمال المحمية‪ ،‬وتتوج الفقرة الثانية من المادة السادسة مكررة من هذه االتفاقية هذا المقتضى حين‬
‫ذهبت إلى القول‪ ”:‬الحقوق الممنوحة للمؤلف بمقتضى الفقرة االولى السابقة تظل محفوظة بعد وفاته‪ ،‬وذلك‬
‫نطاق الحماية وكذلك وسائل الطعن المقررة للمؤلف لحماية حقوقه يحكمها تشريع الدولة المطلوب توفير الحماية فيها دون سواه‪ ،‬وذلك بصرف النظر عن‬
‫أحكام هذه االتفاقية‪..‬‬
‫‪ . 29‬أحمد بوراو ي‪ ،‬الحماية القانونية لحق المؤلف والحقوق المجاورة في التشريع الجزائري واالتفاقيات الدولية‪ ،‬أطروحة مقدمة لنيل درجة دكتوراه في العلوم‬
‫القانوني ‪ ،‬ص‪.194-193‬‬
‫على األقل إلى حين انقضاء الحقوق المالية‪ ،‬ويمارس هذه الحقوق األشخاص أو الهيئات المصرح لها من قبل‬
‫تشريع الدولة المطلوب توفير الحماية فيها‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن الدول التي ال يتضمن تشريعها المعمول به‪ ،‬عند‬
‫التصديق على هذه االتفاقية أو االنضمام إليها‪ ،‬نصوصا تكفل الحماية بعد وفاة المؤلف لكل الحقول‬
‫المنصوص عليها في الفقرة السابقة‪ ،‬يكون لها الحق في النص على أن بعض هذه الحقوق ال يحتفظ بها بعد‬
‫وفاة مؤلف”‪.‬‬

‫وخالفا للحقوق المعنوية التي تتمتع بحماية أبدية وال تسقط بمرور الزمن‪ ،‬فإن الحقوق المالية لها طابع‬
‫مؤقت‪ ،‬إذ أنها تسقط بعد انقضا ء مدة زمنية على وفاة المؤلف‪ ،‬فهذا األخير له وحده الحق في استغالل العمل‬
‫ماديا ويستفيد من هذا الحق ورثته من بعده لمدة معينة ومن ثم يدخل المصنف في الملك العام ويصبح بإمكان‬
‫أي شخص استعماله دون أن يكون ملزما بأي شيء‪ .‬إن الطابع المؤقت لهذا النوع من الحقوق تبرره‬
‫الضرورات العملية‪ ،‬إذ أنه لو كانت تلك الحقوق أبدية‪ ،‬لتعطلت عملية استغاللها في ظل األعداد الكبيرة‬
‫للورثة التي تتكاثر عبر األجيال‪ ،‬ذلك أنه من المتعذر حصرهم وقد يكون من المستحيل االستحصال على‬
‫موافقتهم جميعا من أجل استغالل المصنف‪ ،‬من هنا كان من الضروري ربط حماية الحقوق المالية على‬
‫المصنف بمدة زمنية معينة‪ ،‬أن الطابع المؤقت للحقوق المالية يجد مبرره في الطبيعة التقنية لبعض‬
‫المصنفات التي تصبح بعد فترة من الزمن غير ذات فعالية وال قيمة لها‪.30‬‬

‫على هذا المنوال سارت اتفاقية برن التي حددت مدة حماية المصنفات المشمولة بالحماية بوجه عام‪ ،‬حيث‬
‫تبقى قائمة طيلة حياة المؤلف مضافا إليها مدة زمنية تلي وفاته وهي خمسين سنة بعد وفاته وذلك بصريح‬
‫الفقرة األولى من المادة السابعة التي تنص على أن‪ ”:‬مدة الحماية التي تمنحها هذه االتفاقية تشمل مدة حياة‬
‫المؤلف وخمسين سنة بعد وفاته”‪.‬‬

‫هذا إن مدة الحماية المقررة للحقوق المالية تختلف أيضا باختالف طبيعة العمل‪ ،‬فبالنسبة للمصنفات السينمائية‬
‫يكون لدول االتحاد الحق في أن تنص على أن مدة الحماية تنتهي بمضي خمسين عاما على وضع المصنف‬
‫في متناول الجمهور بموافقة المؤلف‪ ،‬وفي حالة عدم تحقق مثل هذا الحدث خالل خمسين عاما من تاريخ‬
‫انجاز مثل هذا المصنف‪ ،‬فإن مدة الحماية تنقضي بمضي خمسين عاما على هذا االنجاز‪.‬‬

‫أما بالنسبة للمصنفات التي ال تحمل اسم المؤلف أو تحمل اسما مستعارا‪ ،‬فإن مدة الحماية التي تمنحها هذه‬
‫االتفاقية تنتهي بمضي خمسين سنة على وضع المصنف في متناول الجمهور بطريقة مشروعة‪ .‬ومع ذلك‪،‬‬
‫إذا كان االسم المستعار الذي يتخذه المؤلف ال يدع أي مجال للشك في تحديد شخصيته فإن مدة الحماية تكون‬
‫هي المنصوص عليها في الفقرة االولى وإذا كشف مؤلف مصنف يعوزه اسم المؤلف أو يحمل اسما مستعارا‬
‫عن شخصيته خالل المدة المذكورة أعاله‪ ،‬تكون مدة سريان الحماية هي المدة المنصوص عليها في الفقرة‬
‫االولى وال تلتزم دول االتحاد بحماية المصنفات التي ال تحمل اسم مؤلفها أو تحمل اسما مستعارا إذا كان‬
‫هناك سببا معقوال الفتراض أن مؤلفها قد توفي منذ خمسين سنة‪.‬‬

‫في حين حددت اتفاقية برن مدة الحماية بالنسبة لمصنفات التصوير الفوتوغرافي ومصنفات الفنون التطبيقية‬
‫فتختص تشريعات دول االتحاد بحق تحديد مدة حماية مصنفات التصوير الفوتوغرافي ومصنفات الفن‬

‫‪ . 30‬محمود عبد هللا‪ ،‬حق المؤلف في القوانين العربية ‪ ،‬ص‪.39‬‬


‫التطبيقي بالقدر الذي تتمتع فيه بالحماية كمصنفات فنية‪ .‬ومع ذلك فإن هذه المدة ال يمكن أن تقل عن خمس‬
‫وعشرين سنة تبدأ من تاريخ انجاز مثل هذا المصنف‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الحماية القضائية في إطار اتفاقية برن لحماية المصنفات األدبية و الفنية‪.‬‬
‫من التدابير المهمة التي أرستها اتفاقية برن لحماية المصنفات األدبية والفنية أنها خولت للمؤلفين إمكانية‬
‫اللجوء إلى القضاء للدفاع عن مصنفاتهم المحمية(الفقرة األولى)‪ ،‬وذلك من أجل زجر كل اعتداء أو مس‬
‫غير مشروع بحق المؤلف(الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬شروط المطالبة بالحماية القضائية‬
‫إن استخدام أي مصنف أو عمل مشمول بالحماية بصورة مشروعة هو اعتداء على حقوق المؤلف‪ ،‬ولكي‬
‫تكون حقوق هذا األخير محل حماية ال بد من توافر شروط وهي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬أن يكون المصنف محميا‬
‫إن المصنفات المحمية هي حكما من إبداعات العقل البشري‪ ،‬لذا البد من توفر شرط وحيد لكي يتمتع‬
‫المصنف بالحماية‪ ،‬وهو أن يكون العمل مبتكرا‪ ،‬فاإلبداع شرط أساسي وضروري لحماية أي مصنف أو‬
‫عمل‪ ،‬أو وفقا لما يرى البعض انه يشكل الصبغة الوراثية‪ ،ADN‬فبمجرد توفره يكتسب المصنف أو العمل‬
‫الحماية ويتولد للمؤلف‬
‫ثانيا‪ :‬أن ال يكون االستعمال المعني قد تم إعماال لقيد وارد على حقوق المؤلف‬
‫إذا كان المبدأ انه يعود لصاحب حق المؤلف وحده الحق االستئتاري في استغالل العمل ماديا وال يجوز للغير‬
‫الحصول على نسخة من غير إذن المؤلف‪ ،‬إال هذا الحق ليس مطلقا‪ ،‬إذ أن اتفاقية برن قد أوردت عدة‬
‫استثناءات التي يحرم فيها المؤلف من حق االعتراض على انتفاع غيره بمصنفه‪ ،‬ولو كان ذلك بغير‬
‫ترخيص منه كما هو الشأن بالنسبة‪:‬‬
‫االستعمال ألغراض شخصية‬ ‫‪‬‬

‫تنص الفقرة الثانية من المادة العاشرة من اتفاقية برن على انه‪ :‬تختص تشريعات دول االتحاد‪ ،‬واالتفاقات‬
‫الخاصة المعقودة أو التي قد تعقد فيما بينها‪ ،‬وفي حدود ما يبرره الغرض المنشود‪ ،‬بإباحة استعمال‬
‫المصنفات األدبية أو الفنية على سبيل التوضيح لألغراض التعليمية وذلك عن طريق النشرات واإلذاعات‬
‫الالسلكية والتسجيالت الصوتية أو البصرية بشرط أن يتفق مثل هذا االستخدام وحسن االستعمال‬
‫استعمال مقتطفات‬ ‫‪‬‬

‫يجوز لوسائل اإلعالم من غير موافقة المؤلف ومن غير دفع أي تعويض له وضمن الحدود اإلعالمية‬
‫المتعارف عليها استعمال مقتطفات قصيرة من األعمال التي ظهرت أو سمعت أثناء أحداث جارية ومن خالل‬
‫وصف وسائل اإلعالم لتلك األحداث شرط ذكر اسم المؤلف والمصدر‪[.31‬‬

‫االستنساخ ألغراض شخصية‬ ‫‪‬‬

‫تنص المادة التاسعة في فقرتها الثانية على أنه ‪ ”:‬تختص تشريعات دول االتحاد بحق السماح بعمل نسخ من‬
‫هذه المصنفات في بعض الحاالت الخاصة بشرط أال يتعارض عمل مثل هذه النسخ مع االستغالل العادي‬
‫للمصنف وأال يسبب ضررا بغير مبرر للمصالح المشروعة للمؤلف”‪.‬‬
‫غير أن االتفاقية أوجبت على دول االتحاد التي تضع قيودا على حماية حقوق المؤلفين طبقا ألحكام هذه‬
‫المادة‪ ،‬أن تخ طر ذلك إلى المدير العام للمنظمة العالمية للملكية الفكرية (ويشار إليه فيما بعد باسم “المدير‬
‫العام”) بموجب إعالن كتابي تحدد فيه الدول التي تقيد الحماية في مواجهتها وكذا القيود التي تخضع لها‬
‫حقوق المؤلفين من رعايا هذه الدول‪ .‬ويقوم المدير العام بإبالغ هذا اإلعالن في الحال إلى جميع دول‬
‫االتحاد‪.32‬‬
‫ثالثا‪ :‬الصفة‬
‫إذا كان للمؤلف وحده وفقا ألحكام اتفاقية برن الحق في أن ينسب إليه مصنفه وله حق استغالله ماليه‪ ،‬فال‬
‫يجوز للغير مباشرة هذا الحق دون إذن مسبق منه أو ممن يخلفه‪ ،‬وله أن يتنازل عن حق االستغالل لصالح‬
‫المتنازل إليه فتنتقل الحماية إلى هذا الغير الذي أصبح مالكا للحقوق‪ ،‬ويمارس الدعوى المدنية بدال من‬
‫المؤلف بمقتضى عقد أو اتفاق التنازل بخصوص الجانب المالي‪ ،‬أما الحقوق المعنوية فال يمكن مباشرتها من‬
‫مالك الحقوق ألنها غير قابلة للتنازل‪ ،‬وتظل تمارس من طرف المؤلف أو من يخلفه باعتباره بحقوق لصيقة‬
‫بالشخصية‪.‬‬
‫والواقع أن إثبات الصفة إجرائيا أمر ميسور في مجال الحقوق األدبية والفنية‪ ،‬بحيث يكفي إلثبات صفة‬
‫المؤلف‪ ،‬وهذا ما أكدته اتفاقية برن من خالل مقتضيات الفقرة األولى من المادة‪ 15‬منها”‪:‬لكي يعتبر أن‬
‫لمؤلفي المصنفات األدبية أو الفنية التي تحميها االتفاقية الحالية هذه الصفة ويكون لهم بالتالي حق المثول‬
‫أمام محاكم دول االتحاد ومقاضاة من يمس بحقوقهم‪ ،‬يكفي أن يظهر اسم المؤلف على المصنف بالطريقة‬
‫المعتادة‪ ،‬هذا ما لم يقم الدليل على عكس ذلك‪ .‬وتطبق هذه الفقرة حتى إذا كان االسم مستعارا‪ ،‬متى كان‬
‫االسم المستعار الذي يتخذه المؤلف ال يدع مجاال ألي شك في تحديد شخصيته‪.‬‬

‫أما فيما يتعلق بالمصنفات السينمائية فيفترض أن الشخص الطبيعي أو االعتباري الذي يظهر اسمه بالطريقة‬
‫المعتادة على مصنف سينمائي هو المنتج لهذا المصنف‪ ،‬هذا ما لم يقم الدليل على عكس ذلك‪.‬‬

‫‪ . 31‬الفقرة من المادة العاشرة من اتفاقية برن‪ ”:‬يجب عند استعمال المصنفات طبقا للفقرتين السابقتين من هذه المادة ذكر المصدر واسم المؤلف إذا كان واردا‬
‫به‪.‬‬
‫‪ . 32‬الفقرة الثالثة من المادة السادسة مكررة من اتفاقية برن‪.‬‬
‫وفي حالة المصنفات التي ال تحمل اسم المؤلف أو التي تحمل اسما مستعارا‪ ،‬يفترض أن الناشر الذي يظهر‬
‫اسمه على المصنف‪ ،‬وما لم يثبت عكس ذلك‪ ،‬بمثابة ممثل للمؤلف‪ ،‬وبهذه الصفة فإن له حق المحافظة على‬
‫حقوق المؤلف والدفاع عنها‪ .‬ويوقف سريان حكم هذه الفقرة عندما يكشف المؤلف عن شخصيته وثبت‬
‫صفته‪.‬‬

‫وأخيرا فبالنسبة للمصنفات غير المنشو رة والتي تكون شخصية مؤلفها مجهولة‪ ،‬مع وجود كل ما يدعو إلى‬
‫االعتقاد بأنه من مواطني إحدى دول االتحاد‪ ،‬فإن تشريع هذه الدولة يختص بحق تعيين السلطة المختصة‬
‫التي تقوم بتمثيل المؤلف ويكون لها حق المحافظة على حقوقه والدفاع عنها في دول االتحاد‪.33‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الحماية الجنائية في إطار اتفاقية برن‪.‬‬


‫تتخذ صور التعدي أشكاال متعددة ويأتي على رأسها جريمة التزوير واستيراد أو تصدير نسخ من دولة ال‬
‫يتمتع فيها المصنف بالحماية أو تكون قد توقفت فيها حمايته‪ ،‬هاتين الصورتين اللتين تناولتهما اتفاقية برن في‬
‫المادة ‪ 16‬المعنونة بالمصنفات المزورة‪،‬‬

‫وتعتبر جريمة التقليد من أبرز االعتداءات التي تشكل اعتداء على حقوق المؤلف‪ ،‬أما بالنسبة لتعريف هذه‬
‫الجريمة فلم تضع هذه االتفاقية تعريفا لجريمة التقليد لذلك اجتهد الفقه في تعريف هذه األخيرة‪ ،‬حيث عرفها‬
‫البعض بأنها‪ ”:‬كل اعتداء مباشر أو غير مباشر على حقوق التأليف في مصنفات الغير واجبة الحماية‪ ،‬في‬
‫حين عرفها بعض الفقه الفرنسي بأنها كل اعتداء يقع على الملكية األدبية والفنية‪ ،‬أو “هي كل تزييف‬
‫يستهدف منه الفاعل إحالل نموذج مفتعل محل النسخة األصلية‪ ،‬أو تقديم إنتاج الغير كما إنتاجا خاصا من‬
‫غير إذن مؤلفه ‪34‬وهناك أيضا من يعرفها بأنها‪ ”:‬نقل مصنف لم يسقط في الملك العام من غير إذن مؤلفه”‪.‬‬

‫وعليه ولقيام جريمة التقليد إذن يجب توافر ركنيين أساسيين هما‪:‬‬
‫الركن المادي‬ ‫‪‬‬

‫وهو الذي ينصب على تقليد وتزوير العمل اإلبداعي ذاته‪ ،‬من خالل عمل نسخ من المصنف‬
‫اإلبداعي األصلي بدون وجه حق‪ ،‬وبدون خروج النسخة األصلية من حيازة صاحب الحق عليها‪ ،‬فالركن‬
‫المادي إذن لهذه الجريمة يتجلى في طبع او صنع الشيء المقلد‪ ،‬حتى وإن لم يتم تداوله‪ ،‬أي محاكاة األصل‪،‬‬
‫وضابط ذلك هو مدى التشابه بين النسخة األصلية والنسخة المقلدة‪ ،‬وللسلطة المختصة السلطة التقديرية في‬
‫في تقدير وجود هذا التشابه من عدمه‪ ،‬مع األخذ بعين االعتبار أن هناك شرطا ضمنيا لتحقق جريمة التقليد‬
‫هو عدم موافقة صاحب الحق على هذا النسخ‪.‬‬
‫الركن المعنوي‬ ‫‪‬‬

‫يمتثل في القصد العام يتضمن العلم بجانب اإلرادة‪ ،‬والعلم هنا ينصرف إلى عناصر الواقعة المادية‪ ،‬أي يعلم‬
‫الجاني بما يقوم به من فعل تقليد‪ ،‬أو أن يتعامل فيه هو أو تسجيل صوتي أو برنامج إذاعي مقلد‪.‬‬
‫‪ . 33‬الفقرة الرابعة من المادة‪ 15‬من اتفاقية برن‬

‫‪ . 34‬سلوى جميل أحمد حسن‪ ،‬الحماية الجنائية للملكية الفكرية‪،‬مركز الدراسات العربية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،2016‬ص‪170‬‬
‫من خالل استقراء مقتضيات الفقرة األولى من المادة‪ 16‬يتضح أن يتضح أن جميع النسخ التي تم نشرها‬
‫بطرق غير قانونية كما في المادة‪ 3‬من نفس االتفاقية‪ ،‬يعتبر مساسا واعتداء على حق المؤلف‪ ،‬وأوكلت إلى‬
‫الجهة المختصة بمصادرة جميع النسخ المتأتية من التقليد أو االستغالل غير المشروع للمصنف المشمول‬
‫بالحماية‪ ،‬وذلك بصريح المادة المشار إليها أعاله والتي جاء فيها ما يلي ‪ ”:‬تكون جميع النسخ غير المشروعة‬
‫لمصنف محال للمصادرة في دول االتحاد التي يتمتع فيها المصنف األصلي بالحماية القانونية‪”.‬‬

‫والمصادرة باعتبارها من العقوبات التكميلية أو اإلضافية‪ ،‬تعني نزع ملكية األشياء التي حصلت نتيجة لجنحة‬
‫و جناية والغرض منها هو منع تداول األشياء غير المشروعة ‪،‬تطبق هذه العقوبة أيضا على النسخ الواردة‬
‫من دولة ال يتمتع فيها المصنف بالحماية أو تكون قد توقفت فيها حمايته‪ ،‬تجري المصادرة وفقا لتشريع كل‬
‫دولة ‪.35‬‬

‫‪. 35‬الفقرة الثالثة من المادة‪ 16‬من اتفاقية برن‪.‬‬


‫خاتمة‬
‫وفي الختام يمكن القول بأن اتفاقية برن التي اعتمدت سنة ‪ 1886‬تناولت حماية المصنفات وحقوق مؤلفيها‬
‫وأتاحت االتفاقية للمبدعين مثل المؤلفين والموسيقيين والشعراء والرسامين وما إلى ذلك سبل التحكم في‬
‫طريقة استخدام مصنفاتهم ومن يستخدمها وبأية شروط وحيت استندت االتفاقية إلى ثالثة مبادئ أساسية‬
‫والتي شمل مجموعة من األحكام المتعلقة بالحد األدنى للحماية الواجب منحها وبعض األحكام الخاصة التي‬
‫وضعت لمصلحة البلدان النامية التي ترغب في استخدامها‪.‬‬

‫ف بعد أن استقرت مبادئ الحماية األساسية لحماية حقوق المؤلفين على مصنفاتهم األدبية و الفنية فقد ظهرت‬
‫الحاجة إلى وضع ضوابط محددة و موحدة لتحقيق تلك الحماية على المستوى الدولي وفي ضوء الحداثة‬
‫النسبية لحماية الحقوق المعنوية و منها حقوق الملكية الذهنية على وجه الخصوص فإن أول تنسيق دولي لتلك‬
‫الحماية لم يبدأ إال مع التوقيع على اتفاقية برن في التاسع من سبتمبر عام ‪.1886‬‬

‫وقد تناولت اتفاقية برن حماية المصنفات وحقوق مؤلفيها‪ ،‬حيث تستند إلى ثالثة مبادئ أساسية وتشمل‬
‫مجموعة من األحكام المتعلقة بالحد األدنى للحماية الواجب منحها وبعض األحكام الخاصة التي وضعت‬
‫لمصلحة البلدان النامية وذلك لتعزيز الحماية الدولية في إطار االتفاقيات الخاصة لحماية المصنفات األدبية و‬
‫الفنية‪.‬‬
‫وتعتبر اتفاقية برن من أبرز االتفاقيات ذات الطابع الدولي في القرن‪ ،19‬ألنها أصبحت المصدر للقوانين‬
‫الوطنية‪ ،‬وقد شملت اتفاقية برن من خالل إطارها العام الذي جاءت فيه وكذا مضمون نصوصها أحكام عامة‬
‫وأساسية جعلتها تتميز وتساهم في بسط الحماية الدولية لحقوق الملكية الفكرية‪ ،‬فمن جهة‪ ،‬أولت اتفاقية برن‬
‫االعتراف للحقوق األدبية والفنية بالطبيعة القانونية الخاصة ومن جهة أخرى عملت على وضع مجموعة من‬
‫األحكام الخاصة التي تطبق على كل حق من حقوق الملكية الفكرية حسب طبيعته‪.‬‬
‫هذا و تجدر اإلشارة الى أن صيانة حقوق المبدعين ال يتأتى من خالل تكريس هذه الحقوق فقط‪ ،‬بل ال بد من‬
‫سن إجراءات قانونية لفض النزاعات عن طريق تخويل القضاء صالحيات إنهاء االعتداءات التي قد تمس‬
‫حقوق المؤلفين‪.‬‬
‫الئحة المراجع‬

‫محمد محبوبي‪" ،‬مظاهر حماية الملكية الفكرية في ضوء التشريع المغربي"‪ ،‬مطبعة المعارف الجديدة‬ ‫‪‬‬
‫الطبعة األولى سنة ‪.2015‬‬
‫وداد العيدوني‪ ،‬الحماية القانونية للملكية األدبية والفنية‪ ،‬مطبعة سيليكي األخوين طنجة‪ ،‬الطبعة‬ ‫‪‬‬
‫الثانية‪.2019‬‬
‫أحمد بوراري‪ ،‬الحماية القانونية لحق المؤلف والحقوق المجاورة في التشريع الجزائري واالتفاقيات‬ ‫‪‬‬
‫الدولية‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية باتنة‪.‬‬
‫محمود عبد هللا‪ ،‬حق المؤلف في القوانين العربية‪ ،‬المركز العربي للبحوث القانونية والثقافية بيروت‬ ‫‪‬‬
‫الطبعة األولى‪.2018‬‬
‫محمد سامي عبد الصادق‪ ،‬الوجيز في حقوق الملكية الفكرية‪ ،‬بدون ذكر المطبعة القاهرة‪ ،‬طبعة‪2002‬‬ ‫‪‬‬
‫‪.‬‬
‫سلوى جميل أحمد حسن‪ ،‬الحماية الجنائية للملكية الفكرية‪ ،‬مركز الدراسات العربية‪ ،‬الطبعة‬ ‫‪‬‬
‫األولى‪.2016‬‬
‫اتفاقية برن لحماية المصنفات األدبية و الفنية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫الفهرس‬

‫تقديم ‪2 ...........................................................................................................................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬االتفاقيات الخاصة بحماية المصنفات األدبية‪4 ....................................................... .‬‬
‫المطلب األول‪ :‬اتفاقية برن كإطار عام لحماية المصنفات األدبية والفنية‪4 ....................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬تعزيز التدابير الحمائية التفاقية برن‪9 .......................................................... .‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬التدابير القانونية لحماية المصنفات األدبية والفنية في ضوء اتفاقية برن‪14 ................. .‬‬
‫المطلب األول‪ :‬نطاق تطبيق اتفاقية برن ‪14 ........................................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الحماية القضائية في إطار اتفاقية برن لحماية المصنفات األدبية و الفنية‪18 ........... .‬‬
‫خاتمة ‪22 .......................................................................................................................‬‬
‫الئحة المراجع ‪23 .............................................................................................................‬‬

You might also like