You are on page 1of 19

‫الفصل الثاني‪ :‬أنواع دعوى الحيازة وإجراءاتها‬

‫نتحدث في هذا الفصل عن أنواع الحيازة في ''المبحث األول‪ ،‬ثم نتطرق إلى إجراءات‬
‫دعوى الحيازة وتحقيقها والحكم فيها في ''المبحث الثاني‪..‬‬
‫إذا اكتملت الحيازة فإنها تكون صحيحة وتؤدي إلى سقوط حق المحوز عليه‪ .‬وبذلك تعتبر‬
‫الحيازة دليال على تملك الحائز لما يحوزه‪ ،‬مادامت مستندة إلى حق شرعي ‪.‬ولم تكن نتيجة‬
‫غصب أو تعدد أو إكراه‪ ،‬وبذلك يصبح الحائز بمثابة المالك‪ ,‬يحق له التصرف فيما يحوز‬
‫تصرف المالك في ملكه بشتى أنواع التصرفات‪ ،‬وهكذا فقد وضع القانون لحماية حيازة‬
‫الحائز دعوى الحيازة فماهي أنواع هذه الدعوى ''المبحث األول''‬
‫وماهي إجراءات رفعها والحكم فيها المبحث الثاني‬
‫المبحث األول‪ :‬أنواع دعوى الحيازة‬
‫دعوى الحيازة ثالثة أنواع‪ 1‬هي‪ :‬دعوى منع التعرض ودعوى استرداد الحيازة ودعوى‬
‫وقف األعمال الجديدة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫المطلب األول‪ :‬دعوى منع التعرض‬
‫دعوى منع التعرض هي أهم دعاوى الحيازة‪ ،‬ويصفها الشراح بأنها دعوى الحيازة العادية‪.‬‬
‫بمعنى أنها ترفع في كل صور التعرض للحيازة‪ .‬أما دعاوى الحيازة األخرى فال ترفع إال‬
‫في صورة خاصة من التعرض ومن ثمة فهي دعوى الحيازة الرئيسية ألنها تحمي الحيازة‬
‫في ذاتها والحيازة فيها هي الحيازة األصلية ولبست العرضية‪.3‬‬
‫ولفهم أحكام هذه الدعوى ‪ ،‬نتطرق ألشخاصها (الفقرة األولى) ثم موضوعها وسببها (الفقرة‬
‫الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬أشخاص دعوى منع التعرض‬
‫أشخاص هذه الدعوى هما الحائز وهو المدعي الذي يرفع الدعوى (أوال) والمعنوي وهو‬
‫المدعي عليه الذي يتعرض للمدعي في حيازته (ثانيا)‪.‬‬
‫‪ - 1‬إن جل التشريعات نذكر دعوى الحيازة في قانون المسطرة المدنية‪ ،‬وفيما يتم شرح أحكامها وذلك أقسامها في ضوء شرح قواعد‬
‫المسطرة المدنية‪ ،‬ألنواعها الثالثة‪ ،‬وهذا ما فعله المشرع المغربي (من ‪ 166‬إلى ‪ )170‬والتونسي‪ ،‬أما البعض اآلخر فيذكرها في‬
‫القانون المدني‪ .‬كما فعل المشرع المصري في الفصل ‪ 949‬وما بعده ‪.‬‬
‫‪ - 2‬يقصد بها تلك الدعوى التي يرفعها‪ V‬حائز العقار لحماية حيازته من التعرض لها تعرضا ماديا أو قانونيا يتضمن إنكار حيازة‬
‫الحائز أو منازعته فيها‪ ،‬وإزالة آثار هذا التعرض عند االقتضاء ‪ ،‬ومثال ذلك أن يزرع شخص في أرض يحوزها الغير‪ ،‬أو يفتح‬
‫صاحب عقار نافذة على عقار مجاور دون التقيد بالمسافة‪ V‬القانونية بحجة أن له ارتقاقا بالمطل على هذا العقار‪ -‬فحائز األرض التي‬
‫زرعها الغير أو حائز العقار الذي فتح مالك العقار المجاور مطال عليه يستطيع اللجوء إلى دعوى منع التعرض ليجبر الزارع على‬
‫رقع يده على األرض التي زرعها أو ليجبر الجار على سد المطل الذي فتحه دون وجه حق‪.‬‬
‫‪ - 3‬مصطفى مجدي مرجة‪ :‬الجديد في الحيازة وفقا ألحدث التعديالت ‪ :‬دار محمود النشر والتوزيع ‪ ،‬باقي البيانات غير مذكورة ‪،‬‬
‫ص‪.270:‬‬
‫‪1‬‬
‫أوال ‪ :‬المدعي في دعوى منع التعرض‬
‫هو الحائز للعقار ويمكن أن يكون مالكا وهذا أمر طبيعي كما يمكن أن ال يكون مالكا‪ .‬وفي‬
‫هذه الحالة تقوم الحيازة على وضع مادي مستقل عن السند القانوني‪ ،‬الذي يعتمده واقع اليد‬
‫أساسا إلثبات حقه‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫وال فرق بين أن يكون الحائز صاحب حق مفرز أو صاحب حق على الشياع‪.‬‬
‫كما أن المدعي في دعوى منع التعرض يجب عليه أن يثبت خالفا لدعوى استرداد الحيازة‬
‫أن حيازته أصلية ال حيازة عرضية‪ 5‬أي أنه يحوز لحساب نفسه ال لحساب غيره فال يجوز‬
‫إذا وقع تعرض على حق الملكية أن يدفعه بدعوى منع التعرض مالم يكن حائزا لحق‬
‫الملكية لحساب نفسه‪.‬‬
‫وال يشترط لرفع دعوى منع التعرض أن يكون الحائز حسن‪ ،‬فله رفع هذه الدعوى حتى‬
‫ولو كان سيء النية‪ ،‬والمدعي يرفع دعوى منع التعرض‪ ،‬يجب أن يقع تعرض للحائز في‬
‫حيازته وقد يكون هذا التعرض ماديا‪ 6‬أو قانوني‪ 7‬ولذلك قضت محكمة النقض المصرية بأنه‬
‫يعتبر التعرض أساسا لرفع دعوى منع التعرض‪ ،‬والمقصود به‪ ،‬كل ما يوجه إلى واضع‬
‫اليد‪ -‬الحائز من أعمال مادية أو تصرفات قانونية تتضمن تعرضا لحيازته‪.8‬‬
‫ثم إنه يجب على المدعي أن يرفع الدعوى خالل سنة من وقت التعرض قانونيا أو ماديا‪.‬‬
‫فإذا لم ترفع الدعوى خالل هذه المدة لم تعد مقبولة‪ 9‬لإلعتبارين‪:‬‬
‫‪-‬أن وضع يد الغاصب مدة سنة وضعا هادئا مقرونا بنية التملك بشتى حيازة جديدة ينتج‬
‫عنها زوال الحيازة واضع اليد السابق‪.‬‬
‫‪10‬‬
‫‪-‬ان التراضي‪ V‬في رفع الدعوى طوال هذه المدة يفترض أن التعرض ليس خطيرا‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬المدعى عليه في دعوى منع التعرض‬

‫‪ - 4‬نقص مدني ‪ ،16/04/197‬طعن رقم ‪ 711‬لسنة ‪ 46‬قضائية أورده مصطفى مجدي هرجة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.253 :‬‬
‫‪ - 5‬ينفصل الكالم حول هذه النقطة الحقا في معرض حديثا عن دعوى استرداد الحيازة‪.‬‬
‫‪ - 6‬يقصد بالتعرض المادي‪ ،‬عمل من أعمال التعدي يقع على حيازة المدعي عمن يمر في أرض في حيازة المدعي دون إذنه ويدعي‬
‫أن له حق ارتقاق بالمرور‪.‬‬
‫‪ - 7‬التعرض القانوني هو كل تصرف قانوني يصدر عن المتعرض للحيازة وهو المدعى عليه من شأنه معارضة الحائز حيازته‪ .‬أي‬
‫ذلك اإلجراء القانوني الموجه إلى واضع اليد على أساس حق يتعارض مع حق واضع اليد‪.‬‬
‫‪ - 8‬الطعن رقم ‪ 104‬جلسة ‪ 28/11/1982‬ذكره سليم منصور الضوي‪ '':‬الحيازة والحائز''‬
‫دار مصر دار السماح ‪.‬باقي البيانات غير مذكورة ص‪.279 :‬‬
‫‪ - 9‬المجلس األعلى ‪ ،‬قرار عدد ‪304‬ـ‪ ،‬صادر بتاريخ ‪ .19/05/1989‬ملف اجتماعي عدد ‪ ،87284‬منشور بمجلة المحاكم‪V‬‬
‫المغربي عدد ‪ ،37‬ص‪.87:‬‬
‫‪ - 10‬رودة عمر‪ ،‬محاضرات ألقيت على طلبة السنة الثانية‪ ،‬الدفعة ‪ 12‬المعهد للقضاء ‪ ،‬الجزائر ‪ ،‬السنة ‪.2003-2002‬‬
‫‪2‬‬
‫المدعى عليه هو الشخص الذي يتعرض للمدعي في حيازته والتعرض الصادر من المدعى‬
‫عليه قد يكون تصرفا قانونيا وقد يكون عمال ماديا‪ .‬وقد ينجم عن أشغال عامة أو أشغال‬
‫خاصة‪.‬‬
‫واألصل أن دعوى منع التعرض ترفع ضد المدعى عليه نفسه الذي صدر منه التعرض‪،‬‬
‫‪11‬‬
‫وقد ترفع ضد الغير ولو كان حسن النية‪.‬‬
‫فكل عمل مادي أو تعرض قانوني سواء مباشر أو غير مباشر يأتيهن يعتبر تعديا‬
‫يسمح برفع دعوى منع التعرض‪ .‬كما لو دخل المدعى عليه أرض المدعي دون إدنه بل قد‬
‫يصل التعرض إلى حد إخراج المدعي من أرضه وسلب حيازته ويبقى األمر مع ذلك في‬
‫نطاق دعوى منع التعرض ال في نطاق دعوى استرداد الحيازة التي تقتضي سلب الحيازة‬
‫‪12‬‬
‫بالقوة والغصب أو الخفية‪.‬‬
‫والتعرض الصادر من المدعى عليه يجب ان يكون غير قائم على أسا حق ثابت له فإنه‬
‫يقضي عليه مع ذل يمنع التعرض‪ .‬ودعوى منع التعرض إنما تحمي الحيازة في ذاتها متى‬
‫كانت ثابت بصرف النظر عما إذا كان للحائز حق يستند إليه في حيازته أو ليس له هذا‬
‫‪13‬‬
‫الحق‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬موضوع سبب دعوى منع التعرض‬
‫أوال ‪ :‬موضوع دعوى منع التعرض‬
‫يكون موضوع دعوى منع التعرض بإزالة األعمال التي تمت ويستوي أن يكون األعمال قد‬
‫تمت في عقار المدعي أو المدعى عليه ‪ ،‬فإذا قام شخص مثال بالبناء على مسافة أقل من‬
‫مترين انطالقا من الحد الفاصل بين الملكيتين‪ ،‬فيكون‪ ،‬التعرض بغلق المطالت وترك‬
‫المسافة القانونية‪.‬‬
‫ويجب تعيين موضوع الدعوى تعيينا نافيا للجهالة‪ ،‬بأن بين المدعي نوع هذه األعمال التي‬
‫أصبحت تشكل تعرضا للحيازة فإذا كان مصدره عمال ماديا وجب وصف هذا العمل وتحديد‬
‫طبيعته‪ ،‬وإذا كان تصرفا قانونيا وجب كذلك ومن هذا فيما إذا كان إنذار أو دعوى قضائية‬
‫أو تصرفا ناقال للملكية‪.‬‬
‫ال يجوز كذلك ان يرفع المدعي دعوى منع التعرض بغرض تنفيذ عقد يربط بين المدعي‬
‫والمدعى عليه وهنا يجب ان ترفع دعوى العقد وليس دعوى منع التعرض‪ ،‬فإذا تعرض‬

‫‪ - 11‬عبد الرزاق أحمد السنهوري‪ :‬مرجع سابق‪.‬‬


‫‪ - 12‬إدريس السماحي‪ :‬محاضرات في القانون المدني‪ ،‬الحقوق العينية ونظام التحفيظ العقاري‪ ،‬جامعة‪ V‬المولى إسماعيل‪ ،‬مكناس‪،‬‬
‫موسم ‪.2002-2003‬‬
‫‪ 13‬أنظر د‪.‬سمام محمد محمود زهران‪ ،‬الحققو العينية األصلية‪ ،‬حق الملكية ‪ ،‬مطبعة دار الجامعة الجديدة ‪ ،2007‬ص‪.94:‬‬
‫‪3‬‬
‫القاضي الذي رفعت أمامه دعوى منع التعرض‪ ،‬إلى موضوع الحق الناشئ من العقد لكي‬
‫يلزم المدعى عليه به فهنا نكون أمام جمع بين دعوى الحيازة ودعوى موضوع الحق‪.‬‬
‫ولذلك‪ ،‬قضي في فرنسا أنه ال يجوز االلتجاء إلى دعوى منع التعرض‪ ،‬إذا قطعت شركة‬
‫الكهرباء والغار عن المشترك للكهرباء أو الغاز لوجود عقد بين الشركة والمشترك‪ ،‬هو‬
‫الذي يحكم العالقة بين الطرفين‪.‬‬
‫فمن واجب القاضي عند الفصل في دعوى منع التعرض‪ ،‬أن يبحث في طبيعة وضع اليد‬
‫وكذا شروطه‪ ،‬كما له أن يبحث في ماهية التعرض وتاريخ نشوءه‪.‬‬
‫وللمدعي الحق في أن يكيف دعواه سواء من جهة الشكل أو من جهة الموضوع‪ ،‬بحسب ما‬
‫يرى وحقه في أن يكيف دعواه سواء من جهة الشكل أو من جهة الموضوع‪ V‬بحسب ما يرى‬
‫وحقه في ذلك يقابله حق المدعى عليه في كشف خطأ هذا التكييف‪ ،‬والقاضي يهيمن على‬
‫هذا وذلك من حيث انطباق هذا التكييف على الواقع وأال يتقيد بتكيف المدعي للحق الذي‬
‫يطالب به‪ ،‬بل عليه أنه يبحث في طبيعة هذا الحق ليرى ما إذا كان التكييف صحيحا على‬
‫الواقع وأال يتقد بتكيف المدعي للحق الذي يطالب به‪ ،‬بل عليه أنه يبحث في طبيعة هذا‬
‫‪14‬‬
‫الحق ليرى ما إذا كان التكيف صحيحا قانونيا أم غير صحيح‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬سبب دعوى منع التعرض‬
‫يتمثل بسبب هذه الدعوى في االعتداء الحاصل على حيازة المدعي ويكون مصدر هذا‬
‫االعتداء إما تعرضا ماديا‪ ،‬أو تصرفا قانونيا أوتعرضا ناجما عن أشغال عامة أو خاصة‪.15‬‬
‫ويجب على المدعي أن يثبت حيازته للعقار وأن تكون هذه الحيازة أصلية ال عرضية‪ ،‬وأن‬
‫يحدد سبب الدعوى وذلك بتحديد نوع االعتداء ما إذا كان مصدره تعرضا ماديا أو تصرفا‬
‫قانونيا‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أنه ال يشترط في التعرض كسبب لرفع دعوى منع التعرض الصادر‬
‫عن المدعى عليه أن يلحق ضررا بالمدعى بل المهم أن يتضمن التعرض ادعاءا يعارض به‬
‫المدعي عليه حيازة المدعي‪ ،‬فمجرد حدوث ضرر للمدعي دون معارضة في حيازته‪ ،‬ال‬
‫يشكل تعرض يؤدي إلى رفع دعوى منع وإنما يؤدي إلى رفع دعوى التعويض‪.‬‬
‫وعليه يكفي أن يعارض المدعى عليه حق المدعي في الحيازة ليكون هناك تعرض واقع من‬
‫المدعى عليه‪ ،‬فال يشترط أن يكون التعرض قد ألحق ضرر بالمدعي أو أن يكون‪ ،‬ظاهرا‬

‫‪- 14‬عبد الرزاق أحمد السنهوري‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.1275‬‬


‫‪ - 15‬سلم منصور الضوي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.297:‬‬
‫الطعن رقم ‪ 2‬جلسة ‪ 09/04/1984‬ذكره عبد هللا بشرى ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.53‬‬
‫‪4‬‬
‫أو حصل علنا‪ ،‬وإنما يكفي أن يعلم به المدعي حتى يبدأ ميعاد السنة التي يجوز له رفع‬
‫الدعوى خاللها‪.16‬‬
‫كما ال يشترط أن يكون التعرض غير قائم على أساس حق ثابت للمدعى عليه‪ ،‬فحتى لو‬
‫كان المدعي يستند في تعرضه إلى حق ثابت له فإنه من حق المدعي اللجوء إلى دعوى منع‬
‫التعرض‪ ،‬ألن القاضي الذي يفصل في الحيازة يحمي الحيازة ذاتها وال شأن له بموضوع‬
‫الحق‪ ،‬وألن القانون يحمي الحيازة كونها قرينة على الملكية لغابة إثبات العكس‪.‬‬
‫كما ال يشترط أن تكون أعمال التعرض وقعت في العقار الذي يحوزه المدعى عليه أو في‬
‫عقار يحوزه الغير ألن العبرة في أعمال التعرض أن نشكل إداء يعارض حق المدعي في‬
‫الحيازة‪.‬‬
‫وأخيرا ال يشترط أن تقع أعمال التعرض القوة أو العنف فقد تقع خلسة خفية‪ 17‬عن المدعي‬
‫ومع ذلك تشكل تعرضا لحيازة األخير يحوز له دفعه بدعوى منع التعرض‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬دعوى إستراد ‪ 18‬الحيازة ودعوى وقف األعمال الجديدة‬
‫إن حماية الحيازة هو األسلوب الطبيعي الذي تتحقق من خالله ضمانات تحقيق العدالة‪،‬‬
‫وتأكيد االستقرار الكافي للمراكز القانونية‪ ،‬ودعوى اإلستراد على غرار باقي الدعاوى‬
‫يظهر جليا هذا الدور‪ .‬ويقصد بها تلك الدعوى التي يرفعها الحائز للعقار ضد من انتزع منه‬
‫الحيازة أو من خلفه وإن كان حسن النية خالل سنة من وقت فقد الحيازة أو العلم يفقدها‬
‫يطلب منها استرداد حيازة العقار التي سلبها منه بالقوة والغصب‪V.‬‬
‫بينما دعوى وفق األعمال الجديدة هي دعوى يتمسك فيها المدعي بحيازته القانونية التي‬
‫تصدها أعمال جديدة تقوم بها المدعى عليه من شأنها‪ .‬لو تمت أن تمس حيازته طالبا الحكم‬
‫بوقف األعمال أي أنها تحمي الحيازة القانونية من خطر يمددها لم يقع فعال‪ .‬أي تقوم على‬
‫مصلحة محتملة فهي دعوى وقائية تهدف إلى درء خطر ممكن الوقوع مستقبال‪.‬‬
‫وسنحاول فيما يأتي عرض أشخاص دعوى إسترداد الحيازة (الفقرة األولى ) ثم أشخاص‬
‫دعوى وفق األعمال الجديدة‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬أشخاص دعوى استرداد الحيازة‬

‫‪ - 16‬فدري عبد الفتاح الشهاوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.74‬‬


‫‪ - 17‬طعن رقم ‪ 32‬جلسة ‪ 27/10/1932‬ذكره عز الدين الدنا صوري‪ ،‬وحامد عكاز ‪ ،‬م‪.‬س‪172 ،‬‬
‫‪ - 18‬تجدر اإلشارة إلى أن الفرق بين دعوى استرداد الحيازة وبين كل دعوى منع التعرض ووفق األعمال الجديدة‪ ،‬أنها تحمي الحيازة‬
‫ولو كانت عرضية وحتى ولو لم نستمر سنة واحدة‬
‫‪5‬‬
‫نقصد بأشخاص هذه الدعوى المدعي (أوال) والمدعي عليه (ثانيا)‬
‫‪19‬‬
‫أوال ‪ :‬المدعي في دعوى استرداد الحيازة‬
‫المدعي في دعوى استرداد الحيازة هو الحائز للعقار حيازة مادية حالية‪ ،‬ومعنى كونها‬
‫مادية أن يثبت المدعي في هذه الدعوى أن يده كانت متصلة بالعقار اتصاال فعليا‪ ،‬يجعله‬
‫تحت تصرفه المباشر‪ ،‬ومعنى حالية أي حال وقوع الغصب أي وقت الحيازة‪ ،‬وهذا الحائز‬
‫عليه أن يثبت أيضا أن حيازته هادئة ظاهرة‪.20‬‬
‫ألن الغرض من الدعوى المحافظة على النظام العام‪ ،‬فال يتصور أن يحمي المشرع حائزا‬
‫حصل على حيازته بالقوة والعنف ويحتفظ بها كذلك أيا كان نوع اإلكراه الذي اكتسب به‬
‫حيازته‪ ،‬ماديا أو أدبيا‪ ،‬وتصبح هادئة متى زال اإلكراه ‪.‬‬
‫‪21‬‬
‫كما أنه يجب على الحائز أن يثبت أن حيازته قد استمرت سنة دون إنقطاع قبل سلبها‪.‬‬
‫وبإثباته لكل م سبق يكون الحائز قد أثبت صفته في الدعوى ‪ .‬وليس ضروريا أن يكون‬
‫المدعي في دعوى استرداد حائزا أصليا‪ ،‬أي حائز لحساب نفسه فيجوز أن يكون الحائز‬
‫العرضي أي لحساب غيره‪ ،‬مدعيا في هذه الدعوى ‪ ،‬ويطالب باسترداد حيازته‪.‬‬
‫ومما سبق يتضح لنا جليا أن المدعي في هذه الدعوى هو واضع اليد على العقار أي‬
‫صاحب الحيازة المادية‪ ،‬وهذا ال يكفي لرفع هذه الدعوى‪ ،‬إذ يجب أن يقع سلب الحيازة من‬
‫المدعي أي اعتداء إيجابي يقع على حيازته يحرمه من اإلنتفاع بها‪ ،‬وعلى المدعي أن يثبت‬
‫أنه وقت الغصب كانت له حيازة مادية‪ ،‬وأن يثبت العدوان الذي وقع على حيازته فسلبه‬
‫إياها والذي يبرر حقه في الدفاع الشرعي‪.‬‬
‫هذا وال يجوز للمدعي رفع هذه الدعوى إذا كان مرتبطا مع المدعى عليه بعقد وكان انتزاع‬
‫الحيازة يدخل في نطاق العقد‪ ،‬الن الواجب في هذه الحالة اللجوء إلى دعوى العقد إللزام‬
‫المدعى عليه بمراعاة شروط العقد‪ ،‬وعلى هذا األساس قضت محكمة النقض الفرنسية بأن‬
‫'' االلتجاء إلى دعوى العقد ال إلى دعوى الحيازة محله أن يكون رافعه الدعوى مرتبطا مع‬
‫المدعى عليه فيها بعقد ويكون انتزاع الحيازة داخال في نطاق هذا العقد وإذا كان الثابت من‬
‫الحكم المطعون فيه أن المطعون عليه األخير المستأجر الذي انتقلت إليه من المالكين حيازة‬
‫‪- 19‬لفهم ماهية المدعي في دعوى استرداد الحيازة‪ ،‬أنظر على الخصوص‪.‬‬
‫‪ -‬مصطفى محدي هرجة‪ :‬التنظيم القانوني الجديد لمنازعات الحيازة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪327 :‬‬
‫‪ -‬سليم منصور الضوي‪ :‬المرجع السابق ص‪28 :‬‬
‫‪ - 20‬نقض مدني مصري ‪ ،09/01/1964‬ذكره مصطفى مجدي هرجة‪ ،‬الجديد في الحيازة وفقا ألحدث التعديالت''‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫ص‪.320:‬‬
‫‪- 21‬واستثناء أجاز المشرع المصري بموجب المادة ‪ 959‬من القانون المدني للحائز أن يرفع هذه الدعوى ولو م تدم حيازته في‬
‫حالتين هما‪:‬‬
‫إذا فقد حيازته بالقوة‬
‫إذا كان الحائز يستردها من شخص ال يستند إلى حيازة أحق بالتفصيل‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫الشقة المغتضبة ال تربطه بالمطعون عليها األولى التي سلبت حيازتها أية عالقة تعاقدية‪،‬‬
‫‪22‬‬
‫فإنه يحوز لها من تم اللجوء إلى دعوى الحيازة‬
‫وبإثبات المدعي لحيازته وللعدوان الواقع عليها والذي يعد بدوره واقعة مادية يجوز إثباتها‬
‫بكل وسائل اإلثبات ‪ ،‬يكون قد أثبت صفته‪ 23‬ومصلحته في الدعوى‪.‬‬
‫وأخيرا على الحائز أن يثبت أنه قد رفع دعواه في اآلجال القانونية أي خالل سنة من وقت‬
‫انتزاع الحيازة من الحائز إذا كان بالقوة أو الغصب عالنية‪ ،‬وإذا كان انتزاع الحيازة وقع‬
‫خلسة دون أن يعلم به الحائز فالسنة تسري من وقت إكتشاف الحائز النتزاع حيازته‪.‬‬
‫ومدة السنة مدة سقوط التقادم‪ 24‬فإذا لم ترفع دعوى استرداد الحيازة خاللها لم يجز رفعها‬
‫من بعد انقضائها وال تقبل إن رفعت وألن المدة مدة سقوط فه تسري على غير كاملي‬
‫األهلية من قاصر ومحجور عليه وعلى الغائب وال تتوقف وال تنقطع وفوات األجل في رفع‬
‫الدعوى يؤدي إلى انقضاء الحق فيها‪.‬‬
‫وجملة القول أن المدعي في دعوى االسترداد عليه أن يثبت في دعواه كل بحيازته‪ ،25‬بل‬
‫يعرض الوقائع عرضا يسمح للقاضي باستخراجها‪ ،‬فإن طلب هذا المدعي في عريضته منع‬
‫التعرض واستظهرت المحكمة قيام عناصر دعوى االسترداد من وقائعه اعتبرت الدعوى‬
‫استردادا وفصلت فيها المحكمة دون أن تكون قد أخطأت ألن التكييف القانوني أوال وأخيرا‬
‫منوط بالقاضي وهو ملزم بإعطاء التكييف القانوني الصحيح‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬المدعى عليه في دعوى استرداد الحيازة‬
‫‪26‬‬
‫هو الشخص الذي انتزع الحيازة من الحائز بالقوة أو الغصب علنا أو خفية‪.‬‬
‫أي الذي يقوم بعمل عدواني يسلب به الحيازة‪ ،‬وال يشترط أن يكون غير مشروع جنائيا بل‬
‫يكفي أن يكون غير مشروع مدنيا‪ ،‬لكن يجب أن يكون العمل العدواني وقع على العقار‬
‫وانتهى إلى سلب الحيازة‪.‬‬
‫وال يلزم أن يكون المدعى عليه الذي ارتكب العمل العدواني سيء النية فقد يكون حسن النية‬
‫كأن يكون معتقدا بأنه مالك العقار‪.‬‬

‫‪ - 22‬نقض فرنسي بتاريخ ‪ ، 01/02/1922‬أورده السيد عبد الوهاب عرفة في الحيازة المدينة وحمايتها الجنائية ‪ ،‬ص ‪.106‬‬
‫‪- 23‬يقصد بالصفة تلك العالقة المخولة لرافع الدعوى من أجل عرض قضيته على المحكمة‪ ،‬وإبداء دفاعه فيها‪.‬‬
‫‪ - 24‬محكمة النقض المصرية في الطعن ‪ 53/ 2008‬جلسة ‪ ،25/12/1990‬ذكره السيد عبد الوهاب عرفة ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪:‬‬
‫‪.110‬‬
‫‪ - 25‬قرار عدد ‪ 433‬بتاريخ ‪ 0213/89‬ملف مدني عدد ‪ 2543/86‬مجلة قضاء المجلس األعلى (محكمة النقض) عدد‪ ،46‬ص‬
‫‪.93‬‬
‫‪ - 26‬إذ أنه ال يشترط في الغصب أن يكون الحائز محل اعتداء‪ .‬إذ يكفي توجيهه إلى العقار كاالستيالء خلسة‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫وإذا انتقلت حيازة العقار المغتصب‪ V‬من المغتصب إلى الغير‪ ،‬سواء كان هذا الغير خلفا عاما‬
‫كالوارث أو خاصا كالمشتري فإن هذا الذي خلف المغتصب والذي انتقلت إليه الحيازة هو‬
‫المدعى عليه ف دعوى استرداد الحيازة ويستطيع المدعي أن يسترد منه حيازة العقار بهذه‬
‫الدعوى ‪ ،‬وإن كان حسن النية ال يعلم بأن سلفه قد اغتصب الحيازة‪.‬‬
‫وال يهم أن يكون المدعى عليه شخص طبيعي فقد يكون شخصا معنويا ولكن جب أن يكون‬
‫العمل الذي صدر منه عمال عدوانيا يعكر السلم االجتماعي ويخل باألمن من العام بصرف‬
‫النظر عن طريقة العدوان بالقوة أو الخداع علنا أو خلسة‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬أشخاص دعوى وفق األعمال الجديدة‬
‫أشخاص هذه الدعوى هما‪ :‬المدعي وهو الحائز الذي له حيازة قانونية وأصبحت حيازته‬
‫مهددة بخطر داهم ''أوال‪..‬والمدعى عليه ''ثانيا‪ ..‬وهو الشخص الذي أصبح يهدد الحائز في‬
‫حيازته‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬المدعي في دعوى وقف األعمال الجديدة‬
‫المدعي في هذه الدعوى هو حائز العقار الذي يقع عليه إثبات أن حيازته مستمرة‪ .‬علنية‪،‬‬
‫هادئة‪ ،‬غير غامضة‪ ،‬أي خالية من العيوب‪ .27‬ويجب أن يستند إلى حيازة أصلية لحساب‬
‫نفسه ولي حيازة عرضية لحساب غيره‪.28‬‬
‫وال يشترط في الحائز أن يكون حسن النية بل يشترط فيه أن تكون حازته قد دامت سنة‬
‫كاملة بدون انقطاع قبل شروع المدعى عليه في األعمال الجديدة التي لو تمت ألصبحت‬
‫تعرضا للحيازة وللمدعي في حساب السنة أن يضم إلى مدة حيازة سلفه سواء كان خلفا عاما‬
‫أو خاصا‪.‬‬
‫ويشترط في المدعي فضال عن وجوب توافر الحيازة القانونية أن يلتزم بالميعاد القانوني‬
‫لرفع الدعوى‪ ،29‬فعليه رفع الدعوى خالل سنة من البدء في األعمال المهددة لحيازته‪ ،‬أي‬
‫أن تكون األعمال الجديدة التي بدأ فيها المدعى عليه لم تنقض سنة على البدء فيها‪.‬‬
‫وقد أقر المجلس األعلى هذه القاعدة في قرار صادر عنه بتاريخ ‪ 3019/04/83‬حيث قضى‬
‫على أنه ‪ :‬ترفع دعوى الحيازة خالل أجل السنة من تاريخ وقوع الفعل الذي أخل بالحيازة''‪.‬‬

‫‪ - 27‬قرار المجلس األعلى عدد ‪ 889‬ن صادر بتاريخ ‪ ، 14/12/1982‬ملف عقاري ‪ 85898‬منشور بمجلة قضاء المجلس األعلىن‬
‫عدد ‪ ،32‬ص‪.57‬‬
‫‪ - 28‬نقض مدني ‪ 27/01/1981‬طعن رقم ‪ 665‬ذكره مصطفى مجيد هرجة‪ ،‬المرجع السابق ص‪.286:‬‬
‫‪ - 29‬تتفق كل التشريعات على ميعاد رفع دعوى الحيازة بكل أشكالها هو سنة من تاريخ وقوع الفعل الذي أخل بالحيازة‪.‬‬
‫‪ - 30‬تحت عدد ‪ 56‬في ملف عقاري عدد ‪ ،81436‬منشور بمجلة قضاء المجلس األعلى عدد ‪ 32‬ص‪.69‬‬
‫‪8‬‬
‫وعلى المدعي االلتزام لمدة سنة من وقت البدء في األعمال الجديدة فإذا كانت األعمال‬
‫متعاقبة يبدأ حساب السنة من وقت البدء في أول عمل منها فلو انقضت السنة ورفعت‬
‫‪31‬‬
‫الدعوى تكون غير مقبولة حتى ولو كانت األعمال الجديدة لم تتم‪.‬‬
‫بل ينبغي على الحائز المدعي في هذه الحالة أن ينتظر حتى تتم األعمال كي يرفع دعوى‬
‫منع التعرض إذا توافرت شروطها‪.‬‬
‫ومدة السنة هي مدة سقوط تسري على ناقص األهلية والغائب اليرد علبيها الوقف أو‬
‫‪32‬‬
‫االنقطاع‬
‫وعليه ففي حالة أن األعمال التي بدأت قد تمت فإنه بتمامها نكون أمام فرضيتين‪:‬‬
‫‪-‬أن يتحقق التعرض وبالتالي يمكن رفع دعوى منع التعرض‬
‫‪ -‬أن ال يتحقق التعرض وبالتالي تنتفي الحاجة لرفع أية دعوى‪.‬‬
‫وعالوة على الشروط السابق ذكرها يتعين أن تكون األعمال التي يطلب المدعي وقفها قد‬
‫جرت على عقار المدعي عليه وليست في عقار المدعى أو الغير‪ .‬كما أن هذه األعمال‬
‫يخشى ألسباب معقولة أن تؤدي إلى اإلضرار بالحائز‪ ،‬وهذا يكون العمل إشارة العتداب‬
‫محتمل على الحيازة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬المدعى عليه في دعوى وقف األعمال الجديدة‬
‫هو الشخص الذي يبدأ أعماال في عقاره الذي يملكه لم تصل إلى حد تصبح فيه تعرضا فعليا‬
‫لحيازة المدعي ويجب أن تهدد هذه األشغال حيازة المدعي وأن يكون هذا التهديد حقيقيا‪.33‬‬
‫مبينا على أسباب معقولة وموضوعية وليس مجرد وهم يقوم في ذهن الحائز‪ .‬ويكفي أن‬
‫يستند المدعى عليه إلى ترخيص إداري يسمح له بالقيام بهذه األعمال ألن اإلدارة عندما‬
‫تمنح هذه الرخصة فهي تتحقق فقط من كون أن األعمال المرخص بها ال تمس بالمصلحة‬
‫العامة‪ ،‬ويبقى حق األفراد محفوظا في حالة ما إذا ألحقت بهم أضرار جراء هذه األعمال أن‬
‫يلجؤوا إلى إلقاء العادي لطلب وقف هذه األعمال‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة أن األعمال التي بدأها المدعى عليه والتي تعتبر سببا لرفع هذه الدعوى‬
‫يشترط القانون أن يكون المدعى عليه بدأها في عقاره هو وليس في عقار المدعي أو‬
‫الغير‪ ،‬ألن األعمال لو بدأت في عقار المدعي فإن مجرد بدأ المدعى عليه فيها يعتبر‬
‫‪ - 31‬المجلس األعلى ‪ ،‬القرار رقم ‪ 1725‬صادر بتاريخ ‪ 05/06/2003‬في الملف المدني عدد ‪ 12364/4/02‬منشور بمجلة قضاء‬
‫المجلس األعلى عدد ‪61‬ص ‪.49‬‬
‫‪- 32‬قرار صادر عن المجلس األعلى بتاريخ ‪ 19/04/1983‬تحت عدد ‪ 546‬في الملف العقاري عدد ‪ 81436‬منشور بمجلة قضاء‬
‫المجلس األعلى عدد ‪ 32‬ص‪ 69 ،‬ومايليها‪.‬‬
‫‪ - 33‬نقص مدني بتاريخ ‪ 27/01/1981‬طعن رقم ‪ 665‬ذكره مصطفى مجدي الهرجة‪ :‬التنظيم القانوني الجديد لمنازعات الحيازة‪،‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص‪.210 :‬‬
‫‪9‬‬
‫تعرضا حاال للحيازة وليس مستقبال‪ ،‬ونفس الشيء إذا بدأ في عقار الغير لكانت تعرضا‬
‫حاالت لهذا الغير في حيازته ولو ووجب في الحالتين دفع التعرض بدعوى منع التعرض‪.34‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬إجراءات دعوى الحيازة وتحقيقها والحكم فيها‬
‫نتولى في هذا المبحث الحديث عن إجراء دعوى الحيازة وتحقيقها والحكم فيها‪ ،‬من خالل‬
‫التطرق لقواعد االختصاص الخاصة بهذه الدعوى (المطلب األول) وكذا آثار هذه الدعوى‬
‫والحكم فيها (المطلب الثاني)‪.‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬قواعد االختصاص في دعوى الحيازة‬
‫يقصد بقواعد االختصاص ‪ ،‬تحديدا المحكمة المختصة بنظر دعوى الحيازة نوعيا (الفقرة‬
‫األولى) وحليا (الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫‪35‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬االختصاص النوعي‬
‫أثناء بحث موضوع الجهة المختصة بالبت في دعوى الحيازة‪ ،‬يثار التساؤل اآلتي‪ :‬هل يعود‬
‫االختصاص لمحكمة الموضوع ؟ أو يعود للقضاء االستعجالي؟‬
‫وبالرجوع إلى الباب الثاني من القسم األول‪ 36‬من قانون المسطرة المدنية المغربي المتعلق‬
‫باالختصاص النوعي‪ ،‬نالح أن المشرع لم يبين المحكمة المختصة بهذا النوع من‬
‫الدعاوى‪ ،‬ولعل ما فعله المشرع يرجع إلى أن األمر واضح بسبب أن جميع الدعاوى تنظر‬
‫فيها المحكمة االبتدائية‪.37‬‬
‫وال يوجد نص يعطي هذا االختصاص القاضي المستعجالت‪.‬‬
‫أما الذي يظهر من القسم الرابع‪ 38‬المتعلق بالمساطر الخاصة باالستعجال‪.‬‬
‫فال يمكن أن يستخلص منه إال القضاء المختص وهو القضاء العادي ال قاضي المستعجالت‬
‫لكن يرى بعض الفقه المغربي‪ 39‬أنه بالرغم من القول بأن الجهة المختصة هي المحكمة‬
‫االبتدائية ال قاضي المستعجالت‪ ،‬فإن الحقيقة هي أن دعوى الحيازة تحمل طابع‬
‫االستعجال‪ ،‬إذ هي ال تتعرض لحق الملكية ولكنها تقتصر على مجرد حماية الحيازة في‬

‫‪- 34‬نقض مدني بتاريخ ‪ 18/01/1966‬الطعن رقم ‪ ،203‬أورده عز الدين الدناصوري وحامد عكاز‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.207‬‬
‫‪ - 35‬الفصول من ‪ 18‬إلى ‪.23‬‬
‫‪ - 36‬يقصد باالختصاص النوعي االختصاص الذي يحدد نصيب كل جهة قضائية من المنازعات القضائية بالنظر لطبيعة الدعوى‪.‬‬
‫‪- 37‬حيث أنه لم يبق بعد صدور قانون المسطرة المدنية الجديد إال محكمة واحدة للدرجة األولى وهي المحكمة‪ V‬االبتدائية ومحكمة‬
‫واحد للدرجة الثانية وهي محكمة‪ V‬االستئناف في سلم درجات التقاضي العادي‪ .‬أما في ظل قانون المسطرة المدنية الملغى فإن الفصل‬
‫السابع منه كان ينص صراحة على أن المحكمة المختصة نوعيا في الدعاوى الحيازية هي محكمة‪ V‬السدد‪.‬‬
‫‪- 38‬الفصول من ‪148‬إلى ‪.165‬‬
‫‪ - 39‬عبد العلي العبودي‪ '':‬الحيازة فقها وقضاء'' ن المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.70‬‬
‫‪10‬‬
‫ذاتها مما يلزم معه أن يكون إجراءاتها غير طويلة وغير معقدة كدعوى الملكية وبهذا‬
‫االعتبار فهي قرينة الشبه بالدعاوى المستعجلة التي ال يحوز التعرض فيها للموضوع‪V.‬‬
‫ونظرا ألهمية دعوى الحيازة في المحافظة على استقرار المعامالت واألمن العام وعدم‬
‫مساسها بأصل الحق‪ ،‬فقد اقترح جانب من الفقه‪ 40‬كذلك أن تصبح هذه الدعوى من‬
‫اختصاص قاضي المستعجالت ألنه أضمن لحماية حقوق المعتدى عليهم وأسرع بالبن في‬
‫قضاياهم ولذلك نجد المشرع المصري يعقد االختصاص النوعي بنظر هذه الدعوى إلى‬
‫القضاء المستعجل باستثناء دعوى منع التعرض ومقتضى ذلك أن ينعقد االختصاص‬
‫النوعي بنظر دعوى منع التعرض للقضاء الموضوعي دون القضاء المستعجل باعتبار أن‬
‫الحكم فيها يمس حتما الحق في موضوع النزاع‪ ،‬وقد قضت محكمة النقض بأنه‪ '':‬ال والية‬
‫للقضاء المستعجل في الفصل في دعوى منع التعرض ألن الحكم فيها يمس حتما الحق‬
‫موضوع النزاع إذ يجب للفصل فيها التحقق من توافر شروط وضع اليد التي تخول‬
‫‪41‬‬
‫المدعي رفع الدعوى المذكورة وحقوقه المتعرض على العقار موضوع النزاع''‬
‫وال بد من اإلشارة في األخير ة إلى أنه إذا تعرضت حيازة شخص لعقار محفظ لنوع من‬
‫أنواع التشويش كما إذا تعرض شخص له في حيازة أو انتزاع منه ذلك العقار أو شرع في‬
‫أعمال تهدد تلك الحيازة حاال أو ماال فإنه يكفي هذا الشخص الذي سجل في الرسم العقاري‬
‫بصفته مالكا للعقار أو للحق العيني المترتب عليه أن يلجأ إلى قاضي المستعجالت ليطلب‬
‫الحكم بطرد كل من تعرض لحيازته‪ ،‬من غير أن يكون ملزما بأن يرفع هذه الدعوى في‬
‫وقت محدد أو أن يتبع إجراءات معينة ‪ ،‬نظرا ألن العقار ال يملك بالحيازة مهما تقامت‪،‬‬
‫وهذا ما قرره المجلس األعلى في إحدى قراراته حيث نص على مايلي‪ '':‬من حق المالك‬
‫الذي يثبت ملكه برسم عقاري أن يرفع أمره إلى قاضي المستعجالت ليجعل حدا لكل تعد‬
‫يمس بحقه''‪.42‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬االختصاص المحلي‬
‫يقصد باالختصاص المحلي مجموع القواعد التي تحدد المحكمة المختصة من بين عدة‬
‫محاكم من نوع واحد‪.‬‬
‫وقد حدد االختصاص المحلي للمحكمة االبتدائية في الفصل ‪ 27‬من قانون المسطرة المدية‬
‫الذي يعطي االختصاص كقاعدة عامة لمحكمة الوطن الحقيقي أو المختار للمدعي عليه‬
‫استنادا إلى القاعدة التقليدية تقرر أن '' المدعي يسعى وراء المدعى عليه''‪.‬‬

‫‪ - 40‬عبد العزيز توفيق‪ '':‬شرح قانون المسطرة المدنية والتنظيم القضائي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.357‬‬
‫‪ - 41‬أنظر نقض ‪ 24/06/1954‬ذكره مدحت محمد الحسيني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.124:‬‬
‫‪ - 42‬المجلس األعلى‪ ،‬قرار مدني عده ‪ ،1‬بتاريخ ‪ 10‬يناير ‪ 1968‬منشور بمجلة قضاء المجلس األعلى عدد ‪ ،15‬ص‪.14‬‬
‫‪11‬‬
‫وإذا لم يكن للمدعى عليه ال موطن وال محل إقامة بالمغرب‪ ،‬أمكن للمدعي تقديم الدعوى‬
‫ضده أمام محكمة موطن أو إقامة المدعي أو واحد منهم عند تعددهم‪.43‬‬
‫وإذا كانت القاعدة العامة هي التي سبق ذكرها‪ ،‬فإنه خالفا لذلك حدد المشرع االختصاص‬
‫النوعي للدعاوى العقارية في محكمة موقع العقار المتنازع فيه‪ ،‬فقد نص الفصل ‪ 28‬من‬
‫قانون المسطرة المدنية على أنه‪:‬‬
‫تقام الدعاوى خالفا لمقتضيات الفصل السابق أمام المحاكم التالية‪.‬‬
‫في الدعاوى العقارية سواء تعلق األمر بدعوى االستحقاق أو الحيازة أمام محكمة موقع‬
‫العقار المتنازع فيه''‪.‬‬
‫جعل هذا الفصل محكمة محل العقار هي مناط اختصاص المحكمة محليا التي تنظر في‬
‫النزاعات العينية المتعلقة به استحقاق أو حيازة باعتبار أنها أقدر من غيرها على حل‬
‫النزاع المتعلق به إذ في استطاعتها وبسهولة االنتقال إليه لمعاينة أو لسماع شهود يسكنون‬
‫فيه أو بجواره‪ ،‬أو انتداب خبير لمعاينته وتقويمه‪.‬‬
‫هذا وتنص الفقرة األولى من المادة ‪ 5‬من قانون المرافعات المصري على ما في دعاوى‬
‫الحيازة يكون االختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها العقار أو أحد أجزائه إذا كان واقعا‬
‫في دائرة محاكم متعددة‪.‬‬
‫ويتضح من هذا النص أن المشرع المصري بدوره استثنى دعوى الحيازة من الخضوع‬
‫للقاعدة العامة في االختصاص وأوجب رفعها أمام المحكمة التي يقع في دائرتها العقار‪ .‬وإذا‬
‫كان العقار يقع في دائرة محاكم متعددة كان االختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها أحد‬
‫أجزاء العقار‪.44‬‬
‫وإذا كان من المؤكد أن االختصاص النوعي يعتبر من النظام العام في مصر ولكل خصم‬
‫أن يدفع بعدم االختصاص في أي حالة كانت عليها الدعوى‪ ،‬وفي أي مرحلة أراد ذلك ولو‬
‫ألول مرة أمام محكمة النقض‪ ،‬بل للمحكمة غير المختصة أن تثيره تلقائيا فإنه خالفا لذلك ال‬
‫يعتبر االختصاص المحلي من النظام العام فال يجوز للمحكمة أن تقضي من تلقاء نفسها‬
‫بعدم اختصاصها محليا بنظر دعوى الحيازة‪.45‬‬

‫‪ - 43‬وفي حالة تعدد المدعى عليهم جاز للمدعى أن يختار محكمة موطن أو محل إقامة أي واحد منهم‬
‫‪ - 44‬مدخل محمد الحسيني‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.123:‬‬
‫‪ - 45‬عبد الرزاق أحمد السنهوري‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.907‬‬
‫‪12‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬آثار دعوى الحيازة والحكم فيها‬
‫سنتطرق في هذا المطلب آلثار رفع دعوى الحيازة (الفقرة األولى) ثم نظر هذه الدعوى‬
‫والحكم فيها (الفقرة الثانية)‪3.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬اآلثار المترتبة? على رفع دعوى الحيازة‬
‫خصص المشرع الفصل ‪ 170‬من ق‪.‬م‪.‬م للكالم على مايمكن أن يترتب على رفع دعوى‬
‫الحيازة من آثار فذكرها مبينا األحكام المتعلقة بذلك والتي تتضمن أنه إذا عرفت المحكمة‬
‫ولو بعد إجراء بحث على عين محالت النزاع لمن هي الحيازة ومن الذي يحميه القانون‬
‫بشأنها فاألمر واضح وينتهي النزاع بين األطراف بالحكم البت‪ 46‬في هذا الشأن‪.‬‬
‫وقد يحدث أحيانا أن يدعي كل من المدعي والمدعى عليه بأنه الحائز فعال‪ ،‬ويوجد كل‬
‫منهما ادعاءه بأدلة ال يستطيع القاضي بسببها في تلك الظروف الترجيح بينها‪ ،‬ليعرف لمن‬
‫هي الحيازة فإن الحل الذي قرره الفصل ‪ 170‬المذكور ال يخرج عن ثالثة حول وهي‪:‬‬
‫أن تقضي المحكمة بإبقاء الحيازة لهما معا‪ ،‬وفي القوت نفسه‪ ،‬ذلك سيكون هذا األثر‬ ‫‪-1‬‬
‫تأكيدا لحالة سابقة استوعبت ابقاءها ظروف الحظها القاضي تلقائيا أو أثيرت أمامه‬
‫ورأى أن فائدة للطرفين في ذلك‪.‬‬
‫أن تأمر المحكمة بإجراء حراسة قضائية على الشيء المتنازع عليه بإسنادها إلى‬ ‫‪-2‬‬
‫غير الخصوم (الجهة المكلفة بالحراسة) ومنعها من التصرف في العقار المتنازع‬
‫عليه‪.‬‬
‫أن تأمر المحكمة بإسناد الحراسة على الشيء المتنازع عله ألحد الطرفين مع‬ ‫‪-3‬‬
‫التزامه بتقديم حساب عن ثمار ما اقتضى الحال ذلك‪ ،‬إلى أن ثبت محكمة الموضوع‬
‫في دعوى االستحقاق‪ ،‬ويكلف من أراد منهما أن يلجأ إلى محكمة الموضوع (محكمة‬
‫االستحقاق) لتبث في استحقاق أي منهما لما يدعيه ‪ ،‬وال يعتبر تكليف أحد طرف‬
‫النزاع بحراسة العقار موضوع النزاع إذ يبث في االستحقاق تعيير الموضوع‬
‫الدعوى حسب ما نص عليه الفصل ‪ 3‬من ق‪.‬م‪.‬م ألن المحكمة لم تتخذ إال تدبير‬
‫اوقتيا للمحافظة على حقوق الطرفين ن وهذه الحالة نادرا جدا ما تقع الن القاضي‬
‫يحكم باسترداد الحيازة لمن نزعت منه بعد أن يثبت حيازته لما نزع منه‪ ،‬أما إذا‬
‫أثبت كل من الخصمين أنه الحائز للعقار أو الحق العيني العقاري‪ ،‬فإن إثبات حيازة‬
‫المدعي تنفي حيازة المدعى عليه لنفس العقار المحو والعكس صحيح أيضا‪.‬‬

‫‪ - 46‬يقصد بالحكم الباب ذلك ال تعقيب عليه‪ ،‬أو الذي ال يجوز الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن العادية ‪ ،‬وذلك مثل األحكام‬
‫االستئنافية التي ال يجوز الطعن فيها إال بطريق النقض‪.‬‬
‫‪13‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬نظر دعوى الحيازة والحكم فيها وتنفيذها‬
‫أوال‪ :‬نظر دعوى الحيازة‬
‫إذا رفعت دعوى الحيازة إلى المحكمة المختصة بها تعين عليها أن تقتصر على نظر‬
‫الحيازة دون التعرض للحق المدعي حيازته‪ ،‬فليس للمحكمة أن تفصل فيمن يعتبر صاحب‬
‫الحق كما ليس لها أن تستند في الفصل في دعوى الحيازة إلى أدلة تتصل بالحق‬
‫الموضوعي‪ V‬إال أنه يمكن للقاضي االستناد إليها بخصوص توافر شروطها وصفات الحيازة‬
‫يحميها القانون‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد قضت محكمة النقض المصرية بأنه‪ '':‬لودعت ضرورة هذا البحث في‬
‫الحيازة للرجوع إلى مستندات حق المالك فال يكون ذلك مقصودا لذاته بل يكون على سبيل‬
‫االستثناء وبالقدر الذي يقتضيه التحقق من توافر شروط اليد''‪.47‬‬
‫ثانيا‪ :‬إصدار الحكم في دعوى الحيازة وتنفيذه‬
‫الحكم الصادر في دعوى الحيازة هو عبارة عن القرار الصادر من المحكمة المشكلة تشكيال‬
‫صحيحا والمختصة في الخصومة المرفوعة إليها‪،‬فهو خاتمة المطاف في أي من دعاوى‬
‫حماية الحيازة ألنه يصدر بعد أن يدلي الخصوم بطلباتهم دوفوعهم ودغاءهم فيحسم كل‬
‫خالف بين الخصوم‪ ،‬ومن ثم فإن الحكم يتصل بكل من القوانين المقررة للحقوق والقوانين‬
‫اإلجرائية ألنه يصدر بشكل معين وفق قانون المرافعات لقانون المسطرة المدنية)‪ .‬فيشتمل‬
‫على وقائع الدعوى ودليل وجودها المادي وتقدير المحكمة وفهمها لهذه الوقائع ودليل هذا‬
‫الفهم وإعمال القاعدة المتعين إعمالها بصدها بعد تكييفها‪.‬‬
‫إن الحكم الصادر في إحدى دعاوى الحيازة يقتصر على إرجاع الحالة إلى ماكانت عليه قبل‬
‫التعدي على الحيازة‪ ،‬أو رفع التعرض أو وقف األشغال بصفة مؤقتة ‪ ،‬وال يعطي حق ملكية‬
‫العقار المحكوم بإرجاع حيازته إلى من حصر له به‪ ،‬بل يبقى ذلك من اختصاص قاضي‬
‫االستحقاق‪ ،‬وبذلك فإن حجية الحكم الحيازي هي حجية مؤقتة تبقى ما بقيت الحالة التي‬
‫فصل فيها الحكم الحيازي بين نفس األطراف وعلى نفس الموضوع ونفس السبب‪ ،‬وهكذا لو‬
‫أن المكتري أو الحائز العرضي بصفة عامة رفع دعوى استرداد الحيازة وفشل فيها لعدم‬
‫توفره على شروط الحيازة وحكم برفض طلبهن فإن هذا الحكم ال يمنع الحائز القانوني‬
‫المتوفر على شروط الحيازة التامة من أن يرفع الدعوى على نفس المدعى عليه طالبا‬
‫استرداد ما وقع التعدي عله وال واجه بسبقية الفصل في القضية النه من جهة لم يكن طرف‬
‫في الدعوى االولى ومن جهة ثانية فإن الحكم الحيازي ال يمنح حق الملكية لمن صدر‬
‫لصالح مدعيا إذا حكم وفق طلبه‪ ،‬أو مدعى عليه إذا حكم برفض طلب استرداد الحيازة‪.‬‬
‫‪ - 47‬نقض ‪ ،28/1/1964‬ذكره مدت محمد الحسيني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.126‬‬
‫‪14‬‬
‫ثم إن الحكم الذي يصدر عن المحكمة في الدعاوى الحيازية هو دوما حكم ابتدائي يقبل‬
‫االستئناف الن النزاع ف الدعاوى الحيازية يعتبر موضوعه غير محدد قيميا كما أن النزاع‬
‫الذي تكون قيمة موضوعه غير محددة يبث فيه ابتدائيا‪.‬‬
‫كما أن الحكم القاضي برد الحيازة لصاحبها ال يكون حجة على أنه مالك لذلك العقار وإنما‬
‫يعني منع الغير من يعمل يضر بحيازة هذا الحائز وذلك داخل تحت تعريف الحق‬
‫الشخصي‪ ،48‬ألنه إلتزام باالمتناع عن عمل مثله في ذلك مثل المنافسة غير المشروعة ‪.‬‬
‫‪49‬‬

‫والجدير باإلشارة إليه في ختام هذه الفقرة أن األحكام الصادرة في دعوى الحيازة ال يجوز‬
‫تنفيذها جبرا مادام الطعن فيها باالستئناف جائزا إال إذا كان النفاذ المعجل منصوصا عليه‬
‫في القانون أو مأمور له في الحكم‪.‬‬

‫‪ - 48‬يعرف الحق الشخصي بأنه سلطة يقررها القانون لشخص معين تجاه شخص آخر تمكنه من إلزامه بأداء عمل أو االمتناع عنه‬
‫بغاية تحقيق مصلحة مشروعة له ‪.‬‬
‫‪ - 49‬يقصد بالمنافسة غير المشروعة استخدام الشخص لوسائل منافية لمبادئ الشرف واالستقامة في مزاحمته لغيره على نحو يلحق‬
‫ضرر بأحدهم أو ببعضهم‪.‬‬
‫‪15‬‬
‫خاتمة الفصل الثاني‬
‫قدمنا في هذا الفصل أنواع دعوى الحيازة وحكم سماعها وقسمنا بحثنا هذا إلى مبحثين‬
‫تناولنا في المبحث األول أنواع دعوى الحيازة وخصصنا المبحث الثاني للحديث عن‬
‫إجراءات دعوى الحيازة وتحقيقها وكذا الحكم فيها‪.‬‬
‫ثم ذكرنا في المبحث األول أقسام دعوى الحيازة‪ ،‬وفصلنا الكالم عن كل واحدة منها على‬
‫حد سواء من حيث أطراف الدعوى أو موضوعها أو سببها وخلصنا إلى أن المدعي في‬
‫دعاوى الحيازة الثالثة دعوى من التعرض‪ ،‬دعوى وقف األعمال الجديدة ودعوى استرداد‬
‫الحيازة هو الحائز للعقار ويمكن أن يكون مالكا‪ ،‬وقد ال يكون مالكا‪ ،‬وفي هذه الحالة تقوم‬
‫الحيازة على وضع مادي مستقل عن السند القانون الذي يعتمد واضع اليد أساس إلثبات‬
‫حقه‪ ،‬وال حنا أن المدعي في دعوى منع التعرض يجب عليه أن يثبث خالفا لدعوى استرداد‬
‫الحيازة أن حيازته أصلية ال حيازة عرضية‪ ،‬أي أنه يحوز لحساب من فسه ال لحساب‬
‫غيره‪ .‬بينما رأينا أن المدعى عليه هو ذلك الشخص الذي إما أن يتعرض للمدعي في‬
‫حيازته وإما أن ينتزع الحيازة من الحائز بالقوة أو الغصب وإما أن يبدأ أعماال في عقاره‬
‫الذي يملكه لم تصل إلى حد تصبح فيه تعرضا فعليا لحيازة المدعي‪.‬‬
‫كما بينا موضوع دعوى الحيازة فوجدنا أنه يتحدد في دعوى منع التعرض في إزالة‬
‫األعمال التي تمت في حين يكون محل دعوى استرداد الحيازة هو الشيء ذاته محل الحيازة‬
‫الذي يباشر عليه الحائز الفعلية بقصد الظهور عليها أي الحيازة بمهر المالك أما الموضوع‬
‫دعوى وقف األعمال الجديدة فإنه ليس منع التعرض بل أعماال لو تمت لكان فيها نعرض‬
‫المصلحة فيها مستقبلية غير حالة قررت لحماية الحائز من خطير مستقبلي‪.‬‬
‫وعالوة على ذلك أوضحنا أن سبب دعوى الحيازة هو ذلك االعتداء الحاصل على حيازة‬
‫المدعي‪ ،‬ويكون مصدر هذا االعتداء إما تعرضا ماديا أو تصرفا قانونيا أو تعرضا ناجما‬
‫عن أشغال عامة أو خاصة‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى‪ ،‬ذكرنا في المبحث الثاني من هذا الفصل إجراءات دعوى الحيازة‬
‫وتحقيقها ولحكم فيها‪ ،‬وأثبتنا أنه رغم الطابع االستعجالي لدعوى الحيازة فإن الذي يختص‬
‫بنظرها هو القضاء الموضوعي‪ V‬ن وذلك على مستوى االختصاص النوعي أما من حيث‬
‫االختصاص المحلي فإن المحكمة المختصة هي محكمة محل العقار على اعتبار أنها أقدر‬
‫من غيرها على حل النزاع المتعلق بالحيازة وأسلفنا أن ذلك يشكل استثناء من األصل العالم‬
‫لقواعد االختصاص المنصوص عليها في قواني اإلجرا‪.‬‬
‫وأخيرا بين أثار دعوى الحيازة والحكم فيها ‪ ،‬واستنتجنا أن هناك آثار غاية في األهمية نص‬
‫عليها المشرع في قانون المسطرة المدنية في الفصل ‪ .170‬وألحقا بذلك الكالم عن إصدار‬
‫‪16‬‬
‫الحكم في دعوى الحيازة‪ ،‬وقلنا أن الحكم في هذه الدعوى إنما يقتصر على إرجاع الحالة‬
‫إلى ماكانت عليه قبل التعدي على الحيازة‪ ،‬أو رفع منع التعرض‪ ،‬أو وقف األشغال بصفة‬
‫مؤقتة‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫خاتمة عامة‪:‬‬
‫بعد أن فرغنا بحمد هللا وتوفيقه من هذه الدراسة نود أن نوجز خالصة ألهم ما ورد فيها من‬
‫نتائج كمايلي‪:‬‬
‫‪-1‬تعرضنا لتعريف الحيازة في اللغة وفي اصطالح الفقهاء وفي القانون وتبين لنا أن‬
‫الحيازة في اللغة وردت بمعان كثيرة منها استحقاق الشيء وضمه وجمعه وكذلك وردت‬
‫بمعان التوجه واالنفراد‪.‬‬
‫‪-2‬اتضح لنا أن الحيازة بمعناها العام تعني وضع اليد على الشيء واالستيالء عليه وقد ثبت‬
‫لنا أن هذه الحيازة بعد اكتمال شروطها تكون سببا من أسباب كسب الملكية في الفقه‬
‫اإلسالمي والقانون‪.‬‬
‫‪-3‬أورد فقهاء المالكية شروطا كثيرة لصحة الحيازة ووضعوا‪ V‬لها أقساما ومراتب وفصلوا‬
‫فيها القول تفصيال دقيقا‪ ،‬لذلك جعلنا مذهبهم هو األساس في دراسة شروط الحيازة في الفقه‬
‫اإلسالمي‪ ،‬فقد وضعوا الصحة الحيازة سبعة شروط هي‪:‬‬
‫‪-1‬تصرف الحائز‪.‬‬
‫‪-2‬ادعاؤه الملكية‬
‫‪-3‬استمرار حيازته مدة طويلة‬
‫‪-4‬حضور المحوز عليه‬
‫‪-5‬علمه بملكية للمال المحاوز وعلمه بحيازة الحائز له‬
‫‪-6‬سكون المحوز عليه بال مانع‬
‫‪-7‬تحليف الحائز اليمين‬
‫‪-4‬اشترط رجال القانون توفر بعض الصفات في الحيازة لكي تكون صحيحة وذات أثر‬
‫قانوني‪ ،‬وهي الهدوء والعلنية واالستمرار وأن تكون الحيازة غير مجردة من الموجب‬
‫القانوني وأن تكون خالية من االلتباس‪.‬‬
‫‪-5‬تبين لنا من هذه الدراسة أن للحيازة أثارا عظيمة في إثبات الدعاوى وفي كسب الملكية‬
‫في اإلسالم والقانون‪ ،‬فالحيازة تفيد الحائز في االثبات وتجعله في مركز المدعى عليه‬

‫‪18‬‬
‫وتنتقل عند عب االثبات إلى المدعي وذلك ألن الظاهر شهد له بالملك وبحيازته والحيازة‬
‫ترجع بنية واضع اليد عند تكافؤ البنتين وعدم وجود مرجع ألحد البينتين‪.‬‬
‫‪-6‬رأينا أن جمهور الفقهاء المسلمين لم يدرجوا الحيازة والتقادم ضمن أسباب كسب الملكية‪.‬‬
‫‪ -7‬اعتبر فقهاء القانون الوضعي أن الحيازة والتقادم سببا من أسباب كسب الملكية‪.‬‬
‫‪ -8‬الحظنا أنه من بين أهم القواعد التي تسري على دعوى الحيازة هناك قاعدتين هامتين‬
‫هما‪-1 :‬قاعدة عدم جواز الجمع بين دعوى الحيازة ودعوى الملكية‪-2.‬قاعدة عدم حجية‬
‫الحكم الصادر في دعوى الحيازة بالنسبة لدعوى الملكية‪V.‬‬
‫‪-9‬لم يخصص الفقه اإلسالمي للحيازة دعاوى خاصة تحميها دون الجمع بينها وبين دعاوى‬
‫إثبات الملكية كما فعل القانون الوضعي وذلك ألن الفقه اإلسالمي يرى أن الحيازة إذا كانت‬
‫مستندة إلى حق يقره الشارع الحكيم للحائز كحيازة المالك أو المنتفع‪ ،‬فإن هذه الحيازة تكون‬
‫حيازة محترمة فال يجوز التعدي عليها وال سلبها من صاحبها فإذا تعدى عليها أحد بال حق‬
‫يمنع المعتدي ويرد المال لصاحبه ولكن بعد إثبات مشروعية حيازته كان يتبث ملكيته لها‬
‫أو أي حق له عليها بالبنية الشرعية‪.‬‬
‫‪-10‬استنتاجا أن شروط الحيازة هي موانع االستحقاق‪ ،‬ذلك أنه بتوفر هذه الشروط يمتنع‬
‫على المحوز عليه المطالبة بحقه ألن سكوته طول مدة الحيازة مع حضوره ورؤيته للحائز‬
‫يتصرف في الشيء المحوز بشتى أنواع التصرفات يعتبر رضى منه على ذلك‪.‬‬
‫‪ -11‬إن الثروة الفقهية والنوازل واالجتهادات القضائية التي تكونت بشأن حماية الحيازة‬
‫دليل قاطع على األهمية التي يكتسيها هذا الموضوع‪.‬‬

‫‪19‬‬

You might also like