Professional Documents
Culture Documents
نتحدث في هذا الفصل عن أنواع الحيازة في ''المبحث األول ،ثم نتطرق إلى إجراءات
دعوى الحيازة وتحقيقها والحكم فيها في ''المبحث الثاني..
إذا اكتملت الحيازة فإنها تكون صحيحة وتؤدي إلى سقوط حق المحوز عليه .وبذلك تعتبر
الحيازة دليال على تملك الحائز لما يحوزه ،مادامت مستندة إلى حق شرعي .ولم تكن نتيجة
غصب أو تعدد أو إكراه ،وبذلك يصبح الحائز بمثابة المالك ,يحق له التصرف فيما يحوز
تصرف المالك في ملكه بشتى أنواع التصرفات ،وهكذا فقد وضع القانون لحماية حيازة
الحائز دعوى الحيازة فماهي أنواع هذه الدعوى ''المبحث األول''
وماهي إجراءات رفعها والحكم فيها المبحث الثاني
المبحث األول :أنواع دعوى الحيازة
دعوى الحيازة ثالثة أنواع 1هي :دعوى منع التعرض ودعوى استرداد الحيازة ودعوى
وقف األعمال الجديدة.
2
المطلب األول :دعوى منع التعرض
دعوى منع التعرض هي أهم دعاوى الحيازة ،ويصفها الشراح بأنها دعوى الحيازة العادية.
بمعنى أنها ترفع في كل صور التعرض للحيازة .أما دعاوى الحيازة األخرى فال ترفع إال
في صورة خاصة من التعرض ومن ثمة فهي دعوى الحيازة الرئيسية ألنها تحمي الحيازة
في ذاتها والحيازة فيها هي الحيازة األصلية ولبست العرضية.3
ولفهم أحكام هذه الدعوى ،نتطرق ألشخاصها (الفقرة األولى) ثم موضوعها وسببها (الفقرة
الثانية).
الفقرة األولى :أشخاص دعوى منع التعرض
أشخاص هذه الدعوى هما الحائز وهو المدعي الذي يرفع الدعوى (أوال) والمعنوي وهو
المدعي عليه الذي يتعرض للمدعي في حيازته (ثانيا).
- 1إن جل التشريعات نذكر دعوى الحيازة في قانون المسطرة المدنية ،وفيما يتم شرح أحكامها وذلك أقسامها في ضوء شرح قواعد
المسطرة المدنية ،ألنواعها الثالثة ،وهذا ما فعله المشرع المغربي (من 166إلى )170والتونسي ،أما البعض اآلخر فيذكرها في
القانون المدني .كما فعل المشرع المصري في الفصل 949وما بعده .
- 2يقصد بها تلك الدعوى التي يرفعها Vحائز العقار لحماية حيازته من التعرض لها تعرضا ماديا أو قانونيا يتضمن إنكار حيازة
الحائز أو منازعته فيها ،وإزالة آثار هذا التعرض عند االقتضاء ،ومثال ذلك أن يزرع شخص في أرض يحوزها الغير ،أو يفتح
صاحب عقار نافذة على عقار مجاور دون التقيد بالمسافة Vالقانونية بحجة أن له ارتقاقا بالمطل على هذا العقار -فحائز األرض التي
زرعها الغير أو حائز العقار الذي فتح مالك العقار المجاور مطال عليه يستطيع اللجوء إلى دعوى منع التعرض ليجبر الزارع على
رقع يده على األرض التي زرعها أو ليجبر الجار على سد المطل الذي فتحه دون وجه حق.
- 3مصطفى مجدي مرجة :الجديد في الحيازة وفقا ألحدث التعديالت :دار محمود النشر والتوزيع ،باقي البيانات غير مذكورة ،
ص.270:
1
أوال :المدعي في دعوى منع التعرض
هو الحائز للعقار ويمكن أن يكون مالكا وهذا أمر طبيعي كما يمكن أن ال يكون مالكا .وفي
هذه الحالة تقوم الحيازة على وضع مادي مستقل عن السند القانوني ،الذي يعتمده واقع اليد
أساسا إلثبات حقه.
4
وال فرق بين أن يكون الحائز صاحب حق مفرز أو صاحب حق على الشياع.
كما أن المدعي في دعوى منع التعرض يجب عليه أن يثبت خالفا لدعوى استرداد الحيازة
أن حيازته أصلية ال حيازة عرضية 5أي أنه يحوز لحساب نفسه ال لحساب غيره فال يجوز
إذا وقع تعرض على حق الملكية أن يدفعه بدعوى منع التعرض مالم يكن حائزا لحق
الملكية لحساب نفسه.
وال يشترط لرفع دعوى منع التعرض أن يكون الحائز حسن ،فله رفع هذه الدعوى حتى
ولو كان سيء النية ،والمدعي يرفع دعوى منع التعرض ،يجب أن يقع تعرض للحائز في
حيازته وقد يكون هذا التعرض ماديا 6أو قانوني 7ولذلك قضت محكمة النقض المصرية بأنه
يعتبر التعرض أساسا لرفع دعوى منع التعرض ،والمقصود به ،كل ما يوجه إلى واضع
اليد -الحائز من أعمال مادية أو تصرفات قانونية تتضمن تعرضا لحيازته.8
ثم إنه يجب على المدعي أن يرفع الدعوى خالل سنة من وقت التعرض قانونيا أو ماديا.
فإذا لم ترفع الدعوى خالل هذه المدة لم تعد مقبولة 9لإلعتبارين:
-أن وضع يد الغاصب مدة سنة وضعا هادئا مقرونا بنية التملك بشتى حيازة جديدة ينتج
عنها زوال الحيازة واضع اليد السابق.
10
-ان التراضي Vفي رفع الدعوى طوال هذه المدة يفترض أن التعرض ليس خطيرا.
ثانيا :المدعى عليه في دعوى منع التعرض
- 4نقص مدني ،16/04/197طعن رقم 711لسنة 46قضائية أورده مصطفى مجدي هرجة ،المرجع السابق ،ص.253 :
- 5ينفصل الكالم حول هذه النقطة الحقا في معرض حديثا عن دعوى استرداد الحيازة.
- 6يقصد بالتعرض المادي ،عمل من أعمال التعدي يقع على حيازة المدعي عمن يمر في أرض في حيازة المدعي دون إذنه ويدعي
أن له حق ارتقاق بالمرور.
- 7التعرض القانوني هو كل تصرف قانوني يصدر عن المتعرض للحيازة وهو المدعى عليه من شأنه معارضة الحائز حيازته .أي
ذلك اإلجراء القانوني الموجه إلى واضع اليد على أساس حق يتعارض مع حق واضع اليد.
- 8الطعن رقم 104جلسة 28/11/1982ذكره سليم منصور الضوي '':الحيازة والحائز''
دار مصر دار السماح .باقي البيانات غير مذكورة ص.279 :
- 9المجلس األعلى ،قرار عدد 304ـ ،صادر بتاريخ .19/05/1989ملف اجتماعي عدد ،87284منشور بمجلة المحاكمV
المغربي عدد ،37ص.87:
- 10رودة عمر ،محاضرات ألقيت على طلبة السنة الثانية ،الدفعة 12المعهد للقضاء ،الجزائر ،السنة .2003-2002
2
المدعى عليه هو الشخص الذي يتعرض للمدعي في حيازته والتعرض الصادر من المدعى
عليه قد يكون تصرفا قانونيا وقد يكون عمال ماديا .وقد ينجم عن أشغال عامة أو أشغال
خاصة.
واألصل أن دعوى منع التعرض ترفع ضد المدعى عليه نفسه الذي صدر منه التعرض،
11
وقد ترفع ضد الغير ولو كان حسن النية.
فكل عمل مادي أو تعرض قانوني سواء مباشر أو غير مباشر يأتيهن يعتبر تعديا
يسمح برفع دعوى منع التعرض .كما لو دخل المدعى عليه أرض المدعي دون إدنه بل قد
يصل التعرض إلى حد إخراج المدعي من أرضه وسلب حيازته ويبقى األمر مع ذلك في
نطاق دعوى منع التعرض ال في نطاق دعوى استرداد الحيازة التي تقتضي سلب الحيازة
12
بالقوة والغصب أو الخفية.
والتعرض الصادر من المدعى عليه يجب ان يكون غير قائم على أسا حق ثابت له فإنه
يقضي عليه مع ذل يمنع التعرض .ودعوى منع التعرض إنما تحمي الحيازة في ذاتها متى
كانت ثابت بصرف النظر عما إذا كان للحائز حق يستند إليه في حيازته أو ليس له هذا
13
الحق.
الفقرة الثانية :موضوع سبب دعوى منع التعرض
أوال :موضوع دعوى منع التعرض
يكون موضوع دعوى منع التعرض بإزالة األعمال التي تمت ويستوي أن يكون األعمال قد
تمت في عقار المدعي أو المدعى عليه ،فإذا قام شخص مثال بالبناء على مسافة أقل من
مترين انطالقا من الحد الفاصل بين الملكيتين ،فيكون ،التعرض بغلق المطالت وترك
المسافة القانونية.
ويجب تعيين موضوع الدعوى تعيينا نافيا للجهالة ،بأن بين المدعي نوع هذه األعمال التي
أصبحت تشكل تعرضا للحيازة فإذا كان مصدره عمال ماديا وجب وصف هذا العمل وتحديد
طبيعته ،وإذا كان تصرفا قانونيا وجب كذلك ومن هذا فيما إذا كان إنذار أو دعوى قضائية
أو تصرفا ناقال للملكية.
ال يجوز كذلك ان يرفع المدعي دعوى منع التعرض بغرض تنفيذ عقد يربط بين المدعي
والمدعى عليه وهنا يجب ان ترفع دعوى العقد وليس دعوى منع التعرض ،فإذا تعرض
- 22نقض فرنسي بتاريخ ، 01/02/1922أورده السيد عبد الوهاب عرفة في الحيازة المدينة وحمايتها الجنائية ،ص .106
- 23يقصد بالصفة تلك العالقة المخولة لرافع الدعوى من أجل عرض قضيته على المحكمة ،وإبداء دفاعه فيها.
- 24محكمة النقض المصرية في الطعن 53/ 2008جلسة ،25/12/1990ذكره السيد عبد الوهاب عرفة ،المرجع السابق ،ص:
.110
- 25قرار عدد 433بتاريخ 0213/89ملف مدني عدد 2543/86مجلة قضاء المجلس األعلى (محكمة النقض) عدد ،46ص
.93
- 26إذ أنه ال يشترط في الغصب أن يكون الحائز محل اعتداء .إذ يكفي توجيهه إلى العقار كاالستيالء خلسة.
7
وإذا انتقلت حيازة العقار المغتصب Vمن المغتصب إلى الغير ،سواء كان هذا الغير خلفا عاما
كالوارث أو خاصا كالمشتري فإن هذا الذي خلف المغتصب والذي انتقلت إليه الحيازة هو
المدعى عليه ف دعوى استرداد الحيازة ويستطيع المدعي أن يسترد منه حيازة العقار بهذه
الدعوى ،وإن كان حسن النية ال يعلم بأن سلفه قد اغتصب الحيازة.
وال يهم أن يكون المدعى عليه شخص طبيعي فقد يكون شخصا معنويا ولكن جب أن يكون
العمل الذي صدر منه عمال عدوانيا يعكر السلم االجتماعي ويخل باألمن من العام بصرف
النظر عن طريقة العدوان بالقوة أو الخداع علنا أو خلسة.
الفقرة الثانية :أشخاص دعوى وفق األعمال الجديدة
أشخاص هذه الدعوى هما :المدعي وهو الحائز الذي له حيازة قانونية وأصبحت حيازته
مهددة بخطر داهم ''أوال..والمدعى عليه ''ثانيا ..وهو الشخص الذي أصبح يهدد الحائز في
حيازته.
أوال :المدعي في دعوى وقف األعمال الجديدة
المدعي في هذه الدعوى هو حائز العقار الذي يقع عليه إثبات أن حيازته مستمرة .علنية،
هادئة ،غير غامضة ،أي خالية من العيوب .27ويجب أن يستند إلى حيازة أصلية لحساب
نفسه ولي حيازة عرضية لحساب غيره.28
وال يشترط في الحائز أن يكون حسن النية بل يشترط فيه أن تكون حازته قد دامت سنة
كاملة بدون انقطاع قبل شروع المدعى عليه في األعمال الجديدة التي لو تمت ألصبحت
تعرضا للحيازة وللمدعي في حساب السنة أن يضم إلى مدة حيازة سلفه سواء كان خلفا عاما
أو خاصا.
ويشترط في المدعي فضال عن وجوب توافر الحيازة القانونية أن يلتزم بالميعاد القانوني
لرفع الدعوى ،29فعليه رفع الدعوى خالل سنة من البدء في األعمال المهددة لحيازته ،أي
أن تكون األعمال الجديدة التي بدأ فيها المدعى عليه لم تنقض سنة على البدء فيها.
وقد أقر المجلس األعلى هذه القاعدة في قرار صادر عنه بتاريخ 3019/04/83حيث قضى
على أنه :ترفع دعوى الحيازة خالل أجل السنة من تاريخ وقوع الفعل الذي أخل بالحيازة''.
- 27قرار المجلس األعلى عدد 889ن صادر بتاريخ ، 14/12/1982ملف عقاري 85898منشور بمجلة قضاء المجلس األعلىن
عدد ،32ص.57
- 28نقض مدني 27/01/1981طعن رقم 665ذكره مصطفى مجيد هرجة ،المرجع السابق ص.286:
- 29تتفق كل التشريعات على ميعاد رفع دعوى الحيازة بكل أشكالها هو سنة من تاريخ وقوع الفعل الذي أخل بالحيازة.
- 30تحت عدد 56في ملف عقاري عدد ،81436منشور بمجلة قضاء المجلس األعلى عدد 32ص.69
8
وعلى المدعي االلتزام لمدة سنة من وقت البدء في األعمال الجديدة فإذا كانت األعمال
متعاقبة يبدأ حساب السنة من وقت البدء في أول عمل منها فلو انقضت السنة ورفعت
31
الدعوى تكون غير مقبولة حتى ولو كانت األعمال الجديدة لم تتم.
بل ينبغي على الحائز المدعي في هذه الحالة أن ينتظر حتى تتم األعمال كي يرفع دعوى
منع التعرض إذا توافرت شروطها.
ومدة السنة هي مدة سقوط تسري على ناقص األهلية والغائب اليرد علبيها الوقف أو
32
االنقطاع
وعليه ففي حالة أن األعمال التي بدأت قد تمت فإنه بتمامها نكون أمام فرضيتين:
-أن يتحقق التعرض وبالتالي يمكن رفع دعوى منع التعرض
-أن ال يتحقق التعرض وبالتالي تنتفي الحاجة لرفع أية دعوى.
وعالوة على الشروط السابق ذكرها يتعين أن تكون األعمال التي يطلب المدعي وقفها قد
جرت على عقار المدعي عليه وليست في عقار المدعى أو الغير .كما أن هذه األعمال
يخشى ألسباب معقولة أن تؤدي إلى اإلضرار بالحائز ،وهذا يكون العمل إشارة العتداب
محتمل على الحيازة.
ثانيا :المدعى عليه في دعوى وقف األعمال الجديدة
هو الشخص الذي يبدأ أعماال في عقاره الذي يملكه لم تصل إلى حد تصبح فيه تعرضا فعليا
لحيازة المدعي ويجب أن تهدد هذه األشغال حيازة المدعي وأن يكون هذا التهديد حقيقيا.33
مبينا على أسباب معقولة وموضوعية وليس مجرد وهم يقوم في ذهن الحائز .ويكفي أن
يستند المدعى عليه إلى ترخيص إداري يسمح له بالقيام بهذه األعمال ألن اإلدارة عندما
تمنح هذه الرخصة فهي تتحقق فقط من كون أن األعمال المرخص بها ال تمس بالمصلحة
العامة ،ويبقى حق األفراد محفوظا في حالة ما إذا ألحقت بهم أضرار جراء هذه األعمال أن
يلجؤوا إلى إلقاء العادي لطلب وقف هذه األعمال.
وتجدر اإلشارة أن األعمال التي بدأها المدعى عليه والتي تعتبر سببا لرفع هذه الدعوى
يشترط القانون أن يكون المدعى عليه بدأها في عقاره هو وليس في عقار المدعي أو
الغير ،ألن األعمال لو بدأت في عقار المدعي فإن مجرد بدأ المدعى عليه فيها يعتبر
- 31المجلس األعلى ،القرار رقم 1725صادر بتاريخ 05/06/2003في الملف المدني عدد 12364/4/02منشور بمجلة قضاء
المجلس األعلى عدد 61ص .49
- 32قرار صادر عن المجلس األعلى بتاريخ 19/04/1983تحت عدد 546في الملف العقاري عدد 81436منشور بمجلة قضاء
المجلس األعلى عدد 32ص 69 ،ومايليها.
- 33نقص مدني بتاريخ 27/01/1981طعن رقم 665ذكره مصطفى مجدي الهرجة :التنظيم القانوني الجديد لمنازعات الحيازة،
مرجع سابق ،ص.210 :
9
تعرضا حاال للحيازة وليس مستقبال ،ونفس الشيء إذا بدأ في عقار الغير لكانت تعرضا
حاالت لهذا الغير في حيازته ولو ووجب في الحالتين دفع التعرض بدعوى منع التعرض.34
المبحث الثاني :إجراءات دعوى الحيازة وتحقيقها والحكم فيها
نتولى في هذا المبحث الحديث عن إجراء دعوى الحيازة وتحقيقها والحكم فيها ،من خالل
التطرق لقواعد االختصاص الخاصة بهذه الدعوى (المطلب األول) وكذا آثار هذه الدعوى
والحكم فيها (المطلب الثاني).
المطلب األول :قواعد االختصاص في دعوى الحيازة
يقصد بقواعد االختصاص ،تحديدا المحكمة المختصة بنظر دعوى الحيازة نوعيا (الفقرة
األولى) وحليا (الفقرة الثانية).
35
الفقرة األولى :االختصاص النوعي
أثناء بحث موضوع الجهة المختصة بالبت في دعوى الحيازة ،يثار التساؤل اآلتي :هل يعود
االختصاص لمحكمة الموضوع ؟ أو يعود للقضاء االستعجالي؟
وبالرجوع إلى الباب الثاني من القسم األول 36من قانون المسطرة المدنية المغربي المتعلق
باالختصاص النوعي ،نالح أن المشرع لم يبين المحكمة المختصة بهذا النوع من
الدعاوى ،ولعل ما فعله المشرع يرجع إلى أن األمر واضح بسبب أن جميع الدعاوى تنظر
فيها المحكمة االبتدائية.37
وال يوجد نص يعطي هذا االختصاص القاضي المستعجالت.
أما الذي يظهر من القسم الرابع 38المتعلق بالمساطر الخاصة باالستعجال.
فال يمكن أن يستخلص منه إال القضاء المختص وهو القضاء العادي ال قاضي المستعجالت
لكن يرى بعض الفقه المغربي 39أنه بالرغم من القول بأن الجهة المختصة هي المحكمة
االبتدائية ال قاضي المستعجالت ،فإن الحقيقة هي أن دعوى الحيازة تحمل طابع
االستعجال ،إذ هي ال تتعرض لحق الملكية ولكنها تقتصر على مجرد حماية الحيازة في
- 34نقض مدني بتاريخ 18/01/1966الطعن رقم ،203أورده عز الدين الدناصوري وحامد عكاز :المرجع السابق ،ص .207
- 35الفصول من 18إلى .23
- 36يقصد باالختصاص النوعي االختصاص الذي يحدد نصيب كل جهة قضائية من المنازعات القضائية بالنظر لطبيعة الدعوى.
- 37حيث أنه لم يبق بعد صدور قانون المسطرة المدنية الجديد إال محكمة واحدة للدرجة األولى وهي المحكمة Vاالبتدائية ومحكمة
واحد للدرجة الثانية وهي محكمة Vاالستئناف في سلم درجات التقاضي العادي .أما في ظل قانون المسطرة المدنية الملغى فإن الفصل
السابع منه كان ينص صراحة على أن المحكمة المختصة نوعيا في الدعاوى الحيازية هي محكمة Vالسدد.
- 38الفصول من 148إلى .165
- 39عبد العلي العبودي '':الحيازة فقها وقضاء'' ن المرجع السابق ،ص .70
10
ذاتها مما يلزم معه أن يكون إجراءاتها غير طويلة وغير معقدة كدعوى الملكية وبهذا
االعتبار فهي قرينة الشبه بالدعاوى المستعجلة التي ال يحوز التعرض فيها للموضوعV.
ونظرا ألهمية دعوى الحيازة في المحافظة على استقرار المعامالت واألمن العام وعدم
مساسها بأصل الحق ،فقد اقترح جانب من الفقه 40كذلك أن تصبح هذه الدعوى من
اختصاص قاضي المستعجالت ألنه أضمن لحماية حقوق المعتدى عليهم وأسرع بالبن في
قضاياهم ولذلك نجد المشرع المصري يعقد االختصاص النوعي بنظر هذه الدعوى إلى
القضاء المستعجل باستثناء دعوى منع التعرض ومقتضى ذلك أن ينعقد االختصاص
النوعي بنظر دعوى منع التعرض للقضاء الموضوعي دون القضاء المستعجل باعتبار أن
الحكم فيها يمس حتما الحق في موضوع النزاع ،وقد قضت محكمة النقض بأنه '':ال والية
للقضاء المستعجل في الفصل في دعوى منع التعرض ألن الحكم فيها يمس حتما الحق
موضوع النزاع إذ يجب للفصل فيها التحقق من توافر شروط وضع اليد التي تخول
41
المدعي رفع الدعوى المذكورة وحقوقه المتعرض على العقار موضوع النزاع''
وال بد من اإلشارة في األخير ة إلى أنه إذا تعرضت حيازة شخص لعقار محفظ لنوع من
أنواع التشويش كما إذا تعرض شخص له في حيازة أو انتزاع منه ذلك العقار أو شرع في
أعمال تهدد تلك الحيازة حاال أو ماال فإنه يكفي هذا الشخص الذي سجل في الرسم العقاري
بصفته مالكا للعقار أو للحق العيني المترتب عليه أن يلجأ إلى قاضي المستعجالت ليطلب
الحكم بطرد كل من تعرض لحيازته ،من غير أن يكون ملزما بأن يرفع هذه الدعوى في
وقت محدد أو أن يتبع إجراءات معينة ،نظرا ألن العقار ال يملك بالحيازة مهما تقامت،
وهذا ما قرره المجلس األعلى في إحدى قراراته حيث نص على مايلي '':من حق المالك
الذي يثبت ملكه برسم عقاري أن يرفع أمره إلى قاضي المستعجالت ليجعل حدا لكل تعد
يمس بحقه''.42
الفقرة الثانية :االختصاص المحلي
يقصد باالختصاص المحلي مجموع القواعد التي تحدد المحكمة المختصة من بين عدة
محاكم من نوع واحد.
وقد حدد االختصاص المحلي للمحكمة االبتدائية في الفصل 27من قانون المسطرة المدية
الذي يعطي االختصاص كقاعدة عامة لمحكمة الوطن الحقيقي أو المختار للمدعي عليه
استنادا إلى القاعدة التقليدية تقرر أن '' المدعي يسعى وراء المدعى عليه''.
- 40عبد العزيز توفيق '':شرح قانون المسطرة المدنية والتنظيم القضائي ،المرجع السابق ،ص .357
- 41أنظر نقض 24/06/1954ذكره مدحت محمد الحسيني ،المرجع السابق ،ص.124:
- 42المجلس األعلى ،قرار مدني عده ،1بتاريخ 10يناير 1968منشور بمجلة قضاء المجلس األعلى عدد ،15ص.14
11
وإذا لم يكن للمدعى عليه ال موطن وال محل إقامة بالمغرب ،أمكن للمدعي تقديم الدعوى
ضده أمام محكمة موطن أو إقامة المدعي أو واحد منهم عند تعددهم.43
وإذا كانت القاعدة العامة هي التي سبق ذكرها ،فإنه خالفا لذلك حدد المشرع االختصاص
النوعي للدعاوى العقارية في محكمة موقع العقار المتنازع فيه ،فقد نص الفصل 28من
قانون المسطرة المدنية على أنه:
تقام الدعاوى خالفا لمقتضيات الفصل السابق أمام المحاكم التالية.
في الدعاوى العقارية سواء تعلق األمر بدعوى االستحقاق أو الحيازة أمام محكمة موقع
العقار المتنازع فيه''.
جعل هذا الفصل محكمة محل العقار هي مناط اختصاص المحكمة محليا التي تنظر في
النزاعات العينية المتعلقة به استحقاق أو حيازة باعتبار أنها أقدر من غيرها على حل
النزاع المتعلق به إذ في استطاعتها وبسهولة االنتقال إليه لمعاينة أو لسماع شهود يسكنون
فيه أو بجواره ،أو انتداب خبير لمعاينته وتقويمه.
هذا وتنص الفقرة األولى من المادة 5من قانون المرافعات المصري على ما في دعاوى
الحيازة يكون االختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها العقار أو أحد أجزائه إذا كان واقعا
في دائرة محاكم متعددة.
ويتضح من هذا النص أن المشرع المصري بدوره استثنى دعوى الحيازة من الخضوع
للقاعدة العامة في االختصاص وأوجب رفعها أمام المحكمة التي يقع في دائرتها العقار .وإذا
كان العقار يقع في دائرة محاكم متعددة كان االختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها أحد
أجزاء العقار.44
وإذا كان من المؤكد أن االختصاص النوعي يعتبر من النظام العام في مصر ولكل خصم
أن يدفع بعدم االختصاص في أي حالة كانت عليها الدعوى ،وفي أي مرحلة أراد ذلك ولو
ألول مرة أمام محكمة النقض ،بل للمحكمة غير المختصة أن تثيره تلقائيا فإنه خالفا لذلك ال
يعتبر االختصاص المحلي من النظام العام فال يجوز للمحكمة أن تقضي من تلقاء نفسها
بعدم اختصاصها محليا بنظر دعوى الحيازة.45
- 43وفي حالة تعدد المدعى عليهم جاز للمدعى أن يختار محكمة موطن أو محل إقامة أي واحد منهم
- 44مدخل محمد الحسيني :المرجع السابق ،ص.123:
- 45عبد الرزاق أحمد السنهوري :المرجع السابق ،ص .907
12
المطلب الثاني :آثار دعوى الحيازة والحكم فيها
سنتطرق في هذا المطلب آلثار رفع دعوى الحيازة (الفقرة األولى) ثم نظر هذه الدعوى
والحكم فيها (الفقرة الثانية)3.
الفقرة األولى :اآلثار المترتبة? على رفع دعوى الحيازة
خصص المشرع الفصل 170من ق.م.م للكالم على مايمكن أن يترتب على رفع دعوى
الحيازة من آثار فذكرها مبينا األحكام المتعلقة بذلك والتي تتضمن أنه إذا عرفت المحكمة
ولو بعد إجراء بحث على عين محالت النزاع لمن هي الحيازة ومن الذي يحميه القانون
بشأنها فاألمر واضح وينتهي النزاع بين األطراف بالحكم البت 46في هذا الشأن.
وقد يحدث أحيانا أن يدعي كل من المدعي والمدعى عليه بأنه الحائز فعال ،ويوجد كل
منهما ادعاءه بأدلة ال يستطيع القاضي بسببها في تلك الظروف الترجيح بينها ،ليعرف لمن
هي الحيازة فإن الحل الذي قرره الفصل 170المذكور ال يخرج عن ثالثة حول وهي:
أن تقضي المحكمة بإبقاء الحيازة لهما معا ،وفي القوت نفسه ،ذلك سيكون هذا األثر -1
تأكيدا لحالة سابقة استوعبت ابقاءها ظروف الحظها القاضي تلقائيا أو أثيرت أمامه
ورأى أن فائدة للطرفين في ذلك.
أن تأمر المحكمة بإجراء حراسة قضائية على الشيء المتنازع عليه بإسنادها إلى -2
غير الخصوم (الجهة المكلفة بالحراسة) ومنعها من التصرف في العقار المتنازع
عليه.
أن تأمر المحكمة بإسناد الحراسة على الشيء المتنازع عله ألحد الطرفين مع -3
التزامه بتقديم حساب عن ثمار ما اقتضى الحال ذلك ،إلى أن ثبت محكمة الموضوع
في دعوى االستحقاق ،ويكلف من أراد منهما أن يلجأ إلى محكمة الموضوع (محكمة
االستحقاق) لتبث في استحقاق أي منهما لما يدعيه ،وال يعتبر تكليف أحد طرف
النزاع بحراسة العقار موضوع النزاع إذ يبث في االستحقاق تعيير الموضوع
الدعوى حسب ما نص عليه الفصل 3من ق.م.م ألن المحكمة لم تتخذ إال تدبير
اوقتيا للمحافظة على حقوق الطرفين ن وهذه الحالة نادرا جدا ما تقع الن القاضي
يحكم باسترداد الحيازة لمن نزعت منه بعد أن يثبت حيازته لما نزع منه ،أما إذا
أثبت كل من الخصمين أنه الحائز للعقار أو الحق العيني العقاري ،فإن إثبات حيازة
المدعي تنفي حيازة المدعى عليه لنفس العقار المحو والعكس صحيح أيضا.
- 46يقصد بالحكم الباب ذلك ال تعقيب عليه ،أو الذي ال يجوز الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن العادية ،وذلك مثل األحكام
االستئنافية التي ال يجوز الطعن فيها إال بطريق النقض.
13
الفقرة الثانية :نظر دعوى الحيازة والحكم فيها وتنفيذها
أوال :نظر دعوى الحيازة
إذا رفعت دعوى الحيازة إلى المحكمة المختصة بها تعين عليها أن تقتصر على نظر
الحيازة دون التعرض للحق المدعي حيازته ،فليس للمحكمة أن تفصل فيمن يعتبر صاحب
الحق كما ليس لها أن تستند في الفصل في دعوى الحيازة إلى أدلة تتصل بالحق
الموضوعي Vإال أنه يمكن للقاضي االستناد إليها بخصوص توافر شروطها وصفات الحيازة
يحميها القانون.
وفي هذا الصدد قضت محكمة النقض المصرية بأنه '':لودعت ضرورة هذا البحث في
الحيازة للرجوع إلى مستندات حق المالك فال يكون ذلك مقصودا لذاته بل يكون على سبيل
االستثناء وبالقدر الذي يقتضيه التحقق من توافر شروط اليد''.47
ثانيا :إصدار الحكم في دعوى الحيازة وتنفيذه
الحكم الصادر في دعوى الحيازة هو عبارة عن القرار الصادر من المحكمة المشكلة تشكيال
صحيحا والمختصة في الخصومة المرفوعة إليها،فهو خاتمة المطاف في أي من دعاوى
حماية الحيازة ألنه يصدر بعد أن يدلي الخصوم بطلباتهم دوفوعهم ودغاءهم فيحسم كل
خالف بين الخصوم ،ومن ثم فإن الحكم يتصل بكل من القوانين المقررة للحقوق والقوانين
اإلجرائية ألنه يصدر بشكل معين وفق قانون المرافعات لقانون المسطرة المدنية) .فيشتمل
على وقائع الدعوى ودليل وجودها المادي وتقدير المحكمة وفهمها لهذه الوقائع ودليل هذا
الفهم وإعمال القاعدة المتعين إعمالها بصدها بعد تكييفها.
إن الحكم الصادر في إحدى دعاوى الحيازة يقتصر على إرجاع الحالة إلى ماكانت عليه قبل
التعدي على الحيازة ،أو رفع التعرض أو وقف األشغال بصفة مؤقتة ،وال يعطي حق ملكية
العقار المحكوم بإرجاع حيازته إلى من حصر له به ،بل يبقى ذلك من اختصاص قاضي
االستحقاق ،وبذلك فإن حجية الحكم الحيازي هي حجية مؤقتة تبقى ما بقيت الحالة التي
فصل فيها الحكم الحيازي بين نفس األطراف وعلى نفس الموضوع ونفس السبب ،وهكذا لو
أن المكتري أو الحائز العرضي بصفة عامة رفع دعوى استرداد الحيازة وفشل فيها لعدم
توفره على شروط الحيازة وحكم برفض طلبهن فإن هذا الحكم ال يمنع الحائز القانوني
المتوفر على شروط الحيازة التامة من أن يرفع الدعوى على نفس المدعى عليه طالبا
استرداد ما وقع التعدي عله وال واجه بسبقية الفصل في القضية النه من جهة لم يكن طرف
في الدعوى االولى ومن جهة ثانية فإن الحكم الحيازي ال يمنح حق الملكية لمن صدر
لصالح مدعيا إذا حكم وفق طلبه ،أو مدعى عليه إذا حكم برفض طلب استرداد الحيازة.
- 47نقض ،28/1/1964ذكره مدت محمد الحسيني ،المرجع السابق ،ص .126
14
ثم إن الحكم الذي يصدر عن المحكمة في الدعاوى الحيازية هو دوما حكم ابتدائي يقبل
االستئناف الن النزاع ف الدعاوى الحيازية يعتبر موضوعه غير محدد قيميا كما أن النزاع
الذي تكون قيمة موضوعه غير محددة يبث فيه ابتدائيا.
كما أن الحكم القاضي برد الحيازة لصاحبها ال يكون حجة على أنه مالك لذلك العقار وإنما
يعني منع الغير من يعمل يضر بحيازة هذا الحائز وذلك داخل تحت تعريف الحق
الشخصي ،48ألنه إلتزام باالمتناع عن عمل مثله في ذلك مثل المنافسة غير المشروعة .
49
والجدير باإلشارة إليه في ختام هذه الفقرة أن األحكام الصادرة في دعوى الحيازة ال يجوز
تنفيذها جبرا مادام الطعن فيها باالستئناف جائزا إال إذا كان النفاذ المعجل منصوصا عليه
في القانون أو مأمور له في الحكم.
- 48يعرف الحق الشخصي بأنه سلطة يقررها القانون لشخص معين تجاه شخص آخر تمكنه من إلزامه بأداء عمل أو االمتناع عنه
بغاية تحقيق مصلحة مشروعة له .
- 49يقصد بالمنافسة غير المشروعة استخدام الشخص لوسائل منافية لمبادئ الشرف واالستقامة في مزاحمته لغيره على نحو يلحق
ضرر بأحدهم أو ببعضهم.
15
خاتمة الفصل الثاني
قدمنا في هذا الفصل أنواع دعوى الحيازة وحكم سماعها وقسمنا بحثنا هذا إلى مبحثين
تناولنا في المبحث األول أنواع دعوى الحيازة وخصصنا المبحث الثاني للحديث عن
إجراءات دعوى الحيازة وتحقيقها وكذا الحكم فيها.
ثم ذكرنا في المبحث األول أقسام دعوى الحيازة ،وفصلنا الكالم عن كل واحدة منها على
حد سواء من حيث أطراف الدعوى أو موضوعها أو سببها وخلصنا إلى أن المدعي في
دعاوى الحيازة الثالثة دعوى من التعرض ،دعوى وقف األعمال الجديدة ودعوى استرداد
الحيازة هو الحائز للعقار ويمكن أن يكون مالكا ،وقد ال يكون مالكا ،وفي هذه الحالة تقوم
الحيازة على وضع مادي مستقل عن السند القانون الذي يعتمد واضع اليد أساس إلثبات
حقه ،وال حنا أن المدعي في دعوى منع التعرض يجب عليه أن يثبث خالفا لدعوى استرداد
الحيازة أن حيازته أصلية ال حيازة عرضية ،أي أنه يحوز لحساب من فسه ال لحساب
غيره .بينما رأينا أن المدعى عليه هو ذلك الشخص الذي إما أن يتعرض للمدعي في
حيازته وإما أن ينتزع الحيازة من الحائز بالقوة أو الغصب وإما أن يبدأ أعماال في عقاره
الذي يملكه لم تصل إلى حد تصبح فيه تعرضا فعليا لحيازة المدعي.
كما بينا موضوع دعوى الحيازة فوجدنا أنه يتحدد في دعوى منع التعرض في إزالة
األعمال التي تمت في حين يكون محل دعوى استرداد الحيازة هو الشيء ذاته محل الحيازة
الذي يباشر عليه الحائز الفعلية بقصد الظهور عليها أي الحيازة بمهر المالك أما الموضوع
دعوى وقف األعمال الجديدة فإنه ليس منع التعرض بل أعماال لو تمت لكان فيها نعرض
المصلحة فيها مستقبلية غير حالة قررت لحماية الحائز من خطير مستقبلي.
وعالوة على ذلك أوضحنا أن سبب دعوى الحيازة هو ذلك االعتداء الحاصل على حيازة
المدعي ،ويكون مصدر هذا االعتداء إما تعرضا ماديا أو تصرفا قانونيا أو تعرضا ناجما
عن أشغال عامة أو خاصة.
ومن جهة أخرى ،ذكرنا في المبحث الثاني من هذا الفصل إجراءات دعوى الحيازة
وتحقيقها ولحكم فيها ،وأثبتنا أنه رغم الطابع االستعجالي لدعوى الحيازة فإن الذي يختص
بنظرها هو القضاء الموضوعي Vن وذلك على مستوى االختصاص النوعي أما من حيث
االختصاص المحلي فإن المحكمة المختصة هي محكمة محل العقار على اعتبار أنها أقدر
من غيرها على حل النزاع المتعلق بالحيازة وأسلفنا أن ذلك يشكل استثناء من األصل العالم
لقواعد االختصاص المنصوص عليها في قواني اإلجرا.
وأخيرا بين أثار دعوى الحيازة والحكم فيها ،واستنتجنا أن هناك آثار غاية في األهمية نص
عليها المشرع في قانون المسطرة المدنية في الفصل .170وألحقا بذلك الكالم عن إصدار
16
الحكم في دعوى الحيازة ،وقلنا أن الحكم في هذه الدعوى إنما يقتصر على إرجاع الحالة
إلى ماكانت عليه قبل التعدي على الحيازة ،أو رفع منع التعرض ،أو وقف األشغال بصفة
مؤقتة.
17
خاتمة عامة:
بعد أن فرغنا بحمد هللا وتوفيقه من هذه الدراسة نود أن نوجز خالصة ألهم ما ورد فيها من
نتائج كمايلي:
-1تعرضنا لتعريف الحيازة في اللغة وفي اصطالح الفقهاء وفي القانون وتبين لنا أن
الحيازة في اللغة وردت بمعان كثيرة منها استحقاق الشيء وضمه وجمعه وكذلك وردت
بمعان التوجه واالنفراد.
-2اتضح لنا أن الحيازة بمعناها العام تعني وضع اليد على الشيء واالستيالء عليه وقد ثبت
لنا أن هذه الحيازة بعد اكتمال شروطها تكون سببا من أسباب كسب الملكية في الفقه
اإلسالمي والقانون.
-3أورد فقهاء المالكية شروطا كثيرة لصحة الحيازة ووضعوا Vلها أقساما ومراتب وفصلوا
فيها القول تفصيال دقيقا ،لذلك جعلنا مذهبهم هو األساس في دراسة شروط الحيازة في الفقه
اإلسالمي ،فقد وضعوا الصحة الحيازة سبعة شروط هي:
-1تصرف الحائز.
-2ادعاؤه الملكية
-3استمرار حيازته مدة طويلة
-4حضور المحوز عليه
-5علمه بملكية للمال المحاوز وعلمه بحيازة الحائز له
-6سكون المحوز عليه بال مانع
-7تحليف الحائز اليمين
-4اشترط رجال القانون توفر بعض الصفات في الحيازة لكي تكون صحيحة وذات أثر
قانوني ،وهي الهدوء والعلنية واالستمرار وأن تكون الحيازة غير مجردة من الموجب
القانوني وأن تكون خالية من االلتباس.
-5تبين لنا من هذه الدراسة أن للحيازة أثارا عظيمة في إثبات الدعاوى وفي كسب الملكية
في اإلسالم والقانون ،فالحيازة تفيد الحائز في االثبات وتجعله في مركز المدعى عليه
18
وتنتقل عند عب االثبات إلى المدعي وذلك ألن الظاهر شهد له بالملك وبحيازته والحيازة
ترجع بنية واضع اليد عند تكافؤ البنتين وعدم وجود مرجع ألحد البينتين.
-6رأينا أن جمهور الفقهاء المسلمين لم يدرجوا الحيازة والتقادم ضمن أسباب كسب الملكية.
-7اعتبر فقهاء القانون الوضعي أن الحيازة والتقادم سببا من أسباب كسب الملكية.
-8الحظنا أنه من بين أهم القواعد التي تسري على دعوى الحيازة هناك قاعدتين هامتين
هما-1 :قاعدة عدم جواز الجمع بين دعوى الحيازة ودعوى الملكية-2.قاعدة عدم حجية
الحكم الصادر في دعوى الحيازة بالنسبة لدعوى الملكيةV.
-9لم يخصص الفقه اإلسالمي للحيازة دعاوى خاصة تحميها دون الجمع بينها وبين دعاوى
إثبات الملكية كما فعل القانون الوضعي وذلك ألن الفقه اإلسالمي يرى أن الحيازة إذا كانت
مستندة إلى حق يقره الشارع الحكيم للحائز كحيازة المالك أو المنتفع ،فإن هذه الحيازة تكون
حيازة محترمة فال يجوز التعدي عليها وال سلبها من صاحبها فإذا تعدى عليها أحد بال حق
يمنع المعتدي ويرد المال لصاحبه ولكن بعد إثبات مشروعية حيازته كان يتبث ملكيته لها
أو أي حق له عليها بالبنية الشرعية.
-10استنتاجا أن شروط الحيازة هي موانع االستحقاق ،ذلك أنه بتوفر هذه الشروط يمتنع
على المحوز عليه المطالبة بحقه ألن سكوته طول مدة الحيازة مع حضوره ورؤيته للحائز
يتصرف في الشيء المحوز بشتى أنواع التصرفات يعتبر رضى منه على ذلك.
-11إن الثروة الفقهية والنوازل واالجتهادات القضائية التي تكونت بشأن حماية الحيازة
دليل قاطع على األهمية التي يكتسيها هذا الموضوع.
19