You are on page 1of 12

‫عرض حول ‪ :‬طرق تدبير‬

‫المرفق العمومي من قبل‬


‫الخواص‬
‫من انجاز ‪ :‬محمد فرعون‬
‫أسماء زواق‬
‫تميمونت لعري‬

‫تحت اشراف‪ : ‬األستاذة الهام بخوشي‬


‫الفرع األول ‪ :‬االستغالل غير المباشر او اإلنابة‬
‫يقصد باالستغالل غير المباشر او االنابة تعهد اإلدارة بمقتضى عقد ألحد الخواص (فردا او شركة)‬
‫بتسيير* احد المرافق العمومية ذات الطبيعة االقتصادية‪ ,‬مع قيام اإلدارة المتعاقدة بتوفير* األموال الالزمة‬
‫لسير المرفق* واستفادتها من األرباح التي يحققها وتحملها للخسائر المالية التي يتعرض لها والمسؤولية‬
‫عن األضرار* التي يلحقها بالغير‪ ،‬أما الشخص الخاص فيتقاضى عوضا ماليا لقاء قيامه بتسيير* المرفق‪،‬‬
‫ويتكون العوض من عنصرين‪: 1‬‬
‫عنصر ثابت‪ :‬يتجلى في مبلغ مالي محدد يتلقاه الشخص الخاص فصليا أو سنويا بغض النظر عن فشل‬
‫المرفق* أو نجاحه‪. ‬‬
‫عنصر إضافي‪ :‬يتكون من مبالغ مالية تشجيعية وتحفيزية‪ ،‬تؤدى للشخص الخاص لتحفيزه عل مضاعفة‬
‫جهوده في سبيل حسن تسيير المرفق* واستغالله الجيد تحقيقا لألهداف المتوخاة من إحداثه‪.‬‬
‫على أساس ذلك‪ ،‬يضطلع الشخص الخاص بمجموعة من الصالحيات داخلة في نطاق اختصاصه‬
‫المباشر* لتسيير* المرفق العمومي‪ ،‬والتي تجعله يقوم بكل األعمال التي تضمن أداء المرفق* لخدماته‬
‫ونشاطه في أحسن الظروف* وفقا لما تتطلبه المصلحة العامة‪ ،‬بحيث يكون له الحق في إصدار التعليمات‬
‫وتحديد* الضوابط الكفيلة بتدبير المرفق ‪ ,‬توجيه المستخدمين وحثهم على استغالل المرفق* بشكل جيد‪,‬‬
‫الحرص على أداء المرفق* لخدماته بانتظام* واستمرار‪.....‬‬
‫وفي* مقابل ذلك‪ ،‬قد تتدخل اإلدارة في تسيير المرفق* المسير* بطريقة االستغالل غير المباشر أو اإلنابة من‬
‫خالل تشديد* الرقابة عليه‪ ،‬وتحديد أجور المستخدمين وإدخال االصالحات والتعديالت الضرورية عليه‪،‬‬
‫تفاديا للنتائج السلبية التي قد يتعرض لها المرفق* والتي يتحملها الشخص العام بمفرده دون الشخص‬
‫الخاص الذي قد يحرم* نتيجة فشل المرفق* وسوء تدبيره من المكافأة التشجيعية فقط‪ ،‬أما العوض المالي‬
‫‪1‬‬
‫عن التدبير* فهو* مضمون بالنسبة إليه كيفما كانت الوضعية االقتصادية للمرفق‪ ،‬سواء رابحة ام خاسرة‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪: ‬طريقة شركات االقتصاد المختلط‬
‫المطلب األول‪: ‬النظام القانوني لشركات االقتصاد المختلط‬
‫إذا كان شركات االقتصاد* المختلط من األشخاص المعنوية الخاصة التي تخضع لقواعد القانون التجاري‪،‬‬
‫فإن مساهمة السلطات العمومية في رأسمالها بجعلها تتميز بمجموعة من الخصائص األساسية‪ ،‬يمكن‬
‫تلخيص أهمها فيما يلي‪: ‬‬
‫‪-‬على الرغم من خضوع شركة االقتصاد* المختلط للقانون التجاري‪ ،‬فإن مساهمة السلطات العمومية في‬
‫جزء من رأسمالها‪ ،‬سواء قل أو كثر‪ ،‬إلى جانب الخواص‪ ،‬بجعلها شركة مساهمة غير عادية‪ ،‬بالنظر‬
‫لوجود* مساهم عمومي متميز كالدولة أو أحد األشخاص المعنوية العمومية األخرى يحرص على‬
‫االحتفاظ بأغلبية األسهم في الشركة‪ ،‬لكي يضمن استمرارية رقابته عليها‪ ،‬نظرا الرتباطها بوجود*‬
‫المرفق* العمومي‪ ،‬بل يالحظ في بعض الحاالت أن السلطات التي يتمتع بها الشخص العمومي داخل‬
‫الشركة التتوافق* مع النسبة الضئيلة للرأسمال التي يمتلكها فيها‬
‫إن مساهمة الشخص العمومي* في شركة االقتصاد المختلط‪ ،‬تجعله يتمتع بحق تسيير الشركة طبقا‬
‫لقواعد القانون التجاري‪ ،‬لكن ارتباط مساهمة الشخص العمومي في رأسمال الشركة بوجود مرفق*‬

‫‪1‬‬
‫عموي‪ ،‬يتيح له ممارسة سلطات مهمة ضمانا للمصلحة العمومية كتعيين المدير وأعضاء مجلس اإلدارة‬
‫وممثليه في‬

‫المجلس اإلداري للشركة‪ ،‬استخدام حق االعتراض التوفيقي* أو المطلق على قرارات الجمعية العامة‬
‫للمساهمين أو المجلس اإلداري* التي تتنافى مع مقتضيات سير المرفق العمومي‪.‬‬
‫تحرر شركة االقتصاد المختلط من إجراءات المالية العمومية‪ ،‬لخضوعها للقواعد المفروضة عل‬
‫الشركات التجارية (كالقيد في السجل التجاري أو مسك الدفاتر التجارية أو خضوعها للضريبة عل‬
‫األرباح واختصاص القضاء التجاري في بعض المنازعات المترتبة عن نشاطها)‪ ،‬فإنها مع ذلك‬
‫تخضعها* للمراقبة المالية من لدن المجلس األعل والمجالس الجهوية للحسابات طبقا لمقتضيات مدونة‬
‫المحاكم المالية‪.‬‬
‫واستنادا* إلى هذه الخصائص التوجيهية‪ ،‬يمكن اإلقرار أن شركات االقتصاد المختلط قد تنشأ بأحد الطرق‬
‫الملخصة في النقاط التالية‪:‬‬
‫‪ -‬تنشأ من لدن الشخص العمومي في أول األمر‪ ،‬ثم يبيع أسهمه بعد ذلك للخواص‪ ،‬فتنتقل الشركة العامة‬
‫بذلك من شركة يتملك الشخص العمومي كل رأسمالها إلى شركة اقتصاد مختلط‪،‬‬
‫‪ -‬تنشأ بمبادرة من الشخص العمومي بعد االتفاق مع المساهمين الخواص كما هو الحال بالنسبة للبنك‬
‫المربي للتجارة الخارجية‪،‬‬
‫‪ -‬تنشأ عن طريق مساهمة الشخص العمومي* في رأسمال شركة خاصة كانت قائمة من قبل كالشركة‬
‫الغربية للنقل لخطوط* وطنية‪،‬‬
‫‪ -‬تنشأ بعد تحويل طريقة تدبير مرفق* عمومي موجود* من قبل‪ ،‬وذلك في حالة تدخل الشخص العمومي*‬
‫للمساهمة في رأسمال مرفق* عام يسير بأسلوب االمتياز‪ ،‬أو تحويل أسلوب تدبير مرفق* العمومي مؤسسة‬
‫عامة تجارية أو صناعية إلى شركة اقتصاد* مختلط‪.‬‬
‫استنادا إلى ما سلف يمكن اإلقرار* أن بالتعدد* في طرق ووسائل إحداث شركات االقتصاد* المختلط‪ ،‬وهو‬
‫تعدد يؤثر عل مظاهر إلغائها‪ ،‬بحصول دواعي انتهاء أو انقضاء شركات المساهمة الخاصة طبقا‬
‫لمقتضيات القانون الخاص‪ ،‬وقد تلغى بتحويلها* إلى القطاع الخاص عبر أسلوب الخوصصة‪ ،‬أو بتحويلها*‬
‫إلى شركة عامة وطنية مملوكة كليا من لدن السلطات العامة‪ ،‬عالوة على أنها تنتهي بنفس الوسيلة‬
‫القانونية التي احدثت بها‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ : ‬التنظيم اإلداري لشركات االقتصاد المختلط‬
‫يحيل التنظيم اإلداري لشركات اإلقتصاد المختلط على مختلف األجهزة المكلفة بتسييرها التي تتمثل‬
‫أساسا في الجمعية العامة للمساهمين والمجلس اإلداري ورئيسه والمدير* واللجنة التقنية ‪.‬‬
‫أ‪ -‬الجمعية العامة للمساهمين‪:‬‬
‫تعد الجمعية العامة للمساهمين صاحبة السلطة التقريرية في شركات المساهمة طبقا لقواعد القانون‬
‫التجاري‪ ،‬لكن دورها في شركات االقتصاد المختلط يظل من الناحية العملية شكليا وضعيفا‪ ،‬بالنظر‬
‫لمساهمة الشخص العمومي في رأسمالها الذي قد يمتلك أغلبية األسهم في الشركة‪ ،‬وهو ما يمكنه من‬
‫اتخاذ القرارات الفردية‪ ،‬فتصبح بذلك الجمعية العامة للمساهمين مجرد مقام إلخبار المساهمين الخواص‬
‫المالكين ألقلية األسهم في الشركة‪ ،‬عل أن الشخص العمومي* قد يستفيد من امتيازات غير عادية تقررها‬
‫النصوص القانونية المنظمة لهذا النوع من الشركات خارج قواعد القانون التجاري المطبقة على‬
‫شركات المساهمة بحيث يتم تعيين أعضاء الجمعية العامة للمساهمين بشكل مباشر* من لدن الدولة عالوة‬
‫عل أن مندوبي* الدولة ال يفرض عليهم ان يكونوا مساهمين حقيقين او مالكين حقيقيين لالسهم ‪ ,‬لذلك فان‬
‫الجمعية العامة للمساهمين تجد نفسها مجردة من أية سلطة للتقرير او تغيير رأسمال الشركة‬
‫أو اتخاذ التدابير* الهامة‪ ،‬بل حتى عندما تتمكن من اتخاد مثل هذه التدابير ‪ ,‬فهي تحتاج لكي تطبقها‬
‫لموافقة السلطة الحكومية عليها‪.‬‬
‫ب ‪-‬المجلس اإلداري‪:‬‬
‫يتشكل المجلس اإلداري لشركات االقتصاد* المختلط من ممثلي الدولة وممثلي* المساهمين الخواص الذين‬
‫يتم تعيينهم وفقا للمقتضيات القانونية المنظمة لشركات المساهمة من جهة‪ ،‬وتتصرف* الدولة داخل‬
‫المجلس اإلداري بمقعد أو بعدة مقاعد حسب مساهمتها* في رأسمال الشركة‪ ،‬كما أضاف الفصل الثاني‬
‫من نفس المرسوم* عل أن ممثلي السلطة العمومية داخل المجالس اإلدارية يعملون بنفس الحقوق ونفس‬
‫الصالحيات التي يعمل بها ممثلو الخواص‪ ،‬وبالتالي* فإن ممثلي الشخص الخاص في المجلس اإلداري ال‬
‫يتمتعون بأي امتياز من أي نوع إزاء األعضاء اآلخرين ويتحملون نفس الواجبات‪.‬‬
‫ويمارس* المجلس اإلداري لشركات اإلقتصاد* المختلط نوعين من األختصاصات‪:‬‬
‫يتعلق النوع األول باختصاصات ذات طبيعة أصلية تنتج عن بعض فصول الوثائق المنشئة لهذا النوع‬
‫من الشركات‪ ،‬والشركات التجارية عموما‪ .‬وينحصر* النوع الثاني في اختصاصات مفوضة ترجع أصال‬
‫للجمعية العامة للمساهمين‪ ،‬وتقوم* هذه األخيرة بتفويضها له‪ ،‬كما يمكن للمجلس نفسه أن يفوض بعض‬
‫اختصاصاته لرئيسه أو لمديري* المقاولة‪ .‬أما عن طريقة سير المجلس اإلداري‪ ،‬فإنها تخضع مبدئيا‬
‫للقواعد المسطرة في قانون الشركات لكن تسيير هذه الهيئة التداولية قد يخضع للتكييفات التي تنص‬
‫عليها النصوص التنظيمية‪.‬‬
‫ان ما ينبغي اإلشارة إليه هو أنه يتم تعيين رئيس المجلس اإلداري من لدن السلطة العمومية بدال من‬
‫المجلس اإلداري باعتباره تعتبر الجهاز التنفيذي األعلى‪ ،‬ال سيما في شركات االقتصاد المختلط التي‬
‫تمتلك فيها الدولة اغلبية األسهم ‪ ،‬هكذا من الناحية العملية يتم تعيين رئيس المجلس اإلداري* من طرف‬
‫المجلس اإلداري شريطة المصادقة البعدية عليه من السلطات اإلدارية المختصة من جهة أولى‪ ،‬أو يعينه‬
‫المجلس اإلداري* بعد اقتراحه من لدن السلطة اإلدارية المختصة من جهة ثانية‪ .‬وقد يقترح المجلس‬
‫اإلداري الرئيس في حين يبقى حق التعيين من اختصاص السلطة اإلدارية الوصية من جهة ثالثة‪.‬‬
‫ويمكن تعيينه أيضا من لدن اإلدارة الوصية من دون تدخل من المجلس اإلداري من جهة رابعة‪ .‬وفي‬
‫هذه الحالة فإن الرئيس يتمتع بوضعية من القانون العام بحكم طريقة تعييه‪ ،‬كما ان اختصاصاته تكون‬
‫مترجمة لتعليمات الدولة أكثر من توجيهات الجمعية العامة للمساهمين أو المجلس اإلداري‪ ،‬مما يجعل‬
‫دوره يكمن في الحرص عل تنفيذ السياسة االقتصادية للحكومة داخل الشركة‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ : ‬أسلوب التدبير باالمتياز وأسلوب التدبير المفوض‬
‫المطلب األول‪ : ‬أسلوب االمتياز‬
‫يقصد بأسلوب االمتياز أو االلتزام في تدبير المرافق* العمومية تعهد اإلدارة مانحة االمتياز‪ ،‬بموجب عقد‬
‫إداري إلى أحد األفراد الخواص أو أحد األشخاص المعنوية الخاصة أو العمومية‪ ،‬بتدبير مرفق* عمومي‬
‫‪-‬غالبا ما يكون تجاريا* أو صناعيا‪ -‬خالل مدة محددة‪ ،‬على نفقته ولحسابه وتحت مسؤوليته مقابل تقاضي‬
‫رسوم* من المنتفعين من خدمات المرفق‪ .‬وهو تحديد يحيل عل تمكن اإلدارة‪ ،‬من خالل إبرام عقود‬
‫االمتياز* أو االلتزام‪ ،‬من ترك المبادرة لألشخاص الطبيعيين أو المعنويين قصد تحمل مسؤولية تدبير*‬
‫المرافق* العمومية ذات الطبيعة االقتصادية (النقل‪ ،‬توزيع الماء والكهرباء‪ ،‬الهاتف ‪ )...‬بأموالهم*‬
‫وعمالهم‪ ،‬على ان تكون األرباح المحققة في المرفق* لحسابهم‪ ،‬مع احتفاظ اإلدارة مانحة االمتياز‪ ،‬بحقها‬
‫في مراقبة مدى التزام الخواص باألداء الجيد لألنشطة المرفقية وبشكل منتظم ومستمر‪ ،‬ما دام أن تلك‬
‫األنشطة تستهدف بالدرجة األولى تحقيق المنفعة العامة‪ ،‬مما يجعل أيضا هؤالء الخواص يستفيدون من‬
‫بعض امتيازات السلطة العامة كشغل الدومين العام أو نزع الملكية ألجل المنفعة العامة‪.‬‬
‫‪ -1‬المميزات القانونية لعقد االمتياز‪:‬‬
‫إن تدبير األشخاص الخواص للمرافق العمومية‪ ،‬يجعل أسلوب االمتياز* يتميز* بمجموعة من الخصائص‬
‫القانونية يمكن إجمالها في العناصر* التالية‪:‬‬
‫أ‪ -‬االمتياز عقد إداري‪:‬‬
‫تحيل هذه الخاصية عل الطبيعة العقدية لالمتياز‪ ،‬باعتباره عقد إداري يبرم بين سلطة إدارية مركزية أو‬
‫محلية وبين أشخاص من القانون الخاص (أفراد أو شركات خاصة)‪ ،‬بيد أنه يمكن أن يبرم مع شخص‬
‫من أشخاص القانون العام‪ ،‬ويمكن التمييز هنا بين المؤسسة العامة الملتزمة والمؤسسة العمومية غير‬
‫الملتزمة‪ ،‬اعتمادا على وجود* عقد مع اإلدارة مانحة االمتياز بالنسبة لألولى‪ ،‬وانعدامه او وجود وصاية‬
‫إدارية بالنسبة للثانية‪ .‬وبموجب هذه الخاصية ‪ ,‬يتكون عقد االمتياز من شقين أساسيين ‪ ,‬يتعلق األول‬
‫باالتفاق المبرم بين الملتزم ومانح االمتياز‪ ،‬ويتضمن موضوع العقد‪ ،‬وعناصره األساسية‪ ،‬وكذلك طرق‬
‫تمويله الخاصة‪ .‬ويتضمن الثاني دفتر التحمالت‪ ،‬والذي يحدد القواعد العامة لالمتياز‪ ،‬وطرق* إقامة‬
‫المنشآت وقواعد االستغالل‪ ،‬والمبادئ التي يتم عل أساسها* حل النزاعات المحتملة بين الطرفين*‬
‫‪1‬‬
‫المتعاقدين"‪.‬‬
‫ب‪– ‬االمتياز عقد مركب‪: ‬‬
‫اختلف الفقه اإلداري في طبيعة عقد االمتياز بين اتجاه أول يقول بأنه مجرد قرار إداري تصدره اإلدارة‬
‫للملتزم بها تتمتع به من امتيازات السلطة العامة ‪-‬وهو توجه ظهر في ألمانيا‪ -‬أعطى سلطة واسعة‬
‫لإلدارة دون مراعاة حقوق الملتزم‪ .‬بينما أن هنا اتجاه ثان يعتبر االلتزام مجرد عقد وهو توجه ظهر في‬
‫فرنسا‪ -‬كان يدافع عن الملتزم في مواجهة اإلدارة‪ ،‬وفي نفس الوقت كان يؤخذ عليه أنه يبالغ في منع‬
‫اإلدارة من تعديل بنود العقد الشيء الذي قد يحد من امتيازاتها التي تتمتع بها كسلطة عامة للدفاع عن‬
‫المصلحة العامة‪ .2‬وهناك اتجاه ثالث يتزعمه الفقيه ديجي ‪ ،Duguit‬يسند الطبيعة المركبة أو المختلطة‬
‫لعقد االمتياز* الذي يتضمن مقتضيات ذات طبيعة تعاقدية وأخرى* ذات طبيعة تنظيمية‪: ‬‬
‫‪ -‬يتحدد النوع األول في االلتزامات المتبادلة بين اإلدارة مانحة االمتياز من ناحية والملتزم أو صاحب‬
‫االمتياز* من ناحية أخرى‪ ،‬وهي مقتضيات ال تهم المنتفعين مباشرة كمدة االلتزام* وكيفية استرداده ‪،‬‬
‫وباقي* المزايا المالية األخرى التي تكفل لصاحب االمتياز‪ ،‬كضمان حد أدنى من األرباح‪ ،‬التوازن المالي‬
‫للعقد‪ ،‬إعفاءات ضريبية‪ ،...‬ذلك أن األصل في هذا النوع من المقتضيات ال يعطي اإلدارة الحق في‬
‫تعديلها بإرادتها* المنفردة‪ ،‬إال بعد الحصول عل موافقة صاحب االمتياز‪*.‬‬
‫‪-‬يمتد النوع الثاني من هذه المقتضيات إلى المنتفعين من المرفق* وال ينحصر أثرها على صاحب‬
‫االمتياز* واإلدارة مانحة االمتياز‪ ،‬وتهم أساسا تنظيم المرفق* العمومي وسيره‪ ،‬كما هو الحال بالنسبة‬
‫لتحديد الرسوم* التي تلقاها الملتزم من المنتفعين والشروط والقواعد المرتبطة باستغالل المرفق* ‪ ،...‬وهي‬
‫المقتضيات التي تنفرد اإلدارة بحق تعديلها دون موافقة صاحب االمتياز‪ ،‬ألنها تدخل في نطاق‬
‫اختصاصها ما دامت تتعلق بتنظيم* المرفق وفقا لمقتضيات المصلحة مع وجوب تعويض الملتزم عن‬
‫األضرار* التي لحقته نتيجة هذا التعديل الذي أخل بالتوازن المالي للعقد‪.‬‬
‫إن التمييز بين المقتضيات التعاقدية والمقتضيات التنظيمية في عقد االمتياز‪ ،‬اعتمادا على أن المقتضيات‬
‫األولى يمكن االستغناء عنها لو أن المرفق أدير بأسلوب اإلدارة المباشرة‪ ،‬في حين أن المقتضيات‬
‫التنظيمية تبقى قائمة كيفا كان األسلوب المتبع في تدبير المرفق‪ ،‬ألنها تخص تنظيم* المرفق* العمومي‬
‫وسيره‪.‬‬
‫ج ‪-‬االمتياز يمنح من لدن سلطة مختصة‪:‬‬
‫إذا كان عقد االمتياز يهم استغالل ثروات وطنية وتدبير مرافق* عمومية حيوية‪ ،‬وبالنظر* لتدخل شركات‬
‫أجنبية في تدبير هذه المرافق بواسطة هذا النوع من العقود‪ ،‬األمر الذي تترتب عنه آثار سياسية‬
‫واقتصادية‪ ،‬فإنه تم ربط منح االمتياز بموافقة سلطة مختصة بحيث ال يكفي لمنح االمتياز االتفاق فقط‬
‫بين اإلدارة والمتعاقد‪ .‬ذلك أن الدستور* المغربي* لم ينص على السلطة المختصة بمنح امتياز المرافق*‬
‫العمومية‪ ،‬بحيث ال يوجد ضمن الئحة االختصاصات* الواردة في المادة ‪ ،46‬مما يؤكد أن هذا‬
‫االختصاص تتو اله السلطة التنظيمية التي يمارسها الوزير* األول بمراسيم* إذا تعلق األمر بمنح امتياز‬
‫لتدبير المرافق* العمومية الوطنية‪.‬‬
‫أما بالنسبة للسلطة المختصة بمنح امتياز المرافق العمومية المحلية‪ ،‬فقد حددها القانون في المجالس‬
‫المحلية المنتخبة‪ ،‬وهكذا تتحدد السلطة المختصة المرافق* العمومية الجهوية من خالل اإلمكانية المخولة‬
‫للمجلس الجهوي تقديم اقتراحات وإبداء آراءه‬
‫ولهذه الغاية‪ :‬يقترح إحداث المرافق العامة الجهوية وطرق تنظيميها* وتدبير شؤونها‬
‫وخاصة عن طريق* الوكالة المباشرة أو الوكالة المستقلة وإما عن طريق االمتياز ‪...‬‬
‫يقوم عامل العمالة أو اإلقليم مركز الجهة بتوجيه االقتراحات واآلراء إلى السلطة يقوم‬
‫‪1‬‬
‫الحكومية المختصة"‪.‬‬
‫د‪ -‬االمتياز لمدة معقولة‪:‬‬
‫ينحصر* استغالل االلتزام من طرف الملتزم في مدة زمنية محددة ذلك أن منحه من طرف الدولة ليس‬
‫مداوما* بل محدودا* في فترة معينة‪ ،‬غير أن هذه األخيرة غالبا ما تكون طويلة المدى ‪ -‬والتي يتم تحديدها‬
‫في أغلب التشريعات* المقارنة في ثالثين سنة لتمكين الملتزم* من المصاريف* التي استثمرها* في المشروع*‬
‫وتحقيق قدر* من األرباح‪.4‬‬
‫ان ما ينبغي اإلشارة إليه في هذا السياق‪ ،‬أنه يترتب عن انتهاء مدة االمتياز انتهاء عقد االمتياز‪ ،‬وبالتالي‬
‫تسترجع* اإلدارة مانحة االمتياز المرفق العام التي قد تختار تدبيره بأسلوب آخر‪ ،‬على أنه يمكن لإلدارة‬
‫أن تنهي االمتياز بإرادتها المنفردة قبل انتهاء مدته‪ ،‬مع التزامها بتعويض الملتزم عن األضرار التي قد‬
‫تلحقه نتيجة ذلك‪ ،‬ومن جانب اخر يتم إنهاء االمتياز* ألسباب غير انتهاء مدة االمتياز‪ ،‬كاإلنهاء من لدن‬
‫اإلدارة‪ ،‬وفي* حالة عقوبة ارتكاب صاحب االمتياز ألخطاء جسيمة وتقصيره في تنفيذ التزاماته أو حدوث‬
‫قوة قاهرة بحيث يستحيل معها عل صاحب الوفاء بالتزاماته‪ ،‬أو إذا ما قررت اإلدارة شراء االمتياز أو‬
‫تأميمه‪.‬‬
‫‪ —2‬اآلثار القانونية لعقد االمتياز‪:‬‬
‫إن ارتباط عقد االمتياز بتدبير مرفق عمومي قائم عل إشباع حاجيات عامة ذات منفعة عامة‪ ،‬يجعل‬
‫نتائجه تنعكس عل طرفيه‪ ،‬سواء تعلق األمر من جهة باإلدارة مانحة االمتياز التي تحرص على أن يتم‬
‫تدبير المرفق* العمومي موضوع* عقد االمتياز* في أحسن الظروف‪ *،‬أو بصاحب االمتياز الذي يهدف إلى‬
‫تحقيق األرباح من وراء إبرامه لعقد االمتياز من جهة أخرى‪ ،‬مما يجعل نتائج عقد االمتياز* تتمثل في‬
‫الحقوق وااللتزامات المتبادلة بين طرفي العقد (اإلدارة مانحة االمتياز وصاحب االمتياز)‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫نتائج أخرى تتمثل في الحقوق التي يتمتع بها المنتفعون من خدمات المرفق* العمومي‪.‬‬
‫أ ‪ -‬حقوق اإلدارة مانحة االمتياز وواجباتها‪:‬‬
‫تتمتع اإلدارة مانحة االمتياز إزاء الملتزم* بمجموعة من الحقوق حقوق أهمها‪:‬‬
‫الحق الرقابة على تدبير المرفق* العمومي‪ ،‬الحق في تعديل المقتضيات التنظيمية للعقد‬
‫والحق استرداد* المرفق العمومي‪.‬‬
‫• الحق الرقابة على تدبير المرفق* العمومي‪:‬‬
‫تستمد اإلدارة مانحة االمتياز إزاء الملتزم الحق في ممارسة هذه الرقابة ‪ -‬كأول هذه الحقوق ‪ -‬من‬
‫طبيعة المرفق العمومي‪ ،‬ومسؤوليتها* في ضمان تدبيره في أحسن الظروف‪ ،‬لذلك يعد حق الرقابة من‬
‫الحقوق الثابتة لإلدارة سواء نص عليه عقد االمتياز أو لم ينص عليه‪ ،‬ما دام أن األمر يتعلق بإدارة‬
‫مرفق* عمومي مما يتيح لإلدارة مراقبة جميع الجوانب اإلدارية والتقنية والمالية المتعلقة به‪ ،‬على أنه‬
‫يمكن لإلدارة أن تكلف إحدى الهيئات العمومية أو الخاصة بتلك الرقابة‪ ،‬وتهم هذه الرقابة التأكد من‬
‫مراعاة صاحب االمتياز للوسائل التقنية الحديثة في إدارته للمرفق‪ ،‬وللتأكد من فعالية المرفق وكفاءته‬
‫في تقديم الخدمات للمرتفقين‪ ،‬كما تنصب على الجوائب المالية السيما مايخص التحقق من الملتزم يخضع‬
‫للمراقبة المالية ‪ ,‬ولمراقبة المجلس األعلى للحسابات‪.‬‬
‫وبموجب* هذا الحق يجوز لإلدارة مانحة االمتياز إزاء الملتزم أن تطلع عل جميع‬
‫المعلومات الضرورية عن سير المرفق ونشاطه‪ ،‬الذي يمكنها مراجعة جميع الوثائق ‪ ،‬والبيانات واألرقام*‬
‫االحصائية‪ ،‬كما يجوز لها توجيه التعليمات والتوجيهات الى الملتزم اذا تبين لها انه زاغ عن التنفيذ‬
‫السليم لمقتضيات عقد االمتياز ودفتر التحمالت وتملك اإلدارة توقيع الجزاءات على الملتزم من تلقاء‬
‫نفسها‪ ،‬في حالة تقصيره في تطبيق مقتضيات االمتياز‪ ،‬بشكل مباشر* دون اللجوء إلى القضاء وتتخذ*‬
‫هذه الجزاءات شكل غرامات مالية‪ ،‬أو الوضع تحت الحراسة القضائية وبمقتضاه تحل اإلدارة مجل‬
‫الملتزم المقصر في أداء الخدمات من لدنها مباشرة أو بواسطة أشخاص آخرين تعهد إليهم كذلك‪،‬‬
‫ويمكن لإلدارة تجريد الملتزم من حقوقه في االمتياز‪ ،‬في حالة ارتكابه ألخطاء جسيمة يترتب عنها‬
‫تهديد جل لعمل المرفق* العام وسيره‪ ،‬شريطة استصدار حكم قضائي بذلك‪.‬‬
‫• الحق في تعديل المقتضيات التنظيمية للعقد‪:‬‬
‫يستند حق اإلدارة في تعديل المقتضيات التنظيمية لعقد االمتياز كثاني هذه الحقوق من طبيعة المرفق*‬
‫العمومي* والمبادئ األساسية التي تحكمه مثل مبدأ قابلية المرفق* العمومي للتعديل والتغيير‪ *،‬بحيث أن‬
‫اإلدارة تحرص عل إدخال التعديالت الالزمة على تنظيم المرفق* وكيفية اشتغاله‪ ،‬استجابة للتطورات*‬
‫التكنولوجية والظروف* الجديدة‪ ،‬مستهدفة بذلك تحسين اداء الخدمات المرفقية ذات المنفعة العامة‪ ،‬بيد‬
‫أن حق االدارة في تغيير المقتضيات التنظيمية دون التعاقدية ليس مطلقا‪ ،‬وإنما يتم تقييده ببعض القواعد‬
‫أهمها ان يكون التعديل من لدن اإلدارة مانحة االمتياز او من لدن المسؤولين الذين لهم االختصاص في‬
‫القيام بهذه التعديالت‪.‬‬
‫ويتعين عدم تجاوز التعديالت حدا معينا من الجسامة مما قد يؤدي الى احدات مرفق عام جديد او تسيير‬
‫المرفق* العمومي بما يشبه أسلوب اإلدارة المباشرة‪ ,‬اذ في هذه الحالة يجوز لصاحب االمتياز ان يطلب‬
‫فسخ العقد‪.‬وعدم تجاوز* تعديالت اإلدارة لالمكانيات المالية والتقنية لدى صاحب االمتياز‪,‬وذلك* تفاديا‬
‫الملتزم بتحميله مايتجاوز امكانياته المالية والتقنية أخيرا اال تخل التعديالت بالتوازن المالي للعقد‪,‬بحيث‬
‫انه اذا أدت تعديالت اإلدارة الى قلب اقتصاديات العقد بسبب االضرار والخسائر* التي تلحق الملتزم‪,‬جاز‬
‫لهذا األخير‪,‬بناء على نظرية فعل األمير‪ ,‬المطالبة بالتعويض العادة التوازن المالي للعقد‪.‬‬
‫•الحق استرداد المرفق* العمومي‪:‬‬
‫يعتبر الحق في استرداد المرفق العمومي* من الملتزم كثالث هذه الحقوق قبل نهاية مدة االمتياز‪ ،‬إذا قدرت‬
‫أن تدبير هذا المرفق* بأسلوب االمتياز* لم يعد يتفق مع مقتضيات المصلحة العامة‪ ،‬وبالتالي* تعمد إلى‬
‫شرائه والحلول محل الملتزم في كل األمور المتعلقة بتدبيره‪ ،‬ولإلدارة مانحة االمتياز* الحق في القيام‬
‫بذلك‪ ،‬رغم التطبيق السليم لمقتضيات العقد من لدن الملتزم وعدم إخالله بأي التزام من التزاماته‪ ،‬ذلك‬
‫أن اإلدارة تملك إنهاء العقد من تلقاء نفسها وبإرادتها* المنفردة‪ ،‬وال يملك الملتزم االحتجاج على ذلك‬
‫إزاء اإلدارة ارتكازا عل فكرة الحق المكتسب أو القوة الملزمة للعقد‪ ،‬ويبقى من واجب اإلدارة تعويض‬
‫الملتزم عن األضرار* الالحقة به من جراء االسترداد‪.‬‬
‫وإذا كان عقد امتياز المرافق* العمومية يرتب لإلدارة مانحة االمتياز العديد من الحقوق فإنه يحملها العديد‬
‫من الواجبات األساسية إزاء الملتزم نلخص أهمها في النقاط التالية‪:‬‬
‫‪ -‬االلتزام بتطبيق مقتضيات عقد االمتياز* بشكل سليم‪ ،‬مع احتفاظها بحق تعديل المقتضيات التنظيمية‬
‫للعقد وفق* شروط ومقتضيات* محددة‪.‬‬

‫‪-‬يتعين عليها أال تخالف مقتضيات العقد‪ ،‬من خالل إتيان أعمال وتصرفات تتعارض مع حقوق الملتزم‪،‬‬
‫وال ترتبط بحرص اإلدارة عل سير المرفق* العمومي* وتنظيمه‪ ،‬كأن تفرض عل الملتزم* الحصول* عل‬
‫إذنها إلتمام بعض العقود أو بعض التعهدات المالية‪.‬‬
‫‪-‬يجب عليها عدم تعطيل تنفيذ العقد أو إقامة العراقيل التي تحول دون تمكين الملتزم* من الوفاء‬
‫بالتزاماته‪ ،‬كعدم الترخيص مثال للملتزم باستيراد المواد واآلليات الضرورية لتنفيذ النشاط* المرفقي‪*.‬‬
‫‪ -‬يجب أن تضمن اإلدارة للملتزم الحصول عل حد أدنى من الربح‪ ،‬وأن تتحمل كل األعباء المترتبة عن‬
‫تعديل شروط* العقد سواء كان ذلك بإرادتها* المنفردة أو نتيجة خطئها‪.‬‬
‫‪ -‬حماية صاحب االمتياز* من منافسة المشروعات الخاصة‪.‬‬
‫ب‪ :  ‬حقوق صاحب االمتياز والتزاماته‪.‬‬
‫يتمتع الملتزم بموجب عقد االمتياز بمجموعة من الحقوق‪ ،‬حيث يعتر الحق في تلقي الرسوم من المنتفعين‬
‫من أهم الحقوق التي يتمتع بها صاحب االمتياز بمقتضى عقد االمتياز فما دام صاحب االمتياز يوفر‬
‫مجموعة من اإلمكانيات المالية والبشرية والتقنية ألداء الخدمات المرفقية‪ ،‬فإن من حقه تلقي رسوم* من‬
‫المنتفعين من تلك الخدمات ‪ ،‬السيما وأنها تشكل المردود الرئيسي* في كل المرافق* العمومية المسيرة‬
‫بأسلوب االمتياز‪ ،‬والسند األساسي في تغطية النفقات التي يتحملها الملتزم وفيما* ينشده من أرباح‪.‬‬
‫ويمثل حق صاحب االمتياز في ضمان التوازن المالي للمشروع ثاني هذه الحقوق‪ ،‬ألن الملتزم يتحمل‬
‫أعباء تدبير المرفق العمومي* ذو المنفعة العامة‪ ،‬سعيا لتحقيق مزايا وأرباح مالية‪ ،‬لذلك فإن من واجب‬
‫اإلدارة أن تضمن لصاحب االمتياز عدم اإلخالل بالتوازن المالي للمشروع‪ ،‬بحيث إذا ترتب عل‬
‫اإلجراءات المتخذة من لدن اإلدارة‪ ،‬وهي بصدد رقابتها* لتدبير* الملتزم للمرفق العمومي‪ ،‬أي مساس‬
‫باألرباح المعقولة والمتوقعة التي يتمتع بها الملتزم‪ ،‬شريطة استمراريته في أداء خدماته دون انقطاع‬
‫اللهم إال إذا تعذر ذلك بفعل القوة القاهرة‪ ،‬وال تلتزم اإلدارة بتعويض الملتزم عن الخسائر المالية التي‬
‫يتعرض لها المشروع‪ ،‬إذا كانت ناجمة عن أخطاء صاحب االمتياز وسوء تدبيره للمرفق‪.‬‬
‫هكذا فاستفادة الملتزم من حق التوازن المالي للعقد‪ ،‬تكون في حالة قيام اإلدارة مانحة االمتياز بتعديل‬
‫النصوص التنظيمية في العقد‪ ،‬وتكون أيضا في حالة القيام بإجراءات إدارية او تشريعية ال تهم العقد‬
‫مباشرة ولكنها تؤثر فيه‪ ،‬والتي تصدر عن السلطات المختصة في الدولة ومنها مثال فرض ضرائب‬
‫مرتفعة على المواد التي يستعملها* المرفق أو رفع أجور العمال‪ ،‬إذ من شأن هذه اإلجراءات أن تزيد من‬
‫األعباء التي يتحملها الملتزم‪ ،‬فيكون من حقه المطالبة بالتعويض ضمانا للتوازن المالي للعقد تأسيسا*‬
‫على نظرية فعل األمير من جهة‪ ،‬وقد يختل التوازن المالي للمشروع بسبب ظروف اقتصادية وخارجية‬
‫أو ظروف طارئة غير متوقعة عند إبرام عقد االمتياز‪ ،‬وبذلك يستحق التعويض للملتزم تطبيقا لنظرية‬
‫الظروف الطارئة من جهة أخرى"‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ : ‬أسلوب التدبير المفوض‬
‫الفقرة األولى‪: ‬مفهوم‪ E‬التدبير المفوض‬
‫عرف المشرع المغربي التدبير المفوض بأنه عقد يفوض بموجبه شخص معنوي* يسمى ''المفوض'' لمدة‬
‫محددة‪ ،‬تدبير مرفق* عام يتولى مسؤوليته الى شخص معنوي* خاضع للقانون العام أو الخاص يسمى‬
‫«المفوض إليه» يخول له حق تحصيل أجرة من المرتفقين او تحقيق أرباح من تدبير المذكور أو هما‬
‫معا‪.‬‬
‫كما أن هناك محاوالت ألساتذة القانون اإلداري في تعريف التدبير المفوض نذكر منها‪:‬‬
‫• هو عقد إداري تعهد به السلطة المفوضة للمفوض له‪ ،‬داخل المجال الترابي المحدد في مدار‬
‫التفويض‪ ،‬باستغالل وتدبير* المرفق العام الصناعي والتجاري المحلي لمدة محددة تنتهي بانقضاء مدة‬
‫العقد‬
‫•وفي* تعريف آخر بأنه كل تدبير لمرفق* عام بواسطة شخص معنوي خاص‪ ،‬والتدبير المفوض يغطي‬
‫مختلف طرق التسيير* التقليدية‪ ،‬مثل عقود االمتياز والوكالة ومختلف* اتفاقيات التفويض التي يختلف‬
‫مداها بين حد أقصى وحد أدنى‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ : ‬حقوق وواجبات التدبير المفوض‬
‫أ‪ : ‬حقوق المفوض وواجباته‬
‫يتمتع المفوض بموجب عقد التدبير المفوض بحقوق أساسية ترتبط بسلطتي المراقبة و التتبع الذي تتمتع‬
‫بها المفوض إزاء المفوض إليه‪ ،‬التي تتخذ عدة مظاهر يمكن ان نجملها في‪:‬‬
‫‪ -‬للمفوض المراقبة االقتصادية والمالية والتقنية و االجتماعية والتدبيرية مرتبطة بااللتزامات المترتبة‬
‫عن العقد‪.‬‬
‫‪ -‬يتمتع المفوض بصفة دائمة بجميع سلط المراقبة للتأكد من خالل المستندات وبعين المكان من حسن‬
‫سير المرفق* المفوض وحسن تنفيذ العقد‪.‬‬
‫‪ -‬يمكنه للمفوض أن يطلب اإلطالع أو أن يطلع عل كل وثيقة لدى المفوض إليه لها عالقة بتنفيذ‬
‫العمليات المرتبطة بالتدبير* المفوض‪.‬‬
‫‪ -‬يمكن للمفوض أن يقوم في كل وقت وحين بتدقيقات أو مراقبات خارجية أو أن يستعين بخبراء أو‬
‫أعوان يختارهم ويخبر* بهم المفوض إليه‪.‬‬
‫‪-‬ينص عقد التدبير* المفوض على عقوبات لزجر عرقلة المراقبات التي يمارسها المفوض وكذا لزجر‬
‫عدم الوفاء بااللتزامات التعاقدية المتعلقة باإلعالم والتواصل* التي عل المفوض إليه القيام بها‪.‬‬
‫‪-‬ينص عقد التدبير* المفوض على جميع الوثائق والمعلومات* التي يجب اإلدالء بها للمفوض ألجل تتبع‬
‫ومراقبة التدبير* المفوض ويبين الجزاءات التي يتعرض لها المفوض إليه في حالة عدم احترام هذه‬
‫المقتضيات‬
‫‪ -‬ينص عقد التدبير المفوض عل هياكل لتتبع ومراقبة تنفيذ العقد ويحدد* اختصاصاتها* وصالحياتها‪،‬‬
‫ويحدد* نظام داخل كيفيات سير هذه الهياكل‪.‬‬
‫‪-‬يجب أن ينص عقد التدبير المفوض عل عقد اجتماعات‪ ،‬وفق فترات منتظمة بين المفوض والمفوض‬
‫إليه للنظر في مدى تقدم تنفيذ العقد‪.‬‬
‫‪ -‬إذا كانت مدة التدبير المفوض تفوق عشر سنوات يتعين أن ينص العقد على تقييم مشترك عل األقل‬
‫مرة واحدة كل خمس سنوات مع احتمال مراجعة بعض مقتضياته‪ ،‬دون اإلخالل بالبنود* التي تنص عل‬
‫كيفيات المراجعات الدورية‪ ،‬مع إمكانية ترخيص العقد للمفوض والمفوض إليه بإعادة النظر في شروط*‬
‫سير التدبير المفوض قصد* مالءمته مع الحاجيات عمال بمبدأ مالئمة المرفق* العمومي في إطار احترام‬
‫التوازن المالي للتدبير* المفوض‪.‬‬
‫إن ما ينبغي اإلشارة إليه‪ ،‬هو أنه إذا كانت حقوق المفوض داخل عقد التفويض متعددة المظاهر‪ ،‬فإن‬
‫واجبه األساسي هو التزامه باتخاذ جميع اإلجراءات الضرورية ألجل حسن تنفيذ التدبير المفوض‬
‫والمترتبة عل االلتزامات التعاقدية ال سيا في مجال التعريفات"‪.‬‬
‫ب‪: ‬حقوق المفوض إليه وواجباته‬
‫يتمتع المفوض إليه بدوره بموجب عقد التدبير المفوض بمجموعة من الحقوق تجعله في مواجهة‬
‫المفوض يمكن حصرها* في النقاط التالية‪:‬‬
‫‪-‬يمكن لعقد التدبير المفوض أن يرخص بصفة تبعية‪ ،‬للمفوض إليه أن يتعاقد من الباطن بشأن جزء من‬
‫االلتزامات التي يتحملها برسم* التدبير المفوض‪ ،‬أي أنه يمكن للمفوض إليه ‪-‬بموجب عقد التفويض ‪ -‬أن‬
‫يتعاقد* مع شركه أخرى إلنجاز بعض األشغال المرتبطة بسير المرفق‪ ،‬إال أنه يظل مسؤوال بصفة‬
‫شخصية تجاه المفوض واألغيار عن الوفاء بجميع االلتزامات التي يفرضها* عليه عقد التدبير المفوض‬
‫"‪.‬‬
‫‪ -‬يحق للمفوض إليه أن يعاين المخالفات التي يرتكبها* المرتفقون‪ ،‬في إطار التدبير المفوض‪ ،‬وذلك من‬
‫خالل األعوان المحلفين التابعين له والحاملين لسند قانوني* يشهد على وظيفتهم"‪.‬‬
‫‪ -‬يمكن للمفوض إليه أن يحصل لدى السلطة المختصة‪ ،‬من أجل حاجيات التدبير المفوض‪ ،‬على حق‬
‫الحتالل الملك العمومي يرتبط* بالعقد طيلة مدته‪ ،‬على أنه يجب على المفوض أن يقدم مساعدته إلى‬
‫المفوض إليه للحصول على الحق المذكور"‪.‬‬
‫‪ -‬يستفيد المفوض إليه من التراخيص المطلوبة قانونا* وال سيا في مجال التعمير واحتالل الملك العام‬
‫والسالمة وحماية البيئة"‪.‬‬
‫‪-‬يمكن أن يأذن للمفوض إليه بتحصيل الرسوم* أو األتاوى أو األموال أو المساهمات لحساب المفوض أو‬
‫الدولة‪ ،‬كما قد يتلقى المفوض إليه مشاركات أو مساهمات مرتبطة بتمويل المرفق* العمومي من‬
‫المفوض‪ ،‬وبما أن المفوض في قيامه بتدبير المرفق العام يستهدف أوال تحقيق قدر* معقول من األرباح"‪.‬‬
‫وإذا كان المفوض إليه يتمتع بجملة هذه الحقوق‪ ،‬فإن المشرع المغري قد ألزمه في مقابل ذلك بمجموعة‬
‫من الواجبات‪ ،‬يمكن حصر أهمها في النقاط التالية‪:‬‬
‫‪ -‬يدبر المفوض إليه المرفق* المفوض عل مسؤوليته ومخاطره ويشمله بالعناية الالزمة‪ ،‬ويجب على‬
‫المفوض إليه‪ ،‬ابتداء من دخول عقد التدبير المفوض حيز التنفيذ‪ ،‬أن يغطي طيلة مدة العقد مسؤوليته‬
‫المدنية والمخاطر التي قد تترتب على أنشطته بواسطة عقود تأمين مكتتبة بصفة قانونية"‪.‬‬
‫‪ -‬يحتفظ المفوض إليه بالمستخدمين التابعين للمرفق المفوض مع اإلبقاء على حقوقهم المكتسبة‪ ،‬ما عدا‬
‫إذا تم التنصيص عل مقتضيات مخالفة في عقد التدبير المفوض وإذا اعتزم المفوض إليه إدخال تعديالت‬
‫هامة في أعداد المستخدمين المذكورين يجب التنصيص في عقد التدبير المفوض عل مستويات* هذه‬
‫التعديالت وكيفيات إجرائها وذلك مع احترام* التشريع* الجاري* به العمل ‪.‬‬
‫‪ -‬يجب عل المفوض إليه أن يثبت للمفوض أو ألي سلطة مراقبة أخرى‪ ،‬تحت طائلة عقوبات يتم‬
‫تحديدها في العقد‪ ،‬أنه وضع فعال نظاما لإلعالم والتدبير* والمراقبة الداخلية واإلشهاد عل الجودة"‪.‬‬

You might also like