Professional Documents
Culture Documents
الجزء الثاني
یكتسب الشخص المعنوي وصف الّتاجر شأنه شأن الشخص الطبیعي ،وذلك إذا كان الغرض
من إنشائه مباشرة واحتراف النشاط الّتجاري ،ویجوز طلب شهر إفالسها بغضّ النظر عن
الشركاء ،فهمّ قد یكونوا أو غیر تجار ،ویقصد بالشخص المعنوي كل هیئة أو مؤسسة
یمنحها القانون هذه الصفة ،ویمنحها صالحیة تلقي الحقوق وااللتزام بالواجبات ،ویقرر
القانون هذه الصالحیة لبعض الهیئات التي أنشئت لغرض معّین كالشركات والتعاونیات
والجمعیات ،والتي منحت لها صفة الشخصیة المعنویة االعتباریةّ لتكون مستقلة عن
أشخاصها ،ولها ذمتها الخاصة بها ّ،وقد نصت المادة 49من القانون المدني الجزائري على
هذه األشخاص المعنویة.
واألشخاص المعنویة نوعان :عامة وخاصة ،ولكن المشرع الجزائري قيد تطبیق نظام
اإلفالس على األشخاص المعنویة العامة.
الشركات الّتجاریة
طالما أنُ اإلفالس یطّبق على الّتجار األفراد ،فیمكن أن ُیطّبق على الشركات التي اكتسبت
الوصف الّتجاري ،وّ لقد نصت المادة 544ق.ت.ج على ّ(( :یحدد الطابع الّتجاري لشركة
إما بشكلها أو موضوعها)) ،تعد شركات الّتضامن وشركات التوصیة والشركات ذات
المسؤولیة المحدودة وشركات المساهمة تجاریة بحكم شكلها ،ومهما یكن موضوعها.
وهذه الشركات تكتسب الشخصیة االعتباریة ،وتصبح شخصاّ قانونیا بمجرد تأسیسها
وتسجیلها وقیدها في السجل التجاري وفقا ألحكام القانون الّتجاري ،وعمال بنص المادة 549
ق.ت.ج.
كماّ یجوز شهر إفالس الشركات الّتجاریة التي یكون غرضها احتراف األعمال الّتجاریة
بغض النظر عن الشكل الذي تّتخذه.
أوال :شركات األشخاص
إن إفالس شركة الّتضامن الّتجاریة یستتبع إفالس جمیع الشركاء فیها ألنهم یكتسبون صفة
الّتاجر ،ویلتزمون شخصیا بدیون الشركة ،ویتوّقفون عن الدفع عندما تتوّق ّ فالشركة عن
الدفع ،إّال أنّ تفلیسة كل من الشركاء المتضامنین تكون مستقّلة عن تفلیسة كل من الشركاء
اآلخرین وعن تفلیسة شركة التضامن ذاتها ،إذ یكون لكلّ منهم ذمة إیجابیة وسلبیة
بعناصرها الخاصة.
وطالما أن شركات األشخاص كشركات الّتضامن تقوم على الّطابع الشخصي ،وأن جمیع
الشركاء فیها تجار وملزمون شخصیا بالّتضامن عن دیون الشركة ،فإن إفالس أحد الشركاء
ال یعنيّ إفالس الشركة ،وانما سیؤدي إلى انحاللها ،إّال إذا كان القانون األساسي قد سمح
باستمرار شركة الّتضامن رغم إفالس أحد شركائها أو وفاته ،أو انسحابه.
أما إذا أفلست شركة التوصیة البسیطة ،فإن ذلك یؤدي إلى إفالس الشریك المتضامن فیها
دون الشریك الموصي ّ،فالشریك الموصي بعكس الشریك المتضامن ،ال یكتسب صفة
الّتاجر ،وال يسال عن دیون الشركة إّالّ في حدود حصته.
أما بالنسبة لشركة المحاصة ،فإنه ال یجوز شهر إفالسها النعدام شخصیتها المعنویة ،وال
یتعرض لإلفالس إّالّ الشریك المحاص الذي قام باألعمال الّتجاریة ،وتعاقد مع الغیر باسمه
الخاص ،أماّ باقي الشركاء فال یشهر إفالسهم.
یفترض اكتساب الشركة وصف الّتاجر ،أنّ ها تأسست واستكملت كل الشروط الالزمة
للّتمتع بالشخصیة المعنویة ،فإذا لم یتوفر ذلك ،وقامت الشركة بمباشرة النشاط الّتجاري،
وتعاملت مع الغیر ،فإنها تعتبر شركة واقعیة ،ویمكن طلب شهر إفالسها باعتبار الوضع
الّظاهر الذي انخدع به الغیر ،وال ینال من ذلك تقصیر المؤسّ سین وعدم استكمال
اإلجراءات الالزمة الكتساب الشركة شخصیتها القانونیة ،إذ للغیر أن یتمسّ ك حسب
مصلحته بوجود أو عدم وجود الشركة.
ثانیا :شركات األموال
یشهرّ إفالس شركة المساهمة وشركة التوصیة باألسهم والشركة ذات المسؤولیة المحدودة
إذا توقفت عن الدفع ّ،ولكن حكم شهر اإلفالس یقتصر على الشركة دون أن یمتد إلىّ
الشركاء الذین ال یكتسبون صفة الّتاجر وال یلتزمون بدیونّ الشركة في أموالهم الخاصة ،إذا
فاإلفالس یقتصر على الشركة كشخص معنوي.
إّالّ أنّ إفالس هذه الشركات یستتبع إفالس المدیرین فیها والمسیرین ،والمفوضین ،وكل
الممّثلین لها والقائمین بإدارتها اذا تسببوا إفالسها لقیامهم بأعمال تقصیریة أو تدلیسیة ،وهذا
ما نصت علیه المادة 224ق.ت.ج(( :في حالة الّتسویة القضائیة لشخص معنوي أو إفالسه،
یجوز شهرّ ذلك شخصیا على كل مدیر قانوني أو واقعي ظاهري أو باطني مأجورا كان أم
ال)) وبناءاّ على ذلك ،فالشركاء أو المدیرین لشركة تجاریة ،یشهر افالسهمّ على الرغم من
عدم تحّقق صفة الّتاجر لدیهم.
فمتى ثبت أن المدیر هو صاحب العملّ بأجمعه ،وأنه المهیمن على شؤون الشركة ویتصرف
في رأس مالها كما لو كان مملوكا له ،إذا ثبت أنه اّتخذ الشركة ستارا لممارسة األعمال
الّتجاریة لحسابه الخاص ،أمكن عندئذ اعتباره تاجرا ،ومن ثم یمكن أن یشهر إفالسه.
وأیا كان نوع الشركة الّتجاریة ،سواء كانت منّ شركات األشخاص أو شركات األموال ،فإنه
یجوز شهر إفالسها في أي مرحلة من مراحل حیاتها إذا توّقفت عن دفع دیونها وفي حالة ما
إذا أعلن إفالس الشركة ،وكان ذلك بطریق التقصیر أو التدلیس ،بغایة االستفادة من تخفیض
الدیون واجراء الصلح مع الدائنین ،فستسلط عقوبة على الشركاء.
فیما یخص الشركاء في الشركات الّتجاریة ،فیعاقب بعقوبة اإلفالس بالتدلیس:
ّ-الشركاء المتضامنون في شركة التضامن وفي شركة التوصیة.
ّ-الشركاء الموصون إذا كانوا قد تدخلوا في إدارة وتسییر الشركة.
-مدراء كافة الشركات التجاریة.
-رئیس المجلس وأعضاء مجلس اإلدارة في شركات األموال.
-أعضاء مجالس المراقبة والوكالء المفوضون.
ّ-الشركاء المساهمون إذا ساهموا وسهلوا ارتكاب الجرم عن قصد منهم ونشروا بیانات
ومیزانیات وهمیة أو محرفة أو وزعوا أرباحا وهمیة.
ویمكن أیضا معاقبة األشخاص الذین یخفون أموال المفلس لمصلحته ،وأیضا من مارس
الّتجارة باسم مستعار.
الشركات المدنیة
الشركات المدنیة هي الشركات التي یكون موضوعها مدنیا ،وال تكتسب صفة الّتاجر ،ومع
ذلك یجوز شهر إفالسها ،وان كان هنالك من یذهب إلى أنّ المشرع یخص باألشخاص
المعنویة الخاصة الخاضعة للقانون الخاصّ الشركات المدنیة التي تتخذ شكل شركات
المساهمة أو الّتوصیة أو التضامن أو ذات المسؤولیة المحدودة ،إّالّ أنّ نا نرى أن المفهوم
الذي قصده المشرع أوسع من ذلك ،كون الشركات المدنیة التي تّتخذ األشكال السابقة ،تعتبر
شركات تجاریة طبقا لنص المادة544ق.ت.ج ،وبالتالي ،فاألشخاص المعنویة الخاصة الغیر
تاجرة تدخل تحت طیاتها الشركات المدنیة التي ال تأخذ األشكال السابقة ،وبالتالي ،متى توّق ّ
فت عن دفع دیونها ،فإنه یجوز شهر إفالسها.
ومشكلة إفالس الشركات المدنیة لیست جدیدة ،ففي 1893،تم تصفیة شركة قناة باناما ،هذه
الشركة التي كانت مدنیة في موضوعها ،و بالتالي فإن الشركات المدنیة یجوز شهر إفالسها
إذا مارست أعمال تجاریة.
الجمعیات والتعاونیات
الجمعیات والتعاونیات هي جماعة مستقلة من األشخاص ،یتحدون اختیاریا لتلبیة احتیاجاتهم
االقتصادیة واالجتماعیة والثقافیة ،وتطلعاتهم المشتركة من خالل الملكیة الجماعیة لمشروع
تتوافر فیه دیمقراطیة اإلدارة والرقابة ،وتستند هذه الّتعاونیات إلى قدم االعتماد على النفس
والمساواة والعدالة ،والتضامن ،ووفقا للّتقالید التي أرساها مؤسسوا التعاونیات.
لقد نّظم المشرع أحكام هذه الجمعیات بالقانون رقم 31/90المؤرخ في 04دیسمبر 1990،
وبذلك هي األخرى خاضعة لنظام اإلفالس والّتسویة القضائیة إذا مارست أعمال تجاریة ،أما
إفالس الجمعیات و التعاونیات بمجرد توقفها عن الدفع فإنه ال یجوز من الناحیة القانونیة
بإعتبارها تمارس أعمال مدنیة بحتة ال تخضع ألحكام القانون التجاري.
/2 .التوقف عن الدفع
التوقف عن الدفع هو مناط شهر اإلفالس لذلك حظیت هذه الفكرة بنصیب كبیر من اجتهاد
الفقه والقضاء ألهمیة اآلثار الناجمة عنها ،و المقصود من التوقف عن الدفع هو عدم وفاء
المدین بدیونه التجاریة وهو ما یضعه في وضعیة قانونیة یعین عنها بمقتضى حكم قضائي و
هو اإلفالس الذي هو نظام تجاري المطبق على التاجر المتوقف عن الدفع.
باّلرجوع إلى أحكام القانون التجاري الجزائري ،وتحدًیدا نص المادة 215نجد أن المشرع لم
یقدم تعریفا دقیقا لفكرة التوقف عن الدفع بل اكتفى بذكر شروطهٕ وإجراءات إعالنه وفي هذا
الصدد لم یّم یز المشرع بین الشخص الطبیعي والشخص المعنوي ،من خالل هذا یتعین
اّلرجوع إلى أراء الفقهاء والقضاء قصد الوصول لمعنى التوقف عن الدفع الذي انقسم إلى
اتجاهین فاالتجاه األول یرى ّأنه یشهر إفالس المدین متى توقف عن تسدید دیونه في مواعید
استحقاقها دون النظر إلى مركزه المالي ،ومن ذلك فالتاجر الذي ال یفي بدیونه رغم قدرته
على ذلك یمكن شهر إفالسهّ ،أما االتجاه الثاني فّإنه یأخذ بعین االعتبار المركز المالي
الحقیقي للمدین ،فإفالس المدین ال یشهر لمجرد امتناعه عن توقفه عن الدفع دیونه في مواعید
استحقاقها بل بسبب اضطراب مركزه المالي،المالحظ أن المشرع الجزائري لم ینص على
الشروط التي تبین حالة التوقف عن الدفع ،بل اكتفى بتحدید شروط التي یجب أن تتوفر في
الدین محل التوقف عن الدفع.
تنص المادة 215من القانون التجاري الجزائري على " :یتعین على كل تاجر أو شخص
معنوي خاضع للقانون الخاص ولو لم یكن تاجرا إذا توقف عن الدفع أن یدل بإقرار في مدة
15یوما قصد افتتاح إجراءات التسویة القضائیة أو اإلفالس"
حیث تشترط المادة أعاله لتحقق شرط التوقف عن الدفع من اجل تطبیق نظام اإلفالس على
كل تاجر سواء كان شخصا طبیعیا أو معنویا خاضع للقانون الخاص .فلم یمیز المشرع بینهما
في تطبیق األحكام المنظمة لحالة التوقف عن الدفع.