Professional Documents
Culture Documents
مقدمة
المبحث االول :اقتصاد السوق
المطلب االول :مفهوم اقتصاد السوق
المطلب الثاني :المبادئ اقتصاد السوق
المبحث الثاني :تجربة الجزائر في ظل مرحلة اقتصاد السوق
المطلب االول :تبني الجزائر االقتصاد سوق
المطلب الثاني :الذهاب نحو المزيد من التنافسية والسوق
الخاتمة
قائمة المراجع
المقدمة
تبنت الجزائر االنتقال إلى اقتصاد السوق ،كإطار للبحث عن الفعالية االقتصادية المفقودة خالل مرحلة التسيير االشتراكي،
وذلك بالتوافق مع االتجاه عالميا نحو تطبيق نظام السوق في صورة حل للمشاكل االقتصادية .عمليا ،مرت الجزائر بثالث
مراحل .األولى ،تعلق األمر فيها بالعودة إلى حقيقة األسعار ،وتسيير مشكلة الدين الخارجي .الثانية ،عرفت محاولة
الذهاب إلى المزيد من السوق ،والمزيد من االنفتاح من أجل تنظيم تدخل الدولة بهدف ترقية حرية المبادرة والمنافسة.
الثالثة ،هي تلك التي تشهد العودة لمبادئ الوطنية االقتصادية ،في رد فعل على التدهور الذي تعرفه القطاعات المنتجة،
وللسيطرة التي تفرضها المنتجات المستوردة .في هذه الظروف ،يجد القطاع الصناعي نفسه ،وبعد عشريات من
التراجع ،في مواجهة تحديات التنافسية ،وإنشاء الثروة ومناصب العمل ،الشيء الذي يدفع السلطات العمومية إلى تبرير
االتجاه مجددا نحو تقديم المساعدة االلزمة لتحديث القطاع ،وهو ما يطرح إشكاال متعلقا بمدى فعالية مثل هذا التدخل
الجديد.
المبحث االول :اقتصاد السوق
المطلب االول :مفهوم اقتصاد السوق
مفهوم اقتصاد السوق
في وقتنا الحالي وفي ظل الظروف السائدة أصبح اقتصاد السوق أمرا ال بد منه ومفروض على كل مؤسسة أن تطبقه،
ولهذا ال بد من التطرق إلى اقتصاد السوق وأهم مبادئه وذلك وفقا للتقسيم التالي:
تعریف اقتصاد السوق يختلف تعريف اقتصاد السوق في الدول المتقدمة عنه في الدول النامية ،وحتى ي الدول المتقدمة
بالرغم من اشتراكها في وضع المفهوم العام القتصاد السوق ،إال أن لكل دولة منها مميزات وخصائص تميزها عن
غيرها ،فالرأسمالية اليابانية تختلف اختالفا كبيرا عن السوق الحرة األنجلوسكسونية .لذلك هناك من يعتبر اقتصاد
السوق هو االقتصاد الذي يعتمد على قوى السوق كاسلوب لتنسيق النشاط االقتصادي للمجتمع .
و من التعاريف التي أعطيت القتصاد السوق :اقتصاد السوق يتلخص في غياب نظام األسعار أو الغياب الكلي
للدولة ألداء دورها .اقتصاد السوق هو نظام اجتماعي يتم من خالله تقييم ورقابة النشاط االقتصادي من خالل
األسواق التي تتميز بالمنافسة عند تحديد الثمن.
لكي تدخل المؤسسات االقتصادية في نظام اقتصاد السوق ال بد من التعرف على المبادئ األساسية التي تحكم هذا
النظام ،وسنبينها فيما يلي:
-المنافسة الحرة :وتعتمد المنافسة أساسا على الحرية االقتصادية المطلقة لجميع المتعاملين في السوق سواء
كانوا مستهلكين أو منتجين ،وهذه الحرية في التعامل تعتبر وسيلة لتحقيق المصالح العامة ،وعامل مهم لتنمية
اإلنتاجية واستغالل الثروات العامة.
الدعوة إلى االستثمار الخارجي :يساعد االستثمار الخارجي على تحقيق الزيادة في اإليرادات ،من خالل القيام
بمشاريع البناء والتطوير ،أو الدخول إلى مؤسسات اقتصادية من خالل شرائها ،أو إنشاء مؤسسات جديدة لها
الحق في التسييروالمراقبة وزيادة الخبرات المحلية وتطويرها.
المبحث الثاني :تجربة الجزائر في ظل مرحلة اقتصاد السوق
المطلب االول :تبني الجزائر االقتصاد سوق
تبنت الجزائر مقاربة تدمج بين تحرير السوق بعد تجربة التسيير االشتراكي واالداري اللقتصاد وتدخل الدولة،
في إطار نظام مختلط يسمح من جهة باشتغال نظام االسعار ،ومن جهة أخرى ،بتطبيق سياسات ظرفية وهيكلية
من أجل توجيه مسار تطور االقتصاد ،وذلك في إطار خطة تستهدف دعم النمو وبلوغ استقرار التوازنات المالية
واالقتصادية الكبرى .وبذلك فقد تبنت الجزائر االتجاه نحو اقتصاد السوق ،باالعتماد على نوعين من االجراءات:
.تلك المتعلقة بتحرير السوق ،وتلك المتعلقة بإنشاء هيئات عمومية تشرف على عملية االنتقال
رتبطت االجراءات االولى لتحرير االقتصاد بسلسلة من القوانين ،يتم إقرارها بداية من جانفي 1988وذلك بعد
:سنتين من التحضير ،ويتعلق االمر بــ
قانون توجيه المؤسسات العمومية :وقد سمح بالتفريق القانوني بين مختلف المؤسسات ،في أربعة
:أصناف
اوال ,المؤسسات العمومية االقتصادية :وتأخذاستقالليتها ويتم إخضاعها لقواعد التجارة والسوق ،رغم أن
رأسمالها ملك للدولة .تسيير االسهم المكونة لرأسمالها يضمن من طرف صناديق المساهمة ،التي تأخذ صفة
متعامل مالي تقوم بتسيير محفظة األسهم اكثر من 900مؤسسة ،في صالح الدولة.
ثانيا ,المؤسسات العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري :مثل سونلغاز والشركة الوطنية للسكك الحديدية
والتي تأخذ نشاطاتها طابعا شبه عمومي ،وتعمل حسب عالقات تعاقدية مع الدولة.
ثالثا ,المؤسسات العمومية المحلية :تم توجيهها االستقاللية هي أيضا ،وذلك بعد إخضاعها للتطهير خاصة في
ميدان البناء واالشغال العمومية ،أي 827مؤسسة من إجمالي 1250مؤسسة .
ربعا ,المؤسسات العمومية غير المستقلة :وهي مؤسسات استراتيجيه يتم توجيهها إلعادة الهيكلة أساسا.
التخطيط :بعدما كان التخطيط هو مركز القرار االقتصادي فيما يخص التسويات الماكرو -اقتصادية للبالد،
أصبحت االلية ينحصر عملها في إطار قانون 1988في :
اوال ,التقديرات المتوسطة والطويلة االجل ،ووضع المخططات السنوية في إطار الميزانية االقتصادية التي تأخذ
طابعا إلزاميا عموميا فيما يخص نفقات الدولة وأولوياتها االقتصادية ؛
ثانيا ,تحضير ومتابعة ميزانية التجهيز ،بالنسبة للدولة ؛
ثالثا ,تحديد النشاطات ذات االولوية والمناطق التي يتم ترقيتها في إطار تطبيق قانون االستثمار الجديد ؛
رابعا ,برمجة استثمارات المؤسسات العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري ،وكذا لـ 22مؤسسة الموجهة
إلعادة الهيكلة.
ان إصالح المؤسسة االقتصادية ونظام التعديل ،لم يسمحا ببروز السوق كآلية للتعديل الذاتي .كان يجب انتظار
صدور قانون النقد والقرض ،من أجل أن تظهر التوجهات الليبرالية إللصالحات االقتصادية للبالد.
قانون النقد والقرض :يمنح القانون لبنك الجزائر استقالليته في إدارة السياسة النقدية ،ويضعه في مركز النظام
البنكي ومعدال لنشاطه وضامنا لعالقاته داخليا وخارجيا .ويمنح القانون ،الضمانات االلزمة لعمل االستثمارات
االجنبية ،ويشكل بذلك أساسا لقانون االستثمار الجديد لـ . 1993
وهكذا ،فإن تحرير الميكانزمات االقتصادية الداخلية المتمثلة في األسعار ومعدالت الفائدة والقروض ،تبعها تحرير
للميكانزمات الخارجية ،من حيث حركة رؤوس األموال والتجارة الخارجية .وهنا ،فالتعليمات الصادرة من قبل
بنك الجزائر ،خالل الثالثي األول من ، 1991سمحت بوضع حد للتسيير اإلداري للموارد بالعملة الصعبة
وكرست حرية التدخل في االسواق الخارجية .
فيما يتعلق باالستثمار ،لم تسمح إجراءات قانون النقد والقرض بأن تحل بشكل واضح انشغاالت المستثمرين،
خاصة منهم األجانب ،فيما يتعلق بـ :الضمانات التي يتم منحها ،واالمتيازات ،وكذا في ميدان تبسيط إجراءات منح
االعتماد .وبذلك ،فإن اآلثار لم تصل إلى مستوى الطموح ،حيث أن االنفتاح لم يؤدي إلى تحريك إيجابي اللقتصاد،
الشيء الذي دفع إلى البحث عن حلول هيكلية ألزمة اعتبرت هيكلية ،حيث ال يخرج ذلك عن اعتبار أنه يجب
تعميق االتجاه نحو اقتصاد السوق ،وهو ما يتعمق بمناسبة طرح قانوني التجارة واالستثمار الجديدين.
قانون التجارة :التغييرات التي طرأت على قانون التجارة ،في صيغة اإلصالح للعام ، 1993مست التسوية
القانونية وإفالس الشركات وإعادة النظر في قانون الشركات ،مع العمل على حماية المقرضين وإدخال وسائل
تسوية تجارية جديدة كاستعمال وصول األمان ونشاطات جديدة مثل الفاكتورينغ .
التغيير االكثر داللة ،هو ما تعلق بملكية المؤسسات العمومية االقتصادية التي أصبحت تخضع لقواعد القانون
الخاص ،مما يؤدي إلى نتيجتين :أمالك المؤسسات تصبح قابلة للتنازل ،ومفتوحة من الناحية القانونية ألي شخص
يملك صفة التاجر ،ثم أن المؤسسة العمومية االالقتصادية ،يمكن أن تحال على االفالس .
قانون االستثمار :ركز القانون الجديد للعام 1993على أهمية تشجيع االستثمار ،من خالل وضع قواعد تتسم
بالشفافية والتسهيالت وفي منح الضمانات واالمتيازات المختلفة ،كإطار لتدخل المستثمرين في السوق الوطنية .ثم
يحدد القانون أطرا واسعة للشراكة بين مختلف أنواع رؤوس االموال الوطنية العمومية والخاصة واالجنبية .
وبتوافق كامل مع قانون التجارة ،يسمح قانون االستثمار للمستثمرين الخواص ،الوطنيون واالجانب ،بأن يحلوا
محل الدولة أو أن يشتركوا معها في المجاالت المفتوحة للشراكة ،وذلك في شكل خلق مشاريع جديدة ،أو توسيع
القدرات ،أو إعادة تنظيم وإعادة هيكلة بواسطة مساهمات في رأس المال أو بالتجهيزات.كما يلح القانون على
عدم التفريق بين المستثمر المقيم والمستثمر غير المقيم.
ويتم تعميق ما جاء في قانون االستثمار ،بإجراءات قانون المالية التكميلي للعام 1994التي تسمح بإمكانية
التنازل عن أسهم شركات القطاع العام ،مما ينهي التغيير المؤسساتي ،الذي يمنح الحرية اللستثمار االجنبي،
ويسمح بالشراكة بين مختلف أنواع رأس المال ،مما يعني أن السوق أصبحت مفتوحة وال تميز بين المتعاملين .
الجباية :اعتمدت قواعد الجباية الجديدة ،على إعادة بناء النظام الجبائي حسب قاعدتي الشفافية والبساطة .لقد
أصبحت مختصرة في الرسم على القيمة المضافة والضريبة على أرباح الشركات والضريبة على الدخل
االجمالي.
تحرير التجارة الخارجية :شكل احتكار الدولة للتجارة الخارجية ،مبدءا دستوريا وأساسا للنظام االشتراكي .وقد
ارتبط االحتكار العمومي بالنظام الوطني للتخطيط ،واالحتكار تم توزيعه على المؤسسات العمومية االقتصادية ،
في صورة رخص للتصرف في عمليات االستيراد أساسا ،وذلك حسب دفتر شروط .
الرغبة في االنتقال إلى اقتصاد السوق ،دفع السلطات العمومية ،من خالل القانون 16-90والمنشور 63لـ 20
أوت 1990لوزارة التجارة والتسوية 04-90لبنك الجزائر ،إلى القبول بإنشاء شركات وطنية أو أجنبية
اللستيراد والتصدير في صيغتي التمثيل وتجارة الجملة .هذا االجراء واجه ثالثة مشاكل .االول ،يتعلق بمصاعب
تمويل التجارة الخارجية ،مما دفع المتعاملين نحو التزود بالعملة الصعبة من السوق الحرة الموازية .الثاني،
وجود قائمة مسبقة للمواد المسموح استيرادها .الثالث ،الربط بين حصول االجانب على االعتماد اللستيراد
والتصدير والتزامهم باالستثمار في االنتاج بالجزائر ،وهو االجراء الذي انتقد من قبل صندوق النقد الدولي .
الجزائر تلتحق رسميا بالتبادل الحر أثناء مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي في 1991إلبرام االتفاق الثاني
"اتفاق التثبيت" ،وذلك من خالل إصدار المرسوم التنفيذي 37-91الذي يضع حدا نهائيا الحتكار الدولة للتجارة
الخارجية .ولكن ،وفي ظرف اتسم بعدم كفاية التمويل بالعملة الصعبة ،فالتخلي عن االحتكار العمومي لم يسمح
باالنتقال إلى المنافسة وإلى تحريك التبادل الدولي.
تحرير االسعار :يتم إقرار نظام جديد أللسعار يأخذ باالعتبار قوى السوق ،من خالل إصدار القانون 12-89
لجويلية ، 1989في أعقاب اتفاق "ستاند باي" مع صندوق النقد الدولي لـ 30ماي ، 1989حيث يتم العمل
بنظامين :االسعار المنظمة االدارية واالسعار الحرة .من خالل هذا النظام ،يتم استهداف توجيه أحسن للموارد،
وتوسيع العالقات السوقية واالتجاه نحو المنافسة.
بالنسبة أللسعار االدارية ،فتأخذ ثالث صيغ .االسعار المضمونة ،وتطبق على أسعار االنتاج لعدد من الفروع
الصناعية ،بهدف تشجيع االنتاج الوطني وبالتالي إحالل الواردات " في الصناعة الغذائية مثال " .ثم هناك
االسعار المسقفة ،وتستهدف دعم القدرة الشرائية للمواطنين " الخبز ،الحليب ،الزيوت الغذائية "..وكذا النشاط
االنتاجي ،على أن آليات للدعم يتم إقرارها في حال تأثر سلبي من هذه القرارات من قبل المنتجين .كما يتم العمل
بهوامش مسقفة ،على أن عدد المنتجات المعنية قد تقلص إلى أدنى حد ممكن ،وذلك بطلب من صندوق النقد
الدولي .ويتم تطبيق اإلجراء ،على أنواع من المنتجات والخدمات " كالمنتجات الصيدالنية مثال " .
بالنسبة أللسعار الحرة ،فقد أخذت درجة من االتساع تطبيقا لشروط الهيئات المالية الدولية .وهنا يتعين على
المؤسسات التي تتعامل باالسعار الحرة ،أن تصرح فقط بأسعارها عند االنتاج أو االستيراد ،وكذا التصريح بأي
تغيير يطرأ عليها .في حين أن الموزعين المتعاملين باالسعار الحرة فهم غير ملزمين بأي تصريح كان ،إذ أن
أسعارهم تكون كاملة الحرية ،والسلطات العمومية تحتفظ بحقها في التدخل عن طريق التنظيم في حال التعسف
في رفع االسعار .لكن المالحظ ،في بداية التطبيق ،أن الدولة لم تقرر أي تدخل كان لتنظيم السوق .
تقنين عالقات العمل :يشكل تقنين عالقات العمل ،صورة هامة في عملية االنتقال إلى اقتصاد السوق ،حيث
يسمح القانون 90-11بتغليب الطابع التعاقدي بين العمال والمستخدمين وهو ما يفتح المجال أمام إمكانية
التسريح ،الول مرة ،وذلك ألسباب اقتصادية .يسمح التوجه الجديد ،بطمأنة المستثمرين الوطنيين واالجانب من
حيث مراعاة ظروف السوق وإمكانية البحث عن تقليص تكاليف اليد العاملة ،بما يتطابق مع شروط المنافسة في
السوق .هذه الوضعية ،تسمح ببلوغ مرونة العمل كشرط للنشاط في إطار حرية .ويسمح االطار السوق ،وكخطوة
اللندماج في مرحلة ثانية ،في التقسيم الدولي للعمل القانوني الجديد ،بتوسيع إمكانية االنتقال إلى اقتصاد السوق،
وذلك بمناسبة تطبيق سياسة إعادة الهيكلة الصناعية والخوصصة.
المطلب الثاني :الذهاب نحو المزيد من التنافسية والسوق
بعد تجربة مرحلة التسعينيات ،التي عرفت خروجا مؤقتا من الضائقة المالية المرتبطة بالدين الخارجي ،تشجعت
السلطات العمومي ،على المرور إلى المزيد من العقالنية في تسيير الشأن العام االقتصادي ،بما يعني المرور إلى
المزيد من السوق ،ومحاولة التحكم في االلتزامات المالية للدولة.
وهنا ،يرجع االستاذ ووزير المالية السابق عبد اللطيف بن أشنهو ،المصاعب التي عرفها االقتصاد الوطني الذي
بلغ ديونا عمومية بمستوى 6.37مليار دوالر عام ، 1999إلى "عدم انضباط اقتصاد الدولة وسخاء الدولة
الحامية" الشيء الذي أثر سلبيا على التخصيص االحسن للموارد ،مما كبح النمو االقتصادي الذي تأثر بدوره
سلبيا من التصرفات الموروثة لدى البنوك والمؤسسات من حيث تغطية الدين العام بصورة أولوية.
وهكذا ،تظهر العودة إلى السوق ،كأولوية في ظل شح الموارد ،وهو ما يفسر اتجاه السلطات العمومية بداية
االلفية الحالية ،نحو تعميق االصالحات بمحاولة تخليص الدولة من تبعات تسيير الشأن العام االقتصادي والمالي
الموروث عن حقبة سبعينيات القرن الماضي .مشكلة الدين العام ،والدين الخارجي بصورة خاصة ،تطرح على
السلطات العمومية تحديان أساسيان :كيفية التعامل مع المؤسسات العمومية التي تعاني ثقل الديون ،وإمكانية
مواصلة عملية تطهيرها المالي .والتحدي الثاني ،يتمثل في كيفية التعامل مع االثار السلبية للديون المقومة بالعملة
الصعبة ،التي يرتبط حجمها بقيمة صرف الدينار الذي عرف تقهقرا ،مما يعني مواجهة المؤسسات العمومية
والخاصة على حد سواء ،لمشكلة عويصة تتمثل في خسائر الصرف.
الحل الذي اتبعته السلطات العمومية تمثل في التطهير المالي للمؤسسات العمومية ،في حين طرح مسألة التأهيل
ليشمل القطاع الخاص أيضا .التطهير المالي للمؤسسات العمومية اعتمد أالل ،على موارد صندوق التطهير الذي
استفاد من أموال إعادة هيكلة وإعادة جدولة الدين الخارجي " 8.3مليار دوالر لالول في 1992و 7.14مليار
دوالر للثاني بين 1994و " 1995وذلك خبلل كامل الفترة ، 1997-1991وبلغ حجم التطهير في صالح
المؤسسات العمومية 712مليار دينار ،منها أكثر من 38بالمائة في صالح المؤسسات و 25بالمائة ،وجزء
فقط استخدم لتسديد الديون 28 .لتغطية خسائر صرف البنوك ونظرا لتراجع تسبيقات بنك الجزائر ،جراء العمل
بقانون النقد والقرض ،فقد اعتمدت الخزينة العمومية في تغطية عجزها ،على موارد صندوق التطهير خالل
الفترة . 1998 -1994فالخزينة العمومية استدانت أمام الخارج من أجل دعم المؤسسات والبنوك ،كما أن
االستدانة خدمت االستهالك وليس االستثمار ،وهو ما يفسر ضعف معدل النمو االقتصادي في البالد .
الخوصصة :تم إقرار خطة للخوصصة ،تستهدف دمج المؤسسات العمومية بالكامل في منطق اقتصاد السوق.
فالخوصصة ،تظهر على أنها صورة من صور إعادة الهيكلة الصناعية وامتدادا إلصالح القطاع العام ،والتزام
من قبل السلطات العمومية أمام الهيئات المالية الدولية في الذهاب فعليا نحو نظام يغلب المبادرة الخاصة وعمل
قوى السوق .أول خطوة لتطبيق الخوصصة جاءت في نص قانون المالية التكميلي ، 1994الذي نص في مادتيه
24و 25على إمكانية التخلي عن أسهم المؤسسات العمومية في صالح القطاع الخاص ،ولكن دون ذكر أو
استخدام مصطلح "الخوصصة" .االمر رقم 22-95يقر بخوصصة المؤسسات ،ليتبع باالمر الصادر في مارس
1997للتخفيف من االجراءات ودمج التحفيزات ،على أن االنطالق الفعلي للخوصصة ال يحدث سوى عام
1998مع اإلعالن الرسمي عن قائمة المؤسسات العمومية المعنية بالتنازل والبيع .ويسمح األمر رقم 25-95
المتعلق برؤوس األموال الدائرة للدولة ،باستبدال صناديق المساهمة بمجمعات الهولدينغ ،التي يتم تكليفها بتسيير
محفظة أسهم المؤسسات العمومية ،مع إمكانية أن تصدر أو تقتني أو تبيع أية قيم منقولة اعتمادا على محتوى
قانون التجارة .وهكذا ،تصبح أمالك المؤسسات المرتبطة بمجمعات الهولدينغ قابلة للبيع ،ويسمح لهذه االخيرة
بالخوض في عملية الخوصصة.
وتتولى عدة هيئات عمومية مرافقة عملية بيع االصول ،يتم تحديدها في االمر 22-95وهي :الحكومة والهيئة
المعنية بالبيع ،ومجلس الخوصصة ولجنة مراقبة عملية الخوصصة .الحكومة تحدد المؤسسات التي تخوصص،
الهيئة تحدد االجراءات ،والمجلس يطبق عملية البيع ،واللجنة تراقب مدى احترام قواعد الشفافية وإجراءات البيع
والخوصصة يمكن أن تكون كاملة أو جزئية ،في صالح المستثمرين الوطنيين واالجانب على حد سواء
الخوصصة الكلية يتوالها مجلس الخوصصة والخوصصة الجزئية تسند لمجمعات الهولدينغ .