Professional Documents
Culture Documents
يعترب النظام الرأمسايل من أبرز النظم االقتصادية يف العامل ،وسنحاول يف هذا احملور أن نتطرق إىل أهم العناصر املتعلقة هبذا
النظام االقتصادي ،وذلك كما يلي:
تعرف الرأمسالية ) )Capitalismأبهنا " نظام اقتصادي ،ومنط إنتاج يقوم على مبادئ امللكية اخلاصة لوسائل اإلنتاج،
واملبادرة الفردية ،واملنافسة احلرة ،وتقسيم العمل وختصيص املوارد عرب آلية السوق دون احلاجة إىل تدخل مركزي من الدولة".
اشتقت كلمة capitalismمن كلمة capitaleالالتينية ،واليت ظهرت يف القرنني الثاين عشر والثالث عشر ،واليت
كانت تُشري إىل األرصدة ،وخمزون السلع ،وجمموع األموال ،أو األموال اليت حتمل الفائدة ،و حبلول عام ،1283أصبحت الكلمة
تُستخدم مبعىن أصول رأس املال لشركة جتارية ،واستُعملت بشكل متبادل مع كلمات مثل ،ثروة ،مال ،أرصدة ،بضائع ،أصول،
ملكية ،وغريها.
وقد ظهرت الرأمسالية على يد االقتصادي ،والفيلسوف األخالقي اإلسكتلندي "آدم مسيث" ( )1790 -1723الذي
أسس املدرسة التقليدية (الكالسيكية) ،ووضع أصول املذهب الرأمسايل يف كتابه "ثروة األمم " ،أو ابمسه الكامل "حبث يف طبيعة
وأسباب ثروة األمم" " An Inquiry into the Nature and Causes of the Wealth of
"Nationsالذي نشره عام 1776م.
تطورت الرأمسالية عرب ثالث مراحل كربى ،هي :الرأمسالية التجارية ،والرأمسالية الصناعية ،والرأمسالية املالية ،وقد ارتبط ظهور
الرأمسالية حبركة االكتشافات اجلغرافية يف القرن السادس عشر ،اليت فتحت طرقا جتارية جديدة أمام التجار األوروبيني ،وفرصا لتحقيق
األرابح من خالل استقدام السلع املتنوعة ،ومراكمة الثروات.
كما أسهمت أفكار عصر األنوار اليت متجد الثروة بدال من إدانتها كما كان عليه األمر يف القرون الوسطى ،يف حتفيز الناس على
التجارة ومجع املال.
احملطة الثانية لتطور الرأمسالية هي ظهور الرأمسالية الصناعية يف القرن الثامن عشر نتيجة للثورة الصناعية اليت بدأت يف إجنلرتا،
حيث اكتشفت تقنيات جديدة لإلنتاج (كاحملرك البخاري وآلة الغزل) ،وانتشرت هذه التقنيات يف بقية أرجاء أورواب.
وأدى ظهور املصانع يف أورواب إىل بروز طبقة جديدة يف اجملتمع هي البورجوازية ،وقد لعبت دورا هاما يف تطوير اإلنتاج الصناعي
والرتويج لألفكار الرأمسالية وإحداث قطيعة مع النظام اإلقطاعي السائد من قبل.
دخلت الرأمسالية مرحلتها الثالثة مع هناية القرن التاسع عشر ،وتوصف هذه املرحلة أبهنا مرحلة الرأمسالية املالية ،وقد عرفت
هذه املرحلة ظهور املؤسسات املصرفية العاملية الكربى ،والشركات القابضة ،وانتعشت أسواق األوراق املالية ،ووقعت الشركات
الصناعية حتت هيمنة القطاع املصريف.
لكن هذه املرحلة كانت أيضا مرادفا لألزمات املالية املتعاقبة نتيجة لتضخم نشاط املضارابت املالية ،والسياسات النقدية
التوسعية،
يرتكز النظام الرأمسايل على عدة مبادئ ،وأسس نذكر منها مايلي:
أ-احلرية االقتصادية
يؤمن الرأمساليون بضرورة احلرية االقتصادية ،وأمهية أن تكون األسواق حرة بشكل كامل ،والبعد عن أي تدخل حكومي يف
االقتصاد.
كما يؤكدون أيضا أن املصلحة العامة ،إمنا تتحقق يف إطار املصلحة اخلاصة عن طريق ما يعرف "ابليد اخلفية hands
" ،Invisibleواليت تعين أن :األفراد يف سعيهم لتحقيق صاحلهم اخلاص حيققون –دون أن يشعروا -املصلحة العامة ،وابلتايل
إحداث التوازن التلقائي يف املصال .
ويرى مفكرو هذا املذهب أن احلكومة فيما عدا وظيفة وضع القوانني السليمة ،فإهنا ال تستطيع أن تكون أكثر فاعلية ،وكفاءة يف
حتقيق املصلحة العامة ،و أن تدخلها يف النشاط اإلنتاجي يكون ضارا يف أغلب األحيان ،لذلك فإن وظيفتها األساسية تقتصر فقط
على سـن القوانيــن املنظمة للحياة االقتصادية ،و اليت حتمي احلرايت ،و ملكيات األفراد ،إىل جانب قيامها مبهمة الدفاع اخلارجي،
و توفري القضاء
العادل ،و إقامة بعض املشروعات اليت يعجز األفراد عن القيام هبا ،و اصطلح على تسمية الدولة لدى الرأمساليني بـ"الدولة احلامية".
حيث ميتلك األفراد ملكية خاصة أدوات اإلنتاج املادية ،مما ميكنهم من السيطرة على ثروات اجملتمع ،فاألساس املهم الذي
يقوم عليه هذا ا لنظام هو تقديس امللكية الفردية ،وذلك بفتح الطريق ألن يستغل كل إنسان قدراته يف زايدة ثروته ،ومحايتها ،وعدم
االعتداء عليها ،وتوفري القوانني الالزمة لنموها ،واحلد من تدخل السلطة احلاكمة يف النشاط االقتصادي إال ابلقدر الذي يتطلبه
النظام العام ،وتوطيد األمن.
ج-حافز الربح
يسعى املنظمون يف النظام الرأمسايل يف ظل امللكية الفردية لوسائل اإلنتاج ،ووجود احلرية االقتصادية إىل حتقيق أقصى ربح ممكن
،مما يعين أن الربح هو احملرك الرئيسي لالقتصاد الرأمسايل ،واملوجه له ،وهو ما يفسر وجود عدد كبري من املنتجني يتنافسون فيما
بينهم حىت يف املنتج الواحد ،وهذا يؤدي إىل املنافسة اهلدامة ،حيث البقاء لألقوى ،وليس لألصلح ،فكل شيء مباح مادام يعظم
األرابح .
يقوم السوق من خالل جهاز الثمن بتوجيه املنظمني إىل إنتاج ما حيقق أكرب ربح ممكن ،فتتحدد السلع املنتجة كما ونوعا حبسب
الطلب على كل سلعة يف السوق ،كما يوجه املستهلكني إىل حتديد السلع واخلدمات اليت يرغبون ،ويستطيعون شراءها فعال ،ومن
خالل العرض والطلب تتحدد كميات التوازن اليت يستطيع ،ويقبل املنتجون إنتاجها عند سعر التوازن ،ويستطيع ،ويقبل املستهلكون
شراءها عند نفس السعر.
كما يعتمد النظام الرأمسايل على آلية السوق يف حل املشكلة االقتصادية ،من خالل البحث يف ما جيب إنتاجه ،والكميات اليت
جيب إنتاجها ،وكيفية توزيع هذا اإلنتاج ،حبيث يتحقق توازن األسواق املختلفة عند سعر التوازن ،وهي سوق السلع ،وسوق النقد،
وسوق العمل ،وسوق األوراق املالية.
-يقوم على امللكية الفردية لعناصر اإلنتاج ،واليت تعين حرية تصرف األشخاص بثرواهتم وممتلكاهتم ،حيث يتوجب على اجملتمع
محاية حقوق املنتجني وأصحاب رؤوس املال.
-رغبات املستهلك هي أساس اإلنتاج ،فالذي حيدد الكميات اليت يزودها املنتجون ،والتجار للسوق هي حاجات املستهلك.
-الطابع التنافسي الذي يزيد من اإلنتاجية بشقيها النوعية والكمية.
-الفقر الزائد لشرحية متلقي اخلدمات أو املستهلكني ،بسبب طمع التجار وابتزازهم لأليدي العاملة بشكل يتناسب مع مصاحلهم.
-جعل العامل أشبه بغابة يستغل القوي فيها الضعيف ،مما أدى إىل انتشار العداوات ،والبغضاء واحلروب.
-عدم تكافؤ الفرص بني األفراد ،ووجود طبقات فقرية ،وطبقات غنية.