You are on page 1of 4

‫النظام االقتصادي الرأمسال‬

‫يعترب النظام الرأمسايل من أبرز النظم االقتصادية يف العامل‪ ،‬وسنحاول يف هذا احملور أن نتطرق إىل أهم العناصر املتعلقة هبذا‬
‫النظام االقتصادي‪ ،‬وذلك كما يلي‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬تعريف النظام الرأمسال‬

‫تعرف الرأمسالية )‪ )Capitalism‬أبهنا " نظام اقتصادي ‪ ،‬ومنط إنتاج يقوم على مبادئ امللكية اخلاصة لوسائل اإلنتاج‪،‬‬
‫واملبادرة الفردية‪ ،‬واملنافسة احلرة ‪ ،‬وتقسيم العمل وختصيص املوارد عرب آلية السوق دون احلاجة إىل تدخل مركزي من الدولة‪".‬‬

‫اشتقت كلمة ‪ capitalism‬من كلمة ‪ capitale‬الالتينية‪ ،‬واليت ظهرت يف القرنني الثاين عشر والثالث عشر‪ ،‬واليت‬
‫كانت تُشري إىل األرصدة‪ ،‬وخمزون السلع‪ ،‬وجمموع األموال‪ ،‬أو األموال اليت حتمل الفائدة‪ ،‬و حبلول عام ‪ ،1283‬أصبحت الكلمة‬
‫تُستخدم مبعىن أصول رأس املال لشركة جتارية‪ ،‬واستُعملت بشكل متبادل مع كلمات مثل‪ ،‬ثروة‪ ،‬مال‪ ،‬أرصدة‪ ،‬بضائع‪ ،‬أصول‪،‬‬
‫ملكية‪ ،‬وغريها‪.‬‬

‫وقد ظهرت الرأمسالية على يد االقتصادي‪ ،‬والفيلسوف األخالقي اإلسكتلندي "آدم مسيث" ( ‪ )1790 -1723‬الذي‬
‫أسس املدرسة التقليدية (الكالسيكية)‪ ،‬ووضع أصول املذهب الرأمسايل يف كتابه "ثروة األمم " ‪ ،‬أو ابمسه الكامل "حبث يف طبيعة‬
‫وأسباب ثروة األمم" " ‪An Inquiry into the Nature and Causes of the Wealth of‬‬
‫‪ "Nations‬الذي نشره عام ‪1776‬م‪.‬‬

‫اثنيا ‪ :‬حملة اترخيية عن الرأمسالية‬

‫تطورت الرأمسالية عرب ثالث مراحل كربى‪ ،‬هي‪ :‬الرأمسالية التجارية‪ ،‬والرأمسالية الصناعية ‪ ،‬والرأمسالية املالية‪ ،‬وقد ارتبط ظهور‬
‫الرأمسالية حبركة االكتشافات اجلغرافية يف القرن السادس عشر‪ ،‬اليت فتحت طرقا جتارية جديدة أمام التجار األوروبيني ‪ ،‬وفرصا لتحقيق‬
‫األرابح من خالل استقدام السلع املتنوعة‪ ،‬ومراكمة الثروات‪.‬‬

‫كما أسهمت أفكار عصر األنوار اليت متجد الثروة بدال من إدانتها كما كان عليه األمر يف القرون الوسطى‪ ،‬يف حتفيز الناس على‬
‫التجارة ومجع املال‪.‬‬

‫احملطة الثانية لتطور الرأمسالية هي ظهور الرأمسالية الصناعية يف القرن الثامن عشر نتيجة للثورة الصناعية اليت بدأت يف إجنلرتا‪،‬‬
‫حيث اكتشفت تقنيات جديدة لإلنتاج (كاحملرك البخاري وآلة الغزل)‪ ،‬وانتشرت هذه التقنيات يف بقية أرجاء أورواب‪.‬‬

‫وأدى ظهور املصانع يف أورواب إىل بروز طبقة جديدة يف اجملتمع هي البورجوازية‪ ،‬وقد لعبت دورا هاما يف تطوير اإلنتاج الصناعي‬
‫والرتويج لألفكار الرأمسالية وإحداث قطيعة مع النظام اإلقطاعي السائد من قبل‪.‬‬
‫دخلت الرأمسالية مرحلتها الثالثة مع هناية القرن التاسع عشر‪ ،‬وتوصف هذه املرحلة أبهنا مرحلة الرأمسالية املالية‪ ،‬وقد عرفت‬
‫هذه املرحلة ظهور املؤسسات املصرفية العاملية الكربى‪ ،‬والشركات القابضة ‪،‬وانتعشت أسواق األوراق املالية‪ ،‬ووقعت الشركات‬
‫الصناعية حتت هيمنة القطاع املصريف‪.‬‬

‫لكن هذه املرحلة كانت أيضا مرادفا لألزمات املالية املتعاقبة نتيجة لتضخم نشاط املضارابت املالية‪ ،‬والسياسات النقدية‬
‫التوسعية‪،‬‬

‫اثلثا‪ :‬مبادئ وأسس النظام الرأمسال‬

‫يرتكز النظام الرأمسايل على عدة مبادئ‪ ،‬وأسس نذكر منها مايلي‪:‬‬

‫أ‪-‬احلرية االقتصادية‬

‫يؤمن الرأمساليون بضرورة احلرية االقتصادية‪ ،‬وأمهية أن تكون األسواق حرة بشكل كامل‪ ،‬والبعد عن أي تدخل حكومي يف‬
‫االقتصاد‪.‬‬

‫كما يؤكدون أيضا أن املصلحة العامة ‪ ،‬إمنا تتحقق يف إطار املصلحة اخلاصة عن طريق ما يعرف "ابليد اخلفية ‪hands‬‬
‫"‪ ،Invisible‬واليت تعين أن‪ :‬األفراد يف سعيهم لتحقيق صاحلهم اخلاص حيققون –دون أن يشعروا‪ -‬املصلحة العامة‪ ،‬وابلتايل‬
‫إحداث التوازن التلقائي يف املصال ‪.‬‬

‫ويرى مفكرو هذا املذهب أن احلكومة فيما عدا وظيفة وضع القوانني السليمة‪ ،‬فإهنا ال تستطيع أن تكون أكثر فاعلية‪ ،‬وكفاءة يف‬
‫حتقيق املصلحة العامة‪ ،‬و أن تدخلها يف النشاط اإلنتاجي يكون ضارا يف أغلب األحيان‪ ،‬لذلك فإن وظيفتها األساسية تقتصر فقط‬
‫على سـن القوانيــن املنظمة للحياة االقتصادية‪ ،‬و اليت حتمي احلرايت‪ ،‬و ملكيات األفراد‪ ،‬إىل جانب قيامها مبهمة الدفاع اخلارجي‪،‬‬
‫و توفري القضاء‬

‫العادل‪ ،‬و إقامة بعض املشروعات اليت يعجز األفراد عن القيام هبا‪ ،‬و اصطلح على تسمية الدولة لدى الرأمساليني بـ"الدولة احلامية‪".‬‬

‫ب‪-‬امللكية الفردية لوسائل اإلنتاج‬

‫حيث ميتلك األفراد ملكية خاصة أدوات اإلنتاج املادية‪ ،‬مما ميكنهم من السيطرة على ثروات اجملتمع‪ ،‬فاألساس املهم الذي‬
‫يقوم عليه هذا ا لنظام هو تقديس امللكية الفردية‪ ،‬وذلك بفتح الطريق ألن يستغل كل إنسان قدراته يف زايدة ثروته‪ ،‬ومحايتها‪ ،‬وعدم‬
‫االعتداء عليها‪ ،‬وتوفري القوانني الالزمة لنموها‪ ،‬واحلد من تدخل السلطة احلاكمة يف النشاط االقتصادي إال ابلقدر الذي يتطلبه‬
‫النظام العام‪ ،‬وتوطيد األمن‪.‬‬
‫ج‪-‬حافز الربح‬

‫يسعى املنظمون يف النظام الرأمسايل يف ظل امللكية الفردية لوسائل اإلنتاج‪ ،‬ووجود احلرية االقتصادية إىل حتقيق أقصى ربح ممكن‬
‫‪ ،‬مما يعين أن الربح هو احملرك الرئيسي لالقتصاد الرأمسايل ‪ ،‬واملوجه له‪ ،‬وهو ما يفسر وجود عدد كبري من املنتجني يتنافسون فيما‬
‫بينهم حىت يف املنتج الواحد‪ ،‬وهذا يؤدي إىل املنافسة اهلدامة‪ ،‬حيث البقاء لألقوى‪ ،‬وليس لألصلح‪ ،‬فكل شيء مباح مادام يعظم‬
‫األرابح ‪.‬‬

‫د‪-‬آلية السوق أو جهاز الثمن‬

‫يقوم السوق من خالل جهاز الثمن بتوجيه املنظمني إىل إنتاج ما حيقق أكرب ربح ممكن‪ ،‬فتتحدد السلع املنتجة كما ونوعا حبسب‬
‫الطلب على كل سلعة يف السوق‪ ،‬كما يوجه املستهلكني إىل حتديد السلع واخلدمات اليت يرغبون‪ ،‬ويستطيعون شراءها فعال‪ ،‬ومن‬
‫خالل العرض والطلب تتحدد كميات التوازن اليت يستطيع‪ ،‬ويقبل املنتجون إنتاجها عند سعر التوازن‪ ،‬ويستطيع‪ ،‬ويقبل املستهلكون‬
‫شراءها عند نفس السعر‪.‬‬

‫كما يعتمد النظام الرأمسايل على آلية السوق يف حل املشكلة االقتصادية‪ ،‬من خالل البحث يف ما جيب إنتاجه‪ ،‬والكميات اليت‬
‫جيب إنتاجها‪ ،‬وكيفية توزيع هذا اإلنتاج‪ ،‬حبيث يتحقق توازن األسواق املختلفة عند سعر التوازن‪ ،‬وهي سوق السلع‪ ،‬وسوق النقد‪،‬‬
‫وسوق العمل‪ ،‬وسوق األوراق املالية‪.‬‬

‫رابعا ‪ :‬مزااي النظام الرأمسال‬

‫يتميز النظام الرأمسايل مبجموعة من املزااي و اإلجيابيات‪ ،‬نذكر منها ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬يقوم على امللكية الفردية لعناصر اإلنتاج‪ ،‬واليت تعين حرية تصرف األشخاص بثرواهتم وممتلكاهتم‪ ،‬حيث يتوجب على اجملتمع‬
‫محاية حقوق املنتجني وأصحاب رؤوس املال‪.‬‬

‫‪ -‬دافع الربح هو احلافز لزايدة اإلنتاج‪.‬‬

‫‪ -‬دعم وحتفيز التطور التكنولوجي‪.‬‬

‫‪ -‬املسامهة يف رفع معدل الدخل القومي‪.‬‬

‫‪ -‬توفري مساحة حرية كبرية يف االستثمار‪.‬‬

‫‪ -‬خفض معد ل األسعار على املستهلك‪.‬‬

‫‪ -‬ارتفاع جودة املنتجات املقدمة‪.‬‬

‫‪ -‬رغبات املستهلك هي أساس اإلنتاج‪ ،‬فالذي حيدد الكميات اليت يزودها املنتجون‪ ،‬والتجار للسوق هي حاجات املستهلك‪.‬‬
‫‪ -‬الطابع التنافسي الذي يزيد من اإلنتاجية بشقيها النوعية والكمية‪.‬‬

‫خامسا ‪ :‬عيوب النظام الرأمسال‬

‫للرأمسالية جمموعة من العيوب تتمثل بشكل عام فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬األاننية وتركز رؤوس األموال يف يد ٍ‬


‫فئة معينة من التجار‪ ،‬وأصحاب األموال‪.‬‬

‫‪ -‬الفقر الزائد لشرحية متلقي اخلدمات أو املستهلكني‪ ،‬بسبب طمع التجار وابتزازهم لأليدي العاملة بشكل يتناسب مع مصاحلهم‪.‬‬

‫‪ -‬جعل العامل أشبه بغابة يستغل القوي فيها الضعيف‪ ،‬مما أدى إىل انتشار العداوات‪ ،‬والبغضاء واحلروب‪.‬‬

‫‪ -‬يقوم النظام الرأمسايل على أساس مطالبة املستهلكني بفوائد عالية‪.‬‬

‫‪ -‬اعتماد االقتصاد على االستهالك‪.‬‬

‫‪ -‬وضع احتياجات العمل فوق احتياجات الفرد‪.‬‬

‫‪ -‬عدم تكافؤ الفرص بني األفراد‪ ،‬ووجود طبقات فقرية‪ ،‬وطبقات غنية‪.‬‬

‫‪ -‬إمهال األشخاص من ذوي الكفاءات ‪ ،‬والقدرات احملدودة‪.‬‬

‫‪ -‬سيطرة بعض الشركات الكبرية على السوق‪ ،‬وابتالعها للشركات الصغرية‪.‬‬

‫‪ -‬عدم وجود نظام عادل ينظم األجور بني األفراد العاملني‪.‬‬

You might also like