Professional Documents
Culture Documents
الموضوع:األنظمة االقتصادية.
السؤال :م ــا هــو السبيـل لتحقيــق االزدهــار االقتصــادي ?.
لقد عرفت اجملتمعات البشرية عدة أشكال للتنظيم االقتصادي ,كالنظام العبودي و اإلقطاعي ,ويف العصر احلديث ظهر نظامان متناقضان:
األول هو النظام الرأمسايل الذي يقيم احلياة االقتصادية على احلرية ,والثاين هو النظام االشرتاكي الذي يعتمد على التخطيط ,لكن ماهو
النظام األصلح لتحقيق الرجاء االقتصادي ؟ هل حتقيق االزدهار االقتصادي يتم مبراعاة مبدأ احلرية أم التوجيه؟
الموقف األول :يعتقد أنصار املذهب الرأمسايل الذي ظهر عقب الثورة الصناعية أواخر القرن 19م على يد بعض املفكرين أمثال :أدام
مسيت ,ودافيد ريكاردو ,أن حتقيق االزدهار االقتصادي يتم عرب األخذ مببدأ احلرية ,فاحلرية مبدأ أساسي وقاعدة تبعث احليوية واحلركة
يف احلياة االقتصادية ولذا فقد دعا آدم مسيت إىل إبعاد احلكومات عن التدخل يف االقتصاد لأن كل األزمات االقتصادية واالجتماعية ناجتة
عن تدخل الدولة يف الشؤون االقتصادية فيجب ترك املبادرة وفتح اجملال أمام األفراد ليتنافسوا فيما بينهم ,وهذا من شأنه أن ينمي الروح
الفردية ويشجع على اإلبداع فيتحقق بذلك وفرة يف اإلنتاج فتكثر السلع واخلدمات,ففي هذا دعوة صرحية إىل احلرية يف العمل واإلنتاج
والتسويق وهذا ما جتسده العبارة الشهرية آلدم مسيث( دعه يعمل اتركه ي ـمر ).
وتعترب امللكية الفردية واحلرية يف اإلنتاج و املبادالت سبب لتحريك اجملتمع وازدهاره ,لأن حتقيق املصلحة اخلاصة أحسن ضمان لتحقيق
املصلحة العامة.
أما حركة األسعار و األجور فإهنا تسري وفق قانون طبيعي وقوانني تابثة من خالل قانون العرض والطلب ,وملا كانت املنافسة وليدة احلرية
فان كل مؤسسة اقتصادية حتسن باستمرار يف إنتاجها وهو ما ينعكس اجيابيا على اجملتمع ,حبيث يزداد رأس مال األفراد فتزداد املشاريع
وينشط سوق العمل وتلىب مجيع احتياجات األفراد ,وهلذا قيل ( لقد مسحت الرأمسالية بتحرر اإلنسان من الطبيعة ).
النقد :إذا نظرنا إىل النظام الرأمسايل من زاوية اقتصادية فإننا ال ميكن أن نشكك يف نتائجه االجيابية ,لكن إذا نظرنا إىل نتائجه االجتماعية
واألخالقية فنجده قد سبب البؤس والشقاء وخلق جمتمعا طبقيا قائما على االستغالل يتساوى فيه العامل مع السلعة أو يكون أقل منها .
الموقف الثاني :من هنا جاء النظام االشرتاكي كرد فعل مباشر على عيوب النظام الرأمسايل.فقد تفطن األملاين كارل ماركس يف حتليله
للواقع االجتماعي السائد يف اجملتمع الرأمسايل إىل التناقضات املوجودة يف هذا النظام واليت هتدده بالزوال وهذا ما جعله يقول ( :أن الرأمسالية
حتمل يف طياهتا بذور فنائها ) ودعا إىل إقامة النظام االشرتاكي على أسس خمالفة لألسس اليت قام عليها االقتصاد احلر .فاالقتصاد االشرتاكي
يتميز مبنهجه اجلماعي الذي جيعل من العامل حمور العملية اإلنتاجية,حيث أكد على مبدأ احلرية اجلماعية ويظهر هذا باخلصوص يف حتويل
امللكية الفردية إىل ملكية مجاعية وذلك عن طريق تأميم وسائل اإلنتاج فالدولة يف هذا النظام هي اليت تأخذ زمام املبادرة يف احلياة
االقتصادية.
ومعىن هذا أن النظام االشرتاكي يقوم على مبدأ التخطيط املركزي ويعين استخدام املوارد على أفضل وجه ممكن لتحقيق التنمية االقتصادية
و االجتماعية والنمو املتوازن لالقتصاد الوطين لأن املصلحة العامة حسب أنصار هذا النظام ال تتحقق تلقائيا بل جيب أن يكون االقتصاد
ممنهجا ومسريا بإتباع طرق علمية حتد من فوضى الإنتاج اليت يتميز هبا االقتصاد احلر ومن مميزات هذا النظام أنه يساعد على حتقيق مبدأ
تكافؤ الفرص والتساوي بني أفراد اجملتمع يف اجملاالت االقتصادية واالجتماعية ويساعد على توفري احلاجيات األساسية ألفراد اجملتمع .
النقد :حقيقية قد متكن النظام االشرتاكي من القضاء على الطبقية وخفف من معاناة العمال ,إال أنه قد عجز عن حتقيق التطور االقتصادي
املنشود ألنه مل يستطع أن يضع حدا للظواهر السلبية اليت رافقت تطبيقه كالتسيب واإلمهال والبريوقراطية.
التركيب :
إذا كان النظام االقتصادي الرأمسايل قد بالغ يف االهتمام بالفرد وأطلق احلرية واملنافسة ,و النظام االقتصادي االشرتاكي اهتم باجلماعة وقيد
حرية األفراد,فان كالمها فيهما إجحاف فالنظرة الصحيحة,لالقتصاد جندها فاإلسالم الذي اهتم بالفرد واجلماعة ,فقد أقر اإلسالم امللكية
الفردية وجعلها يف خدمة املصلحة العامة ونظر إىل االقتصاد نظرة شاملة مادية ومعنوية ,وذلك مبراعاة األخالق أثناء املمارسة االقتصادية
فحرم كل وسيلة للكسب الغري مشروع,كاالحتكار ,والغش ودعا إىل العطف على املساكني وذوي احلاجات ففرض الزكاة.
1