You are on page 1of 3

‫مقالة فلسفية حول النظمة القتصادية‪:‬‬

‫‪-------------------------------------------------‬‬
‫هل النظام القتصادي القائم على الحرية الفردية كفيل بتحقيق رفاهية الشعوب ؟‬
‫الطريقة ‪ :‬جدلية ‪:‬‬
‫مقدمة ‪:‬‬
‫إن استمرارية ورقي أي دولة أو مجتمع بشري يقتضي انتهاج نظام اقتصادي معين ‪ ،‬يضمن تجنب‬
‫مشاكل اقتصادية واجتماعية ويحقق الرفاهية والتوازن الجتماعي لهم ‪ ،‬ولقد اختلف الفلسفة‬
‫ورجال القتصاد عبر التاريخ حول مسالة اختيار النظام القتصادي المثل والنجح لتحقيق العدالة‬
‫والرفاهية للشعوب ‪ ،‬وهذا نظرا لتعدد النظم القتصادية من اقتصاد قائم على الحرية الفردية و آخر‬
‫قائم على الشتراكية ‪ ،‬ومن هذا المنطق نطرح عدة إشكاليات مفادها ‪ ،‬هل النظام الرأسمالي القائم‬
‫على الحرية الفردية هو النسب لتحقيق الرفاهية والعدالة الجتماعية ؟ وبتعبير آخر ما هو النظام‬
‫القتصادي الفضل لتحقيق العدالة في المجتمع ؟‬
‫العرض ‪:‬‬
‫يرى بعض الفلسفة والمفكرين وعلى رأسهم رجل القتصاد النجليزي " آدم سميث " و " جون‬
‫باتيست " أن النظام القتصادي المثل والفضل لكافة الشعوب هو النظام الليبرالي " الرأسمالي "‬
‫فهو الذي يحقق العدالة في المجتمع لنه يمنح للفراد الحرية المطلقة في ممارسة كل النشطة‬
‫القتصادية ‪ ،‬ولقد ظهر النظام الرأسمالي في خضم التغيرات الجتماعية التي أحدثها انتقال المجتمع‬
‫الوربي من مجتمع إقطاعي إلى مجتمع رأسمالي بفعل الثورة الصناعية في انجلترا التي أحدثت‬
‫تغيرا جذريا على البنية القتصادية و الجتماعية للمجتمع الوروبي ‪ ،‬ومن أهم المبادئ التي يقوم‬
‫عليها النظام الرأسمالي إقراره بالملكية الفردية وإيمانه بالفرد وتتبع مصلحته في ممارسة إي نشاط‬
‫اقتصادي يرغب فيه ‪ ،‬لذلك رفع النظام الرأسمالي شعار " دعه يعمل اتركه يمر " ‪ ،‬كما أن‬
‫المنافسة القتصادية شكل محركا أساسيا لللة القتصادية ودافعا قويا لتحسين المنتوج " الجودة "‬
‫ويؤدي هذا حتما الى الرخاء القتصادي " انخفاض السعار " ومن بين المبادئ الساسية أيضا‬
‫للرأسمالية عدم تدخل الدولة في النشاط القتصادي ويتمثل دورها فقط في حماية الشخاص والدفاع‬
‫عن مصالحهم كما أن السعر ل تحدده الدولة بل يخضع لقانون العرض والطلب وبالتالي ينبغي على‬
‫الدولة أن ل تعيق النشاط الطبيعي للقتصاد ‪.‬‬
‫رغم النجاح الكبير الذي حققه النظام الرأسمالي وقدرته على النفوذ في اقتصادات معظم دول العالم‬
‫خاصة الغربية وما رافقه من تطور تكنولوجي مذهل ‪ ،‬إن الثروة ورؤوس الموال في القتصاد‬
‫الليبرالي الحر تتركز في يد القلية فقط دون الغلبية وهذا ما أدى إلى تقسيم المجتمع إلى طبقتين‬
‫طبقة غنية مالكة للثروة ووسائل النتاج وطبقة أخرى فقرة تعمل ول تكسب ‪ ،‬فالغني في النظام‬
‫الرأسمالي يزداد غنى والفقير يزداد فقرا وبذلك اتسعت الهوة بين الطبقتين بالضافة إلى الزمات‬
‫والمشاكل التي تعرض لها النظام الرأسمالي في تاريخه مثل " أزمة الكساد الكبير سنة ‪، 1929‬‬
‫وأزمة الرهن العقاري سنة ‪ " 2008‬وقد أدى أيضا إلى نشوب حروب ومشاكل بين الدول عبر‬
‫عنها الفيلسوف " جوريس " بمقولته الشهيرة ) إن الرأسمالية تحمل الحروب مثلما يحمل السحاب‬
‫المطر (‪.‬‬
‫وعلى أنقاض النظام الرأسمالي ظهر نظام اقتصادي آخر حمل مبادئ جديدة تمثل في النظام‬
‫الشتراكي الذي يرى مؤسسوه وعلى رأسهم الفيلسوف اللماني " كارل ماركس " إن هذا النظام‬
‫هو الذي يكفل تحقيق العدالة في المجتمع ويقضي على الطبقية التي أنتجها النظام الرأسمالي ‪،‬‬
‫ويقوم النظام الشتراكي على عدة أسس ومبادئ أهمها الملكية الجماعية لوسائل النتاج على اعتبار‬
‫أنها تساوي بين أفراد المجتمع فل يشعر احد منهم بالظلم ‪ ،‬كذلك يرفض هذا النظام استغلل النسان‬
‫لخيه النسان ‪ ،‬كما دعا العمال إلى التوحد وذلك في مقولة " ماركس " الشهيرة ) يا عمال العالم‬
‫اتحدوا ( ويقول أيضا ) إن الرأسمالية تحمل في طياتها بذور فنائها ( ‪ ،‬ومن منظري هذا النظام‬
‫أيضا الفيلسوف اللماني " فردريك انجلز "الذي أعجب بكتاب كارل ماركس " رأس المال " وسار‬
‫في نفس خطاه ‪ ،‬كما يؤكد هذا النظام أيضا على ضرورة تدخل الدولة في كل النشاطات القتصادية‬
‫والتحكم فيها وذلك عن طريق ما يسمى بعملية التخطيط المسبق لسير القتصاد من طرف الدولة ‪،‬‬
‫لقد سعى النظام الشتراكي إلى تحقيق المساواة القتصادية والجتماعية بين الفراد ومحو كل إشكال‬
‫التمييز والتفرقة الجتماعية ‪،‬ولقد نجح هذا النظام في التحقق على ارض الواقع بعد الثورة البلشفية‬
‫التي قامت في روسيا سنة " ‪ " 1917‬و التي قضت على النظام الرأسمالي وأسست لعهد جديد‬
‫بظهور الشتراكية وتوسعها في كثير من دول العالم إلى غاية نهاية الحرب الباردة ‪.‬‬
‫رغم أن الشتراكية تعبر تاريخيا عن وعي النسانية ‪ ،‬ونضالها الدائم من اجل العدل والمساواة‬
‫وحاربت التفاوت والستغلل ل أنها لم تخلو هي الخرى من العيوب والسلبيات ولعل أهم هذه‬
‫السلبيات تمثل في قمعه للحرية الفردية التي تعتبر شيئا مقدسا للنسان وكذلك أدى تطبيقه إلى‬
‫التكال على الدولة في كل شيء والى المشاكل الدارية ممثلة في البيروقراطية وكذا غياب المبادرة‬
‫الفردية ‪ ،‬وأدت أيضا إلى ركود وجمود اقتصادي كبير وواضح لدى الدول الشتراكية ‪ ،‬ولعل أهم‬
‫دليل على فشل الشتراكية هو انهيارها السريع في معظم الدول التي تبنت هذا النظام وأفضل مثال‬
‫على ذلك انهيار المعسكر الشيوعي ممثل في التحاد السوفياتي أمام المعسكر الليبرالي ‪.‬‬
‫إن كل من النظامين السابقين لم يخلو من العيوب والمشاكل رغم تفوق الرأسمالية التي لزالت‬
‫تعاني من الزمات من حين لخر إل أن النظام القتصادي السلمي أو بتعبير أفضل الممارسة‬
‫القتصادية في السلم تضمن لحد كبير تحقيق العدالة الجتماعية والقتصادية كما تضمن الرفاهية ‪،‬‬
‫إذ أن السلم يقبل شكلين من الملكية ‪ ،‬الملكية الفردية الخاصة والملكية الجماعية وهي أيضا تجمع‬
‫بين السياسة والدين والقتصاد وهي بهذا تمجد الفرد والجماعة في آن واحد وتكفل مصلحتهما‬
‫معا ‪ ،‬كما بينت الممارسة القتصادية في السلم الشروط الخلقية التي ينبغي أن تقوم عليها الحياة‬
‫القتصادية في المجتمع وهذا الجانب لم يراعيه كل النظامين السابقين ‪ ،‬فرفضت كمل أشكال الغش‬
‫والربا والحتكار والتبذير حيث منعت النظرة السلمية للقتصاد الستبداد والتعسف في استخدام‬
‫المال سواء كان خاصا أو عاما ولقد عرفت هذه الممارسة القتصادية اهتماما كبيرا من علماء‬
‫القتصاد لسيما بعد الزمة المالية العالمية "‪ 2009 / 2008‬وذلك من اجل الوصول إلى معاني‬
‫اقتصادية متكاملة تقوم على أسس أخلقية ‪.‬‬
‫خاتمة ‪:‬‬
‫وهكذا نستنتج في الخير بان النظام الرأسمالي لم يحقق العدالة والرفاهية المبتغاة منه لحتوائه‬
‫على سلبيات كادت أن تقضي عليه في كثير من الفترات وحتى الشتراكية لم تسلم من ذلك ‪ ،‬إل أن‬
‫النظام المثالي الذي حقق العدالة في المجتمع هو النظرة السلمية للقتصاد بالرغم من عدم تطبيقها‬
‫بحذافيرها على ارض الواقع ‪.‬‬

You might also like