You are on page 1of 26

‫التحليل السوسيولوجي للمؤسسة ‪ /‬ماستر ‪ 2‬تنظيم‬

‫أستاذ المقياس البروفيسور الفضيل رتيمي‬

‫المحاضرة األولى ‪ :‬تعريف المؤسسة وخصائصها‬

‫إن عملية وصف مؤسسة اقتصادية معينة يمكن أن يتم بسهولة وذلك لو‬ ‫ّ‬
‫أخذنا حالة حقيقية منفردة مثل‪ :‬مؤسسة زراعية‪ ،‬صناعية أو تجارية أو‬
‫خدماتية‪ ،‬وقد تكون مؤسسة عامة أو خاصة…‪ ،‬لكن حصر كل أنواع المؤسسة‬
‫وفروعها االقتصادية وأحجامها وأهدافها المختلفة في تعريف واحد من الصعوبة‬
‫بمكان‪ ،‬نظرا لألسباب التالية‪:‬‬
‫‪ -1-‬التطور المستمر الذي تعرفه المؤسسة االقتصادية في طرق تنظيمها‬
‫وأشكالها القانونية منذ ظهورها‪.‬‬
‫‪ -2-‬اتساع نشاط المؤسسة االقتصادية‪.‬‬
‫‪ -3-‬اختالف االتجاهات? االقتصادية واأليديولوجية‪ ،‬حيث يبرر جليا عند‬
‫االقتصاديين االشتراكيين ونظرتهم للمؤسسة واالقتصاديين الرأسماليين في‬
‫إعطاء تعريفات مختلفة عما سبق‪.‬‬
‫"إن المؤسسة تعني ك ّل‬
‫يعرفها "لبروتون" (‪ )M. Lebreton‬حيث يقول‪ّ :‬‬‫ّ‬
‫(‪2‬‬
‫شكل تنظيم اقتصادي مستقل ماليا‪ ،‬ويقترح نفسه إلنتاج سلع أو خدمات للسوق"‬
‫)(‪.)2‬‬
‫وحسب تعبير "هربرت سبنسر" (‪" : )H.Spencer‬تشبه المؤسسة العضو‬
‫أو الجهاز? الذي ينجز وظائف مهمة للمجتمع"(‪.)3()3‬‬
‫)‪(2‬‬ ‫)‪(2‬‬
‫‪LeBreton (M), Dans la comptabilité superieure, ed del et cie, Paris, 1974 , p29.‬‬
‫(‪ )3‬لينكن ميتشال‪ ،‬معجم‪ %‬علم االجتماع‪ ،‬ترمجة إحسان حممد حسن‪ ،‬بريوت‪ ،‬دار الطليعة‪ ،1981 ،‬ص‪.127‬‬
‫(‪)3‬‬
‫يتم إنشاؤها من‬
‫"بأنها وحدة اجتماعية ّ‬
‫كما يرى "إتزيوني" (‪ّ :)A. Etzioni‬‬
‫معين‪ ،‬وللتنظيم أهداف تتعارض أحيانا مع أهداف واحتياجات‬
‫أجل تحقيق هدف ّ‬
‫أعضاء التنظيم"(‪.)4()4‬‬
‫ويتشابه التعريف السابق مع تعريف "تالكوت بارسونز" (‪:)T.Parsons‬‬
‫"المؤسسة (أو التنظيمات) على اعتبارها ّأنها وحدات اجتماعية تقام وفقا لنموذج‬
‫معين لكي تحقق أهدافا محددة"(‪.)5()5‬‬
‫بنائي ّ‬
‫المحاضرة الثانية ‪:‬أنواع المؤسسات‬

‫وسنتناول فيما يلي أنواع المؤسسات في بيئتنا (الجزائر) حاليا أو التي‬


‫ستكون على المدى القريب‪?.‬‬
‫‪-‬المؤسسة حسب الحجم‬
‫أن الحجم يؤثّر على طبيعة التنظيم ونمط‬
‫يقوم هذا التصنيف على فرضية ّ‬
‫العالقات? الداخلية بين اإلدارات(‪ ،2(2‬ومنه فالمؤسسات ذات الحجم المتماثل‬
‫يسود بها سلوك تنظيمي متماثل‪ ،‬ولإلشارة ومن أجل التصنيف حسب الحجم يمكن‬
‫المتغيرات‪ ،‬فالتصنيف بحسب هذا المعيار لم يصل إلى‬
‫ّ‬ ‫االعتماد على جملة من‬
‫معين قد‬
‫درجة التوحيد في ك ّل القطاعات‪ ،‬فالمؤسسة المتوسطة في قطاع ّ‬
‫تعد صغيرة الحجم في قطاع آخر‪ ،‬وهذا راجع لكون التصنيف قائم على‬‫ّ‬
‫جملة من المتغيرات منها‪:‬‬
‫‪ -‬عوامل اإلنتاج‪ :‬حجم رأس المال‪ ،‬عدد العمال‪ ،‬وهذا األخير هو األكثر‬
‫استعماال في تصنيف المؤسسات‪.‬‬
‫‪ -‬المردودية‪ :‬أي حجم األرباح المحققة‪ ،‬والقيمة المضافة‪?.‬‬
‫)‪(4‬‬
‫‪Etzioni (A) : Modern organisation, N.Y : England cliffs, prentice hale, 1964, p3.‬‬
‫)‪(4‬‬

‫)‪(5‬‬
‫‪Parsons (T) : Structure and process in modern societies, Glencoe 3 : The parrsons free‬‬
‫)‪(5‬‬

‫‪press, 1960, p17.‬‬


‫‪(2‬‬ ‫)‪(2‬‬
‫‪Roland Code, Comment fonctionne l’entrprise, ed centurion, Paris, 1976, p8.‬‬
‫‪ -‬حجم النشاط‪ ،‬ويستدل عنه بحجم رقم األعمال‪.‬‬
‫‪-‬المؤسسات الصغيرة‪:‬‬
‫يتولى فرد واحد‬ ‫‪10‬‬ ‫وهي تلك المؤسسات التي ال يزيد عدد أفرادها عن‬
‫من بينهم إدارتها وغالبا ما يكون المدير هو نفسه المالك‪ ?،‬ويسود هذا النمط من‬
‫المؤسسات عادة في القطاع الحرفي والزراعي‪ ،‬وك ّل قطاع التجارة الصغيرة‪،‬‬
‫وفي الغالب? تخضع هذه المؤسسات لمحيطها الخارجي المباشر فوجودها مرهون‬
‫بمدى قدرتها على ضمان االستمرار من خالل استجابتها للطلب الخارجي الذي‬
‫أن هذا النوع من المؤسسات أخذ‬
‫ال يتعدى دوما السوق المحلي‪ ?،‬والمالحظ ّ‬
‫طابعا رسميا مع بداية التسعينات من القرن الماضي ‪ ،1990‬بالجزائر من خالل‬
‫اهتمام الدولة بإنشاء مؤسسات تشغيل الشباب‪ ،‬ومؤسسات مجهرية عائلية أو‬
‫أسرية في غالب االحيان داخل البيوت‪.‬‬
‫و ‪ 500‬فردا تتميز‬ ‫‪10‬‬ ‫تضم بين‬
‫‪ -‬المؤسسات المتوسطة‪ :‬وهي التي ّ‬
‫بالخصائص التالية(‪:1(1‬‬
‫‪ -1-‬عدم الفصل بين الملكية والتسيير‪ :‬ذلك ّأنها غالبا ما تكون ذات‬
‫منشأة عائلي فيكون المالكون هم ذاتهم القائمون على شؤون التسيير والتصرف‬
‫في ك ّل األمور مهما كانت جزئية وصغيرة مما يجعل هذه المؤسسات تعاني من‬
‫زيادة صعوباتها ومشاكلها كلما زاد حجم مستخدميها وذلك نتيجة مركزية‬
‫التسيير واإلدارة‪ ،‬وتعرف هذه المؤسسات مشكلة في التسيير وهذا كلما كان‬
‫المالكون ال يعرفون وال ينفذون قواعد ومبادئ علوم التسيير خاصة تسيير‬
‫الموارد البشرية‪ ،‬وفق نظرة نفسية أي االهتمام بالبعد الثقافي للمكونة البشرية‪.‬‬
‫‪-‬المؤسسات الكبيرة‪:‬‬

‫(‪ )1‬علي الشرقاوي‪ ،‬وظائف منشأة األعمال‪ ،‬دار اجلامعات املصرية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،1979 ،‬صص‪.73-71 :‬‬
‫(‪1‬‬
‫مستخدم‪ ،‬ونتيجة لكبر‬ ‫‪500‬‬ ‫وهي تلك المؤسسات التي تتوفر على أكثر من‬
‫أن مالكها‬
‫فإنها في الغالب? تكون في شكل شركات مساهمة بمعنى ّ‬ ‫حجمها ّ‬
‫كثيرون‪ ،‬بعدد مالك األسهم ‪ ،‬مما يتيح لها قدرات مالية كبيرة‪ ،‬وكنتيجة لكثرة‬
‫فإن التسيير الفعلي لها يكون بين أيدي مسيرين تقنقراطيين يتمتعون‬
‫المالك ّ‬
‫بجدية أكبر في إدارة شؤون المؤسسة(‪.2(2‬‬
‫حسب الملكية الخاصة‪:‬‬
‫وتشمل المؤسسات الفردية وشركات األشخاص واألموال‪:‬‬
‫‪-‬أ‪ -‬المؤسسات الفردية‬
‫‪-‬ب‪ -‬شركات التضامن‬

‫تنشأ بالتقاء شخصين أو أكثر مساهمين بحصص متساوية أوال سواء في‬
‫رأس المال أو الجهد المبذول في نشاط العمل أو في كليهما‪ ،‬وتقاسم األرباح يتم‬
‫يسير الشركاء بأنفسهم الشركة‬
‫بشكل متناسب مع الحصص المساهم بها‪ ،‬وفيها ّ‬
‫يعينون مديرا يتولى اإلدارة‪.‬‬
‫أو ّ‬
‫الشركات القابضة‬
‫إن مقتضيات السوق وظروفه تدفع بالمؤسسات إلى اتّباع سياسة التكتل‬ ‫ّ‬
‫في هيئة واحدة مع احتفاظها باالستقاللية في إدارة شؤونها‪ ،‬فالطابع الالمركزي‬
‫أن القرارات? الهامة جدا تبقى من سلطة اإلدارة المركزية للمجمع‪:‬‬
‫واضح غير ّ‬
‫"وهي مجموعة من الشركات لديها عالقات مالية واقتصادية تخضع لرقابة‬
‫الشركة األم أو لرقابة الشركة القابضة"(‪.)1()1‬‬

‫‪(2‬‬ ‫)‪(2‬‬
‫‪Brigitte Livy, Maxime, Agrener, &, Jérome Doutriaux, Principe d’économie managériale,‬‬
‫‪questions, éxercices, et théme, G Deton Morin, Québec 1992, pp, 29-30.‬‬
‫)‪(1‬‬ ‫)‪(1‬‬
‫‪GILLES Bressy et Christian Konkayt, Economie de l’entreprise , ed Mouflon, Paris, 1990,‬‬
‫‪p58.‬‬
‫أن تجميع األنشطة في المستويات‬
‫والشيء المالحظ في الشركات القابضة ّ‬
‫يتم على أساس المبدأ الوظيفي‪ ،‬في حين تجمع األنشطة إما على‬
‫اإلدارية العليا‪ّ ،‬‬
‫أساس المنتجات? أو األسواق في المستويات اإلدارية األدنى(‪.1(1‬‬
‫وهناك تصنيف آخر للمؤسسات حسب الملكية ‪:‬‬
‫تقسم المؤسسات حسب ملكية وسائل اإلنتاج وفق ما يحدده القانون إلى‬
‫نوعين‪ :‬مؤسسات قطاع خاص وقطاع عام‪.‬‬
‫‪ -2-‬شركات التوصية باألسهم‪:‬‬

‫يضم صنفين من الشركاء‪:‬‬


‫ّ‬
‫المتضامنون والموصون‪ ،‬ولكل وضعه القانوني الخاص‪ ،‬فالشركاء‬
‫المتضامنون لهم نفس الوضع الذي أشير إليه سابقا (التسيير‪ ،‬حل الشركة‬
‫وانسحاب الشريك الخ…)‪.‬‬
‫أن الشركاء الموصون ال يشاركون في التسيير بل يكتفون بالحصول‬
‫غير ّ‬
‫على األرباح وبذلك يمكنهم مراقبة حسابات الشركة‪.‬‬
‫يضم ثالثة مساهمين‬
‫أن الجمعية العامة للمساهمين تعين مجلس رقابة ّ‬‫غير ّ‬
‫أو أكثر يسهرون بشكل دائم على مراقبة أعمال المدير الذي قد يكون من بين‬
‫الشركاء أو من خارجهم(‪.2(2‬‬
‫المؤسسات العمومية االقتصادية‪:‬‬

‫تعددت تعاريف المؤسسات العمومية بتعدد وأنواع ذاتها‪ ،‬فمنها المؤسسات‬


‫العامة اإلدارية (‪ )E P A‬والمؤسسات المهنية (‪ )E P P‬والمؤسسات العامة‬

‫‪(1‬‬
‫‪1‬‬
‫) (‬
‫‪J.B Gilbert Probest et AT, Organisation et management, ed org, Paris 1998, p67.‬‬
‫(‪ )2‬نفس املرجع صص ‪.247-246‬‬
‫(‪2‬‬
‫(‪S P‬‬ ‫االقتصادية (‪ ،3(3()E P E‬والمؤسسات العامة االقتصادية ذات األسهم‬
‫‪ ،)E P E( ، )A‬كما تختلف تسميات هذه المؤسسات حسب تواجدها بين دول‬
‫رأسمالية متقدمة‪ ،‬أو دول نامية‪ ،‬أو دول اشتراكية‪.‬‬
‫شركات ذات مسؤولية محدود‪:‬‬
‫تتكون هذه الشركات من أسهم قابلة للتداول بين األزواج األصول‪ ،‬الفروع‬
‫وحتى الشركاء غير ّأنه ال يتنازل عنها للغير إالّ بموافقة أغلبية الشركاء وعلى‬
‫العموم تتبع تسمية الشركة باألحرف ( ش‪.‬ذ‪.‬م‪..‬م) وجاءت مثل هذه الشركات‬
‫بمجرد انسحاب أحد أعضائها أو‬
‫ّ‬ ‫كنتيجة لعيوب الشركات السابقة التي تح ّل‬
‫وفاته(‪.1(1‬‬
‫‪:‬وتضم نوعين من الشركات‪:‬‬
‫ّ‬ ‫شركات األموال‬
‫‪ -1-‬شركات المساهمة‪:‬‬

‫هي شركات يقسم رأسماله على أسهم متساوية القيمة تقابلها أوراق مالية‬
‫قابلة للتداول في سوق األوراق المالية‪ ،‬يكتتب المستثمرون فيها‪ ،‬ومنه فاالعتبار‬
‫ألن صوت الشريك مرتبط‬
‫األساسي هو المال بمعنى ليس لشخصية الشريك‪ّ ،‬‬
‫بعدد أسهمه‪ ،‬فمن يملك أكثر من ‪ %50‬من األسهم هو من يتمكن من فرض‬
‫وأن هذه الشركات تقدم على مبدأ قانون‬
‫آرائه على اآلخرين خاصة إذا علمنا ّ‬
‫األغلبية في تعيين أعضاء اإلدارة‪.‬‬
‫حصتها من المبيعات‪ ،‬ويمكن أن‬
‫وجدية حركيتها في السوق تتحدد بحجم ّ‬‫ّ‬
‫تتأثّر المؤسسة االقتصادية بالعوامل التالية‪:‬‬

‫(‪ )3‬بكر قباين‪ ،‬المؤسسة العامة ‪ ،‬جملة اإلدارة العامة‪ ،‬جملة دورية الرياض‪ ،‬اململكة العربية السعودية‪ ،‬نوفمرب ‪ ،1992‬رقم ‪.35‬‬
‫(‪3‬‬

‫(‪ )1‬علي إبراهيم اخلضر‪ ،‬المدخل إلى إدارة األعمال‪ ،‬منشورات جامعة دمشق‪ ،‬ط‪ ،2000 ،2‬ص ‪.240‬‬ ‫(‪1‬‬
‫‪-‬أ‪ -‬عامل الحجم‪ :‬قد يبدو هذا العامل بسيطا يتعلق بعدد الناس في‬
‫المنظمة (المؤسسة)‪ ،‬لكن فكرة حدود المنظمة جعلت من الصعب تحديد من هو‬
‫داخل ومن هو خارج المنظمة‪.‬‬
‫‪-‬ب‪-‬عامل التكنولوجيا‪ :‬لقد بدأ االهتمام بهذا العامل كعنصر رئيسي في‬
‫التحليل التنظيمي مع "وودوارد" (‪ )Woodward 1958‬و "لورنس" (‪) Lawrence‬‬
‫أن طبيعة‬
‫و "لورش" (‪ ،)Lorsch 1967‬وقد ّبينت دراسة (‪ّ )Woodward‬‬
‫التكنولوجيا تؤثّر بشكل قوي في هيكل إدارة الشركة (عدد مستويات الهرمية‪،‬‬
‫نطاق اإلشراف في الخط التنفيذي األول‪ ،‬نسبة المديرين والمشرفين إلى العاملين‬
‫اآلخرين الخ…)‪ ،‬إذن المتغيرات الهيكلية السابق ذكرها تتأثر بالتكنولوجيا‬
‫فإن نجاح وفعالية المنظمة مرتبط بالتوافق بين التكنولوجيا‬
‫المستخدمة‪ ،‬ومنه ّ‬
‫والهيكل‪ ،‬فالشركات الناجحة هي التي تملك أنظمة تقنية وهيكلية مناسبة(‪1(1‬بين‬
‫دول رأسمالية أو دول نامية أو اشتراكية(‪.)2()2‬‬
‫يطلق مصطلح المؤسسة العمومية على ك ّل ما يمتلكه المجتمع ملكية‬
‫جماعية وتموله وتقوم الحكومة بإدارته وتوجيهه واإلشراف عليه لصالح‬
‫المجتمع وتحقيقا ألهدافه االقتصادية واالجتماعية والسياسية‪.‬‬

‫المحاضرة الثالثة ‪ :‬المؤسسة ‪ ،‬البنية ‪ ،‬الوظائف ‪.‬‬

‫لقد شهدت المؤسسة خالل فترة الثمانينات اهتمامات كبيرة‪ ،‬ولم يكن‬
‫راجعا لذوق تلك الفترة (ظاهرة الموضة)‪ ،‬وإ ّنما لحدوث تغيرات تتجه نحو "…‪.‬‬

‫(‪ )1‬ريتشارد هال‪ ،‬المنظمات‪ ،‬هياكلها‪ ،‬عملياتها‪ ،‬مخرجاتها ‪ ،‬ترمجة سعيد بن محد املهاجري‪ ،‬معهد اإلدارة العامة‪،‬‬ ‫(‪1‬‬

‫اململكة العربية السعودية‪ ،2001 ،‬ص ‪.211-210‬‬


‫(‪ )2‬مريغين عبد العال محور‪ ،‬إدارة المؤسسات العمومية‪ ،‬دراسة نظرية وتطبيقية‪ ،‬اجمللة العربية لإلدارة‪ ،‬مار‪،1989 ،‬‬
‫(‪)2‬‬

‫ص‪.22‬‬
‫تشكيل وضع جديد لضبط العالقات? االجتماعية"‪ ،‬والتي انتقلت فيها المؤسسة من‬
‫منظمة بسيطة إلى مؤسسة (‪ )Institution‬من إنتاج السلع المادية والخدمات إلى‬
‫اإلنتاج االجتماعي والثقافي‪ ،‬وهذا ما دفع "سان سوليو" (‪)R. Sainsaulieu‬‬
‫الكالم عن تحول جذري للنسق والذي من خالله اتفق مع "سغرستان" (‬
‫‪ )Segrestin‬في اعتبار المؤسسة كمنشأة جماعية قادرة على إعادة تنظيم وضبط‬
‫(‪Approche‬‬ ‫العالقات? االجتماعية‪ ،‬وانطالقا من االقتراب المؤسساتي‬
‫يتجسد على ثالث(‪ )1()1‬مستويات‪:‬‬
‫ّ‬ ‫أن "هذا الضبط‬‫‪ )institutionnelle‬يذهبا إلى ّ‬
‫الثقافيومستوى التغيير‪ ،‬وهي تتلخص فيما يلي‪:‬‬
‫‪،‬‬ ‫مستوى الهوية‪ ،‬المستوى‬
‫‪ -‬تشكل المؤسسة مركزا من مراكز إنتاج الهوية‪ ،‬أين يتم إعادة النظر في‬
‫الهويات الجماعية‪ ،‬التي تبرز من العدم بل تتأثر بعناصر محيطها‪.‬‬
‫‪ -‬تعتبر المؤسسة وحدة موحدة‪ ،‬مشكلة من مجموع القيم المشتركة التي‬
‫تشكل الرابط الرمزي الذي يجمع بين كل عناصر المؤسسة‪ ،‬ومنه فهي حقل‬
‫اجتماعي تنبثق من خالله ثقافة تنظيمية‪ ،‬وتتشكل جماعة العمال‪?.‬‬
‫تتغير عالقة المؤسسة التي تربطها بالمجتمع انطالقا من الثنائية الشهيرة‬
‫جماعة ‪/‬مجتمع ‪ .Communauté /société‬والفضل يعود إلى ك ّل من "تونيز" (‬
‫‪ )F. Tonnies‬في إصالحهما و "فيبر" (‪ )Weber‬في إثرائها‪ ،‬حيث يرى "تونيز"‬
‫أن العالقات داخل الجماعة هي ذات طابع عضوي‪ ،‬روحاني‪،‬‬ ‫(‪ّ )Tonnies‬‬
‫وعاطفي‪ ،‬في حين تهيمن على المجتمع التبادالت العقالنية عن طريق القوانين‬
‫والعقود‪.‬‬
‫أما عند " فيبر" (‪ )Weber‬فيميز بين الجماعية (‪)Communalisation‬‬
‫كعالقة اجتماعية ترتكز على الشعور الذاتي باالنتماء إلى جماعة معينة‪ ،‬بينما‬

‫)‪(1‬‬ ‫)‪(1‬‬
‫‪Sainsaulieu ( R ) : l’entreprise une affaire de societé, cité par : P. Brénoux, p36.‬‬
‫تتشكل في نمط المجتمعية (‪ )Sociation‬انطالقا من المصالح الموضوعية‪،‬‬
‫واألهداف العقالنية ألفراد المجتمع‪.‬‬
‫فالتحوالت التي حدثت في المؤسسة على ضوء هذه الثنائية‪ ،‬قد تشكلت‬
‫المؤسسة حسب (‪ )Segrestin‬في البداية ‪،‬بعيدا عن القيم االنصهارية للجماعة‪،‬‬
‫لكن مع بروز بعض العوامل السوسيواقتصادية في سنوات الثمانينات قد حفزت‬
‫يوضح هذا العبور في قوله‪ " :‬لقد انقلبت الموازين‬
‫ّ‬ ‫انتقالها للنمط اآلخر‪ ،‬بحيث‬
‫تم خاللها تمفصل وارتباط نمطي‬ ‫إذ يالحظ حاليا انبثاق بنية جماعية للمؤسسة ّ‬
‫"الجماعية" والجمعية" والذي يسير نحو بلورة نموذج مرجعي ضبط العالقات‬
‫االجتماعية‪ ،‬ولقد ذهب "سان سوليو" (‪ )Sansaulieu‬من جهته إلى التركيز على‬
‫الظواهر المرتبطة بالهوية وبالخصوص ثقافة المؤسسة وكما ر ّكز على الهويات‬
‫في العمل‪ :‬التأثيرات الثقافية للمنظمة‪ ،‬واختالف سلوكيات أعضاء المنظمة‬
‫أن في المؤسسة الواحدة تتعايش‬
‫باختالف فئاتهم السوسيو مهنية‪ ،‬وقد استنتج ّ‬
‫الثقافات وتتداخل بقدر تعددها واختالفها(‪.)1()1‬‬
‫كما اعتمد "ديريبان" (‪ )Diribarne‬في تحليالته على االقتراب الثقافوي‬
‫أن لكل بلد تقاليده‬
‫ألنه يرى ّ‬
‫الذي يسلم بالخصوصية الثقافية لكل نموذج تسيير‪ّ ،‬‬
‫وطريقته في تحديد حقوق وواجبات كل فرد‪ ،‬وطريقته في اإلدارة والطاعة‬
‫والوالء‪ ،‬في المساهمة والمواجهة(‪.)2()2‬‬
‫حدد (‪ )Rensis Likert‬الباحث األمريكي الخصائص العامة ألي‬
‫ولقد ّ‬
‫منظمة في كتابه (‪ )New patterns of management‬كما يلي‪:‬‬
‫‪-‬ضرورة وجود البنية أو الهيكلية‪.‬‬

‫)‪(1‬‬ ‫)‪(1‬‬
‫‪Sainsalieu (R ), Cité par : D.cuche, La nation dans les Sciences sociales, ed. Casbah, 1998,‬‬
‫‪p103.‬‬
‫)‪(2‬‬ ‫)‪(2‬‬
‫‪Diribarne (P)  La logique de l’honneur, Gestion des entreprises et tradition nationales, ed.‬‬
‫‪Du seuil 1993, p9.‬‬
‫‪-‬توفر المنظمة على وسائل تسمح بالتقييم للوظائف الداخلية وعالقاتها‬
‫بالمحيط‪.‬‬
‫‪-‬توافرها على نسق أو نظام اتصال‪?.‬‬
‫‪-‬وجود نظام تأثير وتفاعل‪.‬‬
‫‪-‬وجود نظام اتخاذ القرار‪.‬‬
‫‪-‬توفر أدوات فعلية لتنفيذ القرارات‪.‬‬
‫وال يمكن اعتبار التسيير اإلداري هو فن أو فعل الذي يتم من خالله تدبير‬
‫منظمة أو مؤسسة‪ ،‬توجيهها‪ ،‬تخطيط تطورها ومراقبتها(‪ ،)1()1‬ويمكن أن نتجاوز‬
‫هذا التصور التقليدي للتسيير اإلداري ليعني بنوع آخر من الفعالية والعقالنية‬
‫بيلي" (‪D.‬‬ ‫وهي الفعالية البشرية أو الفعالية عن طريق األفراد وهذا ما جاء "د‪.‬‬
‫‪ )Belet‬والذي ر ّكز على البعد البشري واإلنساني لإلدارة فيقول‪" :‬التسيير داخل‬
‫المنظمة هو فن تسيير األفراد في إطار منظمة بغرض تحقيق مجموعة من‬
‫األهداف"‪)2()2‬‬
‫(‬

‫بحيث يضع في أولويات اهتماماته مهمة قيادة األفراد وتوجيه جهودهم‬


‫وتنسيقها من خالل ضمان االتصال‪ ،‬التحفيز‪ ?،‬التكوين من أجل غاية إنتاجية‬
‫وخدماتية‪ ،‬وذلك بغض النظر عن تقنيات التسيير كاإلنتاج‪ ،‬التسويق‪ ،‬المالية‬
‫وغيرها‪.‬‬
‫والذي يهمنا داخل المنظمة (المؤسسة) هو الفرد (العامل) داخل دائرة‬
‫العمل وكذا األدوار التي منحت له انطالقا من النظرية التايلورية إلى غاية‬
‫النماذج اليابانية‪ ،‬وتتلخص هذه المرحلة حسب "كروزي" (‪ " :)Crozier‬كان من‬
‫)‪(1‬‬
‫‪R.A.Thietart, Le Management, ed Dahleb , Alger, 1995, p5.‬‬
‫)‪(1‬‬

‫)‪(2‬‬
‫‪D. Belet, L’éducation managériale : pour apprendre et pratiquer un métier de manager, ed.‬‬
‫)‪(2‬‬

‫‪L’harimattan, Paris, 1988, p.p.19-20.‬‬


‫المستحيل اعتبار اإلنسان في إطار المؤسسة كيد (‪ )Une main‬فحسب‪ ،‬وهو‬
‫ما افترضه بطريقة ضمنية‪ ،‬النموذج التايلوري‪ ،‬أو كيد وقلب فقط‪ ،‬كما احتج به‬
‫أن‬
‫أن كالهما نسي ّ‬
‫محامو حركة العالقات اإلنسانية‪ ،‬فنحن قد أ ّكدنا على ّ‬
‫اإلنسان هو أيضا وقبل ك ّل شيء "رأسي" بمعنى آخر كحرية أي فاعل مستقل‬
‫يتكيف ويبدع على حسب الظروف وكذا‬
‫يمكنه القيام بتدابير واختيارات? فهو ّ‬
‫تحركات الفاعلين اآلخرين"(‪.)3()3‬‬
‫المحاضرة الثالثة ‪ :‬المؤسسة كموضوع للدراسة السوسيولوجية‬

‫تغير مستمر لذا يقتضي األمر تكون‬


‫يعيش الفرد في محيط اجتماعي في ّ‬
‫لديه نوع من المرونة والقابلية للتغيير‪ ،‬والتي تعمل على تخفيض درجة‬
‫الالتناسق المتواجدة بينه وبين محيطه الخارجي‪ ?،‬وهذه العملية تسمى بعملية‬
‫التكيف وهي عملية تعديل السلوك‪ ،‬بغية تحقيق التناسق بين السلوكات‬‫ّ‬
‫والتصرفات? بمراعاة القيم‪ ،‬العادات‪ ?،‬التقاليد والعرف(‪.1(1‬‬
‫والمؤسسة لم تحظ بكامل حقّها ومكانتها في حقل الدراسات العلمية‪،‬‬
‫كمؤسسة اجتماعية إالّ بعد سلسلة من األحداث التاريخية منها‪ ،‬األزمة‬
‫أدت‬
‫االقتصادية التي ظهرت مخلفاتها في فرنسا بارتفاع نسبة البطالة‪ ،‬والتي ّ‬
‫إلى إبراز األهمية االجتماعية للمؤسسة‪ ،‬حيث اعتبرت (أي المؤسسة) الفاعل‬
‫الوحيد الستعادة التوازن واالستقرار االجتماعي‪ ،‬وذلك من خالل توفير مناصب?‬
‫العمل‪ ،‬وكان بذلك نسب إليها دور الضابط االجتماعي‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى فقد عرفت المؤسسة في أواخر عشرية السبعينات نضجا‬
‫تكنولوجيا هاما لوسائل العمل‪ ،‬تولد عنه نمط جديد لتنظيم العمل على حساب‬

‫)‪(3‬‬
‫‪Crozier ( M) , Friedberg (E), l’acteur et le système, ed du seuil, 2° éditions, Paris, 1992,‬‬
‫)‪(3‬‬

‫‪p.p 44-45.‬‬
‫(‪ )1‬حممد مصطفى‪ %‬الزيدان‪ ،‬معجم المصطلحات النفسية والتربوية دار الشرق‪ ،‬ج ّدة‪ ،‬بدون تاريخ‪ ،‬ص ‪.147‬‬
‫(‪1‬‬
‫النموذج التايلوري‪ ،‬يستبعد ك ّل مركزية في التنظيم‪ ،‬بل كان يهدف إلى التجانس‬
‫واالنسجام في مختلف مراحل عملية اإلنتاج داخل المؤسسة وفي العالقات التي‬
‫(‪3‬‬
‫التغير الذي حدث في‬
‫ّ‬ ‫ح‬ ‫يوض‬
‫ّ‬ ‫ما‬ ‫‪.‬وهو‬‫‪3‬‬ ‫(‬ ‫تربط هذه األخيرة بالمؤسسة األخرى‬
‫الئحة المواضيع المعالجة والتي انحصرت في الكشف عن العالقة التي تربط بين‬
‫أن هناك عوامل كثيرة ومتداخلة‬
‫التقنيات‪ ?،‬طرق استعمالها وتأثيراتها على الفرد‪ ،‬إالّ ّ‬
‫أثّرت وعرقلت نشاطات المنظمة (المؤسسة) بفعل نتائج غير منتظمة‪ ،‬فنمط‬
‫أن الطرق التي‬
‫اإلدارة البيروقراطية يستهدف تحقيق أقصى درجة من العقلنة‪ ،‬غير ّ‬
‫حد ذاتها تفرز شذوذا يخ ّل‬
‫توظفها تنتهي بها إلى عكس مرادها‪ ،‬فهي في ّ‬
‫بتناسقها وفعاليتها (‪.1(1‬‬
‫** عقلنة المؤسسة ونظريات التنظيم‪:‬‬

‫تقوم نظرية التنظيم في إطار المدرسة الوظائفية على مبادئ أساسية‬


‫مستمدة من أصول هذه المدرسة‪ ،‬وذلك كتأكيد مفهوم التوازن واالنسجام‬
‫‪Baril - Morgan‬‬ ‫والتعاون‪ .‬وهذا ما يؤكده كل من الباحثين "باريل و مورغان"‬
‫بأن ك ّل نظريات التنظيم تقوم على فلسفة علوم وعلى نظرية‬
‫)‪ (1980‬في قولهما ّ‬
‫اجتماعية(‪.2(2‬‬

‫أوال‪ :‬التايلورية واإلدارة العلمية‪:‬‬

‫كان "فريدريك تايلور" ‪ F. Taylor‬من رجال اإلنتاج واإلدارة‪ ،‬ومن أوائل‬


‫من اهتموا بتطبيق أسلوب علمي في تناول مشكالت الصناعة‪ ،‬فمفهوم العمل‬
‫عنده يرتكز على ثالثة محاور‪:‬‬
‫‪(3‬‬
‫‪Cohendt (P) L’aprés taylorisme : nouvelles formes de rationalisation dans l’entreprise‬‬
‫)‪(3‬‬

‫‪en France et en Allemagne, ed. Economica , Paris, 1988, p7.‬‬


‫‪(1‬‬
‫‪1 Merton (R.K) : Elément de mémorie et de méthode sociologique, cité par : C : La Faye, La sociologie des‬‬
‫) (‬

‫‪organisations, ed, Nathan, 1996, p17.‬‬


‫(‪ )2‬مصطفى‪ %‬عشوي‪ ،‬أسس علم النفس الصناعي التنظيمي ‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬املؤسسة الوطنية للكتاب‪ ،1992 ،‬ص ‪.45‬‬ ‫(‪2‬‬
‫أن كافة المهام يجب أن تؤدى بانتظام خالل فترة‬
‫األول‪ :‬االستمرار‪ ،‬ذلك ّ‬
‫معينة من الزمن‬

‫يميز العمل عن غيره من األنشطة‬


‫الثاني‪ :‬اإلنتاج‪ ،‬وهو النشاط الذي ّ‬
‫اإلنسانية‪.‬‬

‫أن األفراد يمارسون العمل من أجل الحصول على‬‫الثالث‪ ?:‬األجر‪ ،‬إذ ّ‬


‫مكافآت يواجهون بها حاجاتهم االجتماعية والشخصية المختلفة‪.‬‬

‫وكانت التايلورية تستهدف االستخدام األفضل للكائن العضوي اإلنساني‬


‫في التنظيمات الصناعية‪ ،‬من خالل تحليل التفاعل بين خصائص األفراد والبيئة‬
‫أن العامل إذا ترك وشأنه فأغلب الظن ّأنه لن يصل‬
‫المحيطة بهم‪ .‬فمن المسلّم به ّ‬
‫مدة مزاولته لها‪.‬‬
‫بنفسه إلى أمثل الطرق ألداء عملية يدوية مثال مهما طالت ّ‬
‫كذلك ال يجب أن يترك اختيار العمال للصدفة المحضة‪ ،‬بل البد أيضا أن تنظم‬
‫هذه العملية على نحو يمكننا من وضع الشخص المناسب في المكان الذي يتالءم‬
‫وقدراته واستعداداته‪.‬‬

‫ولقد كان تايلور أول من حاول دراسة الحركات? الالزمة ألداء األعمال‬
‫ثم تقدير الزمن الكلي‬
‫الصناعية وتسجيل الزمن الذي تستغرقه كل حركة منها‪ّ ،‬‬
‫الالزم ألداء الحركات? المتتالية التي يتألف منها العمل‪.‬‬

‫ويمكن أن نلخص التايلورية في المبادئ التالية‪:‬‬

‫‪ -1-‬تقسيم العمل وتحديده كميا إذا أمكن‪ ،‬وهكذا التحديد يكون بتوزيع‬
‫عمل ما على عدد من العمال لتحقيق أعلى مستوى تبسيط العمل والفعالية في‬
‫األداء‪.‬‬
‫‪ -2-‬ينبغي أن يكون اختيار العمل قدر اإلمكان مطابقا لمستلزمات‬
‫ومتطلبات األعمال التي يقومون بها‪ ،‬فتايلور يؤكد على عدم تعيين شخص نشيط‬
‫وذكي في عمل دون مستواه ونشاطه الجسمي والذهني‪.‬‬

‫‪ -3-‬تدريب العمال ألداء مهماتهم وفق ما تتطلبه خطط تحليل العمل‪،‬‬


‫باإلضافة إلى المراقبة المباشرة بحيث ال ينبغي أن يصرفوا أي نشاط (طاقة)‬
‫خارج اإلطار المحدد لهم‪ .‬وهذه المراقبة المباشرة ّإنما تتم بواسطة المشرفين‬
‫والمسييرين‪.‬‬

‫‪ -4-‬المكافأة المالية اليومية للعمال كحافز مادي للعمال لتحقيق امتثالهم‬


‫لألوامر واإلجراءات المفصلة المتعلّقة بأداء عمل ما(‪.)2()2‬‬

‫أن التايلورية ر ّكزت على أربعة مفاهيم أساسية والمتمثلة في‬


‫ونشير هنا ّ‬
‫الطاقة‪ ،‬السرعة‪ ،‬التحمل‪ ،‬التكلفة‪.‬‬

‫نظرية التكوين اإلداري‪:‬‬

‫جاءت? أفكار "فايول" (‪ )H.Fayol‬ممتزجة بخبرته الواقعية‪ ،‬كمدير ألحد‬


‫المنشآت الصناعية الكبرى والتي كانت تعمل في قطاع التعدين وذلك عام‬
‫‪ ،1888‬كما حرص على أن يعرض أفكاره في كتاب يعرض أفكاره في‬
‫وتمت ترجمته‬
‫كتاب بعنوان اإلدارة العامة الصناعية‪ ،‬والذي نشر عام ‪ّ 1916‬‬
‫مرة عام ‪.1949‬‬ ‫إلى اإلنجليزية ألول ّ‬
‫أن نظرية‬
‫ويرى كثير من محللي تطور التراث? السوسيولوجي واإلداري ّ‬
‫اإلدارة العلمية (لتايلور) والتكوين اإلداري يكمل بعضهما البعض عندما‬

‫(‪ )2‬مصطفى‪ %‬عشوي‪ ،‬نفس املرجع‪ ،‬ص‪.74‬‬


‫(‪)2‬‬
‫اهتمتا عموما بقضايا العمل واإلدارة كالمؤسسات اإلنتاجية الصناعية والفارق‬
‫أن النظرية األولى اهتمت بدراسة مستوى اإلدارة‬ ‫بين النظريتين يكمن في ّ‬
‫وجه أبحاثه لدراسة أقل المستويات اإلدارية‪ ،‬والتنفيذية في‬
‫المباشرة حيث ّ‬
‫ثم تدرج إلى أعلى المستويات في حين النظرية الثانية "فايول" (‬‫المصنع ّ‬
‫‪ )H.Fayol‬ر ّكزت على دراسة اإلدارة العليا واالهتمام بالمدير اإلداري‬
‫تدرج من القمة إلى أسفل المستويات اإلدارية والتنفيذية‬
‫واإلدارة التنفيذية ثم ّ‬
‫الدنيا‪.‬‬

‫ومن أبرز اإلسهامات التي تنتمي إلى أفكار "فايول"‪ّ ،‬أنه سعى لتحليل جميع‬
‫ظاهر النشاط الواقعي داخل التنظيمات والمؤسسات الصناعية‪ ،‬ويمكن‬
‫تصنيفها إلى ست مجموعات رئيسية وهي‪:‬‬

‫‪-1-‬األعمال الفنية‪.‬‬

‫‪-2-‬األعمال التجارية‪.‬‬

‫‪-3-‬األعمال المالية‪.‬‬

‫‪ -4-‬األعمال األمن أو الضمان‪.‬‬

‫‪ -5-‬األعمال المحاسبة‪.‬‬

‫‪ -6-‬األعمال اإلدارية‪.‬‬

‫كما حاول علماء االجتماع التنظيمي االستفادة من آراء "فايول"‪ ،‬عند دراستهم‬
‫للتنظيمات والمؤسسات اإلدارية والصناعية‪ ،‬وذلك عن طريق تحليل كتابه‬
‫وقسمت أفكاره إلى ثالث أفكار ومالحظات‬
‫حول اإلدارة العامة الصناعية ّ‬
‫أساسية وهي(‪:)1()1‬‬

‫أوال‪ :‬القيم اإلدارية‬

‫ثانيا‪ :‬المبادئ العامة لإلدارة‬

‫ومن أهم هذه المبادئ‪:‬‬

‫‪ -1-‬تقسيم العمل‪ :‬ويقوم هذا المبدأ حسب زيادة التخصص‪.‬‬

‫‪ -2-‬السلطة والمسؤولية‪ :‬ويقصد بالسلطة هنا السلطة الرسمية‪ ،‬التي تمد‬


‫المديرين بالقوة الرسمية والتنفيذية وتحمل المسؤولية العامة‪.‬‬

‫‪ -3-‬النظام‪ :‬ويشكل ذلك احترام القواعد والنظم واللوائح والعمل على إطاعة‬
‫األوامر الرسمية وتطبيق الجزاءات‪?.‬‬

‫‪ -4-‬وحدة األمر‪ :‬تلقي األمر من الرئيس المباشر‪.‬‬

‫‪ -5-‬وحدة التوجيه‪ :‬البد وأن ترتبط األنشطة عامة بخطة واحدة ونحو‬
‫تحقيق هدف محدد‪ ،‬ويطبق على جميع األقسام الداخلية والخارجية‪?.‬‬

‫‪-6-‬الخضوع‪ :‬ويقصد بهذا المبدأ ‪ّ ،‬‬


‫أن الفرد ومصالحه الفردية والشخصية‬
‫توجه لخدمة الصالح العام‪ ،‬ويجب على اإلدارة التوفيق بين المصالح‬
‫يجب أن ّ‬
‫الفردية والعامة في حالة وجود تعارض بينهما‪.‬‬

‫‪ -7-‬المكافأة‪ :‬البد من توافر هذا المبدأ كعنصر عادل وأساسي للقيام‬


‫توجه لألفراد من قبل اإلدارة‪.‬‬
‫باألعمال والمهام التي ّ‬
‫(‪ )1‬علي عبد اهلل حممد عبد الرمحان‪ ،‬علم االجتماع الصناعي‪ ،‬النشأة والتطورات الحديثة‪ ،‬دار النهضة العربية للطباعة‬
‫(‪)1‬‬

‫والنشر‪ ،‬بريوت‪ 1999 ،‬صص‪.91-90‬‬


‫‪ -8-‬المركزية‪ :‬يجب تركيز السلطة بصورة مركزية حتّى ّ‬
‫يتم تنفيذ األفعال‬
‫واألوامر‪ ،‬وذلك حسب الظروف الواقعية وتحقيق األهداف العامة‪.‬‬

‫تدرج السلطة‪( :‬أول تسلسل السلطة)‪ ،‬وخاصة من المستويات العليا إلى‬ ‫‪ّ -9-‬‬
‫الدنيا ويجب االلتزام به عند تحديد العالقة المهنية واإلدارية بين الرؤساء‬
‫والمرؤوسين‪.‬‬

‫‪ -10-‬الترتيب (النظام)‪ :‬يقصد بهذا المبدأ تحديد أماكن ّ‬


‫محددة لعمل األفراد‪،‬‬
‫ووضع األشياء المادية وترتيبها حتى يسهل االتصال بهم أو الحصول عليها‬
‫بسرعة‪.‬‬

‫‪ -11-‬المساواة‪ :‬تنطلق العالقة بين المرؤوسين والرؤساء عن طريق مبدأ‬


‫المساواة وعلى أساس االختالف في العمل والقيام بتنفيذ المهام بصورة محددة‬
‫ودقيقة‪.‬‬

‫‪ -12-‬ثبات األفراد‪ :‬ضرورة ثبات األفراد في أماكن أعمالهم بقدر اإلمكان‬


‫لعامل الخبرة والتخصص والتدريب وقلّة التكاليف‪.‬‬

‫‪ -13-‬االبتكار (‪ :)Initiative‬يجب أن تتسم كل من خصائص الفردية‬


‫للعاملين أو اإلدارية بروح االبتكار وذلك من أجل وضع الخطط واألهداف‬
‫وتنفيذها بصورة عامة‪.‬‬

‫‪ -14-‬روح التعاون‪ :‬أ ّكد هذا المبدأ على أهمية وجود عنصر التعاون‬
‫والتنسيق بين األفراد بروح الجماعة أو فريق العمل وزيادة عناصر االتصال‬
‫بينهم‪.‬‬
‫المحاضرة الخامسة ‪ :‬المراحل التي مرت بها المؤسسة الجزائرية‬

‫ال يخفى على الباحث? في شؤون الجزائر إبان االستقالل مباشرة‪ ،‬أنها‬
‫عرفت وضعية أقل ما يقال عنها ّأنها أزمة متعددة األوجه‪ ،‬مست الجانب?‬
‫االقتصادي واالجتماعي والثقافي و غيرها‪..‬الخ‪،‬‬
‫و كان على الدولة الجزائرية آنذاك البحث عن طرق تسمح بالخروج‬
‫تدريجيا من هذه األزمة المعقدة ثم الدخول فيما بعد في تنمية اقتصادية شاملة‪.‬‬
‫ومن المؤسسات التي تتحمل العبء الكبير من األزمة هي المؤسسة االقتصادية‪،‬‬
‫فقد عملت الجزائر في تلك الفترة على القيام بالعديد من اإلصالحات والتغييرات‬
‫على عدة مستويات ‪،‬سياسية اقتصادية وغيرها‪.‬وهذا انطالقا من المنهج‬
‫االقتصادي واالجتماعي المتبنى آنذاك‪.‬‬

‫تجربة المؤسسة العمومية الجزائرية‬


‫عرفت مرحلة ما بعد االستقالل الوطني وحتى السبعينات تحوالت عديدة‬
‫وعميقة في مختلف جوانب الحياة‪ ،‬والتي كانت مبنية على مبادئ ومخلفات‬
‫وإ يديولوجية أصبح إظهارها وتعميقها في الواقع ضرورة حسب ظروف تلك‬
‫المرحلة و الجزائر من بين الدول التي تبنت المنهج االشتراكي كمنهج‬
‫إيديولوجي وهذا االختيار يثبت نفسه في العديد من النصوص األساسية للدولة‬
‫ابتداء من مؤتمر الصومام ‪ 1956‬الذي أشار في بعض وثائقه إلى التسيير‬
‫الذاتي للمؤسسات الخاصة‪ ،‬رغم أن هذا المؤتمر لم يأت بهذا بل لتقييم وتنظيم‬
‫الثورة‪.‬‬
‫وال يتم استغالل ثروات البالد إال بربطها مع التطور لمختلف القطاعات‬
‫الفعال في التنمية ‪ ،‬وبذلك كانت استراتيجية‬
‫االقتصادية وخاصة ذات األثر ّ‬
‫التنمية الوطنية مقتبسة من الفكر اإلستراتيجي ‪ ،‬والنموذج المتبنى هو نموذج‬
‫التنمية المستقلة وهو المعتمد كلية على الصناعة المكثفة الثقيلة أو الصناعة‬
‫‪:)1(1‬‬
‫المصنعة والتي كانت تهدف إلى‬

‫‪-1‬االستغالل االقتصادي‪ :‬والذي كان يهدف إلى استرجاع الثروات وملكية‬


‫وسائل اإلنتاج من طرف المجتمع‪.‬‬

‫‪ -2‬التطور االجتماعي واالشتراكي ‪:‬ال تتم عملية ترقية اإلنسان إال بإنشاء‬
‫صناعات منتجة لوسائل اإلنتاج ‪ ،‬والمسمات بالصناعات? القاعدية‪ ،‬فمثال‬
‫الصناعات? الميكانيكية والحديدية تعمل على توفير مواد أولية ‪ ،‬وإ مكانيات لعدة‬
‫فروع من الصناعات? األخرى‪.‬‬

‫‪ -3‬التحول العميق للمجتمع ‪ :‬وهو تحويل االقتصاد أو أغلبية النشاطات‬


‫االقتصادية والمؤسسات سواء بالتأميم الكلي أو الجزئي‪ ،‬ومن أهم العمليات التي‬
‫تمت آنذاك هي(‪:2‬‬

‫‪ ‬تأميم المؤسسات المنجمية (‪ 8‬ماي ‪ )1966‬والجهاز المصرفي وتعديالت‬


‫‪ ،1969‬واسترجاع مشروع مركب الحجار? بعنابة‪.1963‬‬
‫‪ -‬القيام بسلسلة التأميمات الخاصة بشبكة توزيع المحروقات? بين سنة ‪1968‬‬
‫حتى ‪( 1970‬حوالي ‪ 14‬مؤسسة في ‪ 14‬ماي ‪) 1968‬‬

‫‪1‬‬
‫‪1 Taibouni (A) : "le développement Indépendant d’après les expériences de l’egypte et de‬‬
‫) (‬

‫‪l’Algerie" dans le développent économique théories et politiques en Afrique, mars 1983 o p u pp‬‬
‫‪105 –106.‬‬
‫(‪)2(2‬‬
‫ناصر دادي عدون‪ ،‬اقتصاد املؤسسة‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪،172‬‬
‫‪ -‬مداخيل البترول تضاعفت ×‪ 2‬بعد ‪ 1965‬و×‪ 3‬حتى ‪1971‬و×‪7‬بعد ‪1973‬‬
‫عند تحديد السعر الجديد إذ بلغت الدخول سنة ‪ 18.5 :1974‬مليار دوالر من‬
‫البترول‪.‬‬

‫وبتوفر أهم العناصر لالنطالقة في التنمية‪ ،‬كان المخطط الرباعي األول‬


‫‪ (1973-1970‬بعد المخطط التجريبي الثالثي ‪ ) 1968-1967‬من أجل‬
‫االنطالق في إنشاء جزء كبير من المؤسسات التي تعتبر القاعدة األساسية‬
‫لالقتصاد الوطني ‪ ،‬مثل إنهاء مركب الحجار‪ ،‬ومركب أرزيو وسكيكدة‬
‫للمحروقات‪ ،‬سيدي بالعباس وقسنطينة للصناعة الميكانيكية وغيرها‪.‬وكانت‬
‫االستثمارات في نفس االتجاه في المخطط الرباعي الثاني (‪)1977-1974‬‬
‫حيث تم االهتمام بالصناعة‪.‬‬

‫كانت المؤسسات الجزائرية في مرحلة (‪ )1979 -1971‬أغلبها عرفت مشاكل‬


‫التأقلم مع التكنولوجيا الحديثة من جهة‪ ،‬ومع محيط العمال الجديد الذين نزح‬
‫أغلبهم من األرياف طلبا للعمل وتحسين ظروف المعيشة‪ .‬والذين جلبوا معهم‬
‫قيما تقليدية وسلوكات غير مطابقة للمحيط الصناعي‪.‬‬

‫أوال‪ :‬المؤسسة العمومية في مرحلة التسيير االشتراكي ‪:‬‬

‫بعد وضع الشروط الضرورية للمؤسسة االشتراكية‪ ،‬وتحول هيكلها‬


‫وقانونها أصبحت تسمى بالمؤسسة المسيرة تسييرا اشتراكيا حسب قانون التسيير‬
‫االشتراكي للمؤسسات تعرف المؤسسة االشتراكية بأنها المؤسسة التي يتكون‬
‫مجموع تراثها من األموال العامة‪ ،‬هي ملك للدولة التي تمثل الجماعة الوطنية‪،‬‬
‫وتسيير حسب مبادئ التسيير االشتراكي فهي شخصية معنوية لها شخصية‬
‫المدينة‪ ،‬واالستغالل المالي‪ ،‬وتضم وحدة أو عدة وحدات‪ ،‬تحدث بموجب مرسوم‬
‫باستثناء المؤسسات التي لها أهمية وطنية والتي تحدث بموجب القانون(‪)1()1‬‬

‫وكان يهدف نظام التسيير االشتراكي للمؤسسات إلى إعادة تنظيم المؤسسات‬
‫الصناعية وفق ‪:‬‬

‫‪ -1‬مشاركة العمال في التسيير إلى جانب دورهم كمنتجين‪.‬‬

‫‪ -2‬تحديد أساليب وتقنيات تسيير المؤسسات الصناعية‪.‬‬

‫يلعب العامل في المؤسسة دورا هاما (في التسيير االشتراكي للمؤسسات) هذا‬
‫نوع من التسيير خاصة في جوانب اجتماعية‪ ،‬ويساهم بآرائه ومالحظاته من‬
‫خالل هيئات التسيير المختلفة(‪.2‬‬

‫ويمكن أن نلخص أهم الصعوبات التي واجهت التسيير االشتراكي للمؤسسات‬


‫إلى‪:‬‬

‫نظام تسيير الموارد البشرية‬ ‫‪.1‬‬


‫النظام اإلنتاجي‬ ‫‪.2‬‬
‫ويمكن أن نلخص عدة مشاكل عانت منها المؤسسة االقتصادية الجزائرية في‬
‫فترة السبعينيات أهمها‪:‬‬

‫عدم مالءمة المناصب ألصحابها‪?:‬‬ ‫‪-1‬‬


‫ويعود هذا لعدة أسباب‪:‬‬
‫أ ‪ .‬تكوينه من طرف الدولة‪ ،‬ولم يجد المنصب المكون ألجله‪.‬‬

‫(‪)1()1‬‬
‫املواد ‪ ،5 ،4 ،2،3‬على التوايل من املرسوم رقم ‪ 74-71‬املؤرخ يف ‪ 16‬نوفمرب ‪ ،1971‬املتعلّق بالتسيري االشرتاكي للمؤسسات‪.‬‬
‫‪(2‬‬ ‫)‪(2‬‬
‫;‪Boutefnouchet (M) : Le socialisme dans l’entreprise, opu-ENAP- 2 eme ed, 1982 ‬‬
‫‪p.35.‬‬
‫ب ‪ .‬كثرة التنقالت (‪ )Tournoiement‬بين المناصب أو بين الفروع االقتصادية‬
‫طلبا لألجر المرتفع‪.‬‬

‫من المشاكل التي عانت منها المؤسسة االقتصادية الجزائرية هو أن‬ ‫‪-2‬‬
‫التكنولوجيا المستوردة لم تأخذ بعين االعتبار نوع التكوين الموجود في‬
‫الجزائر‪?.‬‬
‫‪ -3‬الخلل? المسجل في التكامل االقتصادي بين الصناعات مما جعل هذه‬
‫األخيرة تشكو من نقص قطع الغيار والمواد األولية‪،‬‬
‫غياب العقالنية في تسيير مخزون المؤسسة‪ ،‬حيث قد يصل المخزون إلى‬ ‫‪-4‬‬
‫ما يزيد عن قيمة عدة شهور من رقم أعمال المؤسسة‪،‬‬
‫‪ -5‬مرحلة إصالحات المؤسسة االقتصادية العمومية‪:‬‬
‫وصلت المؤسسة االشتراكية إلى نقطة كان فيها اتخاذ إجراءات وحلول‬
‫للخروج من الصعوبات والمشاكل التي تراكمت عبر السنين‪ ،‬وكانت اإلجراءات?‬
‫التي صدرت في بداية الثمانينات وطبقت ابتداء من الخطة الخماسية األولى‬
‫‪1980‬ـ‪ 1984‬تدعى بإعادة الهيكلة العضوية والمالية والتي استمرت إلى نهاية‬
‫الثمانينات ‪ 1988‬لتبدأ إصالحات أخرى‪.‬‬

‫المحاضرة السادسة ‪ :‬المؤسسة ومحيطها‬

‫بعد عرض مختلف المشاكل الخاصة بتنظيم المؤسسات االقتصادية‬


‫الوطنية لفترة التسيير االشتراكي وفترة إعادة الهيكلة‪ ،‬والتي تعتبر انتقالية‪،‬‬
‫أصبح الحديث عن أزمة التسيير االقتصادي من طرف اإلدارة المركزية في تلك‬
‫المرحلة‪ ،‬والتتبع لمسار المؤسسة االقتصادية الجزائرية يصل إلى نتيجة وهي أن‬
‫هناك أزمة فعلية في التسيير االقتصادي للبالد وهذا رغم القوانين والنصوص‬
‫المختلفة المؤطرة للمؤسسة االقتصادية‪ ،‬وبعد كل هذا يمكن تلخيص أزمة‬
‫التسيير على مستوى االقتصادية في نقطتين‪:‬‬

‫‪ - 1‬يعود إلى النصوص القانونية المرتبطة بالمؤسسات‬

‫‪- 2‬يتعلق بالمحيط السياسي واالجتماعي واالقتصادي العام والمحيط بالمؤسسة‪.‬‬

‫ثاني مرحلة عرفتها المؤسسة االقتصادية العمومية في الجزائر هي مرحلة‬


‫استقاللية المؤسسات‪ ،‬والظاهر أن مرحلة إعادة الهيكلة التي عرفتها المؤسسة‬
‫في الثمانينات ما هي في األصل إال عملية تمهيدية لعملية االستقاللية‪ ،‬التي‬
‫دخلتها المؤسسات في مجملها في بداية التسعينات‪ ،‬أين استقبلتها إصالحات‬
‫الدخول في اقتصاد السوق والمالحظ لهذه التطورات واإلصالحات المتسارعة‬
‫يخيل للمرء أنها كانت تجري طبقا لبرنامج مسطر مسبقا‪ ،‬وبدراسة متأنية ووفق‬
‫استراتيجية محددة‪ ،‬غير أن الواقع أثبت عكس هذا التخمين وكانت اإلصالحات?‬
‫ال تكاد تبدأ في بعض المؤسسات إال وتتوقف لتدخل في إصالحات? جديدة(‪.)2()2‬‬

‫تعريف المؤسسة العمومية االقتصادية‪:‬‬

‫تعتبر المؤسسات العمومية االقتصادية هي شركات مساهمة أو شركات‬


‫محدودة المسؤولية‪ ،‬تملك الدولة أو الجماعات المحلية فيها مباشرة‪ ،‬أو بصفة‬
‫غير مباشرة جميع األسهم أو جميع الحصص‪*.‬‬

‫(‪ )2()2‬نفس املرجع ص ‪.197‬‬


‫والمؤسسة االقتصادية شخصية معنوية‪ ،‬مخصص لها رأسمال وتتمتع باستقاللية‬
‫مالية‪ ،‬وتسير طبقا للمبادئ التجارية وهي حسب القانون المدني والقانون‬
‫*‬
‫التجاري يجب أن تتميز بـ‪:‬‬

‫صالحية قانونية في حدود قوانينها األساسية‪.‬‬ ‫‪.1‬‬


‫ممثل قانوني ليعبر عن إرادتها ويدافع عن مصالحها?‬ ‫‪.2‬‬
‫وتشكل المؤسسة العمومية االقتصادية في إطار عملية التنمية الوسيلة المفضلة‬
‫إلنتاج المواد والخدمات وتراكم رأس المال‪ ?،‬وتعمل هذه المؤسسة في خدمة‬
‫األمة والتنمية وفق الدور والمهام المنوطة بها‪.‬‬
‫تتوزع المؤسسة العمومية من حيث دورها ووزنها في االقتصاد الوطني إلى‪:‬‬
‫المؤسسات االستراتيجية‪:‬‬ ‫‪.1‬‬
‫المؤسسات ذات الوزن العادي‪:‬‬ ‫‪.2‬‬
‫المؤسسات المقدمة للخدمات?‬ ‫‪.3‬‬
‫المؤسسات المتميزة بغياب المنافسة‪:‬‬ ‫‪.4‬‬

‫المحاضرة السابعة ‪ :‬تطور أساليب التسيير المؤسسة في الجزائر‬


‫وأمام هذا الجو العام الذي يعرفه االقتصاد الوطني وتداعياته على‬
‫المؤسسة االقتصادية والمجتمع الجزائري برمته‪ ،‬تشكلت ثقافة في أوساط‬
‫المجتمع والعمال بالخصوص سواء كانوا إطارات أو عمال التحكم وحتى‬
‫المنفذين‪ ،‬هذه الثقافة ارتبطت أساسا بعملية وكيفية التسيير بمعنى أنها تشكل‬
‫مجموعة من المعارف والقيم والمبادئ التي توجه التفكير وسلوك المسيرين في‬

‫* المادة رقم ‪ 5‬من قانون رقم ‪ 01 – 88‬بـ ‪ 88-01-12‬المتضمن القانون التوجيهي للمؤسسات العمومية‪.‬‬ ‫*‬
‫ممارستهم للعملية التسييرية ومنه ال يمكن فصل فعالية التسيير بالبيئة الخارجية‬
‫(أي خارج المؤسسة) والتي تعني البيئة السياسية والثقافية واالجتماعية‪ ،‬إذ‬
‫أصبح من المسلم به أن األسس العلمية للتسيير وحدها غير كافية لتطوير‬
‫المؤسسات بل األمر يتطلب دراسة نسق القيم الذي يحدد مدى نجاح أو فشل هذه‬
‫األسس العلمية ومدى ارتباطها بالبنية الهيكلية والتنظيمية والتحديدات المستقبلية‬
‫التي ترسم بوجه عام مسار تطور المؤسسات‪?.‬‬

‫ونشير هنا إلى ثالث مرتكزات أو مقومات يجب توفرها في المؤسسة المعاصرة‬
‫إذا أرادت أن تتوفر فيها العقالنية(‪)1()1‬‬

‫ـ المرتكزات الثقافية‪.‬‬
‫ـ الديناميكية التنظيمية والهيكلية‪.‬‬
‫ـ السلوك اإلستراتيجي‪.‬‬
‫ومن خالل عملية التسيير يأتي المسير كفاعل ومصدر السلطة داخل‬
‫المؤسسة‪ ،‬والقادر على تجسيد كل تغيير مطلوب على مستواها والذي يعمل على‬
‫إعادة بناء النسق الثقافي للمؤسسة‪ .‬والمالحظ في مؤسساتنا االقتصادية في‬
‫عمومها هو أن الثقافة التسييرية تتسم بطابع التقنيين واصطباغها بصبغة سلطوية‬
‫تقليدية ترى فعاليتها في القدرة على إصدار األوامر وليس في العمل على‬
‫تماسك المؤسسة والهيكل الخطي فيها هو الرئاسي ‪.‬‬

‫(‪)1()1‬‬
‫سليمان رحال‪ ،‬الثقافة التسييرية في مرحلة التحول االقتصادي للمؤسسة االقتصادية العمومية‬
‫الجزائرية مجلة التواصل للعلوم االجتماعية واإلنسانية‪ ،‬جامعة عنابة‪ ،‬العدد ‪ ،5‬سبتمبر ‪ ،1999‬ص‬
‫‪.10‬‬
‫والمتتبع لخط سير المؤسسة االقتصادية الجزائرية ‪،‬أن المؤسسة عرفت تحوالت‬
‫اندرجت في إطار السياق العالمي‪ ،‬وتجسدت هذه التحوالت في تجسيد مجموعة‬
‫من القوانين والنصوص التشريعية سنة ‪1993‬خصوصا وفق منطق السوق‬
‫وقواعد النجاعة االقتصادية وهذا ما يضع المؤسسة أمام إشكالية وهي ضرورة‬
‫إيجاد استراتيجية وذلك بإرساء آليات جديدة في أنماط تسييرها وتنظيماتها‬
‫الداخلية بما يتماشى ومتطلبات اقتصاد السوق بمعنى هل المؤسسة االقتصادية‬
‫بعمالها وآلياتها ونظرتها للواقع مستعدة للدخول في ثقافة جديدة ونسق جديد في‬
‫إطار النجاعة االقتصادية؟‬

‫أصبح من ضروريات نجاح المؤسسة إما تفكيك منظومة القيم التي لم تعد تالئم‬
‫وتعيق تطور المؤسسة وترسيخ قيم أخرى إيجابية بناءة في العمل‪ ،‬وهذا من‬
‫أجل إعادة تشكيل هيكل السلوكيات التنظيمية بصفة عامة‪.‬هذا السلوك التنظيمي‬
‫العقالني الجديد يتسم ببعض الخصائص أهمها‪ :‬تشجيع روح المبادرة الفردية‪،‬‬
‫روح المخاطرة‪ ،‬تحمل المسؤولية والمنافسة‪ ،‬وكل ما تقتضيه عملية التحول‬
‫والتكيف‪.‬‬

‫لقد ارتبطت فعالية التسيير بالبيئة الجغرافية والثقافية واالجتماعية إذ أصبح من‬
‫المسلم به أن األسس العلمية للتسيير وحدها غير كافية لتطوير المؤسسات‪ ،‬بل‬
‫األمر يتطلب دراسة نسق القيم الذي يحدد مدى نجاح أو فشل هذه األسس‬
‫العلمية ومدى ارتباطها بالبيئة التنظيمية والهيكلية للمؤسسة‪.‬‬

You might also like