Professional Documents
Culture Documents
تمهيد:
يعتبر االتصال عصب حياة العمل والنشاط االداري ،فهو يمثل أداة الربط بين مختلف األطراف واملصالح
االدارية املختلفة ،ولالتصال أهمية بالغة تجعله النشاط األساس ي لضمان سير العمل اإلداري ،فبدونه ال يمكن
للعملية اإلدارية أن تكتمل ،وأي قصور أو انقطاع في سيرورة االتصال يمكن أن يؤثر سلبا على مستوى أداء
األعمال في املؤسسة ،ونظرا لهذه األهمية البالغة لالتصال فقد تم تطوير أساليبه ووسائله بما يضمن األداء
الفعال للعملية االتصالية ،حيث أدت تطبيقات علم االتصال في مختلف امليادين إلى إثراء معطياته األساسية
وتفعيلها بالشكل الذي يناسب متطلبات مختلف النشاطات واألهداف املسطرة ،مما انعكس على زيادة
فعالياته.
.1ماهية االتصال :يمكن تناول موضوع االتصال من عدة زوايا مختلفة حسب استخداماته واألهداف
املتوخاة من ورائه ،ولالتصال مفاهيم وأنواع مختلفة حسب وجهات نظر الباحثين ،يمكن تناولها وفق
ما يلي:
تعريف االتصال :يمكن تعريف مصطلح االتصال من خالل عدة أوجه:
من الناحية اللغوية :جاء تعريف االتصال في اللغة بمعنى الصلة والعالقة وبلوغ غاية
ا
معينة من وراء تلك الصلة ،حيث قال ابن منظور في لسان العرب " :وصل الش يء وصال
ا
وصلة ،والوصل ضد الهجران ووصل الش يء إلى الش يء وصوال ،ووصل إليه أي انتهى إليه
وبلغه" ،فاالتصال كلمة مشتقة من مصدر الفعل "وصل" :الذي يحمل معنيين رئيسيين
الربط بين كائنين أو شخصين و ذلك على عكس االنفصال والقطع والبعد ،والربط يعني
وصله وجمعه ضد فصله ،أما املعنى األخر فهو البلوغ أو االنتهاء إلى غاية ما ،وصل إلى
الش يء أي بلغه ،وصلني الخبر بلغني ،فاالتصال في اللغة أساسا الصلة و العالقة و بلوغ
غاية معينة من تلك الصلة .وتعني كلمة االتصال Communicationالتعبير والتفاعل من
خالل بعض الرموز لتحقيق هدف معين ،وتنطوي على عنصر القصد و التدبير ،وهذه
الكلمة مشتقة من األصل الالتيني communsبمعنى املشاركة أو تكوين العالقة أو بمعنى
شائع أو مألوف ،كما ارجع البعض هذه الكلمة إلى األصل Commonبمعنى عام أو مشترك
وأي من هذه املفاهيم يوضح لنا أن االتصال عملية تتضمن املشاركة – التفاهم حول
1
موضوع أو فكرة لتحقيق هدف أو برنامج.
من الناحية االصطالحية :ويعرف االتصال اصطالحا بأنه نقل وإدراك األفكار واملعلومات
واملشاعر واملعاني بين األفراد واملجموعات ،فاالتصال هو عملية تفاعل بين طرفين من
خالل رسالة معينة تكون على شكل فكرة أو الخبرة أو مهارة أو أي مضمون اتصالي آخر عبر
1
جابر نصر الدين ولوكيا الهاشمي ،مفاهيم أساسية في علم النفس االجتماعي ،دار الهدى للطباعة والنشر والتوزيع ،عين مليلة،
الجزائر ،2006 ،ص.127
1
المحور األول :مدخل عام لالتصال
قنوات اتصالية ينبغي أن تتناسب مع مضمون الرسالة بصورة توضح تفاعال مشتركا بينهما.
لقد تعددت مفاهيم االتصال بتعدد التخصصات التي تناولت موضوعه ولذلك فلم تقتصر
هذه املفاهيم على مهنة معينة ،أو تخصص معين دون اآلخر لهذا سنحاول تحديد أهم هذه
املفاهيم.
االتصال بمعناه العام والبسيط :يعتمد االتصال بمعناه البسيط على نقل أو استقاء أو
تبادل املعلومات بين مجموعة أطراف مؤثرة ومتأثرة ،تتوزع بين مرسلين للمعلومات
والبيانات من جهة ومتلقين لتلك املعلومات من جهة ثانية ،على نحو يقصد به الربط بين
طرفي االتصال ويترتب عنه إحداث تغييرات في املواقف أو السلوكات ،أي أن أكثر العمليات
االتصالية القادر ة على تحقيق الغرض منها هي تلك التي تربط بين املحرضات أي اإلشارات
أو الرموز االتصالية التي تهدف إلى إحداث األثر كما وكيفا ،وبين قابلية امللتقى ونزوعه على
2
ما في اإلنسان من جنوح األهواء والتمركز حول الذات.
.2أهداف االتصال :يكمن الهدف الرئيس ي التصال املؤسسة في إحداث تأثير على نشاطاتها املختلفة
وذلك لخدمة مصلحتها ،فمن خالل تطبيقات عملية االتصال يتم تزويد املوظفين والعاملين في
املؤسسة ومختلف األطراف ذات العالقة باملعلومات الضرورية للقيام بأعمالهم وواجباتهم ،وتحسين
مواقفهم واتجاهاتهم بشكل يكفل التنسيق واإلنجاز والرضا عن األعمال ،وكذلك تحقيق الحاجات
النفسية واالجتماعية لهم ،و تتلخص أهداف االتصال في اإلخبار واإلعالم ،وكذا اإلعداد لتقبل
التغيير وتوضيح وتصحيح املعلومات واألداء ،وعليه يمكن القول أنه بغياب االتصال يصبح التنظيم
عديم الجدوى وال يؤدي الغرض ،كما ال يمكنه تحقيق الهدف الذي وجد من أجله ،فاالتصال
ضروري لتوصيل املعلومات التي تبنى عليها القرارات ،وعند اتخاذ القرارات يصبح من الالزم توصيلها
مرفوقة بالتوضيحات والشروحات الالزمة حتى تتمكن األطراف املستقبلة من فهمها وتطبيقها وفق
الشكل املطلوب ،وباختصار فإن حاجة اإلدارة لالتصال تظهر من خالل إحداث تكامل الوظائف
اإلدارية وتنسيقها.
3
.3عناصرعملية االتصال:
إن عملية االتصال عملية ديناميكية ذات اتجاهين ،بمعنى أن آل فرد في عملية االتصال هو مرسل
ومستقبل للمعلومات التي تتضمنها هذه العملية .وحتى تتم عملية االتصال يجب توافر ثالثة عناصر أساسية
على األقل وهي :املصدر أو مرسل الرسالة ،الرسالة نفسها ،مستقبل الرسالة ،هذه العناصر الثالثة تمثل
عملية االتصال بمعناها البسيط ،ولكن من الناحية الواقعية ،فإن عملية االتصال أكثر تعقيدا وتحتوي على
أكثر من متغير يؤثر عليها ،ويمكن تبيان اإلطار العام لعملية االتصال بعناصره املختلفة كما يلي:
2
إسماعيل سعيد ،االتصال والرأي العام ،دار المعرفة الجامعية ،اإلسكندرية ،ص20.
3
محمد الهادي ،إدارة األعمال المكتبية المعاصرة ،دار المريخ ،الرياض ،ص. 43
2
المحور األول :مدخل عام لالتصال
املصدر :يمكن أن يكون شخصا أو جماعة أو كتابا أو تلفزيونا ،أو محطة .وتعتمد فعالية االتصال
على صفات معينة في املصدر كالثقة والتقرير ،والقدرة على التأثير .إلخ...وقد دلت الدراسات على أن
مصادر االتصال املوثوق بها لها قدرة أكبر على التأثير على سلوك األفراد من املصادر غير املوثوق بها،
كما أن هناك أكثر من طريقة لتطوير الثقة في مصدر عملية االتصال كاختيار واسطة نقل املعلومة
ذات مكانة عالية ومرموقة ،فمثال املجالت العلمية أفضل وسيلة للتأكد من مكانة املعلومات املنشورة
ودرجة الثقة بها ،وكذلك تزيد درجة الثقة باملصدر عندما تكون له سلطة رسمية فوق املستلم.
الترميز :تتضمن هذه العملية وضع محتويات الرسالة بشكل يفهمه املستلم ،ويتم ذلك عن طريق
استعمال اللغة أو الرموز الرياضية أو أي تعابير يتم االتفاق عليها ،تساعد على تسهيل وفهم مضمون
عملية االتصال.
الرسالة :وهي موضوع االتصال وتتضمن األفكار واآلراء أو املعلومات التي إما أن تقال شفويا أو تكتب.
وسيلة االتصال :وتتضمن اختيار الوسيلة املناسبة التي تسهل عملية االتصال سواء كانت سمعية أو
كتابية أو مرئية ،أو حسية أو جميعها معا.فمثال املدير الذي يريد التأكد من أن الرسالة ستحفظ من
قبل املرؤوسين ،يقوم بإرسال مذكرة مكتوبة لتدعيم تعليماته الشفوية التي أصدرها مسبقا .واختيار
الوسيلة يعتمد على طبيعة عملية االتصال وطبيعة األفراد ،وموضوع عملية االتصال ،والعالقات
بينهم ،وسرعة وسيلة االتصال وتكلفتها.
مستلم الرسالة :إن مستلم الرسالة عادة هو شخص أو جماعة أو أي طرف مستقبل للرسائل
املرسلة من املصدر أو أي مركز آخر لالستالم يخضع ملجموعة عوامل تؤثر على فهمه ملختلف
الرسائل التي يستقبلها ،وأهم هذه العوامل هي مستقبل الرسالة نفسه ،حيث أن الطرف مستقبل
الرسالة يمكنه أن يفسرها بأسلوب يعتمد على خبراته السابقة ومعارفه وادراكاته املكتسبة الخاصة
به ،فمثال منشورات ومذكرات املؤسسة التي تشير أو تظهر توقعات خاصة بزيادات متوقعة في األجور
لهذا العام ربما ال تصدق إذا لم تكن هناك زيادات قد حدثت في العام السابق.
تحليل رموز الرسالة وفهمها :تحتوي الرسالة على مجموعة من الكلمات أو الرموز أو االشكال على
اختالفها ،وبعد وصول الرسالة واستالمها يتطلب من املستلم فك رموزها لتعطي معنى كامال
ومتكامال ،وقد تؤدي عملية تحليل وتفسير رموز الرسالة إلى حاالت الفهم الخاطئ ملحتوياتها من قبل
مستلميها ،لذلك فكلما كان هناك تجانس وتماثل في املركز والخلفية الفكرية واملجتمعية للمرسل
واملستلم وكان هناك اتفاق واسع على معاني الرموز ،وكان أيضا هناك درجة أكبر في فهم املعنى
املقصود بالرسالة من قبل الطرفين.
التغذية العكسية :إن عملية االتصال مستمرة ومتواصلة ،فهي ال تنتهي باستالم الرسالة من قبل
املستقبل ،فدائما يعمل املرسل على التأكد من وصول الرسالة للمرسل إليه ،وأنه قد فهمها بالشكل
الصحيح ،فيجب عليه أن يعرف رد فعل املستلم حول ما جاء في الرسالة من خالل املوافقة أو عدم
3
المحور األول :مدخل عام لالتصال
املوافقة على مضمونها من قبل املستقبل ،وسرعة حدوث عملية التغذية العكسية تختلف باختالف
املوقف ،فمثال في املحادثة الشخصية يتم استنتاج ردود الفعل في نفس اللحظة من خالل ما يالحظه
املرسل على املستقبل من اشارات أو ما يسمعه من كلمات ،بينما ردود الفعل لحملة إعالنية ربما ال
تحدث إال بعد فترة طويلة ،وعملية معرفة وقياس طبيعة ردود الفعل مهمة في عملية االتصال ،حيث
يتبين فيما إذا تمت عملية االتصال بطريقة جيدة في جميع مراحلها أم هناك قصور أو خلل في نقل أو
تلقي مضمون الرسالة.
التشويش :تتأثر عملية االتصال بالعديد من العوامل التي ينجر عنها صعوبة وعدم وضوح مضمون
أو محتوى الرسالة أو خلل ما في عملية االتصال ذاتها ،وهذه املؤثرات قد تحدث إما من املرسل ،أو
خالل عملية اإلرسال أو عند استالم الرسالة ،فمثال صوت اآلالت يؤثر تأثيرا سيئا على املحادثة التي
تتم بين عاملين على نفس اآللة ،كما قد يحدث غموض أو عدم فهم الرسالة نتيجة استعمال كلمات
أو رموز غير مفهومة أو تقبل عدة تأويالت ،فعمليات التشويش قد تأتي إما من مؤثرات بيئية،
كاألصوات واملسافة والوقت ،أو مؤثرات إدراكية كالفهم واالتجاهات وامليول ،والعوامل الحضارية
االجتماعية بين املرسل واملرسل إليه.
4
عبد الرحمن الصباح ،نظم المعلومات اإلدارية ،دار زهران للنشر ،عمان ،1998 ،ص. 34
4
المحور األول :مدخل عام لالتصال
االتصال حسب عدد األشخاص املشتركين في العملية :وينقسم إلى األنواع التالية:
االتصال الذاتي :يحدث هذا النوع من االتصال داخل اإلنسان نفسه فهو املرسل واملستقبل في آن
واحد .وتتكون الرسالة من األفكار واملشاعر واآلراء ،وتتم عملية االتصال في الدماغ الذي يترجم
األفكار ويفسرها ويحللها ويقوم أيضا برفض هذه األفكار أو قبولها.
االتصال الشخص ي :يحدث بين شخصين أو أكثر .ويتميز هذا النوع من االتصال بتبادل الرأي بين
أطراف االتصال مباشرة ،توفير فرص الصداقة والتعاون وإزالة وتخفيض فرص التوتر ،تقييم
املفاهيم واآلراء بين طرفي االتصال أثناء اللقاء ،توفير الوقت والجهد ،ويحمل تغذية عكسية مباشرة.
االتصال الجمعي :وفيه تنتقل الرسالة من شخص واحد إلى عدد من األشخاص يستمعون .ويتميز
هذا النوع من االتصال بالصبغة الرسمية وااللتزام بالقواعد العامة للغة ووضوح الصوت ،وغالبا ما
تكون هناك مقاطعة من قبل املستمعين ،ولكن يمكنهم التعبير عن مواقفهم من خالل التصفيق أو
هز الرأس.
االتصال الجماهيري :يحدث هذا النوع من االتصال من خالل الوسائل االلكترونية املتنوعة كاملذياع
والتلفاز واألفالم واألشرطة املسموعة واالنترنت والصحف اليومية ،ومن خالل هذه الوسائل يستطيع
املرسل إيصال الرسالة إلى عدد غير محدود من الناس.
االتصال الثقافي :ويحدث عند اتصال شخص أو أكثر من ثقافة معينة بشخص أو أكثر من ثقافة
أخرى.
5
االتصال الرسمي وغيرالرسمي:
االتصال الرسمي :هو االتصال الذي يتم وفق خطوط السلطة الرسمية ،ويطبق بناء على قواعد
وإجراءات محددة رسميا ،مع العلم أن االتصاالت الرسمية تسلك املسارات التالية :االتصاالت
الهابطة :وهي االتصاالت التي تكون من الرئيس إلى املرؤوسين ،وتأخذ أسلوب التوجيهات أو التعليمات
أو القرارات أو األوامر .االتصاالت الصاعدة :هي االتصاالت التي تكون من املرؤوسين إلى الرئيس،
وتأخذ شكل اآلراء أو التقارير أو البحوث أو الشكاوى واالقتراحات .االتصاالت األفقية :هي االتصاالت
التي تتم بين اإلدارات املختلفة في املؤسسة اإلدارية الواحدة ،وتأخذ شكل املشورة ،والحوار ،وتبادل
اآلراء ،واالستماع إلى وجهات النظر املختلفة لتنسيق العمل.
االتصال غير الرسمي :يعبر االتصال غير الرسمي عن العملية االتصالية التي تتم داخل البناء
التنظيمي في مختلف االتجاهات بطريقة خارجة عن القنوات الرسمية ،أي أن العالقات الشخصية
واالجتماعية لها دور كبير وفعال في عملية تحقيق األهداف الخاصة باالتصال الرسمي ،مع العلم أن
بشكل أساس ي على حجم املنظمة أو املؤسسة ،وطبيعة
ٍ حجم شبكة االتصاالت غير الرسمية تعتمد
أعمالها وأهدافها.
5
زاوي ياسمينة ،االتصال والتحرير االداري ،مطبوعة محاضرات لطلبة الماستر اقتصاد كمي ،2021 ،ص .21
5
المحور األول :مدخل عام لالتصال
6