You are on page 1of 11

‫الفصل األول‪ :‬املؤسسة وعالقتها باحمليط‪ ......................................

‬ملخص (احملاضرة األولي ‪+‬احملاضرة الثانية )‬

‫متهيد‪:‬‬
‫إن موضوع اإلسرتاتيجية هو دراسة سلوك املؤسسة جتاه متغريات احمليط‪ ،‬أي عالقة املؤسسة مبحيطها‪ .‬لذلك‬
‫أضحت دراسة هذه العالقة تكتسي أمهية ابلغة يف تسيري املؤسسة ابملنظور اإلسرتاتيجي (اإلدارة اإلسرتاتيجية)‪ ،‬وذلك‬
‫ألن املؤسسة اإلقتصادية يف الوقت الراهن ال ميكن أن تبقى وتستمر وتنمو دون مراعاة متغريات احمليط الذي تنشط فيه‪.‬‬
‫فالتوجهات احلديثة حنو اإلدارة اإلسرتاتيجية‪ ،‬ترجع ابألساس إىل إدراك طبيعة التأثري الذي يفرضه حميط املؤسسة‬
‫على مصريها املرتبط إبجتاه القرار اإلسرتاتيجي‪ .‬إذ أصبحت اإلستجابة ملتطلبات وشروط الفاعلني يف البيئة مباثبة إلتزامات‬
‫جديدة‪ ،‬جيب على املدير اإلسرتاتيجي أن أيخذها ابحلسبان يف أي عملية ختطيط‪ .‬وبذلك‪ ،‬فإن رسم إسرتاتيجية‬
‫املؤسسة منذ البداية مل يعد يتمتع ابحلرية املطلقة‪ ،‬وإمنا أصبح عملية مركبة تبدأ بدراسة قبلية هلذه البيئة وتتوسطها وتنتهي‬
‫هبا‪ .‬هلذا سنحاول يف هذا الفصل التعرض إىل عالقة املؤسسة مبحيطها بشيء من التفصيل من خالل تسليط الضوء على‬
‫العناصر التالية‪:‬‬
‫أوال‪ -‬املؤسسة اإلقتصادية‪ :‬مفاهيم أساسية‬
‫‪ -1‬املؤسسة اإلقتصادية‪ :‬التعريف واخلصائص‪.‬‬
‫‪ -2‬أشكال املؤسسة اإلقتصادية(األنواع)‬
‫اثنيا‪ -‬حميط املؤسسة‪ :‬املفهوم واملكوانته‬
‫‪ -1‬تعريف حميط املؤسسة وخصائصه‪.‬‬
‫‪ -2‬مكوانت وأشكال حميط املؤسسة‬
‫اثلثا‪ -‬التحوالت يف عالقة املؤسسة ابحمليط ومداخل دراستها‬
‫‪ -1‬حتليل حتوالت حميط املؤسسة وسلوكات املواجهة‬
‫‪ -2‬مداخل دراسة تطور عالقة املؤسسة ابحمليط‬

‫‪1‬‬
‫السنة الثالثة إقتصاد وتسيري املؤسسات‪............................................................‬مقياس إسرتاتيجية املؤسسة‬
‫الفصل األول‪ :‬املؤسسة وعالقتها باحمليط‪ ......................................‬ملخص (احملاضرة األولي ‪+‬احملاضرة الثانية )‬

‫أوال‪ -‬املؤسسة اإلقتصادية‪ :‬مفاهيم أساسية‬


‫‪ -1‬املؤسسة اإلقتصادية‪ :‬التعريف واخلصائص‪.‬‬
‫من الصعب تقدمي تعريف واحد ملفهوم املؤسسة لكوهنا تتميز ابلشمولية والتعقيد‪ ،‬فيمكن أن نطلقها على أي‬
‫كيان إقتصادي يهدف إىل اإلنتاج أو تقدمي خدمات (جممع صناعي‪ ،‬مقاول‪ ،‬وحىت اتجر‪....‬إخل)‪ .‬وتكمن الصعوبة‬
‫أيضا نظرا ألن كل ابحث يعرفها من منطلق خلفياته وأيديولوجياته أو جمال ختصصه (إقتصادي‪ ،‬إجتماعي‪،‬‬
‫سياسي‪...‬إخل)‪ .‬هذا ابإل ضافة إىل التطور الذي شهدته املؤسسة يف خمتلف جوانبها‪ :‬الشكلية‪ ،‬التنظمية‪ ،‬القانونية‪...‬‬
‫وغريها‪ .‬وكذا تنوع وإتساع نشاطها (خدمية صناعية فالحية ‪ )...‬حبيث قد جند خمتلف األنشطة يف مؤسسة واحدة ويف‬
‫نفس الوقت واملكان‪.‬‬
‫إن كلمة مؤسسة هي يف الواقع ترمجة لكلمة ‪ ENTERPRIS‬كما ميكن إستعماهلا للكلمتني التاليتني‪FIRM :‬‬

‫و‪ .UNDERTAKING‬وللمؤسسة تعاريف متعدد نذكر منها مايلي‪:‬‬


‫يعرفها معجم ‪ Lexiques d’économie‬على أهنا‪" :‬وحدة إقتصادية مستقلة (ذاتية) تضم جمموعة من عوامل‬
‫اإلنتاج‪ ،‬املوجهة للبيع وتقدمي اخلدمات لتوزع العوائد فيما بعد على حسب إستخدام هذه العوامل"‪ii.i‬وتعرف املؤسسة‬
‫اإلقتصادية كذلك على أهنا‪ :‬كل وحدة قانونية‪ ،‬سواء كانت شخص مادي أو معنوي واليت تتمتع ابستقالل مايل يف صنع‬
‫القرار وتنتج سلع وخدمات‪ iii.‬وينظر هلا كذلك على أهنا‪ :‬جتمع مستقل ملوارد مادية وبشرية من أجل حتقيق هدف‬
‫إقتصادي حمدد‪ iv.‬ويقصد هبا أيضا‪ :‬تلك الوحدة اإلقتصادية اليت تتجمع فيها املوارد البشرية واملادية الالزمة لإلنتاج‬
‫اإلقتصادي‪v.‬كما تعرف املؤسسة اإلقتصادية على أهنا‪ :‬وحدة إقتصادية وإجتماعية مستقلة تؤخذ فيها القرارات حول‬
‫‪vi‬‬
‫تركيب الوسائل البشرية‪ ،‬املالية واملادية واالعالمية بغية خلق قيمة مضافة حسب االهداف يف نطاق زماين ومكاين‪.‬‬
‫وتعترب املؤسسة اإلقتصادية النواة األساسية يف النشاط االقتصادي للمجتمع‪ ،‬وميكن أن نعتمد التعريف التايل هلا‪:‬‬
‫هي كل تنظيم إقتصادي مستقل ماليا يف إطار قانوين وإجتماعي معني هدفه دمج عوامل اإلنتاج أو‪ /‬وتبادل سلع أو‪/‬‬
‫وخدمات مع أعوان إقتصاديني أخرين بغرض حتقيق نتيجة مالئمة‪ ،‬وهذا ضمن شروط إقتصادية ختتلف إبختالف احليز‬
‫‪vii‬‬
‫املكاين والزماين الذي يوجد فيه هذا التنظيم‪ ،‬وتبعا حلجم ونوع نشاطه‪.‬‬
‫تتمثل املؤسسة اإلقتصادية يف جمموعة من الطاقات البشرية واملوارد املادية (طبيعية كانت أو مالية أو غريها‪،)...‬‬
‫واليت تتفاعل فيما بينها‪ ،‬وفق تركيب معني وتوليف حمدد‪ ،‬قصد إجناز أو أداء املهام املنوطة هبا من طرف اجملتمع‪ .‬تتجسد‬
‫‪viii‬‬
‫هذه املهام يف إنتاج السلع أو تقدمي اخلدمات املوجهة إلشباع حاجيات املستهلكني بصورة مباشرة أو غري مباشرة‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫السنة الثالثة إقتصاد وتسيري املؤسسات‪............................................................‬مقياس إسرتاتيجية املؤسسة‬
‫الفصل األول‪ :‬املؤسسة وعالقتها باحمليط‪ ......................................‬ملخص (احملاضرة األولي ‪+‬احملاضرة الثانية )‬

‫املؤسسة إذن‪ ،‬هي عبارة عن وحدة إنتاج حبيث تقوم بتحويل املدخالت اليت أتخذها من احمليط إىل خمرجات يف‬
‫‪i‬‬
‫شكل سلع وخدمات تليب حاجيات احمليط‪.‬‬
‫أتسيسا على ما تقدم‪ ،‬املؤسسة اإلقتصادية عبارة عن متعامل إقتصادي‪ ،‬ومركز قرارات مستقل‪ ،‬يتوفر على وسائل‬
‫(موارد)‪ ،‬ويستعمل هذه الوسائل (إستخدامات) من أجل حتقيق أهداف منشودة‪ .‬يتميز هذا املتعامل خباصية "النظام"‬
‫القائم بذاته‪ ،‬اجملمع لالفراد واملالك للتجهيزات‪ ،‬واحلائز على رؤوس االموال قصد العمل على حتقيق االهداف املرسومة‪.‬‬
‫من التعاريف املتعددة اليت قدمها الباحثون على إختالف توجهاهتم‪ ،‬ميكن أن حندد جمموعة من اخلصائص اليت‬
‫‪ii‬‬
‫تتميز هبا املؤسسة اإلقتصادية واليت ميكن تلخيصها يف مايلي‪:‬‬
‫‪ -‬للمؤسسة شخصية تتمثل يف اإلستقاللية املالية تسمح هلا ابلتصرف يف مواردها املالية‪ ،‬اإلستقاللية اإلدارية اليت تسمح‬
‫هلا إبختاذ القرارات‪ ،‬اإلستقاللية القانونية اليت تسمح هلا إببرام العقود واحلق يف التقاضي‪.‬‬
‫‪ -‬عبارة عن وحدة إقتصادية‪ ،‬فهي متثل أحد األعوان اإلقتصاديني فباإلضافة إىل مسامهتها يف االنتاج والدخل الوطين‬
‫فهي مصدر دخل الكثري من األفراد‪.‬‬
‫‪ -‬تعمل على حتقيق جمموعة من األهداف منها‪ :‬البقاء‪ ،‬النمو‪ ،‬التطور‪ ،‬االستمرارية كأهداف أساسية‪ .‬الربح‪ ،‬السمعة‪،‬‬
‫املسؤولية اإلجتماعية‪ ...‬كأهداف فرعية‪.‬‬
‫‪ -‬تتميز إبحتوائها على جمموعة من الوظائف لتتمكن من حتقيق أهدافها‪ :‬وظيفة اإلنتاج‪ ،‬وظيفة التسويق‪ ،‬وظيفة املوارد‬
‫البشرية‪ ،‬وظيفة احملاسبة‪ ،‬وظيفة البحث و التطوير‪....‬‬
‫‪ -‬يعترب الربح احملرك الرئيسي هلا وحتتاج ملوارد مالية وبشرية لضمان إستمرارية النشاط‪.‬‬
‫‪ -‬ال بد أن تكون مواتية للبيئة اليت وجدت فيها وتستجيب هلذه البيئة‪ ،‬فاملؤسسة ال توجد منعزلة فإذا كانت ظروف البيئة‬
‫مواتية فإهنا تستطيع أداء مهمتها يف أحسن الظروف أما إذا كانت معاكسة فإهنا ميكن أن تعرقل عملياهتا املرجوة وتفسد‬
‫أهدافها‪ .‬بعبارة أخرى املؤسسة كائن له بيئته اليت ينبغي عليه التكيف معها‪.‬‬
‫وتسمى املؤسسة اإلقتصادية بعدة تسميات‪ ،‬متاشيا وطبيعة نشاطها أو إطارها القانوين‪ ،‬أو حىت مركزها اإلقتصادي‬
‫أو املرحلة التشغيلية اليت وصلت إليها أو مدى مباشرة التعامل مع مجهور املستهلكني‪....‬إخل‪.‬‬
‫فقد تكون املؤسسة صغرية احلجم تقتصر فعاليتها على القيام بعملية إنتاجية معينة‪ ،‬فتسمى عندئذ ابملشغل‬
‫(‪ )Manufacture‬أو املشروع (‪ .)PROJET‬وقد تكون متوسطة احلجم تقوم ابإلشراف على مشروعني أو أكثر فتسمى‬
‫عندئذ ابملنشأة أو الوحدة اإلنتاجية وقد تكون كبرية احلجم تشرف على‪/‬وتدير عدة منشأت أومشاريع أو وحدات‬
‫إنتاجية فتسمى ابملؤسسة أو املقاولة (‪ iii.)FIRME/ENTREPRISE‬كما ميكن إعتبار املؤسسة اإلقتصادية "منظمة" إذا‬
‫جتمعت العناصر املكونة هلا‪ .‬وتعود أصل كلمة منظمة إىل مفهوم التنظيم‪ ،‬وهو جمموعة من األفراد (فردين أو اكثر) تقوم‬

‫‪3‬‬
‫السنة الثالثة إقتصاد وتسيري املؤسسات‪............................................................‬مقياس إسرتاتيجية املؤسسة‬
‫الفصل األول‪ :‬املؤسسة وعالقتها باحمليط‪ ......................................‬ملخص (احملاضرة األولي ‪+‬احملاضرة الثانية )‬
‫جبهد مجاعي لتحقيق هدف معني‪ ،‬يستخدمون طريقا أو أكثر للوصول اليه‪ .‬فمثال هناك منظمات إنسانية‪ ،‬ومنظمات‬
‫بيئية‪ ،‬ومنظمات عمالية‪ ،‬ومنظمات لألعمال (مؤسسة إقتصادية)‪.‬‬

‫‪ -2‬أشكال املؤسسة اإلقتصادية(األنواع)‪:‬‬


‫إن املؤسسة اإلقتصادية وبغض النظر عن مستوى نشاطها‪ ،‬أو حجمها أو التسمية املرادفة هلا قد تصنف ضمن‬
‫‪i‬‬
‫جمموعات معينة ووفق معايري متعددة جند من أمهها‪:‬‬
‫‪ -1-2‬وفقا لطبيعة النشاط‪ :‬تصنف املؤسسات حبسب طبيعة نشاطها إىل نوعني أساسيني‪ ،‬يضطلع النوع االول‬
‫منها إبنتاج السلع ويضطلع النوع الثاين أبداء أو تقدمي اخلدمات على النحو التايل‪:‬‬
‫‪ -1-1-2‬املؤسسة اإلنتاجية‪ :‬وهي تلك املؤسسات اليت تقوم مبهمة إنتاج السلع بغية تلبية حاجيات اجملتمع‪ .‬فهي‬
‫إذن ختضع بعض أنواع املواد األولية لتغيري أو حتوير معينني عرب أو بواسطة وسائل التشغيل املتاحة وإبشراف وإدارة وتنفيذ‬
‫القوى البشرية‪ ،‬وهذا يف ظل معطيات الطبيعة‪ .‬ومبعىن أخر السلع املادية عن طريق اإلستخراج‪ ،‬أو عن طريق حتويل‬
‫اخلصائص الفيزايئية أو الكيميائية للمواد الطبيعية (األولية) أو عن تطريق التكرير أو التصفية لتنقية هذه املواد وعزهلا عن‬
‫الشوائب‪ ،‬وابلتايل جعلها صاحلة لإلستعمال‪...‬أخل‪.‬‬
‫‪ -2-1-2‬املؤسسة اخلدمية‪ :‬وهي تلك املؤسسة اليت تعمل على تقدمي اخلدمات بغية تلبية حاجيات املستهلكني‪،‬‬
‫كاملؤسسات التجارية‪ ،‬ومؤسسات التأمني والصحة والصريفة (البنوك)‪....‬وغريها‪ .‬فهي تقوم هي األخرى هبذه املهمة عرب‬
‫أو بواسطة وسائل تشغيل خمتلفة‪ ،‬وإبشراف وتنفيذ القوى العاملة (البشرية)‪.‬‬
‫‪- 2-2‬وفقا للطبيعة القانونية وامللكية‪ :‬تربط الطبيعة القانونية للمؤسسة بشكل ملكيتها‪ ،‬على إعتبار أن شكل امللكية‬
‫هو احملدد لنمط القوانني واألنظمة اليت حتكم إجراءات وقواعد تسيريها ويتجلى تصنيف املؤسسة وفق هذا املعيار يف ثالثة‬
‫أنواع على النحو التايل‪:‬‬
‫‪ -1-2-2‬املؤسسة اخلاصة‪ :‬وهي تلك املؤسسات اليت تؤول ملكيتها إىل شخص واحد أو جمموعة من األشخاص‪.‬‬
‫تسمى هذه املؤسسات ابلفردية إذا كان ميتلكها شخص أو عائلته‪ .‬وتسمى ابلشركات إن كانت ملكيتها تؤول إىل‬
‫شخصني أو أكثر يلتزم كل منهم بتقدمي حصة من املال أو العمل إلقتسام ما قد ينشأ عن هذه املؤسسة من أرابح أو‬
‫خسارة‪ .‬وينتمي إىل هذا النوع ما يعرف بشركات األشخاص (الشركات ذات املسؤولية احملدودة‪ ،‬وشركات التضامن)‪،‬‬
‫وشركات األموال (شركات املسامهة‪ ،‬شركات التوصية ابألسهم‪ )..‬على أن كل نوع من هذه الشركات حيكمه منط قانوين‬
‫معني حيدد طرق وإجراءات تسيريها‪.‬‬
‫‪ -2-2-2‬املؤسسة املختلطة‪ :‬وهي تلك املؤسسات اليت تشرتك الدولة أو أحد هيئاهتا من االفراد واملؤسسات األخرى‬
‫يف ملكيتها (القطاع العام مع اخلاص) مع العلم أن تنظيم هذا النوع من املؤسسات خيضع كذلك لعدة ضوابط حتددها‬
‫تشريعيات وأحكام خاصة‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫السنة الثالثة إقتصاد وتسيري املؤسسات‪............................................................‬مقياس إسرتاتيجية املؤسسة‬
‫الفصل األول‪ :‬املؤسسة وعالقتها باحمليط‪ ......................................‬ملخص (احملاضرة األولي ‪+‬احملاضرة الثانية )‬

‫‪ -3-2-2‬املؤسسة العامة (العمومية)‪ :‬وهي تلك املؤسسات اليت تؤول ملكيتها إىل الدولة إبسم اجملتمع (مثل‬
‫املؤسسات الوطنية والوالئية والبلدية) وتدار هي األخرى وفق قوانني وإجراءات خاصة حتدد قواعد تسيريها‪.‬‬
‫‪- 3-2‬وفقا ملعيار القطاع الذي تنتمي إليه‪ :‬تصنف املؤسسات حبسب القطاع الذي تنتمي إليه بناءا على النشاط‬
‫االساسي املمارس‪ .‬حيث يتم التمييز وفق ذلك بني املؤسسات الزراعية‪ ،‬واملؤسسات الصناعية‪ ،‬واملؤسسات املالية‪،‬‬
‫واملؤسسات التجارية واملؤسسات اخلدمية‪..‬إخل‪.‬‬
‫وهناك من يصنف املؤسسات حبسب نشاطها األساسي إىل قطاع أويل أو أول ميثل أو يضم املؤسسات اليت‬
‫تستخدم كعنصر أساسي احد عوامل الطبيعية كالزراعة والصيد وإستخراج اخلامات‪ ...‬وقطاع اثن يشمل املؤسسات اليت‬
‫تعمل يف ميدان حتويل وإنتاج السلع‪ ...‬وقطاع اثلث ميثل قطاع اخلدمات‪ ،‬كالنقل والتوزيع والتامني‪..‬إخل‪.‬‬
‫‪ -4-2‬وفق معيار األمهية‪ :‬ميكن تصنيف املؤسسات وفق وجهة نظر أمهيتها يف اجملتمع‪ ،‬على أن تتحدد هذه األمهية‬
‫مبجموعة من العوامل منها على سبيل املثال ال احلصر حجم املؤسسة (املؤسسات الصغرية‪ ،‬واملؤسسات املتوسطة‬
‫واملؤسسات الكبرية)‪ ،‬ونطاق النشاط (حملي‪ ،‬إقليمي‪ ،‬وطين‪ ،‬دويل)‪...‬إخل‪.‬‬
‫اثنيا‪ -‬حميط املؤسسة‪ :‬املفهوم واملكوانته‪:‬‬
‫‪ -1‬مفهوم حميط وخصائصه‪:‬‬
‫‪ -1-1‬املفهوم‪ :‬إن تقدمي تعريف شامل لبيئة أو حميط املؤسسة يصطدم جبملة من العوائق والتباينات ابلنظر لتعقد‬
‫وتشابك هذا املفهوم وتعدد األبعاد اليت إعتمد عليها الباحثني يف التعريف‪ ،‬لذلك هناك العديد من احملاوالت فيما خيص‬
‫حتديد مفهوم حميط املؤسسة‪ .‬وجند من بني أهم التعاريف اليت أعطيت حمليط املؤسسة مايلي‪:‬‬
‫يعرف بيرت دراكر حميط املؤسسة بناءا على منظور املكوانت على أنه كل ما يقع خارج املؤسسة كالتكنولوجيا‪،‬‬
‫طبيعة املنتجات‪ ،‬الزابئن‪ ،‬املنافسني‪ ،‬املنظمات اآلخرى‪ ،‬املناخ السياسي واإلقتصادي"‪ .‬ويف إطار ذلك ينظر كذلك حمليط‬
‫املؤسسة على أنه " جمموع العوامل الفيزايئية واإلجتماعية املالئمة للمؤسسة يف حتقيق أهدافها‪ ".i‬ويف نفس السياق يعرف‬
‫كذلك أبنه" املناخ اإلداري الذي يالئم عملية وضع االهادف االسرتاجتية‪ ،‬حبيث يتكون من مخسة جمموعات من‬
‫املتعاملني هم الزابئن‪ ،‬واملوردين والعمال واملنافسني ابالضافة إىل جهات متارس الضغط أو التاثري كاحلوكمات‬
‫‪ii‬‬
‫والنقاابت‪...‬إخل‪.‬‬
‫وهناك من ينظر حمليط املؤسسة مبنظور عالقة التفاعل وتبادل التأثري‪ ،‬فيعرفه جون بيري ديرتي على أنه وبشكل‬
‫متفق عليه مصدر التأثريات والضغوط اليت حتكم يف قرارات املؤسسة‪ ،‬أو لعبة القوة بني املؤسسة ومنافسيها وبقية الفاعلني‬
‫املؤثرين على نشاطها‪ iii .‬كذلك ويف إطار هذا السياق يعرف فليب غولرميك بيئة املؤسسة أبهنا دائرة الفاعلني‬
‫اإل قتصاديني اليت تتواجد املؤسسة يف مركزها‪ ،‬وتتفاعل املؤسسة مع هؤوالء الفاعلني الذين هم شركاء إقتصاديني ينجم عن‬
‫أي عملية تبادل معهم تدفقات إقتصادية أو حقوق وواجبات‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫السنة الثالثة إقتصاد وتسيري املؤسسات‪............................................................‬مقياس إسرتاتيجية املؤسسة‬
‫الفصل األول‪ :‬املؤسسة وعالقتها باحمليط‪ ......................................‬ملخص (احملاضرة األولي ‪+‬احملاضرة الثانية )‬
‫كما يعرفه لورنس لومهان أورتيغا وزمالئه حميط املؤسسة على أنه السياق العام الذي تنشط فيه‪ ،‬مشددين على انه‬
‫‪i‬‬
‫ليس عنصرا خامال وإمنا هو فاعل قائم بذاته‪.‬‬
‫كما يعرف احمليط على أنه مجيع القوى أو املتغريات اليت تتأثر هبا املؤسسة وال تستطيع الرقابة عليها ولكن ميكن‬
‫اإلستفادة منها‪ ii.‬ويعرف حميط املؤسسة ابإلعتماد على الديناميكية على أنه نسق ديناميكي ومتطور من العوامل املادية‬
‫والبشرية اليت تعيش وسطها املؤسسة واألنشطة البشرية عامة‪ ،‬واليت هلا أتثري مباشر أو غري مباشرن قصري أو بعيد املدى‬
‫على أنشطة املؤسسة يف زمن حمدد ويف نطاقات حمددة‪.‬‬
‫أتسيسا على ما سبق‪ ،‬ميكن القول أن حميط املؤسسة يعرب عن كل الثوابت واملتغريات املوجودة خارج املؤسسة‬
‫وذات عالقة‪ ،‬حالية أو حمتملة ابملؤسسة‪.‬أي أن احمليط على حد تعبري مينتزبرغ هو كل شيء عدا املؤسسة‪.‬ومنه فاملؤسسة‬
‫خاضعة لبعض آاثر هذه التحوالت اليت قد تطرأ على عناصر احمليط املتعددة‪.‬‬
‫‪ -2-1‬اخلصائص‪ :‬إن حتديد خصائص حميط املؤسسة ينطلق من فكرة أساسية مفادها األخذ بتنوع مكوانته وتشعبها‬
‫‪iii‬‬
‫وتفاوت درجات أتثريها‪ ،‬لذلك خلصت املدرسة البيئية يف إدارة األعمال هذه اخلصائص يف مايلي‪:‬‬
‫‪-‬التعقيد‪ :‬تنبثق هذه اخلاصية من التعدد يف مكوانت بيئة املؤسسة‪ ،‬فمن البيئة الداخلية إىل اخلارجية‪ ،‬ميكن إحصاء‬
‫الكثري من الفاعلني الذي يؤثرون ويتأثرون بنشاط املؤسسة بطريقة مباشرة وغري مباشرة‪ .‬وإضافة إىل التعدد‪ ،‬فإن التعقيد‬
‫ينشأ كذلك من تباين درجات أتثري وأتثر كل فاعل بتباين املؤسسات‪ ،‬أو حىت إبختالف الزمن‪ ،‬حيث قد ختتلف شدة‬
‫أتثري كل فاعل وأتثره بنشاط املؤسسة من فرتة إىل أخرى‪.‬‬
‫‪-‬املرونة‪ :‬تربز هذه اخلاصية من خالل التباين بني املؤسسات‪ .‬إن مرونة احمليط قد ترتبط مبجال نشاط املؤسسة‪ ،‬فقد‬
‫يسقط أتثري بعض الفاعلني يف قطاعات نشاط معينة‪ ،‬بينما يرتفع أتثريه بشدة يف قطاعات أخرى‪ .‬وتربز املرونة كذلك‬
‫على املعلم الزمين‪ ،‬حيث ختتلف شدة أتثري الفاعلني من وقت آلخر‪ ،‬وهبذا نالحظ أبن كون احمليط يتسم ابملرونة يعين‬
‫أبنه ال ميكن أبي حال من األحوال القول بثباته كنموذج موحد‪ ،‬سواء لكل املؤسسات أو لكل األوقات‪.‬‬
‫‪-‬العداء‪ :‬متثل مسة العداء خاصية إسرتاتيجية فعلية ابلنسبة حمليط املؤسسة‪ ،‬فاإلنطالق من كون هذا احمليط مثبطا أو ذات‬
‫أتثري مضاد ألهداف املؤسسة سيدفع هبا إىل تبين احلذر واحليطة يف بناء أهدافها وخططها اإلسرتاتيجية‪ .‬ويتسم احمليط‬
‫ابلعداء ألنه جيمع فاعلني متعددين يدافعون عن مصاحلهم اليت ليست ابلضرورة متفقة مع مصلجة املؤسسة‪ ،‬وابلتايل فإن‬
‫القرار اإلسرتاتيجي مطالب ابلبحث عن صيغة إتفاق بني مصاحل الطرفني‪ :‬املؤسسة من جهة والفاعلني يف حميطها من‬
‫جهة أخرى‪.‬‬
‫‪-‬الدينامكية‪ :‬يتشكل حميط املؤسسة من فاعلني‪ ،‬أي قوى هلا أتثري واضح ومن هنا فإنه حميط ديناميكي فعال يتجسد‬
‫ابلتأكيد كسلطة مضادة لسلطة املؤسسة‪ ،‬حبيث يؤثر يف قرارهتا اإلسرتاتيجية مثلما يتأثر هبا‪ .‬وهذه اخلاصية توضح ملاذا‬
‫إجتهت اإلدارة اإلسرتاتيجية احلديثة إىل تطوير تصوراهتا لكيفية إدارة املؤسسات يف ظل فقداهنا لسطلتها اليت كانت سلطة‬
‫مطلقة فيما مضى‪ .‬أتخذ دينامكية احمليط أشكاال عديدة مثل الطلب املرتفع يف السوق‪ ،‬التشريع اإلجيايب أو السليب‪ ،‬وفرة‬

‫‪6‬‬
‫السنة الثالثة إقتصاد وتسيري املؤسسات‪............................................................‬مقياس إسرتاتيجية املؤسسة‬
‫الفصل األول‪ :‬املؤسسة وعالقتها باحمليط‪ ......................................‬ملخص (احملاضرة األولي ‪+‬احملاضرة الثانية )‬
‫أو ندرة املوار االولية‪.... ،‬إخل‪ .‬وابلتايل‪ ،‬فإن احمليط يعرض حاالت متعددة أمام املؤسسة ويدعوها إىل التكييف املتواصل‬
‫مع ذلك لكي تضمن البقاء واإلستمرارية‪.‬‬
‫‪ -‬عدم التأكد‪:‬أي عدم توفر معلومات مؤكدة حول املستقبل‪ ،‬وهو ما جيعل متخذ القرار أمام بدائل إحتمالية متعددة‪.‬‬
‫ويرتبط جمال األعمال عموما ابلظروف غري املؤكدة‪ ،‬وتشمل هذه الظروف كل عالقات املؤسسة ابحمليط‪ .‬كذلك فإن‬
‫ظروف عدم التأكد تعين يف الواقع ان بلوغ نتائج غري مؤكد‪ ،‬أي أن النجاح يف بلوغ األهداف غري مضمون‪ ،‬وهو ما‬
‫يعترب قاعدة من قواعد العمل اإلسرتاتيجي ومربرا له‪ ،‬فالنتائج املضمونة ال تستدعي يف الغالب وضع إسرتاتيجية‪.‬‬
‫‪ -2‬مكوانت وأشكال حميط املؤسسة‪:‬‬
‫‪ -1-2‬مكوانت حميط املؤسسة‪ :‬تندرج مكوانت احمليط ضمن مستويني أثنني‪ ،‬حبيث تنضوي حتت كل مستوى متغريات‬
‫ذات عالقة غري مباشرة ومباشرة ابملؤسسة‪ ،‬املتغريات اليت هلا أتثري غري مباشر على املؤسسة وال ميكن السيطرة عليها‬
‫تشكل مايسمى ابحمليط العام (البيئة العامة) أو الكلي (املاكرو بيئة ‪ .)Macro Environment‬أما املتغريات اليت هلا أتثري‬
‫مباشر على املؤسسة وميكن السيطرة عليها نسبيا تشكل مايسمى ابحمليط اخلاص (البيئة اخلاصة‪ ،‬امليكروبيئة ‪Micro‬‬
‫‪ .)Environment‬أو ما يسمى ابحمليط التنافسي‪ ،‬الذي يعرب عن خصائص اللعبة التنافسية يف القطاع أي مميزات القطاع‬
‫الذي تنتمي إليه املؤسسة‪ ،‬فحالة نفس القطاع قد ختتلف من دولة إىل أخرى (التنافسية‪ ،‬اجلاذبية‪ ،‬الطلب‪....‬إخل)‪.‬‬
‫‪i‬‬
‫وابلتايل‪ ،‬ميكن تقسيم مكوانت حميط املؤسسة وفق املستوايت التالية‪:‬‬
‫‪ -1-1-2‬احمليط الكلي أو العام (املاكرو بيئة ‪ :)Macro Environment‬خيص كل املؤسسات على إختالف طبيعة‬
‫نشاطها‪ ،‬حيث قد تؤثر متغريات هذا احمليط على املسار العام للمؤسسة‪ ،‬ويتكون من املتغريات السياسية والقانونية‬
‫واإلقتصادية واإلجتماعية والثقافية والتكنولوجية واإليكولوجية‪.‬‬
‫الشكل رقم (‪ :)1‬مكوانت احمليط الكلي‬
‫‪ ‬املتغريات اإلقتصادية‪:‬‬ ‫‪ ‬املتغريات السياسية القانونية‪:‬‬
‫‪ -‬التضخم والبطالة‬ ‫‪ -‬قوانني حول اإلستثمار واالحتكار‬
‫‪ -‬السياسة املالية والنقدية‬ ‫تنظيم التجارة اخلارجية‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -‬تطور الناتج الوطين‬ ‫قانون العمل وضبط املنافسة‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -‬الدخل ومعدالت الفائدة‬ ‫االستقرار واالمن‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -‬معدالت النمو‬ ‫السياسة اجلبائية واجلمركية‬ ‫‪-‬‬
‫‪ ‬املتغريات التكنولوجية واإليكولوجية‪:‬‬ ‫‪ ‬املتغريات اإلجتماعية الثقافية‪:‬‬
‫‪ -‬االنفاق على البحث والتطوير‬ ‫‪ -‬العادات والسلوكات وأمناط احلياة‬
‫‪ -‬براءات االخرتاع واالكتشافات والتطورات اجلديدة‬ ‫‪ -‬محاية املستهلك‬
‫‪ -‬االستثمار العمومي واخلاص على التكنولوجيا‬ ‫‪ -‬اجلوانب الدميغرافية (السن‪ ،‬اجلنس‪)...‬‬
‫‪ -‬سياسات محاية البيئة‬ ‫‪ -‬الطبقات االجتماعية‬
‫املصدر‪ :‬رحيم حسني‪ ،‬إسرتاتيجية املؤسسة‪ ،‬دار هباء الدين للنشر والتوزيع‪ ،‬قسنطينة‪ ،‬اجلزائر‪ ،2008 ،‬ص‪.59 :‬‬

‫‪7‬‬
‫السنة الثالثة إقتصاد وتسيري املؤسسات‪............................................................‬مقياس إسرتاتيجية املؤسسة‬
‫الفصل األول‪ :‬املؤسسة وعالقتها باحمليط‪ ......................................‬ملخص (احملاضرة األولي ‪+‬احملاضرة الثانية )‬

‫( ‪:) Micro Environment‬‬ ‫‪ -2-1-2‬احمليط اخلاص أو اجلزئي البيئة اخلاصة‪ ،‬امليكروبيئة‬


‫خيص كل مؤسسة او القطاع الذي تنتمي له املؤسسة‪ ،‬ويتشكل من كل األطراف اليت هلا عالقة مباشرة هبا‪ .‬هذه‬
‫االطراف عرب عليها مايكل بورتر يف ما مضى ابلقوى اخلمس للصناعة إضافة إىل الدولة‪ .‬أما يف الوقت الراهن فهي‬
‫تسمى ابالطراف ذات العالقة او ذات املصلجة او االطراف االخذة ‪ Stakeholders‬وهي‪ :‬الزابئن‪ ،‬املوردون‪ ،‬املنافسني‬
‫(احلاليني واحملتملني)‪ ،‬املنتجات البديلة‪ ،‬مؤسسات التمويل‪ ،‬املسامهني‪ ،‬املوزعني‪ ،‬مجعات الضغط‪...‬وغريها‪.‬‬
‫على الرغم من جتزئة احمليط إىل مكوانته االساسية‪ ،‬وابلتايل حماولة الفصل ما بني املتغريات إال أنه ال ينبغي االغفال‬
‫عن ان هذه املتغريات تتسم ابلتعقيد‪ ،‬وهو ما يعين تداخل وترابط متغريات احمليط‪ ،‬وابلتايل تعدي أاثر جمال ما إىل جمال‬
‫أو جماالت اخرى‪ .‬فاحمليط االقتصادي مثال غري معزول عن احمليط القانوين او السياسي او االجتماعي‪.‬‬
‫‪i‬‬
‫‪ -2-2‬أشكال حميط املؤسسة‪ :‬ميكن التمييز بني أربعة أنواع من احمليط بداللة درجة التغري وأمهيته‪:‬‬
‫‪-‬حميط مستقر‪ :‬وهو احمليط الذي تكون فيه التغريات بسيطة وبطيئة‪ ،‬على األقل يف املديني القصري واملتوسط‪ ،‬ومثال‬
‫ذلك قطاع صناعة العجاالت أو قطاع البناء‪.‬‬
‫‪-‬حميط مضطرب أو غري مستقر‪ :‬وتكون فيه التغريات كبرية وصعبة الرتقب‪ ،‬سواء كان مصدر التغريات أذوات‬
‫املستهلكني وتفضيالهتم أو كان التطور التكنولوجي أو عدم إستقرار السياسات احلكومية أو غري ذلك من األسباب‪.‬‬
‫‪-‬حميط عاصف أو صاخب‪ :‬وهو إمتداد للمحيط املضطرب‪ ،‬وتكون فيه درجة الالإستقرار أكرب‪ ،‬وتكون فيه التغريات‬
‫كثيفة وعميقة حبيث يصعب التحكم معها يف جمرى املؤسسة‪ ،‬ومثال ذلك صناعات التكنولوجيا العالية كالصناعات‬
‫اإللكرتونية واملعلوماتية والربماجيات‪ ،‬ويتطلب هذا احمليط مرونة عالية ونشاط حبثي مكثف‪.‬‬
‫‪-‬حميط إنتقايل‪ :‬ويتميز بوجود حتوالت يف إجتاه تغيري منط الصناعة أو منط النظام اإلقتصادي برمته‪ ،‬ومثال ذلك جنده يف‬
‫اإلقتصادايت اليت متر مبرحلة إنتقالية أو بعض الصناعات اليت تشهد حتوال جدراي‪.‬‬
‫إن وضعيات حميط املؤسسة املذكورة سلفا قد حتدث بشكل متزامن يف إقتصاد ما‪ ،‬وذلك ابلنظر إىل هيكل‬
‫الصناعة املكون هلذا اإلقتصاد‪ .‬واملؤسسة قد تنتمي إىل أكثر من حميط يف نفس الوقت إذا إنتهجت إسرتاتيجية التنويع‬
‫مثال‪ ،‬أي تنشط يف قطاعات إقتصادية خمتلفة‪ .‬وعلى املؤسسة أن تتفاعل مع احمليط الذي تعمل فيه من خالل اليقظة‬
‫والذكاء يف إستغالل املعلومات املتاحة‪.‬‬
‫اثلثا‪ -‬التحوالت يف عالقة املؤسسة ابحمليط ومداخل دراستها‪:‬‬
‫‪ -1‬حتليل حتوالت حميط املؤسسة وسلوكات املواجهة‪:‬‬
‫‪ -1-1‬حتليل حتوالت حميط املؤسسة‪:‬‬
‫يشهد حميط املؤسسة حتوالت مستمرة ختتلف أمهيتها ودرجة اتثريها إبختالف العوامل واملتغريات اليت حتكم هذا‬
‫احمليط‪ ،‬ما يفرض على املؤسسة حتليل هذا احمليط ومتابعة كل التطورات احلادثة أو اليت قد حتدث فيه من أجل التكيف‬
‫مع هذه التحوالت‪ .‬إن حتوالت حميط املؤسسة تعرب عن تلك التطورات والتغريات اليت متس أحد او كل مكوانته‬
‫(متغرياته)‪ ،‬حيث تتجلى وتربز يف جمموعة الفرص والتهديدات اخلارجية‪ ،‬واليت تتسم ابالستمرارية والتجدد‪ .‬ففي كل حني‬

‫‪8‬‬
‫السنة الثالثة إقتصاد وتسيري املؤسسات‪............................................................‬مقياس إسرتاتيجية املؤسسة‬
‫الفصل األول‪ :‬املؤسسة وعالقتها باحمليط‪ ......................................‬ملخص (احملاضرة األولي ‪+‬احملاضرة الثانية )‬
‫تواجه إدارة املؤسسة تغريات تفرض عليها إختاذ مواقف خمتلفة‪ ،‬وهذه التغريات قد تكون إجيابية‪ ،‬وابلتايل‪ ،‬فهي متثل فرصا‬
‫ينبغي إستغالهلا‪ ،‬وقد تكون سلبية‪ ،‬وابلتايل‪ ،‬فهي عبارة عن هتديدات وخماطر يتعني العمل على جتاوزها أو على االقل‬
‫‪i‬‬
‫التقليل من وطاهتا‪ .‬وابلتايل‪ ،‬ميكن حتليل حميط املؤسسة من خالل جتزئته إىل جمموعتني من املتغريات نذكرها فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬جمموعة الفرص‪ :‬وهي ثغرات يف احمليط وإمكاانت قابلة لالستغالل من طرف املؤسسة‪ ،‬وابلتايل‪ ،‬فهي متثل مصدرا‬
‫حمتمال للعوائد حاضرا أومستقبال‪ ،‬كما أنه من شأهنا أن تفتح أفاقا جديدة أمام املؤسسة للنمو والتطور‪ .‬وهذه الفرص قد‬
‫تكون مكشوفة ومتاحة‪ ،‬وقد يتطلب إكتشافها بذل جهد من طرف املؤسسة‪ .‬كما أن الفرص قد تكون يف شكل‬
‫مشاريع قابلة لإلستغالل‪ ،‬كما قد تكون يف شكل عوامل او انشطة داعمة لنشاط املؤسسة‪ ،‬ومن أمثلتها سياسات‬
‫احلكومة اإلقتصادية (الضربية‪ :‬حتفيزية‪ /‬ردعية أو مجركية أو صناعية)‪.‬‬
‫‪ -‬جمموعة التهديدات‪ :‬انجتة عن حتوالت احمليط املستمرة‪ ،‬واليت من شأهنا إعاقة املؤسسة عن حتيقيق أهدافها‪ .‬ومتثل‬
‫التهديدات يف جمموعة املخاطر اليت تكتنف مسار املؤسسة عرب خمتلف مراحله‪ ،‬سواءا كانت هتديدات ذات طابع‬
‫إقتصادي‪ ،‬أو هتديدات ذات طابع غري إقتصادي‪ .‬كما أن من التهديدات ما هو واقع جيب مواجهته حاال‪ ،‬ومنها ما هو‬
‫هتديد حمتم ل يتعني التنبؤ به وإدراك أبعاده واإلستعداد له‪ .‬ومن أمثلة التهديدات دخول حمتمل ملنتجات جديدة أو‬
‫منافسني جدد‪ ،‬تطورات تكنولوجية‪ ،‬حتوالت أمناط االستهالك‪ ،‬تغري التشريعات والسياسات احلكومية‪...‬إخل‬
‫ويتوقف جناح املؤسسة وبلوغ أهدافها وضمان بقائها على كيفية التعامل مع هذه الفرص والتهديدات احمليطة هبا‪.‬‬
‫ففي الغالب تكون هذه الفرص والتهديدات عامة‪ ،‬أي تعين كل مؤسسات القطاع‪ ،‬غري ان التعامل معها يكون خمتلف‬
‫من مؤسسة إىل اخرى‪.‬‬
‫فاملؤسسة الناجحة هي األقدر على حتقيق تفاعل إجيايب مع التغريات‪ ،‬أي حتقيق إستغالل أذكى وأمثل للفرص‬
‫وتقليل أقصى للمخاطر‪ .‬وعليه‪ ،‬ختضع عملية حتليل احمليط إىل مراحل أساسية متسلسة ميكن تلخيصها يف مايلي‪:‬‬
‫‪ -‬حتديد املتغريات األساسية يف احمليط العام وذلك مبراعاة خمتلف مكوانته مع إبراز املؤثرات األساسية على املؤسسة؛‬
‫‪ -‬حتديد املتغريات األساسية للمحيط اخلاص مع ضبط قوى املنافسة املرتبطة ابحلقل التنافسي الذي تنتمي إليه‬
‫املؤسسة؛‬
‫‪ -‬حتديد الفرص والتهديدات احمليطة ابملؤسسة‪ ،‬سواء منها املرتبطة ابحمليط العام أو اخلاص؛‬
‫‪ -‬حتديد املركز التنافسي للمؤسسة وإبراز موقعها من خمتلف التأثريات السالف حتديدها‪.‬‬
‫كما أن حتليل حميط املؤسسة يف إطار العمل اإلسرتاتيجي غري كايف إن مل يتم حتليل البيئة الداخلية هلا من أجل‬
‫معرفة نقاط القوة ونقاط الضعف‪ .‬حيث يرتكز إستغالل الفرص وتفادي التهديدات على ظروف املؤسسة من قوة‬
‫وضعف‪ ،‬وهو ما يعين أن مواجهة اخلارج يعتمد على ما متتلكه املؤسسة يف الداخل‪.‬‬
‫وميكن إستجالء نقاط القوة ونقاط الضعف يف املؤسسة يف سبعة عناصر على ضوء ما إقرتحه كل من‬
‫(‪ )Waterman et Peters‬يف كتاهبما (‪ )Le prix de l’excellence‬عند حتليلهما ألسرار أفضل املؤسسات‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫اهليكل التنظمي‪ ،‬اإلسرتاتيجية‪ ،‬األفراد‪ ،‬أسلوب التسيري‪ ،‬األنظمة واإلجراءات‪ ،‬القيم املشرتكة (الثقافة التنظمية)‪ ،‬القدرات‬
‫واملؤهالت احلالية واملرغوبة‪ .‬وابلتايل‪ ،‬فإن البحث عن نقاط القوة أو الضعف الظاهرة أو الكامنة يتوقف أساسا على‬

‫‪9‬‬
‫السنة الثالثة إقتصاد وتسيري املؤسسات‪............................................................‬مقياس إسرتاتيجية املؤسسة‬
‫الفصل األول‪ :‬املؤسسة وعالقتها باحمليط‪ ......................................‬ملخص (احملاضرة األولي ‪+‬احملاضرة الثانية )‬
‫األبعاد السبع املشار إليها‪ .‬كما ان هذه اجملاالت متطاملة ومرتابطة أي أن نقطة ضعف ما يف عنصر ما قد تكون إمتداد‬
‫لضعف يف عنصر أخر ينبغي إعتماد الشمولية يف التحليل وكذلك عدم فصل العناصر عن بعضها البعض‪.‬‬
‫وجتدر اإلشارة إىل أن جمموعة الفرص والتهديدات يف إطار العمل اإلسرتاتيجي هي تلك اليت تنطوي على بعد‬
‫إسرتاتيجي أي ذات داللة إسرتاتيجية‪ ،‬فالفرص والتهديدات اليت ليس من شأهنا املسامهة يف تغيري املركز التنافسي‬
‫للمؤسسة ال تعترب فرصة أو هتديد ابملدلول اإلسرتاتيجي وكذلك احلال ابلنسبة لنقاط القوة والضعف‪.‬‬

‫‪ -2-1‬سلوك املؤسسة يف مواجهة حتوالت احمليط‪:‬‬


‫إن ثنائية مؤسسة‪ /‬حميط عرفت يف العقود األخرية تطورات هامة وممارسات حديثة يف حتليل سلوك املؤسسات‪،‬‬
‫فالتحوالت املستمرة اليت يشهدها حميط املؤسسة يفرض مواقف متجددة لدى املؤسسة وهو ما يعين ضرورة تبين سلوكات‬
‫جتاه هذا احمليط‪ i.‬هلذا فإن الباحثني يف دراستهم لعالقة " مؤسسة‪ /‬حميط تطرقوا إىل أن سلوك املؤسسة يندرج ضمن أحد‬
‫‪ii‬‬
‫الثالث وضعيات التالية‪:‬‬
‫‪ -‬التجاهل (‪:)lgnorer‬أن تكون املؤسسة جاهلة جملموع الفرص والتهديدات‪ ،‬أو لبعضها‪ ،‬وابلتايل‪ ،‬فهي ال تعبأ هبا‬
‫متاما‪ ،‬أو أن تكون مدركة هلا‪ ،‬ولو جزئيا‪ ،‬ولكن تتجاهلها‪ ،‬إما بسبب سوء تقدير أو قلة حلية (نقص االمكانيات)‪.‬‬
‫‪ -‬التكيف (‪ :)s’adapter‬أن تعمل املؤسسة على التكيف مع الفرص والتهديدات املتاحة والتفاعل معها‪ ،‬أي تعمل‬
‫على إستغالل الفرص وجتنب التهديدات‬
‫‪ -‬اإلستباق(‪ :)Anticiper‬أن ال تكتفي املؤسسة إبكتشاف الفرص والتهديدات املوجودة ولكن تعمل على صنع فرص‬
‫جديدة وحتويل التهديدات إىل فرص‪ ،‬بل وقد جتعل من بعض الفرص مزااي تنافسية‪ ،‬وهذا السلوك يتضمن التأثري يف‬
‫احمليط وإستباق حتوالته‪ .‬وابلتايل‪ ،‬فاملؤسسات الترضى دوما وابستمرار أبن تكون حمل أتثريات احمليط‪ ،‬فهي تسعى من‬
‫أجل املشاركة يف صنع حميطها‪ ،‬ال سيما منه احمليط املباشر وذلك إبستخدام كل األساليب املمكنة‪ ،‬ومنها‪ :‬االساليب‬
‫اإلحتكارية مثل وضع حواجز دخول أمام منافسني حمتملني‪ ،‬إحتكار التكنولوجيا‪ ،‬إحتكار األسواق‪...‬إخل؛ االحتادات‬
‫واجلمعيات املهنية مثل مجعيات أرابب االعمال والنقاابت‪ ،‬إغراء احلوكمات والربملانيني‪ ،‬وحىت الضغط عليها من أجل‬
‫عدم إصدار قوانني أو إعتماد سياسات تتعارض ومصاحلها‪ ،‬وعلى العكس إختاذ التدابري اليت ختدمها؛ إستخدام وسائل‬
‫اإلعالم املختلفة للتأثري على أمناط اإلستهالك وذلك من خالل حماولة التأثيري على سلوك األفراد وثقافتهم اإلستهالكية‪.‬‬
‫‪-2‬مداخل دراسة تطور عالقة املؤسسة ابحمليط‪:‬‬
‫‪ -‬مدخل االقتصاد الصناعي‪:‬‬
‫‪ -‬مداخل دراسة العالقة من منظور السوق والتسويق واملفهوم اإلنساين‪:‬‬
‫‪ -‬مداخل دراسة العالقة من منظور نظرايت إختاذ القرار‪ ،‬نظرية النظم والنظرية املوقفية‪:‬‬

‫‪10‬‬
‫السنة الثالثة إقتصاد وتسيري املؤسسات‪............................................................‬مقياس إسرتاتيجية املؤسسة‬
‫الفصل األول‪ :‬املؤسسة وعالقتها باحمليط‪ ......................................‬ملخص (احملاضرة األولي ‪+‬احملاضرة الثانية )‬

‫اخلالصة‪:‬‬
‫املؤسسة عبارة عن جمموعة من األنشطة والوظائف تعمل يف شكل متكامل ومنسجم لتحقيق غاية مشرتكة‪ .‬حيث‬
‫عرف مفهوم املؤسسة اترخييا حتوالت معرفية مهمة نتيجة لتغري النظر إليها كوهنا نظام مغلق إىل نظام مفتوح ما أفرز‬
‫عوامل وفاعلني جدد تتوزع أشكال أتثريهم على نشاط املؤسسة إما بصورة مباشرة أو غري مباشرة‪ .‬وهبذا‪ ،‬فقد برز للوجود‬
‫مفهوم حميط املؤسسة بوصفه شبكة معقدة من العوامل اليت توجد يف حالة تفاعل دائم مع املؤسسة وتتحدد من خالهلا‬
‫إستمرارية وبقاء هذه األخرية‪.‬‬
‫وتندرج هذه العوامل ضمن مستويني أثنني للمحيط‪ ،‬تنضوي حتت كل مستوى متغريات ذات عالقة غري مباشرة‬
‫ومباشرة ابملؤسسة‪ ،‬املتغريات اليت هلا أتثري غري مباشر وال ميكن السيطرة عليها تشكل مايسمى ابحمليط العام (البيئة العامة)‬
‫أو الكلي أما املتغريات اليت هلا أتثري مباشر وميكن السيطرة عليها نسبيا تشكل مايسمى ابحمليط اخلاص‪.‬‬
‫ويشهد حميط املؤسسة حتوالت مستمرة ختتلف أمهيتها ودرجة أتثريها إبختالف العوامل واملتغريات اليت حتكم هذا‬
‫احمليط‪ ،‬ما يفرض على املؤسسة دراسة وحتليل حميطها ومتابعة كل التطورات احلادثة أو اليت قد حتدث فيه من أجل‬
‫التكيف معها‪.‬‬
‫فالتحوالت املستمرة اليت يشهدها حميط املؤسسة يفرض عليها إختاذ مواقف خمتلفة‪ ،‬وهذه التغريات قد تكون‬
‫إجيابية‪ ،‬وابلتايل‪ ،‬فهي متثل فرصا ينبغي إستغالهلا‪ ،‬وقد تكون سلبية‪ ،‬وابلتايل‪ ،‬فهي عبارة عن هتديدات يتعني العمل على‬
‫جتاوزها أو على االقل التقليل من وطأهتا‪ .‬كما أن حتليل حميط املؤسسة يف إطار العمل اإلسرتاتيجي غري كايف إن مل يتم‬
‫حتليل البيئة الداخلية هلا من أجل معرفة نقاط القوة ونقاط الضعف‪ .‬حيث يرتكز إستغالل الفرص وتفادي التهديدات‬
‫على ظروف املؤسسة من قوة وضعف‪ ،‬وهو ما يعين أن مواجهة اخلارج يعتمد على ما متتلكه املؤسسة يف الداخل‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫السنة الثالثة إقتصاد وتسيري املؤسسات‪............................................................‬مقياس إسرتاتيجية املؤسسة‬

You might also like