You are on page 1of 21

‫ممارسة الحق النقابي داخل المؤسسة‪rar.

‬‬

‫إذا كانت الغاية من إنشاء المنظمات النقابية هو الدفاع عن المصالح المادية و المعنوية للعمال‪ ،‬فإن تحقيق ذلك الهدف يفترض تواجد‬
‫تلك المنظمات في أماكن العمل‪ ،‬و الؤسسة هي الميدان الوحيد الذي يتواجد فيه العمال‪ -‬و الذي أسست النقابة للدفاع عن مصالحه‪ -‬و‬
‫صاحب العمل‪ ،‬أي توجد به مصلحتين متعارضتين‪ ،‬يحاول المستخدم دائما تغليب مصلحته على مصلحة العامل (الطرف الضعيف‬
‫في العقد) ‪.‬‬

‫لكل ذلك ‪ ،‬و لتمثيل أفضل للعمال عن طريق التعرف على ظروف عملهم بصفة عامة سمح المشرع للمنظمات النقابية إنشاء هياكل‬
‫نقابية و تعيين مندوبين نقابيين‪ ،‬فهل يمكن ألي منظمة نقابية أن تنشئ تلك الهياكل‪ ،‬أم أن هذه األخيرة من إختصاص نوع خاص من‬
‫المنظمات؟ في هذه الحالة ماهي الشروط الواجب توافرها حتى ينشئ الهيكل النقابي و يتم تعيين المندوبين النقابيين؟ و ما هي‬
‫صالحيات كل واحد منهما ؟‬

‫لإلجابة عن هذه التساؤالت نتطرق في مطلب أول إلى الهياكل النقابية و في مطلب ثان إلى المندوبين النقابيين ‪:‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬األحكام المتعلقة بالهياكل النقابية ‪.‬‬

‫طبقا للمادة ‪ 40‬من القانون ‪ 90/14‬فإنه "يمكن ألي منظمة نقابية تمثيلية حسب مفهوم المادتين ‪34‬‬

‫و ‪ 35‬من هذا القانون أن تنشىء هيكال نقابيا طبقا لقانونها األساسي لضمان تمثيل المصالح المادية‬

‫و المعنوية ألعضائها في أي مؤسسة عمومية أو خاصة‪ ،‬و في أماكن عملهم المتميزة إذا كانت لها أماكن عمل أو أي مؤسسة أو هيئة‬
‫أو إدارة عمومية" ‪.‬‬

‫من خالل هذا النص يتضح لنا أن المشرع الجزائري يعترف بممارسة الحق النقابي في كل المؤسسات سواء كانت عمومية أو خاصة‬
‫‪ ،‬و ذلك في إطار إحترام الحقوق و الحريات المقررة قانونا لضمان تمثيل المصالح المادية و المعنوية ألعضاء النقابة ‪ ،‬فروح القانون‬
‫هنا ال تهدف إلى خلق نقابة جديدة داخل المؤسسة أو الفرع و إنما إلى تمديد جذور النقابة إلى أعماق المؤسسة فتصبح مشكلة و ممثلة‬
‫على مستوى كل فرع منها و حتى في أماكن العمل المتميزة‪ ،‬و لذلك يعتبر هذا الهيكل النقابي تجمع فعلي ‪.‬‬

‫في الواقع فإن توافر الهيكل النقابي في المؤسسة ضروري في أغلب األحيان إذ وحده فقط يبرر تعيين المندوبين النقابيين‪ ،‬و ترتكز‬
‫عليه الحريات النقابية المقررة قانونا كالحرية في التعبير (‪. )1‬‬

‫ممارسة الحق النقابي داخل المؤسسة يجب أن يكون في إطار الشروط القانونية ال سيما تلك المتعلقة بتأسيس الهياكل النقابية‪ ،‬ففي ماذا‬
‫تتمثل تلك الشروط و هل صالحيات الهيكل النقابي تختلف عن صالحيات المنظمة النقابية المنبثق عنها ؟ ‪.‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬شروط تأسيس الهيكل النقابي ‪.‬‬

‫تشجيعا إلنشاء الهياكل النقابية داخل المؤسسات فإن الشروط الواجب توافرها خفضت إلى أقصى حد إذ لم ينص المشرع على أي‬
‫شرط شكلي‪ ،‬و إكتفى ببعض الشروط الموضوعية التي بتواجدها يكون الهيكل مؤسس قانونا ‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬الشروط الموضوعية ‪.‬‬

‫بقراءة نص المادة ‪ 40‬المذكور سلفا يتجلى لنا أن الشروط الموضوعية الواجب توافرها إلنشاء هيكل نقابي هي كون المنظمة النقابية‬
‫تمثيلية و كون المؤسسة عمومية أو خاصة و حتى في أماكن العمل المتميزة و ذلك بغض النظر عن عدد العمال الذين يعملون بها ‪.‬‬

‫‪ -1‬شرط التمثيلية‪:‬‬

‫إنشاء هيكل نقابي هو إمتياز ممنوح فقط للمنظمات النقابية التمثيلية دون غيرها و المقصود بالمنظمات النقابية التمثيلية هنا‪ ،‬كما سبقت‬
‫اإلشارة إليه‪ ،‬كل المنظمات النقابية للعمال األجراء المستخدمين المكونة قانونا منذ ‪ 6‬أشهر على األقل‪ ،‬و التي تضم ‪ % 20‬على‬
‫األقل من العدد الكلي للعمال األجراء أو لتلك التي لها تمثيل ‪ % 20‬على األقل من العدد الكلي للعمال األجراء أو لتلك التي لها تمثيل‬
‫‪ % 20‬على األقل في لجنة المشاركة‪ .‬كما تعتبر تمثيلية كذلك على الصعيد البلدي والمشترك‬
‫بين الواليات ‪ ،‬أو الوطني ال إتحادات و ال إتحاديات أو ال كنفدراليات ل لعمال األجراء التي تضم ‪ % 20‬على األقل من المنظمات‬
‫النقابية التمثيلية التي تشملها القوانين األساسية لإلتحادات المذكورة ‪.‬‬

‫ـــــــــ‬

‫(‪ )1‬أنظر ص ‪ 573‬من مرجع ‪ DALLOZ‬السالف الذكر ‪.‬‬

‫‪ – 2‬الشروط المتعلقة بالمؤسسة ‪:‬‬

‫إن الهيكل النقابي ينشئ في أية مؤسسة بغض النظر عن طبيعة نشاطها‪ :‬سواء كانت تجارية‪ ،‬فالحية أو صناعية‪ ...‬و بغض النظر‬
‫عن طبيعتها القانونية ‪ :‬شركة تجارية‪ ،‬مدنية أ و تجمع صناعي‪ ،‬مؤسسات عمومية‪...‬‬

‫و إضافة إلى كون ممارسة الحق النقابي يكون داخل المؤسسة ‪ ،‬فإن المشرع مدد ممارسة هذا الحق حتى داخل أماكن العمل المتميزة‪،‬‬
‫فمادا يعني بهذه األخيرة ؟‬

‫إن التشريع الجزائري ‪ ،‬كغيره من التشريعات األخرى لم يتطرق إلى تعريف مكان العمل المتميز لكن الفقه الفرنسي حاول ذلك‬
‫معتبرا إياه تجمع ا للوسائل المادية و الغير المادية لغرض الوصول‪ ،‬عن طريق نشاط مستمر ‪ ،‬إلى تحقيق هدف ذو طبيعة تقنية‪ ،‬و‬
‫هناك من عرفه بأنه المكان الذي تمارس فيه سلطة إبرام العقود و التسريح عن العمل مع إمكانية توقيع الوثائق ‪ ،‬و لقد ذهب البعض‬
‫إلى إعتباره هيئة تقنية لإلنتاج بينما المؤسسة هي هيئة إقتصادية له (‪ )2‬إن هذا المفهوم جد واسع إذ لم يضع معيار محدد لتعريف‬
‫مكان العمل المتميز‪.‬‬

‫و بإعتبار الفقه لم يستطع وضع تعريفا شامال واضحا لمكان العمل المتميز فإننا نحاول اللجوء إلى وجهات نظر القضاء ‪.‬‬

‫و نظرا لكون اإلجتهاد القضائي الجزائري لم يتناول هذه المسألة فإننا نتطرق إلى اإلجتهاد القضائي الفرنسي الذي حاول أن يعطي‬
‫عدة معايير للتعرف على مكان العمل المتميز‪.‬‬

‫ففي قرارها الصادر بتاريخ ‪ 09/05/1989‬فإن محكمة النقض الفرنسية ذهبت إلى أنه يجب على القضاة‪ ،‬لتعيين المندوبين النقابيين‬
‫في أماكن العمل المتميزة أن يأخذوا بعين اإلعتبار لتحديد هذه األخيرة‪ :‬ظروف العمل‪ ،‬أهمية عدد العمال و إستقاللية المكان بالنسبة‬
‫للمؤسسة (‪. )3‬‬

‫و في قرار آخر ذهبت إلى أنه يمكن أن يعتبر كمكان عمل متميز لتعيين المندوبين النقابيين الورشات المتواجدة خارج المؤسسة و‬
‫التي تتمتع بنوع من اإلستقرار و كون أغلبية عمالها مرتبطين معها بعقود عمل غير محددة المدة‪،‬‬

‫و كون مسؤولي تلك المؤسسات يتمتعون بسلطات واسعة‪ ،‬و ذلك بكون األجور تحدد هنا من قبل المديرية العامة (‪. )4‬‬

‫ـــــــــ‬

‫(‪ )2‬أنظر صفحة ‪ 301‬من المرجع ‪Droit du travail 2 édition Brun et Henri gallaud et Andrel‬‬

‫(‪ )3‬أنظر ص ‪ 175‬من المرجع ‪. le droit syndical édition force ouvrière :‬‬

‫(‪)4‬قرار صادر عن محكمة النقض الفرنسية بتاريخ ‪.06/07/83‬‬

‫أبعد من ذلك فإن محكمة النقض الفرنسية ذهبت إلى أن مكان العمل المتميز مفهوم متغير بحسب المنظمة‪-‬التي تسعى سواء إلى تعيين‬
‫المندوبين النقابيين أو إلنتخاب لجان المشاركة أو ممثلي العمال‪ -‬إذ ال يجب األخذ بعين اإلعتبار لتعيين المندوبين النقابيين األحكام‬
‫المتعلقة بإنتخاب ممثلي العمال أو لجان المشاركة‪ ،‬فما يجب األخذ به هو الدور الذي يؤديه المندوب النقابي (‪. )5‬‬

‫و بالرغم من صعوبة تحديد مفهوم مكان العمل المتميز‪ ،‬فإن اإلجتهاد القضائي الفرنسي عرفه بكونه عبارة عن هيئة تقنية لإلنتاج لها‬
‫ميزانية مادية مستقلة عن المؤسسة و لكنها تابعة لها (‪. )6‬‬

‫من خالل هذا التعريف فإنه يمكن إستخراج معيارين للقول ما إذا كان مكان العمل متميز أم ال ‪ ،‬يتمثالن في‪ :‬اإلستقاللية من جهة و‬
‫عدم اإلستقاللية أو التبعية من جهة أخرى ‪.‬‬

‫أ‌‪ -‬معيار االستقاللية ‪:‬‬


‫من الناحية العضوية ‪ :‬األمر متعلق بتجمع دائم ألدوات العمل و المال و ذلك في مكان معين‪.‬‬

‫من الناحية الوظيفية‪ :‬إن مكان العمل المتميز له إطار عمل خاص به و يستطيع اإلعتماد على‬

‫نفسه في التسيير ‪.‬‬

‫ب‪ -‬معيار التبعية ‪:‬‬

‫من الناحية القانونية‪ :‬إن مكان العمل المتميز ليس له شخصية معنوية ‪.‬‬

‫من الناحية اإلقتصادية‪ :‬حتى و لو كان لمكان العمل المتميز ميزانية خاصة ‪ ،‬فإن ذلك ال يعني إستقاللية تامة عن المؤسسة إذ ميزانيته‬
‫المتحصل عليها تدمج بميزانية المؤسسة ‪.‬‬

‫‪ -3‬غياب شرط عدد العمال ‪:‬‬

‫كل مؤسسة مهما كان عدد عمالها ضئيال أو كثيرا فإن المنظمة النقابية التمثيلية تستطيع إنشاء هيكل نقابي فيها‪ ،‬إذ أن المشرع لم‬
‫يضع حد أدني للعمال يجب توافره في المؤسسة حتى يمكن تأسيس هيكل نقابي بداخله ا ‪.‬‬

‫مالحظة ‪ :‬إن شرط وجوب توافر عدد ‪ 20‬عامل أجير و المنصوص عليه في المادة ‪ 41‬من القانون رقم ‪ 90/14‬يتعلق بالمندوبين‬
‫النقابيين و ليس بالهيكل النقابي ‪.‬‬

‫ـــــــــ‬

‫(‪)5‬قرار صادر عن محكمة النقص الفرنسية بتاريخ ‪. 16/01/85‬‬

‫(‪)6‬أنظر ص ‪ 175‬من المرجع السالف الذكر ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬الشروط الشكلية ‪.‬‬

‫طبقا لنص المادة ‪ 40‬من قانون ‪ 90/14‬فإنه يمكن ألي منظمة نقابية تمثيلية أن تنشيء هيكال نقابيا‪.‬‬

‫إن تأسيس الهيكل النقابي ال يخضع ألي شرط شكلي‪ ،‬إذ من الناحية القانونية تعتبر المنظمة النقابية التي تريد إنشاء الهيكل النقابي‬
‫حرة في إعالم المستخدم أو غيره بذلك‪ ،‬إذ أن المشرع لم يلزمها بأي شكل من أشكال التبليغ كما فعل بالنسبة للمندوبين النقابيين ‪ ،‬فما‬
‫هي إذن المعايير التي تسمح بإثبات وجوده ؟ خاصة و أن مشكلة اإلثبات تطرح في الغالب عند تعيين المندوبين النقابيين و تبليغ‬
‫أسمائهم لصاحب العمل ‪.‬‬

‫فحتى يكون التعيين ساري المفعول يجب أن يكون الهيكل النقابي مؤسس ا فعال ‪.‬‬

‫إن إثبات تأسيس الهيكل النقابي‪ -‬و الذي يقع على عاتق المدعي بإنشاء أي نقابة ‪-‬يمكن أن يكون بكافة الطرق ‪.‬‬

‫في هذا اإلطار ‪ ،‬فإن اإلجتهاد القضائي الفرنسي ذهب إلى إعتبار أن الهيكل النقابي مؤسس قانونا إذا تبين تواجد عمال أجراء في‬
‫المؤسسة إنضموا إلى المنظمة النقابية التي تدعي بتأسيس الهيكل النقابي أو إعتباره في إطار التأسيس و ذلك إذا عبر هؤالء عن‬
‫رغبتهم في التجمع لممارسة نشاط نقابي في المؤسسة (‪ )7‬و ذلك بغض النظر عن عددهم‪ ،‬على أال يقل عن إ ث نين‪ ،‬و عن طبيعة‬
‫أو أهمية النشاط الذي يمارسونه ‪ ،‬لكن تعيين مندوب نقابي ال ينطوي في حذ ذاته على تأسيس الهيكل النقابي ‪ ،‬إذ إنشاء هذا األخير‬
‫يأتي بعد تعيين المندوبين النقابيين و ليس قبلهم ‪.‬‬

‫و مع إنعدام أي نص قانوني يشير إلى وجوب توافر أي شرط شكلي إلثبات إنشاء الهيكل النقابي‪ ،‬و في إنتظار تشكيل إجتهاد قضائي‬
‫وطني لتوضيح الصورة أكثر‪ ،‬فإننا نعتقد أنه كان من األفضل على المشرع أن يقيد تأسيس الهياكل النقابية بشرط شكلي‪ :‬كشرط‬
‫إعالم المستخدم مثال أو شرط اإلشهار ‪ ،‬و ذلك تفاديا ألي نزاعات حول مسألة اإلنشاء طالما أن عملية اإلثبات حتى و لو كانت بكافة‬
‫الطرق فإنها صعبة إن لم نقل مستحيلة ‪.‬‬

‫ـــــــــ‬

‫‪)7‬قرار صادر عن محكمة النقض الفرنسية بتاريخ ‪ 27/06/90‬أنظر ص ‪ 164‬من المرجع السالف الذكر‬
‫(ممارسة الحق النقابي داخل المؤسسة ‪Icon_cool‬قرار منشور م ‪ .‬ق ‪ .‬ع األول لسنة ‪ 1998‬صادر عن المحكمة العليا بتاريخ‬
‫‪ 09/12/97‬تحت رقم ‪. 149274‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬وسائل العمل الممنوحة للهيكل النقابي ‪.‬‬

‫حتى و لو كان الهدف من إنشاء الهياكل النقابية هو ضمان تمثيل المصالح المادية و المعنوية ألعضاء المنظمة النقابية المنشأة‪،‬‬
‫فبالرغم من ذلك فإنها ال تتمتع بالشخصية المعنوية و بالتالي فال تستطيع إبرام العقود و ال اللجوء إلى القضاء كمدعية أو مدعى عليها‬
‫و هذا ما أقرته المحكمة العليا (ممارسة الحق النقابي داخل المؤسسة ‪ Icon_cool‬إذ إعتبرت أن الهيكل النقابي ما هو إال فرع محلي‬
‫للنقابة و ليس له ال أهمية و ال صفة التقاضي‬

‫و ذلك لعدم تمتعه بالشخصية اإلعتبارية ‪.‬‬

‫و لكن حتى و إن كان الهيكل النقابي ال يتمتع بالشخصية القانونية فإ ن المشرع منحه عدة صالحيات لتمكينه من القيام بالمهام الموكلة‬
‫إليه خاصة تلك المتعلقة بتمثيل المصالح المادية والمعنوية‬

‫ألعضائه داخل المؤسسة هذه الصالحيات تتمثل في ‪:‬‬

‫‪ - 1‬حرية اإلعالم ‪:‬‬

‫يجب على صاحب العمل أن يخصص لكل هيكل نقابي داخل المؤسسة لوحة على األقل مغايرة لتلك الموضوعة للجان المشاركة و‬
‫ممثلي العمال‪ ،‬و ذلك إلعالم النقابي وفقا لإلتفاق المبرم مع صاحب العمل إذ ذلك يرجع للتفاوض‪ :‬تحديد عدد اللوحات‪ ،‬شكلها‪،‬‬
‫مساحتها و مكان وضعها ‪.‬‬

‫لكن كيفية و وقت النشر تبقى حرة من إختصاص الهيكل وحده مع وجوب إحترام أوقات الفتح العادية‬

‫للمؤسسة‪ ،‬لكن هل للهيكل الحرية التامة في نشر كل ما يريده دون مراقبة من قبل صاحب العمل ؟‬

‫إن مضمون الوثائق المنشورة توضع بكل حرية من قبل الهيكل النقابي و ذلك تكريسا لمبدأ حرية‬

‫ممارسة الحق النقابي داخل المؤسسة ‪ ،‬بشرط أن يكون المضمون متفق مع الهدف المسطر لها مع إرسال نسخة منها في نفس الوقت‬
‫إلى صاحب العمل إلعالمه بمضمونها‪ ،‬و عليه فليس للمستخدم سلطة المراقبة ال القبلية و ال البعدية على المنشورات النقابية‪ ،‬فإذا ما‬
‫تبين له أن تلك المنشورات تتضمن أحكام مخالفة لهذه النقابة‪ -‬الدفاع عن مصالح و حقوق أعضائها‪ -‬فليس له صالحية نزع ذلك‬
‫المنشور أو حذف جزء منه فإنه بذلك يكون معرض لمتابعة جزائية إلرتكابه مخالفة عرقلة ممارسة الحق النقابي‪ ،‬و نفس الحكم يطبق‬
‫على كل شخص يقوم بذات الفعل ‪.‬‬

‫* فال يبقى أمام من إعتبر مضمون المنشور غير شرعي إال أن يلجأ إلى القاضي اإلستعجالي الذي‬

‫ـــــــــ‬

‫(ممارسة الحق النقابي داخل المؤسسة ‪Icon_cool‬قرار منشور م‪.‬ق‪.‬ع األول لسنة ‪ 1998‬صادر عن المحكمة العليا بتاريخ‬
‫‪ 09/12/97‬تحت رقم ‪. 14927‬‬

‫وحده يستطيع األمر بالنزع الفوري للمنشور ‪ ،‬و ذلك لتفادي الضرر الذي يمكن أن ينجر عن ذلك النشر‪ ،‬و عندما تكون حالة‬
‫اإلستعجال غير متوافرة أي لم تعد هناك فائدة من نزع ذلك المنشور‪،‬‬

‫و بالتالي يكون القضاء العادي هو المختص بالفصل في أصل الحق و يقرر ما إذا كان مضمون المنشور شرعي أم ال‪ ،‬و الحكم‬
‫الصادر في هذه الحالة ينحصر في إلزام المنظمة النقابية التي أسست الهيكل النقابي في تعويض الضرر الناجم ‪.‬‬

‫‪ -2‬حرية توزيع المناشير ‪:‬‬

‫إن المشرع الجزائري لم ينص صراحة على إعتبار توزيع المناشير من صالحيات الهياكل النقابية‪ ،‬لكن بالرغم من ذلك فإنها تعتبر‬
‫من بين أهم وسائل حرية التعبير عن األراء النقابية‪ ،‬و حتى كوسيلة إلعالم العمال عن النتائج المتوصل إليها في اإلجتماعات ‪ ،‬لذلك‬
‫ن أمل أن يستدرك المشرع هذا النقص في التشريع و يدرج هذا الحق ‪ -‬حق توزيع المناشير‪ -‬ضمن صالحيات الهياكل النقابية في‬
‫قانون العمل ‪.‬‬

‫و بالرغم من عدم ورود نص ينظم كفية توزيع المناشير داخل المؤسسة فإنه يمكن أن يكون ذلك خاضع للتفاوض ما بين المنظمات‬
‫النقابية و صاحب العمل ‪،‬إذ يمكنها اإلتفاق حول حرية الهيكل النقابي في ممارسة حق توزيع المناشير داخل المؤسسة‪ ،‬طريقة و وقت‬
‫و أماكن توزيعها ‪.‬‬

‫و على العموم فإن توزيع المناشير داخل المؤسسة يعتبر نتيجة لحرية ممارسة الحق النقابي وذلك‬

‫بشرط أن يكون محتواها مطابق لنشاط المنظمة النقابية و للهدف الذي تصبو إلى تحقيقه‪ ،‬و إذا ما الحظ المستخدم أن تلك المناشير‬
‫تتضمن أحكام مخالفة للغرض الذي أسست ألجله المنظمة النقابية أو تم توزيعها خارج أماكن و أوقات العمل المتفاوض بشأنهما فإنه‬
‫يمكنه اللجوء إلى القضاء لطلب التعويض عن األضرار الالحقة به و لتنفيذ اإللتزامات المتعاقد عليها‪.‬‬

‫‪ -3‬حرية عقد اإلجتماعات ‪:‬‬

‫بإمكان كل هيكل نقابي‪ ،‬عندما يريد ذلك‪ ،‬أن يعقد إجتماعا داخل المؤسسة و بالذات في األماكن المحددة لذلك الغرض ‪- ،‬مع مالحظة‬
‫أن القانون يشترط في حالة كون المنظمة النقابية تضم ‪ 150‬عضو أو أكثر‪ -‬أن يضع صاحب العمل تحت تصرفها محال مالئما لعقد‬
‫اإلجتماعات فيه‪ ،‬أما إذا لم يكن عدد األعضاء مساويا للقيمة المذكورة فإن أمر تحديد مكان اإلج ت ماعات يرجع إلى التفاوض بين‬

‫المنظمة النقابية و المستخدم ‪ ،‬ذلك ألن هذا األخير يعتبر مسؤول عن تسهيل عملية عقد اإلجتماعات بوضعه الوسائل الضرورية لذلك‬
‫‪.‬‬

‫حتى و لو لم ينص المشرع على ذلك صراحة‪ ،‬فإنه و لضمان حسن سير العمل النقابي‪ ،‬فيجب أن تعقد اإلجتماعات خارج أوقات‬
‫العمل و تاريخ تحديدها يرجع إلى الحرية التامة للهيكل النقابي‪ ،‬و على العموم فإن ذلك يرجع تنظيمه إلى التفاوض الجماعي بإعتبار‬
‫حرية عقد اإلجتماعات يترجم عقدها داخل المؤسسة على أنه حرية ممارسة الحق النقابي ‪.‬‬

‫األصل أن تعقد اإلجتماعات ما بين أعضاء الهيكل النقابي ‪ ،‬لكن ما الحكم لو أراد المستخدم حضورها ؟‬

‫إن الفائدة المرجوة من عقد تلك اإلجتماعات هو دراسة المشاكل التي تحيط باألعضاء داخل المؤسسة و باألخص ظروف العمل‪ ،‬و‬
‫على العموم بأمور ال يجوز أن يكون المستخدم حاضرا عند مناقشتها‪ ،‬و ذلك دائما لتسهيل ممارسة الحق النقابي ‪ ،‬غير أنه في حالة‬
‫ما إذا طلب صاحب العمل حضور إجتماع ما فإن قبوله أو رفضه يرجع إلى الحرية التامة للهيكل النقابي ‪.‬‬

‫إذا كان حضور صاحب العمل لإلجتماعات التي يعقدها الهيكل النقابي داخل المؤسسة ممنوع بحسب األصل‪ ،‬فما الحكم المترتب عن‬
‫حضور أشخاص آخرين من الغير لتلك اإلجتماعات ؟‬

‫و هل شروط و ظروف توجيه الدعاوى للغير للحضور خاضع لضرورة إعالم المستخدم بها و لقبوله أم ال ؟‬

‫في هذا اإلطار‪ ،‬و مع غموض النص‪ ،‬فإنه من األفضل أن يرجع أمر تحديد ذلك إلى التفاوض ما بين صاحب العمل و المنظمة‬
‫النقابية ‪.‬‬

‫نشير فقط إلى أن اإلجتهاد القضائي الفرنسي فرق ما بين اإلجتماعات المنعقدة داخل المحالت النقابية أو خارجها ‪ ،‬و كون األشخاص‬
‫المدعوة تتمتع بالصفة النقابية أم ال‪ ،‬فإذا كان المدعوون نقابيين فإن موافقة المستخدم على دعوتهم غير ضرورية إذا عقد اإلجتماع‬
‫داخل المحل النقابي‪ ،‬إما إذا عقد ه خارجه فيجب الحصول على موافقة المستخدم و نفس اإلجراء إذا كان المدعوون غير نقابيين (‪)9‬‬

‫ـــــــــ‬

‫(‪L’employeur qui refuse l’accès de l’entreprise à une personnalité syndical extérieur commit un )9‬‬
‫‪délit d’entrave. (cassation crime de France 11 mai 1989‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬األحكام الخاصة بالمندوبين النقابيين ‪.‬‬


‫هل عند إنشاء الهيكل النقابي داخل المؤسسة يتم تعيين المندوبين النقابيين مباشرة‪ ،‬أم أن ذلك ليس بالضرورة‪ ،‬أي هل من الممكن أن‬
‫يؤسس الهيكل النقابي دون إمكانية تعيين المندوبين النقابيين ؟ وهل خص المشرع هؤالء ‪-‬لتأديتهم المهام الموكلة لهم على أحسن‬
‫وجه‪ -‬بحماية خاصة ؟‬

‫إجابة عن هذه التساؤالت قسمنا هذا المطلب إلى ثالثة فروع األول تناولنا فيه شروط تعيين المندوبين النقابيين و الثاني تطرقنا فيه‬
‫إلى صالحياتهم و الثالث إلى النظام القانوني الذي يخضعون له ‪.‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬شروط تعيين المندوبين النقابيين ‪.‬‬

‫إن تعيين المندوبين النقابيين يخضع إلى عدة شروط موضوعية و شكلية تتمثل فيما يلي ‪:‬‬

‫أوال‪ :‬الشروط الموضوعية ‪:‬‬

‫هاته الشروط منها ما يتعلق بالمندوب النقابي ‪ ،‬و منها ما يتعلق بعدد العمال داخل المؤسسة ‪:‬‬

‫‪ -1‬الشروط المتعلقة بعدد العمال داخل المؤسسة‪:‬‬

‫إن الجهة التي يؤول لها إختصاص تعيين المندوبين النقابيين هي الهياكل النقابية و ذلك طبقا للمادة ‪ 41‬من القانون رقم ‪ 90/14‬التي‬
‫تنص على " يعين الهيكل النقابي المذكور في المادة ‪ 40‬أعاله من بينه المندوب أو المندوبين النقابيين المكلفين بتمثيلية لدى‬
‫المستخدم ‪ ،‬في الحدود و النسب التالية‪:‬‬

‫‪ -‬من ‪ 20‬إلى ‪ 50‬عامل أجير ‪ :‬مندوب واحد ‪.‬‬

‫‪ -‬من ‪ 51‬إلى ‪ 150‬عامل أجير ‪ :‬مندوبان ‪.‬‬

‫‪ -‬من ‪ 151‬إلى ‪ 400‬عامل أجير ‪ 3 :‬مندوبين ‪.‬‬

‫‪ -‬من ‪ 401‬إلى ‪ 1000‬عامل أجير ‪ 5 :‬مندوبين ‪.‬‬

‫‪ -‬من ‪ 1001‬إلى ‪ 4000‬عامل أجير ‪ 7 :‬مندوبين ‪.‬‬

‫‪ -‬من ‪ 4001‬إلى ‪ 16000‬عامل أجير ‪ 9 :‬مندوبين ‪.‬‬

‫‪ -‬أكثر من ‪ 16000‬عامل أجير ‪ 13 :‬مندوبين ‪.‬‬

‫نستخلص مما سبق أنه حتى يستطيع الهيكل النقابي تعيين المندوبين النقابيين فيجب أال يقل عدد عمال المؤسسة عن ‪ 20‬عامل ‪ ،‬فإن‬
‫كانت المؤسسة تشغل أقل من ذلك العدد فإن تمثيل العمال األجراء لضرورة التفاوض الجماعي و الوقاية من نزاعات العمل الجماعية‬
‫و تسويتها يكون من إختصاص ممثل واحد يتم إنتخابه مباشرة من مجموع العمال ‪.‬‬

‫و يدخل في إطار حساب عدد العمال كل الذين تربطهم عالقة عمل بالمؤسسة أي كل األشخاص الذين يؤدون عمال يدويا أو فكريا‬
‫مقابل أجر‪ ،‬لحساب شخص معنوي عمومي أو خاص يدعي المستخدم ‪،‬‬

‫و ذلك سواء كانوا يرتبطون بالمؤسسة بعالقة عمل غير محددة المدة أو محددة المدة أو حتى العاملون بالتوقيت الجزئي و الذين‬
‫يتمتعون بنفس الحقوق القانونية و المتفق عليها التي يتمتع بها العمال‬

‫المشتغلون بالتوقيت الكامل (‪. )10‬‬

‫‪ -2‬الشروط المتعلقة بالمندوب النقابي‪:‬‬

‫ال يمكن تعيين كمندوب نقابي أي شخص (عامل بالمؤسسة)‪ ،‬إذ أن المشرع قيد ذلك بشروط واردة على سبيل الحصر في المادة ‪44‬‬
‫من القانون ‪ ،90/14‬تتمثل تلك الشروط في السن‪ ،‬األقدمية‬

‫و تمتع المندوب بالحقوق المدنية و الوطنية ‪.‬‬

‫أ‌‪ -‬الـسـن ‪:‬‬


‫حتى يجوز تعيينه كمندوب نقابي يجب أن يكون العامل بالغا ‪ 21‬سنة كاملة يوم تعيينه (‪ )11‬فإذا ما تم تعيين عامل لم يبلغ بعد هاته‬
‫السن‪ ،‬فإنه يجوز لكل ذي مصلحة ال سيما صاحب العمل أن يطلب من القضاء سحب صفة المندوب النقابي عن ذلك العامل‪.‬‬

‫ب‌‪ -‬األقـدمــية‪)12( :‬‬

‫حتى يعين كمندوب نقابي يجب أن يكون العامل قد إشتغل داخل المؤسسة لمدة سنة على األقل فال يمكن للمنظمة النقابية أن تعين‬
‫كمندوب نقابي لها من ال ي ربطه بالمؤسسة عقد عمل سواء كان هذا األخير مبرم لمدة محددة أو غير محددة لتوقيت كلي أو جزئي‪،‬‬
‫و كذا بغض النظر عن رتبة العامل المهنية ‪ ،‬إذ يمكن تعيين أي عامل بشرط أن تكون له عالقة تبعية سواء بالمؤسسة أو بالمقاولة أو‬
‫باإلدارة العمومية حسب الحالة‪ ،‬و السؤال المطروح هنا هو هل يمكن تعيين القائمين باإلدارة كمندوبين نقابيين ؟‬

‫ـــــــــ‬

‫(‪ )10‬أنظر المادة ‪ 09‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 473 .97‬المؤرخ في ‪ 08/12/97‬المتعلق بالعمل بالتوقيت الجزئي‪.‬‬

‫(‪ )11‬أنظر المادة ‪ 44‬من القانون ‪ 90/14‬و المتعلق بكيفيات ممارسة الحق النقابي و الصادر بتاريخ‪. 02/06/90‬‬

‫(‪ )12‬ورد خطأ بالمادة ‪ 44‬من القانون ‪ 90/14‬إذ نص على " ‪ ...‬يوم إنتخابه ‪ "...‬إن اإلنتخاب يخص ممثلي العمال أما المندوب‬
‫النقابي فيعين و ال ينتخب‪ ،‬فالكلمة الصحيحة إذن هي ‪ :‬يوم تعيينه" ‪.‬‬

‫إن المشرع لم يحدد صفة العامل و منصب العمل الذين يجب توافرهما في المندوب النقابي إذ ترك المجال مفتوحا أمام كل العمال و‬
‫كذا أمام كافة المناصب بما في ذلك القائمين باإلدارة ‪.‬‬

‫و في إنتظار صدور قرارات من المحكمة العليا‪ ،‬فإنني أعتقد أنه طالما غالبا ما يكونوا القائمين باإلدارة تابعين للمستخدم إذ يتخذون‬
‫القرارات بإسمه و يمثلونه أمام مجموع العمال لدرجة أن صفتهم تختلط بصفة صاحب العمل‪ ،‬لذلك فإنه من األجدر إبعادهم عن‬
‫التمثيل النقابي ‪.‬‬

‫يثورهنا تساؤل آخر حول إمكانية وجود عالقة قرابة بين العمال و صاحب العمل فهل هذا يعتبر عائق لتعيينهم كمندوبين نقابيين ؟‬

‫نقول هنا و إعتمادا على مبدأ ‪ :‬كل ما هو غير ممنوع القيام به قانونا فهو مباح و إعتبارا أن المشرع لم يمنع تعيين العمال الذين‬
‫تربطهم عالقة قرابة بالمستخدم كمندوبين نقابيين فإن ذلك يرجع إلى النقابة إذا رأت أنه ال يلحقها أي ضرر فلها أن تعين أحد أقارب‬
‫صاحب و ذلك مهما كانت درجة قرابته ‪.‬‬

‫أشارت المادة ‪ 44‬إلى عبارة "أقدمية ال تقل عن سنة" فهل كان المشرع يقصد من ذلك تأدية العمل الفعلي من قبل العامل ‪ -‬حتى‬
‫يمكن تعيينه كمندوب نقابي‪ -‬لمدة سنة على األقل ‪ ،‬و هل يجب أن تبقى عالقة العمل قائمة بين المستخدم و العامل أ ‪ ،‬م أنه يكفي أن‬
‫يكون العامل قد أدى فعال عمال لفائدة المستخدم لمدة ال تقل عن سنة ثم إنقطعت تلك العالقة ألي سبب من األسباب ؟ إضافة إلى ذلك‬
‫فهل يجب أن يكون العمل المؤد ى لمدة سنة يجب أن يكون مستمر لكامل تلك المدة ؟‬

‫إن نص المادة جاء غامضا و لم يتطرق إلى كل تلك التساؤالت‪ ،‬و عليه و لإلجابة عليها يجب أن تتطرق إلى الفائدة المرجوة من‬
‫إشتراط تلك المدة‬

‫إن الفائدة العملية من إشتراط تأدية المندوب النقابي لعمل داخل المؤسسة أو المقاولة أو الهيئة أو اإلدارة العمومية لمدة سنة على األقل‬
‫هي إفتراض كونه على إطالع أكبر بواقع المؤسسة و بمشاكل العمال الذين سيمثلهم‪ ،‬و حتى يكون تحقيق هذا الهدف قائم فيجب أن‬
‫يبقى المندوب على عالقة مستمرة بالهيئة المستخدمة ‪ ،‬و عليه فإن تعليق عالقة العمل ألي سبب من األسباب كحالة اإلنتداب ‪ ،‬أداء‬
‫الخدمة الوطنية أو اإلحالة على البطالة التقنية ‪ ،‬ففي كل هذه الحاالت عالقة العمل بين العامل‬

‫و صاحب العمل تعلق و لمدة طويلة أو على األقل لمدة ال يمكن تقديرها و بالتالي فال يمكن تعيينه كمندوب نقابي‪ .‬في حين فإن تعليق‬
‫عالقة العمل لحالة مرضية و لمدة معينة ال تمنع ذلك ‪.‬‬

‫هذا من جهة ‪ ،‬و من جهة أخرى هل العمل المؤدي لمدة سنة على األقل يجب أن يكون مستمر أم أنه يكفي توافر هذه المدة حتى و لو‬
‫كانت العالقة يشوبها تقطع ؟ فهل حساب األقدمية يكون مرتبط بعقد عمل وحيد أم أنه يتعداه إلى أكثر من ذلك ؟‬
‫بما أن المشرع لم يستثن حالة عقود العمل المحددة المدة‪ ،‬فإنه يمكن جمع عدة عقود للحصول على المدة المقررة قانونا‪ ،‬لكن في هذه‬
‫الحالة فإنه يمكن أن يثور مشكل الفارق الزمني بين العقد األول و العقد الثاني‪ ،‬فما هو مقدار المدة الزمنية التي يجب أن ال يتعداها‬
‫إبرام العقد الثاني ؟‬

‫هنا أيضا ال يوجد حل قانوني و ال قضائي على األقل نستطيع القول أنه حتى يبقى العامل على إطالع بواقع المؤسسة فيجب أال يكون‬
‫الفارق بين إبرام العقدين طويل ‪.‬‬

‫مثال ‪ :‬عامل إرتبط مع المؤسسة بعقد عمل محدد المدة يبدأ سريانه من تاريخ‪ 01/01/2005‬إلى غاية ‪ 30/04/2005‬ثم أبرمت‬
‫معه نفس المؤسسة عقد عمل آخر و ذلك بتاريخ ‪ ،01/07/2005‬و بتاريخ‬

‫‪ 30/03/2006‬تم تعيينه كمندوب نقابي ‪.‬‬

‫إن شرط أقدمية العمل في المؤسسة المقررة من قبل المشرع متوافر في قضية الحال و ذلك بجمع مدة العمل المؤد ى في العقد األول‬
‫و هي ‪ 04‬أشهر و مدة العمل الثانية المتمثلة في ‪ 9‬أشهر ف ‪ 13 = 9+4 :‬شهر ‪.‬‬

‫ج – التمتع بالحقوق الوطنية و المدنية ‪:‬‬

‫لكي يمكن تعيينه كمندوب نقابي يجب أن يكون العامل متمتع بحقوقه المدنية و الوطنية ال سيما حق اإلنتخاب و الترشيح و كذا تمتعه‬
‫بكامل أهلية األداء ‪ ،‬و بالتالي فال يجب تعيين (‪ )13‬من حرم من حق اإلنتخاب أو الترشيح و كذا عديم األهلية ألن يكون مساعدا مح‬
‫لفا أو أخبيرا أو شاهدا على أي عقد أو أمام القضاء أو أن يكون وصيا أو ناظرا و كذا المحروم من حق حمل األسلحة و التدريس و‬
‫من إدارة مدرسة أو يستخدم في مؤسسة للتعليم بوصفه أستاذا أو مدرسا أو مراقبا‪ ،‬و كذا المحروم من حق اإلقامة كمندوب نقابي ‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الشروط الشكــلـيـة ‪.‬‬

‫بادئ ذي بدء يجب تصحيح خطأ وارد في المادة ‪ 45‬من القانون رقم ‪ 90/14‬إذ وردت سهوا عبارة " التي تعقب إنتاخبهم" بدال من‬
‫"تعقب تعيينهم" ذلك ألن المندوبين النقابيين يعينون و ال ينتخبون‬

‫إضافة إلى الشروط الموضوعية الواجب توافرها لتعيين المندوبين النقابيين إشترط القانون شرط شكلي يتمثل في ضرورة تبليغ‬
‫المستخدم و مفتش العمل بلقب و إسم المندوب أو المندوبين النقابيين‬

‫و ذلك خالل أجل ال يتعدى ‪ 8‬أيام من تعيينهم ‪.‬‬

‫ـــــــــ‬

‫(‪ )13‬أنظر المادة ‪ 08‬من قانون العقوبات ‪.‬‬

‫ففي ماذا تتمثل وسائل اإلعالم و ماهو الجزاء المترتب عن عدم إحترام األجل المحدد قانونا ؟‬

‫إن المشرع لم يحدد الوسائل التي بواسطتها يتم تبليغ المستخدم أو مفتش العمل بألقاب و أسماء المندوبين النقابيين‪ ،‬و بالتالي ترك‬
‫المجال مفتوحا للهيكل النقابي أو للمنظمة النقابية إلختيار الوسيلة التي تراها أنسب للتبليغ حتى شفاهة‪ ،‬لكن تجنبا إلنكار المستخدم‬
‫بتبليغه بألقاب المندوبين ‪ ،‬و نظرا لكون عبئ اإلثبات هنا يقع على عاتق الهيكل النقابي أو النقابة فإنه من األحسن أن يتم التبليغ عن‬
‫طريق رسالة مضمنة الوصول مع اإلشعار باإلستالم‪ ،‬أو عن طريق رسالة مسلمة شخصيا مع إستالم‬

‫وصل عن ذلك ‪.‬‬

‫و إذا كانت المؤسسة مقسمة إلى أماكن عمل متميزة و تم تعيين مندوبين نقابيين في تلك األماكن‪ ،‬فإن تبليغ قوائم أسماء و ألقاب‬
‫المندوبين‪ ،‬يتم أمام مسؤول المؤسسة و كذلك مسؤولي تلك األماكن ‪.‬‬

‫إن تعيين المندوبين النقابيين ال يكون نافذا في مواجهة المستخدم و ال مفتش العمل إال عند تبليغهما بذلك خالل ‪ 8‬أيام من تار ي خ‬
‫التعيين‪ ،‬يثار هنا التساؤل حول الجزاء المترتب عن عدم إحترام ذلك األجل و قيام الهيكل بالتبليغ بعد مرور شهر مثال من تاريخ‬
‫التعيين ؟‬

‫قبل الجواب عن هذا التساؤل يجب التأكد أوال من الهدف من وضع ذلك األجل و من كونه يتعلق بالنظام العام أم ال ؟‬
‫باإلطالع على نص المادة ‪ 45‬المذكورة سلفا فإنه يتجلى لنا أن الهدف من وضع أجل ‪ 8‬أيام يتمثل في كونه وسيلة إلعالم المستخدم‬
‫في أجل قصير نوعا ما بقائمة المندوبين النقابيين ‪ ،‬و أن هذا األجل مقرر لمصلحة المستخدم و بالتالي ال يعتير من النظام العام ‪ ،‬فإذا‬
‫ما ثار نزاع حول عدم تبليغ المستخدم بتلك القائمة خالل تلك المدة فإن المحكمة تقضي بإلغائها و ذلك إلخالل الهيكل النقابي‬
‫باإللتزامات الملقاة على عاتقه ‪.‬‬

‫سبقت اإلشارة إلى أن الغاية من تبليغ المستخدم بقائمة أسماء و ألقاب المندوبين النقابيين هي إطالعه عليها‪ ،‬و هذا ما يمكنه من‬
‫مراقبة كون الشروط الواجب إحترامها ‪ -‬سواء تلك المتعلقة بعدد العمال في المؤسسة أو المتعلقة بالعامل في حذ ذاته كوجوب بلوغه‬
‫سن ‪ 21‬سنة و أن تكون له أقدمية ال تقل عن السنة‪ -‬متوافرة‪ ،‬فإذا ما تبين له أنها غير متوافرة فله أن يطعن في تلك القائمة أمام‬
‫القضاء اإلجتماعي الذي له أن يحكم بإلغائها إذا ما تبين له أن إجراءات التعيين كانت مخالفة للقانون‪.‬‬

‫في األخير نشير إلى أن المشرع قصر تبليغ أسماء و ألقاب المندوبين النقابيين على صاحب العمل و مفتش العمل فقط‪ ،‬و نعتقد أن‬
‫كان من األجدر به أن ينص أيضا على وجوبية إعالم العمال األجراء بذلك‪.‬‬

‫و لكن حتى و لو لم يرد نص صريح بذلك‪ ،‬فإنه من المفيد و من الالزم أن يكون العمال على علم بأسماء المندوبين الذين سيمثلونهم‬
‫مستقبال أمام الهيئة المستخدمة‪ ،‬و على ذلك فإنه يجب على الهيكل النقابي أن يبلغ العمال بقائمة المندوبين سواء عن طريق التعليق أو‬
‫أي وسيلة أخرى‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬صالحيات المندوبين النقابيين ‪.‬‬

‫بعد قراءة أولية لألحكام المتعلقة بالمندوبين النقابيين و بالقانون المتعلق بكيفيات ممارسة الحق النقابي و حتى القانون رقم ‪90/11‬‬
‫خاصة الباب السادس منه (‪ )14‬نالحظ أن المشرع لم يبين المهام‬

‫و الصالحيات التي يمكن للمندوب النقابي القيام بها‪ ،‬و هنا نتساءل عن الفائدة من تخصيص فصلين‬

‫كاملين متضمنين أحكام لتسهيل عملهم و أخرى لحمايتهم من أي ضغط يمارس عليهم من قبل المستخدم ؟‬

‫فمن جهة نص المادة ‪ 46‬من القانون رقم ‪ 90/14‬على أنه "يحق للمندوبين النقابيين التمتع بعيش ساعات في الشهر مدفوعة األجر‬
‫كوقت عمل فعلي و ذلك لممارسة مهمتهم النقابية‪ ،‬و من جهة أخرى نصت المادة ‪ 53‬من نفس القانون على أنه ‪" :‬ال يجوز للمستخدم‬
‫أن يسلط على أي مندوب نقابي ‪ ،‬بسبب نشاطاته النقابية عقوبة العزل أو التمويل أو عقوبة تأديبية كيفما كان نوعها" فما جدوى وضع‬
‫نظام حماية لفئة ما‪ ،‬و ذلك لتسهيل القيام بمهامها بكل حرية دون تحديد تلك المهام ؟‬

‫حسب رأيي إنه من غير المنطقي تخصيص كل تلك األحكام‪ -‬المتعلقة بالمندوبين النقابيين‪ -‬دون أن تكون لهم مهام داخل المؤسسة‪:‬‬
‫هنا يوجد تحليلين ‪:‬‬

‫* التحليل األول ‪:‬‬

‫بالرجوع إلى األحكام الخاصة بالقانون ‪ )15( 90/02‬فإنه يجب على المستخدم و ممثلي العمال عقد إجتماعات دورية لدراسة‬
‫وضعية العالقات اإلجتماعية و المهنية و ظروف العمل العامة داخل الهيئة المستخدمة‪ ،‬و لقد أعطت الفقرة الثانية من المادة ‪ 4‬من‬
‫نفس القانون تفسيرا لممثلي العمال إذ أشارت إلى أن عبارة ممثلي العمال تدل على الم م ثلين النقابيين للعمال أو‬

‫للمثلين الذين ينتخبهم العمال في حالة عدم وجود الممثلين النقابيين ‪.‬‬

‫ـــــــــ‬

‫(‪ )14‬أنظر المواد من ‪ 114‬إلى ‪ 134‬من القانون رقم ‪ 90/11‬السالف الذكر و خاصة بالتفاوض الجماعي‪.‬‬

‫(‪ )15‬أنظر المادة ‪ 04‬من القانون رقم ‪ 90/02‬الصادر بتاريخ ‪ 06/02/90‬و المتعلق بالوقاية من النزاعات الجماعية في العمل و‬
‫تسويتها و ممارسة حق اإلضراب‪.‬‬

‫فماذا يقصد المشرع بعبارة "الممثلين النقابيين للعمال" ؟‬

‫إن المادة الرابعة السالفة الذكر أوكلت مهمة الوقاية من النزاعات الجماعية للممثلين النقابيين و في حالة عدم وجودهم فإنها أوكلت تلك‬
‫المهمة لممثلين منتخبين من قبل العمال‪.‬‬
‫يفهم من ذلك أن الممثلين النقابيين المذكورين أوال ال يكونوا منتخبين و لكنهم معينين‪ ،‬إضافة إلى أنه مفترض تواجدهم المستمر في‬
‫المؤسسة‪ ،‬في حين أن الممثلين المذكورين ثانيا يكونوا منتخبين‪ ،‬و إنتخابهم يتم لغرض عقد اإلجتماعات مع المستخدم لتسوية‬
‫النزاعات الجماعية ‪.‬‬

‫إذن‪ ،‬فأول ما يمكن مالحظته هو أن المشرع فرق بين نوعين من الممثلين‪ :‬ممثلين نقابيين و ممثلين منتخبين من قبل العمال و هاذين‬
‫النوعين من الممثلين أطلق عليهما تسمية ممثلي العمال ‪.‬‬

‫و ثاني مالحظة هي أن الممثلين النقابيين يكونوا معينيين في حين أن الممثلين األخرين يكونوا منتخبين من قبل العمال‪ ،‬و من المعلوم‬
‫أن الممثلين النقابيين الغير المنتخبين و الذين يكونوا معينين في المؤسسة هم المندوبين النقابيين ‪.‬‬

‫* التحليل الثاني ‪:‬‬

‫و بالرجوع إلى المادة ‪ 42‬من نفس القانون فإن المشرع نص على أنه في حالة عدم توافر منظمة نقابية تمثيلية أو هيكل نقابي داخل‬
‫المؤسسة فإن تمثيل العامل لضرورة التفاوض الجماعي‬

‫و الوقاية من النزاعات الجماعية في العمل و تسويتها يكون من قبل ممثل ي ن ينتخبهم مجموع العمال‪ ،‬و أبعد من ذلك فإنه حتى عند‬
‫تواجد هيكل داخل المؤسسة تشغل أقل من ‪ 20‬عامل (أي إستحالة تعيين مندوب نقابي) فإن تمثيل العمال للتفاوض الجماعي و للوقاية‬
‫من النزاعات الجماعية في العمل وتسويتها‬

‫يكون من قبل ممثل منتخب ‪.‬‬

‫يستخلص من القراءة المخالفة للمادة ‪ 42‬السالفة الذكر أنه عندما تتوافر في المن ظم ة النقابية الشروط المنصوص عليها في المادة‬
‫‪ 35‬و ما بعدها و المتعلقة بالتمثيلية إضافة إلى توافر شروط إنشاء الهياكل النقابية و شروط تعيين المندوبين النقابيين ال سيما تلك‬
‫المتعلقة بتوافر الحد األدنى من العمال داخل المؤسسة (‪ 20‬عامل على األقل) فإن مهمة التفاوض الجماعي و تسوية النزاعات‬
‫الجماعية تسند إلى ممثل نقابي‪.‬‬

‫بربط التحليلين السالفي الذكر فإنه يمكن أن نستخلص أن المهام الموكلة إلى المندوبين النقابيين هي التفاوض و الوقاية من النزاعات‬
‫الجماعية في العمل و تسويتها‪.‬‬

‫إن ما يدعم النتيجة المتوصل إليها هي أنه من الناحية العملية فإن المنظمات النقابية في تأديتها لمهامها تحاول دائما اإلستفادة من نظام‬
‫الحماية الخاص با لمندوبين النقابيين‪ ،‬فإذا ما أوكلت مهمة التفاوض الجماعي مثال لممثل آخر غير المندوب النقابي فإنه ال تطبق عليه‬
‫األحكام الواردة في الفصلين الثاني و الثالث من الباب الرابع من القانون رقم ‪ 90/14‬و المتعلقين بالتسهيالت الممنوحة للمندوبين‬
‫النقابيين و بالحماية المقررة لهم أثناء ممارستهم لنشاطاتهم النقابية ‪ ،‬فذلك الممثل ال تمنح له مدة العشر ساعات و يمكن للمستخدم أن‬
‫يباشر ضده إجراء تأديبي دون إتخاذ التدابير المنصوص عليها قانونا‬

‫الفرع الثالث ‪ :‬النظام القانوني الذي يخضعون لهم ‪.‬‬

‫أوال‪ :‬األحكام المتعلقة بالتسهيالت المقررة لهم ‪.‬‬

‫لضمان حسن تأدية المهام النقابية الموكلة لهم فإن المشرع منح المندوبين النقابيين مدة ‪ 10‬ساعات في الشهر مدفوعة األجر و‬
‫إعتبرها كوقت عمل فعلي ‪ ،‬و ال يدخل في حساب تلك الساعات الوقت الذي يقضيه المندوب النقابي في اإلجتماعات التي يستدعي‬
‫إليها بمبادرة من المستخدم ‪.‬‬

‫إن الوقت الذي يقضيه المندوب في األعمال التي تكون بمبادرة منه فقط هي التي تحتسب‪ ،‬ولقد ذهب المشرع إلى أبعد من ذلك و‬
‫إعتبر أن المدة التي يقضيها المندوب في اإلجتماعات التي يحضرها بطلب منه و يقبلها المستخدم ال تدخل في حساب العشر ساعات ‪.‬‬

‫إن كيفية إستخدام تلك الساعات يكون من إختصاص المندوب وحده إذ يمكنه أن يستعملها دفعة واحدة أو يوزعها على فترات خالل‬
‫الشهر و ذلك بحسب إحتياجات أعماله النقابية غير أنه إذا لم يستعمل كل تلك الساعات أو البعض منها فإنه ال يمكن تأجيل إستعمالها‬
‫للشهر المقبل ‪.‬‬
‫إضافة إلى ذلك فإنه يمكن للمندوبين النقابيين أن يجمعوا أو يقتسموا فيما بينهم مجموع حساب الساعات الشهرية الممنوحة إياهم ‪،‬‬
‫شريطة موافقة المستخدم‪ ،‬إن هذا الشرط قد يؤدي إلى عرقلة حرية ممارسة الحق النقابي فيمكن لصاحب العمل أن يتعسف في‬
‫استعمال هذا الحق و يرفض جمع‬

‫و إقتسام الساعات بين المندوبين ‪ ،‬و عليه فإنه كان يستحسن أن ينص فقط على وجوبية إعالن المستخدم بنية المندوبين بجمع و‬
‫إقتسام الساعات الممنوحة لهم قانونا ‪.‬‬

‫فحتى يستطيع المندوب النقابي تأدية المهام الموكلة إليه فإن المشرع منحه مدة ‪ 10‬ساعات كل شهر مدفوعة األجر و إعتبرها مدة‬
‫عمل فعلي للمندوب حق إستخدامها سواء أثناء وقت العمل أو خارجه و بما أن نص المادة ‪ 53‬من القانون ‪ 90/11‬يقضي بأنه ال‬
‫يمكن أن يتقاضى العامل أجر عن فترة لم يعمل فيها مهما تكن وضعيته في الترتيب السلمي ما عدا في الحاالت التي ينص عليها‬
‫القانون و بما أن المندوب النقابي في إستخدامه للعشر ساعات‪ -‬و ذلك سواء أثناء وقت العمل أو خارجه‪ -‬فإنه في الحقيقة ال يؤدي‬
‫بذلك عمل ا لفائدة المؤسسة أي ال تكون عالقة التبعية متوافرة بينه و بين صاحب العمل و إنما يؤدي عمل لفائدة المنظمة النقابية التي‬
‫يعتبر مندوبا عنها ‪ ،‬و هذا ما يجعل عمله هذا ال يقابله أجر طبقا للقاعدة العامة ‪.‬‬

‫و خروجا عن تلك القاعدة نص المشرع في المادة ‪ 46‬من القانون ‪ 90/14‬على أن تلك المدة تعتبر كوقت عمل فعلي و يقابلها أجر و‬
‫عليه فيجب على المستخدم أن يدفع للمندوب النقابي أجر مقابل الساعات التي لم يؤد ى فيها عمل لصالحه و لكن إستخدمها للنشاط‬
‫النقابي‪.‬‬

‫إن قيمة الساعات العشر تحدد بنفس قيمة الساعات التي كان من المفروض قد عمل فيها المندوب‪ ،‬فإذا كان إستخدامها أثناء وقت‬
‫العمل العادي فإن األجر الذي يقابلها يجب أن يكون مساويا لألجر المقابل لساعات العمل العادية‪ ،‬و إذا كان إستخدامها أثناء الساعات‬
‫اإلضافية أو أثناء الليل فإن األجر المقابل يجب أن يأخد بعين اإلعتبار الزيادة التي ال تقل بأي حال من األحوال عن ‪ ℅ 50‬من‬
‫األجر العادي للساعة الواحدة‪ ،‬هذا بالنسبة للساعات اإلضافية ‪ ،‬أما بالنسبة للعمل فإن المستخدم ملزم ب دفع أجرة تقدر قيمتها‬
‫بساعات العمل العادية ‪.‬‬

‫لعل أهم وسيلة يمكن أن يستخدمها المندوب النقابي لتسهيل تأدية مهامه النقابية هي حرية تنقله داخل المؤسسة المستخدمة و حرية‬
‫إتصاله بالعمال حتى أثناء قيامهم بالعمل‪ ،‬و ذلك للوقوف على المشاكل التي يعانيها هؤالء و على ظروف العمل بصفة عامة‪ ،‬و‬
‫بالتالي فإن دفاعه عن المصالح المادية و المعنوية للعمال األجراء الذين تعطيهم القوانين األساسية للمنظمة النقابية التي ينضمون لها‬
‫يكون مبني على الواقع المعاش فعال داخل المؤسسة‪ ،‬و بالرغم من ذلك فإن القانون الجزائري لم ينص على هذه الوسيلة و لم يتعرض‬
‫لها اإلجتهاد القضائي ‪.‬‬

‫إال أنه حتى و لو لم ينظم المشرع نظام حرية تنقل المندوب النقابي داخل الهيئة المستخدمة و في مواقع العمل ‪ ،‬فإنه من الممكن‬
‫إعتبار ذلك جائز قانونا لما دامت الغاية من تنقله داخل المؤسسة يكون في إطار تسهيل تأديته لمهامه النقابية و المتمثلة في الدفاع عن‬
‫المصالح المادية و المعنوية للعمال األجراء فذلك الدفاع ال يكون مؤسس و ال منتج إال إذا كان مبني على المعرفة الميدانية للمشاكل‬
‫التي يعانيها العمال ‪.‬‬

‫و بما أن المشرع إفترض أن الساعات العشر الممنو ح ة للمندوب النقابي قد تم إستغاللها للعمل النقابي فعال‪ ،‬فإذا ما ثار نزاع حول‬
‫ذلك أي أن المندوب لم يستخدم تلك الساع ات في النشاط النقابي‪ ،‬فعلى المستخدم‪ -‬طبقا لقاعدة أن عبء اإلثبات يقع على عاتق‬
‫المدعي‪-‬أن يثبت أنه فعال لم يستعمل تلك الساعات للعمل النقابي‪ ،‬فإذا ما أثبت ذلك فال يدفع له أجر مقابل تلك الساعات‬

‫ثانيا ‪ :‬نظام الحماية المقررة لكافة النقابيين ‪.‬‬

‫‪ -1‬نظام الحماية العام المقرر لكافة النقابيين ‪:‬‬

‫إعتبارا أن ممارسة الحق النقابي حق دستوري معترف به لجميع المواطنين فال يجوز بالتالي ألحد أن يمارس أي تمييز ضد أحد‬
‫العمال بسبب نشاطاته النقابية إبان التوظيف و األداء و توزيع العمل‬

‫و التدرج و الترقية خالل الحياة المهنية و عند تحديد المرتب و كذلك في مجال التكوين المهني‬

‫و المنافع اإلجتماعية‪ ،‬و ذلك سواء كان مندوب نقابي أو مسؤول في الهيكل النقابي أو المنظمة النقابية أو حتى مجرد عضو فيها‪.‬‬

‫‪ -2‬نظام الحماية المقرر للمندوبين النقابيين ‪:‬‬


‫نظرا لكون المشرع أوجب تبليغ أسماء و ألقاب المندوبين النقابيين للهيئة المستخدمة ذلك ألنهم همزة وصل بين المنظمة النقابية و‬
‫العمال األجراء من جهة و من جهة أخرى بين ِهؤالء و صاحب العمل ‪ ،‬لكونهم على إتصال مستمر بهذا األ خير و ل كونه م يمثلون‬
‫قوة و سلطة داخل المؤسسة فإن المشرع لتسهيل تأدية مهامهم النقابية ‪ ،‬منحهم إضافة إلى الحماية العامة المقررة لكافة أعضاء‬
‫المنظمة النقابية حماية خاصة بهم‪ ،‬و في هذا اإلطار فرق المشرع بين نوعين من الجزاءات التي يمكن تطبيقها على المندوب النقابي‬
‫و ذلك بحبس ب ما إذا كان الخطأ المرتكب بمناسبة تأديته للنشاطات النقابية أو للنشاطات المهنية ‪.‬‬

‫و عليه فإنه إذا ما إرتكب المندوب النقابي أي خطأ ذا طابع نقابي محض فإن المنظمة النقابية التي عينته وحدها مختصة بتسليط‬
‫العقوبة التي تقابل الخطأ المرتكب‪ ،‬و على العموم فإن القوانين األساسية و األنظمة الداخلية للمنظمات النقابية هي التي تحدد األخطاء‬
‫ذات الطابع النقابي و الجزاءات المقابلة لها‪ ،‬فمثال فإن القانون ال أ ساسي لإلتحاد العام للعمال الجزائرين نص في المادة ‪ 24‬منه‬
‫على أن العقوبة التي يمكن تطبيقها تتراوح حسب خطورة الخطأ بين اإلنذار و التوبيخ‪ ،‬التوقيف من التفويض النقابي‪ ،‬التجريد النهائي‬
‫من كل مسؤولية نقابية و الطرد النهائي من حقوق اإلتحاد العام للعمال الجزائرين ‪ ،‬وأخيرا المتابعة القضائية في حالة اإلختالس ‪ ،‬و‬
‫يتم الحكم بالعقوبة على يد الهيئة التي ينتمي إليها المعني‪ ،‬نفس القانون يحيل على النظام الداخلي لإل ع ع ج فإننا نجده ينظم‬
‫اإلجراءات الواجب إتباعها لتسليط العقوبات على مرتكبي المخالفات و كذا الجهات المختصة بذلك و التي تختلف بإختالف الهيئة التي‬
‫ينتمي إليها المعني (سواء الفرع النقابي‪ ،‬ا إل تحاد المحلي‪ ،‬الوالئي أو الوطني) ‪.‬‬

‫و بما أن مجال الموضوع يتمحور حول المندوبين النقابيين فإن اللجنة التي تهمنا هي لجنة اإلنضباط التابعة للفرع النقابي و التي‬
‫تتألف من ‪ 3‬إلى ‪ 7‬أعضاء يتجدد إنتخابهم كل سنة‪ ،‬نبدي هذه اللجنة رأيها بشأن العقوبة المناسبة و ذلك بعد اإلستماع إلى الطرف‬
‫المختصم و تقدم النتائج المتحصل عليها للهيئة التي ينتمي إليها المندوب المعاقب لتتخدذ العقوبات المناسبة ما عدا في حالة لتسليط‬
‫عقوبة اإلفضاء من صفوف اإلتحاد إذ أن هذه العقوبة يجب أن تحظى بموافقة اللجنة التنفيدية الوطنية‪.‬‬

‫إضافة إلى ذلك فإنه يحق للهيئة المشرفة الحكم على المندوب المخالف بالتوقيف المؤقت عن مباشرة المهام النقابية لمدة ال يمكن أن‬
‫تتجاوز شهرين ‪.‬‬

‫و إبتداءا من تاريخ إستالم القرار القاضي بتسليط العقوبة فإنه يجوز الطعن فيه في أجل ‪ 21‬يوما من ذلك أمام اللجنة التي تعلو‬
‫مباشرة الهيئة التي إتخذت القرار‪ .‬أما عقوبات الطرد النهائي من صفوف اإل ع ع ج فيتم أمام لجنة اإلنضباط اللجنة التنفيذية الوطنية‬
‫المجتمعة و التي يكون قرارها نهائي غير قابل ألي سبيل من سبل الطعن‪ ،‬و يجب اإلشارة هنا أنه يجوز للمندوب المعاقب للدفاع عن‬
‫نفسه تفويض مدافع عنه ‪.‬‬

‫إن نظام الحماية المقررة لفائدة المندوبين النقابيين ال يستثنيهم من سلطات المستخدم في تطبيق العقوبات التأديبية عليهم إذا ما إرتكبوا‬
‫خطأ بمناسبة تأديتهم ل نشاطاتهم المهنية‪ ،‬و ذلك كغيرهم من العمال األجراء و لكن بشرط إتباع إجراء شكلي يتمثل في وجوبية‪،‬‬
‫تحت طائلة البطالن إعالم المنظمة النقابية التي ينتمي لها المندوب المرتكب الخطأ‪.‬‬

‫و نشير إلى أن اإلعالم المنصوص عليه في المادة ‪ 54‬من القانون ‪ 90/14‬ال يعني أن صاحب العمل ال يستطيع تسليط العقوبة على‬
‫المندوب النقابي المرتكب للخطأ المهني إال بعد موافقة النقابة على ذلك‪ ،‬فاإلعالم وحده كاف لمعاقبته‪ ،‬و في حالة نشوب نزاع حول‬
‫هذه المسألة فعلى المستخدم إثبات أنه أبلغ فعال المنظمة النقابية بالخطأ المرتكب بكافة طرق اإلثبات ‪.‬‬

‫و سواء كان الخطأ المرتكب من قبل المندوب النقابي يدخل ضمن نشاطاته النقابية أو المهنية‬

‫و طبق عليه المستخدم عقوبة العزل دون إتباع اإلجراءات المنصوص عليها قانونا أو لكونه غير مختص أصال لتطبيق تلك العقوبات‬
‫في حالة الخطأ ذ و الطابع النقابي المحض فإن ذلك المندوب يعاد إدماجه في منصب عمله بناء على طلب مفتش العمل بعد أن يثبت‬
‫المخالفة المرتكبة إذن‪ ،‬فإذا لم تحترم اإلجراءات الواجبة إتباعها و المتمثلة في إعالم المنظمة النقابية بإرتكاب المندوب النقابي لخطأ‬
‫مهني فإن مفتش العمل يقدم طلب للمستخدم بإعادة إدماجه في منصب العمل و بالتالي يلغى قرار التسريح بناء ا على ذلك الطلب مع‬
‫وجوبية دفع حقوق المندوب المعني و المتمثلة في تعويضه بمبلغ مالي ال يقل عن األجر الذي كان يتقاضاه ‪.‬‬

‫إن الطلب الموجه من قبل مفتش العمل لصاحب العمل غير ملزم لهذا األخير إذ يمكنه رفض إعادة إدماج المندوب النقابي في منصب‬
‫عمله‪ ،‬في هذه الحالة و بعد مرور ‪ 8‬أيام من طلب اإلدماج فإن مفتش العمل يحرر محضر بذلك و يخطر الجهة القضائية المختصة‪،‬‬
‫و هنا يطرح التساؤل عن تحديد الجهة القضائية المختصة ؟‬

‫من ظاهر نص المادة ‪ 56‬من القانون رقم ‪ 90/14‬فإن الجهة القضائية المختصة هي القضاء الجزائي ذلك أن األمر متعلق هنا‬
‫بمخالفة و لكن بما أن القاضي الجزائي ال يمكنه إلغاء قرار التسريح و األمر بإعادة اإلدماج‪ ،‬فإنه يتبين أن نص المادة ‪ 56‬في الواقع‬
‫يشتمل على دعو ي ين ‪ :‬إحداهما تتعلق بإنزال العقوبة على المستخدم إلرتكابه لجريمة عرقلة ممارسة الحق النقابي‪ ،‬أما الدعوى‬
‫الثانية فهي دعوى مدنية هدفها إلغاء قرار التسريح و األمر بإعادة اإلدماج ‪.‬‬

‫و بما أن هذه الدعوى مرفوعة من قبل مفتش العمل و غايتها حماية المشروعية فإن القضاء اإلداري طبقا للمادة ‪ 7‬من قانون‬
‫اإلجراءات المدنية هو المختص للفصل فيها و يكون القرار الملغ ي للتسريح‬

‫و األمر بإعادة اإلدماج قرار نهائي غير قابل لإلستثناف ‪.‬‬

‫حتى و لو كان نص المادة ‪ 56‬قد جاء لضمان حماية أكثر للمندوبين النقابيين فإنه في ذات الوقت يمس بالحرية الفردية ‪ ،‬و ذلك إذا‬
‫رفض هذا األخير إلغاء قرار التسريح الصادر من قبل المستخدم ‪.‬‬

‫األحكام الخاصة بنشاط المنظمات النقابية ‪.‬‬

‫ممارسة الحق النقابي داخل المؤسسة ‪30916729pk3‬‬

‫إن الغاية من تأسيس منظمات نقابية تمثيلية هي الدفاع عن مصالح العمال داخل أو خارج المؤسسة ‪ ،‬ألجل ذلك فإن المشرع منحها‬
‫الشخصية المعنوية إلمكانية لجوئها إلى القضاء و من جهة أخرى فإنه منحها كافة الصالحيات للدفاع عن مصالح العمال‪ .‬ففي ماذا‬
‫تتمثل الدعاوى التي يمكنها رفعها و ما هي الصالحيات الممنوحة لها ؟ لإلجابة عن هذه األسئلة قسمنا المبحث إلى مطلبين‪ :‬تناولنا في‬
‫األول ‪ :‬النشاط النقابي على المستوى المهني‪ ،‬و في الثاني تناولنا لجوءها إلى القضاء ‪.‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬النشاط النقابي على المستوى المهني ‪.‬‬

‫حتى تستطيع المنظمة النقابية تأدية الدور المنوط بها فإن المشرع منحها كافة الصالحيات التي تسهل لها عملية تمثيل العمال و الدفاع‬
‫عن مصالحهم المادية و المعنوية‪ .‬و بما أن المنظمات النقابية التمثيلية وحدها فقط التي بإمكانها إنشاء هياكل نقابية داخل المؤسسة فإن‬
‫المشرع خصها بصالحيات ال تتوافر عليها غيرها من المنظمات األخرى و نفس الشيء بالنسبة للمنظمات النقابية األكثر تمثيال على‬
‫الصعيد الوطني إذ خصها المشرع بصالحيات أخرى ‪.‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬نشاط المنظمات النقابية التمثيلية على مستوى المؤسسة المستخدمة ‪.‬‬

‫إ ن المشرع وضع على سبيل الحصر الصالحيات التي تتمتع بها المنظمات النقابية التمثيلية داخل الهيئة المستخدمة‪ ،‬و تتمثل تلك‬
‫الصالحيات في ‪:‬‬

‫‪ -‬المشاركة في المفاوضات و اإلتفاقيات أو اإلتفاقات الجماعية داخل المؤسسة ‪.‬‬

‫‪ -‬المشاركة في الوقاية من الخالفات في العمل و تسويتها و ممارسة حق اإلضراب ‪.‬‬

‫‪ -‬جمع أعضاء " المنظمة النقابية" في األماكن أو المحالت المتصلة بها خارج أوقات العمل‪ ،‬و إستثناءا أثناء ساعات العمل إذا حصل‬
‫إتفاق مع المستخدم ‪.‬‬

‫‪ -‬إعالم جماعة العمال المعنيين بواسطة النشرات النقابية أو عن طريق التعليق في األماكن المالئمة التي يخصصها المستخدم لهذا‬
‫الغرض ‪.‬‬

‫‪ -‬جمع اإلشتراكات النقابية في أماكن العمل من أعضائها حسب اإلجراءات المتفق عليها مع المستخدم‪.‬‬

‫‪ -‬عملية التكوين النقابي لصالح أعضائها (‪. )1‬‬

‫ـــــــــ‬

‫(‪-)1‬أنظر المادة ‪ 38‬من القانون رقم ‪ 90/14‬السالف الذكر ‪.‬‬

‫و نظرا لما تتميز به اإلتفاقيات و اإلتفاقات الجماعية لما تتضمنه من شروط للتشغيل و العمل و ما‬
‫يتميز به موضوع الوقاية من الخالفات الجماعية في العمل و تسويتها‪ ،‬فإننا سنتطرق لهما بشيء من التفصيل لتبيان دور النقابة في‬
‫كل منهما ‪.‬‬

‫‪ -1‬دور المنظمة النقابية في عقد اإلتفاقيات الجماعية‪:‬‬

‫إن حق التفاوض الجماعي من حقوق العمال األساسية بموجبه يمكنهم تحديد شروط توظيفهم‬

‫و عملهم و األجور التي يتقاضونها و غيرها من المجاالت المذكورة في المادة ‪ 120‬من القانون رقم ‪ 90/11‬و يكون التفاوض في‬
‫اإلتفاقيات الجماعية بناء على طلب المستخدم أو الممثلين النقابيين للعمال أو منظماتهم النقابية التمثيلية ‪ ،‬و تقوم به لجان متساوية‬
‫األعضاء تتكون من عدد مساو من الممثلين‬

‫النقابيين للعمال (يتراوح ما بين ‪ 3‬إلى ‪ 7‬أعضاء) الممثلين النقابيين للمستخدم ‪.‬‬

‫و هنا يثار مشكل قضية التمثيلية النقابية إذ بوجود عدة تنظيمات نقابية على مستوى المؤسسة فما هي المنظمة التي تقوم بإبرام‬
‫اإلتفاقية ؟‬

‫لقد تعرض المنشور الوزاري المؤرخ في ‪ 19/11/90‬إلى هذه المسألة و إعتبر أن الحل يكمن في التمثيل النسبي بين المنظمات‬
‫النقابية التمثيلية ‪.‬‬

‫و باعتبار أن اإلنهاء الجماعي لعالقات العمل يشكل مشكلة من أخطر المشاكل فحتى و لو‬

‫ارتبطت أسبابه بالظروف اإلقتصادية‪ :‬تقلبات الطلب‪ ،‬المنافسة القوية‪ ،‬التطور التكنولوجي و التقني وانعكاساته على أساليب اإلنتاج و‬
‫نوعية المنتوجات يمثل في النطاق القانوني ظاهرة ذات أبعاد إجتماعية ال تتناهى حدود جسامتها و لكون عملية التقليص جد مهمة‬
‫سواء للمؤسسة أو للعامل لكونها قد تودي إلى التسريح ‪ ،‬فإن المشرع ربطها بالتفاوض إذ أوجب على المستخدم أو ممثله عرض‬
‫محتوى يشمل مجموع التدابير المقررة للجانب اإلجتماعي على المنظمات النقابية التمثيلية لعمال المؤسسة و ذلك في إطار إجتماعات‬
‫تعقد خصيصا للتشاور حول مضمون الجانب االجتماعي وشروط‬

‫تنفيذه‪ ،‬فلممثلي العمال التعبير عن أرائهم و إقتراحاتهم و مالحظاتهم حول مضمونه‪ ،‬و يترتب عن‬

‫تلك المفاوضات تحرير محضر يوقع عليه الطرفان مع إثبات نقاط اإلتفاق و عند اإلقتضاء المسائل التي تكون محل تحفظ أو إختالف‬
‫في هذه الحالة األخيرة يمكن لألطراف اللجوء إلى المصالحة و الوساطة‪ ،‬و عند اإلقتضاء إلى التحكيم لحل نزاع طبقا للقانون رقم‬
‫‪. )2( 90/02‬‬

‫ـــــــــ‬

‫(‪) 2‬أنظر المادة ‪ 05‬من القانون رقم ‪ 90/11‬السالف الذكر‪.‬‬

‫إذن فالمهمة الوحيدة المسندة للمنظمات النقابية في إطار عملية التقليص هي التفاوض على محتوى الخطة اإلجتماعية و ليس التفاوض‬
‫على عملية اللجوء إلى التقليص في حد ذاته ‪.‬‬

‫‪ - 2‬دور النقابة في الوقاية من النزاعات الجماعية و تسويتها و في اللجوء إلى اإلضراب ‪:‬‬

‫لقد فرض المشرع على المستخدم عقد إجتماعات دورية مع ممثلي العمال لدراسة وضعية العالقات اإلجتماعية و المهنية و الشروط‬
‫العامة للعمل‪ ،‬فإذا ما ثار خالف بينهما حول كل تلك المسائل أو البعض منها يباشر ممثلو العمال و المستخدم إجراءات المصالحة‬
‫المنصوص عليها في اإلتفاقيات المبرمة بين الطرفين‪ ،‬فإذا لم تكن هذه األخيرة محل إتفاق مسبق أو في حالة فشلها‪ ،‬يرفع ممثلو‬
‫العمال أو المستخدم الخالف الجماعي في العمل إلى مفتشية العمل المختصة إقليميا‪ ،‬عند إتفاق الطرفين فإن مفتش العمل يحرر‬
‫محضر بذلك‪ ،‬و في حالة فشل إجراء المصالحة على كل المسائل المتنازع حولها أو على بعضها فقط يعد مفتش العمل محضرا بعدم‬
‫المصالحة ‪ ،‬و في هذه الحالة يمكن للطرفين اللجوء إلى الوساطة أو التحكيم ‪.‬‬

‫و في حالة إستمرار الخالف بعد إستنفاد إجراءات المصالحة و الوساطة فإن ممثلي العمال يعقدوا جمعية عامة و يستدعوا إليها‬
‫مجموع العمال قصد إعالمهم بنقاط الخالف المستمر و البث في إحتمال التوقف الجماعي عن العمل‪ ،‬و ال يتأتى ذلك إال عندما تقوم‬
‫المنظمة النقابية بإجراء اإلستفتاء بين العمال عن طريق اإلقتراع السري للتصويت على مبدأ إعالن اإلضراب ‪ ،‬و متى يكون رأي‬
‫األغلبية مسفر عن تأييد إلتخاد اإلضراب فإن النقابة تقوم بإعالنه ‪.‬‬
‫و بمجرد إيداع اإلشعار المسبق باإلضراب تتخذ المنظمة النقابية المعلنة لإلضراب مع صاحب العمل كافة اإلجراءات و التدابير‬
‫الالزمة لضمان المحافظة على المنشآت و األمالك‪ ،‬كما يقوم المستخدم ‪ ،‬في حالة عدم النص في اإلتفاقية الجماعية على األنشطة‬
‫التي يجب المحافظة فيها على قدر أدنى من الخدمة ‪ ،‬بإستشارة ممثلي العمال على تحديد تلك الميادين و العمال الذين يتكفلون بضمان‬
‫الحد األدنى من الخدمة ‪.‬‬

‫فنظرا للدور الذي تلعبه النقابات في إعالن اإلضراب و اإلشراف على تنظيمه و نظرا لما تتوفر عليه من إمكانيات مادية و معنوية‬
‫من شأنها أن تجعل اإلضراب الذي تعلنه و تشرف على تنظيمه أكثر فاعلية و تأثيرا على صاحب العمل ‪ ،‬إذ يحمله على سرعة إجابة‬
‫المطالب العمالية‪ ،‬فضال عن قيامها بإبرام المفاوضات الجماعية مع صاحب العمل في نهاية اإلضراب‪ ،‬و بما أن اإلضراب الذي‬
‫تشرف عليه المنظمات النقابية تتاح أمامه فرص أكثر للنجاح فإن المشرع خص المنظمات النقابية تنظيمه واإلشراف عليه و إنهاءه‪،‬‬
‫و ذلك كما سبق تبيانه ‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬نشاط المنظمات النقابية األكثر تمثيال على الصعيد الوطني ‪.‬‬

‫إذا كانت الصالحيات السالف ذكرها تتعلق بالمنظمات النقابية التمثيلية للعمال األجراء في كل مؤسسة مستخدمة‪ ،‬فإن صالحيات إتحاد‬
‫العمال األجراء و المستخدمين و إتحادياتهم أو كنفدرالياتهم األكثر تمثيال على الصعيد الوطني تتمثل فيما يلي ‪:‬‬

‫‪ -‬تستشار في ميادين النشاطات التي تعنيها خالل إعداد المخططات الوطنية للتنمية اإلقتصادية‬

‫و اإلجتماعية ‪ :‬على إعتبار أن المنظمات النقابية جاءت أصال للدفاع عن المصالح الفردية و الجماعية ألعضائها‪ ،‬هاته المصالح‬
‫مرتبطة إرتباطا وثيقا بالتغيرات اإلقتصادية و اإلجتماعية للبالد و بالتالي فال يمكنها الدفاع عن تلك المصالح إال إذا كان لها دور في‬
‫تحديد المسار اإلقتصادي و اإلجتماعي للبالد‪.‬‬

‫‪ -‬تستشار في مجال تقويم المشاريع و التنظيم المتعلقين بالعمل و إثرائها‪ :‬بما أن المنظمات النقابية سواء المتعلقة بالعمال أو‬
‫بالمستخدمين لها عالقة وطيدة بعالم الشغل و على ذلك فإن أهم ما يمكن أن تتمتع به في هذا المجال هو مساهمتها في وضع التشريع‬
‫و التنظيم المتعلقين بالعمل و ذلك عن طريق إستشارتها أو حتى عن طريق إقتراحها بذلك (مبادرة خاصة بتعديل قانون العمل مثال)‪،‬‬
‫و هذا ما يالحظ بالنسبة لإلتحاد العام للعمال الجزائريين إذ أن قوانين العمل و التعديالت التي أدخلت عليها كانت بمبادرة منه‪ ،‬نذكر‬
‫مثال المادة ‪ 69‬من قانون ‪ 90/11‬فإنه جاء بنظام التقليص من عدد العمال إذا ما بررت ذلك أسباب إقتصادية( ‪ ) 3‬إال أنه لم يحدد‬
‫اإلجراءات الواجب إتباعها‪.‬‬

‫و نتيجة لمطالبة اإلتحاد العام للعمال الجزائريين فإن المشرع تدخل و جاء بالمرسوم رقم ‪94/09‬‬

‫و المتعلق بالحفاظ على الشغل و حماية األجراء الذين قد يفقدون عملهم بصفة ال إرادية ‪.‬‬

‫‪ -‬تتفاوض في اإلتفاقيات أو اإلتفاقات الجماعية التي تعنيها ‪.‬‬

‫‪ -‬تمثل في مجلس إدارة هيئات للضمان اإلجتماعي‪ :‬بالرجوع إلى المادتين ‪ 12‬و ‪ 13‬من المرسوم التنفيذي رقم‪ 92/07‬و المؤرخ‬
‫في ‪ 04/01/92‬و المتضمن للوضع القانوني لصناديق الضمان اإلجتماعي و التنظيم اإلداري و المالي للضمان اإلجتماعي تنصان‬
‫على أن يدير الصندوق الوطني‬

‫ـــــــــ‬

‫(‪)3‬أنظر المواد من ‪ 10‬إلى ‪ 14‬من المرسوم التشريعي رقم ‪ 94/04‬الصادر بتاريخ ‪ 26/05/1994‬و المتضمن الحفاظ على لشغل‬
‫و حماية األجراء الذين قد يفقدون عملهم بصفة ال إرادية ‪.‬‬

‫للتأمينات اإلجتماعية للعمال األجراء و الصندوق الوطني للتقاعد مجالس تتكون من األعضاء المحددة ب ‪ 18‬ممثل للعمال تابعين‬
‫للصندوق و تعينهم المنظمات النقابية األكثر تمثيال على المستوى الوطني‬

‫و ذلك حسب نسب التمثيل و كذلك من ‪ 09‬ممثلين للمستخدمين التابعين للصندوق و تعينهم المنظمات المهنية األكثر تمثيال على‬
‫المستوى الوطني للمستخدمين المذكورين و ذلك حسب نسب تمثيلهم و من بينهم ممثلين عن الهيئة المكلفة بالوظيفة العمومية إضافة‬
‫إلى ‪ 02‬ممثلين عن مستخدمين الصندوق تعينهما لجنة المساهمة ‪.‬‬

‫‪ -‬تمثل في المجالس المتساوية األعضاء في الوظيفة العمومية‪ ،‬و في اللجنة الوطنية للتحكيم المؤسسة بمقتضى القانون رقم ‪90/02‬‬
‫المؤرخ في ‪ 06/02/90‬و المتعلق بالوقاية من النزاعات الجماعية في العمل و تسويتها و ممارسة حق اإلضراب ‪ ،‬بالرجوع إلى‬
‫المادة ‪ 21‬من ذلك القانون فإنها تنص على "يحدث مجلس متساوي األعضاء في الوظيفة العمومية يتكون من اإلدارة و ممثلي العمال‬
‫و يوضع لدى السلطة المكلفة بالوظيفة العمومية "و يشكل هذا المجلس جهاز مصالحة في مجال الخالفات الجماعية في العمل داخل‬
‫المؤسسات و اإلدارات العمومية‪ ،‬يستشار في إعداد النصوص التشريعية‬

‫و التنظيمية التي تخضع لها عالقات العمل ضمن المؤسسات و اإلدارة العمومية و تكييف هذه النصوص و يحدد تشكيل ذلك المجلس‬
‫من ‪ 08‬أعضاء‪ ،‬أربعة أعضاء يمثلون اإلدارة و أربعة يمثلون العمال (‪ ، )4‬و بالرجوع إلى المادة ‪ 51‬من نفس القانون فإن اللجنة‬
‫الوطنية للتحكيم و المختصة للبث في الخالفات الجماعية في العمل تتكون من عدد متساو من عدد الممثلين الذين تعينهم الدولة و عدد‬
‫ممثلي العمال إضافة إلى الرئيس ‪ -‬قاضي من المحكمة العليا‪ -‬إن عدد أعضاء اللجنة يتمثل في ‪ 14‬عضو دائم منهم ‪ 4‬ممثلين تعينهم‬
‫الدولة (ممثل عن الوزير المكلف بالعمل‪ ،‬ممثل عن الوزير المكلف بالعدل‪ ،‬ممثل عن الوزير المكلف بالمالية و ممثل عن الوزير‬
‫المكلف بالداخلية) و ‪ 5‬ممثلين للعمال‬

‫و ‪ 5‬ممثلين للمستخدمين و الذين تعينهم المنظمات النقابية للعمال األجراء و مستخدميهم األكثر تمثيال على الصعيد الوطني بالتناسب‬
‫مع صفته التمثيلية (‪. )5‬‬

‫ـــــــــ‬

‫(‪)4‬أنظر المادة ‪ 22‬و ‪ 23‬من القانون رقم ‪ 90/02‬المؤرخ في ‪ 06/02/90‬و المتعلق بالوقاية من النزاعات الجماعية في العمل و‬
‫تسويتها و ممارسة حق اإلضراب‪ ،‬و المادة ‪ 2‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 90/416‬المؤرخ في ‪ 22/12/90‬و المتضمن تشكيل و‬
‫تنظيم و عمل مجلس الوظيفة العمومية ‪.‬‬

‫(‪)5‬أنظر المواد من ‪ 02‬إلى ‪ 06‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 90/418‬المؤرخ في ‪ 22/12/90‬و المتعلق بتشكيل اللجنة الوطنية‬
‫للتحكيم المختصة في ميدان تسوية النزاعات الجماعية للعمل و تنظيمها و عملها‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬لجوء المنظمات النقابية للقضاء ‪.‬‬

‫إن المهمة األساسية للمنظمات النقابية تتمثل في الدفاع عن مصالح و حقوق العمال الفردية‬

‫و الجماعية‪ ،‬و لكي يتأتى لها ذلك أقر لها المشرع الشخصية المعنوية إذ نص في المادة ‪ 16/01‬من القانون رقم ‪ 90/14‬على ما يلي‬
‫"تكتسب المنظمة النقابية الشخصية المعنوية و األهلية المدنية بمجرد تأسيسها ‪ ...‬و يمكنها أن تقوم بما يأتي ‪ :‬التقاضي و ممارسة‬
‫الحقوق المخصصة للطرف المدني لدى الجهات‬

‫القضائية المختصة عقب وقائع لها عالقة بهدفها و ألحقت أضرار بمصالح أعضائها الفردية أو الجماعية المادية المعنوية"‪.‬‬

‫ما يمكن إستخالصه من النص السالف الذكر أن المنظمة النقابية تستطيع مباشرة أية دعوى قضائية سواء كانت تلك الدعوى تتعلق‬
‫بمصالحها الخاصة كشخص قانوني له حق إقامة عالقات مع غيره من األشخاص القانونية األخرى‪ ،‬أو تعلق األمر بقضايا تهم‬
‫مصالح أعضائها الفردية أو الجماعية‪ ،‬أو تمس مصالح المهنة التي تمثلها‪ ،‬و هذا سواء كانت مدعية أو مدعى عليها‪.‬‬

‫إذن فللنقابة أهلية التقاضي لحماية مزدوجة‪ :‬التقاضي لحماية مصالحها الخاصة‪ ،‬و التقاضي لحماية المصالح الفردية أو الجماعية و‬
‫المادية أو المعنوية أو المهنية ‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬التقاضي لحماية مصالحها الخاصة ‪.‬‬

‫بإعتبارها منظمة مستقلة‪ ،‬فللنقابة الحق في رفع الدعاوى أمام مختلف الجهات القضائية للدفاع عن مصالحها الخاصة‪ ،‬كالنزاعات التي‬
‫تثور بينها و بين منظمات نقابية أخرى‪ ،‬أو بينها و بين اإلدارة أو بعض األشخاص المعنوية األخرى ‪ ،‬أو حتى بينها و بين أعضائها‬
‫فيما يخص عدم دفع الغرامات التأديبية عند إرتكابهم لخطأ ذو طابع نقابي محض ‪.‬‬

‫كما يمكنها اللجوء إلى القضاء ‪ -‬بإعتبارها طرفا في إتفاقية جماعية ‪ -‬للمطالبة بتنفيذ إلتزامات األطراف األخرى لإلتفاقية أو‬
‫التعويض في حالة اإلمتناع عن التنفيذ ‪.‬‬

‫و باإلضافة إلى أن المنظمة النقابية يمكنها أن تكون مدعية في الدعاوى القضائية فإنها يمكن أن تكون كذلك مدعى عليها ‪ ،‬إذ تقوم‬
‫مسؤوليتها عندما تتسبب في ضرر للغير‪ ،‬و بالتالي تكون مجبرة لجبره طبقا للقانون المدني‪ ،‬إذ يمكن حجز أمالكها المنقولة أو‬
‫العقارية و التنفيذ عليها ببيعها‪ -‬وفقا لقواعد اإلجراءات المدنية‪ -‬للوفاء بالدين الذي في ذمتها تجاه الغير أو تعويضه عما أصابه من‬
‫ضرر‪ ،‬لإلشارة هنا فإن المشرع الفرنسي إستثنى األمالك العقارية الضرورية لعمل المنظمة النقابية من عملية الحجز (‪. )6‬‬
‫إن المسؤولية المدنية للمنظمة النقابية يمكن أن تكون عقدية أو تقصيرية‪ :‬فمثال تقوم المسؤولية التقصيرية للمنظمة النقابية عند قيامها‬
‫بوضع مناشير تتضمن معلومات سياسية‪ ،‬تقوم مسؤوليتها العقدية مثال في حالة عدم إحترامها لبنود و أحكام االتفاقية أو االتفاق‬
‫الجماعي الذي كانت طرفا فيه‪.‬‬

‫و مهما كانت المنظمة النقابية مسؤولة عن األفعال غير الشرعية التي يرتكبها فإن أعضائها بصفتهم‬

‫يتمتعون بشخصية قانونية مستقلة عنها‪ ،‬فإنهم غير مسؤولين عن دفع الديون المترتبة في ذمة المنظمة التي ينتمون إليها حتى و لو‬
‫كانت أمالكها غير كافية لتسديد ما عليها للغير‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬التقاضي لحماية المصالح الفردية ألعضائها ‪.‬‬

‫من المستقر عليه قانونا أنه من شروط التقاضي توافر الصفة و المصلحة في رافع الدعوى‪ ،‬و أن تكون الدعوى مرفوعة بصفة‬
‫شخصية‪ ،‬و بما أن هذه الشروط غير متوفرة في المنظمة النقابية‪ ،‬فهل يمكن لها في إطار الحماية الفردية لمصالح أفرادها أن تلجأ إلى‬
‫القضاء‪ ،‬و هل حدد المشرع مجال تلك الدعاوى أم تركه مفتوحا ؟‬

‫إن موضوع أهلية النقابة في رفع الدعاوى الفردية كان محل نقاش فقهي و قضائي أدى في األخير إلى إعتراف كافة التشريعات‬
‫بإمكانية النقابة بتمثيل أعضائها أمام القضاء‪ ،‬فالقانون الفرنسي مثال توسع في مجال تدخل النقابة نيابة عن العمال إذ يمكن لها أن‬
‫ترفع أي دعوى مدنية ضد صاحب العمل بالنسبة لفئة العمال في المنزل و ذلك إن لم يحترم صاحب العمل األحكام القانونية أو‬
‫اإلتفاقية الخاصة بنظام أو عالقات عمل هذه الفئة و ذلك دون حاجة إلى أية وكالة من العامل بشرط أن يكون هذا األخير قد تم إعالمه‬
‫بالدعوى و لم يعترض على رفعها‪ ،‬فالعامل المعني يمكنه التدخل في الدعوى المرفوعة من قبل في أية مرحلة كانت (‪. )7‬‬

‫للمنظمات النقابية التمثيلية أيضا أن تباشر دعاوي قضائية لصالح أي عامل إذا ما الحظت تمييز بين الرجال و النساء فيما يخص‬
‫شروط و ظروف التشغيل‪ ،‬أو مقدار األجور المدفوعة لنفس المنصب (‪ Cool‬أو فيما يخص عقود العمل المحددة المدة (‪ )9‬و ذلك ما‬
‫يالحظ إن كانت مبرمة خارج األحكام المقررة في التشريع‪.‬‬

‫ـــــــــ‬

‫(‪)6‬أنظر المادة ‪ 12/02 – 411‬من قانون العقوبات الفرنسي‪.‬‬

‫(‪)7‬أنظر المادة ‪ 19-721‬من قانون العمل الفرنسي‪.‬‬

‫(‪Cool‬نظر المادة ‪ 123/06‬من القانون السالف الذكر‪.‬‬

‫(‪)9‬أنظر المادة ‪ 03/16-122‬من القانون السالف الذكر‪.‬‬

‫و كذلك تستطيع رفع الدعاوي نيابة عن العامل األجنبي للمطالبة بحقوقه المترتبة عن القوانين و االتفاقيات المطبقة على هذه الفئة‪.‬‬

‫أما بالنسبة للجزائر فهناك جانب من الفقه ذهب إلى تفسير المادة ‪ 16/01‬من القانون ‪ 90/14‬على أن المشرع ترك المجال مفتوح‬
‫أمام المنظمات النقابية لرفع كل أنواع الدعاوى‪ ،‬سواء كانت دعوى التعويض عن األضرار المادية أو المعنوية أمام المحاكم المدنية‪،‬‬
‫أو دعوى إستعجالية‪ ،‬أو تتأسس‬

‫كطرف مدني أمام المحاكم الجزائية و حتى في شكل دعوى إدارية كدعوى اإللغاء ضد اإلجراءات‬

‫و القوانين اإلدارية الفردية و التنظيمية التي من شأنها أن تمس بالمصالح الفردية للعمال (‪. )9‬‬

‫غير أنه ما يمكن أن يفهم من نص الفقرة السالفة الذكر (‪ )16/1‬هو أن المشرع منح المنظمة النقابية حرية التقاضي فيما يخص‬
‫األضرار الالحقة بها ‪ .‬أما فيما يخص التقاضي للدفاع عن مصالح أعضائها الفردية أو الجماعية مقصورة فقط على التأسس كطرف‬
‫مدني لدى الجهات القضائية الجزائية‪ ،‬فالمادة ‪ 16‬ال تخول أهلية التقاضي للمنظمة النقابية إال فيما يتعلق بشؤونها الذاتية من جهة‬
‫(كما تم شرحه في الفرع السالف الذكر) و بالحقوق المخصصة للطرف المدني نتيجة أعمال متعلقة بموضوعها و التي أحدثت ضررا‬
‫للمصالح الفردية ألعضائها من جهة أخرى أي تكون ناتجة عن إرتكاب فعل جزائي و هذا هو التفسير الذي اعتمدته المحكمة العليا إذ‬
‫إعتبرت أن الدعوى ال تتعلق بشؤون ذاتية للنقابة و ليست منجزة عن ارتكاب فعل جزائي‪.‬‬
‫يستنتج من ذكر المادة ‪ 16‬للحقوق المخصصة للطرق المدني‪ ،‬أن الدعوى الحالية تعتبر غير مقبولة ألن أهلية التقاضي الممنوحة‬
‫قانونا لها ال تمتد إلى الدعوى العادية كالقضية الراهنة (‪.)10‬‬

‫و إذا كان المشرع الجزائري لم يمنح للمنظمة النقابية األهلية لرفع الدعاوي لصالح المصلحة الفردية للعامل فإنه وضع إستثناء عن‬
‫تلك القاعدة العامة إذ يمكنها أن تباشر كل الدعاوي الناشئة عن عدم تنفيذ اإللتزامات المتعاقد عليها في اإلتفاقيات الجماعية لصالح‬
‫أعضائها و المقصود بكل الدعاوى الناشئة‪ :‬الدعاوى المدنية‪ :‬كتعويض عامل مثال على األضرار الالحقة به من جراء عدم تنفيذ‬
‫اإلتفاقية‪ ،‬كذلك في مجال التسريح ألسباب إقتصادية يمكنها أن تمارس صالحياتها في التقاضي لصالح أحد العمال بهدف إحترام‬
‫اإلجراءات المتفق عليها في الجانب اإلجتماعي‪.‬‬

‫ـــــــــ‬

‫(‪ )10‬أنظر القرار القضائي المنشور بالمجلة القضائية العدد ‪ 02‬لسنة ‪ 1996‬ملف رقم ‪ 135960‬قرار صادر بتاريخ‬
‫‪ 17/12/1996‬و الذي نص على أن الدعوى الحالية غير مقبولة ألن أهلية التقاضي الممنوحة للنقابة ال تمتد إللى الدعوى العادية‬
‫كالقضية الراهنة ‪.‬‬

‫بعض األمثلة عن القضايا التي يمكن فيها للمنظمة النقابية أن تأسس كطرف المدني ‪:‬‬

‫من المقرر قانونا (‪ )11‬أنه إذا إكتشف مفتش العمل خرقا صارخا لألحكام اآلمرة في القوانين‬

‫و التنظيمات يلزم المستخدم باالمتثال لها في أجل ال يتجاوز ‪ 08‬أيام‪ ،‬فإذا لم ينفذ هذا األخير ذلك اإللتزام يحرر مفتش العمل محضرا‬
‫و يخطر الجهة القضائية المختصة و بما أن األمر متعلق بمخالفة فإن الجهة القضائية المختصة هي القضاء الجزائي‪ ،‬في هذه الحالة‬
‫يمكن أن نتصور أن كل المخالفات التي يرتكبها المستخدم و المنصوص عليها في القوانين المتعلقة بتسريح العامل فإنه يمكن للمنظمة‬
‫النقابية أن تتأسس فيها كطرف مدني للمطالبة بحقوق الضحية (العامل)‪.‬‬

‫و بالتالي يمكن أن تتأسس كطرف مدني في المخالفات المتعلقة بظروف إستخدام النساء في العمل الليلي‪ ،‬أو المتعلقة بمدة العمل‬
‫القانونية األسبوعية أو الساعات اإلضافية أو تلك المتعلقة بأحكام الراحة القانونية أو عدم إحترام الشروط الواجب توافرها في عقود‬
‫العمل ذات المدة المحددة‪ ،‬أو عدم تسليم قسيمة الراتب أو دفع أجرة تقل عن األجر الوطني األدنى المضمون أو المتفق عليه‪.‬‬

‫و عليه فإن المخالفات التي يرتكبها المستخدم و المنصوص عليها في قوانين العمل و عند تحريك و مباشرة الدعوى يمكن للمنظمة‬
‫النقابية أن تتأسس كطرف مدني للمطالبة بالحقوق الخاصة بالعامل المنخرط فيها‪.‬‬

‫شروط لجوء النقابة إلى القضاء‪:‬‬

‫إن الغاية من رفع النقابة للدعاوى القضائية نيابة عن العامل هي حماية مصالح هذا األخير‪ ،‬لكن اإلشكال المطروح هنا هو‪ ،‬هل يجب‬
‫أن يكون للعامل صفة العضوية في المنظمة النقابية حتى تقبل دعواه ؟ و هل يجب أن تستظهره هذه األخيرة بوكالة منه تسمح لها‬
‫بموجبها تمثيله أمام القضاء ؟‬

‫و أخيرا هل يجب أن تكون النقابة تمثيلية أم ال ؟‬

‫أوال ‪ :‬الشـروط الـخاصـة بالـعامـل ‪.‬‬

‫حتى تقبل الدعوى المقامة من قبل المنظمة النقابية للدفاع عن مصالح العامل الفردية فهل يجب أن يكون عضو فيها ؟‬

‫لقد نص المشرع صراحة في نص المادة ‪ 16/01‬من القانون رقم ‪ 90/14‬على (‪ ...‬التقاضي‬

‫ـــــــــ‬

‫(‪ )11‬أنظر المؤلف أحمية سليمان‪:‬التنظيم القانوني لعالقات العمل في التشريع الجزائري‪.‬‬

‫و ممارسة الحقوق المخصصة للطرف المدني لدى الجهات القضائية المختصة عقب وقائع لها عالقة بهدفه و ألحقت أضرار بمصالح‬
‫أعضائه الفردية)‪.‬‬

‫من خالل هذه الفقرة يتبين لنا أنه حتى تكون الدعوى الفردية المقامة من قبل المنظمة النقابية فيجب أن يكون للعامل صفة العضوية‬
‫في تلك النقابة‪ ،‬و إال كانت الدعوى غير مقبولة إلنعدام الصفة‪.‬‬
‫هل يجب على المنظمة النقابية أن تستظهر بوكالة من العامل حتى تكون دعواها مقبولة ؟‬

‫إن المشرع الجزائري لم يورد حكم خاص بذلك‪ ،‬غير أنه ما يمكن أن يستخلص من الفقرة األولى من نص المادة ‪ 16‬عدم إشتراطه‬
‫لضرورة إستظهار المنظمة النقابية لوكالة من العامل‪.‬‬

‫هل يمكن للمنظمة النقابية أن تباشر دعوى المصلحة الفردية للعامل إذا ما باشر هذا األخير دعواه بنفسه ؟‬

‫إن القاعدة اإلجرائية العامة هي أنه على كل من مس مركزه القانوني أن يلجأ إلى القضاء إلصالح الضرر الالحق به عن طريق‬
‫دعوى يرفعها بنفسه و بإسمه‪ ،‬فإذا ما رفعها شخص آخر في مكانه فإنها ترفض إلنعدام الصفة‪.‬‬

‫لكن المشرع إستثنى من وجوبية توافر الصفة و األهلية للدعاوى المرفوعة من قبل المنظمات النقابية و إعترف لها بالشخصية‬
‫المعنوية و بأهلية التقاضي‪.‬‬

‫فاألصل العام إذن هو رفع العامل دعواه بنفسه و ذلك حماية لمصالحه الخاصة‪ ،‬و إستثناءا رفعها من قبل النقابة ‪ ،‬و بما أنه عندما‬
‫يسلك الطريق األصلي يستبعد اإلستثناء أي أنه عندما ترفع الدعوى من قبل العامل نفسه فال تستطيع النقابة التدخل في تلك الدعوى أو‬
‫رفع نفس الدعوى ‪ ،‬غير أن المنظمة النقابية تتمتع بإمكانية مباشرة نفس الدعوى إذا ما إعتمدت على أساس مخالف و مغاير لألساس‬
‫المعتمد عليه في الدعوى المرفوعة من قبل العامل‪ :‬كالدفاع عن المصالح العامة للمهنة أو الخاصة بأعضائها و ذلك في حالة اإلخالل‬
‫بأحكام اإلتفاقية الجماعية‪.‬‬

‫لكن السؤال الذي يطرح هنا هو ما شكل الدعوى التي ترفعها المنظمة النقابية هل تكون مستقلة عن الدعوى التي يرفعها العامل‪ ،‬أم‬
‫تكون في شكل تدخل في الدعوى المرفوعة من قبل هذا األخير؟‬

‫إن المشرع لم يورد نص خاص بهذه الحالة‪ ،‬و عليه وجب الرجوع إلى القواعد العامة لإلجراءات‪،‬‬

‫و هنا يوجد إحتمالين‪:‬‬

‫أ‪ -‬رفع دعوى مستقلة ‪ :‬يجوز للمنظمة النقابية أن ترفع دعوى مستقلة عن تلك المرفوعة من قبل العامل سواء أمام ذات المحكمة أو‬
‫أمام محكمة أخرى‪ ،‬فإذا ما رفعت الدعوى الثانية أمام المحكمة التي باشر أمامها العامل دعواه فللمحكمة أن تقضي بضم القضيتين‬
‫على أساس اإلرتباط الموجود بينهما و ذلك من تلقاء نفسها أو بناء على طلب الخصوم (‪. )12‬‬

‫أما إذا رفعت الدعوى الثانية أمام محكمة أخرى فيجوز إحالة الدعوى بناء على طلب الخصوم أمام المحكمة التي رفع أمامها العامل‬
‫دعواه شريطة أن يثار الدفع باإلحالة لوحدة الموضوع قبل أي دفاع في الموضوع (‪. )13‬‬

‫ب‪ -‬مباشرة الدعوى عن طريق التدخل ‪ :‬الوسيلة الثانية التي يمكن للمنظمة النقابية أن تباشر بموجبها الدعوى ‪ -‬حماية للمصالح‬
‫العامة أو الخاصة ألعضائها أو دفاعا عن مصالح المهنة‪ -‬هي التدخل في الدعوى الفردية المرفوعة من قبل العامل (‪. )14‬‬

‫ثانيا ‪ :‬الشروط الخاصة بالمنظمة النقابية ‪.‬‬

‫إذا كان لجوء النقابة إلى القضاء و رفعها للدعاوى نيابة عن العامل جاء إستثناء بموجب نص خاص‪ -‬و ذلك خروجا عن القواعد‬
‫العامة للتقاضي ‪ -‬فهل هذا يعني أن المجال مفتوح أمامها للدفاع عن المصالح الخاصة للعمال بلجوئها إلى القضاء بدون علم صاحب‬
‫المصلحة أو حتى عند معارصته؟‬

‫و بصيغة أخرى هل يجب على النقابة أن تعلم العامل بنيتها في رفع دعوى قضائية لمصلحته و ذلك إذا ما مس مركزه القانوني ؟ و‬
‫هل للعامل الحق في اإلعتراض في تلك الدعوى ؟‬

‫قبل اإلجابة عن تلك التساؤالت يجب أن نحدد أوال النقابات التي لها األهلية و الصفة لرفع الدعاوي و هل يشترط القانون أن تكون‬
‫تمثيلية ؟‬

‫ـــــــــ‬

‫(‪)12‬أنظر المادة ‪ 12‬من القانون رقم ‪ 90/03‬الصادر بتاريخ ‪ 06/02/90‬المتعلق بمفتشية العمل‪.‬‬

‫(‪)13‬أنظر المادة ‪ 91‬من قانون اإلجراءات المدنية‪.‬‬


‫(‪)14‬أنظر المادة ‪ 92‬من قانون اإلجراءات المدنية‪.‬‬

‫(‪ )15‬أنظر المادة ‪ 94‬من قانون اإلجراءات المدنية ‪.‬‬

‫بالرجوع إلى نص المادة ‪ 16‬من القانون رقم ‪ 90/14‬فإنها منحت حق التقاضي للمنظمات النقابية بصفة عامة إذا لم تخص بذلك‬
‫المنظمات التمثيلية ‪ ،‬و على ذلك فإن صفة التقاضي متوافرة في المنظمات النقابية و إتحادات و إتحاديات أو كنفدراليات النقابات ‪،‬‬
‫بينما الهياكل النقابية فال تتمتع بها‪ ،‬ذلك ألنها تعتبر إمتداد للمنظمات النقابية داخل المؤسسة ‪ ،‬و الشخص المؤهل لرفع تلك الدعوى‬
‫غالبا ما يكون محدد في القانون األساسي للمنظمة ‪ ،‬فمثال بالنسبة لإلتحاد الوطني للمؤسسات العمومية فإن الدعاوى ترفع بإسم رئيسه‬
‫إذ ترجع له مباشرة كل الدعاوى (‪ ) 15‬و على كل فإن إنضمام شخص في المنظمة النقابية أو حتى مندوب نقابي ليست له صفة تمثيل‬
‫المنظمة أمام العدالة‪.‬‬

‫أما بالنسبة لمسألة إعالم العامل بتأسيس المنظمة النقابية كطرف مدني و المطالبة بالتعويضات الناجمة عن‬

‫الفعل الجزائي أو رفعها للدعاوى المتعلقة بتطبيق االتفاق الجماعي فإن المشرع لم يتطرق إلى وجوبية اإلعالم و ال إلى الوسائل‬
‫المتخذة لإلعالم غير أنه باعتبار أن تلك الدعاوى جاءت إستثناء للقواعد العامة فإنه كان من األفضل أن ينص المشرع على شرط‬
‫إعالم المتضرر بالدعوى المرفوعة و ذلك حفاظا على حق هذا األخير في اإلعتراض على تلك الدعوى خالل أجل معين‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬التقاضي لحماية المصالح الجماعية ألعضائها ‪.‬‬

‫إن مسألة المصلحة الجماعية للعمال و للمهنة طرحت على القضاء الفرنسي خالل القرن ‪ 19‬من قبل نقابات فالحية‪ ،‬نقابات عمال‬
‫أحرار و نقابات أصحاب العمل‪ ،‬و السؤال الذي كان مطروح أنذاك هو لو أن شخص يمارس بصفة غير شرعية مهنة الطب‪ ،‬فهل‬
‫بإمكان نقابة األطباء أن تطالبه بتعويض األضرار الجماعية الالحقة بمهنة الطب ؟‬

‫إن النظرة التي كانت سائدة هي أن فكرة الضرر أو المصلحة الجماعية غير موجودة أصال‪ ،‬إذ ال وجود إال لمجموعة متراكمة من‬
‫األضرار الفردية تقابلها دعاوى شخصية منعزلة و بالتالي فال تقبل الدعاوى الجماعية‪ ،‬إن هذا الموقف الذي ال يعترف بالمصالح‬
‫المشتركة يعترض حتى مع إمكانية رفع النقابة للدعاوى‪ ،‬ذلك على أساس أنه حتى لو وجدت أضرار مشتركة فال يمكن أن تكون‬
‫مباشرة و هذا هو شرط اللجوء إلى القضاء‪.‬‬

‫لكن هذا الرأي لم يصمد طويال بإعتبار أن المهنة بحاجة إلى هيئة تتكلم بإسمها ‪ ،‬فكانت النقابة هي تلك الهيئة ‪ ،‬و لما كانت المهمة‬
‫األساسية للنقابة هي الدفاع عن المصالح الجماعية للعمال و المهنة فقد إعترفت محكمة النقض الفرنسية‪ -‬بموجب قرارها الصادر عن‬
‫الغرف المجتمعة بتاريخ ‪" -05/04/1913‬في ممارسة حق التقاضي كلما تعرضت هذه المصالح للتهديد‪ ،‬في حين‬

‫ـــــــــ‬

‫(‪)16‬أنظر المادة ‪ 22‬من القانون األساسي لإلتحاد الوطني للمؤسسات العمومية‪.‬‬

‫أنها إعترف لها بالشخصية القانونية بتاريخ ‪. "12/03/1920‬‬

‫و بموجب المادة ‪ 16‬من القانون رقم ‪ 90/14‬فإن المشرع الجزائري إتخد نفس إتجاه المشرع الفرنسي و نص على أنه يجوز‬
‫للمنظمات النقابية التقاضي و ممارسة الحقوق المخصصة للطرف المدني لدى الجهات القضائية المختصة عقب وقائع لها عالقة بهدفه‬
‫و ألحقت أضرار بمصالح أعضائه الجماعية المادية و المعنوية‪ ،‬فلجوئها إذن إلى القضاء مرتبط بالدفاع عن المصالح الجماعية‬
‫للعمال و للمهنة إذ ال تستطيع المطالبة بالتعويض أو إصالح الضرر الذي سببته مخالفة المصالح العامة للمجتمع‪.‬‬

‫ففي حالة المساس بإحدى المصالح العامة فمباشرة الدعوى يعود إلى النيابة العامة ذات اإلختصاص األصلي‪ ،‬و بالتالي فالدعوى التي‬
‫ترفعها النقابة في هذه الحالة غير مقبولة ‪ .‬لكن في أغلب األحيان فإن المصلحة الجماعية تتضمن المصلحة العامة للمجتمع‪ ،‬للفصل‬
‫في هذا اإلختالط في المفاهيم فإن القضاء الفرنسي إعتمد التفسير الواسع للمصلحة الجماعية التي أصبحت تشمل المصلحة العامة‬
‫كذلك‪ ،‬بحيث إستقر اإلجتهاد بقبول دعوى المصلحة الجماعية المتعلقة بالمطالبة بالتطبيق السليم لقواعد قانون العمل مثل تلك المتعلقة‬
‫بالراحة األسبوعية‪ ،‬الصحة و األمن و السالمة في العمل‪ ،‬األمر الذي جعل النقابة تقوم بالدور الذي من المفروض أن يقوم به مفتش‬
‫العمل و النيابة العامة‪ ،‬و بصفة خاصة تلك التي تتعلق بالحقوق الجماعية‪ ،‬مثل المساس بحق اإلضراب‪ ،‬و المساس بالحق النقابي و‬
‫الحرية النقابية‪ ،‬عدم إحترام قواعد األمن و النظافة و خرق األحكام المنصوص عليها في اإلتفاقيات الجماعية بمقتضى تعليمات‬
‫إدارية‪.‬‬
‫أما في الجزائر فإن نص المادة ‪ 12‬من القانون رقم ‪ 90/03‬السالفة الذكر تعرضت إلى أنه يمكن لمفتش العمل أن يعلم الجهات‬
‫القضائية المختصة (النيابة العامة) بالمخالفة المرتكبة من قبل المستخدم في مجال العمل‪ ،‬ذلك ألن أغلبية األنظمة المتعلقة بقانون‬
‫العمل تتعلق بالنظام العام و معاقب على مخالفتها جزائيا‪ ،‬فإذا ما باشرت النيابة العامة الدعوى العمومية فإنه يجوز للمنظمة النقابية‬
‫أن تتأسس كطرف مدني و تطالب بكافة الحقوق المرتبطة بالمصلحة الجماعية ألعضائها‪ ،‬و إذا لم يعاين مفتش العمل المخالفة‬
‫المرتكبة من قبل المستخدم فإنه يجوز لها أن تعلمه بها ليقوم باإلجراءات الالزمة‪ ،‬و إال فإنها تقدم شكوى مباشرة للنيابة العامة و‬
‫تتأسس في القضية كطرف مدني‪.‬‬

‫مما نقدم يتضح لنا أن المنظمات النقابية ‪ -‬إلى جانب مفتشية العمل‪ -‬أصبحت األعوان األساسية لمراقبة التطبيق السليم ألحكام قانون‬
‫العمل و مدى إحترامها‪.‬‬

‫بعض األمثلة ‪:‬‬

‫‪ -1‬تسريح ممثل عمال دون إتباع اإلجراءات القانونية ينتج عنه ‪:‬‬

‫أ‪ -‬إن قواعد الحماية المقررة لممثلي العمال تعتبر من النظام العام و مخالفتها تعتبر جريمة تمس بالمصلحة العامة للمهنة‪.‬‬

‫ب‪ -‬إن الهدف من قواعد الحماية القانونية هذه هي حماية العمال بصفة عامة و هذا ما يؤدي إلى المساس بالمصلحة الجماعية‪.‬‬

‫ج‪ -‬إن ممثل العمال لحقه ضرر من جراء التسريح الغير قانوني‪ ،‬و هذا ما ينتج عنه مصلحة فردية ذاتية‪.‬‬

‫‪ -2‬الوقاية الصحية و األمن في العمل‪:‬‬

‫في حالة وفاة العامل أو إصابته بجروح من جراء عدم إتخاذ قواعد الوقاية الصحية و األمن في العمل‪ ،‬فإنه ينتج عن هذه المخالفة‬
‫ثالث مصالح مختلفة‪:‬‬

‫أ‌‪ -‬المساس بالمصلحة العامة ناتج عن مخالفة قواعد قانون العمل‪.‬‬

‫ب‌‪ -‬ضر مادي و معنوي أصاب الضحايا أو ذوي حقوقهم‪.‬‬

‫ج ‪ -‬مساس بالمصلحة العامة للمهنة و التي وجد أعضاؤها أنفسهم في وضعية الالأمن و ذلك ناتج كذلك من مخالفة قواعد قانون‬
‫العمل‪.‬‬

You might also like