Professional Documents
Culture Documents
ممارسة الحق النقابي داخل المؤسسة
ممارسة الحق النقابي داخل المؤسسة
إذا كانت الغاية من إنشاء المنظمات النقابية هو الدفاع عن المصالح المادية و المعنوية للعمال ،فإن تحقيق ذلك الهدف يفترض تواجد
تلك المنظمات في أماكن العمل ،و الؤسسة هي الميدان الوحيد الذي يتواجد فيه العمال -و الذي أسست النقابة للدفاع عن مصالحه -و
صاحب العمل ،أي توجد به مصلحتين متعارضتين ،يحاول المستخدم دائما تغليب مصلحته على مصلحة العامل (الطرف الضعيف
في العقد) .
لكل ذلك ،و لتمثيل أفضل للعمال عن طريق التعرف على ظروف عملهم بصفة عامة سمح المشرع للمنظمات النقابية إنشاء هياكل
نقابية و تعيين مندوبين نقابيين ،فهل يمكن ألي منظمة نقابية أن تنشئ تلك الهياكل ،أم أن هذه األخيرة من إختصاص نوع خاص من
المنظمات؟ في هذه الحالة ماهي الشروط الواجب توافرها حتى ينشئ الهيكل النقابي و يتم تعيين المندوبين النقابيين؟ و ما هي
صالحيات كل واحد منهما ؟
لإلجابة عن هذه التساؤالت نتطرق في مطلب أول إلى الهياكل النقابية و في مطلب ثان إلى المندوبين النقابيين :
طبقا للمادة 40من القانون 90/14فإنه "يمكن ألي منظمة نقابية تمثيلية حسب مفهوم المادتين 34
و 35من هذا القانون أن تنشىء هيكال نقابيا طبقا لقانونها األساسي لضمان تمثيل المصالح المادية
و المعنوية ألعضائها في أي مؤسسة عمومية أو خاصة ،و في أماكن عملهم المتميزة إذا كانت لها أماكن عمل أو أي مؤسسة أو هيئة
أو إدارة عمومية" .
من خالل هذا النص يتضح لنا أن المشرع الجزائري يعترف بممارسة الحق النقابي في كل المؤسسات سواء كانت عمومية أو خاصة
،و ذلك في إطار إحترام الحقوق و الحريات المقررة قانونا لضمان تمثيل المصالح المادية و المعنوية ألعضاء النقابة ،فروح القانون
هنا ال تهدف إلى خلق نقابة جديدة داخل المؤسسة أو الفرع و إنما إلى تمديد جذور النقابة إلى أعماق المؤسسة فتصبح مشكلة و ممثلة
على مستوى كل فرع منها و حتى في أماكن العمل المتميزة ،و لذلك يعتبر هذا الهيكل النقابي تجمع فعلي .
في الواقع فإن توافر الهيكل النقابي في المؤسسة ضروري في أغلب األحيان إذ وحده فقط يبرر تعيين المندوبين النقابيين ،و ترتكز
عليه الحريات النقابية المقررة قانونا كالحرية في التعبير (. )1
ممارسة الحق النقابي داخل المؤسسة يجب أن يكون في إطار الشروط القانونية ال سيما تلك المتعلقة بتأسيس الهياكل النقابية ،ففي ماذا
تتمثل تلك الشروط و هل صالحيات الهيكل النقابي تختلف عن صالحيات المنظمة النقابية المنبثق عنها ؟ .
تشجيعا إلنشاء الهياكل النقابية داخل المؤسسات فإن الشروط الواجب توافرها خفضت إلى أقصى حد إذ لم ينص المشرع على أي
شرط شكلي ،و إكتفى ببعض الشروط الموضوعية التي بتواجدها يكون الهيكل مؤسس قانونا .
بقراءة نص المادة 40المذكور سلفا يتجلى لنا أن الشروط الموضوعية الواجب توافرها إلنشاء هيكل نقابي هي كون المنظمة النقابية
تمثيلية و كون المؤسسة عمومية أو خاصة و حتى في أماكن العمل المتميزة و ذلك بغض النظر عن عدد العمال الذين يعملون بها .
-1شرط التمثيلية:
إنشاء هيكل نقابي هو إمتياز ممنوح فقط للمنظمات النقابية التمثيلية دون غيرها و المقصود بالمنظمات النقابية التمثيلية هنا ،كما سبقت
اإلشارة إليه ،كل المنظمات النقابية للعمال األجراء المستخدمين المكونة قانونا منذ 6أشهر على األقل ،و التي تضم % 20على
األقل من العدد الكلي للعمال األجراء أو لتلك التي لها تمثيل % 20على األقل من العدد الكلي للعمال األجراء أو لتلك التي لها تمثيل
% 20على األقل في لجنة المشاركة .كما تعتبر تمثيلية كذلك على الصعيد البلدي والمشترك
بين الواليات ،أو الوطني ال إتحادات و ال إتحاديات أو ال كنفدراليات ل لعمال األجراء التي تضم % 20على األقل من المنظمات
النقابية التمثيلية التي تشملها القوانين األساسية لإلتحادات المذكورة .
ـــــــــ
إن الهيكل النقابي ينشئ في أية مؤسسة بغض النظر عن طبيعة نشاطها :سواء كانت تجارية ،فالحية أو صناعية ...و بغض النظر
عن طبيعتها القانونية :شركة تجارية ،مدنية أ و تجمع صناعي ،مؤسسات عمومية...
و إضافة إلى كون ممارسة الحق النقابي يكون داخل المؤسسة ،فإن المشرع مدد ممارسة هذا الحق حتى داخل أماكن العمل المتميزة،
فمادا يعني بهذه األخيرة ؟
إن التشريع الجزائري ،كغيره من التشريعات األخرى لم يتطرق إلى تعريف مكان العمل المتميز لكن الفقه الفرنسي حاول ذلك
معتبرا إياه تجمع ا للوسائل المادية و الغير المادية لغرض الوصول ،عن طريق نشاط مستمر ،إلى تحقيق هدف ذو طبيعة تقنية ،و
هناك من عرفه بأنه المكان الذي تمارس فيه سلطة إبرام العقود و التسريح عن العمل مع إمكانية توقيع الوثائق ،و لقد ذهب البعض
إلى إعتباره هيئة تقنية لإلنتاج بينما المؤسسة هي هيئة إقتصادية له ( )2إن هذا المفهوم جد واسع إذ لم يضع معيار محدد لتعريف
مكان العمل المتميز.
و بإعتبار الفقه لم يستطع وضع تعريفا شامال واضحا لمكان العمل المتميز فإننا نحاول اللجوء إلى وجهات نظر القضاء .
و نظرا لكون اإلجتهاد القضائي الجزائري لم يتناول هذه المسألة فإننا نتطرق إلى اإلجتهاد القضائي الفرنسي الذي حاول أن يعطي
عدة معايير للتعرف على مكان العمل المتميز.
ففي قرارها الصادر بتاريخ 09/05/1989فإن محكمة النقض الفرنسية ذهبت إلى أنه يجب على القضاة ،لتعيين المندوبين النقابيين
في أماكن العمل المتميزة أن يأخذوا بعين اإلعتبار لتحديد هذه األخيرة :ظروف العمل ،أهمية عدد العمال و إستقاللية المكان بالنسبة
للمؤسسة (. )3
و في قرار آخر ذهبت إلى أنه يمكن أن يعتبر كمكان عمل متميز لتعيين المندوبين النقابيين الورشات المتواجدة خارج المؤسسة و
التي تتمتع بنوع من اإلستقرار و كون أغلبية عمالها مرتبطين معها بعقود عمل غير محددة المدة،
و كون مسؤولي تلك المؤسسات يتمتعون بسلطات واسعة ،و ذلك بكون األجور تحدد هنا من قبل المديرية العامة (. )4
ـــــــــ
( )2أنظر صفحة 301من المرجع Droit du travail 2 édition Brun et Henri gallaud et Andrel
( )3أنظر ص 175من المرجع . le droit syndical édition force ouvrière :
أبعد من ذلك فإن محكمة النقض الفرنسية ذهبت إلى أن مكان العمل المتميز مفهوم متغير بحسب المنظمة-التي تسعى سواء إلى تعيين
المندوبين النقابيين أو إلنتخاب لجان المشاركة أو ممثلي العمال -إذ ال يجب األخذ بعين اإلعتبار لتعيين المندوبين النقابيين األحكام
المتعلقة بإنتخاب ممثلي العمال أو لجان المشاركة ،فما يجب األخذ به هو الدور الذي يؤديه المندوب النقابي (. )5
و بالرغم من صعوبة تحديد مفهوم مكان العمل المتميز ،فإن اإلجتهاد القضائي الفرنسي عرفه بكونه عبارة عن هيئة تقنية لإلنتاج لها
ميزانية مادية مستقلة عن المؤسسة و لكنها تابعة لها (. )6
من خالل هذا التعريف فإنه يمكن إستخراج معيارين للقول ما إذا كان مكان العمل متميز أم ال ،يتمثالن في :اإلستقاللية من جهة و
عدم اإلستقاللية أو التبعية من جهة أخرى .
من الناحية الوظيفية :إن مكان العمل المتميز له إطار عمل خاص به و يستطيع اإلعتماد على
من الناحية القانونية :إن مكان العمل المتميز ليس له شخصية معنوية .
من الناحية اإلقتصادية :حتى و لو كان لمكان العمل المتميز ميزانية خاصة ،فإن ذلك ال يعني إستقاللية تامة عن المؤسسة إذ ميزانيته
المتحصل عليها تدمج بميزانية المؤسسة .
كل مؤسسة مهما كان عدد عمالها ضئيال أو كثيرا فإن المنظمة النقابية التمثيلية تستطيع إنشاء هيكل نقابي فيها ،إذ أن المشرع لم
يضع حد أدني للعمال يجب توافره في المؤسسة حتى يمكن تأسيس هيكل نقابي بداخله ا .
مالحظة :إن شرط وجوب توافر عدد 20عامل أجير و المنصوص عليه في المادة 41من القانون رقم 90/14يتعلق بالمندوبين
النقابيين و ليس بالهيكل النقابي .
ـــــــــ
طبقا لنص المادة 40من قانون 90/14فإنه يمكن ألي منظمة نقابية تمثيلية أن تنشيء هيكال نقابيا.
إن تأسيس الهيكل النقابي ال يخضع ألي شرط شكلي ،إذ من الناحية القانونية تعتبر المنظمة النقابية التي تريد إنشاء الهيكل النقابي
حرة في إعالم المستخدم أو غيره بذلك ،إذ أن المشرع لم يلزمها بأي شكل من أشكال التبليغ كما فعل بالنسبة للمندوبين النقابيين ،فما
هي إذن المعايير التي تسمح بإثبات وجوده ؟ خاصة و أن مشكلة اإلثبات تطرح في الغالب عند تعيين المندوبين النقابيين و تبليغ
أسمائهم لصاحب العمل .
فحتى يكون التعيين ساري المفعول يجب أن يكون الهيكل النقابي مؤسس ا فعال .
إن إثبات تأسيس الهيكل النقابي -و الذي يقع على عاتق المدعي بإنشاء أي نقابة -يمكن أن يكون بكافة الطرق .
في هذا اإلطار ،فإن اإلجتهاد القضائي الفرنسي ذهب إلى إعتبار أن الهيكل النقابي مؤسس قانونا إذا تبين تواجد عمال أجراء في
المؤسسة إنضموا إلى المنظمة النقابية التي تدعي بتأسيس الهيكل النقابي أو إعتباره في إطار التأسيس و ذلك إذا عبر هؤالء عن
رغبتهم في التجمع لممارسة نشاط نقابي في المؤسسة ( )7و ذلك بغض النظر عن عددهم ،على أال يقل عن إ ث نين ،و عن طبيعة
أو أهمية النشاط الذي يمارسونه ،لكن تعيين مندوب نقابي ال ينطوي في حذ ذاته على تأسيس الهيكل النقابي ،إذ إنشاء هذا األخير
يأتي بعد تعيين المندوبين النقابيين و ليس قبلهم .
و مع إنعدام أي نص قانوني يشير إلى وجوب توافر أي شرط شكلي إلثبات إنشاء الهيكل النقابي ،و في إنتظار تشكيل إجتهاد قضائي
وطني لتوضيح الصورة أكثر ،فإننا نعتقد أنه كان من األفضل على المشرع أن يقيد تأسيس الهياكل النقابية بشرط شكلي :كشرط
إعالم المستخدم مثال أو شرط اإلشهار ،و ذلك تفاديا ألي نزاعات حول مسألة اإلنشاء طالما أن عملية اإلثبات حتى و لو كانت بكافة
الطرق فإنها صعبة إن لم نقل مستحيلة .
ـــــــــ
)7قرار صادر عن محكمة النقض الفرنسية بتاريخ 27/06/90أنظر ص 164من المرجع السالف الذكر
(ممارسة الحق النقابي داخل المؤسسة Icon_coolقرار منشور م .ق .ع األول لسنة 1998صادر عن المحكمة العليا بتاريخ
09/12/97تحت رقم . 149274
حتى و لو كان الهدف من إنشاء الهياكل النقابية هو ضمان تمثيل المصالح المادية و المعنوية ألعضاء المنظمة النقابية المنشأة،
فبالرغم من ذلك فإنها ال تتمتع بالشخصية المعنوية و بالتالي فال تستطيع إبرام العقود و ال اللجوء إلى القضاء كمدعية أو مدعى عليها
و هذا ما أقرته المحكمة العليا (ممارسة الحق النقابي داخل المؤسسة Icon_coolإذ إعتبرت أن الهيكل النقابي ما هو إال فرع محلي
للنقابة و ليس له ال أهمية و ال صفة التقاضي
و لكن حتى و إن كان الهيكل النقابي ال يتمتع بالشخصية القانونية فإ ن المشرع منحه عدة صالحيات لتمكينه من القيام بالمهام الموكلة
إليه خاصة تلك المتعلقة بتمثيل المصالح المادية والمعنوية
يجب على صاحب العمل أن يخصص لكل هيكل نقابي داخل المؤسسة لوحة على األقل مغايرة لتلك الموضوعة للجان المشاركة و
ممثلي العمال ،و ذلك إلعالم النقابي وفقا لإلتفاق المبرم مع صاحب العمل إذ ذلك يرجع للتفاوض :تحديد عدد اللوحات ،شكلها،
مساحتها و مكان وضعها .
لكن كيفية و وقت النشر تبقى حرة من إختصاص الهيكل وحده مع وجوب إحترام أوقات الفتح العادية
للمؤسسة ،لكن هل للهيكل الحرية التامة في نشر كل ما يريده دون مراقبة من قبل صاحب العمل ؟
إن مضمون الوثائق المنشورة توضع بكل حرية من قبل الهيكل النقابي و ذلك تكريسا لمبدأ حرية
ممارسة الحق النقابي داخل المؤسسة ،بشرط أن يكون المضمون متفق مع الهدف المسطر لها مع إرسال نسخة منها في نفس الوقت
إلى صاحب العمل إلعالمه بمضمونها ،و عليه فليس للمستخدم سلطة المراقبة ال القبلية و ال البعدية على المنشورات النقابية ،فإذا ما
تبين له أن تلك المنشورات تتضمن أحكام مخالفة لهذه النقابة -الدفاع عن مصالح و حقوق أعضائها -فليس له صالحية نزع ذلك
المنشور أو حذف جزء منه فإنه بذلك يكون معرض لمتابعة جزائية إلرتكابه مخالفة عرقلة ممارسة الحق النقابي ،و نفس الحكم يطبق
على كل شخص يقوم بذات الفعل .
* فال يبقى أمام من إعتبر مضمون المنشور غير شرعي إال أن يلجأ إلى القاضي اإلستعجالي الذي
ـــــــــ
(ممارسة الحق النقابي داخل المؤسسة Icon_coolقرار منشور م.ق.ع األول لسنة 1998صادر عن المحكمة العليا بتاريخ
09/12/97تحت رقم . 14927
وحده يستطيع األمر بالنزع الفوري للمنشور ،و ذلك لتفادي الضرر الذي يمكن أن ينجر عن ذلك النشر ،و عندما تكون حالة
اإلستعجال غير متوافرة أي لم تعد هناك فائدة من نزع ذلك المنشور،
و بالتالي يكون القضاء العادي هو المختص بالفصل في أصل الحق و يقرر ما إذا كان مضمون المنشور شرعي أم ال ،و الحكم
الصادر في هذه الحالة ينحصر في إلزام المنظمة النقابية التي أسست الهيكل النقابي في تعويض الضرر الناجم .
إن المشرع الجزائري لم ينص صراحة على إعتبار توزيع المناشير من صالحيات الهياكل النقابية ،لكن بالرغم من ذلك فإنها تعتبر
من بين أهم وسائل حرية التعبير عن األراء النقابية ،و حتى كوسيلة إلعالم العمال عن النتائج المتوصل إليها في اإلجتماعات ،لذلك
ن أمل أن يستدرك المشرع هذا النقص في التشريع و يدرج هذا الحق -حق توزيع المناشير -ضمن صالحيات الهياكل النقابية في
قانون العمل .
و بالرغم من عدم ورود نص ينظم كفية توزيع المناشير داخل المؤسسة فإنه يمكن أن يكون ذلك خاضع للتفاوض ما بين المنظمات
النقابية و صاحب العمل ،إذ يمكنها اإلتفاق حول حرية الهيكل النقابي في ممارسة حق توزيع المناشير داخل المؤسسة ،طريقة و وقت
و أماكن توزيعها .
و على العموم فإن توزيع المناشير داخل المؤسسة يعتبر نتيجة لحرية ممارسة الحق النقابي وذلك
بشرط أن يكون محتواها مطابق لنشاط المنظمة النقابية و للهدف الذي تصبو إلى تحقيقه ،و إذا ما الحظ المستخدم أن تلك المناشير
تتضمن أحكام مخالفة للغرض الذي أسست ألجله المنظمة النقابية أو تم توزيعها خارج أماكن و أوقات العمل المتفاوض بشأنهما فإنه
يمكنه اللجوء إلى القضاء لطلب التعويض عن األضرار الالحقة به و لتنفيذ اإللتزامات المتعاقد عليها.
بإمكان كل هيكل نقابي ،عندما يريد ذلك ،أن يعقد إجتماعا داخل المؤسسة و بالذات في األماكن المحددة لذلك الغرض - ،مع مالحظة
أن القانون يشترط في حالة كون المنظمة النقابية تضم 150عضو أو أكثر -أن يضع صاحب العمل تحت تصرفها محال مالئما لعقد
اإلجتماعات فيه ،أما إذا لم يكن عدد األعضاء مساويا للقيمة المذكورة فإن أمر تحديد مكان اإلج ت ماعات يرجع إلى التفاوض بين
المنظمة النقابية و المستخدم ،ذلك ألن هذا األخير يعتبر مسؤول عن تسهيل عملية عقد اإلجتماعات بوضعه الوسائل الضرورية لذلك
.
حتى و لو لم ينص المشرع على ذلك صراحة ،فإنه و لضمان حسن سير العمل النقابي ،فيجب أن تعقد اإلجتماعات خارج أوقات
العمل و تاريخ تحديدها يرجع إلى الحرية التامة للهيكل النقابي ،و على العموم فإن ذلك يرجع تنظيمه إلى التفاوض الجماعي بإعتبار
حرية عقد اإلجتماعات يترجم عقدها داخل المؤسسة على أنه حرية ممارسة الحق النقابي .
األصل أن تعقد اإلجتماعات ما بين أعضاء الهيكل النقابي ،لكن ما الحكم لو أراد المستخدم حضورها ؟
إن الفائدة المرجوة من عقد تلك اإلجتماعات هو دراسة المشاكل التي تحيط باألعضاء داخل المؤسسة و باألخص ظروف العمل ،و
على العموم بأمور ال يجوز أن يكون المستخدم حاضرا عند مناقشتها ،و ذلك دائما لتسهيل ممارسة الحق النقابي ،غير أنه في حالة
ما إذا طلب صاحب العمل حضور إجتماع ما فإن قبوله أو رفضه يرجع إلى الحرية التامة للهيكل النقابي .
إذا كان حضور صاحب العمل لإلجتماعات التي يعقدها الهيكل النقابي داخل المؤسسة ممنوع بحسب األصل ،فما الحكم المترتب عن
حضور أشخاص آخرين من الغير لتلك اإلجتماعات ؟
و هل شروط و ظروف توجيه الدعاوى للغير للحضور خاضع لضرورة إعالم المستخدم بها و لقبوله أم ال ؟
في هذا اإلطار ،و مع غموض النص ،فإنه من األفضل أن يرجع أمر تحديد ذلك إلى التفاوض ما بين صاحب العمل و المنظمة
النقابية .
نشير فقط إلى أن اإلجتهاد القضائي الفرنسي فرق ما بين اإلجتماعات المنعقدة داخل المحالت النقابية أو خارجها ،و كون األشخاص
المدعوة تتمتع بالصفة النقابية أم ال ،فإذا كان المدعوون نقابيين فإن موافقة المستخدم على دعوتهم غير ضرورية إذا عقد اإلجتماع
داخل المحل النقابي ،إما إذا عقد ه خارجه فيجب الحصول على موافقة المستخدم و نفس اإلجراء إذا كان المدعوون غير نقابيين ()9
ـــــــــ
(L’employeur qui refuse l’accès de l’entreprise à une personnalité syndical extérieur commit un )9
délit d’entrave. (cassation crime de France 11 mai 1989
إجابة عن هذه التساؤالت قسمنا هذا المطلب إلى ثالثة فروع األول تناولنا فيه شروط تعيين المندوبين النقابيين و الثاني تطرقنا فيه
إلى صالحياتهم و الثالث إلى النظام القانوني الذي يخضعون له .
إن تعيين المندوبين النقابيين يخضع إلى عدة شروط موضوعية و شكلية تتمثل فيما يلي :
هاته الشروط منها ما يتعلق بالمندوب النقابي ،و منها ما يتعلق بعدد العمال داخل المؤسسة :
إن الجهة التي يؤول لها إختصاص تعيين المندوبين النقابيين هي الهياكل النقابية و ذلك طبقا للمادة 41من القانون رقم 90/14التي
تنص على " يعين الهيكل النقابي المذكور في المادة 40أعاله من بينه المندوب أو المندوبين النقابيين المكلفين بتمثيلية لدى
المستخدم ،في الحدود و النسب التالية:
نستخلص مما سبق أنه حتى يستطيع الهيكل النقابي تعيين المندوبين النقابيين فيجب أال يقل عدد عمال المؤسسة عن 20عامل ،فإن
كانت المؤسسة تشغل أقل من ذلك العدد فإن تمثيل العمال األجراء لضرورة التفاوض الجماعي و الوقاية من نزاعات العمل الجماعية
و تسويتها يكون من إختصاص ممثل واحد يتم إنتخابه مباشرة من مجموع العمال .
و يدخل في إطار حساب عدد العمال كل الذين تربطهم عالقة عمل بالمؤسسة أي كل األشخاص الذين يؤدون عمال يدويا أو فكريا
مقابل أجر ،لحساب شخص معنوي عمومي أو خاص يدعي المستخدم ،
و ذلك سواء كانوا يرتبطون بالمؤسسة بعالقة عمل غير محددة المدة أو محددة المدة أو حتى العاملون بالتوقيت الجزئي و الذين
يتمتعون بنفس الحقوق القانونية و المتفق عليها التي يتمتع بها العمال
ال يمكن تعيين كمندوب نقابي أي شخص (عامل بالمؤسسة) ،إذ أن المشرع قيد ذلك بشروط واردة على سبيل الحصر في المادة 44
من القانون ،90/14تتمثل تلك الشروط في السن ،األقدمية
حتى يعين كمندوب نقابي يجب أن يكون العامل قد إشتغل داخل المؤسسة لمدة سنة على األقل فال يمكن للمنظمة النقابية أن تعين
كمندوب نقابي لها من ال ي ربطه بالمؤسسة عقد عمل سواء كان هذا األخير مبرم لمدة محددة أو غير محددة لتوقيت كلي أو جزئي،
و كذا بغض النظر عن رتبة العامل المهنية ،إذ يمكن تعيين أي عامل بشرط أن تكون له عالقة تبعية سواء بالمؤسسة أو بالمقاولة أو
باإلدارة العمومية حسب الحالة ،و السؤال المطروح هنا هو هل يمكن تعيين القائمين باإلدارة كمندوبين نقابيين ؟
ـــــــــ
( )10أنظر المادة 09من المرسوم التنفيذي رقم 473 .97المؤرخ في 08/12/97المتعلق بالعمل بالتوقيت الجزئي.
( )11أنظر المادة 44من القانون 90/14و المتعلق بكيفيات ممارسة الحق النقابي و الصادر بتاريخ. 02/06/90
( )12ورد خطأ بالمادة 44من القانون 90/14إذ نص على " ...يوم إنتخابه "...إن اإلنتخاب يخص ممثلي العمال أما المندوب
النقابي فيعين و ال ينتخب ،فالكلمة الصحيحة إذن هي :يوم تعيينه" .
إن المشرع لم يحدد صفة العامل و منصب العمل الذين يجب توافرهما في المندوب النقابي إذ ترك المجال مفتوحا أمام كل العمال و
كذا أمام كافة المناصب بما في ذلك القائمين باإلدارة .
و في إنتظار صدور قرارات من المحكمة العليا ،فإنني أعتقد أنه طالما غالبا ما يكونوا القائمين باإلدارة تابعين للمستخدم إذ يتخذون
القرارات بإسمه و يمثلونه أمام مجموع العمال لدرجة أن صفتهم تختلط بصفة صاحب العمل ،لذلك فإنه من األجدر إبعادهم عن
التمثيل النقابي .
يثورهنا تساؤل آخر حول إمكانية وجود عالقة قرابة بين العمال و صاحب العمل فهل هذا يعتبر عائق لتعيينهم كمندوبين نقابيين ؟
نقول هنا و إعتمادا على مبدأ :كل ما هو غير ممنوع القيام به قانونا فهو مباح و إعتبارا أن المشرع لم يمنع تعيين العمال الذين
تربطهم عالقة قرابة بالمستخدم كمندوبين نقابيين فإن ذلك يرجع إلى النقابة إذا رأت أنه ال يلحقها أي ضرر فلها أن تعين أحد أقارب
صاحب و ذلك مهما كانت درجة قرابته .
أشارت المادة 44إلى عبارة "أقدمية ال تقل عن سنة" فهل كان المشرع يقصد من ذلك تأدية العمل الفعلي من قبل العامل -حتى
يمكن تعيينه كمندوب نقابي -لمدة سنة على األقل ،و هل يجب أن تبقى عالقة العمل قائمة بين المستخدم و العامل أ ،م أنه يكفي أن
يكون العامل قد أدى فعال عمال لفائدة المستخدم لمدة ال تقل عن سنة ثم إنقطعت تلك العالقة ألي سبب من األسباب ؟ إضافة إلى ذلك
فهل يجب أن يكون العمل المؤد ى لمدة سنة يجب أن يكون مستمر لكامل تلك المدة ؟
إن نص المادة جاء غامضا و لم يتطرق إلى كل تلك التساؤالت ،و عليه و لإلجابة عليها يجب أن تتطرق إلى الفائدة المرجوة من
إشتراط تلك المدة
إن الفائدة العملية من إشتراط تأدية المندوب النقابي لعمل داخل المؤسسة أو المقاولة أو الهيئة أو اإلدارة العمومية لمدة سنة على األقل
هي إفتراض كونه على إطالع أكبر بواقع المؤسسة و بمشاكل العمال الذين سيمثلهم ،و حتى يكون تحقيق هذا الهدف قائم فيجب أن
يبقى المندوب على عالقة مستمرة بالهيئة المستخدمة ،و عليه فإن تعليق عالقة العمل ألي سبب من األسباب كحالة اإلنتداب ،أداء
الخدمة الوطنية أو اإلحالة على البطالة التقنية ،ففي كل هذه الحاالت عالقة العمل بين العامل
و صاحب العمل تعلق و لمدة طويلة أو على األقل لمدة ال يمكن تقديرها و بالتالي فال يمكن تعيينه كمندوب نقابي .في حين فإن تعليق
عالقة العمل لحالة مرضية و لمدة معينة ال تمنع ذلك .
هذا من جهة ،و من جهة أخرى هل العمل المؤدي لمدة سنة على األقل يجب أن يكون مستمر أم أنه يكفي توافر هذه المدة حتى و لو
كانت العالقة يشوبها تقطع ؟ فهل حساب األقدمية يكون مرتبط بعقد عمل وحيد أم أنه يتعداه إلى أكثر من ذلك ؟
بما أن المشرع لم يستثن حالة عقود العمل المحددة المدة ،فإنه يمكن جمع عدة عقود للحصول على المدة المقررة قانونا ،لكن في هذه
الحالة فإنه يمكن أن يثور مشكل الفارق الزمني بين العقد األول و العقد الثاني ،فما هو مقدار المدة الزمنية التي يجب أن ال يتعداها
إبرام العقد الثاني ؟
هنا أيضا ال يوجد حل قانوني و ال قضائي على األقل نستطيع القول أنه حتى يبقى العامل على إطالع بواقع المؤسسة فيجب أال يكون
الفارق بين إبرام العقدين طويل .
مثال :عامل إرتبط مع المؤسسة بعقد عمل محدد المدة يبدأ سريانه من تاريخ 01/01/2005إلى غاية 30/04/2005ثم أبرمت
معه نفس المؤسسة عقد عمل آخر و ذلك بتاريخ ،01/07/2005و بتاريخ
إن شرط أقدمية العمل في المؤسسة المقررة من قبل المشرع متوافر في قضية الحال و ذلك بجمع مدة العمل المؤد ى في العقد األول
و هي 04أشهر و مدة العمل الثانية المتمثلة في 9أشهر ف 13 = 9+4 :شهر .
لكي يمكن تعيينه كمندوب نقابي يجب أن يكون العامل متمتع بحقوقه المدنية و الوطنية ال سيما حق اإلنتخاب و الترشيح و كذا تمتعه
بكامل أهلية األداء ،و بالتالي فال يجب تعيين ( )13من حرم من حق اإلنتخاب أو الترشيح و كذا عديم األهلية ألن يكون مساعدا مح
لفا أو أخبيرا أو شاهدا على أي عقد أو أمام القضاء أو أن يكون وصيا أو ناظرا و كذا المحروم من حق حمل األسلحة و التدريس و
من إدارة مدرسة أو يستخدم في مؤسسة للتعليم بوصفه أستاذا أو مدرسا أو مراقبا ،و كذا المحروم من حق اإلقامة كمندوب نقابي .
بادئ ذي بدء يجب تصحيح خطأ وارد في المادة 45من القانون رقم 90/14إذ وردت سهوا عبارة " التي تعقب إنتاخبهم" بدال من
"تعقب تعيينهم" ذلك ألن المندوبين النقابيين يعينون و ال ينتخبون
إضافة إلى الشروط الموضوعية الواجب توافرها لتعيين المندوبين النقابيين إشترط القانون شرط شكلي يتمثل في ضرورة تبليغ
المستخدم و مفتش العمل بلقب و إسم المندوب أو المندوبين النقابيين
ـــــــــ
ففي ماذا تتمثل وسائل اإلعالم و ماهو الجزاء المترتب عن عدم إحترام األجل المحدد قانونا ؟
إن المشرع لم يحدد الوسائل التي بواسطتها يتم تبليغ المستخدم أو مفتش العمل بألقاب و أسماء المندوبين النقابيين ،و بالتالي ترك
المجال مفتوحا للهيكل النقابي أو للمنظمة النقابية إلختيار الوسيلة التي تراها أنسب للتبليغ حتى شفاهة ،لكن تجنبا إلنكار المستخدم
بتبليغه بألقاب المندوبين ،و نظرا لكون عبئ اإلثبات هنا يقع على عاتق الهيكل النقابي أو النقابة فإنه من األحسن أن يتم التبليغ عن
طريق رسالة مضمنة الوصول مع اإلشعار باإلستالم ،أو عن طريق رسالة مسلمة شخصيا مع إستالم
و إذا كانت المؤسسة مقسمة إلى أماكن عمل متميزة و تم تعيين مندوبين نقابيين في تلك األماكن ،فإن تبليغ قوائم أسماء و ألقاب
المندوبين ،يتم أمام مسؤول المؤسسة و كذلك مسؤولي تلك األماكن .
إن تعيين المندوبين النقابيين ال يكون نافذا في مواجهة المستخدم و ال مفتش العمل إال عند تبليغهما بذلك خالل 8أيام من تار ي خ
التعيين ،يثار هنا التساؤل حول الجزاء المترتب عن عدم إحترام ذلك األجل و قيام الهيكل بالتبليغ بعد مرور شهر مثال من تاريخ
التعيين ؟
قبل الجواب عن هذا التساؤل يجب التأكد أوال من الهدف من وضع ذلك األجل و من كونه يتعلق بالنظام العام أم ال ؟
باإلطالع على نص المادة 45المذكورة سلفا فإنه يتجلى لنا أن الهدف من وضع أجل 8أيام يتمثل في كونه وسيلة إلعالم المستخدم
في أجل قصير نوعا ما بقائمة المندوبين النقابيين ،و أن هذا األجل مقرر لمصلحة المستخدم و بالتالي ال يعتير من النظام العام ،فإذا
ما ثار نزاع حول عدم تبليغ المستخدم بتلك القائمة خالل تلك المدة فإن المحكمة تقضي بإلغائها و ذلك إلخالل الهيكل النقابي
باإللتزامات الملقاة على عاتقه .
سبقت اإلشارة إلى أن الغاية من تبليغ المستخدم بقائمة أسماء و ألقاب المندوبين النقابيين هي إطالعه عليها ،و هذا ما يمكنه من
مراقبة كون الشروط الواجب إحترامها -سواء تلك المتعلقة بعدد العمال في المؤسسة أو المتعلقة بالعامل في حذ ذاته كوجوب بلوغه
سن 21سنة و أن تكون له أقدمية ال تقل عن السنة -متوافرة ،فإذا ما تبين له أنها غير متوافرة فله أن يطعن في تلك القائمة أمام
القضاء اإلجتماعي الذي له أن يحكم بإلغائها إذا ما تبين له أن إجراءات التعيين كانت مخالفة للقانون.
في األخير نشير إلى أن المشرع قصر تبليغ أسماء و ألقاب المندوبين النقابيين على صاحب العمل و مفتش العمل فقط ،و نعتقد أن
كان من األجدر به أن ينص أيضا على وجوبية إعالم العمال األجراء بذلك.
و لكن حتى و لو لم يرد نص صريح بذلك ،فإنه من المفيد و من الالزم أن يكون العمال على علم بأسماء المندوبين الذين سيمثلونهم
مستقبال أمام الهيئة المستخدمة ،و على ذلك فإنه يجب على الهيكل النقابي أن يبلغ العمال بقائمة المندوبين سواء عن طريق التعليق أو
أي وسيلة أخرى.
بعد قراءة أولية لألحكام المتعلقة بالمندوبين النقابيين و بالقانون المتعلق بكيفيات ممارسة الحق النقابي و حتى القانون رقم 90/11
خاصة الباب السادس منه ( )14نالحظ أن المشرع لم يبين المهام
و الصالحيات التي يمكن للمندوب النقابي القيام بها ،و هنا نتساءل عن الفائدة من تخصيص فصلين
كاملين متضمنين أحكام لتسهيل عملهم و أخرى لحمايتهم من أي ضغط يمارس عليهم من قبل المستخدم ؟
فمن جهة نص المادة 46من القانون رقم 90/14على أنه "يحق للمندوبين النقابيين التمتع بعيش ساعات في الشهر مدفوعة األجر
كوقت عمل فعلي و ذلك لممارسة مهمتهم النقابية ،و من جهة أخرى نصت المادة 53من نفس القانون على أنه " :ال يجوز للمستخدم
أن يسلط على أي مندوب نقابي ،بسبب نشاطاته النقابية عقوبة العزل أو التمويل أو عقوبة تأديبية كيفما كان نوعها" فما جدوى وضع
نظام حماية لفئة ما ،و ذلك لتسهيل القيام بمهامها بكل حرية دون تحديد تلك المهام ؟
حسب رأيي إنه من غير المنطقي تخصيص كل تلك األحكام -المتعلقة بالمندوبين النقابيين -دون أن تكون لهم مهام داخل المؤسسة:
هنا يوجد تحليلين :
بالرجوع إلى األحكام الخاصة بالقانون )15( 90/02فإنه يجب على المستخدم و ممثلي العمال عقد إجتماعات دورية لدراسة
وضعية العالقات اإلجتماعية و المهنية و ظروف العمل العامة داخل الهيئة المستخدمة ،و لقد أعطت الفقرة الثانية من المادة 4من
نفس القانون تفسيرا لممثلي العمال إذ أشارت إلى أن عبارة ممثلي العمال تدل على الم م ثلين النقابيين للعمال أو
للمثلين الذين ينتخبهم العمال في حالة عدم وجود الممثلين النقابيين .
ـــــــــ
( )14أنظر المواد من 114إلى 134من القانون رقم 90/11السالف الذكر و خاصة بالتفاوض الجماعي.
( )15أنظر المادة 04من القانون رقم 90/02الصادر بتاريخ 06/02/90و المتعلق بالوقاية من النزاعات الجماعية في العمل و
تسويتها و ممارسة حق اإلضراب.
إن المادة الرابعة السالفة الذكر أوكلت مهمة الوقاية من النزاعات الجماعية للممثلين النقابيين و في حالة عدم وجودهم فإنها أوكلت تلك
المهمة لممثلين منتخبين من قبل العمال.
يفهم من ذلك أن الممثلين النقابيين المذكورين أوال ال يكونوا منتخبين و لكنهم معينين ،إضافة إلى أنه مفترض تواجدهم المستمر في
المؤسسة ،في حين أن الممثلين المذكورين ثانيا يكونوا منتخبين ،و إنتخابهم يتم لغرض عقد اإلجتماعات مع المستخدم لتسوية
النزاعات الجماعية .
إذن ،فأول ما يمكن مالحظته هو أن المشرع فرق بين نوعين من الممثلين :ممثلين نقابيين و ممثلين منتخبين من قبل العمال و هاذين
النوعين من الممثلين أطلق عليهما تسمية ممثلي العمال .
و ثاني مالحظة هي أن الممثلين النقابيين يكونوا معينيين في حين أن الممثلين األخرين يكونوا منتخبين من قبل العمال ،و من المعلوم
أن الممثلين النقابيين الغير المنتخبين و الذين يكونوا معينين في المؤسسة هم المندوبين النقابيين .
و بالرجوع إلى المادة 42من نفس القانون فإن المشرع نص على أنه في حالة عدم توافر منظمة نقابية تمثيلية أو هيكل نقابي داخل
المؤسسة فإن تمثيل العامل لضرورة التفاوض الجماعي
و الوقاية من النزاعات الجماعية في العمل و تسويتها يكون من قبل ممثل ي ن ينتخبهم مجموع العمال ،و أبعد من ذلك فإنه حتى عند
تواجد هيكل داخل المؤسسة تشغل أقل من 20عامل (أي إستحالة تعيين مندوب نقابي) فإن تمثيل العمال للتفاوض الجماعي و للوقاية
من النزاعات الجماعية في العمل وتسويتها
يستخلص من القراءة المخالفة للمادة 42السالفة الذكر أنه عندما تتوافر في المن ظم ة النقابية الشروط المنصوص عليها في المادة
35و ما بعدها و المتعلقة بالتمثيلية إضافة إلى توافر شروط إنشاء الهياكل النقابية و شروط تعيين المندوبين النقابيين ال سيما تلك
المتعلقة بتوافر الحد األدنى من العمال داخل المؤسسة ( 20عامل على األقل) فإن مهمة التفاوض الجماعي و تسوية النزاعات
الجماعية تسند إلى ممثل نقابي.
بربط التحليلين السالفي الذكر فإنه يمكن أن نستخلص أن المهام الموكلة إلى المندوبين النقابيين هي التفاوض و الوقاية من النزاعات
الجماعية في العمل و تسويتها.
إن ما يدعم النتيجة المتوصل إليها هي أنه من الناحية العملية فإن المنظمات النقابية في تأديتها لمهامها تحاول دائما اإلستفادة من نظام
الحماية الخاص با لمندوبين النقابيين ،فإذا ما أوكلت مهمة التفاوض الجماعي مثال لممثل آخر غير المندوب النقابي فإنه ال تطبق عليه
األحكام الواردة في الفصلين الثاني و الثالث من الباب الرابع من القانون رقم 90/14و المتعلقين بالتسهيالت الممنوحة للمندوبين
النقابيين و بالحماية المقررة لهم أثناء ممارستهم لنشاطاتهم النقابية ،فذلك الممثل ال تمنح له مدة العشر ساعات و يمكن للمستخدم أن
يباشر ضده إجراء تأديبي دون إتخاذ التدابير المنصوص عليها قانونا
لضمان حسن تأدية المهام النقابية الموكلة لهم فإن المشرع منح المندوبين النقابيين مدة 10ساعات في الشهر مدفوعة األجر و
إعتبرها كوقت عمل فعلي ،و ال يدخل في حساب تلك الساعات الوقت الذي يقضيه المندوب النقابي في اإلجتماعات التي يستدعي
إليها بمبادرة من المستخدم .
إن الوقت الذي يقضيه المندوب في األعمال التي تكون بمبادرة منه فقط هي التي تحتسب ،ولقد ذهب المشرع إلى أبعد من ذلك و
إعتبر أن المدة التي يقضيها المندوب في اإلجتماعات التي يحضرها بطلب منه و يقبلها المستخدم ال تدخل في حساب العشر ساعات .
إن كيفية إستخدام تلك الساعات يكون من إختصاص المندوب وحده إذ يمكنه أن يستعملها دفعة واحدة أو يوزعها على فترات خالل
الشهر و ذلك بحسب إحتياجات أعماله النقابية غير أنه إذا لم يستعمل كل تلك الساعات أو البعض منها فإنه ال يمكن تأجيل إستعمالها
للشهر المقبل .
إضافة إلى ذلك فإنه يمكن للمندوبين النقابيين أن يجمعوا أو يقتسموا فيما بينهم مجموع حساب الساعات الشهرية الممنوحة إياهم ،
شريطة موافقة المستخدم ،إن هذا الشرط قد يؤدي إلى عرقلة حرية ممارسة الحق النقابي فيمكن لصاحب العمل أن يتعسف في
استعمال هذا الحق و يرفض جمع
و إقتسام الساعات بين المندوبين ،و عليه فإنه كان يستحسن أن ينص فقط على وجوبية إعالن المستخدم بنية المندوبين بجمع و
إقتسام الساعات الممنوحة لهم قانونا .
فحتى يستطيع المندوب النقابي تأدية المهام الموكلة إليه فإن المشرع منحه مدة 10ساعات كل شهر مدفوعة األجر و إعتبرها مدة
عمل فعلي للمندوب حق إستخدامها سواء أثناء وقت العمل أو خارجه و بما أن نص المادة 53من القانون 90/11يقضي بأنه ال
يمكن أن يتقاضى العامل أجر عن فترة لم يعمل فيها مهما تكن وضعيته في الترتيب السلمي ما عدا في الحاالت التي ينص عليها
القانون و بما أن المندوب النقابي في إستخدامه للعشر ساعات -و ذلك سواء أثناء وقت العمل أو خارجه -فإنه في الحقيقة ال يؤدي
بذلك عمل ا لفائدة المؤسسة أي ال تكون عالقة التبعية متوافرة بينه و بين صاحب العمل و إنما يؤدي عمل لفائدة المنظمة النقابية التي
يعتبر مندوبا عنها ،و هذا ما يجعل عمله هذا ال يقابله أجر طبقا للقاعدة العامة .
و خروجا عن تلك القاعدة نص المشرع في المادة 46من القانون 90/14على أن تلك المدة تعتبر كوقت عمل فعلي و يقابلها أجر و
عليه فيجب على المستخدم أن يدفع للمندوب النقابي أجر مقابل الساعات التي لم يؤد ى فيها عمل لصالحه و لكن إستخدمها للنشاط
النقابي.
إن قيمة الساعات العشر تحدد بنفس قيمة الساعات التي كان من المفروض قد عمل فيها المندوب ،فإذا كان إستخدامها أثناء وقت
العمل العادي فإن األجر الذي يقابلها يجب أن يكون مساويا لألجر المقابل لساعات العمل العادية ،و إذا كان إستخدامها أثناء الساعات
اإلضافية أو أثناء الليل فإن األجر المقابل يجب أن يأخد بعين اإلعتبار الزيادة التي ال تقل بأي حال من األحوال عن ℅ 50من
األجر العادي للساعة الواحدة ،هذا بالنسبة للساعات اإلضافية ،أما بالنسبة للعمل فإن المستخدم ملزم ب دفع أجرة تقدر قيمتها
بساعات العمل العادية .
لعل أهم وسيلة يمكن أن يستخدمها المندوب النقابي لتسهيل تأدية مهامه النقابية هي حرية تنقله داخل المؤسسة المستخدمة و حرية
إتصاله بالعمال حتى أثناء قيامهم بالعمل ،و ذلك للوقوف على المشاكل التي يعانيها هؤالء و على ظروف العمل بصفة عامة ،و
بالتالي فإن دفاعه عن المصالح المادية و المعنوية للعمال األجراء الذين تعطيهم القوانين األساسية للمنظمة النقابية التي ينضمون لها
يكون مبني على الواقع المعاش فعال داخل المؤسسة ،و بالرغم من ذلك فإن القانون الجزائري لم ينص على هذه الوسيلة و لم يتعرض
لها اإلجتهاد القضائي .
إال أنه حتى و لو لم ينظم المشرع نظام حرية تنقل المندوب النقابي داخل الهيئة المستخدمة و في مواقع العمل ،فإنه من الممكن
إعتبار ذلك جائز قانونا لما دامت الغاية من تنقله داخل المؤسسة يكون في إطار تسهيل تأديته لمهامه النقابية و المتمثلة في الدفاع عن
المصالح المادية و المعنوية للعمال األجراء فذلك الدفاع ال يكون مؤسس و ال منتج إال إذا كان مبني على المعرفة الميدانية للمشاكل
التي يعانيها العمال .
و بما أن المشرع إفترض أن الساعات العشر الممنو ح ة للمندوب النقابي قد تم إستغاللها للعمل النقابي فعال ،فإذا ما ثار نزاع حول
ذلك أي أن المندوب لم يستخدم تلك الساع ات في النشاط النقابي ،فعلى المستخدم -طبقا لقاعدة أن عبء اإلثبات يقع على عاتق
المدعي-أن يثبت أنه فعال لم يستعمل تلك الساعات للعمل النقابي ،فإذا ما أثبت ذلك فال يدفع له أجر مقابل تلك الساعات
إعتبارا أن ممارسة الحق النقابي حق دستوري معترف به لجميع المواطنين فال يجوز بالتالي ألحد أن يمارس أي تمييز ضد أحد
العمال بسبب نشاطاته النقابية إبان التوظيف و األداء و توزيع العمل
و التدرج و الترقية خالل الحياة المهنية و عند تحديد المرتب و كذلك في مجال التكوين المهني
و المنافع اإلجتماعية ،و ذلك سواء كان مندوب نقابي أو مسؤول في الهيكل النقابي أو المنظمة النقابية أو حتى مجرد عضو فيها.
و عليه فإنه إذا ما إرتكب المندوب النقابي أي خطأ ذا طابع نقابي محض فإن المنظمة النقابية التي عينته وحدها مختصة بتسليط
العقوبة التي تقابل الخطأ المرتكب ،و على العموم فإن القوانين األساسية و األنظمة الداخلية للمنظمات النقابية هي التي تحدد األخطاء
ذات الطابع النقابي و الجزاءات المقابلة لها ،فمثال فإن القانون ال أ ساسي لإلتحاد العام للعمال الجزائرين نص في المادة 24منه
على أن العقوبة التي يمكن تطبيقها تتراوح حسب خطورة الخطأ بين اإلنذار و التوبيخ ،التوقيف من التفويض النقابي ،التجريد النهائي
من كل مسؤولية نقابية و الطرد النهائي من حقوق اإلتحاد العام للعمال الجزائرين ،وأخيرا المتابعة القضائية في حالة اإلختالس ،و
يتم الحكم بالعقوبة على يد الهيئة التي ينتمي إليها المعني ،نفس القانون يحيل على النظام الداخلي لإل ع ع ج فإننا نجده ينظم
اإلجراءات الواجب إتباعها لتسليط العقوبات على مرتكبي المخالفات و كذا الجهات المختصة بذلك و التي تختلف بإختالف الهيئة التي
ينتمي إليها المعني (سواء الفرع النقابي ،ا إل تحاد المحلي ،الوالئي أو الوطني) .
و بما أن مجال الموضوع يتمحور حول المندوبين النقابيين فإن اللجنة التي تهمنا هي لجنة اإلنضباط التابعة للفرع النقابي و التي
تتألف من 3إلى 7أعضاء يتجدد إنتخابهم كل سنة ،نبدي هذه اللجنة رأيها بشأن العقوبة المناسبة و ذلك بعد اإلستماع إلى الطرف
المختصم و تقدم النتائج المتحصل عليها للهيئة التي ينتمي إليها المندوب المعاقب لتتخدذ العقوبات المناسبة ما عدا في حالة لتسليط
عقوبة اإلفضاء من صفوف اإلتحاد إذ أن هذه العقوبة يجب أن تحظى بموافقة اللجنة التنفيدية الوطنية.
إضافة إلى ذلك فإنه يحق للهيئة المشرفة الحكم على المندوب المخالف بالتوقيف المؤقت عن مباشرة المهام النقابية لمدة ال يمكن أن
تتجاوز شهرين .
و إبتداءا من تاريخ إستالم القرار القاضي بتسليط العقوبة فإنه يجوز الطعن فيه في أجل 21يوما من ذلك أمام اللجنة التي تعلو
مباشرة الهيئة التي إتخذت القرار .أما عقوبات الطرد النهائي من صفوف اإل ع ع ج فيتم أمام لجنة اإلنضباط اللجنة التنفيذية الوطنية
المجتمعة و التي يكون قرارها نهائي غير قابل ألي سبيل من سبل الطعن ،و يجب اإلشارة هنا أنه يجوز للمندوب المعاقب للدفاع عن
نفسه تفويض مدافع عنه .
إن نظام الحماية المقررة لفائدة المندوبين النقابيين ال يستثنيهم من سلطات المستخدم في تطبيق العقوبات التأديبية عليهم إذا ما إرتكبوا
خطأ بمناسبة تأديتهم ل نشاطاتهم المهنية ،و ذلك كغيرهم من العمال األجراء و لكن بشرط إتباع إجراء شكلي يتمثل في وجوبية،
تحت طائلة البطالن إعالم المنظمة النقابية التي ينتمي لها المندوب المرتكب الخطأ.
و نشير إلى أن اإلعالم المنصوص عليه في المادة 54من القانون 90/14ال يعني أن صاحب العمل ال يستطيع تسليط العقوبة على
المندوب النقابي المرتكب للخطأ المهني إال بعد موافقة النقابة على ذلك ،فاإلعالم وحده كاف لمعاقبته ،و في حالة نشوب نزاع حول
هذه المسألة فعلى المستخدم إثبات أنه أبلغ فعال المنظمة النقابية بالخطأ المرتكب بكافة طرق اإلثبات .
و سواء كان الخطأ المرتكب من قبل المندوب النقابي يدخل ضمن نشاطاته النقابية أو المهنية
و طبق عليه المستخدم عقوبة العزل دون إتباع اإلجراءات المنصوص عليها قانونا أو لكونه غير مختص أصال لتطبيق تلك العقوبات
في حالة الخطأ ذ و الطابع النقابي المحض فإن ذلك المندوب يعاد إدماجه في منصب عمله بناء على طلب مفتش العمل بعد أن يثبت
المخالفة المرتكبة إذن ،فإذا لم تحترم اإلجراءات الواجبة إتباعها و المتمثلة في إعالم المنظمة النقابية بإرتكاب المندوب النقابي لخطأ
مهني فإن مفتش العمل يقدم طلب للمستخدم بإعادة إدماجه في منصب العمل و بالتالي يلغى قرار التسريح بناء ا على ذلك الطلب مع
وجوبية دفع حقوق المندوب المعني و المتمثلة في تعويضه بمبلغ مالي ال يقل عن األجر الذي كان يتقاضاه .
إن الطلب الموجه من قبل مفتش العمل لصاحب العمل غير ملزم لهذا األخير إذ يمكنه رفض إعادة إدماج المندوب النقابي في منصب
عمله ،في هذه الحالة و بعد مرور 8أيام من طلب اإلدماج فإن مفتش العمل يحرر محضر بذلك و يخطر الجهة القضائية المختصة،
و هنا يطرح التساؤل عن تحديد الجهة القضائية المختصة ؟
من ظاهر نص المادة 56من القانون رقم 90/14فإن الجهة القضائية المختصة هي القضاء الجزائي ذلك أن األمر متعلق هنا
بمخالفة و لكن بما أن القاضي الجزائي ال يمكنه إلغاء قرار التسريح و األمر بإعادة اإلدماج ،فإنه يتبين أن نص المادة 56في الواقع
يشتمل على دعو ي ين :إحداهما تتعلق بإنزال العقوبة على المستخدم إلرتكابه لجريمة عرقلة ممارسة الحق النقابي ،أما الدعوى
الثانية فهي دعوى مدنية هدفها إلغاء قرار التسريح و األمر بإعادة اإلدماج .
و بما أن هذه الدعوى مرفوعة من قبل مفتش العمل و غايتها حماية المشروعية فإن القضاء اإلداري طبقا للمادة 7من قانون
اإلجراءات المدنية هو المختص للفصل فيها و يكون القرار الملغ ي للتسريح
حتى و لو كان نص المادة 56قد جاء لضمان حماية أكثر للمندوبين النقابيين فإنه في ذات الوقت يمس بالحرية الفردية ،و ذلك إذا
رفض هذا األخير إلغاء قرار التسريح الصادر من قبل المستخدم .
إن الغاية من تأسيس منظمات نقابية تمثيلية هي الدفاع عن مصالح العمال داخل أو خارج المؤسسة ،ألجل ذلك فإن المشرع منحها
الشخصية المعنوية إلمكانية لجوئها إلى القضاء و من جهة أخرى فإنه منحها كافة الصالحيات للدفاع عن مصالح العمال .ففي ماذا
تتمثل الدعاوى التي يمكنها رفعها و ما هي الصالحيات الممنوحة لها ؟ لإلجابة عن هذه األسئلة قسمنا المبحث إلى مطلبين :تناولنا في
األول :النشاط النقابي على المستوى المهني ،و في الثاني تناولنا لجوءها إلى القضاء .
حتى تستطيع المنظمة النقابية تأدية الدور المنوط بها فإن المشرع منحها كافة الصالحيات التي تسهل لها عملية تمثيل العمال و الدفاع
عن مصالحهم المادية و المعنوية .و بما أن المنظمات النقابية التمثيلية وحدها فقط التي بإمكانها إنشاء هياكل نقابية داخل المؤسسة فإن
المشرع خصها بصالحيات ال تتوافر عليها غيرها من المنظمات األخرى و نفس الشيء بالنسبة للمنظمات النقابية األكثر تمثيال على
الصعيد الوطني إذ خصها المشرع بصالحيات أخرى .
الفرع األول :نشاط المنظمات النقابية التمثيلية على مستوى المؤسسة المستخدمة .
إ ن المشرع وضع على سبيل الحصر الصالحيات التي تتمتع بها المنظمات النقابية التمثيلية داخل الهيئة المستخدمة ،و تتمثل تلك
الصالحيات في :
-جمع أعضاء " المنظمة النقابية" في األماكن أو المحالت المتصلة بها خارج أوقات العمل ،و إستثناءا أثناء ساعات العمل إذا حصل
إتفاق مع المستخدم .
-إعالم جماعة العمال المعنيين بواسطة النشرات النقابية أو عن طريق التعليق في األماكن المالئمة التي يخصصها المستخدم لهذا
الغرض .
-جمع اإلشتراكات النقابية في أماكن العمل من أعضائها حسب اإلجراءات المتفق عليها مع المستخدم.
ـــــــــ
و نظرا لما تتميز به اإلتفاقيات و اإلتفاقات الجماعية لما تتضمنه من شروط للتشغيل و العمل و ما
يتميز به موضوع الوقاية من الخالفات الجماعية في العمل و تسويتها ،فإننا سنتطرق لهما بشيء من التفصيل لتبيان دور النقابة في
كل منهما .
إن حق التفاوض الجماعي من حقوق العمال األساسية بموجبه يمكنهم تحديد شروط توظيفهم
و عملهم و األجور التي يتقاضونها و غيرها من المجاالت المذكورة في المادة 120من القانون رقم 90/11و يكون التفاوض في
اإلتفاقيات الجماعية بناء على طلب المستخدم أو الممثلين النقابيين للعمال أو منظماتهم النقابية التمثيلية ،و تقوم به لجان متساوية
األعضاء تتكون من عدد مساو من الممثلين
النقابيين للعمال (يتراوح ما بين 3إلى 7أعضاء) الممثلين النقابيين للمستخدم .
و هنا يثار مشكل قضية التمثيلية النقابية إذ بوجود عدة تنظيمات نقابية على مستوى المؤسسة فما هي المنظمة التي تقوم بإبرام
اإلتفاقية ؟
لقد تعرض المنشور الوزاري المؤرخ في 19/11/90إلى هذه المسألة و إعتبر أن الحل يكمن في التمثيل النسبي بين المنظمات
النقابية التمثيلية .
و باعتبار أن اإلنهاء الجماعي لعالقات العمل يشكل مشكلة من أخطر المشاكل فحتى و لو
ارتبطت أسبابه بالظروف اإلقتصادية :تقلبات الطلب ،المنافسة القوية ،التطور التكنولوجي و التقني وانعكاساته على أساليب اإلنتاج و
نوعية المنتوجات يمثل في النطاق القانوني ظاهرة ذات أبعاد إجتماعية ال تتناهى حدود جسامتها و لكون عملية التقليص جد مهمة
سواء للمؤسسة أو للعامل لكونها قد تودي إلى التسريح ،فإن المشرع ربطها بالتفاوض إذ أوجب على المستخدم أو ممثله عرض
محتوى يشمل مجموع التدابير المقررة للجانب اإلجتماعي على المنظمات النقابية التمثيلية لعمال المؤسسة و ذلك في إطار إجتماعات
تعقد خصيصا للتشاور حول مضمون الجانب االجتماعي وشروط
تنفيذه ،فلممثلي العمال التعبير عن أرائهم و إقتراحاتهم و مالحظاتهم حول مضمونه ،و يترتب عن
تلك المفاوضات تحرير محضر يوقع عليه الطرفان مع إثبات نقاط اإلتفاق و عند اإلقتضاء المسائل التي تكون محل تحفظ أو إختالف
في هذه الحالة األخيرة يمكن لألطراف اللجوء إلى المصالحة و الوساطة ،و عند اإلقتضاء إلى التحكيم لحل نزاع طبقا للقانون رقم
. )2( 90/02
ـــــــــ
إذن فالمهمة الوحيدة المسندة للمنظمات النقابية في إطار عملية التقليص هي التفاوض على محتوى الخطة اإلجتماعية و ليس التفاوض
على عملية اللجوء إلى التقليص في حد ذاته .
- 2دور النقابة في الوقاية من النزاعات الجماعية و تسويتها و في اللجوء إلى اإلضراب :
لقد فرض المشرع على المستخدم عقد إجتماعات دورية مع ممثلي العمال لدراسة وضعية العالقات اإلجتماعية و المهنية و الشروط
العامة للعمل ،فإذا ما ثار خالف بينهما حول كل تلك المسائل أو البعض منها يباشر ممثلو العمال و المستخدم إجراءات المصالحة
المنصوص عليها في اإلتفاقيات المبرمة بين الطرفين ،فإذا لم تكن هذه األخيرة محل إتفاق مسبق أو في حالة فشلها ،يرفع ممثلو
العمال أو المستخدم الخالف الجماعي في العمل إلى مفتشية العمل المختصة إقليميا ،عند إتفاق الطرفين فإن مفتش العمل يحرر
محضر بذلك ،و في حالة فشل إجراء المصالحة على كل المسائل المتنازع حولها أو على بعضها فقط يعد مفتش العمل محضرا بعدم
المصالحة ،و في هذه الحالة يمكن للطرفين اللجوء إلى الوساطة أو التحكيم .
و في حالة إستمرار الخالف بعد إستنفاد إجراءات المصالحة و الوساطة فإن ممثلي العمال يعقدوا جمعية عامة و يستدعوا إليها
مجموع العمال قصد إعالمهم بنقاط الخالف المستمر و البث في إحتمال التوقف الجماعي عن العمل ،و ال يتأتى ذلك إال عندما تقوم
المنظمة النقابية بإجراء اإلستفتاء بين العمال عن طريق اإلقتراع السري للتصويت على مبدأ إعالن اإلضراب ،و متى يكون رأي
األغلبية مسفر عن تأييد إلتخاد اإلضراب فإن النقابة تقوم بإعالنه .
و بمجرد إيداع اإلشعار المسبق باإلضراب تتخذ المنظمة النقابية المعلنة لإلضراب مع صاحب العمل كافة اإلجراءات و التدابير
الالزمة لضمان المحافظة على المنشآت و األمالك ،كما يقوم المستخدم ،في حالة عدم النص في اإلتفاقية الجماعية على األنشطة
التي يجب المحافظة فيها على قدر أدنى من الخدمة ،بإستشارة ممثلي العمال على تحديد تلك الميادين و العمال الذين يتكفلون بضمان
الحد األدنى من الخدمة .
فنظرا للدور الذي تلعبه النقابات في إعالن اإلضراب و اإلشراف على تنظيمه و نظرا لما تتوفر عليه من إمكانيات مادية و معنوية
من شأنها أن تجعل اإلضراب الذي تعلنه و تشرف على تنظيمه أكثر فاعلية و تأثيرا على صاحب العمل ،إذ يحمله على سرعة إجابة
المطالب العمالية ،فضال عن قيامها بإبرام المفاوضات الجماعية مع صاحب العمل في نهاية اإلضراب ،و بما أن اإلضراب الذي
تشرف عليه المنظمات النقابية تتاح أمامه فرص أكثر للنجاح فإن المشرع خص المنظمات النقابية تنظيمه واإلشراف عليه و إنهاءه،
و ذلك كما سبق تبيانه .
الفرع الثاني :نشاط المنظمات النقابية األكثر تمثيال على الصعيد الوطني .
إذا كانت الصالحيات السالف ذكرها تتعلق بالمنظمات النقابية التمثيلية للعمال األجراء في كل مؤسسة مستخدمة ،فإن صالحيات إتحاد
العمال األجراء و المستخدمين و إتحادياتهم أو كنفدرالياتهم األكثر تمثيال على الصعيد الوطني تتمثل فيما يلي :
-تستشار في ميادين النشاطات التي تعنيها خالل إعداد المخططات الوطنية للتنمية اإلقتصادية
و اإلجتماعية :على إعتبار أن المنظمات النقابية جاءت أصال للدفاع عن المصالح الفردية و الجماعية ألعضائها ،هاته المصالح
مرتبطة إرتباطا وثيقا بالتغيرات اإلقتصادية و اإلجتماعية للبالد و بالتالي فال يمكنها الدفاع عن تلك المصالح إال إذا كان لها دور في
تحديد المسار اإلقتصادي و اإلجتماعي للبالد.
-تستشار في مجال تقويم المشاريع و التنظيم المتعلقين بالعمل و إثرائها :بما أن المنظمات النقابية سواء المتعلقة بالعمال أو
بالمستخدمين لها عالقة وطيدة بعالم الشغل و على ذلك فإن أهم ما يمكن أن تتمتع به في هذا المجال هو مساهمتها في وضع التشريع
و التنظيم المتعلقين بالعمل و ذلك عن طريق إستشارتها أو حتى عن طريق إقتراحها بذلك (مبادرة خاصة بتعديل قانون العمل مثال)،
و هذا ما يالحظ بالنسبة لإلتحاد العام للعمال الجزائريين إذ أن قوانين العمل و التعديالت التي أدخلت عليها كانت بمبادرة منه ،نذكر
مثال المادة 69من قانون 90/11فإنه جاء بنظام التقليص من عدد العمال إذا ما بررت ذلك أسباب إقتصادية( ) 3إال أنه لم يحدد
اإلجراءات الواجب إتباعها.
و نتيجة لمطالبة اإلتحاد العام للعمال الجزائريين فإن المشرع تدخل و جاء بالمرسوم رقم 94/09
و المتعلق بالحفاظ على الشغل و حماية األجراء الذين قد يفقدون عملهم بصفة ال إرادية .
-تمثل في مجلس إدارة هيئات للضمان اإلجتماعي :بالرجوع إلى المادتين 12و 13من المرسوم التنفيذي رقم 92/07و المؤرخ
في 04/01/92و المتضمن للوضع القانوني لصناديق الضمان اإلجتماعي و التنظيم اإلداري و المالي للضمان اإلجتماعي تنصان
على أن يدير الصندوق الوطني
ـــــــــ
()3أنظر المواد من 10إلى 14من المرسوم التشريعي رقم 94/04الصادر بتاريخ 26/05/1994و المتضمن الحفاظ على لشغل
و حماية األجراء الذين قد يفقدون عملهم بصفة ال إرادية .
للتأمينات اإلجتماعية للعمال األجراء و الصندوق الوطني للتقاعد مجالس تتكون من األعضاء المحددة ب 18ممثل للعمال تابعين
للصندوق و تعينهم المنظمات النقابية األكثر تمثيال على المستوى الوطني
و ذلك حسب نسب التمثيل و كذلك من 09ممثلين للمستخدمين التابعين للصندوق و تعينهم المنظمات المهنية األكثر تمثيال على
المستوى الوطني للمستخدمين المذكورين و ذلك حسب نسب تمثيلهم و من بينهم ممثلين عن الهيئة المكلفة بالوظيفة العمومية إضافة
إلى 02ممثلين عن مستخدمين الصندوق تعينهما لجنة المساهمة .
-تمثل في المجالس المتساوية األعضاء في الوظيفة العمومية ،و في اللجنة الوطنية للتحكيم المؤسسة بمقتضى القانون رقم 90/02
المؤرخ في 06/02/90و المتعلق بالوقاية من النزاعات الجماعية في العمل و تسويتها و ممارسة حق اإلضراب ،بالرجوع إلى
المادة 21من ذلك القانون فإنها تنص على "يحدث مجلس متساوي األعضاء في الوظيفة العمومية يتكون من اإلدارة و ممثلي العمال
و يوضع لدى السلطة المكلفة بالوظيفة العمومية "و يشكل هذا المجلس جهاز مصالحة في مجال الخالفات الجماعية في العمل داخل
المؤسسات و اإلدارات العمومية ،يستشار في إعداد النصوص التشريعية
و التنظيمية التي تخضع لها عالقات العمل ضمن المؤسسات و اإلدارة العمومية و تكييف هذه النصوص و يحدد تشكيل ذلك المجلس
من 08أعضاء ،أربعة أعضاء يمثلون اإلدارة و أربعة يمثلون العمال ( ، )4و بالرجوع إلى المادة 51من نفس القانون فإن اللجنة
الوطنية للتحكيم و المختصة للبث في الخالفات الجماعية في العمل تتكون من عدد متساو من عدد الممثلين الذين تعينهم الدولة و عدد
ممثلي العمال إضافة إلى الرئيس -قاضي من المحكمة العليا -إن عدد أعضاء اللجنة يتمثل في 14عضو دائم منهم 4ممثلين تعينهم
الدولة (ممثل عن الوزير المكلف بالعمل ،ممثل عن الوزير المكلف بالعدل ،ممثل عن الوزير المكلف بالمالية و ممثل عن الوزير
المكلف بالداخلية) و 5ممثلين للعمال
و 5ممثلين للمستخدمين و الذين تعينهم المنظمات النقابية للعمال األجراء و مستخدميهم األكثر تمثيال على الصعيد الوطني بالتناسب
مع صفته التمثيلية (. )5
ـــــــــ
()4أنظر المادة 22و 23من القانون رقم 90/02المؤرخ في 06/02/90و المتعلق بالوقاية من النزاعات الجماعية في العمل و
تسويتها و ممارسة حق اإلضراب ،و المادة 2من المرسوم التنفيذي رقم 90/416المؤرخ في 22/12/90و المتضمن تشكيل و
تنظيم و عمل مجلس الوظيفة العمومية .
()5أنظر المواد من 02إلى 06من المرسوم التنفيذي رقم 90/418المؤرخ في 22/12/90و المتعلق بتشكيل اللجنة الوطنية
للتحكيم المختصة في ميدان تسوية النزاعات الجماعية للعمل و تنظيمها و عملها.
إن المهمة األساسية للمنظمات النقابية تتمثل في الدفاع عن مصالح و حقوق العمال الفردية
و الجماعية ،و لكي يتأتى لها ذلك أقر لها المشرع الشخصية المعنوية إذ نص في المادة 16/01من القانون رقم 90/14على ما يلي
"تكتسب المنظمة النقابية الشخصية المعنوية و األهلية المدنية بمجرد تأسيسها ...و يمكنها أن تقوم بما يأتي :التقاضي و ممارسة
الحقوق المخصصة للطرف المدني لدى الجهات
القضائية المختصة عقب وقائع لها عالقة بهدفها و ألحقت أضرار بمصالح أعضائها الفردية أو الجماعية المادية المعنوية".
ما يمكن إستخالصه من النص السالف الذكر أن المنظمة النقابية تستطيع مباشرة أية دعوى قضائية سواء كانت تلك الدعوى تتعلق
بمصالحها الخاصة كشخص قانوني له حق إقامة عالقات مع غيره من األشخاص القانونية األخرى ،أو تعلق األمر بقضايا تهم
مصالح أعضائها الفردية أو الجماعية ،أو تمس مصالح المهنة التي تمثلها ،و هذا سواء كانت مدعية أو مدعى عليها.
إذن فللنقابة أهلية التقاضي لحماية مزدوجة :التقاضي لحماية مصالحها الخاصة ،و التقاضي لحماية المصالح الفردية أو الجماعية و
المادية أو المعنوية أو المهنية .
بإعتبارها منظمة مستقلة ،فللنقابة الحق في رفع الدعاوى أمام مختلف الجهات القضائية للدفاع عن مصالحها الخاصة ،كالنزاعات التي
تثور بينها و بين منظمات نقابية أخرى ،أو بينها و بين اإلدارة أو بعض األشخاص المعنوية األخرى ،أو حتى بينها و بين أعضائها
فيما يخص عدم دفع الغرامات التأديبية عند إرتكابهم لخطأ ذو طابع نقابي محض .
كما يمكنها اللجوء إلى القضاء -بإعتبارها طرفا في إتفاقية جماعية -للمطالبة بتنفيذ إلتزامات األطراف األخرى لإلتفاقية أو
التعويض في حالة اإلمتناع عن التنفيذ .
و باإلضافة إلى أن المنظمة النقابية يمكنها أن تكون مدعية في الدعاوى القضائية فإنها يمكن أن تكون كذلك مدعى عليها ،إذ تقوم
مسؤوليتها عندما تتسبب في ضرر للغير ،و بالتالي تكون مجبرة لجبره طبقا للقانون المدني ،إذ يمكن حجز أمالكها المنقولة أو
العقارية و التنفيذ عليها ببيعها -وفقا لقواعد اإلجراءات المدنية -للوفاء بالدين الذي في ذمتها تجاه الغير أو تعويضه عما أصابه من
ضرر ،لإلشارة هنا فإن المشرع الفرنسي إستثنى األمالك العقارية الضرورية لعمل المنظمة النقابية من عملية الحجز (. )6
إن المسؤولية المدنية للمنظمة النقابية يمكن أن تكون عقدية أو تقصيرية :فمثال تقوم المسؤولية التقصيرية للمنظمة النقابية عند قيامها
بوضع مناشير تتضمن معلومات سياسية ،تقوم مسؤوليتها العقدية مثال في حالة عدم إحترامها لبنود و أحكام االتفاقية أو االتفاق
الجماعي الذي كانت طرفا فيه.
و مهما كانت المنظمة النقابية مسؤولة عن األفعال غير الشرعية التي يرتكبها فإن أعضائها بصفتهم
يتمتعون بشخصية قانونية مستقلة عنها ،فإنهم غير مسؤولين عن دفع الديون المترتبة في ذمة المنظمة التي ينتمون إليها حتى و لو
كانت أمالكها غير كافية لتسديد ما عليها للغير.
من المستقر عليه قانونا أنه من شروط التقاضي توافر الصفة و المصلحة في رافع الدعوى ،و أن تكون الدعوى مرفوعة بصفة
شخصية ،و بما أن هذه الشروط غير متوفرة في المنظمة النقابية ،فهل يمكن لها في إطار الحماية الفردية لمصالح أفرادها أن تلجأ إلى
القضاء ،و هل حدد المشرع مجال تلك الدعاوى أم تركه مفتوحا ؟
إن موضوع أهلية النقابة في رفع الدعاوى الفردية كان محل نقاش فقهي و قضائي أدى في األخير إلى إعتراف كافة التشريعات
بإمكانية النقابة بتمثيل أعضائها أمام القضاء ،فالقانون الفرنسي مثال توسع في مجال تدخل النقابة نيابة عن العمال إذ يمكن لها أن
ترفع أي دعوى مدنية ضد صاحب العمل بالنسبة لفئة العمال في المنزل و ذلك إن لم يحترم صاحب العمل األحكام القانونية أو
اإلتفاقية الخاصة بنظام أو عالقات عمل هذه الفئة و ذلك دون حاجة إلى أية وكالة من العامل بشرط أن يكون هذا األخير قد تم إعالمه
بالدعوى و لم يعترض على رفعها ،فالعامل المعني يمكنه التدخل في الدعوى المرفوعة من قبل في أية مرحلة كانت (. )7
للمنظمات النقابية التمثيلية أيضا أن تباشر دعاوي قضائية لصالح أي عامل إذا ما الحظت تمييز بين الرجال و النساء فيما يخص
شروط و ظروف التشغيل ،أو مقدار األجور المدفوعة لنفس المنصب ( Coolأو فيما يخص عقود العمل المحددة المدة ( )9و ذلك ما
يالحظ إن كانت مبرمة خارج األحكام المقررة في التشريع.
ـــــــــ
و كذلك تستطيع رفع الدعاوي نيابة عن العامل األجنبي للمطالبة بحقوقه المترتبة عن القوانين و االتفاقيات المطبقة على هذه الفئة.
أما بالنسبة للجزائر فهناك جانب من الفقه ذهب إلى تفسير المادة 16/01من القانون 90/14على أن المشرع ترك المجال مفتوح
أمام المنظمات النقابية لرفع كل أنواع الدعاوى ،سواء كانت دعوى التعويض عن األضرار المادية أو المعنوية أمام المحاكم المدنية،
أو دعوى إستعجالية ،أو تتأسس
كطرف مدني أمام المحاكم الجزائية و حتى في شكل دعوى إدارية كدعوى اإللغاء ضد اإلجراءات
و القوانين اإلدارية الفردية و التنظيمية التي من شأنها أن تمس بالمصالح الفردية للعمال (. )9
غير أنه ما يمكن أن يفهم من نص الفقرة السالفة الذكر ( )16/1هو أن المشرع منح المنظمة النقابية حرية التقاضي فيما يخص
األضرار الالحقة بها .أما فيما يخص التقاضي للدفاع عن مصالح أعضائها الفردية أو الجماعية مقصورة فقط على التأسس كطرف
مدني لدى الجهات القضائية الجزائية ،فالمادة 16ال تخول أهلية التقاضي للمنظمة النقابية إال فيما يتعلق بشؤونها الذاتية من جهة
(كما تم شرحه في الفرع السالف الذكر) و بالحقوق المخصصة للطرف المدني نتيجة أعمال متعلقة بموضوعها و التي أحدثت ضررا
للمصالح الفردية ألعضائها من جهة أخرى أي تكون ناتجة عن إرتكاب فعل جزائي و هذا هو التفسير الذي اعتمدته المحكمة العليا إذ
إعتبرت أن الدعوى ال تتعلق بشؤون ذاتية للنقابة و ليست منجزة عن ارتكاب فعل جزائي.
يستنتج من ذكر المادة 16للحقوق المخصصة للطرق المدني ،أن الدعوى الحالية تعتبر غير مقبولة ألن أهلية التقاضي الممنوحة
قانونا لها ال تمتد إلى الدعوى العادية كالقضية الراهنة (.)10
و إذا كان المشرع الجزائري لم يمنح للمنظمة النقابية األهلية لرفع الدعاوي لصالح المصلحة الفردية للعامل فإنه وضع إستثناء عن
تلك القاعدة العامة إذ يمكنها أن تباشر كل الدعاوي الناشئة عن عدم تنفيذ اإللتزامات المتعاقد عليها في اإلتفاقيات الجماعية لصالح
أعضائها و المقصود بكل الدعاوى الناشئة :الدعاوى المدنية :كتعويض عامل مثال على األضرار الالحقة به من جراء عدم تنفيذ
اإلتفاقية ،كذلك في مجال التسريح ألسباب إقتصادية يمكنها أن تمارس صالحياتها في التقاضي لصالح أحد العمال بهدف إحترام
اإلجراءات المتفق عليها في الجانب اإلجتماعي.
ـــــــــ
( )10أنظر القرار القضائي المنشور بالمجلة القضائية العدد 02لسنة 1996ملف رقم 135960قرار صادر بتاريخ
17/12/1996و الذي نص على أن الدعوى الحالية غير مقبولة ألن أهلية التقاضي الممنوحة للنقابة ال تمتد إللى الدعوى العادية
كالقضية الراهنة .
بعض األمثلة عن القضايا التي يمكن فيها للمنظمة النقابية أن تأسس كطرف المدني :
من المقرر قانونا ( )11أنه إذا إكتشف مفتش العمل خرقا صارخا لألحكام اآلمرة في القوانين
و التنظيمات يلزم المستخدم باالمتثال لها في أجل ال يتجاوز 08أيام ،فإذا لم ينفذ هذا األخير ذلك اإللتزام يحرر مفتش العمل محضرا
و يخطر الجهة القضائية المختصة و بما أن األمر متعلق بمخالفة فإن الجهة القضائية المختصة هي القضاء الجزائي ،في هذه الحالة
يمكن أن نتصور أن كل المخالفات التي يرتكبها المستخدم و المنصوص عليها في القوانين المتعلقة بتسريح العامل فإنه يمكن للمنظمة
النقابية أن تتأسس فيها كطرف مدني للمطالبة بحقوق الضحية (العامل).
و بالتالي يمكن أن تتأسس كطرف مدني في المخالفات المتعلقة بظروف إستخدام النساء في العمل الليلي ،أو المتعلقة بمدة العمل
القانونية األسبوعية أو الساعات اإلضافية أو تلك المتعلقة بأحكام الراحة القانونية أو عدم إحترام الشروط الواجب توافرها في عقود
العمل ذات المدة المحددة ،أو عدم تسليم قسيمة الراتب أو دفع أجرة تقل عن األجر الوطني األدنى المضمون أو المتفق عليه.
و عليه فإن المخالفات التي يرتكبها المستخدم و المنصوص عليها في قوانين العمل و عند تحريك و مباشرة الدعوى يمكن للمنظمة
النقابية أن تتأسس كطرف مدني للمطالبة بالحقوق الخاصة بالعامل المنخرط فيها.
إن الغاية من رفع النقابة للدعاوى القضائية نيابة عن العامل هي حماية مصالح هذا األخير ،لكن اإلشكال المطروح هنا هو ،هل يجب
أن يكون للعامل صفة العضوية في المنظمة النقابية حتى تقبل دعواه ؟ و هل يجب أن تستظهره هذه األخيرة بوكالة منه تسمح لها
بموجبها تمثيله أمام القضاء ؟
حتى تقبل الدعوى المقامة من قبل المنظمة النقابية للدفاع عن مصالح العامل الفردية فهل يجب أن يكون عضو فيها ؟
ـــــــــ
( )11أنظر المؤلف أحمية سليمان:التنظيم القانوني لعالقات العمل في التشريع الجزائري.
و ممارسة الحقوق المخصصة للطرف المدني لدى الجهات القضائية المختصة عقب وقائع لها عالقة بهدفه و ألحقت أضرار بمصالح
أعضائه الفردية).
من خالل هذه الفقرة يتبين لنا أنه حتى تكون الدعوى الفردية المقامة من قبل المنظمة النقابية فيجب أن يكون للعامل صفة العضوية
في تلك النقابة ،و إال كانت الدعوى غير مقبولة إلنعدام الصفة.
هل يجب على المنظمة النقابية أن تستظهر بوكالة من العامل حتى تكون دعواها مقبولة ؟
إن المشرع الجزائري لم يورد حكم خاص بذلك ،غير أنه ما يمكن أن يستخلص من الفقرة األولى من نص المادة 16عدم إشتراطه
لضرورة إستظهار المنظمة النقابية لوكالة من العامل.
هل يمكن للمنظمة النقابية أن تباشر دعوى المصلحة الفردية للعامل إذا ما باشر هذا األخير دعواه بنفسه ؟
إن القاعدة اإلجرائية العامة هي أنه على كل من مس مركزه القانوني أن يلجأ إلى القضاء إلصالح الضرر الالحق به عن طريق
دعوى يرفعها بنفسه و بإسمه ،فإذا ما رفعها شخص آخر في مكانه فإنها ترفض إلنعدام الصفة.
لكن المشرع إستثنى من وجوبية توافر الصفة و األهلية للدعاوى المرفوعة من قبل المنظمات النقابية و إعترف لها بالشخصية
المعنوية و بأهلية التقاضي.
فاألصل العام إذن هو رفع العامل دعواه بنفسه و ذلك حماية لمصالحه الخاصة ،و إستثناءا رفعها من قبل النقابة ،و بما أنه عندما
يسلك الطريق األصلي يستبعد اإلستثناء أي أنه عندما ترفع الدعوى من قبل العامل نفسه فال تستطيع النقابة التدخل في تلك الدعوى أو
رفع نفس الدعوى ،غير أن المنظمة النقابية تتمتع بإمكانية مباشرة نفس الدعوى إذا ما إعتمدت على أساس مخالف و مغاير لألساس
المعتمد عليه في الدعوى المرفوعة من قبل العامل :كالدفاع عن المصالح العامة للمهنة أو الخاصة بأعضائها و ذلك في حالة اإلخالل
بأحكام اإلتفاقية الجماعية.
لكن السؤال الذي يطرح هنا هو ما شكل الدعوى التي ترفعها المنظمة النقابية هل تكون مستقلة عن الدعوى التي يرفعها العامل ،أم
تكون في شكل تدخل في الدعوى المرفوعة من قبل هذا األخير؟
إن المشرع لم يورد نص خاص بهذه الحالة ،و عليه وجب الرجوع إلى القواعد العامة لإلجراءات،
أ -رفع دعوى مستقلة :يجوز للمنظمة النقابية أن ترفع دعوى مستقلة عن تلك المرفوعة من قبل العامل سواء أمام ذات المحكمة أو
أمام محكمة أخرى ،فإذا ما رفعت الدعوى الثانية أمام المحكمة التي باشر أمامها العامل دعواه فللمحكمة أن تقضي بضم القضيتين
على أساس اإلرتباط الموجود بينهما و ذلك من تلقاء نفسها أو بناء على طلب الخصوم (. )12
أما إذا رفعت الدعوى الثانية أمام محكمة أخرى فيجوز إحالة الدعوى بناء على طلب الخصوم أمام المحكمة التي رفع أمامها العامل
دعواه شريطة أن يثار الدفع باإلحالة لوحدة الموضوع قبل أي دفاع في الموضوع (. )13
ب -مباشرة الدعوى عن طريق التدخل :الوسيلة الثانية التي يمكن للمنظمة النقابية أن تباشر بموجبها الدعوى -حماية للمصالح
العامة أو الخاصة ألعضائها أو دفاعا عن مصالح المهنة -هي التدخل في الدعوى الفردية المرفوعة من قبل العامل (. )14
إذا كان لجوء النقابة إلى القضاء و رفعها للدعاوى نيابة عن العامل جاء إستثناء بموجب نص خاص -و ذلك خروجا عن القواعد
العامة للتقاضي -فهل هذا يعني أن المجال مفتوح أمامها للدفاع عن المصالح الخاصة للعمال بلجوئها إلى القضاء بدون علم صاحب
المصلحة أو حتى عند معارصته؟
و بصيغة أخرى هل يجب على النقابة أن تعلم العامل بنيتها في رفع دعوى قضائية لمصلحته و ذلك إذا ما مس مركزه القانوني ؟ و
هل للعامل الحق في اإلعتراض في تلك الدعوى ؟
قبل اإلجابة عن تلك التساؤالت يجب أن نحدد أوال النقابات التي لها األهلية و الصفة لرفع الدعاوي و هل يشترط القانون أن تكون
تمثيلية ؟
ـــــــــ
()12أنظر المادة 12من القانون رقم 90/03الصادر بتاريخ 06/02/90المتعلق بمفتشية العمل.
بالرجوع إلى نص المادة 16من القانون رقم 90/14فإنها منحت حق التقاضي للمنظمات النقابية بصفة عامة إذا لم تخص بذلك
المنظمات التمثيلية ،و على ذلك فإن صفة التقاضي متوافرة في المنظمات النقابية و إتحادات و إتحاديات أو كنفدراليات النقابات ،
بينما الهياكل النقابية فال تتمتع بها ،ذلك ألنها تعتبر إمتداد للمنظمات النقابية داخل المؤسسة ،و الشخص المؤهل لرفع تلك الدعوى
غالبا ما يكون محدد في القانون األساسي للمنظمة ،فمثال بالنسبة لإلتحاد الوطني للمؤسسات العمومية فإن الدعاوى ترفع بإسم رئيسه
إذ ترجع له مباشرة كل الدعاوى ( ) 15و على كل فإن إنضمام شخص في المنظمة النقابية أو حتى مندوب نقابي ليست له صفة تمثيل
المنظمة أمام العدالة.
أما بالنسبة لمسألة إعالم العامل بتأسيس المنظمة النقابية كطرف مدني و المطالبة بالتعويضات الناجمة عن
الفعل الجزائي أو رفعها للدعاوى المتعلقة بتطبيق االتفاق الجماعي فإن المشرع لم يتطرق إلى وجوبية اإلعالم و ال إلى الوسائل
المتخذة لإلعالم غير أنه باعتبار أن تلك الدعاوى جاءت إستثناء للقواعد العامة فإنه كان من األفضل أن ينص المشرع على شرط
إعالم المتضرر بالدعوى المرفوعة و ذلك حفاظا على حق هذا األخير في اإلعتراض على تلك الدعوى خالل أجل معين.
إن مسألة المصلحة الجماعية للعمال و للمهنة طرحت على القضاء الفرنسي خالل القرن 19من قبل نقابات فالحية ،نقابات عمال
أحرار و نقابات أصحاب العمل ،و السؤال الذي كان مطروح أنذاك هو لو أن شخص يمارس بصفة غير شرعية مهنة الطب ،فهل
بإمكان نقابة األطباء أن تطالبه بتعويض األضرار الجماعية الالحقة بمهنة الطب ؟
إن النظرة التي كانت سائدة هي أن فكرة الضرر أو المصلحة الجماعية غير موجودة أصال ،إذ ال وجود إال لمجموعة متراكمة من
األضرار الفردية تقابلها دعاوى شخصية منعزلة و بالتالي فال تقبل الدعاوى الجماعية ،إن هذا الموقف الذي ال يعترف بالمصالح
المشتركة يعترض حتى مع إمكانية رفع النقابة للدعاوى ،ذلك على أساس أنه حتى لو وجدت أضرار مشتركة فال يمكن أن تكون
مباشرة و هذا هو شرط اللجوء إلى القضاء.
لكن هذا الرأي لم يصمد طويال بإعتبار أن المهنة بحاجة إلى هيئة تتكلم بإسمها ،فكانت النقابة هي تلك الهيئة ،و لما كانت المهمة
األساسية للنقابة هي الدفاع عن المصالح الجماعية للعمال و المهنة فقد إعترفت محكمة النقض الفرنسية -بموجب قرارها الصادر عن
الغرف المجتمعة بتاريخ " -05/04/1913في ممارسة حق التقاضي كلما تعرضت هذه المصالح للتهديد ،في حين
ـــــــــ
و بموجب المادة 16من القانون رقم 90/14فإن المشرع الجزائري إتخد نفس إتجاه المشرع الفرنسي و نص على أنه يجوز
للمنظمات النقابية التقاضي و ممارسة الحقوق المخصصة للطرف المدني لدى الجهات القضائية المختصة عقب وقائع لها عالقة بهدفه
و ألحقت أضرار بمصالح أعضائه الجماعية المادية و المعنوية ،فلجوئها إذن إلى القضاء مرتبط بالدفاع عن المصالح الجماعية
للعمال و للمهنة إذ ال تستطيع المطالبة بالتعويض أو إصالح الضرر الذي سببته مخالفة المصالح العامة للمجتمع.
ففي حالة المساس بإحدى المصالح العامة فمباشرة الدعوى يعود إلى النيابة العامة ذات اإلختصاص األصلي ،و بالتالي فالدعوى التي
ترفعها النقابة في هذه الحالة غير مقبولة .لكن في أغلب األحيان فإن المصلحة الجماعية تتضمن المصلحة العامة للمجتمع ،للفصل
في هذا اإلختالط في المفاهيم فإن القضاء الفرنسي إعتمد التفسير الواسع للمصلحة الجماعية التي أصبحت تشمل المصلحة العامة
كذلك ،بحيث إستقر اإلجتهاد بقبول دعوى المصلحة الجماعية المتعلقة بالمطالبة بالتطبيق السليم لقواعد قانون العمل مثل تلك المتعلقة
بالراحة األسبوعية ،الصحة و األمن و السالمة في العمل ،األمر الذي جعل النقابة تقوم بالدور الذي من المفروض أن يقوم به مفتش
العمل و النيابة العامة ،و بصفة خاصة تلك التي تتعلق بالحقوق الجماعية ،مثل المساس بحق اإلضراب ،و المساس بالحق النقابي و
الحرية النقابية ،عدم إحترام قواعد األمن و النظافة و خرق األحكام المنصوص عليها في اإلتفاقيات الجماعية بمقتضى تعليمات
إدارية.
أما في الجزائر فإن نص المادة 12من القانون رقم 90/03السالفة الذكر تعرضت إلى أنه يمكن لمفتش العمل أن يعلم الجهات
القضائية المختصة (النيابة العامة) بالمخالفة المرتكبة من قبل المستخدم في مجال العمل ،ذلك ألن أغلبية األنظمة المتعلقة بقانون
العمل تتعلق بالنظام العام و معاقب على مخالفتها جزائيا ،فإذا ما باشرت النيابة العامة الدعوى العمومية فإنه يجوز للمنظمة النقابية
أن تتأسس كطرف مدني و تطالب بكافة الحقوق المرتبطة بالمصلحة الجماعية ألعضائها ،و إذا لم يعاين مفتش العمل المخالفة
المرتكبة من قبل المستخدم فإنه يجوز لها أن تعلمه بها ليقوم باإلجراءات الالزمة ،و إال فإنها تقدم شكوى مباشرة للنيابة العامة و
تتأسس في القضية كطرف مدني.
مما نقدم يتضح لنا أن المنظمات النقابية -إلى جانب مفتشية العمل -أصبحت األعوان األساسية لمراقبة التطبيق السليم ألحكام قانون
العمل و مدى إحترامها.
-1تسريح ممثل عمال دون إتباع اإلجراءات القانونية ينتج عنه :
أ -إن قواعد الحماية المقررة لممثلي العمال تعتبر من النظام العام و مخالفتها تعتبر جريمة تمس بالمصلحة العامة للمهنة.
ب -إن الهدف من قواعد الحماية القانونية هذه هي حماية العمال بصفة عامة و هذا ما يؤدي إلى المساس بالمصلحة الجماعية.
ج -إن ممثل العمال لحقه ضرر من جراء التسريح الغير قانوني ،و هذا ما ينتج عنه مصلحة فردية ذاتية.
في حالة وفاة العامل أو إصابته بجروح من جراء عدم إتخاذ قواعد الوقاية الصحية و األمن في العمل ،فإنه ينتج عن هذه المخالفة
ثالث مصالح مختلفة:
ج -مساس بالمصلحة العامة للمهنة و التي وجد أعضاؤها أنفسهم في وضعية الالأمن و ذلك ناتج كذلك من مخالفة قواعد قانون
العمل.