Professional Documents
Culture Documents
الطبيعة القانونية لقرارات لجنة طلب العروض
الطبيعة القانونية لقرارات لجنة طلب العروض
com
يوسف بلشهب
حاصل على ماستر في القانون العام
وحدة قانون المنازعات العمومية
فاس
مقدمة:
تعتبر الصفقات العمومية من أهم الوسائل القانونية التي تستعملها اإلدارة العمومية لممارسة نشاطاتها ،كما تعد وسيلة هامة الستغالل
وتسيير المال العام .ولما كانت الصفقات العمومية تعتمد في تمويلها على المال العام ،فقد أحاطها المشرع بمجموعة من الضمانات
والقواعد إلبرامها وتنفيذها حماية لهذا المال العام.
إن إطالق يد اإلدارة في إطار سلطتها التقديرية ،قد يتسبب في االنحراف بمسطرة التعاقد إلى اتجاهات غير قانونية للوصول ألهداف
معينة ،إما تهربا من مسطرة معقدة ،أو لحرمان األفراد من ضمانات مقررة في المسطرة التي حددها المشرع والتي تجاهلتها اإلدارة أو
لتحقيق مصلحة مالية للدولة].[1
فإذا كان لإلدارة السلطة في اختيار المتعاقد معها بالنظر إلى الشروط والمعايير التي اقتنعت بها ،فإن ذلك ليس على إطالقه ،وإنما يكون
خاضعا لرقابة القاضي اإلداري ،مما يعتبر معه سلطة اإلدارة في مجال إبرام الصفقات العمومية ،هي سلطة مقيدة وليست مطلقة].[2
وهكذا نجد أن المشرع وفي إطار الصفقات العمومية لم يترك لإلدارة وحدها صالحية اختيار المتعاقد الذي تسند إليه الصفقة ،بل جعل
هذه المهمة من اختصاص لجنة مختلطة تضمن تطبيق اإلجراءات والمقتضيات القانونية بكيفية سليمة وتتأكد من توفر جميع المتعاقدين
على الشروط المطلوبة وعدم وجود عراقيل مسطرية أو قانونية من شانها تحريف المنافسة].[3
ومن خالل قراءة متأنية لمرسوم 5فبراير 2007أو للمرسوم الجديد رقم 2.12.349بتاريخ 20مارس ، 2013يتبين بجالء أن نية
السلطة التنظيمية تتجه نحو ضمان المساواة والمنافسة الواسعة عن طريق تقييد سلطة صاحب الصفقة في اتخاذ مقررات اإلقصاء من
المنافسة ومن أجل ضمان التقيد بأهداف المشرع تنبع الحاجة الماسة إلى ضرورة ممارسة القاضي اإلداري لرقابة فعالة على حاالت
اإلقصاء وتقييد السلطة التقديرية التي تكون لصاحب المشروع وهو بصدد فحص تلك الحاالت و ذلك بفرض مبدأ تعليل القرارات.
من هنا تبرز أهمية لجنة طلب العروض كفاعل أساسي في اختيار المتنافس الذي ترسو عليه الصفقة العمومية وإقصاء باقي المتنافسين،
كل ذلك تحت لواء مبادئ الحياد والموضوعية والشفافية والمنافسة الحرة النزيهة .إذ أن هذه الجنة تقوم بدور محوري وقرارها ينعكس
على مسار الصفقة في جميع مراحلها :انطالقا من مرحلتها التمهيدية إلى غاية تنفيذها وتصفيتها.
ومن هنا تبرز إشكالية هذه الدراسة والتي تتمثل في الطبيعة القانونية لقرارات لجنة طلب العروض "هل هي قرارات إدارية قابلة
للطعن؟"
لإلجابة على هذه اإلشكالية البد من استعراض تركيبة لجان طلب العروض (مبحث أول) ثم الطبيعة القانونية لقرارات هذه اللجان (مبحث
ثاني) على أن نخلص في الختام بخالصات واستنتاجات حول قابلية قرارات لجان طلب العروض للطعن باعتبارها قرارات إدارية.
جاء مرسوم الصفقات العمومية الجديد بعدة مستجدات بشأن لجان طلب العروض خاصة في ما يتعلق بتركيبتها ،ولعل أبرز مستجد بهذا
الخصوص يتعلق بالتنصيص على تركيبة لجان طلب العروض في ما يتعلق بصفقات الدولة والمؤسسات العمومية (المطلب األول) والتي
تختلف عن تركيبتها إذا تعلق األمر بصفقات الجماعات الترابية (المطلب الثاني)
المطلب األول :تركيبة لجان طلب العروض في صفقات الدولة والمؤسسات العمومية:
تطرق المشرع لتركيبة لجان طلب العروض من خالل المادة 35من مرسوم 20مارس 2013وميز بين تركيبتها بالنسبة لصفقات الدولة
وصفقات المؤسسات العمومية ،مراعيا في ذلك مميزات كل نوع من هذه الصفقات واستجابة لألصوات التي نادت تقرير نصوص خاصة
بهذا النوع من الصفقات الختالفها وتباينها على الصفقات التي تبرمها الدولة.
تنص الفقرة األولى من المادة 35من مرسوم الصفقات العمومية على أن لجنة طلب العروض تضم اﻷﻋﻀﺎء اﻟﻤﺒﻴﻨﻴﻦ ﺑﻌﺪﻩ واﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﺘﺒﺮ
ﺣﻀﻮرهم إﺟﺒﺎرﻳﺎ:
ﻣﻤﺜﻞ ﻟﺼﺎﺣﺐ اﻟﻤﺸﺮوع ،رﺋﻴﺴﺎ؛
ممثالن ﺁﺧﺮان ﻟﺼﺎﺣﺐ اﻟﻤﺸﺮوع ﻳﻨﺘﻤﻲ أحدهما ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ إﻟﻰ اﻟﻤﺼﻠﺤﺔ اﻟﻤﻌﻨﻴﺔ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ﻣﻮﺿﻮع اﻟﺼﻔﻘﺔ؛
ممثل ﻋﻦ اﻟﺨﺰﻳﻨﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻤﻤﻠﻜﺔ؛
ﻣﻤﺜﻞ اﻟﻮزارة اﻟﻤﻜﻠﻔﺔ ﺑﺎﻟﻤﺎﻟﻴﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺘﺠﺎوز اﻟﻤﺒﻠﻎ اﻟﺘﻘﺪﻳﺮي ﻟﻠﺼﻔﻘﺔ ﺧﻤﺴﻮن ﻣﻠﻴﻮن )(50.000.000درهم ﻣﻊ اﺣﺘﺴﺎب اﻟﺮﺳﻮم؛
ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﺼﻔﻘﺎت اﻟﺘﻮرﻳﺪات ﻳﺴﺘﺪﻋﻲ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻤﺸﺮوع ﻣﻤﺜﻼ ﻟﻠﻮزارة اﻟﻤﻜﻠﻔﺔ ﺑﺎﻟﺘﺠﺎرة ،إذا كان اﻟﻤﺒﻠﻎ اﻟﻤﻘﺪر ﻟﻠﺼﻔﻘﺔ ﻳﺘﺠﺎوز ﻣﻠﻴﻮن
( )1.000.000درهم ﻣﻊ اﺣﺘﺴﺎب اﻟﺮﺳﻮم .وﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻏﻴﺎب ﻣﻤﺜﻞ هذه اﻟﻮزارة ﻳﻌﺘﺒﺮ اﺟﺘﻤﺎع اﻟﻠﺠﻨﺔ ﺻﺤﻴﺤﺎ.
والمالحظ أن هذه اللجنة تضم قطاعات وزارية مختلفة ،غير أن تمثيلية وزارة المالية داخل اللجنة تبقى األبرز ،ولعل هذا االخيار ينم عن
حرص شديد من طرف المشرع على حماية المال العام وتدقيق النفقات.
كما تضيف نفس المادة 35على أنه ﻳﻤﻜﻦ ﻟﺼﺎﺣﺐ اﻟﻤﺸﺮوع ،ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اﻻﺳﺘﺸﺎرة ،اﺳﺘﺪﻋﺎء أي ﺷﺨﺺ ﺁﺧﺮ،ﺧﺒﻴﺮا أو ﺗﻘﻨﻴﺎ ،ﺗﻌﺘﺒﺮ
مشاركته ﻣﻔﻴﺪة.
أما فيما يتعلق بتعيين رئيس لجنة طلب العروض ونائبه فإن اﻵﻣﺮ ﺑﺎﻟﺼﺮف أو ﻧﺎﺋﺒﻪ أو اﻵﻣﺮ اﻟﻤﺴﺎﻋﺪ ﺑﺎﻟﺼﺮف يعين ﺑﻤﻘﺮر ،إﻣﺎ اﺳﻤﻴﺎ أو
ﺑﺬكر اﻟﻮﻇﻴﻔﺔ ،رﺋﻴﺲ ﻟﺠﻨﺔ ﻃﻠﺐ اﻟﻌﺮوض واﻟﺸﺨﺺ اﻟﻤﻜﻠﻒ ﺑﺎﻟﻨﻴﺎﺑﺔ ﻋﻨﻪ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻐﻴﺎب أو ﺗﻌﺬر ﺣﻀﻮرﻩ واﻟﻤﻤﺜﻼن اﻵﺧﺮان ﻟﺼﺎﺣﺐ
اﻟﻤﺸﺮوع.
أما فيما يتعلق بمسطرة االجتماع فإن ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻤﺸﺮوع ﻳﺴﺘﺪﻋﻰ أﻋﻀﺎء اﻟﻠﺠﻨﺔ ﺑﻤﺒﺎدرة منه.
تنص الفقرة الثانية من المادة 35من مرسوم 20مارس 2013على أن لجنة طلب العروض ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﺼﻔﻘﺎت اﻟﻤﺆﺳﺴﺎت اﻟﻌﻤﻮﻣﻴﺔ ،ﺗﻀﻢ
اﻷﻋﻀﺎء اﻟﻤﺒﻴﻨﻴﻦ ﺑﻌﺪﻩ واﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﺘﺒﺮحضورهم إﺟﺒﺎرﻳﺎ:
ﻣﺪﻳﺮ اﻟﻤﺆﺳﺴﺔ اﻟﻌﻤﻮﻣﻴﺔ أو اﻟﺸﺨﺺ اﻟﻤﻌﻴﻦ اﺳﻤﻴﺎ ﻣﻦ ﻃﺮﻓﻪ ﻟﻬﺬا اﻟﻐﺮض ،رﺋﻴﺴﺎ؛
ﻣﻤﺜﻼن ﺁﺧﺮان ﻟﺼﺎﺣﺐ اﻟﻤﺸﺮوع ﻳﻨﺘﻤﻲ أﺣﺪهﻤﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ إﻟﻰ اﻟﻤﺼﻠﺤﺔ اﻟﻤﻌﻨﻴﺔ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ﻣﻮﺿﻮع اﻟﺼﻔﻘﺔ؛
ﻣﻤﺜﻞ اﻟﻮزﻳﺮ اﻟﻤﻜﻠﻒ ﺑﺎﻟﻤﺎﻟﻴﺔ ﻃﺒﻘﺎ ﻟﻠﻤﻘﺘﻀﻴﺎت اﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻴﺔ اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﻤﺮاﻗﺒﺔ اﻟﻤﺎﻟﻴﺔ ﻟﻠﺪوﻟﺔ اﻟﻤﻄﺒﻘﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺆﺳﺴﺔ؛
ﻣﺴﺆول ﻣﺼﻠﺤﺔ اﻟﻤﺸﺘﺮﻳﺎت ﺑﺎﻟﻤﺆﺳﺴﺔ أو ﻣﻤﺜﻠﻪ؛
ﻣﺴﺆول اﻟﻤﺼﻠﺤﺔ اﻟﻤﺎﻟﻴﺔ ﺑﺎﻟﻤﺆﺳﺴﺔ أو ﻣﻤﺜﻠﻪ.
كما أن ﻟﺼﺎﺣﺐ اﻟﻤﺸﺮوع ،ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞاﻻﺳﺘﺸﺎرة ،اﺳﺘﺪﻋﺎء أي ﺷﺨﺺ ﺁﺧﺮ،ﺧﺒﻴﺮا أو ﺗﻘﻨﻴﺎ ،ﺗﻌﺘﺒﺮ مشاركته ﻣﻔﻴﺪة.
وعن كيفية تعيين رئيس لجنة طلب العروض ونائبه ،فهي نفس الكيفية المنصوص عليها في الفقرة السابقة والمتعلقة بصفقات الدولة.
المطلب الثاني :تركيبة لجان طلب العروض في صفقات الجماعات الترابية:
جاء المرسوم الجديد للصفقات العمومية بعدة مستجدات بخصوص الصفقات العمومية التي تبرمها الجماعات الترابية .فباإلضافة إلى
القواعد العامة هناك مقتضيات خاصة] [4سواء تلك التي تتعلق بتركيبة لجن طلب العروض أو القبول ،وفي هذا ميز المشروع بين لجان
عروض أو قبول بالنسبة للجماعات الحضرية أو القروية وتتألف من صاحب المشروع آو من ينوب عنه رئيسا ورئيس اللجنة الدائمة
المختصة في موضوع الصفقة أو من يمثله ،الكاتب العام للجماعة أو ممثله والمسؤول عن المصلحة المعنية بالصفقة وممثل عن السلطة
اإلدارية المحلية ،وهي نفس التركيبة في لجنة طلب العروض أو القبول أو المباراة بالنسبة للمقاطعات ،نفس األعضاء نجدهم في اللجنة
المنوط بها نفس الغرض ،إال ممثل السلطة اإلدارية المحلية بالنسبة للجماعة الحضرية الرباط ولجماعة المشور ،ولعله معطى يتماشى
وتخصيص الميثاق الجماعي لهاته الجماعات بنظام خاص بها ،وتختلف هاته اللجان بالنسبة لمجالس العماالت واألقاليم عن سابقتها
باستثناء ممثل السلطة المحلية وحضور مقرر الميزانية محل الكاتب العام ،أما فيما يخص مجموعات الجماعات المحلية المحدثة بموجب
المادة 79من الميثاق الجماعي فتركيبة لجان طلب عروضها أو القبول أو المباراة تتكون من صاحب مشروع المجموعة رئيسا أو ممثله،
أعضاء مكتب المجموعة ،ممثل عن السلطة اإلدارية المحلية لمكان مقر التجمع ثم المسؤول عن المصلحة المعنية بالعمل المعين من طرف
الرئيس ،وبالنسبة لمجموعات المدن الكبرى يضاف الى التركيبة أعاله الكاتب العام أو من يمثله .بعد هذا عرض مرسوم الصفقات لتركيبة
لجنة طلب العروض أو القبول أو المباراة في الصفقات التي تبرم لحساب المؤسسات العمومية المحلية غير المجموعات ،هذه التركيبة
تزيد عن تركيبة نفس اللجنة في الصفقات التي تبرم لحساب المؤسسات والمقاوالت العمومية بممثل عن وزارة الداخلية ومهندس بلدي
أو إقليمي معين والمسؤول عن المصلحة المستعملة للشساعة.
نظرا لالختصاصات الواسعة التي تم منحها للجنة طلب العروض ونظرا لخطورة القرارات التي تتخذها ومصيريتها على المسار التنافسي
من جهة وعلى الصفقة العمومية بشكل عام ،شكلت الطبيعة القانونية لقرارات لجنة طلب العروض جدال واسعا يتجلى في األساس في
التساؤل التالي" :هل ما تصدره لجنة طلب العروض عبارة عن قرارات أم مقرارات؟ أم أنها ال تخرج عن كونها آراء استشارية ما دام أن
صاحب المشروع ليس ملزما بالضرورة باألخذ بالرأي الذي استقرت عليه لجنة طلب العروض؟ ثم ما طبيعة الطعون المقدمة ضد قرارات
اإلقصاء التي تصدرها هذه اللجان ما دام أن الطعن يوجه ضد القرار اإلداري وما دام أن لجنة طلب العروض ال تقدم سوى آراء استشارية
ال تترجم إلى قرارا إداري إال بمصادقة صاحب المشروع عليها؟ بل زد على ذلك أن اإلشكالية تزداد تعقيدا بخصوص صفقات الجماعات
الترابية نظرا لعدد درجات المصادقة (لجنة طلب العروض +صاحب المشروع +سلطة الوصايا)؟
للخروج بجواب على هذه التساؤالت ،ال بد من إلقاء نظرة على اختصاصات وسلطات لجان طلب العروض وكيفية تعامل القضاء مع
القرارات الصادرة عنها.
خول المشرع للجنة طلب العروض صالحية التحقق من توافر الشروط والشكليات في المتنافسين ،حيث تباشر في هذا الصدد التحقق من
الملفين اإلداري والتقني بقرار شفوي خالل الجلسة العمومية الثانية لفحص العروض دون اإلفصاح عن سبب اإلقصاء] .[5بمعنى أن
اإلقصاء يكون نتيجة عدم مطابقة ملفات التعهد للشروط والمقاييس المتطلبة ،وإما في شكل عقوبة تتخذها اإلدارة بسبب عدم صحة
التصريح بالشرف] ،[6أو بسبب ارتكابه ألعمال تدليسية أخرى].[7
لكن أحيانا قد ال تتم العملية بكيفية سليمة ،مما يتعين على المستهدف إيجاد وسيلة لمواجهة اإلساءة التي قد يتعرض لها ،نتيجة إيقاف
مشاركته في األطوار الالحقة للمنافسة دون موجب صحيح ،والمكلف بمهمة تقييم العروض أو في ممارسته لالختصاصات المنوطة به
يجب أال يخضع في تصرفاته وقراراته لما تمليه عليه األهواء والميول وإنما يلزم أن يستند في كل ما يصدره من قرارات ويمارسه من
نشاط إلى أسباب واقعية تسوغ له ذلك ،إذ أن اإلدارة في قيامها بالصفقات ليست هوى ،أو تحكما وإنما هي نشاط يمارس بقصد تحقيق
المصلحة العامة ،وهو ما يستلزم بالضرورة أن يكون تدخل صاحب المهمة مبررا بقيام األسباب التي تكفل اتجاهه تحقيق المصلحة
العامة] .[8وتمثل الرقابة القضائية على أسباب القرارات اإلدارية في دعوى اإللغاء ضمانة هامة وأساسية لتحقيق شرعية تصرفات
اإلدارة صاحبة المشروع ،وخضوعها لحكم القانون.
وتجدر اإلشارة في هذا اإلطار أن مرسوم 20مارس ،2013بل وحتى مرسوم 5فبراير 2007تضمن العديد من الشروط الواجب توفرها
لصحة التعهدات في مجال الصفقات العمومية [9]،وهي شروط ومقاييس استهدف المشرع من وراءها إثبات الكفاءات والمؤهالت
القانونية والتقنية والمالية الالزمة[10]،وكذلك آجال وإجراءات تقديم ملفات التعهد ،كما خول المشرع المغربي للجنة طلب العروض
صالحية التحقق من توافر هذه الشروط والشكليات في المتنافسين حيث تباشر في هذا اإلطار عملية التدقيق والتثبت من الطلبات
والملفات اإلدارية والتقنية التي تتوصل بها ،بحيث يمكن إقصاء التعهد على إثر فحص الملفين اإلداري والتقني ،بقرار شفوي خالل
الجلسة العمومية الثانية لفحص العروض] ،[11ومعلوم أن هذه الجلسة العمومية تمثل مرحلة أولية في تنظيم المنافسة ،يتم من خاللها
فحص الملفات اإلدارية والتقنية] [12المقدمة من طرف المتنافسين للشروط المنصوص عليها في القانون السالف الذكر.
وبذلك نصت المادة 11/35من مرسوم 5فبراير 2007على أنه بعد فتح أظرفة المتنافسين خالل أول جلسة عمومية ،تجتمع لجنة طلب
العروض في جلسة مغلقة لفحص الملفين اإلداري والتقني وحصر الئحة المتعهدين الممكن قبولهم التي يتلوها رئيس اللجنة عند استئناف
الجلسة العمومية ،دون اإلفصاح عن سبب اإلقصاءات.
وبالرجوع إلى نماذج منتقاة من المنازعات المتعلقة بهذه اإلقصاءات يتبين أن جل المنازعات منصبة باألساس على مسألتين ،األولى
مرتبطة بصفة الجهة التي يتعين توجيه الدعوى ضدها ،والثانية متصلة بتشبث اإلدارة بالسلطة التقديرية المخولة للجنة طلب العروض
بغاية تقييم المؤهالت التقنية للمتنافسين.
وبالرجوع إلى التطبيقات القضائية في هذا الصدد ،نجد أن القاضي اإلداري في مسعاه لبسط رقابته على حاالت إقصاء التعهدات يعتمد
على أساس التشريعي الوارد في المادة 35من المرسوم السالف الذكر ،حيث يتبين من خالل هذه المادة أن المشرع منح لإلدارة سلطة
تقديرية واسعة في إقصاء أي متنافس لم يستوفي الشروط المنصوص عليها ،لكن القاضي اإلداري لم يمنع نفسه من بسط رقابته على
هذه السلطة التقديرية ،حيث حرص على أن ال تنقلب سلطة صاحب المشروع فيما يرجع لفحص المطابقة إلى سلطة يكون مضمونها
التقدير والمالءمة ،وذلك من خالل دأبه على التصريح بأن وجود نظام قانوني يحدد شروط وكيفيات إبرام الصفقات العمومية أمر
يتنافى والقول بصالحيات تقديرية مطلقة اإلدارة في هذا المجال.
وعلى هذا األساس نجد حكم المحكمة اإلدارية بأكادير] [13بتاريخ 06/05/1999بأنه "حيث أن الطاعنة قدمت طلبا يرمي إلى إلغاء
قرار لجنة فتح األظرفة الذي قام بإقصائها من صفقة العروض إلنجاز 17مطفية بإقليم السمارة إذ اعتبرت المحكمة أن القرارات الممهدة
لعقد الصفقات العمومية تعتبر قرارات منفصلة عن العملية التعاقدية وقابلة للطعن باإللغاء معللة ذلك بأن وجود قانون يحدد شروط
وكيفيات إبرام الصفقات العمومية يتنافى والقول بصالحيات تقديرية مطلقة اإلدارة فيما يخص إبرام الصفقات.
وحيث أن وضع إطار قانوني إلبرام الصفقات برهان قاطع على أن اإلدارة مدعوة لتبرير قراراتها في تحقيق الرقابة اإلدارية والقضائية
على كيفية تدبير المال العام وأن التنصيص على تحرير محضر بفتح األظرفة يشكل أهم ضمانة للمقاول والممول تجعله يطمئن على أن
اإلجراءات المتخذة قصد إبرام الصفقة قد تمت في إطار قانوني وواقعي شفاف ،وحيث أن ما تمسكت به اإلدارة في نازلة الحال من
حريتها المطلقة في اختيار المتعهد الذي يحظى بقبولها يتناقض مع وضع المشرع لمقتضيات المرسوم المنظم للصفقات العمومية والذي
يتضمن إجراءات شكلية وجوهرية ال يمكن إبرام الصفقات بدون احترامها.
وحيث أن القرار المطعون فيه يكون والحالة ما ذكر متسما بتجاوز استعمال السلطة األمر الذي يقتضي إلغاؤه مع ما يترتب عن ذلك
قانونا".
وهنا يظهر جليا قبول دعوى اإللغاء في مواجهة قرار لجنة فتح األظرفة ،فكما هو معلوم أن دعوى اإللغاء توجه ضد قرار إداري و ال شيء
غير القرار اإلداري سواء اإليجابي أو السلبي .إذ اعتبرت المحكمة اإلدارية بأكادير قرار لجنة فتح األظرفة قرار إداريا و عبرت عن ذلك
بشكل ضمني ما دامت قبلت الطعن فيه باإللغاء.
كما أن االستناد على عدم إلزام اإلدارة باإلفصاح عن أسباب اإلقصاء خالل مرحلة فحص الملفات اإلدارية والتقنية للقول بتوفرها على
سلطة تقديرية في هذا المجال أصبح في الوقت الراهن متجاوزا بالنظر إلى ما تنص عليه مقتضيات المادة 76من مرسوم 5فبراير
2007بشأن نشر مستخرجات من محاضر لجنة طلب العروض التي يتعين أن تكون متضمنة لكل أسباب اإلقصاء علما بأن الحماية
القانونية المتوخاة من إطالع المتنافسين على أسباب إقصائهم تكون أنجح عندما يتعلق األمر بمقررات يملك فيها صاحب المشروع هامشا
كبيرا من السلطة التقديرية إلصدارها].[14
وإذا كانت قرارات إقصاء التعهدات يتم اتخاذها بناءا على مدى مطابقة الملفين اإلداري والتقني للشروط المتطلبة ،فإن قرارات إقصاء
العروض يتم اتخاذها بناءا على فحص العرض المالي.
كما أن اإلدارة تتمتع بسلطة تقديرية أوسع في قرارات إقصاء التعهدات بخالف قرارات إقصاء العروض التي تضيق فيها هذه السلطة.
باإلضافة إلى أنه و بخالف المقررات المتعلقة بإقصاء التعهدات التي يعلن عنها شفويا خالل الجلسة العمومية للجنة فحص الملفات
التقنية واإلدارية فإن مقررات إقصاء العروض تتميز بخاصيتين:
تتمثل األولى في أنه طبقا للمادة 45من المرسوم 5/02/2007يكون صاحب المشروع ملزما بإخبار نائل الصفقة بقرار الترسية المؤقت
خالل أجل ال يتعدى عشرة ( )10أيام كاملة] [15ابتداءا من تاريخ انتهاء أشغال لجنة طلب العروض.
الخاصية الثانية :يكون صاحب المشروع ملزما أيضا بإخبار المتعهدين الذين تم إقصاؤهم برفض عروضهم ،مع ذكر أسباب إبعادهم
بواسطة رسالة مضمونة مع اإلشعار بالتوصل ،وتبعا لذلك فإن المنازعات المتعلقة بإقصاء العروض قد تنصب على عملية تقييم العروض
ومقارنتها فيما بينها أو على عدم اعتماد صاحب المشروع االختيار المقترح من طرف لجنة اقتراح العروض [16]،ويمكن اعتبار إلزام
المشرع بضرورة إرفاق قرار اإلقصاء من العروض بأسباب التي استندت عليها في ذلك بمثابة تنازل طوعي أو تضييق لهامش السلطة
التقديرية لإلدارة ،بحيث أصبحت ملزمة بتبليغ المتبارين بجميع اإلجراءات وضرورة استدعائهم لحضور الجلسة المفتوحة لفتح
األظرفة].[17
وقد فعل المشرع المغربي خيرا من خالل إعطاء قرارات لجة طلب العروض قوة إلزامية لصاحب المشروع ،حيث أصبح ملزما باألخذ
باالختيار الذي أقرته هذه اللجنة ،إذ تنص المادة 44من مرسوم 20مارس 2013في فقرتها األخيرة على أن السلطة المختصة ال يمكنها
أن تغير االختيار الذي أقرته لجنة طلب العروض.
وهذا تأكيد تشريعي لما سار عليه االجتهاد القضائي الذي حاول التأكيد على إلزامية األخذ بقرار -رأي -لجنة طلب العروض .وبالتالي
فالمشرع انتقل من أراء لجنة طلب العروض إلى قرارات لجنة طلب العروض والتي ال يمكن لإلدارة صاحبة المشروع تغيره.
وبالتالي وحتى قبل إقرار المشرع المغربي للطابع اإللزامي الختيارات لجنة طلب العروض ،فقد سبق للقضاء اإلداري المغربي أن قبل
دعوى اإللغاء في مواجهة قرارات لجنة طلب العروض على اعتبار قراراتها قرارات إدارية قابلة للطعن باإللغاء .هذا مع العلم أن للقرار
اإلداري القابل للطعن باإللغاء عدة خصائص تميزه عن غيره من األعمال اإلدارية على النحو التالي:
وبالرجوع إلى قرارات لجنة طلب العروض وما مدى توافر عناصر/خصائص القرار اإلداري ،فقد كان من الصعب إضفاء صبغة القرار
اإلداري على رأي/قرار لجنة طلب العروض ما دام أنه مجرد رأي ال يترتب عنه أثر قانوني ما دام أن قرار اختيار المتعاقد هو اختصاص
أصيل لصاحب المشروع والذي ليس هناك ما يلزمه باعتماد االختيار الذي رست عليه لجنة طلب العروض ،لكن ومع التعديل الجديد الذي
أقرته المادة 44من خالل تنصيصها في فقرتها األخيرة على أن السلطة المختصة ال يمكنها أن تغير االختيار الذي أقرته لجنة طلب
العروض ،أصبح قرار لجنة طلب العروض يرتب آثر قانونيا ،ومن خالله يتحقق أحد عناصر/خصائص القرار اإلداري القابل للطعن باإللغاء.
الئحة المراجع:
األعرج محمد ،القضاء اإلداري ،مكتبة المعارف الجامعية.2007 ،
أمزيد الجياللي ،الحماية القانونية و القضائية للمنافسة في صفقات الدولة ،المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،سلسلة مؤلفات
وأعمال جامعية ،عدد .2008 ،79
برحلي عبد الرحيم ،دور القاضي اإلداري في حماية المال العام ،قضايا الجرائم المالية من خالل اجتهادات المجلس األعلى ،مطبعة
األمنية ،الرباط.2007 ،
بوعشيق أحمد" ،الدليل االجتهاد القضائي في المادة اإلدارية " ،الجزء الثاني ،المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،عدد .2004 ،16
البوكريني مصطفى" ،المنافسة في الصفقات العمومية بين النظرية والتطبيق" أطروحة لنيل دبلوم الدكتوراه في الحقوق ،كلية العلوم
القانونية واالقتصادية واالجتماعية جامعة محمد الخامس أكدال ،الرباط.
حسني محمد"،المنازعات العقدية على ضوء االجتهاد القضائي اإلداري" ،مجلة المعيار ،عدد .2005 ،33
مجيدي علي" ،السلطة التقديرية لإلدارة ورقابة القضاء :دراسة تحليلية ومقارنة" ،أطروحة نيل دكتوراه الدولة في القانون العام ،جامعة
الحسن الثاني ،عين الشق ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،الدار البيضاء ،السنة الجامعية .1999-1998
الهوامش
] - [1األعرج محمد ،القضاء اإلداري ،مكتبة المعارف الجامعية ،2007 ،ص.109.
] - [2برحلي عبد الرحيم ،دور القاضي اإلداري في حماية المال العام ،قضايا الجرائم المالية من خالل اجتهادات المجلس األعلى ،مطبعة
األمنية ،الرباط ،2007 ،ص.65.
] - [3البوكريني مصطفى" ،المنافسة في الصفقات العمومية بين النظرية والتطبيق" أطروحة لنيل دبلوم الدكتوراه في الحقوق ،كلية
العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية جامعة محمد الخامس أكدال ،الرباط ،ص.145.
] - [4تضمنها المرسوم الجديد في بابه السادس ،والمتعلق بالمقتضيات الخاصة بصفقات الجهات والعماالت واألقاليم والجماعات ،و قد
كان هذا الباب في ظل مشروع 2009تحت اسم "المقتضيات الخاصة بصفقات الجماعات المحلية ومجموعاتها والمؤسسات العمومية
المحلية".
] - [5المادة 35من مرسوم 05فبراير 2007السالف الذكر .و نفس الشيء أكدته المادة 36من مرسوم رقم ،2.12.349صادر في 8
جمادى األولى ( 20مارس )2013المنشور بالجريدة الرسمية عدد ،6140بتاريخ 04أبريل ،2013يتعلق بالصفقات العمومية.
] - [6المادة 24من مرسوم 05فبراير .2007
] - [7المادة 85من مرسوم 05فبراير .2007
] - [8مجيدي علي" ،السلطة التقديرية لإلدارة ورقابة القضاء :دراسة تحليلية ومقارنة" ،أطروحة نيل دكتوراه الدولة في القانون العام،
جامعة الحسن الثاني ،عين الشق ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،الدار البيضاء ،السنة الجامعية ،1999-1998ص
.212
] - [9المادة 24من مرسوم 20مارس .2013
] - [10المادة 25من مرسوم 20مارس ،2013المنشور بالجريدة الرسمية عدد ،6140بتاريخ 04أبريل ،2013يتعلق بالصفقات
العمومية.
] - [11البوكريني مصطفى ،مرجع سابق ،ص.150.
] - [12المواد 25و 28و 38من مرسوم 20مارس .2013
] - [13حكم أورده بوعشيق أحمد" ،الدليل االجتهاد القضائي في المادة اإلدارية " ،الجزء الثاني ،المجلة المغربية لإلدارة المحلية
والتنمية ،عدد ،2004 ،16ص.395.
] - [14أمزيد الجياللي،الحماية القانونية والقضائية للمنافسة في الصفقات الدولة ،المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،سلسلة
مؤلفات وأعمال جامعية ،عدد ، 2008 ،79ص.132.
] - [15تم تقليص هذا األجل إلى 5أيام بموجب المادة 44من مرسوم 20مارس .2013
] - [16تنص المادة 44في فقرتها األخيرة على أن السلطة المختصة ال يمكنها أن تغير االختيار الذي أقرته لجنة طلب العروض.
] - [17الصقلي حسني محمد"،المنازعات العقدية على ضوء االجتهاد القضائي اإلداري" ،مجلة المعيار ،عدد 2005 ،33ص .68
)Commentaires (1
السالم استادي العزيز من فضلكم اريد من سيادتكم المحترمة استشارة قانونية ان امكن لكم وشكرا انتظر موافقتكم استادي العزيز
تعليق جديد
* االسم
* بريد الكتروني
* تعليق
اقترح
Copyright © 2022
Marocdroit - Site Web Des Sciences Juridiques
Créer en Septembre 2009 par Dr Nabil Med Bouhmidi .. Date de Lancement: Avril 2010
) (https://www.marocdroit.com/?preaction=mobileاصدار المحمول /الويب