Professional Documents
Culture Documents
Null 25
Null 25
السنة الجامعية:
2019-2020
إنهاء عقد االئتمان االيجاري
المبحث األول :الشروط التعاقدية المرتبطة بفسخ أو انفساخ عقد االئتمان اإليجاري
يحظى عقد االئتمان اإليجاري بأهمية بالغة في مجال التمويل ،لكن بالرغم من ذلك فإن كال من مدونة
التجارة والقانون رقم 103.12لم ينظما سوى تعريف العقد المذكور وتحديد بعض أركانه ،دون التطرق
لباقي الجوانب المرتبطة بالعالقة القائمة بين أطراف العقد -اللهم بعض المقتضيات التي جاء بها قانون
رقم 31.08والتي نظمت بعض الجوانب المرتبطة بإنهاء عقد االئتمان اإليجاري -األمر الذي يقتضي
معه اللجوء إلى قانون االلتزامات والعقود باعتباره الشريعة العامة التي يلجأ إليها عند انعدام النص
الخاص ،مما نتج عنه تمتيع أطراف عقد االئتمان اإليجاري بهامش كبير من الحرية التعاقدية ،بحكم
الطبيعة المكملة لقانون االلتزامات والعقود ،ولعل أبرز مثال على الحرية التي يتمتع بها األطراف في
تنظيم العالقة فيما بينهم هو فسخ أو انفساخ عقد االئتمان اإليجاري ،ولما كانت مؤسسة االئتمان
اإليجاري هي التي تضع مسبقا الشروط المتعلقة بالفسخ فإنها تسخر جميع اآلليات التعاقدية والقانونية
لحماية مصالحها بعد إنهاء العقد ،ومن بين هذه الشروط ما يرتبط بالتعويض عن اإلرجاع وانخفاض
قيمة الشيء محل عقد االئتمان اإليجاري (المطلب األول) ومنها ما يرتبط بالتعويض عن االستعمال
الحاصل بعد فسخ عقد االئتمان اإليجاري و إنهاء عقد البيع (المطلب الثاني).
المطلب األول :الشروط المرتبطة بالتعويض عن اإلرجاع وانخفاض قيمة الشيء محل عقد االئتمان
اإليجاري
إن إنهاء عقد االئتمان اإليجاري بالفسخ أو االنفساخ يترتب عليه حسب الشروط الواردة بهذا العقد
مجموعة من اآلثار ،كلها تقع على عاتق المكتري ولفائدة المكري ،ولعل أبرزها أن المكري يشترط على
المكتري أداء نفقات وتكاليف إرجاع الشيء بعد الفسخ أو االنفساخ (الفقرة األولى) ،باإلضافة إلى التزام
المكتري بالتعويض عن التخفيض من قيمة الشيء وتجريده من الحق في التعويض عن التحسينات التي
يدخلها على الشيء موضوع العقد (الفقرة الثانية)
يترتب على فسخ أو انفساخ عقد االئتمان االيجاري ،إرجاع الشيء المكترى ،إال أن هذا اإلرجاع قد
يترتب عليه مجموعة من المصاريف والتكاليف كمصاريف نقل المعدات المكتراة ،أو مصاريف الشحن
أو مصاريف التخلص من األشياء التي تعد صالحة لالستعمال ،وقد يتطلب األمر أيضا مصاريف حراسة
األشياء في انتظار إرجاعها.
1
إنهاء عقد االئتمان االيجاري
فمن الذي يتحمل عبء هذه المصاريف والتكاليف؟ وهل يمكن لمؤسسة االئتمان اإليجاري أن تضع
شرطا تحمل بموجبه المكتري هذه التكاليف؟
لإلجابة عن هذه التساؤالت ،يمكن أن نميز بين حالتين ،الحالة التي يكون فيها المكتري مستهلكا والحالة
التي يكون فيها المكتري غير مستهلك ،ففي الحالة األولى ال يمكن لمؤسسة االئتمان اإليجاري أن
تشترط تخلصها من مصاريف اإلرجاع وإن هي قامت بذلك فإنها تكون قد خالفت كال من المادة 108
و 134من قانون رقم 31.08وعليه يمكن للقضاء إلغاء هذا الشرط العتباره شرطا غير قانونيا .وما
يؤكد ذلك هو التعليل الذي اعتمدته محكمة النقض الفرنسية في قرارها رقم 259الصادر بتاريخ
1987/11/21حينما نقضت قرار محكمة االستئناف الذي قضى بتحميل المكتري تكاليف حراسة
العربات بعد إرجاعها إلى مؤسسة االئتمان اإليجاري ،وقد أسست محكمة النقض قرارها على المادة 20
من قانون 20يناير 1978المتعلق باإلعالم وحماية المستهلكين وخاصة في مجال العمليات االئتمانية
التي توافق مقتضيات المادتين 108و 134من القانون رقم .31.08
أما إذا لم يكن المكتري مستهلكا ،فإنه يمكن قبول الشروط التي تحمل المكتري التعويض عن تكاليف
استرجاع األشياء موضوع عقد االئتمان اإليجاري ،إعماال لمبدأ الحرية التعاقدية التي تحكم العالقات بين
التجار ،غير أنه ينبغي أال تبقى هذه الحرية على إطالقها ،بل ينبغي أن يخضع إعمالها لبعض القيود.
وعليه فمؤسسات االئتمان اإليجاري ال تتحلل من مراقبة القضاء لمبالغ التعويض التي تطالب بها
المقاولة المكترية ،ألنه ينبغي أن يكون مبلغ التعويض عن اإلرجاع معقوال وغير مبالغ فيه.
زيادة على ذلك يتعين على المكري الذي يطالب بالتعويض عن تكاليف اإلرجاع ،أن يحترم المقتضيات
المنصوص عليها في المادة 435من مدونة التجارة التي تفرض عليه استصدار أمر اإلرجاع من رئيس
المحكمة الذي يعاين واقعة عدم األداء .وبعد استنفاذ الوسائل الودية المشار إليها في المادة 433من
مدونة التجارة وما يؤكد ذلك هو القرار 4792/2013الصادر عن محكمة االستئناف التجارية بالدار
البيضاء الصادر بتاريخ 2013/11/12والذي جاء في إحدى حيثياته ما يلي" :وحيث أنه بخصوص دفع
المستأنفة بخرق مقتضيات الفصل 435من مدونة التجارة والتي تنص على أنه ال يلجأ إلى المسطرة
موضوع الفقرة األولى إال بعد استنفاذ كل الوسائل الودية المشار إليها في المادة 433إلنهاء النزاع،
فإن الدفع المشار أعاله يتعلق بمسطرة االسترجاع في حين أن موضوع الدعوى الحالية يتعلق باألداء
فيكون الدفع أعاله غير منتج ويتعين رده".
إضافة إلى ذلك فإنه يتعين على المكري ،عند إعماله لحقه في استرجاع الشيء موضوع عقد االئتمان
اإليجاري من يد المكتري ،أن يتصرف بحسن نية في اختيار الوسائل والطرق األقل تكلفة السترجاع
2
إنهاء عقد االئتمان االيجاري
الشيء ،وبالتالي فإن المكري سيء النية ال يمكنه التمسك بمبدأ الحرية التعاقدية إلعمال شرط التعويض
عن تكاليف االسترجاع التي تبقى على عاتق المكتري .كما أن المكتري هو من عليه إقامة الدليل على
سوء نية المكري في تنفيذه السترجاع األشياء موضوع عقد االئتمان اإليجاري.
عندما ينتهي عقد االئتمان االيجاري سواء بالفسخ أو باإلنفساخ ،فإنه يتوجب على المكتري أن يعمل
على رد العين المكتراة إلى المكري (مؤسسة االئتمان االيجاري) ،كما ينبغي أن تكون حالة الشيء
المسترد قريبة ما أمكن إلى الحالة التي تسلمها فيها المكتري مع مراعاة النقص الحاصل لها بسبب
االستعمال العادي ،كما ال ينبغي أن ينتج عن هذا االسترجاع تفقير أو إثراء ألحد أطراف عقد االئتمان
االيجاري.
وأمام سكوت كل من مدونة التجارة والقانون البنكي عن تنظيم اآلثار المترتبة على هذا االلتزام ،كان من
ضروري الرجوع إلى المقتضيات العامة الواردة في قانون االلتزامات والعقود فيما يتعلق بعقد الكراء،
حيث ميز المشرع بين حالتين:
الحالة األولى :هي التي نص عليها الفصل 676من ق ل ع ،بمقتضاها يتم االتفاق على تحرير محضر
إلثبات مواصفات الشيء المكتري ،فهنا يلتزم هذا المكتري برد الشيء المكترى على الحالة المتفق
عليها أثناء التعاقد.
الحالة الثانية :عندما تكون المواصفات مسكوت عنها فإن المشرع من خالل الفصل 677من ق ل ع،
افترض في المكتري أنه تسلمها في حالة حسنة ،إال أن هذه القرينة بسيطة ،يمكن للمكتري إثبات
عكسها بكافة وسائل اإلثبات.
ويذكر أنه في أغلب األحوال تعمل مؤسسات االئتمان االيجاري على تحديد المواصفات التي سلم عليها
الشيء المكترى ،وتلزم المكتري بالمحافظة عليه وصيانته ،مع إرجاعه إليها في حالة جيدة ،هذا ما
يجعله يتحمل تبعات النقص الحاصل في قيمة الشيء المكتري وفقا للشروط المنصوص عليها في عقد
االئتمان االيجاري.
وتبعا لذلك فإن المشرع المغربي في ق ل ع ،ميز بين الحاالت التي يتم فيها الهالك أو التعيب بفعل خطأ
من المكتري أو أحد أتباعه ،هنا يسأل عن الضرر المترتب عن إنخفاض قيمة الشيء المكترى ،أما
الحالة الناتجة عن االستعمال المألوف للشيء المكترى ،أو نتيجة لحادث فجائي أو قوة قاهرة أو تلك
التي تنشأ عن حالة القدم ،فإن المكتري هنا ال يسأل عن تبعاتها وبذلك ال يتحمل النتائج المترتبة عنها،
3
إنهاء عقد االئتمان االيجاري
وما يلتزم به في هذا اإلطار هو إعادة الشيء المكترى على الحالة التي يوجد عليها إلى المكري ،الذي
يتحمل تبعات النقص الذي حصل لقيمة الشيء المكترى ،وكل شرط يقضي بخالف هذا يكون عديم األثر،
هذا ما أكده الفصل 659من ق ل ع.
وهو نفس التوجه الذي تبنته محكمة النقض الفرنسية في قرار لها عدد 183بتاريخ 2يناير 1987
حيث قضت بتحميل المكري تبعات انخفاض قيمة الشيء ألن االنخفاض ناتج عن االستعمال العادي
لألشياء موضوع عقد االئتمان االيجاري من جهة وألن المكتري المستعمل لم يرتكب أي خطأ أدى إلى
هذا االنخفاض من جهة أخرى.
وأكدت المحكمة هذا التوجه في قرار آخر تحت عدد 08-21138الصادر بتاريخ 8دجنبر 2009حيث
قضى بأن مستعمل األشياء موضوع العقد هو المسؤول عن انخفاض أو تدهور قيمة الشيء إال إذا كان
حسن النية ،أو أن هذا االنخفاض في القيمة ال يعزى إلى خطئه أو بسبب البائع -المورد -الذي سلم
األشياء في وضعية رديئة حرمت المستفيد من استعمال الشيء وفق الغرض الذي اشترى من أجله.
أما فيما يتعلق بمصير التحسينات التي أدخلها المكتري على الشيء المكترى محل موضوع عقد االئتمان
االيجاري ،فإن المشرع قد سكت في كل من مدونة التجارة والقانون البنكي ،مما جعل مؤسسات االئتمان
االيجاري تستغل هذا الفراغ التشريعي لتضمن شرطا مؤداه أن جميع التحسينات التي يدخلها المكتري
على الشيء المكترى ،تصبح في ملكها ،من ذلك مثال الفقرة 6من الفصل الرابع من عقد االئتمان
االيجاري لشركة وفاباي نصت على أن القطع والتجهيزات والتوابع التي تدمج في اآلالت من طرف
المستأجر أثناء فترة اإليجار تصبح بقوة القانون في ملك المؤجر من دون أن يطلب منه أي رد أو
تعويض.
وأمام هذا االجحاف في حق المكتري كان من الواجب الرجوع إلى المقتضيات المنصوص عليها في ق ل
ع ،ومن ذلك الفصل 683منه ،المستفاد منه أن التحسينات التي يدخلها المكتري على الشيء المكترى،
األصل فيها ،أنها تصبح ملكا خاصا للمكري ،وال يمكن للمكتري مطالبته بالتعويض ،إال إذا كان قد حصل
منه على إذن للقيام بهذه التحسينات ،وبالتالي للمكتري مطالبته بالتعويض ،إال إذا كان قد حصل منه
على إذن للقيام بهذه التحسينات ،وبالتالي فإنه إذا أذن المكري للمكتري بإدخال تلك التحسينات فإنه يلزم
بتعويضه عنها في حالة استرجاعه للشيء المكترى.
4
إنهاء عقد االئتمان االيجاري
وبالتالي فإن اشتراط المكري تملكه كل التحسينات التي يدخلها المكتري على الشيء ،من شأنه أن يؤدي
إلى إثراء ذمة المكري على حساب المكترب وهو ما ترفضه مبادئ التعاقد التي تقضي بالتعاون بين
أطراف العقد إلنجاح الوظيفة االقتصادية لهذا األخير.
الفقرة األولى :التعويض عن االستعمال الحاصل بعد فسخ عقد االئتمان االيجاري
خالفا للعقود الفورية التي تسري عليها آثار الفسخ بصورة رجعية ،فإن آثار الفسخ في العقود الزمنية ال
تطبق بأثر رجعي ،وإنما تنسحب إلى المستقبل فقط ،دون المساس بااللتزامات التي سبق ترتيبها،
وبإعتبار عقد االئتمان االيجاري في القانون المغربي يعد عقد الكراء وبذلك فهو من العقود الزمنية،
وبالتالي يترتب على فسخ عقد االئتمان االيجاري ،أن تسترجع مؤسسة االئتمان االيجاري للشيء
المملوك لها ،ويتحلل المكتري من إلتزامه بدفع األقساط التي لم يحن أجالها ،أما بالنسبة األقساط التي
أديت قبل الفسخ ،فإنها تعتبر ملكا خالصا للمؤسسة التمويلية ،اعتبارا النعدام األثر الرجعي للفسخ ،ألن
تلك األقساط تعد مقابل المنفعة التي استفاد منها المكتري ،وبمفهوم المخالفة قد يتم فسخ عقد االئتمان
االيجاري دون أن يكون المكتري قد استعمل الشيء المكترى ومع ذلك سبق له أن أدى األقساط ،فإنه
يتعين على المكري أن يعيد تلك األقساط إلى المكتري.
غير أنه قد يحصل أن يبقى المكتري حائزا ومنتفعا بالشيء المكتري ،خالل الفترة الفاصلة بين الفسخ
واالسترجاع ،مما يعد مصدر ربح لفائدة المكتري ،الشيء الذي يخول للمكري الحق في المطالبة
بالتعويض إزاء هذا االستعمال.
وللمحكمة االختصاص للبت في طلب التعويض عن هذا االستعمال ،الذي تحدده انطالقا من المدة التي
دام خاللها االستعمال مع األخذ بعين االعتبار الربح الذي حصله المكتري إزاء هذا االستعمال ،والكسب
الذي كان من المتوقع جنيه من قبل المكري لو استرجع ذلك الشيء مباشرة بعد فسخ عقد االئتمان
االيجاري ،هذا ما يمكن استنتاجه من خالل قرار لمحكمة النقض المغربية عدد 593ملف تجاري عدد
2006/1/3/699الصادر بتاريخ 15أبريل ،2009الذي جاء في إحدى حيثياته ما يلي " :لكن حيث
جاء في تعليالت القرار المطعون فيه (أن محكمة الدرجة األولى ،وإن كانت قد اعتبرت المبالغ المحكوم
بها في مواجهة الطاعنة (شركة بترول المغرب) من قبل واجبات الكراء استنادا على ما جاء في تقرير
الخبرة إال أنه في حقيقة األمر فإن المبالغ المحكوم بها عن الفترة من 8يونيو 1999إلى 29مارس
2001تاريخ اإلفراغ إنما تشكل تعويضا عن االحتالل) .فالمحكمة وعلى خالف ما جاء في الوسيلة،
5
إنهاء عقد االئتمان االيجاري
اعتبرت المبالغ المحكوم بها من 8يونيو 1999إلى 29مارس 2001تشكل تعويضا عن االحتالل،
وهو تعويض إلتمس الطالبان التصريح بأحقيتهما فيه." ...
وفي هذا اإلطار ،يطرح التساؤل على مستوى التاريخ الذي ينشأ فيه للمكري الحق في التعويض ،هل
من تحقق الشرط الفاسخ (أي إخالل المكتري بإلتزاماته)؟ أم من تاريخ صدور الحكم القاضي بمعاينة
الشرط الفاسخ؟ أم من تاريخ صيرورة هذا الحكم نهائيا؟
فبالرجوع إلى الشروط الفاسخة التي تدرجها المؤسسات التمويلية في عقود االئتمان االيجاري على
ضوء الفصل 260من ق ل ع ،والمادة 435من م ت ،يتضح أن حق المكري في التعويض ينشأ ابتداءا
من تاريخ تحقق الشرط الفاسخ (إخالل المكتري بالتزاماته) الذي يعد الواقعة التي يترتب عليها بقوة
القانون ،فسخ عقد االئتمان االيجاري ،أما الحكم القاضي بمعاينة الفسخ فيقتصر دوره على كشف أثر
الفسخ.
إن صحة شرط إعفاء المكري من ضمان العيوب الخفية يتوقف على تحويل حقوقه إلى المكتري في
مواجهة البائع ،فيكون بذلك المكتري متمتعا بالحقوق التي للمشتري ضد البائع ،وطبقا للقواعد العامة
فإن المشتري يتمتع بدعوى الفسخ ورد الثمن ودعوى إنقاص الثمن باإلضافة إلى إمكانية المشتري في
مطالبة البائع بالتعويض عما لحقه من ضرر ،فضال عن ذلك فإنه ليس هناك ما يمنع من مطالبة البائع
بإصالح العيب على نفقته ،فإذا امتنع البائع عن إجراء اإلصالحات الالزمة جاز للمشتري طلب فسخ
البيع.
وإذا كانت دعوى إنقاص الثمن ودعوى اإلصالح ودعوى التعويض ،ال تضر بالمؤسسة التمويلية ،عند
إعمالها من طرف المكتري بمقتضى اآللية التي ينتقل بموجبها المكري إلى المكتري دعاواه ضد البائع،
فإن دعوى فسخ عقد البيع قد تمس بمصالح المكتري في عقد االئتمان االيجاري ،فيترتب عن ذلك
إرجاع األطراف إلى الحالة التي كانوا عليها قبل التعاقد ،وبالتالي المشتري أي المؤسسة التمويلية
تسترد الثمن الذي أدته ،والبائع يسترجع الشيء المبيع ،وهو ما يؤدي إلى استحالة وفاء المؤسسة
التمويلية بإلتزامها بتمكين المكتري من االنتفاع بالشيء المكترى.
ولقد اختلفت مواقف القضاء الفرنسي حول مآل عقد االئتمان االيجاري بسبب فسخ أو بطالن عقد البيع،
فقد كان هذا االختالف بين الغرفة المدنية لمحكمة النقض الفرنسية والغرفة التجارية لنفس المحكمة،
فاألولى دائما ما كانت تقضي بأن فسخ عقد البيع يؤدي إلى فسخ عقد االئتمان االيجاري.
6
إنهاء عقد االئتمان االيجاري
أما الغرفة التجارية فكانت تقضي عكس ذلك أي بإبقاء عقد االئتمان االيجاري قائما على الرغم من فسخ
أو بطالن عقد البيع ،ألن المؤسسة المالية قامت بتمويل العملية ،أما مسألة الفسخ أو بطالن البيع هذا
شأن البائع بالمكتري وال شأن للمؤسسة المالية بمصير عقد البيع.
واستمر هذا الخالف إلى أن أصدرت نفس المحكمة أي محكمة النقض الفرنسية ثالث قرارات بتاريخ 23
نونبر 1990بحيث ذهبت المحكمة للقول في هذه القرارات الثالث بأن إلغاء عقد البيع يؤدي بالضرورة
إلى فسخ عقد االئتمان االيجاري ،مع األخذ بعين االعتبار الشروط العقدية الخاصة التي تنظم نتائج هذا
الفسخ.
والمالحظ أن استعمال المحكمة لمصطلح الفسخ الذي يعتبر غير دقيق ألن الفسخ يكون ناتج عن إخالل
أحد األطراف بالتزاماته ،فالمؤسسة المالية هنا لم تخل بهذا االلتزام ألن فسخ أو بطالن عقد البيع هو
الذي أدى إلى فسخ عقد االئتمان االيجاري ،وبذلك لم تكن المحكمة موفقة عند استعمالها لمصطلح
الفسخ ،وفي هذا اإلطار صدر قرار عن محكمة النقض الفرنسية بتاريخ 13أبريل ،2018الذي تراجع
عن االجتهاد القضائي الفرنسي الصادر بتاريخ 23نونبر ،1990ولم تأخذ بعين االعتبار تلك الشروط
العقدية المضمنة بعقد االئتمان االيجاري ،ومن تم الفسخ كان بأثر رجعي ،ألنه كما هو معلوم أن عقد
االئتمان االيجاري هو عقد زمني ،إذا تم فسخه فإن الفسخ ينصرف إلى المستقبل وليس إلى الماضي،
وقد تكون االقساط قد أديت فهل يحق للمستأجر بأن يطالب بارجاع تلك األقساط التي أداها ،هنا في هذا
القرار محكمة النقض الفرنسية استعملت كلمة االنقضاء أو االنهاء ،وذهبت للقول بأن عقد االئتمان
االيجاري هو تابع لعقد البيع (األصل) فإذا انتهى هذا األخير إنتهى عقد االئتمان االيجاري وال ينفسخ أو
يفسخ استنادا إلى المادة 1186من القانون المدني الفرنسي بعد تعديل 10فبراير 2016الذي جاء فيه
أن أحد العناصر األساسية انتهت فبالتالي فإن عقد االئتمان االيجاري ينتهي.
وهذا ما ذهبت إليه نفس المحكمة فيما مضى في قرار لها بتاريخ 3يناير ،1972حيث قضت بأن قضاة
الموضوع يمكنهم أن يلزموا المكري بإعادة األقساط ،ولكن في قرار الصادر في 13أبريل 2018
المحكمة عندما قضت بعدم تطبيق شروط الفسخ وبإلزام المكري بإعادة أقساط الكراء ألن المكتري لم
يكن قد استفاد من المنقول والذي هو عبارة عن شاحنة ،التي ال تتوفر فيها المواصفات التي تم االتفاق
عليها ،ولذلك تم فسخ عقد البيع وترتب على هذا الفسخ إنهاء عقد االئتمان االيجاري ،والمحكمة طبقت
اإلنهاء بأثر رجعي ألن الفسخ ال يطبق بأثر رجعي بل االنهاء.
7
إنهاء عقد االئتمان االيجاري
وهذا ما ذهبت إليه اتفاقية أوطاوا لالئتمان االيجاري الدولي في المادة 12من الفقرة الرابعة ،التي تحث
على أنه إذا استفاد المكتري من ذلك المنقول تأخذ بعين االعتبار هذه االستفادة من حيث ال يتم إرجاع كل
األقساط وإنما بعضها ،مع األخذ بعين االعتبار ما استفاد منه المكتري من ذلك الشيء المكترى.
وتجب اإلشارة إلى أن المكتري ال يتحلل من التزاماته في عقد االئتمان االيجاري إال من تاريخ فسخ عقد
البيع ،هذا ما أكدته محكمة النقض الفرنسية في قرارها عدد 94-21.733الصادر بتاريخ 28يناير
1997حيث قضت بأن إعفاء المكتري من التزاماته المترتبة عن عقد االئتمان االيجاري رهين بتحقيق
فسخ عقد البيع.
وهكذا يمكن القول على أنه في حالة فسخ عقد البيع بطلب من المكتري ،فإن البائع يسترد الشيء
المبيع ،وإذا حدث أن بقي المكتري مستفيدا من ذلك الشيء في الفترة الفاصلة بين فسخ عقد البيع
واسترجاع الشيء ،فإن المكتري يلزم بأداء تعويض عن االستعمال الحاصل في تلك الفترة إذا عاد عليه
بربح ،أما إذا ثبت أن المكتري استفاد من حيازته للشيء فإنه يكون ملزما بالتعويض ،اما إذا لم يثبت
ذلك فإنه ال يلزم بأي تعويض ،أما في الحالة التي يكون فيها فسخ عقد البيع تم بناءا على طلب من
البائع بسبب إخالل المكري بالتزامه بأداء الثمن ،فإنه من غير المقبول تحميل المكتري تبعات خطأ
المكري ،وبذلك ال يمكنه االحتفاظ باألقساط المؤداة مسبقا إذا لم يستطع المكتري استخدام الشيء
المكترى بطريقة مريحة ألن المكري هو الذي يضمن له االستغالل العادي لذلك الشيء ،فيتم بذلك إنهاء
عقد االئتمان االيجاري -بسبب فسخ عقد البيع إلخالل المكري بالتزامه -بأثر رجعي ينسحب إلى تاريخ
إخالل المكري بالتزاماته ،ومع ذلك فإن المكري يحتفظ بحقه في الحصول على تعويض يتعلق باألرباح
التي قد يكون حصل عليها المكتري إزاء استعماله للشيء المكترى ،خالل الفترة الممتدة بين إخالله
بالتزاماته واسترجاع الشيء إلى البائع.
في مقابل االمتيازات التي يخولها عقد االنتمان اإليجاري للمؤسسة التمويلية من حيث استحقاقها للفوائد
اإلقتصادية المستحقة على المبالغ التي دفعها في هذه العملية ،باإلضافة إلى إحتفاظها بملكية الشيء
موضوع العقد التي تشكل ضمانا قويا وفعاال خاصة عند إخالل المكتري بأداه األقساط .فإن انهاءه
(بالفسخ أو االنفساخ ) يشكل مصدر ضرر بالنسبة للمكري ال يمكن إنكاره ،بحيث يكفي التفكير في
األرباح التي كان يتوقع تحقيقيها من هذه العملية ،باإلضافة إلى الخسائر التي قد تلحق به عند استرداد
الشيء -مصاريف الحفظ والنقل والتخزين والحراسة - ..خاصة وأن هذا الشيء قد ال يتالءم مع
حاجيات المكري الذي يعد مجرد مؤسسة تمويلية.
8
إنهاء عقد االئتمان االيجاري
لذلك فإن مؤسسة االئتمان اإليجاري ،عند تنظيميها للعقد ،تأخد في الحسبان هذه المخاطر وما يترتب
عليها من نتائج بعد فشل العالقة التعاقدية ومن ثم فإن المكري يعمل على وضع شروطا جزائية مفادها
أنه في حالة عدم دفع قسط شهري عند حلول األجل ،وبعد توجيه إنذار تستحق للمكري كافة األقساط
الشهرية التي لم يجل أجلها بعد ،إلى غاية نهاية مدة العقد.إذ على المكتري عند فسخ عقد االئتمان
اإليجاري -حسب هذه الشروط -أن يسترجع الشيء موضوع العقد -كما رأينا مسبقا -فضال عن أدائه
التعويض االتفاقي المعين بالشروط الجزائي ،والذي يكون في أغلب الحاالت مبالغا فيه يدر على المكري
أرباحا طائلة على حساب المكتري.األمر الذي دفع المكترون في عقود االئتمان اإليجاري إلى اللجوء
للقضاء للتعديل من حدة هذا الشرط الجزائي ،في مقابل قيام المكري -مؤسسة االئتمان اإليجاري -
بمواجهتهم بمجموعة من المبررات التي تحاول من خاللها اإلبقاء على الشرط الجزائي واالعتراف
بقوته الملزمة إلجبار المكتري على تنفيذ العقد.
وانطالقا مما سبق ارتأينا دراسة الشروط التعاقدية المؤسسة على فكرة الجزاء بداية من تحديد الشرط
الجزائي في عقد االئتمان اإليجاري وذلك من خالل دراسة أساسه ومبرراته (المطلب األول) ثم تعديل
هذا الشرط الجزائي المدرج في عقد االئتمان اإليجاري (المطلب الثاني) ،كل ذلك على ضوء
خصوصيات عقد االئتمان اإليجاري.
تقتضي دارسة تحديد الشرط الجزائي في عقد االئتمان اإليجاري معرفة طريقة وكيفية تحديده من جهة
(الفقرة األولى) وكشف الستار عن مبررات مؤسسة االئتمان اإليجاري في تحديد الشرط الجزائي وفق
هذه الطريقة (الفقرة الثانية)
يتضح من خالل نماذج عقود االئتمان اإليجاري أن المكري يضع جميع االحتياطات الالزمة لحماية
مصالحة في حالة إنهاء عقد االئتمان اإليجاري ،بالفسخ أو االنفساخ،حيث يعمل على مواجهة مخاطر
هذا اإلنهاء بواسطة إلزام المكتري بدفع تعويض عن الفسخ يتحدد قدره بشرط جزائي صريح يتضمنه
العقد.
فالشرط الجزائي يعد شرطا نمطيا في عقود اإلئتمان اإليجاري وتبرز نمطيته من خالل إدراجه ضمن
الشروط العامة لهذه األخيرة ،مما يعني وروده دائما في عقود االئتمان اإليجاري.
9
إنهاء عقد االئتمان االيجاري
ويعرف الفقهاء الشرط الجزائي بأنه "تقدير اتفاقي وجزافي للتعويض ،يقدر بواسطته طرفا العقد
مسبقا التعويض الذي يستحقه أحدهما عن الضرر الذي لحقه نتيجة عدم تنفيذ األخر اللتزاماته -إما
كال -أو بعضنا لتأخره في تنفيذه "
مما يعني أن الشرط الجزائي إما أن يكون تعويضا عن عدم التنفيذ الكلي أو الجزئي لعقد االئتمان
اإليجاري أو عن مجرد التأخر في أداء قسط من أقساط الكراء.
وقد يأتي الشرط الجزائي على عدة أشكال على مستوى العقود ،ألنه ليس من الضروري استعمال عبارة
" الشرط الجزائي" إلعمال أحكامه ،فكل شرط يقضي إلى منح المكري التعويضات عن عدم تنفيذ
اإللتزام األصلي كليا أو جزئيا او عن التأخر في تنفيذه أو تنفيذ أحد اإللتزامات الناشئة عنه يعتبر "
شرطا جزائيا".
وهذا ما استقر عليه العمل القضائي الذي يعمل على تطبيق مقتضيات الشرط الجزائي حتى في الحالة
التي يستعمل فيها محرر العقد عبارات أخرى غير عبارات الشرط الجزائي للداللة على التعويض عن
اإلخالل بااللتزام ،ألن مؤسسة االئتمان اإليجاري تستعمل عبارات تحول من خاللها استبعاد الطبيعة
الجزائية للشرط ،الستبعاد سلطة القضاء في تعديله كما سنرى الحقا .
وفي هذا الصدد تقوم مؤسسات االئتمان اإليجاري بتحديد قيمة التعويض على أساس ما يعادل مبلغ
األقساط المتبقية التي لم يحل أجلها بعد إلى غاية إنتهاء مدة العقد المتفق عليها ،أي تلك التي كان من
المقرر دفعها لو لم يقع فسخ عقد االئتمان اإليجاري.
وفي أغلب الحاالت فإن مؤسسات االئتمان اإليجاري تشترط أيضا باإلضافة إلى تعويض عن الفسخ،
تعويضا أخر يتحدد بنسبة منوية على التأخير عن أداء األقساط ،وهو ما يطلق عليه بالفوائد التأخيرية
االتفاقية.
هذا وتنبغي اإلشارة أن هناك نوعا آخر من الشروط الجزائية ،وهو الشرط الجزائي العيني الذي يقوم
على إجبار المدين بالقيام بشيء معين أو نقل أي حق عيني آخر لفائدة الدائن.
ولما كان عقد االئتمان اإليجاري عقد كراء باألساس ،فإنه يترتب على انهائه بالفسخ أو االنفساخ،
باإلضافة إلى التعويضات المذكورة ،استرداد الشيء موضوع العقد -على أساس احتفاظه بالملكية
كضمان -وهو ما يؤدي إلى حصول المكري على أرباح ما كان ليجنيها أو تم تنفيذ العقد بشكل عادي،
خاصة وأن غاية المكري من هذه العملية ،هي استرجاع األموال التي دفعها باإلضافة إلى الربح الذي
يأمل تحقيقه عن طريق الفوائد المعمول بها في المجال البنكي.
10
إنهاء عقد االئتمان االيجاري
وبناء على ذلك يجد المكري نفسه مستفيدا من مجموعة من االمتيازات والتعويضات التي ينبغي في
األساس مراعاة مصلحة األطراف معا وفقا لخصوصية عقد االئتمان اإليجازي ،المتمثلة في شراء
المكري للشيء موضوع العقد بناء على طلب المكتري واحتفاظ المكري بملكيته كضمان واستغالله من
طرف المكتري مع منحه وعد بالبيع للمكتري عند نهاية العقد ،مقابل أداء هذا األخير القساط الكراء من
أجل تملك الشيء في األخير بعد أدائه لثمن القيمة المتبقية التي يراعى فيها األقساط المؤداة.
وفي ظل هده النتائج ،فإنه يمكن التفكير وخاصة في عقد االئتمان اإليجاري أن المطالبة بأداء جميع
األقساط غير المستحقة عند الفسخ قد يرقي للتنفيذ الكلي للعقد؛ بمعنى أنه عندما يلزم المكتري بأداء
األقساط المستحقة إلى نهاية العقد ،في صورة تعويض عن الفسخ ،فإنه في الواقع ليس هناك أي فسخ
بالنسبة للمكري الذي حصل على الهدف الذي توخاة منذ بداية العقد وأمام هذا الوضع ،أصبح المكتري
في عقد االئتمان اإليجاري ،يثير قساوة هذا التعويض خاصة مع اقترانه بإرجاع الشيء إلىالمكري،
وذلك لتحريك السلطة التي منحها المشرع المغربي للقاضي من أجل تعديل الشروط الجزائية المرتفعة
بشكل مبالغ فيه.
إال أن هذه السلطة تصطدم بمجموعة من المبررات التي يثيرها المكري من أجل تبرير تحديده للتعويض
عن الفسخ وفق هذه الطريقة.
فما هي مبررات فرض الشرط الجزائي وفق هذه الطريقة في عقد االئتمان اإليجاري؟
فضال عن الوظيفة األصلية للشرط الجزائي المتمثلة في تقدير التعويض الناتج عن اإلخالل بااللتزام
التعاقدي بشكل مسبق ،فإنه يقوم بدور تهديدي وردعي ،إذ غالبا ما يسعى المتعاقدون إلى توضيف
المبلغ المتفق عليه كأداة ردع وتهديد لحمل بعضها البعض على التنفيذ فيستندون في اتفاقهم على ما
يتوقع من ضرر نتيجة اإلخالل بالتنفيذ ،إال أنهم -أي المتعاقدون -يوضفون مسألة تقدير التعويض
كوسيلة إلعطاء التزامهم بعد أقوى وذلك عن طريق التهديد بتعويض كبير يفوق ما يتوقع من ضرر
استنادا إلى القوة الملزمة للعقد ،وللحرية التي يعطيها القانون لهم لتنظيم التزاماتهم التعاقدية بمحض
إرادتهم وعلى النحو الذي يرتضونه ،وال ضير في ذلك مادام أن الهدف في النهاية هو السعي إلى توفير
أكبر الحظوظ لتنفيذ االلتزامات التعاقدية ضمانا الستقرار المعامالت وحفظ الثقة ،شريطة أال يحول ذلك
إلى وسيلة لالستغالل واالضطهاد يفرضه القوي على الضعيف فينقلب بذلك من أداة لضمان السالمة
العقدية إلى مصدر نزاع وبث االضطراب في السوق كما جاء على لسان استاذ فؤاد معالل .
11
إنهاء عقد االئتمان االيجاري
ولما كان الشرط الجزائي وضع لمواجهة التي تلحق المكري جراء فسخ عقد االئتمان اإليجاري فإن
الضرر في القواعد العامة يتمثل فيما يلحق المكتري من خسارة و مفاته من كسب ،حيث تتمثل الخسارة
في عدم استرجاع كامل الرأسمال المستثمر في عملية االئتمان اإليجابي باإلضافة إلى بعض النفقات
المترتبة عن الفسخ.
ومن تم فإن تحديد الضرر الذي يلحق بمؤسسة االئتمان اإليجاري عند إنهاء عقد االئتمان اإليجاري
ينبغي أن يكون على ضوء القيمة السوقية للشيء المسترد .
إذ ال يخفي ما لهذا الشيء من ضمان تحتفظ بملكيته المؤسسة التمويلية إلعماله في مثل هذه الحاالت،
ألنه وإن كان المكري يحتفظ بهذه الملكية فإن ذلك بغية االحتفاظ فقط بالقيمة السوقية للشيء التي
تسمح له عند التصرف فيه بإرجاع جانب رأس المال الذي لم يكتمل ارجاعه من خالل أقساط األجرة.
ولكن عندما تعمل مؤسسة اإلئتمان االيجاري على مواجهة األضرار التي تلحقها من جراء الفسخ ،عن
طريق الجمع بين استرداد الشيء المكترى والمطالبة بالتعويض االتفاقي ،فإنه ال أحد يشك في مبالغة
الشرط الجزائي للحد المعقول للتعويض ،الشيء الذي يستدعي تدخل القضاء لمراجعة مثل هذه
الشروط.
فلو اكتفت مؤسسة اإلئتمان االيجاري باسترداد الشيء ،أو إذا اكتفت بالزام المكتري بدفع التعويض
دون أن تسترد منه األصل لما ثارت تعسفية تحديد الشرط الجزائي لمواجهة مخاطر عدم تنفيذ المكتري
اللتزاماته.
إذن فإن الشرط الجزائي يمثل الصورة األبرز للتحمالت المالية التي تنتج عن إنهاء عقد اإلئتمان
اإليجاري ولذلك فإنه نشأت بصدده مجموعة من النزاعات من أجل التعديل منه ،خاصة وأن المبررات
التي تأتي بها مؤسسة اإلئتمان اإليجاري غير كافية اإلبقاء عليه كما نن تحديده في العقد .
غير أنه عند تقدير مدى إمكانية تعديل الشرط الجزائي فإنه ينبغي أخذ مصالح الطرفين في االعتبار،
وربطها بظروف ومالبسات كل حالة على حدة .
لقد أثار الشرط الجزائي الوارد بعقود اإلئتمان اإليجاري ،منازاعات عديدة حاول من خاللها المكتري
طلب الحد من آثاره المجففة في حقه.
12
إنهاء عقد االئتمان االيجاري
وأمام االنتقادات التي القتها مؤسسات اإلئتمان اإليجاري ،بشأن تحديد الشرط الجزائي عن الفسخ،
ونظرا انا تشهده عقود أخرى من تعسف طرفها األقوى في هذا الصدد ،تدخل المشرع المغربي بموجب
القانون رقم ،27.96وقام بتعديل الفصل 264من ق.ل.ع.م .الذي تم االعتراف بموجبه القاضي بسلطته
في مراجعة الشرط الجزائي ثم بعد ذلك تم إدخال مقتضيات خاصة بتعديل الشرط الجزائي في عقود
اإلئتمان اإليجاري اإلستهالكية بموجب القانون رقم ( 08.31الفقرة األولى) إال أن هذه السلطة الممنوحة
للقاضي من أجل تعديل الشروط الجزائية المرتفعة تحكمها مجموعة من الضوابط الخاصة بالشرط
الجزائي الوارد بعقد االئتمان اإليجاري ،بحيث ينبغي مراعاة الوظيفة المزدوجة للشرط الجزائي من
جهة ،ومصالح أطراف هذا العقد وفق خصوصياته ،من جهة أخرى (الفقرة الثانية )
بعد أن كانت مراجعة الشرط الجزائي تثير تضاربات على مستوى الفقه ،القضاء بين مؤيد لهذه
المراجعة ومعارض لها .فإن المشرع المغربي حسم الخالف حول هذه النقطة ومنح للقضاء سلطة
مراجعة الشرط الجزائي ،من خالل التعديل الذي أدخله على الفصل 264ق.ل.ع.م .الذي أصبح على ما
يلي:
"يجوز للمتعاقدين أن يتفقا على التعويض عن األضرار التي قد تلحق الدائن من جراء عدم الوفاء
بااللتزام األصلي كنيا أو جزئيا أو التأخير في تنفيذه.
يمكن للمحكمة تخفيض التعويض المتفق عليه إذا كان مبالغا فيه أو الرفع من قيمته إذا كان زهيدا ،ولها
أيضا أن تخفض من التعويض المتفق عليه بنسبة النفع الذي عاد على الدائن من جراء التنفيذ الجزائي.
فبعد أن سمح هذا الفصل للمتعاقدين أن يتفقا بشكل مسبق على التعويض عن الضرر الذي قد يلحق
الدائن من جراء عدم الوفاء بالتزامه األصلي كليا أو جزئيا أو التأخير في تنفيذه ،فإنه كرس سلطة
القاضي في مراجعة هذا االتفاق إما بالزيادة أو النقصان.
ومن المالحظ أن المادة 264ق.ل.ع.م السالفة الذكر ترد ضمن األحكام العامة لاللتزامات والعقود.
وبالتالي فإنه يجب تطبيقها على جميع العقود أيا كان نوعها اال في حالة وجود نص خاص بأحد العقود،
يتضمن مقتضيات خاصة بالشرط الجزائي ومخالفة للقواعد العامة السابقة الذكر.
13
إنهاء عقد االئتمان االيجاري
وبالتالي فإنه في ظل غياب أي مقتضيات خاصة بالشرط الجزائي في المواد المنظمة لعقد اإلئتمان
اإليجاري ،سواء في مدونة التجارة أو القانون المنظم لمؤسسات اإلئتمان اإليجاري لمشابهة ،فإنه ال
مناص من تطبيق مقتضيات الفصل 264من ق.ل.ع..م على الشروط الجزائية الواردة بعقد اإلئتمان
اإليجاري.
ويتضح من خالل صياغة الفصل المذكور أن سلطة القاضي تقتصر فقط على مراجعة الشرط الجزائي
بالزيادة أو النقصان وليس إلغائه للمبالغة فيه ،نظرا لحجيته وقوته الملزمة التي تم التأكيد عليها في
الفقرة الثانية من الفصل السالف الذكر.
وبالتالي فإنه يتبين للمشرع المغربي أت التعديل الذي أدخله على الفصل 264ق.ل.ع.م .عاجزا على
ردع كافة الممارسة التعسفية المتعلقة بفرض الشروط الجزائية وكيفية تحديدها.
لذلك ندخل المشرع لضبط هذه الممارسات وتصحيح االختالالت التي تعتريها ،وخاصة في المجال
االستهالكي .وذلك بنصه في القانون 08.31على طريقة احتساب التعويض عن الفسخ في عقود
اإلئتمان اإليجاري المرتبطة بهذا المجال أي التي يكون فيه المكتري مستهلكا وذلك طبقا المقتضيات
الواردة في المادة 106من ق 08.31التي جاء فيها ما يلي:
" .....يحق للمقرض في حالة عدم تنفيذ المتقترض لعقد إيجار مترون بوعد بالبيع .......أن يطالب،
عالوة على استرداد الساعة ودفع األكرية المستحقة وغير المؤداة ،بتعويض يحسب بالنظر إلى مدة
المتبقية من العقد ،ويساوي الفرق بين القيمة المتبقية للسلعة كما هو منصوص عليها في العقد بإضافة
القيمة المحينة في تاريخ فسخ العقد لمبلغ األكرية غير الحال أجلها من جهة وبين قيمة التجارية للسلعة
المستردة من جهة أخرى".
فيكون بذلك المشرع قد أضاف أساسا جديدا لمراجعة الشرط الجزائي الوارد بعقد االئتمان اإليجاري
االستهالكي ،فضال عن االساس العام الوارد بالفصل 264ق.ل.ع.م.
وجدير بالذكر أن سلطة القاضي في مراجعة الشرط الجزائي تعد من النظام العام ،بحيث ال يمكن
األطراف االتفاق على اسبعادها ،وهذا ما نص عليه المشرع صراحة في الفقرة األخيرة من الفصل 264
التي جاء فيها ما يلي ":يقع باطال كل شرط يخالف ذلك" وانطالقا من فكرة النظام العام التي تطبع هذه
السلطة ،فإنه يمكن للمحكمة أن تقوم بهذه المراجعة تلقائيا ولو لم يطلب منها المكتري القيام بذلك ،لكنه
ال يمكن للقاضي حفظ التعويض مالم يكن مبالغا فيه.
14
إنهاء عقد االئتمان االيجاري
وفي جميع االحوال فإن المشرع منح للقاضي السلطة الكاملة لمراجعة الشرط الجزائي إذا تبين له أنه
مبالغا فيه بشكل كبير.
وهكذا يكون المشرع المغربي ،قد التحق من هذه الناحية بركب الدول المتقدمة التي أرست مفهوما
جديدا للشرط الجزائي يستجيب أكثر للمفاهم الحديثة التي أصبحت تحكم نظرية العقد وفي مقدمتها
إخضاعه للمراجعة القضائية ال عتبارات إقتصادية وقانونية وفكرية جعلت المراجعة أكثر انسجاما مع
االقتصاديات الحديثة ومع مبادئ العدالة واإلنصاف.
خاصة وأن هذا التوجه قد يخدم مصالح أطراف عملية اإلئتمان االيجاري ،التي تعد عملية مركبة
تتضارب فيها مصالح المؤسسة التمويلية التي تهدف تحقيق الربح من خالل االموال التي تستثمرها في
هذه العملية من جهة ،ومصالح المقاوالت المكترية التي تلجأ إلى اآلالت التي تحتاجها في مشروعها.
فما هي إذن ضوابط هذه المراجعة التي يتعين على القاضي عند إعمالها مراعاة المصالح المذكورة؟.
لقد كرس المشرع المغربي سلطة القاضي في تعديل الشروط الجزائية بموجب الفصل 264ق.ل.ع.م.
السالف الذكر ،وعلى الرغم من هذه اإلمكانية التي منحها المشرع للقاضي ،فإننا نالحظ ترددا على
مستوى بعض القضاء المغربي في إعمال هذه اإلمكانية المعترف له بها صراحة ،خاصة على مستوى
عقد اإلئتمان اإليجاري ،نظرا للمبررات التي يحتج بها المكري ،فينساق وراءها بعض القضاة ،إال أن
األمر ليس كذلك دائما ،بل نجد بعض المققرات القضائية تتصدى لهذه المبررات ،وتعمل سلطتها في
مراجعة الشرط الجزائي المبالغ فيه.
وبالتالي فقد أدى هذه التضارب إلى نشوء عدة توجهات قضائية مختلفة بشأن هذه المراجعة وطريقة
ممارستها ،بسبب عدم وجود ضوابط قانونية محددة لمعرفة ما إذا كان التعويض مبالغا فيه ام ال.
وتأسيسا على الفصل 264من ق.ل.ل.م فإن مراجعة الشرط الجزائي -بالطبع نحو التخفيض هو عمل
مركب ومعقد ،ينبغي أن يراعي فيه المصالح المتضاربة للمتعاقدين في عقد اإلئتمان اإليجاري ،بحيث ال
يمكن إنكار أن (المكري ) مؤسسة االئتمان اإليجاري ستواجه ضرار واضحا ومؤكدا جراء فسخ العقد
قبل أجله العادي ،لذلك يجب على القاضي أوال تقدير الضرر الفعلي الذي لحق بالمكري.
وتجدر اإلشارة إلى أن تقدير مدى المبالغة في تحديد التعويض االتفاقي ،ينبغي أن يتم وقت عدم تنفيذ
عقد اإلئتمان اإليجاري من طرف المكتري ،على اعتبار أن التعويض يتقرر للمكري عن األضرار التي
15
إنهاء عقد االئتمان االيجاري
تلحق به بسبب عدم االستمرارية في تنفيذ العقد ،وهو ما يتزامن مع فسخ العقد ،فيجمع المكري بين
استرداد الشيء موضوع العقد ،واستحقاق التعويض االتفاقي.
لذلك ينبغي -في اعتقادنا -إنقاص الثمن الناتج عن التصرف في الشيء (بالبيع أو إعادة اإلكراء) من
التعويض المقرر بالشرط الجزائي خاصة وأن هذا التوجه يوافق خصوصية عقد اإلئتمان اإليجاري من
جهة وأهداف المؤسسة التمويلية -من جهة أخرى -التي تسعى إلى إرجاع أموالها المستثمرة في هذه
العملية مضافا إليها األرباح التي توقعت الحصول عليها.
وهو نفس التوجه الذي تباينت حوله محاكم الموضوع ،على الرغم من أنه يعتبر ضابطا مهما إلزالة
المبالغة التي تكتسي التعويضات المقررة بالشرط الجزائي.
فمن المواجهة رفضت بعض المحاكم خصم قيمة الشيء من قيمة التعويض االتفاقي ،وهو التوجه الذي
تبنته المحكمة التجارية بالدار البيضاء المصادر بتاريخ 2003/2/27
الذي جاء في بعض حيثياته ما يلي " :حيث أن العالقة بين الطرفين تحكما مقتضيات عقدي االئتمان
اإليجاري وحيث أنه البند 8من العقد يتضمن شرطا جزائيا صريحا مفاده أن الفسخ بسبب راجع
المستأجر يعطي للمؤجر بصفة أتوماتيكية الحق في تعويض بكون مبلغه هو مبلغ أقساط اإليجار
المتبقية إلى انتهاء العقدين.
وحيث يكون طلب المدعيين الرامي إل تخفيض الشرط الجزائي في غير محله ويتعين رفضه
وحيث أن طلب المدعيين الهادف إلى احتساب قيمة الجرار والسيارة ضمن المستحقات التي قام بأدنها
غير مؤسس على اعتبار أن الجرار والسيارة في ملك المدعى عليه المؤجر والمدعية مجرد "مستأجرة
لهما"
إذن فمنطوق هذا الحكم يبقى محل نظر على اعتبار أنه عالج النزاع القائم حول الشرط الجزائي بمعزل
على خصوصية عقد االئتمان اإليجاري الذي يتميز بطابعه التمويلي المحض مع احتفاظ المكري بالملكية
ضمانا لعدم أداء المكتري اللتزاماته لذلك فإنه كان يتوجب على القاضي أن يراعي قيمة الملكية عند
تقدير قيمة التعويض االتفاقي ،فالمقاضي في نازلة الحال لم يكلف نفسه تقدير قيمة التعويض العادل
والمستحق للمكري ،بل أبقى على القوة الملزمة للشرط الجزائي المبالغ فيه دون مراعاة لمصالح
الطرف آلخر (المكتري) الذي تحمل مجموعة من األعباء المالية طيلة مدة تنفيذ العقد ،كما أنه لم يفعل
اإلمكانية التي خوله ايها المشرع بمقتضى الفصل 264من ق.ل.ع.م ،السالف الذكر.
16
إنهاء عقد االئتمان االيجاري
وهو ما يدفعنا إلى القول از هذا الحكم القضائي بعد مظهرا من مظاهر خرق النص الدستوري الوارد في
الفصل 110من الدستور المغربي لسنة 2011الذي أوجب على القاضي أن يصدر أحكامه القضائية
على أساس التطبيق العادل القانون ،إال أن القاضي في هذه النازلة لم يكلف نفسه عناء إعمال السلطة
المخولة له بمقتضى الفصل 264من ق.ل.ل.م .وقد تبنت محكمة االستئناف التجارية بالدار البيضاء
نفس التوجه في قرارها الصادر بتاريخ 2013/03/19فوفق هذا التوجه نرى أن تلك اإلمكانية التي
تحدثنا عنها سابقا والمتعلقة بإعطاء الحق للمكتري في طلب فسخ عقد البيع بسبب العيوب الخفية
(وبالتالي انفساخ عقد اإلئتمان اإليجاري) ،تصبح بال فائدة ،ويكون من األفضل للمكتري عدم طلب فسخ
عقد البيع ،واالحتفاظ بالشيء المعيب بدل حرمان نفسه منه كليا باإلضافة إلتزامه بأداء األقساط
للمكري.
ومن جهة أخرى أعملت بعض المحاكم سلطتها في خفض التعويض على أساس وجوب أخذ قيمة
الشيء في االعتبار .وهذا ما أكدته محكمة االستئناف التجارية بالدار البيضاء ما يلي" :حيث من الثابت
أن المستأنف عليه توقف عن األداء بتاريخ 2006/11/5وتم استرجاع السيارة من الطاعن خالل سنة
.2008
وحيث أنه طبقا لمقتضيات ف 6من عقد القرض فإن هذا األخير بقوة القانون بمجرد التوقف عن األداء
وتصبح بذلك جميع األقساط حالة األداء ويحكم بها على شكل تعويض يراعي في ذلك منتوج البيع".
كما جاء في قرار لنفس المحكمة ما يلي " :حيث أنه بمراجعة وثائق الملف ثبت ان الطاعنة سبق لها
أن استصدرت أمرا استعجاليا تحت رقم 1316عاين من خالله قاضي المستعجالت إخالل المستأنف
عليها بالتزاماتها التعاقدية وقضى في األمر للطاعنة باسترجاع الناقلين موضوع عقدي االئتمان
اإليجاري وعليه فإن هذه االخيرة ال تستحق االقساط الشهرية غير المؤداة وهي المفصلة في الكشف
الحسابي المدلى به من طرفها والمحكوم بقيمتها ،أما عن االقساط غير
الحالة فال تستحق عنها اال تعويضا جزافيا علما بأن الطاعنة سبق لها استرجاع الناقلتين موضوع
العقد ،أما بخصوص الفوائد المنصوص عليها في الفصل 8من العقد فهي ال تستحق إال أثناء سريان
العقد .وبما أن الطاعنة فسخت العقد قبل حق لها في الفوائد المتفق عليها".
إذن يمكن القول ،انطالقا من القرارات السالفة الذكر ،ان بعض القضاة المغاربة أصبحوا واعون بمدى
أهمية اعتبار قيمة الشيء عند تخفيض التعويض المحدد بالشرط الجزائي ،تحقيقا للتوازن بين أطراف
عقد اإلئتمان اإليجاري.
17
إنهاء عقد االئتمان االيجاري
إال أنه ينبغي التنبيه أنه على القضاء عند اعماله لهذه السلطة ،ان يراعي مصلحة المكري ايضا ،وذلك
بعدم تخفيض التعويض إلى أقل من الضرر الذي لحق به
بل يتعين -حسب الفقيه سيلمر - silmerان تبقى سلطة القاضي في مراجعة الشرط الجزائي متوقفة
عند هذا الحد مع مراعاة الطابع التهديدي للشرط ،يضيف نفس الفقيه ان هامش إعمال القاضي لسلطته
ينحصر بين الضرر والجزاء ،فهو غير ملزم - ،إذا قرر استخدام سلطته -ان يوازي مبلغ التعويض مع
الضرر ،ألن من شأن ذلك أن يفرغ الشرط الجزائي من محتواه.
ارتباطا بما سبق ،فإن التساؤل يثار حول مدى إمكانية المحكمة الستبعاد الشرط الجزائي دليل وعدم
االستجابة لطلب الحكم المتفق عليه متى بدا لها تخلف الضرر عن اإلخالل بااللتزامات؟
إن ضخامة التعويضات واالمتيازات التي تكون مستحقة للمكري عند فسخ عقد اإلئتمان اإليجاري -
فضال عن التعويض المدرج بالشرط الجزائي -تدفعنا للقول بإمكانية استبعاد هذا الشرط ولو على
حساب دوره التهديدي؛ كما هو معمول به في التجرية البلجيكية التي مكنت القاضي من إلغاء الشرط
الجزائي لعدم مشروعيته او لمساسه بالنظام العام.
وهو نفس التوجه الذي نادى أحد الفقهاء بتطبيقه في المغرب ،معتمدا على فكرة النظام العام كأساس
لتدخل القاضي لتعديل او إعفاء الطرف المذعن من الشروط التعسفية الجائرة في عقود االذعان ،والتي
لم يتدخل في مناقشتها وإنما اقتصر دوره على التسليم بها رغم مساسها بحريته وتعطيلها للشروط
الجوهرية في العقد وال يقف في سبيل ذلك وضوحها او تحديدها .
لكل لألسف فإن المقتضيات القانونية التي منحت القاضي مراجعة الشرط الجزائي في ق.ل.ل.م.
استبعدت فكرة إمكانية إلغائه كليا،وحصرت سلطة القاضي في تعديل التعويض االتفاقي فقط ،لعدم
المساس بمبدأ العقد شريعة المتعاقدين ولقوته الملزمة.
إال أنه التوجه الذي نادى به الدكتور أحمد الكويسي -بخصوص إمكانية إلغاء الشرط الجزائي -أصبح
آلن مكرسا على مستوى ق ، 08.31 .بحيث يجب على القاضي تطبيقه في الحالة التي يثبت فيها
المكتري أنه مستهلكا ،اعماال للمادة 106من ق ،08.31 .التي حددت طريقة احتساب التعويض بخصم
االقساط المتبقية من القيمة التجارية للشيء موضوع العقد ،مما يعني أن غياب الضرر في هذه الحالة
يؤدي الى إلغاء الشرط الجزائي بل االكثر من ذلك فإنه حسب صياغة هذه المادة يمكن للمكتري أت
يسترجع الفائض المتبقي من هذه العملية.
18
إنهاء عقد االئتمان االيجاري
ومن ثم ،فإنه بغض النظر عن اي شرط تعاقدي -إذا أثبت المكتري أنه مستهلكا -فإنه يمكن له ان
يتمسك بطريقة التعويض التي حددها المشرع في م 106من ق.31.08 .
وهذا التعويض حسب المادة 106يساوي الفرق بين القيمة المتبقية للشيء كما هي منصوص عليها في
العقد ،باإلضافة إلى القيمة المحينة في تاريخ فسخ العقد لمبلغ االقساط غير الحال أجلها وبين القيمة
السوقية للشيء المشترك.
وفي هذا الصدد يمكن نضيف ان التعويض المحدد في المادة 106هو حد أقصى ويمكن للقاضي ان يعمل
سلطته لتخفيضه إذا كان مرتفعا بشكل كبير ولكن ال يمكن له الزيادة فيه إذا كان منخفضا بشكل كبير
مادام لم ينزل عن الحد األقصى المحدد في المادة 106ألن في ذلك مخالفة لمقتضيات حماية المستهلك
التي تعتبر من النظام العام.
بقي أن نشير إلى نقطة مهمة تتعلق بمدى إمكانية الجمع بين الشرط الجزائي وتعويضات أخرى.
ففي ما يخص عقد اإلئتمان اإليجاري االستهالكي فإن المشرع حسم في هذه النقطة بمنع الجمع بين
التعويضات او المبالغة فيها ،حسب ما هو منصوص عليه في البند 6من المادة 16من ق 08.31من
جهة ،وبنصه في المادة 108على أنه ال يمكن أن يتحمل المكتري اي تعويض او تكلفه غير تلك الواردة
في المواد من 103إلى 107من ق.08.31 .
أما بالنسبة لعقود اإلئتمان اإليجاري العادية فإنه يبقى الدور على القضاء لحماية المكتري من تعسف
المكري يفرضه شروطا من هذا القبيل.
ألنه بالرجوع إلى نماذج عقود اإلئتمان اإليجاري نجدها تتضمن شرطا يخول المكري طلب التعويض
االتفاقي إلى جانب فوائد اتفاقية أخرى ،وهو ما يطالب به المكري -غالبا أمام المحاكم.
ان غياب نص قانوني صريح يمنع الجمع بين عدة تعويضات أدى إلى ظهور اتجاهين مختلفين ،األول
يسمح بالجمع بين التعويض االتفاقي والفوائد االتفاقية واالتجاه الثاني يمنع ذلك.
19
إنهاء عقد االئتمان االيجاري
فاالتجاه األول يرى بإمكانية الجمع بينهما إذا توافرت شروطهما على اعتبار ان اساس كل منهما مختلف
عن اآلخر وفي هذا االتجاه جاء في قرار لمحكمة النقض أنه " لئن كانت غرامة التأخير تعبير عن
االتفاق بين الطرفين مقدما ضمن شروط العقد على تقدير التعويض المستحق للمتعاقد اذا خصمه في
تنفيذ التزامه ،فإن القواعد القانونية تعد تعويض قانونيا عن تأخر المدين في الوفاء بدفع مبلغ من
النقود معلوم المقدار وقت الطلب مما يفيد وجود اختالف بينهما يبرر الحكم بهما معا ان توفرت
شروطهما
أما االتجاه الثاني فيرى بعدم إمكانية الجمع بين الفائدة و التعويض على اعتبار أن الفائدة في حد ذاتها
تشكل تعويضا عن التأخير في الوفاء بالدين وبذلك فإن الضرر في الحالتين واحد و ال يمكن التعويض
عنه مرتين .
وعليه فإن الضرر ال يمكن جبره أكثر من مرة وانه مادامت الفوائد القانونية تعد تعويضا اتفاقيا على
نفس الضرر فإنه في الحالة التي تستجيب فيها المحكمة لطلب الفوائد القانونية أصبح من غير المبرر
االستجابة لباقي طلبات التعويض ويتعين ردها لعدم جواز التعويض عن نفس الضرر ألكثر من مرة
20