You are on page 1of 22

‫إن التطور اإلقتصادي ونمو الحياة التجارية والصناعية يقتضي تدخل وإعانة عنصر خارجي يمثل‬

‫مصدرا إضافًيا يعين على اإلستثمار والتمويل فاضطلعت المصارف بهذا الدور الهام بوصفها حجر‬
‫الزاوية بين كل األطراف المتدخلة في الحياة اإلقتصادية والمالية‪.‬‬

‫(‪ )2( )1‬وقد ارتبطت المصارف بالتجارة في النقود‪ ،‬ففكرة النشاط المصرفي ليست حديثة بل عرفت‬
‫منذ عرفت النقود والمصرف حسب الفصل ‪ 2‬م‪.‬ت‪ .‬يعد تاجرا باعتباره يباشر على وجه اإلحتراف‬
‫عمليات الصرف والمصارف والبورصة» فالمصرف هو تاجر وموضوع تجارته كّل من النقود‬
‫واالعتماد ولكن هذا ال يعني أ أن نشاط المصارف ينحصر في هاتين العمليتين بل إّن ه نشاط متنوع ‪.‬‬

‫وقد أعتمد المشرع التونسي لتعريف المصارف على العمليات التي تمارسها فجاء بالفصل ‪ 2‬من قانون‬
‫‪ 7‬ديسمبر ‪ 1967‬أن البنوك هي التي تتعاطى بصفة نشاط عادي قبول الودائع من العموم ومنح‬
‫القروض والقيام كوسيط بعمليات البورصة والصرف والقيام لفائدة الحرفاء المودعين بدفع أو استخالص‬
‫الصكوك واألوراق التجارية والقصاصات أو كل سند دفع أو دين آخر‪ )3( .‬فكل مصرف عند ممارسة‬
‫نشاطه يقوم بهذه العمليات ولكن مع بعض الخصوصيات التي ينفرد بها نوع معين من البنوك‪ ،‬وهي‬
‫خصوصية تتعّلق بعمليتي اإليداع واإلعتماد فلئن تقوم كّل من بنوك اإليداع والتمويل واألعمال بجميع‬
‫العمليات المنصوص عليها بالفصل ‪ 2‬من قانون ‪ ، 1967،‬فان بنوك اإليداع مثال تختص بمنح‬

‫(‪ - )1‬إلياس ناصيف‪ ،‬الكامل في قانون التجارة ‪ -‬عمليات المصارف‪ ،‬ج ‪ ،3‬منشورات بحر المتوسط‬
‫ومنشورات عويدات‪ ،‬بيروت ‪ -‬باريس‪ ،1983 ،‬ص ‪Roblot (R) et Ripert (G), Traité -)2( .9‬‬
‫‪élémentaire de droit Com. T. 2, 9ème éd., L.G.D.J., Paris, 1981, p. 247: "le‬‬
‫)‪ - banquier est un commerçant qui spécule sur l'argent et le crédit". (3‬القانون‬
‫عدد ‪ 1-67‬المؤرخ في ‪ 1967/12/7‬المنظم لمهنة البنوك والمنقح بالقانون عدد ‪ 25‬الصادر في ‪7‬‬
‫فيفري ‪1994‬‬

‫القروض القصيرة المدى في حين تختص بنوك اإلستثمار بالقروض الطويلة المدى مع عدم قبول إيداع‬
‫نقود ألقل من سنة‪)2( )1( .‬‬

‫ولقد القت عملية اإلقراض أهتماما كبيرا ضمن النشاط المصرفي سواء قام البنك بخلق أو بتوزيع‬
‫اإلعتمادات واعتبرت أهم نشاط للبنك بل إنه وقع تعريف المصارف بالرجوع إلى عملية منح اإلعتمادات‬
‫فقط في حين أن المصارف لتقوم باإلقراض ال بد وأن تتلقى األموال من المودعين وال بد أيضا لها من‬
‫القيام ببعض الخدمات التي تصاحب فتح الحساب وما يستجوبه ذلك من عمليات إيداع وخالص وتحويل‬
‫وصرف فالعالقة مع الحريف إطارها العام هو الحساب الذي يتم فتحه لدى البنك والذي يكون فيما بعد‬
‫موضوع بقية الخدمات والعمليات التي تتطلبها عالقة (‪ )3‬المصرف بحريفه (‪ )4‬تطور العمل المصرفي‬
‫مرتبط وثيق اإلرتباط بتطور التجارة سواء الداخلية أو الخارجية فعندما نشطت التجارة الدولية ‪ ...‬كان ال‬
‫بد لعمليات الصيارفة أن تزدهر وتروج ومن ذلك ظهرت األوراق التجارية باعتبارها تسهل التعامل‬
‫خاصة وقد وقع تشبيهها وقد احتلت األوراق التجارية مكانة هامة في نشاط المصارف وخاصة فيما‬
‫يتعلق بالعمليات اإلئتمانية فلم تستطع البنوك أن تقوم بدورها اإلئتماني الهام إال عند اكتمال فّن األوراق‬
‫التجارية بقواعدها السريعة الخاصة بالنقود ‪.‬‬

‫ورغم غياب تعريف واضح لتسهيالت الدفع فان أحسن طريقة لتوضيح هذه المؤسسة هي التي تعتمد‬
‫على آلية منحها وهدفها‪ .‬فتسهيالت الدفع تساعد الحريف على تجاوز بعض الصعوبات الوقتية التي يمر‬
‫بها في بعض الفترات كنهاية الشهر أو حلول أجل دفع معّيين‪ ،‬فهو قرض لبضعة أيام مع تأكد فيما يتعلق‬
‫بارجاعه )‪ .‬واألمر ال يتعّلق بتسهيالت الدفع فقط بل إن اإلعتماد بصفة عامة مهما كان نوعه ال يجب أن‬
‫يكون غاية في حد ذاته بل هو وسيلة تكميلية وليس عنصرا أساسيا وهو ما دفع ‪ Boudinot‬إلى تشبيه‬
‫تسهيالت الدفع بصمام األمان ‪ "Soupape de" (2) Sécurité‬وباإلضافة إلى ذلك فان إنتماء تسهيالت‬
‫الدفع إلى اإلعتمادات القصيرة المدى يجعلها تخضع لخاصيات هذا الصنف من اإلعتمادات الذي يحاول‬
‫سد بعض النقائص الوقتية برأس مال المؤسسة أو رصيد الحريف بصفة عامة والذي يجب أن يتعدى‬
‫دوره إكمال اإلمكانيات الخاصة‪ )3( .‬ويقع اإللتجاء إلى تسهيالت الدفع من طرف الصيرفي نظرا لما‬
‫توفره له من فائدة تتعّلق األولى بمردوديتها من الناحية المادية والثانية بالحرية التي تمنحها للصيرفي‬
‫حيث يرى ‪ Letartre‬أّن كلمة حرية مرادفة لكلمة تسهيالت فالتسهيالت فيها حرية من جانب‬
‫الصيرفي وتيسير من جانب الحريف وقد بنى البعض عملّية منح تسهيالت الدفع على أساس مجاملة‬
‫الصيرفي الحريفه والشخص الذي يجامل يظهر حسن المعاملة وطيب المعشر مخلصا كان أو غير‬

‫(‪Guitard (H), op. cit, p.65: "Il s'agit seulement pour le client d'absorber les pointes debitrices de -)1‬‬
‫‪trésorerie qui peuvent, se produire mensuellement où à des intervalles plus ou moins rapprochés...‬‬
‫‪c'est donc un crédit de q.q. js. avec certitude de remboursement grâce aux opérations à venir". (2) -‬‬
‫‪Letartre‬‬ ‫‪ Boudinot‬و ‪ Frabot‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪, Les Facilités de Caisse, Thèse pour le -)3( 362‬‬
‫‪.Doctorat en Droit, Univ. de Lille II, 1975, p.107‬‬

‫الفصل األول‬
‫وجود تسهيالت الدفع‬

‫إن قيام مسؤولية الصيرفي تقتضي إثبات وجود تسهيالت الدفع أو بصفة عامة التغطية التي يدعي العميل‬
‫التمّت ع بها‪ .‬وخاصة إثبات التزام الصيرفي تجاه عميله‪ ..‬فالموضوع يتمحور حول العالقة الرابطة بين‬
‫البنك والعميل‪ .‬وأساس مسؤولية الصيرفي هو االلتزام‪ ،‬لكن صفة االلزام لم يقع بشأنها أتفاق فيما يتعلق‬
‫بتسهيالت الدفع بل إّن الرأي الغالب يرى فيها مجرد التزام عابر وغير ثابت يمكن نقضه في أي لحظة)‪،‬‬
‫إال أن هذا ال يمنع من ظهور أتجاه مخالف يرى في تسهيالت الدفع التزاما كامال‪ .‬فالطبيعة القانونية‬
‫لتسهيالت الدفع (مبحث أول) هي الفيصل في مسألة التزام الصيرفي من عدمه‪ .‬وإن كان هذا الجدل‬
‫نظرًيا فإّن التطبيق قد أثار مشكال آخر يتعلق بإثبات تسهيالت الدفع )مبحث ثاني(‬
‫) (‪Letartre , op. cit, p. 287: ... L'engagement de la banque est essentiellement précaire et peut -)1‬‬
‫‪."être dénoncé à tout moment sans que le banquier n'engage sa responsabilité contractuelle‬‬

‫مبحث اول‬
‫أساس تسهيالت الدفع‬

‫تنقسم العقود إلى عدة أنواع ويعتمد في التقسيم على عدة معايير مثل تنظيم المشرع‪ ،‬والتكوين والمدة‬
‫كعنصر في التنفيذ‪ ،‬ومن حيث األثر المترتب عليها حيث نميز بين العقود الملزمة للجانبين والعقود‬
‫الملزمة لجانب واحد‪ .‬والعقد الملزم لجانب واحد هو الذي ينشىء التزامات في ذمة أحد المتعاقيدين دون‬
‫اآلخر‪ ،‬لكن في هذا اإلطار ‪ .‬التمييز أيضا بين العقد الملزم لجانب واحد وبين التصرف الصادر من‬
‫جانب واحد فالعقد الملزم لجانب واحد ينشأ باتفاق إرادتين ولكّن ه ال يرتب التزامات إال في ذمة أحد‬
‫الطرفين فكونه ملزم لجانب واحد أمر يتعلق باألثر ال بالتكوين‪ .‬أما التصرف الصادر من جانب واحد‬
‫فهو الذي ينعقد بإرادة واحدة وكونه صادر من جانب واحد أمر يتعلق بالتكوين ال باألثر‪ .‬وتسهيالت الدفع‬
‫كانت محل جدل حول الزامية الصيرفي من عدمها‪ ،‬فهناك من يعتبرها تصرفا غير ملزم للصيرفي فقرة‬
‫أولى)‪ ،‬نظرا لما تتميز به من حرية على مستوى الشكل والمضمون‪ .‬ولكن هذا الرأي لم يكن الوحيد‬
‫فهناك من أعتبر تسهيالت الدفع ملزمة للصيرفي وإن كانت التزاما من جانب واحد فقرة ثانية)‪ .‬فقرة‬
‫أولى ‪ -‬تسهيالت الدفع تصرف غير ملزم للصيرفي ‪ :‬إن تسهيالت الدفع غالبا ما تنشأ بمبادرة من‬
‫الصيرفي دون وجود اتفاق سابق أو حتى طلب سابق من العميل وحتى إن وجد أتفاق أو وعد من‬
‫الصيرفي بمنح تسهيالت دفع فذلك ال يؤّك د تنفيذ هذا الوعد‪ .‬ولذلك يمكن القول أن تسهيالت الدفع‬
‫تصرف من جانب واحد‪)1( .‬‬
‫‪ -‬عبد المنعم فرج الصدة‪ .‬نظرية العقد في قوانين البلد العربية‪ ،‬دار النهضة العربية ‪1974‬‬

‫وهذه التسهيالت كانت مصدر صعوبة نظرا لعدم دقة هذا اللفظ‪ ،‬فكل من فقه القضاء والفقه وكذلك‬
‫الممارسين لمهنة الصيارفة قد استعملوا عدة ألفاظ للداللة على مصطلح تسهيالت الدفع ولذلك ال بد من‬
‫إبراز الخلط الموجود من الناحية اللغوية بين تسهيالت الدفع وبقية االعتمادات للوقوف على خاصيات‬
‫التسهيالت بالمقارنة مع المؤسسات القريبة والمتشابهة معها‪.‬‬

‫فتميز أوال بين تسهيالت الدفع والتسبقة (أ) وثانيا بين تسهيالت الدفع وبعض الممارسات المصرفية (ب)‪.‬‬
‫أ ‪ -‬تسهيالت الدفع والتسبقة استعارة الشيء تارة تكون الستعماله وتارة تكون الستهالكه وتسمى األولى‬
‫بالعارية والثانية بالقرض»‪ .‬فالقرض حسب القانون العام هو عارية استهالك ويجوز القرض في األشياء‬
‫التي تستهلك باالنتفاع كالطعام والنقود‬

‫إلى جانب القانون العام الذي نظم القرض في الباب الثاني من المقالة السادسة من الكتاب الثاني من مجلة‬
‫االلتزامات والعقود‪ ،‬هناك نصوص خاصة بميدان معين مثل الميدان البنكي‪ ،‬فنجد في المجّلة التجارية‬
‫عدة أنواع من القروض ولكن النوع الذي يقترب أكثر من غيره من القرض في القانون العام هو السلفات‬
‫الموثوقة بسندات ذلك أن موضوع التزام البنك هو منح مبلغ نقدي معين فهو إذن اإلقراض النقدي» ا‬
‫يسّلم كليا إلى المنتفع به وهذا مقارنة بفتح اإلعتماد وبتسهيالت الدفع‪ )3( .‬الذي شويد واإلقراض النقدي‬
‫يمكن أن يكون قصير األمد ومتوسط األمد وطويل األمد حسب إرادة األطراف‪ .‬فمن حيث المدة يمكن أن‬
‫ينتمي إلى نفس الصنف الذي تنتمي إليه (‪– )1‬‬
‫الفصل ‪ 1054‬من مجلة اإللتزامات والعقود‪ - )2( .‬الفصل ‪ 1084‬م أ ع في الفقرة الثانية‪ - )3( .‬هذا النوع من االعتمادات منظم‬
‫بالفصول من ‪ 707‬إلى ‪ 709‬م‪.‬ت‪ .‬ويحمل بالفرنسية لفظ "‪"des avances sur titres‬‬

‫تسهيالت الدفع وهو االعتمادات القصيرة األمد لكن هل يمكن تحليل التسهيالت على أنها تسبقة أم أن لكل‬
‫منهما تقنيته الخاصة‪.‬‬

‫إن التسبقة هي من أبسط االعتمادات وهي تتمثل في إقراض نقدي من الصيرفي لعمليه وتعتمد على‬
‫منحه كامل المبلغ المطلوب‬

‫أما تسهيالت الدفع فهي تخضع قبل كل شيء إلرادة الصيرفي وال ينشأ االتفاق بين العميل والصيرفي‬
‫إال من وقت منح المبلغ وهو الوقت الذي يصبح فيه حساب فالما من العميل مدينا‬

‫ويمكن تشبيهها بالتسبقة في صورة واحدة وهي التي ال تعتمد على وعد سابق من الصيرفي إذ أن‬
‫تسهيالت الدفع يمكن أن تتم بصورتين األولى هي التي بـ يتحصل فيها العميل على وعد من الصيرفي‬
‫بمنحه تسهيالت (‪ )3‬أما الثانية فهي التي يتصرف فيها البنك من تلقاء نفسه ويمتع عمليه بتسهيالت في‬
‫غياب اتفاق سابق‬

‫وحتى في الصورة التي تتشابه فيها التسهيالت والتسبقة يبقى الفرق قائما فيما يتعلق بتقنية اإلئتمان‬
‫فالخاصية التي تمّيز تسهيالت الدفع هو موضوعها المتمثل عادة في «النقود اإلئتمانية»‪ .‬ولمزيد تحليل‬
‫كل من تسهيالت الدفع والتسبقة والتمييز بينهما يجب النظر في طبيعة عقد التسبقة ومحتواه ومدى‬
‫تشابهها مع تسهيالت الدفع‬
‫‪ - )1( 1‬طبيعة عقد التسبقة ‪ :‬يعتبر اإلقراض النقدي أو التسبقة من أبسط أنــواع اإلئتمــان ألنــه يتضــمن‬
‫تسليم النقود إلى العميل وتحديد موعد للرد ‪ ،‬فالتسبقة هي عقد عيني يتضمن التزاما من جانب واحـد فهـل‬
‫تتماشى هاتان الخاصيتان مع تسهيالت الدفع ؟‬

‫عقد عيني‪ :‬إن إعتبار التسبقة عقد عيني هو ما يميزها عن غيرها من أنواع االئتمانــات وهــو مــا يضــفي‬
‫عليها صبغة البساطة هذا اإلقراض النقدي يستجيب إلى القواعد العامة لإلقــراض وتســهيالت الــدفع يمكن‬
‫أن تتشابه معه من حيث بســاطة االئتمــان في وضــع المبلــغ المطلــوب على ذمــة العميــل واإلختالف يبقى‬
‫قائما من حيث الموضوع فإن كان موضوع التسبقة هو النقــود ‪ )2( ،‬فــإن موضــوع تســهيالت الــدفع هــو‬
‫النقود االئتمانية‪ ،‬وذلك استجابة لطبيعة االئتمان كما أن تقنية التمتع بتسهيالت الدفع تختلف فهي ال تعتمــد‬
‫على تسليم العميل مبلغا معينا من المال بل تتم عن طريق خالص أوراق تجاريــة ســحبها العميــل ووقعت‬
‫مطالبته بها بينما يكون حسابه خاليا من الرصيد أو كان الرصيد ناقصا فيقــوم الصــير في بــالخالص على‬
‫أن يســترجع ذلــك المبلــغ في أقــرب اآلجــال‪ ،‬فالموضــوع إذن هــو النقــود االئتمانيــة وهــو مــا يفرقهــا عن‬
‫اإلقراض النقدي فتسهيالت الدفع تتجسم في دين يقيد (‪ )3‬الريتانيا بالحسابية ‪.‬‬

‫عقد من جانب واحد ‪ 1‬إن اإلقراض النقدي أو التسبقة ال ينشي في مرحلة التنفيذ التزامــا في جــانب‬ ‫‪1.1‬‬
‫الصيرفي فااللتزام محمول على عاتق المقترض ويتمثل في إرجاع المبلغ المتحصل عليه إضــافة إلى‬
‫القوائد المستحقة‬

‫‪ - )1( .‬إدوار عيد و العقود التجارية وعمليات المصارف»‪ ،‬مطبعة النجوى‪ ،‬بيروت‪ ،1968 ،‬ص ‪Ripert (G) et -)2( .556‬‬
‫‪Roblot (R), "Traité élémentaire de droit com.", T.2, Edition L.G.D.J., Paris, 1982, p. 347: "L'avance de‬‬
‫‪fonds est un contrat de prêt d'argent". (3)- Letartre, op. cit., p. 141: "Pour la F.C., cette remise se‬‬
‫)‪ - traduit par un débit en compte, elle a donc pour objet de la monnaie scripturale". (4‬هو عقد من جانب‬
‫واحد من حيث أثار العقد‪.‬‬
‫فالصيرفي وهو أحد طرفي العقد قد نّفذ التزامه في مرحلة تكوين العقد‪ .‬عندما مكن المقترض من المبلغ‬
‫المتفق عليه وفي ذلك الوقت تكون العقد وحتى إن لم يتم تسليم المبلغ فورا فهو حسب القانون العام يدخل‬
‫في ملك المقترض من وقت تمام العقد ‪ .‬كما جاء في الفصل ‪ 1086‬م ‪.‬إ‪.‬ع‪...‬‬

‫وتسهيالت الدفع من حيث أثارها وعلى غرار اإلقراض النقدي تنشىء التزاما في جانب العميل المستفيد‬
‫الذي عليه إرجاع المبلغ الذي تمّت ع به وما يتطلبه من فوائد أو عمولة‬

‫وهي الدفع ال تظهر في الواقع إال إذا قام الصيرفي بمنحها أي إذا جعل حساب عميلة مدينا بذلك المبلغ‬
‫وبالنظر إلى اآلثار يكون االلتزام على عاتق العميل وحده الذي عليه إرجاع ذلك المبلغ في وقت وجيز‬
‫جدا بأعتبار أن تسهيالت الدفع إئتمان قصير المدى ال تتجاوز مدته بضعة أيام ‪ .‬فمن حيث اآلثار تتشابه‬
‫تسهيالت الدفع مع التسبقة باعتبارها التزاما من جانب واحد وهو جانب العميل‪ ،‬فمن هذه الناحية ال‬
‫تعترض عملية التشبيه أية صعوبة ‪ .‬لكن ماذا لو نظرنا إلى محتوى العقد ؟‬

‫‪ -2‬محتوى عقد التسبقة‬

‫إن وجود عقد عيني يعني االتفاق بين الطرفين على أهم النقاط وبالنسبة لمسألة االئتمان فإن أهم شيء‬
‫هو المبلغ والمدة أي تحديد التزامات الطرفين من حيث موضوع العقد أي المبلغ الذي سيتم إقراضه‬
‫العميل والفترة التي سينتفع بها قبل إرجاع المبلغ المقترض‬

‫وتكمن بساطة التسبقة هنا حيث يتم االتفاق على المقدار وعلى المدة‪ .‬فهل تتوفر هذه العناصر بالنسبة‬
‫لتسهيالت الدفع ؟‬

‫‪ -‬مبلغ االعتماد ‪ :‬اإلقراض النقدي هو عقد عيني يحدد فيه المبلغ مسبقا بأعتبار أن هذا العقد ال‬ ‫‪1.2‬‬
‫يتكون إال من وقت االتفاق على عناصره ووضع المبلغ على ذمة المقترض بتسليمه إياه كامال‬
‫وبصفة نهائية‪ .‬وقد نص المشرع التونسي بالنسبة السلفات الموثوفة بسندات على أن يتم تحديد مبلغ‬
‫االعتماد الممنوح بالكتب الذي يعتبر شرطا لصحة العقد‪.‬‬

‫أما بالنسبة لتسهيالت الدفع فإن األمر يختلف ذلك أن هذه الخدمة التي يسديها الصيرفي لحريفه ال تنبني‬
‫في أغلب األحيان على اتفاق سابق وحتى إن تم ذلك فهو مجرد اتفاق شفاهي ال يحدد المبلغ الذي يتمتع‬
‫به العميل‪ .‬فالبنك سيقوم بخالص الشيك أو الورقة التجارية التي ستعرض عليه ومبلغ التسهيالت هو ذلك‬
‫المكشوف الذي يظهر بهذه المناسبة‪ .‬ويمكن القول أن ذلك هو المبلغ الكامل ألن موافقة الصيرفي على‬
‫خالص شيك مثال تعطى لعملية وحيدة ‪.‬‬

‫والعميل بعد تمتعه بهذه التسهيالت أو بهذه المجاملة من البنك عليه المبادرة بإرجاع ذلك المبلغ في أقرب‬
‫اآلجال وال ينتظر منه إعادة الكرة وإن حصل فذلك يدخل في صلب عملية أخرى ثانية ومستقلة عن‬
‫األولى‪ ،‬فالعميل يمكن أن يتمتع بتسهيالت أخرى تبعا إلرادة وتقدير الصيرفي لمدى استحقاق العميل‬
‫ومدى ثقته في شخصه وفي أمكانياته المادية‪ .‬إال أن هناك صورة ال يجب تجاهلها وهي التي يتم فيها‬
‫االتفاق على مبلغ معين ال يجب تجاوزه أي أن يتم رسم حدود االتفاق من حيث المبلغ وعندها يقوم‬
‫الصيرفي قلت يا بخالص الشيكات التي تقدم إليه حتى وإن تعددت ما لم يقع تجاوز ذلك المبلغ وطبعا ما‬
‫دام الصيرفي مستعد لذلك‪ .‬والنزاع الموجود بين الطرفين يرجع مسألة تحديد مبلغ التسهيالت إلى‬
‫القاضي‪ ،‬وفي هذه الصورة مثال يمكن القول أن مبلغ تسهيالت الدفع يقاس بحدود التغطية التي قام بها‬
‫الصيرفي وقيدت بديون العميل‪.‬‬

‫فالتحديد هنا الحقا وليس سابقا وكل خالص من البنك يمثل عقدا في حّد ذاته له مبلغ محّد د وفي المقابل‬
‫يبقى غير محدد‬

‫‪ 2.2‬مدة االعتماد إن كل قرض يمكن أن يكون لمدة محدودة أو غير محدودة بأجل‪ .‬والمشرع التونسي لم‬
‫يشترط تحديد المدة ال بالنسبة للسلفات الموثوقة سندات وال بالنسبة لعارية االستهالك أي أن تحديد المدة‬
‫يخضع إلرادة األطراف سواء بالنسبة للقرض الذي يمنحه الصيارفة أو القرض حسب القانون العام‪ .‬فإذا‬
‫لم يتم االتفاق على أجل معين إلرجاع المبلغ والفوائد يبقى االلتزام مفتوحا وبالتالي سيخضع للقواعد‬
‫العامة المنظمة للعقد الغير محدود بأجل فيما يتعّلق طبعا بالتزامات المقترض فقط ألن المقرض قد نفذ‬
‫التزامه منذ البداية‪ .‬وبالرجوع إلى القواعد العامة يكون على الصيرفي إرسال تنبيه إلى عميله يحدد له‬
‫فيه أجال للخالص إال أن هذا األمر صعب الحصول فغالبا ما يتفق األطراف على مدة العقد خاصة إذا‬
‫تعلق األمر بالتسبقة التي تتجسم بساطتها في االتفاق على المبلغ وعلى المدة‪.‬‬

‫ومهما كانت صورة اإلقراض محدد المدة أو غير محدد المدة فإن اعتباره من القروض القصيرة األمد‬
‫يعني منطقيًا أن المدة ال تتعدى السنتين‪ .‬وبالنسبة لتسهيالت الدفع فهي دائما غير محدودة المدة وذلك‬
‫نتيجة للطبيعة القانونية لهذا االئتمان‪ ،‬لكن يمكن القول أن هذه المدة مفترضة بأعتبار أن التسهيالت من‬
‫االعتمادات القصيرة األمد فيكون على العميل إرجاع المبلغ الذي تمتع به في أقصر مدة ممكنة‬

‫‪ .‬ففي تسهيالت الدفع ال وجود لتاريخ معّين إلرجاع المبلغ ولكن طبيعة هذا اإلئتمان المحدد حسب‬
‫الممارسة البنكية يفرض الخالص السريع والصيرفي يمكنه غلق الحساب وفرض الخالص في أي وقت‬
‫يريد وخاصة إذا لم يتحصل على المبلغ الذي كان من المنتظر أن يدخل في حساب العميل والذي على‬
‫أساسه متعه بتسهيالت الدفع ‪.‬‬

‫ومجاملة الصيرفي العمليه وتمتيعه بتسهيالت قد تتكرر مما يجعله يسحب شيكا معتقدا أن البنك سيواصل‬
‫التغطية وأن ذلك أصبح حقا مكتسبا وهنا تكمن الخطورة ألن الصيرفي غير مسؤول عما أعتقده عميله‬
‫وخاصة في صورة عدم اعتبار التسهيالت ملزمة الصيرفي‬

‫ومهما كان التشابه فإن تسهيالت الدفع ال يمكن اعتبارها تسبقة وهذا األمر واضح بالنسبة لفقه القضاء‬
‫والفقه‪ ،‬وتبقى الصعوبة قائمة بالنسبة للتطبيقات المصرفية فغالبا ما يختلط األمر بين االئتمانات التي‬
‫تنتمي لهذه التطبيقات حيث يقع الخلط بين تسهيالت الدفع والمكشوفات بالحساب‬

‫ب ( تسهيالت الدفع ومكشوفات الحساب‬


‫في غياب التحديد التشريعي أو حتى العرفي‪ ،‬يخلط العديد من الفقهاء ورجال القضاء بين المكشوفات‬
‫بالحساب وتسهيالت الدفع هذا إضافة إلى استعمال لفظ المكشوفات بالحساب بينما المفروض استعمال‬
‫لفظ فتح االعتماد‪ .‬وهذا الخلط الذي وقع فيه العديد هو نتيجة التشابه بين هذه االئتمانات إضافة إلى كون‬
‫المكشوفات بالحساب يمكن إعتبارها تقنية من تقنيات اإلئتمان تستعمل عند منح التسهيالت أو فتح‬
‫االعتماد أكثر منه ائتمانا مستقال بذاته‬

‫‪ ,)1( .‬فبرى الفقيه ‪ Boudot‬أن تسهيالت الدفع والمكشوفات بالحساب ينتميان لنفس الفئـة وهي التسـبقة‬
‫في الحساب الجاري ‪ »Les avances en comptes courant‬أو كما يحبذ هذا الفقيه القروض التي‬
‫تمنحها صناديق المصارف ‪ .»Les credits par caisse‬ويعتبر ‪ Shlogel‬أن هذا النوع من االئتمانات‬
‫هو من أبسط التقنيات التي تستعملها البنوك وتقتضي المكشوفات بالحســاب وجــود حســاب جــاري‪ ،‬فمــاذا‬
‫عن تسهيالت الدفع هل تفترض هي أيضا وجود حساب جاري ؟ قبل التطـرق إلى هـذه المسـألة ‪ :‬التميـيز‬
‫بين المكشوفات بالحساب وتسهيالت الدفع من حيث محتوى االئتمان‬

‫‪ - 1 .‬من حيث المحتوى ‪ :‬تختلف المكشوفات بالحساب وتسهيالت الدفع من حيث محتوى االئتمان على‬
‫مستوى الموضوع وعلى مستوى المدة‬

‫‪ – 1.1 .‬الشيء على مستوى الموضوع ‪ :‬إن المكشــوفات بالحســاب ليســت ضــرورية لحيــاة المؤسســة‬
‫ولكنها تمكنها من حياة أفضل فهي تعتبر مكملة لوسائل التمويل وهو نفس بالنســبة لتســهيالت الــدفع الــتي‬
‫تــرمي المؤسســة من ورائهــا إلى تجــاوز التــأخير الحاصــل في الميزانيــة فهي تبحث أساســا عن تغطيــة‬
‫األحداث التي قد تحصل من جراء عدم عناية أحد الحرفاء أو تأخر حمل البريــد أو تنــازع حــول تســلم أو‬
‫قبول كمبيالة‪ .‬ولكن في المقابل تمثــل التســهيالت خطــرا أكيــدا إذا مــا أعتبرهــا المنتفــع بهــا من العناصــر‬
‫األساسية للخزينة (‬

‫فالمكشوفات بالحساب ‪ ،‬هي ما يسمى عند االنجليز ‪ »Over draft‬وتعني أن يسمح للحريف بسحب مبلغ‬
‫يفوق ما هو موجود بحسابه فالصيرفي يتفق مع عميله على أن يجعل حسابه مدينا إلى حد معين وهــو مــا‬
‫يختلف عن تسهيالت الدفع التي من المفـروض أن ال يقـع اتفـاق بشـأنها وحـتى إن وجـد فهـو يشـمل تلـك‬
‫العملية فقط‬

‫فإذا كانت المكشوفات بالحساب تفترض وجود اتفاق بين الطرفين فإن تســهيالت الــدفع تمنح غالبــا بصــفة‬
‫تلقائية من الصيرفي دون طلب مسبق من العميل وذلك رغبة منه في خدمة حريفه الذي يتمتع بثقة كبــيرة‬
‫لديه ‪.‬‬

‫فالمكشوفات بالحساب تعتبر مكملة لوسائل التمويل التي قد تكون غير كافية والدافع وراء طلب مكشوفات‬
‫بالحساب عديدة مثل تسوية دين شراء بضاعة أو تنفيذ خالص مهم‪.‬‬

‫أما تسهيالت الدفع فهي تهدف باألساس إلى تجاوز بعض الفترات الحرجة التي يمر بها العميل والناتجة‬
‫عن تأخير دخول أموال في حسابه وخاصة في نهاية الشهر يواجه عدة مصاريف‬
‫‪ 21 .‬على مستوى المدة ‪ :‬قد يتفق الطرفان بمناسة المكشوفات بالحساب على المدة مثلما هو الحال‬
‫بالنسبة للمبلغ وهذا على خالف تسهيالت الدفع لكن في كلتا الحالتين فإن المدة محددة بالرجوع إلى انتماء‬
‫النوعين إلى االعتمادات القصيرة األمد‪ .‬فاالختالف الكامن بين المكشوفات بالحساب وتسهيالت الدفع‬
‫يتمثل في طول المدة التي يكون فيها حساب العميل مدينا‪ ،‬وتعتبر تسهيالت الدفع أقصر مدة من‬
‫المكشوفات التي تتراوح مدتها بين خمسة عشر يوما وبعض األشهر بينما ال تتجاوز تسهيالت الدفع‬
‫الثالثة أسابيع‪ ،‬وهناك من عرف تسهيالت الدفع بأّن ها المكشوفات بالحساب العابرة أما المكشوفات‬
‫بالحساب فهي دائمة وهي تعبر عن نقص متواصل في األموال‪ .‬وتختلف تسهيالت الدفع عن المكشوفات‬
‫بالحساب من حيث الموضوع ومن حيث المدة فهل تشتركان في ضرورة االقتران بحساب جاري خاصة‬
‫وأنهما ينتميان للتسبقة في الحساب الجاري‪.‬‬

‫‪ -‬من حيث ضرورة الحساب الجاري ‪ :‬إن كانت المكشوفات بالحساب تفترض وجود حساب جاري‬ ‫‪2‬‬
‫بين الصيرفي والعميل‪ ،‬فهل ينطبق هذا على تسهيالت الدفع؟‬

‫بالنسبة لتسهيالت الدفع‪ ،‬هناك من ذهب إلى القول بأنها ترتبط بالحساب الجاري وقد جاء على لسان‬
‫‪ Letarte‬أن تسهيالت الدفع تظهر فقط في الحساب الجاري يسمح الصيرفي بالتدخل بسرعة وهو ما‬
‫تتطلبه تسهيالت الدفع التي ترمي إلى تغطية فورية يحتاجها العميل بصورة فجئية وغير متوقعة وحسب‬
‫‪ Letarter‬فإن الحساب الجاري ال يفترض التناوب بين الطرفين أي أن الحساب يمكن أن يكون جاريا‬
‫بدون أن يصبح أحد الطرفين مدينا ‪ .‬وهذا ال يتماشى مع القانون التونسي الذي يشترط التبادل والتناوب‬
‫في العمليات أي أن كل من الصيرفي والحريف يجب أن يكون تارة دائنا وتارة مدينا‪،‬‬
‫‪ .‬وهذا يدفعنا إلى التمييز بين الحساب الجاري المكشوف من طرف واحد والحساب الجاري المكشوف‬
‫من الطرفين بحيث نستنتج أن الحساب الجاري المنظم بالفصول ‪ 728‬وما بعدها من م‪.‬ت‪ .‬هو الحساب‬
‫الجاري المكشوف من الطرفين‪.‬‬

‫أما المكشوفات بالحساب التي يمّت ع بها الصيرفي عميله فهي مستقلة عن الحساب الجاري الذي يفــترض‬
‫أن يكون الصيرفي بالتناوب مع العميل دائنا ومدينا ‪..‬‬

‫ويمكن القول أن المكشوفات بالحساب هي إحــدى أوجــه الحســاب الجــاري وهــو جــانب الصــيرفي وكي‬
‫يكون الحساب جاريا يجب أن تكون المدفوعات متبادلة ومتشابكة‪.‬‬

‫فالحساب الجــاري ليس اعتمــادا يمنح بصــفة مســتقلة للعميــل بــل هــو اتفــاق بين الطــرفين على معاملــة‬
‫مسترسلة بينهما تضم العمليات التي تربطهم ببعضهم على أن تكون غير قابلة للتفكيــك الــديون المترتبــة‬
‫لكليهما وأن ال تكون التسوية فردية بل تسوية نهائية واحدة عند غلق الحساب وذلك تطبيقــا لمبــدأ ‪ :‬عــدم‬
‫التجزئة‬

‫وتسهيالت الدفع غير مرتبطة بالحساب الجاري ألنه قد يقع تمتيع عميـل بهـا دون أن يربطـه بالصـبر في‬
‫حساب جاري كما أن تسهيالت الدفع أساسها مجاملة الصيرفي لحريقــه بخالص بعض األوراق التجاريــة‬
‫دون ضرورة وجــود اتفــاق إلى جــانب هــذا فــإن تســهيالت الــدفع هي «اعتمــاد» قصــير المــدى يفــترض‬
‫إرجاعه في أجل قصير جدا وكل عمليــة خالص قــام بهــا الصــيرفي على أســاس التســهيالت يمكنــه طلب‬
‫خالصها متى أراد ذلك بينما إذا كانت التسهيالت مرتبطة بالحساب الجاري فال يمكن ذلك ألن التسوية ال‬
‫تكون إال عند غلق الحساب الجاري وال مجال للتسوية الفردية‪.‬‬

‫أنظر ‪ . Lesartre‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 162‬وما بعدها‪ Escara - .‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ Roblot Ripert 275‬المرجع السابق‪،‬‬
‫ص ‪ - )2( 313‬علي البــارودي‪ ،‬العقــود التجاريــة وعمليــات البنــوك التجاريــة‪ ،‬منشــأة المعــارف‪ ،‬االســكندرية ص‪- )3( 303 .‬‬
‫‪ Roblot Ripert‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ - 318‬علي البارودي‪ ،‬المرجــع الســابق‪ ،‬ص ‪ Enorm 338 + 326‬و ‪ Rault‬المرجــع‬
‫السابق‪ ،‬ص ‪ 312‬وما بعدها‪.‬‬
‫نالحظ أن مشروع القانون قد فضل التطرق إلى مسالة كيفية القيام بالتنبيه ما لم يدل بما يثبت التنبيه على‬
‫الساحب‪ ،‬وبقراءة عكسية يمكن القول أن كيفية التنبيه من حيث آثارها‪ ،‬فجاء به أن مسؤولية الصيرفي‬
‫عن الرجوع في تسيهالت الدفع تقوم قتضي ترك أثر يسمح بإثباته األمر الذي يستبعد التنبيه الشفاهي‬
‫همن مصلحة البنك قيامه بالتنبيه بطريقة تترك أثرا كتابًيا‪ ،‬وهذا ما نص عليه الفصل ‪ 705‬م‪.‬ت‪.‬‬
‫صراحة فيما يتعلق بفتح االعتماد حيث اشترط وقوع التنبيه بواسطة مكتوب مضمون الوصول»‪ .‬وقد‬
‫أضاف منشور ‪ 1978‬اإلعالم بالتبليغ وذلك باشتراط وقوع التنبيه بواسطة مكتوب مضمون الوصول‬
‫مع اإلعالم بالتبليغ‪ ،‬في حين جاء بمنشور ‪ 1979‬أن حجة إرسال المكتوب تستقيم باإلدالء بقسيمة‬
‫اإليداع البريدي إليه محكمة االستئناف الفرنسية (‪)1‬‬

‫فالتنبيه يجب أن يتم بكيفية تسمح بإثباته أي أن يكون شكليا وهذا ما ذهبت التي نصت على أن التنبيه‬
‫يجب أن يكون كتابًيا وأن يتضمن أجال قبل قطع االعتماد وأنه ال يؤخذ بعين االعتبار التنبيه عن طريق (‬
‫‪ )2‬الهاتف‪.‬‬

‫كما يرى ‪ Martin‬ضرورة إعالم الحريف كتابيا بعدم مواصلة التسهيالت لكن اشتراط شكلية التنبيه لم‬
‫يخل من االنتقاد‪ .‬فاعتبر أن اشتراط تنبيه شكلي ينم عن عدم واقعية من المشرع‪ ،‬وأن التنبيه في الواقع‬
‫يتم بصفة غير شكلية عن طريق مالحظات البنك وإنذاراته للحريف أو تقليصه للمكشوفات‪.‬‬

‫فالتنبيه ال يتالءم مع مؤسسة اإلعتماد والنصوص القانونية ال يمكنها فرض عادة تخالف المهنة‪.‬‬

‫(‪ )3‬من الواضح أن هذا الرأي فيه مراعاة للممارسات البنكية والمصالح المؤسسات المصرفية أكثر من‬
‫النصوص القانونية وحقوق الحريف وخاصة ساحب الشبكات رغم أن اإليجابيات التي يوّفرها التنبيه‬
‫يمكن القول أنها تفوق سلبياته‪ ،‬وأن التشريعية وضعت لتطبق ولتنظم بعض الميادين وميدان البنوك لن‬
‫يخالف هذه القاعدة بأن يفرض طريقة ممارسة المهنة ويجعلها تفوق النص القانوني النصوص‬

‫فعدم احترام إجراء التنبيه يجعل الرجوع في تسهيالت الدفع‪ ،‬غير قانوني مما يؤسس مسؤولية الصيرفي‬
‫لكن هذه المسؤولية ال تقتصر على عدم احترام االلتزام الذي ينص عليه القانون والمتمثل في وجوب‬
‫التنبيه‪ ،‬إذ يمكن قيام مسؤولية الصيرفي حتى في صورة عدم اعتبار تسهيالت الدفع التزاما كامال‬
‫فالمسؤولية مرتبطة بالرجوع ر القانوني في تسهيالت الدفع الذي ينتج آثاره مهما كان أساسه القانوني‬

‫(‪C. App. d'Aix en provence 31/3/1978, R.T.D. Com. 1978, Cabrillac et R. Lange, p. 150; R. IPS com. -)1‬‬
‫)‪ - 1979, Derrida, N 866. (2)- Lucien Martin, Rev. banque, Fev. 1984, p. 247. (3‬بالسرور‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‬
‫‪ 55‬و ‪58‬‬
‫مبحث ثاني آثار الرجوع غير القانوني في تسهيالت الدفع‬

‫إن مسؤولية الصيرفي هي من اآلثار التي ينتجها الرجوع غير القانوني في االعتمادات ويتطلب قيام‬
‫مسؤولية الصيرفي عن رفض خالص الشيكات إثبات وجود سهيالت الدفع من ناحية والرجوع فيها‬
‫بصفة غير شرعية من ناحية أخرى‬

‫‪ .‬فالرجوع غير القانوني ال يرتبط فقط بتسهيالت الدفع كالتزام كامل على عائق الصيرفي‪ ،‬بل حتى في‬
‫ظل النظرية المكرسة لحرية البنك في الرجوع وعدم تجديد تسهيالت الدفع يمكن قيام مسؤولية الصيرفي‬
‫إذا تعسف في استعمال حق الرجوع )فقرة أولى)‪ .‬أما في صورة اعتبار تسهيالت الدفع ملزمة فإن‬
‫المسؤولية هنا أساسها عدم احترام الصيرفي لاللتزام المحمول عليه (فقرة ثانية‬

‫فقرة أولى ‪ -‬الرجوع التعسفي في تسهيالت الدفع ‪ :‬إذا أعتبرنا أن حرية الصيرفي في الرجوع في منح‬
‫تسهيالت الدفع أمر مفروغ منه فإن التطبيق المطلق لهذه الحرية قد يكون سببا في قيام مسؤليته‪.‬‬
‫فالرجوع في حد ذاته ليس خطأ ولكن الطريقة التي ينّفذ بها هي ا التي تتسبب في قيام المسؤولية‪ .‬ربنا‬
‫تدخلت نظرية التعسف في استعمال الحق للحّد من القرارات التعسفية للصيارفة بايقاف خدماتهم التي ـ‬
‫تعودوا تقديمها لحرفائهم‬

‫فنظرية التعسف في استعمال الحق تحمى العميل وتحافظ في نفس الوقت العميل دون تجريد كما يقول‬
‫‪ Stoufflet‬تحمي على حق وحرية الصيرفي فهي ‪ :‬الصيرفي من سالحه»‪.‬‬

‫(‪."Stoufflet et Gavalda, J.C.P. 1978, "Elle protège le client sans désarmer le banquier -)1( )1‬‬
‫عدم احترام االلتزام الصرفي ‪ :‬إن اعتبار تسهيالت الدفع ملزمة‪ ،‬يحمل الصيرفي على احترام االلتزام‬
‫الصرفي المتمثل في خالص الشيكات المسحوبة على التسهيالت التي عول عليها الساحب‪ ،‬والصيرفي‬
‫الذي يرفض أداء شيك عول ساحبه على تسهيالت دفع يعرض ضه العقوبات جزائية وذلك حسب‬
‫مشروع القانون الجديد‬

‫وباإلضافة إلى المسؤولية الجزائية‪ ،‬فإّن إلحاق الضرر نتيجة هذا الرفض يلزم الصيرفي بتعويض هذا‬
‫الضرر‪ .‬فالبنك الذي يرفض تنفيذ االلتزام الصرفي يعرض نفسه للمسؤولية المدنية كذلك لعقوبات جزائية‬

‫أ ‪ -‬المسؤولية المدنية ‪ :‬إن كل شخص يتسبب في مضّر ة غيره عمدا أو خطأ عليه جبر ذلك الضرر‪.‬‬
‫الفصل ‪ 82‬و ‪ 83‬م‪.‬إ‪.‬ع يمثالن أساس المسؤولية المدنية في القانون العام وهذا الضرر كما جاء بهذين‬
‫الفصلين قد يكون حسّي ًا أو معنوًيا وهو في الحالتين يستوجب التعويض كلما توفرت أركان هذه‬
‫المسؤولية‪)( .‬‬

‫‪ -‬الضرر الحاصل نتيجة الرجوع في التسهيالت هو نفسه سواء كان الرجوع مبنيا على تعسف من الصيرفي أو على عدم احترام‬
‫االلتزام الصرفي‪ .‬وسنتعرض له بأكثر تفصيل عند الحديث عن المسؤولية المدنية للصيرفي‪ - )2( .‬الملحق عد ‪1‬‬
‫والقانون العام يقع اإللتجاء إليه في صورة عدم توفر نص خاص‪ .‬فعلى أي انساس يقع طلب تعويض‬
‫الضرر الحاصل نتيجة الرجوع غير القانوني في تسهيالت الدفع‪ .‬إن مشروع القانون لم ينص على‬
‫مسؤولية الصيرفي المدنية وربما يفسر هذا بوجود فصل بالمجلة التجارية ينظم المسؤولية منذ قانون ‪11‬‬
‫أوت ‪ 1985‬وهو الفصل ‪ 410‬مكرر الذي جاء به أن كل مصرف توفر عنده الرصيد ولم تحصل لديه‬
‫أية معارضة فيه يرفض دفع شيك مسحوب عليه سحبا صحيحا يكون مسؤوال للساحب يقوم الضرر‬
‫الناجم عن عدم تنفيذ أمره بالدفع وعما لحقه في سمعته‪ .‬هذا النص يمكن سحبه على رفض خالص الشيك‬
‫الذي عول ساحبه على تسهيالت الدفع خاصة بالربط مع مشروع القانون الجديد الذي يؤسس التزام‬
‫الصيرفي تجاه حريفه كلما تعود منحه تسهيالت الدفع فالفصل ‪ 410‬مكرر م ت يمكن أن ينطبق في نفس‬
‫الوقت على فتح االعتماد وكذلك تسهيالت الدفع إذا ما اعتبرت التزاما على عاتق الصيرفي كما جاء‬
‫بمشروع القانون‪ .‬ونالحظ أن هذا الفصل يهم الساحب فقط أما الغير فيمكنه طلب تعويض األضرار التي‬
‫لحقته بالرجوع إلى القانون العام‪ .‬لكن مهما كان األساس القانوني لدعوى التعويض فأركان المسؤولية‬
‫المدنية هي نفسها وتتمثل في الخطأ والضرر والعالقة السببية بينهما ‪ .‬فإلى جانب الخطأ المتمثل في‬
‫الرجوع غير القانوني في تسهيالت الدفع يكون على المدعي إثبات الضرر (‪ )1‬والعالقة المباشرة بين‬
‫الضرر والخطأ‬

‫الضرر‪:‬‬ ‫(‪ - 1 .)2‬إثبات‬

‫إن اآلثار السلبية للرجوع غير القانوني في تسهيالت الدفع يمكن أن تمس الحريف ساحب الشيك الذي لم‬
‫يقع خالصه أو الغير الذي له عالقة مع الحريف وليس مع الصيرفي‬

‫‪ -‬الضرر الحاصل للحريف ‪:‬‬

‫إن المتضرر مباشرة من الرجوع في تسهيالت الدفع هو الحريف الذي ربطه عالقة قانونية بالصيرفي‬
‫أساسها األول فتح الحساب والحريف المتعود على االستفادة من تسهيالت الدفع قد يكون شخصا طبيعيا‬
‫أو معنويًا‪.‬‬

‫ففيما يتمثل الضرر الذي يلحق الحريف من جراء عدم خالص شيك سحبه على أساس التسهيالت التي‬
‫تعود التمتع بها ؟ بالرجوع إلى الفصل ‪ 410‬مكّر ر ‪ .‬م‪.‬ت‪ .‬يكون المصرف «مسؤوال للساحب يفرم‬
‫الضرر الناجم عن عدم تنفيذ أمر بالدفع وعما لحقه في سمعته‪ ،‬أي أن الضرر يستوجب التعويض سواء‬
‫كان مادًيا أو معنويًا‬

‫‪ .‬ويتمثل الضرر المادي في المبالغ التي يجب على الساحب توفيرها بتسوية وضعيته إذا رفض البنك‬
‫خالص الشيك وإال يجد نفسه في مواجهة لجريمة إصدار شيك بدون رصيد ‪ .‬وتتعّلق هذه المبالغ بالخطّية‬
‫التي يجب عليه دفعها لتوسية وضعيته أما إذا لم يستطع الساحب توفير الرصيد الكامل خاصة وأّن ه كان‬
‫يعول على تسهيالت البنك‪ ،‬فإنه سيكون عرضة للتتبعات الجزائية وللوقوف أمام القضاء حيث تكون‬
‫طريقته الوحيدة للتقصي من هذه الجريمة هو إثباته اللتزام الصيرفي الذي يمثل مصدرا الرصيد مما‬
‫ينتفي معه الكن المادي للجريمة‪ .‬حلة أمواله بصلة (‪1‬‬
‫وال شك في فداحة الضرر الذي يلحق الحريف ساحب الشيك فإضافة إلى الضارة المادية وخاصة في‬
‫ظل قانون يفرض دفع خطية للقيام بالتسوية‪ ،‬هناك تهديد بالسجن ما لم يتمكن من توفير المبالغ المطلوبة‬
‫منه‪ ،‬أو من إثبات توفر الرصيد أمام المحكمة‪.‬‬

‫وإذا كان هذا الحريف الذي يطالب بالتعويض‪ ،‬شخصا اعتبارًيا‪ ،‬فإن الخسارة المالية تتحملها المؤسسة‬
‫في حين تهدد العقوبة البدنية التي تستوجها جريمة إصدار شيك بدون رصيد الشخص الطبيعي الذي كان‬
‫مكلفا بإصدار الشيكات عن طريق التمثيل أو التوكيل‬

‫‪ )1( .‬أما الضرر المعنوي فيتمثل فيما يلحق الساحب في سمعته‪ ،‬وخاصة إذا كان تاجرا‪ ،‬إذ يتسبب‬
‫الصيرفي في إدخال اإلرتباك على نشاطه التجاري بحيث يتاثر مجال نشاطه ورقم معامالته في حين أن‬
‫رأس مال التاجر الحقيقي يتمثل في سمعته وثقة حرفائه فيه‪ .‬فبامكان الحريف الساحب المطالبة بغرم‬
‫الضرر الناتج عن خسارة أحد الحرفاء وبالتالي تفويت الربح عليه ولكن بشرط اثبات أن خطأ البنك هو‬
‫السبب في ذلك‪1 .‬‬

‫‪ 0‬فأقصى ما يمكن أن يحدث الحريف إلى جانب مواجهته لجريمة إصدار شيك بدون رصيد أو دفعه‬
‫لمبالغ الخاصّية هو إضطراره إلى إيداع الحساب وتصفية أمواله بصفة إختيارية أو بسبب توقفه عن‬
‫الدفع‪ ،‬وفي هذا ضرر مادي ومعنوي ‪ .‬خاصة إذا وصل األمر إلى اإلفالس الذي يفقد معه الساحب‬
‫أهليته‪ .‬هذه األضرار التي قد يتسبب فيها الصيرفي ال تتوقف عند الحريف بل تتعداه إلى (‪ )2‬الختامي‬
‫التي الغير‪– )1( .‬‬
‫‪ -‬الضرر الحاصل للغير ‪ :‬إن المقصود بالغير‪ ،‬هنا هو الشخص الذي ال تربطه عالقة مباشرة‬ ‫‪2.1‬‬
‫الصيرفي ولكنه على عالقة مع حريفه‬

‫وبغض النظر عن الساحب‪ ،‬فإن المتضرر األول من إرجاع الشيك بدون خالص هو حامله ويتفاقم‬
‫ضرره إذا لم يتمكن الساحب من الخالص‪ ،‬فيكون بذلك من دائتي الحريف وإلى جانب حامل الشيك‪ ،‬فإن‬
‫الضرر يلحق أيضا حرفاء وممولي الحريف الذي تعود التمتع بتسهيالت البنك‪ ،‬وذلك نتيجة لفقدانهم‬
‫مصدرا من مصادر ريتهم‪ ،‬وكذلك عملة وموظفي المؤسسة بسبب فقدانهم لمواطن شغلهم إذا ما أغلقت‬
‫هذه المؤسسة أبوابها إما اختياريا أو نتيجة اإلفالس‬

‫وتوّفر ركن الضرر ال يكفي بل يجب أن تتوّفر أيضا العالقة المباشرة مع طأ الصيرفي وبالتحديد مع‬
‫رجوعه غير القانوني في تسهيالت الدفع‪ .‬األولى ‪– 2‬‬

‫إثبات العالقة السببية ‪ :‬إن العالقة المباشرة بين الخطأ والضرر إلى جانب كونها ركنا من أركان‬
‫المسؤولية المدنية‪ ،‬فهي تساعد أيضا القاضي على تقدير التعويض‪ ،‬الذي يعتمد فيه على الفصل ‪107‬‬
‫م‪.‬إ‪.‬ع الذي ينص على أن الخسارة تشمل ما تلف حقيقة وما صرفه‪ ....‬واألرباح المعتادة التي حرم‬
‫منها ‪ ......‬لكن المهم في عملية التقدير هو معرفة ما إذا كان خطأ الصيرفي هو السبب الوحيد للضرر أم‬
‫ال قيام أمي حسب الفصل ‪ 108‬م‪.‬إ‪ .‬إذا حدث ضرر من أشخاص متعددين معا فعليهم ضمانه بالخيار»‪.‬‬
‫فإذا ثبت وجود أسباب أخرى فإن الصيرفي ال يتحمل إال جزء من التعويض‪.‬‬

‫فالضرر الذي يحصل للحريف ليس دائما نتيجة لعدم تجديد تسهيالت الدفع نقط وإنما ألسباب متعددة (‪)1‬‬
‫فاإلهمال وعدم الكفاءة وعدم القدرة على التسيير من األسباب التي تلحق بالعميل الخسارة‬

‫لكن إلى جانب األسباب التي تتصل بالصيرفي أو بالعميل‪ ،‬هناك أساب خارجية مثل الظروف اإلقتصادية‬
‫العامة‪ .‬ففى كل هذه الحاالت ال يتسبب رجوع التعجيل في حدوثه وهنا تظهر مهمة القاضي الذي يتولى‬
‫تقدير الجزء من الضرر الصيرفي في تسهيالت الدفع في كل ما لحق من أضرار وإنما في تشديد الضرر‬
‫أو (‪ )1‬الذي تسبب فيه الصيرفي (‪)2‬‬

‫وفي هذا اإلطار يتنزل القرار اإلستئنافي الفرنسي الذي أقر مسؤولية الصيرفي الذي تسبب في إيداع‬
‫العميل للحساب الختامي وفقدانه لفرصة إيجاد الدعم المالي لمواصلة نشاطه وقد رأت المحكمة أنه بسبب‬
‫الوضعية المالية للمؤسسة لم تكن هذه الفرصة مضمونة كليا وهو ما يقلص من الضرر الذي تسبب فيه‬
‫الصيرفي مما استوجب عدم تحميله كل ما انجر عن إيداع الحساب الختامي وأعتبرت أن هشاشة‬
‫الوضعية المالية للمؤسسة العميلة ساهمت في وقوع الضرر الحاصل لها ولذلك حكم بالتخفيض في مبلغ‬
‫التعويض المحكوم به في الدرجة األولى‬

‫‪ .‬والتعويض تقع المطالبة به من طرف المتضرر لكن ماذا لو تعدد المتضررون هل يتولى كل فرد القيام‬
‫بدعوى منفردة ؟ ففيما يتعّلق بدائني العميل تطرح مسألة دقيقة تتمثل في معرفة ما إذا كان القيام بالدعوى‬
‫من إختصاص أمين الفلسة أم ال ؟‬

‫الصيرفي لقد كان فقه القضاء الفرنسي يرفض قيام أمين الفلسة بدعوى التعويض ضد ألن هذا األخير‬
‫ينتمي إلى جماعة الدائنين لكن منذ ‪ 1976‬أقرت محكمة التعقيب في قرارها الشهير "‪ "LAROCHE‬مبدأ‬
‫سلطة أمين الفلسة في القيام بدعوى التعويض ضد كل شخص ينتمي إلى جماعة الدائنين تسبب في‬
‫تقليص ما للشخص وزيادة ما عليه ‪ .‬ويعتبر هذا الحّل عادال وهو يضع حدا لتفصي البنوك من الرابطة‬
‫بين هذا الضرر وخطأ الصيرفي المتمثل في الرجوع غير القانوني في تسهيالت المسؤولية‪ ،‬فكلما تمكن‬
‫المدعى من إثبات الضرر الحاصل له ومن العالقة المباشرة الدفع إال وأقرت المحكمة مسؤوليته في غرم‬
‫ما تسبب فيه من أضرار مادية ومعنوية‪.‬‬

‫فعدم احترام الصيرفي لاللتزام الصرفي يعرضه لتحمل المسؤولية المدنية ولكن ذلك ال يكفي لردع‬
‫المؤسسات المصرفية وحملها على عدم رفض خالص الشيكات ما لم يقع الرجوع في تسهيالت الدفع‬
‫بصفة قانونية‪ ،‬وهو ما جعل مشروع القانون الجديد يقترح العقوبات الجزائية‬

‫‪ .‬ب ‪ -‬المسؤولية الجزائية ‪ :‬لقد كرس القانون عدد ‪ 82‬لسنة ‪ 1985‬أثناء تنقيحه للفصل ‪ 411‬م‪.‬ت‪.‬‬
‫جريمة جديدة‪ ،‬وهي جريمة «رجوع المصرف في اعتماد عّو ل صاحبه على وجوده وسحب على (‪)2‬‬
‫أساسه شيكا ‪ ...‬فالصيرفي الذي يرجع في اعتماد فتحه لحريفه دون احترام ما نص عليه كل من الفصل‬
‫‪ 705‬والفصل ‪ 706‬م‪.‬ت‪ .‬يعرض نفسه لعقوبات جزائية‪ .‬وقد اقترح مشروع القانون الجديد سحب هذه‬
‫الجريمة على الصيرفي الذي برجع في تسهيالت الدفع دون إثبات قيامه بالتنبيه على الساحب فتسهيالت‬
‫الدفع لن تصبح ملزمة فقط وإّن ما تعرض الصيرفي للمسؤولية الجزائية ما لم يحترم شروط الرجوع‪ ،‬أما‬
‫قيام الصيرفي بالتنبيه على حريفه الساحب برجوعه في تسهيالت الدفع فال يعّر ضه للمؤاخذة الجزائية‬
‫وكذلك األمر بالنسبة للرجوع في فتح االعتماد وفق مقتضيات الفصلين ‪ 705‬و ‪ . 706‬م‪.‬ت‪)1( .‬‬

‫‪ -‬بالسرور‪ ،‬المرجع السابق ص ‪ - )2( .67‬أنظر الطيب اللومي‪ ،‬الوسيط في األوراق التجارية‪ .‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪448‬‬
‫وفي صورة إدانة الصيرفي‪ ،‬فإن العقاب الذي يسّلط عليه يتمثل في خطية (‪ )1‬داري مبلغ الشيك أو باقيه‬
‫على أن ال تتجاوز الثالثة آالف دينار ‪ ......‬فالمشرع اختار العقوية المالية نظرا لعدم امكانية تسليط‬
‫العقاب البدني على ن االعتبارية علما وأن الشيك ال يسحب إال على الذوات المعنوية‬

‫(‪ )2‬ويرى االستاذ الطيب اللومي أن المحاكم يمكنها تسليط العقوبات التشيلية التي تتماشى مع الذوات‬
‫المعنوية عموما وذلك عمال بمقتضيات الفقرة الناسة من الفصل ‪ 411‬رابعا من المجلة التجارية‬

‫‪ .‬لكن هل كان هذا العقاب المنصوص عليه بالفصل ‪ 411‬م‪.‬ت‪ .‬في فقرته األخيرة كافيا لردع البنوك ؟‬
‫يبدو أن مبلغ الخطية ليس مرتفعا لذلك يخير البنك أحيانا الخطبة عوض خالص شيكات للحريف وفي‬
‫هذه الصورة يضع الساحب في مواجهة مباشرة مع جريمة إصدار شيك بدون رصيد فيحاول التقصي من‬
‫هذه الجريمة متمسكا بتمتعه بتسهيالت بنكية‪ .‬فهل يمكن لساحب الشيك بدون رصيد تقصي من المسؤولية‬
‫الجزائية بناء على تمسكه بوجود تسهيالت من البنك وخاصة إذا تعلق األمر بتسهيالت دفع ؟‬

‫الفصل ‪ 413‬م‪.‬ت‪ ..‬الفقرة األخيرة‪ .‬الطيب اللومي الجديد في أحكام جرائم الشبك المرجع المذكور ص ‪7‬‬
‫حوصلة الجزء األول‬

‫خالص إن تحديد مدى مسؤولية الصيرفي مانح تسيهالت الدفع في صورة رفض ى‬
‫الشيك‪ ،‬اقتضى البحث في مدى وجود تسهيالت الدفع في حد ذاتها والوقوف على طبيعتها‬
‫القانونية من خالل توضيح خصائصها وتمييزها عن بقية المؤسسات القريبة منها والتي‬
‫تتشابه معها مثل المكشوفات بالحساب ومجرد التسامح‪ .‬ويعتبر هذا من أصعب األمور‬
‫باعتبار أنه غالبا ما يقع رجال القانون وكذلك ممارسو مهنة المصارف في الخلط بين‬
‫الممارسات المصرفية بما فيها تسهيالت الدفع من ناحية وبين هذه األخيرة وفتح العتماد من‬
‫ناحية أخرى‪ ،‬حيث يتمسك الحريف عادة بتمتعه بفتح اعتماد نظرا لما يتميز به هذا األخير‬
‫من قوة إلزامية منحه إياها القانون هذه المشاكل وإن بدت نظرية نوعا ما‪ ،‬إال أّن ها تتجسم‬
‫في الواقع في مسألة األثبات التي من شأنها أن تساهم في حسم الموضوع بحيث تحدد نوع‬
‫االعتماد التمتع به عن طريق الوسائل المتوفرة‪ .‬ولكن مسألة اإلثبات في هذا اإلطار كان لها‬
‫بالغ األهمية حيث وقع الخلط أيضا بين صعوبة اإلثبات ووجود االلتزام في حد ذاته‪ ،‬إضافة‬
‫إلى اإلشكال المتعّلق بوسائل اإلثبات ومدى قبول مبدأ حرية اإلثبات خاصة وأن الصيرفي‬
‫له صفة التاجر‪ .‬إال أن البنك المركزي ساير ما ذهب إليه فقه القضاء الفرنسي في المادة‬
‫الجزائية حيث اشترط اإلعالم الكتابي‪ .‬فنجد أن بعض المصارف قد انصاعت في بعض‬
‫الحاالت إلى الكتابة عند منح تسهيالت الدفع إال أن ذلك ال يعدو أن يكون الشاذ الذي ال‬
‫يقاس عليه‪ .‬وإلثبات مسؤولية الصيرفي ال يكفي إثبات التزامه تجاه الحريف بل يجب أيضا‬
‫إثبات الرجوع في تسهيالت الدفع بصفة غير قانونية‪ .‬وهي مسألة لم تعرف أيضا االتفاق‬
‫حولها بل إن األمر يختلف حسب الطبيعة القانونية التي يقع إعطاؤها لتسهيالت الدفع‬
‫واالتجاه الذي يقع تبّن يه‪ ،‬فال يمكن الحكم بصفة قطعية في هذه المسألة‪ .‬وفي غياب التشريع‬
‫فإن فقه القضاء نفسه لم يستقر على حال ولكن برز نباران اثنان‪ ،‬تيار تقليدي متمسك‬
‫بالحرية المطلقة للصيرفي في هذه المادة وتيار حديث يرمي إلى الحد من هذه الحرية وإلى‬
‫إحداث التوازن بين حقوق كل من الصيرفي والحريف‪ ،‬عن طريق اشتراط قيام الصيرفي‬
‫بالتنبيه وهو ما تبناه مشروع القانون الجديد الذي أشار من ناحية إلى بعض خاصيات‬
‫تسهيالت الدفع أو باألحرى المعايير التي يمكن عن طريقها تكييف الوضعية بأنها تسيهالت‬
‫دفع ملزمة للصيرفي ومن ناحية أخرى أوجب التنبيه قبل الرجوع فيها ‪ .‬وفي الصورة التي‬
‫يعترف فيها بضرورة التنبيه فاّن ‪ :‬عدم القيام به يعني مسؤولية الصيرفي تجاه الحريف‬
‫وتجاه الغير وهي مسؤولية مدنية وكذلك جزائية حسبما جاء بمشروع القانون‪ .‬أما بالنسبة‬
‫للصورة التي ال تعترف إال بحرية الصيرفي فان الحد الوحيد والحالة الوحيدة إلقرار‬
‫مسؤولية الصيرفي هو تعسفه في استعمال حقه في الرجوع‬

You might also like