Professional Documents
Culture Documents
قبل التطرق 4إلى تميز الوديعة عن القرض يجب أن نميز بين الوديعة المصرفية والوديعة المدنية ،الوديعة
المصرفية تتفق مع الوديعة المدنية في أن كالهما عقد يسلم بقتضاه المودع شيئا منقوال إلى المودع
لديه ،إالأنها تختلف عنها من حيث المحل وماترتبه من التزامات ،وبالتالي فإن محل الوديعة المصرفية
النقدية يكون دائما مبلغ من النقود ،أما الوديعة المدنية فإن محلها يمكن أن يكون نقودا كما يمكن أن يكون
شيئا آخر منقول ،كما أن المودع لديه في الوديعة المدنية يلتزم بحفظ الشيء المودع ورده عينا إلى
المودع ،وإال عدا خائنا لألمانة ،في حين الوديعة المصرفية ،تنتقل ملكية المبالغ المودعة إلى البنك ،الذي
يكون له حق التصرف 4فيها ،واستعمالها 4في أنشطته ومشاريعه دون حاجة إلذن المودع، 4وهذا أيضا ما
يميزها بشكل أدق حسب رأي البعض عن الوديعة المصرفية المنصوص عليها في المادة 598من أحكام
القانون المدني .
وفيما يخص المقاصة ،اليجوز التمسك بالمقاصة إذا كانت الوديعة مدنية وهذا ماجاء في المادة 299من
القانون المدني ،على عكس الوديعة المصرفية النقدية ،حيث يمكن إجراء المقاصة بين مايودعه المودع
وبين مايترتب في ذمته من ديون للمصرف .
باستقراء المادة 598من القانون المدني يمكن القول بأنها تطبق على الوديعة المصرفية النقدية باعتبارها
مبلغ من النقود يسمح للمودع 4لديه وهو البنك في هذه الحالة أن يستعملها، 4وهذا مانصت عليه المادة
67من قانون النقد والقرض،وبهذا يكون المشرع الجزائري 4قد فصل في الطبيعة القانونية للوديعة
واعتبارها قرضا .
يتشابه كل من عقد القرض وعقد الوديعة في التراضي، 4ألن كليهما يتطلب إلنعقاده وجود 4التراضي .
ومايميز 4عقد الوديعة عن عقد القرض هو أن عقد الوديعة غالبا ماتقترن بفتح حساب مصرفي يتدرج فيه
عمليات اإليداع والسحب ،وهو ما يسمح للعميل من سحب الوديعة ومن ثم يجب أن تتوفر 4فيه ألية
التصرف على خالف عقد القرض البنكي الذي ال يتطلب دائما فتح حساب .
ويتميز عقد القرض عن الوديعة في أن القرض ينقل ملكية الشيء المقترض ،أما الوديعة التنقل ملكية
الشيء المودع إلى المودع إليه ،وكذلك فإن المقرض ينتفع بمبلغ القرض بعد أن أصبح مالكا
له،أماالمودع لديه الينتفع بالشيءالمودع بل يلتزم بحفظه حتى يرده إلى أصحابه ،ويظهر من نص المادة
590من القانون المدني .بأن محل الوديعة يكون منقوال،مما يجعل العقارات مستثناة من الوديعة ،وعليه
فإن هذا العقدال ينقل إلى المودع لديه الحيازة المادية للمنقول محل العقد،فال يخوله بذلك ملكيته
والاستغالله ،وهذا ألن القرض ينقل ملكية الشيء المقترض إلى المقترض،على أن يرده مثله للمقرض
عند نهاية اإلقرض.
1
د.زيبار الشاذلي ،محاضرات في مقياس قانون البنوك المركز الجامعي الشهيد سي الحواس بريكة ،معهد الحقوق والعلوم اإلقتصادية
2021/2022.ص 51
1
السبب هو الباعث والدافع إلى التعاقد ،وهو الغرض المباشر المقصود من العقد ،يختلف بسبب التعاقد 4بين
عقدالقرض والوديعة ،بالنسبة للعميل في عقد الوديعة المصرفية النقدية ،فيكون من وراء هذا العقد هو
حفظ أمواله من الضياع أو السرقة ،وقديكون بهدف ادخارها ،كما نصت المادة 120من قانون النقد
والقرض.
أما بالنسبة للعميل الزبون المقترض فالسبب يكون من أجل زيادة استثماره أو تطويرتجارته وهذا
لمصلحته الشخصية ،أما عن البنك في عقد الوديعة فإن سبب تعاقده يرجع عادة إلى رغبته في استثمار
المبالغ النقدية المودعة في مختلف أنشطته وعملياته ،باإلضافة إلى تشجيع اإلدخار للحد من
مساوىءالتضخم النقدي .
الوديعة المصرفية النقدية ،عقد يسلم شخص -طبيعي أو معنوي – 4بمقتضاه مبلغا معينا من النقود إلى بنك
يلتزم قبله برد مثله إليه عند الطلب أو وفقا للشروط 4المتفق عليها بينهما .
وقد عرف المشرع المصري 4في قانون التجارة الجديدة وديعة النقود في المادة 301بأنها عقديخول البنك
ملكية النقود المودعة والتصرف فيها بما يتفق ونشاطه مع التزامه برد مثلها للمودع 4طبقا لشروط 4العقد .
فمن ناحية ،تؤول ملكية المبالغ المسلمة إلى البنك إليه ،ويكون للبنك بوصفه مالكا لهذه المبالغ حرية
التصرف فيها واستعمالها 4واستغاللها دون ما رقابة عليه من العميل المودع،واليعد 4بالتالي إذا عجز عن
رد هذه المبالغ إلى المودع –عند طلبها – مرتكبا لجريمة خيانة األمانة.
ومن ناحية ثانية ،يحتفظ العميل المودع بحق التصرف 4في المبالغ المودعة لدى البنك :فيكون له ،في أي
وقت – أو وفق ظروف 4اإليداع –استرداد 4هذه المبالغ أو التصرف 4فيها لصالح الغير .
والجدال فيما تتسم به الوديعة النقدية بهذا المفهوم من مزاياسواء بالنسبة للبنك المودع لديه أوبالنسبة
للعميل المودع ،إذ يكون في مكنة البنك وقد 4آلت إليه ملكية األموال المودعة لديه ،حرية التصرف 4فيها
واستثمارها 4بما يعود عليه بالربح أو الفائدة ،ولذلك فالودائع النقدية هي أهم مظاهر النشاط المصرفي
على اإلطالق بل هي نقطة اإلنطالق في عمليات اإلئتمان التي تباشرها 4البنوك ،فهي تمثل المورد 4األول
واألساس بالنسبة لها ،إذ تتجمع بفضلها لديها األموال الالزمة لتمويل عملياتها المختلفة وأوجه نشاطها
المتباينة .
أما بالنسبة للعميل المودع ،ففضال عما يحققه له اإليداع من تأمين أمواله ضد مخاطر الضياع أو السرقة
أو التلف فهو ييسر له أمره ،بتمكينه من استخدام النقود المودعة في السحب منها لصالحه أو في الوفاء
للغير عن طريق الشيكات أو النقل المصرفي 4بدالمن حمل النقود واإلنتقال بها ،يضاف 4إلى ذلك
مايتحصل عليه العميل من فوائد 4تختلف باختالف نوع الوديعة أوأجلها أومقدارها .
ونظرا لمزاياها العديدة ،فقد أقرها العرب وتبنتهاالنظم المختلفة منذ أقدم العصور،وحرص المشرع في
قانون التجارة المصري الجديد على تنظيم أحكامها.
2
الدكتور/رفعت فخري أبادير ،الوديعة المصرفية النقدية ،أستاذ القانون التجاري والبحري ،كلية الحقوق جامعة عين شمس ،ص 5،6
2
3
سبق لنا وعرفنا عقد الوديعة ،ويتضح من التعريف 4أن له عدة خصائص يتميز بها وتتمثل في:
أوال :الوديعة عقد رضائي
الوديعة من العقود الرضائية ،وليس عقدا عينيا ،فلم يعد التسليم شرطا الزما النعقاد العقد ،وبالتالي
فالوديعة تتم بمجرد اإليجاب والقبول فبمقتضاها يلتزم شخص أن يتسلم شيئا فالعقد يتم قبل تسليم الشئ
والتسلم هو التزام من التزامات المودع عنده بعد أن تنعقد الوديعة.
3
األنترنت
3
4
الفصل األول :مفهوم عقــــــــــــــــدالوديعة
عقد الوديعة من العقود المسماة التي تنظم معامالت األفراد ،وقد نص عليه المشرع في القانون المدني
في الكتاب الثاني في الباب الثالث في فصله الرابع ،وذلك من المادة 684وحتى المادة 694منه.
تعد عمليات إيداع النقود من أهم العمليات المصرفية بالنسبة للبنك على اإلطالق ،فهذه الوسيلة ،هي
وسيلة البنك األولى التي يستطيع من خاللها الحصول على مبالغ نقدية طائلة ،وذلك كي يتمكن من
ممارسة باقي 4نشاطاته المصرفية،فالبنوك 4تتملك هذه المبالغ بمجرد تسلمها من عمالئها وتتصرف 4بها في
كافة أوجه النشاط المصرفي ،وهي التلتزم 4بردها بذاتها ،وإنما تلتزم برد مايعادلها – كما سنرى –
عندالطلب أو عند حلول أجلها ،حيث يكون للبنك في هذه األثناء حرية التصرف بهذه األموال ،بشكل
يستطيع معه خصم األوراق التجارية مثال أومنح القروض بفوائد وغيرها من النشاطات المصرفية .
انطالقا من هذه األهمية الكبرى للمبالغ المودعة ،فإن البنوك تسعى إلجتذاب الودائع المصرفية من
عمالئها ،األمر الذي يجعلها تتسابق في خلق عوامل الجذب لــــــــــهذه الودائع ولهؤالء العمالء ،فمنها
من يمنح فوائد 4للعميل حتى في حالة الودائع التي تستحق 4عند الطلب ،ومنها من يعلن عن سحب يانصيب
دوري يدخل فيه أصحاب الودائع التـــــــــي تبلغ حدا معينا ،أو التي توضع 4ألجل .
ونظرا لهذه األهمية الكبرى للودائع المصرفية ،ونظرا لما تثيره عملية اإليداع من إشكاليات فإننا في هذا
الفصل التمهيدي سنبحث في تعريف 4عملية اإليداع المصرفــي 4ومن ثم سندرس تعريف الوديعة
المصرفية النقدية وبيان صورها. 4
4
رسالة ماجيستيرفي الحقوق ،الطالب أشرف الفار ،الطبيعة القانونية لعقد الوديعة المصرفية النقدية وآثاره،كلية الدراسات العليا في جامعة بير زيت
–فلسطين نوقشت بتاريخ 23/09/2002
4
5
المطلب األول :تعريف عقد الوديعة
تعريف الودائع يرغب األفراد أحيانا ،العتبارات مختلفة ،في تفضيل عدم اإلحتفاظ بالنقود
لديهم .ويبحثون عن أحسن الصيغ للحفاظ عليها .وتطرح البنوك واحدة من هذه الصيغ ،وهي إتاحة
الفرصة لألفراد من أجل االحتفاظ بالنقود لديها .وعلى هذا األساس ،يمكن تعريف الوديعة على أنها تمثل
كل ما يقوم األفراد أو الهيئات بوضعه في البنوك بصفة مؤقتة قصيرة أو طويلة على سبيل الحفظ أو
التوظيف .وتتجسد 4هذه الودائع في غالب األحيان في شكل نقود قانونية ،على الرغم من أنها يمكن أن
تأخذ أحيانا أشكاالأخرى. 4
ومنه فإن البعد الزمني في الوديعة مهم للغاية .حيث يوجد 4فاصل 4زمني 4بين لحظة اإليداع ولحظة السحب
.وهذا الفاصل الزمني له أهمية خاصة من عدة جوانب .فهو يسمح بتحديد مردودية الوديعة بالنسبة
للمودع .كما أن هذا الفاصل الزمني يعتبر حاسما من الناحية اإلقتصادية بالنسبة للبنك ،إذ على أساسه
يمكن تقدير مدى التوظيفات الالزمة لهذه األموال .
ومن جهة أخرى ،فإن الوديعة ال تعني تحويال للملكية ،أي ملكية النقود .فهــــــي دائما ملك
لصاحبها ،تخلى عن التصرف 4فيها بصفة مؤقتة .وقد نقل حق التصرف فيها ،ولكن بشكل مؤقت
أيضا ،إلى البنك .فهذا األخير من حقه استعمال هذه الودائع ،ولكن في الحدود 4التي تسمح له بها عمليات
السحب المحتملة من طرف أصحابها .6
إن المقصود بعملية اإليداع المصرفي ،هي أي نقود أو أموال منقولة يدخلها العميل في حسابه أو يقوم
الغير بإدخالها 4لحسابه وسواء تم ذلك باإليداع مباشرة للبنك أو بالوسائل 4غير المباشرة كالشيكات
والحواالت المصرفية وغيرها من الوسائل، 4وعلى هذا الحال فإن أي نقود أو أموال منقولة تدخل في
حساب العميل هي وديعة مصرفية فعملية اإليداع المصرفي هي اإلطار العام للوديعة المصرفية النقدية
وال تتعدى الوديعة المصرفية لما لها من أهمية أن تكون إحدى صورها .
ويرى القاضي أنطوان الناشف وخليل الهندي في مؤلفهما العمليات المصرفية والسوق 4المالية أن عقد
اإليداع هو عقد ثنائي على األقل ،ويمكن أن يتعدى اإلثنين كما في حالة الحساب المشترك ،وصورة هذا
العقد األبسط هي أن يحمل شخص وهو غالبا المودع ،ماال،أوأشياء منقولة يسلمها إلى متعاقد مقابل هو
المودع لديه ،وهو غالبا بنك ،وبشروط 4يمكن اإلتفاق عليها ،وأما المودع لديه فهو 4مثل المودع ،اليسعه
قبول الوديعة إال إذا كان أهال لإللتزام ،وهو غير ملزم بالتثبت من ملكية المودع للوديعة ويكفي أن يكون
حائزا للمال أوالشيء وقت إيداعه ،وإذا كان المودع لديه مسؤوال عن رد الوديعة بذاتها في
األشياء ،فالمصرف أيضا ملزم برد الودائع بعينها التي هي في صناديقه ،وأما النقود التي يجوز 4التداول
بها فالمصرف المودع لديه له الحق في استخدام الوديعة عينها وإعادة مثلها عندما يطلب المودع ذلك أو
عند حلول أجلها .
وهذه هي الصورة العامة لعقد اإليداع ،فالمودع يستطيع إيداع األشياء والنقود لدى المودع لديه ،بحيث
يأخذ كل مايكون للمودع حكم الوديعة ،ومثال ذلك إيداع األوراق المالية كالكمبياالت والشيكات أو إيداع
النقود ،ولعل مايهمنا في هذا البحث هو إيداع النقود ،فيما يعرف اصطالحا بالوديعة المصرفية النقدية .
5
نفس المرجع
6
الدكتور عبد الحق لعميري أستاذ محاضر بالمدرسة العليا للتجارة ومدير المعهد الدولي للتسيير،تقنيات 4البنوك ،ديوان المطبوعات
الجامعية ،الطبعة السابعة ،ص 25
5
الفرع األول :المقصود بعقد الوديعة
سوف نتطرق 4في هذا الفرع إلى المقصود بعقد الوديعة لغة (أوال) ،اصطالحا (ثانيا) ،قانونا (ثالثا)
الوديعة في اللغة مأخوذة من ودع الشيء ،بمعنى :يدعه ودعا :تركه ،ودع فالنا الشيء :دفعه إليه ليكون
عنده وديعة ،والوديعة أيضا هي ما يودع أي يترك من مال وغيره لدى من يحفظه ليرده إلى مودعه متى
تطلبه.
6
ويسمى الشيء الذي يدعه اإلنسان عند غيره ليحفظه له بالوديعة ،فيقال" :أودعته ماال أي دفعته إليه
ليكون وديعة عنده.
وتعد الوديعة كل ما استودع ،وهي واحدة الودائع ،يقال أودعه ماال أي دفعه إليه ليكون وديعة عنده،
وأودعه ماال أيضا :قبله منه ،وهو من األضداد ،ويقال أودعت زيدا ماال واستودعته إياه إذا دفعته إليه
ليكون عنده ،فأنا مودع ومستودع ،وزيد مودع ومستودع ،والمال أو الشيء أيضا مودع ومستودع 4،أي
الوديعة
7
حفظه إلى المودَع فالشيء المملوك هو المودع .
أما الوديعة عند الحنفية جاءت بمعنى اإليداع ،وهي عبارة عن أن يسلط شخص غيره على حفظ ماله،
صريحا أو داللة.
فالوديعة بمعنى الشيء المودع هي كل ما يترك عند األمين لحفظه ،والوديعة غير األمانة هي اسم لكل
شيء غير مضمون ،فيشمل جميع الصور 4التي ال ضمان فيها كالعارية ،أما الوديعة فهي اسم لخصوص
ما يترك عند األمين باإليجاب والقبول ،سواء كان القبول صريحا أو داللة.
أما بخصوص الوديعة عند الشافعية ،فهي بمعنى اإليداع وهي العقد المقتضى لحفظ الشيء المودع،
فتطلق شرعا على العين المودعة ولكن إطالقها 4على العقد معنى شرعي فقط ،أما إطالقها 4على العين فهو
شرعي ولغوي 4أيضا
عرفت التشريعات والشروحات الفقهية المختلفة عقد الوديعة المصرفية النقدية تعريفات متعددة ،لما لهذه
التعريفات المختلفة من عيوب وميزات ،األمر الذي يحتم علينا في هذا البحث دراسة هذه التعريفات
المختلفة ،فالبعض يعرف عقد الوديعة المصرفية النقدية بأنه "العقد الذي يتم بين العميل المودع من جانب
والبنك المودع لديه من جانب آخر،وفيه يدفع العميل مبلغا نقديا لدى البنك ،ويترتب على هذا العقد الذي
يخول البنك ملكية النقود المودعة ويتصرف فيها بما يتفق مع نشاطه المهني ،التزام البنك المودع لديه
برد مبلغ الوديعة المصرفية النقدية إلى العميل المودع في الميعاد المحددحسب 4اإلتفاق والذي قد يكون
عند الطلب ،أو بعد أجل معين أو التي ترد بشرط إخطار سابق ،ويكون رد البنك بذات العملةالتي تم
اإليداع بهامالم 4يتفق على خالف ذلك ".
وعرفه البعض اآلخر بأنه "العقد الذي بموجبه يستودع مصرف 4نقودا تنتقل ملكيتها إليه ويلتزم برد مثلها
إلى المودع ".
كما عرف البعض اآلخر الوديعة المصرفية النقدية بأنها "النقود التي يعـــــــــهد بها األفراد أو الهيئات
إلى البنك على أن يتعهد األخير بردها أو برد مبلغ مساو لها،إليهم أو إلى شخص آخر معين ،لدى الطلب
أو بالشروط المتفق عليها ".
وعرف جانب آخر من الفقه العقد المذكور" 4عقد بمقتضاه يسلم العميل مبلغا معينا من النقود إلى البنك
الذي يلتزم برد قيمته دفعة واحدة ،أو على دفعات عند الطلب ،أو عند حلول األجل المتفق عليه إلى
العميل ذاته ،أو إلى شخص آخريعينه العميل ".
ويالحظ أن معظم الشروحات الفقهية قد فرقت بين عقد الوديعة المصرفية وعقدالوديعة المصرفية
النقدية ،فاعتبرت األول اإلطار 4العام لعقد الوديعة بحيث يعني األول –عقد الوديعة المصرفية أو عقد
اإليداع المصرفي – إيداع النقود واألموال المنقولة بشكل عام .ويقتصر الثاني –عقد الوديعة المصرفية
النقدية –على إيداع النقود فقط ،وإننا في هذا البحث سنقتصر 4على دراسة عقد الوديعة المصرفية النقدية
باعتبارها من صور 4الوديعة المصرفية العامة .
وهكذا فليست هذه ودائع ألن الغرض األساسي منها ليس هو حفظ الشيء إنما هو االنتفاع بالنسبة للعارية
واإليجار ،والقيام بعمل بالنسبة للوكالة ،ويشترط أيضا كذلك لقيام الوديعة أن يوجد التزام صريح أو
ضمني لدى المودع عنده بحفظ الشيء فال يكفي اإليداع ،فأمتعة الخادم لدى مخدومة أو العامل لدى رب
العمل ليست وديعة النتفاء التزام المخدوم أو رب العمل بحفظ هذه األمتعة ،وقد يتوفر هذا االلتزام ضمنيا
كرب العمل يخصص مكانا لألشياء الخاصة بالعمال ليتركونها 4به قبل دخولهم للعمل ومن ثم يلتزم رب
العمل بحفظ هذه األشياء ويكون مودعا عنده ،وتسلم الشئ ليس ركنا في الوديعة إنما هو التزام واألصل
في الوديعة أنها بغير اجر و لكن يجوز اشتراط األجر ،ويرى محمد علي عرفة أن الوديعة عقد عيني ال
تتم إال بالتسليم 4إذ أن االلتزام األساسي 4فيها هو حفظ الشئ ال يتصور 4أن يلتزم إنسان بحفظ الشئ ولم
7
يتسلمه بعد .
وعرف القانون التجاري المصري الجديد رقم ()17لسنة 1999م في المادة ()3،1منه الوديعة
المصرفية النقدية على النحو التالي " وديعة النقود عقد يخول البنك ملكية النقود المودعة والتصرف 4فيها
بما يتفق ونشاطه ،مع التزامه برد مثلها للمودع طبقا لشروط 4العقد ".
ويالحظ أن جميع التعريفات التي سبق بيانها جاءت بأحكام عامة وموحدة فيما يتعلق بالوديعة المصرفية
8
النقدية ،ولو حاولنا اشتقاق هذه األحكام لوجدنا أنها على النحو التالي:
-1عقد يسلم بموجبه شخص إلى بنك مبلغا محددا من النقود .
-2بمجرد تسلم البنك النقود المودعة يصبح البنك مالكا لهذه النقود المودعة .
-3أن النتيجة المترتبة على كون البنك قد أصبح مالكا لهذه النقودأن يكون له مطلق الحق في التصرف4
فيها كامل التصرفات 4القانونية .
-5ويتم رد الوديعة عند الطلب،أوضمن المهل والشروط المتفق عليها في العقد .
من هنا يمكن القول بأن الوديعة المصرفية النقدية هي النقود التي تكون للعمالء لدى البنك سواء تسلمها
البنك من العميل مباشرة عن طريق عقد إيداع ،أم تلقاها عن طريق 4عملية أخرى في حساب العميل
كتحصيل ورقة تجارية أو تحويل مصرفي ،فكل ما يدخل في حساب العميل من مبالغ نقدية يأخذ حكم
الوديعة المصرفية النقدية ،وبخالف الوديعة العادية فإن الوديعة النقدية ترد على نقود تدخل في ذمة
البنك ويكون له حرية استخدامها في نشاطه على أن يرد ما يعادلها طبقا لإلتفاق.
7
األنترنت
8
رسالة ماجستير ،الطالب أشرف الغار ،ص ،27مرجع سبق ذكره
9
9
الفـــــــــــــرع الثاني:تمييزـ عقــــــــــد الوديعة عن غيره من العقود
يتميز عقد الوديعة عن عدة عقود مشابهة له ،وهذا ما سنتطرق إليه من خالل هذا الفرع.
أوال :الوديعة والبيع
قد تشتبه الوديعة والبيع فيما يسمى بعقد المحاسبة ،كأن يودع تاجر الجملة مجوهرات أو كتب أو بضائع
عند تاجر التجزئة ليبيعها ،على أن يرد ثمنها بسعر معين إذا باعها أو
يردها هي بذاتها إذا لم يتمكن من بيعها ،فإذا بيعت جاز اعتبار العقد وكالة مأجورة ،أو جاز اعتباره بيعا
من تاجر الجملة إلى تاجر التجزئة بالسعر 4المعين وهو بيع معلق على شرط واقف 4هو أن يتمكن تاجر
التجزئة من بيع البضاعة بالثمن الذي يحدده والفرق بين هذا الثمن والسعر المبين هو مكسب تاجر
9
األنترنات
10
التجزئة ،وتكييف العقد يتوقف غلى نية المتعاقدين ،التي تكشف عنها ظروف 4الدعوى ،أما إذا لم يقم تاجر
التجزئة ببيع البضاعة وردها 4بعينها إلى صاحبها ،جاز اعتبار العقد وديعة ،وتكون وديعة معلقة على
شرط فاسخ هو البيع .
غير أنه إذا اشترط في عقد البيع أن الملكية في المبيع تبقى للبائع حتى يجربه المشتري فإن وجود 4المبيع
عند المشتري في فترة التجربة إنما يكون على سبيل الوديعة.
ثانيا :الوديعة واإليجار
تختلف الوديعة عن اإليجار في أن المودع 4عنده ال ينتفع بالعين المودعة أما المستأجر 4فينتفع بالعين
المؤجرة ويدفع 4أجرة في مقابل هذا االنتفاع ،وقد يقع لبس بين العقدين في أحوال أبرزها التعاقد مع
مصرف على تخصيص خزانة إليداع األشياء الثمينة بها ( ، )location des coffres fortsوقد رجح
أخيرا الرأي الذي يذهب إلى أن العقد ليس إيجارا وإنما هو وديعة ،وهو من عقود الحفظ المهنية (
)contrat de gardeحيث يتخذ الشخص الوديعة المأجورة حرفة له ،كالمصرف 4بالنسبة إلى الخزانة،
وكصاحب الجراج العام بالنسبة إلى السيارات التي تودع عنده .
ثالثا :الوديعة وعارية االستعمال
تتشابه الوديع وعارية االستعمال في أن كال من لمودع عنده والمستعير 4يتسلم شيئا للغير يحفظه عنده
ويرده إليه عند نهاية العقد ،إال أنهما يختلفان في أن تسليم الشيء في العارية يكون بقصد منفعة للمستعير
وهو استعمال الشيء ،فالغرض األساسي 4من العارية هو استعمال الشيء ال لحفظه كالوديعة.
رابعا :الوديعة والمقاولة
تشتبه الوديعة المأجورة بالمقاولة إذ المودع عنده يقوم بعمل لمصلحة الغير هو حفظ الشيء لقاء أجر
معلوم فهو مأجور في عمله كالمقاول والعامل ،ولكن المودع عنده ليس مضاربا 4وال يبغى الكسب من
وراء األجر ،إال أن هناك من الودائع ما يقرب المقاولة إلى حد بعيد ،كعقود الحفظ المهنية إذ يتخذ
الشخص الوديعة المأجورة حرفة له فيكون في هذه الحالة مضاربا 4يبغى الكسب.
خامسا :الوديعة والوكالة
يغلب أن يقع في يد الوكيل أموال أو أشياء مملوكة للموكل ،فإن هذه األموال واألشياء 4الموجودة في يد
الوكيل هي لتنفيذ الوكالة ولم يتسلمها لحفظها ،ومن ثم ال تكون هناك وديعة مقترنة بالوكالة.
إال أنه قد تقترن الوديعة بالوكالة ،كما إذا أودع شخص ماالً عند آخر لحفظه ،ووكله في الوقت ذاته بأن
يدفع هذا المال بعد مدة معينة لدائن له يستوفي 4منه حقه.
11
12