You are on page 1of 12

‫‪1‬‬

‫المبحـــــث األول ‪:‬تعريف عقد الوديعة والتميزعن غيره من العقود‬


‫تعرف المادة ‪590‬من القانون المدني الوديعة بأنها ‪":‬عقد يسلم بمقتضاه المودع شيئا منقوال إلى المودع‬
‫لديه على أن يحافظ عليه لمدة وعلى أن يرده عينا "‪،‬والجدير بالذكرالمودع قد يقصد بإيداعها عند المودع‬
‫عنده مجرد الحفظ دون أن يأذن له باستعمالها ‪،‬وقد يأذن له باستعمالها ‪،‬وهذا مايسمى‪ 4‬بالوديعة الناقصة ‪.‬‬

‫قبل التطرق‪ 4‬إلى تميز الوديعة عن القرض يجب أن نميز بين الوديعة المصرفية والوديعة المدنية ‪،‬الوديعة‬
‫المصرفية تتفق مع الوديعة المدنية في أن كالهما عقد يسلم بقتضاه المودع شيئا منقوال إلى المودع‬
‫لديه ‪،‬إالأنها تختلف عنها من حيث المحل وماترتبه من التزامات ‪،‬وبالتالي فإن محل الوديعة المصرفية‬
‫النقدية يكون دائما مبلغ من النقود ‪،‬أما الوديعة المدنية فإن محلها يمكن أن يكون نقودا كما يمكن أن يكون‬
‫شيئا آخر منقول ‪،‬كما أن المودع لديه في الوديعة المدنية يلتزم بحفظ الشيء المودع ورده عينا إلى‬
‫المودع ‪،‬وإال عدا خائنا لألمانة ‪،‬في حين الوديعة المصرفية ‪،‬تنتقل ملكية المبالغ المودعة إلى البنك ‪،‬الذي‬
‫يكون له حق التصرف‪ 4‬فيها ‪،‬واستعمالها‪ 4‬في أنشطته ومشاريعه دون حاجة إلذن المودع‪، 4‬وهذا أيضا ما‬
‫يميزها بشكل أدق حسب رأي البعض عن الوديعة المصرفية المنصوص عليها في المادة ‪598‬من أحكام‬
‫القانون المدني ‪.‬‬

‫وفيما يخص المقاصة ‪،‬اليجوز التمسك بالمقاصة إذا كانت الوديعة مدنية وهذا ماجاء في المادة ‪299‬من‬
‫القانون المدني ‪،‬على عكس الوديعة المصرفية النقدية ‪،‬حيث يمكن إجراء المقاصة بين مايودعه المودع‬
‫وبين مايترتب في ذمته من ديون للمصرف ‪.‬‬

‫باستقراء المادة ‪ 598‬من القانون المدني يمكن القول بأنها تطبق على الوديعة المصرفية النقدية باعتبارها‬
‫مبلغ من النقود يسمح للمودع‪ 4‬لديه وهو البنك في هذه الحالة أن يستعملها‪، 4‬وهذا مانصت عليه المادة‬
‫‪67‬من قانون النقد والقرض‪،‬وبهذا يكون المشرع الجزائري‪ 4‬قد فصل في الطبيعة القانونية للوديعة‬
‫واعتبارها قرضا ‪.‬‬

‫يتشابه كل من عقد القرض وعقد الوديعة في التراضي‪، 4‬ألن كليهما يتطلب إلنعقاده وجود‪ 4‬التراضي ‪.‬‬

‫ومايميز‪ 4‬عقد الوديعة عن عقد القرض هو أن عقد الوديعة غالبا ماتقترن بفتح حساب مصرفي يتدرج فيه‬
‫عمليات اإليداع والسحب ‪،‬وهو ما يسمح للعميل من سحب الوديعة ومن ثم يجب أن تتوفر‪ 4‬فيه ألية‬
‫التصرف على خالف عقد القرض البنكي الذي ال يتطلب دائما فتح حساب ‪.‬‬

‫ويتميز عقد القرض عن الوديعة في أن القرض ينقل ملكية الشيء المقترض ‪،‬أما الوديعة التنقل ملكية‬
‫الشيء المودع إلى المودع إليه ‪،‬وكذلك فإن المقرض ينتفع بمبلغ القرض بعد أن أصبح مالكا‬
‫له‪،‬أماالمودع لديه الينتفع بالشيءالمودع بل يلتزم بحفظه حتى يرده إلى أصحابه ‪،‬ويظهر من نص المادة‬
‫‪590‬من القانون المدني ‪.‬بأن محل الوديعة يكون منقوال‪،‬مما يجعل العقارات مستثناة من الوديعة ‪،‬وعليه‬
‫فإن هذا العقدال ينقل إلى المودع لديه الحيازة المادية للمنقول محل العقد‪،‬فال يخوله بذلك ملكيته‬
‫والاستغالله ‪،‬وهذا ألن القرض ينقل ملكية الشيء المقترض إلى المقترض‪،‬على أن يرده مثله للمقرض‬
‫عند نهاية اإلقرض‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫د‪.‬زيبار الشاذلي ‪،‬محاضرات في مقياس قانون البنوك المركز الجامعي الشهيد سي الحواس بريكة ‪،‬معهد الحقوق والعلوم اإلقتصادية‬
‫‪ 2021/2022.‬ص ‪51‬‬

‫‪1‬‬
‫السبب هو الباعث والدافع إلى التعاقد ‪،‬وهو الغرض المباشر المقصود من العقد ‪،‬يختلف بسبب التعاقد‪ 4‬بين‬
‫عقدالقرض والوديعة ‪،‬بالنسبة للعميل في عقد الوديعة المصرفية النقدية ‪،‬فيكون من وراء هذا العقد هو‬
‫حفظ أمواله من الضياع أو السرقة ‪،‬وقديكون بهدف ادخارها ‪،‬كما نصت المادة ‪120‬من قانون النقد‬
‫والقرض‪.‬‬

‫أما بالنسبة للعميل الزبون المقترض فالسبب يكون من أجل زيادة استثماره أو تطويرتجارته وهذا‬
‫لمصلحته الشخصية ‪،‬أما عن البنك في عقد الوديعة فإن سبب تعاقده يرجع عادة إلى رغبته في استثمار‬
‫المبالغ النقدية المودعة في مختلف أنشطته وعملياته ‪،‬باإلضافة إلى تشجيع اإلدخار للحد من‬
‫مساوىءالتضخم النقدي ‪.‬‬

‫تعريف‪ :2‬الوديعة النقدية وخصائصها‪: 2‬‬

‫الوديعة المصرفية النقدية ‪،‬عقد يسلم شخص‪ -‬طبيعي أو معنوي‪ – 4‬بمقتضاه مبلغا معينا من النقود إلى بنك‬
‫يلتزم قبله برد مثله إليه عند الطلب أو وفقا للشروط‪ 4‬المتفق عليها بينهما ‪.‬‬

‫وقد عرف المشرع المصري‪ 4‬في قانون التجارة الجديدة وديعة النقود في المادة ‪301‬بأنها عقديخول البنك‬
‫ملكية النقود المودعة والتصرف فيها بما يتفق ونشاطه مع التزامه برد مثلها للمودع‪ 4‬طبقا لشروط‪ 4‬العقد ‪.‬‬

‫وتتميز الوديعة المصرفية النقدية بخاصتين أساسيتين ‪:‬‬

‫فمن ناحية ‪،‬تؤول ملكية المبالغ المسلمة إلى البنك إليه ‪،‬ويكون للبنك بوصفه مالكا لهذه المبالغ حرية‬
‫التصرف فيها واستعمالها‪ 4‬واستغاللها دون ما رقابة عليه من العميل المودع‪،‬واليعد‪ 4‬بالتالي إذا عجز عن‬
‫رد هذه المبالغ إلى المودع –عند طلبها – مرتكبا لجريمة خيانة األمانة‪.‬‬

‫ومن ناحية ثانية ‪،‬يحتفظ العميل المودع بحق التصرف‪ 4‬في المبالغ المودعة لدى البنك ‪:‬فيكون له ‪،‬في أي‬
‫وقت – أو وفق ظروف‪ 4‬اإليداع –استرداد‪ 4‬هذه المبالغ أو التصرف‪ 4‬فيها لصالح الغير ‪.‬‬

‫والجدال فيما تتسم به الوديعة النقدية بهذا المفهوم من مزاياسواء بالنسبة للبنك المودع لديه أوبالنسبة‬
‫للعميل المودع ‪،‬إذ يكون في مكنة البنك وقد‪ 4‬آلت إليه ملكية األموال المودعة لديه ‪،‬حرية التصرف‪ 4‬فيها‬
‫واستثمارها‪ 4‬بما يعود عليه بالربح أو الفائدة ‪،‬ولذلك فالودائع النقدية هي أهم مظاهر النشاط المصرفي‬
‫على اإلطالق بل هي نقطة اإلنطالق في عمليات اإلئتمان التي تباشرها‪ 4‬البنوك ‪،‬فهي تمثل المورد‪ 4‬األول‬
‫واألساس بالنسبة لها ‪،‬إذ تتجمع بفضلها لديها األموال الالزمة لتمويل عملياتها المختلفة وأوجه نشاطها‬
‫المتباينة ‪.‬‬

‫أما بالنسبة للعميل المودع ‪،‬ففضال عما يحققه له اإليداع من تأمين أمواله ضد مخاطر الضياع أو السرقة‬
‫أو التلف فهو ييسر له أمره ‪،‬بتمكينه من استخدام النقود المودعة في السحب منها لصالحه أو في الوفاء‬
‫للغير عن طريق الشيكات أو النقل المصرفي‪ 4‬بدالمن حمل النقود واإلنتقال بها ‪،‬يضاف‪ 4‬إلى ذلك‬
‫مايتحصل عليه العميل من فوائد‪ 4‬تختلف باختالف نوع الوديعة أوأجلها أومقدارها ‪.‬‬

‫ونظرا لمزاياها العديدة ‪،‬فقد أقرها العرب وتبنتهاالنظم المختلفة منذ أقدم العصور‪،‬وحرص المشرع في‬
‫قانون التجارة المصري الجديد على تنظيم أحكامها‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫الدكتور‪/‬رفعت فخري أبادير ‪،‬الوديعة المصرفية النقدية ‪،‬أستاذ القانون التجاري والبحري ‪،‬كلية الحقوق جامعة عين شمس ‪،‬ص ‪5،6‬‬

‫‪2‬‬
‫‪3‬‬
‫سبق لنا وعرفنا عقد الوديعة‪ ،‬ويتضح من التعريف‪ 4‬أن له عدة خصائص يتميز بها وتتمثل في‪:‬‬
‫أوال‪ :‬الوديعة عقد رضائي‬
‫الوديعة من العقود الرضائية‪ ،‬وليس عقدا عينيا‪ ،‬فلم يعد التسليم شرطا الزما النعقاد العقد‪ ،‬وبالتالي‬
‫فالوديعة تتم بمجرد اإليجاب والقبول فبمقتضاها يلتزم شخص أن يتسلم شيئا فالعقد يتم قبل تسليم الشئ‬
‫والتسلم هو التزام من التزامات المودع عنده بعد أن تنعقد الوديعة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الوديعة عقد ملزم لجانب واحد أو للجانبين‬


‫الوديعة متى كانت من غير مقابل‪ ،‬تكون من العقود الملزمة لجانب واحد ‪ ،unilatéral‬ألنها ال تلزم إال‬
‫المستودع بالمحافظة على الشئ ورده‪ ،‬أما المودع فال يكون ملزما بشئ‪.‬‬
‫غير انه قد تفق أن يكون المودع ملزما ببعض االلتزامات ال تغير من طبيعة العقد‪ ،‬ألنها من جهة ال‬
‫توجد وقت العقد بل تتولد بعده‪ ،‬والقاعدة انه ينظر‪ ،‬لمعرفة ما إذا كان العقد من العقود الملزمة للجانبين‬
‫أو من العقود الملزمة لجانب واحد‪ ،‬إلى ما يتولد عنها من االلتزامات وقت التعاقد‪ ،‬ومن جهة أخرى فان‬
‫هذه االلتزامات ال تكون مترتبة على نفس العقد‪ ،‬بل سبب آخر كما سيأتي‪ ،‬ويقول بعض الشراح‬
‫الفرنسيين أنها في هذه الحالة تكون من عقود المبادلة الناقصة ‪ ، synallagmatique imparfait‬ولكن‬
‫معظم الشراح ال يعترفن بهذا النوع من العقود‪ ،‬الن القانون الفرنسي قسم العقود إلى عقود ملزمة‬
‫للجانبين و عقود ملزمة لجانب واحد ‪ ،‬ولم يتكلم في عقود المبادلة الناقصة‪ ،‬ما إذا كانت الوديعة باجر أو‬
‫أجيز فيها للمستودع‪ 4‬أن يستعمل الوديعة فيصير العقد من العقود الملزمة للجانبين ‪synallagmatique‬؛‬
‫ثالثا‪ :‬الوديعة يتغلب فيها االعتبار الشخصي‬
‫وهذا االعتبار أبرز في شخص الوديع منه في شخص المودع‪ ،‬فعقد الوديعة من عقود األمانة والثقة‪ ،‬بل‬
‫هو قمة هذه العقود وعلى رأسها جميعا‪ ،‬فالمودع يبحث دائما عن شخصية من يودع عنده ماله فيتحرى‬
‫فيه صفات األمانة والصدق‪ 4‬والثقة‬
‫ويترتب على توافر االعتبار الشخصي في الوديعة‪ ،‬أن الوديعة تنتهي بموت المودع عنده‪ ،‬وأن المودع‬
‫عنده ليس له أن يحل شخصا‪ 4‬آخر محله في حفظ الوديعة‪ ،‬دون إذن صريح من المودع‪ ،‬أو كان مضطرا‪4‬‬
‫إلى ذلك بسبب ضرورة ملجئه ‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬االشتباه بالعارية‬
‫تشبه الوديعة عارية االستعمال من حيث أن كال منهما يلتزم طرفا‪ 4‬واحدا من المتعاقدين‪ ،‬وأن كال منهما‬
‫ال ينقل الملكية ويستوجب رد الشئ محل العقد عينا‪ ،‬ولكن العقدين يختلفان من الوجوه اآلتية‪:‬‬
‫أ‌‪ .‬يأخذ المستعير الشئ ليستعمله‪ ،‬أما المودع عنده فليس له حق االستعمال‪ ،‬على انه قد أجيز المودع‪4‬‬
‫للمودع عنده استعمال الوديعة‪ ،‬ولكن بهذا ال يعتبر العقد عارية؛‬
‫ب‌‪ .‬في الوديعة يقدم المودع عنده خدمة للمودع‪ ،‬ولكن في العارية يحصل المستعير‪ 4‬على منفعة من‬
‫المعير؛‬
‫ت‌‪ .‬للمودع الحق في أن يسترد‪ 4‬الشئ المودع قبل األجل المعين وهذا خالفا للمعير‪ ،‬فليس له الحق دائما؛‬
‫ث‌‪ .‬تصح الوديعة و لو بمقابل ولكن عارية االستعمال يجب أن تكون بال مقابل‬
‫ج‌‪ .‬مسئولية المودع عنده أخف من مسئولية المستعير‪ ،‬الن األول كما قلنا يقدم خدمة‪ ،‬بخالف الثاني فانه‬
‫يحصل على منفعة‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫األنترنت‬

‫‪3‬‬
‫‪4‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬مفهوم عقــــــــــــــــدالوديعة‬

‫عقد الوديعة من العقود المسماة التي تنظم معامالت األفراد‪ ،‬وقد نص عليه المشرع في القانون المدني‬
‫في الكتاب الثاني في الباب الثالث في فصله الرابع‪ ،‬وذلك من المادة ‪ 684‬وحتى المادة ‪ 694‬منه‪.‬‬

‫تعد عمليات إيداع النقود من أهم العمليات المصرفية بالنسبة للبنك على اإلطالق ‪،‬فهذه الوسيلة ‪،‬هي‬
‫وسيلة البنك األولى التي يستطيع من خاللها الحصول على مبالغ نقدية طائلة ‪،‬وذلك كي يتمكن من‬
‫ممارسة باقي‪ 4‬نشاطاته المصرفية‪،‬فالبنوك‪ 4‬تتملك هذه المبالغ بمجرد تسلمها من عمالئها وتتصرف‪ 4‬بها في‬
‫كافة أوجه النشاط المصرفي ‪،‬وهي التلتزم‪ 4‬بردها بذاتها ‪،‬وإنما تلتزم برد مايعادلها – كما سنرى –‬

‫عندالطلب أو عند حلول أجلها ‪،‬حيث يكون للبنك في هذه األثناء حرية التصرف بهذه األموال ‪،‬بشكل‬
‫يستطيع معه خصم األوراق التجارية مثال أومنح القروض بفوائد وغيرها من النشاطات المصرفية ‪.‬‬

‫انطالقا من هذه األهمية الكبرى للمبالغ المودعة ‪،‬فإن البنوك تسعى إلجتذاب الودائع المصرفية من‬
‫عمالئها ‪،‬األمر الذي يجعلها تتسابق في خلق عوامل الجذب لــــــــــهذه الودائع ولهؤالء العمالء ‪،‬فمنها‬
‫من يمنح فوائد‪ 4‬للعميل حتى في حالة الودائع التي تستحق‪ 4‬عند الطلب ‪،‬ومنها من يعلن عن سحب يانصيب‬
‫دوري يدخل فيه أصحاب الودائع التـــــــــي تبلغ حدا معينا ‪،‬أو التي توضع‪ 4‬ألجل ‪.‬‬

‫ونظرا لهذه األهمية الكبرى للودائع المصرفية ‪،‬ونظرا لما تثيره عملية اإليداع من إشكاليات فإننا في هذا‬
‫الفصل التمهيدي سنبحث في تعريف‪ 4‬عملية اإليداع المصرفــي‪ 4‬ومن ثم سندرس تعريف الوديعة‬
‫المصرفية النقدية وبيان صورها‪. 4‬‬

‫‪4‬‬
‫رسالة ماجيستيرفي الحقوق ‪،‬الطالب أشرف الفار ‪،‬الطبيعة القانونية لعقد الوديعة المصرفية النقدية وآثاره‪،‬كلية الدراسات العليا في جامعة بير زيت‬
‫–فلسطين نوقشت بتاريخ ‪23/09/2002‬‬

‫‪4‬‬
‫‪5‬‬
‫المطلب األول ‪:‬تعريف عقد الوديعة‬
‫تعريف الودائع يرغب األفراد أحيانا ‪،‬العتبارات مختلفة ‪،‬في تفضيل عدم اإلحتفاظ بالنقود‬
‫لديهم ‪.‬ويبحثون عن أحسن الصيغ للحفاظ عليها ‪.‬وتطرح البنوك واحدة من هذه الصيغ ‪،‬وهي إتاحة‬
‫الفرصة لألفراد من أجل االحتفاظ بالنقود لديها ‪.‬وعلى هذا األساس ‪،‬يمكن تعريف الوديعة على أنها تمثل‬
‫كل ما يقوم األفراد أو الهيئات بوضعه في البنوك بصفة مؤقتة قصيرة أو طويلة على سبيل الحفظ أو‬
‫التوظيف ‪.‬وتتجسد‪ 4‬هذه الودائع في غالب األحيان في شكل نقود قانونية ‪،‬على الرغم من أنها يمكن أن‬
‫تأخذ أحيانا أشكاالأخرى‪. 4‬‬

‫ومنه فإن البعد الزمني في الوديعة مهم للغاية ‪.‬حيث يوجد‪ 4‬فاصل‪ 4‬زمني‪ 4‬بين لحظة اإليداع ولحظة السحب‬
‫‪.‬وهذا الفاصل الزمني له أهمية خاصة من عدة جوانب ‪.‬فهو يسمح بتحديد مردودية الوديعة بالنسبة‬
‫للمودع ‪.‬كما أن هذا الفاصل الزمني يعتبر حاسما من الناحية اإلقتصادية بالنسبة للبنك ‪،‬إذ على أساسه‬
‫يمكن تقدير مدى التوظيفات الالزمة لهذه األموال ‪.‬‬

‫ومن جهة أخرى ‪،‬فإن الوديعة ال تعني تحويال للملكية ‪،‬أي ملكية النقود ‪.‬فهــــــي دائما ملك‬
‫لصاحبها ‪،‬تخلى عن التصرف‪ 4‬فيها بصفة مؤقتة ‪.‬وقد نقل حق التصرف فيها ‪،‬ولكن بشكل مؤقت‬
‫أيضا ‪،‬إلى البنك ‪.‬فهذا األخير من حقه استعمال هذه الودائع ‪،‬ولكن في الحدود‪ 4‬التي تسمح له بها عمليات‬
‫السحب المحتملة من طرف أصحابها ‪.6‬‬

‫إن المقصود بعملية اإليداع المصرفي ‪،‬هي أي نقود أو أموال منقولة يدخلها العميل في حسابه أو يقوم‬
‫الغير بإدخالها‪ 4‬لحسابه وسواء تم ذلك باإليداع مباشرة للبنك أو بالوسائل‪ 4‬غير المباشرة كالشيكات‬
‫والحواالت المصرفية وغيرها من الوسائل‪، 4‬وعلى هذا الحال فإن أي نقود أو أموال منقولة تدخل في‬
‫حساب العميل هي وديعة مصرفية فعملية اإليداع المصرفي هي اإلطار العام للوديعة المصرفية النقدية‬
‫وال تتعدى الوديعة المصرفية لما لها من أهمية أن تكون إحدى صورها ‪.‬‬

‫ويرى القاضي أنطوان الناشف وخليل الهندي في مؤلفهما العمليات المصرفية والسوق‪ 4‬المالية أن عقد‬
‫اإليداع هو عقد ثنائي على األقل ‪،‬ويمكن أن يتعدى اإلثنين كما في حالة الحساب المشترك ‪،‬وصورة هذا‬
‫العقد األبسط هي أن يحمل شخص وهو غالبا المودع ‪،‬ماال‪،‬أوأشياء منقولة يسلمها إلى متعاقد مقابل هو‬
‫المودع لديه ‪،‬وهو غالبا بنك ‪،‬وبشروط‪ 4‬يمكن اإلتفاق عليها ‪،‬وأما المودع لديه فهو‪ 4‬مثل المودع ‪،‬اليسعه‬
‫قبول الوديعة إال إذا كان أهال لإللتزام ‪،‬وهو غير ملزم بالتثبت من ملكية المودع للوديعة ويكفي أن يكون‬
‫حائزا للمال أوالشيء وقت إيداعه ‪،‬وإذا كان المودع لديه مسؤوال عن رد الوديعة بذاتها في‬
‫األشياء ‪،‬فالمصرف أيضا ملزم برد الودائع بعينها التي هي في صناديقه ‪،‬وأما النقود التي يجوز‪ 4‬التداول‬
‫بها فالمصرف المودع لديه له الحق في استخدام الوديعة عينها وإعادة مثلها عندما يطلب المودع ذلك أو‬
‫عند حلول أجلها ‪.‬‬

‫وهذه هي الصورة العامة لعقد اإليداع ‪،‬فالمودع يستطيع إيداع األشياء والنقود لدى المودع لديه ‪،‬بحيث‬
‫يأخذ كل مايكون للمودع حكم الوديعة ‪،‬ومثال ذلك إيداع األوراق المالية كالكمبياالت والشيكات أو إيداع‬
‫النقود ‪،‬ولعل مايهمنا في هذا البحث هو إيداع النقود ‪،‬فيما يعرف اصطالحا بالوديعة المصرفية النقدية ‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫نفس المرجع‬
‫‪6‬‬
‫الدكتور عبد الحق لعميري أستاذ محاضر بالمدرسة العليا للتجارة ومدير المعهد الدولي للتسيير‪،‬تقنيات‪ 4‬البنوك ‪،‬ديوان المطبوعات‬
‫الجامعية ‪،‬الطبعة السابعة ‪،‬ص ‪25‬‬

‫‪5‬‬
‫الفرع األول‪ :‬المقصود بعقد الوديعة‬
‫سوف نتطرق‪ 4‬في هذا الفرع إلى المقصود بعقد الوديعة لغة (أوال)‪ ،‬اصطالحا (ثانيا)‪ ،‬قانونا (ثالثا)‬
‫الوديعة في اللغة مأخوذة من ودع الشيء‪ ،‬بمعنى‪ :‬يدعه ودعا‪ :‬تركه‪ ،‬ودع فالنا الشيء‪ :‬دفعه إليه ليكون‬
‫عنده وديعة‪ ،‬والوديعة أيضا هي ما يودع أي يترك من مال وغيره لدى من يحفظه ليرده إلى مودعه متى‬
‫تطلبه‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫ويسمى الشيء الذي يدعه اإلنسان عند غيره ليحفظه له بالوديعة‪ ،‬فيقال‪" :‬أودعته ماال أي دفعته إليه‬
‫ليكون وديعة عنده‪.‬‬

‫وتعد الوديعة كل ما استودع‪ ،‬وهي واحدة الودائع‪ ،‬يقال أودعه ماال أي دفعه إليه ليكون وديعة عنده‪،‬‬
‫وأودعه ماال أيضا‪ :‬قبله منه‪ ،‬وهو من األضداد‪ ،‬ويقال أودعت زيدا ماال واستودعته إياه إذا دفعته إليه‬
‫ليكون عنده‪ ،‬فأنا مودع ومستودع‪ ،‬وزيد مودع ومستودع‪ ،‬والمال أو الشيء أيضا مودع ومستودع‪ 4،‬أي‬
‫الوديعة‬

‫التعريف اإلصطالحي ‪:‬‬


‫الوديعة في االصطالح هي الشيء الموضوع عند الغير‪ ،‬فعند المالكية فالوديعة لها تعريفان احدهما‪:‬‬
‫بمعنى المصدر وهو اإليداع‪ ،‬ألنه عبارة عن نقل مجرد حفظ الشيء المملوك الذي يصح نقله إلى الوديع‬
‫بدون تصرف‪ 4‬من هذا األخير‪ ،‬ثانيهما‪ :‬بمعنى الشيء المودَع فهي عبارة عن شيء مملوك ينقل مجرد‬

‫‪7‬‬
‫حفظه إلى المودَع فالشيء المملوك هو المودع ‪.‬‬
‫أما الوديعة عند الحنفية جاءت بمعنى اإليداع‪ ،‬وهي عبارة عن أن يسلط شخص غيره على حفظ ماله‪،‬‬
‫صريحا أو داللة‪.‬‬
‫فالوديعة بمعنى الشيء المودع هي كل ما يترك عند األمين لحفظه‪ ،‬والوديعة غير األمانة هي اسم لكل‬
‫شيء غير مضمون‪ ،‬فيشمل جميع الصور‪ 4‬التي ال ضمان فيها كالعارية‪ ،‬أما الوديعة فهي اسم لخصوص‬
‫ما يترك عند األمين باإليجاب والقبول‪ ،‬سواء كان القبول صريحا أو داللة‪.‬‬
‫أما بخصوص الوديعة عند الشافعية‪ ،‬فهي بمعنى اإليداع وهي العقد المقتضى لحفظ الشيء المودع‪،‬‬
‫فتطلق شرعا على العين المودعة ولكن إطالقها‪ 4‬على العقد معنى شرعي فقط‪ ،‬أما إطالقها‪ 4‬على العين فهو‬
‫شرعي ولغوي‪ 4‬أيضا‬

‫عرفت التشريعات والشروحات الفقهية المختلفة عقد الوديعة المصرفية النقدية تعريفات متعددة ‪،‬لما لهذه‬
‫التعريفات المختلفة من عيوب وميزات ‪،‬األمر الذي يحتم علينا في هذا البحث دراسة هذه التعريفات‬
‫المختلفة ‪،‬فالبعض يعرف عقد الوديعة المصرفية النقدية بأنه "العقد الذي يتم بين العميل المودع من جانب‬
‫والبنك المودع لديه من جانب آخر‪،‬وفيه يدفع العميل مبلغا نقديا لدى البنك ‪،‬ويترتب على هذا العقد الذي‬
‫يخول البنك ملكية النقود المودعة ويتصرف فيها بما يتفق مع نشاطه المهني ‪،‬التزام البنك المودع لديه‬
‫برد مبلغ الوديعة المصرفية النقدية إلى العميل المودع في الميعاد المحددحسب‪ 4‬اإلتفاق والذي قد يكون‬
‫عند الطلب ‪،‬أو بعد أجل معين أو التي ترد بشرط إخطار سابق ‪،‬ويكون رد البنك بذات العملةالتي تم‬
‫اإليداع بهامالم‪ 4‬يتفق على خالف ذلك "‪.‬‬

‫وعرفه البعض اآلخر بأنه "العقد الذي بموجبه يستودع مصرف‪ 4‬نقودا تنتقل ملكيتها إليه ويلتزم برد مثلها‬
‫إلى المودع "‪.‬‬

‫كما عرف البعض اآلخر الوديعة المصرفية النقدية بأنها "النقود التي يعـــــــــهد بها األفراد أو الهيئات‬
‫إلى البنك على أن يتعهد األخير بردها أو برد مبلغ مساو لها‪،‬إليهم أو إلى شخص آخر معين ‪،‬لدى الطلب‬
‫أو بالشروط المتفق عليها "‪.‬‬

‫وعرف جانب آخر من الفقه العقد المذكور‪" 4‬عقد بمقتضاه يسلم العميل مبلغا معينا من النقود إلى البنك‬
‫الذي يلتزم برد قيمته دفعة واحدة ‪،‬أو على دفعات عند الطلب ‪،‬أو عند حلول األجل المتفق عليه إلى‬
‫العميل ذاته ‪،‬أو إلى شخص آخريعينه العميل "‪.‬‬

‫ويالحظ أن معظم الشروحات الفقهية قد فرقت بين عقد الوديعة المصرفية وعقدالوديعة المصرفية‬
‫النقدية ‪،‬فاعتبرت األول اإلطار‪ 4‬العام لعقد الوديعة بحيث يعني األول –عقد الوديعة المصرفية أو عقد‬
‫اإليداع المصرفي – إيداع النقود واألموال المنقولة بشكل عام ‪.‬ويقتصر الثاني –عقد الوديعة المصرفية‬
‫النقدية –على إيداع النقود فقط ‪،‬وإننا في هذا البحث سنقتصر‪ 4‬على دراسة عقد الوديعة المصرفية النقدية‬
‫باعتبارها من صور‪ 4‬الوديعة المصرفية العامة ‪.‬‬

‫التعريف التشريعي ‪:‬القانون المدني والتجاري‬


‫حسب المادة ‪ 590‬من القانون المدني الجزائري‪" 4‬الوديعة عقد يسلم بمقتضاه المودع‪ 4‬شيئا منقوال إلى‬
‫المودع لديه على أن يحافظ عليه لمدة و على أن يرده عينا "‪.‬‬
‫وبالتالي فالوديعة عقد رضائي يلتزم بمقتضاه شخص أن يتسلم شيئا‪ ،‬منقوال أو عقارا لحفظه ثم رده عينا‪،‬‬
‫‪8‬‬
‫ويسمى من يسلم الشيء مودعا والذي يتسلمه مودعا عنده أو مودعا لديه أو وديعا ويسمى‪ 4‬الشيء المودع‬
‫وديعة‪ ،‬ويجب أن يكون حفظ الشيء ورده هما الغرض األساسي للمتعاقدين إذ أن االلتزام بالحفظ والرد‬
‫قد يوجد‪ 4‬في عقود أخرى غير الوديعة دون أن يكون هو الغرض األساسي‪ 4‬من التعاقد‪ ،‬فالمستعير يلتزم‬
‫بحفظ الشيء المعار والمستأجر يلتزم بحفظ العين المؤجرة والوكيل يلتزم بحفظ أموال الوكيل‪...‬‬

‫وهكذا فليست هذه ودائع ألن الغرض األساسي منها ليس هو حفظ الشيء إنما هو االنتفاع بالنسبة للعارية‬
‫واإليجار‪ ،‬والقيام بعمل بالنسبة للوكالة‪ ،‬ويشترط أيضا كذلك لقيام الوديعة أن يوجد التزام صريح أو‬
‫ضمني لدى المودع عنده بحفظ الشيء فال يكفي اإليداع‪ ،‬فأمتعة الخادم لدى مخدومة أو العامل لدى رب‬
‫العمل ليست وديعة النتفاء التزام المخدوم أو رب العمل بحفظ هذه األمتعة‪ ،‬وقد يتوفر هذا االلتزام ضمنيا‬
‫كرب العمل يخصص مكانا لألشياء الخاصة بالعمال ليتركونها‪ 4‬به قبل دخولهم للعمل ومن ثم يلتزم رب‬
‫العمل بحفظ هذه األشياء ويكون مودعا عنده‪ ،‬وتسلم الشئ ليس ركنا في الوديعة إنما هو التزام واألصل‬
‫في الوديعة أنها بغير اجر و لكن يجوز اشتراط األجر‪ ،‬ويرى محمد علي عرفة أن الوديعة عقد عيني ال‬
‫تتم إال بالتسليم‪ 4‬إذ أن االلتزام األساسي‪ 4‬فيها هو حفظ الشئ ال يتصور‪ 4‬أن يلتزم إنسان بحفظ الشئ ولم‬
‫‪7‬‬
‫يتسلمه بعد ‪.‬‬

‫وعرف القانون التجاري المصري الجديد رقم (‪)17‬لسنة ‪1999‬م في المادة (‪)3،1‬منه الوديعة‬
‫المصرفية النقدية على النحو التالي "‪ ‬وديعة النقود عقد يخول البنك ملكية النقود المودعة والتصرف‪ 4‬فيها‬
‫بما يتفق ونشاطه ‪،‬مع التزامه برد مثلها للمودع طبقا لشروط‪ 4‬العقد "‪.‬‬

‫ويالحظ أن جميع التعريفات التي سبق بيانها جاءت بأحكام عامة وموحدة فيما يتعلق بالوديعة المصرفية‬
‫‪8‬‬
‫النقدية ‪،‬ولو حاولنا اشتقاق هذه األحكام لوجدنا أنها على النحو التالي‪:‬‬

‫‪-1‬عقد يسلم بموجبه شخص إلى بنك مبلغا محددا من النقود ‪.‬‬

‫‪ -2‬بمجرد تسلم البنك النقود المودعة يصبح البنك مالكا لهذه النقود المودعة ‪.‬‬

‫‪ -3‬أن النتيجة المترتبة على كون البنك قد أصبح مالكا لهذه النقودأن يكون له مطلق الحق في التصرف‪4‬‬
‫فيها كامل التصرفات‪ 4‬القانونية ‪.‬‬

‫‪ -4‬على البنك أن يرد مايماثل هذه النقود من حيث المقدار ‪.‬‬

‫‪ -5‬ويتم رد الوديعة عند الطلب‪،‬أوضمن المهل والشروط المتفق عليها في العقد ‪.‬‬

‫من هنا يمكن القول بأن الوديعة المصرفية النقدية هي النقود التي تكون للعمالء لدى البنك سواء تسلمها‬
‫البنك من العميل مباشرة عن طريق عقد إيداع ‪،‬أم تلقاها عن طريق‪ 4‬عملية أخرى في حساب العميل‬
‫كتحصيل ورقة تجارية أو تحويل مصرفي ‪،‬فكل ما يدخل في حساب العميل من مبالغ نقدية يأخذ حكم‬
‫الوديعة المصرفية النقدية ‪،‬وبخالف الوديعة العادية فإن الوديعة النقدية ترد على نقود تدخل في ذمة‬
‫البنك ويكون له حرية استخدامها في نشاطه على أن يرد ما يعادلها طبقا لإلتفاق‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫األنترنت‬
‫‪8‬‬
‫رسالة ماجستير ‪،‬الطالب أشرف الغار ‪،‬ص ‪ ،27‬مرجع سبق ذكره‬

‫‪9‬‬
‫‪9‬‬
‫الفـــــــــــــرع الثاني‪:‬تمييزـ عقــــــــــد الوديعة عن غيره من العقود‬
‫يتميز عقد الوديعة عن عدة عقود مشابهة له‪ ،‬وهذا ما سنتطرق إليه من خالل هذا الفرع‪.‬‬
‫أوال‪ :‬الوديعة والبيع‬
‫قد تشتبه الوديعة والبيع فيما يسمى بعقد المحاسبة‪ ،‬كأن يودع تاجر الجملة مجوهرات أو كتب أو بضائع‬
‫عند تاجر التجزئة ليبيعها‪ ،‬على أن يرد ثمنها بسعر معين إذا باعها أو‬
‫يردها هي بذاتها إذا لم يتمكن من بيعها‪ ،‬فإذا بيعت جاز اعتبار العقد وكالة مأجورة‪ ،‬أو جاز اعتباره بيعا‬
‫من تاجر الجملة إلى تاجر التجزئة بالسعر‪ 4‬المعين وهو بيع معلق على شرط واقف‪ 4‬هو أن يتمكن تاجر‬
‫التجزئة من بيع البضاعة بالثمن الذي يحدده والفرق بين هذا الثمن والسعر المبين هو مكسب تاجر‬
‫‪9‬‬
‫األنترنات‬

‫‪10‬‬
‫التجزئة‪ ،‬وتكييف العقد يتوقف غلى نية المتعاقدين‪ ،‬التي تكشف عنها ظروف‪ 4‬الدعوى‪ ،‬أما إذا لم يقم تاجر‬
‫التجزئة ببيع البضاعة وردها‪ 4‬بعينها إلى صاحبها‪ ،‬جاز اعتبار العقد وديعة‪ ،‬وتكون وديعة معلقة على‬
‫شرط فاسخ هو البيع ‪.‬‬
‫غير أنه إذا اشترط في عقد البيع أن الملكية في المبيع تبقى للبائع حتى يجربه المشتري فإن وجود‪ 4‬المبيع‬
‫عند المشتري في فترة التجربة إنما يكون على سبيل الوديعة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الوديعة واإليجار‬
‫تختلف الوديعة عن اإليجار في أن المودع‪ 4‬عنده ال ينتفع بالعين المودعة أما المستأجر‪ 4‬فينتفع بالعين‬
‫المؤجرة ويدفع‪ 4‬أجرة في مقابل هذا االنتفاع‪ ،‬وقد يقع لبس بين العقدين في أحوال أبرزها التعاقد مع‬
‫مصرف على تخصيص خزانة إليداع األشياء الثمينة بها (‪ ، )location des coffres forts‬وقد رجح‬
‫أخيرا الرأي الذي يذهب إلى أن العقد ليس إيجارا وإنما هو وديعة‪ ،‬وهو من عقود الحفظ المهنية (‬
‫‪ )contrat de garde‬حيث يتخذ الشخص الوديعة المأجورة حرفة له‪ ،‬كالمصرف‪ 4‬بالنسبة إلى الخزانة‪،‬‬
‫وكصاحب الجراج العام بالنسبة إلى السيارات التي تودع عنده ‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬الوديعة وعارية االستعمال‬
‫تتشابه الوديع وعارية االستعمال في أن كال من لمودع عنده والمستعير‪ 4‬يتسلم شيئا للغير يحفظه عنده‬
‫ويرده إليه عند نهاية العقد‪ ،‬إال أنهما يختلفان في أن تسليم الشيء في العارية يكون بقصد منفعة للمستعير‬
‫وهو استعمال الشيء‪ ،‬فالغرض األساسي‪ 4‬من العارية هو استعمال الشيء ال لحفظه كالوديعة‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬الوديعة والمقاولة‬
‫تشتبه الوديعة المأجورة بالمقاولة إذ المودع عنده يقوم بعمل لمصلحة الغير هو حفظ الشيء لقاء أجر‬
‫معلوم فهو مأجور في عمله كالمقاول والعامل‪ ،‬ولكن المودع عنده ليس مضاربا‪ 4‬وال يبغى الكسب من‬
‫وراء األجر‪ ،‬إال أن هناك من الودائع ما يقرب المقاولة إلى حد بعيد‪ ،‬كعقود الحفظ المهنية إذ يتخذ‬
‫الشخص الوديعة المأجورة حرفة له فيكون في هذه الحالة مضاربا‪ 4‬يبغى الكسب‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬الوديعة والوكالة‬
‫يغلب أن يقع في يد الوكيل أموال أو أشياء مملوكة للموكل‪ ،‬فإن هذه األموال واألشياء‪ 4‬الموجودة في يد‬
‫الوكيل هي لتنفيذ الوكالة ولم يتسلمها لحفظها‪ ،‬ومن ثم ال تكون هناك وديعة مقترنة بالوكالة‪.‬‬
‫إال أنه قد تقترن الوديعة بالوكالة‪ ،‬كما إذا أودع شخص ماالً عند آخر لحفظه‪ ،‬ووكله في الوقت ذاته بأن‬
‫يدفع هذا المال بعد مدة معينة لدائن له يستوفي‪ 4‬منه حقه‪.‬‬

‫‪11‬‬
12

You might also like