You are on page 1of 15

‫املحاضرة ‪1‬‬

‫تسيير التهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيئة والتسيير العمراني‬

‫ماستر ‪2‬‬

‫د‪ /‬بوعافية عبد الرزاق‬


‫مقدم ـ ـ ـ ـ ـ ــة‬

‫شاع استخدام التهيئة او مفهومها في العديد من حقول املعرفة كالجغرافيا‪ ،‬الاقتصاد‪ ،‬والتخطيط إلاقليمي‬
‫وجميع فروع الهندسة وغيرها من الحقول ذات الصلة‪.‬‬

‫معنى ذلك أن‬

‫أن هناك اختالف بين املختصين في فروع املعرفة من جغرافيين‪ ،‬واقتصاديين‪ ،‬سياسيين واجتماعيين من اجل‬
‫تحديد معنى (التهيئة)‪ ،‬هذا الاختالف نتج بسبب تباين وجهات النظر لكل منهم‪ ،‬التي هي في الحقيقة انعكاس‬
‫لتصوراتهم مما تنعكس في ألاخير على منهجية حقل الاختصاص وأهدافه‪.‬‬

‫هذا الاختالف انحصر في‬


‫مسألتين‬
‫‪ -‬ألاولى‪ :‬هي الاختالف في النظرة إلى التهيئة ا وفي طبيعة ألاسس أو املعايير املعتمدة في تحديدها‪.‬‬
‫‪ -‬الثانية‪ :‬هي الخصوصية املكانية أو الخصائص الجغرافية التي تلعب دورا هاما في تحديد مفهوم واضح‬
‫للتهيئة ( على سبيل املثال الخصوصية املحلية والوطنية والعاملية تقدم لنا مفاهيم متعددة لإلقليم) والسبب‬
‫يرجع لعدم وجود تشابه في املشاكل والامكانيات املتاحة بين ألاقاليم‪.‬‬

‫من هذا املنطلق‬

‫فإن التهيئة هي التغيير في عالقات القوى‪ ،‬وبالتالي في التصور ومحاولة‬


‫تكييف الهيئات الاجتماعية‪ ،‬الاقتصادية والثقافية مع تطورات‬
‫ألاوضاع الجديدة واملستقبلية‬
‫تعريف التهيئة ا‪:‬‬

‫‪ -‬التهيئة لغتا‪ :‬مشتقة من هيىء وهي تعني حضر وجهز‪ ،‬دب‪ ،‬وضع رمم‪ ،‬وهي توحي باإلعداد‪ ،‬التخطيط‬
‫تستخدم عدة مصطلحات مماثلة ملصطلح التهيئة إلاقليمية‪ ،‬منها التهيئة املجالية‪ ،‬تنظيم املجال‪.‬‬

‫إن مصطلح التهيئة يعني هيىء الش يء بمعنى أعده وتعني كذلك تدخل الانسان على املجال من أجل‬
‫تهيئته‪ ،‬والتهيئة كما جاء في معجم املصطلحات الجغرافية للدكتور يوسف التوني‪:‬‬
‫( بأن التهيئة هو تنظيم خاص تسترشد به الدولة في تنظيم العالقة بين أقاليمها املتباينة لتحقيق تكافئ الفرص‬
‫لكل إقليم وإبراز امكانياته الجغرافية الكامنة ودعم شخصيته املحلية أو إعادة التوازن بين ألاقاليم املختلفة‬
‫داخل الدولة)‪.‬‬

‫‪ -‬تعرف التهيئة كذلك أنها عملية تراكمية تقوم على تجارب وخبرات مستمرة وعلى ممارسة عملية‬
‫ميدانية‪.‬‬
‫تعاريف أخرى للتهيئة‪.‬‬

‫تعريف (قيلر)‪ :‬هي قيادة وتوجيه كافة الفعليات ومجهودات النمو والتغير في إقليم ما والتحسن املستمر في‬
‫مستوى حياة ألافراد املادية وغير املادية نحو تقليص التفاوت الاجتماعي واشراك الناس في ذلك‪.‬‬
‫تعريف (لوقن)‪ :‬هي أسلوب تخطيط تنموي ينصب الاهتمام به على إقليم معين بهدف تحقيق التوزيع‬
‫العادل ملكاسب التنمية الاقتصادية واشباع الحاجات ألاساسية للسكان‪ ،‬وتفعيل دورهم في عملية‬
‫التنمية‪ ،‬وتعزيز اعتمادهم على الذات ورفع مستوى معيشتهم وصيانة البيئة‪.‬‬
‫تعريف (بير قورج)‪ :‬عرفها في قاموسه (أنها عبارة عن عمل مخطط لتنظيم إلاقليم)‪.‬‬
‫فالتهيئة إلاقليمية ‪ :‬هي عملية تنظيم للمظاهر الجغرافية والبشرية والاقتصادية على املستوى إلاقليمي‬
‫بوضع خطة ومعايير تأخذ بعين الاعتبار الظروف الطبيعية واملوارد البشرية والاقتصادية‪.‬‬
‫اذن فالتهيئة ا ليست فقط استراتيجية كما أنها ليست برامج عمل إقليمية‪ ،‬بل هي أيضا مشاريع عمومية‬
‫وخاصة ميدانية‪ ،‬مطبقة‪ ،‬تتطلب املهارة واملوارد البشرية املكونة من أجل تركيب وترقية املشاريع‪ ،‬وهذا هو‬
‫دور الهندسة إلاقليمية‪.‬‬
‫وبشكل عام يمكن تعريف التهيئة بأنها‪:‬‬
‫( دراسة املوارد البشرية والطبيعية املستغلة وغير املستغلة في منطقة محدودة من ألارض وتتميز بميزات‬
‫خاصة‪ ،‬تواجه مشاكل متميزة بهدف معرفة إمكانيات هذا إلاقليم الستثمارها في النهوض باإلقليم والارتقاء‬
‫به وبسكانه لتحقيق أهداف خاصة ومحددة)‪.‬‬
‫نشأة التهيئة‬

‫ظهرت التهيئة ا العام ‪1930‬م في ظل الظروف الاقتصادية التي شهدها العالم خاصة بعد الازمة‬
‫العاملية الاقتصادية العام ‪ 1929‬م حيث شهدت هذه الفترة وجود مشكل التباين التنموي خاصة في‬
‫املناطق الريفية والحضرية بعد ثورة صناعية حولت دوال كثيرة من اقتصاد ذو طابع زراعي إلى اقتصاد ذو‬
‫طابع صناعي‪.‬‬
‫إذن بسبب ألازمة الاقتصادية لسنة ‪ 1929‬البداية ألاولى لظهور فكرة التأثير على توطين ألانشطة‬
‫الاقتصادية والاجتماعية وذلك ببروز فكرة توزيع ألانشطة وألاشخاص في املجال ‪ ،‬بعد مالحظة الفوارق‬
‫املجالية الخطيرة في بعض الدول املتقدمة ‪ .‬كما أن التطور الاقتصادي الغير املتوازن على املستوى املجالي‬
‫عامال وعنصرا أساسيا في ظهور الوعي بضرورة التدخل إلاداري للدولة للتأثير على التوزيع الترابي للنمو‬
‫الاقتصادي‪.‬‬
‫وتعود أولى العمليات في هذا املجال إلى سنة ‪ 1933‬بأمريكا وذلك بعد إنشاء جهاز فيدرالي غير ممركز‬
‫يهتم بإعادة الانطالقة الاقتصادية ملنطقة الجنوب الشرقي للواليات املتحدة ألامريكية‬
‫نفس الش يء لبريطانيا حيث تدخلت الحكومة املركزية ملواجهة التفاوت الصناعي والحد من الفرق في‬
‫التنمية بين مدن الشمال الفقيرة والجنوبية الغنية‪.‬‬
‫عالوة على اشتغال الحكومة بإعادة إحياء املدن املتضررة من ألازمة الاقتصادية لسنة ‪ 1929‬حيث ثم‬
‫إصدار تقريرا سنة ‪ 1939‬يغطي املواضيع ألاساسية لتنظيم املجال يحل بالخصوص املشاكل التي طرحتها‬
‫تهيئة التجمعات الحضرية وقد اعتبرت العمليات التي أقدمت عليها أمريكا وبريطانيا أولى عمليات التنمية‬
‫الجهوية وإعداد املجال ‪ .‬ولهذا فالجدير بالذكر انه يستعمل مصطلح "إعداد التراب" بل يستعمل مصطلح‬
‫" السياسة الجهوية"‬
‫هذا وقد تولدت عن التطورات السياسية في غرب أوروبا بعد الحرب العاملية الثانية عدة تشكيالت‬
‫جغرافية اقتصادية وسياسية كالنظام الفدرالي وإلاقليمية للحد من الهيمنة املركزية في اتخاذ القرار‬
‫وتجسيد الالمركزية والديمقراطية واشراك القاعدة في مهمة التنمية والتكفل بمشاكل السكان على‬
‫املستوى إلاقليمي واملحلي‪.‬‬
‫ومن هذا املنطلق ظهرت فكرة تقسيم التراب الوطني في فرنسا إلى أقاليم جغرافية اقتصادية إليجاد‬
‫وسيط بين قمة الهرم إلاداري في الدولة املتمثل في املستوى الوطني والعمالة والبلدية كوحدات إدارية‬
‫تقليدية على املستوى املحلي إلى نظام ألاقاليم الذي يحل محل الدولة على املستوى إلاقليمي في مجال‬
‫التهيئة القطرية‪.‬‬
‫أما إلاقليم الجغرافي ‪/‬الاقتصادي املحتوى لعدة واليات فقد أصبح وسيلة أساسية في مجال تهيئة التراب‬
‫الوطني حيث أصبح يعتمد على مجلس استشاري منتخب يقوم هذا املجلس بوضع مخطط التهيئة على‬
‫املستوى إلاقليمي ويراقب تنفيذ مشاريعه إلى جانب مجلس تنفيذي يرأسه والي إلاقليم املعين من طرف‬
‫الدولة ويتكون من رؤساء املصالح الحكومية الذين يراعون في هذه املخططات إلاقليمية املقدمة‬
‫الانسجام والتطابق مع الخطة الوطنية لتهيئة التراب الوطني‪.‬‬
‫دوافع التهيئة‬
‫ظهور مشكلة الفوارق إلاقليمية‪ ،‬بسبب عدم الاهتمام باألبعاد املكانية في خطط التنمية الاقتصادية‬
‫والاجتماعية‪.‬‬

‫وجود هيمنة حضرية بحيث تحولت ألاقاليم املتقدمة إلى مناطق جذب تتكدس بها رؤوس ألاموال والعمالة‬
‫والسكان على حساب ألاقاليم ألاقل تطورا‪.‬‬

‫وجود حدة في الفوارق بين ألاقاليم الحضرية والريفية بسبب الهجرة السكانية من ألاقاليم الفقيرة إلى ألاقاليم‬
‫الغنية‪.‬‬

‫التوسع العمراني السريع غير املوجه كان من بين الدوافع الى ظهور التهيئة إلاقليمية وهو ما استدعى الدول إلى‬
‫اعتماد خطط التهيئة إلاقليمية كوسائل لتوجيه النمو الحضري والعمراني‪.‬‬
‫أهداف التهيئة‬

‫توسيع املدن وتوجيهها‪ ،‬لتحقيق ال مركزية ألانشطة والسكن‪ ،‬وتساعد على فك الاختناق املضروب على‬ ‫‪-‬‬
‫املدن‪.‬‬
‫تحقيق التنظيم املجالي‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫تحقيق التنمية ورفع مستوى املعيشة ووضع سياسة التعليم والتشغيل والتكفل بكل الاحتياجات‬ ‫‪-‬‬
‫الاجتماعية للمجتمع ورفع التحدي في ميدان تحسين ظروف املعيشة والخدمات الصحية والتعليمية‬
‫لكل فئات املجتمع‪.‬‬
‫معالجات الاختالالت والفوارق املجالية والتصدي ملختلف التحديات التي كانت بطبيعة الحال أكثر‬ ‫‪-‬‬
‫بكثير من إمكانيات الدول‪.‬‬
‫مواكبة قاطرة التنمية وعدم تفويتها واحداث تحوالت بنيوية في العمران هيكال ومجاال وإعادة التوازن‬ ‫‪-‬‬
‫بين املناطق التي شكلت مناطق لالستغالل املكثف وتمركز للسكان وبين باقي املناطق‪.‬‬
‫تهيئة املجال ككل وضمان الانسجام بين الانسجة القائمة والنمو الجديد والحد من النمو العشوائي‬ ‫‪-‬‬
‫وتجنب ظاهرة احياء املراقد من خالل تجهيز هذه املدن بجميع املرافق والخدمات‪.‬‬
‫مفهوم التسيير‬

‫‪ -‬هناك محاوالت عديدة من طرف الكتاب والباحثين لوضع تعريف للتسيير ومن بينها‪:‬‬
‫‪ -‬أن التسيير هو" العملية التي بواسطتها تخطط نظم وتراقب موارد املنظمة للوصول إلى أهداف معينة"‬
‫‪ -‬ويعرف أيضا ‪ " :‬طريقة عقالنية يتم بواسطتها التنسيق بين املوارد البشرية واملادية واملالية نحو تحقيق‬
‫أهداف معينة‪ ،‬هذه الطريقة تترجم في عملية تتضمن تخطيط تنظيم‪ ،‬إدارة‪ ،‬وارتكاب النشاطات‬
‫بطريقة تؤدي إلى مردود أفضل"‪.‬‬
‫‪ -‬بينما يعرفه " ‪ "Terry.G.K‬بأنه " تحقيق ألاهداف بواسطة ألاشخاص آلاخرين"‬
‫فمن خالل هذه التعاريف يمكن التوصل إلى تعريف إجرائي والقول بأنه ‪:‬‬
‫" تلك املجموعة من العمليات املنسقة واملتكاملة التي تمثل التخطيط‪ ،‬التنظيم‪ ،‬التوجيه‪ ،‬الرقابة‪ ،‬أي‬
‫تحديد ألاهداف وتنسيق جهود ألاشخاص لبلوغها"‪ ،‬ويمكن تمييز مستوين من التسيير هما‪:‬‬
‫• تسيير كلي‪ :‬يهدف إلى تسيير الوحدة ( مستوى جماعي)‬
‫• تسيير جزئي‪ :‬يهدف إلى تسيير العالقات بين املسير واملسير ( مستوى ما بين ألاشخاص)‬
‫التسيير العمراني‬

‫يتم التسيير العمراني من خالل إدارة عمومية ( مؤسسات عمومية) ومقاوالت عمومية وخواص هم املرقون‬
‫العمرانيون في اطار قانون يمثل القانون التوجيهي للمدينة رقم ‪ ،06/06‬الذي يحدد صالحيات كل متعامل‬
‫سواء كان خاص أو عمومي بشكل تشاوري وشفاف وهي ميزات إلادارة الحديثة ولكن هذا الكالم واقعيا يصعب‬
‫تحقيقه‪،‬‬
‫استراتيجية التسيير العمراني‬
‫يتم تحقيق حاجيات املؤسسات البشرية عن طريق عملية التنمية التي بدورها تقود إلى تحقيق نمو‬
‫اقتصادي متوازن وتوزيع عقالني للثروات ونظام يتحكم في ألاراض ي وكيفية استغاللها من خالل سياسة‬
‫عمرانية متماسكة وهذا يتطلب سياسة حضرية ناجحة وفعالة‪ ،‬ألن هذه السياسة تعتمد على آلية تسيير‬
‫هدفها الوصول الى استراتيجية تمكنها من التوفيق بين العامل الاجتماعي واملكاني وتقييم تطورات النسيج‬
‫العمراني والسهر على انسجامه والحرص على تحقيق النوعية في الاطار املبني يكتمل من خالل التصور املسبق‬
‫والعقالني للسياسة الحضرية‪.‬‬
‫كما يجب أن يجد التخطيط الحضري غايته في التسيير الحضري من خالل وسائل التعديل والتقويم التي‬
‫تتلخص من جهة‪ ،‬ورصد ألاراض ي بواسطة املخططات من جهة أخرى‪.‬‬
‫فالتسيير العمراني هو ألاداة املناسبة لتجسيد السياسة العمرانية ويشرع لها ويعتبر من أكبر التوجهات‬
‫املعالجة للمشاكل العمرانية ويمثل التسيير العمراني أساس التوازن‪ ،‬كونه نظام مراقبة العمران في حدود‬
‫السياسة العمرانية وأكثر من ذلك حيث ينظم عمليات التخطيط العقاري في الاطار التشريعي واعتماد وسائل‬
‫خاصة من اجل ضمان تطبيق القوانين في ظل السياسة العامة على أرض الواقع لعمل جهات املراقبة من أجل‬
‫إيجاد حلول ملشاكل جغرافية معينة‪.‬‬
‫شروط التسيير العمراني‬

‫يراعى في برنامج التسيير العمراني آلاتي‪:‬‬


‫• مراعاة الخصوصية الخاصة باملناطق الحضرية والظروف الاجتماعية للسكان وكذا الاقتصادية‬
‫والثقافية والعمرانية ألعداد برامج ناجحة‪.‬‬
‫• مراعاة الفترة الزمنية املطلوبة لتنفيذ برامج املخططات وجعلها أكثر واقعية‪،‬‬
‫• مراعاة الظروف املادية واملعنوية الخاصة بكل منطقة حضرية للتمييز بين املناطق من حيث عدد‬
‫السكان والكثافة ودرجة الفقر والتخلف‪.‬‬
‫يمكننا من خالل ذلك القول ان التسيير هو املتدخل ألاول واملباشر في تنمية املناطق العمرانية وتوزيع‬
‫ألانشطة وألاعمال والوظائف القائمة بها واملوجهة لها‪.‬‬

You might also like