Professional Documents
Culture Documents
للقيادة شؤونها وشجونها التي ال يعرف تفاصيلها وأس رارها إال أص اب الش أن فيه ا .
نق رأ يومي ا على مواق ع التواص ل االجتم اعي االنتق ادات الكث يرة للقي ادة وال تي في
معظمه ا ص ادر عن أن اس لم يجرب وا القي ادة ولم يتعرض وا للظ روف الطارئ ة أو
المواقف االستثنائية التي تقتضي رد فعل استثنائي .ونحن هنا ال نبرر أب دا الق رارات
الخاطئة التي تأتي في الظروف العادية وإنما نريد أن نشير إلى الق رارات االس تثنائية
في الظروف االستثنائية .لقد أدرك خبراء السياسة واإلدارة الضرورة الملحة لوج ود
المكاتب االستش ارية للق ادة وتأس س م ا نس ميه ش ركات العالق ات العام ة ال تي تق وم
بدراسة الحالة الطارئة في ظروف بعيدة عن المش كلة الطارئ ة وتق وم بتق ديم الحل ول
المناسبة للمسألة الطارئة بعيدا عن المؤثرات العاطفية التي ق د ت دفع القائ د لالرتج ال
واتخاذ قرار متسرع ق د ي رغب ب التراجع عن ه بع د حين .وق د يك ون درس الط بيب
الش رعي في إدارة األزم ات من ال دروس الجي دة ال تي يمكن االس تفادة منه ا في ه ذا
السياق فما تراه أنت وأن ا مص يبة كب يرة يس تدعي البك اء يك ون عمال عادي ا للط بيب
الشرعي ورجال اإلسعاف وما تراه أنت وأنت ظرفا طارئا هو عمل اعتيادي روتيني
لألخرين .لقد كثرت االنتقادات في الفترة األخيرة من العام ة لرج ال الطب والص حة
واالس عاف بع د انتش ار ف يروس كوفي د 19-المس تجد بس بب م ا س مي التب اطؤ في
االستجابة للحاالت المشتبه بها بالفيروس اللعين .الحقيقة أن التباطؤ ناجم عن سرعة
لهفة المنتقد واعتيادية العمل المميز الذي يقوم به هؤالء الرجال .القيادة والتعام ل م ع
األزمات والظروف الناش ئة علم وفن وخ برة ق د تقتض ي من القائ د التض حية أحيان ا
بالكثير من األشياء الغالية بما فيها السمعة وغرابة السلوك وفرادته بما يرافق ذلك من
ظلم وتجن على القائد بسبب غياب المعطي ات الكث يرة عمن ينتق د أو يش هر س يفه في
وجه القائد.
يحكى أن ه في ي وم من األي ام وفي مدين ة كوفين تري في انكل ترا ،ع اش ل ورد اس مه
ليوفريك ،وكان يتمتع بأخالق متدنية وأناني ومتغطرس ويهتم فقط بشؤونه الخاصة،
وكان يمتلك قصرا فارها وحدائق خالبة وخيوال جميلة وكالب ا مدلل ة وزوج ة جميل ة
جدا اسمها غوديفا .ك انت غوديف ا من النس اء الفاتن ات ب ل األجم ل بين النس اء تمتل ك
ابتسامة ساحرة وشعرا ذهبي ا منس دال وطبيع ة لطيف ة .ك ان يس قط في حبه ا ك ل من
شاهدها لكن اللورد ليوفريك أحبه ا تمام ا كم ا أحب منزل ه وحدائق ه وخيول ه وكالب ه
وكان يعتقد أن غوديفا ليست سوى ملكية خاصة أخرى من أمالكه الكثيرة .
وحتى يحافظ لوفريك على ثروته وممتلكاته ويزيدها كما ك انت الع ادة في تل ك األي ام
وهذه األيام مع تغير بس يط في التس مية والمص طلحات ف رض ض رائب جدي دة على
الفالحين ال ذين يس تثمرون أرض ه وعلى تج ار المدين ة وص ناعها دون االك تراث
بالمحنة التي قد تصيب الفرحين والصناع وسكان المدينة .لق د اهتمت غوديف ا لألم ر
المستجد وأدركت أن المحنة قادمة ال محالة في ظل الظروف المستجدة خاص ة وأنه ا
كانت تنزل إلى الشارع وتستمع للهموم وتسامر نساء المدينة بين الحين واآلخر.
عندما سئمت السيدة غوديفا من طبيع ة زوجه ا المس يطرة ،ق ررت امتط اء حص انها
األبيض القوي والتنقل بين الريف و المدينة .كانت تحب التح دث م ع الن اس هن اك ،
وك ان س كان البل دة يتطلع ون إلى زياراته ا وينتظرونه ا ألنه ا ك انت ودي ة ولطيف ة
وتستمتع باالستماع إلى همومهم اليومية وتستشرف القيل والق ال في زواريب المدين ة
الض يقة .في بعض األحي ان ك انت ت دعو األطف ال للرك وب على حص انها
األبيض ؛ وكانت دائ ًما تتوقف للدردشة مع أصحاب المتاجر والعمال والصناع .
وذات ي وم انطلقت الس يدة غوديف ا على حص انها .األبيض وه رولت إلى المدين ة
ولوحت ألول صاحب متجر رأته ،لكنه اليوم لم يبتسم أو يلوح كما هي العادة .ق الت
في نفسها " :كم هو غريب .ربما لديه مشاكل في المنزل ".تابعت طريقه ا ،و رأت
المزي د والمزي د من الن اس و الحظت أن الجمي ع ك انوا حزي نين .لم يبتس م أح د في
وجهها أو يلوح بيديه كما هي العادة ،و األطفال بدا عليهم الكآبة.
احتارت غوديفا من هذا الحزن الغريب الذي غطى المدينة ،و ت وقفت غوديف ا لرؤي ة
الخباز ،صديقها الخاص .ق الت ل ه " :أخ برني ،لم اذا يش عر الجمي ع في كوفن تري
بالحزن الشديد اليوم؟"
ف وجئ الخب از بس ؤالها وق ال" :بالتأكي د تع رفين م ا فعل ه زوج ك"" .لق د ض اعف
الضرائب علينا .نحن نكافح بالفعل لنحيا ،واآلن سنكون أكثر فق رًا بس بب ض رائبه
المجحفة".
عندما سمعت السيدة غوديفا هذا الخبر ،غضبت غض با ش ديدا وق الت" :س أعود إلى
البيت على الفور وأخبر زوجي أنه يجب عليه أال يفعل ذلك" ،وهرعت إلى قصرها.
وعندما وصلت إلى القصر ،ترجلت بس رعة وأس رعت الخط و في مكتب زوجه ا .
قالت بغضب " :يا زوجي ،أريد أن أتحدث إليك ".
استدار ليوفريك ونظر إليها و قال" :وأنا أود أن أتح دث إلي ك أيض ا .لن ت ذهبي أب دًا
إلى المدينة مرتدية مالبسك بهذه الطريقة مرة أخرى .كيف تجرؤين على ارتداء مث ل
هذه المالبس الرديئة في األماكن العامة! أنت زوجة لورد ،وس ترتدين مالبس ك وفقً ا
لألصول الرسمية من هذا اليوم فصاعدًا".
استدارت السيدة جوديفا ونظ رت إلى عي ني زوجه ا ،و ق الت بن برة لم تس تخدمها من
قب ل" :ال يهم ني م ا ه و رأي ك في مالبس ي ،وأري دك أن تش رح لي لم اذا ض اعفت
الضرائب على الناس .هذه جريمة ال تغتفر" .
دهش الورد ليوفريك وقال " :كيف تجرؤين على التحدث إلى زوج ك به ذه الطريق ة.
عملي من شأني و ليس من شأن سيدة مثلك .أنت تميلين إلى التصرف بعق ل الم رأة .
عليك االهتمام بواجباتك كامرأة ،وأنا سأعتني بواجبي كرج ل .الض رائب هي عملي
ومن اختصاصي .وعليك أن تكوني زوجة سيد هو ملكك".
لم تعد السيدة غوديفا تتحمل هذا الوضع وشعرت بأنها تفقد أعص ابها .فك رت وق الت:
"الناس بحاجة إلى المال ليأكلوا! إذا لم تخفض الضرائب ،فسأفعل "...
ضحك اللورد ليوفريك وقال" سوف ماذا؟ ما التهديد الذي تقترحينه ؟"
تعرف السيدة غوديفا ما الذي يكسر عناد زوجها .كان لديها م ا يكفي من الق وة لتنفي ذ
تهدي دها .و ق الت" :س وف ت رى م ا أفع ل" .ثم أس رعت إلى الخ ارج ،وامتطت
حصانها ،ورجعت عائدة إلى المدينة .وهناك ،في ساحة البلدة ،نشرت بيان ا مكتوب ا
يقول ":إذا لم يخفض اللورد ليوفريك ، زوجي ،ضرائبه بحلول ظهر ي وم الس بت ،
أعدك أنا السيدة غوديفا بأنني سأمتطي جوادي األبيض في شوارع كوفن تري عاري ة
بال مالبس على اإلطالق!"
في أقل من ساعة من الزمن ،انتشرت األخبار في جميع أنحاء مدينة الليدي غوديف ا
تتحدى زوجها .وعندما سمع اللورد ليوفريك ، انفجر ضاح ًكا و قال "لن تفعل هذه
المجنونة مثل هذا الشيء ،ولن تجرؤ أي امرأة على أن تخجلني بهذه الطريقة".
كان سكان البلدة على يقين من أن الل ورد ليوفري ك س يخفض الض رائب بس بب ق رار
الس يدة غوديف ا .و لن يس مح بالتأكي د لزوجت ه ب الظهور عاري ة في األم اكن العام ة .
وانتظروا ما يحصل على أمل أن يعلموا في أي لحظة أنه سيتم تخفيض الضرائب.
مرت األيام ولم تأت أي كلمة من اللورد .وفي مساء الجمعة ،أدرك س كان البل دة أن
السيدة غوديفا المحببة إلى قلوبهم جميعا سوف تفي بوعدها .وألنهم أحبوها ،أرادوا
فعل شيء ما تجاهها .لذا في تلك الليلة بالذات اجتمع وا في س احة البل دة ليق رروا م ا
يجب القيام به لمساعدتها.
وقبل عشر دقائق من ظهر يوم السبت ،غادر جميع سكان البل دة الش وارع ،ودخل وا
من ازلهم ومحالتهم وأس دلوا الس تائر وأغلق وا األب واب والنواف ذ وأداروا ظه ورهم
لألبواب والنوافذ .وعندما دقت ساعة البلدة 12مرة ،سمعوا ح وافر حص ان الس يدة
غوديفا في الشوارع المرصوفة بالحصى ،وكانوا يعرفون أن أنه ا ق د أوفت بوع دها
بأن تسير في شوارعهم مغطاة فقط بشعرها الطويل الذهبي .لق د وع دوا أنفس هم ب أن
اسمها لن يُنسى أبدًا ،وأنه سيتم تذكرها دائ ًما على أنها امرأة شجاعة ليس لها مثي ل ،
ومنذ ذلك اليوم تحولت غوديفا إلى حكاية والحكايات ال تموت .
القيادة الصلبة تحتاج إلى إرادة صلبة ودراية بما يجب فعله تجنبا للمحظ ور .ألم يق ل
الشاعر يوما :على قدر أهل العزم تأتي العزائم...