You are on page 1of 67

‫‪19‬‬

‫تنظيم القبيسيات االسالمي الدعوي‬


‫مل ثمة شيء بدال ً من الشيء؟‬
‫َ‬
‫كيف يجعل دماغنا املوسيقى ممتعة؟‬
‫املرأة والعنف والطب النفسى‬
‫كلمة رئيس التحرير‬
‫السعادة بوجه من من يثمل بعد أن يقرأ آية‬ ‫أن تعلم ليس أمراً تتمناه‬
‫يقتل فيها نبي طفالً كافرا ً ليثبت منطق ربه‬
‫يتصور املؤمنون أن حياتنا سعيدة حيث امام نبي آخر‬
‫كيف ميكن أن تقنع انساناً بالعلم و هو‬ ‫انها بال ضوابط و بال قيم و بال قوانني‬
‫يعيش تحت رعاية الخرافة‬ ‫انها كذلك لكنا ليست سعيدة ابدا ً ‪.‬‬
‫أن تعرف فذلك صدقوين هو أمر متعب كيف ؟‬
‫ببساطة مستحيل‬ ‫جدا ً ‪.‬‬
‫ملا ننرش فكرناً اذا ً ؟‬ ‫كأن تكون املبرص الوحيد بني عميان أو‬
‫لننقذ من تبقى برأسه بعض العقل قبل ان‬ ‫االعمى الوحيد بني مبرصين ‪.‬‬
‫أن تعلم ‪ ...‬ال تفرح فذلك ليس شيئاً جيدا ً يتم غسيل دماغه بالكامل‬
‫يف ظل وجود كل هذا الكم من الغباوات هؤالء من نستهدف‬
‫و العته املجتمعي لن تكون سعيدا ً أبدا ً من يؤمن برتهات االديان هو حالة مستحيلة‬
‫من لديه ولو بقيه من عقل يعمل هو حالة‬ ‫أن تعلم مدى غباء من حولك و مدى‬
‫سهلة ‪ ...‬و سهلة جدا ً‬ ‫سخف ما يفعلونه أو يؤمنون به‬
‫و هنا برأي تبدأ سعادتنا الخاصة ( عملياً‬ ‫لن تكون سعيدا ً صديقي‬
‫بضم املفكرين اىل تعاستنا االفرتاضية )‬
‫و ليستمتعوا مؤقتاً بعته من يعرفوهم و‬
‫القطيع هو السعيد و ليس انت‬
‫القطيع واثق و متحدي و مؤمن حتى‬
‫هيئة التحرير‬
‫الحقاً بضم مفكرين اخرين ملنظومة تعاستنا‬ ‫العظام‬ ‫أمين غوجل‬
‫عىل هذا الكوكب‬ ‫أنت الشكاك الغري واثق و الغري مؤمن‬ ‫بن باز عزيز‬
‫الذي يفيض غبا ًء‬ ‫أن من يريد تفسريا ً لكل يشء هم ال‬ ‫رامي‬
‫يريدون لديهم تفسريهم املوحد لكل ما اصدقايئ ال تصدقوين‬
‫اذا خريت بني تعاسة من يعرف و سعادة‬ ‫ال يفهمونه‬ ‫كنان‬
‫الجاهل الخرتت التعاسة كل مرة‬ ‫أنت الذي ستتعب لرتى و تصل اىل‬ ‫كاترينا‬
‫ألين أحب أن اكون انساناً يستخدم كل ما‬ ‫الحقائق‬ ‫دينا‬
‫ميلك من اجهزة حيوية‬ ‫هم وصلوا لحقائقهم الغبية و ارتاحوا‬
‫نحن نعلم و تلك أول ميزة لتكون برشياً‬ ‫أن من سيقرأ و يتعلم‬ ‫املستنري‬
‫رمبا هم اسعد لكنهم بكل تأكيد ال ينتمون‬ ‫بعضهم يفتخر بأن رسوله أمي‬ ‫تامبي‬
‫كيف ستكون أكرث سعادة من َمن يعترب للبرش‬
‫ألن البرشي مفكر و هم ال يفكرون‬ ‫أرنستو‬
‫االمية أمرا ً يدعوا للفخر‬
‫كيف تستطيع اقناع من ال يحتاج العلم قد يبدوا غريباً بعد قراءة املقال أن أختم كام‬ ‫زها‬
‫أختم دامئاً‬ ‫و معادالته ليثبت أي يشء من فيزياء‬ ‫زانا خاين‬
‫الكوانتوم االعجاز القرآين يف رضب املرأة ‪ .‬لكن برغم كل يشء‬
‫عيشوا سعداء و برشا ً بنفس الوقت‬ ‫كيف ميكن أن تدعي‬
‫رغم أنها معادلة صعبة جدا ً‬
‫‪i-think-magazine.blogspot.com‬‬
‫جدا ً ‪...‬‬
‫‪www.ithinkmag.net‬‬
‫‪facebook.com/I.Think.Magazine‬‬

‫عيشوا سعداء‬
‫أمين غوجل‬

‫‪1‬‬
‫أن تعلم ليس أمرا ً تتمناه‬ ‫‪1‬‬
‫شخصيات ملحدة‬ ‫‪3‬‬
‫نبضات بن باز‬ ‫‪11‬‬
‫العرب وتزييف التاريخ‬ ‫‪13‬‬
‫تغييب العقل يف النص القرآين‬ ‫‪17‬‬
‫آيات تُثبت عدم وجود الله‬ ‫‪19‬‬
‫اإلسالم دين الحرية واملساواة والعدالة والفنون الجميلة ‪ ...‬لكن !!‬ ‫‪24‬‬
‫املرأة والعنف والطب النفىس‬ ‫‪29‬‬
‫فض غشاء بكارة املجتمعات الذكورية يبدأ بتكسري رساديب الذات بكارة أنثى‬ ‫ّ‬ ‫‪31‬‬
‫ملاذا أنا ملحدة؟‬ ‫‪33‬‬
‫تنظيم القبيسيات االسالمي الدعوي‬ ‫‪39‬‬
‫إنني اسمع صوتاً يحدثني‬ ‫‪42‬‬
‫مناذج وتجارب من دميقراطية األغلبية العددية‬ ‫‪45‬‬
‫حرير أزرق‬ ‫‪49‬‬
‫االصولية اليسارية‬ ‫‪50‬‬
‫قصيدة كتبها طفل افريقى و اعتربتها األمم املتحده قصيدة العام‬ ‫‪51‬‬
‫ما‬ ‫‪52‬‬
‫ملَ مثة يشء بدالً من اليشء؟‬ ‫‪55‬‬
‫هل مثة مشكالت غري قابلة للحل؟‬ ‫‪57‬‬
‫ليس لكل نتيجة ‪ ..‬سبب !‬ ‫‪59‬‬
‫كيف يجعل دماغنا املوسيقى ممتعة؟‬ ‫‪61‬‬
‫العلم يحي املوىت‪.‬‬ ‫‪63‬‬
‫فوتونات الضوء تخرج من العدم وتضيئه !‬ ‫‪64‬‬

‫‪2‬‬
‫شخصيات ملحدة‬

‫آرثر كالرك‬
‫(‪ 16‬ديسمرب‪ 19 -1917‬مارس ‪)2008‬‬

‫مسافة طويلة قطعها كالرك يف الحياة‪ ،‬مسافة شاسعة يف الزمان ويف املكان ما‬
‫بني مولده يف سومرست يف انجلرتا عام ‪ 1917‬ووفاته يف سريالنكا عام ‪.2008‬‬
‫أولع منذ طفولته بعمل الفلك وروايات الخيال العميل األمريكية‪ .‬حصل عىل‬
‫الثانوية العامة والتحق بوظيفة كاتب حسابات بوزارة التعليم الربيطانية‪ ،‬قبل أن‬
‫ينضم للقوات الجوية يف العام ‪ 1941‬ليعمل كعامل تشغيل رادار ويرتقي يف سلم‬
‫الجيش ليتم ترسيحه بعد الحرب يف عام ‪ 1945‬بعدما حاز رتبة مالزم وبلغ درجة‬
‫كبري معلمني مبدرسة الرادار التابعة للقوات الجوية الربيطانية‪ .‬ويف ذلك الوقت‬
‫بدأ دراسته يف كلية لندن حيث تخصص بالرياضيات والفيزياء‪ .‬يف هذه الفرتة قدم أهم مساهامته العلمية حيث طرح‬
‫نظريته حول االتصاالت بواسطة األقامر الصناعية الثابتة وهو ما دفع الجمعية الفلكية الدولية أن تطلق أسمه عىل‬
‫املدار الذي تحتله هذه الفئة من األقامر الصناعية‪.‬‬

‫وبالرغم من أنه بدأ ينرش أعامله القصصية والروائية منذ نهاية الثالثينات‪ ،‬إال أنه ظل يعمل يف مجال البحث العلمي‪،‬‬
‫وترأس جمعية استكشاف الكواكب الربيطانية مرتني يف األعوام ‪ 1947-1946‬و ‪ 1953-1951‬قبل أن يقرر أن يعتزل‬
‫البحث العلمي ويتفرغ للكتابة‬
‫‪.‬‬
‫األراء الدينية‬
‫الهدف الذي يسعى إليه كالرك هو معرفة حقيقة اإلنسان وعالقته بالكون‪ .‬وككل أبناء زمانه من الربيطانيني سعى‬
‫للبحث عن أجوبة يف الدين‪ ،‬لكنه أصطدم بالكثري من الرتهات والخزعبالت التي تروجها الكنسية‪ ،‬وبدالً من االنقالب‬
‫عىل املؤسسة الكنسية واللجوء إىل اإلميان الغنويص كام فعل أستاذه ومعلمه هـ‪ .‬ج‪ .‬ويلز‪ ،.‬فأنقلب عىل ترك الدين كليا‬

‫كالرك رجل الخيال العلمي‬


‫كان الخيال العلمي مبثابة طرح كالرك لإلجابات التي يعتقدها حول أصل اإلنسان ومصريه‪ ،‬وألنه أراد عن وعي أن يكون‬
‫طرحه مؤسس عىل حقائق علمية صلبة‪ ،‬فإنه كان يجنح إىل شحن روايته بتفاصيل علمية دقيقة مستقاة من أحدث‬
‫األبحاث التي تتوفر إليه‪ .‬ولذلك كانت كافة أعامله مصنفة كأدب خيال علمي قوي‬

‫بدأ كالرك نرش قصصه بصورة منتظمة منذ العام ‪ 1937‬يف املجالت الخاصة بالكتاب الهواة‪ ،‬لكن النقلة الحقيقية يف‬
‫مسريته كأديب خيال عميل كانت عندما بدأ النرش ككاتب محرتف يف مجلة «الخيال العلمي املذهل ‪Astounding‬‬
‫‪ »Science Fiction‬األمريكية ومجلة «‪ »Dan Dare‬الربيطانية يف العام ‪.1946‬‬

‫يف العام ‪ 1951‬قرر كالرك التفرغ للكتابة‪ ،‬ثم قرر يف العام ‪ 1956‬االنتقال واإلقامة بصورة دامئة يف سريالنكا التي عاش‬
‫فيها إىل آخر عمره وعشقها ودفن فيها‪ .‬ويف سرييالنكا توجهت قريحة كالرك وأنتج معظم أعامله الرئيسية‪ .‬وحتى‬
‫يتمكن من تأمني مصدر دخل ثابت‪ ،‬لجأ إىل هوايته املحببة الغوص‪ ،‬فأفتتح مركزا ً لتعليم الغوص يف سرييالنكا يقوم‬
‫بنفسه بإدارته‪.‬‬

‫ويف العام ‪ 1962‬أصيب بحالة مرضية شخصها األطباء عىل أنها شلل جزيئ‪ ،‬وقد منعته هذه الحالة من مامرسة رياضة‬

‫‪3‬‬
‫شخصيات ملحدة‬

‫الغوص‪ ،‬ومن ثم أغرق نفسه يف الكتابة لينتج أهم أعامله وعىل رأسها سلسلة‬
‫«األوديسة الفضائية ‪ »Space Odyssey‬وسلسلة «راما ‪ »Rama‬باإلضافة إىل تقدميه‬
‫العديد من الربامج يف الثامنينات يف تلفاز هيئة اإلذاعة الربيطانية التي كانت تدور‬
‫حول موضوعات خيالية حيث يقوم عىل إعداد حلقات الربامج وتقدميها عىل الشاشة‪.‬‬
‫وقد بلغ كالرك أوجه يف العام ‪ 1988‬حيث توجته جمعية كتاب الخيال العلمي‬
‫األمريكيني «معلم أكرب ‪ »Grand Master‬وهي ارفع رتبة متنحها هذه الجمعية‪ ،‬لكنه‬
‫ويف نفس العام أزداد مرضه وألزمه الطبيب الكريس املتحرك‪.‬‬

‫عالقة كالرك بإسحاق أسيموف فقد بدأت يف العام ‪ 1973‬حيث التقيا يف نيويورك‪ ،‬وقد‬
‫أبرما يف بينهام اتفاق شفهي بأنه عندما يسأل أي منهام من هو أفضل كاتب خيال‬
‫علمي؟ يقول كالرك أما إذا سئل هو أسيموف والعكس بالنسبة ألسيموف وقد عرف هذا االتفاق الشفهي باسم معاهدة‬
‫كالرك‪ -‬أسيموف ‪ ،‬وقد أشار إليها كالرك يف بعض كتابته‪ .‬وقد دامت عالقتهام طيبة حتى وفاة أسيموف يف العام ‪.1992‬‬

‫أوديسة الفضاء‬
‫يف العام ‪ 1964‬التقى كالرك باملخرج األمرييك ستانيل كوبريك يف نيويورك‪ ،‬حيث عرض األخري عليه مرشوع فيلم عن‬
‫قصة كالرك القصرية الحارس والتي سبق أن نرشها كالرك عام ‪ 1948‬ضمن مسابقة لهيئة اإلذاعة الربيطانية‪ .‬كان من‬
‫املفروض أن يكتب كوبريك سيناريو الفيلم لكن بعد عدة مقابالت مع كوبريك اقتنعا برضورة كتابة رواية تجمع‬
‫تصوراتهم وتخيالتهم وتكون هي األساس الذي يكتب عنه الفيلم‪ .‬وبسبب صعوبات الوقت‪ ،‬انسحب كوبريك من كتابة‬
‫الرواية‪ ،‬بينام استمر كالرك يف كتابتها محاوالً إنهاءها يف نفس الوقت املقرر طرح الفيلم فيه عام ‪ ،1966‬لكن صعوبات‬
‫اإلنتاج أخرت الفيلم إىل عام ‪ 1968‬كام تأخرت الرواية نفسها للعام ‪ .1969‬وقد حمل كالً من الفيلم والرواية نفس االسم‬
‫وهو «أوديسة الفضاء‪ .»2001:‬ورغامً من العالقة املشرتكة بني الفيلم والرواية إال أن الرواية تختلف يف كثري عن الفيلم‬
‫الذي بدا غامضاً وغري مفهوم يف أجزاءه األخرية‪ ،‬حيث يقوم الرسد يف الرواية بتوضيح هذه البقع الغامضة من النص‪.‬‬

‫كانت سنوات كالرك األخرية سنوات حافلة‪ ،‬فوجد التكريم من أكرث من جهة‪ ،‬فمنحته الحكومة الربيطانية وسام‬
‫اإلمرباطورية من مرتبة قائد عام ‪ 1998‬وهو ما يجعله سري أي فارس‪ ،‬كام منحته الحكومة السريالنكية عام ‪ 2005‬أرقى‬
‫أوسمة البالد‪ .‬وأمتد به العمر لريى العام ‪ 1999‬دون أن يكتشف البرش أول مونوليث عىل سطح القمر وال السفينة‬
‫ديسكوفري تنطلق يف رحلتها إىل زحل يف العام ‪.2001‬‬

‫ويف العام األخري من حياته راح يعاين من انتشار الشلل يف جسمه‪ ،‬حتى انتهى به الحال للعجز عن التنفس وهو ما‬
‫أدى إىل وفاته‪ .‬ويف صبيحة التاسع عرش من مارس عام ‪ 2009‬أعلن طبيب سرييالنيك وفاة السري أرثر يس كالرك‪ ،‬آخر‬
‫عاملقة الخيال العلمي‬

‫لرمبا دورنا عىل هذا الكوكب ليس لنعبد اإلله ولكن لنخلقه‬
‫الدين نتاج الخوف‬
‫أال ميكننا أن نعترب قتل البرش باسم اإلله تعريف جيد للجنون‬
‫مراجع وكيبيديا ‪ -‬هومريوس الخيال العلمي ‪ ..‬سري آرثر كالرك « وسام الدين محمد»‬

‫‪4‬‬
‫شخصيات ملحدة‬

‫آين راند‬
‫(‪ 2‬فرباير ‪ 6 - 1905‬مارس ‪)1928‬‬

‫كاتبة وفيلسوفة أمريكية ملحدة من أصل رويس‪ ،‬اشتهرت لكتابتها الروايتني‬


‫(رأس النافورة وأطلس هازا ً كتفيه) وتطويرها للنظام الفلسفي املسمى‬
‫املوضوعية‪ .‬دعت راند للعقالنية الفردانية ورأساملية ليسيه فري منتقدة يف‬
‫ذات الوقت االشرتاكية والدين‬

‫عىل الرغم من أن شهرتها مل تتجاوز الضفة األمريكية لألطليس‪ ،‬إال أن الفيلسوفة‬


‫والروائية األمريكية املعارصة آين راند ذات شعبية ساحقة يف موطنها أمريكا‪،‬‬
‫فقد بيع من كتبها اثنان وعرشون مليون نسخة‪ ،‬بل إن كتابها الشهري أطلس‬
‫متملمالً ‪ Atlas Shrugged‬بلغت مبيعاته يف العام ‪ 2002‬مائة وأربعني ألف‬
‫نسخة‪ ،‬ووفقاً الستطالع خاص مبكتبة الكونگرس‪ ،‬فإنه احتل املرتبة الثانية بعد‬
‫اإلنجيل‪ ،‬بوصفه الكتاب األكرث تأثريا ً عىل القراء يف أمريكا‬

‫ولدت راند يف روسيا يف ‪ 2‬فرباير عام ‪ 1905‬وكان والدها عصامياً وبنى محله املختص بالكيمياء بجهوده الخاصة‪.‬‬
‫منذ طفولتها شعرت أنها مختلفة عن املحيط من حولها وقررت أن تصبح كاتبة منذ أن كانت يف التاسعة من عمرها‪ .‬ويف مرحلة‬
‫مراهقتها شهدت الثورة الروسية عام ‪ 1917‬وحرب العصابات البلشفية التي أممت مخزن والدها وجردتهم من كافة ممتلكاتهم‪.‬‬
‫وبعد تخرجها من الجامعة ودراستها للتاريخ‪ ،‬سافرت يف عام ‪ 1926‬إىل أمريكا بدعوى زيارة بعض األقارب لتستقر هناك طيلة‬
‫حياتها‪ .‬ومنذ وصولها بدأت العمل عىل روايتها األوىل (نحن الذين نعيش) ونرشتها يف نهاية عام ‪ ،1933‬ومن ثم كتبت مرسحية‬
‫«ليلة ‪ 16‬يناير» التي عرضت عىل مسارح أمريكا لزمن طويل‪ .‬أما روايتها الثانية التي حققت لها نجاحاً نوعياً كانت (رأس النافورة)‬
‫التي نرشت عام ‪ 1943‬بعدما تم رفضها من قبل ‪ 12‬نارشا ً‪ ،‬وحققت مبيعاتها املستمرة رخاء مادياً لها‪.‬‬

‫تنهض فلسفة راند عىل أربع ركائز أساسية‪ :‬ففي الجانب امليتافيزيقي تتبنى الحقيقة املوضوعية‪ ،‬أي أن الواقع موجود بوصفه‬
‫موضوعاً مطلقاً‪ ،‬فالحقائق كمعطيات هي مبعزل عن رغبات اإلنسان ومشاعره وآماله وخوفه‪ .‬أما ابستمولوجيا‪ ،‬أي ما يتعلق‬
‫بنظرية املعرفة‪ ،‬فإنها تستند إىل العقل بوصفه امللكة التي تتعرف عىل الوقائع وتنظمها‪ ،‬وهي األداة التي يدرك بها الواقع واملصدر‬
‫الوحيد للمعرفة‪ ،‬ودليلها األوحد للفعل‪ .‬ويف الجانب العلمي من فلسفتها‪ ،‬أي األخالق‪ ،‬تعتنق راند مبدأ املنفعة الذاتية‪ ،‬فاإلنسان‬
‫بنظرها هو غاية وليس وسيلة‪ ،‬فال يتوجب عليه العيش سوى لذاته‪ ،‬فالقيمة األخالقية العليا للحياة تكون يف تحقيقه أقىص درجات‬
‫السعادة‪ .‬أما يف الفلسفة السياسية فقد نافحت راند عن الرأساملية بوصفها منظومة اقتصادية‪ -‬سياسية يتعامل بها بنو البرش مع‬
‫بعضهم بوصفهم رشكاء أحرارا ً يسعون ملنفعتهم الذاتية‪.‬‬

‫رمبا بدا للوهلة األوىل‪ ،‬أن فلسفة راند ذات نزعة محافظة‪ ،‬إال أنها يف واقع األمر ال تحظى بقبول كبري يف أوساط املحافظني ولكنها يف‬
‫تطرفها الرأساميل تصيب رضا اليمني املحافظ‪ ،‬وقد عربت بالفعل عن تلك األفكار تباعاً يف كتابيها فضائل األنانية ‪ 1964‬والرأساملية‬
‫املثال املجهول ‪.1966‬‬

‫ويف عام ‪ 1933‬نرشت راند روايتها األوىل نحن األحياء عن روسيا البلشڤية‪ ،‬وأعقبتها برواية رأس النافورة عن حياة مهندس عبقري‪.‬‬
‫وقد بيع من تلك الرواية العام ‪ 1948‬أكرث من أربعامئة ألف نسخة‪ ،‬و ُع ّد ذلك رقامً قياسياً‪ ،‬ويرسي األمر كذلك عىل روايتها األخرى‬
‫أطلس المبالياً‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫شخصيات ملحدة‬

‫كتابات راند مل تقدم تلخيصاً مربماً ألفكارها الفلسفية‪ ،‬يف الوقت الذي كان نتاجها األديب مجاهرة بتلك األفكار وتكثيفاً لها‪ .‬فرواياتها‬
‫تقدم برنامجاً لإلنسان (البطل) الجديد‪ ،‬وقيمه األخالقية‪ ،‬والسياسية‪ ،‬واالقتصادية وكذلك امليتافيزيقية‪ .‬وفيها تعيل راند من قيمة‬
‫العقل عىل نحو إطالقي‪ ،‬حينام تعتربه محركاً ألحداث الكون‪ .‬فأبطال رواياتها يتمتعون بطاقة ذهنية خالقة‪ ،‬يسيرّ هم العقل وحده‪،‬‬
‫ويزدرون العاطفة إىل حد كبري‪ ،‬كام أن الرغبة بالسلطة والجشع‪ ،‬والعظمة منشأ حركتهم‪ .‬وتلكم العنارص الثالثة تتحول يف روايتي‬
‫راند سالفتي الذكر إىل موئل للعاطفة‬

‫توفيت آين راند يف منزلها يف نيويورك بسبب أزمة قلبية يف ‪ 6‬مارس ‪ 1982‬وهي يف الثامنة والسبعني من العمر‪ .‬تدافع راند يف‬
‫روايتها «أطلس يتنحى» التي نرشت يف عام ‪ 1957‬واستغرقت يف كتابتها مدة ‪ 14‬عاماً‪ ،‬عن تفرد اإلنسان واستقاللية الفكر املنتج‬
‫الذي مينح املجتمع استمراريته والتقدم‪.‬‬

‫«أسال نفسك إن كان الحلم بتحقيق الجنة والعظمة سينتظرنا يف القبور أم يجب أن‬
‫نعمل له هنا واآلن عىل هذه األرض»‬

‫«إن الطريق املخترص للمعرفة هو اإلميان والذي ماهو إال طريق لتدمري العقل»‬

‫«اإلله يلخص بكلمة واحد ‪ :‬أنا»‬

‫‪6‬‬
‫شخصيات ملحدة‬

‫رافاييل نادال باريرا‬


‫(‪ 3‬يوليو ‪)1986‬‬

‫(باإلسبانية‪ )Rafael Nadal Parera :‬وامللقب بـ «رافا» ولد يف ‪ 3‬يونيو‬


‫‪ 1986‬يف مدينة مايوركا األسبانية هو العب كرة مرضب أسباين‪ .‬وأحد‬
‫الالعبني الذين تربعوا عىل عرش التصنيف العاملي للعبة‪ .‬يعترب نادال العب‬
‫دفاعي من الطراز األول بفضل لياقته العالية ولروحه القتالية‪.‬‬

‫حياته وبداية مسريته االحرتافية‬


‫ُولد رافاييل يف بلدة ماناكور الواقعة يف جزيرة مايوركا اإلسبانية لوالديه‪،‬‬
‫سيباستيان نادال وأنا ماريا برييرا‪ .‬ع ّم نادال هو العب كرة القدم محرتف‬
‫(سابقًا) كان قد لعب يف أندية ريال مايوركا‪ ،‬نادي برشلونة واملنتخب‬
‫األسباين الوطني‪ .‬أ ّما ع ّمه اآلخر فهو العب كرة املرضب السابق توين نادال‬
‫وقد الحظ لدى رفائيل موهبة لكرة املرضب منذ صغره‪ ،‬فع ّرفه عىل الرياضة‬
‫يف جيل ‪ 3‬سنوات‪ ،‬ودأب عىل تدريبه‪ .‬وقد استمر توين نادال يف تدريب‬
‫رافاييل إىل اآلن‪ .‬عند بلوغه سن الثامنة‪ ،‬فاز نادال ببطولة إقليمية للتنس‬
‫لألطفال ما دون ‪ 12‬سنة وكان يف الوقت ذاته العب كرة قدم واعد‪ .‬مام‬
‫جعل توين نادال يكثف تدريبه‪.‬‬

‫بالرغم من أن نادال يستخدم يده اليرسى يف اللعب اال انه بطبيعته يستخدم اليد اليمنى لألنشطة األخرى‪ .‬يف ذلك الوقت كان‬
‫ع ّمه توين هو الذي شجعه عىل اللعب باليد اليرسى حتى تكون له ميزة طبيعية‪ ،‬كام أنه الحظ أن نادال يرضب الرضبات األمامية‬
‫باستخدام يديه االثنتني‪ .‬وعندما بلغ سن الثانية عرش‪ ،‬حاز نادال عىل اللقب اإلسباين واألورويب يف كرة املرضب ملجموعة جيله‪ ،‬وكان‬
‫وقتها يلعب كل من كرة املرضب وكرة القدم بكثافة‪ .‬مع ذلك‪ ،‬أجربه والده عىل االختيار بني كرة القدم وكرة املرضب ألال تتدهور‬
‫نتائجه املدرسيّة كليًا‪ .‬بالطبع‪ ،‬فإ ّن نادال اختار كرة املرضب وتوقف فو ًرا عن لعب كرة القدم‪.‬‬

‫يف مايو عام ‪ ،2001‬قام نادال بالتغلب عىل بطل الجراند سالم السابق «بات كاش» يف مباراة استعراضية عىل ملعب ترايب‪ .‬ومع‬
‫بلوغه سن السادسة عرش‪ ،‬كان نادال مصنفًا ضمن أفضل ‪ 50‬العب عىل املستوى العاملي‪.‬‬

‫األراء الدينية‬
‫يأيت نادال من عائلة كاثوليكية لكن حسب ما يقول فهو غري متدين‪.‬‬

‫سئل نادال يف احدى املقابالت بشكل مبارش عن ارائه الدينية‪ ،‬وملاذا ال يقوم يصيل للمسيح خالل مبارياته كام يفعل العبون‬
‫آخرون‪ ،‬فرد نادال‪:‬‬

‫«من الصعب قول ذلك لكنني ال أؤمن بوجود إله‪ ،‬أمتنى لو أعرف بأنه موجود‪ ،‬لكنه أمر من الصعب جدا ً بالنسبة إيل بأن أصدقه‪.‬‬
‫املوضوع خاص وال أفضل الحديث عنه‪ ،‬لكن سأقول يف حال كان يوجد إله فلست بحاجة للصالة إليه‪ ،‬إذا كان يوجد إله فهو ذيك‬
‫بشكل ٍ‬
‫كاف ليك يقوم باألمور الهامة‪ ،‬األمور الصحيحة‪».‬‬

‫‪7‬‬
‫شخصيات ملحدة‬

‫«بالنسبة إيل الدين هو املسبب األسايس للموت عرب التاريخ» رافاييل نادال‬

‫املصادر‪:‬‬
‫‪ Wikipedia‬العربية‬
‫‪CNN‬‬

‫‪8‬‬
‫أوديسة الفضاء‬
‫‪2001‬‬

‫‪9‬‬
‫‪10‬‬
‫جون لينون‬
‫?‬
‫نحن بحاجة‬
‫نبضات بن باز‬
‫ملساعدتكم للضغط‬
‫عىل الحكومة الكويتية‬
‫إلطالق رساح‬
‫كاتب مساهم يف مجلة ‪( IThink‬مجلة إلحادية شهرية‬
‫باللغة العربية)‪http://i-think-magazine.blogspot. :‬‬
‫‪com/، https://www.facebook.com/I.Think.‬‬
‫بن باز‬
‫‪Magazine‬‬
‫مساهم عىل االنرتنت باإذاعة امللحدين العرب‬ ‫عبد العزيز محمد الباز‪ ،‬املعروف أيضا بإسم بنباز‪ ،‬ولد‬
‫ألبوين مرصيني سنة ‪ 1985‬يف الكويت‬
‫نحن بحاجة ملساعدتكم للضغط عىل الحكومة الكويتية‬ ‫حاصل عىل درجة البكالوريوس يف التجارة شعبة اللغة‬
‫إلطالق رساح بنباز‬ ‫اإلنجليزية‪ ،‬وعمل محاسبا لرشكة محلية يف الكويت‬
‫تسمى مرايا الخليج حتى ألقي القبض عليه‪.‬‬
‫وقعو عىل العريضة‪http://tinyurl.com/ :‬‬
‫‪BenBazPetition‬‬ ‫ديسمرب ‪2012 ،31‬‬
‫انضامم مجموعة ‪ FreeBenBaz‬يف الفيسبوك‪https:// :‬‬ ‫اعتقلت الرشطة الكويتية بنباز‪ ،‬تم إيقافه من مكان‬
‫‪/www.facebook.com/groups/FreeBenBaz‬‬ ‫عمله وزج به يف السجن‪.‬‬
‫تابع صفحة يف الفيسبوك املجتمع ‪FreeBenBaz:‬‬ ‫اتهم بارتكاب جنحة‪ :‬ازدراء الدين اإلسالمي وفقا ألحكام‬
‫‪https://www.facebook.com/Freebenbazpage‬‬ ‫املادة ‪ 111‬من قانون الجزاء الكويتي‬
‫عىل التويرت ‪hastag: # FreeBenBaz‬‬ ‫األدلة املقدمة ضده‪ ،‬مدونته‪:‬‬
‫إذا كنت تستطيع تنظيم وقفة احتجاجية أمام السفارة‬ ‫وثائق رسمية أسفله‬
‫الكويتية أو القنصلية يف مدينتك إتصل بناو سوف‬
‫نساعدك‪ .‬لالنضامم إىل ‪ FreeBenBazProtest‬الصفحة‬ ‫فرباير ‪2013، 7‬‬
‫يف الفيسبوك‪http://tinyurl.com/BenBazProtest :‬‬ ‫أدين بارتكاب جنحة‪ :‬ازدراء الدين اإلسالمي وفقا‬
‫يرجى مساعدتنا بالفيديو والكتابة يف مدوناتكم الخاصة‬ ‫ألحكام املادة ‪ 111‬من قانون الجزاء الكويتي‪ .‬حكم عليه‬
‫وعىل الفسبوك والتويرت‪ ،‬وكتابة املقاالت‪،‬و اإلتصال‬ ‫بالسجن ملدة سنة واحدة يف السجن باإلضافة إىل العمل‬
‫بوسائل اإلعالم‬ ‫القرسي‪ ،‬باإلضافة إىل غرامة مالية واإلبعاد من الكويت‪.‬‬
‫لدينا رشيط فيديو عىل موقع يوتيوب يرجى مشاهدة و‬ ‫نشاط بنباز قبل اعتقاله‬
‫البت عىل الفايسبوك و التويرت ‪:‬‬ ‫كتابة عىل مدونته‪http://www.benbaz.info :‬‬
‫‪http://youtu.be/2B_n7wo4Ji4‬‬ ‫الكتابة عىل صفحته يف الفيسبوك‬
‫شكرا لكم!‬
‫‪11‬‬
‫نبضات بن باز‬

‫مدونة محمد عبد العزيز‬

www.benbaz.info
‫صفحة الفيسبوك‬

www.tinyurl.com/Benbazfacebook
‫لتوقيع العريضة‬

www.tinyurl.com/BenBazPetition

12
‫العرب وتزييف التاريخ‬

‫أوطان أرسع إليها الخراب»‪ ،‬و» إذا ع ّربت خربت»‪.‬‬ ‫منذ سقيفة بني ساعدة‪ ،‬ورمبا قبل ذلك بزمن طويل‪،‬‬
‫واألن�كى أنهم‪ ،‬يحاولون عىل ال��دوام ترويج تلك‬ ‫حاول من يسمون بالعرب رشعنة وجودهم‪ ،‬وقوننة‬
‫الثقافة‪ ،‬باعتبارها «الحل الوحيد ملشاكل البرشية»‪،‬‬ ‫ذاك التيار الهمجي الحربجي العدواين التوسعي‬
‫وينرشحون ويفرحون جدا ً حني يرون أحدا ً ما قد‬ ‫الغزوي النهبوي‪ ،‬الذي أضفوا عليه صفات القداسة‪،‬‬
‫«استوعبها» وقبل بها من خارج منظومتها الثقافية‪،‬‬ ‫وأعطوه بعدا ً روحياً‪ ،‬إىل ذلك قال ابن خلدون‪:‬‬
‫ويهللون لذلك كثريا ً‪ ،‬ويصورونه يف اإلعالم عىل أنه‬ ‫« إن العرب ال يحصل لهم امللك إال بصيغة دينية‪،‬‬
‫فتح عظيم‪ ،‬ال بل يختلقون رواي��ات عن دخول‬ ‫أو والي��ة‪ ،‬أو أثر عظيم من الدين‪ ،‬بسبب خُلق‬
‫الناس يف الغرب «أفواجاً» يف تلك الثقافة الغريبة‪،‬‬ ‫التوحش املتأصل فيهم‪ ،‬وهم أصعب األمم انقيادا ً‬
‫وانسالخهم عن ثقافاتهم األصلية؟ ويف نفس الوقت‪،‬‬ ‫بعضهم لبعض‪ ،‬للغلظة و األنفة و بعد الهمـّة‪ ،‬و‬
‫ومن شدة خوفهم عليها‪ ،‬يضعون أقىس العقوبات‬ ‫املنافسة يف الرياسة‪ ،‬فقلام تجتمع أهواؤهم‪ ».‬لكن‬
‫الرادعة واملميتة لكل من يحاول رفضها والخروج‬ ‫ذلك التيار رسعان ما كان يصطدم بتيارات وحركات‬
‫والتربؤ منها من أهلها‪ ،‬وهذه الخصلة «الحضارية‬ ‫عقالنية‪ ،‬وفكرية رافضة ومستهجنة له‪ ،‬وغري قابلة‬
‫والنورانية الكربى غري موجودة إال عند العرب وأتباع‬ ‫عىل تربيره‪ ،‬وقبوله والتعايش معه نظرا ً لتعارضه مع‬
‫ثقافتهم‪.‬‬ ‫أبسط معايري ومقتضيات الفطرة البرشية والعيش‬
‫البسيط‪ ،‬وهذه اإلشكالية الوجودية الكربى مل تحدث‬
‫ومن هنا نرى اليوم‪ ،‬أن كل البالد والجغرافيا التي‬ ‫يف بيئتهم ومحيطهم‪ ،‬وحسب‪ ،‬بل يف كل تلك‬
‫يتواجد فيها الفكر وثقافة الصحراء الحربجية‪ ،‬هي‬ ‫البيئات والجغرافيا‪ ،‬القريبة‪ ،‬والبعيدة‪ ،‬التي تواجدوا‬
‫بيئات مشتعلة‪ ،‬متشظية‪ ،‬منقسمة عىل ذواتها‪ ،‬أفقيا‬ ‫بها‪ ،‬وحاولوا بسط نفوذهم وفرض أنفسهم عليها‪،‬‬
‫وشاقولياً‪ ،‬تتناهشها الحروب‪ ،‬والنزاعات‪ ،‬والرصاعات‬ ‫ونعتقد أن البيئات والجغرافيا اآلمنة‪ ،‬واملزدهرة‪،‬‬
‫الطاحنة واملزمنة‪ ،‬وال يالزمها إال مشاهد الخراب‬ ‫واملحظوظة الوحيدة املوجودة يف العامل اليوم‪ ،‬هي‬
‫والدمار‪ .‬فالبدوي عاشق الرتحال والسلب والنهب‬ ‫التي ظلت بعيدة ومبنأى عن ثقافة وفكر الصحراء‬
‫والغزو‪ ،‬ال يقيم ال�صروح وال البنان‪ ،‬وال تعني له‬ ‫والبدو‪ ،‬ومل تصلها «إشعاعاتها» الصدامية اإلشكالية‪،‬‬
‫القصور شيئاً‪ ،‬فخيمته موجودة‪ ،‬كخيمة القذايف‪،‬‬ ‫وأيضاً يحرضنا هنا قول البن خلدون‪ « :‬إنهم يف‬
‫أينام تواجد ينصبها‪ ،‬وحني يقيض حاجاته‪ ،‬ينتقل إىل‬ ‫األصل أمة متوحشة همـّها نهب ما عند الناس‪ ،‬و‬
‫مكان جديد لزرع الدمار والخراب فيه(‪ ،)1‬يقول ابن‬ ‫حتى عندما ك ّونوا دوال منذ زمن الخالفة الراشدة ‪،‬‬
‫خلدون‪« :‬العرب أمة وحشية ‪ ،‬أهل نهب و َع َبث ‪،‬‬ ‫فقد زالت برسعة‪ ،‬و تق ّوض عمرانها و أُفقر ساكنها»‪.‬‬
‫وإذا تغلبوا عىل أوطان أرسع إليها الخراب ‪ ،‬يهدمون‬ ‫ولذا نرى السؤال االستفهامي األبدي الذي يتساءله‬
‫الرصوح و املباين ليأخذوا حجارتها أثا َّيف للقدور‪،‬‬ ‫الصحراويون البدو األعراب‪ ،‬ومن يف حكمهم‪ ،‬بتذمر‪،‬‬
‫ويخربون السقوف ليع ّمروا بها خيامهم‪ ،‬وليست‬ ‫وقهر‪« :‬ملاذا ال أحد يفهم ويتقبل ثقافتنا وسلوكنا‬
‫لهم عناية باألحكام وزجر الناس عن املفاسد ‪ ،‬وأنهم‬ ‫وأينام حللنا حل الدمار والبؤس والخراب؟» ويحرض‬
‫أبعد الناس عن العلوم و الصناعات‪ ،».‬ولذا كان كل‬ ‫ابن خلدون هنا بقوله الشهري‪« :‬العرب إذا تغلّبوا عىل‬

‫‪13‬‬
‫العرب وتزييف التاريخ‬ ‫نضال نعيسة‬

‫بدأ التفسخ‪ ،‬والتململ‪ ،‬والترشذم وانقسام وتذرر‬ ‫العلامء واملبدعون الكبار واألطباء‪ ،‬فيام يقولون عنه‬
‫املجتمع الذي عكسته حركات سياسية وفكرية‪،‬‬ ‫«حضارتهم» من غري العرب كالرازي‪ ،‬والفارايب‪ ،‬وابن‬
‫كاملعتزلة‪ ،‬والقرامطة‪ ،‬والزنادقة‪ ،‬والقدرية واملرجئة‪،‬‬ ‫سينا‪ ،‬وسيبويه‪ ،‬وابن املقفع‪ ،‬والخوارزمي‪ ،......‬لكن‪،‬‬
‫الجربية واملشبهة والجهمية‪....‬إلخ‪ ،‬وغريها الكثري‬ ‫ولألمانة‪ ،‬وليشهد الله‪ ،‬أن كل رموز القتل واإلفتاء‬
‫مام انتهى إىل مجازر بحقها‪ ،‬وانتصارا ً لتيار العنف‪،‬‬ ‫اإلجرامي كانوا من العرب من خالد بن الوليد الذي‬
‫الذي أسس للقهر‪ ،‬والديكتاتورية‪ ،‬وثقافة االستبداد‬ ‫شوى رأس مالك بن نويرة واغتصب زوجته يوم‬
‫األبدية يف هذه املنطقة‪ .‬وال ندري يف الحقيقة‪ ،‬أي‬ ‫قتله‪ ،‬إىل ابن تيميه‪ ،‬وتلميذه ابن القيم الجوزية‪،‬‬
‫إله‪ ،‬وأية رسالة «ن��ور»‪ ،‬تلك التي تقول اذهبوا‪،‬‬ ‫وتلميذهم املعارص اإلخواين «املعتدل» القرضاوي‪،‬‬
‫واقتلوا‪ ،‬واسبوا‪ ،‬ودمروا‪ ،‬واغتصبوا الصغريات‪ ،‬من‬ ‫عبد الناتو الذليل‪ ،‬فكلهم من أصحاب فتاوي القتل‬
‫أجل كسب «الحسنات» والربكات الساموية‪ ،‬وتحقيق‬ ‫وجز ونحر قطع الرقاب التي تعكس ثقافة وتفكري‬
‫الطاعة والسكينة النفسية عىل جامجم البرش‪،‬‬ ‫وتنشئة البدوي العريب الصحراوي‪ ،‬ونزعته اإلجرامية‬
‫والفرح واالستمتاع بأخبار القتل والغزو «الفتوحات»‬ ‫التكفريية‪.‬‬
‫وقتل اآلمنني‪ ،‬وسبي العذراوات‪ ،‬وتدمري البنيان‪،‬‬
‫وإقامة األنظمة الهمجية والرببرية األبوية الالهوتية‬ ‫ومنذ البواكري األوىل لتبلور‪ ،‬وانتصار ذاك التيار‪ ،‬ويف‬
‫والكهنوتية الظالمية املتزمتة املغلقة املتخلفة وامللك‬ ‫قلب الصحراء التي خرج منها نحو العامل‪ ،‬بعوملة‬
‫العضوض وفرض الخ ّوات واألت��اوات والجزية عىل‬ ‫«رسالة» الغزو‪ ،‬والسبي والنكاح‪ ،‬والدعارة املرشعنة‬
‫رقاب الناس لقرون من الزمان‪ ،‬تلك الثقافة التي مل‬ ‫برضا السامء‪ ،‬والنهب‪ ،‬وترشيع القتل‪ ،‬تولدت جبهات‬
‫تنتج أي فكر‪ ،‬وال فن‪ ،‬وال إبداع‪ ،‬ومتيـّزت مجتمعاتها‪،‬‬ ‫الرفض‪ ،‬واالنسحاب «االرتداد» بأشكال مختلفة بد ًء‬
‫عىل ال��دوام‪ ،‬بالجهل والجهالة والبداوة‪ ،‬والفقر‬ ‫باملقاومة العنيفة للتيار يف بداياته ورفضه متاماً يف‬
‫والبؤس والرثاثة والرداءة والفوىض والغباء؟‬ ‫عاصمة الرسالة الخالدة‪ ،‬مكة‪ ،‬ذاتها‪ ،‬لذا انتقل‬
‫«هاجر» (هنا‪ ،‬أيضاً‪ ،‬إعطى بعدا ً روحانياً لتكتيك‬
‫وطوال هذا التاريخ املديد حاول من يسم ّـون بالعرب‪،‬‬ ‫االنسحاب وإعادة االنتشار والتموضع العسكري)‪،‬‬
‫تجميل ما حصل يف تاريخهم «الكجيد‪( ،‬هذه من‬ ‫للمدينة‪ ،‬مرورا ً مبا يسمى بحروب الردة‪ ،‬وهي يف‬
‫خطاب وإعالم البعث‪ ،‬إي وأيم الله)‪ ،‬وإسباغ صفات‬ ‫حقيقتها ليست سوى مجازر‪ ،‬وعمليات إبادة جامعية‬
‫القداسة‪ ،‬والروحنة‪ ،‬عليه‪ ،‬عله يكتسب رشعية وقبوالً‬ ‫إجرامية جرت ملجاميع برشية انتفضت‪ ،‬وثارت‬
‫ما‪ ،‬والتعتيم عىل كل حركات الرفض واالحتجاج‬ ‫رافضة ذاك النهج الدموي‪ ،‬والثقافة والتيار السيايس‬
‫ووصفها بالزندقة والرشك والشك بأحقية وكاملية‬ ‫العنيف الذي فرض نفسه عىل املجتمع ونك ّـد حياة‬
‫وصوابية ثقافة الصحراء‪ ،‬ويحاولون تقديم أنفسهم‬ ‫البرش‪ ،‬وانتهت بانتصار تيار العنف املؤسس عسكرياً‬
‫للعامل كحملة رسالة «نور» وفق الخطاب إياه‪ ،‬وتربير‬ ‫واملطعـّم روحانياً عىل تيار الرفض واالنسحاب‪ ،‬وتم‬
‫أن كل ما حصل يف التاريخ من مجازر وإبادات وقتل‬ ‫وصم زعيم ذاك التيار «مسيلمة» بـ»الكذّاب»‪ .‬ومن‬
‫ومخا ٍز يندى لها جبني البرشية‪ ،‬هو لحامية تلك‬ ‫قلب ذاك التيار‪ ،‬والكيان اإلمرباطوري العسكريتاري‬
‫الرسالة «النورانية» الروحانية الفريدة من الزوال‬ ‫التوسعي الذي غزا حضارات ودول الجوار ودم ّـرها‪،‬‬
‫‪14‬‬
‫العرب وتزييف التاريخ‬

‫وأجراء و» ‪ « Serial Killers‬رسميني مسجلني عند‬ ‫واالضمحالل‪ ،‬وشتى أن��واع التشويه وسوء الفهم‬
‫رشكات بالك ووتر‪ ،‬وتدمري البنى التحتية للبلدان‪،‬‬ ‫والتآمر ومحاوالت التخلص منها‪ .‬املهم انتهى كل‬
‫وارتكاب املجازر الجامعية‪ ،‬ونرش الفوىض والفقر‬ ‫ذاك السعي والرسالة إىل دمار هائل‪ ،‬وتشويه ومسخ‬
‫والفتك بالزرع والرضع‪( ،‬رحم الله ابن خلدون)‪،‬‬ ‫لعقول وأدمغة كل الشعوب واألم��م والحضارات‬
‫كل هذا هو ربيع عريب‪ ،‬وثورات وإىل آخر ما هنالك‪،‬‬ ‫والبلدان التي انضوت تحتها بحد السيف‪ ،‬ووصلتها‪،‬‬
‫من هذه املصفوفات الكاذبة البلهاء‪ .‬وهناك اليوم‬ ‫بطريقة ما‪ ،‬ثقافة الصحراء «الروحانية» تلك‪ ،‬التي مل‬
‫ألف ابن خلدون يفن ّـد‪ ،‬ويكذّب كل هذه الروايات‬ ‫رشه عن‪،‬‬‫تفلح يف تهذيب اإلنسان‪ ،‬وتشذيبه‪ ،‬وردع ّ‬
‫والسخافات واالستخفاف بعقول البرش كام استخف‬ ‫وعدوانه عىل‪ ،‬اآلخرين‪ ،‬ولجم اندفاعاته وطموحاته‬
‫أجدادهم األولون بعقول البرش‪ ،‬ويرفعون يف وجه‬ ‫التوسعية‪ ،‬أو حثه‪ ،‬حتى‪ ،‬عىل التحكم بأعضائه‬
‫رافضيها األسنة والرماح واالستقواء بالناتو ودول‬ ‫التناسلية‪ ،‬عندما متر أية أنثى من أمامه‪ ،‬وال فرق‪ ،‬ها‬
‫اإلجرام العاملي الكبار واستخباراتها‪ ،‬وإسباغ قدر من‬ ‫هنا‪ ،‬إن كانت أنثى حيوان‪ ،‬أو أنثى إنسان‪( .‬هناك‬
‫الرومانسية والجامل والطهرانية الثورية والحرية‪،‬‬ ‫فقه كامل حول «وضع» نكح الحيوان من قبل البرش‪،‬‬
‫كام فعلوا سابقاً يف التاريخ القديم‪ ،‬عىل ما يحصل‬ ‫يف ثقافة الصحراء‪ ،‬وسؤال البدو التاريخي‪ :‬هل هو‬
‫اليوم من تآمر‪ ،‬وعاملة‪ ،‬وتحالف عىل اإلثم والبغي‬ ‫حالل أم حرام؟)‬
‫والعدوان‪.‬‬
‫واليوم‪ ،‬انتقل العرب‪ ،‬إىل طور جديد من التزييف‪،‬‬
‫أن الرسالة الوحيدة التي حملها ويحملها العرب عرب‬ ‫والدجل‪ ،‬والنفاق‪ ،‬واختالق األكاذيب‪ ،‬عرب تزييف‬
‫التاريخ هو تزييفه‪ ،‬ومحاولة تجميل وتربير وجودهم‬ ‫وتشويه وتسفيه ومسخ كل تلك املصطلحات‪،‬‬
‫الطفييل علىى مرسح الحياة والتاريخ‪ ،‬وتربير إجرامهم‬ ‫واملفاهيم والتجارب السامية والراقية التي عرفها‬
‫وجهلهم وجهالتهم وتخلفهم األبدي‪ ،‬وهذا ليس من‬ ‫البرش عرب التاريخ‪ ،‬يف محاولة فاشلة ويائسة لحرش‬
‫عندنا‪ ،‬بل ملفكر عظيم‪ ،‬هو ابن خلدون‪ ،‬عاين وقاىس‬ ‫أنفسهم يف تاريخ البرش املعترب‪ ،‬والتقليل من آثار‬
‫وكابد‪ ،‬واكتشف مبكرا ً كذب وزيف ودجل هؤالء‬ ‫عقدة الدون والنقص التاريخية التي يعانون منها‪،‬‬
‫البدو األعراب‪ ،‬وخواء وبطالن رسالتهم الجوفاء‪.‬‬ ‫حني اكتشفوا أنهم يف ذيل وحضيض الركب والحضارة‬
‫البرشية‪ ،‬وذلك عرب تشويه مفاهيم الثورة‪ ،‬والربيع‬
‫العريب‪ ،‬التي مل تكن لتختلف البتة عام حصل يف‬
‫(‪ -)1‬من خ َـبـِر الحياة املعارصة‪ ،‬يف ما يسمى بجزيرة‬ ‫التاريخ البعيد من غ��در‪ ،‬وتآمر‪ ،‬وقتل وإج��رام‪.‬‬
‫العرب‪ ،‬يدرك أن بدو اليوم األأثرياء يبنون «خيمة»‬ ‫فالتحالف مع قوى ال�شر‪ ،‬واالس��ت��زالم والعبودية‬
‫بجانب كل قرص أو منزل وحتى فيلال يعيش بها‬ ‫للناتو‪ ،‬وقلب أنظمة الحكم‪ ،‬وغزو دول الجوار باملال‬
‫البدوي‪.‬‬ ‫البرتودوالري وتجنيد املرازقة والقتلة من «مجاهدي»‬
‫النكاح طالبي اللذة الساموية من كل أصقاع العامل‪،‬‬
‫وقتل البرش اآلمنني‪ ،‬واالس�ترزاق والعمل كبلطجية‬

‫‪15‬‬
facebook group :https://www.facebook.com/groups/463489917026603/

Blog : https://www.aamagazine.blogspot.com

facebokPage : https://www.facebook.com/pages/AAMagazine/498136386890299

16
‫تغييب العقل يف النص القرآين‬

‫ِب َغيرْ ِ نَف ٍْس لَ َق ْد ِجئْ َت شَ يْئًا نُ ْك ًرا (‪ )74‬ق ََال أَلَ ْم أَق ُْل‬ ‫« حوار موىس والخرض منوذجا»‬
‫ل ََك إِن ََّك لَ ْن ت َْستَ ِطي َع َم ِع َي َصبرْ ًا (‪ )75‬ق ََال إِ ْن َسأَلْتُ َك‬
‫ْت ِم ْن لَ ُدنيِّ‬‫اح ْب ِني قَ ْد بَلَغ َ‬ ‫َع ْن شيَ ْ ٍء بَ ْع َد َها فَلاَ ت َُص ِ‬ ‫باألمس كان يوم الجمعه‪ ،‬ذلك اليوم الذي ينفر‬
‫ُع ْذ ًرا (‪ )76‬فَانْطَلَقَا َحتَّى إِذَا أَتَ َيا أَ ْه َل قَ ْريَ ٍة ْاستَطْعَماَ‬ ‫فيه املسلمون إيل املساجد يف الظهريه من اجل اداء‬
‫أَ ْهلَ َها فَأَبَ ْوا أَ ْن يُضَ يِّفُو ُهماَ فَ َو َج َدا ِفي َها ِج َدا ًرا يُرِي ُد أَ ْن‬ ‫شعريه تعارفوا عليها وسنها لهم البصمجي الجاهل‬
‫يَ ْنق ََّض فَأَقَا َم ُه ق ََال لَ ْو ِشئْ َت لاَ ت َّ َخ ْذتَ َعلَيْ ِه أَ ْج ًرا (‪)77‬‬ ‫محمد عبدالله‪.‬‬
‫ق ََال َهذَا ِف َر ُاق بَ ْي ِني َوبَ ْي ِن َك َسأُنَ ِّبئُ َك ِبتَأْوِيلِ َما لَ ْم‬
‫الس ِفي َن ُة فَكَان َْت لِ َم َساكِ َني‬ ‫ت َْستَ ِط ْع َعلَ ْي ِه َصبرْ ًا (‪ )78‬أَ َّما َّ‬ ‫ما لفت إنتباهي هو قراءة سورة الكهف‪ ،‬والنني‬
‫يَ ْع َملُو َن فيِ الْ َب ْح ِر فَأَ َردْتُ أَ ْن أَ ِعي َب َها َوكَا َن َو َرا َء ُه ْم‬ ‫أسكن يف منطقه تعج باملساجد من كل حدب‬
‫َملِ ٌك يَأْ ُخ ُذ ك َُّل َس ِفي َن ٍة غ َْصبًا (‪َ )79‬وأَ َّما الْغُلاَ ُم فَكَا َن‬ ‫وصوب وترتفع فيها اصوات امليكرفونات بالنعيق‬
‫أَبَ َوا ُه ُم ْؤ ِم َنينْ ِ فَخ َِشي َنا أَ ْن يُ ْر ِه َقهُماَ طُ ْغيَانًا َوكُ ْف ًرا (‪)80‬‬ ‫والنعر خمس مرات يف اليوم‪ ،‬فلم أقدر ان أمنع‬
‫فَأَ َر ْدنَا أَ ْن يُ ْب ِدلَهُماَ َربُّهُماَ َخيرْ ًا ِم ْن ُه َزكَا ًة َوأَقْ َر َب ُرحْماً‬ ‫نفيس من سامع هذا الكالم الغث‪ ،‬لكني أشكر ذلك‬
‫(‪َ )81‬وأَ َّما الْ ِج َدا ُر فَكَا َن لِغُلاَ مَينْ ِ يَ ِتيمَينْ ِ فيِ الْ َم ِدي َن ِة‬ ‫املذياع القابع فوق سطح املنزل املقابل لنا ألنه‬
‫َوكَا َن تَ ْحتَ ُه كَ ْن ٌز لَهُماَ َوكَا َن أَبُو ُهماَ َصالِ ًحا فَأَ َرا َد َربُّ َك‬ ‫ألهمني فكرة هذا املقال‪.‬‬
‫أَ ْن يَبْلُغَا أَشُ َّد ُهماَ َويَ ْستَ ْخ ِر َجا كَ ْن َز ُهماَ َر ْح َم ًة ِم ْن َربِّ َك‬
‫َو َما فَ َعلْتُ ُه َع ْن أَ ْمرِي َذلِ َك تَأْو ُِيل َما لَ ْم ت َْس ِط ْع َعلَيْ ِه‬ ‫ولنبدأ يف العرض للنص القرآين الذي أقصده وهو من‬
‫َصبرْ ًا (‪)82‬‬ ‫سورة الكهف‪:‬‬

‫تبدأ القصه كام ورد يف األثر بأن موىس أدعي انه اعلم‬ ‫ق ََال َذلِ َك َما كُ َّنا نَ ْبغِ فَا ْرتَ َّدا َعلىَ َآث َا ِر ِهماَ ق ََص ًصا (‪)64‬‬
‫اهل األرض يف زمانه‪ ،‬فغضب الله منه وقرر أن يؤدبه‬ ‫فَ َو َج َدا َعبْ ًدا ِم ْن ِعبَا ِدنَا َآتَيْ َنا ُه َر ْح َم ًة ِم ْن ِع ْن ِدنَا‬
‫عيل فعلته والنه كليمه تكلم مع الله وأخربه ان هناك‬ ‫َو َعلَّ ْم َنا ُه ِم ْن لَ ُدنَّا ِعلْماً (‪ )65‬ق ََال لَ ُه ُموسىَ َه ْل‬
‫عيل ظهر االرض من هو اعلم منه وما كان من موىس‬ ‫أَتَّ ِب ُع َك َعلىَ أَ ْن تُ َعلِّ َمنِ ِمماَّ ُعلِّ ْم َت ُرشْ ًدا (‪ )66‬ق ََال‬
‫إال أن استنفر ملالقاة هذا الرجل الذي أبلغه الله بانه‬ ‫إِن ََّك لَ ْن ت َْستَ ِطي َع َم ِع َي َصبرْ ًا (‪َ )67‬وكَ ْي َف ت َْصبرِ ُ َعلىَ‬
‫اعلم منه‪.‬‬ ‫َما لَ ْم ت ُِح ْط ِب ِه ُخبرْ ًا (‪ )68‬ق ََال َستَ ِجدُنيِ إِ ْن شَ ا َء اللَّ ُه‬
‫َصا ِب ًرا َولاَ أَ ْع يِص ل ََك أَ ْم ًرا (‪ )69‬ق ََال فَ ِإنِ اتَّبَ ْعتَ ِني فَلاَ‬
‫وكانت العالمه عيل وجود هذا الرجل هو ان تغييب‬ ‫ت َْسأَلْ ِني َع ْن شيَ ْ ٍء َحتَّى أُ ْح ِدثَ ل ََك ِم ْن ُه ِذكْ ًرا (‪)70‬‬
‫السمكه ( الحوت يف البحر)‬ ‫الس ِفي َن ِة َخ َرقَ َها ق ََال أَ َخ َرقْتَ َها‬
‫فَانْطَلَقَا َحتَّى إِذَا َركِ َبا فيِ َّ‬
‫لِتُ ْغر َِق أَ ْهلَ َها لَ َق ْد ِجئْ َت شَ ْيئًا إِ ْم ًرا (‪ )71‬ق ََال أَلَ ْم أَق ُْل‬
‫ولنبدا من هنا يف طرح أسئلتنا‪:‬‬ ‫اخ ْذنيِ‬‫إِنَّ َك لَ ْن ت َْستَ ِطي َع َم ِع َي َصبرْ ًا (‪ )72‬ق ََال لاَ تُ َؤ ِ‬
‫‪ :1‬ما هي رضورة ذكر الدليل املكاين ( قفز السمكه‬ ‫يت َولاَ تُ ْر ِه ْق ِني ِم ْن أَ ْمرِي ُعسرْ ًا (‪ )73‬فَانْطَلَقَا‬ ‫بمِ َا ن َِس ُ‬
‫إيل البحر مره اخري) كعالمه لوصول موىس ملكان‬ ‫َحتَّى إِذَا لَ ِقيَا ُغلاَ ًما فَ َقتَلَ ُه ق ََال أَقَتَل َْت نَف ًْسا َزكِيَّةً‬

‫‪17‬‬
‫تغييب العقل يف النص القرآين‬ ‫‪Hunger Mind‬‬

‫بأال يدعي مطلقا ابدا بانه عيل علم؟ فها هي احداث‬ ‫الخرض‪ ،‬مل يقل الله لكليمه عيل املكان مبارشه ويكون‬
‫تقع امام عينيك وانت ال تدري ما سببها‬ ‫قد وفر عليه عناء البقاء يقظا طوال الرحله من اجل‬
‫( بفتكر كلمة مدرس اإلبتدايئ ملا يجيب سؤال صعب‬ ‫اإلنتباه للعالمه؟‬
‫من مستوي اعيل عشان يعجز طالب بيحب يسأل‪،‬‬
‫فعشان يداري عجزه وخيبته وعدم متكنه من علمه‬ ‫‪ :2‬ما هي املده الزمنيه التي بقيت فيها تلك السمكه‬
‫وكذا زيف إدعائه وعشان كامن يريح دماغه من زن‬ ‫مع موىس يف القارب؟؟ وما هو نوع تللك السمكه‬
‫األسئله‪ ،‬فيقولو ما تجاوب‪ ،‬ما تجاوب عشان تبقي‬ ‫التي تقدر أن تقفز يف املياه مره اخري وكانها مل‬
‫تبطل تتفلحس)‬ ‫تفارقها؟؟‬

‫‪ :3‬فيم كان ذكر الفتي يوشع بن نون‪ ،‬وأين ذهب وهنا نعرج ببساطه ان طبيعة العقل البرشي هو‬
‫بعد وصول موىس‪ ،‬أم هو كان مجرد سائق ملوىس مع انه يبحث دوما عن سبب‪ ،‬وتستفزه الترصفات الغري‬
‫العلم انه طبقا للنص قد عادا معا إيل املكان الذي منطقيه فيبدأ بالبحث عن ما يشفي غليل سؤاله‪،‬‬
‫اضف إيل ذلك انك يف حرضة رجل قال رب موىس‬ ‫قفزت فيه ا لسمكه عائدة إيل املياه ( آيه ‪)65‬‬
‫أنه اعلم اهل األرض‪ ،‬ثم ما هو املغزي من الرحله ؟‬
‫‪ :4‬كيف لرجل أويت رحمة وعلام تفصله بني موىس‬
‫بالد وبالد ان يعرف مسبقا بان موىس مل ولن يصرب أهو التكدير والعقاب ؟؟ إذا فلامذا تغليفها بغالف‬
‫رحلة البحث العلمي؟‬ ‫عيل مصاحبته‬
‫( آيه ‪)67‬‬
‫أم كانت رحله غرضها فعال التعليم واإلستكشاف‬
‫‪ :5‬ما رضورة التلميح بغباء هذا الخرض يف اآليه (‪ )68‬وتعلم ما هو جديد‪ ،‬إذا مل��اذا تعذيب موىس يف‬
‫طلب األجابه عيل األسئله‪ ،‬ملاذا يظهر يف صورة من‬ ‫النه وببساطه إذا كان لدي موىس خربا‬
‫يستجدي األجوبه؟ وما الرضوره‬ ‫فام حاجته أصال أن يأيت إليك؟‬
‫يف معرفة اإلجابه لكل األسئله مرة واحده؟‬
‫‪ :7‬كيف لنبي من اويل العزم أال يكون صبورا ؟؟‬
‫وتبقي دوما عالمات اإلستفهام حائره بال أجوبه سوي‬
‫‪ :8‬ملاذا بقي الخرض دوما طوال الرحله كتوما عن من إجابة واحده وهي ايضا من هذا النص الغث‬
‫« ال تسئلوا عن أشياء إن تبدي لكم تسوؤكم»‬ ‫موىس وال يريد أن يجيبه عيل أسئلته؟‬
‫« وما اوتيتم من العلم إال قليال»‬
‫أتراه كان ينمي فيه غريزه اإلشتياق إيل املعلومه؟‬
‫أم كان مستعجبا ومستنكرا اصال لعملية السؤال؟؟‬
‫أم كانت رحله لتكدير صفو موىس وتاديبه وتعليمه‬

‫‪18‬‬
‫آيات تُثبت عدم وجود اهلل‬

‫اإلميان أعمى ويُعمي بصرية اإلنسان‪ ،‬ولذلك َس ِخ َر اإلسالميون األوائل من عرب ما قبل اإلسالم وقالوا إنهم كانوا‬
‫يعيشون يف جاهلية‪ ،‬أي جهل تام‪ ،‬ألنهم كانوا يصنعون آلهتهم من العجوة ويتعبدون إليها ثم يأكلونها إذا‬
‫جاعوا‪ .‬فلو صحت هذه الروايات فإنها ت ُثبت أن اإلميان فعالً يُلغي العقل‪ .‬فهؤالء األعراب ما تعبدوا لآللهة‬
‫املصنوعة من العجوة إال ألنهم كانوا يعتقدون اعتقادا ً جازماً أن تلك اآللهة تحميهم من الرش وتساعدهم عىل‬
‫الخري‪ ،‬رغم أنهم صنعوها بأنفسهم‪.‬‬

‫واملسلمون الذين جاؤوا بعدهم مل يختلفوا عنهم كثريا ً‪ ،‬فهم صنعوا إلهاً من األوهام بدل العجوة وتعبدوا إليه‪،‬‬
‫ويعتقدون جازمني أن هذا اإلله يحميهم من الرش ويساعدهم عىل الخري وعىل حرب أعدائهم‪ .‬فهم صنعوا‬
‫إلهاً له صفات اإلنسان من أيدي وأرجل ووجه وفم ينطق به ويضحك به‪ ،‬ويغضب ويفرح ويستحي‪ ،‬ويرتدد‪،‬‬
‫ويجلس عىل الكريس ويستوي عىل العرش‪ ،‬وينزل من السامء السابعة أو ما فوقها إىل السامء الدنيا ليستجيب‬
‫لدعوة الداعي‪ ،‬كأمنا به ضعفاً يف السمع فال يسمع الدعوات وهو يف السامء السابعة‪ ،‬فال بد له أن ينزل إىل‬
‫السامء الدنيا‪ .‬وقد كفّر ابن تيمية ومن بعده بن باز‪ ،‬كالً من أنكر نزول الله إىل السامء الدنيا ليسمع الدعوات‪.‬‬
‫وبعض املسلمني الذين جاؤوا بعدهم ألهو بعض الرجال الذين زعموا أنهم تجسيم الله‪ ،‬وآمنوا بهم لدرجة‬
‫أنهم ضحوا بأنفسهم من أجل حامية ربهم الرجل‪( .‬ظهر املقن ُع بخراسان ‪ ،‬وكان رجالً أعو َر قصريا ً من أهل مرو‬
‫فس ّمي املقن ُع وا َدعى األلو ِه َّية‪ ،‬وكان‬
‫ُويس َمى حكيامً ‪ ،‬وكان ات َّخ َذ و ْجهاً من ذهب فجعله عىل وجهه لئالً يُرى ‪ُ ،‬‬
‫خلق آدم فتح َّو َل يف صورتِ ِه ث َّم يف صور ِة نوح وهلم جرا إىل أيب ُم ْسلم الخراساين ثم تح ّو َل إىل‬
‫يقول ‪ :‬إن الله َ‬
‫هاشم ‪ ،‬وهاشم يف دعواه هو املق َّنع ‪ ،‬ويقول بالتناسخ ‪ ،‬وتابَ َع ُه خل ٌْق من ضالً ِل الناس وكانوا يسجدون له من‬
‫وتحصنوا يف قلع ٍة بسيام‬
‫ّ‬ ‫خلق كثري‬
‫أي النواحي كانوا ‪ ،‬وكانوا يقولون يف الحرب ‪ :‬يا هاشم أع ّنا ‪ ،‬واجتم َع إليه ٌ‬
‫وسنجردة وهي من رساتيق كش) (الكامل للمربد‪ ،‬ج‪ ،5‬ص ‪.)230‬‬

‫فهذا الرجل األعور القصري استطاع أن يقنع خلقاً كثريا ً بأنه الله وسجدوا له وطلبوا منه النرص يف الحروب‪.‬‬
‫ويف سنة ‪ 141‬هجرية‪( ،‬كان خروج الراوندية عىل املنصور ‪ ،‬وهم قوم من أهل خراسان عىل رأي أيب مسلم‬
‫صاحب الدعوة يقولون بتناسخ األرواح ؛ يزعمون أن روح آدم ىف عثامن بن نهيك وأن ربهم الذي يطعمهم‬
‫ويسقيهم هو املنصور وان جربائيل هو الهيث ّم ابن معاوية‪ ،‬فلام ظهروا جاؤوا لقرص املنصور فقالوا ‪ :‬هذا قرص‬
‫ربنا ‪ ،‬فأخذ املنصور رؤساهم فحبس منهم مائتني فغضب أصحابهم وأخذوا نعشاً وحملوا الرسير وليس يف‬
‫النعش أحد ومروا به حتى صاروا عىل باب السجن فرموا بالنعش وحملوا عىل الناس ودخلوا السجن وأخرجوا‬
‫أصحابهم ‪ ،‬وقصدوا نحو املنصور وهم يومئذ ستامئة رجلِ فتنادى الناس وغلقت أبواب املدينة فلم يدخل‬
‫أحد) (الكامل‪ ،‬ج‪ ،5‬ص ‪ .)129‬فاإلمئان ال يتطلب برهاناً‪ .‬واالدعاء بوجود إله يف السامء ال يختلف عن ما ادعاه‬
‫الراوندية وغريهم‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫آيات تُثبت عدم وجود اهلل‬ ‫كامل النجار‬

‫والغريب أن املسلمني جعلوا هذا اإلله الذي يشبه اإلنسان يف كل يشء‪ ،‬قادرا ً عىل صنع املعجزات وعىل خلق‬
‫كل يشء مبجرد أن يقول له كن فيكون‪ .‬ولكن القرآن مل يقدم لنا دليالً واحدا ً عىل أن الله قال ليشء كن فكان‪.‬‬
‫فهو قد خلق العامل يف ستة أيام‪ ،‬وبنى السامء بيديه‪ ،‬وخلق آدم بيديه‪ ،‬وق ّدر أقوات األرض يف أربعة أيام‪،‬‬
‫وعندما حاول مساعدة املسلمني يف بدر‪ ،‬أرسل لهم املالئكة لتساعدهم يف املعركة بدل أن يقول للكفار‪ :‬انهزموا‬
‫فينهزمون‪ ،‬وعندما أراد أن يجعل مريم تحبل بعيىس‪ ،‬مل يقل لعيىس كن يف رحمها‪ ،‬وإمنا أرسل روحه لينفخ يف‬
‫فرجها الذي كانت قد أحصنته‪ .‬ومع ذلك ظلوا يرددون «سبحان الذي إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون»‪،‬‬
‫وجعلوا سلطانه فوق كل يشء‪ ،‬فأنت ال ترمي بسهمك إمنا الله يرمي به‪ ،‬وانت ال ترضب إمنا الله يرضب بدالً‬
‫عنك‪ .‬بل جعلوا له كنانة مليئة بالسهام التي يرمي بها‪ .‬ورووا حديثاً عن عائشة‪:‬‬

‫هب مذعورا ً من نومه وهو يُر ّجع‪ ،‬فقالت له عائشة‪ :‬مالك أنت بأيب وأمي‪ .‬فقال‪ُ :‬س ّل عمود اإلسالم‬ ‫أن النبي ّ‬
‫رميت برصي فإذا هو قد غُرز يف وسط الشام‪ ،‬فقيل يل‪ :‬يا محمد إن الله تبارك وتعاىل اختار‬ ‫من تحت رأيس ثم ُ‬
‫لك الشام وجعلها لك عزا ً ومحرشا ً‪ ،‬وذكروا أن من أراد الله به خريا ً أسكنه الشام‪ ،‬ومن أراد به رشا ً أخرج سهامً‬
‫من كنانته وهي معلقة وسط الشام‪ ،‬فرماه به فلم يسلم دنيا وال آخرة (تاريخ دمشق البن عساكر‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‬
‫‪ .)100‬فالله أصبح صيادا ً يرمي بالسهام بدل أن يقول لليشء كن فيكون‪.‬‬

‫وأسامء الله أغلبها تقول بقوته وشدة انتقامه وجربوته وبطشه‪ ،‬وأكد لهم القرآن ذلك حينام قال (إن بطش‬
‫ربك لشديد‪ .‬إنه هو يبدي ويعيد‪ .‬وهو الغفور الودود‪ .‬ذو العرش املجيد‪ .‬ف ّعال ملا يريد) (الربوج ‪.)16-12‬‬
‫فالله صاحب البطش الشديد والذي يفعل ما يريد‪ ،‬وصاحب كنانة السهام املعلقة يف وسط الشام‪ ،‬ال يستطيع‬
‫االنتصار لنفسه من أعدائه من البرش‪ ،‬فهو إما أنه ضعيف لدرجة أنه ال يستطيع ذلك‪ ،‬أو أنه غري موجود‪.‬‬
‫نصب املسلمون أنفسهم مدافعني عن الله‪ ،‬رغم أن الله قد قال (إ ّن الله يدافع عن الذين آمنوا أ ّن الله‬
‫ولذلك ّ‬
‫ال يحب كل خوانٍ كفور) (الحج ‪ .)38‬وقال القرطبي يف رشح هذه اآلية‪«( :‬يدافع» يعني يدفع عنهم املكروه‪).‬‬
‫ومع ذلك ال يستطيع هذا اإلله دفع املكروه عن نفسه فاشرتى من املؤمنني أنفسهم وأموالهم ليدافعوا عنه‪.‬‬
‫ويبدو أن الحكومة املرصية هي من أكرث املدافعني عن الله إذ (قالت تقارير صحفية إن الهيئة املرصية العامة‬
‫للكتاب قررت ايقاف توزيع مجلة أدبية تصدرها‪ ،‬لتضمنها قصيدة «تيسء إىل الذات اإللهية»‪ .‬ونقلت صحيفة‬
‫الحياة اللندنية الجمعة ‪ 2007-4-6‬عن رئيس تحرير مجلة « إبداع» الشاعر أحمد عبداملعطي حجازي قوله‬
‫إن رئيس الهيئة الحكومية الدكتور نارص األنصاري أبلغه بأنه اتخذ قرار االيقاف «بعدما تلقى شكاوى تعرتض‬
‫عىل مقطع يتعرض للذات اإللهية يف شكل ميسء يف قصيدة للشاعر حلمي سامل عنوانها‪ :‬رشفة ليىل مراد»‪).‬‬
‫(العربية نت‪.)2007/4/6 ،‬‬

‫فالله بكل سطوته ال يستطيع أن يوقف الشاعر حلمي سامل عن كتابة ونرش تلك القصيدة التي تيسء إىل ذاته‬
‫اإللهية‪ ،‬رغم أنه قد أرسل خمسة آالف من املالئكة املسومني لنرصة املسلمني‪ ،‬وال يستطيع أن يرسل مالكاً‬
‫واحدا ً ليمنع هذا الشاعر من اإلساءة إلية‪ ،‬أو حتى أن يقول له‪ :‬ال تكتب هذه القصيدة‪ ،‬فال يكتبها‪ .‬وكل هذا‬
‫‪20‬‬
‫آيات تُثبت عدم وجود اهلل‬

‫الضعف ألنه غري موجود‪.‬‬

‫ونجد يف القرآن آيات عديدة تثبت ملن يتمعنها أن الله ال وجود له إال يف مخيلة املسلمني الذين خلقوه من‬
‫الوهم بدل العجوة‪ .‬وألن القرآن ميلء بقصص األولني الذين خسف الله بهم األرض أو مسخهم قرودا ً وخنازيرا ً‪،‬‬
‫أصبح املسلم عندما يقرأ تلك اآليات يصدقها دون أي برهان عليها‪ .‬ففي سورة األعراف يخربنا القرآن عن قوم‬
‫عاد عندما تحدوا نبيهم (قالوا أجئتنا لنعبد الله وحده ونذر ما كان يعبد آباؤنا فأتنا مبا تعدنا إن كنت من‬
‫رص عاتية‪ .‬وعندما تحدى قوم‬ ‫الصادقني) (األعراف ‪ .)70‬فحسب األسطورة‪ ،‬استجاب الله لهم وأخذهم بريح رص ٍ‬
‫نوح نبيهم ( قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكرثت جدالنا فأتنا مبا تعدنا إن كنت من الصادقني) (هود ‪ ،)32‬استجاب‬
‫لهم الله وأغرقهم بالطوفان‪ .‬وطبعاً ليس هناك أي دليل يثبت هذه املزاعم‪.‬‬

‫و عرب ما قبل اإلسالم مل تنطلِ عليهم تلك القصص‪ .‬فعندما هدد محمد عرب مكة بأن الله سوف يخسف بهم‬
‫األرض‪ ،‬قالوا لله‪( :‬اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فامطر علينا حجارة من السامء أو ائتنا بعذاب أليم)‬
‫(األنفال ‪ .)32‬منتهى التحدي لله الذي قال إنه خسف األرض بقوم لوط ألن حفن ًة من الرجال كانوا ميارسون‬
‫اللواط‪ ،‬وأباد قوم صالح كذلك ألنهم عقروا ناقته‪ ،‬فهاهم عرب مكة يتحدون محمد وربه ويقولون له أنزل‬
‫علينا حجارة من السامء‪ .‬فهل استجاب رب محمد للتحدي؟ كال مل يستجب ألنه غري موجود‪ .‬فمكة ما زالت يف‬
‫مكانها ومل تنزل عليهم حجارة من السامء‬

‫وعندما رفض اليهود أن يتبعوا ملة محمد ألن دينهم سابق مللة محمد‪ ،‬هددهم محمد بآية تقول (يا أيها الذين‬
‫أوتوا الكتاب آمنوا مبا نزلنا مصدقاً ملا معكم من قبل أن نطمس وجوهاً فرندها عىل أدبارها أو نلعنهم كام لعنا‬
‫أصحاب السبت وكان أمر الله مفعوال) (النساء ‪.)47‬‬

‫فأهل الكتاب من يهود ومسيحيني رفضوا أن يؤمنوا مبا جاء به محمد‪ ،‬فامذا كان رد الله عليهم؟ هل طمس‬
‫وجوههم أو مسخهم قرد ًة وخنازير‪ ،‬كام زعم أنه مسخ أصحاب السبت ألنهم اصطادوا السمك يوم السبت‬
‫وكان قد منعهم أن يفعلوا ذلك؟ بالطبع مل يفعل شيئاً ألنه ال وجود له‪ .‬إنه إله من خيال زعم محمد أنه‬
‫مسطح عىل العرش يف السامء السابعة‪ .‬وما قيمة هذه التهديدات والوعيد التي أطلقها محمد باسم الله إن‬
‫كان الله ال ينفذها؟‬

‫عندما ضاقت األرض مبحمد يف مكة وقبل أن يهاجر إىل املدينة‪ ،‬جاء بآية تقول عن عرب مكة (وإن كادوا‬
‫ليستفزونك من األرض ليخرجوك منها وإذا ً ال يلبثون خلفك إال قليالً سنة قد من أرسلنا قبلك من رسلنا وال‬
‫تجد لسنتنا تحويل)ا (اإلرساء ‪.)76‬‬

‫‪21‬‬
‫آيات تُثبت عدم وجود اهلل‬

‫إله محمد يخربه أن عرب مكة إذا أخرجوه من مكة فلن يلبثوا بها بعده إال قليالً‪ .‬منتهى التهديد والوعيد‪.‬‬
‫ولكن عرب مكة مل يستكينوا‪ ،‬وتجمعوا حول دار محمد ليقتلوه‪ ،‬فهرب وهاجر إىل يرثب‪ .‬فمن الناحية العملية‬
‫هم قد أخرجوه من مكة‪ .‬فامذا حدث للوعيد بأنهم ال يلبثون بها بعده إال قليال؟ هاهم مازالوا مبكة وقد‬
‫أخرجوه منها‪ .‬فأين الله ووعيده؟‬

‫(لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثالثة وما من إله إال إل ُه واح ٌد وإن مل ينتهوا عام يقولون ليمسن الذين‬
‫كفروا منهم عذاب أليم) (املائدة ‪ .)73‬يقول القرطبي يف تفسري اآلية‪( :‬إن مل ينتهوا فسوف ينالهم عذاب أليم‬
‫يف الدنيا ويف اآلخرة‪ ).‬وهاهم املسيحيون يقولون بالثالوث حتى اآلن‪ ،‬أي بعد أكرث من ألف وأربعامئة سنة‬
‫بعد نزول اآلية‪ ،‬فأين الوعيد بالعذاب األليم يف الدنيا؟ طبعاً لن يصيبهم أي عذاب ألن الوعيد جاء من محمد‬
‫الذي زعم أنه من إله السامء غري املوجود؟‬

‫هدد الله الكافرين وقال ملحمد (قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف وإن يعودوا فقد مضت سنة‬
‫األولني) (األنفال ‪ .)38‬فالوعيد للكافرين هو أن ينتهوا من الكفر ويعتنقوا اإلسالم‪ ،‬وإال لو عادوا للكفر فسوف‬
‫تصيبهم سنة األولني الذين كفروا‪ ،‬أي سوف يخسف بهم األرض أو يرسل عليهم ريحاً رصرصا ً عاتية أو ما شابه‬
‫ذلك‪ .‬فامذا حدث؟ ما زال الكافرون باإلسالم أكرث من املؤمنني به‪ ،‬بل خرجت أعداد غفرية من اإلسالم بعد أن‬
‫اعتنقوه‪ ،‬كام حدث يف إسبانيا والربتغال‪ ،‬وكام يحدث اآلن يف تجمعات «املسلمون سابقاُ» ‪ Ex-Muslims‬التي‬
‫انترشت يف جميع أرجاء أوربا وأمريكا‪ .‬فأين ُسنة األولني التي هددهم بها إله السامء غري املوجود؟‬

‫قال القرآن عىل لسان الله عندما تحدث عن محمد وأنه ال يبلّغ إال ما أوحاه الله له (ولو تقول علينا بعض‬
‫األقاويل‪ .‬ألخذنا منه باليمني‪ .‬ثم لقطعنا منه الوتني‪ .‬فام منكم من ٍ‬
‫أحد عنه حاجزين) (الحاقة ‪ .)47-44‬فامذا‬
‫حدث عندما تقول محمد باآليات الشيطانية وقال (أفرأيتم الالت والعزى‪ .‬ومناة الثالثة األخرى‪ .‬ثم أضاف‬
‫عليها تلك الغرانيق العال وإن شفاعتهن لرتجى)؟ مل يحدث أي يشء لعدة أيام حتى راجع محمد نفسه وندم‬
‫عىل ما قال وادعى أن جربيل جاء إليه وأخربه أنه قد تقول عىل الله مبا مل يقل‪ ،‬فرتاجع محمد عن اآليات‬
‫الشيطانية اإلضافية التي ألقاها الشيطان عىل لسانه‪ .‬فهاهو محمد قد تقول عىل الله بعض األقاويل‪ ،‬فهل أخذ‬
‫الله منه باليمني وقطع منه الوتني؟ بالطبع مل يفعل ألنه ال وجود له‪.‬‬

‫عندما تحدث القرآن عن اليهود بعد أن يئس محمد من إقناعهم باإلسالم‪ ،‬قال (وألقينا بينهم العداوة والبغضاء‬
‫إىل يوم القيامة كلام أوقدوا نارا ً للحرب أطفأها الله) (املائدة ‪ .)64‬فأين العداوة والبغضاء بني اليهود؟ فهم اآلن‬
‫من أكرث امللل ارتباطاً بعضهم ببعض وكل واحد منهم يدافع عن إرسائيل ويتربع باألموال من أجلها‪ ،‬والحكومة‬
‫اإلرسائلية تبحث عن اليهود أينام كانوا وتحرضهم إىل أرسائيل‪ .‬وهاهم اآلن يوقدون نرياناً للحرب كام حدث يف‬
‫عام ‪ 1967‬وعندما أغاروا عىل املفاعل النووي بالعراق وكذلك بسوريا‪ ،‬وعندما غزوا لبنان‪ .‬وانترصوا يف جميع‬

‫‪22‬‬
‫آيات تُثبت عدم وجود اهلل‬

‫هذه الحروب‪ ،‬فلامذا مل ِ‬


‫يطف الله تلك النريان؟ والجواب حتامً‪ :‬ألنه غري موجود‪.‬‬

‫(يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن مل تفعل فام بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله ال‬
‫يحب القوم الكافرين) (املائدة ‪ .)67‬زعم اإلخباريون أن محمد كان يجلس تحت شجرة فجاء إعرايب فاخرتط‬
‫سيفه وقال للنبي‪ :‬من يحميك مني؟ فقال‪ :‬الله‪ .‬فذعرت يد اإلعرايب وسقط السيف من يده ورضب رأسه‬
‫بالشجرة حتى انترث دماغه‪ .‬وكان اسم ذلك اإلعرايب غورث بن الحارث‪ ،‬وقالوا إن النبي عفا عنه‪ .‬ذكره القايض‬
‫عياض يف كتاب «الشفاء»‪.‬‬

‫وطبعاً القصة مصطنعة ألن األعرايب لو كان قد انترث دماغه ملات يف الحال ومل يكن هناك أي داعي ملحمد‬
‫ليعفو عنه‪ .‬ثم أن اسم اإلعرايب رمبا كان مختلقاً ألنهم سموه غورث بن الحارث والحارث هو لقب للشيطان‬
‫يف املوروث اإلسالمي‪ ،‬وال أخال أن إعربياً سامه أبوه غورث‪ ،‬فالكلمة غري عربية‪ .‬ولو كان الله يتفاعل بهذه‬
‫الرسعة ليحمي محمد‪ ،‬أين كان يوم موقعة أُحد يوم شجوا وجه محمد وكرسوا أسنانه فاحتمى بالجثث‪ ،‬وأين‬
‫كان الله يوم ذهب محمد إىل الطائف يطلب الحامية منهم فرموه بالحجارة حتى أدمت قدماه‪ ،‬وأين كان‬
‫يوم دست له املرأة اليهودية السم يف اللحم‪ ،‬ومات محمد من أثر ذلك السم؟ طبعاً كان الله غائباً يف تلك‬
‫اللحظات ألنه أصالً ال وجود له‪.‬‬

‫كل هذا الوعيد والتهديد من اخرتاع محمد وليس هناك أي دليل علمي من الحفريات يدل أن الله قد خسف‬
‫األرض بقوم لوط أو غريهم‪ ،‬أو أنه جعل عاليها سافلها‪ .‬فلو كان الله موجودا ً وأصدر كل هذه التهديدات‪،‬‬
‫خاصة عندما تحداه عرب مكة‪ ،‬ألنزل عليهم العذاب الذي طلبوه أو أي نوع آخر من العقاب هدد به‪ ،‬حتى‬
‫يثبت لهم أنه موجود‪ .‬ولكن هذا الصمت املطلق والعجز الباين يف عدم تنفيذ الوعيد‪ ،‬يثبت أنه ال إله يف‬
‫السموات العال‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫اإلسالم دين احلرية‬
‫واملساواة والعدالة‬
‫والفنون اجلميلة ‪...‬‬
‫لكن !!‬
‫املستنري احلازمي‬

‫‪24‬‬
‫اإلسالم دين احلرية واملساواة والعدالة والفنون اجلميلة ‪ ...‬لكن !!‬

‫وساوس شيطان ‪...‬‬ ‫اإلسالم دين الحرية واملساواة والعدالة والفنون الجميلة ‪...‬‬
‫لكن !!‬

‫• اإلسالم دين الحضارة ‪..‬باستثناء بناء األهرامات واملسالت‬ ‫اال أحد يسعه الشك ‪ ..‬ولو مبقدار أمنلة صغرية يف كون اإلسالم‬
‫‪..‬والنصب التذكارية والقباب ‪ ..‬الرموز الصور التامثيل الفنون‬ ‫هو ذاك وأك�ثر ‪..‬ولكن مشكلة اإلس�لام يف االستثناءات ‪..‬‬
‫وحق اإلبداع واالخرتاع ‪..‬اإلبقاء عىل أثار الشعوب األخرى من‬ ‫االستثناءات وال يشء أخر !!!‬
‫آثار دينية وثنية فلكورية ثقافية ‪ ..‬وتأسييس منظامت مدنيه‬
‫أهليه ‪..‬‬ ‫• اإلسالم دين الحرية باستثناء نقد الذات اإللهية ‪..‬الكتب‬
‫دين حضارة لبناء قصور وأبنية الخلفاء واألمراء واملساجد‬ ‫املقدسة ‪..‬األديان الساموية األنبياء الرسل‪ ..‬الصحابة أمهات‬
‫املؤمنني ‪..‬التابعني الشيوخ العلامء الدعاة ‪..‬وفوق ذا والة أمر‬
‫• اإلسالم دين الشورى والدميقراطية ‪،،‬فهو الدين الوحيد‬ ‫املسلمني من ملوك وأمراء ‪ ..‬ولك متنفس الحرية بعد ذلك !!‬
‫الذي يسمح بتداول السلطة بني أعضائه التناسلية و حيواناته‬
‫املنوية ‪ ..‬ويسمح بتداولها بني الصعاليك «واملخانيث « والقتلة‬ ‫• اإلسالم دين العدالة و املساواة باستثناء الكافر واملرأة والعبد‬
‫والسفاحني والحشاشني واللصوص وقطاع الطرق ‪..‬‬ ‫واألعجمي وكل ما هو غري عريب ‪ ....‬فال يقتص مسلم من كافر‬
‫‪ ..‬وال رجل حر بأخر عبد ‪ ..‬وال أب بابن ‪..‬وال قريش من أخر‬
‫• اإلسالم دين ألف مليار مسلم باستثناء الشيعة الصوفية‬ ‫غري قريش ‪ ..‬وال رشيف من غري رشيف وال يرث كافر مسلم‬
‫‪..‬األشاعرة ‪ ..‬الخوارج النواصب اإلخوان ‪..‬القطبية ‪..‬األباضية‪..‬‬ ‫‪..‬وال يتزوج رفيع بسوقه ‪ ».‬ألمنعن فروج ذوات األحساب «‬
‫اإلسامعلية ‪ ..‬الوهابية ‪ ..‬الدرزية‪ ..‬املاتردية ‪ ..‬الجهمية ‪..‬‬ ‫وال رفيعة بسوقة ‪..‬‬
‫الرسورية ‪..‬السلفية الجهادية والسلفية الجامية الغري قتالية !!‬
‫• اإلسالم دين الحقوق ‪ ..‬باستثناء حقوق اإلنسان ‪..‬حقوق‬
‫وما بقي إذا بقى أحد مل يستثني ‪..‬فيمكن أن نتناقش حول‬ ‫األقليات ‪..‬امل���رأة ‪...‬املثليني جنسيا ‪..‬ال��ج��واري العبيد‬
‫إسالمه من عدمه ‪ ..‬وإذا كان من أمة املليار مسلم أم ال !‬ ‫‪..‬املضطهدين ‪..‬املسجونني ‪..‬امللكية الفكرية ‪ ..‬الكائنات الحية‬
‫اآلخر‬
‫• اإلسالم هو الحل باستثناء ايجاد حل ملشكلة الفقر البطالة‬
‫الفساد االستبداد النفاق ‪ ..‬الرشوة االنحطاط االخالقي‬ ‫• اإلسالم دين الفنون الجميلة ‪ ..‬باستثناء الفنون املوسيقية‬
‫والتعليمي ‪ ..‬قلة الذوق واالحرتام والفساد البيئي لكن رمبا هو‬ ‫‪..‬وفنون الرقص الرشقي الباليه والغناء والطرب ‪ ..‬وتشخيص‬
‫الحل ملن يعاين من عقد جنسية ‪ ..‬ويسعي ألطفاء عىل شذوذه‬ ‫األشخاص «ذوات األرواح» يف رسومات ومنحوتات ومتاثيل ‪..‬‬
‫صفة ربانية إلهية !!‬ ‫ولغة األنوثة والذكورة وإيحاءات الجسد والنقوش عليه ‪..‬‬

‫• اإلسالم دين الرحمة والشفقة والرأفة ومن دون أي استثناءات‬ ‫• اإلسالم دين العلم ‪ ..‬باستثناء علم الفلسفة ‪ ..‬فهي زندقة ‪..‬‬
‫ألن دين الرحمة بحاجة إيل استثناءات عظمية ليثبت ويكون‬ ‫فكل من تفلسف تزندق ‪ ..‬وعلم الكيمياء فهي سحر وشعوذة‬
‫كذلك !!‬ ‫‪ ..‬وعلوم اللغة واللغويات فهي علوم تستحق الرضب بالجريد‬
‫والنعال ‪ ..‬ودراسة نظرية التطور الدارونية فهي نظرية ملحدة‬
‫والحاد رصيح تنفي خلق الله لإلنسان ‪ ...‬والنظرية النسبية‬
‫‪...‬فهي هرطقة وكفر رصاح بواح تنفي وجود املطلق والثابت‬
‫يف هذا العامل ‪..‬وميكانيكا الكم التي تجعل من هذا الكون كونا‬
‫ذري تتحكم فيه قوي ذرية غري قوى الله الخفية ‪..‬فالعلم يف‬
‫دين العلم و املعرفة هو ما قال الله قال رسوله ‪ ..‬وما عداه‬

‫‪25‬‬
‫اإلسالم دين احلرية واملساواة والعدالة والفنون اجلميلة ‪ ...‬لكن !!‬
‫املستنري احلازمي‬

‫بقلم املستنري الحازمي ‪:‬‬


‫كاتب من السعودية‬

‫‪26‬‬
27
28
‫املرأة والعنف والطب النفسى‬

‫النفس عىل سؤال عن أسباب زيادة األمراض النفسية بعد‬ ‫الحرية الجنسية املمنوحة للرجل دون ضوابط أو مسؤولية‬
‫الثورة‪ ،‬قال األستاذ‪:‬‬ ‫تجاه الزوجة واألم واألطفال تحت اسم الخصوصية الثقافية أو‬
‫التقاليد االجتامعية أو النظريات البيولوجية والدينية‪ ،‬مل تعد‬
‫اإلنسان امل�صرى متحرض وأم�ين عىل بلده منذ الفراعنة‪،‬‬ ‫تقنع أى عقل أو ضمري‪ ،‬لهذا تصدر املواثيق الدولية لحامية‬
‫ويساعده عىل ذلك التدين‪ ،‬وما حدث هو تلوث ثقافته‬ ‫املرأة والطفل من العنف داخل األرسة وخارجها‪.‬‬
‫بثقافات أخرى مهرتئة‪.‬‬
‫وقد اتضح أن تفكك األرسة‪ ،‬وترشيد النساء واألطفال‪ ،‬وزيادة‬
‫هذه العبارة ترددها األحزاب الدينية املتصاعدة بعد الثورة‪.‬‬ ‫مشاكلهم النفسية ترجع إىل سلطة الرجل املطلقة وحريته‬
‫هناك عالقة تاريخية بني كهنة الدين وكهنة الطب‪ ،‬وبني‬ ‫الجنسية دون ضوابط قانونية وأخالقية‪.‬‬
‫السجن البوليىس واملستشفى النفىس‪.‬‬
‫تزايد اإلقبال عىل عيادىت النفسية خالل األعوام األخرية‪ ،‬رغم‬
‫كلمة «تدين» مل تعد تعنى العدل والحرية والكرامة‪ ،‬بل تعنى‬ ‫أننى أتبع فلسفة مغايرة للطب النفىس‪ ،‬وال أستقبل إال حاالت‬
‫إباحة العنف الطبقى األبوى‪ ،‬قهر النساء والفقراء‪ ،‬وفرض‬ ‫معينة‪ ،‬أعطى ساعة لكل حالة‪ ،‬بعد حوار سابق بالتليفون أقرر‬
‫الحجاب والنقاب عىل البنات الصغريات‪ ،‬وإباحة زواجهن ىف‬ ‫بعده مقابلتها أو تحويلها لطبيب آخر‪.‬‬
‫سن الطفولة‪ ،‬وحرية تعدد الزوجات وملك اليمني‪ ،‬وحق الزوج‬
‫ىف تأديب زوجته بالرضب‪ ،‬وتطليقها ىف غيابها ملجرد نزوة‪،‬‬ ‫األمراض النفسية تنبع من الجسد وخاليا املخ ىف دفاعهام‬
‫والزواج عليها بثالث نساء‪ ،‬أشكال العنف النفىس والجسدى‬ ‫املستميت ضد العنف والظلم ىف الحياة االجتامعية‬
‫والقانوىن والدينى ضد النساء متعددة‪ ،‬يحدث العنف تحت‬ ‫واالقتصادية والثقافية والدينية‪.‬‬
‫اسم حامية األرسة من التفكك وحامية األخالق‪ ،‬رغم أن تفكك‬
‫األرسة املرصية وإهدار األخالق ال يحدث إال بسبب الفوىض‬ ‫ال يكفى العالج بتغيري كيمياء املخ باألدوية والعقاقري‪ ،‬البد من‬
‫الجنسية املمنوحة للرجال تحت اسم التدين‪.‬‬ ‫تغيري القوانني لتحقق العدالة والحرية والكرامة لكل الناس‪،‬‬
‫والبد من تغيري الثقافة والتقاليد وطريقة التفكري والرتبية‬
‫مل يذكر الطبيب النفىس املقاييس التى استخدمها للحكم عىل‬ ‫والتعليم والسلوك‪.‬‬
‫ثقافة اآلخر بالتلوث واالهرتاء؟‬
‫ال تختلف مهنة الطب النفىس عن الجسمى‪ ،‬عن مهن‬
‫هل يؤمن منذ الطفولة أن ثقافته نقية وثقافة اآلخر ملوثة‪،‬‬ ‫السياسة واملحاماة والتجارة ىف سوق املهن الحرة القامئة عىل‬
‫وأن دينه هو الحقيقة واألدي��ان األخرى غري حقيقية‪ ،‬وأنه‬ ‫الربح أساساً‪.‬‬
‫شعب الله املختار؟‬
‫مل أتفرغ ملهنة الطب‪ ،‬واعتمدت اقتصادياً عىل كتبى املنشورة‪،‬‬
‫يسافر رجال الدين والطب وأوالدهم إىل بالد اآلخر امللوث‬ ‫رغم غابة النرش الرأساملية‪ ،‬واستيالء النارشين عىل نصيب‬
‫ثقافياً‪ ،‬لينهلوا العلوم والفنون‪ ،‬ويحصلوا عىل شهادات‬ ‫األسد من عرق الكاتبات والكتاب‪ ،‬ودمهم املراق عىل الورق‪.‬‬
‫الدكتوراه‪ ،‬ويستوردوا املالبس والخبز والكمبيوتر‪ ،‬والتويرت‪،‬‬ ‫ىف جريدة «األه��رام» ‪ ٢٠‬مارس ‪ ،٢٠١٣‬ر ّد أحد كبار أطباء‬

‫‪29‬‬
‫املرأة والعنف والطب النفسى‬
‫نوال السعداوي‬

‫يغردون كل يوم بـ«التويرت» الذى اكتشفه اآلخر امللوث‪ ،‬ثم يعرتضون عىل الغزو الثقاىف‪ ،‬ويرحبون بالغزو االقتصادى‪ ،‬يستهلكون‬
‫البضائع األجنبية‪ ،‬ويتأففون من اإلنتاج املحىل‪ ،‬يقولون عنه باشمئناط «بلدى» يليق بالخدم‪.‬‬

‫املرض النفىس هو عجز العقل عن إدراك التناقضات‪ ،‬وهو يصيب النخب املرصية‪ ،‬واألغلبية ممن يقرأون أفكارهم ىف الطب‬
‫والدين والعلوم والفنون‪ ،‬إال القليل الذى يحظى‪ ،‬منذ الطفولة‪ ،‬بحرية التفكري والخيال وكشف الحجاب عن التناقضات‪ ،‬ىف‬
‫السياسة والفلسفة والدين‪ ،‬والطب والقانون واألخالق‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫فض غشاء بكارة اجملتمعات الذكورية يبدأ بتكسري سراديب الذات‬
‫ّ‬

‫حوار اجرته جريدة النهار اللبنانية مع الباحثة و الناشطة‬


‫رندا قسيس‬

‫بدأت رندا قسيس حياتها املهنية فنان ًة تشكيلية ثم انتقلت‬


‫اىل األبحاث النفسية االنرتبولوجية والكتابة فيها‪ .‬منذ اندالع‬
‫االنتفاضة السورية اتجهت نحو السياسة حيث ترأست الهيئة‬
‫العامة لالئتالف العلامين الدميوقراطي لتمثله مبقعد يف املجلس‬
‫الوطني السوري‪ .‬استقالت بعد خالفات بينها وبني االئتالف‬
‫يف شأن تسليح املعارضة وعدم إدانة االنفجارات والسلوكيات‬
‫غري املرشوعة لبعض املقاتلني يف «الجيش الحر»‪ ،‬واختالف‬
‫مع املجلس الوطني يف شأن هيمنة «اإلخ��وان املسلمني»‬
‫واإلسالميني عىل الحراك الثوري‪ ،‬وهي حالياً‪ ،‬رئيسة حركة‬
‫املجتمع التعددي الذي أسسته يف أيلول ‪ 2012‬ويجمع ناشطني‬
‫يف الداخل السوري والخارج‪ .‬التقيناها يف باريس حيث تقيم‬
‫اآلن‪ ،‬وكان لنا معها هذا الحوار‪:‬‬

‫¶ «ستغرب الشمس عىل الساعة الثامنة ونصف إن شاء‬


‫¶ كيف تفهمني سلبية بعض املثقفني العرب أمام املد الخرايف‬ ‫الله‪ ،‬وسترشق عىل الساعة الخامسة بإذن الله»‪ ،‬هكذا‬
‫وما هي األسباب التي جعلتهم ال يشتبكون مع هذا الشكل‬ ‫يقول مقدمو نرشات االخبار اإلذاعية والتلفزيونية العربية‪.‬‬
‫من التخلف العقيل اشتباكا حاسام؟‬ ‫بغض النظر عن طرافة العبارة وال معقوليتها‪ ،‬كيف تفرسين‬
‫هذه النظرة السحرية للعامل‪ ،‬أنت الكاتبة والباحثة يف علم‬
‫‪ -‬ال ميلك املثقف العريب التقنيات النفسية التي تتيح له تلقي‬ ‫املجتمعات البرشية وصاحبة «رساديب اآللهة»؟‬
‫املعطيات الخارجية الغريبة عن منوذجه الثقايف‪ ،‬فهو يعاين‬
‫من املوروث التاريخي نفسه‪ ،‬ومن األحادية الثقافية نفسها‬ ‫‪ -‬بشكل عام‪ ،‬يشعر اإلنسان بالعجز أمام الخارج املحيط‬
‫للمجتمع التي بدورها تعوق الفرد بشكل عام من كرس‬ ‫الذي ال يفهمه‪ .‬ومبا أن املجتمعات ذات املنشأ الديني تعتمد‬
‫الحاجز النفيس وإحداث بعض التغيريات يف النموذج الثقايف‪.‬‬ ‫اعتامدا ً كلياً عىل الغيبيات لتفسري ما ال تفهمه‪ ،‬بسبب الصور‬
‫كام أن سلبية املثقف العريب من االصطدام مع محيطه‪ ،‬تجعله‬ ‫العقلية الدماغية املغروسة بتأثري الثقافة االجتامعية التي‬
‫مستسلامً خاضعاً للواقع‪ .‬وعلينا أن ال ننىس أن الصور العقلية‬ ‫تعرتض طريق الخيال الفردي‪ ،‬وتشكل حاجزا ً يكبح هذا‬
‫الدماغية اآلتية من الثقافة الدينية‪ ،‬تحرص الفرد ضمن قيم‬ ‫الخيال ومينعه من الوصول إىل مرحلة الخلق يف جميع مجاالته‬
‫زائفة منافية لرتكيبته النفسية لتتحول حقائق ثابتة تسكن‬ ‫العلمية والفكرية‪ ،‬فإن إنسان هذه املجتمعات يؤمن بشكل‬
‫حاالتها وتستويل عىل فكر أفرادها‪ ،‬وهذا بالطبع ينطبق عىل‬ ‫مطلق بحتمية القضاء والقدر مضيفاً عبارة «إن شاء الله» يف‬
‫بعض املثقفني العرب‪.‬‬ ‫كل حال ال يسيطر عليها أو ال يفهمها‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫فض غشاء بكارة اجملتمعات الذكورية يبدأ بتكسري سراديب الذات‬
‫ّ‬

‫بدالً من أن تعمل لتحقيق ذاتها‪ .‬جاء هذا املقال كانتفاضة‬ ‫¶ تكتبني أنك أعددت كتابك «رساديب اآللهة»‪ ،‬ليس من‬
‫ضد املفهوم االستعبادي للغشاء لدى هذه املجتمعات‪ ،‬ليعرب‬ ‫أجل نفي ديانات وأخالقيات‪ ،‬أو إثباتها‪ ،‬بل من أجل النظر‬
‫عن رغبة عميقة يف التغيري وتكريس القيمة الفردية الخالية‬ ‫يف رساديب الذات التي جاءت منها‪ .‬هل ميكن أن تأخذينا يف‬
‫من أي متييز‪.‬‬ ‫رحلة رسيعة داخل الذات العربية ورساديبها؟‬

‫¶ لو رشحت لنا أكرث فكرتك عن عالقة الجنس بالدين‬ ‫‪ -‬تكلمت يف هذا الكتاب عن بعض النظريات التي تناولت‬
‫وبالحرية؟‬ ‫منابع اآللهة والروحانيات أللقي الضوء عىل أفكارها األوىل‬
‫اديب‬
‫التي تشعبت عرب الزمن وتطورت حتى أصبحت رس َ‬
‫‪ -‬الجنس حاجة بيولوجية ال تختلف عن الحاجات البيولوجية‬ ‫يصعب عىل الفرد الخروج منها وخصوصاً عندما يرزح تحت‬
‫األخرى‪ ،‬أما التحكم به فيتعلق باالقتناعات الفردية الخاصة كام‬ ‫وطأة ثقافة اجتامعية متشنجة تسحق كل فرد يحاول الخروج‬
‫تعترب رغبة التمتع مسألة شخصية‪ .‬إال أن مجتمعاتنا الدينية‬ ‫من رشنقتها‪ .‬حتى اليوم‪ ،‬نجد أن اإلله ال يزال يجسد جميع‬
‫املسجونة يف قيم الفضيلة استطاعت تحويل هذه الغرائز من‬ ‫الرصاعات النفسية املتنازعة يف ما بينها‪ ،‬كام يجسد رغبة‬
‫مسألة ذاتية تخص الفرد إىل كمية من املعتقدات والتابوات‬ ‫جامعة ما يف السيطرة عىل أخرى‪ ،‬وهذا يعني أن اإلله مل‬
‫املقدسة‪ ،‬ليصبح الجنس املحرك األسايس الالواعي لطريقة‬ ‫يصل بعد‪ ،‬وخصوصاً يف هذه املجتمعات‪ ،‬إىل مستوى النضج‬
‫تفكري أفرادها‪ ،‬حيث نجد ثقافة ومفاهيم وقيام مؤسسة عىل‬ ‫الروحاين لدى مؤمنيه‪ ،‬بل هو يف مرحلة اإلرهاصات األوىل‪.‬‬
‫تابو الليبيدو الجنيس‪ .‬أجد أن رحلتنا القصرية يف هذه الحياة‬ ‫يف املقابل‪ ،‬تجاوزت األديان حدود أرضيتها النفسية لِتُرش ِعن‬
‫تصب‪ ،‬قبل كل يشء‪ ،‬يف سعي اإلنسان للتصالح مع غرائزه‬ ‫نفسها قاضياً ومعلامً وناصحاً وج�لادا ً لكل من يؤمن بها‪،‬‬
‫وذاته بهدف إيجاد توازن بني الذات الفردية والذات الجمعية‪،‬‬ ‫ولتمتد كاألخطبوط وت ُطبق عىل عقل هذه املجتمعات‪ ،‬التي‬
‫لتنمية وعيه الذي سيقودنا حتامً إىل وعي جديد‪.‬‬ ‫ركزت عىل تحويل الفرد إىل كائن تنحرص همومه ومتطلباته‬
‫يف إشباع حاجاته األساسية الرضورية للبقاء‪ .‬أي أن الدين يلجأ‬
‫¶ ماذا تقصدين بعبارة «سجن الفضيلة»؟‬ ‫إىل التوغل يف حياة األفراد لتسهيل عملية إخضاعهم والهيمنة‬
‫عليهم‪ ،‬مام يتسبب لهم مبعاناة طويلة و»يوفر» لهم حاالً من‬
‫‪ -‬يكتمل النضج النفيس للفرد من خالل استيعابه ملشاعره‬ ‫عدم االكتفاء املزمن‪.‬‬
‫الداخلية املتضادة ليتم التصالح يف ما بينها للتحكم يف‬
‫السلوكيات‪ .‬من هنا نجد أن الوعي حال متغرية تتالءم مع‬ ‫¶ ما الهدف من دعوتك إىل يوم وطني لفض غشاء البكارة يف‬
‫زيادة املعرفة بكل ما يحيط باإلنسان‪ .‬لذا نالحظ أن مبدأ‬ ‫بلدان ذكورية تخنقها التابوات؟‬
‫التصعيد وسجن الفرد داخل مفردات وعبارات مثالية يزيد‬
‫من حال انفصال الغرائز والحاجات والترصفات الالوعية عن‬ ‫‪ -‬يعكس غشاء البكارة ثقافة كاملة ملجتمع قائم عىل التمييز‬
‫القيم واملثاليات التي غرستها الجامعة يف عقول أفرادها‪ .‬إن‬ ‫بني الجنسني‪ ،‬فهو يجعل املرأة أداة لدى الذكر‪ ،‬ليتحول الغشاء‬
‫عملية التوحيد للحقيقة واملعرفة والوعي وتكريس مفهوم‬ ‫قيمة أخالقية يسجن املرأة يف دائرة ضيقة ويدفعها للمحافظة‬
‫ثابت للكامل والفضيلة‪ ،‬كام تفرضها ثقافة القطيع‪ ،‬ما هي إال‬ ‫عليه بهدف الحصول عىل شهادة تقدير وحسن سلوك يف‬
‫انعكاس لقانون آيل خال من االكتشاف والتحول‪.‬‬ ‫مجتمع ذكوري‪ .‬هكذا يصبح الرجل هدفاً حياتياً لدى املرأة‬

‫‪32‬‬
‫ملاذا أنا ملحدة؟‬

‫“مقام فكرة الله الفلسفية أو مكانها يف عامل الفكر اإلنساين ال يرجع ملا فيها‬
‫من عنارص القوة اإلقناعية الفلسفية وإمنا يعود لحالة يسميها علامء النفس‬
‫التربير‪ .‬أصل فكرة الله تطورت عن حاالت بدائية‪ ،‬وشقت طريقها لعامل‬
‫الفكر من حاالت وهم وخوف وجهل بأسباب األشياء الطبيعية“‪ .‬إسامعيل‬
‫أدهم – “ملاذا أنا ملحد” (‪)1937‬‬

‫أنا ملحدة‪ .‬هذا ليس شعارا ً من الشعارات التي تتبدّل مع الوقت‪ ،‬تبعاً‬
‫للظروف واألحوال‪ .‬هذا ليس ادعا ًء أتب ّناه ألكون عىل موضة العرص الذي قد‬
‫يبدو بعضه ملحدا ً‪ ،‬وبعضه اآلخر مغرقاً يف التديّن الظالمي األعمى‪.‬‬

‫أنا ملحدة‪ ،‬بنا ًء عىل موقف عقيل بحت‪.‬‬

‫كنت أشعر بأين مؤمنة‪ .‬بأ ّن الله الذي تنشّ أتُ‬


‫كنت طفلةً‪ُ ،‬‬
‫يف ما مىض‪ ،‬عندما ُ‬
‫أسايس يف كياين‪ .‬بأ ّن الحياة الشخصية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫عىل حبّه يف بيئتي العائلية‪ ،‬هو جوه ٌر‬
‫والعائلية‪ ،‬واالجتامعية‪ ،‬والثقافية‪ ،‬والروحية‪ ،‬بل الحياة يف الكون مطلقاً‪ ،‬ال‬
‫ميكن أن تكون إالّ به‪ .‬مع الوقت‪ ،‬مل أعد أشعر هذا الشعور‪ .‬مل أعد أشعر بأ ّن‬
‫هذا الجوهر ميأل كياين‪ .‬أنا مل أعد أنا التي ُولِدتْ يف تلك البيئة املؤمنة‪ .‬ملاذا؟ أألين أريد أن أخرج عىل طفولتي‪ ،‬وطقويس‪ ،‬وتقاليدي‪،‬‬
‫يل موقفاً مضادا ً ملا تنشّ أتُ عليه؟‬ ‫وبيئتي‪ ،‬وأهيل‪ ،‬وعائلتي؟ أم ألين تأثرتُ بجوهر مناقض‪ ،‬مييل ع َّ‬

‫هذا املقال ليس بحثاً عن الله‪ .‬إنه بكل بساطة‪ ،‬بحثٌ ع ّني‪ .‬عن أغواري‪ .‬عن السفر الداخيل الذي أسافره يف أعامقي‪ ،‬حيث أحفر‬
‫عميقاً عميقاً ألكتنه نفيس‪ ،‬فال أجد ذلك الله الذي كان أساس حيايت يف ما مىض‪.‬‬

‫مل يعد الله نبعاً لحيايت‪ ،‬أو جوهرا ً‪ ،‬أو حقيقة‪ .‬أصبح فكر ًة أتلقّاها بالعقل‪ ،‬وأتعامل معها بالعقل‪ ،‬قبوالً أو رفضاً‪.‬‬

‫وألنني اآلن‪ ،‬ال أشعر بأن هذه الفكرة تقنع كياين‪ ،‬وتغمره‪ ،‬وتأخذ به يف دروب الحياة والتأمل والتفكري والكتابة والكينونة واملامرسة‬
‫الوجودية‪ ،‬أقول إين ملحدة‪ .‬أقول إين‪ ،‬عىل هذا املستوى من إدرايك لذايت‪ ،‬أشعر بأن الله هو عد ٌم مطلق‪ .‬ال حقيقة‪.‬‬

‫كنت قد تنشّ أتُ عليه‪ .‬ال أشعر بأن‬


‫إنها مسألة حياة أحياها‪ ،‬وأنا ال أشعر بأن هذه الحياة تحتاج إىل ذلك الجوهر (و”السند”) الذي ُ‬
‫ذلك الجوهر هو جزء م ّني‪ .‬أو من جوهر وجودي‪ .‬أنا أحيا اآلن‪ ،‬بدون الله يف داخيل‪ .‬هذا هو باختصار موقفي العقيل والوجودي‬
‫من مسألة اإلميان‪.‬‬

‫لهذا السبب‪ ،‬مل أعد مؤمنة‪ .‬لهذا السبب أنا ملحدة‪.‬‬

‫وألوضح‪ :‬ليس عندي شعو ٌر بالعذاب من ج ّراء عدم اإلميان بالله‪ .‬بل أشعر بأن نوعاً من التوازن الروحي والجسدي والعقيل‬

‫‪33‬‬
‫ملاذا أنا ملحدة؟‬
‫جمانة حداد‬

‫ٌ‬
‫أحامل أو تابوهاتٌ إميانية وإلهية‪ ،‬تثقل وجودي‪ .‬لهذا‬ ‫والفلسفي ميأل سريوريت‪ ،‬ومينحني أن أكون امرأة “طبيعية”‪ .‬ليس عندي‬
‫بإرث عميق الجذور كهذا اإلرث‪ .‬أشعر بأين موجودة فحسب‪ .‬وبأن عقيل‪،‬‬ ‫السبب أشعر بأين خفيفة‪ .‬وبأين طليقة‪ .‬وبأين غري مقيّدة ٍ‬
‫مبا يجنيه من مشاعر وأحاسيس وعلوم وثقافات وقيم وحضارات ومفاهيم وأسئلة وأجوبة وشكوك ويقينيات‪ ،‬هو اإلميان الوحيد‬
‫الذي أؤمن به‪.‬‬
‫ال أقول ذلك‪ ،‬تحدياً‪ ،‬وال استعراضاً‪ ،‬وال عىل سبيل الزعم الفلسفي أو النظري‪ ،‬بل أُدرِج هذا املوقف باعتباره خالصة تجربة وجودية‬
‫ٍ‬
‫تجسد للعقل يف اختبارات وجودي‪.‬‬ ‫يف الحياة فحسب‪ .‬هذه الخالصة‪ ،‬هي مثرة‬
‫بالشك‪ ،‬وطرح األسئلة‪ ،‬فإن مسألة الله صارت عندي تحت مجهر التفكري‬‫ّ‬ ‫وألين ال أتوقف عن االختبار‪ ،‬ومواجهة الذات ويقيناتها‬
‫يف النسبيات ال تحت مجهر املطلق السابق للعقل‪.‬‬

‫ٍ‬
‫إحساس ميألين حيال هذه الخالصة العقلية‪ ،‬التي تقول إن الله ال وجود له يف حيايت‪،‬‬ ‫أي‬
‫طرحت عىل نفيس اآلن‪ ،‬السؤال اآليت‪ّ :‬‬‫ُ‬ ‫وإذا‬
‫رس ٍع نزِق‪ :‬هو اإلحساس باملصالحة‬
‫ّ‬ ‫ت‬ ‫بدون‬ ‫ولكن‬ ‫برسعة‪،‬‬ ‫أجيب‬ ‫اعاتها؟‬‫رت‬ ‫اخ‬ ‫مخلوقاتها‪/‬‬ ‫أحد‬ ‫سوى‬ ‫ليس‬ ‫ض‬ ‫رت‬
‫َ‬ ‫املف‬ ‫البرشية‬ ‫خالق‬ ‫وإن‬
‫مع الذات‪ ،‬بكل مك ّوناتها‪ ،‬بطفولتها‪ ،‬مباضيها‪ ،‬بحارضها‪ ،‬بتناقضاتها‪ ،‬باحتامالتها‪ ،‬وبتناغامتها‪ .‬واإلحساس باملصالحة مع الكون‪ ،‬بكل‬
‫مك ّوناته‪ ،‬بطبيعته‪ ،‬بتاريخه‪ ،‬بجغرافيته‪ ،‬بشعوبه‪ ،‬بكيميائه وفيزيائه وأرضه ومياهه وكواكبه‪.‬‬

‫أنا أؤمن بالعلم‪ .‬مبا اخرتقه إىل اآلن (الكثري منه يدحض اقرتاح الله يف شكل حاسم‪ ،‬أو يف األقل “رضورته” كتفسري لوجود هذا‬
‫كل احرتامي لألشخاص الذين يؤمنون بالحكايات الخرافية (ويحتاجون إليها كدعامات)‪،‬‬ ‫الكون) ومبا سوف يخرتقه يف الغد‪ .‬مع ّ‬
‫ماذا تكون األديان سوى أدوات عزاء وهمية تستهدف املاليني واملاليني من العقول التائقة إىل من يطمئنها‪ ،‬يف خض ّم أوجاعها‬
‫ومخاوفها وشكوكها وتحدياتها اليومية وأزماتها؟ هل نريد حقاً أن نجازف بحياتنا‪ ،‬ومبادئنا‪ ،‬ومواقفنا‪ ،‬وخياراتنا‪ ،‬كرهان عىل ذلك؟‬
‫ألن يكون من األسلم واألجدى أن نحرتم املبادئ األخالقية واملعنوية الدنيوية‪ ،‬القامئة عىل القيم اإلنسانية العاملية؟ ألن يكون من‬
‫للحب‬
‫األسلم واألجدى أن نق ّرر بأنفسنا ما هي أخطاؤنا ونحاول أن نص ّححها؟ هل صحيح (وعادل) أن نعترب أ ّن فرضية الله تجسيد ّ‬
‫كنت متديناً عىل‬
‫والسامح وتق ّبل اآلخر واألخالق‪ ،‬والطريقة الوحيدة إلنقاذ اإلنسان من “حيوانيته” أو غرائزه “الرشيرة”؟ ليس إذا َ‬
‫كنت تلتزم حرفياً أحكام دينك – مهام يكن هذا الدين – وتسلّم أمرك ورأيك‬ ‫كنت طائفياً بعنف‪ .‬ليس إذا َ‬ ‫نحو أعمى‪ .‬ليس إذا َ‬
‫كل كلمة يتلّفظ بها كبار املسؤولني الدينيني‬
‫وقدرتك عىل الحكم والتفكري إىل جهة تزعم أنها “أعىل” منك‪ ،‬فتصدّق بسالمة طويّة ّ‬
‫يف طائفتك‪ ،‬وتكيّف حياتك‪ ،‬ورؤياك‪ ،‬وأعاملك مع تلك الحلقة املفرغة من القوانني والوصايا (التي تبلغ يف بعض األحيان حدودا ً‬
‫شخص آخر قد فكّر فيها بالنيابة عنك‪ ،‬وق ّرر أنها تناسبك ومتنحك بطاقة غري مرشوطة‬ ‫عبثية)‪ ،‬تلك القوانني والوصايا التي كان ٌ‬
‫لـ”الدخول إىل الجنة“‪.‬‬

‫فضالً عن إلحادي العقيل و”العقالين”‪ ،‬ينبغي يل‪ ،‬للنزاهة الفكرية‪ ،‬أن أضيف أين أجد يف بعض العقائد الدينية الثابتة إهانات ال‬
‫تحىص لكينونتي كإنسان‪ /‬إنسانة‪ .‬أنا أتف ّهم طبعاً حاجة العديد من الناس إىل اإلميان بيشء‪ /‬كائن‪ /‬ق ّوة أكرب منهم‪ ،‬والركون إىل‬
‫مؤسسو الديانات عىل م ّر العصور‬‫فكرة أ ّن “أحدا ً” ما يسهر عىل سالمتهم ويعتني بهم‪ .‬هذه هي‪ ،‬أصالً‪ ،‬الحاجة التي استثمرها ّ‬
‫خوف طبيعي ومرشوع‪ ،‬يف سبيل السيطرة عىل العقول والسلوكيات واملصادر‬ ‫بغية التحكّم بالجامعات من طريق استغالل ٍ‬
‫االنسانية واالقتصادية والسياسية يف العامل‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫ملاذا أنا ملحدة؟‬

‫أتحدّث هنا تحديدا ً عن األديان التوحيدية الثالثة التي نشأتُ يف كنفها (حوض املتوسط)‪ ،‬والتي هي يف الواقع دي ٌن واحد مبتغريات‬
‫أو تأويالت ثالثة‪ :‬اليهودية فاملسيحية ثم اإلسالم‪.‬‬

‫مشكلتي مع هذه األديان الثالثة‪ ،‬كلّها ومن دون استثناء‪ ،‬أنها قد أثبتت عرب الزمن‪ ،‬وبألف طريقة وطريقة‪ ،‬أنها متناقضة‪ ،‬فهي‬
‫تناقض ذاتها بذاتها‪ .‬وأنها عنرصية‪ ،‬متحاملة عىل النساء‪ ،‬عدمية الرحمة‪ ،‬دموية‪ ،‬رافضة لالختالف‪ ،‬متح ّيزة عمالنياً ض ّد اإلنسانية‬
‫مؤسساتٌ جبلتها يد‬ ‫والحريات وحقوق اإلنسان‪ .‬وهي متحيّز ٌة خصوصاً ض ّد سالمة املنطق ورجاحة العقل وإنجازات ال ِعلم‪ .‬إنها ّ‬
‫نخبة من مشتهي السلطة‪ ،‬وال تهدف سوى إىل التحكّم بالناس وبحيواتهم ومواردهم وقراراتهم من طريق بيعهم وهامً رائعاً اسمه‬
‫“الحياة ما بعد املوت”‪ ،‬ابتدعته عقول مجموعة من العباقرة (يُعرفون تار ًة باألنبياء وتار ًة أخرى بالقديسني والشيوخ واملتص ّوفة)‪.‬‬
‫ناهيك بأن هذه األديان الثالثة أقدمت كلها‪ ،‬يف مجرى تاريخها‪ ،‬عىل توظيف العنف واإلرهاب ترويجاً ألهدافها‪ ،‬وتصدّت برشاسة‬
‫الحرصي (إن مل تكن معي فأنت عد ّوي‪ ،‬فأنت كافر‪،‬‬
‫ّ‬ ‫للقوى العلامنية واملتنورة التي برزت لتهدّد استمراريتها‪ ،‬وولّدت بسبب طابعها‬
‫فأنت إنسان سيئ)‪ ،‬ظلامً مبارشا ً أو مبطّناً ّ‬
‫بحق الذين ال يتبعونها‪.‬‬

‫ٍ‬
‫موقف انتقادي (“ب ّراين” و”بارد”) من األديان التوحيدية كثرية‪ ،‬لكني سأورد يف ما‬ ‫بناء عىل ما سبق‪ ،‬فإن األسباب التي تدفعني اىل‬
‫يأيت اثنني منها فقط‪ ،‬أعتربهام رئيسيني وجوهريني‪:‬‬

‫األديان التوحيدية ت ُشعرين باإلهانة‪ ،‬أوالً‪ ،‬ألنيّ امرأة‪ .‬امرأة ذات كرامة‪ .‬امرأة تؤمن بشكل ال مجال فيه للشك بأنها مساوية للرجل‪،‬‬
‫وبأنه ينبغي لها أن تتمتع بالحقوق واالمتيازات نفسها التي يتمتع هو بها‪ .‬فكيف يسعني أالّ أرفض أدياناً كارهة للنساء بشكلٍ‬
‫متأصل‪ ،‬ومعادية ملبدأ املساواة بني الجنسني‪ ،‬وتتنافس يف ما بينها لتطبيق املعايري البطريركية‪ ،‬من إذالل للنساء‪ ،‬إىل تصنيفه ّن ٍ‬
‫كملك‬ ‫ّ‬
‫من أمالك الرجل‪ ،‬وقمعه ّن‪ ،‬والتعامل معه ّن بدونية؟ إليكم‪ ،‬قبل أن أميض قدماً‪ ،‬مقتطفات من الكتب الساموية املقدّسة الثالثة‪:‬‬

‫“ال تشته امرأة قريبك وال عبده وال أمته وال ثوره وال حامره وال شيئًا مام لقريبك (العهد القديم‪ ،‬سفر الخروج‪ ،‬االصحاح العرشون‪،‬‬
‫آية ‪“ ( 17‬لتتعلم املرأة بسكوت يف كل خضوع‪ .‬ولكن لست آذن للمرأة أن تعلم وال تتسلط عىل الرجل بل تكون يف سكوت‪ .‬أل ّن‬
‫آدم ُجبل أوالً ثم حواء‪ .‬وآدم مل يغو لكن املرأة أغويت فحصلت يف التعدي‪ .‬ولكنها ستخلص بوالدة األوالد إن ثبنت يف اإلميان واملحبة‬
‫والقداسة مع التعقل” (رسالة بولس الرسول األوىل إىل تيموثاوس‪.15-11 :2 ،‬‬

‫“الرجال قوامون عىل النساء مبا فضل الله بعضهم عىل ٍ‬


‫بعض ومبا أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب مبا حفظ‬
‫الله والاليت تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن يف املضاجع وارضبوهن فإن أطعنكم فال تبغوا عليهن سبيالً إن الله كان علياً‬
‫كبريا ً” (القرآن‪ ،‬سورة النساء‪)34 ،‬‬

‫استنادا ً إىل ما سبق‪ ،‬وما هو إال نقطة يف بحر هائل من امليز وجينية‪ ،‬هل يُعقل أن نكون يهودا ً أو مسيحيني أو مسلمني‪ ،‬ومؤمنني‬
‫كل اإلميان‪ ،‬وأن نكافح‪ ،‬يف الوقت عينه‪ ،‬النظام البطريريك‪ ،‬أو ندافع عن املساواة بني الجنسني؟ إ ّن اإلجابة بنعم” ما‬ ‫بهذه الديانات ّ‬
‫هي إال من مظاهر التناقض واالنكار املتعدّدة التي نعيشها اليوم‪ .‬فهذه األديان الثالثة تتب ّنى املوقف نفسه تجاه املرأة‪ ،‬وإ ْن بوجوه‬
‫وأقنعة مختلفة‪ :‬موقفاً مستب ّدا ً وجائرا ً ومهيناً‪ ،‬منذ البدء مع حكاية “الضلع” والخطيئة األصلية” التي ُح ِّملت املرأة وزرها‪ ،‬حتى‬
‫يومنا هذا‪ .‬متى نُق ّر تالياً بأن ال سبيل لتحقيق االنسجام بني التعاليم الساموية من جهة‪ ،‬وكرامة املرأة وحقوقها من جهة أخرى؟‬

‫‪35‬‬
‫ملاذا أنا ملحدة؟‬

‫هذا ال يعني أين أنادي‪ ،‬عىل مستوى النطاق العام‪ ،‬اىل دولة ملحدة‪ .‬لكني‪ ،‬أبعد من موقفي الخاص حيال مسألة االميان‪ ،‬ال بد من‬
‫أن أطالب بأنظمة علامنية يف حدّها األدىن‪ .‬لطاملا نالت املرأة حقوقها وحريّتها يف مختلف أنحاء العامل ضمن إطار علامين‪ ،‬ومن‬
‫الرضوري‪ -‬ال بل من األسايس‪ -‬أالّ يغفل املرء عن ذلك‪ .‬بطبيعة الحال‪ ،‬ليست العلامنية الضامن الوحيد للمساواة بني الجنسني‪.‬‬
‫فوحدها ال تكفي‪ ،‬لك ّنها جز ٌء ال يتج ّزأ من الوصول إىل هذا الهدف‪.‬‬
‫شخص ما‪ ،‬فيقول إ ّن أفكاري هذه ما هي إال مخلّفات فريوس “غريب” انتقل إ ّيل (وهو أسهل اتّهام يُو ّجه إىل عر ّيب‬ ‫أرجو أال يتجرأ ٌ‬
‫أو عربية يدافعان عن مبادئ العلامنية والحرية واملساواة بني الجنسني إلخ)‪ .‬لكأ ّن هناك فرقاً بني “الحرية العربية” و”الحرية‬
‫ّ‬
‫واملذل‬ ‫الغربية”‪ ،‬والكرامة العربية” والكرامة الغربية” إلخ‪ .‬حقوق اإلنسان إنسانية‪ ،‬عاملية‪ ،‬وليست حكرا ً عىل الغرب‪ .‬ملن املعيب‬
‫لنا نحن العرب أن نعتربها محصور ًة بالغرب‪ .‬فلنعد إىل اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان الذي صادقت عليه معظم الدول العربية‬
‫(نظرياً)‪ ،‬تفهموا ما أقصد‪.‬‬

‫أتأسف عىل جميع أولئك النساء والرجال‪ ،‬أصحاب الن ّيات الحسنة‪ ،‬الذين ال يوفّرون جهدا ً للتوفيق بني طرفني متناقضني‬ ‫من هنا‪ّ ،‬‬
‫كل التناقض‪ ،‬متسلّحني بتفسريات وتأويالت “معقّدة” للغاية‪ ،‬وبأسلوب انتقايئ يف قراءة النصوص الدينية‪ ،‬لك ّنني أك ّرر‪ :‬إ ّن األديان‬
‫ّ‬
‫الساموية تقيص النسوية‪ ،‬والعكس صحيح‪ ،‬إال إذا كنتم تعتمدون “االنتقائية” يف تفسريكم لكال املفهومني‪ .‬إنها أديان تح ّط من‬
‫قدر النساء مبظاهر مختلفة‪ ،‬وتؤكّد‪ ،‬بشكل واضح ورصيح‪ ،‬أ ّن الرجال “متف ّوقون” (ق ّوامون؟ رؤوس؟ حامة؟ أسياد؟) عىل النساء‪.‬‬

‫وبعد‪ :‬األديان التوحيدية تشعرين باإلهانة‪ ،‬ثانياً‪ ،‬ألين أؤمن بأن جسدي مليك‪ ،‬وال ح ّد لنفاق األديان الساموية يف ما يتعلّق مبوضوع‬
‫الجنس‪ .‬فضالً عن أين ال أفهم ملاذا يشغل رجال الدين بالَهم وتفكريهم بكيفية استخدامنا ألعضائنا التناسلية؟ إنّنا محاطون‬
‫باملتز ّمتني الزائفني‪ ،‬من أمثال أسامة بن الدن ومخزونه املزعوم من الرشائط اإلباحية‪ ،‬وصوال اىل الكهنة املتح ّرشني باألطفال‪ .‬يف‬
‫الواقع‪ ،‬ميكن اختصار ذلك كلّه بكلمة واحدة‪ :‬السيطرة‪.‬‬

‫املجتمعات العربية مبتلييه بانفصام حادّ؛ أشخاص طاهرون يف العلن وفاسقون غالباً يف الخفاء؛ أشخاص مهووسون بالجنس‪ ،‬لكنهم‬
‫بكل حرية؛ أشخاص يتلون عىل مسامعنا محارضات يف القيم األخالقية‬ ‫ال يستطيعون حمل أنفسهم عىل التحدّث عنه أو مامرسته ّ‬
‫والعفّة‪ ،‬لكنهم أبعد ما يكونون عنها؛ أشخاص يدعون إىل الصالة والتط ّهر من اآلثام‪ ،‬لكنهم ينفّسون عن رغباتهم املكبوتة و ُعقدهم‬
‫حيث ال عني ترى وال أذن تسمع‪.‬‬

‫يف ثقافتنا‪ ،‬تندرج الفضيلة والعفة كمفهو َمني مرتادفني‪ ،‬ميكن استبدال أحدهام باآلخر‪ .‬كذلك بالنسبة إىل الحرية والفجور‪ ،‬والسيّام يف‬
‫حال النساء‪ :‬متالزمة كازانوفا من جهة (الرجل “الفحل”) ومتالزمة الفاجرة (املرأة “السهلة”) من جهة أخرى‪ .‬ال يزال املجتمع يتوقّع‬
‫من النساء أن يحافظ َن عىل عذريته ّن يف انتظار الزواج؛ وال يزال مفهوم الرشف يرتبط ارتباطاً وثيقاً مبنفرج ساقَي املرأة‪ ،‬وأجساد‬
‫يحق له أن‬
‫كشخص ّ‬‫ٍ‬ ‫حق الرجال‪ .‬فضالً عن ذلك‪ ،‬غالباً ما يُنظَر إىل املرأة الراشدة “املتح ّررة” كساقطة‪ ،‬ال‬
‫مكاسب من ّ‬
‫َ‬ ‫النساء تعترب‬
‫أي رجل عىل اإلطالق‪.‬‬‫يق ّرر ما يفعل بجسده‪ ،‬سواء أق ّررت مضاجعة رجل أم خمسة رجال أم عدم مقاربة ّ‬

‫لعل ما يح ّز يف النفس‬ ‫يزيد الطني بلّ ًة أ ّن بعض النساء يتج ّرأ َن فيزعم َن أ ّن هذه املعاملة الفوقية التي يلقينها إمنا هي “خياره ّن”‪ّ .‬‬
‫فعالً‪ ،‬نفيس عىل األقل‪ ،‬هو كيف توافق هؤالء النسوة عىل املعاملة املذلّة‪ ،‬فيساومن بذلك عىل حقه ّن يف استخدام أجساده ّن‬
‫صف األرسة عند ارتكاب جرائم الرشف‪ ،‬أو يلتزم َن صمتاً مخزياً‪ ،‬أو يسح َنب بناته ّن‬
‫بالطريقة التي يخرتنها‪ .‬نرى األ ّمهات ينحز َن إىل ّ‬

‫‪36‬‬
‫ملاذا أنا ملحدة؟‬

‫إىل الطبيب النسايئ يك يرقّع أغشية بكارته ّن أو يحرمنه ّن حق اللذة عرب إخضاعه ّن للختان‪ .‬كم من امرأ ٍة منه ّن تالعب بعقلها‬
‫املجتم ُع البطريريك‪ ،‬فعاشت إنكارا ً قرسياً للذات بفعل عملية غسيل دماغي استم ّرت قروناً؛ امرأة ال تربح تردّد العبارات نفسها‬
‫رشبتها إياها املجتمعات واألديان الذكورية‪.‬‬
‫التي ّ‬

‫يُلقّن املسيح ّيون من جهة بأ ّن الجنس تجسي ٌد للخطيئة‪ :‬ال بأس من مامرسته‪ ،‬لكن يف إطار الزواج وضمنياً بهدف التناسل ال غري‪ّ .‬‬
‫كل‬
‫ما خال ذلك إث ٌم ال يغتفر‪ ،‬يرسل بالخاطئ إىل جه ّنم مبارشةً‪ .‬أما لدى املسلمني‪ ،‬فيكفي أن نقارن التقشف املفروض عىل املؤمنني يف‬
‫هذه الحياة الدنيا‪ ،‬مبواصفات الجنة املوعودة لكل مسلم صالح‪ :‬استنادا ً إىل أحاديث رشيفة متن ّوعة‪ ،‬س ُيكافأ هذا بتزويجه خمسني‬
‫(أو ستني أو اثنتني وسبعني‪ :‬ما الفرق؟) عذراء له ّن صدو ٌر “عارمة” أو “مكتنزة” أو “ناتئة كحبّتي ر ّمان” (تبعاً لذوق الرجل)‪ ،‬وهي‬
‫صدو ٌر ال تصاب بالرتهّل البتة‪ .‬من األحاديث األخرى ما يورد أ ّن الرجل يف الج ّنة ميلك قضيباً منتصباً أبدا ً ال يصيبه االرتخاء وال ينال‬
‫منه الضعف!‬

‫أ ّول ما يتبادر إىل الذهن بعد قراءة مواصفات الجنة املذكورة أعاله‪ -‬إذا كان املرء صحيح العقل سليم املنطق‪ -‬مدى انعدام الثقة‬
‫بحسهم بالتملّك‪ .‬أما الفكرة الثانية‪ ،‬فهي‪ :‬ماذا عن املسلامت الصالحات؟ ما الذي ينلنه يف نهاية‬ ‫بالنفس لدى الذكور‪ ،‬ناهيك ّ‬
‫يحق ألزواجه ّن التن ّعم بأربع زوجات يف الحياة الدنيا و‪ 72‬زوجة يف اآلخرة‪ ،‬فيام ال يحصل َن ه ّن عىل يشء‬
‫املطاف؟ أمن املعقول أن ّ‬
‫يف املقابل؟ ألن ت ُغدَق عليه ّن مكافأة جنسية أيضاً؟ بالطبع ال‪ ،‬مبا أ ّن الرجل‪ ،‬الرجل وحده‪ ،‬هو صاحب الشهوة والرغبات الجنسية؛‬
‫كواجب ليس إال‪ .‬هذا كلّه يردّنا‪ ،‬من جديد‪ ،‬إىل املعايري املزدوجة املعتمدة يف الدين‪ .‬لقد تعلّم‬
‫ٍ‬ ‫فيام تخضع املرأة لهذه التجربة‬
‫الكثريون‪ ،‬منذ نعومة أظفارهم‪ ،‬أ ّن الجنس خطيئة‪ ،‬وعمل قذر وفاسد‪ .‬وها هو الرجل يُكافَأ (مكافأة غري مضمونة البتة) يف الحياة‬
‫منطقي متاماً‪ ،‬أليس كذلك؟‬
‫ّ‬ ‫األخرى بكمية وافرة مام اعتُرب “قذرا ً” وخطيئة” عىل األرض‪ .‬أم ٌر‬

‫حسبنا أن نذكر‪ ،‬كمثا ٍل ثان عىل هذه االزدواجية املقيتة‪ ،‬الكلامت املر ّوعة التي كتبها الخميني‪ ،‬يف كتابه “تحرير الوسيلة”‪“ :‬ال يجوز‬
‫وطء الزوجة قبل إكامل تسع سنني‪ ،‬دواماً كان النكاح أو منقطعاً‪ ،‬وأما سائر اإلستمتاعات كاللمس بشهوة والضم والتفخيذ فال بأس‬
‫بها حتى يف الرضيعة‪ ،‬ولو وطأها قبل التسع ومل يفضها مل يرتتب عليه يشء غري اإلثم عىل األقوى“‪.‬‬

‫أما لدى الس ّنة‪ ،‬فاهكم هذه الفتوى حول حكم زواج الكبري بالصغرية واالستمتاع بها‪“ :‬إن الصغرية التي مل تحض بعد ميكن أن‬
‫تتزوج وتطلق فتكون عدتها حينئذ ثالثة‏أشهر‪ .‬وإذا تزوج الرجل الكبري البنت الصغرية التي يستمتع مبثلها عادة جاز له أن يستمتع‬
‫بها بكل أنواع‏االستمتاع املباحة رشعاً‪.‬‏ أما وطؤها فال يطأها حتى تكون مطيقه للوطء بحيث ال يرض بها” (رقم الفتوى‪-11251 :‬‬
‫التصنيف‪ :‬اختيار الزوجني)‪ .‬هذا فضالً عماّ ورد يف “فتح الباري رشح صحيح البخاري”‪ ،‬يف باب “كتاب النكاح”‪ ،‬حول تزويج الصغار‬
‫من الكبار‪“ :‬يجوز تزويج الصغرية بالكبري إجامعاً ولو كانت يف املهد لكن ال ميكن منها حتى تصلح للوطء“‪.‬‬
‫هل مثة أفظع من تحليل االستمتاع برضيعة‪ ،‬بينام يُح ّرم الخمر ولحم الخنزير؟‬

‫ختاماً‪ ،‬أك ّرر‪ :‬لست ملحدة ألين ماركسية‪ .‬وال أنا ملحدة ألين عدمية‪ .‬أو من أتباع الشيطان‪ .‬أو أشتهي إثارة االنتباه‪ .‬أو أرغب يف‬
‫لدي من االنتباه (ومن األعداء) ما يكفيني وأكرث‪ .‬أنا ملحدة‪ ،‬بكل بساطة‪ ،‬ألن عقيل‪ ،‬وكرامتي كإنسان‪ /‬إنسانة‪،‬‬
‫زيادة عدد أعدايئ‪َّ :‬‬
‫يحوالن دون إمياين‪ .‬وأؤمن بأن من حقّي أن أعبرّ عن ذلك‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫ملاذا أنا ملحدة؟‬

‫أعرف أ ّن الكثري من املؤمنني سيشعرون باالستياء (يف أقل تقدير) لدى قراءة‬
‫تحسون باإلهانة لتعبريي عن‬ ‫صحيح أنكم قد ّ‬ ‫ٌ‬ ‫هذا النص‪ .‬لهؤالء أقول‪:‬‬
‫عدم إمياين‪ ،‬لك ّن الوقت قد حان لتدركوا أننا‪ ،‬أنا وآخرين مثيل‪ ،‬موجودون‬
‫(وبكرثة)‪ ،‬وأننا نشعر بالدرجة نفسها من اإلهانة لفرضكم علينا إميانكم‬
‫كل يوم‪ ،‬بشتى الوسائل واألساليب‪ ،‬وأينام كان من حولنا‪ .‬ال بل ان تعبري‬ ‫ّ‬
‫بأي شكلٍ من األشكال‪ ،‬حجم االستعراض‬ ‫امللحدين عن آرائهم ال يعادل‪ّ ،‬‬
‫كل يوم‪.‬‬
‫الديني الذي تُغرقوننا فيه ّ‬
‫عندما ال يعود إلحادي مصدرا ً ملشاعر اإلهانة التي تعصف بكم‪ ،‬وعندما‬
‫تصبحون أكرث تسامحاً حيال وجودي ووجود امللحدين غريي‪ ،‬عندها فقط‬
‫أثبت وجهة نظري‪ .‬يف املناسبة‪ ،‬إ ّن التسامح ال يعني االمتناع عن‬ ‫أكون قد ّ‬
‫رجمنا أو إحراقنا‪ ،‬كام ال ّ‬
‫ينفك بعض الق ّراء املسيح ّيني املنافقني يذكّرونني‪،‬‬
‫إلقناعي بأ ّن دينهم “أفضل” وأكرث رحمة من اإلسالم‪ .‬نحن غري مضطرين أيها‬
‫املسيحيون الكرام ألن نقدّم لكم جزيل شكرنا وامتناننا ألنّكم “تسمحون” لنا‬
‫بأن منارس حقّنا يف التعبري عن أنفسنا من دون أن نُقتَل يف املقابل‪ .‬أما من‬
‫سيشعر بالغضب بسبب كالمي‪ ،‬فله أن يتجاهلني وينام قرير العني‪ ،‬مبا أنه‬
‫يعلم علم “اليقني” أ ّن ربّه سيعاقبني‪.‬‬

‫مسؤوليتنا كجنس “عاقل” تقيض بالوقوف يف وجوه أولئك الذين يريدون غسل أدمغتنا وتضليلها ومنعها من التقدم‪ .‬مسؤوليتنا‬
‫تقيض بإدراكنا أ ّن كل هذه األديان التي تتمثّل بآلهة وشخصيات ذكورية فقط (من باباوات وشيوخ وأمئة وكهنة وقساوسة وأنبياء‬
‫وغريهم) تشكو‪ ،‬وال بدّ‪ ،‬من علة‪ .‬مسؤوليتنا تقيض بإمياننا بقوة مجتمع مدين علامين ينقلنا من قطعان اىل مواطنني‪ ،‬واملساهمة‬
‫يف تعزيزه وتطويره‪ .‬مسؤوليتنا تقيض مبكافحتنا تدخل رجال الدين املنهجي يف حياتنا العامة والسياسية‪ .‬لكنها تقيض‪ ،‬يف الدرجة‬
‫األوىل‪ ،‬بأن نجرؤ أن نسائل‪.‬‬

‫حق وهم‬
‫حري بنا العودة إىل ما قبل عهد “الصواب” والخطأ‪ ،‬ما قبل عهد املؤسسات الدينية‪ ،‬ما قبل عهد “فكِّر مثيل ونحن عىل ّ‬ ‫ّ‬
‫املخطئون”‪ .‬لنعد إىل ما قبل ذلك حتى‪ :‬إىل ما قبل عهد الخطيئة األصلية‪ ،‬وكل املؤلّفات املش ّوهة وطريقة التفكري املتأث ّرة بها‪.‬‬

‫رشير‪ .‬ما قبل الوصايا‪.‬‬


‫فلنعد إىل ما قبل آدم‪ .‬ما قبل ح ّواء‪ .‬ما قبل املالئكة وقبل األبالسة‪ .‬قبل الصالح واملستقيم‪ ،‬وقبل اآلثم وال ّ‬
‫قبل العقاب‪ .‬قبل الثواب‪ .‬قبل املقدّسات‪ .‬قبل الله‪ .‬وقبل الشيطان‪.‬‬

‫من ث ّم‪ ،‬دعونا نبدأ من جديد‪ .‬نبدأ نحن البرش من جديد‪ ،‬من تلك النقطة البيضاء بالذات‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫تنظيم القبيسيات االسالمي الدعوي‬

‫والبوادر يف كفرسوسة‪ ،‬وهي تتبع منهاج وزارة الرتبية‪ ،‬لكنها‬ ‫شكلت دراسة هذه الجامعة إشكالية كبرية لدى الباحثني‪ ،‬نظرا ً‬
‫تضيف دروس الدين فضالً عن األنشطة واملسابقات املصاحبة‪.‬‬ ‫للغموض الكثيف الذي يحيط بها من جهة‪ ،‬وللدعاوى املختلفة‬
‫ويتميز لباس “اآلنسات” كام يعرفن يف سوريا باملعطف الكحيل‬ ‫التي أثريت حولها والتي اختلطت فيها الوقائع املوضوعية‬
‫الغامق والحجاب األزرق مع الجوارب السميكة والحذاء األسود‬ ‫بالتقييامت الذاتية للباحثني والدارسني‪ .‬فهذه الجامعة هي‬
‫من دون كعب‪ .‬غطاء الوجه ليس إجبارياً‪ .‬مع التشديد عىل‬ ‫حركة إسالمية نسوية فريدة يف العامل انترشت إىل خارج الحدود‬
‫عدم تشذيب الحاجب وعدم التربج عرب وضع املساحيق عىل‬ ‫السورية مثل الخليج واألردن ولبنان واليمن وأمريكا وأسرتاليا‬
‫الوجه‪ .‬ويقال إن مرتبة “القبيسية” تعرف من لون منديلها‪،‬‬ ‫وغري ذلك‪.‬‬
‫فكلام اقرتب اللون من األسود يكون هذا مؤرشا ً عىل اقرتابها‬
‫من اآلنسة‪ .‬وتشري التقديرات إىل أن “حلقات” الجامعة تضم‬ ‫بدأت الشيخة الكبرية منرية القبييس (مواليد ‪ )1933‬تأسيس‬
‫نحو ‪ 25‬ألف امرأة وفتاة يف دمشق وضواحيها‪ .‬وهذا يجعلها‬ ‫جامعتها عندما كانت الحركة اإلسالمية يف أوج نشاطها يف‬
‫من كربى الجامعات اإلسالمية‪.‬‬ ‫الستينيات‪ ،‬فقد كانت يف بدايتها قريبة من أفكار الشيخ أحمد‬
‫كفتارو إال أن شخصيتها املتميزة وقدرتها عىل التأثري يف املجتمع‬
‫النسايئ الدمشقي دفعها إىل االنخراط يف العمل الدعوي وللقبيسيات منهج موحد يف الدراسة وهو مجموعة معينة من‬
‫املواد تدرس من كتب غالبها من تأليف الجامعة نفسها‪ .‬فكتاب‬ ‫اإلسالمي عىل طريقتها‪.‬‬
‫العقيدة املعتمد هو‪“ :‬عقيدة التوحيد من الكتاب والسنة”‬
‫ليس واضحاً الكيفية التي استطاعت فيها هذه الجامعة اخرتاق تأليف سعاد ميرب‪ .‬وله َّن عناية كبرية بحفظ القرآن وتالوته‪.‬‬
‫مجتمع العائالت الدمشقية والحلبية العريقة؛ واستقطاب وهناك كتاب “مخترص الجامع يف السرية النبوية” لسمرية زايد‪،‬‬
‫تأييدها وتجنيد العديدات منهن لتصل إىل األوساط الغنية وهناك أربع كتب لفقه العبادات عىل املذاهب الفقهية األربعة‬
‫وذات النفوذ‪ .‬نجحت هذه الجامعة الدينية النسوية يف مجتمع معتمدة لديهم‪ ،‬ففي دمشق ولبنان يدرس ّن الفقه الشافعي‪،‬‬
‫ذك��وري يف تعويض محدودية حريتها بااللتجاء إىل قداسة ويف حلب يدرس ّن الفقه الحنفي‪ ،‬ويف السعودية والخليج الفقه‬
‫الدعوة؛ وتشجيع األهل عىل تديّن بناتهم انسجاما مع ثقافة الحنبيل‪ .‬وبعضه َّن يدرسن املذاهب األربعة كلها‪ ،‬فالجامعة غري‬
‫متدينة محافظة بطبيعتها من جهة‪ ،‬وعىل نجاحها ببناء شبكة متمسكة مبذهب أو متعصبة ملذهب معني من مذاهب أهل‬
‫من املدارس أثبتت نجاحها واستخدامها للتقنيات الحديثة يف السنة‪ ،‬لكنها تطلب من أعضائها اإلملام مبذهب واحد عىل األقل‬
‫الرتبية والتعليم واالستثامر يف مجال التعليم النظامي‪ ،‬هذا يف فقه العبادات‪.‬‬
‫فضالً عن الدروس املنزلية التي اشتهرت بها الجامعة يف نرش‬
‫خالل ما يزيد عن أربعة عقود عملت جامعة القبيسيات يف‬ ‫دعوتها‪.‬‬
‫الدعوة الدينية بالرس والعلن؛ تبعاً للظروف األمنية والسياسية‬
‫وتقدر بعض اإلحصاءات وجود ‪ 40‬مدرسة تابعة للجامعة يف يف البالد‪ ،‬وتنقلت بني الدروس يف املنازل والبيوت واملساجد‬
‫دمشق‪ ،‬والبعض اآلخر يصل إىل القول‪ :‬إن الجامعة ترشف واملدارس‪ ،‬ومل يسجل عليهن خالل هذه املدة أية مشاركة علنية‬
‫عىل ‪ 40‬باملائة من مدارس دمشق الخاصة‪ ،‬تدور يف فلكها يف الحديث السيايس‪ ،‬وسواء يف تأييد النظام أو رفضه‪ ،‬بالرغم‬
‫أكرث من ‪ 75‬ألف امرأة ومربية آلالف األرس‪ ،‬وغالباً ما تسمى من إنها أظهرت له الوالء مرارا ً لتحاشيه‪ ،‬وبذلك استطاعت‬
‫املدرسة بالدار مثل (دار الفرح التي تديرها منى قويدر يف الجامعة تجاوز محنة الثامنينات‪ .‬وقد بقي تنظيم القبيسيات‬
‫املهاجرين)‪ ،‬ودار النعيم ومدرستي عمر بن الخطاب والبشائر خارج الضوء طوال عقود وباستثناء الهجوم الذي شنته عليه‬
‫يف املزة وعمر بن عبد العزيز يف الهامة ودوحة املجد يف املاليك جامعة السلفية يف الكويت واألردن وجامعة األحباش يف لبنان‪،‬‬

‫‪39‬‬
‫تنظيم القبيسيات االسالمي الدعوي‬
‫عبد الغني عماد‬

‫هو‪“ :‬اللهم اجمعنا عىل أملها وأجمعنا عىل أملها”‪ .‬عىل الرغم‬ ‫فإنه مل يظهر اهتامم فعيل بتنظيم األخوات القبيسيات إال‬
‫من أن رؤية شخصية الشيخة قليالً ما تتم‪ ،‬فاحتجابها يزيد‬ ‫بعد تويل بشار األسد منصب الرئاسة خلفاً لوالده مع ازدياد‬
‫من هيبتها ومينح بالوقت نفسه فرصة الظهور والربوز لقيادات‬ ‫انتشارهن وتأثريه َّن يف املجتمع السوري‪ .‬وقد ظهر ذلك‬
‫الصف األول يف الجامعة‪ ،‬األمر الذي قد يسهل انتقال الخالفة‬ ‫االهتامم عىل شكل مسلسالت كوميدية ودرامية ناقدة عىل‬
‫إىل إحداه َّن‪ ،‬خصوصاً وأن الرتكيبة الصوفية للجامعة ليست‬ ‫شاشات التلفزة املحلية السورية والقنوات الفضائية العربية‪.‬‬
‫من النوع املتني‪ ،‬فهي جامعة تخلط ما بني منط تربوي صويف‬ ‫خطبة ومن ثم شهادة طويلة للبوطي عىل موقع “نسيم الشام”‪،‬‬
‫وسلوك تربوي مؤسسايت دنيوي األمر الذي ال يوفر ضامنة‬ ‫ردا ً عىل ما أثاره ذلك املسلسل من ردود أفعال‪ ،‬ليقول‪ :‬إن‬
‫أكيدة النتقال سلس للخالفة دون انشقاقات عاد ًة ما تصاب‬ ‫األخوات القبيسيات ميثل َّن اإلسالم الحضاري والوطني والواعي‬
‫بها الحركات الدينية‪.‬‬ ‫البعيد عن الغلو املرتفع عن النفاق‪ .‬عرفت سورية مدى‬
‫أنشطته َّن الثقافية املتنوعة املتسامية عن الرتافعات السياسية‬
‫الالفت إن األخوات القبيسيات‪ ،‬كجامعة نسوية‪ ،‬متثل ظاهرة‬ ‫والحزبية وتياراتها‪ ،‬وقد نشأ بفضل جهوده َّن الرتبوية ال جيل‬
‫هي األوىل من نوعها يف العامل اإلسالمي‪ ،‬فهي فضالً عن كونها‬ ‫واحد بل أجيال من الفتيات‪ ،‬يتمتعن بالعمق الثقايف والسمو‬
‫ال تضم سوى اإلن��اث وتنترش أفقياً يف حلقات تعتمد بيئة‬ ‫األخالقي واالعتزاز بالقيم واالنتامء الوطني والوسطية الدينية‬
‫منزلية بحكم نسويتها يف الغالب‪ ،‬إال أنها مل تنتج خطاباً نسوياً‬ ‫السليمة‪ .‬وهذه الحركة تفيض باملثقفات صاحبات االختصاص‬
‫يعنى بحقوق املرأة‪ ،‬بل اقرتبت إىل النمط الصويف يف بعض‬ ‫املتنوع‪ :‬طبيبات‪ ،‬مهندسات‪ ،‬جامعيات‪ ،‬متخصصات بالعربية‬
‫السلوكيات وأشكال األذكار واألدعية تأثرا ً بالطريقة النقشبندية‪.‬‬ ‫والعلوم الرشعية وما يبعث عىل االعتزاز إن فيهن اليوم كثريات‬
‫وعىل الرغم من ظاهرة العزوف عن الزواج يف قيادات األخوات‬ ‫يحفظن عن ظهر قلب صحيح اإلمام البخاري واإلمام مسلم كله‬
‫القبيسيات‪ ،‬إال أن ذلك ال ميثل نهجاً عاماً عىل اإلطالق‪ ،‬إذ تحرص‬ ‫سندا ً ومتناً‪ ،‬وهي ميزة فريدة مل تتحقق يف األزمنة كلها إال يف‬
‫الجامعة عىل تزويج الفتيات وتوجيهه َّن نحو استكامل الدراسة‬ ‫هذا العرص ومل يحتضنها من األمكنة إال سورية؟”‪.‬‬
‫ونيل الشهادات العالية يف الفروع التعليمية املختلفة‪ ،‬لدرجة‬
‫إن الكثري منهن يتمتعن مبستويات علمية وشهادات متخصصة‬ ‫مع ذلك مل يثبت أي عمل سيايس للجامعة‪ ،‬بل رمبا ميكن القول‬
‫عليا‪ ،‬فضالً عن درجة من االنفتاح الديني تبلغ ذروتها يف دمشق‬ ‫إن هذه الحملة وظفت للضغط عىل الجامعة لحملها عىل‬
‫ثم يف بريوت والكويت‪ ،‬لكنها كلام ابتعدت عن املركز انخفض‬ ‫اتخاذ مواقف سياسية معلنة لصالح النظام‪ ،‬لكن مؤدَّى ذلك‬
‫املستوى التعليمي ودرجة االنفتاح ومستوى النشاط‪.‬‬ ‫كله كان “الصمت” والثبات‪ ،‬حيث مل يثبت أن الجامعة تشكل‬
‫أي خطر سيايس أو أمني بل عىل العكس‪ ،‬فهي تؤدي دورا ً‬
‫يف لبنان تزعمت الجامعة يف البداية أمرية جربيل‪ ،‬لكنها أخلت‬ ‫هاماً يف الخدمات االجتامعية وااللتزام األخالقي ونرش التدين‬
‫الساحة لسحر حلبي‪ ،‬فقد أصبحن يف لبنان يعرف َن بالسحريات‪،‬‬ ‫التعبدي غري املسيس مبا يقلل من حركات االحتجاج االجتامعي‬
‫وافتتحت مدرستني كبريتني باسم البيادر يف بريوت وعرمون‪،‬‬ ‫ضد النظام‪ ،‬إىل درجة أقنعت النظام بالسامح لهن رسمياً‬
‫يف األردن يعرفن باسم “الطباعيات” نسب ًة إىل شيخته َّن فادية‬ ‫بالعمل الدعوي باملساجد والنشاط العلني يف بعض املجاالت‪.‬‬
‫الطباع‪ ،‬التي متلك وتدير مدارس بارزة يف العاصمة عامن‬ ‫مع انتشار تلميذات منرية القبييس أصبحت زي��ارة الشام‬
‫(م��دارس الدر املنثور)‪ ،‬إضاف ًة إىل مدرسة الخامئل‪ .‬أما يف‬ ‫عنده َّن أشبه بالواجب‪ ،‬أو الحلم حتى أطلقت بعضهن اسم‬
‫الكويت فقد أسست فيها أمرية جربيل جمعية بيادر السالم‬ ‫“رحلة كعبة املعاين” عىل رحلة الشام‪ ،‬يف حني إن التوجه إىل‬
‫العام ‪ 1981‬فمن خاللها ترشف عىل عدد من املؤسسات‬ ‫مكة املكرمة ألداء الحج والعمرة هي رحلة “كعبة املباين”‪.‬‬
‫الرتبوية (مدرسة القطوف وحضانة السالم وحضانة دار الفرح)‪،‬‬ ‫وللقبيسيات عند مقابلة اآلنسة أو الشيخة الكربى دعاء خاص‬

‫‪40‬‬
‫تنظيم القبيسيات االسالمي الدعوي‬

‫وترأست مجلس إدارة الجمعية دالل عبد الله عثامن‪ .‬وقد جاء إنشاء الجمعية نتيجة جهود كبرية بذلها يوسف سيد هاشم الرفاعي‬
‫املرجع الصويف الكويتي املعروف‪.‬‬

‫ومن غري املعروف الرتكيب التنظيمي للحلقات‪ ،‬لكن ما عرف عن نظام جمعية بيادر السالم يف الكويت يشري إىل ثالث فئات‬
‫(النوادر – البشاير – البيادر) تقسم فيها القبيسيات عىل أساس األعامر‪ ،‬يسود فيها بني البنات واملربية عالقة تشبه عالقة املريد‬
‫بالشيخ تستهدف األخذ بيده َّن إىل طريق الله‪ ،‬فهم يقولون‪“ :‬ال علم وال وصول إىل الله من مربية” ويجب أن يتم ذلك بدون‬
‫حرج “بني إخواين أكرس ميزاين”‪ .‬والواقع إن الجامعة ال متلك أفكارا وتصورات دينية تجديدية‪ ،‬إنها أقرب إىل الجامعات التبليغية‬
‫والصوفية تدعو إىل االلتزام الديني من خالل منظومة إحيائية وأخالقية دعوية مبسطة‪ ،‬وهو ما منحها هذا الزخم يف االنتشار‪ ،‬وهو‬
‫ما يفرس أيضاً ذلك االهتامم بالداعية املعروف عمرو خالد الذي تصفه القبيسيات بـ مجدد الدين‪.‬‬

‫كذلك فإن تجنب الجامعة الدخول يف سجاالت مع أي جهة‪ ،‬وحرصها عىل العالقة الجيدة مع الجميع‪ ،‬رمبا يكون أحد أسباب نجاح‬
‫أسلوبها‪ .‬واملتتبع لهذه الجامعة لن يجد موقفاً واحدا ً تلميحاً أو ترصيحاً يتعلق مبا يجري اليوم عىل أرض سوريا صادرا ً عن هذه‬
‫الجامعة‪ ،‬رغم الغبار الكثيف الذي يشاع حول حقيقة موقفها‪.‬‬

‫املصدر ‪ :‬مركز املسبار للدراسات والبحوث‬

‫‪41‬‬
‫إنني‬
‫اسمع‬
‫صوتًا‬
‫يحدثني‬
‫‪42‬‬
‫إنني اسمع صوتًا يحدثني‬

‫ذلك‪..‬ظنته انه اليسوع سبايدرمان‪ .‬وقد تسمع انت او انتي‬ ‫هل تسمع اصواتاً تتحدث اليك؟ اصواتاً مجهولة اليسمعها اح ٌد‬
‫هذه القصه وتقولون ولكن البد انها امرأة مجنونه ولكن‪..‬هل‬ ‫غريك؟ اذا كانت االجابة بالنفي‪ ،‬فأنت انسان طبيعي وصحتك‬
‫حدث يشء مثل هذا قبل الف سنة يف بالد الرمال؟‬ ‫العقليه سليمه‪ ،‬ألن الذي يسمع اصوتاً كهذه يكون من املرىض‬
‫العقليني‪ .‬املصحات النفسيه متتيلء بهؤالء الذين يسمعون و‬
‫يقول له اذبح‬ ‫نعم واحد مجنون اسمه ابراهيم سمع صوتاً ُ‬ ‫يتحدثون مع اصوات تكلمهم‪.‬‬
‫ابنك فراح االخ فوق الجبل ليقتل ابنه بالسكني‪ .‬االن تخيل لو‬
‫طلع واحد ابراهيم جديد يف هذا العرص‪..‬سندخله العصفوريه‬ ‫هل رأيت احدا ً من هؤالء؟ رمبا؟ أنا يف صغري يف العني شاهدت‬
‫عىل طول‪ .‬واحد ثاين يف بالد الرمال كان يسمع اصوات عجيبه‬ ‫كثريا ً من هؤالء املجانني و املرىض النفسيني يهيمون يف الشوراع‬
‫من املالك التريبو ثم يقرر بناء عليها مصائر الناس‪ ،‬اقتلوا‬ ‫قبل ان تلملمهم الحكومه و تودعهم يف مصحات‪ .‬كان هناك‬
‫هذا‪ ،‬واسبوا نساء تلك القبيله و اقطعوا يد هذا و عنق ذاك‬ ‫واحد منهم يتنبأ بأن مدينة العني ستغرق تحت البحر‪ ،‬مازلت‬
‫بالسيف‪..‬بناء عىل ماذا؟ صوت يتكلم معه‪..‬انه مثل صاحبنا‬ ‫ويرص عليهام وينطق بصوت‬ ‫يغمض عينيه ُّ‬‫ُ‬ ‫اتذكر صوته عندما‬
‫املجنون غرقاً غرقا‪..‬طيب ليش االول صار نبي والثاين مجنون؟‬ ‫امواج‬
‫ُ‬ ‫«ستغرقكم‬ ‫فصحى‪:‬‬ ‫وبعربية‬ ‫ال‬
‫ً‬ ‫قائ‬ ‫حلقه‬ ‫يخرج عميقاًمن‬
‫الفرق بينهام هو ان هناك ناس صدقوا االول‪..‬بينام الثاين مل‬ ‫ُ‬
‫نضحك عليه صغارا ً ونقلده‬ ‫الله غرقاً‪..‬غرقا‪..‬غرقاً غرقا‪ ».‬كنا‬
‫نبي جديد‬ ‫يصدقه احد‪ .‬احياناً يرضب الحظ مع احدهم مثل ٌ‬ ‫يقول غرقاً غرقا‪ ،‬بالطبع فالعني يف قلب الصحراء واقرب‬ ‫وهو ُ‬
‫طلع قبل سنوات قليله يف كينيا له اتبا ٌع باملاليني يسمونه النبي‬ ‫شاطىء اليها يبعد مئة واربعني كيلومرتا ً‪ ..‬هل كان من املمكن‬
‫آوور اقرأ عنه هنا يف هذا املوقع املسيحي‪ .‬هذا الرجل تنبأ بأن‬ ‫ان يكون هذا نبياً استهزأنا به وسيغرق الله العني بسبب ذلك؟‬
‫زلزاال سيرضب نريويب ويدمرها‪ ،‬ولكن حدثت هزه بسيطه فقط‬ ‫لقد كان ُ‬
‫يقول ايضاً بأن الديك القطري سيغلب الديك االمارايت(‬
‫فقال للشعب ان يسوع سبايدمان كان يحذركم فقط‪..‬ومن ثم‬ ‫تنبؤ صحيح فقد فاز املنتخب القطري عىل االمارايت بعدها‬
‫اصبح له مليون من االتباع‪ .‬عىل االقل فأن تنبؤاته افضل من‬ ‫بسنوات فهل كان نبياً)…الحقيقه ان الرجل املسكني كان رايح‬
‫تنبؤات صلعم فلامذا النتبعه؟ فهو االخر يسمع اصواتاً‪.‬‬ ‫فيها مانخوليا خالص‪.‬‬

‫ان رس نجاح هؤالء االنبياء هو وجود تجارب مامثله يف املايض‪.‬‬ ‫عندما يأتينا رجل ويقول ان صوتاً كلمه وقال له اهدى‬
‫فصاحبنا غرقاً غرقا ( عفوا ً ال اعرف اسمه) مل يربط نفسه‬ ‫قومك‪ ،‬ففي الغالب هو مريض وليس هناك من اثبات بأن‬
‫باالنبياء الذين سبقوه‪ ،‬بينام صلعم ربط نفسه و ذكر قصص‬ ‫مرسال املارسيل السيد جربيل املالك التريبو ابو ‪ ١٢‬جناح هو‬
‫انبياء سابقني‪ ،‬وهذه هي الخدعه‪ ،‬فإذا كان االنبياء يسمعون‬ ‫الذي كلمه‪ .‬بعض الناس يقولون ان املالئكه تخاطب الناس‪،‬‬
‫اصواتاً يف املايض‪ ،‬فلامذا اليسمع حرضته اصوتاً ايضاً‪ ،‬وطاملا كان‬ ‫البعض يقول ان الجن يتكلم مع الناس والبعض االخر يظن‬
‫يبجلهم و يحرتمهم فالبد انه يسمع نفس الصوت‪ .‬انه ختم‬ ‫ان الشيطان يتكلم‪ ..‬وهناك من الناس من يظنون ان االشباح‬
‫املوافقة عىل نبوته‪.‬‬ ‫تتكلم معهم‪..‬يف امريكا يدعي الكثريين بأن كائنات فضائيه‬
‫والفيس بريسيل يخاطبهم وبدون ان يشاهد ذلك احدا ً غريهم‬
‫كيف تأيت مبصداقيتك كنبي؟ يجب ان تذكر الكتب القدميه‬ ‫‪،‬االقرب اىل العقل؟ هو انهم مجانني وليسوا انبياء؟‬
‫وتقول انجيل‪ ،‬توراة‪ ،‬الزبور‪ ..‬مصدقاً مبا جاء من قبل‪ ،‬ثم تقص‬
‫عليهم احسن القصص الكاذبه لتبنى سلطتك عىل اكتاف من‬ ‫ان هناك االف من الناس تتعالج حول العامل من هذه االصوات‬
‫مات من زمان‪ ،‬انه مثل الديكتاتور الجديد ميجد من قبله ليبني‬ ‫التي يسمعونها يف دماغهم‪ ،‬يذهبون لالطباء النفسانيني‬
‫مجده هو‪..‬عبد النارص وانور السادات‪ ،‬ستالني و لينني يتابعون‬ ‫والعصبيني‪ .‬ان االنسان الذي يسمع اصواتاً كهذه انسا ٌن مسكني‬
‫مسرية الثورة…ثم يأخذون املنحنى التايل‪.‬‬ ‫ومريض وقد يكون خطريا ً عىل االخرين من حوله‪ .‬قرأت مره‬
‫عن امرأه قتلت اطفالها وقالت يف املحكمه ان صوتاً قال لها‬

‫‪43‬‬
‫إنني اسمع صوتًا يحدثني‬
‫بن كريشان‬

‫منفصل متاماً عن الشمس‪ .‬لقد تخيل صلعم ان الليل‬ ‫ٌ‬ ‫هنا وبعد ان يشري هذا املجنون الذي يدّعى انه يسمع اصواتاً كيشء‬
‫اىل من قبله من املجانني الذين سمعوا ذات الصوت من زمان‪ ..‬والنهار هام بطانيات‪..‬يأيت الليل فيغطي النهار‪..‬ثم يأيت النهار‬
‫يصبح من الكُفر انكار ذلك‪ ،‬حرام وستدخل النار حيث يكون فيكشف الليل‪..‬ياله من تفسري علمي خطري‪.‬‬
‫الزبانيه جاهزين لك بأسياخ الكباب‪.‬‬
‫المتد تفكريك كثريا ً‪..‬التشغل بالك بقصص عبد الدايم كحيل‬
‫ضحك وخاصة عندما ينجح هؤالء املجانني يف (ماما االعجاز العلمي) وال زغاليليو افندي‪..‬القصه بسيطه‪ ،‬مل‬ ‫ان تاريخ البرشية ُم ٌ‬
‫ِ‬
‫خداع البرش والوصول للسلطة و املال‪ ،‬او من يستغل قصصهم يكن هناك ُعلامء وال علم‪..‬لقد كان َعاملاً قدمياً يحكمه الكهنه‬
‫التي تتحدث عن سامع هذه االصوات العجيبه‪ .‬الرجال املجانني واملشعوذون واملتنبأون (انبياء) ذوي اللحى الطويله‪..‬لهذا‬
‫يسمعون اصواتاً يف رؤوسهم‪..‬وكذلك االنبياء‪ ،‬مجانني مثلهم صدق الناس املجانني‪.‬‬
‫ولكنهم متكنوا من اقناع االخرين ان هذا هو صوتُ الله‪ .‬هؤالء‬
‫املجانني الذين يسمعون اصوات يف رؤوسهم ونجحوا يف نبوتهم وهنا سيتساءل واحد ثاين ويقول‪ ،‬ولكن كل هذه القصص‪ ،‬التي‬
‫يرويها القرءان‪ ،‬وعرفها النبي‪..‬ومكتوبه يف االنجيل والتنبؤات‪..‬‬ ‫السذَّج‪.‬‬
‫لهم شخصيات كاريزميه توث ُر يف الناس ُ‬
‫فأقول ارتاح‪ ،‬خذ نفس …ارشب لك كاس بريه وفكر معي‪.‬‬
‫بعد ان ميوت هذا النبي‪ ،‬والذي نجح اىل درجة معينه يف العيش االيوجد كُتَّاب لقصص الخيال‪ ،‬يكتبون سيناريوهات خياليه‬
‫براحه وحظي ببعض املكتسبات يأيت دو ُر السيايس الذي كانوا مل تحدث ابدا ً…هذه القصص‪ ،‬ليست اال ذلك‪ .‬مؤلفني وكتبة‬
‫يسمونه عندنا السلطان او الخليفه‪ ،‬الذي سيوظف له راوي سيناريو اشتغلو عليها يا صديقي و صديقتي عرب السنوات‪.‬‬
‫القصه‪ ،‬فيعظمها لهؤالء السذُّج‪..‬يحولها اىل دراما‪..‬يسميها واحد مجنون يسمع اص��وات‪ +‬ملك سلطان خليفه‪+‬راوي‬
‫السرية النبويه‪ ،‬االم املسيح‪..‬يستنبط منها احكاماً يسميها الفقه قصص وكاتب خيال= دين‬
‫تعاقب من‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫تتحول االحكام اىل قوانني‪،‬‬ ‫والرشيعه والالهوت‪ ،‬ثم‬
‫قصة امللك ارثر او قصة جان دارك يف تحرير شعبهام من‬ ‫يخالف اوامرها‪..‬واوامر السلطان بالطبع‪.‬‬
‫االحتالل‪..‬هي قصة النبي موىس‪..‬قصة موىس مع الخرض‬
‫الناس يف املاىض هؤالء املجانني؟ (الياس) يف سورة الكهف هي قصة رشلوك هوملز‪..‬نجاة موىس‬ ‫ولكن قد تتساءل‪..‬ملاذا صد َّق ُ‬
‫من القتل عىل يد املرصيني بوضعه يف تابوت يف نهر النيل‪..‬هي‬ ‫االجابة ابسط مام تعتقد‪.‬‬
‫قصة نجاة سوبرمان يف مركبة فضائيه اطلقها ابوه من كوكب‬
‫يف املايض مل تكن هناك وكيبيديا‪ ،‬مل يكن هناك تعليم‪ ،‬اليدرك كريبتون الذي تنبأ بإنفجاره‪.‬‬
‫الناس كيف يفرقون بني املعقول والخيال‪ ،‬مل يكن هناك عل ٌم‬
‫كام نعرفه اليوم يستطيع ان يقدم لك اجابات‪..‬كان اعتامد قصص وقصص من الخيال‪..‬ت ُبنى عىل تنبوات مجانني سمعوا‬
‫االنسان يف املايض عىل الكاهن‪ ،‬عىل النبي‪ ،‬عىل ابراج الحظ‪ ،‬اصوات‪..‬ثم مع القدم‪ ،‬تصبح مصادر موثوقه‪ ،‬جاءت من‬
‫عىل خرافات ليفهم مايحدث من حوله‪..‬خلني اعطيك مثال‪ ،‬الفضاء الخارجي حيث يعيش الله ‪..‬ذاك اإلله الخائف املختبئ‬
‫القرءان يتكلم كثريا ً عن الظواهر الطبيعيه اليس كذلك؟ يحاول الذي يدوي صوته يف عقول املجانني فقط‪.‬‬
‫ان يفرسها للعريب املسكني الذي يعيش يف هذه الصحراء استيقظوا انهم يكذبون عليكم‬
‫الكبريه بدون غوغل اليس كذلك؟ صح ولكن كيف يفرسها‪..‬هنا‬
‫الرس؟ الزلزال‪..‬عقاب‪ ،‬املرض‪..‬اختبار‪ ،‬القمر والنجوم‪ ،‬روزنامه‬
‫وبوصله‪..‬انه امر مثري للسخريه فعال عندما تقرأ تفسري القرءان‬
‫لظاهرة حدوث الليل والنهار‪..‬حيث مل يتمكن كاتب القرءان‬
‫من ربط الظاهره بالشمس كنجم ميضء فوصف الليل والنهار‬

‫‪44‬‬
‫مناذج وجتارب من دميقراطية األغلبية العددية‬

‫نتابع نقاشنا مع اإلسالميني حول مفهوم الدميقراطية‪ ،‬بتقديم األمثلة التالية التي ّ‬
‫تدل بوضوح عىل أ ّن اختزال‬
‫الدميقراطية يف عملية التصويت وحدها‪ ،‬ويف صناديق االقرتاع‪ ،‬يع ّد التفافا عىل الدميقراطية‪ .‬ففي غياب قواعد‬
‫وقيم واضحة تضمن الحقوق والحريات األساسية للجميع وتحمي مؤسسات دولة القانون‪ ،‬ميكن ألي طرف‬
‫حصل عىل األغلبية أن يترصف بحسب أهوائه اإليديولوجية ضاربا عرض الحائط بكل القيم الضامنة للمساواة‬
‫والعدل والحرية‪ ،‬فتصبح الدميقراطية بذلك آلية إلنهاء الدميقراطية نفسها والقضاء عليها‪.‬‬

‫املثال ‪:1‬‬
‫يف الكويت أصدر األمري جابر األحمد الصباح عام ‪ ،1999‬تحت ضغط املجتمع املدين الكويتي واملنتظم الدويل‬
‫الحقوقي‪ ،‬مرسوماً منح فيه املرأة حق التصويت يف االنتخابات‪ ،‬إال أن تكتالً من املحافظني واالسالميني عطل‬
‫متريره يف الربملان عرب التصويت ضده باألغلبية ‪ ،‬أي أن الربملان الكويتي ق ّرر بأغلبية األعضاء الذين كانوا من‬
‫اإلسالميني‪ ،‬بأن يحرم املرأة من حقها املرشوع يف املشاركة يف الحياة السياسية والتصويت كأخيها الرجل رغم‬
‫أنها متثل نسبة ‪ %54.3‬من السكان‪ ،‬أي أكرث من نصف املجتمع‪ ،‬ومتثل حسب اإلحصائيات ‪ %44‬من القوى‬
‫العاملة يف الكويت‪.‬‬

‫وظل منح حق االقرتاع للمرأة‪ ،‬يواجه دامئاً من طرف املعارضة اإلسالمية الصاخبة والعنيفة يف الربملان الكويتي‬
‫ّ‬
‫إىل حدود سنة ‪ ،2005‬حيث ت ّم اللجوء إىل ترتيبات ومساع وتسويات أخرى أ ّدت إىل موافقة الحكومة الكويتية‬
‫عىل منح املرأة حقها املرشوع يف التصويت والرتشح يف االنتخابات‪ .‬بعد هذا بسنوات مل تقم املرأة الكويتية‬
‫فقط باملشاركة يف التصويت بل إنها ترشحت وفازت منها أربع نساء هزمن إسالميني يف دوائرهم‪ ،‬وأظهرن خطأ‬
‫الذين ص ّوتوا ضد حق املرأة باعتبارها قارصة‪ ،‬وباعتبار الشعب ال يريد مشاركة النساء يف الحياة السياسية‪.‬‬
‫إذا نحن أخذنا رأي اإلسالميني املغاربة القائل إن «الدميقراطية هي صناديق االقرتاع»‪ ،‬فإن موقف الربملان‬
‫الكويتي ما بني ‪ 1999‬و ‪ 2005‬كان دميقراطيا مائة يف املائة‪ ،‬ألنه صوت األغلبية‪ ،‬بل هو «صوت الشعب» ما دام‬
‫هؤالء يقولون إنهم ممثلون للشعب يف الربملان‪ ،‬وإذا نظرنا إىل مضمون القرار املتمخض عن عملية التصويت‬
‫فإنه قرار فاشستي إقصايئ وشاذ‪ ،‬وال يقبله املنطق الدميقراطي السليم الذي يعترب املرأة عضوا كامل العضوية‬
‫يف املجتمع تساوي الرجل يف حقوق املواطنة‪ ،‬باملعنى الذي تبلور لدى أمم وشعوب العامل الدميقراطي كله‬
‫اليوم‪.‬‬

‫املثال ‪:2‬‬
‫يف إحدى مؤمترات اتحاد كتاب املغرب قبل عرش سنوات‪ ،‬طالبنا ونحن مجموعة من الكتاب باألمازيغية‬

‫‪45‬‬
‫مناذج وجتارب من دميقراطية األغلبية العددية‬
‫أحمد عصيد‬

‫ينص عىل العمل من «أجل ثقافة عربية تقدمية»‪ ،‬ليك يتضمن اإلشارة‬‫بتعديل القانون األسايس لالتحاد الذي ّ‬
‫إىل األمازيغية أيضا بجانب العربية‪ ،‬احتكم املؤمتر إىل التصويت وكانت النتيجة رفض طلبنا باألغلبية‪ ،‬كان‬
‫تصويتا دميقراطيا من حيث الشكل‪ ،‬أي من حيث األغلبية العددية‪ ،‬ولكنه من حيث املضمون كان يهدف إىل‬
‫عدم االعرتاف باألمازيغية كثقافة وطنية وكلغة كتابة مع أ ّن االتحاد منح للكتاب بها بطائق عضويته‪ ،‬وهو‬
‫قرار غري دميقراطي بكل املقاييس‪ ،‬ولهذا بعد انسحابنا من املؤمتر قام عدد من األعضاء الذين شعروا بفداحة‬
‫األمر بإرجاعنا إىل القاعة ومطالبة املؤمتر بإعادة التصويت إنصافا لألمازيغية ولتدارك الخطأ الذي ارتكب باسم‬
‫«صوت األغلبية»‪ ،‬وهو ما ت ّم بالفعل‪.‬‬

‫املثال ‪:3‬‬
‫يف إيران تم انتخاب الرئيس خامتي يف انتخابات شفافة‪ ،‬لكن ‪ 32‬صحيفة ومجلة تابعة لتيار الرئيس املنتخب‬
‫كانت ممنوعة دون أن يستطيع إعادتها إىل الوجود‪ ،‬كام أن أساتذة جامعيني من التيار اإلصالحي يت ّم إلقاء‬
‫القبض عليهم من مدرجات الدراسة وأمام طلبتهم بسبب أفكارهم‪ ،‬وال تستطيع النساء اختيار لباسهن بل إن‬
‫التشادور األسود اللون مفروض بقوة الحديد والنار‪ ،‬مع رقابة تصل ح ّد الهلوسة عىل وسائل اإلعالم والتجمعات‬
‫واألفكار والفنون واآلداب واإلبداعات السينامئية والتشكيلية وغريها‪ ،‬دون الحديث عن املعارضة الراديكالية‬
‫لنظام املايل‪ ،‬والتي ليس لها حق التعبري عن وجودها باملرة‪.‬‬

‫إذا كانت الدميقراطية هي صناديق االقرتاع فإن إيران بلد دميقراطي بامتياز‪ ،‬ألنه يحتكم إىل التصويت‬
‫واالنتخابات‪ ،‬وإذا كانت الدميقراطية هي‪ ،‬قبل االحتكام إىل صناديق االقرتاع‪ ،‬قيم وقواعد العدل واملساواة‬
‫والحرية وسم ّو القانون والتداول عىل الحكم وفصل السلط واحرتام كرامة اإلنسان واختياراته الحرة بصفته‬
‫مواطنا إلخ‪ ،..‬فإن إيران من أسوإ األنظمة االستبدادية يف العامل‪ ،‬والتي ال ب ّد أن نشهد سقوطها املد ّوي عام‬
‫قريب ‪.‬‬

‫املثال ‪:4‬‬
‫يف مرص انتفض الشباب وأشعلوا رشارة الثورة التي أطاحت بالرئيس مبارك‪ ،‬وطالبوا بالدميقراطية وحقوق‬
‫اإلنسان وكرامة املواطن والعدالة االجتامعية‪ ،‬عندما بدأ التفكري يف تعديل الدستور‪ ،‬تصايح الذين التحقوا‬
‫بالثورة بعد تر ّدد كبري دام حيزا زمنيا يئسوا خالله من مساومة النظام ‪ ،‬بأن تعديل املادة ‪ 2‬من الدستور التي‬
‫تعترب «الرشيعة اإلسالمية املصدر الوحيد للترشيع» من شأنه أن يشعل الفتنة يف البالد‪ ،‬وهو ما معناه أن عىل‬
‫دستور الثورة التي قيل إنها جاءت لتحرر «الشعب املرصي»‪ ،‬أن يستمر يف التجاهل التام لوجود املواطنني‬

‫‪46‬‬
‫مناذج وجتارب من دميقراطية األغلبية العددية‬

‫األقباط املسيحيني الذين ميثلون نسبة ‪ 10‬يف املائة من السكان‪ ،‬وكذا املكونات األخرى من األقليات‪ ،‬واستعمل‬
‫بجانب التهديد بالفتنة كالم مفاده أن «األغلبية الساحقة» من الشعب املرصي مسلمون‪ ،‬وينبغي لألقلية أن‬
‫«تخضع» لألغلبية‪ ،‬واألسئلة التي تطرح نفسها هي‪ :‬هل خضوع األقلية لألغلبية يف الدميقراطية معناه اإلمنحاء‬
‫والذوبان والتخيل عن أبسط الحقوق ؟ هل األقلية معناه أن تصبح مواطنا من الدرجة الثانية؟ هل الدستور‬
‫الذي ال يعرتف مبكون من مكونات األمة هو دستور دميقراطي ؟ النتيجة أن الدستور املرصي سواء قبل الثورة‬
‫أو بعدها لن يكون دستورا دميقراطيا‪ ،‬لسبب بسيط هو أن هناك يف مرص من يعتقد‪ ،‬مثلام يف املغرب متاما‪،‬‬
‫بأن الدميقراطية هي «دكتاتورية األغلبية العددية»‪.‬‬

‫املثال‪5:‬‬
‫يف املغرب عارضت مسرية حاشدة بالدار البيضاء التعديالت التي اقرتحتها الخطة الحكومية إلدماج املرأة يف‬
‫التنمية‪ ،‬وكان عدد املتظاهرين من السلفيني يفوق بكثري عدد املتظاهرين يف الرباط من أجل حقوق املرأة‪،‬‬
‫فـ»صوت األغلبية» يرى أ ّن أي تعديل ملدونة األرسة يف العنارص املرتبطة بنصوص دينية يع ّد خروجا عن امللة‬
‫وعن ما هو «معلوم من الدين بالرضورة»‪ ،‬لكن لجنة ملكية حسمت لصالح تعديالت سكت عنها اإلسالميون‬
‫بعد ذلك‪ .‬املشكل يف هذه النازلة أن الحكومة التي أق ّرت الخطة املذكورة قد تولت السلطة اعتامدا عىل املعيار‬
‫الذي اعتربه اإلسالميون أساس الدميقراطية وهو صناديق االقرتاع‪ ،‬فاالتحاد االشرتايك حصل عىل نسبة كاسحة‬
‫من األصوات‪ ،‬وشكل حكومة أغلبية‪ ،‬غري أنه عندما حاول االستجابة لبعض مطالب الحركة النسائية واملجتمع‬
‫السيايس واملدين الدميقراطي باملغرب‪ ،‬اعتربه اإلسالميون حليفا للصهيونية وعميال لقوى أجنبية‪ ،‬ومل يعد مثة‬
‫أهمية لـ»صناديق االقرتاع» وال لـ»صوت األغلبية»‪.‬‬

‫املثال ‪:6‬‬
‫بعد إقرار الدستور املغريب املع ّدل باستفتاء شعبي قالت عنه السلطة إن نسبة ‪ 98‬يف املائة من املشاركني قد‬
‫ظل تنظيم العدل واإلحسان يف الشارع مع حركة ‪ 20‬فرباير‪ ،‬ومل يخضع لـ»صوت األغلبية»‬ ‫صوتت فيه بـ»نعم»‪ّ ،‬‬
‫وملبدأ «االحتكام إىل صناديق االقرتاع»‪ ،‬م ّربر الجامعة اإلسالمية هو أ ّن اللعبة كلها ليست نظيفة ومل تؤسس‬
‫عىل قواعد دميقراطية‪ ،‬وأن الدستور املقرتح ال يضمن إنهاء االستبداد‪ ،‬وهو نفس رأي اليسار وشباب ‪ 20‬فرباير‪،‬‬
‫وكذلك رأي كاتب هذه السطور‪ ،‬لكن الفرق هو أ ّن العدل واإلحسان مثل كل اإلسالميني تعترب أن الدميقراطية‬
‫هي االحتكام إىل صناديق االقرتاع‪ ،‬وتعترب أ ّن أي حديث عن قيم أو قواعد أو مبادئ هو «فلسفة غربية» ال‬
‫عالقة لها بخصوصيتنا الدينية‪ ،‬بينام التيارات األخرى املتواجدة يف الشارع تعلم أن الدميقراطية هي نسق من‬
‫القيم واملبادئ والقواعد واآلليات التي ال ميكن التعامل معها بانتقاء‪ ،‬فإذا رفض شباب ‪ 20‬فرباير نتائج االستفتاء‬

‫‪47‬‬
‫مناذج وجتارب من دميقراطية األغلبية العددية‬

‫فهم منسجمون مع مفهومهم للدميقراطية‪ ،‬بينام يف موقف العدل واإلحسان تناقض كبري ال ميكن الخروج منه‬
‫إال بإعادة النظر يف املفهوم االختزايل للدميقراطية‪ ،‬والتوقف عن البحث عن دميقراطية عىل املقاس‪ ،‬ذلك أنه‬
‫إذا كانت الدميقراطية هي صناديق االقرتاع فقط‪ ،‬فإن عىل جامعة العدل واإلحسان أن تأوي إىل بيت الطاعة‬
‫وتنتهي من الجحود والعناد وتخضع لـ»صوت الشعب»‪ ،‬أما إن كانت تعتقد أن صناديق االقرتاع‪ ،‬يف إطار‬
‫نظام استبدادي يفتقد إىل أسس وقواعد وقيم الدميقراطية كام هي متعارف عليها يف العامل ‪ ،‬هي عملية بدون‬
‫مصداقية وفاقدة للرشعية‪ ،‬فعليها يف هذه الحالة أن تتوقف عن اختزال الدميقراطية يف عملية التصويت‪ ،‬وأن‬
‫تسعى إىل تنبيه اإلسالميني إىل الخطإ الذي يقعون فيه يف مفهومهم للدميقراطية‪.‬‬

‫ينتج عن هذا كله أمران متالزمان‪:‬‬


‫ـ أن ما ينقص صوت األغلبية العددية يف األمثلة التي ذكرناها هو احرتام القيم الدميقراطية الصميمة التي ال‬
‫تختلف من بلد إىل آخر ألنها جوهر الدميقراطية وليست تقنيات ثانوية‪ ،‬كالحق يف املساواة وحرية التعبري‬
‫يحل املشاكل‬
‫وسمو القانون فوق الجميع حاكمني ومحكومني مثال‪ ،‬وهو ما جعل التصويت باألغلبية ال ّ‬
‫املطروحة يف األمثلة املذكورة‪ ،‬واضط ّر الناس إىل اللجوء إىل وسائل أخرى من أجل تصحيح رأي األغلبية الذي‬
‫كان خاطئا‪ ،‬ألن الظلم بقي قامئا‪ ،‬بينام الغاية من الدميقراطية هو إنهاء الظلم‪ ،‬والهدف من االحتكام إىل‬
‫املس باملبادئ األساسية‬
‫صناديق االقرتاع هو ترجيح رأي أو تو ّجه بشكل سلمي يف تدبري شؤون الدولة‪ ،‬دون ّ‬
‫التي هي مبثابة ثوابت متعارف عليها‪ ،‬يتشبث بها الجميع ألنها تحمي حقوق كل األطراف املختلفة بغض‬
‫النظر عن السياسة املتبناة‪.‬‬

‫ـ أن السبب الذي جعل صوت األغلبية العددية ال يحل املشاكل بل يزيد الطني بلة هو أنه احتكام إىل آلية‬
‫تقنية يف غياب أسسها وقيمها السياسية والثقافية العامة‪ ،‬حيث أن النسق السيايس العام ليس دميقراطيا‪ ،‬ففي‬
‫الكويت نظام عشائري وقبَيل عتيق‪ ،‬و يف إيران نظام ثيوقراطي يتوىل فيه املرشد التحكم يف دواليب الدولة عرب‬
‫األمن والجيش والقضاء‪ ،‬ويف مرص مناخ ثقايف وسيايس تكالبت عليه الوهابية السعودية من جهة مع تطرف‬
‫اإلخوان والسلفيني وسطوة العسكر يف الداخل‪ ،‬مام أفقد الناس بوصلة العودة إىل الذات الحضارية املرصية‬
‫املتعددة واملتسامحة‪ ،‬ويف املغرب نظام امللكية املطلقة وإمارة املؤمنني‪ ،‬وهي كلها بلدان تعتمد آلية التصويت‬
‫وصناديق االقرتاع دون أن تعترب بع ُد بلدانا دميقراطية‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫ابراهيم جابر ابراهيم‪‎‬‬
‫حرير أزرق‬

‫أشتهي أن أبدأ بشكل مختلف‪ :‬رجالً بارد األعصاب‪ ،‬ال يدخن كثريا ً عىل األقل‪ ،‬وال تستفزه الغيوم املرتبة كالقمصان البيضاء‪ ،‬ويأكل‬
‫بشهية وتلذذ طبق الباذنجان املسلوق!‬

‫ال يحرق دمه من أجل مزاج امرأ ٍة لعوب‪ ،‬أو ال يحرقه متاماً‪ ..‬وال يفكر كثريا ً مبا وراء األخبار‪ ،‬وال يشغل باله بالصب ّية التي هجرها‬
‫صديقها يف الفيلم األجنبي!‬

‫يختار مالءة الرسير من دون أن يتوقف كثريا ً عند لونها‪ ،‬وال يصفن عند العارشة صباحاً كاألحمق‪ :‬هل رشبت قهوتها اآلن؟ وينتظم‬
‫يف ازدحام املرور بطواعية مدهشة‪ :‬ال يتذمر‪ ،‬وال يتأفف‪ ،‬وال تتوتر أصابعه عىل مؤرش اإلذاعات بحثاً عن أغنية مهدئة!‬
‫يخل مبواعيد الحليب‪ ،‬وتنظيف األسنان‪ ،‬والقُبلة عىل خ ّد‬
‫يفطر صباحاً‪ ،‬ويتغدى ظهرا ً‪ ،‬ويتعىش مثل التلميذ النبيه‪ ،‬من دون أن ّ‬
‫األم األمين وخ ّد الشغّالة األيرس!‪.‬‬

‫يجلس بني يدي الحالق كاملريض األليف‪ ،‬ويدفع فاتورة الكهرباء قبل استحقاقها بساعتني‪ ،‬ويضحك ألي نكتة ساذجة أو قليلة‬
‫التهذيب يقولها مديره املبارش‪ ..‬أو حتى غري املبارش!‬

‫رجالً ال تدهشه بعد اليوم ضحكة عينيك‪ ،‬وال يكرتث كثريا ً مبا يثريه صوتك يف الهواء‪ ،‬كخبط أجنح ٍة غضّ ة لعصافري صغري ِة الس ّن‪،‬‬
‫ويحرض كل املناسبات العائلية‪ ،‬والعشائرية‪ ،‬بالتزام بديع!‬

‫أشتهي لو أبدأ من جديد‪ :‬بال أعصاب مهتاجة ألغبى األسباب‪ ،‬ومن دون هذا التوتر الذي يرتاكم أعقاباً بيضاء مدعوك ًة يف املنفضة‪،‬‬
‫بقميص أخرض وربطة عنق “كاروهات”‪ ،‬ويعود للبيت ببطيخة ودجاجتني تحت‬ ‫ٍ‬ ‫وأن أصري مثل ابن خايل العبيط‪ :‬يذهب للشغل‬
‫عرس او مباراة كر ٍة او بيت عزاء!‬
‫إبطه‪ ،‬ويسهر كل ليلة يف ٍ‬

‫كتب عىل رخام املطبخ‪ ،‬أو صداع‬


‫رجالً بال ذاكرة مج ّرحة‪ ،‬وال أرسار مل ّونة أو ورد خجول يف مقعد السيارة الخلفي‪ ،‬ومن دون كومة ٍ‬
‫نصفي؛ ألن السامء مل متطر جيدا ً وكام ينبغي لها!‬

‫تدق أغنيات فريوز يف أعصايب مثل تلك املطرقة الصغرية يف يد الطبيب عىل ركبتي‪ ،‬وال تستوقفني الحرب يف اليمن‪،‬‬ ‫أشتهي أن ال ّ‬
‫وال تعصف يب عينا امرأ ٍة م ّرت من خلف ظهرك‪ ،‬وأن ال أشهق إن رأيت قميصاً حريرياً أزرق يف فاترينة املالبس!‬

‫أريد أن أرى اسمك عىل شاشة الهاتف‪ ،‬عىل الطاولة‪ ،‬فأواصل ذهايب للمطبخ كأن شيئاً خارقاً مل يحدث للت ّو!‬
‫تتبلل عيناي‪ ،‬وأن (أم ّر باسمك إذ أخلو اىل نفيس)‬
‫وأريد أن أم ّر بذلك املقهى من دون أن أتسبب بحاديث سري‪ ،‬وأم ّر بذلك البحر فال ّ‬
‫فال ينتابني ما خاف “درويش” أن ينتابه إن م ّر (بأندلس)!‬
‫أريد حائطاً مل نخربش عليه يف صخبنا‪ ،‬وصورة لك إن رأيتها ال يتك ّوم الحن ُني يف حلقي‪ ،‬ومرآ ًة مل تر واحدا ً منا وحده‪ ..‬ولو مرة!‬
‫‪....‬‬
‫كل ما هنالك أنني أسعى للهدوء‪ ،‬أريد كمش ًة من الهواء النقي‪ ،‬املغسول‪ ،‬ما ميأل قبضة يدي فقط‪ ..‬أتنفسه‪ ،‬وأدعك به وجهي‪،‬‬
‫وأقدم منه لضيويف املخلصني!‬

‫‪49‬‬
‫االصولية اليسارية‬

‫تشكل األصولية اليسارية املتمثلة يف “أقىص اليسار و اليسار الجذري” النظري األصيل لألصولية الدينية التي ننتقد هيمنتها اليوم‬
‫عىل مصري هذه املنطقة ‪ ،‬األصولية اليسارية تشبه األصولية الدينية اىل حد كبري ففكرة التقدم “الحتمية” شبيهة متاما بفكرة‬
‫الخالص الدينية ‪ ،‬و فكرة حكم الطبقة شبيهة بحكم الله من خالل عباده املؤمنني ‪ ..‬و كال األصوليتني تشرتكان يف خصيصة خطرية‬
‫هي ‪ :‬البحث عن عدو دائم ‪ ،‬لهذا تجد “الشيوعي “ دائم البحث عن عدو طبقي و تجد “االسالمي “ دائم البحث عن عدو ديني‬
‫‪ ..‬يف نفس الوقت يصري ماركس مبثابة املرجع الوحيد للفكر السيايس مثلام يجعل االسالميون من “النبي و الصحابة “ مبثابة املرجع‬
‫الوحيد للسياسة دون مراعاة للظروف التاريخية و ال قراءة عقالنية للتاريخ ‪ ،‬يزداد األمر سوءا حني يؤمن “الشيوعي” برضورة‬
‫العنف الثوري ضد أعدائه الطبقيني و التحريفيني فيكون شبيها باإلسالمي حني يعلن الجهاد ضد الكفار و غري املتمذهبني مبذهبه‬
‫يف الدين ‪ ،‬تشبه املاركسية كمنظومة فكرية مغلقة األديان التوحيدية الكربى يف جانبها الكياين سوى أن الدين التوحيدي يقدم‬
‫بديال روحيا لكن املاركسية ال تقدم سوى بديل مادي خالص ‪ ،‬فاذا نظرنا لظروف الطبقة العاملة املزرية يف القرن التاسع عرش‬
‫كان من الرضوري أن تكتسب األفكار الحاقدة رشعية أكرب ‪ ،‬فالشيوعي دون أن يشعر هو شخص حاقد طبقيا ضد الرأساميل فهو‬
‫ينسب فشله الشخيص و لرمبا فشل والده اىل النظام الرأساميل املجحف يف حق الفقراء ‪ ،‬األمر مختلف قليال يف حالة شخص غني‬
‫يتبنى الشيوعية فهنا تكون الشفقة هي الدافع و غالبا ما تكون ممزوجة بسذاجة نضالية تسعى لرضب من الطهرانية املفقودة‬
‫نفسيا لدى صاحبها ‪ ..‬األمر أشبه بإنسان متدين يتحول اىل متدين متطرف ظنا منه أنه مقرص اتجاه “االله” أي مصابا بوهم “األزمة‬
‫الدينية” ‪ ،‬من جانب آخر يعيش الشيوعي وهم “الرصاع الطبقي” ‪ ،‬كال األصوليتني ال تحرتمان الدميقراطية الليربالية و كالهام أثبتتا‬
‫يف تجارب سياسية عديدة فشلهام يف اللعبة الدميقراطية طبعا توجد استثناءات لكن العقائدية الشيوعية كنظريتها الدينية أو حتى‬
‫القومية ال تصنع غالبا سوى مناذج بوليسية بريوقراطية و محاكم للتفتيش الفكري بدل بناء املجتمع املفتوح املستوعب للجميع ‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫قصيدة كتبها طفل افريقى و اعتربتها‬
‫األمم املتحده قصيدة العام‬

‫حني ولدت ‪ ،‬أنا أسود‬


‫حني كربت ‪ ،‬أنا أسود‬
‫حني أنا يف الشمس ‪ ،‬أنا أسود‬
‫حني أخاف ‪ ،‬أنا أسود‬
‫… حني أكون مريضاً ‪ ،‬أنا أسود‬
‫حني أموت ‪ ،‬أنا أسود‬

‫و أنت أيها األبيض …‬


‫حني تولد ‪ ،‬أنت زهري‬
‫حني تكرب ‪ ،‬أنت أبيض‬
‫حني تتعرض للشمس ‪ ،‬أنت أحمر‬
‫حني تربد ‪ ،‬أنت أزرق‬
‫حني تخاف ‪ ،‬أنت أصفر‬
‫حني مترض ‪ ،‬أنت أخرض‬
‫حني متوت ‪ ،‬أنت رمادي‬
‫كل هذا ‪ ..‬ورغم ذاك‬
‫أنت تصفني بأين مل َّون …‪..‬‬
‫؟؟؟؟؟؟؟‬

‫‪51‬‬
‫ما‬

‫ليك مو بس ألنو ولدان هون و هي بلدي‬


‫بس بجد يا زملة هي أحسن و أعرق بلد‬
‫مو ألنو الزملة أيب يعني‬ ‫تاريخ و حضارة و الذي منو و ريب يرس‬
‫يعني لو خلقان غري هون ما رح امتنى عيش بس يا أخي الزملة عظيم‬
‫عظيم شو بدك بالحيك‬ ‫غري هون ‪...‬‬
‫خطري بطل سوبرمان‬
‫شايل الدنيا عكتافو‬ ‫ليك والله مو بس ألنو اهيل هيك دينون‬
‫و من يوم ما انولدت نازلني فيني وعظ و لك اذا رضط بينزل حيط‬
‫مرة بزمناتو ‪...‬‬ ‫تعليم و تحفيظ بهالدين‬
‫و انو يعني بياخدوين عالصالة من وقت ما‬
‫اّ‬
‫علك آخر‬ ‫تعلمت اميش‬
‫اّ‬
‫علك آخر‬ ‫بس يعني قطعا جزما‬
‫‪.....‬‬ ‫هاد احسن دين‬
‫قامئة طويلة‬ ‫يا اخي باملنطق بتبني‬
‫دين منطقي مو متل هدوك الجامعة يا حرام‬
‫يعني لو ولدان عند جامعة من هداك الدين ليك ع ّمو‬
‫مو ألنها طيزي‬ ‫او غريو‬
‫و كتري بعتز فيها‬ ‫تلقائيا بس اوعى رح اتحول لهون‬
‫بس صدقا‬ ‫ما بدها كالم ‪...‬‬
‫صدقا‬
‫تلحس طيزي ‪.‬‬ ‫ليك والله متل ما عم احكيك‬

‫‪52‬‬
‫لم ثمة شيء بد ًال‬
‫َ‬
‫من الشيء؟‬
‫زانا خاني‬

‫‪53‬‬
54
‫مل ثمة شيء بدال ً من الشيء؟‬
‫َ‬

‫تقول نظرية مكانيكا الكوانتي‪ :‬ال يعترب هذا الفراغ عدماً‬ ‫لقرونٍ مضت كان هذا السؤال حكرا ً عىل الفلسفة‪ ،‬وبداي ًة‬
‫مطلقاً‪ ،‬لكونه ميلء بأمواج كهرومغناطيسية غري ثابتة (متوترة)‬ ‫ألي تأمل يف الوجود وكيفية نشأته‪ ،‬وقد ُع َّد من االسئلة األوىل‬
‫ويستحيل التخلص منها بصورة كاملة‪ ،‬وهي تتواجد بأطوال‬ ‫لالنطولوجيا‪ ،‬وأدرجه مارتن هايدغر كسؤال رئييس للدخول‬
‫متباينة‪ .‬أي أ َّن‪ :‬كل العدم أو الخواء أو الفراغ املتواجد يف‬ ‫إىل الفلسفة‪ ،‬إال إنه خالل العقود املنرصمة بات هذا السؤال‬
‫الوجود هو عدم دينامييك نشيط وليس عدماً مطلقاً أو فراغاً‬ ‫موجهاً إىل الكوسمولوجيا و إىل الفيزياء الكوانتية أيضاً‪ ،‬و َعدَّهُ‬
‫تاماً أو خوا ًء كامالً‪.‬‬ ‫بروفسور الفيزياء االمرييك جيمس تريفل يف أواخر القرن‬
‫العرشين كأول وأهم سؤال علمي ليس له إجابة واضحة تامة‪.‬‬
‫وبالنسبة لألمواج الكهرومغناطيسية يقتيض وجودها احتواء‬ ‫ما «الاليشء»؟ وما هذا السؤال؟‬
‫الفضاء الخاوي عىل كمية معيّنة من الطاقة‪ ..‬طاقة ال ميكننا‬
‫رصدها‪ ،‬لكنها موجودة دامئاً ‪ ،‬وتسمى بـ طاقة نقطة الصفر‬ ‫يف الحقيقة معظمنا يعجز عن تصور الاليشء (العدم)‬
‫‪ ..Zero-point energy‬و أحياناً تسمى بالطاقة الفراغية‪،‬‬
‫و يُشتق مفهوم طاقة النقطة صفر من مبدأ الريبة (عدم‬ ‫مدخل أخر‪:....‬‬
‫عندما يبدأ امل ّر بالتفكري حول الوجود أو الكون أو سؤال كهذا‪ ،‬التحديد) لهايزنربگ يف امليكانيك الكوانتي‪ ،‬وهو املبدأ الذي‬
‫فمن الطبيعي أن يتساءل عام كان موجودا ً قبل أن يكون يقيد دقة القياسات‪ .‬عدم إمكانية معرفة موقع جسيم ما‬
‫الوجو ُد موجودا ً‪ ،‬ومن الطبيعي أيضاً القول إن «اليشء» كان وكمية حركته‪/‬زخمه يف آن واحد وبدقة بالغة‪ :‬فإن ُعرِف املوقع‬
‫متاماً باتت كمية الحركة مجهولة والعكس صحيح‪.‬‬ ‫موجودا ً قبل الوجود‪.‬‬
‫أعتى الفالسفة و العلامء عىل مدى تاريخ البرش املد ّون واجهوا‬
‫مشاكل جمة يف التفكري حول الالوجود‪ ،‬ويف الواقع ليس من ولهذا البُ ّد للجسيم من التوتر يف درجة الصفر املطلق‪ :‬إذ إنه‬
‫الصعب اكتشاف سبب هذه الصعوبة‪ ،‬فهل جرب أحدنا يوماً لو كان يف حالة من الركود التام لعرفنا موقعه وكمية حركته يف‬
‫أن يصور الاليشء؟ من ناحيتي ميكنني أن أصور حيزا ً فارغاً آنٍ واحد وبدقة‪ ،‬ناقضني بذلك مبدأ الريبة (وهذا هو املنطق‬
‫يحيط به يش ٌء ما (وهل هذا الحيز فارغ متاماً؟)‪ ،‬ولكن ال السليم واملثبت تجريبياً الذي يعمل عىل مستوى دون الذرات‬
‫ميكنني أن أصور عدم وجود كل يشء‪ .‬وهذا العجز يف الخيال نقيضاً لبداهتنا الفطرية املتآلفة وعاملنا املحسوس)‪.‬‬
‫اإلنساين يؤثر عىل طريقة تفكرينا حول الطبيعة‪.‬‬
‫وطبقاً لقوانني امليكانيكا الكوانتي فإن مقدارا ً ضئيالً من املادة‬
‫ميكن أن يظهر من الفراغ بصورة عفوية رشيطة ‪:‬‬ ‫• من امليكانيك الكوانتي ‪:‬‬
‫بداي ًة ما سيأيت بعد هذه الكلامت ليست حكايات أو أساطري ‪ -1‬أن يظهر يف الوقت نفسه جز ًء ضئيالً مامثالً من مضاد املادة‪.‬‬
‫الجن والعفاريت‪ ،‬إمنا هي من اكتشافات ونظريات مكانيكا ‪ -2‬وأن تجتمع املادة ومضاد املادة معاً ويدمر كل منهام االخر‪،‬‬
‫الكوانتي‪ ،‬وبالنسبة ملعلومات مكانيكا الكوانتي مث َة أمور غريبة ويختفيان من جديد إىل الخواء ‪ ،‬بزمن قصريٍ جدا ً‪.‬‬
‫تسمى هذه العملية بعملية نشأة الجسيامت اإلفرتاضية كون‬ ‫جدا ً جدا ً‪ ،‬لكنها بقوة الرياضيات تكون صحيحة جدا ً جدا ً‪.‬‬
‫تفيدنا البداهة إنه اذا واظبنا عىل إفراغ حي ٍز ما من الطاقة هذه الجسيامت تنشأ ومتوت يف زمنٍ قصريٍ جدا ً‪ ،‬عيص عىل‬
‫واملادة‪ ،‬بحيثُ تغدو غري موجودة عىل اإلطالق‪ ،‬ونصل بالطاقة التحديد‪ ،‬لدرجة الميكن معها قياس وجودهام مبارشةً‪ .‬وهي‬
‫إىل الصفر املطلق (‪ ،)Zero-Energy‬فإن ذلك الفراغ يغدو تاماً محكومة بالفناء ( الدمار) يف الحالة الطبيعية‪.‬‬
‫أو عدماً مطلقاً‪ .‬لك َّن ميكانيكا الكوانتي بهذا الصدد تقول «ال»‪،‬‬
‫ملاذا ال ؟ ملاذا هذا التعارض مع البداهة الفطرية؟ وملاذا هذه‬
‫الرضبة القاصمة لتخاريف الالهوت؟‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫ملَ ثمة شيء بدال ً من الشيء؟‬
‫زانا خاين‬

‫• يف ضوء الكوانتي‪ :‬حوسبة منطقية‬


‫املراجع‪:‬‬ ‫علمياً‪ :‬ما من إمكانية لتواجد العدم املطلق يف الطبيعة‪ ،‬أي‬
‫موجز تاريخ الزمان – ستيفن هوكينك‬ ‫مبعنى إمنا شغل عقوالً لقرونٍ طويلة هو ال يشء وال ميكنه‬
‫الوجود والعدم – جان بول سارتر‬
‫‪Barrow، John D. & Silk، Joseph. 1993. Left Hand of‬‬
‫التمكن‪ ،‬وما معناه إنه دامئاً ما يكون الفراغ أو الخواء أو العدم‪،‬‬
‫‪.Creation. London: J. M. Dent & Sons‬‬ ‫نشيطاً وديناميكياً ساحرا ً‪ ،‬بالتايل ال يكون عدماً مطلقاً‪ .‬وهذا ما‬
‫‪Bojowald، Martin. 2010. Once Before Time. New York:‬‬ ‫يؤكد فرضاً فلسفياً استحالة انعدام الطاقة يف الوجود‪ ،‬أي مبعنى‬
‫‪.Alfred A. Knopf‬‬ ‫استحالة العدم املطلق يف أي فراغ كان‪.‬‬
‫‪Davies، Paul. 1983. God and the New Physics. London: J.‬‬
‫‪.M. Dent & Sons‬‬
‫العدم املطلق طاملا أنه مطلق مل ولن وال ميكن له التواجد‪ ،‬ألن‬
‫‪Davies، Paul. 1994. The Last Three Minutes. New York:‬‬
‫‪.BasicBooks‬‬
‫تواجد العدم يعني ببساطة عدم كونه عدماً لكل يشء‪ ،‬وطاملا‬
‫‪Kaufmann، William J. 1985. Universe. New York: W.H.‬‬ ‫كل يش ٍء ُمدرك هو وجود (يف حال رسمدي) فإنه يعني ما من‬
‫‪.Freeman & Co‬‬ ‫متكن للعدم‪ ،‬وإنه متى ما ت َم السؤال عن العدم فإننا نتسائل‬
‫‪Morris، Richard. 1990. The Edges of Science. New York:‬‬ ‫نقيض تام لكل‬ ‫عن عدمٍ غري مطلق ألن العدم املطلق عىل ٍ‬
‫‪.Prentice Hall‬‬ ‫َ‬
‫استحال‬ ‫وجود وبأي شكل من االشكال‪ ،‬فمتى ما كان الوجود‬
‫‪.Pagels، Heinz. 1982. The Cosmic Code. Toronto: Bantam‬‬
‫العدم ومتى أو أينام أو حيثام متكن العدم استحال الوجود‬
‫(حتى وجود السؤال مستحيل)‪ ،‬وهذا رمبا ما يربر عج ُز خيالنا ملعلومات أكرث حول الفراغ الكمي‪:‬‬
‫عن التفكري حول العدم املطلق‪ ،‬وفيزيائياً كان الوجود دامئاً هو‬
‫‪Zero point energy‬‬ ‫املوجود‪ ،‬أو مثة أزلية من صورة ما (فالطاقة ال تفنى الفناء التام‬
‫‪http://en.wikipedia.org/wiki/Zero-point_energy‬‬ ‫‪ ،‬وال تستحدث من عدمٍ مطلق) هذا قانون علمي و منطقي‬
‫‪?what is the casimir effec‬‬
‫ومبدأ عقالين ال ميكن بأي شكل من األشكال تجاوزه للكم‬
‫‪http://www.scientificamerican.com/article.cfm?id=what-‬‬
‫‪is-the-casimir-effec‬‬
‫الهائل من التجارب والرباهني الرياضية واملنطقية املؤكدة عليه‬
‫‪Creation ex nihilo - Without God‬‬ ‫ومتى ما تم تجاوز هذا القانون فإن ذلك التجاوز يكون عبارة‬
‫‪http://www.infidels.org/library/modern/mark_vuletic/‬‬ ‫عن هراء وسذاجة وسفور وجودي‪.‬‬
‫‪vacuum.html‬‬
‫‪virtual particles‬‬ ‫العدم املطلق أو العدم التام‪ :‬هو ال يشء‪ ،‬ال داخل الكون وال‬
‫_‪http://www.obscure.org/physics-faq/Quantum/virtual‬‬
‫خارجه‪ ،‬ال قبل الزمان وال بعده ال يتصل بالوجود وال يتأثران‬
‫‪particles.html‬‬
‫ببعضهام‪ ،‬ببساطة العدم يعني عدم الوجود وعدم وجود كل‬
‫يشء ممكن‪ .‬وهو ليس موجودا ً إال كتصور عقيل مغرب مجرد‬
‫كل إنسانٍ عقله بقد ِر ما يقدسون‬
‫أحب وق ّد َس ُ‬
‫إن َ‬ ‫معزول متاماً عن الخيال‪ .‬هذا رمبا أبسط تعريف عقالين للعدم‬
‫األوه��ام‪ ،‬فسيسعى دوم��اً إىل تطوير إلهه هذا‬ ‫املطلق يحاول أن يكون متكامالً‪.‬‬

‫بأفضل شكل‪ ،‬بالتايل عكس ما راحت عليه العقول‬


‫املتوهمة ستبقى عقولنا متفتحة ومتقدمة دوماً‪،‬‬
‫فقط كُ ْن يف عشقِ عقلك‪ .‬وأسعى له باألفضل‪.. ..‬‬

‫‪56‬‬
‫هل ثمة مشكالت غري قابلة للحل؟‬

‫بقلم‪ /‬جيمس تريفل ‪ -‬فيزيايئ‬


‫ترجمة ‪ :‬ياسمينا كُرد‬

‫كنت شغوفاً بتجويد فرنسيتي‪ ،‬فقد ُ‬


‫رتبت‬ ‫قضيت عاماً ممتعاً يف إحدى املختربات يف جنيف‪ ،‬سويرسا‪ ،‬وألين ُ‬ ‫ُ‬ ‫قبل عدة سنوات‬
‫منهجية لـ « مبادلة اللغات» مع مهندس كهرباء سويرسي‪ .‬فكنا نلتقي يومياً عىل الغداء ونتحدث ‪ 45‬دقيقة باإلنكليزية من ثم‬
‫ننتقل لغرفة أخرى الحتساء القهوة و نتحدث ‪ 45‬دقيقة بالفرنسية‪ .‬ويف إحدى االيام قال صديقي شيئاً لن أنساه‪»:‬املزعج َ‬
‫فيك يا‬
‫جيم –كام حال االمريكيني كافة – هو َ‬
‫ظنك الدائم بأ َّن لكل مشكلة ‪ ،‬حالً كائناً هناك‪»..‬‬

‫افضيت إىل تقبل فكرة أن بعض املشكالت االجتامعية والسياسية‪ ،‬إذ‬


‫ُ‬ ‫ومبرور السنني‪ ،‬وبتقدمي يف العمر و ‪ -‬كام أرجو‪ -‬يف املعرفة‪،‬‬
‫أتقبض خوفاً لفكرة أن مثة مشكالت فيزيائية‬
‫ما كانت غري قابلة للحل فإنها بالوقت عينه تكون إىل حد كاف غري مؤثرة‪ .‬ومع ذلك ُ‬
‫أو رياضياتية ضمن هذه الفئة‪ .‬ويف الواقع‪ ،‬باإلمكان الحديث عن نوعني من املشكالت تحت عنوان غري قابلة للحل‪ ،‬يتضمن‬
‫إحداهام االسس املنطقية للرياضيات ذاتها‪ ،‬ويتضمن الثاين الحوسبة الحديثة‪.‬‬

‫يف نهاية القرن التاسع عرش شبّت مناقشاتٌ ساخنة وجدية بني علامء الرياضيات حول إذا ما كان ميكن (دامئاً أم ال) تقرير صحة‬
‫العرض الريايض من زيفه‪ ،‬ويف عام ‪ 1901‬أكتشف الفيلسوف وعامل الرياضيات برتراند راسل تناقضاً عزز الشك يف إمكان التوصل‬
‫إىل حل‪ ،‬ويفيد تناقض راسل إنه ‪( :‬يف بلدة معينة‪ ،‬يقول الحالق إنه سيقص فقط شعر أولئك الناس الذين ال يقصون شعورهم‪.‬‬
‫فهل يقص شعره بالذات؟ ) ‪ ،‬وفيام بعد‪ ،‬تحديدا ً يف عام ‪ ،1931‬بره َن عامل الرياضيات النمساوي كورت غوديل‪ ،‬نظرية غوديل‪،‬‬
‫والتي تقول‪ :‬إن أي نظام ريايض معقد مبا يكفي‪ ،‬يتضمن عروضاً صحيحة عىل نحو واضح ولكن ال ميكن إثباتها ضمن النظام ذاته‪.‬‬

‫بيد إنه يف عرص الحاسبات مل يعد السؤال‪ :‬إذا ما كان باإلمكان حل املشكالت‪ ،‬من حيثُ املبدأ ‪ ،‬وإمنا بات الرتكيز يتمحور حول‬
‫املدّة التي تستغرقها الحاسبة لحلها‪ .‬ويتضح يف النهاية أن هناك تسلسالً للتعقيد بني املشكالت‪ ،‬يقوم عىل أساس كيف يزداد وقت‬
‫الحساب برسعة مع ازدياد حجم املشكلة‪ ،‬وعىل فرض إعطاء الحاسبة املجموعة املمكنة األكرث فعالية من التعليامت لحل تلك‬
‫املشكلة‪.‬‬

‫فعىل سبيل املثال‪ ،‬لنفرتض احدنا قام بإدخال معلومات حول إحصائية السكان إىل الحاسبة ليك تزوده فيام بعد مبعلومات حول‬
‫إجاميل السكان يف منطقة معينة ولنفرتض أن الحاسبة‪ ،‬بعد تغزيتها باملعلومات مجموعة واحدة من املدن‪ ،‬استغرقت ‪ 1000/1‬ثا‬
‫لتهيئة الجواب‪ .‬هنا قد نتوقع أنه إذا غذينا الحاسبة مبعلومات حول مجموعتني من املدن فإنها لن تستغرق يف إعداد الجواب أكرث‬
‫من ‪ 1000 /2‬ثا‪ ،‬وحول عرشة مدن ليس أكرث من ‪ 1000/10‬ثا والواقع أن برنامجاً جيدا ً رمبا يستغرق وقتاً أقل بكثري‪ ،‬ويقال أن‬
‫مشكلة كهذه ط ِّي َعة أو مطاوعة ‪ Tractable‬أو يف» فئة التعقد ‪ « P‬ألن الزمن الذي تستغرقه لحل مشكلة موسعة يزداد (يف هذه‬
‫الحال) خطياً – مضاعفة الدخل ليست أكرث من ضعف الزمن الالزم‪ .‬ويف الواقع ينبغي عد املشكلة طيعة حتى لو ازداد الزمن إىل‬
‫القيمة الرتبيعية للزمن الالزم إلعداد األجابة‪ ،‬أو القيمة التكعيبية له أو إىل أي قوة أخرى له (أي‪ ،‬بالنسبة لثالث مجموعات وهكذا)‬
‫وتطلق تسمية متعدد الحدود (( ‪ Polynomials‬عىل التعبري الرياضيايت الذي يتضمن هذه االنواع من القوى‪ ،‬الذي يفرس»‪ »P‬باسم‬
‫فئة املشكالت وتُطلق عىل املشكلة التي الميكن حلها يف زمن متعدد الحدود عنيدة‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫هل ثمة مشكالت غري قابلة للحل؟‬ ‫جيمس تريفل‬

‫واملرحلة التالية يف التعقيد هي فئة املشكالت الالمتعددة الحدود‪ ،‬واملثال عىل ذلك يسمى مشكلة البائع الجوال‪ ،‬التي تتطلب‬
‫من الحاسبة أن تضع مخططاً لرحلة يجوب وفقها البائع كل مدينة يحتاج إىل زيارتها ملرة واحدة فقط‪ ،‬ومن الواضح إنه كلام ازداد‬
‫عدد املدن التي يستوجب عىل البائع زيارتها ‪ ،‬ازداد الزمن الذي تستغرقه الحاسبة لحل املشكلة‪.‬لكن املشكالت من فئة الالمتعددة‬
‫تكهنت بحلٍ فإنك ميكن أن تتأكد من إنه ينجح يف زمن متعدد الحدود‪ ،‬ولكن ال احد يعرف ما إذا كانت‬ ‫َ‬ ‫الحدود تتميز بأنها إذا‬
‫افضل مجموعة ممكنة من املعوملات للحاسبة سوف تكون ضمن ذلك النوع من اإلطار الزمني أم ال‪.‬‬

‫وتزداد الصورة تعقيدا ً بواقع أن كثريا املشكالت الالمتعددة الحدود‪ ،‬متاثل بعضها بعضاً – أي إذا عرفنا واحدة منها‪ ،‬فإن بعض‬
‫املعالجات البسيطة تعطينا الحل ملشكلة أخرى‪ .‬وهناك حتى مجموعة من املشكالت الالمتعددة الحدود (تسمى «الكاملة‬
‫املتعددة الحدود» ‪ ) NP cpmplete‬التي ميكن التأكد من أنها سيناريو الحاالت األكرث سوءا ً بقدر ما ينترش التعقيد فإذا كانت‬
‫إحداها طيعة فإن كل املشكالت الالمتعددة الحدود ستكون طيعة أيضاً وباملثل ‪ ،‬إذا كانت أي مشكلة كاملة ال متعددة الحدود‬
‫عنيدة كام يتوقع معظم الرياضيني ‪ ،‬فإن املشكالت كافة من هذا النوع ستكون كذلك واكتشاف طريقة لحل املشكالت من الفئة‬
‫الالمتعددة الحدود هو الحقل الجديد لنظرية الطواعية‬

‫وهذه االبحاث والدراسات حول الطواعية ليست نظرية رصفة‪ ،‬ففي كثري من األحيان يحتاج املهندسون إىل فحص املشكالت مبزيد‬
‫ومزيد من التدقيق و التفصيل إلنتاج تفاصيل فعالة‪ ،‬وهو اجراء مامثل لزيادة عدد املدن يف مشكلة البائع الجوال ومعرفة أن‬
‫برنامج الحاسبة ال ينبغي أن يعمل إىل ما ال نهاية حاسمة وعملية‪ ،‬عىل حد سواء‪.‬‬

‫• مقالة مرتجمة من كتاب تريفل‪The Edge of the Unknown (1996( :‬‬

‫‪58‬‬
‫ليس لكل نتيجة ‪ ..‬سبب !‬

‫ميشوت حاول اج��راء العديد من السيناريوهات األخرى‬ ‫نحن نؤمن بالتسبيب وعالقة السبب بالنتيجة ألننا نريد ان‬
‫وبغض النظر عن ما كانت تفعله الكرات فإن تفاعالتهام كانت‬ ‫نحافظ عىل سيطرتنا عىل حياتنا ‪ ،‬لكن بعض االشياء ال منلك‬
‫ت ُوصف بنمط وأسلوب (السبب – النتيجة) – يرجى مشاهدة‬ ‫اجابة واضحة عليها ‪.‬‬
‫اللينك السابق لالطالع عىل تجربة ميشوت – ‪.‬‬
‫نحن نسعى اىل النمط ونؤمن بعامل متامسك ومرتابط منطقيا‬
‫اآلخرين الذين ك��رروا تجربة ميشوت حصلوا عىل نتائج‬ ‫واالحداث املطردة واملتكررة التي تظهر يف حياتنا ال تحدث‬
‫مامثلة ‪“ .‬أظهرت التجارب ان االطفال ال ُرضّ ع ذوى ال‪ 6‬أشهر‬ ‫عن طريق الصدفة بل هي نتيجة سببية ميكانيكية او نتيجة‬
‫يشاهدون تعاقب االحداث وتسلسلها بسيناريو ( السبب –‬ ‫ارادة شخص ما ‪.‬‬
‫النتيجة ) ” ويندهشون عندما يتم تبديل تسلسل االحداث ‪.‬‬
‫يكتب كانيامن ” أنه لدينا استعداد واضح منذ الوالدة لتكوين‬ ‫كلامت دانيال كانيامن تبدو حقيقة بالنسبة لنا جميعاً ؛ نحن‬
‫انطباعات سببية ” ‪.‬‬ ‫كائنات سببية بطبيعتها نحب ان يكون للنتائج أسباب ونكره‬
‫العشوائية الغري متامسكة ‪ .‬واال ملاذا هذه املسألة الجوهرية‬
‫ت َ ُعودنا عىل السببية ميكن ان نشاهده يف كل مكان ‪ .‬واحد من‬ ‫املتعلقة بالوجود أرقت الكثريين ‪ ،‬وجذبت املليارات اىل‬
‫أفضل االماكن للعثور عىل هذا التعود نجده يف املجال الريايض‬ ‫الدين؟‬
‫‪ ،‬الرياضيون عادة ما يكون أدائهم اعىل أو أقل من املستويات‬
‫املتوقعة ألدائهم ‪ ،‬وعندما يفعلون ذلك ‪ ،‬املعلقون الرياضيون‬ ‫هذه النزعة للتسبيب تبدو غريزية ‪ ،‬يف األربعينات قال عامل‬
‫يسارعون يف تقديم تفسريات سببية بغض النظر عن ما إذا كان‬ ‫النفس ألربت ميشوت ” نحن نرى عالقة السببية مبارشة كام‬
‫هناك أدلة تدعم مثل هذه التفسريات ‪.‬‬ ‫نرى اللون ” كام لو انها موجودة يف كل مكان ‪ .‬وليثبت حجته‬
‫ابتكر عروض يف هيئة أشكال ورقية تتحرك من مكان ملكان‬
‫وفقا لكانيامن ‪ ( :‬هناك مثل مشهور يقول “‪Sports‬‬ ‫وتتالمس مع بعضها البعض ‪ .‬فجعل امل ُختَبرَ ين يشاهدون‬
‫‪ – ”Illustrated jinx‬أي الظهور عىل مجلة ‪Illustarted‬‬ ‫األشكال الورقية تتحرك باملقابلة مع االجسام امللونة وسألهم‬
‫الرياضية سوف يجلب النحس – االدعاء بأن الريايض الذى‬ ‫عن صف ما شاهدوه ‪ ،‬فاخرتعوا قصص سببية خيالية متاماً ‪.‬‬
‫تظهر صورته عىل مجلة محكوم عىل ادائه بالضعف املوسم‬ ‫عىل سبيل املثال (‪http://cogweb.ucla.edu/Discourse/‬‬
‫التايل ‪ .‬الثقة املفرطة والضغط ومحاولة تلبية التوقعات العالية‬ ‫‪ )Narrative/michotte-demo.swf‬قام ميشوت بتحريك‬
‫غالباً ما يتم تقدميها كتفسريات ‪ .‬لكن يوجد سبب أبسط من‬ ‫كرة ورقية زرقاء لتصل ألخرى حمراء وفورا تحركت الكرة‬
‫النحس ؛ وهو ان الريايض الذى يظهر عىل املجلة البد وأن‬ ‫الحمراء يف نفس االتجاه للكرة الزرقاء التي كانت تسري فيه‬
‫يكون ادائه استثنايئ يف املوسم السابق ورمبا يكون هذا االداء‬ ‫فإن معظم املُراقبني (امل ُختًبرً ين) قالوا بأن الكرة الزرقاء رضبت‬
‫مبساعدة الحظ والحظ متقلب ) ‪.‬‬ ‫الكرة الحمراء وتسببت يف تحريكها ‪ .‬معقول ‪ .‬لكن ‪ ،‬يف‬
‫سيناريو أخر اظهر ميشوت لل ُمراقبني (امل ُختًبرَ ين) كرة ورقية‬
‫غري الرياضة ‪ ،‬ميكن للمرء ان ينظر ببساطة اىل سوق االوراق‬ ‫حمراء كبرية وكرة زرقاء صغرية واالخرية منفصلة مبسافة قصرية‬
‫املالية(البورصة) للحصول عىل أمثلة إضافية النتشار ت َ ُعودنا‬ ‫عن الكرة الزرقاء ‪ ،‬ثم بدأ يف تحريكهام يف انسجام ‪.‬‬
‫عىل السببية بدون ضوابط ‪ .‬كل يوم مؤرشات مالية عديدة –‬
‫ناسداك ‪ ،‬داو جونز ‪ ،‬نيكىّ ‪ ،‬الخ – تتحرك صعودا ً ونزوالً ‪ ،‬وىف‬ ‫بدالً من القول ان الكرات كانت تتحرك باستقاللية كل منهام‬
‫كل انكامش وىف كل تحسن يتم ارجاعهام إىل يشء ما ‪ ،‬سواء‬ ‫عن االخرى فإن اغلب املُراقبني (امل ُختَبرَ ين) قالوا بأن الكرة‬
‫كان ذلك اليشء هو بيانات الوظائف أو ضعف ثقة املستهلك‬ ‫الحمراء تطارد الكرة الزرقاء كأن الكرة الحمراء وحش كبري‬
‫أو مبيعات املنازل أو مشاكل يف أوروبا أو خرب جذاب ‪.‬‬ ‫مفرتس والكرة الزرقاء فريسته ‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫ليس لكل نتيجة ‪ ..‬سبب !‬ ‫‪Ross Pomeroy‬‬

‫الحديث حول كيفية مشاهدة (‪ – )Kardashians‬تليفزيون‬ ‫نسيم طالب يف كتابه ” البجعة السوداء ” أوضح كم هذا‬
‫الواقع تقدمه كيم كاردشيان واختيها – وهو يقتلك ولو ببطيء‬ ‫سخيف ؟! ‪.‬‬

‫حاجة االنسانية للسببية عىل األرجح تنبع من رغبتنا املتواصلة‬ ‫يف الساعات التالية عىل القبض عىل الديكتاتور العراقي‬
‫يف الحفاظ عىل بعض من السيطرة عىل حياتنا ‪.‬‬ ‫السابق يف ‪ 13‬ديسمرب ‪ ، 2003‬رصحت وكالة بلومربج لألخبار‬
‫بالعنوان التايل ( سندات الخزانة االمريكية ترتفع ؛ القبض‬
‫كوننا مجرد ضحايا للحظ والعشوائية يشء مبهج لقلة جامحة‬ ‫عل صدام حسني من املحتمل أال يكبح جامح االرهاب) وبعد‬
‫‪ ،‬لكنه مزعج متاماً لألغلبية ‪ .‬عن طريق السعي إىل تفسريات‬ ‫ثالثني دقيقة تراجعت أسعار السندات وشبكة بلومربج غريت‬
‫واضحة عند كل منعطف ‪ ،‬نحن نحافظ عىل فكرة اننا قادرون‬ ‫عنوانها الصحفي اىل ( سندات الخزانة االمريكية تنهار ‪ :‬القبض‬
‫عىل التأثري يف حالتنا ‪ .‬لألسف ‪ ،‬هذه الفكرة مجرد واجهة غري‬ ‫عىل صدام حسني يعزز جذب األصول الخطرة ) يف حني كان‬
‫حقيقية ‪ .‬بعض األشياء ال منلك إجابات واضحة بشأنها ‪ .‬بعض‬ ‫العنوان األكرث صحة كان يجب أن يكون ( سندات الخزانة‬
‫األشياء هي مجرد عشوائية ‪ .‬بعض األشياء ببساطة ال ميكن‬ ‫االمريكية تتقلب كعادتها ‪ :‬القبض عىل صدام حسني ليس له‬
‫السيطرة عليها ‪.‬‬ ‫أي عالقة بالسندات عىل االطالق ) ولكن ليس هذا ما يريده‬
‫املحرر ‪ ،‬وليس هذا ما يريد الناس قراءته ‪.‬‬

‫يقول كانيامن ‪ ” .:‬يف الواقع ان كل ما تفعله العناوين الصحفية‬


‫هو تلبية حاجتنا اىل الرتابط املنطقي لىك نسيطر عىل حياتنا‬
‫‪ :‬فالحدث الكبري من املفرتض ان له عواقب والعواقب تحتاج‬
‫إىل أسباب لتفرسها “‪.‬‬

‫هذا االتجاه ال يعرب عن نفسه فقط بالنسبة لألسهم واالحداث‬


‫الكبرية ‪ .‬خذ الدراسات العلمية عىل سبيل املثال ‪ ،‬العديد‬
‫من اغلب الدراسات الكبرية ‪ ،‬غالباً ما يتم ذكرها يف منافذ‬
‫االعالم الضخمة نتيجة الدراسات الرتابطية والتي هي مجرد‬
‫ربط بني متغريين ‪ ،‬مثل دراسة (العالقة بني مشاهدة التلفاز‬
‫واألمراض واملوت املبكر ) ‪ .‬حتى اآلن تتمثل وظيفة العناوين‬
‫املصدر الرئييس ‪:‬‬ ‫الصحفية جزئياً يف التلخيص وىف املقام األول جذب االنتباه‬
‫‪http://www.amazon.com/Thinking-Fast-Slow-Daniel-‬‬ ‫– وغالباً ما تكتب بصيغة ” س يسبب ص ” أو ” هل س‬
‫‪?Kahneman/dp/0374275637/ref=la_B001ILFNQG_1_1‬‬ ‫تسبب ص؟ ” ( مام الشك فيه إنني ُمدان لكتابتي العناوين‬
‫‪ie=UTF8&qid=1349204940&sr=1-1‬‬ ‫الصحفية باألسلوب االخري)‪.‬وىف املقابل ‪ ،‬فإن الجمهور يتعامل‬
‫الكاتب ‪Ross Pomeroy :‬‬ ‫عادة مع هذه النتائج بطريقة ( السبب – النتيجة ) عىل الرغم‬
‫ترجمة ‪ :‬محمود مجدى‬ ‫من حقيقة واضحة وهى احتاملية عدم اثبات عالقة السببية‬
‫مأخوذ من موقع‬ ‫بني املتغريات ‪ .‬املقال نفسه احتامل ان يشري اىل ان الدراسة‬
‫‪http://ibiscience.com‬‬ ‫بينها ترابط او تالزم فقط وليس سببية ولكن هذا لن يغري من‬
‫كيفية الطريقة التي يعمل بها الوعى ‪ .‬فإن زمالء العمل عرب‬
‫العامل سوف يظلون يتجمعون حول ماكينة القهوة ويتبادلون‬

‫‪60‬‬
‫كيف يجعل دماغنا املوسيقى ممتعة؟‬

‫دماغية تقوم بتخزين املعلومات املتعلقة باألصوات واملوسيقى‬ ‫من صفحة ‪I believe in Science‬‬
‫التي نسمعها‪ .‬كلام كانت مقطوعة ما مجزية بشكل أكرب كلام‬
‫ازداد التواصل بيت هاتني املنطقتني‪ .‬لقد تم رصد تفاعالت‬ ‫كشفت دراسة جديدة ما يحدث يف الدماغ عندما نقرر رشاء‬
‫مامثلة أيضاً بني “النواة املتكئة” وبني مناطق دماغية أخرى‬ ‫مقطوعة موسيقية أعجبتنا بعد سامعنا لها للمرة األوىل‪.‬‬
‫“السلسلة عالية املستوى” وعمليات‬
‫َ‬ ‫مسؤولة عن عمليات‬ ‫أجريت تلك الدراسة يف “مستشفى ومعهد مونرتيال العصبي”‪¹‬‬
‫التعرف إىل األمناط عالية التعقيد باإلضافة إىل مناطق مسؤولة‬ ‫املعروفة باسم “‪ ”The Neuro‬والتابعة لجامعة “مكغيل”‪،²‬‬
‫عن ربط قيمة عاطفية و”جزائية” باملحفزات‪.‬‬ ‫وتم نرشها يف مجلة “العلوم” يف الثاين عرش من شهر ابريل‬
‫الجاري‪ .‬أبرزت الدراسة النشاطات الدماغية املحددة التي‬
‫بعبارة أخ��رى‪ ،‬يقوم الدماغ بإسناد قيمة للموسيقى عن‬ ‫تجعل من املوسيقى “ ُمجزية” وجديرة باالستامع إليها‪ ،‬وتتنبأ‬
‫طريق التفاعل الذي يتم بني “نظام اإلثابة عن طريق نواقل‬ ‫بقرار رشائنا لها من عدمه‪.‬‬
‫الدوبامني”‪ - ⁷‬ال��ذي يعمل عىل تعزيز السلوكيات التي‬
‫تكون رضورية للغاية لبقائنا كالطعام والجنس ‪ ،-‬مع بعض‬ ‫استمع املشاركون يف تلك الدراسة إىل مقتطفات موسيقية مل‬
‫أكرث أقسام الدماغ تطورا ً‪ ،‬واملسؤولة عن العمليات الفكرية‬ ‫يسبق لهم أن سمعوها من قبل بشكل يتزامن مع خضوعهم‬
‫يختص بها اإلنسان‪.‬‬
‫املتقدمة التي ّ‬ ‫لتصوير وظيفي بالرنني املغناطييس‪ ،³‬وطُلب منهم عرض ما‬
‫هم مستعدون لدفعه من املال مقابل كل من تلك املقتطفات‬
‫“يُعترب ذلك مثريا ً لالهتامم حيث أ ّن املوسيقى تتألف من‬ ‫وذلك يف مزاد علني محاىك‪“ .‬عندما يستمع الناس إىل مقطوعة‬
‫تسلسل من األصوات التي ال متتلك قيمة جوهرية يف حال قمنا‬ ‫موسيقية مل يسبق لهم أ ْن سمعوها من قبل‪ ،‬ميكن للنشاط يف‬
‫مبعاينتها بشكل مفرد‪ ،‬لكن حني يتم ترتيبها مع بعضها البعض‬ ‫منطقة مع ّينة من الدماغ أ ْن يتنبأ بشكل مستمر وعىل نحو‬
‫بنا ًء عىل أمناط زمنية محددة فإنها تصبح مبثابة مكافأة‪”.‬‬ ‫موثوق به مبا إذا كانوا سيعجبون بها أو يشرتونها‪ .‬نتحدث عن‬
‫ويتابع الدكتور (روب��رت زات��وري)‪ ،‬الباحث يف معهد ‪The‬‬ ‫“النواة املتكئة”‪ ،⁴‬وهي املنطقة املعنيّة بتشكل التوقعات التي‬
‫‪ Neuro‬واملدير بالرشاكة يف “املخترب العاملي للدماغ واملوسيقى‬ ‫قد تنطوي عىل مكافأة‪ ”.‬هذا ما رصحت به كبرية الباحثني‬
‫واألبحاث الصوتية”‪“ ،⁸‬إ ّن النشاط املتكامل للدارات الدماغية‬ ‫الدكتورة (فالوري ساليمبور ‪)Dr. Valorie Salimpoor -‬‬
‫املسؤولة عن التعرف عىل األمناط‪ ،‬والتوقع‪ ،‬والعواطف يسمح‬ ‫التي قامت بإجراء البحث يف مخترب الدكتور (روبرت زاتوري‬
‫لنا باختبار املوسيقى كمكافأة جاملية أو ذهنية‪”.‬‬ ‫‪ )Dr. Robert Zatorre -‬يف املعهد املذكور آنفاً‪ ،‬والتي تعمل‬
‫اآلن يف “معهد (رومتان ‪ )Rotman -‬لألبحاث” التابع ملركز‬
‫تضيف الدكتورة (ساليمبور)‪“ :‬لقد كان النشاط الدماغي لدى‬ ‫(بايكريست) لعلوم الصحة‪ .⁵‬وتتابع القول “إ ّن ما يجعل‬
‫كل من املشاركني هو ذاته أثناء استامعهم ملقاطع موسيقية‬ ‫املوسيقى ذات أثر عاطفي كبري للغاية هو تشكل التوقعات‪.‬‬
‫انتهى املطاف بهم برشائها‪ ،‬عىل الرغم من أ ّن املقطوعات التي‬ ‫يُعترب النشاط الذي يجري يف “النواة املتكئة” مؤرشا ً عىل أ ّن‬
‫اختاروا رشاءها كانت مختلفة‪ .‬تساعدنا هذه النتائج عىل إدراك‬ ‫التوقعات قد تحققت بالفعل‪ ،‬ووجدنا يف دراستنا أنه كلام‬
‫سبب ميول الناس إىل محبة أمناط مختلفة من املوسيقى‪ ،‬فلدى‬ ‫ازداد النشاط الدماغي يف تلك املنطقة أثناء استامع األشخاص‬
‫خاص به‪ ،‬والتي تتشكل‬‫كل فرد قرشة سمعية ذات شكل فريد ّ‬ ‫للموسيقى‪ ،‬كلام ازداد املبلغ النقدي الذي يكونون مستعدين‬
‫بنا ًء عىل جميع األصوات يسمعها خالل حياته‪ ،‬كام أنّه من‬ ‫لتقدميه مقابلها‪.‬‬
‫املمكن امتالك القوالب الصوتية التي نقوم بتخزينها الرتباطات‬
‫عاطفية سابقة‪”.‬‬ ‫االكتشاف الثاين واملهم يكمن يف أ ّن “النواة املتكئة” ال تعمل‬
‫مبفردها‪ ،‬وإمنا تتفاعل مع القرشة السمعية‪ ،⁶‬وهي منطقة‬

‫‪61‬‬
‫كيف يجعل دماغنا املوسيقى ممتعة؟‬

‫يكمن أحد الجوانب اإلبداعية يف هذه الدراسة يف تقليدها بشكل دقيق لتجارب االستامع للموسيقى يف الحياة اليومية‪ .‬استخدم‬
‫الباحثون واجهات وأسعار مامثلة لتلك املوجودة يف ‪ .iTunes‬بغية تكرار سيناريو واقعي أكرث ما ميكن أ ْن يكون‪ ،‬وبغية تقييم‬
‫املكافأة بشكل موضوعي‪ ،‬كان بإمكان املشاركني رشاء املقطوعات املوسيقية مبالهم الخاص‪ ،‬وذلك كمؤرش عىل رغبتهم باالستامع‬
‫إليها مجددا ً‪ .‬مبا أ ّن التفضيالت املوسيقية تتأثر باالرتباطات العاطفية السابقة‪ ،‬تم اختيار املقطوعات املوسيقية الحديثة فحسب‬
‫– ذلك للح ّد من التوقعات الرصيحة قدر اإلمكان – باستخدام برمجيات توصية موسيقى – مثل ‪ Pandora‬و ‪ – Last.fm‬لتقوم‬
‫بعكس التفضيالت الفردية‪.‬‬

‫إ ّن التفاعالت التي تتم بني “النواة املتكئة” وبني القرشة السمعية تشري إىل أننا نصيغ توقعات عن وقع األصوات املوسيقية بناء‬
‫عىل ما تعلمناه وقمنا بتخزينه يف القرشة السمعية‪ ،‬وأ ّن انفعاالتنا تكون نتيجة تحقق أو مخالفة تلك التوقعات‪ .‬نحن نعكف دامئاً‬
‫عىل صياغة توقعات تتعلق باملكافأة يف سبيل بقاءنا عىل قيد الحياة‪ ،‬وتزودنا هذه الدراسة بدالئل من علم األعصاب عىل أننا‬
‫نصيغ توقعات أيضاً عند االستامع إىل محفزات تجريدية كاملوسيقى‪ ،‬حتى إ ْن مل نسمع تلك املوسيقى قبل ذلك مطلقاً‪ .‬إ ّن التعرف‬
‫عىل األمناط باإلضافة إىل التنبؤ مبجموعة بسيطة من املحفزات يصبحان ‪ -‬عندما يتم تنظيمها سوياً – قوة كبرية قادرة عىل جعلنا‬
‫سعداء أو حملنا عىل البكاء‪ ،‬باإلضافة إىل تجربتنا ونقلنا ألكرث املشاعر واألفكار شدة وتعقيدا ً‪.‬‬

‫ترجمة ‪Abuda Dumiaty :‬‬

‫‪62‬‬
‫العلم يحي املوتى‪.‬‬

‫قلب صناعي‪.....‬يعيد األموات إىل الحياة‬


‫‪ARTIFICIAL HEART ss-use‬‬

‫توصل علامء وباحثون يف مجال الطب إىل ابتكار قلب صناعي قادر عىل إعادة األموات الىالحياة‪ ،‬يف تطور علمي هائل هو األول من‬
‫نوعه يف تاريخ البرشية‪ ،‬حيث ميكن للقلب الصناعي أن يعمل بفعالية إذا ما تم تركيبه يف جسد املتوىف خالل مدة ال تزيد عىل سبعة‬
‫ساعات من لحظة توقف قلبه الطبيعي‪.‬وأوضحت صحيفة “صنداي تاميز” أن القلب اآليل الذي متكّن العلامء من ابتكاره ميكن‬
‫تركيبه خالل دقائق يف جسد املريض أو املتوىف‪ ،‬مشريين اىل أنه من املفرتض أن يتم تزويد املستشفيات وحتى سيارات اإلسعاف به‬
‫إلنقاذ املرىض الذين تتوقف قلوبهم عن العمل‬

‫وعادة ما ينظر األطباء اىل توقف القلب عن العمل عىل أنه أهم عالمات وإشارات الوفاة‪ ،‬حيث تظل محاوالت إنقاذ املريض جارية‬
‫ما دام قلبه مستمرا ً بالخفقان‪ ،‬ويف حال توقف القلب عن العمل يكون األطباء قد فقدوا األمل يف إنقاذ املريض‪ ،‬إال أن االبتكار‬
‫العلمي الجديد يبدو أنه قادر عىل تغيري هذه القاعدة الطبية‪.‬ويطلق عىل القلب الصناعي اسم ‪Ecmo Machines‬‬

‫وهو نظام بديل لعمل القلب يتم تركيبه خالل دقائق فقط من توقف قلب املريض عن العمل‪ ،‬وهو مستخدم حالياً يف إنقاذ ضحايا‬
‫السكتات القلبية يف كل من اليابان وكوريا الجنوبية‪ ،‬الذين يتم إحياؤهم بعد أن يكون قد بدت عليهم أعراض الوفاة‬

‫لكن التطور العلمي الجديد الذي تم إدخاله عىل هذا النظام يجعل من هذا القلب الصناعي أصغر حجامً‪ ،‬وأكرث فعالية‪ ،‬ويتضمن‬
‫نظاماً أعىل وأفضل من حيث الدقة والقدرة عىل إنقاذ املريض أو إعادة امليت اىل الحياة ولو بعد فرتة أطول تصل اىل سبعة ساعات‪.‬‬
‫ويقوم الجهاز بعمليات ضخ وتدوير الدم يف جسم اإلنسان كبديل للقلب‪ ،‬كام يقوم بعمليات تنفس صناعي تتضمن تزويد الجسم‬
‫باألوكسجني الالزم‪ ،‬وتتضمن عمليات شهيق وزفري معتادة‬

‫وبحسب الباحث يف مجال اإلنعاش‪ ،‬الدكتور سام بارنيا‪ ،‬فإن بريطانيا لديها حذر شديد تجاه اعتامد التكنولوجيا الجديدة‪ ،‬وهو ما‬
‫يعني أن الكثري من الذين ميكن إنقاذهم اآلن ال زالوا ميوتون‪.‬وأشار الطبيب بارنيا اىل أنه من بني ‪ 60‬ألف حالة سكتة قلبية يتم‬
‫تسجيلها سنوياً يف بريطانيا‪ ،‬فإن ‪ 10‬آالف فقط يتم إنقاذهم ويصلون املستشفى وهم عىل قيد الحياة‪ ،‬ومن بني هؤالء العرشة آالف‬
‫فإن ثالثة آالف فقط يظلون عىل قيد الحياة ويغادرون املستشفى‬

‫ويعتقد الدكتور بارنيا أنه يف حال تم توسيع استخدام القلب الصناعي ‪ ،‬مع تدريب الكوادر الطبية عىل استخدامه والتعامل معه‬
‫بفعالية وكفاءة‪ ،‬وبالتكنولوجيا الجديدة التي تم إدخالها عليه‪ ،‬وتزويد سيارات اإلسعاف به‪ ،‬فهذا يعني أنه سيكون هناك طفرة‬
‫كبرية يف أعداد الذين سيتمكن األطباء يف بريطانيا من الحفاظ عىل حياتهم‪.‬ويكشف بارنيا أنه بفضل هذا الجهاز املستخدم بفعالية‬
‫يف جنوب رشق آسيا فإن األطباء هناك ينجحون يف إعادة تشغيل القلب بنسبة ترتاوح بني ‪ 70%‬و‪ ،90%‬بينام تنخفض هذه النسبة‬
‫يف أمريكا وأوروبا اىل ما بني ‪ 20%‬و‪25%‬‬

‫‪63‬‬
‫فوتونات الضوء تخرج من العدم وتضيئه !‬

‫‪I believe in Science‬‬

‫او اقرا هنا‪http://ibiscience.com/?p=537 :‬‬

‫حسب قوانني الفيزياء الكمية‪ ،‬فإن الفراغ املطلق يعج بجسيامت من الطاقة تقفز اىل الوجود‬
‫وتختفي برسعة من دون كرس قانون الحفاظ عىل الطاقة واملادة وتسمى ‪Virtual Particles‬‬
‫‪ .‬العلامء يعتقدون أن تأثري هذه الجسيامت هو من يدفع الكون يف التوسع املستمر‪.‬‬

‫متكن علامء يف فنلندا من استخراج فوتونات الضوء من العدم مستخدمني تقنية مجال‬
‫مغناطييس تقوم بتبطيء رسعة الضوء املنبعث‪.‬‬

‫يقول بايس الهتيناميك أحد القامئني عىل هذه التجربة “من خالل تغيري رسعة الضوء برسعة فإنه‬
‫ميكننا استخراج فوتونات من الفراغ املطلق”‬

‫هذه التقنية سوف تستخدم يف املستقبل يف خلق ثقوب سوداء ومراقبة إشعاع هوكينز املنبعث‬
‫منها كام أنها تعمق من فهمنا لكيفية نشوء الكون من العدم بفعل الطاقة الفراغية‪.‬‬

‫ترجمة‪Leonard Zinc :‬‬

‫للمزيد يرجى االطالع هنا‬


‫‪http://phys.org/news/2013-02-particles-illuminate-vacuum.html‬‬

‫‪64‬‬
‫لتحميل املجلة‬
issuu
www.issuu.com/i-think-magazine
Mediafire
www.mediafire.com/?odd3nd897q2ne
Box
www.box.com/s/zhvvajbeglqpq2enaqzp
facebook
www.facebook.com/I.Think.Magazine
Web
www.ithinkmag.net
www.i-think-magazine.blogspot.com

‫عيشوا سعداء‬...ً‫شكرا‬
19

You might also like

  • 31 PDF
    31 PDF
    Document57 pages
    31 PDF
    OrwaB.Al-Shara'a
    No ratings yet
  • 21
    21
    Document65 pages
    21
    OrwaB.Al-Shara'a
    No ratings yet
  • 11
    11
    Document73 pages
    11
    OrwaB.Al-Shara'a
    No ratings yet
  • 17
    17
    Document68 pages
    17
    OrwaB.Al-Shara'a
    No ratings yet