You are on page 1of 29

‫‪22‬‬

‫‪8/2013‬‬

‫اهلل موجود !؟ ما الذي يجعلنا واثقني هكذا ؟‬


‫كشف املستور عن تقديس االديان للصخور‪!!..‬‬
‫التمييز بني العلم احلقيقي و العلم الزائف‬
‫كلمة رئيس التحرير‬
‫نحن بالفعل ( منوت بغيظنا )‬ ‫‪2‬‬
‫شخصيات ملحدة‬ ‫‪3‬‬
‫نبضات بن باز‬ ‫‪17‬‬
‫نحن بالفعل ( نموت بغيظنا )‬
‫الله موجود !؟ ما الذي يجعلنا واثقني هكذا ؟‬ ‫‪15‬‬
‫ما ال يعرفه املسلم عن شهر رمضان!‬ ‫‪19‬‬
‫ال شك أن تعبري موتوا بغيظكم استعمل معك عزيزي امللحد أن كنت مثلي تدخل يف تلك النقاشات اجلوفاء الغبية مع خري امم اخرجت للناس‬
‫اكيد مسعتها اذا كنت مثلي يستفزك اهلبل اللفظي و العملي فرتد و تناقش و تتقيئ‬ ‫ال يزال الرجل يكذب ويكذب حتى يُكتب عند الله نبياً‬ ‫‪21‬‬
‫أنا ضحكت كل مرة قيلت يل و الشك أنك فعلت مثلي‬ ‫هل ميكننا نفي وجود اإلله ؟ (نعم)‬ ‫‪23‬‬
‫لكن أنت و أنا نعرف أننا بالفعل منوت غيظاً منهم‬
‫كشف املستور عن تقديس االديان للصخور‪!!..‬‬ ‫‪25‬‬
‫من املؤكد أنه ليس منطقهم الذي ال يشق له غبار ألنه بأمكان طفل يف العاشرة من عمره ميتلك قليالً من الثقافة و خمزوناً لفظياً أن يهزم منطقهم‬
‫االكثر طفوله و األسذج من براءة أطفال أيام زمان ‪.‬‬ ‫دراسة تربط شدة التدين بضمور جزء من الدماغ‬ ‫‪29‬‬
‫من املؤكد أن ما يقتلنا غيظاً ليس عدم قدرتنا على فهم لوغاريتم الدين و ماهية اهلل و اخلطط اخلفية لالهوت و طرقه املاكرة يف احلفاظ على التوازن‬ ‫حوار أبا لهب و الله‬ ‫‪31‬‬
‫بني االنتصار التارخيي الدائم ألتباعه املخلصني و كوهنم أضحوكة األمم املتطورة و مضرب مثاهلا يف التخلف و اهلزائم ‪.‬‬
‫أكيد ليس قوة خرافاتكم و مراهقة اعجازاتكم فاخلرافة خرافة حىت لو كانت مجيلة و ممتعة فما بالكم خبرافاتكم الصحراوية الصفراء املسخ ‪.‬‬ ‫ليس بالصالة وحدها يحيا اإلنسان‬ ‫‪33‬‬
‫ما يغيظنا فعالً و ببساطة ‪ -‬و أظن أنكم ستوافقوين الرأي ‪ -‬هو كيف أمكنهم البقاء حىت اآلن ؟‬ ‫ملحدنا العريب املأنشح وملحدهم الغريب السينيه‬ ‫‪35‬‬
‫ما يغيظنا هو أنتصار الغباء‬ ‫أين أنت أيها املنطق‬ ‫‪37‬‬
‫ما يغيظنا هو أن ترى شيوخهم ينبحون ليل هنار على االرض و يف الفضاء بأمور ختجل أن تناقشها ‪ -‬لسخافتها ‪ -‬مع منطق اطفالك‬
‫ما يغيظنا هو املقارنة الدائمة اليت نقوم هبا بني ما وصل اليه العامل الطبيعي و الناس الطبيعيني و حتضرهم و علمهم و كمية الغباوات و العته الذي‬ ‫التمييز بني العلم الحقيقي و العلم الزائف‬ ‫‪39‬‬
‫نتعرض له على مدار األربع و العشرين ساعة أينما ولينا وجهنا‬
‫عندما ترى أن مشاكل بعض الناس هو صورة سيأخذها مسبار كاسيين الذي حيلق اآلن حوايل زحل و مشاكل معتوه عريب مسلم و هو حياول‬
‫مغالطة‪ :‬األملاس يتك ّون من الفحم‬ ‫‪43‬‬
‫هيئة التحرير‬
‫رؤية الفيزياء الكالسيكية للضوء واالشعاع‬ ‫‪45‬‬
‫أمين غوجل‬
‫تأمني ما يسد رمقه ليفطر به عند هناية هنار رمضان الكرمي‪.‬‬
‫ما يغيظنا هو مقارنتنا الدائمة بني ما ميكن أن تكون حياتنا يف جمتمع ال يقدس العته و العهر الفكري و اسلوب احلياه الشرجي و بني جمتمعات‬ ‫هل يدل النظام عىل وجود ُمنظم؟‬ ‫‪49‬‬ ‫بن باز عزيز‬
‫تقدس الزهور و العلم و النظافة ‪.‬‬ ‫َ‬
‫نظامك فعل التايل عزيزي املوايل‬ ‫‪51‬‬ ‫رامي‬
‫ما يغيظنا هو عدم فهمنا كيف لكائن غيب غري مفكر منقاد بالكامل تافه لدرجة اللزاجة غري متأقلم باملفهوم ال��داروين أن يستمر بالعيش و‬
‫البقاء يف مثل هذا العامل‪.‬‬ ‫أخاف عليك يا سوريا ‪....‬‬ ‫‪53‬‬ ‫كنان‬
‫ما يغيظنا و ما سيقرب موتنا هبذا الغيظ هو نوع من انعدام األمل يف االنفكاك عن هذه املزابل الفكرية و هذا الشرخ االوسخ و بالد العهر‬ ‫كاترينا‬
‫العريب الواحد‬ ‫دينا‬
‫هناك مشكلة ‪.‬‬
‫املشكلة فعالً أن قوانني داروين حتتاج وقتاً طويالً للقضاء احيائياً على مثل هذه الكائنات‬
‫املستنري‬
‫و حنن المنلك كل هذا الوقت ‪.‬‬ ‫كرم‬
‫لكن‬ ‫تامبي‬
‫و هنا بارقة االمل‬
‫ميس‬
‫على االقل‬
‫و ما يدفعنا لعدم املوت غيظاً‬ ‫زها‬
‫أننا لسنا هم‬ ‫زانا‬
‫حنن لسنا هم و هذا يكفي حالياً‬
‫و هل يوجد يف العامل أفضل من أن ال تكون مثلهم‬
‫‪i-think-magazine.blogspot.com‬‬
‫أصدقائي ‪ ...‬عيشوا سعداء‬ ‫‪www.ithinkmag.net‬‬
‫أمين غوجل‬ ‫‪facebook.com/I.Think.Magazine‬‬

‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬
‫شخصيات ملحدة ‪...‬‬

‫شخصيات ملحدة ‪...‬‬


‫أص ��ب ��ح «ب ��ي ��ل» أس ��ت ��اذاً لفسيولوجية ال ��ص ��وت وأس ��ال ��ي ��ب تعليم‬
‫الكالم للصم والبكم بكلية التخاطب جبامعة بوسطن‪.‬‬
‫يف عام ‪ ،1875‬قام «بيل» بتطوير جهاز التلغ راف الصويت وأعد‬ ‫ألكسندر غراهام بيل‬
‫طلب اً ب رباءة االخ رتاع الذي توصل إليه‪.‬منذ أن وافق على تقاسم‬ ‫(‪ 8‬نوفمرب ‪1986‬ـ ‪ 11‬كانون التاين‪)2013‬‬
‫أرباح الواليات املتحدة مع املستثمرين غاردينر هوبارد وتوماس‬
‫س ��ان ��درز‪ ،‬فطلب بيل م رافقة حماولة تسجيل ب �راءة اإلخ ت�راع يف‬
‫بريطانيا‪.‬‬ ‫هو خمرتع اسكتلندي‪ ،‬وكان أحد العلماء البارزين‪ ،‬خمرتع‪ ،‬مهندس واملبتكر الذي يرجع إليه الفضل يف اخ رتاع أول هاتف عملي‪.‬‬
‫ألكسندر كراهام بيل‬

‫ألكسندر كراهام بيل‬


‫ُس جلت ب �راءة اخ ت�راع «ب ��ي ��ل» برقم ‪ 174465‬ومنحها مكتب‬ ‫كديانة يعترب نفسه الادريا‬
‫ب راءات اإلخ رتاع بالواليات املتحدة األمريكية إىل «بيل» يف يوم‬
‫‪ 7‬مارس عام ‪.1876‬وكانت ب راءة اخ رتاع بيل تتعلق ب «طريقة‬ ‫لقد ارتبط كل من والد بيل وجده وأخيه بالعمل يف جمال التخاطب وتصحيح النطق وتعليم الكالم للصم والبكم‪ ،‬وكانت والدته‬
‫وجهاز لنقل الصوت أو غريها من األص ��وات التلغ رافيا‪ ...‬من‬ ‫وزوجته من الصم؛ األمر الذي كان له أثر بالغ على حياة بيل وعمله‪.‬وعالوة على ذلك‪ ،‬فقد دفعه حبثه يف جمال السمع والكالم إىل‬
‫خ�لال التسبب يف التموجات الكهربائية‪ ،‬وتشبه يف شكلها‬ ‫إج راء جتارب عديدة على أجهزة السمع؛ األمر الذي مكنه يف النهاية من اخ رتاع أول جهاز تليفون واحلصول على أول ب راءة اخ رتاع‬
‫لذبذبات اهلواء امل رافقة للصوتية أو غريها من الصوت»‬ ‫مسجلة يف الواليات املتحدة األمريكية يف عام ‪ .1876‬وبالنظر إىل حياته العلمية‪ ،‬جند أن «ج راهام بيل» اعترب أن أبرز اخ رتاعاته‬
‫بدأ «بيل» سلسلة من النظريات والتجارب العملية واحملاض رات‬ ‫وأشهرها؛ هو اخ رتاع التليفون‪ ،‬يعد مبثابة تدخل على عمله األصلي كعامل يف جمال الصوت‪ ،‬كما أنه رفض أن يكون لديه تليفون يف‬
‫لكي يقدم اخ�تراع ��ه اجلديد للمجتمع العلمي خاص ةً وجلميع‬ ‫حجرة مكتبه‪.‬‬
‫األف � �راد ع ��ام �ةً‪.‬وب ��ع ��د م ��رور ي ��وم واح ��د فقط على حماضرته األوىل‬
‫ع ��ن ال ��ن ��م ��وذج األص ��ل ��ي ل ��ل ��ت ��ل ��ي ��ف ��ون يف امل ��ع ��رض ال � ��دويل امل ��ئ ��وي‬ ‫العديد من االخ رتاعات األخرى كانت ملحوظة يف حياة بيل الالحقة‪ ،‬مبا يف ذلك العمل ال رائد يف االتصاالت البصرية‪ ،‬القارب احمللق‬
‫(‪ )Centennial Exposition‬ال ��ذي أق ��ي ��م بفيالدلفيا‬ ‫وعلم الط ريان‪ .‬أصبح «ألكسندر ج راهام بيل» يف عام ‪ 1888‬أحد األعضاء املؤسسني للجمعية اجلغ رافية الوطنية يف واشنطن‬
‫(‪ )Philadelphia‬ع ��ام ‪ ،1876‬أدى ه ��ذا األم ��ر إىل تصدر‬
‫اخ رتاع التليفون العناوين الرئيسية يف مقاالت الصحف يف مجيع‬
‫أحناء العامل‪ .‬مؤثرون لزوار املعرض مشلت االم رباطور بيدرو الثاين‬
‫يف ال ربازيل‪ ،‬يف وقت الحق بيل وأتيحت له الفرصة إلثبات شخصيا االخ رتاع لوليام طومسون‪،‬‬
‫كان هلذا احلماس واإلعجاب الشديد الذي أحاط العروض العامة اليت قدمها «بيل» تأثري كبري حيث من ذلك عن مدى القبول الدويل‬
‫الخ رتاعه الذي أحدث ثورة يف عامل تكنولوجيا االتصاالت‪.‬وبيل شركة اهلاتف مت إنشاؤه يف عام ‪ ،1877‬وحبلول عام ‪ ،1886‬أكثر من‬
‫‪ 150،000‬شخص يف الواليات املتحدة اململوكة للهواتف‪.‬‬
‫على الرغم من أن ألكسندر ج راهام بيل ارتبط امسه ارتباطًا وثي ًق ا باخ رتاع التليفون‪ ،‬فإن له اخ رتاعات أخرى كانت حتظى بقدر من‬
‫األمهية‪.‬‬
‫تكمن م ��دى عبقرية «بيل» إىل حد ما يف أن ��ه حصل على ‪ 18‬ب �راءة اخ�تراع مت منحها بامسه فقط و‪ 12‬ب �راءة اخ�تراع حصل عليها‬
‫مناصف ةً مع مساعديه‪.‬ومشلت هذه ال رباءات ‪ 14‬ب راءة اخ رتاع خاصة بالتليفون والتلغ راف وأربع ب راءات خاصة جبهاز الفوتوفون وب راءة‬
‫اخ رتاع واحدة خاصة بالفونوغ راف ومخس ب راءات للمركبات اهلوائية وأربع ب راءات للطائ رات املائية وب راءيت اخ رتاع خلاليا السيلينيوم‪.‬‬
‫إن اخ رتاعات بيل كانت تغطي جمموعة واسعة من املصاحل ومشلت سرتة معدنية للمساعدة يف التنفس‪ ،‬ومقياس السمع للكشف عن‬
‫مشكالت طفيفة يف السمع‪ ،‬وجهاز لتحديد مواقع اجلبال اجلليدية‪ ،‬والتحقيقات حول كيفية فصل امللح من مياه البحر‪ ،‬والعمل‬
‫على إجياد الوقود البديل‪.‬‬ ‫صغريا‪ ،‬كان لدى «ألكسندر ج راهام بيل» نزعة قوية ملعرفة واكتشاف كل شيء حييط به يف العامل اخلارجي من‬ ‫عندما كان طف الً‬
‫ً‬
‫حوله‪ ،‬األمر الذي أدى إىل قيامه بتجميع عينات من النباتات إلج راء التجارب عليها وكان ذلك يف مرحلة مبكرة من عمره‪ .‬ومنذ‬
‫سنواته األوىل‪ ،‬أبدى «بل» مدى تأثره بالطبيعة وموهبته يف الفن والشعر واملوسيقى واليت كانت والدته تسانده وتشجعه‪.‬وانه بدون‬
‫أي تدريب رمسي تفوق يف العزف على البيانو وأصبح بذلك عازف البيانو لألسرة‬
‫املصدر ‪:‬موقع املعرفة‬
‫قد شجعه والده على االهتمام بد راسة الصوتيات وتعليم الكالم ويف عام ‪ 1863‬ونتيجة النبهار «بل» بالنتائج اليت توصل إليها إثر‬
‫تصميمه هلذا اإلنسان اآليل‪ ،‬فإنه واصل عمله يف إج راء التجارب على أحد الكائنات احلية وهو كلب الصيد الصغري «ترويف» الذي‬
‫كانت متتلكه العائلة‪ .‬بعد أن قام بتعليمه أن يتذمر باستم رار‪ ،‬فكان أليك ميد يده يف فم الكلب ويستخدم شفاه الكلب واألحبال‬
‫الصوتية إلنتاج أصوات بسيطة «آو آه آوو جا ما ما»‪ .‬ومع قليل من اإلقناع‪ ،‬بدأ ال زائرون إىل حد ما يتصورون أن هذا الكلب ميكنه‬
‫أن يتلفظ بعبارة مثل «كيف حالك يا جديت؟»‪.‬وأكثر داللة على طبيعته املرحة فإن اخرتعاته أقنعت املشاهدين أهنم رؤوا كلب‬
‫يتكلم‪ .‬ولكن هذه التجارب األولية اليت أسفرت عن نتائج إجيابية خاصة بالصوت دفعت «بيل» للشروع يف أول عمل جاد له بشأن‬
‫مستخدم ا الشوكة الرنانة الكتشاف رنني الصوت‪.‬وكتب تقري را عن عمله عندما كان عمره تسعة عشرة عام اً وأرسلها‬
‫ً‬ ‫نقل الصوت‬
‫إىل عامل بفقه اللغة ألكسندر إليس‪.‬‬

‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬
‫شخصيات ملحدة ‪...‬‬

‫شخصيات ملحدة ‪...‬‬


‫أبيقور‬
‫(‪ 270-341‬ق‪.‬م)‬

‫فيلسوف يوناين قدمي‪ ،‬وصاحب مدرسة فلسفية مسيت بامسه (اإلبيقوريّة)‪.‬‬


‫أبيقور‬

‫أبيقور‬
‫الزمين) وهو‬
‫ولد أبيقور حوايل سنة ‪ 341‬ق م وتوفيٌ حوايل ‪ 270‬ق م (أي أنٌه يأيت بعد سق راط وأفالطون أرسطو يف ال ترٌ تيب ٌ‬
‫ودرس الفلسفة‪ .‬مل يبقى من الكتب‬
‫واستقر فيها ٌ‬
‫ٌ‬ ‫أس س املدرسة األبيقوريٌة‪ .‬هاجر إىل أثينا حوايل سنة ‪ 311‬ق م‬
‫فيلسوف يوناين ٌ‬
‫اليت ألٌفها سوى شذ رات من احلكم وثالث رسائل‪.‬‬

‫قام بكتابة حوايل ثالمثائة منجز مل يصلنا منهم إال بعض األج زاء والرسائل ومعظم ما وصلنا من الفلسفة اإلبيقورية مستمد من‬
‫التابعني هلا وبعض املؤرخني‬
‫غاية الفلسفة بالنسبة إلبيقور كانت الوصول للحياة السعيدة واملطمئنة وهلا خاصتني ‪ ،« Ataraxia« :‬وتعين الطمأنينة‪ ،‬و‬
‫السالم‪ ،‬والتخلص من اخلوف و» ‪ « Aponia‬وتعين غياب األمل‪ ،‬واالكتفاء الذايت حماط اً باألصدقاء‪ .‬قال إبيقور أن السعادة واألمل‬
‫مها مقياس اخلري والشر‪ ،‬وأن املوت هو هناية اجلسد والروح وهلذا ال ينبغي أن نرهبه‪ ،‬وأن اآلهلة ال تكافئ أو تعاقب البشر‪ ،‬وأن‬
‫جمرد فكرة تقول إِن كل شيء يف العامل ميكن توضيحه من دون حاجة إِىل إِقحام اآلهلة‬ ‫الكون ال هنائي وأبدي‪ ،‬وأن أحداث الكون تعتمد باألساس على حركات وتفاعالت الذ رات يف الف راغ‪.‬‬
‫يتم من ّ‬ ‫با ِإلله ف ِإنّه‪ ،‬عند اإلبيقوريني‪ ،‬جيب أن َّ‬
‫أو القوى السحرية‪ .‬فالقدر‪ ،‬يف نظر إبيقور‪ ،‬غريب متام اً عن ا ِإلنسان الذي يعرف سالم النفس انطالق اً من اللحظة اليت يتوقف‬
‫أثينيي‪ ،‬نوكليس وهارييسرتييت‪ ،‬وكان أبوه قد هاجر إىل مستعمرة أثينية بإحدى جزر حبر إجية تسمى جزيرة‬‫نْ‬ ‫كان والده ووالدته‬
‫فيها عن اخلوف من األحداث الطبيعية‪ ،‬أل ّن ب ِإمكانه أن ّ‬
‫يوض حها توضيح اًَ منطقي اً وطبيعي اً‪.‬‬
‫ساموس قبل حوايل عشرة سنوات من والدة إبيقور يف ف رباير ‪ 341‬ق‪.‬م‪ .‬تعلم إبيقور الفلسفة يف صباه علي يد معلم أفالطوين‬
‫«أنشأ إبيقور نظامي اً فلسفيا وأسلوب اً للحياة يستحقا اح رتامنا بل ووالءنا‪ .‬ذلك النظام احليايت اإلبيقوري أغري اآلالف ألتباعه‬
‫وااللت زام به يف اجملتمعات البحرمتوسطية القدمية اليت ظلت متماسكة ملئات السنني‪ .‬ولكن‪ ،‬منذ بداية مسريته التعليمية مل تسلم‬ ‫يسمى بامفيلوس‪.‬‬
‫رسالة إبيقور من االع رتاضات وحماوالت التشويه من فالسفة أكادمييني وسلطات سياسية مث دينية مسيحية‪ .‬مل حيدث رغم كل ذلك‬
‫أن هجر اإلبيقوريون فكرهم أو أبدلوه بفكر فلسفي آخر بل علي العكس كانت املدارس الفلسفية األخري تفقد طالهبا لصاحل‬ ‫و يف الثامنة عشر من عمره ذهب إىل أثينا ملدة سنتني لتأدية اخلدمة العسكرية وقد خدم معه يف نفس الفئة العمرية الكاتب‬
‫املدرسة اإلبيقورية‪ ،‬ملاذا؟ ألهنم ببساطة وجدوا أن هلذا الفكر معين حقيقي ومنطق متماسك‪.‬‬ ‫املسرحي ميناندير‪.‬‬

‫هج ر بريديكاس مجيع األثينيني املقيمني بساموس إىل مدينة كولوفون اليت تقع على سواحل ما يسمى‬
‫بعد موت اإلسكندر األكرب‪ّ ،‬‬
‫لم أبالى أبدا بالعوام ‪ ,‬الن ما اعرفه ال يوافقونني عليه ‪ ,‬وما يتفقون عليه ال اعرفه‬ ‫برتكيا اآلن حيث ذهب إبيقور إليهم هناك بعد انتهاء خدمته العسكرية‪ .‬وتعلم على يد نوزيفانس الذي اتبع تعاليم دميوقريطوس‬
‫‪.‬‬
‫لو أن اآللهة تنصت لصالة البشر لهلكوا سريعا أجمعين ‪ ,‬ألنهم ال يتوقفون عن الصالة التي يدعون فيها‬
‫أن يصيب الشر بعضهم بعضا‬ ‫يف العامني ‪ 311‬و ‪ 310‬ق‪.‬م تعلم إبيقور يف ميتيليين ولكنه تسبب يف بعض الص راعات وأُرغم على الرحيل‪ .‬ذهب بعدها إىل‬
‫مدرسة يف المباسكس قبل أن يرجع إىل أثينا يف العام ‪ 306‬ق‪.‬م‪ .‬وهناك أسس « احلديقة «‪ ،‬وهي مدرسة فلسفية مساها نسبة‬
‫حلديقته اليت كانت تقع يف منتصف املسافة تقريبا بني الرواق اإلغريقي املعمد واألكادميية األفالطونية وكانت تعد مكان جتمع‬
‫أعضاء املدرسة‪ .‬رغم تأثره مبفكرين أقدم منه مثل دميوقريطوس الذي اختلف معه يف نقطة شديدة األمهية وهي مبدأ احلتمية‪ ،‬فقد‬
‫كان إبيقور ينكر دائما هذا التأثر ويتهم الفالسفة اآلخرين باخللط وي ّدعي أنه تعلم ذاتيا‪.‬‬

‫مل يتزوج إبيقور طوال حياته ومل ينجب‪ .‬كان يعاين من احلصى الكلوية ومتلك منه مرض حيت تويف يف العام ‪ 270‬ق‪.‬م عن عمر‬
‫يناهز ‪ 72‬عام اً ورغم األمل الشنيع الذي كان يشعر به‪ ،‬كتب إىل صديق له يف المباسكاس يقول ‪« :‬أكتب لك هذا اخلطاب يف يوم‬
‫سعيد‪ ،‬وهو أيضا آخر يوم يل يف احلياة‪ ،‬لقد أصبت باحنباس البول والديزنتاريا‪ ،‬وهو شيء مؤمل جدا حيث ال ميكن أن يكون هناك‬
‫مثيال ملعانايت‪ ،‬ولكن هبجة عقلي اليت تأيت من إعادة تأمل مجيع د راسايت الفلسفية‪ ،‬ختفف عين كل اآلالم‪ .‬أرجو منك االهتمام‬
‫بأطفال مرتودورس‪ ،‬بطريقة تليق بتفاين هذا الشخص من أجلي ومن أجل الفلسفة»‪.‬‬

‫إِن الطبيعة‪ ،‬يف نظر الرواقي‪ ،‬هي نفسها ا ِإلله‪ ،‬أما يف نظر اإلبيقوري‪ ،‬ف ِإهنا حدث واقعي جيد فيه ا ِإلنسان ال راحة والسالم‪ ،‬ومن‬
‫الواضح أن الرواقيني واإلبيقوريني يستعملون تعب رياً واحداً لتمييز موقف احلكيم هو غياب االضط راب ‪ Ataraxia‬أو انعدامه وإِذا‬
‫كان هذا الغياب مرتبط اً ‪-‬عند الرواقيني‪ -‬مبنطق أ ّن األشياء واملوجودات واألحداث مرتبطة بعضها ببعض بعالقة عليّ ا متعلقة‬

‫‪6‬‬ ‫‪5‬‬
‫شخصيات ملحدة ‪...‬‬

‫شخصيات ملحدة ‪...‬‬


‫وعن اإلهليات‪ ،‬يكتب سام علي انه قال‪:‬‬

‫من فلسفة ابيقور‬


‫إن الغاية اليت يرمي إليها األبيقوريون من وراء هذه الطبيعيات هي أن يزيلوا عن اإلنسان كل األوهام واآلراء السابقة اليت من شأهنا‬
‫أن تع ّك ر السعيدة‪ ،‬فكأهنا يف الواقع متصلة اتصاالً تام اً مبسألتني دينيتني رئيستني‪:‬‬
‫املسألة األوىل‪ :‬مسألة اآلهلة من حيث تصورهم ووجودهم‪.‬‬
‫واملسألة الثانية‪ :‬مسألة العناية اإلهلية‪.‬‬
‫أما الدين وما يتصل باهلل بوجه عام فقد الحظ األبيقوريون‪ ،‬وأبيقور على رأسهم‪ ،‬أن عدم اإلميان بالدين الشعيب املألوف‬
‫واملعتقدات الدينية عموم اً أسلم بكثري من اإلميان هبا‪ ،‬حىت أن الذي يؤمن هبا هو الذي يرتكب خطيئة دينية يف الواقع‪ ،‬بينما الذي‬ ‫كان أبيقور ينكر تدخل اآلهلة يف شؤون العامل‪ ،‬وينطلق من االع رتاف خبلود املادة‪ ،‬اليت متلك مصد را داخليا للحركة‪ .‬وقد أحي‬
‫من فلسفة ابيقور‬

‫من فلسفة ابيقور‬


‫ال يؤمن هبا هو الذي يسلك سبيل الصواب‪.‬‬ ‫أبيقور املذهب الذري عند ليوكيبوس ودميقريطس مضيفا تغي رياته اخلاصة‪ .‬فقد أدخل فكرة ‹االحن رافات» اآلين (املشروط بظروف‬
‫شر ما بعده شر‪ ،‬وإن الواجب على اإلنسان ومهمة الفلسفة األوىل أن‬ ‫ويذهب «لوكرتيوس» إىل أبعد من هذا فيقول‪ :‬إن الدين ٌّ‬ ‫داخلية) للذ رات عن مسارها‪ ،‬لكي يفسر إمكان تصادم الذ رات املتحركة يف الفضاء احلاوي بسرعة متساوية‪ .‬وهذا هو أساس‬
‫تتخلص هنائي اً من كل دين‪ ،‬ألن الدين هو ينبوع كل شر‪ .‬أما العناية اإلهلية فقال عنها األبيقوريون أهنا وهم من األوهام‪ ،‬وال تتفق‬ ‫نظرة أعمق للتداخل بني الضرورة والصدفة‪ ،‬وخطوة لألمام باملقارنة باحلتمية اآللية عند دميقريطس‪ .‬وأبيقور حسي يف نظرية‬
‫اخلي أسوأ بكثري‬
‫حظ الشر فيه أكرب من بآالف امل رات من حظ اخلري‪ ،‬ومصري رِّ‬ ‫مع مقام األلوهية‪ ،‬فأين هذه العناية اإلهلية يف ع ا ٍلمَ ُّ‬ ‫املعرفة‪ ،‬فاألحاسيس صادقة بذاهتا ألهنا تنطلق من الواقع املوضوعي‪ :‬أما األخطاء فتنشأ عن تفسري األحاسيس‪ .‬ويشرح أبيقور أصل‬
‫جداً من مصري الشرير؟‬ ‫األحاسيس بطريقة مادية ساذجة‪ :‬تدفق مستمر للجزئيات الدقيقة ي زاح من سطح األجسام ليخرتق احلواس وحيدث فيها صورا‬
‫لألشياء‪ .‬وهدف املعرفة حترير اإلنسان من اجلهل واخل رافات‪ ،‬من اخلوف من اآلهلة واملوت‪ ،‬الذي بدونه تكون السعادة مستحيلة‪.‬‬
‫ويف جمال األخالق‪ ،‬يربر أبيقور املتع العقلية القائمة على املثل األعلى الفردي لإلفالت من األمل وحتقيق حالة هدوء ومتعة للروح‪.‬‬
‫وأدناه بعض احلوارات االبيقورية االساسية واليت تبني يعض جوانب فلسفته يف احلياة ‪:‬‬ ‫وأكثر حاالت اإلنسان عقالنية ليست هي النشاط وإمنا السالم الكامل‪ ،‬السكينة‪ .‬وقد شوهت الفلسفة املثالية (هيجل مثال)‬
‫‪ -1‬إذا كان اهلل كامل وكلي القدرة فهو إذن يف سالم دائم ولذا الميكن أن يغضب أو أن ينزعج من أي شيء أو من أي خملوق الن‬ ‫املذهب املادي ألبيقور‬
‫غري الكامل هو الذي ينزعج ويغضب ويضطرب واذا كان اهلل كامال فهو الحيتاج اىل اي شيء او اىل اي احد ألنه إذا احتاج إىل‬
‫شيء أو طلب من أي احد شيء ما سيكون ليس اخلالق الكامل او الكلي القدرة ‪.‬‬ ‫هي اخلري األمسى وهي «غاية احلياة‬ ‫أهم ما وصلنا من فلسفته يدور حول املسألة اخللقيٌ ة‪ .‬وأطروحته األساسيٌ ة تتم ثٌل يف أ ٌن الل ٌذة ٌ‬ ‫ٌ‬
‫‪ -2‬إن املوت ال يعين لنا الكثري فعندما يتحول اجلسد والدماغ إىل ت راب ورماد لن يبقى هناك شعور أو تفكري ‪.‬‬ ‫تصوره لإلنسان فباعتبار أ ٌن اإلنسان جسد و نفس فإ ٌن سعادته تكمن يف حتقيق‬ ‫على‬ ‫عادة‬ ‫للس‬ ‫أبيقور‬ ‫ر‬‫تصو‬ ‫س‬ ‫ويتأس‬
‫ٌ‬ ‫عيدة»‪.‬‬ ‫الس‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫‪ -3‬إن قمه اللذة أن تكون ح را من احلسد‪.‬‬ ‫اخلري املالئم لطبيعة كليهما‪ .‬واخلري املالئم لطبيعة اجلسد هو ال لٌ ٌذة أم اٌ اخلري املالئم لطبيعة ال نٌ فس فهي ال طٌمأنينة ‪ .‬وبال تٌ ايل‬
‫‪ -4‬من املستحيل أن تكون سعيدا بدون أن تكون حكيما وحمرتما وشريفا ومن املستحيل أن تكون حكيما وحمرتما وشريفا بدون‬ ‫الس بيل إىل حتقيق أكرب قدر ممكن من ال لٌ ٌذة؟ وكيف‬ ‫الس ؤالني التٌ اليني ‪ :‬كيف ٌ‬ ‫سيكون على الفلسفة األبيقوريٌة أن جتيب عن ٌ‬
‫أن تكون سعيدا ‪.‬السعادة تعتمد على ممارسه احلكمة ‪،‬االح رتام واألمانة وان تكون مهمال لواحدة من هذه األمور يعين أن حياتك‬ ‫الس بيل إىل حتقيق ال طٌمأنينة؟‬
‫ٌ‬
‫سيسودها االضط راب والضياع واألسى ‪.‬‬
‫‪ -5‬ليس هناك لذة أو متعه هي سيئة حبد ذاهتا أو لذاهتا ‪،‬ماهو سيء هو أن ال تستخدم عقلك عندما ختتار أي من املتع اليت تقبل‬ ‫األول فيجيب أبيقور أ ٌن ذلك يتح ٌق ق باإلعتدال‪ .‬إذ خالفا ملا يعتقده البعض‪ ،‬ليست األبيقوريٌة دعوة إىل التٌ متٌ ع‬ ‫الس ؤال ٌ‬
‫ٌأم ا عن ٌ‬
‫عليها أو تلك اليت تتجنبها ‪.‬‬ ‫هي ل ٌذة خيالطها الكثري من األمل واإلف راط يف‬ ‫الرغبات ٌ‬
‫أي شروط‪ ،‬ذلك أ ٌن ال لٌ ٌذة اليت حتصل بإشباع ٌ‬ ‫كل احلاالت ودون ٌ‬‫بال لٌ ٌذة يف ٌ‬
‫‪ -6‬إذا كان ما جيلب البهجة حلياه اإلنسان يسهم بتحريرهم من اخلوف من الرب واملوت ويسهم بتعليمهم كيفيه التحكم‬ ‫يؤدي إالٌ إىل ال تٌ عاسة واهلالك‪ .‬ويف احلقيقة يق ٌدم أبيقور معىن جديدا ل لٌ ٌذة إذ ال لٌ ٌذة عنده ال تكمن يف إشباع‬
‫طلبها ال ميكن أن ٌ‬
‫برغباهتم بشكل عقالين ومنطقي ‪،‬سيصبحوا اح رارا من اي امل جسدي او عاطفي وسيكونون بدون أخطاء ويكون هذا بداية‬ ‫الرغبة وهي عندئذ غياب لألمل الذي يصحبها‪.‬‬ ‫الرغبة وإنمٌ ا يف غياب ٌ‬
‫ٌ‬
‫القضاء على الشر ‪.‬‬
‫‪ -7‬اذا مل يتعكر صفو أذهاننا بأيه خ رافات حول املذنبات والنجوم الساقطة أو إية خ رافات فلكيه أخرى وباخلوف من املوت وبقله‬ ‫الس ؤال ال ثٌاين فيجيب أبيقور إ ٌن ذلك يتح ٌق ق بال تٌ خ لٌ ص ممٌا يسبٌ ب اضط راب ال نٌ فس وال نٌ فس تضطرب من اخلوف من أمرين‬
‫ٌأم عن ٌ‬
‫معرفتنا حبدود األمل أو كيف تعامل مبنطقيه مع رغباتنا سيكون سهال علينا أن منتلك معرفه كليه وشامله لعلوم الطبيعة ‪.‬‬ ‫أساسيني ‪ :‬اآلهلة واملوت‪ .‬وال يستطيع اإلنسان أن يتخ لٌ ص من هذا اخلوف إالٌ بالوعي بال مشروعيٌ ته يف كلتا احلالتني‪ .‬فبال نٌ سبة‬
‫‪ -8‬ان اي منا لن يكون متحررا من مجيع األفكار املزعجة واملخيفة إذا مل يكن لديه معرفه علميه دقيقه وشامله للطبيعة وإال‬ ‫يهم األحياء‪ .‬إذ بناء على أ ٌن املوت هو هناية فعلية لإلنسان‬ ‫للموت ليس هنالك ما يدعو إىل اخلوف منه إذ املوت يف احلقيقة أمر ال ٌ‬
‫فسيكون بدون ذلك حتت سيطرة اخل رافات واألساطري‪.‬‬ ‫فال ميكن لإلنسان أن يواجهه «فعندما أوجد اليوجد املوت وعندما يكون املوت لن أكون موجودا» فلم اخلوف إذا؟ ٌأم ا اآلهلة‬
‫‪ -9‬ان الغىن احلقيقي هو ان متلك ماحتتاجه فعال حلياه هانئة سعيدة ومن اخلطأ أن تتصور أن الغىن واجلاه ستنهي كل متاعبك بل‬ ‫الهتم ه شؤون البشر ومن مثٌة فليس هنالك‬ ‫يهتم إالٌ بنفسه وبال تٌ ايل فاإلاله ٌ‬
‫فأبيقور الينفي وجودها لك نٌ ه يعترب أ ٌن الكائن الكامل ال ٌ‬
‫ستسهم بإرهاقك طول حياتك ‪.‬لن تعطيك احلياة اخلالدة من السعادة أكثر مما تعطيك حياتك الفانية إذا استطعت ان حتيا حياه‬ ‫ما يدعونا إىل اخلوف من عقابه‪.‬‬
‫عقالنيه وان تبين فهما صحيحا للبهجة يف هذه احلياة ‪.‬‬
‫يقول ابيقور عن اللذة‪:‬‬
‫حارة وا ٌن ال ثٌلج أبيض‪.‬‬
‫بديهي يشعر به اإلنسان كما يشعر أ ٌن ال نٌ ار ٌ‬
‫ٌ‬ ‫ٌأم ا أ ٌن الٌل ٌذة خري فذلك أمر‬
‫من أقوال ابيقور املأثورة يف اهلل واملوت‪:‬‬ ‫الس عيدة وغايتها‪.‬‬
‫هي بداية احلياة ٌ‬ ‫إ ٌن ال لٌ ٌذة ٌ‬
‫وكل ما مي تٌ ع العني واألذن‪.‬‬
‫واحلب ٌ‬
‫ٌ‬ ‫أتصور ماهو خري إذا استبعدنا مل ٌذات ال طٌعام‬
‫بال نٌ سبة يل ال ميكنين أن ٌ‬
‫هل يريد اهلل ان يمنع الشر ‪ ,‬لكنه ال يقدر ؟‬ ‫كل أمل‪.‬‬
‫إنٌنا ال نبحث عن أيٌة ل ٌذة‪ ...‬وال ينبغي أن نتج نٌ ب ٌ‬
‫حينئذ هو ليس كلى القدرة !!‬ ‫ال لٌ ٌذة اليت نقصدها هي اليت تتميٌ ز بانعدام األمل يف اجلسد واالضط راب يف اجلسد‪.‬‬
‫هل يقدر ‪ ,‬لكنه ال يريد ؟‬ ‫احلي أن يسعى إىل شيء ينقصه‪.‬‬
‫كل عواصف ال نٌ فس ولن يكون على الكائن ٌ‬ ‫مبجرد أن تتح ٌق ق لنا هذه احلالة ح تىٌ هتدأ ٌ‬
‫و ٌ‬
‫عندما أوجد اليوجد املوت وعندما يكون املوت لن أكون موجودا‪.‬‬
‫حينئذ هو شرير !!‬
‫هل يقدر ويريد ؟‬
‫فمن اين يأتى الشر اذن ؟‬

‫‪8‬‬ ‫‪7‬‬
‫شخصيات ملحدة ‪...‬‬
‫هل هو ال يقدر وال يريد؟‬
‫فلماذا نطلق عليه اهلل اذن؟‬

‫إما ان اهلل يريد أن يمحو الشر لكنه ال يقدر ‪ ,‬او انه يقدر لكنه ال يريد ‪ ,‬او انه ال يقدر وال يريد‬
‫ان كان يريد ‪ ,‬ولكنه ال يقدر ‪ ,‬فانه ليس كلى القدرة‬
‫ان كان يستطيع ‪ ,‬ولكنه ال يريد ‪ ,‬فانه شرير‬

‫من فلسفة ابيقور‬


‫لكن ان كان اهلل يقدر ويريد ان يمحو الشر ‪ ,‬فلماذا يوجد الشر فى العالم ؟‬

‫لماذا أخاف من الموت ؟‬


‫فطالما انا موجود‪ ،‬فان الموت ال وجود له‬
‫وعندما يكون الموت‪ ،‬فأنا لست موجودا‬
‫فلماذا اخاف من ذلك الذى ال وجود له عندما أكون موجودا ؟؟‬

‫مصدر ‪ :‬الذاكرة‬

‫‪10‬‬ ‫‪9‬‬
‫شخصيات ملحدة ‪...‬‬

‫شخصيات ملحدة ‪...‬‬


‫فيدل أليهاندرو كاسرتو‬
‫(‪ 8‬نوفمرب ‪1986‬ـ ‪ 11‬كانون التاين‪)2013‬‬

‫رئيس كوبا منذ العام ‪1959‬عندما أطاح حبكومة «فوجلنسيو باتيستا»‬


‫فيدل أليهاندرو كاسرتو‬

‫فيدل أليهاندرو كاسرتو‬


‫وحول بالده إىل النظام الشيوعي‪ ،‬لتصبح كوبا أول بلد يعتنق الشيوعية‬ ‫ّ‬
‫يف العامل الغريب‪.‬‬
‫ترعرع يف كنف والديه املهاجرين من إسبانيا والذين يعدون من امل زارعني‬
‫االث ��ري ��اء‪ .‬تلقى تعليمه يف املدرسة التحضريية‪ ،‬ويف ع ��ام‪ ،1945‬التحق‬
‫جبامعة ه ��اف ��ان ��ا حيث درس ال ��ق ��ان ��ون وخت ��رج منها ع ��ام ‪ .1950‬مث عمل‬
‫كمحامي يف مكتب حم ��ام ��اة صغري وك ��ان ل ��دي ��ه ط ��م ��وح يف ال ��وص ��ول إىل‬
‫ال�برمل ��ان ال ��ك ��ويب إال أن االن ��ق�لاب ال ��ذي ق ��اده فولگنسيو باتيستا عمل‬
‫على إلغاء االنتخابات ال ربملانية املزمع عقدها‪ .‬وكردة فعل احتجاجية‪،‬‬
‫قوة قتالية وهاجم إحدى الثكنات العسكرية وأسفر هذا‬ ‫ش ّك ل كاسرتو ّ‬
‫اهلجوم عن سقوط ‪ 80‬من أتباعه وإلقاء القبض على كاسرتو‪ .‬حكمت‬
‫احملكمة على كاسرتو بالسجن ‪ 15‬عام اً وأطلق س راحه يف عفو عام يف‬
‫مايو ‪ ،1955‬اختفى بعدها يف املنفى بني املكسيك والواليات املتحدة‪.‬‬

‫و على منت قارب ش راعي‪ ،‬أحبر كاسرتو ورفاقه من املكسيك إىل كوبا‬
‫وسمُ يت زمرته حبركة ‪ 26‬يوليو‪ ،‬وأعرب كاسرتو عن تبنيه لفكر الرئيس‬
‫األمريكي توماس جفرسون والرئيس اب راهام لينكولن فيما يتعلق بنظام‬
‫العمل ورأس املال ورفضه لتأميم أي من الصناعات احمللية‪ .‬وجيادل كل من خصومه وأنصاره أن أفكار كاسرتو املعلنه قبل حصوله‬
‫على السلطة ال متت بصلة بالواقع العملي بعد توليه مهام الرئاسة‪.‬‬

‫حترك كاسرتو عسكري اً مع حفنة من الرجال يف ‪ 2‬ديسمرب ‪ 1956‬وفيدل كاسرتو يصل إىل كوبا على منت مركب بعد حوايل عام قضاه‬
‫يف املنفى بني املكسيك والواليات املتحدة‪ .‬كان معه فصيل ثوري من ‪ 80‬ثوري وقع يف كمني مل ينج منه سوى ‪ 12‬شخص اً‪ ،‬جلأوا إىل‬
‫اجلبال ومارسوا حرب عصابات وشكلوا نواة جيش الثوار‪ .‬ومبرور الزمن بلغ عدد اف راد اجليش ‪ 800‬عنصر‪ .‬وبتأييد شعيب‪ ،‬وانضمام‬
‫و قامت البحرية االمريكية بتشكيل خط حبري يعمل على تفتيش السفن املتجه‬ ‫رجال القوات املسلحة الكوبية إىل صفوفه‪ ،‬استطاع كاسرتو أن يشكل ضغط اً على حكومة هافانا مما اضطر رئيس احلكومة ورئيس‬
‫إىل ك ��وب ��ا‪ .‬و يف ‪ 27‬أكتوبر ‪ ،1962‬بعث الرئيس ال ��ك ��ويب ك ��اس�ترو برسالة خطية‬ ‫اجلمهورية إىل اهلرب من العاصمة يف ‪ 1‬يناير ‪ 1959‬واستحواذ كاسرتو وأعوانه على العاصمة الكوبية هاڤانا‪.‬‬
‫شن هجوم نووي على الواليات املتحدة ولكن‬ ‫للرئيس السوفيييت حيثه فيها على ّ‬
‫االحتاد السوفيييت مل يستجب هلذا الطلب‪ .‬ورضخ االحتاد السوفيييت إلزالة الصواريخ‬ ‫يعترب كاسرتو نفسه ملحداً ومل ميارس الطقوس الدينية املسيحية منذ نعومة أظافره‪ ،‬وقد أقصته البابوية يف الفاتيكان عن املذهب‬
‫الكوبية شريطة أن تتعهد الواليات املتحدة بعدم غزو كوبا والتخلص من الصواريخ‬ ‫الكاثوليكي يف ‪ 3‬يناير ‪ 1962‬الرتداد كاسرتو عن الكاثوليكية‪.‬‬
‫البالستية األمريكية يف تركيا‪ .‬و باستتباب األمن وزوال اخلطر‪ ،‬اتسمت العالقة بني‬ ‫سارعت الواليات املتحدة باالع رتاف باحلكومة الكوبية اجلديدة وكان كاسرتو رئيس اً للحكومة آنذاك‪ .‬وسرعان ما بدأت العالقات‬
‫الواليات املتحدة و كوبا بالعدائية‬ ‫االمريكية الكوبية بالتدهور عندما قامت كوبا بتأميم الشركات األمريكية‪ ،‬و حتديداً‪ ،‬شركة «الفواكه املتحدة»‪ .‬و يف ابريل من‬
‫وتذرع الرئيس األمريكي لعدم استطاعته‬
‫‪ ،1959‬زار الرئيس كاسرتو الواليات املتحدة والتقى مع نائب الرئيس ريتشارد نيكسون‪ّ ،‬‬
‫اللقاء مع كاسرتو الرتباطه بلعبة الغولف وقد طلب الرئيس األمريكي من نائبه التحقق من انتماء كاسرتو السياسي ومدى ميوله‬
‫جلانب املعسكر الشرقي‪ ،‬وخلص نائب الرئيس نيكسون إىل أن كاسرتو «شخص بسيط و ليس بالضرورة مييل إىل الشيوعية»‪ .‬ويف‬
‫ف رباير عام ‪ ،1960‬اشرتت كوبا النفط من االحتاد السوفيييت ورفضت الواليات املتحدة املالكة ملصايف تكرير النفط يف كوبا التعامل‬
‫مع النفط السوفيييت‪ ،‬فقام كاسرتو على تأميم املصايف االمريكية مما جعل العالقات االمريكية الكوبية يف أسوأ حال‪.‬‬

‫استناداً على مذك رات الرئيس السوفيييت خوروشوف‪ ،‬فقد رأى االحتاد السوفيييت أن يقوم على نشر صواريخ بالستية لتحول دون‬
‫حماولة الواليات املتحدة من غزو اجلزيرة‪ .‬ويف ‪ 15‬اكتوبر ‪ ،1962‬اكتشفت طائ رات التجسس االمريكية منصات الصواريخ السوفييتية‬
‫يف كوبا ورأت هتديداً مباش را للواليات املتحدة نتيجة املسافة القصرية اليت تفصل بني كوبا والواليات املتحدة (‪ 90‬ميل)‪.‬‬

‫‪12‬‬ ‫‪11‬‬
‫نبضات بن باز ‪...‬‬

‫نبضات بن باز ‪...‬‬


‫?‬
‫نحن بحاجة ملساعدتكم‬
‫للضغط عىل الحكومة‬
‫الكويتية إلطالق رساح «بن‬
‫نبضات بن باز‬ ‫باز»‬
‫‪com/، https://www.facebook.com/I.Think.‬‬ ‫عبد العزيز محمد الباز‪ ،‬املعروف أيضا بإسم بنباز‪ ،‬ولد‬
‫‪Magazine‬‬ ‫ألبوين مرصيني سنة ‪ 1985‬يف الكويت‬
‫مساهم عىل االنرتنت باإذاعة امللحدين العرب‬ ‫حاصل عىل درجة البكالوريوس يف التجارة شعبة اللغة‬
‫اإلنجليزية‪ ،‬وعمل محاسبا لرشكة محلية يف الكويت تسمى‬
‫نحن بحاجة ملساعدتكم للضغط عىل الحكومة الكويتية‬ ‫مرايا الخليج حتى ألقي القبض عليه‪.‬‬
‫إلطالق رساح بنباز‬
‫ديسمرب ‪2012 ,31‬‬
‫وقعو عىل العريضة‪http://tinyurl.com/ :‬‬ ‫اعتقلت الرشطة الكويتية بنباز‪ ،‬تم إيقافه من مكان عمله‬
‫‪BenBazPetition‬‬ ‫وزج به يف السجن‪.‬‬
‫انضامم مجموعة ‪ FreeBenBaz‬يف الفيسبوك‪https:// :‬‬ ‫اتهم بارتكاب جنحة‪ :‬ازدراء الدين اإلسالمي وفقا ألحكام‬
‫‪/www.facebook.com/groups/FreeBenBaz‬‬ ‫املادة ‪ 111‬من قانون الجزاء الكويتي‬
‫تابع صفحة يف الفيسبوك املجتمع ‪FreeBenBaz: https://‬‬ ‫األدلة املقدمة ضده‪ ،‬مدونته‪:‬‬
‫‪www.facebook.com/Freebenbazpage‬‬ ‫وثائق رسمية أسفله‬
‫عىل التويرت ‪hastag: # FreeBenBaz‬‬
‫إذا كنت تستطيع تنظيم وقفة احتجاجية أمام السفارة‬ ‫فرباير ‪2013, 7‬‬
‫مدونة محمد عبد العزيز‬ ‫الكويتية أو القنصلية يف مدينتك إتصل بناو سوف نساعدك‪.‬‬ ‫أدين بارتكاب جنحة‪ :‬ازدراء الدين اإلسالمي وفقا ألحكام‬
‫لالنضامم إىل ‪ FreeBenBazProtest‬الصفحة يف الفيسبوك‪:‬‬ ‫املادة ‪ 111‬من قانون الجزاء الكويتي‪ .‬حكم عليه بالسجن‬
‫‪www.benbaz.info‬‬
‫‪http://tinyurl.com/BenBazProtest‬‬ ‫ملدة سنة واحدة يف السجن باإلضافة إىل العمل القرسي‪،‬‬
‫يرجى مساعدتنا بالفيديو والكتابة يف مدوناتكم الخاصة‬ ‫باإلضافة إىل غرامة مالية واإلبعاد من الكويت‪.‬‬
‫وعىل الفسبوك والتويرت‪ ،‬وكتابة املقاالت‪،‬و اإلتصال بوسائل‬ ‫نشاط بنباز قبل اعتقاله‬
‫صفحة الفيسبوك‬ ‫اإلعالم‬ ‫كتابة عىل مدونته‪http://www.benbaz.info :‬‬
‫‪www.tinyurl.com/Benbazfacebook‬‬ ‫لدينا رشيط فيديو عىل موقع يوتيوب يرجى مشاهدة و‬ ‫الكتابة عىل صفحته يف الفيسبوك‬
‫البت عىل الفايسبوك و التويرت ‪:‬‬
‫‪http://youtu.be/2B_n7wo4Ji4‬‬ ‫كاتب مساهم يف مجلة ‪( IThink‬مجلة إلحادية شهرية‬
‫باللغة العربية)‪http://i-think-magazine.blogspot. :‬‬
‫لتوقيع العريضة‬ ‫شكرا لكم!‬
‫‪www.tinyurl.com/BenBazPetition‬‬

‫‪14‬‬ ‫‪13‬‬
‫اهلل موجود !؟ ما الذي يجعلنا واثقني هكذا ؟ ‪ :‬ـ‬
‫اهلل موجود !؟ ما الذي يجعلنا واثقني هكذا ؟ ‪ :‬ـ‬
‫كافي اً ـ حىت ولو يف ظل اإلبقاء على إحتمال إحياء البشر للموتى ـ ألن يصلح كإثبات على إحياء شيوخ املتصوفني للموتى ؟ ملاذا‬
‫جر القارب بعد أن ربطه خبصيته قاطع اً به عرض النيل ؟‬ ‫نصدق حممد وال نصدق أ ّن الشيخ ( فرح ود تكتوك ) قد ّ‬ ‫اهلل موجود !؟ ما الذي يجعلنا واثقني هكذا ؟‬
‫دعونا نعمد إىل أحد تلك األدلة اجلدلية اليت أراد الق ران هبا أن يُث بِ ت لنا بأ ّن اهلل موجود ‪ ،‬ولننظر إىل التحدي الذي عرضه اهلل على‬
‫النمرود ليقيم عليه احلُ ّج ة ويبهته باحلق والقول الفصل ‪ ،‬وهو حتدي ‪ :‬إ ّن اهلل يأيت بالشمس من املشرق فهل تقدر على أن تأيت‬ ‫حممد مريغني‬
‫هبا من املغرب ؟‬

‫ولنا أن نتساءل باملثل ‪ :‬هل جمرد (ظهور) الشمس من املشرق يثبت أ ّن اهلل هو من فعل ذلك أو أ ّن ذلك مت بناءً على أوامر منه‬ ‫اجلواب يف منتهى البساطة وإن تع ّددت الصيغ والفلذلكات البيانية والعرفانية اليت تجُ يب عليه‪ ،‬وهو أ ّن القرآن هو من أخربنا بذلك‪.‬‬
‫شخصي اً ؟ ملاذا ال نقول أ ّن السبب هو دوران األرض ؟ أنا شخصيا أعتقد أ ّن الشمس (ستظهر) باملشرق حىت ولو مل يكن اهلل‬ ‫كفيل بأن نُصدق القرآن‬ ‫ومادمنا عاجزين عن إجياد تصور علمي لوجود الكون أو كيفية نشوئه فهذا من وجهة نظرنا كمؤمنني‬
‫ٌ‬
‫موجوداً ‪ ،‬ويف آخر األمر املسألة جمرد تالعب بالكلمات ‪.‬مث هب أنّين ّإدعيت أ ّن جديت هي من (تأيت) بالشمس من املشرق ‪ ،‬فهل‬ ‫الذي أخربنا عن نظرية اخللق و السماء اليت كانتا رتق اً ففتقهما اهلل وخلق السموات واألرض يف ستة أيام وفجر ينابيع يف األرض ‪...‬‬
‫تستطيع أن تنفي أو تؤكد صحة هذه اإلفادة ( الكالمية )؟‬ ‫إخل ‪.‬‬
‫لك يف أن ال تُصدقين ‪ ،‬وإذا أنكرت صدق هذا اإلدعاء الصادر مين لعدم تقدميي‬ ‫إذا كنت ممن مييلون إىل تصديق القرآن فال عذر ّ‬ ‫هب أننا عجزنا عن إجياد تصور منطقي لبداية الكون وكيفية وجودنا‪ ،‬وأن مجيع اإلجتهادات العلمية اليت قدمت لنا تصوراهتا أو‬
‫برهان اً عليه فإ ّن مقتضى ( العدل املوضوعي ) أن تُنكر باملثل إدعاء اإلله الذي قدمه لنا القرآن ‪.‬هذا طبعا إذا أردت اإلنصاف‬ ‫كايف ألن جنزم أ ّن اهلل هو‬ ‫إف رتاضاهتا حول هذا املوضوع مل تُقنعنا‪ ،‬هل هذا العجز ٍ‬
‫والعلمية ‪ .‬قد تطالبين بإجياد دليل على أ ّن جديت هي من (ت ��أيت) بالشمس من‬ ‫بداية أو من بدأ الكون ؟‬
‫املشرق ‪ ،‬ويل أن أُطالبك كذلك بالدليل على أ ّن اهلل هو من يفعل ؟ مث هل ( تأيت‬ ‫ملاذا ال نضع إحتمال ولو ‪ %0.5‬بأ ّن الكون قد يكون ناتج عن حتوالت أو عمليات‬
‫) الشمس من املشرق بالفعل ام ( تظهر )لنا كذلك ؟ وهل كلمة تأيت تعين (‬ ‫فيزيائية ما أو ظاهرة مل ندرك كنهها بعد وقد ندركها يف املستقبل؟ متام اً كما أن‬
‫تظهر لنا )بالتأكيد الّ ‪ ،‬إذاً فإاله القرآن كان يعتقد أ ّن الشمس هي اليت تدور‬ ‫عالج اليوم حقيقة موضوعية دون أن نعين بإق رارها أنّنا عاجزين عن‬ ‫ليس للسرطان ٌ‬
‫حول األرض أم ماذ ؟؟ ‪.‬‬ ‫عالج له يف املستقبل املنظور ‪.‬‬
‫إجياد ٍ‬
‫ٍ‬
‫هو إذن حتدي يف منتهى العبثية والالموضوعية ‪ ،‬وأستغرب كيف إلله حكيم ‪،‬‬ ‫مبعىن آخر ملاذا يظهر اهلل يف الصورة بإستم رار عرب تاريخ البشر فقط مللئ كل ف راغ‬
‫خبري ‪ ،‬عليم ‪ ،‬بأن يورده يف كتابه ويسوقه للتدليل على وجوده ‪ .‬وقد قيل قدمي اً‬ ‫علمي أو فجوة معرفية ؟؟‬
‫أ ّن ‪ ( :‬ديك الفجر حيسب أ ّن الشمس تشرق بسبب صياحه ) ‪.‬‬ ‫إ ّن عدم قدرة امللحدين على إثبات ( عدم ) وجود اهلل ال يصلح أن يكون دلي الً على‬
‫البعض يذهب للتدليل على وجود اهلل بأخالقية وعقالنية القيّ م اليت أتى هبا قرآنه‬ ‫أي شئ أو كائن ال يتم من خالل العجز عن نفي إثباته‪،‬‬ ‫وجوده ‪ ،‬أل ّن إثبات وجود ّ‬
‫الكرمي ‪ ،‬وسنسلم جدالً بأخالقية وكمالية وعقالنية القيّ م والتشاريع اليت أتى‬ ‫وإنمّ ا يتم من خالل القدرة على إثباته برهانيا ‪ ..‬فاإلثبات ليس سلبي اً أو نفيي اً وإنمّ ا‬
‫هبا ـ رغم كل ما سنسوقه تأكيداً على الضد ـ وبأنهّ ا هي األحكم نسق اً ونظم اً‬ ‫هو فعل إجيايب ‪ .‬على سبيل املثال ‪ :‬عدم القدرة على تأكيد عدم وجود (عباس)‬
‫بني ظه رانينا ‪ ،‬ولكن هل كل ذلك أيض اً كفيل بأن يُثبت يل بأنهّ ا من عند اهلل‬ ‫داخل الغرفة املغلقة ال يُثبت أ ّن عباس داخلها بالفعل ‪ ،‬وإن ظّل اإلحتمال قائم اً‬
‫؟ ‪.‬فالنفرتض أنّين متكنت من صياغة قانون أو حزمة من القوانني أجازها فقهاء‬ ‫‪ ..‬وبالتايل عدم القدرة على نفي وجود اهلل ال يعين أنّه موجود بالفعل ‪.‬‬
‫القانون وفطاحلته ‪ ،‬فهل خت ��ول يل شهادهتم إدع ��اء نسبتها للسماء ألنهّ ��ا فقط‬
‫وفقط مكتملة ؟وهل ستصدق أنت بأنّين أتيت هبا من عند اهلل فقط ألنهّ ا على‬ ‫ملاذا نصدق الق ران ونُقر بصحة ما أتى به من أن مثّة إله خلقنا ليجمعنا ذات يوم‬
‫درجة عالية من الكمال املعرتف به على ٍ‬
‫نطاق واسع ؟ هل يدلِّ ل اإلعالن العاملي‬ ‫ٍ‬ ‫ليعذب بعضنا ويُنعم البعض اآلخر ؟ وأنّه خلق اجلنة والنار واملالئكة اليت تسبح‬
‫للحقوق ـ مبا بلغه من إح رتام لإلنسان وحقه الكرمي يف العيش واحلياة ـ على أنّه‬ ‫من خيفته ( ويسبح الرعد حبمده واملالئكة من خيفته ) واحلافية من حول العرش‬
‫تنزيل من حكي ٍم خبري يف حال إدعى سدنته ذلك ؟‬ ‫رس ل من السماء ل ّدعم وتعضيض‬ ‫( وترى املالئكة حافني من حول العرش ) واليت تُ َ‬
‫البوذية على سبيل املثال هبا قيّ م وتعاليم يف منتهى األخالقية فهل هذا يُثبت أنهّ ا‬ ‫صفوف املسلمني يف ح ��روهب ��م املقدسة ( إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم رحيا‬
‫كل األديان‬ ‫الدين احلق والواجب اإلتباع ؟وطبع اً ال حاجة لنا هنا ألن نذكر أ ّن ّ‬ ‫وجنودا مل تروها ) ‪.‬‬
‫ت ّدعي أخالقية تعاليمها ‪ ،‬بل كثريٌ من اإلسالميني عند مناقشة امللحدين يدافعون عن األديان مجيع اً بإعتبار أنهّ ا الضامن لألخالق‬ ‫بل وتتنزل على العباد الصاحلني بالطمأنينة أن ال ختافوا وال حتزنوا ‪ ،‬وتنادي القائمني باحملاريب وهم يصلون ‪ ،‬وتنادي على مرمي‬
‫يف اجملتمع ‪ ،‬فأيّاً منها أحق باإلتباع إذا كانت القاعدة اليت ننتقي هبا الدين هي ما أتى به من أخالق ‪.‬‬ ‫وتبشرها باإلصطفاء اإلهلي وتتوىف األنفس وتُطلق أبواق اإلنذار بيوم احلشر ‪ ،‬وخلق اجلن الذين هلم رسل متاما مثلما لنا حنن وبعضهم‬
‫خالصة املسألة وكما قلنا ‪ :‬هي أنّنا نؤمن باهلل فقط أل ّن القرآن أخربنا بوجوده ‪ ،‬وميكننا ان نُ ّدبج عبارات فذلكية عن اإلستق رار‬ ‫يدخلون النار أيضا يوم القيامة مع كفارنا معشر اإلنس ( ولقد زرأنا جلهنم كثري من اجلن واإلنس ) بل هم مطالبون كذلك بإتباع‬
‫وال راحة النفسية والطمأنينة وقوة اجلذب الوجداين للقرآن ‪ ،‬دون أن نتمكن بواسطة تلك العبارات ـ ذات اإليقاع احملبب للنفس ـ‬ ‫إيل انه استمع نفر من اجلن فقالوا انا مسعنا ق رانا عجبا يهدي اىل الرشد فامنا به )‪ ،‬بل سبق وأنهّ م‬‫الرسالة اإلسالمية ( قل اوحي ّ‬
‫أن نُقيم ُح ّج ة على الكافرين ‪ ،‬وإن مل يقتنعوا بتلك احلُ ّج ة أوجب عليهم اهلل ناراً وقودها الناس واحلجارة خالدين فيها أبداً ك لّ ما‬ ‫عُ بِ ُد وا من قبل ( وجعلوا هلل شركاء اجلن ) ( بل كانوا يعبدون اجلن أكثرهم هبم مؤمنون )‪ .‬وال أُريد اخلوض يف التهاويل اليت أمرنا‬
‫نضجت جلودهم أبدهلم اهلل جلوداً غريها إمعان اً منه يف العذاب ‪.‬‬ ‫القرآن بأن نقتنع بأنهّ ا ستحدث يوم أن يبعثنا اهلل من قبورنا ليحاسبنا لضيق السياق ‪ ،‬وال أُريد احلديث كذلك عن باقي الغيبيات‬
‫هل يُعقل أن يحُ اسبين ( الرمحن الرحيم ) وحيكم علي باخللود يف النار ألنيّ مل أؤمن هبذه الفذلكات اليت ال تقنع إال ذوي األحكام‬ ‫اليت أمرنا كذلك بأن نُصدقها ومن ضمنها املعج زات اليت هي بالنسبة لنا اليوم غيبيات ألنّنا مل نشاهدها وال منلك دلي الً على‬
‫بوة والرتبية اإلجتماعية الذين وجدوا أباءهم على هذا وظلوا على أثارهم مهتدون ؟هذا لعمري خ لّ ل‬ ‫املسبقة املتأسلمني بفطرة األُ ّ‬ ‫حدوثها أو تأكي ٌد ما على حدوثها‪.‬‬
‫ِ‬
‫وعطب فادح مريع يف نظام العدالة اإلهلية الذي قدمه لنا القرآن بل واألدي ��ان السماوية ككل ‪.‬هي عدالة عرجاء ألنهّ ا تُقدم لنا‬ ‫عموم اً فالنتسائل ‪ :‬ما الدليل الذي ق ّد مه لنا القرآن ويف مقابله يأمرنا أن نقر بكل ذلك ويكون من حق اهلل علينا ـ إن مل نفعل ـ‬
‫خيارين فقط ‪ ،‬األول إذا إخرتناه سيُ جازينا عليه باجلنة ‪ ،‬والثاين إذا إخرتناه سيعاقبنا عليه بالنار ‪ .‬فهل حق اً اهلل بذلك مينحنا احلرية‬ ‫تعذيبنا وختليدنا يف النار ؟ النريد أن نزعم بإستحالة حدوث الفيضان الذي أغرق العامل أو البحر الذي إنشق ملوسى أو الفتاة اليت‬
‫حل أخالقي من جريرة تعذيبنا مبثل تلك الوحشية ؟‬ ‫وهو بالتايل يف ٍّ‬ ‫ميس سها ذكر أو النار اليت مل حترق إب راهيم ‪ ....‬اخل ‪ ،‬ولكن هل حق اً هي قد حدثت بالفعل ؟ وما الدليل‬‫تلد مولودها وهي عذ راء مل ّ‬
‫هل جمرد تبين رأي وهو ( الكفر ) ورفض رأي اخر وهو( اإلميان ) ـ حىت ولو كان هذا األخري مبني اً من وجهة نظر البعض على‬ ‫على حدوثها ؟‬
‫أدلة وب راهني ـ يكفي إلسباغ صفة األخالقية على فعل تعذيب ُم تبين ال رأي األول ( الكفر) ‪ ،‬بل وختليده سرمدي اً يف النار ؟ ‪.‬هل‬ ‫بإمكان املريغين أو املكاشفي أو ايّاً من أقطاب الصوفية أن ي ّدعي وي ّدعي ح ريانه معه أهنم رأوه وهو حيي املوتى ‪ ،‬ولكن هل هذا لوحده‬

‫‪16‬‬ ‫‪15‬‬
‫اهلل موجود !؟ ما الذي يجعلنا واثقني هكذا ؟ ‪ :‬ـ‬
‫اهلل موجود !؟ ما الذي يجعلنا واثقني هكذا ؟ ‪ :‬ـ‬

‫هذه هي حق اً احلرية اليت جتعل من اهلل ع ��ادالً مع عباده وخلقه‬


‫؟ م ��ال ��ك ��م ( ب ��اهلل ) ك ��ي ��ف حت ��ك ��م ��ون ؟ ‪ .‬ب ��ل إ ّن ه ��ذا التعذيب‬
‫والتنكيل واإلنتقاص من تلك احلرية املزعومة مت يف هذه الدنيا يف‬
‫األم م السابقة‬‫قص ص ّ‬ ‫بعض األحيان حسب ما أتى به القرآن من ّ‬
‫دم ر اهلل هبا ال ُق رى وأهلك البشر وأغرق العامل بسبب كفر‬ ‫اليت ّ‬
‫البعض ‪.‬‬
‫وح�تى ه ��ؤالء ال ��ذي ��ن ُخ ��س ��ف هب ��م يف احل ��ي ��اة ال ��دن ��ي ��ا ال ألج ��ل ٍ‬
‫شئ‬
‫إالّ لعدم ق ��درة أذهاهنم ( ال�تي خلقها هلم اهلل ) على اإلمي ��ان به‬
‫سيُ شاركون الكفار الذين ّأم د اهلل يف آجاهلم ( يعمهون ) يف نار‬
‫جهنم حيث سيُ ساقوا معهم ( إىل جهنم زم را ) ( ولكن حقت‬
‫كلمة العذاب على الكافرين ) (وإعتدنا ملن ك ��ذب بالساعة‬
‫س ��ع�يرا ) ( إن ��ا اع ��ت ��دن ��ا ل ��ل ��ك ��اف ��ري ��ن س�لاس�لا وأغ �ل�اال وس ��ع�يرا ) (‬
‫والذين كفروا قطعت هلم ثياب من نار يصب من فوق رؤوسهم‬
‫احلميم ) ( اليُقضى عليهم فيموتوا وال يخُ ّف ف عنهم من عذاهبا‬
‫)‪.‬‬
‫ب ��ل �يُ� ّ�ع ��ظ � ُ�م م ��ن إستغ رابنا أ ّن ه ��ذا الكفر ليس فقط ( حسب‬ ‫ِ‬
‫اإلدع ��اء ال�لاه ��ويت ) ذايت حم ��ض ‪ ،‬ب ��ل ي ��رج ��ع السبب فيه بدرجة‬
‫نص به اهلل وكي الً ثانوي اً ـ بعد هوى النفس ـ‬ ‫أو ب أُخرى إىل كائن ّ‬
‫للتأثري على خيار البشر ويزين هلم هذا الكائن الكفر والفجور‬
‫‪.‬ونعين طبعا هبذا الكائن الشيطان ‪ ،‬حيث يغدوا وليّ ك وموجه اً‬
‫خلطآك حنو هذا اخليار الكفري ‪ ،‬وهو ـ على ضعفه ( ان كيد‬
‫الشيطان ك ��ان ضعيفا ) ـ ليتسائل امل ��رء إذائ ��ه عن احلكمة من‬
‫وجوده !!‬
‫أالّ يكفي هوى النفس حمك اً وإختباراً لصالبة اإلرادة ‪ ،‬وليُ صبح‬
‫بالتايل التغلب على هذا اهلوى مه را للجنة ومثن اً باهظ اً لدخوهلا‬
‫؟ ملاذا يُغيّ ض اهلل لنا شياطني لتكون ق رائن لنا حىت ولو عشنا‬
‫على ِذكر الرمحن ( ومن يعش على ذكر الرمحن نقيض له شيطانا‬
‫فهو له قرين ) ( امل ت رانا أرسلنا الشياطني على الكافرين تؤزهم‬
‫أزرا فال تعجل عليهم إنمّ ا نعد هلم عدا ) ( إالّ أنّا سلطناه عليهم‬
‫لنعلم من يؤمن باالخرة )‪.‬‬
‫كل ما أوردناه حنسب أنّه يجُ رد اهلل من خصيصة هي من أهم‬ ‫إ ّن ّ‬
‫خصائص اإلله ‪ ،‬وهي العدل ‪ ،‬والّ حنسب أ ّن الفكرة اليت تنطوي‬
‫عليها اجلنة والنار يمُ كن أن تُلهم اإلنسان وتُقنعه هبذا اإلله الذي‬
‫خيلق كل هذا التاريخ ومايتضمنه من حروب وكروب وكوارث‬
‫وأفكار وفلسفات وعلوم وجم رات وكواكب ‪ ...‬فقط ألجل يوم‬
‫حياسب فيه البشر ألنهّ م مل يعبدوه وهو مل يُقنعهم حىت بوجوده‬
‫ناهيك عن أن يصدقوا ما وعد به‬

‫‪18‬‬ ‫‪17‬‬
‫ما ال يعرفه املسلم عن شهر رمضان!‬
‫ما ال يعرفه املسلم عن شهر رمضان!‬
‫تؤكد املصادر اإلسالمية‪ ،‬يف قوله (‪ : )17‬فقال حنن أحق مبوسى…! و لكن قام بتسبيقه يوم اً واحداً كما يقول ابن اثري (‪ !)18‬و‬
‫قام حممد جبعلها آية تقول يف سورة البقرة اية ‪ ”187‬وكلوا واشربوا حىت يتبني لكم اخليط االبيض من اخليط االسود من الفجر ‪،‬‬ ‫ما ال يعرفه املسلم عن شهر رمضان!‬
‫مث أمتّوا الصيام اىل الليل‪ .‬و هو نفس الكالم املأخوذ من التلمود اليهودي (‪ : )19‬أن أول هنار الصيام هو الوقت الذي يقدر املرء‬ ‫وديع طعمة‬
‫فيه أن يتب ينّ اخليط االبيض من اخليط االزرق‪ .‬و لكي ال تكون فضيحة حملمد أمام قريش‪ ،‬فقد أقر بأن اليهود و املسيحيني كانوا‬
‫يصومون شهر رمضان‪ ،‬بل قال أيض اً أنه موجود يف اإلجنيل‪ ،‬و جاء ذلك يف عش رات املصادر نورد أمهها (‪ .)20‬و قام بتأثري من‬
‫صحابته و على رأسهم عمر بن اخلطاب‪ ،‬بتعديل طريقة الصوم املقتبسة من املسيحيني و اليهود‪ ،‬و ذلك بالسماح هلم أن يأكلوا‬
‫يف الليل و ميارسوا اجلنس مع النساء (‪ )21‬ألن الصوم عند تلك األديان كان جمرد وجبة واحدة خالية من اللحوم يف اليوم كله‪ ،‬و‬ ‫الطقوس الرمضانية‪ ،‬كعادة بقية الطقوس اإلسالمية‪ ،‬ميارسها املسلم بدون أدىن معرفة جلذور هذه الطقوس‪ ،‬أو ما إذا كانت تشريع اً‬
‫كانوا ميتنعون عن اجلنس‪ ،‬كما كانوا يتعبدون إلهلهم أكثر و يركعون أكثر هبذا الشهر ‪ ،‬هذا باإلضافة إىل الزكاة أيض اً‪.‬‬ ‫مساوي اً كما يقول املسلمون عن طقوسهم أم تشريع اً وثني اً! و قد أثبت ذلك يف حبوث سابقة موجودة يف كتايب «اإلسالم نصوص و‬
‫أما انتشار هذا الصوم يف قريش‪ ،‬فهذا يعود لوجود اليهود و النصارى [ صوم عاشوراء ] و قبلهم الصابئية احل رانية (‪ )22‬حيث كان‬ ‫أفعال»‪ .‬و كعادة املسلم يرتك األدلة اليت نضعها يف أحباثنا‪ ،‬و يبدأ بشتمنا و تكذيب تلك األدلة بكلمة واحدة‪ :‬أنت حاقد على‬
‫منهم [ العرب ] من مييل إىل الصابئة ويعتقد يف أنواء املنازل العتقاد املنجمني يف الكواكب السبعة السيارة ويعتقدون اهنا فعالة‬ ‫اإلسالم‪ ،‬أنت تدلس‪ ،‬أنت تكذب إخل؛ مع العلم أن كل ما نكتبه يف أحباثنا‪ ،‬ويكون من عندنا‪ ،‬املقدمة و اخلامتة‪ ،‬و بعض النقاط‪،‬‬
‫بأنفسها ويقولون مطرنا بنوء الكواكب ومنهم من يعبد املالئكة ومنهم من يعبد اجلن‪ ،‬وكان ذلك يف عهد احتالل نابونيدس‬ ‫و ما تبقى هي آيات و أحاديث و تفاسري و نصوص تارخيية موثقة!‬
‫لتيماء وذلك ملدة عشر سنني بني سنيت ‪ 550‬و ‪ 540‬قبل امليالد‪.‬‬ ‫يف هذا البحث سنناقش الغاية من شهر رمضان لدى اإلسالم‪ ،‬و جذوره الوثنية‪ ،‬باإلضافة لبعض احلقائق األخرى‪ ،‬و اليت سبق يل‬
‫هامش‪ :‬كل عام و أنتم خبري‪ ،‬بغض النظر عن عدم إمياننا مبا سبق‪ ،‬أو بالدين عامة‪ ،‬فلكل مرء حرية االعتقاد‪ .‬كان ذلك جمرد‬ ‫و أن ناقشتها مع الشيوخ يف البالتوك عام ‪ ،2008‬و مبواقع إسالمية مصرية‪ ،‬باإلضافة ملقهى الناقد‪ ،‬و قد تكلم عنها املغريب رشيد‬
‫تسليط الضوء على ما ال يعرفه أغلبية املؤمنني‪ ،‬و رمبا مجيعهم‪ ،‬ألهنم يأخذون إمياهنم من شيوخهم‪ ،‬و ليس بالبحث و االقتناع‪.‬‬ ‫بعد عام يف إحدى حلقاته‪ ،‬و تناوهلا بالتفصيل اململ‪ ،‬و بأدق األمور‪ ،‬و ذلك حبلقتني كاملتني‪ .‬إال أين لن أطيل الشرح‪ ،‬و سأكتفي‬
‫دمتم بعقل‪.‬‬ ‫بأهم األحداث‪.‬‬
‫م راجع‪:‬‬ ‫يدعي املسلمون أن شهر رمضان هو شهر الصوم ليس فقط عن األكل و الشرب‪ ،‬ألن جابر بن عبداهلل يقول ‪ ( :‬إذا صمت فليصم‬
‫‪ -1‬املصدر‪ :‬نتائج األفكار‪ .‬الصفحة أو الرقم‪ 157/2 :‬خالصة الدرجة‪ :‬إسناده صحيح‪.‬‬ ‫مسعك وبصرك ولسانك عن الكذب واحملارم )‪ .‬إال أن شهر رمضان‪ ،‬شهر اللعن و الشتائم على الكفرة‪ :‬عن الزهري قال (‪ : )1‬كانوا‬
‫‪ -2‬املصدر‪ :‬صحيح البخاري الصفحة أو الرقم‪ 38 :‬خالصة الدرجة‪[ :‬صحيح] ‪.‬‬ ‫يلعنون الكفرة يف رمضان‪ ،‬يشري إىل دعاء القنوت‪ ،‬مث يصلي على النيب (صلعم) مث يدعو للمسلمني‪.‬‬
‫‪1994 ,Sinasi Gunduz, The Knowledge of Life, Oxford University -3‬‬ ‫أما اعتقادهم عن هذا الشهر بأنه شهر الغف ران و حمو الذنوب‪ ،‬أي افعل ما تشاء طيلة السنة‪ ،‬و بعدها صم‪ ،‬و لك اجلنة! و األحاديث‬
‫‪78 Dodge, B., The Sabians of Harran, page -4‬‬ ‫كثرية تقريب اً ‪ 50‬حديث من أصح الكتب اليت تتكلم عن ذلك‪ ،‬و لكننا سنأخذ أمهها « البخاري « ( ‪ : )2‬من صام رمضان إميانا‬
‫‪ -5‬ابن الندمي‪ ،‬الفهرست‪ ،‬صفحة ‪ 324‬و‪325‬‬ ‫واحتسابا ‪ ،‬غفر له ما تقدم من ذنبه ‪ .‬يعين ال بأس بأن تكذب طيلة السنة‪ ،‬و تسرق و تنهب و تقتل و « تغزو « كما كانوا‬
‫‪ -6‬ابن الندمي ‪ ،‬الفهرست ‪ ،‬صفحة ‪319‬‬ ‫يفعلون يف السابق و مازالوا‪ ،‬و يف النهاية كله يتم حموه مقابل الصيام عن الطعام و الش راب!‬
‫‪ -7‬ايب الفداء ‪ ،‬املختصر يف تاريخ البشر ‪ ،‬اجلزء االول ‪ ،‬صفحة ‪65‬‬ ‫جذور رمضان‪:‬‬
‫حران واخوان الصفا‪ ،‬صفحة ‪57‬‬ ‫‪ -8‬حممد عبد احلميد احلمد‪ ،‬صابئة ّ‬ ‫رمضان له صلة وطيدة ب» اهلالل « أي القمر‪ ،‬كاإلسالم عموم اً‪ ،‬خاصة فوق املساجد‪ ،‬و ما أن نعرف السبب‪ ،‬سيبطل العجب‪ ،‬فاهلل‬
‫‪ -9‬املسعودي ‪ ،‬مروج الذهب ‪ 2‬صفحة‪213‬‬ ‫هو إله القمر‪ ،‬و ألنه ليس حبثنا اآلن سنؤجله حلني‪ ،‬أما رمضان و اهلالل‪ ،‬فهو خاص « بالصابئيون املندائيون « (‪ )3‬فهناك طائفة‬
‫‪ -10‬تفسري الطربي ‪2265 ،‬‬ ‫من املندائيني اليت كانت تعيش يف مشال الع راق ‪ ،‬كانت تصوم رمضان‪ .‬كان رمضان اص الً طقس اً سنوي اً يمُ ارس يف مدينة ح ران (‪)4‬‬
‫‪ -11‬تاج العروس ‪ 20 ،‬صفحة ‪592‬؛ ابن منظور ‪ ،‬لسان العرب ‪ ،‬حرف النون ‪ ،‬صفحة ‪445‬‬ ‫يف مواقع عبادة سني‪ ،‬اله القمر‪ ،‬كان يف أور وح ران وكان يُرمز اليه باهلالل ‪ ،‬و كان ذلك لعدم ظهور القمر بسبب جمموعة الثريا‬
‫‪ -12‬ابن منظور ‪ ،‬لسان العرب ‪ ،‬حرف راء ‪ ،‬صفحة ‪231‬‬ ‫يف ‪(Taurus‬ب ��رج الثور ) اليت حتدث يف األسبوع الثالث من آذار ‪ .‬فيصوم احل رانيون ملدة شهر من أجل عودة القمر ‪ .‬فيعد القمر‬
‫‪ -13‬تفسري الطربي ‪ 56 : 16‬و روح املعاين ‪79 : 16‬‬ ‫بالرجوع اىل دير ‪ Kadi‬حيث حيتفل احل رانيون بعودته‪ .‬ويقول ابن الندمي (‪ )5‬أن احل رانيني كانوا يصومون ملدة شهر تكرميا إلله القمر‬
‫‪ -14‬القسطالين ‪ ،‬ارشاد الساري ‪ 175 : 6 ،‬؛ أبن حجر ‪ ،‬االصابة يف متييز الصحابة ‪ ،315 : 4‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب ‪55 :2 ،‬‬ ‫املدعو سني‪ .‬و وصف ابن ندمي الضحايا احليوانية اليت كانوا يقدِّموهنا اىل القمر‪ .‬و يذكر أيض اً احتفال احل رانيني بعودة القمر بعد‬
‫‪ -15‬تفسري اآلية رقم [‪ ]26‬من سورة [مرمي]‬ ‫صيام رمضان كان يُدعى عيد الفطر! (‪. )6‬‬
‫‪ -16‬البدء والتأريخ ‪ ،‬املقدسي ‪ ،‬اجلزء ال رابع ‪ ،‬صفحة ‪50‬‬ ‫جاء يف املختصر بتاريخ البشر أليب الفداء (‪ : )7‬الصائبة هلم الصالة على امليت بال ركوع وال سجود ويصومون ثالثني يوم اً وإن‬
‫‪ -17‬تاريخ الطربي ‪ ،‬اجلزء الثاين ‪ ،‬صفحة ‪18‬؛ أنظر أيض اً سنن ايب داود ‪ ،‬ايب داود السجستاين‪ ،‬رقم ‪2444‬‬ ‫نقص الشهر اهلاليل صاموا تسع اً وعشرين يوم اً وكانوا ي راعون يف صومهم الفطر واهلالل حبيث يكون الفطر وقد دخلت الشمس‬
‫‪ -18‬ابن اثري ‪ ،‬النهاية يف غريب احلديث واالثر ‪ ،‬اجلزء االول ‪ ،‬صفحة ‪96‬‬ ‫حران و اخوان الصفا « (‪ : )8‬أهنم كانوا‬ ‫ِ‬
‫احلمل ويصومون من ربع الليل األخري إىل غروب قرص‪ .‬و جاء أيض اً يف كتاب « صابئة ّ‬
‫‪ -19‬التلمود ‪ 5 : 1‬واملشنا ‪2: 1‬‬ ‫يبدأون صومهم خالل شهر الصيام‪ ،‬من قبل أن تشرق الشمس حىت غروهبا‪ .‬أي متاما كما يفعل املسلمون خالل شهر رمضان‪.‬‬
‫‪ -20‬البخاري ‪ ،‬التاريخ الكبري ‪ ،‬رقم ‪ 880‬؛ انظر ايضا ابن اثري ‪ ،‬اسد الغابة ‪ ،‬اجلزء االول ‪ ،‬صفحة ‪ 881‬تاج العروس ‪ 15 ،‬صفحة‬ ‫الرمضاء فيه ذلك الوقت‪ .‬أما الطربي يف تفسريه يقول (‪ )10‬انه اسم من امساء‬ ‫أما اسم رمضان‪ ،‬فقد قال املسعودي (‪ : )9‬لشدة حر َّ‬
‫‪ -296‬راجع ايضا الفريوزابادي ‪ ،‬القاموس احمليط ‪ ،‬اجلزء الثاين ‪ ،‬صفحة ‪429‬‬ ‫اهلل‪ .‬لكن رمضان يف اجلاهلية كان امسه ناتق‪ .‬كما جاء يف تاج العروس (‪ )11‬وهي مأخوذه من أنتق أي صام‪ .‬مما يعين أن رمضان‬
‫‪ -21‬ابن حجر ‪ ،‬االصابة يف متييز الصحابة ‪ ،‬رقم ‪4066‬‬ ‫مسي كذلك يف اجلاهلية‪ ،‬أي قبل اإلسالم‪ ،‬و هذا ما يؤكده ابن منظور (‪ !)12‬أما الطربي زعيم املفسرين يقول ( ‪ )13‬كان العرب‬
‫‪ -22‬هناية االرب يف معرفة أنساب العرب ‪ ،‬القلقشندي ‪ 18 ،‬صفحة ‪11‬‬ ‫الوثنيون يصومون ممتنعني عن الطعام والش راب وممارسة اجلنس متاما كما بدأ صوم املسلمون ‪ .‬وكان صومهم عن الكالم أيض اً‪.‬‬
‫و هذا ما تؤكده أصح املصادر اإلسالمية يف كالمهم عن الصحايب ايب بكر بقوهلم ( ‪ : )14‬لقد اقرتب ابو بكر اىل ام رأة وثنية يف‬
‫املدينة ووجدها صائمة ومن مجلة صيامها االمتناع عن الكالم‪ .‬بل أن القرآن أكد هذا الصوم ( ‪ : )15‬فَ ُك لِ ي َوا ْش َر بيِ َو�قَِّري َع �يْنً ا ۖ‬
‫فَ ِإ َّم ا �ت ريِ َّن ِم ن الْ ب ش ِر أَح ًدا �ف ُق وليِ إِنيِّ نَ َذ ر ِ‬
‫ص ْوًم ا �فَلَ ْن أُ َك لِّ َم الْ�يَ ْوَم إِنْ ِس يًّ ا‪ .‬و يقولون بتفسريها ‪ :‬والسكوت كان ً‬
‫تعبدا يف‬ ‫ت ل لرَّحمْ َٰ ِن َ‬
‫ْ ُ‬ ‫َ ََ َ َ‬ ‫ََ‬
‫شرعهم‪ ،‬دون شريعة حممد صلعم‪.‬‬
‫كان حممد يصوم مع قريش‪ ،‬فقد جاء يف البدء و التأريخ للمقدسي (‪ : )16‬وكان قريش يتحنثون حب راء يف رمضان وكان رسول اهلل‬
‫يفعل ذلك‪ .‬و ألن اليهود و النصارى كانوا يصومون أيض اً باسم عاشوراء‪ ،‬فقد قام حممد الحق اً بنسب هذا الصوم لإلسالم‪ ،‬كما‬

‫‪20‬‬ ‫‪19‬‬
‫ال يزال الرجل يكذب ويكذب حتى يُكتب عند اهلل نبيًا‪:‬‬
‫ال يزال الرجل يكذب ويكذب حتى يُكتب عند اهلل نبيًا‪:‬‬
‫وال تتجلى القيمة العملية للكذب ودوره يف صناعة احلضارات بوصفه فقط عنص راً من عناصر احلرب ‪ ،‬وإنمّ ا الكذب كذلك حموراً‬
‫إلبداع اإلنسان املتحضر ‪ ،‬فالفنون ـ مرآة احلضارة وزبدهتا اخلالصة ـ حتتوي على مقادير هائلة من األكاذيب ‪ ،‬فالرواية واملسرح‬ ‫ال يزال الرجل يكذب ويكذب حتى يُكتب عند اهلل‬
‫ُ‬
‫ٍ‬
‫بشكل أساسي على حماولة خداع امل تلقي وإجباره على اإلندماج وجداني اً مع ما حتكيه هذه‬ ‫والسينما والد راما ك لّ ها فنون تعتمد‬
‫الفنون من أكاذيب حتاول أن تصنع واقعها اخليايل ‪.‬‬
‫نبيًا‪:‬‬
‫حممد مريغني‬
‫إ ّن الصادق هو إنسا ٌن أناين ‪ ،‬يُريد أن ينعم مبتعة ال راحة النفسية الناجتة عن قوله للصدق ‪ ،‬حىت ولو ترتب على هذا شقاء االخرين‬
‫قدم عليه ال يضع يف‬ ‫حبث عن اخلالص الفردي ‪ ،‬هو سلوك هبيمي شهواين أل ّن مرتكبه أو امل ِ‬ ‫وتعاستهم ‪ ،‬الصدق هو يف جوهره ٌ‬ ‫ما مييز اإلنسان عن احليوان ليس العقل أو القدرة على التفكري ‪ ،‬وإنمّ ا الكذب ‪ ،‬اإلنسان ليس حيوان ناطق أو عاقل كما يزعم‬
‫ُ‬
‫إنسان أحقر وأتفه وأكثر جترداً من األخالق مثل ذلك اإلنسان الصادق الذي يخُ رب طف الً فقد‬ ‫ٍ‬ ‫أولويته مشاعر االخرين ؟‪ ،‬فهل من‬ ‫فالسفة اإلغريق ‪ ،‬إنّه حيوا ٌن كاذب ‪ ،‬فاإلنسان هو الكائن الوحيد على وجه األرض الذي يستطيع الكذب ‪ ،‬إذا إستثنينا احلرباء‬
‫بالتقزز‬
‫ُّ‬ ‫يديه بأ ّن يداه لن تعاودا النمو أبداً ؟‪ ،‬هل هناك أنذل من ذلك الصادق الذي يخُ رب إنسان مشوه َخ لقي اً بأ ّن منظره يُشعره‬ ‫اليت تُض لِّ ل خصومها عرب تغيري لوهنا كي تتماهى مع الوسط املادي املوجودة به كآلية دفاعية لصرف وتشتيت إنتباه ُم ف ِرتسها أو‬
‫؟‪ ،‬هل هنالك أحط من سلوك إنسان يخُ رب صادق اً أ ُّم اً ملكومة بولدها الذي تعتقد ـ أي تلك األُم أنّه سيدخل اجلنة ألنّه مات شهيداً‬ ‫فَ ريستها ‪،‬طبع اً إذا إعتربنا سلوكها هذا كذب اً ‪.‬‬
‫ـ فيخربها هذا الصادق بأ ّن إبنها مل ميت شهيداً وإنمّ ا مات يف سبيل قضية ال أخالقية وهي قتل أكرب ع ّدد من الشيعة باملسجد‬
‫فج ر نفسه به ؟‬
‫الذي ّ‬ ‫ٍ‬
‫مكان مائز ومرموق على‬ ‫حنن ال نهُ ني اإلنسان عندما ننعته باحليوان الكاذب ‪ ،‬بل العكس متام اً حنن منتدحه ونُقدِّسه ونضعه يف‬
‫خارطة الوجود ‪ ،‬فالكذب ليس سلوك اً ال أخالقي اً أو شري راً ‪ ،‬الكذب هو عنوان احلضارة واإلنسانية ‪ ،‬بدأت احلضارة والتحضر‬
‫عب عن عميق إمتنانه‬
‫اإلنسان كاذب بالفطرة ‪ ،‬حىت وهو يصوغ القيم األخالقية فهو يكذب ‪ ،‬فذلك الذي ميدح جاره ويشكره ويُ رِّ‬ ‫عندما كذب أول إنسان ومل يقل الصدق ‪ ،‬بدأت احلضارة عندما إكتشف اإلنسان الكذب ‪ ،‬كان الناس قبل ذلك أوغاد ‪ ،‬لئام ‪،‬‬
‫له أل ّن جاره هذا يُقدِّم له اخلدمات هو إنسا ٌن كاذب ‪ ،‬فلو كان صادق اً يف رغبته يف اإلمتان له لوصف هذا الرجل جاره بالسذاجة‬ ‫متعجرفني ‪ ،‬وقحني ‪،‬صفيقني ‪ ،‬ال يعرفون اجملاملة واملطايبة ‪ ،‬وال يعرفون كيفية التعبري عن أو باألحرى صناعة حبهم لالخرين وحب‬
‫‪ ،‬وألخربه بأنّه ليس من اخلري له أن يُبدِّد طاقته يف مساعدته ‪ ،‬وإ ّن عليه أن يلتفت ملصلحته ال مصلحة االخرين ‪.‬‬ ‫اآلخرين هلم ‪ ،‬وال يعرفون ما معىن السياسة ومقتضيات التعايش اإلجتماعي باجملتمع اإلنساين ‪ .‬قبل أن يعرف اإلنسان الكذب مل‬
‫يكن يعرف الدين وال يعرف اهلل وال املالئكة وال الشياطني وال حىت األنبياء ‪.‬‬
‫ذم ه للكذب ويف مدحه‬ ‫يذم الكذب فهو يكذب ‪ ،‬ولو كان صادق اً يف ِّ‬ ‫لذلك فاإلنسان عندما ميتدح الصدق فهو يكذب ‪ ،‬وعندما ُّ‬
‫للصدق إلستبدل كلمة الكذب بكلمة الصدق ‪ ،‬أو لغ يرّ بني مدلوالت الكلمينت حبيث يكون الصدق سلوك اً شري راً ويكون الكذب‬ ‫اإلنسان حيتاج للكذب ليُ ج نِّب نفسه عذاب اإلعتقاد باخللود يف العدم بعد املوت ‪ ،‬اإلنسان حيتاج للكذب ليشعر بوجود ( الرجل‬
‫سلوك اً أخالقي اً ‪.‬‬ ‫الذي بالسماء ) والذي يوكل ويفوض له أمره وملجأه ‪ ،‬اإلنسان حيتاج للكذب ليتعلق باألمل يف مقابلة األع زاء واألصدقاء واألقارب‬
‫أيُّها الناس إ ّن لكم يف أنبيائكم أُسوة حسنة ‪ ،‬وإ ّن أنبيائكم هؤالء عرب التاريخ كانوا أمهر الكاذبني ‪ ،‬فقد إحرتفوا الكذب ‪ ،‬فمهنة‬ ‫الذين فقدهم باملوت يف الدار االخرة ‪ ،‬لقد كان األنبياء هم أكثر الناس كذب اً ألنهّ م اكثر الناس أخالقي ةً ‪ ،‬ومثالية ‪ ،‬وإنسانية ‪،‬‬
‫النيب هي الكذب على الناس ‪ ،‬فعلى ُخ طاهم اإلنسانية النبيلة سريوا ‪ ،‬فحاربوا الصادقني وإجعلوا من الكذبة قاد ًة لكم وزعماء‬ ‫وعبقرية ‪ .‬رسالة األنيباء العظيمة هي الكذب من أجل احلفاظ على اإلنسان ‪ ،‬وعلى مت يُّ زه ‪ ،‬وعلى مركزيته بالوجود ‪ ،‬وعلى تدعيم‬
‫وأنبياء ‪ ،‬فهم وحدهم ـ أي هؤالء الكاذبون ـ من يستطيعون إدارة هذا الكون ‪ ،‬وهم وحدهم من مبقدورهم ممارسة السياسة ‪.‬‬ ‫غروره الطاؤوسي ‪ ،‬وتعزيز ثقته بذاته ‪.‬‬
‫ال تقلق أيها القاري فأنا لست نبي اً وال فنان اً وال زعيم اً وال ساسي اً ناجح اً وال فنان اً أو ممث الً بارع اً حىت أكذب عليك هنا ‪ ،‬أنا من‬
‫كل الصدق ‪ ،‬ألنّين أناين ووقح وال أريد‬
‫هؤالء األنانيون لذلك ال حتسب أنّين أكذب عليك أبداً ‪ ،‬أنا هنا أصدمك باحلقيقة صادق اً ّ‬ ‫للتحق ق من قيمة الكذب وضرورته ما عليك إالّ أن تتخيل لو يكف العاشق عن الكذب على معشوقته وخيربها بأنهّ ا ليست مجيلة‬ ‫ُّ‬
‫منك أن حتبين فاحلب صناعة الكذابيني وأنا لست كذاب اً لذلك لست حمب اً وال حمبوب اً ‪.‬‬ ‫ضخم وقبيح ‪ ،‬ختيل أن تكف الزوجة عن الكذب على زوجها وتخُ ربه بأنهّ ا تعيسة حبياهتا معه والسبّ ب الوحيد لقبوهلا‬ ‫وأ ّن أنفها‬
‫ٌ‬
‫مواصلة العيش مبعيته هو األبناء ‪ ،‬ختيل أن يكف الطبيب عن الكذب على مريضه ويخُ ربه بأن ال أمل يف الشفاء ‪ ،‬ختيل أن يكف‬
‫املعلم عن الكذب على تالمذته ويخُ ربهم بأنهّ م أغبياء وأنّه ال جدوى من تعليمهم ‪ ،‬ختيل معي أن تكف عن الكذب على أولئك‬
‫الذين جتري اجلرمية يف عروقهم فطري اً وتقول هلم بأنّه ال جنة هناك وال نار ‪ ،‬ختيل أن تكف عن الكذب على الفق راء وختربهم بأنّه‬
‫ٍ‬
‫حادث مريع وختربه صادق اً بأنّه لن‬ ‫طفل صغري فقد أبويه يف‬ ‫لن يتم تعويض فقرهم ِغ ن اً وث راءً باجلنة ‪ ،‬ختيل معي أن ال تكذب على ٍ‬
‫ي رامها بعد اليوم إطالق اً ‪ .‬أالّ ترى أنّه حينها فقط تستحيل احلياة إىل فوضى و تعاسة و شقاء وعبث و فتنة وخالفات غبية ال معىن‬
‫هلا وكان باإلمكان جتاوزها لو كنا قد كذبنا ومل نقل احلقيقة ؟‬

‫إكذبوا لتحافظوا على إنسانيتكم ‪ ،‬وعلى وجودكم ‪ ،‬وعلى حياتكم ‪ ،‬فوحدهم املوتى هم من ال يكذبون ‪ ،‬هل تعلمون ملاذا ؟‬
‫ألنهّ م فقدوا حياهتم ففقدوا معها قدرهتم على الكذب ‪ ،‬أو ربمّ ا هم فقدوا القدرة على الكذب فعجزوا عن العيش هبذا العامل و‬
‫هبذه احلضارة اليت قوامها الكذب فماتوا ‪ ،‬فالكذب هو روح اإلنسان ‪ ،‬بل إ ّن الكذب هو العنصر األساسي يف تشييد احلضارات‬
‫العظيمة ‪ ،‬فدائم اً ما كانت احلروب هي احملطات الفارقة يف مسرية اإلنسان ‪ ،‬والتجليات العملية للفلسفات اإلنسانية مل تتح ّق ق‬
‫وأهنار من الدماء يف فرنسا ويف أوروبا ‪ ،‬والعلمانية أتّت بعد جمازر‬
‫إالّ بعد احلروب الطاحنة ‪ ،‬فاحلداثة أتّت بعد أشالء من اجلثث ٌ‬
‫جس دت معياراً أخالقي اً‬
‫األم م املتحدة ـ اليت ّ‬
‫األم م ومن بعدها ّ‬
‫ومعارك دامية إرتكبتها املذاهب الدينية ضد بعضها البعض ‪ ،‬وعصبة ّ‬
‫شبه مطلق لإلنسانية مجعاء ـ أتّت بعد حربني عامليتني ضروستني أفنتا ماليني البشر ‪ ،‬فاحلروب إذن هي سالمل وم راحل لإلرتقاء يف‬
‫سلم التطور املعريف واألخالقي والفلسفي ‪ ،‬واحلروب بالطبع ال تعدوا عن كوهنا حمض أكاذيب وأخاديع للتجييش العاطفي ‪ ،‬ولبث‬
‫الرعب يف قلوب األعداء ‪ ،‬ولتعضيض املوقف العسكري نفسي اً على أرض املعارك ‪ ،‬ولوضع اخلُطّط والتكتيكات احلربية ‪ ،‬وإلضفاء‬
‫مربرات أخالقية ( كاذبة ) لسفك الدماء أمام العامل ‪ ،‬فاحلرب إذن كذبة ‪ ،‬واحلرب هي صانعة احلضارت واملعارف ‪ ،‬إذن الكذب هو‬
‫بدوره صانع احلضارات واملعارف طاملا أنّه ـ أي الكذب ـ هو الوجه الثاين لعملة احلرب ‪ ،‬بل الوجه الرئيسي هلا ‪.‬‬

‫‪22‬‬ ‫‪21‬‬
‫هل ميكننا نفي وجود اإلله ؟ [نعم]‬

‫هل ميكننا نفي وجود اإلله ؟ [نعم]‬


‫الذي افرتض ان اإلله موجود ؟ إنهم االسالف الجهلة ‪ ،‬ولكن ليست هذه هي‬ ‫الدعاء لهم أسوأ من االشخاص الذين مل يكن لديهم اي علم بهذا األمر وانا ال اعني‬
‫املشكلة ‪ ،‬فالفرض ّية ميكننا التأكد من صحتها او نفيها ‪ ،‬ولهذا ميكننا ان نقبلها او‬ ‫التجربة هنا حرف ّياً ‪ ،‬بل كمثال ألن هذه الفرض ّية «اإلله موجود» ميكن للعلم ان‬
‫نرفضها متاماً كأي فرضيّة أخري يتم إنشاؤها كمحاولة لتفسري اي ظاهرة ‪ ،‬فالطرق‬
‫العلم ّية تعمل حتّي عيل املاورا ّيئ ميكن تلخيصها باآليت ‪:‬‬
‫يتحقق منها ‪ ،‬ففي وقت سابق كان من املفرتض أن الربق هو أداة الله يعبرّ بها عن‬
‫اإللهي ولكن أظهر القليل من البحث اإلحصايئ‪ ،‬أن الربق يرضب الجميع‬ ‫ّ‬ ‫غضبه‬ ‫هل ميكننا نفي وجود اإلله ؟ (نعم)‬
‫دون متييز او النظر إيل اخالقهم وعليه فإنه ميكن ان ننفي وجود هذا اإلله من‬
‫‪ -1‬املالحظة ‪observation‬‬ ‫خالل صفاته التي هي اساس هذا االدعاء مثالً ادعاء ان هناك «كائن ‪/‬اإلله» يهتّم‬
‫لديك مالحظات لشئ وتريد التع ّرف عيل ماه ّيته‪.‬‬ ‫بالنواحي األخالق ّية وانه معني بالشؤون الداخل ّية لإلنسان ليس من الصعب اثباته‬
‫‪ -2‬وضع فرضيّات ‪hypothesis‬‬ ‫او نفيه من خالل املالحظة كام يزعمون ‪،‬كال األمر خاضع للتجربة كام ت ّم يف‬ ‫«‪There is one thing even more vital to science than intelligent methods; and that‬‬
‫محاولة وضع وصف مبديئ‪ ،‬او العديد من الفرض ّيات‪ ،‬التي تنسجم وتتاميش مع‬ ‫الدراسة السابقة ‪ ،‬او حتّي النظر إيل تلك الكوراث الطبيع ّية التي يتم توزيعها‬ ‫‪is, the sincere desire to find out the truth, whatever it may be.» Charles Sanders‬‬
‫املالحظة ‪.‬‬ ‫بشكل عشوايئ ‪ ،‬فضالً عن وجود عيوب يف التصميم ودون املستوى األمثل يف‬ ‫‪Pierce‬‬
‫‪ -3‬التوقعات ‪predictions‬‬ ‫الكائنات البيولوجيّة السيام مع تشكل املالحظات اإلضافيّة التي يصعب التوفيق‬ ‫«هناك يشء واحد أكرث حيويّة للعلم من الطرق الذك ّية‪ ،‬وهو ‪ :‬الرغبة الصادقة يف معرفة الحقيقة‪ ،‬مهام كانت «‪ .‬تشارلز ساندرز بريس‬
‫‪ .‬استخدام تلك الفرض ّيات لوضع التوقعات مل َسيصبح عليه ذاك الشئ الذي‬ ‫بينها وبني وجود مصمم ذيك وخارق كام وضّ حت يف موضوع «التصميم الذيكّ ‪VS‬‬
‫تشاهده ‪.‬‬ ‫اإلنتخاب الطبيعي « ناهيكم عن أن أكرث من ‪ 99‬يف املئة من جميع األنواع التي‬
‫‪ -4‬اإلختبار ‪Test‬‬ ‫وجدت عىل األرض قد انقرضت‪ .‬وعالوة عىل ذلك‪ ،‬فإن السلسلة الغذائية بأكملها‪،‬‬ ‫هو أن الله يكاد يكون ‪-‬من املؤكد‪ -‬غري موجود(أي وجوده ليس واردا ً )‪ ،‬فمن‬ ‫إن مشكلة وجود اإلله ليست مشكلة يف حد ذاتها فقط ألنها تعترب من امليتافيزيقيا‬
‫والتي تتميز باالفرتاس والتطفل‪ ،‬هو تعبري واضح عن وحشيّة غري مكرتثة للطبيعة‬ ‫الواضح أن دوكينز ال ينظر إيل الله عيل انه غري قابل للدحض او اإلثبات مبعني‬ ‫‪ ،‬ولكن لكونها إدعاء عريض ال سقف له ‪ ،‬رمبا يذهب الدينيّون إيل ما هو أبعد من‬
‫اختبار تلك التنبؤات من خالل التجارب أو مالحظات إضافية وتعديل الفرضيّات‬ ‫ووضّ حت ذلك يف موضوع «الله بني األلوهيّة والساديّة» ولكن إن كان األمر مج ّرد‬ ‫آخر ‪ :‬املثل الشهري لـ»برتراند راسل» بشأن ادعاء أن هناك إبريق شاي صيني يف‬ ‫املادي حولنا‬
‫ّ‬ ‫ذلك ‪ ،‬وأ ّن العقل قارص ومن ث ّم يشكّكون يف حكمنا حتّي عيل العامل‬
‫يف ضوء النتائج إلستبعاد أو وضع فرض ّية جديدة‪.‬‬ ‫البحث عن بدائل مل يضعه العلم التجريبي ‪ ،‬دون اإللتزام بهذا املنهج وقبِلنا مجرد‬ ‫مدار ما حول الشمس ‪،‬فعىل الرغم من عدم وجود أدلة مبارشة لصالح أو ضد‬ ‫‪ ،‬واننا ال ميكننا الوصول إيل أي حقيقة سواء كانت ماديّة ام ميتافيزيقيّة‪ ،‬وعليه فإن‬
‫احتامل تفسري بديل [أي فرضيّة وجود إله] كأسباب كافية للتخيل عن اي نظريّة‬ ‫هذا اإلبريق ‪،‬ميكننا ان نضع حكامً منطق ّياً لتقييمٍ مسبق أن هذا االدعاء غري‬ ‫قض ّية اإلله تعترب ‪-‬وفق عقديتهم‪ -‬شئ ال ميكننا نفيه مهام ت ّوفرت األدلّة عيل ذلك‬
‫‪ -5‬يت ّم تكرار الخطوات ‪ 3‬و ‪ 4‬حتى الحصول عيل موافقة تا ّمة للفرض ّية والتجربة‬ ‫علم ّية او انهام ال يتناقضان وكل يف مجاله فنحن هنا لن نلتزم بأي فرض ّية عىل‬ ‫صحيح‪ .‬وبالتايل فجميعنا ملحدين بهذا اإلبريق ولسنا الأدريني‪ ،‬فعىل الرغم من‬ ‫‪ ،‬فاإلله ال شئ ينفي وجوده ‪ .‬إن هذا الزعم وتلك املصادرات هي عبارة عن كُتلِ‬
‫مع الواقع الذي تالحظة ‪.‬مع عدم وجود أيّة تباينات بني الفرضيّة والتجربة و‪/‬‬ ‫اإلطالق‪ ،‬وذلك ألن البدائل ستكون النهائيّة فاإلله هو افرتاض ناتج من تعميم ‪،‬‬ ‫أن إبريق الشاي غري مف ّند‪ ،‬فال أحد يعتقد يف وجوده ألنه ال يوجد أدلة عىل ذلك‪،‬‬ ‫من اإلميان واليقني األعمي ‪ ،‬ليس فقط لعدم توفر اثبات لها ‪ ،‬بل ألنها ال تقبل أي‬
‫أو املراقبة‪.‬‬ ‫ت ّولد لدينا من خالل وهم وخلط مل نراه فالسيارة لها صانع ألننا نري ذلك من خالل‬ ‫وسيكون من العبث إنشاء فلسفة تسمح بإمكان ّية وجود ابريق شاي واننا‬ ‫دليلِ ينفي صحتّها ‪ ،‬وح ّجتهم أنّ» وجود اإلله» ال يخضع للبحث العلمي ألن العلم‬
‫عندما يتم الحصول عىل تلك الفرض ّية التي تتوافق بشكل كامل مع املالحظة‬ ‫املصانع‪ ،‬والباب له صانع ألننا نري الن ّجار ‪ ،‬ولكن ملاذا نعتقد ان الكون له صانع ؟!‬ ‫عاجزين عن دحض هذا األبريق العظيم ! ولكن درجة الشك تقل وتزيد وفقاً‬ ‫وطريقته التجريبيّة ببساطة ال ميكنها (بالطرق الطبيعيّة) الفصل يف قضية اإلله أو‬
‫وميكن ان تتنبأ مبا يحدث تصبح نظريّة وتقدم مجموعة مرتابطة من املقرتحات‬ ‫ال ميكن ان نقول هذا إال لو رأينا هذا الصانع يصنع هذا الكون ‪ ،‬او ان هذا الكون‬ ‫لإلدعاء ‪ ،‬فعندما ادعي انني امتلك س ّيارة سيكون طلب الربهان والدليل عيل ذلك‬ ‫أي شئ ما ورايئ ‪ ،‬هناك العديد من الفلسفات التي ت ّم إنشاؤها خصيصاً لت ّربر‬
‫التي ترشح فئة من الظواهر التي سبق وت ّم مالحظتها ‪.‬‬ ‫داخل مصنع ما ‪ ،‬وإال فاإلحتامالت النهائ ّية قد نكون محاكاة حاسوب ّية ‪ ،‬وقد نكون‬ ‫ضعيفاً حيث ان اشخاص كثريين مثيل ميتلكون س ّيارات ‪ ،‬ا ّما عندما ادعي انني‬ ‫غياب األدلة وتشكك يف قدرتنا عيل الحكم والفصل يف اي قض ّية ماورائ ّية ‪ ،‬هذه‬
‫ولهذا فإن القوانني الفيزيائيّة وتطبيقاتها تعمل يف اي عرص ميكن ان نعود إليه‬ ‫تجربة ألحد الكائنات الفضائيّة ‪ ،‬وقد نكون يف حلم احدهم وال وجود لنا حقيقة ‪،‬‬ ‫نووي ‪ ،‬فهنا درجة الشك تزيد واملطالبة بالدليل والربهان تزيد ‪،‬‬
‫امتلك مرشوع ّ‬ ‫الفلسفات كالفلسفة اإلسالميّة ‪-‬بكل تأكيد‪ -‬ال تثبت وجود اإلله ‪ ،‬بل كل ما تفعله‬
‫الديني ال مينحنا اجابة غاضمة وتص ّور‬ ‫‪،‬بخالف اإلدعاءات الدينيّة ‪ ،‬فالجانب‬ ‫وقد يكون الكون هو ما نقصده باإلله نفسه ‪ ،‬كل هذا حتّي ميكننا تجريبه ‪ ،‬نعم‬ ‫والحكم األ ّويل هو انني ادعي ادعاء كاذب ‪ ،‬ولذا ومن باب أوىل‪ ،‬ال ينبغي ألحد‬ ‫مخصصة للحديث عن تلك‬ ‫هو تربير العجز عن تقديم أي اثبات ‪ ،‬ولهذا فهي ّ‬
‫ّ‬
‫غامض فحسب! بل اجابته خطأ ‪ ،‬األرض مسطحة ‪ ،‬اإلنسان من نسب امرأة ورجل‬ ‫ميكن لكل هذه الفرض ّيات ان تخضع للبحث العلمي ألنه يف حالة ما إذا كنا محاكاة‬ ‫أن يؤمن باإلله أو األرواح ملجرد أن وجودها مل يت ّم دحضه نهائياً عيل ال ّرغم من‬ ‫املاورائيّات ‪ ،‬فهي مج ّرد عبارات إنشائيّة متت صياغتها لتعبرّ عن عجز هؤالء‬
‫وجدا بطريقة جال جال ! ‪ ،‬فهي اجابات ليست صحيحة وال مي ّر باملراحل إذن هو ال‬ ‫تعقب هذه اإلخطاء‬ ‫حاسوبيّة فحتامً ستوجد اخطاء وفشل يف النظام وميكننا‬ ‫كونها تنتهك القوانني الفيزيائ ّية املعروفة‪ ،‬والتي باألصل تشكل كم ّية هائلة من‬ ‫األشخاص فرشعوا يف اخرتاع اشياء غري مربهنة او مثبتة كالتسليم بفرض ّية العلّة‬
‫ّ‬
‫مينحنا طرق بعينها للتأكد من اإلجابة ! ‪ ،‬ال يقبل الطرق العلم ّية ‪،‬ال يرتاجع حني‬ ‫والبحث عنها ‪ ،‬ولكن القول بأن هذه الفرض ّية غري خاضعة لإلختبار او اإلثبات او‬ ‫األدلة ضدهم ‪ ،‬ولكن ان غياب الدليل هنا وحده ميكن أن يكون بالفعل الدليل‬ ‫األويل عيل كونها علّة ال تحتاج إيل معلول ‪ ،‬وأن سلسلة السبب ّية تت ّوقف عندها ‪،‬‬
‫ال تصلح إجابته للتطبيق ! ‪ ،‬يتامدي يف اإلدعاءات والسخافات حني نثبت خطأ‬ ‫الديني هنا يجب‬ ‫النفي هو مج ّرد هروب ومحاولة بائسة لتغطية عورتها فقط الن‬ ‫عىل عدم الوجود ‪ ،‬أي عند عدم وجود أدلة ت ّؤيد ادعاء ما فهو باطل ‪.‬ولكن وكر ِد‬ ‫ورمبا يذهبون إيل ماهو ابعد من هذا وأ ّن هذه العلّة األويل هي التي تتبّبت يف‬
‫ّ‬
‫إجابته ! لنرضب مثاالً يوضّ ح كيف ميكننا ان ننفي ادعاء وجود شئ ماورايئ ‪ ،‬وفقاً‬ ‫ً‬
‫التجريبي ضاربا كل ما‬ ‫عليه ان يعرتف بانه يريد اإلعتقاد مخالفاً املنهج العلمي‬ ‫عيل تلك الفلسفات التي تحاول ان تضع هالة مزيّفة حول وجود اإلله بإعتباره‬ ‫هذه السبب ّية ولهذا فال تخضع لها ‪ ،‬وال يجب ان نحكم عليها من منطلق هذا ‪ ،‬ألن‬
‫ّ‬
‫للطريقة العلم ّية السابقة ‪ ،‬انت يف منزل ما ‪ ،‬جاهل بكل القوانني الفيزيائ ّية ‪ ،‬ثم‬ ‫يؤكّد عدم وجود إله عرض الحائط والتي هي من اساس تلك الفرض ّية الدين ّية ‪ ،‬غري‬ ‫ميتافيزيقيا ولهذا ال ميكننا قياسه باألدلة املاديّة يلخصه دوكنز يف جملة واحدة‬ ‫القوانني « الزمان واملكان «هام باألصل نتجا عن تلك العلّة األويل التي هي اإلله‬
‫وجدت اوراق تتطاير يف انحاء منزلك إذن لديك [املالحظة ‪ ]observation‬و هنا‬ ‫ممتلكاً ألي دليل يدعم موقفه ‪ ،‬ويحتفظ بهذا اإلعتقاد داخله كالذي يعتقد بأن‬ ‫«وجود الله هو فرض ّية علم ّية مثل أي فرض ّيةأخرى «( ص ‪ 50‬نفس الكتاب‬ ‫عندهم ‪،‬كل هذا من اجل محاولة اثبات أن ما هو «خارق‪ /‬ماورا ّيئ» غري قابل‬
‫ميكنك وضع فرض ّياتك [‪ ]hypothesis‬لتكن (عفريت) يعبث معك ‪ ،‬اآلن جاء‬ ‫سانتاكلوز يرسل له الهدايا ‪.‬فالحقيقة حتّي سانتا كلوز ميكن ان يخضع للتجربة ‪،‬‬ ‫السابق) فالحقيقة انّهم ليسوا فقط يضعون مصادراتهم عن العلم ‪ ،‬وينفونه يف‬ ‫التجريبي يعمل يف مجاله ‪ ،‬والدين يف‬
‫ّ‬ ‫لإلختبار ولذلك يجب ان نرتك منهج العلم‬
‫دور[التوقعات ‪ ،] predictions‬تت ّوقع ان هذه األوراق قد تتطاير يف اي وقت‬ ‫مثله مثل أي شئ ماورايئ ميكننا التحقق من آثاره يف هذا الواقع املادي وإال فهو‬ ‫حيّز ضيّق ومن ث ّم يفصلونه عن اإلدعاءات الدينيّة حتّي يثبتوا انه الميكن للعلم‬ ‫مجاله املاورايئ وأن ال تعارض بينهام وكالهام صحيح ! ما اعنيه هنا بقابل لإلختبار‬
‫باختالف الظروف البيئيّة‪ ،‬او تغيري هيئة املنزل كإغالق النوافذ واألبواب ثم تقوم‬ ‫غري موجود ‪ ،‬ناهكيم عن ان الغري مادي «ماورايئ» هو عبارة عن فراغ تام خا ِل من‬ ‫ان يقول كلمته فيها ثم يجب ان يرتك العلم املجال للدين وبنا ًء عليه اإلله موجود‬ ‫هو أن ميتلك اإلدعاء ‪ /‬الفرض ّية دليالً من أي نوع ميكن التحقّق منه سواء كان هذا‬
‫بـ [اإلختبار ‪ ]Test‬حسناً ‪ ،‬حتامً ستخالف نتائج هذا اإلختبار فرض ّيتك‪ ،‬حيث‬ ‫املادة‪ ،‬والفراغ التام هو الالوجود‪ -‬الغري موجود‪ ،-‬وعليه فإن الغري مادي والغري‬ ‫الديني ‪ ،‬ولكن هذا خاطئ وكام يقول دوكنز « الكون من قبل‬ ‫ّ‬ ‫ضمن هذا املجال‬ ‫الدليل لصالحه أو ضده ولكن أنه فقط و ملجرد أننا ال نستطيع دحض ادعاء نهائياً‬
‫اننا نعلم ان األوراق تتطاير بسبب الهواء وليس العفريت ‪ ،‬هنا الجانب الديني‬ ‫موجود شئ واحد ال فرق بينهام ‪ ،‬وهنا يجب ان نري ونستطيع اختبار تأثريات لهذا‬ ‫خالق ذيك خارق هو نوع مختلف جدا ً عن الكون بدون «( ص ‪ ، )58‬ولهذا فإن‬ ‫من تلك اإلدعاءات املاورائ ّية (مثل االدعاء بأن «الجن موجود )‪ ،‬ال يعني أنه ينبغي‬
‫متاماً كهذا املثال‪ ،‬فعيل ال ّرغم من انه بالطرق العلم ّية ستت ّوصل إيل ان الهواء‬ ‫املاورايئ ‪ ،‬كحال اإلله و استجابته للدعاء ‪ ،‬او حدوث اشياء ال تخضع لقوانينا‬ ‫احتامل ص ّحة فرض ّية ما ميكن تقييمها علم ّياً ليس فقط من خالل نتائجها املاديّة‬ ‫علينا أن نؤمن بأن الجن رمبا يكون موجود يف الواقع‪ ،‬فالفرض ّيات يف العلم ‪ ،‬بغض‬
‫هو السبب ‪ ،‬إال انه ال يتخليّ عن وجود العفريت‪ ،‬سواء اختربت األمر واغلقت‬ ‫الفيزيائيّة او حتّي هذا الواقع املادي ككل ‪ ،‬فاملذي مينع اإلله من ان يستجيب‬ ‫ولكن ايضاً من خالل توافقها مع مالدينا من نظريات علميّة ‪ ،‬فوجود اإلله ليس‬ ‫النظر عماّ إذا كانت تتعلق بالظواهر «الطبيعيّة» أو «الخارقة للطبيعة»‪،‬ال ميكن ان‬
‫النوافذ ومل تتطاير فسيقول لك قول» الغزايل» الذي ينكر ويرفض رضورة الرتابط‬ ‫ويقوم بإمناء طرف لعبد من عباده ؟! هل هذا حدث عيل م ّر التاريخ ؟ هل حدث‬ ‫واردا ً ‪ ،‬وليس ايضاً غري قابالً لإلختبار او انه ال ميكن ان يحكم عليه العلم‬ ‫يتم اثباتها او دحضها بشكل نها ّيئ فالهدف النها ّيئ للعلم هو تفسري العامل من خالل‬
‫التجريبي ككل ويدعي عدم وجود رضورة التالزم بني الظواهر وأسبابها‬ ‫‪ ،‬والعلم‬ ‫شيئاً ما‪ -‬حقيقة‪ -‬يدل عيل ان هناك شيئاً ما ماورايئ ؟ ! إن كان نعم فام هو وأين‬ ‫والتجريب‪ ،‬كال فعىل سبيل املثال ال الحرص‪ .‬وفقا لألديان فإن فرضية أن الله‬ ‫النامذج التي تدعمها األدلة املتوفّرة‪،‬فرمبا دليل جديد يتعارض مع النامذج املقبولة‬
‫ّ‬
‫الن [العفريت ]يفعل ما يشاء إن شاء حدث وإن مل يشأ مل يحدث اي انه يف‬ ‫الدليل؟ ‪ ،‬وإن كان ال ‪ ،‬فلامذا اإلعتقاد إذن بوجوده طاملا انه غري مادي وليس له‬ ‫موجود يعني أنه قد خلق الكون مبا ورد بها ‪-‬أي بالكتب الخاصة باألديان‪-‬وهذا‬ ‫لدينا حالياً‪،‬ولذا ال ميكن أن تثبت فرض ّية أو نظريّة علم ّية عىل وجه اليقني أو تكون‬
‫حالة ما إذا قمت بتصنيع هواء ووضعت األوراق لتتطاير فلن ينفي هذا وجود‬ ‫املادي ؟؟ انه فقط للهروب من مسلسل السبب ّية كام يقول الفيلسوف‬ ‫آثار يف عاملا‬ ‫يختص به العلم ولذا فإن كل ما يتناقض بشكل قاطع مع املالحظات املاديّة بشأن‬ ‫غري قابلة للتكذيب «‪ . »falsification‬فالفرضيات و النظريات العلم ّية هي بال‬
‫ّ‬
‫عفريت الغزايل ‪ ،‬ولكن هذا ال يعني ان العلم قد نفي وجود العفريت واستبعد‬ ‫«توماس ناجل» ‪ « ،‬فمن املؤكد ‪ ...‬التناقض إىل مسلمة العلة األويل كوسيلة للهروب‬ ‫كيفيّة الخلق ينفي وجود هذا اإلله ‪ ،‬ولهذا فبكل تأكيد وجود اإلله هو فرضيّة‬ ‫شك ‪ .defensible‬ولكن الفرضيّات والتي ال ميكننا الفصل فيها ميكننا التعبري عنها‬
‫احتامليّة تواجده بل بينّ وفسرّ الظاهرة ‪ ،‬ولكن كام ذكرت هذا اإلدعاء ال سقف‬ ‫من حلقات من سلسلة النهائية‪.‬وإذا كان كل يشء يجب أن يكون له سبب‪ ،‬ملاذا ال‬ ‫علم ّية ميكن التحقق منها من خالل آثارها التي من خاللها ميكن تأكيدها او نفيها‬ ‫مبجموعة متدرجة من االحتامالت ترتاوح بني اليقني الكامل وما يقرب ‪50-50‬‬
‫له ‪ ،‬فتجده يقول لك وملاذا يفعل الهواء هذا ؟ انا اعلم ان العفريت يعبث معي‬ ‫يتطلّب اإلله الخاص بك واحدا ً ؟ الجواب هو معيار أنه ال يحتاج أي سبب ‪ ،‬ألنه‬ ‫وذلك من األدلة املتاحة ‪،‬فالعلم يتقدّم وكلام تقدّم تناقض مع اساطري الدين ‪ ،‬بل‬ ‫وانتها ًء بالشك الكامل وكام يقول دوكينز يف كتابه «وهم اإلله» ال يهم ما إذا كان‬
‫لكن ملاذا يفعل الهواء ذلك ؟! نقول له ال يهم العلم اإلجابة عيل سؤالك املسبوق‬ ‫هو الذي تسبّب فيه‪ .‬ولكن إذا كان الله ميكن أن يكون سبب ذايت ‪ ،‬ملاذا ال يكون‬ ‫واصبح العلم اآلن يهتم بأسئلة ويجيب عليها رغم انها كانت تعترب ميتافيزيقيا يف‬ ‫الله غري قابل للدحض او اإلثبات (هو ليس كذلك ) ولكن مايهم إذا كان وجوده‬
‫بـ «ملــاذا» ‪ ،‬العلم يهتم فقط باألسئلة املسبوقة بـ «كيــف» واجاب ونفي وجود‬ ‫العامل نفسه سببه ذاتياً ؟ « ‪.‬‬ ‫السابق‪ ،‬فالعلم قادر عيل معرفة الحقيقة والباطل ومثال الختبار تجريبي للتدليل‬ ‫ممكناً & فحتى لو مل يثبت وجود الله أو ت ّم دحضه عىل وجه اليقني ‪ ،‬بطريقة أو‬
‫عفريتك ‪ ،‬فلامذا تظل تت ّمسك به !؟‬ ‫عىل ذلك ذكره دوكينز ‪،‬التحقيق من الدعاء وفاعليّته عىل النتائج الصحيّة للمرىض‬ ‫بعيد عن ‪ 50‬يف‬‫بأخرى ‪ ،‬فإن األدلة املتاحة والتفكري يسفران عن تقدير احتام ِل ِ‬
‫ولهذا فإن اإلجابة العلميّة تصلح للتطبيق واإلختبار ‪ ،‬وميكنها الفصل يف قضيّة‬ ‫ولهذا فإن اإلجابة عيل السؤال «هل ميكننا نفي وجود اإلله ؟» هي نعم وبكل‬ ‫الذين سيخضعون لعمل ّية جراح ّية‪ ،‬أظهرت الدراسة التي نرشت يف دورية القلب‬ ‫املائة(ص ‪ )54‬فحقيقة أننا ال ميكننا اثبات او دحض جود يشء ما ال يعني بالرضورة‬
‫وجود هذا اإلله واشياؤه املاورائ ّية‪ ،‬واجابته ‪ -‬حتّي اآلن ‪ -‬هي بكل تأكيد انّه[غري‬ ‫تأكيد ‪ ،‬وان كون علمنا محدود وعقلنا قارص ماهو إال هروب وترقيع ليس إال‬ ‫األمريكيّة وبتمويل من مؤسسة جون متبلتون‪ ،‬التي تدعم البحوث الروحانيّة‪ ،‬ان‬ ‫وضع احتامل وجوده وعدم وجوده بنفس املقدار ‪ ،‬وهكذا ملجرد أن شيئاً ما ممكناً‬
‫موجود]‪.‬‬ ‫‪ ،‬بل ولو نظرنا إيل هذا األفرتاض سنجده باألصل قامئاً عيل جهل سابق ‪ ،‬فمن‬ ‫هناك اختالف كبري يف نتائج االنتعاش بني املرىض الذين كانوا يدعون لهم وأولئك‬ ‫ال يعني أنه محتمالً وباملثل ملجرد انه مل يتم دحض شيئاً ال يعني أن هناك ما يربر‬
‫الذين مل يكن يت ّم الدعاء لهم يف الواقع كان أداء االشخاص الذين يعرفون أنه يتم‬ ‫اإلعتقاد بأنه موجود ‪ ،‬لكن ما يقصده «دوكنز» هنا وكام األطروحة األساس ّية لكتابه‬

‫‪24‬‬ ‫‪23‬‬
‫كشف املستور عن تقديس االديان للصخور‪!!..‬‬
‫كشف املستور عن تقديس االديان للصخور‪!!..‬‬
‫ميثل الشكل البيضاوي أيض اً كرمز لالنوثة االهليّ ة ‪ ،‬أو الفرج‬
‫االهلي وحتيط به هالة من الضوء ‪ ،‬وأيض اً كرم زاً للخصوبة كما‬‫ّ‬
‫يف اهلندوسيّ ة القدمية فنجد الـ (يوين أو ‪ )6( )Yoni‬تستخدم‬ ‫كشف املستور عن تقديس االديان للصخور‪!!..‬‬
‫هذا الرمز كتعبري عن مهبل االهلة االنثي وميثل اخلصب واالجناب‬
‫فيقدسون هذا الرمز وجندة يف الكثري من املعابد اهلنديّة ‪ ،‬أنتقلت‬
‫هذه الرموز إيل العرب ‪ ،‬فنجدهم قدسوا االحجار وبنوا مثل‬
‫هذه املعابد ‪ ،‬وكانت عبادهتم مرتبطة بعبادة الالت وهو يعين‬
‫«االهل ��ة» وهي ثالثة اهلة علي غ �رار االل ��ه القمري لدي اليونان‬ ‫ان الرمز «عنخ» (‪ )1‬الذي يرمز إيل احلياة االبدية عند قدماء املصريني ‪ ،‬والذي كان حيملة االهلة وامللوك ‪ ،‬إمنا يرمز باالساس لوحدة‬
‫«كور ‪ -‬دميرت‪ -‬هيكات» وكانت متثل ثالوث اً انثويّاً هي واإلهلتني‬ ‫اإلناث والذكور طبق اً لد راسة أج راها توماس إمنان ‪ ،‬واليت نشرت ألول مرة يف عام ‪ .1869‬وهلذا فإن اجلزء البيضاوي ميثل املؤنث بينما‬
‫مناة والعزى ‪ ،‬عبدها العرب وباخلصوص ممن سكن مكة وما‬ ‫اجلزء االخر ميثل املذكر ومها أجتماع لـ‪ :‬إيزيس وأوزيريس أصل احلياة !‬
‫جاورها من املدن والقرى وكذلك األنباط وأهل مملكة احلضر‪ .‬وكانوا يعتقدون أن الثالثة بنات اهلل‪ ،‬هلذا جند القرآن يقول « ألكم‬ ‫جند أيض اً الشكل اهلندسي أو ما يسمي (‪ )Vesica piscis()2‬وهو كما يرتجم حرفي اً من اللغة الالتينيّ ة (مثانة االمس ��اك) وهو‬
‫الذكر وله األنثى تلك إذا قسمة ضيزى (سورة النجم)‪.‬‬ ‫والروحي‬ ‫املادي‬ ‫الشكل الناتج من تقاطع دائرتني ‪ ،‬ميثالن التقاء أو تقاطع بني العاملني‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وكما جند يف اهلندوسيّ ة أو عبادات اليوين أن هذا الرمز يعترب معبد الرحم املقدس‪.‬‬

‫نالحظ وج ��ود هن ��ر الكاجنر امل ��ق ��دس يف اهلند ‪،‬وك ��ذا ق ��ص الشعر‬
‫ل ��ب ��دء ح ��ي ��اة ج ��دي ��دة خالية م ��ن ال ��ذن ��وب وه ��ذه ال ��ط ��ق ��وس تتم يف‬
‫امل ��ه ��رج ��ان ال ��ذي ي ��ق ��ام سنويّا يف والي ��ة «اس ��ام» اهلندية ‪ ،‬ويفتح‬
‫امل ��ع ��ب ��د ليستقبل احل ��ج ��اج وامل ��ص ��ل�ين ‪ ،‬وي ��ع ��د ه ��ذا امل ��ع ��ب ��د أك�بر‬
‫االم ��اك ��ن ال �ت�ي ي ��ت ��م احل ��ج ال ��ي ��ه ��ا س ��ن ��ويّ��ا يف ال ��ع ��امل ‪.‬وي ��ذه ��ب اليها‬
‫املاليني كل عام ويستمر احلج اربعة اي ��ام وي ��زوره تقريب اً مايزيد‬ ‫(‪)Vesica piscis‬‬
‫عن املائة ألف (‪ )100.000‬حاج يومي اً ‪،‬ال يعترب الفرد أمت العبادة‬
‫ح�تى يتم إك ��م ��ال ال ��ط ��واف يف اجت ��اه ع ��ق ��ارب الساعة ‪ ،‬كما جند‬ ‫يف االديان الوثنيّ ة ميثل هذا الرمز العامل املادي من جهة والعامل الروحي من جهة أخرى وما بينهما هو (جسر بني السماء واألرض )‬
‫باالسالم تقريب اً نفس الطقوس من قص الشعر وشرب مياة زمزم ‪،‬‬ ‫كان تقديس هذا الرمز يف مجيع االديان الوثنية القدمية فنجد االله (شيفا) يف اهلندوسيّ ة (‪ )3‬وهو أحد اآلهلة يف الثالثوث اهلندوسي‬
‫والطواف ولو نظرنا جيداً إيل احلجر االسود لوجدناه عبارة عن امتداد لالديان (‪ Yoni‬ياين) فاالطار الفضي ميثل املهبل ‪ ،‬ويتوسطة‬ ‫البيضاوي ‪ .‬جند تطابق هذا الثالثوث‬ ‫أو ما يسمي الرتميوريت(‪ )4‬إىل جانب ب رامها اخلالق وفيشنو احلافظ ‪ ،‬وكان يرمز له هبذا الشكل‬
‫ّ‬
‫احلجر البظر كما باليوين روين ‪.‬‬ ‫بالثالوث املقدس يف املسيحيّ ة ‪ ،‬باالضافة إيل استخدام‬
‫نفس الرمز‬
‫انتقل ه ��ذا ال ��رم ��ز إيل املسيحية وه ��و ي ��رم ��ز إيل (ي ��س ��وع)‬
‫كان لالت(‪ )7‬بيت مشيد يف الطائف تسري العرب إليه ويضاهي‬ ‫أبن اهلل ‪ ،‬واعتمد املسيحيون االوائل هذا الرمز كنوع من‬
‫أه ��ل الطائف به الكعبة‪ ،‬وكانوا يسمونه بيت ال ��ربّ��ة‪ .‬وك ��ان له‬ ‫الشفرة السريّة لتعرف فيما بينهم ليتجنبوا االضطهاد‬
‫وح َج بَ ة ‪ .‬وكانت السدانة آلل أيب العاص بن أيب يسار‬ ‫كسوة َ‬ ‫كما انه يعترب ممر بني السماء واالرض عن طريق صعود‬
‫ب ��ن م ��ال ��ك ول ��ب�ني ع ��تّ ��اب ب ��ن م ��ال ��ك‪ ،‬وك�لامه ��ا أس ��رت ��ان ثريتان من‬ ‫يسوع إيل السماء ‪ ،‬وأيت هذا الرمز كاقتباس مباشر من‬
‫ثقيف‪ .‬وكان لالت أيضا واديا يدعونه َح َرم الربة ال يُقطع شجره‬ ‫ال �ـ(‪ ، )Vesica piscis‬وكان يستخدم هذا الرمز أيض اً‬
‫وال يصاد حيوانه ومن دخله فهو آم ��ن‪ .‬و كانت العرب تعظم‬ ‫يف حضارة اسيا جند االهلة‬
‫الالت ويتقربون إليها وكان الثقفيون إذا قدموا من سفر ساروا‬ ‫كوبيلي أو (بالالتينية‪ )CYBELE :‬وهي إهلة لشعوب‬
‫إىل الالت ليقدموا شكرهم هلا‪.‬‬ ‫آسيا الصغرى (‪ )5‬وهي معبودة من أغلب شعوب املنطقة‬
‫والعادة الشهرية عند النساء تقريب اُ كل ‪ 28‬يوم اً ‪ ،‬وكذا الشهر‬ ‫ومساها الرومان ماغنا ماتر ديوم إيدايا (بالالتينية‪ )Magna Deum Mater Idaea:‬أو أم اآلهلة العظيمة اإليدايانية‪ ،‬وكانت‬
‫القمر ي ‪ 28‬ومبا أن املهبل مقدس ‪ ،‬مت تقديس القمر وأصبح‬ ‫عبادهتا متمركزة يف فرجييا ووجدت طريقها إىل اليونان لكنها مل تنتشر وكان هذا يف بدايات القرن السادس قبل امليالد إيل أن دخلت‬
‫اهلالل رمز هلذه االديان(‪)8‬‬ ‫روما يف ‪ 204‬ق‪ .‬م حيث حظيت بأمهية كبرية ‪.‬ويرمز هلا هبذا الشكل البيضاوي ‪.‬‬

‫‪26‬‬ ‫‪25‬‬
‫كشف املستور عن تقديس االديان للصخور‪!!..‬‬
‫كشف املستور عن تقديس االديان للصخور‪!!..‬‬

‫ومما يدل علي ان هذه الكعبات كانت عبادة‬


‫م ��ه ��ب ��ل ��يّ ��ة ه ��و ق ��ول أب ��و ب ��ك ��ر مل ��س ��ع ��ود الثقفي‬
‫وكانت ثقيف يعبدون الالت (امصص ببظر‬
‫الالت) (‪)9‬‬
‫وكانت طقوس تقبيل وحلس املهبل يف املعابد‬
‫شائعة يف ذلك الوقت‪ ،‬هلذا جند أن حممد قبل‬
‫احلجر االسود‪.‬‬

‫وهذا يوضح لنا ملاذا جلبت قريش االسدال االسود من املني‬


‫‪ ،‬وذل ��ك لتغطية احلجر االس ��ود (مهبل اهلل) وكما ذك ��رت يف‬
‫موضوع سابق‬
‫بعنوان (ي ��وم اشتعلت ال ��ن ��ار يف أرض ال ��رم ��ال ‪ )!!..‬ت ��ب�ّي�نّ أن‬
‫احلجر االسود ماهو إال بقايا نيزك سقط من الفضاء ‪ ،‬واختد‬
‫من ذلك النيزك العرب مجيع الكعبات اليت قدوسها ‪ ،‬كما‬
‫حمم د عليها‬ ‫فعلت قريش بالكعبة وهي الوحيدة اليت وابقي ّ‬
‫‪ ،‬فما هي إال امتداد هلذه االدي ��ان (ي ��وين) أو االدي ��ان املهبليّ ة‬
‫‪ ،‬وعلي ما يبدو أن العرب أخذوا من النيزك قطعة ذو لون‬
‫أبيض ‪ ،‬وبعد ف�ترة من الزمن يتحول ه ��ذا اللون إيل االس ��ود‬
‫وحتول (يف ظنهم ) إيل اللون االسود ‪.‬‬
‫بفعل التأكسد ‪ ،‬وفسر هذا العرب أنه بتقبيل هذا احلجر ميتص الذنوب ‪ّ ،‬‬

‫واستناداً إيل « ‪ « African presence in early Asia‬اجمللد ‪ ،7‬العدد ‪ 1‬ص ‪272‬‬

‫‪28‬‬ ‫‪27‬‬
‫دراسة تربط شدة التدين بضمور جزء من الدماغ‬
‫دراسة تربط شدة التدين بضمور جزء من الدماغ‬

‫يعترب الكثري من الناس أن الدين هو وسيلة مهمة يف التعامل مع التوتر وحاالت اإلكتئاب‪ ,‬كما أن العديد من الد راسات السابقة‬
‫أظهرت اث ��ار مفيدة للتدين على وظائف ال ��دم ��اغ‪ .‬معظم ه ��ذه ال ��د راس ��ات كانت تركز على االث ��ار املباشرة للممارسات الدينية‬
‫كالتأمل والصالة وعدد قليل منها قام بتقييم اثار التدين على املدى الطويل يف الدماغ‪.‬‬
‫الد راسة احلالية ركزت على تأثري التدين يف وظائف وحجم الدماغ ‪ ,‬ولقد أجريت على ‪ 268‬شخصا تتجاوز أعمارهم ‪ 58‬عاما‬
‫كانوا قد أجابوا بشكل سابق على عدة أسئلة تتعلق مبدى أمهية الدين لديهم‪ .‬وهو ما جعل هذه الد راسة فريدة من نوعها برتكيزها‬
‫فقط على األشخاص املتدينني والغري متدينني‪.‬‬
‫نتائج الد راسة أظهرت أن األشخاص الذين إعرتفوا بتعرضهم لتجارب دينية غريت من جمرى حياهتم لديهم ضمور أكرب يف منطقة‬
‫احلصني املسؤولة عن العواطف والذاكرة‪ .‬كما أظهرت النتائج أيضا أن املسيحني الربوتستانت الذين تعرضوا لوالدة روحية جديدة‬
‫باإلضافة للكاثوليك والالدينني لديهم أيضا ضمور يف منطقة احلصني‪.‬‬
‫نتائج هذه الد راسة جاءت مفاجئة بعض الشيء‪ ,‬خصوصا وأن د راسات أخرى أظهرت أن التدين حيسن من الصحة النفسية‪.‬‬
‫الباحثون وضعوا فرضية بأن السبب قد يعود اىل أن األشخاص املتشددين دينيا يواجهون صعوبة يف التأقلم مع اجملتمع واإلندماج فيه‬
‫بشكل طبيعي‪ ,‬كما أن الشعور الدائم بالذنب والتقصري أو اخلوف من العقاب السماوي يزيد من التوتر النفسي‪ .‬هذه األسباب‬
‫ت ��ؤدي اىل زي ��ادة إف �راز هرمون التوتر وال ��ذي ب ��دوره ي ��ؤدي اىل ضمور احلصني الدماغي‪ .‬والشي نفسه يفسر ملا أن الالدينني يعانون‬
‫كذلك من ضمور يف احلصني الدماغي‪.‬‬
‫طبعا الباحثون إعرتفوا بأن هناك عوامل أخرى قد تكون أثرت على نتائج هذه الد راسة كصغر حجم العينة الد راسية أو أن يكون‬
‫هؤالء االشخاص يعانون أساسا من قصور يف احلصني مما دفعهم للتدين أو ترك الدين‪ .‬ولكن يف مجيع االحوال‪ ,‬هذه الد راسة تسلط‬
‫الضوء على مدى تعقيد العالقة بني الدماغ والتدين‪.‬‬

‫ترمجة‪Leonard Zinc :‬‬

‫‪30‬‬ ‫‪29‬‬
‫كشف املستور عن تقديس االديان للصخور‪!!..‬‬
‫كشف املستور عن تقديس االديان للصخور‪!!..‬‬
‫امسع يا بين ‪ ,‬امسع يا أبا هلب ‪:‬‬
‫لقد صنعتك وصنعت حممدا وصنعت مبتدئا فضائلكما ورذائلكما بال أي سبب منكما أو فيكما ‪ ,‬وقد صنعتكما خمتلفني ألن‬
‫االختالف غرض من أغ راضي وتدبري من تدابريي وضرورة من ضرورايت ‪ ,‬فاالختالف بينكما ليس عقوبة ألحدكما وتفضيال لآلخر‬ ‫حوار أبا لهب و اهلل‬
‫‪ .‬لقد خلقت اجلنة والنار واحلقول املثمرة والصحارى والنهر والربكان واألسد والفأرة ‪ ,‬فهل أثيب هذا ألين خلقته افضل وأعاقب‬
‫ذاك ألين خلقته أسوأ أو اقل ؟ بل العدل واملنطق أن افعل العكس ‪ ,‬فالذي خلقته اقل م زايا يستحق عطفي وج زائي اكثر من الذي‬
‫خلقته افضل أو أقوى أو اعظم م زايا ألين قد ضحيت به وقبل التضحية بفدائية صابرة ‪.‬‬
‫فأنت إذا يا أبا هلب جدير أن تنال من الثواب واإلعجاب لدي اكثر مما جيب أن ينال حممد ‪ ,‬الن حكميت قد ضحت بك واختارت‬ ‫هذا الكون ما ضمريه‬
‫أن جتعل منك فدائيا يتعذب لكي يكون عذابه متمما ملنطقي يف هذا الكون ‪ ,‬وواهبا يل سروري وشهوايت ‪ .‬ولو أىن عاقبت بعض‬ ‫روى ال راوون أو ختيل القصاصون أن أبا هلب – ذلك الشريف القرشي الذي رفض اإلميان بالنيب فهجاه القرآن هو وزوجته يف السورة‬
‫خملوقايت أو فضلت بعضها على بعض يف الثواب أو احلب لكنت معاقب اً لنفسي ومفض الً بعضها على بعض ‪ ,‬لو أىن عاقبت إبليس‬ ‫املشهورة – استطاع بعد أن مات بأسلوب من أساليب التسلل أن يلقى اهلل وان يدخل معه أو ضده يف ح ��وار ‪ ,‬فيه كل اإلث ��ارة‬
‫أو أعطيت حممداً أو موسى من األجر ما مل أعط أو أكثر مما أعطي فرعون أو أبا هلب الذي هو أنت لكنت بذلك معاقب اً لبعض‬ ‫والغ رابة والقوة واجلسارة يف مكان متوت فيه كل اجلسارات وتصمت كل الكلمات ويهون فيه كل العقل والشموخ ‪ .‬وقد جرى‬
‫ذايت بالعدوان على خملوقايت ومفض الً لبعض منطقي وحكميت على بعض ‪ ,‬وحم ��والً هذا العقاب والتفضيل إىل عقاب وتفضيل‬ ‫احلوار بينهما خاطف اً عاصفا منتص را منهزما ‪ ,‬كمعركة كونية رهيبة تقع بني الشمس واألرض ‪.‬‬
‫لبعض الناس واىل حتقري لآلخرين ‪.‬‬
‫قال أبو هلب ‪:‬‬
‫أي أبا هلب ‪ ,‬أيها الصديق ‪:‬‬ ‫ي ��ا اهل ��ي مل ��اذا اخ �ت�رت حم ��م ��دا نبيا ومل خت�ترين أن ��ا نبي اً ‪ ,‬ول ��س ��ت اف ��ه ��م أن يف ه ��ذا نقضا‬
‫إين لن أعذب أحدا ألين جعلته خمتلفا عن اآلخرين أو خمالفا هلم ‪ ,‬كما إين لن أعذب‬ ‫حلكمتك أو استعالء على قدرتك ؟ فرد اهلل قائال ‪:‬‬
‫القمر ألين جعلته خمتلف اً عن الشمس ‪ ,‬أو أعذب الصرصار ألين أردت أن يكون أصغر‬ ‫لقد اخرتت حممداً ألن فيه م زايا ليست فيك ‪ ,‬قال أبو هلب‪:‬‬
‫من الفيل ‪ ,‬أو أعذب صفايت ألن بعضها جاء أقوى أو أفضل من بعض ‪ ,‬كما إين لن‬ ‫لقد أجبت مبا كنت أرجو وأتوقع أن جتيب به ‪ ,‬إذن لقد وقعت أيها اإلله العظيم يف‬
‫أعذبك ألين مل أهبك امل زايا اليت حابيت هبا حممداً ‪ ,‬بل لن أسوي بينكما يف املكان‬ ‫املأزق الذي أردته لك أو أردته أنت لنفسك ‪ .‬فمن الذي أعطى حممداً تلك امل زايا اليت‬
‫عندي ‪ ,‬بل سيكون مكانك أعلى وأمجل ألنك قد تعذبت وظلمت يف سبيلي ‪ ,‬يف‬ ‫جعلت منها أيها الكائن العادل سبب اً الختياره ؟ أليس الذي أعطاه إياها هو أنت‬
‫سبيل حتقيقي لذايت ‪ .‬فمن العدل أن تنال التعويض ‪.‬‬ ‫يا اهلي الكبري ؟‬
‫أما حممد فلم يتعذب عذابك يف سبيلي ‪ ,‬بل لقد نال اجملد والتفضيل بال سبب منه‬ ‫إذن لقد أعطيت حممداً مزية ‪ ,‬مث جزيته عليها بالنبوة ‪ ,‬مث جزيته على النبوة بان‬
‫أو فيه ‪ ,‬بل بإراديت اليت ال سبب هلا غري إراديت ‪.‬‬ ‫فضلته على العاملني ‪ ,‬أما أنا فقد حرمتين من تلك املزية مث عاقبتين على حرمانك يل‬
‫إين أريد ألين أريد ‪ ,‬ال ألن ما أريد أفضل مما ال أريد ‪ .‬وكيف ميكن أن يكون شيء‬ ‫حبرمان آخر ‪ ,‬أي بأن منعت عين النبوة ‪ ,‬وجعلتين كاف راً ‪ ,‬مث جعلتين من أهل النار ‪.‬‬
‫أفضل من أي شيء مع أين أنا الكائن قبل كل شيء ؟ فالكينونة كلها مين وبعدي‬ ‫إذن لقد حابيت حممداً حماباة مبتدئة بال سبب سابق ‪ ,‬مث جزيته على هذه احملاباة‬
‫‪ ,‬بل وأن ��ا ال ��ذي أختار أن يكون شيء أفضل من شيء ‪ .‬إن العدل أال يكون حممد‬ ‫مبحاباة ثانية مث ثالثة ‪ ,‬أما أنا فقد ظلمتين مبتدئ اً بال ذنب أو استحقاق سابق ‪ ,‬الن‬
‫مساويا لك يف مكانة املكان يف دار اجل زاء ‪ ,‬ليس من العدل أن يكون من ضحي به‬ ‫البدء هو أنت دائما ‪ ,‬مث جازيتين على ظلمك يل األول بظلم ثان وثالث ‪ -‬انك هبذا‬
‫مثل مكان من ضحي باآلخرين من أجله ‪ ,‬أو من جعل اآلخ ��رون وجعل شقاؤهم‬ ‫تعاقبين مبا فعلت أنت ‪ ,‬وتثيب حممدا مبا فعلت أنت أيضا ‪ .‬وقد كان ممكنا أن تفعل‬
‫وقوداً جملده ‪ ,‬وحسابات يف شهرته ‪ ,‬وصلوات على قربه ‪.‬‬ ‫العكس يا إهلي ‪ ,‬نعم كان ممكنا – وهذا لن خيفى عليك – أن تفعل يل ما فعلته له ‪,‬‬
‫وتفعل له أو به ما فعلته يل أو يب ‪ .‬وأي السلوكني حينئذ هو العدل والذكاء ‪ ,‬وأيهما‬
‫إذن أيها الصديق ‪ ,‬أي أبا هلب ‪:‬‬ ‫هو الظلم والغباء ؟ إن ها هنا ورطة حمتومة ال ميكن اخلروج منها ‪ ,‬إن التفريق بيين‬
‫اذهب واحبث لك عن مكان يف ملكويت أعلى من مكان حممد – أيها الصديق ‪ ,‬أيها الفدائي العظيم يف سبيل إراديت اليت ال أعرف‬ ‫وبينه يف اختيارك وتصرفك شيء ال ميكن أن يكون معقوال أو عادال ما دام البدء هو أنت دائما ‪ .‬انه حمتوم عليك أن تفرق وتفاضل‬
‫كيف تفرض نفسها علي ‪ ,‬وكيف تعذبين وتتحول إىل تعب ريات على اآلخرين ال أدري كيف تتحول ‪ ,‬وبأي منطق تتحول ‪ ,‬وعلى‬ ‫بني األشياء املتساوية بال أي سبب يف نفس األشياء ‪ ,‬إن السبب هو أنت ‪ ,‬فلماذا ؟‬
‫أي قياس تفعل ذلك ‪.‬‬ ‫أيها اإلله لقد حابيت حممدا ثالث م رات لتتحول إىل حماباة دائمة ‪ ,‬وظلمتين ثالث م رات لتتحول إىل ظلم دائم – جزيته على احملاباة‬
‫البادئة بتك رار احملاباة ‪ ,‬وجزيتين على الظلم البادئ بتك رار الظلم ‪ ,‬فأي شيء هذا أيها الرب العظيم ؟ أريد أن أشكرك أو أحاكمك‬
‫قالت القصة ‪:‬‬ ‫إىل منطقك أو إىل أخالقك أو إىل مالئكتك أو إىل البشر أنفسهم ‪ ,‬لدى أية حمكمة من حماكمهم أو قانون من قوانينهم ‪ .‬إن اختيار‬
‫وهنا ضجت املالئكة قائلني ‪ :‬كال ‪ ,‬كال أيها الرب الطيب ‪ ,‬إن هذا سيغري بالفساد وجيعل الناس يرفضون اإلميان واالستقامة ‪,‬‬ ‫حممد هلذه احملاباة املبتدئة ظلم بقدر ما اختياري هلذا الظلم املبتدئ ظلم ‪.‬‬
‫إذ ال شيء حينئذ خيافونه أو يرجونه باالستقامة واإلميان ‪.‬‬ ‫ولو انك وضعت قلبك علي منذ البداية ووضعت بغضك على حممد منذ البداية لكان شيئا معقوال بقدر ما كان العكس معقوالً‬
‫فرد اهلل عليهم قائ الً – وكأنه يفشي سره ألول مرة يف التاريخ ‪:‬‬ ‫‪ ,‬انك لن تستطيع أن تكون معقوال إال بعمل ما به تكون غري معقول ‪ .‬وهذه ورطة ال بد أن يقع فيها كل اخلالقني لألشياء من‬
‫أي مالئكيت ومستشاري عرشي الطيبني ‪ ,‬وهل الناس يؤمنون أو يفعلون الفضيلة خوف اً من العذاب أو حبث اً عن الثواب – أو هل‬ ‫بدايتها ‪ ,‬املستقلني خبلقها ‪.‬‬
‫يكفرون أو يفسقون رفض اً للثواب أو جه الً أو إنكارا لألميان به ؟ إن الناس يفعلون هذا أو هذا حبث اً عن التالؤم مع أنفسهم ومع‬
‫ظروفهم ‪ ,‬وخضوع اً لظروفهم ‪.‬‬ ‫تقول القصة ‪:‬‬
‫وهنا ازداد صوت أىب هلب ومحاسه ارتفاع اً وفحيح اً وحشرجة صاعقة ‪ ,‬بينما غمرت اإلله االبتسامات اليت فيها كل تعب ريات الشعور‬
‫باالقتناع والتواضع واالستحسان واحلرج الباحث عن أي أسلوب من أساليب االستغفار وال رتاجع ال زاخر باحلياء الطيب النبيل ‪.‬‬
‫وقد قال بعد اإلفاقة من الصدمة اهلائلة بلغة فيها من النبل ما جعل الشموس ترجتف رهبة وحب اً وحياء ‪ ,‬ويف بعض الروايات أن‬
‫الدموع هنا قد تسللت من قلبه إىل عينيه إىل خديه حىت لقد شعر أبو هلب بالرثاء واإلشفاق على خصمه ‪ ,‬وبأنه قسا عليه كث ريا ‪:‬‬

‫‪32‬‬ ‫‪31‬‬
‫ليس بالصالة وحدها يحيا اإلنسان‬

‫ليس بالصالة وحدها يحيا اإلنسان‬


‫ليس بالصالة وحدها يحيا اإلنسان‬
‫جورج مارديني‬
‫‪2013-06-10‬‬
‫إ ّن الخطب الرنّانة ايت تُطربنا بها القنوات الدينية يف كل برامجها وتطرح فيها شعارات كاإلسالم هو الحل أو اإلسالم قادم ‪ ,,,‬بعيدة كل البعد عن الواقع الذي نعيشه بل رمبا‬
‫إذا استمرت األمور عىل هذا املنوال فمن غري املستبعد أن يكون الشعار يف املستقبل ‪ :‬اإللحاد هو الحل ‪..‬‬
‫هل هناك ملحدون وال دينيون يف سوريا والعامل العريب ؟ أم ال ؟‬
‫إذا كان جوابك بالنفي فأرجوك ان تتوقف عن القراءة ومتابعة األخبار ألن هذا معناه أنك تعيش يف مدينة موجودة يف الخيال حيث جميع الناس موحدون بالله ومؤمنون‬
‫بأنبيائه ورسله ‪..‬‬
‫الدين يف الحقيقة اقنع البرش بأن هناك رجل خفي يعيش يف السامء يرى كل يشء تفعله ‪ ,,‬وإذا مل تصغي لكالمه فهو لديه مكان ميلء بالنار والعذاب‪ ,,‬حيث سريسلك‬
‫لتعاين وتختنق وتبيك لألبد حتى نهاية الوقت ‪..‬‬
‫كل شخص م ّنا عىل صورته ومثاله‪ ,‬يحبنا كثريا ً ويراقب األشياء من بعيد ‪..‬‬ ‫لقد حاولت فعالً أن أومن بأن هناك إله خلق ّ‬
‫تعيش يوماً عىل هذه األرض كلام رأيت حولك والحظت بأن هناك يشء ما خاطىء‪..‬‬ ‫ولكن للحقيقة أنّه كلام ُ‬
‫حروب‪ ,‬موت‪ ,‬دمار‪ ,‬فقر‪ ,‬فساد‪ ,‬جهل‪ ,‬جرائم‪ ,‬ارهاب والكثري من األمور التي تتناىف مع ما ا ُشيع عن منطق الله وعدالته ورحمته‪..‬‬
‫من خالل الحياة اليومية ستشاهد الكثري من األشخاص اللذين يسيطر الدين عىل حياتهم فهم يستغلون الله ويصلون له ويطلبون منه ‪..‬‬
‫يارب افعل كذا‬
‫يا الله اعطني ذلك‬
‫إلهي اريد عمل أفضل ‪ ,‬ارغب بالنجاح والتوفيق ‪..‬‬
‫حسناً ‪ ,,‬لنتذكر أن هناك خطة الهية صنعها الرب وأنّه هو وحده يعلم مالذي سوف يحصل معنا‬
‫ولنفرتض أنك تصيل ليشء ليس يف خطة الرب‪ ,‬ماذا تريد ان يفعل ؟‬
‫هل يغيرّ خطته فقط لك ! ! ال‪ ,‬ال أظنه سيفعلها ‪..‬‬
‫لنفرتض أيضاً بأن صلواتك مل يستجاب لها‪ ,‬ماذا تقول‪ ..‬الجواب التقليدي واالعتيادي‪ :‬إنها مشيئة الرب ‪ ,‬لتكن مشيئتك‬
‫(يعني باملرشمحي ومن األخري هيك الله بدّو‪,‬هيك الله كاتب او ميكن ما حققيل هالطلب ألنو شايفيل الخري بغري يش ‪..‬‬
‫ال بأس‪ ,,‬ولكن إذا كانت مشيئة الرب وهو سيقوم مبا يريد فعله يف كل األحوال ملَ تتعب نفسك بالصالة من البداية ! !‬
‫اعتقد أن هذا مضيعة كبرية للوقت ‪..‬‬
‫كل انسان له وجهة نظره الخاصة فيام يتعلق بالصالة والدعاء‪ ,,‬فمنهم من يعتقد بأنها فرض وواجب‪ ,‬ومنهم من يشعر بالراحة النفسية والتقرب إىل الله من خاللها‬
‫ا ّما بالنسبة يل فإنني مؤمن ومقتنع متاماً بأن يد واحدة تعمل وتبذل جهدها لخدمة اإلنسان أينام كان أفضل بكثري من األيادي التي تُصليّ والشفاه التي تتلو مختلف‬
‫اآليات والدعوات ‪..‬‬

‫‪34‬‬ ‫‪33‬‬
‫ملحدنا العربي املأنشح وملحدهم الغربي السينيه‬
‫ملحدنا العربي املأنشح وملحدهم الغربي السينيه‬

‫ملحدهم السينيه غالبا هو نتيجة حتصيل حاصل جملتمع وبيئة منفتحة ومتحررة علمانية حبتة‬ ‫ملحدنا العربي املأنشح وملحدهم الغربي‬
‫بينما ملحدنا احمللي املأنشح هو اخلطوة األنتقالية رقم واحد ‪ ..‬هو عنصر هام ضمن صريورة تطور جمتمع متخلف‪ ،‬استطاع اختاذ‬
‫ق راره بذاته وحتمل عقباته وخماطره ليعلن انه ملحد ولن يتبع بقية القطيع‪.‬‬
‫السينيه‬
‫‪Tony Athée‬‬
‫أفتخر بنفسك‪ ..‬فأنت املعامل رقم واحد يف معادلة صريورة التطور اجملتمعي يف جمتمعاتنا املتخلفة‬
‫كتري بتشوف انتقادات من بعض امللحدين املتشدقني احملليني لبقية زمالئهم يف الدرب‬
‫أنا ملحد مأنشح وافتخر‬ ‫بإنتقاد اسلوب امللحد احمللي «املأنشح» بالتعبري‪ ،‬ومقارنته بامللحد الغريب «السينيه»‪ .‬اكرت األنتقادات يلي بسمعها هي انه امللحد‬
‫احمللي بضل ينقد ويشتم ويكفر على اهلل والدين واألنبياء اخل‬
‫وبيجي املنتقد امللحد السينيه ليستدل انه هذا امللحد احمللي املأنشح الي زال يعاين عقداً ومل يتخلص ويتجاوز ارثه الديين السابق‬
‫وبيجيك املنتقد املؤمن السينيه ليستدل انه هذا دليل إمي ��ان ال واع ��ي بوجود اهلل ‪ ..‬فلو كان غري موجود فلماذا نشتم شيء غري‬
‫موجود‪.‬‬
‫والكثري من األنتقادات ‪ ..‬لذا وددت ايضاح بضع نقاط سريعا وال اعين هبا مطلقا الدفاع عن الشتائم او التكفري‪ ،‬لكن لكي نضع‬
‫النقاط على احلروف برؤية اللوحة األمشل للوضع‪.‬‬

‫بداية البد من توضيح خطني رئيسيني ينتهجهما من يستخدم كلمة ملحد كوصف لنفسه‬
‫‪Atheist vs AntiTheist‬‬
‫إمجاال امللحد «األثيست» املثايل هو شخص غري مبايل بنقد األديان وال إجياد دالئل اهلل او تفنيده ‪ ..‬هو شخص بطريقة او بأخرى‬
‫مقتنع بعدم امهية و وهم كل هذه األساطري واملاورائيات ويريد عيش حياته هبدوء وسالم ‪ ....‬اي عمليا انسان اليثري الضجة‬
‫احيانا يصفون انفسهم بأنه الورقة البيضاء اليت ال يلوثها اي معتقد او خ رافة كانت ‪...‬‬
‫الصنف الثاين «األنيت ثيست» ول رمبا مقابلها بالعربية‪« ،‬ناقد األديان» او معاديها‪ ،‬وهو يرى ان كل هذه األساطري معيقات لتقدم‬
‫البشرية ووجب عليه املسامهة يف نقدها ودحضها حىت تزول‪ ،‬فهو يضعها ندا وعدوا له‪.‬‬

‫طبعا يف جمتمعاتنا العربية األمر اشكايل جدا ويتجاوز اإلشكال اللفظي بني املنهجني السابقني ليصل اىل مشكلة البيئة والتجربة‬
‫احلياتية والثقافية لكل ملحد بيننا حىت وصل اىل ماهو عليه اليوم‪.‬‬

‫املثل يقول‪ :‬اعطين بيئة وجمتمع متل العامل واخللق بعطيك ملحد طوباوي متل يلي عم تتفزلك عليه‬
‫كل انسان ابن بيئته ‪ ..‬مشكلتنا انه يلي بيجمعنا كملحدين ليس تشارك األفكار املوحدة ‪ ..‬فال يوجد معتقد إحلادي مقولب‬
‫وجاهز اساسا‪ ،‬بل نبذ اجملتمع ذو الغالبية املؤمنة واملتدينة لنا هو ماجيعلنا نشكل فريقا «غري منسجم» غالبا ينأى بنفسه عن‬
‫الغالبية السائدة املتدينة‬
‫فيصبح نقد الدين واملاورئيات بكل اشكاهلا هو وسيلة متايز سليب ألعالن نفسنا ضمن هذه الغالبية ‪...‬‬

‫اإلحلاد ال يغدو عن كونه جمرد ضجيج ضمن جمتمع ذو غالبية متدينة ولوال هذه البيئة ملا مسعنا الضجيج اإلحلادي‬
‫اإلحلاد كموجة البحر ‪ ..‬اليت ال ميكن ان توجد لوال وجود مياه البحر اساسا‬
‫فهكذا تصرفات غالبية امللحدين احملليني من نقد او سخرية او استه زاء باملقدسات امر طبيعي كردة فعل على جمتمع ال يعرتف‬
‫بوجودهم وبل يصفهم بأفضل األحوال بأهنم مرضى نفسيني ‪ ،‬هذا ان مل يصل األمر اىل سيف التكفري وهتديد احلياة !‬

‫امللحد السويدي لن يتصرف كما يتصرف امللحد العريب ! ألنه انسان حر بكل تفاصيل حياته اخلاصة وال يتدخل يف شؤون احد‬
‫وال احد يتدخل يف شؤونه ‪ ..‬النتيجة الطبيعية لثقافة جمتمع منفتح متحرر ويؤمن باحلرية الشخصية لكل فرد من اف راده‪.‬‬

‫يف حالتنا يغدو السلوك املعادي للدين (لفظا او فعال) ألية تكريس استم رار اعالن وجود ‪ ...‬ستزول بتحقيق اهلدف الضمين وهو‬
‫«إعالن الوجود» إسوة بأي جمتمع منفتح ومتحضر حيرتم حقوق اف راده وال يرضعهم حليب التدين منذ الصغر فرضا ال مفر منه‪.‬‬

‫رغم اح رتامي للملحدين املثاليني املساملني الغربيني «السينيه» ‪ ...‬لكنين سأبقى أحب افضل واحرتم وارفع من شأن ملحدنا احمللي‬
‫«املأنشح» لفارق جوهري بسيط ولكنه مهم ومفصلي‬

‫‪36‬‬ ‫‪35‬‬
‫أين أنت أيها املنطق‬

‫أين أنت أيها املنطق‬


‫ويطور وليس إله ينبغي أن ال خيطئ أو يتعلم! وهنا‬
‫استبدال األعضاء البشرية بأجهزة‪ ،‬واإلنسان بطبعه خ طّاء ويتعلم من اخلطأ ّ‬
‫يبدو لنا اإلنسان أسرع من خالقه بالتطوير‪.‬‬ ‫أين أنت أيها املنطق‬
‫فإذا كانت البداية ختلو من املنطق‪ ،‬الذي هو نتاج عقلنا‪ ،‬وإعمال عقلنا فيه هو سبيل جناتنا كما يتفق عليه امللحدون والدينيون‪،‬‬
‫ف رمبا يتوجب علينا أن نفكر من جديد‪.‬‬
‫إنسان‬

‫بعد ق راءيت جمللة أنا أفكر‪ ،‬ومتعيت يف ق راءة النقد وإعمال الفكر والعقل يف كسر أصنام العقائد‪ ،‬رغبت باملشاركة يف مقال‪ ،‬ع لّ ين‬
‫أسهم بنشر فكر توعوي مل أكن سبّ اق اً على زمالئي بنشره‪ ،‬وأش ّدد أن األفكار املطروحة هنا هي حصيلة ق راءات ونقاشات وتأمالت‬
‫ال ّأدعي ملكية أي منها‪ ،‬فالنتاج الثقايف اإلنساين حصيلة ت راكمية لكل بين البشر وأعتقد أنه ال فضل ألي حضارة على أخرى يف‬
‫تقدم البشرية‪.‬‬
‫رمبا طرح العديد منا تساؤالت متنوعة أدرك الحق اً عدم جواز احلديث عنها (وحيرم ذلك) مثل ماهية اهلل‪ ،‬فمنا من يدفن الفضول‬
‫خوف اً‪ ،‬جاع الً من عقله مقربة‪ ،‬ومنا من يتأمل وقد يشارك أفكاره مع غريه حمرراً عقله من شواهد املقابر‪.‬‬
‫مل اهلل! مل هو الشيء الوحيد القادر على الظهور من العدم‪ ،‬وال ميكن إلله غريه أن يظهر‪ ،‬ملاذا جنادل بعدم امكانيّ ة ظهور الكون‬
‫املادي احملسوس من العدم ونقبل بكل بساطة بوجود إله غري حمسوس ومعنوي من العدم؟‬
‫اذا افرتضنا وجوده وخشيتنا منه‪ ،‬فهو كما يظهر يف دعوات بعض رجال ال ّدين‪ ،‬أنه حياسب البشر على أفعاهلم ألنه م لّ كهم العقل‪،‬‬
‫لذا لنُ عمل العقل واملعرفة البشرية ولنحاججه به‪.‬‬
‫البد لك بعد معاشرة طويلة ألف راد عائلتك‪ ،‬أنك أضحيت مدرك اً لطباعهم‪ ،‬فتدرك مىت و ماهي األمور اليت تسعدهم أو تغضبهم‪،‬‬
‫وبالتايل ميكن أن تستغل هذه املعرفة بعض األحيان‪ ،‬بطلب معروف منهم يف حلظاهتم السعيدة‪ ،‬وبالرغم من أنك آدمي ولست إله‬
‫فأنت تتنبأ بنسبة جيدة بتصرفاهتم‪ .‬فإذا كنت خالق اً وأوج ��دت هذا اإلنسان يف بيئة معينة تدرك آثارها عليه‪ ،‬وبظروف ثقافية‬
‫ومناخية حمددة تعرف كل نتائجها على تصرفاته‪ ،‬ومورثات حيملها بدون ق رار منه ودين م ��وروث وصمته أنت به وتعلم مسبق اً‬
‫عواقب كل ذلك يف اختاذ ق رارته‪ ،‬هل تعتقد أنه من املنطقي حماسبة هذا االنسان على فعلتك كإله؟ هل تعتربأن كل ما ذُكر يشكل‬
‫مسوغ اً جاداً ملعاقبته؟ هل تكفي لـ ‪ 90 – 70‬سنة من العمر البشري القصري‪ ،‬بأفضل حال‪ ،‬للحكم على هذا اإلنسان‪ ،‬املغلوب‬
‫التقم ص‪ ،‬هل تظن أن‬ ‫أبدي الينتهي يف جهنّ م أو يف اجلنّ ة؟ وهل يعترب هذا عدالً؟ وحىت لو كنت من مؤمين نظرية ّ‬ ‫على أمره‪ ،‬بشكل ّ‬
‫عيش عدة حيوات‪ ،‬معظمكم ال يذكر شيئ اً منها وال ت رتاكم خربة سابقة عنها‪ ،‬هي أساس منطقي لبناء حياة الحقة وللمحاسبة‬
‫يف اآلخرة؟‬
‫هل هذا اإلله العامل هبذه الظروف واخلالق هلذا اإلنسان وواضعه يف هذا املستنقع إله منطقي حبسابه‪ ،‬كما لو أنه إنسان صنع شيئ اً‬
‫ما‪ ،‬بقرف مث الً‪ ،‬ويدرك أنه مل يبذل اجلهد الكايف يف تصميمه وصناعته‪ ،‬مث عند أول فشل يف آلته حيرقها ويرمي اللوم عليها!‬
‫مرة فيما إذا كان اإلنسان ح راً يف ق راراته‪ ،‬فابتسم وقال يبدو لنا ذلك ولكننا لسنا كذلك‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ُس ئ ل عامل الفيزياء لورنز ك راوس ّ‬
‫خيلق اهلل هذه الدنيا‪ ،‬يضع فئ رانه حتت التجربة‪ ،‬عامل اً بنتائجها سلف اً‪ ،‬مث يشوي بضع منها‪ ،‬وأما الفئ ران األليفة األخرى فيبقيها يف‬
‫جواره وبصحبته‪ .‬ماذا سيفعل هذا اإلله بعد وضع البشر يف جهنّ م ويف اجلنّ ة‪ ،‬هل سيعيش حالة األزل اجلديدة اململة هبذا األسلوب‪،‬‬
‫أم سيعيد خلق آخرين؟‬
‫ماذا أضافت جتربة اخللق له‪ ،‬هل هي نشوة السيد أو صاحب السلطة املطلقة برضوخ عواقب األمور له؟ ماهي احملصلة أو العربة؟ أو‬
‫حرة زائفة‬‫مل يكن مبقدوره أن يضع أولئك البشر منذ البداية يف اجلنّ ة وأن ال خيلق الشيطان حىت؟ خيلقنا ويضعنا حتت التجربة بإرادة ّ‬
‫َق البشر امتَ َح نهم مث كافئهم وعاقبهم وماذا بعد؟ ال أدري ال أرى ج ّدية أو منطقية هبذه العملية!‬‫حىت يوقع احلجة علينا!!! َخ لَ َ‬
‫ِ‬
‫طبيعتنا البشرية جتعلنا نطلق فكرنا وجتربتنا البشرية ونسقطها على األمور من حولنا‪ُ ،‬وج دنا على هذه األرض وكان لنا والدان‬
‫(بداية)‪ ،‬مجيع النباتات حولنا تبدأ ببذرة لتنهي شجرة عمالقة (بداية)‪ ،‬نلحق بساقية ماء لتنتهي عند منهل (بداية) لذلك ميكن‬
‫عم ا كان قبل الوجود املادي أو املسبب األول كما قال أرسطو؟ هل‬ ‫لفكرنا أن يدفعنا لالعتقاد بوجود بداية هلذا العامل‪ ،‬والتساؤل ّ‬
‫ميكن للصدفة أن تأيت بكل هذا النظام؟‬
‫إنه إطار فكري يصعب اخل ��روج منه‪ ،‬كم من مرة أتت األحب ��اث العلمية بنتائج خمالفة ملعتقدات البشر أو ملا اعتقدوه أنه ثابت؟‬
‫وبالتايل ليس كل ماتشعر به حقيقة كما يقول ريتشارد دوكينز وذلك لدى سؤاله أن هناك من يشعر بالذات اإلهلية يف عبادته‪،‬‬
‫فكان جوابه أ ّن العلم يقوم على احل ��االت االحصائية والعلمية حىت يستطيع االستنباط واالستنتاج وبالتايل ليس كل ماتشعر به‬
‫مبفردك ميكن تعميمه كحقيقة مجعية‪ ،‬فالعلم هو احلسام احلاسم‪.‬‬
‫عمر ه ��ذا الكون يقارب ‪ 14‬مليار سنة وتشكله وتطوره استغرق ه ��ذا الزمن‪ ،‬وخ�لال ذل ��ك الزمن تطور كل ش ��يء‪ ،‬فلم تتشكل‬
‫العني فجأة من الفضاء كما حياجج املتدينون‪ ،‬الشكل الذي ن راه اآلن احتاج ملاليني السنني‪ ،‬وليس منطقي اً من اهلل العامل واملبدع‬
‫أن يستغرق هذه املاليني حىت يصري البشر هبذا الشكل‪ ،‬فاإلنسان بعمره الصغري مقارنة بعمر هذا الكون سيصبح قريب اً قاد راً على‬

‫‪38‬‬ ‫‪37‬‬
‫يفسرها بشكل خاطئ لكي يدعم ما يذهب إليه‪.‬‬
‫التمييز بني العلم احلقيقي و العلم الزائف‬

‫التمييز بني العلم احلقيقي و العلم الزائف‬


‫التمييز بني العلم احلقيقي و العلم الزائف‬

‫العلم ال زائف يقوم على التجربة الشخصية بدال من التجربة العلمية‪ .‬و للتوضيح دعنا نفرتض أن أمحد كان يعاين من الصداع‪،‬‬
‫شرب أمحد كوبا من اليانسون و بعد قليل ختلص من الصداع‪ .‬بالنسبة للعلم ال زائف‪ ،‬فهذا يعين أن اليانسون يصلح كعالج‬ ‫سعد حمامه‬
‫للصداع‪ .‬بالنسبة للعلم هذه ببساطة ال يعين شيئا طاملا أن أية جتربة علمية حقيقية مل جترى إلثبات ذلك‪ .‬فالعديد من األمور‬ ‫‪2013/4/12‬‬
‫حدثت قبل أن يتخلص أمحد من الصداع‪ :‬لقد شرب أمحد اليانسون و مضى بعضا من الوقت بعد ذلك ‪،‬و أخذ أمحد قسطا من‬
‫ال راحة‪ ،‬رمبا يكون أمحد قد نام أيضا لبعض الوقت‪ ،‬و هناك احتمال أن يكون أمحد قد تناول أحد أنواع املسكنات الشائعة‪ ،‬بعض‬
‫العلم ال زائف أو ‪ Pseudoscience‬مشتق من الكلمة الالتينية «‪ »Pseudo‬و تعين مزيف‪ .‬إن أفضل طريقة لتمييز الشئ املزيف‬
‫هذه العوامل أو كلها مكن أمحد من التخلص من صداعه‪ .‬أما الثبات دور اليانسون يف معاجلة الصداع فالبد من إج راء جتربة‬
‫هي أن نعرف أقصى ما نستطيع عن نظريه احلقيقي‪ .‬إن بائع اجملوه رات مييز اجملوه رات املزيفة بسهولة‪ ،‬ألنه يعرف الذهب جيدا‪.‬‬
‫علمية يوضع خالهلا جمموعة من الناس الذين يعانون من الصداع يف شروط متطابقة‪ ،‬باستثناء أن نصفهم سوف يتناول اليانسون‬
‫وباملثل‪ ،‬حنتاج أن نفهم العلم جيدا حىت نستطيع متييزه عن العلم ال زائف‪ .‬معرفة العلم ال تعين أبدا معرفة بعض احلقائق العلمية‬
‫بعكس النصف اآلخر‪ .‬بعد ذلك سوف نقوم مبقارنة النتيجة بني اجملموعتني و عندها فقط رمبا نكون قادرين على معرفة الدور‬
‫(كاملسافة بني األرض و الشمس‪ ،‬معرفة عمر األرض‪ ،‬و أن نعرف الفرق بني الثدييات و الزواحف‪ ،‬و ما إىل ذلك ‪ .)...‬إن معرفة‬
‫للحقيقي لليانسون يف معاجلة الصداع‪ .‬اجملموعة اليت مل تتناول اليانسون يف مثالنا هذا نسميها اجملموعة الشاهدة‪ .‬باستثناء حاالت‬
‫العلم تعين أن نفهم طبيعة العلم‪ :‬معايري الدليل العلمي‪ ،‬كيفية تصميم و إجناز جتربة علمية‪ ،‬كيف نفهم و نفسر نتائج التجارب‬
‫شديدة الندرة‪ ،‬فإن أي جتربة علمية ال حتوي جمموعة شاهدة ليس هلا أي قيمة علمية‪ .‬الحظ أن العلم حياول أن يأخذ كل املتغ ريات‬
‫العلمية‪ ،‬كيف خنترب الفرضيات‪ ،‬كيف تبىن النظريات‪ ،‬و العديد من خصائص الط رائق العلمية اليت تسمح لنا باحلصول على‬
‫بعني االعتبار بعكس العلم ال زائف الذي يتعمد جتاهلها‪.‬‬
‫معلومات حقيقية عن العامل املادي الذي نعيش به‪.‬‬
‫من اجلدير بالذكر أن وسائل اإلع�لام هتتم برتهات العلم ال زائف أكثر من‬
‫العلم ال زائف يستند إىل التوافق العشوائي حلضارة بشرية م ��ا‪ ،‬ب ��دال من‬
‫اهتمامها بالعلم احلقيقي‪ ،‬ببساطة ألن العلم ال زائف يستطيع أن حيشد‬
‫اعتماده على قوانني الطبيعة الثابته‪ :‬فعلى سبيل املثال‪ ،‬يعتمد التنجيم‬
‫ع ��دد أك�بر من املتابعني «ألس ��ب ��اب قد نتناول ذكرها فيما بعد»‪ .‬ل ��ذا فمن‬
‫على أمساء األشياء‪ ،‬من الواضح أن تسمية األشياء و األشخاص تتم بشكل‬
‫املفيد أن نتعرف على خصائص العلم ال زائف‪ .‬إن وجود أي من خصائص‬
‫عفوي واعتباطي و ختتلف من جمتمع إىل آخر و من ثقافة إىل أخرى‪ .‬لو‬
‫العلم ال زائف جيب أن يثري لدينا قد را كب ريا من الشك و االرتياب‪ .‬و حىت‬
‫ك ��ان كوكب امل ��ري ��خ ق ��د مس ��ي بكوكب امل ��ش�تري و العكس بالعكس فإن‬
‫املواد العلمية اليت ختلو من هذه اخلصائص اليت سنذكرها بالتفصيل الحقا‬
‫ه ��ذا ل ��ن يصنع ف ��ارق ��ا بالنسبة لعلم الفلك‪ .‬أم ��ا بالنسبة لعلم التنجيم‬
‫قد تكون رغم ذلك جمرد علم زائف‪ ،‬ذلك أن أتباع العلم ال زائف خيرتعون‬
‫فقد حيدث ذلك اختالفا جوهريا ألن هذا العلم ال زائف يعتمد كليا على‬
‫طرق جديدة للتضليل كل يوم‪.‬‬
‫األمساء و ال يبايل باخلصائص الفيزيائية للكوكب نفسه‪.‬‬
‫خصائص العلم ال زائف‪:‬‬
‫إدع ��اءات العلم ال زائف قد تصل إىل حد السخافة‪ ،‬كإدعاء أحدهم أنه‬
‫العلم ال زائف ال يبايل باحلقائق‪ .‬أدعياء العلم ال زائف ال يبحثون يف امل راجع‬
‫يتمتع ب ��ق ��د رات خ ��ارق ��ة للطبيعة منحته إي ��اه ��ا كائنات فضائية (إق �رأ إن‬
‫املعتمدة لكل علم وال جيرون أية جتارب علمية‪ .‬إهنم ببساطة يقوم بادعاء ما‬
‫شئت عن يوري جيللر ‪) Uri Geller‬‬
‫يريدون‪ ،‬هذه اخلياالت العلمية هي قوام العلم ال زائف‪.‬‬
‫ن ��اد را ما يقوم أرب ��اب العلم ال زائف مب راجعة أعماهلم‪ .‬إن الطبعة األوىل من‬
‫يتجنب العلم ال �زائ ��ف أن يضع ادع ��اءات ��ه م ��وض ��ع االخ ��ت ��ب ��ار فهو ال يقوم‬
‫كتبهم هي على األعم األغلب ذاهتا الطبعة األخرية و لو كان الفارق بينهما‬
‫يتنفيذ أية جتارب علمية منهجية و عادة ما يتجاهل التجارب اليت جيريها‬
‫عقودا أو حىت قرونا من الزمن‪ .‬حىت الكتب اليت تعج باألخطاء الواضحة مبا‬
‫ال ��ع ��ل ��م ��اء‪ .‬كما أن العلماء ال �زائ ��ف ��ون ال يتابعون العمل على ادع ��اءاهت ��م‬
‫فيها األخطاء املطبعية تعاد طباعتها كما هي م رات و م رات‪ .‬باملقابل فإن‬
‫العلمية‪ ،‬ف ��إذا ادع ��ى أحدهم أنه أج ��رى جتربة ما فإن أح ��دا من زمالئه لن‬
‫الكتب العلمية احلقيقية تصدر دائما بنسخة جديدة عندما تعاد طباعتها‬
‫حياول تك رار التجربة للتحقق من صحة النتائج‪ .‬حىت عندما يدعى أحد‬
‫بعد عدة سنوات نتيجة لل رتاكم السريع للحقائق العلمية اجلديدة‪.‬‬
‫العلماء ال �زائ ��ف�ين قيامه بتجربة أع ��ط ��ت نتائج مهمة ف ��إن ��ه ه ��و نفسه ال‬
‫يعيدها إطالقا للتحقق من صحة النتائج أو من دقة إج راءات التجربة‪ .‬و‬
‫العلم ال زائف ضبايب دائما‪ .‬يتلقف العلماء املزيفون تقارير منشورة باجل رائد‬
‫على العكس متاما‪ ،‬ففي العلم احلقيقي تكرر التجارب اهلامة من قبل العلماء يف مجيع أحناء العامل و مبزيد من الدقة و التمحيص‬
‫اليومية و يلتقطون الشائعات و يقتبسون من كتب زمالؤهم من العلماء املزيفني‪ .‬كما و يلجؤون إىل التنقيب يف الكتب الدينية‬
‫يف كل مرة‪.‬‬
‫و كتب اخل رافات و األساطري‪ .‬من النادر أو قل من املستحيل أن يقوم هؤالء بد راسات خاصة هبم للحصول على املعلومات‪.‬‬
‫العلم ال زائف حياول دائما أن خيلق الغموض دون أن يكون هلذا الغموض وجودا حقيقيا‪ ،‬إنه يفعل ذلك بتجاهله ملعلومات حمورية‬
‫يبدأ العلم ال زائف دائما بفرضية تكون عادة مثرية للعواطف و صعبة التصديق‪ ،‬و من مث يبحث عن ما يدعمها من أدلة‪ .‬األدلة‬
‫و تفاصيل مهمة عن الظاهرة‪ .‬فأي ظاهرة قد تبدو غامضة إذا حجبنا املعلومات اليت تفسرها أو أضفنا تفاصيل خيالية متاما‪ .‬إن‬
‫اليت تعارض الفرضية يتم جتاهلها‪ .‬مبعىن آخر‪ ،‬فإن هدف العلم ال زائف هو أن مينح مسحة من العقالنية على املعتقدات و األفكار‬
‫الكتب اليت تتناول مثلث برمودا هي األمثلة التقليدية عن هذه التقنية‪.‬‬
‫الشائعة و ال راسخة يف ثقافة اجملتمع‪ ،‬ب ��دال م ��ن أن ميحص ه ��ذه املعتقدات أو يبحث ع ��ن تصويبها‪ .‬ل ��ذا يقفز العلم البديل إىل‬
‫االستنتاجات اليت تالئمه‪ ،‬و تدعم خطه االيديولوجي‪ ،‬و هو هبذا جيتذب األفكار املنتشرة مسبقا يف جمتمعه و املفاهيم املغلوطة‪.‬‬
‫العلم ال زائف ال يتقدم مع مرور الزمن‪ .‬دائما ما توجد موضات عابرة‪ ،‬و العامل ال زائف قد ينتقل من موضة إىل أخرى (فمن األشباح‬
‫إىل األطباق الطائرة‪ ،‬و من األطباق الطائرة إىل الد راسات النفسية)‪ .‬و لكنك إذا تابعت موضوعا حمددا فإنك لن تالحظ أي تقدم‬
‫العلم ال زائف ال يبايل باملعايري اليت توثق صحة الدليل‪ .‬مبعىن آخر فإن العمل ال زائف ال يستند إىل التجربة العلمية احملكمة القابلة‬
‫علمي يف هذا اجملال‪ .‬قلما تظهر أية معلومات جديدة و من النادر أن تقرتح نظريات جديدة‪ ،‬و املفاهيم القدمية ال يناهلا التعديل‬
‫لإلعادة و لكنه بدال من ذلك يلجأ دائما إىل شهادات شهود عيان ال ميكن بأي حال التحقق من صحة شهاداهتم و إىل جمموعة‬
‫على ضوء االكتشافات اجلديدة‪ ،‬فالعلم ال زائف يندر أن يأيت باكتشافات جديدة إذا صح لنا أن نستخدم كلمة اكتشافات يف‬
‫من القصص و احلكايات و الشائعات و أمثاهلا من القيل و القال‪ .‬باملقابل يتجاهل العلم ال زائف املنشورات العلمية األصلية أو‬

‫‪40‬‬ ‫‪39‬‬
‫هذا اجملال‪ .‬أما األفكار القدمية فهي حتوز أكرب قدر من االح رتام و التبجيل‪ .‬إن العلم ال زائف ال يقوم باكتشاف أية ظواهر جديدة‪.‬‬
‫التمييز بني العلم احلقيقي و العلم الزائف‬

‫التمييز بني العلم احلقيقي و العلم الزائف‬


‫يف الواقع يعمد العلماء ال زائفون غالبا إىل التعامل مع ظواهر معروفة جيدا للعلماء و لكنها جمهولة من قبل العامة حبيث يتقبل‬
‫عامة الناس أي ادعاءات يأيت هبا هؤالء العلماء املزيفون‪ .‬السري على اجلمر هو مثال شائع عن ذلك‪.‬‬

‫خيرتع العلماء ال زائفون مصطلحات شبه علمية خاصة هبم‪ .‬هذه املصطلحات تكون عادة شديدة الضبابية و غري معرفة بشكل‬
‫واض ��ح أو ليس هلا تعريف حمدد على اإلط�لاق‪ .‬هذه الضبابية جترب املستمع هل ��ؤالء أن يفسر ما يسمع حسب معلوماته و تصوره‬
‫املسبق‪ .‬فما الذي ميكن أن نفهمه من مصطلح «الطاقة الكونية احليوية» ؟ يف احلقيقة حياول العلماء املزيفون ابتداع مصطلحات‬
‫تشبه تلك املستخدمة من قبل العلماء و التقنيني يف جمال معني دون أن يكون هلذه املصطلحات أي معىن حقيقي‪ .‬الحظ أن دجايل‬
‫املعاجلة الروحية سوف يعانون من الضياع إذا مت حرماهنم من استخدام كلمة «طاقة»‪ ،‬مع العلم أن استخدامهم اهلذه املفردة ال‬
‫عالقة له على اإلطالق مبفهوم الطاقة احلقيقي الذي يستخدمه الفيزيائيون‪.‬‬

‫يدعي العلم ال زائف أن الظواهر اليت يدرسها «غيورة» حبيث ال ميكن مالحظتها إال ضمن شروط خاصة جدا و لكنها عادة غري‬
‫حمددة بدقة (هذه الظاهرة ال ميكن مالحظتها بوجود أحد املشككني أو غري املؤمنني هبا‪ ،‬و أحيانا ال حتدث هذه الظاهرة بوجود أي‬
‫شخص حياول مشاهدهتا اللهم إال العامل ال زائف الذي حدثنا عنها‪ ،‬أو أهنا حدثت ملرة واحدة يف تاريخ البشرية)‪ .‬و على العكس‬
‫متاما من ذلك فإن العلم احلقيقي يقر بأن أي ظاهرة طبيعية ميكن أن تتم د راستها من قبل أي شخص إذا امتلك األدوات الالزمة‪.‬‬
‫من الواضح أننا مجيعا نستطيع استقبال األمواج ال راديوية إذا امتلكنا جهاز راديو بسيط و مل نسمع عن جهاز راديو ال يعمل إال‬
‫أمام املؤمنني به ! لنفرتض أن شخصا يدعي أنه عازف كمان‪ ،‬إال أنه يرفض أن يعزف بوجود آخرين يودون مساع عزفه‪ ،‬من الواضح‬
‫أن هذا الشخص يكذب عندما يدعي أنه جييد العزف على الكمان‪ .‬بإمكانك عزيزي القارئ مشاهدة مقطع فيديو تبدو فيه هذه‬
‫اخلاصة يف أوضح صورها و بشكل رمبا يثري كث ريا من الضحك !‬
‫‪http://www.youtube.com/watch?v=jnLR6JkpLM4‬‬

‫مرتجم بتصرف‬

‫يتبع ‪...‬‬

‫‪42‬‬ ‫‪41‬‬
‫مغالطة‪ :‬األملاس‬
‫يتكون من الفحم‬
‫ّ‬ ‫مغالطة‪ :‬األملاس‬
‫ترجمة و إعداد‪ :‬العالِم ّ‬
‫الشعبي‬

‫يتكون من الفحمبتصرف‬
‫ّ‬
‫والتطور‪ ،‬األمل ��اس تكون منذ‬ ‫ّ‬ ‫طب ًق ا لعلماء اجليولوجيا‬
‫حوايل ‪ 3-1‬مليار عام‪ ،‬هذا أقدم بكثري من أي تاريخ‬
‫مسج ل حلىت أي نباتات أرضية‪ ،‬فما بالك بالفحم؟‬ ‫َّ‬
‫عرف كوقود أحفوري؛ فهو يتكون من البقايا‬ ‫الفحم يُ َّ‬
‫امل ��يّ ��ت ��ة للنباتات م ��ث ��ل األش ��ج ��ار و ال ��س �راخ ��س و غ�يره‪.‬‬
‫تكوين الفحم يأخذ ماليني السنني و ميكن اقتفاء أثره‬
‫م ��ن ‪ 300‬ل �ـ ‪ 400‬مليون ع ��ام‪ ،‬لكن ليس مليار ع ��ام‪.‬‬
‫فكيف إذن لألملاس أن يتكون من الفحم الذي مل يكن‬
‫له وجود آنذاك؟‬
‫األمل ��اس ي ��ت ��ك ��ون م ��ن عنصر واح ��د ف ��ق ��ط ‪ -‬ال ��ك ��ارب ��ون‪.‬‬
‫تكونه يتطلب درجات ح رارة عالية (من ‪ 900‬لـ ‪1300‬‬ ‫ّ‬
‫درج ��ة مئوية) و ضغط غري متوفر إال يف عمق ‪ 140‬لـ‬
‫‪ 190‬كيلومرت يف دث ��ار األرض (الطبقة ال�تي تقع حتت‬
‫القشرة األرضية)‪.‬‬
‫أما الفحم فهو شكل غري منظم للكاربون و بالكاد‬
‫ميكنه تغيري تركيبه الكيميائي و يتحول للغ رافيت‪،‬‬
‫و لكن ليس ل�لأمل ��اس‪ .‬ال ��ت ��ح � ُّ�ول م ��ن فحم ألمل ��اس شبه‬
‫نادرا‬
‫مستحيل بسبب الشوائب و حقيقة أن الفحم ً‬
‫ما يتواجد يف أعماق أكثر من ‪ 3‬كيلومرت‪ ،‬و هو الغري‬
‫مناسب لتكوين األملاس‪.‬‬

‫‪I believe in Science‬‬

‫‪44‬‬ ‫‪43‬‬
‫رؤية الفيزياء الكالسيكية للضوء واالشعاع‬
‫رؤية الفيزياء الكالسيكية للضوء واالشعاع‬
‫إن النتيجة املنطقية املرتتبة على حقيقة أن انتشار موجات الضوء‪ ،‬طبقا هليجنز‪ ،‬يكون بشكل تتابعي‪ ،‬واليت تتبع كل واحدة‬
‫منها األخرى بف رتات غري منتظمة‪ ،‬هي أن الضوء البد وأن يستغرق زمنا ما لكي ينتقل من مكان آلخر؛ أي‪ ،‬أن هناك سرعة حمددة‬ ‫رؤية الفيزياء الكالسيكية للضوء واالشعاع‬
‫للضوء‪ ،‬وذلك خالفا للتصور الديكاريت القائل باالنتشار الفوري‪ instantaneously‬للضوء‪.‬‬ ‫النظرية املوجية لهيجنز‬
‫واآلن‪ ،‬إذا كان الضوء ينتقل على صورة موجات يف االيثري‪ ،‬طبق اً هليجنز‪ ،‬فما نوع احلركة اليت تنتشر وتنتقل هبا موجات الضوء‬
‫؟ حنن نعلم أن هناك نوعان من احلركة املوجية‪ :‬حركة طولية ‪ ،Longitudinal motion‬وحركة مستعرضة ‪Transverse‬‬
‫‪ ،motion‬فبينما تنتمي حركة موجات الصوت إىل النوع األول‪ ،‬فإن حركة موجات املاء تنتمي إىل النوع األخري‪.‬‬ ‫تيارا‬
‫يف غضون تلك الفرتة تقريب اً‪ ،‬واليت قدم فيها نيوتن اق رتاحاته حول الطبيعية اجلسيمية للضوء؛ أي‪ ،‬بوصفه تدفق اً ‪ Flux‬أو ً‬
‫فبالنسبة ملوجات الصوت‪ ،‬فإن كل جسيم للوسط احلامل هلا؛ أي‪ ،‬اهلواء‪ ،‬يتحرك ذهاب اً وإياب اً على طول االجتاه الذي تنتشر فيه‬ ‫التكون يف هولندا ‪ Holland‬عن طريق كريستيان هيجنز‬ ‫‪ Stream‬من اجلسيمات املتناهية الصغر‪ ،‬فإن نظرية أخرى كانت قيد ُّ‬
‫املوجات؛ أي أن‪ ،‬سعة امل ��وج ��ة‪ amplitude‬تكون موازية الجتاه انتشارها‪ .‬ولذلك مسيت حبركة طولية‪ .‬فعلى سبيل املثال فان‬ ‫متام ا الق رتاح نيوتن عن الضوء الذي مل يرى فيه نيوتن‬
‫مضادا ً‬
‫‪ .)1695 –1629( Christian Huygens‬فلقد قدم هيجنز اق رتاح اً ً‬
‫موجات الصوت الصادرة من جرس‪ ،‬مثال‪ ،‬تصل إىل آذاننا؛ بسبب أن كل جسيم للهواء يتحرك بالتناوب مقرتبا ومبتعدا عن اجلرس‬ ‫أي مسة موجية‪ .‬وعلى العكس من ذلك‪ ،‬فإن هيجنز قد افرتض أن الضوء ذي مسة متوجية متام اً‪ ،‬حيث أن أشعة الضوء ميكنها أن‬
‫يف اجتاه انتشار املوجة‪ .‬لكن األمر خمتلف بالنسبة ملوجات املاء‪ ،‬حيث أنه‪ ،‬وإن كانت موجات املاء تنتشر على طول سطح املاء‪،‬‬ ‫تنحين وتلتقي ثانية؛ حيث يقول‪:‬‬
‫فإن اجلسيمات املفردة للماء ال تنتشر مبثل تلك الطريقة؛ إن حركة تلك اجلسيمات تكون ألعلى وأسفل‪ ،‬وب زاويا عمودية على‬ ‫«إن الضوء ينتشر‪ ،‬مثلما ينتشر الصوت‪ ،‬عن طريق املوجات واألسطح الكروية‪ .‬ولذلك فإنين أمسيها باملوجات من خالل تشاهبها‬
‫السطح وعمودية على اجتاه انتشار املوجة؛ أي أن‪ ،‬سعة املوجة تكون عمودية على اجتاه انتشارها‪ ،‬ولذلك مسيت حبركة موجية‬ ‫مع تلك اليت تُرى موجودة يف املاء عندما يُلقى حجر فيه»‪.‬‬
‫مستعرضة‪.‬‬
‫ومن هنا يتبني لنا‪ ،‬أن هيجنز قد افرتض‪ ،‬ومنذ أحباثه األوىل عن االنكسار يف عام ‪ ،1652‬أن انتشار الضوء يكون متماث الً مع انتشار‬
‫أما فيما يتعلق مبوجات الضوء‪ ،‬فبينما ذهب هوك ‪ ،Hooke‬من قبل‪ ،‬إىل أن موجات الضوء تكون متماثلة متاما مع موجات‬ ‫موجات املاء عندما يلقى حجر يف بركة ساكنة‪ ،‬وهلذا فإن النمط الناتج يَ ُك ون عبارة عن سلسلة من املوجات الصغرية املتحدة‬
‫املاء‪ ،‬ومن مث فإنه نسب إليها حركة موجية مستعرضة؛ فإن هيجنز قد رأى‪ ،‬وعلى العكس من هوك‪ ،‬أن موجات الضوء تكون‬ ‫املركز ‪ ،Concentric ripples‬والذي تكون فيه ذُ َرى‪ hills‬املوجات منفصلة بشكل ُم طرد عن طريق املسافة اليت تسمى اآلن‬
‫أكثر شبه مبوجات اهلواء‪ ،‬ومن مث فإنه نسب إليها حركة موجية طولية‪ .‬ومن مث فإن فكرة التذبذبات العمودية على اجتاه االنتشار‬ ‫بالطول املوجي ‪.Wave length‬‬
‫ظلت غريبة على هيجنز‪ ،‬والذي رأى أن جزيئات اإلثري تتحرك باجتاه الشعاع‪.‬‬
‫على أي ��ة ح ��ال‪ ،‬ف ��ان النظرية املوجية هليجنز ق ��د جنحت يف وص ��ف وتفسري ع ��دد م ��ن اخلصائص املعروفة للضوء مثل االنعكاس‬ ‫ظاهرا‪ ،‬ولكنها تثري تساؤالً هام اً وهو‪ :‬ما‬
‫على أية حال فإن هذه التماثالت بني موجات الضوء وموجات املاء والصوت هي مقبولة ً‬
‫واالنكسار‪ ،‬بشكل مقنع‪ ،‬وان مل تؤد إلقناع اجلميع هبا‪ ،‬يف تفسريها النتشار الضوء يف خطوط مستقيمة‪.‬‬ ‫حجرا يف املاء‪ ،‬فإنه حيدث‬
‫الوسط الذي يكون ُم تطلبا من أجل انتشار موجات الضوء ؟ إنه ملن الطبيعي القول‪ ،‬أنه عندما نلقي ً‬
‫موجات فيه‪ .‬ومن مث‪ ،‬فلكي تنتشر موجات املاء وتنتقل من مكان آلخر‪ ،‬فإهنا تتطلب وجود وسط تنتشر فيه؛ أي‪ ،‬املاء‪.‬كما أن‬
‫يتضح لنا مما سبق مالمح منهجية هيجنز‪ ،‬فبخالف نيوتن‪ ،‬فإنه مل يكن ملتزم اً على اإلطالق بالتعاليم البيكونية‪ .‬فلم حياول‬ ‫موجات الصوت تستلزم وس طً ا؛ أي‪ ،‬اهل ��واء‪ ،‬لكي تنتشر وتنتقل من مكان آلخر‪ .‬فصوت الكمان ‪ ،Violin‬على سبيل املثال‪،‬‬
‫هيجنز صنع قائمة كاملة عن خصائص الضوء‪ ،‬عن طريق التجربة‪ ،‬مثلما فعل نيوتن‪ .‬كما أنه مل يكن ليعتقد بأن قائمة كهذه‬ ‫يصل إىل آذاننا بسبب اهت زاز أوتاره ‪ ،strings‬مث تنتشر تلك االهت زازات ‪ vibrations‬عرب اصطدامها جزيئات اهلواء‪ ،‬واليت تحُ دث‬
‫تكون ضرورية من أجل أغ راضه‪ .‬إن اهتمامه الوحيد كان إعطاء تفسري ميكانيكي واضح خلصائص قليلة عن الضوء‪ ،‬واليت اعتقد‬ ‫موجات متضاغطة تنتقل إىل األذن‪.‬‬
‫أن فالسفة طبيعيني آخرين قد أخفقوا يف تفسريها‪.‬‬
‫ومن هنا‪ ،‬اقتيد هيجنز إىل ضرورة أن يكون هناك وسطا ما‪ ،‬من أجل انتقال موجات الضوء‪ .‬وبطبيعة احلال‪ ،‬فانه ال ميكن أن يكون‬
‫ويف احلقيقة فإن ما كان حياول هيجنز تفسريه هو «وقائع اخل�برة»‪ ،‬ولكنه مل يكن ليدعي يف أي موضع من حبثه أنه ينطلق من‬ ‫ذلك الوسط هو اهلواء والذي حتدث فيه موجات الصوت‪ ،‬حيث أن الضوء ميكنه أن مير عرب الف راغ‪ .‬وبدال من ذلك‪ ،‬فإن هيجنز‬
‫تلك الوقائع للربهنة على النظرية ال�تي قدمها‪ .‬ب ��األح ��رى‪ ،‬ف ��إن مناقشاته ترتكز على توضيح كيف أن ه ��ذه الوقائع تتفق مع‬ ‫قد َس لَّ َم‪ ،‬بأنه من الضروري وأن يكون هناك شكل آخر للمادة؛ أي‪ ،‬مادة أثريية ‪ ،Ethereal matter‬ذات مرونة‪elasticity‬‬
‫مفاهيمه أكثر من تلك املفاهيم اليت كانت مفرتضة عن طريق الفالسفة الطبيعيني اآلخرين قبله‪ .‬ولذلك فإن نقطة بدايته كانت‬ ‫متابع ا يف ذلك‬
‫مطلقة باعتبارها أداة انتقال ‪ the vehicle‬الضوء‪ .‬ومن مث فإن هيجنز قد افرتض وجود األثري بوصفه جوه را ماديا‪ً ،‬‬
‫املشكالت اليت تنبثق من النظريات السابقة أكثر من الوقائع ذاهتا‪( .‬على سبيل املثال‪ :‬مشكلة االنتقال الفوري للضوء يف النسق‬ ‫جدا يف نقلها للضوء‪ ،‬والذي يشكل كل منها مرك زا‬‫جدا وذات استجابة سريعة ً‬ ‫ديكارت‪ ،‬والذي يكون مؤل ًف ا من جزئيات صغرية ً‬
‫الديكاريت)‪ .‬وعن طريق فحص الصعوبات املتضمنة يف الفروض املوجودة من قبله؛ فإنه اقتيد إىل تعديل تلك الفروض‪ ،‬أو اق رتاح‬ ‫حلركة ارجتافية‪ .‬وافرتض أنه يكون موجودا يف تلك األج زاء من الفضاء اليت تعترب ظاهريا خاوية‪.‬‬
‫فروض جديدة‪ .‬ومن مث فإنه يشرع يف إيضاح كيف ميكن لفروضه أن تفسر التجارب‪ .‬إنه عادة ما يقدم فروضه بوصفها تفس ريات‬
‫ختمينية ‪ Conjectural explanation‬للتجارب‪ .‬وباالختصار فان منهج هيجنز التقليدي كان دائم االنطالق من الفرض‬ ‫هكذا إذن شكلت فرضية اإلثري قلب وجوهر النموذج املوجي هليجنز والركيزة األساسية له‪ .‬فلقد افرتض هيجنز‪ ،‬مثل ديكارت‬
‫إىل التجربة وليس العكس‪.‬‬ ‫ونيوتن وآخرين‪ ،‬أن الفضاء برمته يعمه اإلث�ير بوصفه وسطا مرنا رقيق اً ج ��داً‪ ،‬من أجل تفسري انتشار الضوء‪ ،‬وال ��ذي يتكون من‬
‫جسيمات متجاورة ذات أحجام متساوية‪ ،‬ويعترب كل جسيم منها مرك زا ملوجة كروية‪ .‬ومن مث تنتقل موجات الضوء عن طريق تتابع‬
‫وبكلمات أخرى‪ ،‬فإنه ميكننا القول‪ ،‬أن السمة العامة ملنهجية هيجنز تكمن يف تبنيه ملا عرف بوصفه املنهج الفرضي االستنباطي‬ ‫حركات تلك اجلسيمات‪ ،‬املوجودة كصف يف سلسلة‪ ،‬واليت حتمل كل منها املوجات الكروية يف مجيع االجتاهات‪ .‬وهبذه الطريقة‬
‫‪ Hypothetico-deductive-Method‬خبالف املنهج االستق رائي ‪ ،inductive-Method‬املتبىن عن طريق نيوتن‪،‬‬ ‫تنتقل وتنتشر موجات الضوء‪.‬ولكن هذا االنتقال ال يتم بشكل منتظم‪ ،‬ولكن على حد وصف هيجنز ‪:‬‬
‫والذي يرتكز على االنطالق من فروض توحي هبا معطيات التجربة ومالبسات الظواهر املدروسة لبناء نظرية عن طريق االستنباط؛‬ ‫«كطرقات‪ percussions‬عند م راكز هذه املوجات‪ ،‬واليت ال متتلك أي تتابع منتظم‪ .‬إنه ليس من الضروري وأن نفرتض أن املوجات‬
‫نظرية ال ميكن األخذ هبا كنظرية صحيحة إال إذا أكدهتا التجربة؛ أي‪ ،‬تار ًك ا مسألة صحتها أو عدم صحتها للتجربة وللتجربة‬ ‫نفسها تتبع كل واحدة منها األخرى مبسافات متساوية»‪.‬‬
‫وحدها‪.‬‬
‫ومن هنا يتبني لنا أن هيجنز‪ ،‬أيضا كسلفه هوك‪ ،‬مل يقل بدورية ‪ periodicity‬موجات الضوء‪ .‬باألحرى‪ ،‬فإن موجات هيجنز‬
‫على أية حال فإنه يبدو لنا‪ ،‬أنه حبلول هناية القرن السابع عشر‪ ،‬قد بزغت نظريتان متعارضتان يف جمال البصريات‪ ،‬حول طبيعة‬ ‫هي مبثابة نبضات منفصلة ‪ ،isolated pulses‬واليت تكون متولدة عن طريق اصطدام جسيمات اإلثري هبا واليت تتبع كل واحدة‬
‫الضوء؛ أي‪ ،‬النظرية اجلسيمية والنظرية املوجية‪ ،‬حيث تبنت كل منهما نسق اً مفاهيمي اً متعارض اً مع اآلخر‪ .‬فلقد بدا اجلسيم‪،‬‬ ‫منها األخرى بف رتات غري منتظمة‪.‬‬
‫طبق اً للتصور النيوتيين‪ ،‬لكي يكون ذي وج ��ود حم ��دد بإحداثيات حم ��ددة مت ��ام �اً؛ أي‪ ،‬يف موضع معني ويف حلظة معينة‪.‬كما أن‬

‫‪46‬‬ ‫‪45‬‬
‫رؤية الفيزياء الكالسيكية للضوء واالشعاع‬
‫اجلسيمات تصطدم وترتد بطاقة متبادلة ميكن حساهبا بدقة مطلقة‪ ،‬على األقل من حيث املبدأ‪ .‬بينما بدت املوجة‪ ،‬طبق اً للتصور‬
‫املوجي‪ ،‬لكي تكون منتشرة بشكل غري حمدود يف مكان ما من الوسط املوجي؛ إهنا تكون موجة يف ذلك الوسط‪ .‬ومن مث فإن انتشار‬
‫املوجة ينقص بشكل جوهري من حتديد أية إحداثيات هلا‪.‬‬

‫باإلضافة إىل ذلك‪ ،‬فانه ال يوجد شيء يف احلركة املوجية يتطابق مع تصادم اجلسيمات وارتدادها على اإلطالق‪ .‬فك رات البلياردو‬
‫ومتوجات ال برِْ َك ة‪ ،‬هي كينونات خمتلفة جوهري اً يف النوع‪ .‬ومن مث بدا أن ُك الً من النظريتني تكونان مستبعدتني تبادلي اً‪ .‬إن كال منهما‬
‫صحيح ا يف الوقت نفسه‪ ،‬حيث أنه يكون من املستحيل تصور إمكانية وصف أي حدث عن طريق كل من هاتني‬ ‫ً‬ ‫ال ميكن أن يكون‬
‫أيض ا استحالة مالحظية‬‫الطريقتني للوصف يف نفس الوقت‪ .‬إن هذه االستحالة ليست استحالة تصورية فحسب‪ ،‬ولكنها تتضمن ً‬
‫‪ notationally impossibility‬تتعلق بإج راء عمليات حقيقية إلمكانية مالحظة خصائص املوجة وخصائص اجلسيم يف‬
‫نفس الوقت‪ ،‬كما أن اللغات الوحيدة املتاحة‪ ،‬حينئذ‪ ،‬لوصف ديناميكيات املوجة واجلسيم تشكل تعارضا حقيقيا‪.‬‬

‫بيد أن األمر مل يستمر كث ريا على هذا النحو‪ ،‬من وجود نظريتني متنافستني‪ ،‬تدعي كل منهما أهليتها يف وصف وتفسري خصائص‬
‫الضوء‪ .‬فعلى الرغم من النجاحات املؤزرة للنظرية املوجية يف تفسري الكثري من الظواهر البصرية‪ ،‬فإهنا ما لبثت أن ُس حقت متام اً‬
‫حتت وط ��أة ما أصبح شائع اً بوصفه التأويل اجلسيمي النيوتيين للضوء‪ ،‬لكي يُ َد َّش ن بوصفه التأويل التقليدي ‪Orthodoxal‬‬
‫‪ ،interpretation‬مثلما مت التنويه عنه من قبل‪.‬‬

‫ويف احلقيقة فإن النموذج اجلسيمي عن الضوء‪ ،‬قد بدأ باألُفول مع بداية القرن التاسع عشر‪ ،‬عندما أثرى توماس يونج ‪Thomas‬‬
‫‪ )1829 –1773( Young‬وأوغسطني فرنل ‪ ،)1827 –1788( Augustine Fresnel‬الفرض املوجي بأفكار جديدة‪ .‬حيث‬
‫اتضح من مسامهاهتما أن مجيع أن ��واع الظواهر البصرية املعروفة يف ذلك الوقت ميكن تفسريها بشكل مالئم عن طريق األفكار‬
‫املوجية‪ .‬وبفضل األفكار ال رائعة ليونج وفرنل أصبحت النظرية اجلسيمية عن الضوء ذات أمهية تارخيية فقط‪ ،‬كما أصبحت النظرية‬
‫املوجية ذات سيطرة مطلقة على فيزياء بصريات القرن التاسع عشر‪ .‬وهذا ما سوف نتناوله يف اجلزء الالحق‪.‬‬

‫تاليف الدكتور ‪Khalid Zahra :‬‬


‫م راجعة ‪Jamal Novelty :‬‬

‫منقول من صفحة‬
‫الفيزيائيون ‪The Physicists‬‬

‫‪48‬‬ ‫‪47‬‬
‫هل يدل النظام على وجود ُمنظم؟‬
‫هل يدل النظام على وجود ُمنظم؟‬
‫بالنسبة للسيارة هو احلمض النووي‪ ،‬ولذلك تدل السيارة على وجود االنسان‪ .‬هنا جيب ان ينربي احد ليقول ومن اين اتت اخللية‬
‫االوىل؟‬ ‫هل يدل النظام على وجود ُمنظم؟‬
‫وأن املقصود من مثال السيارة هو للمقارنة مع اخللية االوىل وحدها وليس اخللية على االطالق‪.‬‬
‫عندما نقول ان اخللية‪ ،‬كنظام‪ ،‬الحتتاج اىل ُم نظم‪ ،‬ليس فقط من خالل استقاللية السبب والنتيجة داخل اخللية وامنا ايضا بفضل‬
‫ارتباط ذلك بعوامل االرض مثل االشعة الكونية واهل ��واء والرطوبة ودرج ��ة محوضة البيئة واحل �رارة والضغط والعوامل الكيميائية‬ ‫طريف سردست‬
‫والفيزيائية‪ .‬ول ��و ك ��ان نشوء اخللية معزولة عن االسباب على االرض‪ ،‬لكان بإمكان اخللية ان تعيش يف كل مكان ك ��وين على‬ ‫‪2013/2/25‬‬
‫االطالق‪ ،‬وعندها سيكون ذلك برهانا على وجود ُم نظم‪ ،‬من حيث انه وجود العالقة له بأسباب‪ ،‬متاما كما لو نعثر على روبوت‬
‫يعتقد البعض ان وجود نظام يدل على وجود ُم نظم‪ ،‬وأن باالمكان الربهنة على ذلك باملنطق العقلي‪ .‬السيارة كنظام‪ ،‬احدى االمثلة‬
‫على القمر‪ .‬سيكون ذلك وجود بال اسباب وهو الدال على وجود ُم وجد‪ ،‬االمر الذي الينطبق على اخللية او الطبيعة وبالتايل‬
‫اليت يقدموهنا للداللة على صحة برهاهنم املنطقي‪ ،‬انطالقا من اننا نعلم أن السيارة هلا ُم نظم‪ ،‬وقياس اً على ذلك‪ ،‬بنظرهم‪ ،‬يدل‬
‫الداللة على وجود ُم نظم او موجد‪.‬‬
‫النظام على وجود ُم نظم‪ ،‬على العموم‪ .‬وهناك أمثلة شهرية أخرى مثل ان الكرسي يدل على النجار وأن البعر يدل على البعري‪،‬‬
‫عدا عن ذلك‪ ،‬فأن صناعة الروبوتات والسيارات‪ ،‬ليست عملية « خلق نظام» وامنا إعادة ترتيب النظام املوجود‪ ،‬متاما مثل حوض‬
‫فهل االمر كذلك حق اً!‬
‫االمساك يف البيت‪ ،‬حيث نعيد ترتيب ظروف البحر‪ ،‬اقتباسا من البحر‪ ،‬والخنلق حب راً جديدا‪ .‬أي اننا نقلد النظام املوجود والخنلق‬
‫ماهو الربهان املنطقي؟‬
‫نظاما‪ ،‬فالنظام اليخُ لق االنسان يدرس خصائص املعادن وخيتار املوجود منها ‪ ،‬املناسب لتحقيق غرض حمدد ‪.‬فينتزع املعدن من‬
‫الربهان املنطقي هو االستدالالت العقلية حسب آليات لغوية وذهنية متفق عليها‪ ،‬تعصم الذهن عن االحن �راف عن ماهو متفق‬
‫نظامه‪ ،‬من املنظومة الطبيعية املتكاملة‪ ،‬ليضعه يف منظومة ناقصة‪ ،‬هو جزء منها ولكنه الينجح ابدا يف خلق نظام جديد‪ ،‬الن‬
‫عليه‪ ،‬غايته كشف حقيقة إدعاء أو فرضية‪ ،‬باحلجة التجريدية‪ ،‬بواسطة تركيبات لغوية وحسب رؤية ذهنية لتصور العامل‪ .‬والربهان‬
‫احلديد على الدوام جزء من نظام دورته القدمية‪ ،‬ويف النهاية يعود اليها‪ ،‬مهما عارض االنسان‪ ،‬ليبقى «النظام اجلديد» عملية‬
‫املنطقي خيتلف عن الربهان املوضوعي‪.‬‬
‫معزولة‪ .‬لذلك‪ ،‬نرى ان من عالئم النظام الطبيعي انه الحيتاج اىل ُم نظم‪ ،‬فهو مغلق يف دورته‪ ،‬كامل املكونات‪ ،‬والغاية له‪ ،‬وقادر‬
‫ك ��ان ارسطوطاليس اول من كتب يف املنطق‪ ،‬غري ان املنطق االغريقي‪ ،‬على الرغم من تقدمه فكريا‪ ،‬اوصلنا م �رات عديدة اىل‬
‫على جتديد وتنظيم نفسه آليا يف ح ��دود تكامل مكوناته‪ ،‬ب ��دون حاجة اىل تتدخل خارجي‪ .‬يف حني ان انت زاع عناصر وإع ��ادة‬
‫استنتاجات خاطئة‪ ،‬مثال القول ان الذباب من اخلل او من الروث‪ ،‬وان املواد االساسية هي مخسة‪ :‬ال رتاب والنار واملاء واهلواء والضوء‪.‬‬
‫ترتيبها‪ ،‬بطريقة مبتسرة ومنعزلة عن اآللية الطبيعية‪ ،‬هي اليت حتتاج اىل « ُم نظم» وامل نظم هنا بالضرورة جزء من هذا النظام‬
‫املبتسر‪ ،‬إذ الميكن «للنظام االصطناعي» ان يعمل اصال بغياب « امل نظم»‪ ،‬وبالتايل ُ‬ ‫اليوم يعتمد العلم على املنهج العلمي‪ ،‬حيث املنطق أصبح احد فروعه‪ ،‬انطالقا من املعطيات املوضوعية‪ ،‬يف حني الزالت التيارات‬
‫مثال السيارة ليس دليل على حاجة النظام‬
‫اىل م نظم‪ ،‬وامنا دليل على ان داللة حاجة النظام اىل امل نظم‪ ،‬جرى ُ‬ ‫الدينية تقدم حججها انطالقا من « املنطق العقلي والبناء اللغوي»‪ ،‬وبعيدا عن املوضوعية العلمية‪ ،‬بل وحىت رافضني هلا‪.‬‬
‫استمدادها من كون امل نظم جزء من النظام وليس معزول عنه‪.‬‬ ‫ُ‬
‫خارجها‪ ،‬وبالتايل فاملثال اليتطابق على ُ‬
‫ُ‬ ‫مثال لو وضعت كفك االمين يف ماء بارد وكفك االيسر يف ماء دافئ‪ ،‬مث اخرجتهم‪ ،‬فما هو االستنتاج « املنطقي» الذي ستصل اليه‬
‫مايسعى املنطق العقلي على الربهنة عليه‪.‬‬ ‫« امل نظم» يف املثال هو جزء من املنظومة وليس‬
‫ُ‬ ‫عن ح رارة اجلو‪ ،‬هل هو بارد ام دافئ؟ ان االستنتاج االصح هو ان االحاسيس ذاتية غري موضوعية‪ ،‬ولذلك هي ختدعنا والتشكل‬
‫لكل ذلك االمثلة املطروحة التشابه العملية الطبيعية على االطالق‪ ،‬والتزيد عن كوهنا مغالطة عقلية‪.‬‬
‫اساسا صاحلا لالستنتاج املنطقي‪ .‬على العكس يعتمد الربهان املوضوعي على اجهزة القياس‪ ،‬خارج احاسيسنا‪ ،‬لتقدمي معطيات‬
‫هل ميكن للنظام ان يوجد مبعزل عن املادة؟‬
‫موضوعية‪.‬‬
‫أن حماولة الربهنة على أن «النظام دليل على امل نظم» يعين بالضرورة اف�تراض ان النظام والكيانات املطلوب تنظيمها شيئان‬
‫ونعود االن اىل مثال السيارة‪( ،‬والكرسي)‪ ،‬هل حقا ان السيارة هي « منظومة»‪ ،‬حىت ميكن مقارنتها بنظام الطبيعة؟‬
‫خمتلفان‪ .‬متاما مثل مثال السيارة‪ ،‬جند ان التصورُ أن االنسان يقوم بتنظيم مكونات السيارة يف نظام قابل للعمل‪ ،‬وبذلك يكون‬
‫عندما ننظر اىل البحر‪ ،‬سنجد منظومة مغلقة التعتمد على احد من خارجها‪ ،‬اي ان السبب والنتيجة يف دورة مغلقة‪ .‬االمساك يف‬
‫االنسان هو امل نظم‪ .‬غري اننا نعلم ان الكون بكامله يقوم على مكونات ذري ��ة‪ ،‬وأن خصائص امل ��ادة يف أصغر اشكاهلا هي اليت‬
‫البحر تعيش وتتكاثر وتأكل بدون تتدخل من خارج املنظومة‪ ،‬ولو قام احدنا مثال بصيد بضعة امساك ونقلها اىل حوض مائي يف‬
‫حددت شكل ُالعامل‪ ،‬أي النظام الكوين‪ .‬لذلك التساؤل‪ ،‬ليس فيما إذا كانت مكونات العامل قد نشأت قبل نشوء النظام‪ ،‬حىت‬
‫بيته‪ ،‬فسيكون جم ربا على ان يكون «جزء من املنظومة» اجلديدة حىت تستمر االمساك باحلياة‪ .‬بذلك‪ ،‬حنن نعلم ان حوض االمساك‬
‫احتاجت اىل ُم نظم‪ ،‬وإمنا فيما إذا كان النظام منفصل عن وجود مكونات العامل حىت حيتاج اىل ُم نظم‪.‬‬
‫حيتاج اىل « ُم نظم» الن احلوض وحده اليستطيع إبقاء االمساك على قيد احلياة‪ .‬مبعىن اخر املنظومة ناقصة بدون االنسان‪ ،‬ليكون‬
‫مثال‪ :‬نعلم ان االلكرتون هو شحنة سالبة‪ ،‬وهذا بالذات الذي حيدد مكانه يف النظام‪ .‬وإذا كان االلكرتون هو الشحنة‪ ،‬فكيف‬
‫االنسان جزء من املنظومة وليس «خالقها» فقط‪ .‬االمر نفسه بالنسبة للسيارة‪ .‬ان السيارة بدون االنسان هي منظومة ناقصة‪،‬‬
‫ميكن « تنظيمه» بعد كينونته‪ ،‬على الرغم من ان كينونته بذاهتا هي اليت حددت موقعه يف النظام؟ مبعىن اخر‪ ،‬هل ميكن لاللكرتون‬
‫الحياة فيها‪ ،‬والتتم فيها السبب والنتيجة يف دورة مغلقة‪ ،‬ولذلك نعلم ان هناك مكون ناقص يف هذه املنظومة‪ ،‬هو الذي يدل على‬
‫ان يكون بدون شحنة‪ ،‬اليت حتدد نظامه‪ ،‬ومع ذلك هو إلكرتون؟ إن افتقاد االلكرتون للشحنة يلغي انه الكرتون اساسا‪ ،‬وبالتايل‬
‫ان للسيارة صانع‪ ،‬واالمر ليس كذلك بالنسبة للطبيعة‪.‬‬
‫بدون نظام‪ ،‬كماهية‪ ،‬اليوجد الكرتون اصال‪ .‬مبعىن اخر افتقاد االشياء للنظام يف ماهيتها هو انعدام الوجود نفسه‪ ،‬الذي يفرتض‬
‫املنظومة هي اصغر عدد من املكونات‪ ،‬مع بعضها ق ��ادرة على القيام جبميع الوظائف احليوية‪ ،‬واي غياب لواحدة من املكونات‬
‫املنطق الديين انه حيتاج اىل ُم نظم‪ .‬من هنا فأن النظام هو ماهية االشياء وليس شئ مضاف لضبط الوجود‪ ،‬والميكن ان حيتاج اىل‬
‫تؤدي اىل تعطيل عمل اجملموعة متاما‪ .‬ويف مثال السيارة سيكون من املستحيل على السيارة العمل كمنظومة بدون االنسان‪ ،‬ولذلك‬
‫ُم نظم‪ ،‬لعدم انفصال النظام عن ماهية الوجود نفسها‪ .‬فما اليوجد بدون نظام الميكن تنظيمه‪ ،‬ولن حيتاج اىل ُم نظم‪.‬‬
‫فاالنسان جزء من هذه املنظومة‪ ،‬وغيابه يلغي وجود «املنظومة» كمنظومة‪ ،‬ليجعلها جمرد قطع مرتبطة ببعضها‪ ،‬وهذا الذي يدل‬
‫على فاعل‪ ،‬واالمر ليس كذلك مع الطبيعة‪.‬‬
‫دعونا نعترب ان االنسان متكن من اخ�تراع انسان آيل‪ ،‬ذك ��ي‪ ،‬ق ��ادر على تصليح نفسه وعلى بناء روب ��وت ��ات جديدة ب ��دون تتدخل‬
‫االنسان‪ ،‬وبالتايل اصبح لدينا نظام قادر على القيام بدورة كاملة بدون تتدخل خارجي‪ ،‬اليس هذا دليل على ان « للنظام ُم نظم»؟‬
‫احلوار املتمدن‬
‫ان النظام‪ ،‬يف الطبيعة‪ ،‬هو نتاج تطور افقي وعامودي‪ .‬حنن نعلم ان احليوانات واالنسان احندرت عن « موديالت» سابقة هلا‪ ،‬وبالتايل‬
‫فهي نتاج تطور عامودي‪ ،‬بالذات بسبب آلية م رتابطة بيلوجيا وفيزيائي اً جتعل وجودها ممكنا‪ .‬على العكس سنجد ان الروبوتات‬
‫معزولة زمنيا‪ ،‬وبالتايل ليست امتداد للتاريخ الطبيعي‪ .‬كما ان وجودها فيزيائيا‪ ،‬يتناقض مع فيزياء املواد اليت تتكون منها‪ ،‬من‬
‫حيث ان فل زات احلديد مثال التتحول اىل حديد صايف ضمن آلية طبيعية‪ ،‬وبالتايل معزولة عن الروبوتات‪ ،‬كمنتوج هنائي‪ ،‬فكيف‬
‫نتجت مكونات الروبوتات‪ ،‬طبيعيا‪ ،‬وليست جزء من دورة طبيعية مستقلة؟ هلذا السبب من السهل معرفة ان الروبوتات حتتاج اىل‬
‫« خالق»‪ ،‬يف حني ان الطبيعة الحتتاج‪.‬‬
‫لنقارن بني خلية وسيارة‪ .‬اخللية متلك مكونات تامة تسمح هلا القيام بوظائفها وإع ��ادة انتاج نفسها بدون تدخل خارجي‪ ،‬اهنا‬
‫التعطينا اية فرصة لالعتقاد بوجود احد لتربير وجودها‪ .‬ولو ازلنا احلمض النووي ستتوقف اخللية عن القيام بوظائفها‪ .‬االنسان‬

‫‪50‬‬ ‫‪49‬‬
‫نظامك فعل التايل عزيزي املوايل‬
‫نظامك فعل التايل عزيزي املوايل‬
‫‪ -‬يدعي أنه لكل السوريني‪ ،‬يف حني قام أو تغاضى على األقل عن عدة جمازر ارتكبت حبق مدنيني عزل من بينهم أطفال ونساء‬
‫وشيوخ على أساس طائفي‪.‬‬ ‫نظامك فعل التايل عزيزي املوايل‬
‫َ‬

‫َ‬
‫َ‬

‫‪ -‬مسح ملقاتلني أجانب من جنسيات خمتلفة (لبنانية‪ ،‬إي رانية‪ ،‬ع راقية‪ ،‬تركية) بالدخول إىل البالد وتنفيذ عمليات عسكرية‬ ‫جورج لينكولني‬
‫يقومون هبا على أساس طائفي تكفريي بالضبط كأولئك الذين دخلوا من خمتلف الدول العامل معلنني اجلهاد لنصرة أهل السنة‪.‬‬

‫‪ -‬يقوم اليوم بتجاهل الضائقة االقتصادية اليت متر هبا أنت أو أف راد عائلتك‪ ،‬ويستمر بدفع ماليني الدوالرات من االحتياطي‬
‫أنت ضد اإلسالميني املسلحني؟ ضد التكفرييني واجلهاديني الذين ملؤوا بالدنا؟ ضد السياسيني الذين يأمترون باخلارج‬ ‫هل َ‬
‫النقدي للمصرف املركزي متسبب اً بتهاوي قيمة اللرية السورية‪ ،‬وواضع اً مستقبل البالد على كف عفريت وإن انتهت احلرب‪،‬‬
‫ويتبعون تعليمات املخاب رات األوربية واألمريكية؟ ضد الكتائب املسلحة اليت تسريها مشيئة من أنشأها وميوهلا؟ حسن اً‪ ..‬إىل هنا‬
‫رافع اً الدين العام للدولة إىل ما يقارب ‪ %49‬من الدخل القومي (سابق اً كان ي رتاوح بني ‪)%5 – 4‬‬
‫اِعلم أن معظم من بدؤوا بالثورة السلمية (وأنا مسؤول عن كلمة معظم) يقفون ضد هؤالء اليوم‪ ،‬وال أحد يلومك على ذلك‪،‬‬
‫أرجوك‬
‫َ‬ ‫كنت تؤيد النظام من مبدأ عدو عدوي هو صديقي‬ ‫ولكن هناك فرق بني الوقوف ضد الثورة والوقوف مع النظام‪ ،‬إن َ‬
‫لك رأي اً فيها‪،‬‬
‫أنت مل خترت أن خيوضها‪ ،‬وليس َ‬
‫‪ -‬يزيد أسعار املواد األساسية اليت يقوم بتقدميها ورسوم األوراق الرمسية ليمول حرب اً َ‬ ‫فعليك أن تعلم أن النظام الذي تؤيده هو نظام قام ويقوم‬
‫َ‬ ‫أخاطبك… وإن مل يكن كذلك‪،‬‬ ‫َ‬ ‫فأنت أغىب من أن‬
‫ال تكمل الق راءة َ‬
‫يف حني ال ي زال ضباطه يتنعمون بسياراهتم ووقودها اجملاين اليت تقطع أمثاهنا من النقود املخصصة لدعم احملروقات اليت ستحرم‬ ‫ٍ‬
‫نظامك فعل التايل عزيزي املوايل‪:‬‬
‫َ‬ ‫أفعال ليست س راً‪ ،‬واألط راف املؤيدة للنظام تعرتف هبا‪،‬‬
‫معارضتك‪ٌ ،‬‬
‫َ‬ ‫بأفعال تستحق‬
‫منها قريب اً يف الشتاء‪.‬‬
‫‪ -‬قام بقتل متظاهرين سلميني جملرد معارضتهم له‪ ،‬وحىت لو صدقت األسطورة اليت أخربك إياها عن كون مندسني قاموا بقتل‬
‫‪ -‬تسبب بعناده مبقتل اآلالف (إن مل يكن عش رات اآلالف) من السوريني يف اجليش واالجهزة األمنية كي حتافظ اجلماعة احلاكمة‬
‫املتظاهرين السلميني فال ميكن إنكار حصول على األقل ‪ 100‬حالة‪ ..‬وأحتداك‪.‬‬
‫اليت مل تتكبد أي خسائر بشرية على موقعها يف احلكم‪.‬‬
‫‪ -‬قام باغتيال واعتقال وهتجري ممنهج للنشطاء املدنيني السلميني‪ ،‬يف حني يطلق س راح آالف اإلسالميني املوجودين يف سجونه‬
‫‪ -‬جتاهل خروج ثالث حمافظات تقريب اً بالكامل عن سيطرته تارك اً إياها لقمة سائغة لإلسالميني و خصوص اً ما يدعى اليوم‬
‫من قبل الثورة‪ ،‬ومن يتعاونون مع اجلماعة املسلحة إىل اليوم‪ ،‬مفسح اً اجملال للتيار اإلسالمي ودعاة السالح ليحتلوا الساحات‬
‫بالدولة اإلسالمية يف الع راق والشام‪ ،‬فقط لكوهنا بعيدة عن العاصمة وخطوط إمدادها اليت ارتكب جمازر حقيقية كي حيافظ‬
‫وينفذوا ما أوصلنا إىل هذا اليوم‪.‬‬
‫عليها يف القابون والغوطة عامة والقصري ومحص القدمية‪.‬‬
‫‪ -‬يدعي محاية األقليات يف حني ُس جلت العديد من حاالت قتل واعتقال وقتل حتت التعذيب لنشطاء ومثقفني من األقليات‪.‬‬
‫‪ -‬رفع البدل اخلارجي ثالثة أضعاف‪ ،‬حارم اً مئات اآلالف من الشباب السوريني من القدرة على زيارة عائالهتم يف الداخل‪،‬‬
‫ورفع تكاليف استصدار جواز السفر ومنح ميزة لألغنياء القادرين على دفع (‪ )15,000‬ل‪.‬س‪ ،‬مسامه اً بسجن من هم يف الداخل‬
‫ومن هم يف اخلارج‪ ،‬معمق اً عزلتنا االجتماعية‪.‬‬

‫‪ -‬ينصب احلواجز ويغلق الطرقات ويتسبب بازدحام جيعل املدنيني لقمة سائغة للتفج ريات اإلرهابية يف حني فروعه األمنية‬
‫ومكاتبه احلكومية ي معظمها بعيدة مبا يكفي لعدم تأذي جدار واحد منها يف حال أي انفجار حبكم إغالقه للطرقات من‬
‫حوهلا‪ ،‬نفس الطرقات اليت تتسبب باالزدحام الذي يقتل العش رات يف كل تفجري‪.‬‬

‫لك أن اجلماعات املسلحة اليت حيارهبا هي الشيطان نفسه‪ ،‬ومع ذلك حيافظ على موقع وحداته العسكرية ومستودعات‬
‫‪ -‬يقول َ‬
‫إياك لقمة سائغة – من‬
‫أنت وغريها‪ ،‬تارك اً َ‬
‫أسلحته ومنصات إطالق صوارخيه ومدافعه بالقرب وداخل مناطق مدنية تقطنها َ‬
‫خيربك هو‪ ،‬ي راهن على أخالق الشيطان‬
‫جديد – ألسلحة الشيطان اليت تفتقد للدقة‪ ،‬وتفتقد للمسؤولية جتاه املدنيني… كما َ‬
‫حبياتك‪.‬‬

‫‪ -‬أهم من كل ذلك رضي أن يبقى يف احلكم رغم اً عن مطالب شرحية واسعة من الشعب‪ ،‬حمرض اً أنصاره على املزيد من‬
‫ٍ‬
‫وانقسام هو األكرب يف تاريخ شعبنا وصل حد القتل بأبشع الطرق‪.‬‬ ‫بشرخ‬
‫التعصب يف مواالته‪ ،‬متسبب اً ٍ‬

‫خييفك به النظام هو حركة األخوان العميلة‪ ،‬والنفوذ اخلارجي‪ ،‬فلنفرتض أن‬


‫َ‬ ‫عزيزي املوايل‪ ،‬يف بداية األحداث كان البعبع الذي‬
‫ذلك األسوأ وصل‪ ،‬هل كان سيتسبب مبقتل أكثر من مئة ألف سوري؟ بتشريد نصف الشعب السوري؟ هل هناك من يستطيع‬
‫وقوفك‬
‫َ‬ ‫وقوفك إىل جانب احل راك املسلح والسلمي املعروف بالثورة…‬
‫َ‬ ‫معارضتك للنظام ال تعين‬
‫َ‬ ‫أن يتسبب بكل هذا احلقد؟‬
‫ِ‬
‫وقوفك إىل جانب شعبك‪ ،‬انسى كل هذا الكالم‪ ،‬وفكر مرتني من جديد‪.‬‬ ‫وقوفك ضد الظلم‪،‬‬ ‫ضد النظام يعين‬
‫َ‬ ‫َ‬

‫‪52‬‬ ‫‪51‬‬
‫أخاف عليك يا سوريا ‪....‬‬
‫أخاف عليك يا سوريا ‪....‬‬
‫إذا انتهت األزمة أن يعيد الزمان نفسه كما حصل يف الثمانينات ‪....‬‬
‫أن تعود اجلوامع الغالية الثمن لتبىن عوض اً عن امل راكز العلمية و م راكز األحباث وامل راكز الثقافية واملكتبات‪....‬‬
‫أن تعود تلك الش رائط اليت تباع لشيوخ العهر والنكاح ليصدح صوهتا املرتفع يف وسائط النقل العامة و يف كل زاوية من زوايا أزقة‬
‫املناطق الشعبية املوبؤة‪....‬‬
‫أن تعود معاهد تعليم اإلرهاب الديين و املدارس الشرعي`ة اإلرهابية و حتفيظ فتاوى النكاح و اجلهاد‪...‬‬
‫املتحج ر يوزعون النظ رات التكفريية لكل من ال ميشي على هواهم‪....‬‬ ‫ّ‬ ‫أن نرى أصحاب الذقون و أصحاب الدين‬
‫أن نبقى نسمع خطب اجلمعة مبا حتمله تلك اخلطب من رسائل مب طّنة لبذرة إرهاب أعمى من تكفري لدين وسحق لطائفة وقتل‬
‫ملرتد ‪...‬‬
‫ال نريد لسوريا أن تكون مصدر اإلرهاب الديين و الص راع الطائفي و اضطهاد أقليات‪...‬‬
‫بل نريدها مصدر العلم و الثقافة والفن و احلرية الفكرية والدميق راطية و العلمانية ‪...‬‬
‫أخاف عليك يا سوريا ‪.......‬وسأظل أخاف‪.‬‬

‫وائل امسر‬

‫‪54‬‬ ‫‪53‬‬
‫لتحميل املجلة‬
issuu
www.issuu.com/i-think-magazine
Mediafire
www.mediafire.com/?odd3nd897q2ne
Box
www.box.com/s/zhvvajbeglqpq2enaqzp
facebook
www.facebook.com/I.Think.Magazine
Web
www.ithinkmag.net
www.i-think-magazine.blogspot.com

‫عيشوا سعداء‬...ً‫شكرا‬

You might also like

  • 21
    21
    Document65 pages
    21
    OrwaB.Al-Shara'a
    No ratings yet
  • 31 PDF
    31 PDF
    Document57 pages
    31 PDF
    OrwaB.Al-Shara'a
    No ratings yet
  • 11
    11
    Document73 pages
    11
    OrwaB.Al-Shara'a
    No ratings yet
  • 17
    17
    Document68 pages
    17
    OrwaB.Al-Shara'a
    No ratings yet