You are on page 1of 24

‫تعليم العربيّة للناطقين بغيرها‬

‫ُمشكالت وحلول‬
‫الجامعة األردنية نموذجا‬
‫إعداد‬
‫د‪ .‬عوني الفاعوري‬ ‫د‪ .‬خالد أبو عمشة‬
‫ال َجام َعة األردنية‪0‬‬

‫ملخص‬
‫يهدف هذا البحث إلى مدارسة ظاهرة تعليم اللغة العربية بوصفها لغة ثانية‬ ‫ُ‬
‫ي وما هو‬ ‫بين ما هو نظر ّ‬ ‫َوفق نظريات األلسنية التّطبيقيّة‪ ،‬القائمة على ال ُمزاوجة َ‬
‫عمل ّي‪َ .‬ومن أجل تقديم هذه الظاهرة بصورتها الواقعيّة الحقيقيّة فإنّه ت ّم تجزئة‬
‫البحث إلى أربعة محاور رئيسة‪ ،‬تمحورت حول مستويات العربية‪ :‬الصوتية‬
‫والصرفية والنحوية والداللية وتعليم العربية بوصفها لغة ثانية‪ .‬وارتباطُ تلك‬
‫المستويات بعمليّة تعلّم العربية وتعليمها من حيث‪ :‬األهداف اللغوية و طرائق‬
‫البحث إلى محور العملية التعليمية‬ ‫ُ‬ ‫التدريس والمناهج وطرق التقويم‪ ،‬وتطرّق‬
‫وموجّه دفّتها‪ ،‬المدرس‪ ،‬والعالئق التي تربطه بما سبق و ِعماد العملية بر ّمتها‬
‫الطالب من حيث خصائصه النفسية واالجتماعية واللغوية‪.‬‬
‫وقد خلص البحث إلى أهمية‪ :‬توقع الصّعوبات التعلميّة التي يمكن أن‬
‫يواجهها متعلمو العربية بوصفها لغة ثانية‪ ،‬واإللمام بِالمميزات اإلنسانية واللغوية‬
‫أثر واضح في العمليّة التّعلميّة‬
‫والفكرية والحضارية للدارس لما لها من ٍ‬
‫والتعليميّة‪ ،‬وضرورة إتقان المدرس للمهارات التي تطلّبها العملية التدريسيّة‪:‬‬
‫اللغوية والثقافيّة والمهنيّة‪.‬‬

‫‪Abstract‬‬
‫‪This research aims at studying teaching Arabic as a second language relying on‬‬
‫‪language application theories, based on pairing theory and application. To show this,‬‬
‫‪this study is divided into four main parts, phonology, Etymology, Syntax, and‬‬
‫‪Semantics. Then it explicates how these parts are connected to teaching and learning‬‬
‫‪Arabic through language goals, teaching methodologies, pedagogy and evaluation.‬‬
‫‪This study is furthered to investigate the teacher and how he/she relates to core of the‬‬
‫‪entire purpose concerning the students’ psychological, social, and linguistic‬‬
‫‪characteristics.‬‬
‫‪The research shows the importance of the difficulties which students encounter‬‬
‫‪regarding humane characteristics, linguistic, ideologies, and civilization of the learner.‬‬
‫‪All in all, this is crucial because the teacher must posses the scholastic skills such as:‬‬
‫‪linguistic, culture, and profession.‬‬

‫‪1‬‬
‫تعليم العربيّة‪ 0‬للناطقين‪ 0‬بغيرها ‪ُ :‬مشكالت وحلول‬
‫الجامعة األردنية‪ 0‬نموذجُا‪ًُ€0‬‬
‫إعداد‬
‫د‪ .‬عوني‬ ‫خالد أبو عمشة *‬
‫الفاعوري**‬
‫ال َجام َعة األردنية‪0‬‬
‫ارتأينا أن يتكئ منهجنا في هذا البحث على المالحظة والتجريب المباشر‬
‫واالحتكاك المستمر مع طلبة شعبة اللغة العربية‪ 0‬للناطقين‪ 0‬بغيرها‪ ،‬في مركز‬
‫اللغات بالجامعة األردنية‪ 0،‬ولعل ال ّدافع األساس الذي كان وراء كتابة هذا‬
‫البحث هو تلك المحاورات التي استثمرت في دورات أساليب تعليم اللغة‬
‫العربية للنلطقين بغيرها‪ ،‬التي داب مركز اللغات على عقدها ك ّل فصل دراسي‬
‫حتى يعمم خبراته وإنجازاته‪ .‬وقد تع ّودنا أن نق ّدم لهؤالء المشتركين من‬
‫المدرسين والمدرّسات عصارة خبراتنا وتجاربنا في المركز القائمة على أسس‬
‫عملية‪ ،‬عدا عن دراساتنا النظرية‪ 0‬المعمقة في هذا الحقل‪ ،‬التي اكتسبناها أيّام‬
‫التحصيل العلمي وبعده‪ ،‬ولّما كان حرصهم بالغا ً في الحصول على هذه‬
‫المالحظات والتجارب والرؤى مكتوبة تبادر إلى أذهاننا تضمينها في هذا‬
‫البحث‪.‬‬
‫يحاول المشتغلون بتعليم اللغات الحيّة دائما ً البحث عن أيسر الطرق‬
‫ي شيء‬ ‫وأسهلها إليصال أهدافهم اللغوية في أسرع وقت ممكن‪ ،‬لذلك ّ‬
‫فإن أ ّ‬
‫يقف في طريقهم يع ّدونه مشكلة حتى يجدوا له حالّ‪ ،‬والفارق هنا بين تعليم‬
‫أن اللغات األخرى قد ُعكف‬ ‫العربية لغير أهلها وبين تعليم اللغات األخرى‪ّ ،‬‬
‫أكان ذلك بدوافعهم الشخصية أم بدعم‬ ‫على دراستها منذ عشرات السنين‪ ،‬سواء َ‬
‫من حكومات بالدهم‪ ،‬وقّدمت حولها أبحاث ومؤتمرات وندوات يصعب على‬
‫المرء المتخصص حصر أسمائها‪ ،‬بينما ما زلنا في الخطوات األولى في تعليم‬
‫العربية للناطقين بغيرها‪.‬‬
‫و ِمن الطّبيعي أن يواجه المهتمون بتعليم اللغة العربيّة‪ 0‬للناطقين‪ 0‬بغيرها‬
‫ت ج ّمة‪ ،‬فَ ِمن خالل خبرتنا وتجربتنا المنبثقة‪ 0‬من ميدان تعليم العربية‪0‬‬
‫عقبا ٍ‬
‫للناطقين ِبها في مركز اللغات التابع للجامعة األردنية‪ 0،‬يمكننا إجمال هذه‬
‫ت كالتالي‪:‬‬
‫العقبات في دوائر أربع‪ ،‬تتفرع إلى حلقا ٍ‬
‫‪----------------------------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫*محاضر – الجامعة األردنية‪.‬‬
‫**أستاذ مساعد – الجامعة األردنيّة‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫اإل ْشكاليّات التي تعود إلى اللغة العربيّة نفسها‪ ،‬فالمشتغلون‬ ‫أوالّ‪:‬‬
‫باللسانيّات العربيّة خاصّة اللغويّات التّطبيقيّة‪ ،‬طرقوا أبوابا ً عديدة‬
‫ِمن الصّعوبات التي وصفوها بالكؤود‪ ،‬فمنذ قرون طويلة‪ 0‬وهم‬
‫يحاولون التيسير والتّسهيل‪ ،‬منذ محاوالت ابن مضاء القرطبي‬
‫مروراً باجتهادات الدكتور نهاد الموسى إلى محاوالت الدكتور‬
‫شوقي ضيف وغيرهم‪ ،‬ويعترف علماء اللسانيات العربية‪ 0‬في شتى‬
‫ت كثيرة‬ ‫البالد‪ 0‬العربية‪ 0‬بأن عملية تعليم العربية يواجه مشكال ٍ‬
‫وصعوبات ج ّمة؛ لذلك نجدهم عاكفين على محاوالت تيسير عملية‬
‫كان هذا حالهم مع أبناء العربيّة‪ ،‬فِمن الطبيعي‬ ‫تعليم العربية‪ ،‬فإذا َ‬
‫ت أكبر أو أكثر تعقيداً عند متعلمي العربية من‬ ‫أن نواجه مشكال ٍ‬
‫الناطقين‪ 0‬بغيرها‪ ،‬وإن اختلفت في طبيعتها ودرجة صعوبتها‪.‬‬

‫اإل ْشكاليّات التي تتعلق‪ 0‬بعمليّة التعلّم والتعليم‪ 0‬في ح ّد ذاتِهما‪ ،‬وقد‬ ‫ثانياً‪:‬‬
‫قام علماء اللغة والتربية‪ ،‬وعلماء علم اللغة النفسي واالجتماعي‬
‫وغيرهم بدراسة الظاهرة اللغوية‪ 0‬من أجل الوصول إلى أيسر‬
‫الطرق‪ 0‬في تعليم العربيّة‪ .‬وتتمثل‪ 0‬عمليّة التعلّم والتعليم‪ 0‬في أربعة‬
‫أوجه‪ :‬األهداف‪ ،‬وطرق التّدريس‪ ،‬والمناهج التعليميّة‪ 0،‬وطرائق‪0‬‬
‫التّقويم‪.‬‬

‫اإل ْشكاليّات التي ترتبطُ‪ 0‬بدارسي اللغة العربيّة أنفسهم‪ ،‬إذ يمتلكون‬ ‫ثالِثاً‪:‬‬
‫أنظمة‪ 0‬لغوية لها خصائصها الصّوتية‪ ،‬والنّحوية‪ ،‬والصرفيّة‪،‬‬
‫وال ّدالليّة‪ ،‬والتّركيبيّة تنماز بها‪ ،‬وهذا أمر طبيعي نظراً الختالف‬
‫ع‪ 0‬في تأدية‬‫الجنسيات ومسالكهم اللغوية واللهجيّة‪ ،‬مما أدى إلى تن ّو ٍ‬
‫اللغات اإلنسانيّة‪ ،‬وفوق ذلك كلّه المميزات اإلنسانيّة‪ 0‬وال ّشخصية‬
‫لدى ك ّل دارس أث ٌر واضح في حدوث هذا التباين‪.‬‬

‫رابِعاً‪ :‬إ ْشكاليّة وجود المدرّس المتخصص الذي يتمتّع بصفات تؤهّله‬
‫للقيام بهذه المهمة على أكمل وجه‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫إ ْشكاليّات تعليم اللغة العربية للناطقين بها‬

‫تناولت كتب اللغة منذ القرن الثاني للهجرة مسائل العربية بالجمع والتحليل‬
‫والدراسة‪ ،‬مبديةً موا ِط َن سهولتها وصعوبتها‪ ،‬من خالل تقعيدها وتوصيفها بمناهج‬
‫وطرائق مختلفة‪ ،‬واستم ّر األمر في دراسة هذه الصعوبات أو الظواهر اللغوية‬
‫المائزة للغة العربيّة حتى عصرنا الحاضر‪ 0،‬إذ أفرزت لمهارات اللغة العربيّة‬
‫ت لغوية خاصّة تتح ّدث عن المهارات اللغوية األربع‪ :‬االستماع والمحادثة‬ ‫مصنّفا ٍ‬
‫والقراءة والكتابة‪ ،‬وعن عناصر مكونات اللغة العربية‪ :‬األصوات والنحو‬
‫والصرف‪ ،‬وال ّداللة‪ ،‬وقد عكف بعض العلماء في شتى بقاع البالد العربية لهذا‬
‫الموضوع‪ ،‬ول ّما كان موضوع هذا البحث التطرق لصعوبات العربية للناطقين‬
‫بغيرها‪ ،‬فسنكتفي بعرض أبرز تلك الصعوبات‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪ -‬نظرية العامل ومناداة العلماء اللغويين القدامى منهم والمحدثين بإلغائها‪،‬‬
‫ورفض القياس والعلل النحوية‪ ،‬وتقديم النحو بعيداً عن مواطن الخالف‬
‫واألقوال المتع ّددة‪.‬‬
‫‪ -‬مسألة االزدواجيّة اللغوية (الفصحى والعاميّة) وأثرها في الحياة العملية‬
‫والعلميّة‪ ،‬وإشكاالتها في تعليم العربية على مستويين مختلفين‪.‬‬
‫‪ -‬مظاهر تقعيد اللغة العربية الفصحى بقوانين نحويّة وصرفيّة أكثر ما ته ّم‬
‫المتخصصون وليس الطّالب‪.‬‬
‫‪ -‬ظاهرة الكتابة العربية وخل ّوها من الحروف المصوتة (الحركات)‪0.‬‬
‫‪ -‬قضيّة اإلمالء العربي وتنوعاته في كتابة الهمزة المتطرفة والمتوسطة‪.‬‬
‫‪ -‬ظاهرة األصوات المنطوقة وغير المكتوبة في األسماء واألفعال‪.‬‬
‫‪ -‬نظام اإلعراب وأثره في البناء التركيبي العربي‪.‬‬
‫‪ -‬إشكاليّة المعجم العربي والمعجميّة‪ ،‬وأثر خل ّو السّاحة العربيّة من المعاجم‬
‫التّاريخية المناسبة لتعليم العربيّة ‪.‬‬
‫‪ -‬ظاهرة عدم قدرة اللغة العربية عن الوفاء بمتطلبات التق ّدم العلمي اللغوية‪.‬‬
‫‪ -‬مسألة القدرة على التعبير الكتابي لدى الطّلبة العرب التي توصف – أحيانا ً‬
‫– بالضّعف نظراً لقلّة الثروة المفرداتيّة لديهم‪.‬‬
‫‪ -‬االتجاه الفلسفي والعقلي‪ ،‬واتباع مناهج المتكلمين والفقهاء في دراسة النحو‬
‫وتقديمه‪.‬‬
‫‪ -‬ظهور الدالالت المستحدثة لبعض المفردات العربية‪ ،‬غير المثبتة في‬
‫المعاجم العربيّة (قضيّة المعنى وال ّداللة)‪.‬‬
‫‪ -‬وإشكاليّات أخرى تخرج عن نطاق هذا البحث (‪.)1‬‬

‫‪4‬‬
‫إ ْشكاليّات تعليم العربية‪ 0‬للناطقين‪ 0‬بغيرها‬

‫ينتمي معظم منتسبي مركز اللغات في الجامعة األردنية إلى جنسيات‬


‫ع ّدة‪ّ ،‬‬
‫لكن الناظم الجامع بينهم إتقان اللغة اإلنجليزية‪ 0‬لكونهم قادمين – في‬
‫بلدان ناطقة أصالً باللغة اإلنجليزية بوصفها اللغة األم‪ ،‬وهذا ما‬
‫ٍ‬ ‫الغالب – من‬
‫بين المدرس والطالب –‬ ‫َج َعل اإلنجليزية‪ 0‬لغة وسيطة في العملية التعليمية‪َ 0‬‬
‫خاصة في المستويات المبتدئة‪ – 0‬باستثناء عدد غير كثير ممن لديهم المعرفة‬
‫قليلة باللغة اإلنجليزية‪ 0‬وبشكل خاص الذين يأتون من بال ٍد ليست اإلنجليزية لغة‬
‫األم‪ ،‬ومع إطاللة ك ّل فصل دراسي نحاول وضع الصعوبات المتوقعة من‬
‫خالل خبراتنا السابقة فضالً عن االعتماد على بعض البيانات المتعلقة‪ 0‬بالطلبة‬
‫الدارسين في لمركز‪.‬‬

‫وأولى تلك القضايا التي قد تشك ّل صعوبة للدراسين‪ ،‬مسألة األصوات‬


‫العربيّة‪ ،‬إذ ال ب ّد من معرفة ّ‬
‫أن هذه األصوات بالنسبة للدراسين يمكن تقسيمها‬
‫إلى أقسام ثالثة من حيث السهولة والصعوبة‪:‬‬

‫المجموعة األولى‪ :‬وهي مجموعة األصوات المشتركة مع لغات الطّلبة‪0‬‬


‫وخاصة مع اللغة اإلنجليزية‪ ،‬لذلك ال نتوقع أيّة صعوبة تذكر‪،‬‬
‫إذا ما استطعنا تقديمها بصورة منطقية مناسبة‪ ،‬ومن خالل‬
‫تدريبات لغوية مدروسة‪ ،‬وتتمثل تلك األصوات في ‪ :‬ب ‪ /‬ت ‪/‬‬
‫ج‪/‬د‪/‬ر‪/‬ز‪/‬س‪/‬ش‪ /‬ف‪/‬ك‪/‬ل‪/‬م‪/‬ن‪/‬و‪/‬ي‪./‬‬

‫إن أصوات هذه المجموعة في الغالب ليست في مخارج‬ ‫المجموعة الثانية‪َّ :‬‬
‫لغات الدراسين الصوتية‪ ،‬لكن هناك ما يقاربها في المخرج‬
‫والصوت‪ ،‬وك ّل ما تحتاجه هذه األصوات تقديمها بعناية‬
‫كبيرة وتركيز شديد‪ ،‬فضالً عن االعتماد الهائل على‬
‫التدريبات المكثفة‪ ،‬والتعزيز‪ ،‬وتتمثل هذه األصوات في‪ / :‬أ ‪/‬‬
‫ث‪/‬خ‪/‬ذ‪/‬ط‪/‬ظ‪/‬ص‪/‬ض‪/‬غ‪./‬‬

‫المجموعة الثالثة‪ :‬تستحق هذه الفئة من األصوات أن نطلق عليها إشكاالً في‬
‫تعليم العربية‪ ،‬ويُلحظُ فيها مدى صعوبة تعلّم بعض الطلبة‬
‫لبعض هذه األصوات التي توصف ‪ -‬أحيانا – بأنها تمثّل‬

‫‪5‬‬
‫مشكلة لغويّة لديهم‪ ،‬وتتمثل‪ 0‬هذه األصوات في‪ / :‬ح ‪ /‬ع ‪ /‬ق ‪/‬‬
‫هـ ‪. /‬‬

‫ويتخلّ ُل هذه المسألة بعضا ً من المظاهر الصوتية التي قد تؤ ّدي إلى نفور‬
‫بعض متعلمي العربيّة لما تتطلّبه‪ 0‬من جه ٍد لغوي كبير من الطالب والمدرس‬
‫ت نفسه‪ ،‬ويمكن إجمال هذه المظاهر بما يلي‪:‬‬ ‫في الوق ِ‬

‫أوالً‪ :‬ظاهرة الصّوائت القصيرة والطويلة‪ ،‬وتتمثل‪ 0‬هذه الصعوبة في عدم‬


‫القدرة أحيانا ً على التمييز بين صائت الفتحة بالمقارنة مع ألف المد‪ ،‬أو‬
‫الضّمة مع واو الم ّد‪ ،‬أو الكسرة مع ياء الم ّد‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬امتازت اللغة العربية بظاهرة التنوين‪ 0‬عن بقيّة لغات العالم‪ ،‬ولذلك ّ‬
‫فإن‬
‫طويل حتى يتم ّكن الطالب‬
‫ٍ‬ ‫ت‬
‫تفرّد العربية‪ 0‬بهذه الظاهرة يحتا ُج إلى وق ٍ‬
‫من إتقانها‪ ،‬باإلضافة إلى تماثلهما الكتابي مع حرف النون ونطقها مما‬
‫يزيد من صعوبة تعلّمها لدى المتعلّم األجنبي‪.‬‬

‫ثالثاً‪ :‬ظاهرة التشابه الصوتي َ‬


‫بين صوت األلف الممدودة والمقصورة‪ ،‬إذ ّ‬
‫إن‬
‫صوتيهما متقاربان من بعضهما البعض‪ ،‬فيصعبُ على الدارس األجنبي‬
‫التمييز بينهما أحياناً‪.‬‬

‫رابعاً‪ :‬ظاهرة تع ّدد تأدية األصوات (تفخيمها‪ ،‬ترقيقها‪ ،‬تسهيلها‪ ،‬تخفيفها) التي‬
‫ينتج عنها خلط لدى الدارسين بين الصوت المنطوق‪ 0‬وشكله المكتوب‪،‬‬
‫أكان ذلك بسبب طريقة األداء اللغوي المتأثرة باللهجة‪ ،‬أم اقتران‬
‫سوا ًء َ‬
‫ذلك الصوت بالضّمة‪ ،‬أو مجاورته لصوت مف ّخم‪.‬‬

‫خا ِمساً‪:‬ظاهرة اختالف بعض األصوات نطقا ً وكتابةً‪ ،‬وتمثّل التاء مع الهاء هذه‬
‫الظاهرة‪ ،‬باإلضافة إلى مسألة التّاء المفتوحة وخلطها بالتّاء المربوطة‪.‬‬

‫سادساً‪ :‬ظاهرة إلصاق "أل التّعريف" بنوعيها‪ :‬الشمسية والقمريّة‪ ،‬والنّطق‪0‬‬


‫بالالم وعدم النّطق بها‪ ،‬حيث تع ّد من صلب اإلشكاالت الصوتية التي‬
‫يواجهها متعلمو العربية‪ ،‬خاصة في أدائها الصوتي في حالة بدء الجمل‬
‫بها أو في حالة كونها في أواسط الجُمل‪ ،‬وتمثّل هذه الظاهرة اللغوية‬
‫صعوبة لدى المتعلمين‪ 0‬لسببين‪ 0‬لغويين‪ ،‬هما‪:‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬اشتراك النوعين‪ 0‬بالشكل الكتابي (الرسم اإلمالئي)‪.‬‬
‫‪ -‬ارتباط نطق‪ 0‬الالم بطبيعة‪ 0‬الصوت الذي يأتي بعدها‪.‬‬
‫سابِعاً‪ :‬ظاهرة تأدية صوت الهمزة المتع ّدد‪ ،‬واختالف العلماء في تحديد القاعدة‬
‫اإلمالئية‪ 0‬التي تحدد شكلها الكتابي؛ أ ّديا إلى تعقيد المسألة‪ ،‬فبعض العلماء‬
‫أن حركة ما‬ ‫الصرفيين اعتمد حركة الهمزة ذاتها‪ ،‬وبعضهم اآلخر رأى ّ‬
‫قبل الهمزة هو المعيار في تحديد شكل كتابة الهمزة‪ .‬ولذلك ّ‬
‫فإن على‬
‫الطّالب في ظ ّل هذه الحالة معرفة هاتين القاعدتين حتى يتمكن من إتقان‬
‫أن طرق التأدية النّطقيّة‪ 0‬المتع ّددة لهذا الصوت‪ ،‬زا َد من‬
‫كتابتها‪ ،‬وكما ّ‬
‫فإن العربيّة‪ 0‬الفصحى أوجدت مظاهر تح ّول‬ ‫صعوبة تعلّم هذا الصوت‪ّ ،‬‬
‫له كثيرة‪ ،‬كما فعلت اللغة ال ّدارجة‪.‬‬

‫ثا ِمناً‪ :‬همزتا الوصل والقطع وأداؤهما الصوتي‪ ،‬يُلحظ بوضوح ظهور هذه‬
‫المشكلة لدى متعلّمي العربية‪ .‬وهي مسألة صوتية في شكلها الخارجي‪،‬‬
‫مع إغفال بعدها المعرفي ذي الجانب التركيبي للغة‪.‬‬

‫تا ِسعاً‪ :‬ونذك ُر أخيراً بعض األصوات التي ترافق بعض الكلمات من غير تمثّلها‬
‫كتابيّاً‪ ،‬نحو بعض أسماء اإلشارة وغيرها‪.‬‬

‫كانت تلك هي بعض القضايا التي ألفناها وما ِزلنا نتعايش معها في تعليم‬
‫النظام الصوتي للغة العربية‪ ،‬وتجدر اإلشارة‪ ،‬أننا قُمنا بع ّدة محاوالت تربويّة‬
‫بشكل يؤدي إلى تقليل تبعاتها في‬
‫ٍ‬ ‫وتعليميّة تهدف إلى التعامل مع هذه القضايا‬
‫بين الزمالء في المركز يحددون‬ ‫ت خاصّة َ‬ ‫العمليّة التعليميّة‪ 0،‬وما زلنا نعقد دورا ٍ‬
‫فيها القضايا ومن ث ّم يظهرون النتائج‪ ،‬ويعملون على إيجاد الحلول والطرق‬
‫المناسبة للتعامل معها‪ ،‬ومن الخطوات األخرى التي َسلكناها‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬يض ّم مركز اللغات بالجامعة األردنية ستّة مستويات لغوية قابلة‬
‫للتعديل‪ 0‬زيادة ونقصانا ً وفق الحاجة؛ ولذلك فإنّه يولي المستوى‬
‫بين تلك المستويات عناية خاصّة‪ ،‬إذ قا َم المركز بتأليف‬ ‫األ ّول من ِ‬
‫مناهج خاصّة تتوافق‪ 0‬وقدرات طلبة المستوى األول‪ ،‬كما أنّه يضع‬
‫مؤهالت خاصة لمدرس هذا المستوى‪ ،‬حيث يتطلب هذا المستوى‬
‫من أن يكون لمدرسه معرفة تفصيليّة‪ 0‬باألصوات العربية مخرجا ً‬
‫وملمحا ً مميزاً‪ ،‬حتى يجيد توصيل الصّوت العربي بطريقة‪0‬‬
‫مراعية للمخرج والصّفة المميزة‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫كما أنّه يطلب من مدرّس المستوى األ ّول ّ‬
‫أن تكون لديه الكفاية‬
‫الجيّدة في اللغة الوسيطة‪ ،‬حتّى يُسهل عليه التّواصل اللغوي مع‬
‫الطّلبة‪ ،‬وفوق هذين المؤهلين الالزمين لكل مدرّس يدرس طلبة‬
‫المستوى األ ّول فإنّه يُطلب منه أن تكون لديه الحصيلة التربوية‬
‫الثقافيّة في أساليب تقديم العربية للمستوى األ ّول وتقويمها؛ ولذلك‬
‫فإن عدداً قليالً من ال ّزمالء تكون لديهم الرّغبة في تدريس‬
‫ّ‬
‫المستوى األ ّول‪.‬‬

‫للمنهج دو ٌر مهم في تقديم األصوات العربية‪ ،‬وهو الزمة ضروريّة‬ ‫ثانياً‪:‬‬


‫لتمثّل األصوات العربيّة‪ ،‬كما هي ضرورة وجود المدرس‬
‫صادر عن واقع التجربة‬ ‫ٍ‬ ‫المناسب؛ ولذلك قام ال ّزمالء بتأليف منهج‬
‫المعاشة‪ ،‬آخذاً مجموع المالحظات الميدانيّة من ال ّزمالءالذين‬
‫تخصصوا في تدريس هذا المستوى‪ ،‬ويطبق هذا المنهج فصليّا ً‬
‫حيث تسجّل المالحظات المستجّدة لغايات تعديله‪ 0‬مستقبالً‪.‬‬

‫االهتمام الشديد والتركيز المكثف في المستوى األول على مهارة‬ ‫ثالثاً‪:‬‬


‫االستماع والترديد‪ ،‬حيث استطعنا توظيف مختبرات مركز اللغات‬
‫في هذه المسألة أيّما توظيف‪ ،‬يعكس صورتَه أدا ُء الطلبة مع نهاية‬
‫المستوى األول‪ .‬لذلك كانت خطتنا في التدريس تقوم على التأكيد‬
‫على تعويد آذان الطلبة‪ 0‬على االستماع لألصوات العربية‪ 0‬بتشكالت‬
‫صوتية مختلفة‪ ،‬مباشرة من المدرس أو آلة التسجيل‪ ،‬بصوت رجل‬
‫أو امرأة‪ ،‬صغير أو كبير في السن‪.‬‬

‫رابعاً‪ :‬معالجة القضايا الصوتية‪ 0‬على مبدأ التدرّج المدروس‪ ،‬حيث ال يت ّم‬
‫االنتقال من ظاهرة صوتية إلى أخرى إال حين التأكد من السيطرة‬
‫عليها وامتالكها من قبل الطلبة‪ ،‬فضالً عن عدم الخوض في‬
‫كان سببا ً من أسباب نجاحنا‪.‬‬
‫قضييتين صوتيين في آن واحد‪َ ،‬‬

‫خا ِمساً‪ :‬فَمن العناصر المهمة التي ساعدتنا على اختفاء هذه المظاهر‬
‫الصوتية في المستوى األول طريقة تقديم األصوات العربيّة‬
‫للطلبة‪ 0،‬إذ نتّبع الطريقة اآلتية‪:‬‬

‫‪8‬‬
‫تقديم األصوات على شكل مجموعات متشابه في أشكال الكتابة‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫ومواقعها المختلفة في الكلمة‪.‬‬
‫ربط الصّوت بعدد النّقاط التي تكون فوقه أو تحته‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫تطوير الصّوت مع حركته الصّوتية مقطعيّاً‪ ،‬وذلك بربط الصّوت‬ ‫‪-‬‬
‫مع حروف ال ّمد واللين‪.‬‬
‫اختيار مجموعة ِمن المفردات ذات داللة ماديّة تتمثل فيها‬ ‫‪-‬‬
‫األصوات المدروسة متضمنة الحركات القصيرة والطويلة‪.‬‬
‫إن هذه المنهجيّة تساعدنا في تقديم المظاهر الصوتية‪ 0‬للصوت‬ ‫ّ‬ ‫‪-‬‬
‫العربي (تنوين‪ ،‬أل القمرية والشمسية‪ ،‬والتّضعيف‪ ،‬إلخ)‪.‬‬

‫سادساً‪ :‬أ ّما وسائل اإليضاح أو ما يطلق عليها بالتقنيات التربوية‪ ،‬فهنا‬
‫مجالها‪ ،‬والمدرس المبدع‪ 0‬هو الذي يستطيع التعامل معها‪،‬‬
‫وتطويعها لما يخدم أهدافه اللغوية‪ ،‬من تسجيالت وبطاقات‪،‬‬
‫وصور‪ ،‬ومواقف صوتية حقيقية‪.‬‬

‫سابعاً‪ :‬تعويد الدارسين على القراءة الصحيحة منذ المستوى األ ّول‪،‬‬
‫بصرف النظر‪ 0‬عن الطريقة التي يسلكها المدرس من كلية أو‬
‫جزئية‪ ،‬فالمهم هو إكساب الطلبة‪ 0‬القدرة على القراءة الصوتية‬
‫الصحيحة‪.‬‬

‫إشكاالت تدريس المحادثة‬

‫ال تبدأ مشكالت مهارة المحادثة أو التعبير الشفوي من حدوث بعض‬


‫االهتزازات أو الرّكاكة في طرائق‪ 0‬تعبير الطلبة‪ 0،‬أو القدرة على التحدث رغم‬
‫وجود المفردات اللغوية‪ 0‬المطلوبة إلجراء المحادثة‪ ،‬بل تبدأ‪ 0‬بالمصطلح‬
‫وطرائق تعامل المؤلفين معها ومن ث ّم المدرسين‪ ،‬لذلك رأينا أن نق ّدم رؤية‬
‫كاملة حول هذا الموضوع بدءاً من المصطلحات ‪ ،‬حيث لو تتبعنا‬
‫المصطلحات التي تطلق‪ 0‬على هذه المهارة بالذات‪ ،‬لوجدنا أنها تترواح بين‪:‬‬
‫المحادثة‪ ،‬التحدث‪ ،‬الكالم‪ ،‬التكلم‪ ،‬التعبير الشفوي‪ .‬ولو توقفنا على داللتها في‬
‫المعاجم العربية‪ 0‬من لسان العرب وغيرها سوف نخر ُج ّ‬
‫بأن المعاجم اللغوية لم‬
‫تضع حدوداً فاصلة بين هذه المصطلحات‪ 0‬الشائعة في كتب تعليم العربية للناطقين‬
‫بغيرها‪ ،‬سوى ما قد نستطيع استخالصه وفقا ً للرؤى اللسانية الحديثة‪ .‬مما فتح‬
‫المجال واسعا ً الجتهادات االستخدام‪ .‬وفيما نراه من خالل فهمنا اللغوي وواقع‬
‫‪9‬‬
‫استخدامنا التعليمي‪ ،‬يمكن أن نعتبر ّ‬
‫إن تدريس األصوات يقع خارج نطاق المحادثة‬
‫وفق مفهومها الداللي‪ ،‬حيث هي اللبنة األولى في صرحها‪.‬‬

‫أما مصطلحا الكالم والحديث فهما يأتيان ألغراض تواصلية تمكن الدارس‬
‫من االندماج في المجتمع وتساعده على تلبية حاجاته وأهدافه وغاياته‪ ،‬ولكنها ال‬
‫تخرج عن المفهوم الوظيفي للغة‪.‬‬

‫أما المحادثة والتح ّدث فهما ما يمكن أن نع ّدها القدرة على التعبير الحر دون‬
‫حاجة إلى أن يكون لدى الدارس فكرة عن طبيعة الحوار أو الحديث أو المناقشة‪،‬‬
‫فضالً عن قدرته فيها على المبادأة في التح ّدث والمناقشة‪.‬‬

‫بين الحديث والكالم من جهة والتح ّدث‬ ‫في حين يجمع مصلح التعبير َ‬
‫والمحادثة من جهة أخرى‪ ،‬فإذا أردنا التعميم في القدرة على األداء اللغوي‬
‫استخدمنا هذا المصطلح وكثيراً ما يميل الدارسون والمشتغلون بعلم تعليم العربيّة‬
‫إليه على هذا األساس‪ .‬فهو يمثل المرحلة الوظيفية التواصلية والوظيفية والمرحلة‬
‫اإلبداعية‪ .‬وليس من السهولة بمكان أن تجد كتابا ً يعالج مثل هذه القضايا‪ 0‬النظرية‪،‬‬
‫ول ّما كانت حاجتنا للوقوف على دقائق هذه األمور قمنا بتقصي بعض الكتب‬
‫المتخصصة في تعليم العربية للناطقين بغيرها لنجد أنّها تق ّدم المحادثة (التعبير‬
‫الشفوي) على ثالثة مستويات‪ ،‬أو تفسمه إلى ثالثة أقسام‪ ،‬هي‪:‬‬

‫ويختص هذا بالمستويات األولى‪.‬‬ ‫‪ -‬تعبير مقيّد ‪ /‬محادثة مقيّدة‬


‫‪ /‬محادثة موجّهة ويختص هذا بالمستويات المتوسطة‪.‬‬ ‫‪ -‬تعبير موجّه‬
‫ويختص هذا بالمستويات المتقدمة‪.‬‬ ‫‪ -‬تعبير ح ّر ‪ /‬محادثة حرّة‬

‫إن المشتغلين في تدريس العربية يق ّدمونها في مستويين ‪:‬‬


‫َّ‬

‫بين الطّلبة‪ ،‬إذ يلبّي‬


‫المستوى األ ّول‪ :‬يكون الغرض منه خلق الحالة التّواصليّة َ‬
‫حاجات الدارس‪ ،‬في الحياة اليوميّة من طرح أسئلة واإلجابة‬
‫عنها‪ ،‬أو إعطاء التعليمات واإلرشادات‪ ،‬وإلقاء التقارير‬
‫والملخصات وال ّدعوات‪ ،‬ويوصلها بعضهم إلى المناقشة‬
‫والحوار‪.‬‬

‫المستوى الثّاني‪ :‬يكون الغرض منه تعبيريّاً‪ ،‬من حيث إيضاح األفكار والتعبير‬
‫عن المشاعر والخواطر ونقلها إلى اآلخرين بطريقة أدبية‬
‫مش ّوقة‪ ،‬وهو ما يطلق عليه بالتعبير اإلبداعي‪.‬‬
‫‪10‬‬
‫والذي نريد التأكيد عليه هنا هو ّ‬
‫أن المدرّس هو مجرد موجّه للحديث(‪،)2‬‬
‫‪ -‬مراقب لمجراه‪،‬‬
‫‪ -‬ضابط لحدوده‪،‬‬
‫‪ -‬مصحح ألخطائه‪،‬‬
‫‪ -‬موجّه لتيار الفكر فيه‪.‬‬
‫بين كاتبي هذا البحث وزميل ثالث (‪ )3‬في زمن كنّا‬ ‫ومن خالل خبرة عملية َ‬
‫كان االتفاق على مجموعة من األسس‬ ‫فيه مضطلعين بتدريس مهارة المحادثة‪َ ،‬‬
‫إن مركز اللغات في األردنية يسير عليها ويتبنّاها‪ ،‬لذلك كنّا‬
‫التي يمكن القول ّ‬
‫نشاهد الرّضا التام والبالغ على وجوه طلبتنا الملتحقين بشعبة العربية‪ 0‬للناطقين‪0‬‬
‫بغيرها‪ ،‬وهذه األسس هي‪:‬‬

‫‪ -1‬ينبغي أن يتحدث الطالب أكثر من المعلم‪ ،‬ألن مادة المحادثة موجهة إليه‪.‬‬
‫‪ -2‬دور المعلم دور توجيه وإثارة للقضايا وتوسيعها وتعقيدها‪.‬‬
‫‪ -3‬يأخذ الطالب وقتا ً مناسبا ً في الحديث دون مقاطعة حتى إن وقع في خطأ‪،‬‬
‫حيث يقوم المدرس بتسجيل المالحظات وبعد انتهائه يناقشها معه‪.‬‬
‫‪ -4‬يقوم المدرس على تسجيل وكتابة المفردات الجديدة التي أفرزتها المحادثة‬
‫على السبورة‪ ،‬وكذلك التراكيب اللغوية‪ 0‬الجديدة ‪.‬‬
‫‪ -5‬يراقب مدى إفادة الطالب من هذه المالحظات المدونة على السبورة أثناء‬
‫متابعة المحادثة ‪ ،‬فإذا استخدمها الطالب وأحسنوا استعمالها فتكون الفائدة قد‬
‫تحققت‪.‬‬
‫‪ -6‬ال يشترط في الطالب أن يكون في وضع معين أثناء الحديث كالوقوف أو‬
‫الخروج إلى السبورة ‪ ،‬بل يتحدث كما هو جالسٌ دون تغيير‪ ،‬مما يعطيه‬
‫الحرية والحركة في التعبير‪.‬‬
‫‪ -7‬من عالمات إصغاء المدرس اثناء حديث الطالب وقوف المدرس ال جلوسه‬
‫على الكرسي‪،‬إذ يوفر بهذا الوقوف حيوية للحوار ‪ ،‬ويغرس انطباعا ً لدى‬
‫أن الجلوس يميت الحوار‪.‬‬ ‫الطلبة‪ 0‬بمدى اهتمام المدرس لما يقال ‪ ،‬واعتبار ّ‬

‫ومن الحلول التي وصفت بالمفيدة نظريا ً وتطبيقيا ً الخطوة الرائدة التي‬
‫قامت شعبة اللغة العربية للناطقين بغيرها على تطبيقها‪ ،‬وهي دمج الطلبة‪0‬‬
‫األجانب بمجتمع الجامعة المحلي من خالل ما يعرف ببرنامج خدمة المجتمع‪،‬‬
‫حيث تتم المزواجة بين طالبين عربي وأجنبي للقيام بممارسة اللغة في مواقف‬
‫حقيقية‪ ،‬لفترات شبه يومية‪ ،‬مما كان لها أكبر األثر على أداء الطلبة الشفوي‪.‬‬
‫‪11‬‬
‫أن نظام شعبة العربية للناطقين بغيرها يدعم فكرة األعداد القليلة‪ 0‬من‬ ‫كما ّ‬
‫الطلبة‪ 0‬في الشعبة الواحدة‪ ،‬وذلك تساوقا ً مع األفكار التي تدعو إلى تشجيع‬
‫الطلبة‪ 0‬على المناقشة والمحادثة والمحاورة من خالل إعطائه فرصا ً كافية‬
‫للتعبير عن نفسه وما يجول في خاطره‪ ،‬واستخدام العربيّة‪ 0‬داخل ال ّشعبة‬
‫بطريقة أكثر تواصليّة مع المدرس وزمالئه‪.‬‬
‫كان‬
‫أن تبادل الخبرات بين المدرسين من خالل تجاربهم المحتلفة‪َ ،‬‬ ‫كما ّ‬
‫لها دورها في إثراء هذا النجاح وزيادة تألقه‪ ،‬حيث دأب مدير المركز ومشرف‬
‫الشعبة على عقد هذه الندوات لتبادل األفكار والخبرات‪.‬‬

‫وهناك مسألة في غاية األهمية ال بد أن نلفت النظر‪ 0‬إليها‪ ،‬أال وهي‬ ‫َ‬
‫بين معاني الكلمات ودالالتها‪ ،‬فال بد من األخذ باالعتبار مجموعة من‬ ‫التفريق‪َ 0‬‬
‫العوامل في ذلك قد تحول دون الحصول على مرادف مناسب لها في لغة‬
‫أحسن وصفا ً ال ّدكتور أحمد مختار عمر (‪َ )4‬‬
‫حين قسّمها على‬ ‫َ‬ ‫ال ّدارس‪ ،‬وقد‬
‫النّحو اآلتي‪:‬‬
‫‪ -1‬اختالف ال َمجال ال ّداللي‪ 0‬لِلَفظين‪ 0‬يبدوان‪ 0‬مترادفين‪ ،‬من حيث اتّساعه في‬
‫لغة وضيقه في لغة أخرى‪.‬‬
‫‪ -2‬اختالف التّوزيع السياقي لكلمتين تبدوان‪ 0‬مترادفتين في اللغة‪ّ ،‬‬
‫لكن‬
‫تطبيقاتهما في االستعمال أو في سياقاتهما تبدو مختلفة‪.‬‬
‫‪ -3‬االستخدامات المجازية للمفردات‪ ،‬لذلك ال تص ّح في أيّة ٍ‬
‫حال من‬
‫األحوال التّرجمة الحرفية‪ ،‬فالقاموس ال يق ّدم خدمة لغويّة توصف‬
‫بال ّدقة‪..‬‬
‫‪ -4‬التلّطف‪ 0‬في التعبير‪ ،‬من ناحية اتصاف بعض المفردات بحساسية‬
‫خاصّة‪ ،‬لمعاني ال يفضل التصريح بها‪.‬‬
‫‪ -5‬اإليحاء والجرس الصوتي‪ ،‬وال تتأتى معرفة دالالت الكلمات إالّ من‬
‫سياقاتها‪.‬‬
‫اختالف المألوفات الثقافيّة واالجتماعية لكال اللغتين‪ ،‬لغة الدارس واللغة‬
‫المستهدفة‪ ،‬حيث هناك كلمات ومفردات ارتبطت بعادات وتقاليد اجتماعية‪،‬‬
‫برزت في بيئة خاصة‪ ،‬ال تعالجها المعجمات العربية‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫طَرائق التدريس‪:‬‬

‫ي ُْل َحظُ المتتبّع لسير َح َركة تط ّور طرائق تدريس اللغات األجنبيّة‪ ،‬س ْيطَ َرة‬
‫طريقة القواعد والترجمة‪ ،‬أو ما تُس ّمى بالطّريقة‪ 0‬التّقليديّة‪ 0‬أو الكالسيكيّة‪،‬‬
‫ت طويلة‪ِ 0‬من ال ّزمن ‪ -‬لِدرجة جعلت بعض ال ُمشتغلين يعتقدون بصعوبة‬ ‫فترا ٍ‬
‫االنعتاق منها ‪ -‬تِلك الطّريقة التي تقوم على تَرجمة النّصوص ودراستها‬
‫إن‬‫لغايات حفظ الكلمات‪ ،‬والقوالب اللغويّة والنّحوية‪ ،‬و ِمن المنصف القول ّ‬
‫كان له مس ّوغاته‪ ،‬خاصة إذا َعلمنا ارتباط نشأتها‬ ‫ظهورها في ذلك الوقت َ‬
‫بِدراسة اللغة الالتينية‪ ،‬وفهم الكتب الموضوعة بها‪ ،‬تلك اللغة الحية بثقافتها‬
‫ولكن استخدام تلك الطّريقة‬ ‫ّ‬ ‫وحضارتها ورموزها‪ ،‬الميتة‪ 0‬في التواصل‪ 0‬بها‪.‬‬
‫الذي ما زال شائعا ً في تدريس اللغة العربية للناطقين بغيرها يواجه مشاكل‬
‫جمة صعبة على الحصر‪ ،‬فمن المفيد معرفة نتائج هذه الطّريقة‪ 0‬االستماع لرأي‬
‫إن طريقة تعليم‬ ‫أحد ال ّدارسين وفقها وهو المستشرق صمويل زويمر‪ ،‬إذ يقول‪ّ :‬‬
‫وصيغ‬
‫ٍ‬ ‫وجمل‬
‫ٍ‬ ‫الذاكرة في حفظ كلمات‬ ‫العربيّة لألجانب قاصرة على تربية‪ّ 0‬‬
‫وأنماط لغوية‪ ،‬دون االلتفات إلى درجة استعمالها في الغرض من التعليم‪...‬‬
‫وتهمل قوى العقل‪ ،‬تتركها في خمولها التّام‪ ،‬وال يجد العقل مجاالً لفهم المعاني‬
‫التي تمسّ الحياة‪ ،‬ويتطلبها المتعلّم‪ ،‬وال تستغ ّل المعاني‪ ،‬التي تختزنها ذاكرة‬
‫الطّالب من ثقافته ولغته‪ ،‬فيعطى له مقابلها ‪ ...‬وتضيع السّنون‪ ،‬ويخرج المتعلّم‪0‬‬
‫الجواهر‬
‫واجهة بائعي َ‬ ‫بثروة قيّمة غير أنّها ال تصلح إال للعرض في ِ‬
‫الكالسيكيين (‪.)5‬‬
‫واختلفت أهداف تعلم اللغات األجنبيّة وغاياتها مع بدايات القرن‬
‫الماضي‪ ،‬مما استتبعه ميال َد طرائق لغوية جديدة تلبّي الحاجات اإلنسانية‬
‫الحديثة‪ ،‬ولع ّل أهم مسوغات هذا التط ّور ما شهده العالم ِمن تق ّدم تقني وعلمي‬
‫إذ شملت أرجاؤه شتّى مناحي ال َحياة‪.‬‬
‫علوم َجديدة‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫أن نضوج معالم علم النّفس وتطوراته‪ 0‬أ ّدت إلى ميالد‬ ‫كما ّ‬
‫كان في مق ّدمتها "علم اللغة النفسي" ذلك العلم الذي أخذ على عاتقه تمهيد‬ ‫َ‬
‫المسالك الصّعبة التي قد تواجه متعلمي اللغات األجنبيّة‪ ،‬وينطبق هذا الحديث‬
‫على "علم اللغة االجتماعي" الذي أم ّدنا بنتائج علميّة ساهمت في عملية تعليم‬
‫اللغات األجنبية‪.‬‬
‫وأسهم بد ُء ظهور التّوجهات الخاصة واألهداف المحد ّدة في تعلّم اللغات‬
‫األجنبية‪ 0‬بدوره في ظهور مداخل وطرائق‪ 0‬جديدة في تعليم اللغات األجنبية‪،‬‬
‫وتأسيسا ً على ما سبق ذكره يمكن رصد العديد ِمن الطّرائق‪ 0‬المتنوعة‪ 0‬تبعا ً‬
‫لِتن ّوع األهداف المرجوة ِمن تعلّم اللغة‪ ،‬ونحن المشتغلين‪ 0‬في حقل تعليم اللغة‬
‫‪13‬‬
‫العربية للناطقين بغيرها‪ ،‬ال نميل أليّة طريقة ِمن تلك الطّرق إنّما نحاول أن‬
‫نسلك أيسر الطرق‪ 0‬نحو تحقيق الهدف التعليمي‪ .‬ولم يخل ِمن بعض اإلشكاالت‬
‫خاصة في ضوء اختالف الكتب والمناهج والمدرّسين‪ ،‬وتنوع‪ 0‬خبراتهم‬
‫ومستوياتهم وقدراتهم‪ ،‬ويمكن إيجاز تلك الطّرق التي نستخدمها كثيراُ وتلك‬
‫التي ق ّل استخدامها‪.‬‬

‫يَرى بعض التّربويين المهتمين بتعليم‪ 0‬اللغات الحيّة أنّه لو تقاربت بعض‬
‫العوامل من خصائص المتعلمين‪ ،‬ونوعيّة المادة‪ ،‬وطرائق‪ 0‬تقديمها‪ ،‬واألهدالف‬
‫فإن طرق التّدريس‪ 0‬هي التي ستؤ ّدي إلى إظهار الفروق في‬ ‫المرجوة منها‪ّ ،‬‬
‫بأن طرق التّدريس لها دور فعّال في‬‫نواتج التعليم‪ .‬ويقودنا هذا إلى االعتقاد ّ‬
‫عمليّة تعلّم العربيّة وتعليمها‪ ،‬وتحقيقا ً للفائدة نعرض طرق تعليم اللغات الحيّة‪،‬‬
‫التي قام على حصرها "مكاي" في كتابه تحليل تعليم اللغة (‪ ،)6‬حيث حصرها‬
‫في خمس عشرة طريقة‪ ،‬هي‪:‬‬
‫‪ -1‬الطريقة المباشرة‪.‬‬
‫‪ -2‬الطريقة الطبيعيّة‪.‬‬
‫‪ -3‬الطريقة السيكلوجيّة‪.‬‬
‫‪ -4‬الطريقة الصّوتية‪.‬‬
‫‪ -5‬طريقة القراءة‪.‬‬
‫القواعد‪.‬‬
‫ِ‬ ‫‪ -6‬طريقة‬
‫‪ -7‬طريقة التّرجمة‪.‬‬
‫القواعد والتّرجمة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫‪ -8‬طريقة‬
‫‪ -9‬الطريقة التوليفيّة‪.‬‬
‫طريقة الوحدة‪.‬‬ ‫‪-10‬‬
‫طريقة ضبط اللغة‪.‬‬ ‫‪-11‬‬
‫طريقة التقليد والحفظ‪.‬‬ ‫‪-12‬‬
‫طريقة المران‪.‬‬ ‫‪-13‬‬
‫طريقة المفردات المتشابهة‪.‬‬ ‫‪-14‬‬
‫طريقة اللغة المزدوجة‪.‬‬ ‫‪-15‬‬

‫ويمكن إجمالها أو إعادة تقسيمها اعتماداً على أسسها المعرفية والنفسية‪0‬‬


‫إلى ثالث فئات‪ ،‬هي‪:‬‬
‫‪ :‬الطّرق‪ 0‬التقليديّة‪.‬‬ ‫األولى‬
‫الثانية‪ : 0‬الطّرق‪ 0‬البنيوية‪ 0‬والتركيبيّة‪.‬‬
‫‪14‬‬
‫الثالثة ‪ :‬الطّرق‪ 0‬التّواصليّة‪( 0‬االتصالية)‪.‬‬

‫أن بعض المدرّسين كانوا يسلكون طريقة‬ ‫فمن اإلشكاليات التي واجهناها ّ‬
‫ال يحيدون عنها‪ ،‬في تعليم شتّى المهارات‪ّ ،‬‬
‫لكن واقع تعليم العربية‪ 0‬الحي أثبت‬
‫أن بعض الطرق‪ 0‬أفضل من األخرى في تعليم مهارة أو عنصر لغوي‪ ،‬لذلك‬
‫أضحى توجّهنا إلى رؤية المهارة اللغوية‪ 0‬أو العنصر لكي نحدد أفضل وسيلة‬
‫أو طريقه لتقديمه‪ 0‬للدارسين‪ ،‬أي ال ب ّد من اإلفادة من شتى الطرائق‪ 0‬اللغوية‪ 0‬من‬
‫ترجمة وسمعية وتواصلية‪ 0‬وكالمية‪ ،‬خاصّة تلك الجوانب التي أثبتت جدواها‪،‬‬
‫فضالً عن مراعاة مبادئ علم النفس من تعلم واكتساب‪ ،‬عدا الجوانب الثقافيّة‪،‬‬
‫التي ال بد أن تكون نصب أعيننا في عملية تدريس العربية‪ 0‬للناطقين‪ 0‬بغيرها‪.‬‬
‫بذلك استطعنا التغلب على كثير من المشكالت‪ ،‬من تركيبيّة‪ ،‬وداللية‪ 0‬وصوتية‪.‬‬

‫المناهج التعليميّة‪:‬‬

‫كان نوعها أو نمطها أو مادتها ومحتواها فإنها‬ ‫إن عمليّة التدريس‪ 0‬أيا ً َ‬
‫ّ‬
‫تعتمد اعتماداً كبيراً على الكتاب المنهجي‪ ،‬وهو بهذا المفهوم يع ّد ركنا ً من‬
‫أركان عمليّة التعليم وعنصراً من عناصرها‪ ،‬وركيزة من ركائزها‪ ،‬ولذلك تع ّد‬
‫نوعيّة الكتاب وجودته أبرز األمور التي تشغل بال المهتمين بحقل تعليم‬
‫العربية للناطقين بغيرها (‪.)7‬‬
‫ولعل الحاجة لمثل هذا الكتاب الممنهج ضروريّة في ظل إقرار معظم‬
‫المراكز المشتغلة بتعليم‪ 0‬العربية‪ 0‬للناطقين‪ 0‬بغيرها بعدم توفر المدرس الكفء‬
‫المتخصص في تعليم العربية للناطقين بغيرها‪ ،‬الذي قد يغطي وجوده جوانب‬
‫النقص التي تع ّج في كتب تعليم العربية للناطقين بغيرها‪.‬‬
‫وال ب ّد أن يؤلف هذا الكتاب في ضوء خطّة تعليميّة‪ 0‬محكمة‪ ،‬تحدد‬
‫أهدافها‪ ،‬ويربط‪ 0‬محتواها بتلك‪ 0‬األهداف‪ ،‬وال ب ّد أن يكون الكتاب انعكاسا ً لهذه‬
‫ي عمل جاد يبدأ بتحديد‬ ‫أن أ ّ‬ ‫األهداف وساعيا ً إلى تحقيقها‪ ،‬وال ش ّ‬
‫ك في ّ‬
‫األهداف بوضوح تا ّم‪ ،‬ث ّم اختيار الوسائل التي تحقق هذه األهداف (‪.)8‬‬

‫وفي ظل التطورات العلمية‪ 0‬الهائلة في علوم اللغة التطبيقية والتنوعات‬


‫الثقافية المتعددة للطلبة الملتحقين بشعبة تعليم العربية‪ 0‬للناطقين‪ 0‬بها في مركز‬
‫اللغات‪ ،‬فلم تعد سلسلة الجامعة األردنية‪ 0‬القديمة قادرة على التعامل مع طلبة‬
‫‪15‬‬
‫القرن الحادي والعشرين‪ ،‬وذلك لتداعي األسس التي بُنيت عليها سواء النفسية‪0‬‬
‫أو االجتماعية التي تكفّل الزمن بتغييرها‪ ،‬فضالً عن عدم قدرتها على تلبية‬
‫أهداف الطلبة الراغبين بتعلّم اللغة العربيّة‪ ،‬فكانت الحاجة ضروريّة للنظر‪ 0‬في‬
‫غيرها من السالسل والكتب التي صدرت مؤخراً من األشخاص والمعاهد‬
‫والمراكز العربية واألجنبية‪ ،‬وقد تُرك الخيار مفتوحا ً للمدرسين في اختيار ما‬
‫يرونه مناسبا ً لهم ولطلبتهم‪ ،‬في ظ ّل صعوبة الحصول على سلسلة واحدة‬
‫كاملة التصور‪ ،‬واضحة المنهج‪ ،‬محددة األهداف‪.‬‬
‫وقادنا هذا في ظ ّل اختالف توجهات الدارسين ورغباتهم إلى التعامل مع‬
‫كتب وسالسل مختلفة األسس النفسية واالجتماعية والفلسفيّة‪ 0‬فضالً عن‬
‫المناهج وطرائق‪ 0‬التقديم‪ 0،‬عدا االختالف في بعض المفاهيم في ح ّد ذاتها‪،‬‬
‫واستمر هذا الوضع فترة من ال ّزمن‪ ،‬وجدت الجامعة نفسها مرغمة على‬
‫التفكير في وضع سلسلة خاصّة بها‪ ،‬تلبي حاجات طلبتها ومدرّسيها على ح ّد‬
‫سواء‪ ،‬تُراعي أحدث ما توصلت إليه‪ 0‬علوم اللغة التطبيقيّة‪ 0‬من نتائج وحلول في‬
‫تعليم اللغات الحيّة‪ ،‬وقد ت ّم حتى الوقت الحاضر إصدار كتابين يختصان‬
‫بالمستويين األول (‪ )9‬والثاني (‪ )10‬و سوف تجد باقي السلسلة‪ 0‬طريقها إلى‬
‫النور قريبا ً بعون هللا‪.‬‬
‫لقد تط ّور تعليم العربية للناطقين بغيرها في الجامعة األردنية‪ 0‬حيث‬
‫استُحدث مؤ ّخراً قسم خاصّ يُعنى بحاجات الطلبة‪ 0‬الدارسين وبخاصّة الطلبة‬
‫الدبلوماسيين‪ ،‬الذين يهتمون بالقضايا السياسية واالقتصادية وأحيانا ً البيئية‪0‬‬
‫والتجارية‪ ،‬حيث قام بعض المدرسين بإعداد مواد تعليمية‪ 0‬تتواءم وحاجات‬
‫هؤالء الطلبة‪ 0‬اللغوية‪ ،‬وهي اآلن في مرحلة التجريب واالختبار‪.‬‬
‫ك ّل ذلك لم يمنع من مواجهتنا لبعض اإلشكاالت في التعامل مع المناهج‬
‫المختلفة أهمها‪:‬‬
‫‪ -‬طبيعة المادة المقدمة وطرائق‪ 0‬إخراجها‪.‬‬
‫‪ -‬اختيار المفردات والتراكيب اللغوية‪ 0‬وأساليب معالجتها‪.‬‬
‫‪ -‬محتويات الكتب اللغوية والثقافيّة والدينيّة‪.‬‬
‫‪ -‬الوسائل التعليمية المرافقة للكتاب‪.‬‬
‫‪ -‬األهداف المرجوة من الكتاب‪ ،‬ومدى مناسبة التدريبات لتحقيقها‪.‬‬
‫‪ -‬مالءمة الكتاب لمستويات الطلبة‪.‬‬
‫‪ -‬الخلط في وضع المناهج للناطقين بالعربية ولغيرها‪.‬‬
‫‪ -‬عدم استنادها في الغالب إلى أسس لغوية ونفسية واجتماعية مدروسة‪.‬‬
‫‪ -‬قيامها على خبرات المدرسين ومجهوداتهم ال ّشخصيّة‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫متعلّمو اللغة العربيّة‬

‫ينظَ ُر إلى متعلمي اللغة العربيّة‪ 0‬على أنهم من الجوانب المهمة في عمليّة‬
‫تعليم اللغة الثانية‪ ،‬إذ هناك العديد من المتغيّرات المرتبطة بهم‪ ،‬لها تأثيرها‬
‫البالغ والواضح على عمليّة تعلّم العربيّة بر ّمتها‪ ،‬ومن تلك المتغيّرات التي‬
‫الحظناها من خالل الميدان في تعليم العربيّة‪ 0‬للناطقين‪ 0‬بغيرها في مركز‬
‫اللغات‪ :‬دوافعهم‪ ،‬وأعمارهم‪ ،‬واتّجاهاتهم نحو العربيّة‪ ،‬وقدراتهم أو ما يُطلق‪0‬‬
‫عليه عند علماء علم اللغة النفسي (استعداداتهم)‪ ،‬ومع ّدالت ذكائهم‪ ،‬ونضيف‬
‫إلى ذلك كلّه أنظمة ال ّدارسين اللغوية‪ ،‬أو ما يُطلق‪ 0‬عليها "خبراتهم اللغوية‪0‬‬
‫السابقة"‪.‬‬
‫بالذكر أن كثيراً من تلك المتغيّرات ما زالت مثار جدل وخالف‬ ‫وجدير ّ‬
‫بين علماء اللغة من جانب وعلماء التربيّة والنفس واالجتماع من جانب آخر‪.‬‬
‫لكن ما يميّز رؤيتنا هذه أنها تنطلق‪ 0‬من جانب عمل ّي‪ ،‬وال تولي الجانب‬ ‫ّ‬
‫النّظري إالّ في تطبيقاتها العمليّة‪ .‬وبعبارة أخرى سنحاول الوقوف على مدى‬
‫تأثير هذه العوامل على دارسي العربيّة من خالل تجربتنا القائمة في مركز‬
‫اللغات‪ ،‬مبتعدين قدر اإلمكان عن الخوض في تفاصيلها النظريّة‪.‬‬
‫ت أكبر من‬ ‫بأن صغار السّن لديهم قدرا ٍ‬‫ويشي ُع في أوساط البحث العلمي ّ‬
‫أن األبحاث النظرية حتّى اللحظة‪ 0‬لم تحسم هذه المسألة‪،‬‬ ‫كبار السّن‪ ،‬والحقيقة ّ‬
‫أن الفئة‪ 0‬التي تراوحت‬ ‫ع مجاالً للرّيب‪ّ ،‬‬
‫لكن واقع تعليمنا أظهر لنا بما ال يد ُ‬ ‫ّ‬
‫أعمارها من مطلع العشرينيّات إلى األربعينيّات أكثر قدرة على اتقان العربيّة‪0‬‬
‫والتّغلب على صعابها‪ ،‬وتمثّلها‪ ،‬من هؤالء الذين تجاوزت أعمارهم ّ‬
‫سن‬
‫األربعين‪ ،‬مما كان يدفعنا إلى إجراءات تعزيزيّة متواصلة ومستمرة حتى‬
‫نستطيع إكسابهم المهارات التي نسعى إليها‪ ،‬ولعله من اإلنصاف القول أنهم‬
‫في الغالب لم يدركوا ما أدركه زمالؤهم من الفئة األولى‪ ،‬على الرّغم من‬
‫وصولهم لمستوى متميّز يحقق لهم األهداف التي جاؤوا من أجلها‪ ،‬ولعل‬
‫مرجع تفوق هؤالء الفتية والفتيات من الفئة‪ 0‬األولى تلك القوى الجسديّة‬
‫والذهنية والحركيّة التي ما تزال متوقدة في نفوسهم وأجسادهم؛ مما تنعكس‬ ‫ّ‬
‫على عمليّة تعلّم العربيّة‪ 0‬إيجابيّا‪.‬‬
‫أ ّما موضوع صغار السن ممن هم دون الخامسة عشرة فقد أرجأنا‬
‫الحديث عنهم العتبارين‪ :‬األول أنهم خارج نطاق دراستنا حيث ال تسمح‬
‫قوانين الجامعة األردنية بالتحاق َمن هم دون الثامنة عشرة ببرامج مركز‬
‫بأن هؤالء لديهم قدرات واستعداد‬ ‫اللغات‪ ،‬باإلضافة إلى اعتقاد بعض الباحثين ّ‬
‫‪17‬‬
‫أفضل لتعليم‪ 0‬اللغات يع ّد ضربا ً من الخرافات‪ ،‬التي يرى ضرورة طرحها‬
‫بعيداً فضالً عن تسفيفها (‪.)11‬‬
‫أن الكبار أقوى إدراكا ً من‬ ‫إن ثورنديك يقرر في كتابه تعليم الكبار ّ‬ ‫بل ّ‬
‫األطفال‪ ،‬وأنهم يملكون استراتيجيات تعلّم أفضل‪ ،‬فضالً عن كونهم أكثر وعيا ً‬
‫بأعباء التعلّم وأهدافه‪ ،‬عدا عن استطاعتهم التركيز واالنتباه لفترة أطول‪،‬‬
‫بين األمور المختلفة‪ ،‬وغير‬ ‫ناهيك عن قدرتهم على الربط ورؤية العالقات َ‬
‫ذلك كثير (‪.)12‬‬
‫وعند الحديث عن دوافع المتعلّمين يمكن طرح مجموعة أفكار ال ب ّد من‬
‫مالحظتها‪ ،‬قبل البدء بعمليّة تعليم العربيّة مما يساعد على توضيح العديد من‬
‫إشكالياتها‪ ،‬أ ّما أولى تلك األفكار فهي‪ ،‬ما ال ّدوافع التي جعلت هؤالء الدارسين‬
‫يقبلون على تعلّم العربيّة‪ ،‬أهي‪ :‬سياسيّة‪ ،‬اقتصاديّة‪ ،‬ثقافيّة‪ ،‬اجتماعيّة‪ ،‬مهنيّة؟‬
‫بعض من‬
‫ٍ‬ ‫و ِمن الضّروري االنتباه إلى مسألة مه ّمة تساهم في ح ّل‬
‫مشكالت تعليم العربيّة‪ ،‬تلك هي معرفة هل هؤالء الطلبّة‪ 0‬راغبون في تعلّم‬
‫العربيّة من تلقاء أنفسهم‪ ،‬أم أنّها مفروضة عليهم؟‬
‫أن أبرز قضيّة بجب معرفتها‪ ،‬هي‪ :‬ما المهارات التي يرغبُ‬ ‫وال غَرْ َو ّ‬
‫متعلّمو العربيّة في إتقانها‪ :‬المحادثة‪ ،‬االستماع‪ ،‬القراءة‪ ،‬الكتابة؟ أم عناصر‬
‫العربية‪ :‬األصوات‪ ،‬النحو‪ ،‬الصرف‪ ،‬ال ّداللة؟‬
‫ومن واقع ميداننا العملي نلحظ ما يلي‪:‬‬
‫ينقسم دارسو العربيّة إلى قسمين رئيسين‪ ،‬منهم من جا َء يتعلّم العربيّة‪0‬‬
‫بدوافع شخصيّة‪ ،‬طالبا ً اتقان مهارات العربيّة كلّها‪ :‬من محادثة واستماع إلى‬
‫القراءة والكتابة‪ ،‬وغالبا ً ما تكون دوافع هؤالء دينيّة أو ثقافيّة أو مهنيّة‪.‬‬
‫أ ّما القسم الثاني‪ ،‬الذي يرى ضرورة اتقان لغة أجنبية وقع اختياره فيها على‬
‫العربية‪ ،‬وتكون دوافع هؤالء في الواقع العملي دون القسم األول مما يجعلنا‬
‫نتوقع بعض اإلشكاالت‪ ،‬تتمثل‪ 0‬في تحفيزهم أكثر من مجرّد حضورهم‬
‫للفصول الدراسية‪ ،‬ألنّه من مسلمات تعليم اللغات األجنبية‪ 0‬أن التعلّم‪ 0‬داخل‬
‫الفصول ليس كافيا ً إلتقان اللغة‪ ،‬ومنهم من يعطي عناية خاصّة لمهارات‬
‫مخصوصة دون غيرها‪ .‬ومنهم َمن ك ّون اتّجاهات مسبّقة نحو العربيّة وأهلها‪،‬‬
‫ي بحت‪،‬‬ ‫أو حتّى الثقافة العربيّة‪ 0‬برمتها‪ ،‬وتمثّلت اإلشكاليّة على صعيدين‪ :‬لغو ّ‬
‫وآخر يعمل نعمد فيه على تصحيح األفكار والمقوالت الخاطئة التي كانت قد‬
‫تك ّونت لديهم‪.‬‬

‫أ ّما موضوع الّذكاء في تعلّم العربيّة‪ ،‬فنحن في الحقيقة ال نوليه اهتماماً‪،‬‬


‫أن ال ّدراسات النظريّة تعطي الذكاء دوراً محدوداً‪ ،‬وفي واقع األمر لم‬ ‫كما ّ‬
‫‪18‬‬
‫نلحظ لهذا المتغيّر تأثيراً واضحاً‪ ،‬وإنّما اقتصرت المسألة على‪َ :‬من يبذل جهداً‬
‫أكبر في عمليّة التعلّم‪ 0‬واستخدام اللغة في مواقف الدرس والحياة‪.‬‬

‫وفيما يتعلّق‪ 0‬بأنظة الدارسين اللغوية‪ ،‬ومهمة المدرسين نحوها‪ ،‬وإلى‬


‫ذلك أشار ال ّدكتور علي القاسمي إذ يقول‪ :‬لقد أصبح من بديهيات علم اللغة‬
‫التطبيقي اليوم‪ 0‬أن يقوم تعليم اللغة األجنبية على تحليل لغوي مقارن للغة‬
‫الطالب واللغة األجتبيّة التي يتعلّمها‪ ،‬وذلك لمعرفة نقاط االتفاق واالختالف‬
‫على المستويات الصوتية‪ 0‬والنحوية‪ 0‬واللفظية لالستفادة منها في عملية التعليم‪، 0‬‬
‫وذلك عن طريق‪ 0‬التنبؤ المسبق بمواطن الصعوبة‪ ،‬واتخاذ التدابير الالزمة‬
‫لمعالجتها بشكل موضوعي (‪.)13‬‬

‫ولع ّل إلقاء نظر ٍة سريعة على كتاب (في علم اللغة التقابلي ‪ :‬دراسة‬
‫تقابلية للدكتور أحمد سليمان ياقوت (‪ ،)14‬تعطينا قيمة هذا التحليل‪ 0‬وأهميته‪،‬‬
‫ففي الوقت الذي يستغرق فيه المدرس وقتا ً طويالً للتفكير والتحضير لكيفية‬
‫تقديم موضوع نحوي أو صرفي ما‪ ،‬توفّر لنا هذه الدراسات الجهد والوقت‪،‬‬
‫حيث نستطيع أن نسلك أيسر الطرق وأسهلها في تقديم المواد اللغوية‪ .‬ففي‬
‫وارتباك في تقديم الشكل‬
‫ٍ‬ ‫درس مثل اإلضافة قد يدخل المدرس في حيرة‬
‫والمضمون في حين يستطيع تقديمه خالل دقائق معدودة بع َد عقد مقارنة يسيرة‬
‫بين نظام العربية‪ 0‬في اإلضافة ونظامي اإلنجليزية‪ 0‬والفرنسية‪ 0‬مثالً‪.‬‬

‫معلّمو العربيّة للناطقين بغيرها‬

‫أفرزت لنا معاهد تعليم العربية للناطقين بغيرها في البالد العربية‬


‫واإلسالميّة تصورها الخاص بمعلم العربية للناطقين بغيرها‪ ،‬من خالل‬
‫تجاربها العملية في عملية التعليم‪ ،‬مما أدى إلى الوقوف عند هذه الظاهرة لما‬
‫يشكله المعلّم من محورية ومركزيّة في عمليّة التعليم تفوق في أهميتها‬
‫ي مهنة من‬ ‫وخطورتها الموقع الذي احتله معلم العربية‪ 0‬للناطقين‪ 0‬بها‪ ،‬وكأ ّ‬
‫وقواعد الزمة في تأدية هذه المهنة‪،‬‬
‫ِ‬ ‫المهن يحتاج العامل فيها إلى إتقان أصو ٍل‬
‫ومن خالل تجربة مركز اللغات بالجامعة األردنية‪ 0‬الممتدة لثالثة‪ 0‬عقود اتضح‬
‫جليّا ً بالنسبة‪ 0‬للقائمين على المركز المواصفات والخبرات والمميزات التي من‬
‫الضرورة أن يتصف بها معلّم العربية‪ 0‬للناطقين‪ 0‬بغيرها‪ ،‬وقد أخذت أبعاداً‬

‫‪19‬‬
‫ثالثة‪ :‬أولها‪" :‬المعايير اللغوية" وثانيها‪" :‬المعايير المهنية"‪ ،‬وثالثها‪" :‬المعايير‬
‫الثقافيّة"‪.‬‬
‫أ ّما فيما يتعلّق‪ 0‬بالمعايير اللغوية‪ ،‬فليس مشروطا ً أن يكون مدرس العربيّة‪0‬‬
‫للناطقين بغيرها خريج أقسام اللغة العربية‪ 0‬وآدابها‪ ،‬بل المطلوب منه إتقان‬
‫الجوانب اللغوية‪ 0‬المهمة التي يحتاجها في عمليّة التعليم‪ِ 0‬من معرف ٍة بالنّظم‬
‫الصوتية‪ ،‬والتركيبيّة‪( 0‬النحوية والصرفيّة)‪ ،‬والدالليّة‪ 0،‬فضالً عن إتقان مهارات‬
‫العربيّة‪ :‬االستماع والمحادثة‪ ،‬والقراءة والكتابة‪ ،‬إتقانا ً جيّداً فضالً عن إجادة‬
‫مهارات التعرّف والتحليل والتفسير والتقويم إجادة متميّزة‪.‬‬
‫أن اإللمام بِعلوم اللغة الحديثة ‪ :‬كعلم اللغة النفسي‪ ،‬وعلم اللغة‬ ‫كما ّ‬
‫االجتماعي‪ ،‬وعلم اللغة التطبيقي وتطبيقاتها في تعليم العربيّة للناطقين بغيرها‬
‫يع ّد من أبجديّات تعليم اللغات الحيّة‪.‬‬
‫وقد بيّن األستاذ محمد صالح بن عمر أهميّة معرفة العلوم اللغوية‪0‬‬
‫إن إلمام مدرّس اللغة‬ ‫الحديثة في كتابه (كيف نعل ّم العربية‪ 0‬لغة حيّة) بقوله‪ّ :‬‬
‫الحية بأسس علم النفس اللغوي أبعد ما يكون عن الترف أو الثقافة التكميلية‪0،‬‬
‫إنّما هو ضرورة ملحة اعتباراً لما يق ّدمه من حلول عمليّة للكثير من المشكالت‬
‫البيداغوجيّة‪ ،‬التي يواجهها المعلم"(‪.)15‬‬
‫وقد أ ّكد هذه المعرفة اللغوية إلى ح ّد معرفة العلوم اللسانيّة إذ يقول ‪ّ :‬‬
‫إن‬
‫مدرّس اللغة الحيّة ال يكفيه أن يكون له تكوين في اللسانيات العا ّمة‪ ،‬بل ينبغي‬
‫أن يل ّم بخصائص اللغة التي يدرسها صوتيا ً وصرفيا ً وتركيبيا ً وأسلوبيّا ً (‪.)16‬‬

‫ي أن يدرك م ّدرس العربيّة‬ ‫أ ّما المعايير المهنيّة‪ ،‬فإنّه من الضرور ّ‬


‫للناطقين بغيرها طيعة العمل الذي انخرط فيه‪ ،‬والمبادئ واألسس التي تحكمه‪،‬‬
‫والعالقات التي تربط مجتمعه‪ ،‬فاإللمام بالفروق الثقافية لمجموعة الطلبة‪0‬‬
‫الملتحقين ببرامج تعليم العربية‪ 0‬يع ّد من أبجديّات تعليم اللغات الحيّة‪ ،‬فضالً عن‬
‫قدرته على إتقان مهارات التّخطيط والمشاركة والتنفيذ والتقويم‪ 0‬والتطوير‪َ ،‬عدا‬
‫عن الضرورة الملحّة لمعرفة طرائق وأساليب التعلّم‪ 0‬والتعليم الفعالة نظريّا ً‬
‫أن ك ّل ذلك كما بيّنه‪ 0‬الدكتور علي القاسمي يُعين المدرس‬ ‫وعمليّاً‪ ،‬وال شك في ّ‬
‫على إدراك طبيعة المهنة التي ينتمي إليها‪ ،‬وكيفية أدائها على أفضل وجه‪،‬‬
‫إدراك نوعين من العالقات‬ ‫ِ‬ ‫وبعبارة أخرى تساعد الثقافة المهنية‪ 0‬المدرس على‬
‫اإلنسانية‪ ،‬هي‪:‬‬
‫‪ -‬عالقة المدرس بزمالئه من مدرسين ومشرفين وفنيين‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫‪ -‬عالقة المدرس بطالبه‪ 0‬من حيث فهمهم‪ ،‬وفهم عملية التعلّم‪ ،‬ليتمكن من‬
‫مساعدة طالبه‪ 0‬على الوجه األمثل (‪.)17‬‬

‫أ ّما فيما يتعلّق‪ 0‬بالمعايير الثّقافيّة‪ ،‬فال بد من توافر قاعدة ثقافية صلبة‬
‫لدى مدرس العربية‪ 0‬للناطقين‪ 0‬بغيرها‪ ،‬انبثاقا ً من المقولة الشائعة ّ‬
‫بأن (الثقافة ال‬
‫تنفصل في أي حال من األحوال عن تعليم اللغة)‪ ،‬ولتكن نقطة االنطالق‪ 0‬الفهم‬
‫الدقيق والعميق للحضارة العربيّة‪ 0‬اإلسالميّة باعتبارها جزءاً ال يتج ّزأ من‬
‫عناصر تعليم العربيّة‪ ،‬فضالً عن عادات العرب وأعرافهم وتقاليدهم‪ ،‬ويدخل‬
‫بعض من الروائع األدبية ومبرّزيها من األعالم‪ ،‬ناهيك‬ ‫ٍ‬ ‫في هذا الباب تقديم‬
‫عن تغطية‪ 0‬الجوانب السياسية واالقتصادية واالجتماعية والنفسية‪ 0‬للمجتمع‬
‫العربي‪.‬‬

‫خاتمة‬

‫حاول هذا البحث أن يبين بعض الجوانب المهمة لخصائض تجربة تعليم‬
‫العربية للناطقين بغيرها التي يمكن إجمالها في‪:‬‬

‫تمثّل طبيعة النّظام اللغوي للغة العربية‪ ،‬ذلك النّظام‪ 0‬الذي يشتمل‬ ‫أوالً‪:‬‬
‫األصوات وخصائصها‪ ،‬والنّحو والتركيب وسماتها‪ ،‬والصّرف‬
‫وبناء ال َكلمة وميزاتها‪ ،‬والمعنى وال ّداللة‪ 0‬وارتباطهما ببقيّة‪ 0‬النّظام‪0‬‬
‫اللغوي العرب ّي‪.‬‬

‫الوعي بأهميّة عمليّة تعلّم العربية وتعليمها باعتبارها حلقة‬ ‫ثانياً‪:‬‬


‫بين المنهاج وال ّدارس‪ ،‬ولذلك فإنّها تنماز بأربعة أوجه ال‬ ‫الوصل َ‬
‫مناص من تمثّلها أثناء القيام بالعمليّة التعلميّة والتعليميّة مع هذه‬
‫الفئة‪ 0‬اللغوية‪ 0‬الراغبة‪ 0‬بتعلّم العربية‪ ،‬فالبحث حاول إبانة هذه‬
‫األوجه (األهداف وطرق التدريس والمناهج وطرق التقويم)‪ 0‬من‬
‫خالل التّجربة الحقيقيّة داخل غرفة ال ّدرس‪.‬‬

‫من خالل تركيز البحث على النّاحية العمليّة‪ ،‬التي توفّرت‬ ‫ثالثاً‪:‬‬
‫للباحثين وتجربتهما الغنيّة‪ 0‬مع الدارسين‪ ،‬الذين يمكن وصفهم‬
‫‪21‬‬
‫بأنهم متعددو الجنسيّات‪ ،‬ومن ث ّم متعددو األنظمة‪ 0‬اللغوية؛ فإنّه بدا‬
‫أن المميزات اإلنسانيّة‪ 0‬واللغوية‪ 0‬والفكريّة والحضارية‬ ‫واضحا ً ّ‬
‫للدارس أثر واضح في العمليّة‪ 0‬التعلميّة والتعليميّة من حيث‬
‫سرعة االستقبال اللغوي أو تأ ّخره‪ ،‬أو حسن اكتساب اللغة الثانية‬
‫إن اللغة وعاء الفكر‪.‬‬ ‫أو صعوبته؛ إذ ّ‬

‫يش ّكل هذا المحور عماد العمليّة‪ 0‬التعلميّة للناطقين بغير العربيّة‪،‬‬ ‫رابعاً‪:‬‬
‫أن عمليّة الفهم التّبادلي تتطلب آلية ومنهجيّة مناسبة‪،‬‬ ‫وذلك ّ‬
‫فالمدرس صاحبُ المنهجيّة المناسبة قاد ٌر على توصيل الفهم‬
‫لآلخرين بطريقة‪ 0‬قابلة لإلقناع واالقتناع‪ ،‬فس ّر نجاح هذا المدرس‬
‫في درس العربية للناطقين بغيرها يكمن في هذا التساؤل‪:‬‬
‫كان مؤثّراً؟ وهكذا حاول البحث اإلشارة‬ ‫كان ُمقنعاً؟ أو هل َ‬
‫هل َ‬
‫أن منهجيّة المدرس القائمة على مبدأي ‪ :‬التّاثر والتأثير‪– 0‬‬ ‫إلى ّ‬
‫واإلقناع واالقتناع‪ 0‬هي أساس نجاحه وتميزه في العملية‪ 0‬التدريسيّة‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫الهوامش‪:‬‬

‫انظر لمزيد من التفاصيل في‪:‬‬ ‫(‪)1‬‬


‫مجد محمد باكير البرازي‪ ، 0‬مشكالت اللغة العربية المعاصرة‪ ، ،‬مكتبة الراسلة‪ ،‬عمان – األردن‪،‬‬
‫الطبعة األولى ‪1989‬م‪.‬‬
‫محمود تيمور‪ ،‬مشكالت اللغة العربية‪ .‬بدون معلومات‪.‬‬
‫المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم‪ ،‬صناعة المعجم العربي لغير الناطقين بها‪ ،‬أبحاث الدورة‬
‫التدريبيّة الرباط – ‪1981‬م‪.‬‬
‫مصطفى الشهابي‪ ،‬مشكالت العربية‪ ،‬مجلة المجمع العلمي العربي ‪ ،‬دمشق‪ ،‬المجلد ‪ 39‬الجزء‬
‫الرابع‪.‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬محمد صالح سمك‪ ،‬فن التدريس للتربية اللغوية وانطباعاتها المسلكيّة وأنماطها‬
‫العمليّة‪ ،‬نكتبة اإلنجلو المصرية‪ ،‬القاهرة‪1986 ،‬م من ص‪466 - 454‬‬
‫هو األستاذ محمود‪ 0‬ربايعة المحاضر‪ 0‬غير المتفرغ في مركز اللغات بالجامعة األردنية‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫( أحمد مختار عمر‪ ،‬مشكالت داللية في وقائع‪ 0‬تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها‪ :‬الجزء األول‪:‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫مكتب التربية العربي لدول الخليج‪78 ،‬ص)‪.‬‬
‫(‪ )5‬علي الحديدي‪ ،‬مشكلة تعليم اللغة العربية لغير العرب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار الكتاب العربي‪،‬‬
‫‪1966‬م‪.‬ص‪.)47‬‬
‫(‪Macky, W. F. Language Teaching Analysis. London: Long man Group.‬‬ ‫(‪)6‬‬
‫‪)6th Edition, 1976‬‬
‫محمود كامل الناقة‪ ،‬خطة مقترحة لتأليف كتاب أساسي لتعليم العربية للناطقين بغيرها‪ ،‬وقائع‪0‬‬ ‫(‪)7‬‬
‫ندوات تعليم العربية للناطقين بغيرها‪ ،‬مكتب التربية العربي لدول الخليج‪ ،‬ج ‪ 2‬ص‪.239‬‬
‫د‪ .‬ناصر عبد هللا الغالي‪ ،‬د‪ .‬عبد الحميد عبد هللا ‪ ،‬أسس إعداد الكتب التعليمية لغير الناطقين‬ ‫(‪)8‬‬
‫بالعربيّة‪ – :‬دار الغالي الرياض‪.‬‬
‫د‪ .‬أحمد مجدوبة وآخرون‪ ،‬العربيّة للناطقين بغيرها‪ :‬المستوى األول‪ ،‬الجامعة األردنية – عمان‬ ‫(‪)9‬‬
‫األردن‪.‬‬
‫(‪ )10‬د‪ .‬أحمد مجدوبة وآخرون‪ ،‬العربيّة للناطقين بغيرها‪ :‬المستوى الثاني‪ ،‬الجامعة األردنية – عمان‬
‫األردن‪.‬‬
‫(‪ )11‬انظر ‪ :‬لهكتر هامرلي‪ :‬النظرة التكاملية في تدريس اللغات ‪ ،‬ترجمة راشد الدويش‪ ،‬جامعة الملك‬
‫سعود ‪ ،‬ص ‪.53‬‬
‫(‪ )12‬المرجع السابق‪ :‬ص‪.53‬‬
‫(‪ )13‬د‪ .‬علي القاسمي ‪ ،‬اتجاهات حديثة في تعليم العربية للناطقين بغيرها‪ –،‬عمادة شؤون المكتبات –‬
‫الرياض السعودية ‪1979‬م‪ ،‬ص‪.82‬‬
‫(‪ )14‬انظر‪ :‬د‪ .‬أحمد ياقوت سليمان ‪ ،‬في علم اللغة التقابلي‪ ، :‬دار المعرفة الجامعية – اإلسكندرية –‬
‫‪.1992‬‬
‫(‪ )15‬محمد صالح بن عمر ‪ :‬كيف نعلم العربية لغة حيّة‪ .‬سلسلة لسانيات عربية‪ .‬معهد بورقيبة للغات‬
‫الحية‪ ،‬تونس‪.‬‬
‫(‪ )16‬محمد صالح بن عمر ‪ :‬كيف نعلم العربية لغة حيّة‪ .‬سلسلة لسانيات عربية‪ .‬معهد بورقيبة للغات‬
‫الحية‪ ،‬تونس‪.‬‬
‫لمزيد من المعلومات عن جوانب اإلعداد اللغوي‪ :‬انظر‪ :‬الدكتور علي أحمد مدكور‪ ،‬تقويم برامج‬
‫إعداد معلمي اللغة العربية للناطقين بغيرها‪ –:‬منشورات‪ 0‬اإليسيسكو‪ 0‬الرباط ‪1985‬م‪ ،‬ص ‪.28‬‬
‫(‪ )17‬القاسمي‪ :‬اتجاهات حديثة‪.91 :‬‬

‫‪23‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬
‫د‪ .‬أحمد مجدوبة وآخرون‪ ،‬العربيّة للناطقين بغيرها‪ :‬المستوى األول‪ ،‬الجامعة‬ ‫‪-‬‬
‫األردنية – عمان ‪ -‬األردن‪.‬‬
‫د‪ .‬أحمد مجدوبة وآخرون‪ ،‬العربيّة للناطقين بغيرها‪ :‬المستوى الثاني‪ ،‬الجامعة‬ ‫‪-‬‬
‫األردنية – عمان ‪ -‬األردن‪.‬‬
‫أحمد مختار عمر‪ ،‬مشكالت داللية ‪ -‬في وقائع تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫الجزء األول‪ :‬مكتب التربية العربي لدول الخليج)‪1401 .‬هـ ‪.‬‬
‫د‪ .‬أحمد ياقوت سليمان‪ ،‬في علم اللغة التقابلي‪ ،‬دار المعرفة الجامعية – اإلسكندرية –‬ ‫‪-‬‬
‫‪.1992‬‬
‫د‪ .‬علي أحمد مدكور ‪ -‬تقويم برامج إعداد معلمي اللغة العربية للناطقين بغيرها‪–:‬‬ ‫‪-‬‬
‫منشورات اإليسيسكو الرباط ‪1985‬م‪.‬‬
‫علي الحديدي‪ ،‬مشكلة تعليم اللغة العربية لغير العرب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار الكتاب العربي‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪1966‬م‪.‬‬
‫د‪ .‬علي القاسمي‪ ،‬اتجاهات حديثة في تعليم العربية للناطقين بغيرها‪ –،‬عمادة شؤون‬ ‫‪-‬‬
‫المكتبات‪ ،‬الرياض‪ ،‬السعودية ‪1979‬م‪.‬‬
‫مجد محمد باكير البرازي‪ ،‬مشكالت اللغة العربية المعاصرة‪ ،‬مكتبة الرسالة‪ ،‬عمان‬ ‫‪-‬‬
‫األردن‪ ،‬الطبعة األولى ‪1989‬م‪.‬‬
‫محمد صالح بن عمر ‪ :‬كيف نعلم العربية لغة حيّة‪ .‬سلسلة لسانيات عربية‪ .‬معهد‬ ‫‪-‬‬
‫بورقيبة للغات الحية‪ ،‬تونس‪).‬‬
‫محمد صالح سمك‪ ،‬فن التدريس للتربية اللغوية وانطباعاتها المسلكيّة وأنماطها‬ ‫‪-‬‬
‫العمليّة‪ ،‬نكتبة اإلنجلو المصرية‪ ،‬القاهرة‪1986 ،‬م‪.‬‬
‫محمود كامل الناقة‪ ،‬خطة مقترحة لتأليف كتاب أساسي لتعليم العربية للناطقين‬ ‫‪-‬‬
‫بغيرها‪ ،‬وقائع ندوات تعليم العربية للناطقين بغيرها‪ ،‬مكتب التربية العربي لدول‬
‫الخليج‪ ،‬الجزء الثاني‪1401 ،‬هـ ‪.‬‬
‫مصطفى الشهابي‪ ،‬مشكالت العربية‪ ،‬مجلة المجمع العلمي العربي ‪ ،‬دمشق‪ ،‬المجلد‬ ‫‪-‬‬
‫‪ 39‬الجزء الرابع‪.‬‬
‫المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم‪ ،‬صناعة المعجم العربي لغير الناطقين بها‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫أبحاث الدورة التدريبيّة الرباط – ‪.1981‬‬
‫ناصر عبد هللا الغالي‪ ،‬د‪ .‬عبد الحميد عبد هللا‪ ،‬أسس إعداد الكتب التعليمية لغير‬ ‫‪-‬‬
‫الناطقين بالعربيّة ‪ -‬دار الغالي الرياض‪.‬‬
‫د‪ .‬نهاد الموسى‪ ،‬قضية التحول إلى الفصحى في العالم العربي الحديث‪ ،‬دار الفكر‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫عمان‪1987 ،‬م‪.‬‬
‫هكتر هامرلي‪ ،‬النظرة التكاملية في تدريس اللغات‪ ،‬ونتائجها العمليّة‪ ،‬ترجمة‪ :‬د‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫راشد بن عبد الرحمن ادويش‪ ،‬جامعة الملك سعود‪1994 ،‬م‪.‬‬
‫‪Macky, W. F. Language Teaching Analysis. London: Long man Group.‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪.6th Edition, 1976‬‬
‫‪24‬‬

You might also like