Professional Documents
Culture Documents
كل شيء في الحياة ،لما جرى من تضخيم لألنا الشاعرة في خطابه الشعري واستعالئها على حساب دونية اآلخر والغائه ،حتى إنه
البر) بسبب من
(عبث) و(يا زايد ِّ
ٌ بروز كان في قصيدتي
ُخر ،غير اننا وجدنا ان أكثر األنساق ًا
جعل من اآلخر مستعينا به في أحيان أ َ
البر) التي
طغيان النسق المدائحي أو السياسي في خطاب الشاعر من حيث يشعر أو ال يشعر ،بدءا من عنوان قصيدته (يا زايد ِّ
(عبث) التي أهداها إلى صديقه (رشيد الدليمي)
ٌ علما وطالبا للشهادة ،وقصيدة
وم ًوسخيا ُ
ً يما
انسانا كر ً
ً أهداها إلى الشيخ(زايد) فجعل منه
شهيدا .فهذه األنساق المضمرة التي لجا اليها الشاعر في شعره والتي ال يستطيع البوح بها ال يمكن
ً الذي جعل منه مقتوًال وليس
استخراجها ما لم نتمعن في دراستها في ضوء معطيات النقد الثقافي وأبعاد الوظيفة النسقية للنصوص .وقد أفدنا في ذلك من مصادر
ٍ
محمد وعلى آله الطيبين النقد الثقافي والمؤلفات النقدية الحديثة االخرى .وآخر دعوانا أن الحمد هلل رب العالمين ،وصل اللهم على
الطاهرين .
الكلمات المفتاحية :ديوان ،نجاح العرسـَـان ،فُرصةٌ ،ثّلج ،النقد الثقافي.
ّأوال :مفهوم النقد الثقافي
كردة ٍ
فعل على النظريات يشكل النقد الثقافي ظاهرة بارزة رافقت فكر ما بعد الحداثة في ميدان األدب والنقد ،إذ ظهر في الغرب ِّ ِّ
البنيوية والسيميائية وفوضى التفكيك ،وتبعا لذلك فهو مجموعة من المقاربات المتعددة واالختصاصات التي ينصب عملها في الحقل
ويعرفه
َّدا بحدودِّ ،
مجاال مقي ً
ً المضمر ة واألنظمة اآليديولوجية( ،)1ولذلك فهو نشاط واسع الحدود له وليس
الثقافي ،وخدمة األنساق ُ
المضمرة التي الغذامي َّ
بأنه ((فرع من فروع النقد النصوصي العام ،ومن ثم فهو أحد علوم اللغة وحقول(األلسنية) ،معني بنقد األنساق ُ
ينطوي عليها الخطاب الثقافي بكل تجلياته وأنماطه وصيغه))(.)2
بناء على مسلَّماته الفكريَّة وطروحاته اآليديولوجيَّة إلى ((مساءلة البنى النصية بوصفها حوادث ثقافية ،ومن
يسعى النقد الثقافي ً
()3
ثم اكتناه أبعادها ومضمراتها النسقية التي تبدو هي األُخرى على وشيجة تامة بالسياقات الثقافية والظروف التاريخية التي انتجتها)) .إذ
بتنوعها المنطلق الرئيس للنقد منها :الدراسات الثقافية والتاريخانية الجديدة والنقد َّ َّ
إن هناك مجموعة من األنشطة الثقافية التي شكلت ّ
يؤكد إمكانية كشف الطاقات واألنظمة الثقافية واإلشكاالت االيديولوجية الثقافي لفنسنت ليتش والنقد المدني وغيرهما .والنقد الثقافي ِّ
وأساليب الهيمنة والسيطرة المختزلة في النصوص(.)4
يتجاوز النقد الثقافي األدب الجمالي الرسمي إلى تناول االنتاج الثقافي َّأيـًا كان نوعه ،ومن ثم يسعى إلى تناول األعمال
()5
ان لدينا نظريات
الهامشية التي أهملها النقد األدبي ويتجه ((إلى كشف عيوب الجمالي ،واإلفصاح عما هو قبحي في الخطاب ،وكما ّ
في الجماليات فانه البد ان نوجد نظريات في (القبيحات) اي في عيوب الجمالي وعلله))(.)6
تتَّسع مساحة النقد الثقافي ((لتغطي مساحة المنجز االنساني برمته حين يتمدد في االنساق الثقافية))(.)7ولذلك فهو ال يفصل
برز أنساقها ودالالتها المضمرة والمختبئة بين النص ،واألنساق الثقافية المضمرة فيه()8وهذا النقد الثقافي يحاول أن ِّ
يفكك النصوص ُم ًا
داخل النص ،محاوًال في تعامله مع النصوص األدبية إبراز الصراع الطبقي الذي تحاول به كل طبقة ترسيخ قيمتها الثقافية التي تخدم
مصالحها( ، )9وقد افضت الممارسة الثقافية الى توجيه النظر النقدي نحو االنتقال من النص إلى صب االهتمام في االنساق المضمرة
فيه ،للكشف عن ما وراء جماليات النص .
عالقة النقد األدبي بالثقافي:
إن عالقة النقد األدبي بالنقد الثقافي عالقة تكامل ال يستطيع أحدهما أن ينفصل عن اآلخر َّ
؛ألنهما ال يفترقان ،ولذلك يقوم النقد
منهجيا للنقد
ً الغاء
ً الثقافي بتوجيه النقد األدبي من أجل ((تفادي السقوط في العيوب النسقية)))( 10حتَّى َّ
إن النقد الثقافي ((لن يكون
االدبي ،بل انه سيعتمد اعتمادا جوهرًيا على المنجز المنهجي األجرائي للنقد األدبي))(.)11
بديال عن النقد االدبي((بل يمكن أن يتكامل معه ،وفي النقد الثقافي وفي ضوء ما سبق ذكره نرى َّ
أن النقد الثقافي لن يكون ً
المضمر من األنساق وليس البحث فيما يقوله الدال مباشرة أي التركيز في األنساق الخفية المحمولة
يتحرك البحث لتوفير اجابات عن ُ
1270
حزيران2018 /م مجلة كلية التربية األساسية للعلوم التربوية واإلنسانية /جامعة بابل العدد39/
1271
حزيران2018 /م مجلة كلية التربية األساسية للعلوم التربوية واإلنسانية /جامعة بابل العدد39/
النص من حيث ما يتحقق فيه وما يتك ّشف عنه من أنظمة ثقافية .فالنص هنا وسيلة وأداة ،وحسب مفهوم (الدراسات الثقافية) ليس
النص سوى مادة خام ُيستخدم الستكشاف أنماط معينة من مثل االنظمة السردية واإلشكاليات االيدلوجية وأنساق التمثيل))(.)19
لذا فقد أصبح فهم النص وتفسيره ،بل وحتَّى تقييم الحس الذوقي والعاطفي له ،سبيال ترسمه سياقات المؤسسة الثقافية ،والتاريخ
()20
.وبناء على ذلك أصبحت الغاية الرئيسة للدراسات
ً والعالقات االجتماعيةَّ ،
ألن الثقافة الشاملة تحيط بعوالم الفن والخيال واألفكار
أي تموضع كان ،بما في ذلك تموضعها النصوصي(.)21 الثقافية ليس النص ،بل األنظمة الذاتية في فعلها االجتماعي في ّ
همش هو ما لقيه هذا النص من اقصاء وعدم اهتمام من لدن النقد األدبي، الم َّ
ويبدو أن سبب احتفاء الدراسات الثقافية بالنص ُ
طوال مدة دراسة النصوص األدبية السابقة ،ما جعله مهمال وبعيدا عن دائرة االهتمام ،فبقي مترو ًكا ولم يخصب بوصفه حقال ُيبحث في
مكنوناته وأنساقه المضمرة التي يمكن أن تعد بمثابة النص النخبوي الراقي ،برغم ان الدراسات الثقافية لم تهمل النص ال ارقي أو النخبوي
بوضعها النص الهامشي في مقدمة دراستها .والدراسات الثقافية هذه ال تقوم على مجرد دراسة الثقافة حسب ،بل تتعدى ذلك نحو الغاية
َّ
المركبة والمعقَّدة وتحليل السياق االجتماعي والسياسي( )22للخطاب .واليها يرجع الفضل في ((االهتمام من فهم الثقافة بكل اشكالها
همش وتوجهها نحو نقد انماط الهيمنة ،مما فتح ابوابا من البحث ذي االتجاه االنساني النقدي الجريء))( ،)23وعلى الرغم الم َّ
بالمهمل و ُ
ُ
كثير بسبب فقرها النظري وتركيزها على
نقد ٌ
وجه إليها ٌ من أن الدراسات الثقافية قد فتحت المجال واسعا للبحث وتحليل الخطاب ،فقد ّ
()24
العوامل االقتصادية والمادية ،فضالً عن افتقارها للمنهج العلمي
ب الجانب التطبيقي:
واذا ما عدنا إلى الجانب التطبيقي في مجموعة الشاعر نجاح العرسان (فُرصة للثّلج) ،نجد ان القصيدة األُولى في المجموعة
وهي (الموت ال يستحي ٳلى أبي الذي يستحي ،)..ابتدأت بعنوان يحمل في طياته نسقًا ذا بعد اجتماعي ووعظي وأخالقي ،بجعل أبيه
يوجه الكالم الى اآلخر النسقي الذي قمة رفيعة في األخالق والنبل وتمكينه في أن يجسد األنا المتعالية المترفعة للذات ،في حين انه ّ
َّ
نسقيا متوارثًا في الثقافة العربية ،يبرز َّ
عيبا ً
يندرج تحته أو تختبئ تحته كل األفعال القبيحة والمؤطرة بالجماليات ،وهذا ما يمكن ان نعده ً
المتعالي في النص عن طريق اقحام الضمير األنوي ودمجه مع ضمير الجماعة (نحن) كما تشي مكنونات العنوان وفق اداء النسق ُ
بذلك .
سياسيا غايته الحطّ من الغرب واإلعالء من شان الشرق المتمثّل
ً آيديولوجيا
ً من زاوية أخرى يمكن أن نجد في العنوان نسقًا
خرب بلده العراق ،ومن طريق ذلك ببلده العراق ،حتى َّإنه مثّل الغرب بالموت وجعله ال يستحي وال يخجل من افعاله الدنيئة ،ألنه ّ
اُفتضح الواقع المؤلم الذي ال يظهر للمتلقي االّ بالتمـ ـ ـ ـ ـ ّـعن به والغوص في أعماقه ،ولـ ـ ـ ـ ـ ــذلك شلّت آفة الظلم والوهن والحزن من عزيمة
الشعب وجعلته ال يعلم في أي مكان يمكن ان يهلك أو يلقى حتفه ،وهذا ال يمكن أن نستشفَّه إال بما تفرزه ادوات النقد الثقافي المتعددة
التي تبحث في ما وراء الجماليات ،فالشاعر هنا يستسلم أمام سلطة الموت إذ جعلها سلطة غاشمة ال يقوى انسان على مجابهتها أو
قهرها .ولذلك أكدت جبروتها للشاعر بموت أبيه الذي شبَّهه بالعراق ،وفي ضوء ذلك كان غياب اإلنسان أمام سلطة الموت يشي بشكل
المنكسر ،اذ تمكن الشاعر من تشكيل صورة لسلطة الموت عبر فناء الفعل
التغير التي تط أر على اإلنسان ُ
التبدل او ّ
واضح بحالة ّ
المعطَّلة امام حضور الموت .
()25
اإلنساني ،وبذلك يغيب االنسان وتغيب معه القدرة االنسانية ُ
ونرصد في شعر الشاعر ما يشي بظهور نسق ذي ُبعد اجتماعي إذ يقول(:)26
لماذا ابتدأنا
والنهاي ُة شمع ٌة
وخيطُ سنين
يتوس ُل
ّ دمعه
1272
حزيران2018 /م مجلة كلية التربية األساسية للعلوم التربوية واإلنسانية /جامعة بابل العدد39/
ثقافيا متوارثًا عن المعتقدات الدينية العالقة في ذاكرته التي ال يقدر على االفالت منها،
نلحظ في هذا المقطع الشعري نسقًا ً
فاإلنسان عندما يموت يقوم الناس بإشعال الشموع على قبره وهذه الصورة التي تبعث على القهر روجت لها لوحة تساقط دفقات الدموع
تمثيال لنزول قطرات الشمع ساعة احتراقه ،وهذا األمر قد وظَّفه الشاعر في شعره من حيث يعلم او ال يعلم ،اذ شكلت هذه المعتقدات
في نفسه نهجا موجها َّأدى إلى نحتها واضمارها في ال وعيه الكتابي ،وليس ادل على ذلك من يأس الشاعر واحباطه وخطابه الحائر
المفعم بالالجدوى حين يسأل نفسه ومن ثم يجيب عليها ؛ إذا كانت نهايتنا شمعة فلماذا نحارب ونبكي ونف ّكر ونقتل؟ ولذلك فهو ممسك
ُ
دور في مضاعفة مشاعر األلم والحيرة للصورة المتخيلة للذات الشاعرة ،وهذا بالتالشي الذي ركبه بأسلوب االستفهام الذي يؤدي ًا
األسلوب التعبيري لم يترك جوابه للمخاطَب أو المتلقِّي بقراءاته وتفسيراته ،كي يؤدي َّ
مهمته التأويلية ،بل قتله بإعطائه جواباً ،بمعنى انه
المضمر ادعى من ِ
لم يعط فرصة للقارئ بإضفاء استنتاجاته وتعدد قراءاته المستنبطة بوساطة تأمالته القرائية ،وهل من هيمنة للنسق ُ
ذلك؟
.وفي مقطع آخر من القصيدة نفسها يبرز نسق قريب من النسق السابق ،إذ يقول(:)27
وحرمل عيني
فوق جمر افتقاده
لعل يعيد الراح
جمر وحرم ُل
ٌ
ففي هذا المقطع الشعري يحاول توظيف بعض التقاليد والعادات الشعبية في شعره من طريق تناص هذه المفردات والتعابير التي
ورثها بوساطة موروثه الشعبي ،التي بقيت مالزمة لذات الشاعر التواقة للتجديد ،ومما ِّ
يؤكد ترسخ االنساق المتوارثة وتراكمها في نفسه
المضمر يحاول أن يعلو على نفسية الشاعر ويبرز ُّ
هو كثرة توظيفها في أكثر من مقطع من قصيدته ،االمر الذي يدل على ان النسق ُ
في شعره عن طريق هذه الصياغات المختبئة داخل األنساق والدالالت ،ولذلك حاول الشاعر أن يستفيد منها في شعره ويجعلها عالمة
تُجلّي رصيده الثقافي من النواحي كلِّها ،ولهذا كان مفهوم ثقافة الشاعر اليعني ابدا مدى قدرة المبدع على ضخ المزيد من المعلومات
االجتماعية والدينية واألخالقية والفلسفية في نتاجه الشعري ،بلغة خطابية تبعد المتلقي عن التمتع باألجواء الفنية للنص الشعري ،بل ان
الثقافة التي ينبغي للمبدع ان يتسلح بها والتي من خاللها يظهر مقياس تألقه الشعري او اخفاقه ؛ هي ثقافة من نوع آخر ،ٳذ ّانها ثقافة
تنتظم المعارف المكتسبة التي ال ُيعفى الشاعر من االطالع عليها ،فضال عن تلك الثقافة الشعرية التي تفرض عليه المعرفة واالطّالع
الواسعين باللغة الشعرية وأدواتها الفنية التي ُيرّد لها الفضل في نقل مفردات اللغة من مجراها (المعجمي) المتداول وتحريرها إلى لغة
المجاز واإلبداع التي تتمتع بطاقات واسعة إلنتاج المعنى الذي يعطي النص حيوية التجدد ،وتعدد فنون القراءة(.)28
ونجد الشاعر في مقطع آخر من قصيدته ُيعظِّم من شأن أبيه ويجعله بمنزلة األنبياء ترفّقا وتلطّفا ،إذ يقول(:)29
ومثل قَطاة
تحت ظلّك أختبي
فأنت
بطيب األنبياء تظل ُل
فهنا في هذا المقطع من شعره نجد ان النسق الم ِ
ستفحل يبرز عند الشاعر من حيث اليدري ،وذلك بجعل أبيه بدأب أخالق ُ
المضمر والطاغي الذي نجده يظهر بين الحين واآلخر ،سببه عدم قدرة الشاعر على االفالت من
االنبياء في ال وعيه ،وهذا النسق ُ
شدته ،ألنه لم يكن خالي البال منه ،وهذه الصفة بحسب اعتقادنا لم تتحقَّق إالّ بإلغاء اآلخر ،لتبرز أنوية الشاعر بتعظيم أبيه ورثائه
ّ
تهمش اآلخر في ال شعوره الداخلي ،وهذا النسق االستفحالي نجده ظاه اًر في بعض مقاطع القصيدة اذ يختبئ مرة
وتشبيهه بصفات ّ
نخبويا ُيحتذى به كأخالق األنبياء،
ً نصا
مهمشا من حيث اليدري وجعل أباه مرك از ؛ بمعنى جعله ً
ويظهر مرة أخرى ،ولذلك جعل اآلخر َّ
1273
حزيران2018 /م مجلة كلية التربية األساسية للعلوم التربوية واإلنسانية /جامعة بابل العدد39/
بشدة في الالشعور منذ البداية ولذلك يمكن القول((:إن حركة النسق بدت منذ ُمفتتح النص ُمنفعلة
وتحركه ّ
وهذا يدل على زعزعة النسق ّ
قلقة لوجود اداة نسقية في داخلها تؤرقها وتقض مضجعها))(.)30
بتعمق وذكاء من الشاعر ،إذ يقول(:)31
وتظهر جمالية الشعر في مقطع آخر ولكن ّ
صلبت احتماالتي
ُ
على ذيل سعفة
ألرعى عراقاً
كلَّما اخضر يهم ُل
مهمة النقد الثقافي
ففي هذا المقطع الشعري خطاب جمالي بالغي ينطوي على افانين مجازية ،وهنا تظهر بصورة أكثر عمقا َّ
الذي يبحث في ما وراء الجمالي الذي يختبئ تحته نسق مضمر يعبِّر بوعي أو غير وعي عن مقصد الشاعر ،فالشاعر هنا في هذه
شيئا مما يدمي قلبه ،وال أن ينقذه من هذا األلم
يغير ً
االيحاءات الشعرية يائس من الوضع الذي هو فيه على وطنه ،ألنه ال يستطيع أن ّ
ويقويه الصورة المركبة التي وظفها الشاعر حين جعل من احتماالته
او هذه المصائب التي تحاول أن تجهده وتضنيه ،ومما يدعِّم ذلك ِّ
بعضه على بعض ،فال مما جعل الوطن ضعيفا ذاهب القوة ،اذ اطبق ٍ
سعفة ال تقوى أن تحمل شيئاَّ ، صابرة حابسة لنفسها على ذيل
َ
يتمتَّع بأدنى ما يدفعه نحو التغيير بسبب األحكام الجائرة المفروضة عليه ،ولذا أصبح خطابه حامالً ألنساق ّ
عدةُ ،م ّبر از لنسق اساسي
ووصيــًا على اآلخر فضال عن كشفه زيف
ّ عبر هيمنة الضمير األنوي الذي يبرز بين الحين واآلخر ،فيجعل من نفسه ُمنق ًذا
واضح َ
وكل من يسير على خط الظلم والطغيان.
اآلخر الغربي وعيوبه ّ
ويقول في مقطع آخر من القصيدة نفسها(:)32
كعين يتيم
حين ترجع خالياً
وحسرتنا
في ليلة العيد تقت ُل
يعز َمن يكثر له الفرح ويندر من يوسعه العطفالشاعر –هنا -يستدعي اليتيم الذي يحل عليه العيد وهو غير قرير العين ،اذ ّ
فيتحسر على تلك الفرحة التي لم يعد يملكها بفقدان الوالد؛ سابغ النعمة ،ومستوفى الوفر
ّ والحنان ،يرى األطفال أقرانه فرحين بالعيد
المضمر ودالالته حين يؤدي والمزادة ،فهنا تقتل أمنياته وطموحاته جميعها وينظر للحياة بسوداوية ومكابدة ،وهنا يبرز حضور النسق ُ
دور الناقد االجتماعي للواقع المحيط به ،اذ يعبر عن كل ما يختبئ تحته مما ال يستطيع الشاعر ان يبوح به عالنية ،وهذا التبني في
الطرح والرؤية من لدن الشاعر يمكن ان يشكل بؤرة داللية شعرية تفعل فعلها في المتلقي ،وتنتج قارئا جيدا يحتاج في العثور على
تدبر هذه الجمل الثقافية التي
المعنى الى المزيد من القراءة والتأمل بالتركيز في النص والغوص في اعماقه والتعايش معه من أجل ّ
يطمر تحتها الشاعر نواياه ومقصديته ،وهذه األنساق المضمرة ال يستطيع االمساك بها االَّ من ((ارتقى الى مرتبة المتلقي المنتج الذي
يغزو النص من اعماقه ويعيد تشكيله))(.)33
ويبرز لدى الشاعر النسق األبوي القائم على إلغاء اآلخر ،إذ يقول(:)34
فمن عزلة العصفور
حررت قريتي
ُ
غردت فيها
ُ لت إن
وماز ُ
أُكب ُل
أعلمهم أخطاء جهلي
1274
حزيران2018 /م مجلة كلية التربية األساسية للعلوم التربوية واإلنسانية /جامعة بابل العدد39/
ليكبروا
على غير أخطائي
وما كنت أجه ُل
جليا أن النسق األبوي قد تملَّك الشاعر وهيمن على أفكاره ،ولكنه صاغه صياغة شعرية ُمبدعة وهذا اإلبداع ال يمكن ان يبدو ّ
يتحصل للناقد المختلف االّ بفعل القراءة الفاحصة التي تكشف
َّ يتجلى للقارئ غير المتمعِّن بالقراءة الجيدة ،ولذلك كان هذا األمر ((ال
هذه االنساق مثلما تكشف داللتها النامية في اطار فكرة االيديولوجيا وصراع القوى االجتماعية المختلفة))( ،)35ولذا فقد لمسنا هذا النسق
المركزي بصورة بارزة ،وذلك بجعل الشاعر نفسه ُمعلِّ ًما لآلخرين وهاديا لهم للسير على خطاه ،وهذا يجعله يفخر بنفسه ويجعل منها
مثاال لآلخر ليقتدي به عن طريق تكريس المحاسن لذاته المتعالية من حيث ال يشعر ،مما ينتج بدوره خطاباً مهيمناً مشابهاً لخطاب
السلطة وفداحة سطوتها ،األمر الذي يكشف عن العيب النسقي ألنا الشاعر الطاغية ،ألنه يتحول في ضوء النقد الثقافي الى خطاب
تحول شخصية الشاعر من الغائب إلى ضمير (األنا)
نسقي يضمر دالالت قبيحة مختبئة ومؤطّرة ببعده الجمالي وهذا نجده واضحا في ّ
البارزة هنا في مقطعه الشعري .ان بروز هذا النسق الفحولي في هذا المقطع ،يشي بان الشاعر ال يستطيع أن يتخلى عن اناه او
لطالبه كي يسيروا عليه ،مما جعله في النهاية يصاب بخيبة أمل
يتحرر منها ،ما دام طامحا أن يجعل من نفسه ُمعلّ ًما يرسم الطريق ّ
قاتمة ومؤثرة وصادمة ،وهناك نسق آخر يمكن أن نعثر عليه وهو النسق السياسي الذي يبرز عبر التحديق في دائرة تحرك الشاعر
الملهم ألهل بلده من أجل أن يتعلموا الم ِ
درك كثير العلم الذي يقوم بدور ُ الثقافية ،ٳذ ٳنه يعترف بأخطائه الماضية ويضع نفسه موضع ُ
من أخطاء اآلخرين ،هذا في المعنى الظاهري للنص ولكن ما تحت هذا الجمالي من قبيحات هو النقد السياسي واالجتماعي بعينه
وتطير مما قد يجر على أهل بلده من ويالت ،فبكشف هذه االنساق
ّ للواقع المزري الذي يرزح شاعرنا تحت ظله حتى َّإنه تشاءم منه،
المضمر ة والدالالت النسقية تظهر هذه القبيحات التي ربما يقصدها الشاعر أو ال يقصدها ،وتبقى مهارة المتلقي وقدرته على الكشف
ُ
قادرة أن تمكنه من االمساك بها واستنباطها .بقي أن نقول ٳ ّن هذه األنساق المضمرة المملوءة بالقبيحات ال يستطيع الشاعر أن يراها او
ضده وهي مخالفةأن يعترف بها إال إذا رجع أو عاد إلى وعيه ،ألن الشعراء أحرار ((وكل محاولة لتقييد الشعر فهي تآمر ّ
ألصوله))(.)36
نسق ُمستفح ٌل نستطيع أن نمسك به بسهولة ،إذ يقول(:)37
وفي مقطع آخر يبرز ٌ
وقلت إذا
فغن لي
ما زرت قبري ِّ
فياسين
لحن للرمال مرت ُل
ٌ
أبي كل شيء
مثلما قلت كذب ٌة
سماء
َ إذا ميَّز األ
وخردل
ُ تبر
ٌ
ظننت بأن الموت
مثلك يستحي
فكنت الذي
في خصمه يتغز ُل
1275
حزيران2018 /م مجلة كلية التربية األساسية للعلوم التربوية واإلنسانية /جامعة بابل العدد39/
هنا في هذا المقطع الشعري يبرز النسق الديني واضحا باستعمال الشاعر بعض المفردات الدينية البارزة في قصيدته
وهي(ياسين ،ومرتَّل) ،ولعل سبب ذلك يعود الى ثقافته الدينية التي هيمنت على ذاكرته فضال عن انه كان مستوعبا تماما لتلك الثقافة
المتراكمة في مخيلته الشعرية ،والتي انعكست ايجابا في نصه اإلبداعي فوظفها بخصوصية داللية ،وساقها عنص ار فنيا مهما في بناء
(،)38
أن ثقافته الدينية هذه أسهمت في ٳعالء شأو النص وزادت من قيمته في توصيل المعنى الى المتلقي ،ولعل
يزاد على ذلك ّ النص
وعيي أيضا ،وأن الموت يستحي مثله فيحسن التعامل بين الناس ،ولكنه يكتشف أن ال أن أباه قد برم
أن الشاعر كان يظن ّ
من الالفت ّ
َ
وم ِّ
عبرة ،ال نه يعرف فسرة ُ
فرق بينه –اي الموت -وبين اآلخر الغربي الذي يريق الدماء بشغف وتودد ،وهذه صورة تشبيهية اكثر من ُم ِّ
أن الموت اذا ادرك االنسان ال يفرق بين احد وسواه مصداقا لقوله تعالى((فإذا جاء أجلهم ال يستأخرون ساعة وال يستقدمون)تماما ّ
﴿االعراف اآلية ﴾34ويأتي توظيف الشاعر لبعض المفردات الدينية كما قلنا سابقا في شعره بوساطة األنساق التي يستعملها المقصودة
وبارز يتجلى في أسلوبه غير المباشر المؤطّر بمؤطرات جمالية ،وهنا تبرز
ًا اضحا
آيديولوجيا و ً
ً نعده نسقا
منها وغير المقصودة ،في ما ّ
أن هذه القصيدة ليست قصيدة رثاء ،وانما أصاب مهمة النقد الثقافي ،الن الشاعر قد أطَّر القصيدة برثاء أبيه في حين َّ
بصورة مهيمنة َّ
بها نقدا للواقع وحطّا للجانب اآلخر الغربي ولذلك جعله مهم ًشا عبر افعاله المخزية المشينة والتي ّادت بالمجتمع إلى الضياع ،وهذا
النقد االجتماعي لألوضاع الراهنة والمسايرة لعصره برزت بنقده المسؤولين الذين لم يدافعوا عن هذا البلد الذي عصفت به المصائب
أمر اآلهات حتى أصبح بائساً ال يستطيع أن يغيِّر شيئا من واقعه المهين والمرير ،وليس ادل على ذلك من رثائه ألبيه
والويالت ،وذاق ّ
دمروا
بوصفه امتدادا عاطفيا لوطنه العراق ،بأنه كان انساناً مثاالً وقدوة لآلخر ،في حين يقف بالضد من ذلك غير المنصفين ،الذين ّ
بالتمعن
ّ هذه البالد والذين يمثلون الغرب ولذلك شبههم بالموت ،وهذا النسق اآليديولوجي السياسي ال يمكن أن نلمسه بسهولة إال
المتبحرة من أجل كشف هذه القبيحات وبروزها لآلخر من أجل تهميشها أو تحطيمها ودنو شأنها.
ّ التبصر والقراءة الفاحصة
و ّ
عمقة لهذه القصيدة
الم ّ
وقد ذهب العرسان في قصيدة أخرى وهي(باقَ ُة الشم ِع) إلى اضمار النسق من حيث ال يشعر ،وبقراءتنا ُ
نجدها متراكمة باألنساق والدالالت الظاهرة والخفية التي يمكن استنباطها واإلمساك بها ،وهذا يدل على تذبذب الشاعر وقلقه منذ البداية.
إذ يقول(:)39
الشعر داليتي
ويشرب من صباي
ُ يخاتلُني
سالف َة الكلمات
نت أجنحة الفر ِ
اش َّلو ُ
برقتي
أسر رفيفُها فرشاتي
لما َّ
ِ
للجمال أنا كل وجه
وشاعر،
يحلم كأسه بسقاتي
ال ُماز َ
فالنسق الفحولي القار والقائم على ٳلغاء االخر وتهميشه يظهر جليا هنا منذ بداية القصيدة ألن الشاعر جعل من نفسه طليعة
في حياة اآلخر وجعل من اآلخر في حوجاء دائمة اليه ،فيفخر بنفسه وبشعره ويحيل قصيدته من تأمالت ومواقف لشاعر مغترب تقوم
جدا أهمية النقد الثقافي
على التعاطي الوصفي االبداعي إلى فخر وغلبة وتباهي بالنفس من حيث ال يعلم ،وهنا تتضح لنا بصورة بارزة ً
التي تنجلي في اغراض المديح والفخر والرثاء ،إذ إنه انتقل من وصف اآلخر ،إلى اجادة نعت نفسه ،ليجعل منها كل شيء ويجعل من
شعره كل الكلمات وهنا تبرز مبالغة كبيرة من لدن الشاعر من حيث ال يشعر ،ألنه جعل من الشعر طالبا له وساعيا اليه وليس العكس،
وهذا األمر يظهر عندنا بانعام النظر في ما تبوح به هذه الكلمات ليتبين لنا أن الشاعر يمتلك ثقافة عالية تجعل من خطابه خطاباً
1276
حزيران2018 /م مجلة كلية التربية األساسية للعلوم التربوية واإلنسانية /جامعة بابل العدد39/
مهيمناً صاد اًر عن ذات تلغي إرادة اآلخر وتقتلها ،وتتصف بصفة السلطة المؤسساتية النخبوية القائمة على ذات مسخ اآلخر والغاء
ُهويته ،ويمكن القول هنا :إن الشاعر قد تأثر بنسق الثقافة الشعرية العربية ،ولذلك فان هذه االبيات قد ((قيلت في سياق ثقافي يتخذ من
الفخر منطلقا للذات في تعاملها مع اآلخر وهو فخر قبلي يرتبط بمعنى القوة الذي يعد مفخرة في ثقافة الشاعر تتأسس على ذات مستبدة
()40
ومهم ًشا ليبني ذاته بتوصيفه له بهذه
ّ ملغيا
تنفي اآلخر لتحقق وجودها)) ،وهذا ما لمسناه في قوله المذكور آنفا حتى جعل من اآلخر ً
يتم االّ على اساس من هدم اآلخر أو إلغائه ،ولذلك جعل من نفسه حلما لكل شيء في حياته.الصفات ،ألن بناء الذات ال يمكن أن ّ
ويمضي الشاعر في سمة الفخر واالعتداد بالنفس اذ ينكشف هنا للقارئ نسق مبطّن من وعي الشاعر أو ال وعيه ،حيث
يقول(:)41
أنا كل ما هلل
في المعنى الصحي ِح
ِ
المأسات وخلقه من طينة
أنا أو ُل اآلتين كفي
إذ تصافحه الجنان
ِ
الغرفات ِ
بموعد
أعجوب ٌة هذا الجما ُل
وكيف يأتي
من حشا األحزان و ِ
النايات
اهللُ أغدقني
ِ
العطاء ِ
بآنية
وصان وجهي
عن مذلَّ ِة ِ
هات
والشاعر لم يزل غالبا في فخره ومتربعا على عرش اعت اززه بنفسه كما نالحظ ،مما شكل مساحة لظهور األنساق المضمرة التي
طغت على أجواء القصيدة ،وتحولها من المخفي والثاوي إلى المعلن الظاهر ،إذ يقول ايضاً(:)42
ذاتي الدليل لطُه ِر ذاتي
طريق غيري
َ لو سلكت
ما وصلت لذاتي
وكسرت أغنيتي
ُ
وأنف هواجسي
وسبيل ِ
نفس
ف النزو ِ
ات تر َ
ُم َ
أنا باقَ ُة الشمع التي
بال
ذابت وأغرقت ال ُذ َ
بلوعتي وشكاتي
ففي هذين المقطعين تبرز بقوة عالية تجليات النسق الثقافي الذي طغى على أغلب مقاطع القصيدة ،ويبدو هنا أن الالوعي قد
سيطر بشكل شبه كا مل على نفسية الشاعر ،ألن ((الالوعي بنية ،وهذه البنية تؤثر بأشكال ال حصر لها على اقوالنا وأفعالنا ،وأنه
1277
حزيران2018 /م مجلة كلية التربية األساسية للعلوم التربوية واإلنسانية /جامعة بابل العدد39/
عندما يفضح نفسه على هذه الشاكلة يجعل نفسه قابال للتحليل))( ،)43وهنا ينصب عملنا بصورة خاصة ،ألنه يركز على االعتداد
ومهمشا من حيث
َّ بالذات األنوية القائمة على إلغاء اآلخر ،اذ ان هذه الذات لم تحقق وجودها االّ من خالل اآلخر النسقي وجعله مهمال
اليدري ،ونلحظ أن الشاعر قد بالغ في فخره وجعل ذاته أول من تصافح الجنان في يوم الحشر وأن اهلل سبحانه وتعالى ّنزهه عن كل
تجمرة في داخل
الم ّ
مذلّة وعمل باطل وأبعده عنهما ،وفي ذلك تتجلّى بصورة واسعة مساحة دراستنا التي تسعى أو تهتم بقراءة االنساق ُ
النص وخارجه وهذا يسهم في((ضبط ايقاع النقد االدبي ،ومنعه من السقوط في الرجعية والتخلف ،وحثه على المضي قدما في سبيل
مشروعه النقدي الحضاري الجمالي لتعزيز ذوقه األدبي ودعمه))(.)44والشاعر هنا عندما قام بإقصاء اآلخر وصنع من نفسه بمثابة
اإلنسان العالِم والنزيه ورفع من قدرها وصيرها مصونة ال تشوبها شائبة ،بهذا المستوى من التركيز على الذات واقصاء اآلخر ،أنشأ من
شعره قابالً للنقد والدراسة بمعنى انه فتح الباب على مصراعيه للتحليل والدخول في طيَّات النص والبوح بما يكتمهِّ ،
بفك رموزه وتحليلها
واستجالئها ،الن الفخر واالعتزاز بالنفس ُينزله بمنزلة من ال يأخذ بمسلك أحد غيره مما ُيعظم من كبريائه ويحط من شان اآلخر الذي
ال يضاهيه وال يمكن أن يرتقي لمستواه ،اذ يبرز هنا األب النسقي المؤسساتي الم ِ
ستفحل في أكثر من جانب في ديوانه ،ويمكن أن َّ
نعد ُ ُ
اطالق سراح الشاعر لهذه الكلمات وتحررها من عصمته بأنه ((ال يعني تخلصها تماما من ارثها الثقافي االجتماعي ،ألنها تشكلت
_ثقافيا _من هذا االرث ،بل يعني قدرتها من ممارسة المساءلة ،والمالحظة والرصد ،تراودها رغبة في اصالح الجماعة بنقلها فكريا من
حالة الالوعي الى حالة الوعي))(.)45
وفي قصيدته (نوايا ال َشم ِع) ،يقول (:)46
وقفت
ُ
تذرف
ُ وبي شمع ٌة
الضوء ِ
ويعذ ُرني
ُ
الموقف
ُ و
اق على هامتي
نشرت العر َ
ُ
وقلت استحوا،
ُ
مصحف
ُ إنه
في هذا المقطع الشعري تظهر لنا مجموعة دالالت مضمرة نحاول أن نمسك بها بجعل النص قابالً لتأويالت وتفسيرات َّ
عدة،
مهمتها إلغاء دور اآلخر ،اذ يتراءى لنا ويثب امامنا من البداية الضمير األنوي الذي يمكن أن َّ
نعده من أخطر األنساق التي تكون ّ
آيديولوجيا
ً سياسيا و
ً ظاهر غير مخفي في النص .ومن الدالالت النسقية المضمرة االخرى أن الشاعر حاول أن يخبئ في شعره نسقًا
ًا
أسير ال يستطيع أن ينهض،دمر هذا البلد وحطّمه وجعله ًا
اضحا من طريق جذب االنظار الى بلده العراق والحطّ من الغرب الذي َّ
و ً
فالشاعر هنا لجأ الى استعمال أسلوب الته ّكم والردع ضد الغرب الذي استباح الحرمات وألغى المقدسات ،وهذا جوهر عمل ما بعد
َّ
المقدس من دون اقامة احترام لشرفه العظيم .واستباحت كل الحرمات من دون قيود أو حواجز ،ولذلك الحداثة التي قامت على الغاء
المطهَّرات .ونلحظ أن (العرسـان) في اثناء
جعل الشاعر من بلده مقدسا معظما ال يمكن المساس به ،شانه في ذلك شان المصاحف و ُ
هذه القصيدة يحاول أن يتنقل بين نس ٍ
ق وآخر من حيث ال يعي وال يشعر ،وبسبب من كل ذلك وقع في ِّ
فخ السلطة اإلماراتية هذه المرة،
تجرد من ِّفنيته وأحدث صدمة للمتلقي وجعله غير منساب في قراءته ِّ
وفك شفراته التي يمكن أن يجعلها بمثابة النص حتّى َّ
إن شعره قد َّ
األصلي وهذه الصدمة تجعله يصاب بخيبة أمل كبيرة ،فانظر ماذا يقول(:)47
ايد سامحتُهم
حب ز َ
على ِّ
وحاور ُت
رغم الذي أسرفوا
1278
حزيران2018 /م مجلة كلية التربية األساسية للعلوم التربوية واإلنسانية /جامعة بابل العدد39/
1279
حزيران2018 /م مجلة كلية التربية األساسية للعلوم التربوية واإلنسانية /جامعة بابل العدد39/
وسياسيا ومن ثم شعرًيا ،وبين المتحقِّق الشعري الذي لم يثبت سوى في قاع الغربة والخذالن والغد
ً اجتماعيا
ً دينيا و
من انحياز للشهيد ً
المضطرب بالسواد.
غالبا ما أسندها الشعراء الى الشهداء الذين تم التعامل معهم
ُيحكم الشاعر على فكرة االنكسار التي تتناقض مع النعوت التي ً
بوصفهم أبطاالً ،وهنا ال يمكن ((أن نغفل الدور المهم الذي يؤديه قانون التضاد في ايجاد شبكة من العالقات التي تتنامى فيها االنساق
()52
اضحا في
جليا وو ً
المتضادة قصد تشكيل بنية واحدة يتحقق فيها ومن خاللها مفهوم الوحدة واالنسجام)) ،وهذا التناقض يبدو ً
قوله(:)53
من أين أبدأ دمعتي
والعمر ذاكرة وخد من جليد
وقوله (:)54
ألنام في بلد ينام على
الرصيف كما الشريد
وقوله(:)55
وأللف عيد
تتألأل األسماء ...تضحك للمقابر من بعيد
َنصحوا
نذيب األمنيات بكوب شاي
وُن َعلِّم االشياء
دمعة ناي،
نحلم بالرحيل
الى بالد ال نداس بها بأقدام الجنود
المضمر والخفي في
واذا كان النقد الثقافي ينصرف الى ما يتصل باألعراف والمعتقدات بوصفها روافد ثقافية تراكمية تكشف ُ
النصوص ،فإن نجاح العرسان ي ِ
جحف بذلك ويطعن به ،اذ يقول(:)56 ُ
نختان أنفسنا،
ونقول إن اهلل علمك الشهاده
خدعوك ٳذ وعدوا السماء بزرقة أخرى
لتموت مكتمل العباده
وهكذا يتحول الموضوع /الرثاء /الشهادة إلى خديعة في عرف الشاعر ،بتكرار معاني (الخداع) و(والقتل) و(واالنهزام).وبهذا
خاصا ُمختلفًا عما سلكه الشعراء وهم يعالجون مثل هذا الموضوع.
ً تعامل نجاح العرسان مع موضوع الرثاء /المدح تعامالً
ولكننا لو تفحصنا قصيدة أخرى تناول فيها شاعرنا (العرسان) رثاء /مدح (الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان) ،سنلحظ أنه استنفر
البر) الذي ينطوي على إيقاع غاية في الوضوح،
ايد ِّ
بدءا من العنوان( :يا ز َ
كل األنساق المضمرة التي عرفها الشعر العربي في المديحً ،
بينا عن عنوان القصيدة التي اهداها إلى صديقه الشاعر رشيد الدليمي(الشهيد) ،ناهيك عن
مبعثه حدث العنوان الذي يختلف اختالفًا ً
اختالف المعالجات في متن القصيدة ،حتى إن الشاعر يظهر((خضوع ذاته للممدوح ،ويخفي في المقابل_ خداع الممدوح وراء حجاب
()57
اضحا من
من المفردات التي تحمل معاني ثقافية لها داللتها العميقة داخل وعي الممدوح)) ،واالختالف عن القصيدة السابقة يبدو و ً
أسطرها األ َُول ،إذ يقول(:)58
1280
حزيران2018 /م مجلة كلية التربية األساسية للعلوم التربوية واإلنسانية /جامعة بابل العدد39/
البحر
ُ بكفِّك
قام ال ِبر واحتشدا
البر
يا زايد ِّ
الزَبدا
حاشا كف َك َ
خطاي فإني تابعٌ سبباً
َ أجز
إليك،
َّرب وابتعدا
استطال الد ُ
َ مهما
لقد اكتسب النسق الثقافي ابعاده الداللية وسماته في خطاب نجاح العرسان هنا ،نتيجة لوقوعه تحت هيمنة الفعل النسقي
المضمر من حيث مدحه للملك (زايد) ومبالغته في مدحه حتى إنه فضَّله على صديقه (رشيد الدليمي) ولذلك فإن ((المبالغات فيُ
المدح والشكوى ،واالستعطاف يقدم الى االجيال صورة مزرية لبشاعة العالقة بين الحاكم والمحكومين الذين اوقعتهم االقدار تحت
رحمته ،فاضطرهم بقسوته ،واستبداده ،ومنطقه المتأله الى أن يمدحوه ذلك المدح الذي يتحول بطبيعته الى لون رمزي من ألوان
وجرد نفسه من ابداعه وألغى نفسه واآلخرين. الهجاء))( ،)59اذ وقع الشاعر بهذا المدح في ِّ
فخ األنساق و َش َركها الحاصل فيه َّ
ثمة صو ار شعرية كانت تعمل على ايصال الفكرة التي يريد العرسان ابالغها ،وان الصورة الشعرية واحدة من السماتوالشك أن َّ
األسلوبية التي يتسم بها خطابه االبداعي ،وهي من أهم الوسائل التي ينقل بها الحاذق باألدب أفكاره وعواطفه الى المتلقي ،ألنها من
قرائه وسامعيه))( .)60فللصورة الشعرية عناية بالغة في القصيدة التي ال
الوسائل التي((يحاول بها االديب نقل فكرته ،وعاطفته معا الى ّ
قادر على استيعاب
ومؤثر حتى إنها تخرج بالشعر إلى عالم خيالي تجعله ًاًا عنصر فعاالً
ًا يمكن أن تقوم بغيرها ،ألنها تمنح النص الشعري
الحياة ،ألن القصيدة ماهي إال ((صورةٌ مركبةٌ من مجموع الصور الشعرية االخرى))( ،)61وهنا عمد الشاعر في هذه القصيدة الى
(عبث) انمازت
ٌ اضحا عن القصيدة األُخرى ،فصور المديح في قصيدة
استعمال مجموعة من الصور الشعرية التي تختلف اختالفًا و ً
البر) انسربت في موضعها
ايد ِّ
بتخلخل الثابت نتيجة لتذبذب الشاعر وتقلّبه في مدحه لصديقه ،ولكنها في هذه القصيدة ونقصد(يا ز َ
وغرضها ثابتة راسخة ،على نحو قوله (:)62
يا باذر الحلِم
في ٳشراق مأسدة
وأنت بذ َرتُ ُه
إذ أطلَعت أسدا
فمثل زايد ما ألقت مطالعها
أو أنجبت أمة من حرة ولدا
علمتني
أن أخطاء الوصول خطى
َّ
احد ،إال أن كل قصيدة منهما كانت تقف خلف انتاجها ثقافة ُمتباينة وأنساق
شاعر و ٌ
ٌ وعلى الرغم من أن مبدع القصيدتين
عبث) ،في حين انه ُمضمرة مختلفة إلى ِّ
حد التقاطع ،فعلى صعيد العنوان فإننا نرصد ان الشاعر قد ش ّكله في لفظة واحدة في قصيدة( ٌ
الخذالن في القصيدة األُولى ،في
المعالجات فقد كانت تحتفي باالنكسار و ُ البر) .وعلى صعيد ُش ّكله في سطر شعري في قصيدة (يا زايد ِّ
عبث) بأنه مخدوع ومقتول
المهدى إليه في قصيدة ( ٌحين كانت تمتاز بالبطولة والكرم والقوة في البذل في القصيدة االخرى ،وقد انماز ُ
ختلف في كل قصيدة من القصيدتين . عد ثقافي ُم ٌالبر) فقد كان ُمعلِّما(علَّمتني).وهكذا يتجلّى ُب ٌ
المهدى إليه في قصيدة (يا زايد ِّ
أما ُ
فالشاعر وقع في نسق ُمضمر بات ظاه ار لنا حتى جعل (الشيخ زايد) ُمخلَّ ًدا لم يمت ،ولذلك رأيناه ألغى نفسه واآلخرين وغيَّب عقله
1281
حزيران2018 /م مجلة كلية التربية األساسية للعلوم التربوية واإلنسانية /جامعة بابل العدد39/
اضحا في ((الثقافة العربية المسيطرة ،الخاضعة بال شروط للسلطة السياسية المستبدة بمدح االمير أما صديقه فال ،وهذا نجده و ً
المسيطرة بحذف الواقع والمشخص والمتخيل والتاريخي واالكتفاء بنسق من التعاليم المجردة والساكنة))( ،)63وهذا األمر جعل من ذات
المهيمن المتمثِّل بقيم القوة والتسلِّط والفحولة ،وهذا ما لمسناه في قصيدة (يا زايد ِّ
البر) التي الشاعر المادحة واقعة في ِّ
فخ الخطاب ُ
صيرها من أجل ارضاء (األمير زايد) ،ولذلك برزت وظيفة النقد الثقافي الفاعلة بشكل واسع في هذا النص.ّ
البر) ،في حين نجد
نوعا من التكرار في قصيدة (يا زايد ِّكل قصيدة من القصيدتين ،فإننا نلحظ ً النظر في قافية ٍّ
أما اذا أنعمنا ّّ
(عبث) ،فالشعر ال يرتقي إلى مراتب الجودة والكمال وال يدفع نحو االحساس بالبهجة، ٌ تشتيتا في القافية وتك ار ار متباعدا في قصيدة
ندفعا بال
ولظل ُم ً
ّ والعاطفة الجياشة ما لم يلتئم ويتماسك عن طريق تلك النقرة الصوتية ،والتي لوالها لظ َل الشعر عديم التماسك والترابط،
عقلية ونسق تختلفان باختالف القصيدة،وكل من التشتيت والتكرار في كال القصيدتين تسوقه ّ نظام ،وكأنه وهم رتيب ال حدود له(ٌّ ،)64
البر) كان ينصرف الى الكريم الباذل
المهمش المخدوع والمقتول ،وفي قصيدة (يا زايد ِّ
َّ (عبث) كان يناغي ما يقترب من
ٌ ففي قصيدة
المعلِّم.
اما اللغة الشعرية التي استعان بها الشاعر على ايصال رسالته ،فهي واحدة من العالقات التي تحيل الى الماضي أو إلى
لخلق الشعري( .)65وحين نجيل النظر ونتمعَّن
الحاضر ،فاللغة بوصلة تشير إلى زمن ما وعصر ما ،وهي المرحلة المهمة من مراحل ا َ
البر) نجد َّأنها تنطوي على ألفاظ على نحو(:أسد ،مأسدة ،وخيمة العرب...الخ) ،إلى أن ينتهي
مرة وأُخرى في لغة قصيدة (يازايد ِّ
بقوله(:)66
رحلت
َ بلى
وغير اهلل ما خلدا
وظَ َّل ُ
ذكرك حيَّا
صافح األبدا
وجه خطابه نحو التأييد والتخليد للممدوح وهذا نسق ظاهر تماما ال يحتاج الى ٳجالة ٍ
فكر الستنباطه ،بل يمكن إذ إن الشاعر ّ
أقرت بالموت متحققًا حتميا في
تنوعت قافيتها ،والمست الحاضر ألفاظًاَّ ،
عبث) التي َّ
استنباطه من الوهلة األُولى .ولكنه في قصيدة ( ٌ
يهون الموت في خطابه ،اذ يقول(:)67
أن الشاعر صار َّ
نهاية المطاف ،بل َ
الموت بين يديك
كان قصيدة
حين انهزمت
أمام قبر مبتدي
ال تلتفت لهرائنا،
فالموت
ِ
المشهد أهون من مذاق
مازال يمشي
كالظهيرة
يكنس األسماء
كالعثرات عن قدم ردي
ويلمع اإليمان بالقلم الصدي
ّ
1282
حزيران2018 /م مجلة كلية التربية األساسية للعلوم التربوية واإلنسانية /جامعة بابل العدد39/
يميز بين السمات االيجابية والسمات السلبية التي ينبغي التركيز عليهاَّ ،
ألن هذا يقودنا وقد ذهب الغذامي الى الزام الناقد في أن ّ
تعرف عيوبنا الحضارية والعراقيل التي اعترضت مسيرة النهضة العربية ،وقد اختار الغذامي نسق(الفحولة)الذي يؤكد أنه انتقل في إلى ّ
الثقافة العربية من الشعر إلى مختلف نواحي الحياة ،فصار لدينا إلى جانب الشاعر الفحل :الفحل االجتماعي والفحل الثقافي ،والفحل
االعالمي ،والفحل السياسي(.)68
شدد فيها البر) يتجلَّى الفحل السياسي بشكل واضح ،وال يتجلَّى األمر نفسه في قصيدة( ٌ
عبث) ،التي َّ وفي قصيدة (يا زايد ِّ
الشاعر(العرسان) على جوانب الضعف واالنكسار على النقيض من القصيدة األُخرى التي ظهرت فيها صفات البطولة الكرم .وهذا َ
المضمر َّأدى إلى إلغاء ذات الشاعر وكذلك المتلقي من حيث ال يشعر ،وبذلك فإننا بإزاء ضربين من المجاز :مجاز بالغي النسق ُ
ترشح عنهما من صور، يتشكل عبر الوسائل التعبيرية التي يستعين بها الشاعر ،األمر الذي تجلَّى في ٍّ
كل من القصيدتين وما َّ َّ ُمعلن:
أن الناقد نفسه يتكئ علىومجاز آخر ُكلّي اقام في مقاصد القصيدة التي اهديت الى (الشيخ زايد) ولعل من نافلة القول الخوض في َّ
مرجعيات وثقافة معينة الستنطاق المجاز البالغي المعلن ،أو المجاز الكلِّي الثاوي في النصوص ،و َّ
أن الناقد الثقافي يلجأ إلى أدوات
واجراءات النقد األدبي ب((نقلها من الفضاء النصي إلى الفضاء الثقافي))(.)69
أما قصيدة نجاح العرسان (ال تَ ِعش ِ
عاقال ) فتثير فينا فكرتين :األولى يشي بها العنوان ويتعقبها الشاعر معالجة وتعميقا،
العقل واإلدراك والحذر ،إذ يقول(:)70
ويباشر في تناولها منذ األسطر األُولى ،وهي تتصل بفكرة تكلّف َ
أضأت َعقلي
ُ
ِ
القلب فاكتمال ط ِ
يش ِب َ
ِ
للقلب إعقل، وقلت
ُ
العقال
واح َذر ُ
ويقول(:)71
ال َعق َل لل َقل ِب
حين تَ ِ
عذلُ ُه ُيصغي َ
للعق ِل
ال قل َب َ
إن َعاتبتَ ُه َخ ِجال
فَال تعش ِ
عاقالً
من غير أسئلَة
وال تُ ِطع
سأال
لب إن َسؤ ِل ال َق ِ
ُك َّل ُ
ِّ
وتشذب المغالبة العقلية التي توجِّه
المعلن في الشواهد الشعرية السابقة يمكن ان يدخل في باب االصطراع الفكري و ُ ويبدو لنا أن ُ
بيد َّ
أن هذه القصيدة نفسها تثير فينا فكرة ثانية أال وهي الذكورة وهذا ما من قناعات الشاعر نفسه ،وال يضمر نسقًا ثقافيا من نوع معينَ ،
تجلَّى في قوله(:)72
لب،
يا َق ُ
َهو َن الدنيا على رجل
ما أ َ
في لَح ِ
ظة امرأة
لم َيتَّقد َر ُجال
1283
حزيران2018 /م مجلة كلية التربية األساسية للعلوم التربوية واإلنسانية /جامعة بابل العدد39/
ثقافيا
إن الشاعر بإزاء اسناد طريف وناجح ،يجعلنا في الوقت نفسه بخصوص تعامل خارجي مع المرأة ،وهذا يستجلي نسقًا ً إذ َّ
ذا موروث ُمستجلَب من الماضي الشعري واالجتماعي العربي ،الذي اشار اليه عبد اهلل الغذامي في كتابه (ثقافة الوهم) في افكاره
المتعلقة بالمرأة ،إذ ينطلق من طروحات التفكيك والنقد النسوي ،فيؤسس لمقاربته حول الثقافة التي تُقصي المرأة وتهمش دورها في الحياة
االجتماعية بوصفها حدا يلتذ به الرجل( ،)73ولعل ما اشار اليه الغذامي من ثقافة التعامل مع المرأة بوصفها ًّ
حدا لشهوات الرجل تتراءى
في األسطر الشعرية المذكورة آنفا.
الخاتمة:
عدة منها:نتائج َّ
َ وفي الختام توصلنا في هذا البحث إلى
تعدى حدود النظر في إن النقد الثقافي ال يفصل بين النص واألنساق الثقافية المضمرة المكنونة في داخله .و َّ
أن النقد الثقافي قد ّ َّ
.أما عالقة النقد األدبي بالثقافي
جماليات النص نحو صب االهتمام على االنساق المضمرة فيه للكشف عن ما وراء هذه الجماليات َّ
قادر ِّ
وموضح لآلخر .ولهذا أصبح النقد الثقافي مرًنا ًا كمل
فوجدناها عالقة تكامل ال يستطيع أحدهما أن ينفصل عن اآلخر فك ّل منهما ُم ِّ
أما في الجانب التطبيقي فقد
ُخر واإلفادة منها متى ما استدعت الحاجة الى ذلك .هذا في الجانب النظريَّ .
على التعاطي مع المناهج األ َ
المعلنة للمتلقي عند الشاعر كما في :األنساق الدينية واالجتماعية
وجدنا مجموعة من األنساق الثقافية المضمرة وفي بعض األحيان ُ
ابتداء من القصيدة األُولى التي حاول الشاعر بها نقد الواقع المزري الذي يعيشه بلده العراق مما جعله في بعض األحيان
ً والسياسية
أي أحد ،وغير
دينيا بجعل سلطة الموت سلطة ال يسلم منها ّ
لتزما ً
شاعر ُم ً
ًا الغيا لآلخر من حيث يشعر أو ال يشعر .وكذلك وجدناه
ً
همش
الم ّ ِ
المستبدة على اآلخر ُ
يؤسس ذاته ُ
ذلك من األنساق الدينية الكامنة في شعره .فضال عن ذلك وجدنا الشاعر في بعض األحيان ّ
بروز
أن الالوعي قد سيطر بشكل شبه كامل على هذا الشاعر .ووجدنا أكثر األنساق ًا أنويته بشكل واسع .وتبين لنا َّ لينفي وجوده ولِ ّ
يبرز ّ
البر) اللتين طغى فيهما النسق المدائحي او السياسي بدءا من العنوان ،على الرغم من أن
(عبث)( ،يا زايد ِّ
ٌ في ديوانه كان في قصيدتي
ُم ِبدع القصيدتين شاعر واحد فقد وقفت خلف انتاج كل قصيدة ثقافة متباينة ُمضمرة إلى حد التقاطع .وفي قصيدة(يا زايد ِّ
البر) وقع
ستفحل الذي يريد به الوصول الى كسب رضا السلطة .وهذا النسق قد أدى بالشاعر إلى فقدان فخ النسق الالشعوري الم ِ الشاعر في ِّ
ُ
مروجا ألفكار فلسفية استهلكها غيره من الروئ واألفكار إلى ُمستهلك ألفكار متداولة .وكذلك وجدناه ِ
ً وحوله من ُمبتكر ّ
خصوصيته َّ
المنتجبين الى
رب العالمين ،وص ّل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه ُ ُخر جديدة .وآخر دعوانا أن الحمد هلل ِّ
الشعراء ولكن بصياغات أ َ
يوم الدين.
المصادر والمراجع:
اوالً :الكتب
القران الكريم .
• افاق الن ظرية االدبية المعاصرة بنيوية أم بنيويات ،تحرير وتقديم :فخري صالح ،المؤسسة العربية للدراسات والنشر ،بيروت ،ط،1
.2007
• اصول النقد االدبي ،د .احمد الشايب ،مكتبة النهضة المصرية ،ط.1990 ،1
• أنسنة النص مسارات معرفية معاصرة ،محمد سالم سعداهلل ،جدار للكتاب العالمي ،االردن ،ط.2007 ،1
• التقويضية المنهج واإلجراءات -مقاربة في لسانيات الخطاب الشعري ،االء علي عبداهلل ،دار الفراهيدي ،بغداد ،ط.2013 ،1
• التيار القومي في الشعر العراقي الحديث ،د .ماجد السامرائي ،سلسلة الدراسات ( ،)344دار الشؤون الثقافية العامة ،بغداد.1983 ،
• ثقافة الشاعر وأثرها في معايير النقد العربي القديم حتى نهاية العصر العباسي ،سعد الجبوري ،مؤسسة الرسالة ،سوريا ،ط.2002 ،1
• جماليات التحليل الثقافي ،د .موسى علي ،المؤسسة العربية للنشر ،بيروت ،ط2005 ،1
• جماليات التحليل الثقافي -الشعر الجاهلي نموذجا ،د .يوسف عليمات ،المؤسسة العربية للدراسات والنشر ،بيروت ،ط.2004 ،1
1284
حزيران2018 /م مجلة كلية التربية األساسية للعلوم التربوية واإلنسانية /جامعة بابل العدد39/
• خطاب الضد مفهومه -نشأته -الياته -مجاالت عمله ،د .عبد الواسع الحميري ،دار الزمان ،دمشق ،ط.2008 ،1
• الخطيئة والتكفير من البنيوية الى التشريحية ،د .عبداهلل الغذامي ،النادي االدبي الثقافي ،السعودية ،ط.1985 ،1
• الشعر كيف نفهمه ونتذوقه ،اليزابيث درو ،تر :محمد ابراهيم الشوش ،منشورات دار الحكمة ،بيروت( ،د.ط).1961 ،
• الشهد والعسجد دراسات في النقد الثقافي التطبيقي ،أ.د .فليح الركابي ،دار الشؤون الثقافية العامة ،بغداد ،ط.2012 ،1
• عضوية االداة الشعرية فنية الرسائل وداللية الوظائف في القصيدة الجديدة ،محمد صابر ،دار مجد ،عمان ،ط.2007 ،1
• فرصة للثلج ،نجاح العرسان ،سلسلة دواوين شعراء امير الشعراء ،هيئة ابو ظبي للثقافة والتراث ،االمارات العربية المتحدة ،ط،1
.2012
• في النقد والنقد االلسني ،د .ابراهيم خليل ،منشورات امانة عمان الكبرى ،عمان ،د .ط.2002 ،
• قراءة النص وسؤال الثقافة -استبداد الثقافة ووعي القاريء بتحوالت المعنى ،د .عبد الفتاح احمد يوسف ،عالم الكتب الحديث ،عمان،
ط.2009 ،1
• مدخل في نظرية النقد الثقافي المقارن ،أ.د .حفناوي بعلي ،منشورات االختالف ،الدار العربية للعلوم ،الجزائر ،ط.2007 ،1
• مسارات النقد ومدارات ما بعد الحداثة في ترويض النص وتقويض الخطاب ،ا.د .حفناوي بعلي ،دروب للنشر ،عمان ،ط.2011 ،1
• النسق الثقافي قراءة ثقافية في انساق الشعر العربي القديم ،د .يوسف عليمات ،اربد ،عالم الكتب الحديث ،ط.2009 ،1
• النقد التطبيقي التحليلي ،د .عدنان خالد عبد اهلل ،دار الشؤون الثقافية العامة ،بغداد ،ط1986 ،1
• النقد الثقافي ،ارثر ايزابرجر ،تر :وفاء ابراهيم ورمضان بسطاويسي ،المجلس االعلى للثقافة ،مصر ،ط.2003 ،1
• نقد ثقافي ام نقد ادبي ،د .عبد اهلل الغذامي ،د .عبد النبي اصطيف ،دار الفكر ،دمشق ،ط.2004 ،1
• النقد الثقافي قراءة في االنساق الثقافية العربية ،د .عبداهلل الغذامي ،المركز الثقافي العربي ،المغرب ،ط.2000 ،1
• النقد الثقافي من النص االدبي الى الخطاب ،د .سمير الخليل ،دار الجواهري ،بغداد ،ط.2013 ،1
الدوريات.
ثانياّ :
ً
• االنعكاس واالنعكاس االدبي ،فيصل دراج ،مجلة البالغة المقارنة ،القاهرة ،ع .1990 ،10
• النقد الثقافي ومنطق االنسجام في المنطلق والمتن واإلجراء ،أ.د .عبد العظيم رهيف ،مجلة كلية التربية ،جامعة الموصل ،ع نيسان،
.2012
ثالثًا :الرسائل واالطاريح الجامعية .
• الشاعر العربي الحديث ناقدا (أطروحة دكتوراه) ،علي صليبي المرسومي ،كلية اآلداب ،جامعة بغداد.2011 ،
ابعا :شبكة االنترنت
رً
• النقد الثقافي بين المطرقة والسندان ،د .جميل حمداوي ،بحث منشور على موقع ديوان العرب ،الشبكة المعلوماتية.2012 ،
• النقد الثقافي والنقد االدبي ،أ .د .مسعود عمشوش ،مقال منشور على موقع مأرب برس ،الشبكة المعلوماتية.2011 ،
الهوامش:
-1ينظر :النقد الثقافي بين المطرقة والسندان ،جميل حمداوي ،بحث منشور على موقع ديوان العرب ،الشبكة المعلوماتية. 2012 ،
-2النقد الثقافي قراءة في االنساق الثقافية العربية ،د.عبد اهلل الغذامي ،المركز الثقافي العربي ،المغرب ،ط. 84-83 :2000 ،1
-3النسق الثقافي قراءة ثقافية في انساق الشعر العربي القديم ،يوسف عليمات ،اربد ،عالم الكتب الحديث ،ط. 165 ،2009 ،1
-4ينظر :النقد الثقافي ،ارثر ايزابرجر ،تر :وفاء ابراهيم ورمضان بسطاويسي ،المجلس االعلى للثقافة ،مصر ،ط. 2003:13 ،1
- 5ينظر :في النقد والنقد االلسني ،د .ابراهيم خليل ،منشورات امانة عمان الكبرى ،عمان ،د .ط126 :2002 ،
-6النقد الثقافي قراءة في االنساق الثقافية العربية. 59 :
1285
حزيران2018 /م مجلة كلية التربية األساسية للعلوم التربوية واإلنسانية /جامعة بابل العدد39/
-7النقد الثقافي ومنطق االنسجام -في المنطلق والمتن واإلجراء ،أ.د .عبد العظيم رهيف ،مجلة كلية التربية ،جامعة الموصل ،ع
نيسان.178 :2012 ،
-8ينظر :م .ن. 178:
-9ينظر :مسارات النقد ومدارات ما بعد الحداثة في ترويض النص وتقويض الخطاب ،أ0د0حفناوي بعلي ،دروب للنشر والتوزيع،
عمان-االردن ،ط. 2011:152 ،1
-10عضوية االداة الشعرية فنية الرسائل وداللية الوظائف في القصيدة الجديدة ،محمد صابر ،دار مجد ،عمان ،ط. 19 :2007 ،1
-11نقد ثقافي ام نقد ادبي ،د .عبد اهلل الغذامي ،د .عبد النبي اصطيف ،دار الفكر ،سوريا ،دمشق ،ط73 :2004 ،1
-12النقد الثقافي ومنطق االنسجام -في المنطلق والمتن واإلجراء. 178:
-13م .ن. 178 :
-14م .ن. 178:
-15مدخل في نظرية النقد الثقافي المقارن ،ا.د .حفناوي بعلي ،منشورات االختالف ،الدار العربية للعلوم ،ناشرون ،الجزائر ،ط،1
. 24 :2007
-16ينظر :النقد الثقافي من النص االدبي الى الخطاب ،د .سمير الخليل ،دار الجواهري ،بغداد ،ط. 22 :2013 ،1
-17ينظر :النقد الثقافي بين المطرقة والسندان ،جميل حمداوي .
-18ينظر :الدراسات الثقافية خالل العقدين االخيرين ،حواس محمود ،مقال منشور على موقع سائر المشرق ،الشبكة المعلوماتية،
.2016
-19النقد الثقافي قراءة في االنساق الثقافية العربية. 17:
-20ينظر :مدخل في نظرية النقد الثقافي المقارن. 21:
-21ينظر :م .ن. 21:
-22ينظر :أنسنة النص مسارات معرفية معاصرة ،محمد سالم سعد اهلل ،جدار للكتاب العالمي ،االردن ،ط. 55 :2007 ،1
-23النقد الثقافي قراءة في االنساق الثقافية العربية. 20 :
-24ينظر :مدخل في نظرية النقد الثقافي المقارن.. 20 :
-25ينظر :جماليات التحليل الثقافي -الشعر الجاهلي نموذجا ،د .يوسف عليمات ،المؤسسة العربية للدراسات والنشر ،بيروت ،ط،1
. 234-2004:233
-26فرصة للثلج ،نجاح العرسان ،سلسلة دواوين شعراء امير الشعراء ،هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث ،االمارات العربية المتحدة ،ط،1
. 6 :2012
-27فرصة للثلج. 10-9 :
-28ينظر :ثقافة الشاعر وأثرها في معايير النقد العربي القديم حتى نهاية العصر العباسي ،سعد الجبوري ،مؤسسة الرسالة ،سوريا،
ط. 2002:19 ،1
-29فرصة للثلج. 10 :
-30جماليات التحليل الثقافي -الشعر الجاهلي نموذجا ،يوسف عليمات. 64:
-31فرصة للثلج. 11:
-32م .ن. 12-11 :
1286
حزيران2018 /م مجلة كلية التربية األساسية للعلوم التربوية واإلنسانية /جامعة بابل العدد39/
-33التقويضية المنهج واالجراءات -مقاربة في لسانيات الخطاب الشعري ،آالء علي عبد اهلل ،دار الفراهيدي للنشر والتوزيع ،بغداد،
ط. 2013:24 ،1
-34فرصة للثلج. 14:
-35جماليات التحليل الثقافي ،د .موسى علي ،المؤسسة العربية للنشر ،بيروت ،ط. 2005:30 ،1
-36الخطيئة والتكفير من البنيوية الى التشريحية ،د .عبد اهلل الغذامي ،النادي االدبي الثقافي ،السعودية ،ط.1985:226 ،1
-37فرصة للثلج. 17:
-38ينظر :الشهد والعس جد دراسات في النقد الثقافي التطبيقي ،أ.د .فليح الركابي ،دار الشؤون الثقافية العامة ،بغداد ،ط،1
. 25-2012:24
-39فرصة للثلج. 96-95:
-40قراءة النص وسؤال الثقافة -استبداد الثقافة ووعي القارئ بتحوالت المعنى ،د .عبد الفتاح احمد يوسف ،عالم الكتب الحديث
للنشر والتوزيع ،عمان ،ط. 33 :2009 ،1
-41فرصة للثلج. 97-96:
-42م .ن. 97:
-43قراءة النص وسؤال الثقافة. 50:
-44افاق النظرية االدبية المعاصرة بنيوية أم بنيويات ،تحرير وتقديم :فخري صالح ،المؤسسة العربية للدراسات والنشر ،بيروت ،ط،1
. 2007:107
-45قراءة النص وسؤال الثقافة. 82:
-46فرصة للثلج. 176 :
-47م .ن0 177 :
-48ينظر :قراءة النص وسؤال الثقافة0 113:
-49م .ن0 14:
-50فرصة للثلج0 178:
-51م .ن. 132:
-52جماليات التحليل الثقافي -الشعر الجاهلي نموذجا. 227:
-53فرصة للثلج. 132:
-54م .ن. 133:
-55م .ن. 134 :
-56م .ن. 135 :
-57قراءة النص وسؤال الثقافة. 118:
-58فرصة للثلج. 170:
-59خطاب الضد مفهومه -نشأته -آلياته -مجاالت عمله ،د.عبد الواسع الحميري ،دار الزمان للدراسات والنشر والتوزيع ،دمشق،
ط. 97 :2008 ،1
-60اصول النقد االدبي ،د .احمد الشايب ،مكتبة النهضة المصرية ،ط. 242 :1999 ،1
-61النقد التطبيقي التحليلي ،د .عدنان خالد عبد اهلل ،دار الشؤون الثقافية العامة ،بغداد ،ط1986:29 ،1
1287
حزيران2018 /م مجلة كلية التربية األساسية للعلوم التربوية واإلنسانية /جامعة بابل العدد39/
1288