You are on page 1of 58

‫وىل يخفى القمر؟!

‫قراءة في حياة وشعر عمر بن ابي ربيعة‬


‫‪...‬‬

‫كرامة حسام الساموك‬


‫الفهرست‬

‫الفيررس‬
‫اإلىداء‪II .................................................................................‬‬

‫المقدمة‪1 .................................................................................‬‬

‫التمييد‪4 ..................................................................................‬‬

‫الفصل األول ‪22 – 6 .....................................................................‬‬

‫المبحث االول‪ :‬من ىو؟ ‪6 .................................................................‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الغزل العذري والغزل الصريح ‪8 ............................................‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬ما اشبو اليوم بالبارحة!‬

‫ابن ابي ربيعة وابن قباني ‪13 ...............................................‬‬

‫الفصل الثاني ‪39 – 23 ...................................................................‬‬

‫المبحث االول‪ :‬بعض النساء المواتي تغزل بين في شعره ‪23 ...............................‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬صفات المرأة التي تغزل بيا عمر ‪34 .......................................‬‬

‫الخاتمة‪40 ................................................................................‬‬

‫قائمة المصدر ‪43 .........................................................................‬‬

‫نبذة عن حياة الكاتبة‪.......................................................................‬‬

‫‪I‬‬
‫اإلىداء‬

‫إلى كل الحياة‪..‬‬

‫امي‪.....‬‬

‫‪II‬‬
‫المقدمة‬

‫‪3‬‬
‫المقدمة‬

‫المقدمة‪..‬‬

‫في اختياري لعمر بن ابي ربيعة ليكون موضوعاً لكتابي عدة اسباب‪..‬‬

‫أوليا‪ :‬ىو شاعر ترك بصمة واضحة في شعر العصر االموي مما أثر عمى من بعده‬

‫الذين حاولوا ان يسيروا عمى نيجو وان لم يصرحوا‪ ،‬بل وقد ينكروا‪..‬‬

‫ان تأثير عمر عمى شعر الكثيرين واساليبيم حتى في اختيارىم أللفاظ معينة أو‬

‫اقتباسيم لحاالت شعورية سبق وان مر بيا عمر بن ابي ربيعة‪ ،‬كل ىذا ال يمكن نكرانو‬

‫او التنصل عنو ولو حمفوا بأغمظ االيمان‪..‬‬

‫ثانييما‪ :‬عندما كنت طالبة في المرحمة االولى في قسم المغة العربية‪ ،‬أول بحث طمب‬

‫مني كان عن عمر بن ابي ربيعة‪ ،‬وكان صدفة‪ ..‬ورب صدفة خير من ألف ميعاد‬

‫أحببتيا الصدفة وأحببت فييا شعر عمر وحتى عمر نفسو‪..‬‬

‫فكمما قرأت عنو معمومة زاد تعمقي وتشوقي لمعرفة المزيد عن شاعر الغزل الصريح‬

‫الحسي المادي الجريء‪ ،‬وقل عنو ما تشاء‪ ،‬فمن يذىب عمر بن أبي ربيعة عن ذاكرة‬

‫العقل وال خزائن القمب‪..‬‬

‫أما السبب الثالث‪ :‬ىو شاعر جريء وواثق وشجاع وال يخاف فق ار او حربا أو فشال‪..‬‬

‫بدأت الكتاب بتمييد عن الشاعر وقسمت الكتاب الى فصمين اثنين‪..‬‬

‫الفصل االول لو ثالثة مباحث‪..‬‬

‫‪1‬‬
‫المقدمة‬

‫‪ -‬المبحث االول‪ :‬كان عنوانو "من ىو"؟‬

‫تحدثت فيو عن حياتو‪ ،‬وضحت فيو معنى "عمر" وماذا كان يحب ولماذا انفرد‬

‫عن البقية؟‪..‬‬

‫‪ -‬أما المبحث الثاني فكان تحت عنوان "الغزل العذري والغزل الصريح"‬

‫أوضحت فيو بنقاط موجزة الفرق بين النوعين‪..‬‬

‫وكان دليال عمى كالمي ابيات شعرية لفارسي الغزلين‪ ،‬عمر بن ابي ربيعة‬

‫وجميل بثينة‪..‬‬

‫‪ -‬المبحث الثالث‪ :‬عنوانو "ما اشبو اليوم بالبارحة"!‬

‫ابن ابي ربيعة وابن قباني‬

‫ومن خالل قراءتي لدواوينيما ظيرت وبشكل واضح وجمي تمك العالقة‪ ..‬تشابو‬

‫في االفكار والمواضيع وحتى ظروف معيشتيما‪ ..‬وان كانت بنسبة كبيرة من‬

‫التشابو ال التطابق‪..‬‬

‫ثم انتقمت الى الفصل الثاني وجعمتو حك ار لمنساء‪..‬‬

‫‪ -‬المبحث االول‪ :‬كان فيو "أسماء النساء" وعنوانو ((بعض النساء المواتي تغزل‬

‫بين في شعره))‪ ،‬استعنت فيو ببعض اسماء النساء واالبيات التي قاليا فيين‬

‫عمر بن ابي ربيعة‪..‬‬

‫‪ -‬والمبحث الثاني‪ :‬تضمن عنوان "صفات المرأة التي تغزل بيا عمر"‬

‫وفييا وضحت سمات المرأة التي يؤكد عمييا عمر في أكثر االحايين‪ ،‬من خالل‬

‫االبيات وقراءتي ليا‪..‬‬

‫‪2‬‬
‫المقدمة‬

‫ثم وضعت خاتمة لمكتاب‪ ،‬وضحت فييا خالصة الموضوع عن الغزل وأخص بالذكر‬

‫الصريح وفارسو عمر بن ابي ربيعة‪..‬‬

‫وفي النياية كانت قائمة المصادر‪ ،‬وما أكثر المصادر التي تضمنت عمر ومشاكسات‬

‫عمر وخيال عمر‪ .‬عمما أن الكثير من المصادر لدي عن عمر ولم أغترف منيا ولو‬

‫غرفة واحدة ليس شبعا وال كرىا وال حتى عج از ولكن اردت ان اكتب عنو بأسموبي‬

‫وشخصيتي واعبر عن مشاعري انا‪...‬تناولتو بكل حب‪ ،‬فيل سيصمكم بحب؟! وعزائي‬

‫ىو كممة السر "عمر بن ابي ربيعة" شاعر الحب والجمال‪..‬‬

‫وىل يخفى القمر؟!‬

‫‪3‬‬
‫اللمييد‬
‫التمهيد‬

‫التمييد‪..‬‬

‫شاعر قريشي من بني مخزوم‪ ،‬ظاىرة عصره وبيئتو‪ ،‬أحب النساء لحبين اياه‪،‬‬

‫ىو مثال الحب لديين ومتنفسو وىو مميمين‪..‬‬

‫إن قال فيين بيتاً شعريا فقد انتصرت انوثتين؛ ففي ذلك البيت الشعري ثبت صدق‬
‫ىو ْ‬

‫جمالين وعمو كعب شرفين وتميزىن‪..‬‬

‫عمر بن ابي ربيعة‪ :‬ال يقول شع اًر اال في جميمة شريفة عزيزة‪ ..‬لماذا؟‪..‬‬

‫ىو ابن االشراف‪ ،‬عاش في بحبوحة وترف‪ ،‬واثرت ىاتان الصفتان في حياتو وشعره‪..‬‬

‫اي حظ تممك‬
‫وموضوعات شعره وحتى فيمن اختارىا ليتغزل بجماليا وشرفيا وحظيا‪َّ ،‬‬

‫من تغزل بيا عمر‪..‬؟!‬

‫شاعر جعل قضية شعره الوحيدة "مدح المرأة" ال غيرىا‪ ..‬فيو ليس بحاجة الى مال‬

‫ومركز والقيمة اجتماعية ليمدح خمفاء بني أمية واشرافيا‪..‬‬

‫فيو بعيد كل البعد عن السياسة‪..‬‬

‫ولو فرضنا نظرية ان يكون الخميفة امرأة‪ ..‬فينا يمكن ان ندعم فرضيتنا اذ سيمدحيا‬

‫غزال‪ ،‬فيي أوال وأخي ار‪ ..‬أمرأة وشريفة وعزيزة‪ ..‬أليس كذلك؟ ألنو شاعر المرأة الجميمة‬

‫الشريفة العزيزة‪ ،‬وىو عمر الشاعر المغرور الذي لم يقبل أن يتغزل بأمرأة دون ذلك‪..‬‬

‫ولن يدعيا تمر مرور الكرام من غير ما يتغزل بيا ويمعن في ذكر محاسنيا و‬

‫اوصافيا‪..‬‬

‫‪4‬‬
‫التمهيد‬

‫ىو من وضع لنفسو مكانا ال يقدر االخرون عمى منازعتو اياه‪ ..‬ىو من جعل المؤرخين‬

‫وأىل االدب يقرون لقريش بمكانة الصدارة في الشعر‪ ،‬ولمن؟‬

‫لعمر‪ ،‬ىو من أخذ تمك الصدارة لقريش‪ ..‬ىو َم ْن لم يستطع أحد ان يردعو اذا بالغ في‬

‫غزلو وتمادى في ذكر اوصاف نساء االشراف اال بطريقة واحدة ال ثانية ليا‪..‬‬

‫يشكوه لدى الخميفة‪..‬‬

‫ىو من ولدة يوم وفاة عمر بن الخطاب "رضي اهلل عنو" الخميفة الثاني‪..‬‬

‫ىو من اسكتو عن قول الشعر في المرأة‪ ،‬عمر بن عبد العزيز الخميفة الخامس‪..‬‬

‫ما بين العمرين كان عمر بن ابي ربيعة‪ ..‬شاعر الغزل الصريح الحسي‪ ،‬الشاعر‬

‫الحضري‪ ،‬شاعر المرأة‪..‬‬

‫وىل يخفى القمر؟!‬

‫‪5‬‬
‫الففل ااوو‬
‫الممحح ااوو‬
‫من ىو؟‬
‫الفصل االول – المبحث االول‬

‫الفصل االول‪..‬‬

‫المبحث االول‪ :‬من ىو؟!‬

‫ىو بن ابي ربيعة المخزومي القرشي‪ ،‬انحدر من بني مخزوم‪ ،‬وىم أفاضل‬

‫قريش في الحسب والجاه والثروة‪ ،‬اشتير بفن الغزل الحضري في العصر االموي‪ ،‬حتى‬

‫الع ّمر‪ :‬الحياة‪ ،‬يقال قد طال‬


‫الع ُمر و ُ‬ ‫ُع َّد زعيم ىذا الغزل‪ ،‬وفي معنى اسمو (( َ‬
‫العمر و ُ‬

‫عمرهُ‪ ،‬لغتان فصيحتان‪ ،‬فإذا أقسموا فقالوا‪ :‬لَ َع ْم ُرك! فتحوا ال غير‪ ،‬والجمع‬
‫ُع ُم ُرهُ و ْ‬

‫أعمار‪ ،‬وسمي الرجل عم اًر تفاؤال ان يبقى))‬

‫وقد ولد ليمة وفاة عمر بن الخطاب رضي اهلل عنو‪ ،‬فسمي باسمو؛ حبا بو وحزنا عميو‪..‬‬

‫((أرق شعراء عصره‪ ،‬من طبقة جرير والفرزدق‪ ،‬ولم يكن في قريش أشعر منو))‬

‫أقترن اسم عمر بن ابي ربيعة بالنساء والحب؛ فال يكاد يذكر اسمو حتى تخطر عمى‬

‫البال أفكار الحب والنساء والرفاىية والراحة‪ ...‬وال عجب في ذلك؛ لم يحتوي شعره اال‬

‫القميل من االغراض دون غرض الغزل‪..‬‬

‫شاعر جعل الغزل فنا لو أصولو الخاصة بو‪ ،‬حتى يمكن ان نطمق عمييا االصول‬

‫العمرية‪..‬‬

‫ال بد ان تحتوي قصائده الغزلية عمى مشيد تمثيمي متضمن الحوار وتفصيل الرأي‬

‫والرأي االخر ومبرراتيما‪..‬‬

‫) ( لسان العرب‪ ،‬ابن منظور‪ ،‬دار الصادق‪ ،‬ص‪601‬‬


‫) ( االعالم‪ ،‬خير الدين الزركمي‪ ،‬ص‪211‬‬

‫‪6‬‬
‫الفصل االول – المبحث االول‬

‫وىي إما ذكريات جمعتو بالحبيبة أو مشاىد يمر بيا فينقميا لنا نقال حيا‪ ،‬جاعمنا في‬

‫صورة الحدث‪ ،‬فنعيشو‪ ،‬ذاك ار مكان المقاء وما فيو من ديكور وأشخاص‪ ،‬مرك از عمى‬

‫مشاعر الحبيبة أو فمنقل المرأة التي نظم القصيدة اياىا فييا وألجميا فيجعمنا نشم حتى‬

‫عطرىا‪..‬‬

‫كان يحب ايام الحج حبا ال مثيل لو‪ ،‬ولو في ذلك حجة؛ اذ يتزين باحسن المالبس‬

‫ويتعطر ويتجمل فيبدو في كامل اناقتو وجمالو لرؤية الحاجات القادمات من العراق‬

‫والشام والتحدث معين ووصفين والتغزل بين‪ ،‬واستمر في حياتو ىكذا‪ ..‬حتى وصل‬

‫مرحمة التوبة‪ ،‬حتى قيل انو كان عن كل بيت ينظمو يطمق عبدا او جارية‪..‬‬

‫وانا مع ىذا القول‪ ،‬ألن عمر يممك من المشاعر ارقيا والعواطف اصدقيا‪ ،‬ولم ينافق‬

‫حاكما وال شريفا فيو ليس بحاجة الييما‪ ..‬فكيف الحال وىو يريد التوبة من خالق‬

‫السماوات واالرض؟!‬

‫اما مبدأ عمر بن ابي ربيعة في الحب فقد لخصو في ىذا البيت الشعري‪:‬‬

‫الحظ لي فيو اال لذة النظر‪..‬‬ ‫اني امرؤ مولع بالحسن اتبعو‬

‫ومن غيرك شاع ار اقترن اسمو بالحسن والحب ولذة النظر والشرف والعزة؟!‬

‫شاعر اشعل الغيرة في قموب الرجال وتمنوا لو كانوا ىو‪ ..‬واشعل نيرانيا في قموب‬

‫النساء المواتي جاىدن لكي يصمن اليو ويذكر اسماءىن في قصائده‪ ،‬قصائد الحب‬

‫والجمال لشاعر الكممة الطيبة العطرة الفواحة الخالدة خموده ىو‪..‬‬

‫وىل يخفى القمر؟!‬

‫‪7‬‬
‫الففل ااوو‬
‫الممحح اللااي‬
‫اللغو الععرر واللغو الفريي‬
‫الفصل االول – المبحث الثاني‬

‫الفصل االول‪..‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الغزل العذري والغزل الصريح‬

‫تطرق الشعراء في العصر االموي ألغراض وموضوعات شتى‪ ،‬لكن لمغزل‬

‫بنوعيو "الصريح والعفيف" بصمة ثابتة جميو لم تستطع العصور السابقة وال الالحقة ان‬

‫تمحوىا من ذاكرة المتذوق لمشعر العربي‪..‬‬

‫"وغزل الحجاز نوعان‪ :‬نوع قصصي واقعي مرح‪ ،‬يمثمو عمر بن ابي ربيعة في مكة‪،‬‬

‫واخر عذري رمزي حزين محروم‪ ،‬عند الشعراء العذريين في المدينة‪ ،‬مثل جميل‬

‫واالحوص والمجنون"‬

‫الغزل في ىذا العصر أصبح موضوعا رئيساً ال فاتحة مواضيع أخر‪ ،‬لو معجبوه ورواده‬

‫ومرتادوه انقسم الى قسمين‪ :‬قسم فيو الحب لمحب‪ ،‬اذ فيو ضاعت امال الشاعر‬

‫وشخصيتو ولم نجد اال قصائده التي عبرت عن صدق مشاعره ونقاء سريرتو وقدر من‬

‫التشاؤم ليس بقميل‪ ،‬ىو حب ال أمل فيو‪ ،‬ال رجاء بالحصول عمى مبتغاه‪ ،‬شعراؤه تميزوا‬

‫بمشاعرىم النبيمة الصادقة‪ ،‬لفتاة واحدة أحبيا وألحق أسميا بو ومات وىو عمى ىذه‬

‫الحالة‪ ،‬فنجد مجنون ليمى‪ ،‬جميل بثينة‪ ،‬كثير عزة‪..‬‬

‫) ( الموسوعة العربية الميسرة بأشراف محمد شفيق غربال‪ ،‬دار الشعب ومؤسسو فانكمين لمطباعة‬
‫والنشر ص‪83‬‬

‫‪8‬‬
‫الفصل االول – المبحث الثاني‬

‫ولنا في ىذا النوع من الشعر نساء ايضا اشتيرن فيو‪ ،‬وعمى رأسين ليمى االخيمية والتي‬

‫أحبت توبة بن حمير ودفنت الى جنبو بعد ان سممت عمى قبره‪ .‬وىي تعد من حيث‬

‫المكانة المرموقة في الشعر العربي بعد الخنساء‪ ..‬أفضل الشواعر وأحسنين‪..‬‬

‫وقد يكون الشتيارىن في غرض الرثاء أثر في ذلك وعود عمى بدأ‪ ،‬أما القسم االخر‬

‫من شعراء الغزل‪ :‬فيو الصريح‪ ،‬حب المتعة والراحة والشيرة‪ ،‬حب الجسد ال العواطف‪،‬‬

‫حب كل شيء جميل‪ ..‬حب اكثر من فتاة وذكر حتى اسماء ابائيا واعماميا‪ ..‬فمكل‬

‫شاعر منيم نساء كثيرات‪ ،‬يذكرون اسماءىن ومواقفين وحتى االيام التي قضوىا‬

‫معين‪...‬‬

‫شعر تميز بالجرأة ال الخجل‪ ،‬فيو استعراض لقوة الشاعر وأحاديثو وحواراتو‪ ..‬مع ما‬

‫يمكن القول عنيا أنيا الحبيبة‪ ..‬وأكثر الشعراء شيرة في ىذا النوع صاحبنا عمر بن‬

‫أبي ربيعة فيو أعتمى صيوة الشعر الغزلي الصريح‪..‬‬

‫وعوامل االختالف بين القسمين (الصريح والعذري) أكثر من عوامل التشابو‪:‬‬

‫ٔ‪ .‬الشعر العذري فيو خجل وحياء‪ ،‬حب مخبوء في قمب شاعره؛ فيو ال يذكر شيئا‬

‫يثير غرائز المتمقي فالشعر عنده ترجمة ألحاسيسو وعواطفو البريئة الحزينة‬

‫ولفتاة واحدة‪ ،‬أما الصريح ال يكتفي بشرح عواطفو إنما يذكر حتى أسم الفتاة‬

‫والمكان الذي التقى ىو فييا وكيف كان؟ ما الحوار الذي دار؟ وغيرىا من‬

‫االمور التي ال يذكرىا الشاعر العذري حياءا وخجال‪..‬‬

‫قال جميل‪:‬‬

‫‪9‬‬
‫الفصل االول – المبحث الثاني‬

‫سوى ان يقولوا انني لك عاشق‬ ‫وماذا عسى الواشون ان يتحدثوا‬

‫يعترف بعشقو وال ذنب لو سوى العشق وال ييمو ان ينقل الواشون ىذا الخبر؛‬

‫فالخبر معروف وغير جديد وفي نفس الوقت فيذا برىان عمى عفتو وبرائتو‪..‬‬

‫بينما يقول عمر في نساء كان حوارىن حولو‪:‬‬

‫ثم اغمزيو‪ ،‬يا أخت‪ ،‬في خفر‬ ‫قومي تصدي لو ليبصرنا‬

‫ثم اسبطرت تمشي عمى اثري‬ ‫قالت ليا‪ :‬قد غمزتو فأبى‬

‫ال تفسدن الطواف في عمر‬ ‫قالت ليا اختيا تعاتبيا‪:‬‬

‫ٕ‪ .‬الشاعر العذري لو محبوبة واحدة يفني عمره في سبيميا ويسخر شعره ليا ال‬

‫لغيرىا‪ ..‬بكممة أخرى شعره كمو ماركة مسجمة بأسم حبيبتو‪ ،‬بينما الصريح‬

‫فشاعره لو من الدالل والحرية بحيث يجعل منو دون جوان العصر والنساء‬

‫حبيباتو‪..‬‬

‫قال جميل‪:‬‬

‫يميني‪ ،‬ولو عزت عمي يميني‬ ‫ولو أرسمت يوما بثينة تبتغي‬

‫وقمت ليا بعد اليمين‪ ،‬سميني‬ ‫ألعطيتيا ما جاء يبغي رسوليا‬

‫فحبو لبثينة ليس عاطفة فقط وانما تضحية وبذل النفيس ليا‪ ،‬وما تطمب فيو‬

‫الممبي‪..‬‬

‫) ( مجموعة أعالم الشعر‪ ،‬عباس محمود العقاد‪ ،‬دار الكتاب العربي‪ ،‬ص‪221‬‬
‫) ( نفس المصدر‪ ،‬ص‪37‬‬
‫) ( مجموعة أعالم الشعر‪ ،‬عباس محمود العقاد‪ ،‬دار الكتاب العربي‪ ،‬ص‪216‬‬

‫‪10‬‬
‫الفصل االول – المبحث الثاني‬

‫أما عمر فقال عمى لسان نسوة معجبات بو "من الرمل"‬

‫قد عرفناه‪ ،‬وىل يخفى القمر؟‬ ‫قمن‪ :‬تعرفن الفتى؟ قمن نعم‬

‫ساقو الحين الينا والقدر‬ ‫ذا حبيب لم يعرج دوننا‬

‫جمل الميل عميو واسبطر‬ ‫فأتانا حين القى بركو‬

‫ٖ‪ .‬الشعر العذري ولكونو صادق العواطف نقي االلفاظ ونظ ار لما يحتويو من‬

‫رومانسية حالمة‪ ،‬فيذه الرومانسية ترتبط ارتباطا ال انقطاع فيو مع ميزة الحزن‬

‫الشفاف‪ ،‬وقد تصل الى مرحمة الكأبة؛ ألنو حب ال يقترن بنياية سعيدة‪ ،‬أما‬

‫الشعر الصريح فيتميز بالروح الحموة المرحة‪ ،‬روح تحب الحياة وكل شيء‬

‫جميل وما يزرع ىذا الجمال في ارض شعره بستان حياتو؛ فالحب عندىم حياة‬

‫وديمومة وتفاؤل‪..‬‬

‫قال جميل يصف بثينة‪:‬‬

‫وشتان ما بين الكواكب والبدر‬ ‫ىي البدر حسنا والنساء كواكب‬

‫عمى الف شير فضمت ليمة القدر‬ ‫لقد فضمت حسنا عمى الناس مثمما‬

‫جعل المشبو بو مشبيا‪ ،‬ووجو الشبو ىو الحسن‪ ،‬ولكن ىذا الحسن حسن مقدس‬

‫لو قيمة تعمو عمى كل حسن‪ ،‬فيي كعروس ايام السنة‪ ،‬ليمة القدر‪ ،‬المفضمة‬

‫عمى كل االيام والميالي‪ ..‬ىكذا ىو جميل في شعره العذري ال لفظ خادش لمحياء‬

‫او الذوق‪ ،‬ال صورة شعرية تثير امو ار بعيدة عن مشاعر الحب العفيف الخجل‬

‫) ( ديوان عمر بن أبي ربيعة‪ ،‬الجزء االول‪ ،‬تقديم قدري مايو‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬ص‪.197‬‬
‫) ( مجموعة أعالم الشعر‪ ،‬عباس محمود العقاد‪ ،‬دار الكتاب العربي‪ ،‬ص‪211‬‬

‫‪11‬‬
‫الفصل االول – المبحث الثاني‬

‫الطباع‪ ..‬غزل فيو وقار واحترام وتقدير لمحبيبة‪ ،‬فالحب عنده ليس جماال ودالال‬

‫فقط‪ ،‬الحب عنده وقار واكبار ايضا‪.‬‬

‫فقال جميل‪:‬‬

‫د ٌل وال كوقارىا توقير‬ ‫ال حسنيا حسن وال كدالليا‬

‫أما صاحبنا عمر فيقول في حبيبتو‪:‬‬

‫ريا الروادف عذبة مبشا ار‬ ‫أني رأيتك غادة خمصانة‬

‫مثل السبيكة بضعة معطا ار‬ ‫محطوطة المتنين أكمل خمقيا‬

‫الفاظ عمر بن ابي ربيعة مادية ممموسة‪ ،‬تذىب بخيالنا بعيدا لنرى ما رآه ىو‬

‫بعينو‪ ،‬ويمكن القول ان ما يخرج من قمب الشاعر العذري يدخل الى قموبنا‪ ،‬وما‬

‫يخرج من عيون الشاعر الصريح يدخل عيوننا‪ ...‬وقد يدخل قموبنا‪..‬‬

‫–‬ ‫وميما اردنا ان نرفع من ذوق المتمقي ونرقى بفكره وخياالتو‪ ،‬ورغم ما يفعمو ىو‬

‫– لمرقي بذائقتو االدبية‪ ،‬واالبتعاد عما يثير الغرائز وكوامن النفس‬ ‫أقصد المتمقي‬

‫البشرية‪ ،‬فطبيعة االنسان قريبة الى الشعر الصريح‪ ،‬الشعر الذي يذكر صفات المرآة‬

‫الظاىرة لمعيان ال مشاعرىا الخفية وأخالقيا ووقارىا‪ ..‬ورائد ىذا الشعر‪ ،‬عمر بن ابي‬

‫ربيعة‪:‬‬

‫لو أداوى بريقيا لشفاني‬ ‫ىي دائي‪ ،‬وىي الدواء لدائي‬

‫ومن لو الجرأة لقول ىذا الشعر غير عمر؟! وىل يخفى القمر؟!‬

‫) ( مجموعة أعالم الشعر‪ ،‬عباس محمود العقاد‪ ،‬دار الكتاب العربي‪ ،‬ص‪220‬‬
‫) ( نفس المصدر‪ ،‬ص‪70‬‬
‫) ( ديوان عمر بن ابي ربيعة‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬تقديم قدري مايو‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬ص‪333‬‬

‫‪12‬‬
‫الففل ااوو‬
‫الممحح اللالح‬
‫ما اشمو اليوم بالمارحة!‬
‫ابن ابي ربيعة وابن قمااي‬
‫الفصل االول – المبحث الثالث‬

‫الفصل االول‪..‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬ما اشبو اليوم بالبارحة!‬

‫التقى الشاعران عمر بن اي ربيعة ونزار قباني في نقاط تشابو ليست بقميمة مما‬

‫– ىذا – مبحثا عن نزار قباني الذي اقترب من عمر‬ ‫شجعني عمى ان اضم الى كتابي‬

‫بن ابي ربيعة الشيء الكثير حتى قيل انو ((عمر بن ابي ربيعة الجديد))‪ ،‬ويشيد اهلل‬

‫اني اخترت نزار قباني حين بحثت عن مصادر عن عمر بن ابي ربيعة لما جاءتني‬

‫من فكرة التشابو الكبير بينيما‪ ،‬ألنيما اشتي ار بشعر الغزل والتحدث عن المرأة‪ ..‬وقد عد‬

‫االثنان "شاعر المرأة"‪..‬‬

‫وقد تكون ىناك نقاط اختالف عديدة بينيما ولكنيا لم تؤثر عمى مدى التشابو الكبير‬

‫بينيما‪..‬‬

‫اذ اقتصر شعر عمر عمى الغزل والمرأة ولم يتطرق الى السياسة بينما تطرق قباني الى‬

‫السياسة في شعره كثيرا‪ ،‬ويكفي انو اشتغل في بداية حياتو في السمك الدبموماسي والذي‬

‫ترك أث ار في شعره‪..‬‬

‫أما النقطة الثانية ان عمر بن ابي ربيعة قد تنسك في سنواتو االخيرة وابتعد عن شعر‬

‫الغزل بينما ظل قباني وفيا لشعر المرأة والتغزل بيا‪ ..‬أما التشابو بينيما فقد اختصرتو‬

‫بنقاط‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬االثنان ولدا ألسرة ميسورة الحال‪ ،‬كان ابو عمر تاجرا‪ ،‬يقابمو أبو نزار وكان‬

‫صاحب محل لصناعة الحمويات‪..‬‬

‫‪13‬‬
‫الفصل االول – المبحث الثالث‬

‫ثانياً‪ :‬الحالة المادية المتمكنة التي عاشا في كنفيا الشاعران كانت ليا التأثير الكبير في‬

‫سموكيما واعتدادىما بنفسييما حتى أمتد ىذا التأثير عمى شعرىما‪..‬‬

‫ثالثاً‪ :‬اشتير االثنان بحب النساء وذكر محاسنين واوصافين التي ال يقدر اي شاعر‬

‫في عصرىما او في االقل في البيئة التي عاشا عمى ذكرىا‪..‬‬

‫رابعاً‪ :‬الشعر عندىما ليس حرفة وال بابا لكسب العيش‪ ..‬الشعر ترف وجمال واباء‬

‫وترفع عن المنافع التي يريدىا كثير ممن الشعراء‪..‬‬

‫الشعر عندىما تميز وانفراد وقد يكون قضية‪ ..‬اخرجاه من التكسب الى العزة والفخر‬

‫والمباىاة كبرياءاً‪..‬‬

‫خامساً‪ :‬الشعر عندىما تحرر من القيود وااللتزامات التي تفرضيا البيئة او البمد او حتى‬

‫مواضيع واوزان الشعر‪..‬‬

‫قال نزار قباني‪:‬‬

‫أحاول رسم مدينة حب‪..‬‬

‫تكون محررة من جميع العقد‪..‬‬

‫الى ان يقول‪:‬‬

‫أحاول منذ البدايات‬

‫‪14‬‬
‫الفصل االول – المبحث الثالث‬

‫ان ال اكون شبييا باي أحد‪..‬‬

‫– المواتي – تمنين لو كن‬ ‫سادساً‪ :‬االثنان جعال من المرأة التي وصفوىا مثاال لألخريات‬

‫ىن من قاال بين شع ار‪..‬‬

‫االثنان أحبيما النساء حبا خالدا؛ ألنيما عرفا كيف يقتربا من احاسيس المرأة واختا ار‬

‫من االوتار أكثر احساسا ليعزفا عميو أحمى الحان الحب والجمال والرومانسية‪.‬‬

‫قال عمر يدعي حب امرأة لم يسميا "من الطويل"‬

‫ولكنو واهلل – يا حب – ما يخفى‬ ‫لو كان يخفى الحب يوما خفى لنا‬

‫وان كان لحنا ما تحدثنا خمفا‬ ‫فما استجممت فنسي حديثا لغيرىا‬

‫بودي و اال زاد حبي ليا ضعفا‬ ‫وال ذكرت – يا صاح – اال وجدتيا‬

‫الحب عند عمر ال يمكن اخفاؤه‪ ،‬ىو ال يحب حديثا اال حديث حبيبتو‪ ،‬فإذا ذكروا‬

‫اسميا امامو تضاعف حبو وىيامو‪..‬‬

‫اما قباني فقال‪:‬‬

‫عشرين الف امرأة احببت‬

‫عشرين الف امرأة جربت‬

‫وعندما التقيت فيك يا حبيبتي شعرت‬

‫) ( االعمال الكاممة لمشاعر نزار قباني‪ ،‬دراسة واعداد مؤمن المحمدي‪ ،‬ص‪18‬‬
‫) ( ديوان عمر بن ابي ربيعة‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬تقديم قدري مايو‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬ص‪56‬‬

‫‪15‬‬
‫الفصل االول – المبحث الثالث‬

‫بأني االن قد بدأت‬

‫ىو أحب الكثيرات ومر بتجارب عدة‪ ،‬ولكن‪ ..‬عند لقائو بحبيبتو – االن – بدأ‪...‬‬

‫ىكذا ىو الحب‪ ،‬شعور يتممك أحدنا وال نستطيع ان نتمرد او نثور عميو حتى لو امتمكنا‬

‫البراعة في الكالم والتجارب والمشاعر‪..‬‬

‫دليل ذلك‪ ..‬لو ذكر اسم الحبيب امامنا تتناثر المشاعر معمنة والءىا وخضوعيا‬

‫لممذكور اسمو‪..‬‬

‫في تصوير الحب القاتل المميت قال عمر يشكو ألحداىن وجده "من الطويل"‬

‫وغصت عمى قمبي فأوثقتو اس ار‬ ‫فما ليمة تمضي عمى الناس تنجمى‬

‫من الحب سورات عمى كبدي فط ار‬ ‫عميك‪ ،‬ولم اشرق بريق ولم أجد‬

‫فجئت فال يس ار لقيت وال صب ار‬ ‫ولكن قمبي سيق لمحين نحوكم‬

‫فالحب عنده ىو بكاء حتى الصباح برىانا عن صدق عاطفتو ووجده‪ ..‬ذاك ار حالتو وما‬

‫يتعرض لو‪ ،‬ألجل ذاك الحب‪ ،‬أما نيايتو المحتومة فيي اعدام قمبو المسكين مع بقائو‬

‫بعده بال امل‪..‬‬

‫اما قباني فقد قال في "قصيدة احبك جدا"‬

‫) ( روائع نزال قباني‪ ،‬دراسة واعداد‪ :‬بحر الضوة‪ ،‬الروائع لمنشر والتوزيع‪ ،‬ص‪.272‬‬
‫) ( ديوان عمر بن ابي ربيعة‪ ،‬الجزء االول‪ ،‬تقديم قدري مايو‪ ،‬ص‪204‬‬
‫) ( روائع نزار قباني‪ ،‬دراسة واعداد‪ :‬سمر الضوى‪ ،‬الروائع لمنشر والتوزيع‪ ،‬ص‪13‬‬

‫‪16‬‬
‫الفصل االول – المبحث الثالث‬

‫أحبك جدا‬

‫واعرف ان ىواك انتحار‬

‫واني حين أكمل دوري‬

‫سيرخى عمي الستار‬

‫وتابع يقول‪:‬‬

‫أحبك جدا‬

‫واعرف منذ البداية‬

‫بأني سأفشل‬

‫واني خالل فصول الروايو‬

‫سأقتل‬

‫ويحمل رأسي اليك‬

‫واني سأبقى ثالثين يوما‬

‫مسجى كطفل عمى ركبتيك‬

‫وافرح جدا‪ ..‬بروعة تمك النياية‪.‬‬

‫‪ -‬ىنا – اعمن حبو أمام المأل وليس لو اال دور الحبيب بنيايتو ينتيي ىو‪ ..‬فيو متيقن‬

‫من فشمو وسيقتل في سبيل ىذا الحب‪..‬‬

‫‪17‬‬
‫الفصل االول – المبحث الثالث‬

‫قد يكون قباني اشد جراءة من ابن ابي ربيعة حيث توقع الموت متحديا اياه‪ ،‬اما ابن‬

‫ابي ربيعة فحتى بعد ان مات قمبو عاش ىو‪ ،‬وكيف ال يعيش وىو من عاش الحياة‬

‫ليحب ال ليموت؟!‬

‫اما الرحيل والوداع فقد قال عمر "من البحر الكامل"‬

‫يوم الرحيل فياج لي اطرابي‬ ‫راع الفؤاد تفرق االحباب‬

‫سحا تفيض كواشل االسراب‬ ‫فظممت مكتئبا أكفكف عبرة‬

‫بزل الجمال لطيو وذىاب‬ ‫لما تنادو لمرحيل وقربوا‬

‫والوجو منك لبين الفك كاب‬ ‫كاد االسى يقضي عميك صبابة‬

‫يشرح – ىنا – موقف وداع‪ ،‬وقد جعل عمر كئيبا حزينا اذ الدموع تسيل منو ومن‬

‫حبيبتو‪ ،‬وقد كادت ساعة الرحيل ان تقضي عمى الحبيب‪ ،‬حتى وجيو قد تغير‪..‬‬

‫بينما يقول قباني في قصيدة "أسألك الرحيال"‪:‬‬

‫لنفترق قميال‪..‬‬

‫لخير ىذا الحب يا حبيبتي‬

‫وخيرنا‬

‫الى ان يقول‪:‬‬

‫) ( ديوان عمر بن ابي ربيعة‪ ،‬الجزء االول‪ ،‬تقديم قدري مايو‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬ص‪98‬‬
‫) ( االعمال الكاممة لمشاعر نزار قباني‪ ،‬دراسة‪ :‬مؤمن المحمدي‪ ،‬ص‪529‬‬

‫‪18‬‬
‫الفصل االول – المبحث الثالث‬

‫فمن خالل الدمع يا حبيبي‬

‫اريد ان تراني‬

‫ومن خالل النار والدخان‬

‫اريد ان تراني‬

‫لنحترق‪..‬‬

‫واختتم قولو‪:‬‬

‫حتى يظل حبنا جميال‬

‫حتى يكون عمره طويال‬

‫اذ كان قباني عمى العكس من ابن ابي ربيعة؛ فيو يطمب الرحيل‪ ،‬ولو وجية نظر في‬

‫ذلك‪ ،‬قد تكون معقولة لو عمى االقل‪ ،‬وقد تكون حجة لكيال يبدو ضعيفا كئيبا كصاحبنا‬

‫"بن ابي ربيعة"‬

‫وقد اختتم القصيدة بكممات واضعا فييا السبب وداعي الفراق وىذا الطمب الغريب‬

‫حتى يظل حبنا جميال‬

‫حتى يكون عمره طويال‪..‬‬

‫يبحث قباني عن الخمود في الحب ال نشوة المحظة‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫الفصل االول – المبحث الثالث‬

‫اما الحب المختمف عن كل حب‪ ،‬الذي ال شبيو وال نظير لو وال سابق لو‪ ،‬فقد قال عمر‬

‫بن ابي ربيعة يتغزل بأمراة تدعى (عمرة) "من البحر الكامل"‬

‫ال ثيبا خمقت وال بك ار‬ ‫واهلل ما أحببت حبكم‬

‫تركت بنات فؤاده صع ار‬ ‫وترى ليا دال اذا نطقت‬

‫اذ يقسم انو لم يحبب مثل حب عمرة‪ ،‬ال امرأة متزوجة وال بكر‪ ،‬فيي ان نطقت بكالم‬

‫فتنت فؤاده‪..‬‬

‫اما نزار قباني فقد قال في قصيدة (اعنف حب عشتو)‬

‫ىذا اليوى الذي اتى‬

‫من حيث ما انتظرتو‬

‫مختمف عن كل ما عرفتو‬

‫مختمف عن كل ما قرأتو‬

‫كل ما سمعتو‬

‫لو كنت ادري انو‪..‬‬

‫نوع من االدمان‪ ..‬ما ادمنتو‬

‫الى ان يختتم القصيدة بقولو‪:‬‬

‫) ( ديوان عمر بن ابي ربيعة الجزء الثاني‪ ،‬تقديم قدري مايو‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬ص‪209‬‬
‫) ( االعمال الكاممة لمشاعر نزار قباني‪ ،‬دراسة‪ :‬مؤمن المحمدي‪ ،‬ص‪54‬‬

‫‪20‬‬
‫الفصل االول – المبحث الثالث‬

‫ىذا اليوى أجمل حب عشتو‬

‫اروع حب عشتو‪..‬‬

‫االثنان (عمر وقباني) الحب عندىما فريد رائع ىو االول من نوعو ومعرفتو ومشاعره‬

‫اما من ىي الحبيبة؟ فقد ذكرىا نزار في قصيدتو (انت الزمن)‪:‬‬

‫لم يعد لي زمن خصوصي‬

‫اصبحت انت الزمن‬

‫انتيت معك‬

‫مممكة شؤوني الصغيرة‪..‬‬

‫واختتم "انت الزمن"‬

‫كل ما أطمبو‪ ،‬يا سيدتي‬

‫ان ال تتحركي في داخل قمبي كثي ار‬

‫حتى ال اتوجع‪..‬‬

‫جعل قباني من حبيبتو زمنو ومكانو‪ ،‬حتى قمبو ىي من تممك حق الوجع فيو او الراحة‬

‫اما عمر بن ابي ربيعة فق قال‪" :‬من السريع"‬

‫) ( نفس المصدر‪ ،‬ص‪56‬‬


‫) ( روائع نزار قباني‪ ،‬دراسة واعداد سم ر الضوى‪ ،‬الروائع لمنشر‪ ،‬ص‬

‫‪21‬‬
‫الفصل االول – المبحث الثالث‬

‫و يا ىوى نفسي و يا وارثي‬ ‫يا منتيى ىمي و يا منيتي‬

‫ىي عند عمر ىمو واقصى ىمو‪ ،‬واالمنية واليوى والوارث‪ ،‬ىو في بيت واحد أختصر‬

‫من ىي‪ ،‬وكيف ال وىو عمر؟!‬

‫وىل يخفى القمر؟!‬

‫) ( ديوان عمر بن ابي ربيعة‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬تقديم قدري مايو‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬ص‪130‬‬

‫‪22‬‬
‫الفصو اللااي‬
‫الممحح ااوو‬
‫بعض النساء اللواتي تلغو بين في شعره‬
‫الفصل الثاني – المبحث االول‬

‫الفصل الثاني‪..‬‬

‫المبحث االول‪ :‬بعض النساء المواتي تغزل بين في شعره‬

‫– عمر – "الجميالت" في شعره‪،‬‬ ‫كان لذكر النساء واوصافين وخص بالذكر‬

‫العامل الميم ي جعل اشعاره تخمد عمى مر االزمان وتوالي االجيال‪ ..‬وقد ال يعني ذلك‬

‫انو احبين كمين واخمص لين‪ ..‬واهلل االعمم بما في نفس عمر "عمى انك ال تجد في‬

‫شعره ما تجده في شعر جميل وكثير من الشعور العميق والوصف الدقيق لمحب‪ ،‬وانما‬

‫ىو تبع نساء يسره ان يخالطين ويحادثين ويتحمل لين دون ان يفتح قمبو لواحدة‬

‫منين؛ الميم اال أمره مع الثريا بنت عمي بنت عبد اهلل بن الحارث فإنو يشبو ان يكون‬

‫حبا"‬

‫حتى جعل لو طريقا يقوده ومن خمفو المقمدون ابتدع طريقو اختمف فييا عن معاصريو‬

‫وسابقيو‪.‬‬

‫"أما عمر فكان يشبب بكل جميمة ولو لم يكن بينو وبينيا مودة وصار لو في التشبيب‬

‫طريقة عرفت باسمو حاكاىا الشعراء‪"..‬‬

‫ىو رجل جعل موىبتو الشعرية حك ار لمدح النساء فقط والنساء ال الرجال "وفي الحقيقة‬

‫مدح النساء الكثيرات حتى يخيل لممرء انو لم يدع فتاة او امرأة جميمة اال شبب بيا‬

‫وذكرىا"‬

‫) ( تاريخ االدب العربي‪ ،‬أحمد حسن الزيات‪ ،‬دار اليمامة‪ ،‬ص‪.159‬‬


‫) ( تاريخ االدب العربي‪ ،‬جرجي زيدان‪ ،‬دار مكتبة الحياة‪ ،‬ص‪281‬‬

‫‪23‬‬
‫الفصل الثاني – المبحث االول‬

‫فاذا تناول الرجال في شعره فمو بو قصد‪ ،‬ىو بيان العالقة بينيم و النساء وىذا ما قد‬

‫يتناوليا عمر بين ثنايا ابيات شعره‪ ..‬ألن موضوعو وشغمو الشاغل في الحياة والشعر‬

‫عنده ىو "النساء"‬

‫"والمؤرخ الذي يريد ان يدرس حياة المرأة العربية المترفة في ىذا القرن االول‪ ،‬يجب ان‬

‫يمتمس ىذه الحياة في شعر عمر بن ابي ربيعة‪ ،‬فمن يظفر في مصدر اخر من‬

‫مصادر االدب والتاريخ بمثل ما يظفر بو في ىذا الشعر؛ فيو ترى المرأة العربية المترفة‬

‫واضحة جميمة الصورة‪ ،‬تنفق حياتيا في ىذه الدعة والنعمة المتين عمى عفتيما‬

‫وطيارتيما‪ ،‬ال تخمو من ليو ودعابة‪ ،‬وال من عبث وفكاىة‪ .‬والمؤرخ الذي يريد ان‬

‫يدرس الصمة بين الرجال والنساء في ىذا العصر يجب ان يمتمس ذلك عند عمر بن‬

‫ابي ربيعة‪ ،‬فسيجد منو في شعر ىذا الشاعر كل ما اراد‪"..‬‬

‫وقد ذكر عمر الكثير من ىذه النساء المترفات في شعره‪ ،‬وجعل لقاءه بين وتواصمين‬

‫وحتى الفراق مادة لمواضيع شعره‪ ..‬جعل منيا حادثة وحوار ومشاعر وخيال فجمع بين‬

‫الشعر وبعض اركان القصة ومن بعض النساء المواتي تغزل وتجاىر بمغامراتو معين‪..‬‬

‫‪ .1‬الثريا بنت عمي‪:‬‬

‫"ىي الثريا بنت عمي بن عبد اهلل بن الحارث‪ ،‬ينتيي نسبيا الى عبد شمس‪،‬‬

‫كانت اعجوبة من اعاجيب الجمال‪"..‬‬

‫قال في قصيدة يتمناىا زوجة لو "من الخفيف"‬

‫) ( تاريخ االدب العربي‪ ،‬حنا فاخوري‪ ،‬المطبعة البوليسية‪ ،‬ص‪257‬‬


‫) ( تاريخ االدب العربي‪ ،‬طو حسين‪ ،‬دار العمم لمماليين‪ ،‬ص‪.596‬‬
‫) ( ديوان عمر‪ ،‬الجزء االول‪ ،‬تقديم قدري مايو‪ ،‬ص‪191‬‬

‫‪24‬‬
‫الفصل الثاني – المبحث االول‬

‫قمت‪ :‬بل ليتني بخدك خاال‬ ‫اذ تمنيت انني لك بعل‬

‫في ذرى المجد فرعيا فاستطاال‬ ‫وبنو الحارث بن ذىل تبنى‬

‫ما تمنى اال ان يكون زوجا ليا‪ ،‬او حتى لو كان خاال في خدىا‪ ،‬بل واالكثر‬

‫من ذلك ىو يتشرف ان ينتسب اوالده الييا ألنيا ىي في اعمى درجات المجد‬

‫والخمود اذ ىي من فرع الحارث بن ذىل‪..‬‬

‫يقال انو كان الحب الحقيقي في حياة عمر‪..‬‬

‫وقال في كتاب ارسمو الييا "من مجزوء الوافر"‬

‫كتاب مولو كمد‬ ‫كتبت اليك من بمدي‬

‫بالحسرات منفرد‬ ‫كئيب واكف العينين‬

‫ق بين السحر والكبد‬ ‫يؤرقو لييب الشو‬

‫ويمسح عينو بيد‬ ‫فيمسك قمبو بيد‬

‫‪ -‬ىنا – يصف حالتو‪ :‬عاشق حزين كئيب‪ ،‬يبكي منفردا‪ ،‬ال يغمض جفنو‪ ،‬ىو‬

‫ما بين مسك قمبو ودموعو تائية يداه‪ ..‬ال تعمل شيئا سواىما‪ ..‬مسكين انت في‬

‫حبك لمثريا يا عمر‪..‬‬

‫اما في وصف لقائيما فقد قال ابن ابي ربيعة "من الخفيف"‪:‬‬

‫بمسيل التالع لما التقينا‬ ‫لم ترى العين لمثريا شبييا‬

‫) ( نفس المصدر‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬ص‪140‬‬


‫) ( ديوان عمر‪ ،‬الجزء االول‪ ،‬تقديم قدري مايو‪ ،‬ص‪182‬‬
‫) ( ديوان عمر ابن ابي ربيعة‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬تقديم قدري مايو‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬ص‪287‬‬

‫‪25‬‬
‫الفصل الثاني – المبحث االول‬

‫حب بالسائرين زو ار الينا‬ ‫اعممت طرفيا الي وقالت‪:‬‬

‫(سبيل التالع)‪ :‬موضع بالحجاز‪ ،‬حيث كان المقاء بينيما‪ ،‬ال احد يعادل‬

‫جماليا‪ ،‬نظرت اليو الثريا مرحبة بو وكيف ال؟! انو عمر الزائر المحبوب الى‬

‫نفسيا‪ ...‬ما أحمى عمى قمبو عندما يذكر الثريا في شعره! فال بد ان يكون ىناك‬

‫حوار يصف شعورىما وحبيما وشوقيما لبعض‪..‬‬

‫وفي حوار مع صاحبو جاءت ىذه االبيات "من الخفيف"‬

‫اتحب القتول اخت الرباب‬ ‫قال لي صاحبي ليعمم ما بي‬

‫بالعذب اذا ما منعت طعم الشراب‬ ‫قمت‪ :‬وجدي بيا كوجدك‬

‫ضقت ذرعا بيجرىا والكتاب‬ ‫من رسولي الى الثريا فأني‬

‫يسألو صاحبو‪ :‬أتحب المرأة البيضاء الفاتنة القتول؟! جواب عمر‪ :‬أنو يحبيا‬

‫كما يحب صاحبو الماء العذب وىو ظامئ‪ ،‬أما في البيت الثالث فيو يقسم أنو‬

‫لم يعد يحتمل ما يقاسيو‪ ،‬والبد ان يذكر اسميا ويجير بيا كيف ال؟! وىي حبو‬

‫التي تمنى االقتران بو‪.‬‬

‫ويمكن القول في ىذا الحب‪ ،‬ومن الحب ما قتل فمسواد ثنيتيو قصة مع الثريا‪..‬‬

‫"فخرجت اليو فضربتو بظاىر كفيا فأصابت الخواتيم ثنيتيو العميين وكادت ان‬

‫) ( نفس المصدر‪ ،‬الجزء االول‪ ،‬ص‪106‬‬

‫‪26‬‬
‫الفصل الثاني – المبحث االول‬

‫تسقطيما‪ ،‬فعالجيما في البصرة فسكنتا وسودتا وجعل خصومو يعيرونو بيما‪"..‬‬

‫وقد يكون ىذا العيب سببا في حبو وتعمقو بالثريا‪.‬‬

‫‪ .2‬فاطمة بنت عبد الممك‪:‬‬

‫وىي ابنة الخميفة االموي عبد الممك بن مروان‪" ،‬فتعرض ألجمل نساء العرب‬

‫وأجممين‪ ،‬وفيين جماعة من كبريات القوم‪ ،‬وفي جممتين فاطمة بنت عبد الممك‬

‫بن مروان الخميفة‪ ،‬ولكن لم يكن يذكر اسميا خوفا من ابييا ومن الحجاج‪،‬‬

‫‪ ،‬فكيف عممنا نحن ووصل الينا‬ ‫وكان ابوىا قد بعث اليو يتوعده اذا اذكرىا"‬

‫خبرىما "فاطمة وعمر"؟! رغم الوعيد والتيديد والحيطة والحذر‪ ..‬فقد كناىا في‬

‫احد اشعاره ب ـ (ام عمرو)‬

‫فقال‪" :‬من الخفيف"‬

‫واحكمي في اسيركم بالصواب‬ ‫فاتقي ذا الجالل يا ام عمرو‬

‫فافيميين ثم ردي جوابي‬ ‫افعمي باألسير احدى ثالث‬

‫ال تكوني عميو سوط عذاب‬ ‫اقتميو قتال سريحا مريحا‬

‫في ىذه االبيات يستنجد الشاعر الرحمة منيا ويطمب عدم التسرع في الحكم‬

‫عميو‪ ،‬فيخبرىا أنو يجب عمييا أن تفيم الشرع وحكمو‪ ،‬لتنزل بو الحكم‬

‫المناسب‪ ..‬فيخيرىا ان تقتمو قتال لتريحو من عذابو‪...‬‬

‫) ( مجموعة اعالم الشعر‪ ،‬عباس محمود العقاد‪ ،‬دار الكتاب العربي‪ ،‬ص‪.78‬‬
‫) ( تاريخ االدب العربي‪ ،‬جرجي زيدان‪ ،‬منشورات دار مكتبة الحياة‪ ،‬ص‪282‬‬
‫) ( ديوان عمر بن ابي ربيعة الجزء االول‪ ،‬تقديم قدري مايو‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬ص‪103‬‬

‫‪27‬‬
‫الفصل الثاني – المبحث االول‬

‫"ان عمر بن ابي ربيعة لم يكد يترك امرأة شريفة من نساء قريش اال ذكرىا‬

‫واسرف في ذكرىا فقد تغزل بأخت عبد الممك وبنتو‪"..‬‬

‫فيو يقتني في اختياراتو وقد يكون العكس واهلل اعمم بما في نفوسيم‪ ..‬وقد قال‬

‫في فاطمة "من الكامل" عند وداعيا‪:‬‬

‫ويئست بعد تقارب االمر‬ ‫ضاق الغداة بحاجتي صدري‬

‫عرضا‪ ،‬فيالحوادث الدىر‬ ‫ذكرت فاطمة التي عمقتيا‬

‫فاطمة‪ ...‬وقد ذكرىا بال خوف وال وجل‪ ..‬حيث بمغ اليأس منو حتى اصابو‬

‫ضيق في صدره ألنو تذكر فاطمة التي عشقيا‪ ،‬وشبو عشقيا بالقدر العارض ثم‬

‫يتذكر اوصافيا‪..‬‬

‫فيي ممتمئة الساقين‪ ،‬عبيرىا فواح‪ ،‬خصرىا جميل رغم انيا مكتنزة فيقول‪:‬‬

‫جم العظام لطيفة الخصر‬ ‫ممكورة ردع العبير بيا‬

‫"والشاعر يرى الحسن ممزوجا بالطيب فيصف الجمال ويشبيو بالشمس والريم‬

‫والجذور وما الى ذلك ثم يمزج ذلك الجمال بالطيب من عطر وزعفران وكافور‬

‫وغيرىا"‬

‫وقال في وداعيا وىي راجع من الحج "من الخفيف"‪:‬‬

‫) ( تاريخ االدب العربي‪ ،‬طو حسين‪ ،‬دار العمم لمماليين‪ ،‬ص‪599‬‬


‫) ( ديوان عمر بن ابي ربيعة‪ ،‬الجزء االول‪ ،‬تقديم قدري مايو‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬ص‪314‬‬
‫) ( ديوان عمر بن ابي ربيعة‪ ،‬الجزء االول‪ ،‬تقديم قدري مايو‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬ص‪315‬‬
‫حن فاخوري‪ ،‬المطبعة البوليسية‪ ،‬ص‪258‬‬
‫) ( تاريخ االدب العربي‪ ،‬ا‬

‫‪28‬‬
‫الفصل الثاني – المبحث االول‬

‫ليتني مت قبل يوم الرحيل‬ ‫كدت يوم الرحيل اقضي حياتي‬

‫ودمعي يسيل كل مسيل‬ ‫ال اطيق الكالم من شدة الوجد‬

‫وكالنا يمقا بمب أصيل‬ ‫ذرفت عينيا ففاضت دموعي‬

‫في األبيات تفصيل ال ممل لحالتيما؛ فيو كاد ان يموت قبل يوم الرحيل وجدا‬

‫وحبا وشوقا‪ ..‬دموعو التي تسيل ىي التي تكممت ال ىو‪..‬‬

‫اما المحاورة بينو وفاطمة فكانت لغتيا الدموع ىي تبكي فيجيبيا ىو بالمغة‬

‫ذاتيا‪ ..‬رغم ما كان ينبغي عمييما من التروي والحكمة‪..‬‬

‫‪ .3‬الرباب‪:‬‬

‫أشتير عمر بن ابي ربيعة انو شاعر الحوار القصصي وأحيانا يصور لنا مشيدا‬

‫كامال بكل تفصيالتو وينقميا لنا نقال صادقا قد نعزو ذلك الى جرأتو أو غروره‬

‫او قد يكون ىذا ىو الواقع‪ ..‬وأنا مع الواقع‪.‬‬

‫"ليس عمر من شعراء الفكر والخيال إنما ىو شاعر الذكرى وشاعر االحاديث‬

‫فقد نشأ مياال الى التحدث والسحر‪ ،‬وكان حمو الحديث يتكمم فيرضي‪"..‬‬

‫قال في قصيدة "من الخفيف"‪:‬‬

‫حتى الممات ينسى الربابا‬ ‫اذ فؤادي ييوى الرباب ويأبى الدىر‬

‫في خفاء فما عييت جوابا‬ ‫ضربت دوني الحجاب وقالت‬

‫لنا اليوم ىجرة واجتنابا‬ ‫قد تنكرت لمصديق واظيرت‬

‫نوا ار ما تقبمين عتابا‬ ‫قمت‪ :‬ال بل عداك و ِ‬


‫اش فأصبحت‬

‫حن فاخوري‪ ،‬المطبعة البوليسية‪ ،‬ص‪258‬‬


‫) ( تاريخ االدب العربي‪ ،‬ا‬
‫) ( ديوان عمر بن ابي ربيعة‪ ،‬الجزء االول‪ ،‬تقديم قدري مايو‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬ص‪.61‬‬

‫‪29‬‬
‫الفصل الثاني – المبحث االول‬

‫قمب عمر ال ينسى الرباب‪ ،‬وىي قد ايقنت ذلك‪ .‬وبالغت في دالليا عميو‪ ،‬حتى‬

‫اتيمتو بنكران المحبة والصداقة وانو ىو من قام باليجر‪ ،‬فكان رده اعنف منيا‬

‫حيث اتيميا بانيا ىي التي صدقت كالم الوشاة عنو فابتعدت‪..‬‬

‫ىو رفيق المرأة وصديقيا قبل ان يكون حبيبيا يحدثيا ويعاتبيا ويشكوىا ويذكر‬

‫لقائيما وحديثيما ((ولست اشك في ان عمر بن ابي ربيعة كان صديقا لممرأة‬

‫بالمعنى الحديث الذي تفيمو لصداقة المرأة‪ ،‬كان يريد ليا من الحرية مثمما يريد‬

‫لمرجل‪ ،‬وكان يريد ان تكون صمة الغزل بين الرجل والمرأة صمة ظاىرة ال حرج‬

‫فييا‪))...‬‬

‫قال في الرباب يتذكر اخر ليمة بقربيا "من الطويل"‬

‫الست ترى من حولنا فترقبا‬ ‫وآخر عيدي بالرباب مقاليا‬

‫جريء عمينا ان يقول فيكذبا‬ ‫من الضوء والسمار‪ ،‬فييم مكذب‬

‫‪ -‬ىنا ‪ -‬في اخر موقف لو كان يوم يطرق بابيا ليال فتعجبت وحذرتو‪ ،‬فيي‬

‫تخاف الضوء والساىرين لئال يكون بينيم كذب جريء‬

‫وقال في وداعيا "من الخفيف"‬

‫لوداع الرباب قبل الرحيل‬ ‫سر قميال وال تممني خميمي‬

‫ما دعا في الغضون داعي ىديل‬ ‫ان في النفس حاجة ما تقضى‬

‫ففؤادي كاليائم المقتول‬ ‫ان طرفي دل الفؤاد عمييا‬

‫) ( تاريخ االدب العربي‪ ،‬طو حسين‪ ،‬دار العمم لمماليين‪ ،‬ص‪.606‬‬


‫) ( ديوان عمر بن ابي ربيعة‪ ،‬ج‪ ،1‬تقديم قدري م ايو‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬ص‪49‬‬
‫) ( ديوان عمر بن ابي ربيعة‪ ،‬ج‪ ،2‬تقديم قدري م ايو‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬ص‪185‬‬

‫‪30‬‬
‫الفصل الثاني – المبحث االول‬

‫يطمب من صاحبو ان يسير معو لوداع الرباب قبل رحيميا‪ ،‬مع عدم العتب‬

‫عميو‪..‬‬

‫فحاجة لمرباب ال نياية ليا‪ ،‬وفؤاده يييم عشقا بيا ويقتل فتنة بسيم جماليا‪..‬‬

‫‪ .4‬زينب بنت موسى الجمحية‬

‫قال في حنينو الييا من الطويل‪:‬‬

‫واكبر ىمي واالحاديث زينب‬ ‫أحدث نفسي واالحاديث جمة‬

‫واحدث ذكراىا اذا الشمس تغرب‬ ‫اذا طمعت شمس النيار ذكرتيا‬

‫وحيطتي واالشعار حيث اشبب‬ ‫وان ليا دون النساء لصحبتي‬

‫ال ىم لو وال حديث يحمو بدون زينب‪ ،‬يذكرىا وقت طموع الشمس وحتى‬

‫غروبيا‪ ،‬فميا مكانة في قمبو لن تبمغيا بقية النساء وكذلك في شعره‪..‬‬

‫ىكذا ىو عمر ال يكتفي بواحدة‪ ،‬ولن تقتمو واحدة‪ ،‬فيو يتنقل ما بين الرباب الى‬

‫الثريا الى زينب الى‪....‬‬

‫((كان عمر يرى كمما احب امرأة انو لم يحب قط امرأة كما احبيا‪ ،‬وانو لن يسمو‬

‫عنيا ميما تتبدل االحوال وتختمف صروف الحياة‪ .‬وكان صادقا في ىذا كمو‪..‬‬

‫ولكن لم يكن يمبث ان يقول ىذا الشعر حتى يحب امرأة جديدة حبا ليس لو‬

‫بمثمو عيد‪ ،‬ولن يكون لو بمثمو عيد‪ ،‬ولن يجد سبيال الى االنصراف عنو‪،‬‬

‫ومصدر ىذا ان قمبو كان كما قمت يتبع حسو‪ ،‬وان النساء كن مفتونات بو))‬

‫) ( نفس المصدر‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪66‬‬


‫) ( تاريخ االدب العربي‪ ،‬طو حسين‪ ،‬دار العمم لمماليين‪ ،‬ص‪608‬‬

‫‪31‬‬
‫الفصل الثاني – المبحث االول‬

‫اما زينب فيو في ذكراىا دوما حتى وىو يطارد الصبايا‪ ،‬قال "من الكامل"‬

‫وطالب وصل غريرة شغب‬ ‫انى تذكر زينب القمب‬

‫مولية ما حوليا جذب‬ ‫ما روضة جاد الربيع ليا‬

‫س ار اسمم ذلك ام حرب‬ ‫بألذ منيا اذ تقول لنا‬

‫فيو يحبيا لدرجة ان الروضة الخصبة في بقعة قاحمة ليست بألذ من زينب‪..‬‬

‫من يق أر االبيات السابقة ال جدل انو سيقتنع بحب عمر لزينب الحقيقي‪ ،‬الحب‬

‫االوحد‪ ،‬ال ثاني لو‪..‬‬

‫‪ .5‬عائشة بنت طمحة‪:‬‬

‫قال فييا "من الكامل"‬

‫عجب‪ ،‬وما بالدىر من متعجب‬ ‫إني وأول ما كمفت بحبيا‬

‫شبيا ليا ابدا وال بمقرب‬ ‫نعت النساء فقمت لست بمبصر‬

‫يعترف عمر بييامو بيا‪ ،‬فميس في الدىر امر عجيب النسوة وضعن لو‬

‫محبوبة‪ ،‬فما كان منو اال ان يعشقيا من وصفين ليا‪..‬‬

‫كم قمبك شفاف! واحاسيسك تبعثرىا امرأة عشقتيا من اوصافيا ولم تراىا! انو‬

‫شاعر الحب والقموب والكالم الطيب الجميل‪ ،‬فيو جميل يحب كل جميل‪.‬‬

‫) ( ديوان عمر بن ابي ربيعة‪ ،‬ج‪ ،1‬قدري مايو‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬ص‪67‬‬
‫) ( نفس المصدر‪ ،‬ص‪.82‬‬

‫‪32‬‬
‫الفصل الثاني – المبحث االول‬

‫((لشعر ابن ابي ربيعة نوطة بالقمب‪ ،‬وروعة في النفس لسيولتو‪ ،‬واناقة لفظو‪،‬‬

‫وحسن وصفو‪ ،‬وشدة اسره‪ ،‬وقرب فيمو‪ ،‬ومالءمتو ليوى النفوس في نعت‬

‫الجمال ووصف المرأة))‬

‫قال في عائشة "من الوافر"‬

‫حمى في القمب ما يرعى حماىا‬ ‫لعائشة ابنة التيمي عندي‬

‫يرود بروضة سيل رباىا‬ ‫يذكرني ابنة التيمي ظبي‬

‫فمم ار قط كاليوم اشتباىا‬ ‫فقمت لو‪ :‬وكاد يراع قمبي‬

‫يقول عمر ان لعائشة مكانة اصونيا في نفسي ومن كل غريب‪ ،‬فيو شبييا‬

‫بظبي غرير في مرعاه حتى انو تكمم مع الظبي لتقارب التشابو‪..‬‬

‫شاعر المرأة‪ ،‬قصر شعره عمى حب المرأة ووصف مشاعره وحتى مشاعرىا‬

‫وحديث نفسيا‪ ..‬جعل من شعره قصص‪ ،‬كل قصيده لو فييا قصة جديدة وبطمة‬

‫تؤدي دور الحبيبة‪..‬‬

‫((كان عمر مجددا في كونو قصر شعره عمى الغزل ونظم فيو القصائد المستقمة‬

‫ووسع نطاق القصص والحوار بحيث فاق ام أر القيس‪ ،‬واحتكر ىذا الشعر لنفسو‬

‫احتكارا؛ ثم كونو اجاد في تصوير عواطف المرأة وان كان ذلك التصوير ال‬

‫يسير االغوار العميقة‪ .. ))..‬ومن يعرف عواطفيا غيره؟!‬

‫وىل يخفى القمر؟!‬

‫) ( تاريخ االدب العربي‪ ،‬أحمد حسن الزيات‪ ،‬دار اليمامة‪ ،‬ص‪.159‬‬


‫) ( ديوان عمر بن ابي ربيعة‪ ،‬ج‪ ،2‬قدري مايو‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬ص‪.346‬‬
‫) ( تاريخ االدب العربي‪ ،‬حنا فاخوري‪ ،‬المطبعة البوليسية‪ ،‬ص‪.262‬‬

‫‪33‬‬
‫الففل اللااي‬
‫الممحح اللااي‬
‫صف ات المرأة اللي تلغو بيا عمر‬
‫الفصل الثاني – المبحث الثاني‬

‫الفصل الثاني‪..‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬صفات المرأة التي تغزل بيا عمر‬

‫وما أكثر الصفات عنده!‬

‫لكن أوردت بعضيا والتي اكد عمييا كثي ار في أبياتو وكأنو يطمبيا من كل فتاة‬

‫يحبيا أو فمنقل ىي تحبو فيو يحبيا لحبيا لو‪ ..‬ومن ىذه الصفات‪:‬‬

‫‪ .1‬جميمة‪ :‬قال (من مجزوء الرمل)‪..‬‬

‫رائحات من قباء‬ ‫مر بي سرب ظباء‬

‫مسرعات في خالء‬ ‫زم ار نحو المصمى‬

‫ــت جالبيب الحياء‬ ‫فتعرضت والقيــ‬

‫وفتوني بالنساء‬ ‫وقديما كان عيدي‬

‫يتعرض – ىنا – لجميالت النساء‪ ،‬غاديات رائحات لمصالة لكنو ىذا ال يمنع‬

‫عمر من التغزل بين‪ ،‬فيو جريء فقد تطبع عمى تعمقو بالنساء الجميالت‬

‫الفاتنات‪..‬‬

‫وقال "من الرمل"‬

‫حين تجموه اقاح او برد‬ ‫غادة تفتر عن اشنبيا‬

‫حور منيما وفي الجيد غيد‬ ‫وليا عينان في طرقييما‬

‫) ( ديوان عمر بن ابي ربيعة‪ ،‬ج‪ ،2‬تقديم قدري مايو‪ ،‬ص‪41‬‬


‫) ( نفس المصدر‪ ،‬ص‪49‬‬

‫‪34‬‬
‫الفصل الثاني – المبحث الثاني‬

‫معمعان الصيف اضحى يتقد‬ ‫طفمة باردة القيط اذا‬

‫فالمرأة الجميمة عند ابن ابي ربيعة ىي المينة‪ ،‬بيضاء االسنان حوراء العين‬

‫جيدىا طويل‪ ،‬ناعمة رشيقة‪..‬‬

‫أما غير الجميمة عنده فقد كان يدعو عميين‪..‬‬

‫فقال "من الخفيف"‬

‫بارض بعيدة وخالء‬ ‫ليس لين خالطين سواىن‬

‫كل خود خريدة قباء‬ ‫عجل اهلل قطين وابقى‬

‫انو ال يحب غير الجميالت اطالقا‪ ..‬فيو يتمنى ان يعشن في ارض معزولة‪ ،‬و‬

‫االحسن لو يقطعن‪ ،‬ويحفظ اهلل كل عذراء حسناء ناعمة‪..‬‬

‫ىكذا ىو عمر احب الجمال واىل الجمال فقط‪..‬‬

‫‪ .2‬ذواقة‪:‬‬

‫فقال يحكي عن مضمون كتاب وصمو من حبيب "من الطويل"‬

‫امد بكافور ومسك وعنبر‬ ‫اتاني كتاب لم يرى الناس مثمو‬

‫ومسك صيابي يعل بمجمر‬ ‫كتاب بسك حالك وبصفرة‬

‫بعقد من الياقوت صاف وجوىر‬ ‫وقرطاسو قوىية ورباطو‬

‫وفي نقشو تفديك نفسي ومعشري‬ ‫عمى نبرة مسبوكة ىي طينو‬

‫فقد طال تييامي بك وتذكري‬ ‫وفي جوفو‪ :‬مني اليك تحية‬

‫الى ىائم صب من الوجد مقشعر‬ ‫وعنوانو من مستيام فؤاده‬

‫) ( ديوان عمر بن ابي ربيعة‪ ،‬ج‪ ،1‬تقديم قدري مايو‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬ص‪40‬‬
‫) ( نفس المصدر‪ ،‬ص‪102‬‬

‫‪35‬‬
‫الفصل الثاني – المبحث الثاني‬

‫كتاب الحبيب كان معط ار بالكافور والمسك والعنبر والبخور من قماش ابيض‬

‫وربط بياقوت‪..‬‬

‫وقد تفشت عبارة عميو ((تفديك نفسي ويفديك معشري))‬

‫وفي الكتاب عبارة ((اىديك تحية وقد طال شوقي وىيامي وتذكري اياك))‬

‫اما عنوان صاحب الكتاب فيو ((من المستيام المشتاق الوليان الى اليائم بو‬

‫اشعا ار بحبو))‬

‫اي ذوق واي اختيار واي افكار!!‬

‫وكيف ال يحبيا انسان اغرم بالجمال والخيال والذوق؟! عمر‪..‬‬

‫‪ .3‬شريفة‪ :‬قال (من الخفيف)‬

‫مستيام بربة المحراب‬ ‫يا خميمي فأعمما ان قمبي‬

‫ذات دل نقية االثواب‬ ‫عمق القمب من قريش ثقاال‬

‫جدىا حل دروة االحساب‬ ‫ربة لمنساء في بيت ممك‬

‫فيي كالشمس من خالل السحاب‬ ‫شف عنيا محقق جندي‬

‫‪ -‬ىنا – يخاطب عمر صاحبيو بانو ىائم بسيدة القصر وىي نقية االثواب‪ ،‬اراد‬

‫– ىنا ‪-‬؟ ىي‬ ‫ب ـ (نقية االثواب) اي الطير والشرف‪ ..‬من ىي سيدة عمى النساء‬

‫ابوىا الخميفة عبد الممك بن مروان‪ ،‬وتمبس افخر المالبس واحالىا‪ ،‬فكيف ال‬

‫تبدو شمسا بين السحاب؟! وقال ايضا "من الخفيف‪:‬‬

‫لسن ممن يزور في الظمماء‬ ‫قاطنات دور البالط كرام‬

‫) ( ديوان عمر بن ابي ربيعة‪ ،‬ج‪ ،1‬تقديم قدوري مايو‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬ص‪.102‬‬

‫‪36‬‬
‫الفصل الثاني – المبحث الثاني‬

‫أحسن النساء عند عمر ىن من وصفين بالمترفات والحور المكنون بالقصور‪..‬‬

‫((لممرأة وال سيما الشريفة التي من طبقتو‪ ،‬محل واسع في ديوان ابن ابي ربيعة‪،‬‬

‫فقد قصر نفسو عمى الغل واعرض عن فنون الشعر التقميدي))‬

‫فيو عزيز النفس والمكانة‪ ،‬ال يريد اال العزيز وال يقول الشعر اال في عزيزة‬

‫االىل والنسب‪ ..‬ولو الحق في ذلك‪ ..‬عمى االقل حسب رأيي الشخصي‪.‬‬

‫‪ .4‬عفيفة‪ :‬قال (من الخفيف)‬

‫في اديم الخدين ماء الشباب‬ ‫وىي مكنونة تحير منيا‬

‫صوروىا في جانب المحراب‬ ‫دمية عند راىب ذي اجتياد‬

‫عدد النجم والحصى والتراب‬ ‫ثم قال‪ :‬تحبيا؟ قمت بي ار‬

‫ىي مصونة عفيفة‪ ،‬ماء الشباب يسري مع حياء وجنتييا‪ ،‬وىي فوق ذلك‪ ،‬تمثال‬

‫في قمة الحسن وحوليا راىب يتعبد‪ ،‬فكيف ال يحبيا عندما سألوه؟ ىي الثريا‬

‫التي يحبيا كثيرا‪ ،‬عدد النجوم والحصى والتراب‬

‫ولمكانتو وحسبو االصيل في اختيار صفات من يقول فييا شع ار ان لم نقل‬

‫يحبيا‪..‬‬

‫((ان ىذا القرشي الشريف ذا المكانة العالية والحسب الرفيع‪ ،‬والذي كان متأث ار‬

‫كغيره من االشراف بطائفة من النظم والعادات الخاصة‪ ،‬والذي كان يعيش في‬

‫) ( المصدر السابق‪ ،‬ص‪40‬‬


‫) ( تاريخ االدب العربي‪ ،‬حنا فاخوري‪ ،‬المطبعة البوليسية‪ ،‬ص‪.257‬‬
‫) ( ديوان عمر بن ابي ربيعة‪ ،‬تقديم قدري مايو‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬ص‪107‬‬

‫‪37‬‬
‫الفصل الثاني – المبحث الثاني‬

‫ظل سمطان ديني قوي من الوجية السياسية ان لم يكن قويا من الوجية الخمقية‪،‬‬

‫ال استطيع ان أصدق أنو أنفق حياتو كميا في عبث وليو)) ‪.‬‬

‫‪ .5‬عاشقة لو‪ :‬قال (من الكامل)‬

‫حور العيون كواعب اتراب‬ ‫تمك التي قمت لجارات ليا‬

‫نيذي – ورب البيت – يا اترابي‬ ‫ىذا المغيري الذي كنا بو‬

‫ىنا يتحدث بمسان عاشقتو التي تخبر صاحباتيا الجميالت المواتي في نفس‬

‫العمر‪ ،‬انو المغيري (ارادت عمر) الذي نيذي باسمو وصفاتو حتى انيا جنت‬

‫بو‪..‬‬

‫فيو عمر االنسان الذي اصبح مطمعا لكثير من النساء وىو الشاعر الذي‬

‫تمنت اغمب النساء ان يقول فيين شع ار‪..‬‬

‫((كان عمر يصف نفسو كثيرا‪ ،‬وكان يسرف في ىذا الوصف احيانا حتى قال‬

‫لو ابن عتيق ذات يوم‪ :‬لم تشبب بيا وانما شببت بنفسك‪ ،‬ولكن مصدر ىذا لم‬

‫يكن غرو ار وال فتنة وال تييا‪ ،‬وانما كان حب النساء اياه حقا‪ ،‬وتيالكن عميو حقا‪،‬‬

‫وليس من المنكر ان يكون ىذا قد اضطره الى شيء من الغرور والتيو)) ))‬

‫) ( تاريخ االدب العربي‪ ،‬طو حسين‪ ،‬دار العمم لمماليين‪ ،‬ص‪598‬‬


‫) ( ديوان عمر بن ابي ربيعة‪ ،‬ج‪ ،1‬قدري مايو‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬ص‪100‬‬
‫) ( تاريخ االدب العربي‪ ،‬طو حسين‪ ،‬دار العمم لمماليين‪ ،‬ص‪.607‬‬

‫‪38‬‬
‫الفصل الثاني – المبحث الثاني‬

‫‪ .6‬عقميا واسع وخمقيا نبيل‪:‬‬

‫قال من البسيط‬

‫عقال وخمقا نبيال كامال عجبا‬ ‫سيفانة أوتيت من حسن صورتيا‬

‫سيفانة‪ :‬تشبو السيف في رشاقتيا‪.‬‬

‫ىي التي تجمع بين الصفات كميا‪ :‬الجمال والخمق والعقل‪ ..‬أي مطمع انت فيو‬

‫يا عمر؟!‪..‬‬

‫وكيف يكون عمر بن ابي ربيعة وال يكون طماعا مغرو ار محبا لنفسو والنساء؟!‬

‫وىو في ىذا عمى حق ولو كل الحق‪ ..‬فيو ساحرىن حبيبين وىو فارس‬

‫احالمين‪ ..‬وىل يخفى القمر؟!‬

‫) ( ديوان عمر بن ابي ربيعة‪ ،‬ج‪ ،2‬قدري مايو‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬ص‪.52‬‬

‫‪39‬‬
‫الخاتمة‪:‬‬
‫الخاتمة‬

‫الخاتمة‪..‬‬

‫لشعر الغزل فرسانو الذين اعتموا صيوتو فكانوا اعالما في رأسيا نار‪ ،‬وفي مقدمتيم‬

‫وكانت لو العالمة المسجمة بأسمو "الممك الضميل" امرؤ القيس‪ ،‬فيو اول من ركب‬

‫الصعاب وتحمل المشاق وترك طموح المموك وأحالميم لكي يصل المرتبة التي اراد في‬

‫الشعر‪ ..‬وقد حاول الكثير من الشعراء ان يجاروه او يبمغوا بابداعيم قابمية امرؤ القيس‬

‫الشعرية‪ ،‬ولم ينجحوا‪.‬‬

‫فيو من اطمق الش اررة العميا ليذا الفن رغم انو سبق بمحاوالت فردية ىنا وىناك لكنيا لم‬

‫تصل الى مستوى النضوج الذي اتسمت بو قصائده الغزلية‪ ..‬و كثي ار ما كانت تبدأ‬

‫قصائده بمقدمة غزلية ان لم ينظميا بشكل كامل لغرض الغزل‪ ،‬او قد يجعل القصيدة‬

‫كميا دورقا يممؤه بأحاسيسو وعواطفو ومشاعره تجاه الحبيبة‪..‬‬

‫ويكفي ان تذكر مطمع معمقتو لتعطينا الدليل عمى صحة الكالم‪:‬‬

‫بسقط الموى بين الدخول فحومل‬ ‫قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل‬

‫وحين جاء االسالم‪ ،‬حرم بعض االغراض وحاربيا فظير الضعف والمين في الغزل‪..‬‬

‫فاذا حل العصر االموي انتفض الغزل بنوعيو (العذري والصريح) ليعمن انو ابرز‬

‫موضوعات ىذا العصر‪..‬‬

‫‪40‬‬
‫الخاتمة‬

‫الغزل العذري نسبة الى بني عذرة‪ :‬وقد اشتيروا بحبيم ألمرأة واحدة وجعموا حياتيم‬

‫وشعرىم وقفا ليذه المراة الى نياية عمرىم‪ ..‬وتزعم ىذا النوع جميل بثينة ومجنون ليمى‬

‫وغيرىم‪.‬‬

‫الغزل الثاني‪ ،‬الغزل الصريح‪ ،‬الحسي‪ ،‬المادي‪.‬‬

‫فيو يذكر الشاعر محاسن المرأة ومفاتنيا دون حياء "كما ىو حال العذري"‬

‫وىو ال يكتفي بامرأة واحده‪ ،‬الشاعر فيو يحب الجمال وان تعددت مصادره واشكالو‪..‬‬

‫وفي مقدمتيم صاحبنا عمر بن ابي ربيعة‪ ،‬والعرجي وغيرىما‬

‫نشأ عمر بن ابي ربيعة في بيئة ناعمة جميمة فييا من الشرف والحسن ما حممو عمى‬

‫ان تكون حياتو القادمة وشعرىن رىنا لبيئتو‪..‬‬

‫اذ صيرتو رجال يحب المرأة التي تناسب افكاره وتالئم وضعو االجتماعي وحتى‬

‫النفسي‪..‬‬

‫فمم يحب ولم يتقرب اال الى المراة الشريفة العفيفة الذكية الحسنة الخمق واالخالق‪،‬‬

‫وكأنو من خاللو يكون قد أحب نفسو ىو‪ ،‬وبمغ من الغرور اعمى درجاتو بانو احبين‬

‫وىو متيقن كامل اليقين بانين يحببنو وليس لين من االماني في ىذه الفانية اال حب‬

‫عمر لين ونظم ابياتو الغزلية فيين‪.‬‬

‫شاعر رسم لنفسو طريقا وخطا واضحا وعين حدوده ووضع عنوانو ومشى متباىيا فيو‪..‬‬

‫‪41‬‬
‫الخاتمة‬

‫عاش مدلال‪ ،‬فجعل الفاظو تتدلل في نظم ابياتو ليجعميا ممونة بأجمل االفكار وابدع‬

‫الخياالت‪ ،‬منتييا الى اليدف الذي من أجمو نظم عقد الكممات ليعمقيا قالدة في عنق‬

‫من أحبيا‪..‬‬

‫ليشعرىا بداللو ليا‪ ..‬ومن يفعميا غير عمر؟!‬

‫وىل يخفى القمر؟!‬

‫‪42‬‬
‫ق ائمة المفادر‬
‫قائمة المصادر‬

‫قائمة المصادر‪..‬‬

‫ٔ‪ .‬االعالم‪ ،‬قاموس تراجم ألشير الرجال والنساء من العرب والمستعمرين‬

‫والمستشرقين‪ ،‬خير الدين الزركمي‪.‬‬

‫ٕ‪ .‬االعمال الكاممة لمشاعر نزار قباني‪ ،‬شاعر الحب والثورة‪ ،‬دراسة واعداد‪ :‬مؤمن‬

‫المحمدي‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.‬‬

‫ٖ‪ .‬الموسوعة العربية الميسرة‪ ،‬بإشراف محمد شفيق غربال‪ ،‬دار الشعب ومؤسسة‬

‫فرانكمين لمطباعة والنشر‪.‬‬

‫ٗ‪ .‬تاريخ االدب العربي‪ ،‬أحمد حسن الزيات‪ ،‬ضبطو وصححو‪ :‬يوسف عمي‬

‫بديوي‪ ،‬دار اليمامة‪ ،‬مكتبة الصفاء‪ 1029 ،‬ى ـ ‪ 2008 -‬م‪ ،‬ط ـ ‪.1‬‬

‫٘‪ .‬تاريخ االدب العربي‪ ،‬جرجي زيدان‪ ،‬منشورات دار مكتبة الحياة‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.‬‬

‫‪ .ٙ‬تاريخ االدب العربي‪ ،‬حنا فاخوري‪ ،‬المطبعة البوليسية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط ـ‪.6‬‬

‫‪ .ٚ‬تاريخ االدب العربي‪ ،‬العصر الجاىمي واالسالمي‪ ،‬طو حسين‪ ،‬دار العمم‬

‫لمماليين‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،1975 ،‬ط ـ‪.2‬‬

‫‪ .ٛ‬ديوان عمر بن ابي ربيعة‪ ،‬تقديم وترتيب وشرح قدري مايو‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬الجزء‬

‫األول‪ ،‬الطبعة االولى‪1417 ،‬ى ـ ‪1997 /‬م‪.‬‬

‫‪ .ٜ‬ديوان عمر بن ابي ربيعة‪ ،‬تقديم وترتيب وشرح قدري مايو‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬الجزء‬

‫الثاني‪ ،‬الطبعة االولى‪1417 ،‬ى ـ ‪1997 /‬م‪.‬‬

‫روائع نزار قباني‪ ،‬دراسة واعداد‪ :‬سمر الضوى‪ ،‬تقديم‪ :‬محمد ثابت‪،‬‬ ‫ٓٔ‪.‬‬

‫الروائع لمنشر والتوزيع‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫قائمة المصادر‬

‫لسان العرب‪ ،‬ابن منظور‪ ،‬دار الصادق‪ ،‬بيروت‪ ،‬م‪.4‬‬ ‫ٔٔ‪.‬‬

‫مجموعة اعالم الشعراء‪ ،‬عباس محمود العقاد‪ ،‬دار الكتاب العربي‪،‬‬ ‫ٕٔ‪.‬‬

‫بيروت‪ ،‬لبنان‪.‬‬

‫‪44‬‬

You might also like