You are on page 1of 220

‫مدار الغرباء‬

‫‪2‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫مدار الغرباء‬

‫‪ ¤‬يابانجي ‪¤‬‬

‫يوسف المستوري‬

‫‪3‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫‪4‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫‪ ¤‬إهداء ‪¤‬‬

‫ن ن‬
‫المظلومي يف مشارق األرض و مغارب ها‬ ‫إىل كل‬
‫ن‬
‫المغتصبة حقوقهم يف أرجاء الدنيا‬

‫عن الذين ابيضت أعينهم من الدمع ظلما‬

‫عن الممزقة أحالمهم‬


‫ن‬
‫بي ظالل الزمن و مخالب الذئاب‬
‫عن الضائعة طفولتهم نف وطن صار ن‬
‫منف‬ ‫ي‬
‫عن المنكرسة قلوب هم‬
‫ن‬
‫التائهي وسط دوامة الحياة‬

‫فال الطريق يدرون و ال المصي يعلمون‬


‫ن‬
‫الغائبي عن أحبتهم‬ ‫عن‬
‫عن المرسوقة حياتهم ‪ ..‬الغابرين ن‬
‫بي ظالل الدنيا‬
‫ن‬
‫إىل كل الغرباء يف أوطانهم‬
‫ن‬
‫األقربي‬ ‫الغرباء عن أحبتهم ‪ ..‬الغرباء عن‬

‫عن كل الغرباء‬
‫َ َ ُّ َ َ‬
‫‪1‬‬
‫‪َ ¤‬و َما كان َربك ن ِس َّيا ‪¤‬‬

‫‪1‬‬
‫اآلية ‪ – 64‬سورة مريم – القرآن الكريم‬

‫‪5‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫‪6‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫يابانج ‪¤¤‬‬
‫ي‬ ‫‪ ¤¤‬عن‬

‫صديق الغريب ‪..‬‬


‫ي‬

‫الكثي بداخلك ‪..‬‬


‫ر‬ ‫أراك فقدت‬

‫بخي أم أنك تتظاهر فقط ‪..‬‬


‫الكثي بباطنك لكنك مازلت ر‬
‫ر‬ ‫مات‬

‫أراك متماسكا ‪..‬‬

‫لكنك مجرد قلب متعب غارق يف األلم ‪ ..‬عيناك تشعان قسوة ‪ ,‬بينما هما بحر من الدموع‬
‫فقط ‪..‬‬

‫الحقيق ‪.‬‬
‫ي‬ ‫صديق الغريب الذي ال أعرف عنه شيئا حت اسمه‬
‫ي‬

‫لكنت أحبك صديقا و رفيقا ‪ ..‬حبا صافيا دون متطلبات ‪.‬‬


‫ي‬

‫سيتك ‪ ,‬أسألك ‪..‬‬


‫و عن ر‬

‫ال تجيب و كأن عيناك تقوالن يل ؛‬

‫ألم يل وحدي ‪..‬‬


‫دع ي‬

‫يعان حسب قلبه و صفاء روحه ‪..‬‬


‫تداعبت فقط ‪ ..‬لكل ألمه و الكل ي‬
‫ي‬ ‫اح‬
‫دع جر ي‬

‫صديق ‪..‬‬
‫ي‬ ‫آآه يا‬

‫أيها القريب بكل البعد ‪..‬‬

‫عت و عن نفسه ‪ .‬ما بك ؟‬


‫أيها الغريب ي‬

‫قلبك يئس و عينيك تتمت ‪..‬صدرك مكتظ باألحاديث ‪..‬‬

‫رصت تتمت يف المنام حت هجرك النوم ‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫أراك من بعيد ‪..‬‬

‫حارص دائما بكل الغياب ربي الحشد ‪..‬‬

‫تبث فيهم األمل و الحب بالرغم من وجع يحتل أعماقك ‪..‬‬

‫و ألم يعترص قلبك و إحساس يداعب فؤادك لغد أجمل ‪..‬‬

‫كانت أمنيتك الوحيدة آنذاك ‪ ,‬كتاب و قوقعة تحتويك لألبد ‪..‬‬

‫حي أراك هكذا ‪ ,‬أتساءل حقا ‪..‬‬


‫ر‬

‫أيالم اإلنسان عن ألم قد حل به ‪..‬‬

‫أم أن الحياة بقسوتها تالم ‪..‬‬

‫حقا أيها الغريب ؟‬

‫ما الذي تبحث عنه ‪..‬‬

‫ما الذي تفتش عنه ربي ضفاف الحياة و أوراق الكتب ‪..‬‬

‫هل عساك تخ ري ين ؟؟‬

‫شء مؤلم أليس كذلك ‪..‬‬


‫الحقيقة ي‬

‫ال عليك ‪..‬‬

‫أظنك تتساءل من أنا ‪ ..‬سؤال يعييك ‪...‬‬

‫" من أنت حقا أيها الغريب ؟"‬

‫‪8‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫أنا غريب يبحث عن وطن و نبض ‪..‬‬

‫للمظلومي‪..‬‬
‫ر‬ ‫ربما أكون شمعة يف ظالمك ‪ ,‬ربما صوتا‬

‫أنا غريب يبحث داخل أرض وطنه‪.‬‬

‫أنا نبض األحبة و الغرباء ‪ ,‬نبض العشاق و األوفياء‪.‬‬

‫أنا ثقب أسود ‪..‬‬

‫األقربي ‪..‬‬
‫ر‬ ‫بداخل مستعمرات لآلخرين‪ ,‬و أوطان‬
‫ي‬

‫التائهي ‪..‬‬
‫ر‬ ‫مستوطنات للغرباء ‪ ,‬و رصيف‬

‫بداخل كون شاسع ‪..‬‬


‫ي‬

‫أنا ثقب أسود ‪..‬‬

‫غي قلبه ‪..‬‬


‫أنا الذي ال ملجأ له ر‬

‫أنا الذي ال موطن له سوى قلب أمه ‪..‬‬

‫أنا عمق النهر الذي لم تتجرأ يوما عل اختباره ‪..‬‬

‫أنا الغائب الذي لطالما وددت سؤاله عن سبب غيابه ‪..‬‬

‫بساتي الغرباء ‪..‬‬


‫ر‬ ‫أنا الغريب الذي يتمت ان يكون حضوره كالورد يزهر‬

‫التائهي ‪.‬‬ ‫ئ‬


‫لتض دروب‬ ‫الت تشتعل دون عجل‬
‫ر‬ ‫كالشمعة ي‬

‫‪9‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫لست عاقال كما تظن ‪..‬‬

‫لكنت أبدا لست بمجنون ‪..‬‬


‫ي‬

‫لست حقيقة و يف نفس الوقت لست خياال بالتأكيد ‪..‬‬

‫إنت أنا ‪..‬‬


‫لكن يف النهاية ي‬

‫أنا الغريب عنك بكل القرب ‪..‬‬

‫و أنا القريب إليك بكل البعد ‪..‬‬

‫يابانج ‪..‬‬
‫ر ي‬ ‫أنا‬

‫أنا الغريب يف ظلمات الطريق ‪..‬‬

‫الغريب ربي أحضان أوطانه ‪..‬‬

‫الغريب الذي يعيش عل أرصفة الطرقات ‪..‬‬

‫يابانج ‪...‬‬
‫ر ي‬ ‫أنا‬

‫أنا أنت الذي تبحث عنه ‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫شء ؟‬
‫" هل حقا تعرف الكثي عن أي ي‬

‫شء ؟‬
‫هل تعرف أقل القليل عن أي ي‬
‫ن‬
‫عن ؟‬
‫ماذا تعرف ي‬

‫ماذا أعرف عنك ؟‬

‫هل حقا أنا هو أنا ‪ ..‬و أنت هو أنت ؟؟‬

‫صوت ‪..‬‬ ‫ن‬


‫عن سوى‬
‫ي‬ ‫أنت ال تعرف ي‬
‫ن‬
‫عين ‪..‬‬
‫لون ي‬

‫مشين ‪..‬‬
‫ي‬

‫ات‪..‬‬
‫الن أزعم أنها آر ي‬
‫و اآلراء ي‬

‫صديف ‪..‬‬
‫ي‬ ‫و أنا ال أعرف عنك سوى أنك‬

‫‪2‬‬
‫صديف ؟"‬
‫ي‬ ‫فهل أنت حقا‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫‪2‬‬ ‫أحمد خالد توفيق‬


‫‪11‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫صديق ‪ ..‬البحث عن الحياة رحلة عظيمة حقا ‪-‬‬


‫ي‬ ‫يا‬
‫ه رحلة البحث عن أنفسنا التائهة ‪..‬‬
‫رحلة البحث عن الشعور بالحياة ي‬
‫فهنيئا لمن وجد نفسه اإلنسانية الطيبة ‪..‬‬
‫اعتي ‪..‬‬ ‫صديق ‪ ..‬اسمع ي‬
‫مت و ر‬ ‫ي‬ ‫أيا‬

‫نلتق أرواحنا ربي ضالل كتاب ‪..‬‬


‫نحن أحيانا ي‬
‫وسط ضجيج كلمات و أصالة حروف ‪..‬‬
‫أحيانا نجد ذواتنا ربي اسطر كتاب قديم أو صفحات رواية عتيقة ‪..‬‬
‫أحيانا نرى حياتنا من منظور كاتب ال ندري عنه شيئا ‪.‬‬
‫صديق ‪..‬‬
‫ي‬ ‫يا‬
‫لكل منا قصة و حكاية ‪ ..‬لكل منا ألم وفرحة ‪.‬‬

‫لكل منا وطن و منق ‪..‬‬

‫و إن يل ألف قصة و حكاية ‪..‬‬

‫بداخل آالم عميقة و أفراح رائعة ‪.‬‬


‫ي‬

‫أحيانا أكون وطنا ‪ ,‬أحيانا منق ‪..‬‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫‪12‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫إن الحياة يا صديق كبحر هائج‬


‫طالما لم نتعلم السباحة و طريقة الغوص الحميدة و التنفس الصحيح ‪..‬‬
‫الغارقي ‪..‬‬
‫ر‬ ‫فأنت هالك ال محالة‪ ,‬فتصبح من‬
‫سيسلك حينها إل أعماق الظالم ‪ ..‬إل ظلمات ثالث ‪.‬‬
‫ظلمة قلبك ‪..‬‬
‫و ظلمة الحياة ‪..‬‬
‫األقربي ‪.‬‬
‫ر‬ ‫و ظلمة‬

‫شء أسود اللون حولك ‪..‬‬


‫سيصبح كل ي‬
‫سوداويا دون أي نقطة أمل ‪ ...‬غامقا ال نور فيه ‪..‬‬
‫كل ما عليك فعله حينها هو التنفس ‪.‬‬
‫نق‬
‫أن تبحث لنفسك عن نفحة هواء ي‬
‫ابحث عن إحساس غريب عنك‪..‬‬
‫عن رحمة و طمأنينة ‪..‬‬
‫عن حب و سكينة‪.‬‬
‫عن عشق صاف و عن سالم‪.‬‬
‫ابحث عن نفسك بداخلك ‪..‬‬
‫بباطنك ثم يف قلوب الغرباء ‪..‬‬
‫لن تجد مبتغاك و أنت ثابت مكانك بالطبع ‪..‬‬
‫لن تجد ما تحتاجه و أنت ساكن يف مكانك ‪..‬‬
‫قم بالخطوة األول و حاول ‪..‬‬
‫حاول الوصول و لو خطوة ‪..‬‬
‫و يف كل خطوة تخطوها ستجد جزءا منك ‪..‬‬
‫جزء تاه يف غيابة الحياة ‪ ..‬جزء غريب عنك بكل القرب ‪..‬‬
‫‪13‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫جزءا بعد جزء لتكتمل اللوحة أمامك ‪..‬‬


‫شء بوضوح ‪..‬‬
‫خطوة خطوة لتصل أعل الهرم ‪ ..‬ليى كل ي‬
‫الهرم عال ‪,‬أعلم ذلك ؟‬
‫شء سهال‬
‫لكن بعد الخطوة األول ‪ ,‬ستجد كل ي‬
‫شء تباعا ‪..‬‬
‫سيأن كل ي‬
‫ي‬
‫الت تبحث عنها ‪..‬‬
‫حينها ستقابل نفسك ي‬
‫ستقابل مرادك ‪..‬‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫‪14‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫مع ‪..‬‬
‫الت ستخوضها ي‬
‫أما عن هذه الرحلة ي‬

‫ه إال البداية فقط ‪..‬‬


‫فما ي‬

‫هذه كلمات عن الغرباء يف أنحاء األرض ‪..‬‬

‫هذه ومضات قد تعيد إليك نبض المحبة ‪ ..‬و قد ال تفعل ‪.‬‬

‫هذه مجرد كلمات عل حائط أسود ‪..‬‬

‫قد يمسحه المطر يف أي لحظة ‪ ..‬لذلك أرسع و اقرأها ‪..‬‬

‫و ال تنىس أن هذا الكتاب مجرد بداية لما هو قادم ‪..‬‬

‫ال تنس أن الرحالت القادمة تنتظر ركابها ‪..‬‬

‫لذلك فلتنه هذه الرحلة برسعة ‪.‬‬

‫دمت بأمان أيها الغريب ‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫‪ ¤¤‬نور من الجب ‪¤¤‬‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫ه و ال شك ترى ‪ ..‬ن يف كل قدر لطف ما ‪..‬‬


‫" ارقب ألطاف اللطيف ‪ ,‬ي‬

‫‪ 3‬و ن يف كل لحظة ألطاف تحوطك ‪ ..‬من قبل اللطيف الخبي " ‪.‬‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫‪3‬‬
‫كتاب " ألنك هللا " لعلي بن جابر الفيفي‬
‫‪16‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫صغي ‪..‬‬
‫ر‬ ‫طفل‬

‫األقربي إليه رصبا ‪..‬‬


‫ر‬ ‫ينهال عليه اقرب‬

‫صغي ‪..‬‬
‫ر‬ ‫طفل‬

‫يف وجهه ابتسامة جميلة ‪ ..‬يف محياه نور ساطع رغم الظالم المحيط به ‪..‬‬

‫صغي ‪..‬‬
‫ر‬ ‫طفل‬

‫يلقيه إخوته يف ئبي مظلم ‪ ..‬وحيدا يف غيابة الجب ‪..‬‬

‫إخوته ‪ ..‬أقرب الناس إليه ‪..‬‬

‫هل فكرت يوما يف إحساسه آنذاك ‪ ..‬هل وضعت نفسك مكانه يوما ما ‪..‬‬

‫أخي ين أيها الغريب ‪..‬‬


‫ر‬

‫هل تخيلت يوما حجم األلم الذي ألم به ‪..‬‬

‫هل تخيلت يوما إخوتك قد اتفقوا عل قتلك ‪ .‬و أنت لهم قريب ‪..‬‬

‫ليس لكونه رسيرا وال سيئا ‪..‬‬

‫و ليس لظلمه لهم أو لحقد يكنه لهم‪ .‬ليس لكونه قاسيا معهم‬

‫كل ما يف األمر ‪ ..‬أنه كان لطيفا معهم ‪..‬كان محبوبا عند الجميع ‪..‬‬

‫حقا ايها الغريب ‪ ..‬كيف يعاقب المرء عل طيبة قلبه ‪..‬‬

‫كيف يعاقب اإلنسان عل صفاء روحه و نقاء فؤاده‬

‫كيف يحدث ذلك حقا ‪..‬‬

‫ألقوه ف الجب وحيدا ‪ ..‬وسط ظالم ئ‬


‫البي العميق ‪..‬‬ ‫ي‬
‫‪17‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫هل تعلم من كان له السند آنذاك ‪..‬هللا اللطيف ‪..‬‬

‫دفي ‪..‬‬
‫إيمانه أن كل ما يحدث له البد من لطف خ يق و خ ري ر‬

‫شء ‪..‬‬
‫كان لطف هللا أعظم من كل ي‬

‫كان تقديره أعظم من خططهم الماكرة ‪ ..‬أتت سيارة ‪ ..‬مرت قافلة مسافرين ‪..‬‬

‫أرسلوا واردهم فأدل دلوه ‪ ..‬فاستبرس و برس رفقاءه ‪..‬‬

‫صغي ‪..‬‬
‫ر‬ ‫هذا غالم‬

‫األقربي إليه لن‬ ‫فرح الطفل الصغي ‪ ..‬فقد خرج من ظلمات ئ‬


‫البي ‪ ..‬لم يكن يعلم أن أقرب‬
‫ر‬ ‫ر‬
‫يكتفوا بلك ‪..‬‬

‫صغي ‪..‬‬
‫ر‬ ‫طفل‬

‫لم يكتف إخوته بإلقائه يف الجب ‪ ..‬اآلن قرروا بيعه و التخلص منه نهائيا ‪.‬‬

‫باعوه للقافلة بثمن بخس ‪ ..‬دراهم معدودة ‪ ..‬زهدوا يف أخيهم و فلذة كبد أبيهم ‪..‬‬

‫الصغي عن وطنه ‪ ..‬عن أبيه المحبوب ‪..‬‬


‫ر‬ ‫رحل الطفل‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫صار الطفل يف مدينة جديدة ‪..‬‬

‫بالد بعيد و غريبة ‪ ..‬صار اآلن ربي الغرباء ‪..‬‬

‫اسي ‪..‬‬
‫قافلة الغرباء تسوقه إل سوق النخ ر‬

‫يعرضونه كأنه بضاعة ‪ ..‬كأنه سلعة ‪..‬‬

‫كبي ‪..‬‬
‫سالسل األرس يف رجليه و يديه ‪ ..‬شمس حارة و سوق نخاسة ر‬

‫‪18‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫من ئبي مظلم إل عبودية أشد ظلما ‪..‬‬

‫صغي ‪..‬‬
‫ر‬ ‫طفل‬

‫صاف الروح ‪..‬‬


‫ي‬ ‫جميل الوجه‬

‫يقلب الناس ناظرهم فيه و قد مأل المكان جماال ‪..‬‬

‫كان جماله واضحا كالقمر ‪ ..‬ييايد فيه الناس ليشيوه ‪..‬‬

‫صغي ‪ ..‬بسبب أقرب الناس إليه ‪ ..‬صار بضاعة ‪..‬‬


‫ر‬ ‫طفل‬

‫األقربي إليه ‪ ..‬صارت كرامته عل األرض يمر عليها الجميع ‪..‬‬


‫ر‬ ‫بفضل أقرب‬

‫الصغي ‪..‬‬
‫ر‬ ‫من ربي المزايدين ‪ ..‬ظهر رجل ي‬
‫غت ربي الجمع و قد أعجبه الطفل‬

‫كأنها رسالة من هللا ‪..‬‬

‫و هللا غالب عل أمره ‪..‬‬

‫ينادي الغرباء يف السوق عن بضاعتهم ‪..‬‬

‫يبتع رساءه ‪..‬‬


‫حت أتاهم ذلك الغريب ي‬

‫اشيى الطفل و أخذه إل بيته ‪ ..‬مخ ريا زوجته أن هذا طفل اشياه ‪..‬‬

‫أخ ريها أن تكرمه لعله ينفعه أو يتخذه ولدا ‪..‬‬

‫الت أعجبت بجماله و نور يف محياه ‪..‬‬


‫ه ي‬ ‫و قد تقبلت الزوجة األمر ‪ ..‬و ي‬

‫‪19‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫أنت أيها الغريب ‪..‬‬

‫أخي ين ‪ ..‬هل أنت حر حقا ؟‬


‫ر‬

‫هل لك أن تجرب إحساس العبودية ‪ ..‬أن تكون بضاعة ‪..‬‬

‫بضاعة تباع يف السوق ‪..‬‬

‫أخي ين اآلن ‪ ..‬كيف سيكون إحساسك ‪..‬‬


‫ر‬

‫قارن نفسك اآلن ‪ ..‬ربي حياتك و حريتك ‪..‬‬

‫الصغي ‪..‬‬
‫ر‬ ‫وبي معاناة ذلك الطفل‬
‫ر‬

‫من ئبي مظلم ‪ ..‬إل قرص مشيد ‪..‬‬

‫من ثياب قطعها إخوته و وجه لطمه أقرباؤه ‪..‬‬

‫إل ثياب أخاطها الغرباء ‪ ..‬و وجه أعاد الغرباء االبتسامة إليه ‪..‬‬

‫من شدة إل رخاء ‪ ..‬و هللا غالب عل أمره ‪.‬‬

‫يكي ‪ ...‬يزداد نورا و علما ‪..‬‬


‫عاش الطفل يف القرص يتعلم و ر‬

‫يشتد عضده و يصبح شابا قويا جميال ‪..‬‬

‫كي الطفل فصار شابا ‪ ..‬لكنه لم ينىس ‪..‬‬


‫ر‬

‫و لن ينىس كل ذلك الظلم ‪..‬‬

‫و لن ينىس أن هللا غالب عل أمره ‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫صغي ‪..‬‬
‫ر‬ ‫طفل‬

‫كي الطفل يف بيت سيده ‪ ..‬اشتد عضده و ازداد جماال و نورا ‪..‬‬
‫ر‬

‫حسن بهاؤه ‪..‬‬

‫فراودته امرأة سيدته ‪ ..‬سيدة جميلة جدا ‪..‬‬

‫أجمل امرأة يف المدينة ‪ ..‬سيدة غنية جداا ‪..‬‬

‫عرضت نفسها أمامه من شدة ولعها به ‪..‬‬

‫كل هذا ‪ ..‬لكن الفت اعتصم و رأن إال أن يبق وفيا لعهده مع ربه ‪..‬‬

‫النق ‪ ..‬رأن أن يوسخ روحه الطيبة ‪..‬‬


‫وفيا لقلبه ي‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫أنت أيها الغريب ‪..‬‬

‫أخي ين ‪ ..‬ما كنت بفاعل لو كنت مكانه ؟‬


‫ر‬

‫أمام كل ذلك ‪ ..‬هل تقواك أعظم من تلك الفي ؟‬

‫أخي ين أيها الغريب ؟‬


‫ر‬

‫كيف حال روحك اآلن ‪ ..‬هل تستطيع المجابهة ؟‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫‪21‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫فلما هم الفت خارجا ‪ ..‬استبقته ‪..‬‬

‫و أرسعت تحاول اإلمساك به ‪ ..‬و جذبت قميصه من الخلف ‪..‬‬

‫شقت قميصه و انقطع ‪..‬‬

‫قبل أن يجدا زوجها أمامهما عند الباب ‪..‬‬

‫شء ‪..‬‬
‫فلما رأته ‪ ..‬صدمت ‪ ..‬فأرادت رتيئة نفسها من كل ي‬

‫الييء ‪..‬‬
‫ألقت التهم عل الفت ر‬

‫قالت " ما جزاء من أراد بأهلك سوءا إال أن يسجن أو عذاب " ‪..‬‬

‫سجن أو عذاب موجع ‪..‬‬

‫مت ذلك فرفضت " ‪..‬‬


‫ه طلبت ي‬
‫قال الفت يدافع عن نفسه " ي‬

‫لتيئته ‪..‬‬
‫فكان البد من دليل ر‬

‫صغي كان السيد يحمله يف حضنه ‪..‬‬


‫ر‬ ‫حينها نطق طفل‬

‫إن كان قميصه شق من األمام فصدقت يف اتهامها له ‪..‬‬

‫الكاذبي ‪..‬‬
‫ر‬ ‫و هو من‬

‫و إن كان قد شق من الخلف فكذبت يف قولها ‪..‬‬

‫الصادقي ‪.‬‬
‫ر‬ ‫و هو من‬

‫‪22‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫كان األمر واضحا وضوح الشمس ‪ ..‬و قد علم الزوج ذلك ‪..‬‬

‫و علم براءة الفت و صفاء قلبه ‪..‬‬

‫قال لزوجته ‪ " :‬الكذب الذي اتهمت به هذا الشاب هو من جملة مكركن ‪ .‬إن مكركن أيتها‬
‫النسوة عظيم "‪.‬‬

‫رغم براءته و معرفة الجميع ذلك ‪..‬‬

‫طلب منه سيده ترك األمر و نسيانه مع عدم ذكره ألحد ‪..‬‬

‫و قد فعل الفت ذلك‪..‬‬

‫تشهيا ‪..‬‬
‫ر‬ ‫يبتع شهرة و ال‬
‫لم ي‬

‫يبتع براءة و طمأنينة فقط ‪..‬‬


‫كان ي‬

‫‪23‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫أخي ين أيها الغريب ‪..‬‬


‫ر‬

‫لو كنت مكانه ما كنت فاعال ‪..‬‬

‫هل تقبلت األمر كأن لم يحدث ‪..‬‬

‫لو حدث لك ذلك اآلن ما كنت فاعال ‪..‬‬

‫هل سبق لك أن تعرضت للظلم ‪ ..‬ظلم ‪ ..‬و ليس كأي ظلم ‪..‬‬

‫األقربي ‪..‬‬
‫ر‬ ‫ظلم من اعتقدهم الفت أقرب‬
‫بعد أن خانه إخوته ‪ ..‬و بعد أن ظن أخ ريا أنه قد اطمأن ‪..‬‬

‫هذه سيدته تظلمه من جديد ‪..‬‬

‫كيته كأنه وليدها ‪ ..‬لكنها قد شغفته حبا ‪..‬‬


‫امرأة ر‬
‫بعد طعنة اإلخوة ‪ ..‬يتعرض اآلن لطعنة أخرى ‪..‬‬

‫أخي ين أيها الغريب ‪..‬‬


‫ر‬
‫كيف حال قلبك ‪ ..‬حياتك ؟‬

‫تعان حقا ‪ ..‬هل سبق لك أن عانيت حقا ؟‬


‫هل ي‬

‫تأن إل مسمع السيدة ‪..‬‬ ‫بعد فية من الزمن ‪ ..‬و بعد ضجيج األحاديث ي‬
‫الت ي‬
‫أن النساء يحسدنها عل حبها للفت ‪..‬‬

‫كانت تريد أن تثبت لهن أن األمر ليس بيدها ‪..‬‬

‫فأرسلت إليهن و أعتدت لهن متكئا ‪..‬‬

‫و لما حرصت النسوة ‪ ..‬وضعت الفاكهة أمام كل واحدة و سكينا‪..‬‬

‫و قالت للفت ‪ ..‬هيا اخرج عليهن ‪ ..‬ليعلمن ما أقصد ‪..‬‬

‫‪24‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫فتعجي ‪..‬‬
‫ر‬ ‫فلما خرج ‪ ..‬رأت النسوة نوره‬
‫و قطعن أيديهن من فرط سهوهن وهن يتأملن جماله ‪..‬‬

‫و قلن إن هذا ملك ‪ ..‬هذا ليس برسا ‪..‬‬

‫حينها أثبتت لهن أن جماله لم يدع لها مجاال سوى لحبه ‪..‬‬

‫و أن عليه أن يفعل كل ما تأمره به ‪..‬‬

‫فمصيه العذاب و سجن أليم ‪..‬‬


‫ر‬ ‫و إال‬
‫لم يكن بيد الفت وسيلة لتفادي كل ما يحدث سوى الدعاء ‪..‬‬

‫فرفع يديه يدعو ربه أن ينجيه من هذه الفي ‪..‬‬

‫رفع يده يدعو ‪ ..‬و ما أعظمها من سالح ‪..‬‬

‫‪¤¤‬‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫هللا أكي ‪..‬‬

‫الن قد تكرسنا ‪..‬‬


‫أكي من تلك الصعوبات ي‬

‫الن تحيط بنا ‪..‬‬


‫أكي من العقبات و األحزان ي‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫‪25‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫فلما فكر سادته و قدروا األمور ‪ ..‬قرروا ‪..‬‬

‫قررت السيدة أن تلقيه يف السجن ‪ ..‬و حصل ذلك ‪..‬‬

‫يف ظلمات السجن ‪ ..‬كان يعذب و يجلد بالسوط ‪..‬‬

‫شء ‪..‬‬ ‫ئ‬


‫يي من ألمه صمتا ‪ ..‬و يحمد ربه عل كل ي‬
‫يراه المسجونون متألما صابرا محتسبا ‪..‬‬

‫و يجلد السجان بسوط وضعته السيدة يف يده ليذوق سوء العذاب ‪.‬‬

‫الظالم يحيطه من كل الجوانب ‪ ..‬و النور يحيط باطنه ‪..‬‬

‫رغم كل الظلم الذي تعرض له ‪ ..‬و السوء الذي لقيه ‪..‬‬

‫يني دروب المقهورين هناك ‪..‬‬


‫كان يف السجن كالشمعة ‪ ..‬ر‬
‫التائهي عل طريق الحب األبدي ‪..‬‬
‫ر‬ ‫يدل‬
‫األكي ‪..‬‬
‫ر‬ ‫يحيطون به يستمعون لكالمه و هو يحدثهم عن حبه‬
‫حبه لربه األعل ‪ ..‬الواحد األحد ‪..‬‬

‫خالقه و خالق األرض و السماوات ‪..‬‬

‫الت تظهر عليه ‪..‬‬


‫يدلهم عل الطريق الصحيح ‪ ..‬رغم آثار الجلد ي‬
‫صغيا ‪..‬‬
‫ر‬ ‫لم يعد طفال‬
‫لم يعد فت شابا ‪ ..‬صار رجال يدعو إل السالم و الحب ‪..‬‬

‫صار كالشمعة يف طريق اآلخرين ‪..‬‬

‫كالمرهم لجروح أولئك المقهورين ربي زنازين السجن ‪..‬‬

‫تحت جدران الظالم ‪ ..‬أنار بنوره السجن ‪..‬‬

‫من رحم معاناته هناك ‪ ..‬وجد لنفسه أرواحا ساكنة تسنده ‪..‬‬

‫جعل من سجنه قرصا له ‪..‬‬

‫‪26‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫جعل من ظالم أحاط به نورا يحيط الجميع ‪..‬‬

‫صار كالحب ‪ ..‬كفراشة تحمل عطرا تنرسه يف األرجاء ‪..‬‬

‫لم تكن تهمه األجنحة المنكرسة ‪..‬‬

‫كان نرس الحب أهم ‪ ..‬السالم للجميع ‪..‬‬

‫بعد فية قضاها يف السجن ‪..‬‬

‫أحبه السجان و المسجون ‪ ..‬سكنت له جدران السجن و آنست به ‪..‬‬

‫كي فصار كالحب ‪..‬‬


‫صغي كان ‪ ..‬ر‬
‫ر‬ ‫طفل‬

‫‪¤¤¤‬‬
‫أيها الغريب ‪..‬‬

‫كم مرة رصت فيها وحيدا عل أرصفة الحياة ‪..‬‬

‫كم مرة قلت فيها أن الحياة لم تنصفك أبدا ‪..‬‬

‫كم مرة كنت ترى الظالم الذي يحيطك ‪..‬‬

‫لم ترى ذلك النور الذي أراد منك أن تدعه يترسب إليك ‪..‬‬

‫يني دربك ‪..‬‬


‫لم تستطع أن تجعل ظالمك نورا ر‬
‫من رحم معاناتك ‪ ..‬ألم تقدر عل تجربة مخاض جديد ‪..‬‬

‫مخاض قد تتولد عنه حياة جديدة ‪..‬‬

‫أنت اآلن تعلم أيها الغريب ‪ ..‬أننا نحن من نصنع معاناتنا ‪..‬‬

‫و نحن من نصنع رسورنا و طمأنينتنا ‪..‬‬

‫هل فهمت اآلن ‪..‬‬

‫مطلقي ‪..‬‬
‫ر‬ ‫أن يف قلوبنا ظالم و نور‬
‫و نحن القادرون عل إظهار أي منهما ‪..‬‬

‫‪27‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫تفسيا لها ‪.‬‬


‫ر‬ ‫ذات يوم رأى الملك حلما و رؤيا ‪ ..‬أراد‬
‫تفسيا ‪..‬‬
‫ر‬ ‫فطلب من الحاشية أن تجد له‬
‫فلم يستطع الكهنة و المفرسون شيئا ‪..‬‬

‫حاول الجميع حت انتهوا إل إقرار األمر أضغاث أحالم فقط ‪..‬‬

‫أكيمن ذلك ‪..‬‬


‫لكن الملك أحس أن األمر ر‬
‫الكيى ‪ ..‬أتاه صوت كاألمل ‪..‬‬
‫الكبي ‪ ..‬و الحاشية ر‬
‫ر‬ ‫و ربي الجمع‬
‫يخ ريه أن شخصا يف سجن بعيد قد يقدر عل حل األمر ‪..‬‬

‫تفسيا ‪..‬‬
‫ر‬ ‫أرسل الملك إل السجن طالبا‬
‫جاء الرجل إل السجن ‪..‬‬

‫كان من أصحابه يف السجن ‪ ..‬كان من الذين لمسهم نوره ‪..‬‬

‫الصغي ‪ ..‬الذي لم يعد طفال بعد اآلن ‪..‬‬


‫ر‬ ‫نور الطفل‬
‫تفسيا ‪ ..‬ففرس له بكل بساطة ‪..‬‬
‫ر‬ ‫طلب منه‬
‫أن الخ ري إل الملك كالبرسى ‪ ..‬فطلب إحضار الرجل الطيب ذاك ‪..‬‬

‫لكنه رأن أن يحرص إال برسط رتيئته ‪..‬‬

‫أن تتم المحاكمة و يعيف المخطئون بظلمهم ‪..‬‬

‫رأن إال أن يخرج بكرامته المسلوبة ‪..‬‬

‫ملك عادي جدا‪.‬‬


‫رأن أن يخرج بعفو ي‬
‫الت ألقاها عليه اآلخرون ‪..‬‬
‫ميئا من كل اآلثام ي‬
‫أراد أن يخرج ر‬
‫كرش الملك ‪ ..‬و ملك الملك ‪..‬‬
‫ي‬ ‫أكي من‬
‫كانت كرامته ر‬
‫لم يكن يريد إال أن يخرج و قد ظهر الحق للجميع ‪..‬‬

‫كانت رسالته رسالة حق و حب ‪ ..‬رسالة حق و سالم ‪..‬‬

‫‪28‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫و البد للبداية أن تكون حقا و سالما ‪..‬‬

‫اعيف الجميع بخطئهم أمام المأل ‪..‬‬

‫شء ‪ ..‬و اعيفت سيدته بظلمها له ‪..‬‬


‫اعيفت النسوة بكل ي‬
‫اعيف سيده ‪ ..‬و اعيف كل من يف القرص ربياءته ‪..‬‬

‫و سجنه ظلما ‪ ..‬ظهر الحق و زهق الباطل ‪..‬‬

‫لم يكن الباطل دائما ‪ ..‬كان الحق سيجد مجراه مجددا ‪..‬‬

‫خرج من السجن و قد اعيف الجميع ربياءته ‪..‬‬

‫منيا للدرب أمامه ‪..‬‬


‫خرج من السجن شامخا ‪ ..‬ر‬
‫‪¤¤¤‬‬

‫‪29‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫‪¤¤¤‬‬
‫عن أي ن ن‬
‫ميلة تتحدث ؟‬
‫ن‬
‫حي تسمع ذاك النداء ؛‬
‫ن‬ ‫ٌ‬ ‫َّ‬
‫فيطمي قلبك ‪.‬‬ ‫" يا أهل الجنة خلود فال موت " ‪ ,‬وتعلم أنك المقصود ‪،‬‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫ثم ماذا ؟‬
‫ثم يجي هللا كرسك بعد عناء ‪..‬‬
‫ثم يروي هللا أزهار قلبك فتتفتح مجددا ‪..‬‬
‫ن‬
‫فتطمي ‪..‬‬ ‫ثم يحيطك برحمة منه تسع روحك‬
‫ثم يعيد لنبض قلبك استقراره فيسكن ‪..‬‬
‫الن قد اقيبت من الموت فيك ‪..‬‬
‫يج هللا تلك الروح ي‬
‫ثم ي‬
‫ثم يعيدك كأنك ولدت من جديد ‪..‬‬
‫شء قدير ‪.‬‬
‫ثم إن هللا عىل كل ي‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫‪30‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫دخل المدينة و الحرس بجانبه يرافقونه نحو القرص ‪..‬‬

‫و لما وصل القرص ‪ ..‬تأمل األرجاء ‪ ..‬و تأمل خروجه ذات يوم معرضا للظلم ‪..‬‬

‫و العسكر يسوقونه نحو السجن ‪..‬‬

‫تبدلت األحوال ‪ ..‬و صار الملك يطلبه ‪ ..‬يحتاجه ‪..‬‬

‫مصيه ‪ ..‬تأمل ماضيه و الطريق أمامه ‪..‬‬


‫تأمل حاله و ر‬

‫لما دخل عل الملك ‪ ..‬رحب به و قربه إليه ‪..‬‬

‫طلب منه أن يفرس حلمه مجددا بعد أن عجز كبار الكهنة ‪..‬‬

‫تفسي له ‪..‬‬
‫ر‬ ‫كان الكهنة ينظرون و قد أجمعوا سابقا أن هذا حلم ال‬
‫لكن الشاب الجميل كان له رأي آخر ‪..‬‬

‫بعد أن برأ نفسه أمام الجمع ‪ ..‬حان اآلن الدور عل حلم الملك ‪..‬‬

‫الدور اآلن عل نرس اإليمان و الحب يف األرجاء ‪..‬‬

‫فرس الحلم بكل وضوح ‪ ..‬و أثبت للملك حنكته ‪ ..‬و أعجب الملك بذلك ‪..‬‬

‫أخ ريه الفت الجميل أن يجعله عل خزائن األرض ‪..‬‬

‫أن يجعله أمينا للدولة ‪ ..‬مكلفا بخزائنها أمام الجفاف القادم ‪..‬‬

‫و كان الملك معجبا بفطنة الشاب و ذكاءه ‪..‬‬

‫المقربي إليه ‪ ..‬يشاوره يف أمور الدولة ‪..‬‬


‫ر‬ ‫فقربه إليه و جعله من‬
‫و يقر و إياه ما يجب فعله لمواجهة القحط المقبل ‪..‬‬

‫صار الشاب الجميل اآلن وزيرا ‪ ..‬عزيزا بعد أن أذله المقربون إليه ‪..‬‬

‫‪31‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫كرش الحكم و العزة ‪...‬‬


‫ي‬ ‫من غيابة ئبي عميق ‪ ..‬إل‬
‫من خيانة إخوته له إل ثقة الغرباء فيه ‪..‬‬

‫كرش الكرم يهديه إياه الملك ‪..‬‬


‫ي‬ ‫من رصب إخوته له إل‬
‫من شاب يعذب يف زنازين السجن ‪ ..‬إل رجل عزيز وزير للدولة ‪..‬‬

‫من ظلم حل به من طرف البرس ‪..‬‬

‫إل عدل و كرم أكرمه هللا به ‪..‬‬

‫هل رأيت أيها الغريب ؟؟‬


‫كيف يستطيع هللا أن يكرمنا يف لحظة ‪ ..‬إن كنا صابرين ‪..‬‬

‫طيبي ‪..‬‬
‫ر‬ ‫كيف تفرحنا الحياة إن كنا‬
‫هل ترى اآلن مفعول القلب الطيب و الروح الصافية ‪..‬‬

‫هل رأيت ما يفعله اإليمان بالقلوب ‪..‬‬

‫حي تثق يف قضاء هللا ‪..‬‬


‫هل رأيت ما يحدث ر‬
‫القانتي ‪ ..‬صابرا لما أصابك ‪ ..‬شاكرا هللا عل ما تملكه ‪..‬‬
‫ر‬ ‫حي تكون من‬
‫ر‬
‫هل رأيت عظمة هللا ؟‬

‫‪32‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫السني ‪ ..‬و الجفاف يحيط أرجاء البالد ‪..‬‬


‫ر‬ ‫مرت‬
‫رائحة الفقر و الجوع تفوح يف األرجاء ‪ ..‬البسطاء يبحثون عن رزق ‪..‬‬

‫صيهم ‪..‬‬
‫يعي ر‬
‫معي ر‬
‫الفقراء يقلبون الطرقات عل ر‬
‫الكبية ‪..‬‬
‫ر‬ ‫و كان الفت يف القرص قد أعىط تعليماته لتطبيق خطته‬
‫كان ذكيا لدرجة أنه تحمل مسؤولية جر سفينة البالد إل بر األمان ‪..‬‬

‫كان المفتاح بيده ‪ ..‬خزائن أرض النيل العظيمة ‪..‬‬

‫و كان عقله يعمل بشكل مختلف للغاية ‪..‬‬

‫إسياتيجية و فطنة ‪ ..‬خطة و رصامة تطبيقها ‪..‬‬

‫و كان الكل كالجسد الواحد ‪ ..‬من أجل مرور الجفاف بأمان ‪..‬‬

‫و رجوع الحياة إل مسارها بأقل األرصار ‪..‬‬

‫و كان وفود من الناس تقبل عل المدينة إل قرص العزيز ‪..‬‬

‫إل الفت الذي صار عزيزا بفضل ربه ‪..‬‬

‫يأتيه الناس ليأخذوا شيئا مما يأكلون يف أيامهم الصعبة ‪..‬‬

‫الشعي ‪..‬‬
‫ر‬ ‫و كانت خزائن الدولة قد احتفظت بمحاصيل القمح و‬
‫شء أمام موجة الجفاف ‪..‬‬
‫كان قد جهز كل ي‬
‫فقيا يطلب رزقا طيبا ‪..‬‬
‫الغت الذي عاد ر‬
‫قي و ي‬
‫يأتيه الف ر‬
‫يأن الجميع إل المدينة ‪ ..‬و ال يرد أحدا خائبا ‪ ..‬يحصل الجميع عل حصته ‪..‬‬
‫ي‬
‫كانت فية حرجة جدا ‪ ..‬فية قهرت البسطاء و الضعفاء ‪..‬‬

‫كانت موجة قاسية ضغطت عل أرواح الفقراء و خنقتهم ‪..‬‬

‫موجة عاتية كصخرة عل صدورهم ‪..‬‬

‫الكبي منها ‪..‬‬


‫كانت فية قاسية جدا ‪ ..‬عان الطفل و ر‬

‫‪33‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫الكبي ‪..‬‬
‫ر‬ ‫عان الرجال و النساء ‪ ..‬الشاب و الشيخ‬
‫عان الجميع ‪ ..‬و كان هو يعمل ليل نهار حت يعيد بعض األمان إل القلوب ‪..‬‬

‫هل علمت أيها الغريب دوره ؟‬


‫هل علمت حقا كم من روح كان سببا يف إنقاذها بفضل ربه ‪..‬‬

‫هل علمت كم من بلدة أنقذها بفضل رحمة هللا ‪..‬‬

‫هل علمت اآلن عظمة قدر هللا ‪.‬‬

‫ألقاه إخوته يف الجب لتأخذه القافلة ‪..‬‬

‫فيشييه العزيز كبضاعة يف سوق النخاسة ‪..‬‬

‫و بعدها ليدخل السجن ظلما بسبب سيدته ‪..‬‬

‫ليخرج منه عزيزا يحمل رحمة و أمانا ‪..‬‬

‫فيصبح منقذا لمن يف األرض ‪ ..‬بفضل قضاء ربه و رحمته ‪..‬‬

‫هل تعلمت اآلن شيئا من أشياء ؟‬


‫أكي منا جميعا ‪..‬‬
‫هل أحسست اآلن بأن األمر ر‬
‫الصغي ‪..‬‬
‫ر‬ ‫أكي من أن تعرفه بعقلك‬
‫هل علمت اآلن أن ما يقدره هللا لك ر‬
‫أن ما يحدث لك اآلن قد تكون ثماره بعد سنوات ‪..‬‬

‫أن أي سوء تتعرض إليه ‪ ..‬قد يحمل يف باطنه خ ريا لك و لمن يحيط بك ‪..‬‬

‫هل تعلمت اآلن أيها الغريب ‪..‬‬

‫‪34‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫ذات يوم ‪..‬‬

‫دخل عليه من ربي الوفود القادمة من كل البلدان القريبة ‪..‬‬

‫وفد غريب ‪..‬‬

‫وفد أحس به هو أنه ليس غريبا ‪ ..‬وفد أحس به قريبا ‪..‬‬

‫و لما وقفوا أمامه و سألهم بضع أشياء ‪ ..‬عرفهم ‪..‬‬

‫كانوا عرسة أشخاص يعرفهم بشكل جيد جدا ‪..‬‬

‫كانوا إخوته ‪..‬‬


‫إخوته الذين ألقوه ف ئ‬
‫البي وحيدا ‪..‬‬ ‫ي‬
‫إخوته الذين باعوه بثمن بخس دراهم معدودة ‪..‬‬

‫إخوته الذين خانوه و خانوا العهد مع أبيهم ‪..‬‬

‫عرفهم و هم له منكرون ‪ ..‬عرفهم و هم جاهلون ال يدرون من أمامهم ‪..‬‬

‫للكرش الذي يجلس عليه ‪..‬‬


‫ي‬ ‫كانوا يتحدثون إليه باحيام شديد ‪ ..‬احيام‬

‫هل تعلم أيها الغريب أننا نحن البرس منافقون جدا ‪..‬‬
‫نحن أيها الغريب نحيم األشياء ر‬
‫أكي من البرس ‪..‬‬
‫نحيم المناصب ر‬
‫أكي من اإلنسان ‪..‬‬

‫اعذرن ‪..‬‬
‫ي‬ ‫ال أيها الغريب ‪..‬‬

‫نحن ال نحيمها ‪ ..‬نحن نخاف منها ‪..‬‬

‫نخاف من المناصب ‪ ..‬نخاف من األشياء ‪..‬‬

‫و ال نحيم اإلنسان ‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫يكيونه يف أعينهم لعلهم يتقربون إليهم ‪..‬‬


‫كانوا يجلونه و ر‬
‫و هو العزيز ‪ ..‬الوزير األعل يف البالد ‪..‬‬

‫كانوا يتملقونه بكالمهم المعسول ‪ ..‬و هو يتذكر لكماتهم القاسية ‪..‬‬


‫يبتسمون إليه و هو يتذكر شتمهم و كالمهم ر ئ‬
‫الست تجاهه ‪..‬‬

‫كانوا هناك يف األسفل ‪ ..‬و كان هو يف األعل عل كرسيه ‪..‬‬

‫كانوا هناك ‪..‬‬

‫و كان يتذكر ‪ ..‬ذات يوم كان هو يف األسفل ‪..‬‬

‫كان هو عل األرض و هم فوقه شامخون بظلمهم ‪..‬‬

‫شء ‪..‬‬
‫تغي كل ي‬
‫أما اآلن فقد ر‬
‫هم اآلن يف األسفل وهو فوقهم شامخا بكل عدله ‪..‬‬

‫كان ذلك قضاء ربك ‪ ..‬و كان وعد ربك مفعوال ‪..‬‬

‫و هللا غالب عل أمره أيها الغريب ‪..‬‬

‫ه عند هللا عظيمة ‪..‬‬


‫يدهشك بتفاصيل ال ترد لها باال و ي‬
‫تدبيه ‪..‬‬
‫يدهشك بقضائه العظيم و حسن ر‬
‫يدهشك فتستسلم لقدره و تسلم نفسك ‪..‬‬

‫شء قدير ‪.‬‬


‫فقط ألنه هللا ‪ ..‬ألنه القدير ‪ ..‬ألنه عل كل ي‬

‫‪36‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫صغيا لم يأتوا به ‪..‬‬


‫استدرجهم بالكالم حت اعيفوا أن لهم أخا آخر ر‬
‫كبية ‪..‬‬
‫كبيا و قبيلة ر‬
‫اعيفوا أن لهم أبا شيخا ر‬
‫شء عنهم ‪ ..‬فكان له طلب منهم ‪ ..‬أو باألحرى أمر ‪..‬‬
‫أخ ريوه بكل ي‬
‫لك يحصلوا عل كيل لهم ‪..‬‬
‫أن يأتوا بأخيهم األصغر ي‬
‫و إال فال كيل لهم عند الملك ‪ ..‬ال كيل لهم عند الوزير األول ‪..‬‬

‫سيفض بكل تأكيد ‪ ..‬و لن يسمح بمجيئه ‪..‬‬


‫أخ ريوه أن أباهم ر‬
‫لكنه كان عازما عل أمره مشددا عليه ‪..‬‬

‫و لما عرفوا أن األمر واقع ال محالة ‪..‬‬

‫اجعي إل بلدهم ‪..‬‬


‫خارجي من القرص ر ر‬
‫ر‬ ‫جروا ذيول يأسهم‬
‫لعل أباهم يسمح لهم ‪..‬‬

‫الىسء عن قرص الملك ‪..‬‬


‫و هناك يف بالد بعيدة بعض ي‬
‫طي ‪..‬‬
‫يف بيت من ر‬
‫كبي ‪..‬‬
‫ربي جدران بالية ‪ ..‬كان يقطن شيخ ر‬
‫كبي يبدو الحزن واضحا عل محياه ‪ ..‬لكنه رغما عن ذلك تكسوه هيبة و وقار ‪..‬‬
‫شيخ ر‬
‫هيبة و ثبات ‪ ..‬كأنه عامود يحمل البيت عل ظهره ‪..‬‬

‫رغم الحمل الثقيل ‪ ..‬و الرصبات المتتالية ‪..‬‬

‫وف لربه ‪..‬‬


‫وف لإليمان ‪ ..‬ي‬
‫وف للحب ‪ ..‬ي‬
‫كبيا ‪ ..‬لكنه ي‬
‫كان شيخا ر‬
‫كان الشيخ قد تعرض لطعنة يف قلبه قبل زمن بعيد ‪..‬‬

‫قربي إليه ‪ ..‬ولده و بنيه ‪..‬‬


‫و كان طعنة من أقرب األ ر‬

‫‪37‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫دخلوا عليه ذات ليلة بقميص ملطخ بالدماء ‪..‬‬

‫الصغي ‪ ..‬ابنه المقرب إل قلبه ‪..‬‬


‫ر‬ ‫أخ ريوه أنها دماء ابنه‬
‫أخ ريوه أن الذئب قد أكله فلم يجدوا سوى قميصه ‪..‬‬

‫أخ ريوه أن ما تبق من ابنه قميص ‪..‬‬

‫قميص مخضب بالدماء يحمل رائحة ابنه ‪..‬‬

‫بىسء آخر ‪ ..‬كان يحس أن األمر أعظم من ذلك ‪..‬‬


‫لكنه كان يحس ي‬
‫أن ما خ يق عنه أعظم من أن يتقبله قلبه ‪..‬‬

‫بىسء ما ‪..‬‬
‫و كان قبل ذلك قد رفضه خروجه معهم ‪ ..‬ألنه أحس ي‬
‫رفض صباحا أن يخرج معهم ‪ ..‬و يف الليل يأتون بقميصه مخضبا بالدماء ‪..‬‬

‫كان قلبه يتقطع ألما و هو يقلب القميص ربي يديه ‪..‬‬

‫لت طالته ‪..‬‬


‫يقلب قلبه ربي يديه ‪ ..‬عله يخيط بعضا من الجراح ا ي‬
‫كان يقلب ناظريه فيهم جميعا ‪..‬‬

‫غي ما أخ ريوه ‪..‬‬


‫كان يعلم أن شيئا ما قد حدث ر‬
‫ئ‬
‫يخىط ‪..‬‬ ‫كان يحس ‪ ..‬و قلب األب ال‬
‫كان يتألم و كان صابرا ‪..‬‬

‫كبيا ‪ ..‬عيناه قد أعياهما األلم ‪..‬‬


‫كان شيخا ر‬
‫كبي افيق عن محبوب قلبه ‪ ..‬و نبضه الصادق ‪..‬‬
‫شيخ ر‬
‫كبي ‪ ..‬طالته الخيبات و الطعنات ‪..‬‬
‫شيخ ر‬
‫وف لنرس العطر الجميل ‪..‬‬
‫وف للحب ‪ ..‬ي‬
‫لكنه رغما عن ذلك ي‬
‫الصغي ‪..‬‬
‫ر‬ ‫كبيا ‪ ..‬أبا لذلك الطفل‬
‫كان شيخا ر‬

‫‪38‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫هل تذكرت أيها الغريب ‪..‬‬

‫أن النور له منبع ‪ ..‬و نور الطفل خرج من أبيه ‪..‬‬

‫و النور العظيم أن من إيمانهما القوي و حبها الشديد ‪..‬‬

‫صي و احتسب ‪..‬‬


‫كبيا ‪ ..‬خانه أبناؤه و ر‬
‫كان شيخا ر‬
‫ينتظر فرجا من هللا و هو واثق أن هللا لن يخيب ظنه ‪..‬‬

‫الحي و اآلخر ‪..‬‬


‫كان شيخا ك ربيا ينظر الطريق ربي ر‬
‫فيحت قلبه من جديد ‪..‬‬
‫ري‬ ‫لعل ابنه الغائب يعود إليه‬
‫يصي ‪..‬‬
‫يأن بأخبار عن ابنه الغائب ‪ ..‬ينتظر و ر‬
‫ينتظر العابر لعله ي‬

‫كي الشيخ و طاله الشيب ‪..‬‬


‫مر زمن طويل ‪ ..‬و ر‬
‫و مازال وفيا ينتظر طفله الغائب ‪ ..‬ينتظر الحب ‪..‬‬

‫أتاه أبناؤه مرة أخرى يرجونه و يطلبون منه طلبا ‪..‬‬

‫الوزير قد منع منا الكيل قبل أن نأتيه بأخينا األصغر ‪..‬‬

‫يف عز الفقر الذي نحن فيه ‪ ..‬البد لك أن تسمح ألخينا بالذهاب معنا ‪..‬‬

‫يحت قومنا ‪ ..‬فالجوع قد التهمنا جميعا ‪..‬‬


‫لعلنا نكتل و نصيب خ ريا ر ي‬
‫كانوا يطلبونه و هو ينظرهم يتذكر تلك الليلة ‪..‬‬

‫الصغي يخرج معهم للعب ‪..‬‬


‫ر‬ ‫حي طلبوا منه أن يدع ابنه‬
‫تلك الليلة ر‬
‫نفس الوجوه ‪ ..‬نفس اللحظات ‪ ..‬نفس اآلالم تريد أن تعيد نفسها ‪..‬‬

‫الصغي ‪ ..‬و اآلن أخوه األصغر ‪..‬‬


‫ر‬ ‫آنذاك كان محبوبه‬
‫كان ينظر إليهم و الدمع يف عينيه ‪..‬‬

‫رفض بداية ‪ ..‬و ثبت عل الرفض ‪ ..‬لكنه لم ييكوا ياقته ‪..‬‬

‫‪39‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫لم ييكوا جرحه ليلتئم ‪ ..‬لم ييكوه بل أعادوا الكرة ‪..‬‬

‫حت خلصوا إل الحل ‪ ..‬أن يأخذ منهم ميثاقا أن يعودوا باألخ األصغر سالما ‪..‬‬

‫موثقا أمام رب هم ‪..‬‬

‫و لما علم أن األمر ال مرد منه ‪ ..‬ر‬


‫صي و قبل عل مضض‬
‫و الجرح يسيل بالدم من جديد ‪ ..‬و القلب يلتهمه لهيب الشوق مجددا ‪..‬‬

‫بعد اآلن ‪ ..‬سيتضاعف الشوق ‪..‬‬

‫الصغي قد أحاطته منذ زمن بعيد ‪..‬‬


‫ر‬ ‫كان رنيان الشوق لمحبوبه‬
‫و اآلن شوقه لآلخر قد يزيد النار لهيبا مضاعفا ‪..‬‬

‫هل يحتمل قلبه كل هذه اآلالم ‪..‬‬

‫هل تحتمل روحه هذا الفراق ‪..‬‬

‫كان يراقبهم من بعيد و الطريق يبتلعهم شيئا فشيئا ‪..‬‬

‫اختفوا ربي السهول و هو يضع يده عل قلبه صابرا ‪..‬‬

‫الصغي يسجد لربه يدعو ألبنائه بالتوفيق و السداد ‪..‬‬


‫ر‬ ‫ليعود إل بيته‬
‫كبي كان ‪ ..‬أنهكته الحياة و ابتلته بقسوة ‪..‬‬
‫شيخ ر‬
‫و قد كان يعلم أن األمر بالء و الدنيا رحلة ‪..‬‬

‫فال بد من ألم ‪ ..‬البد من نقصان ‪..‬‬

‫‪40‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫وصل اإلخوة المدينة ‪ ..‬و دخلوا من أبواب متفرقة كما أمرهم أبوهم ‪..‬‬

‫ليغت عنهم شيئا ‪ ..‬فقط رغبة من أبيهم و شك منه ‪..‬‬


‫ي‬ ‫و لم يكن األمر‬

‫أن يف األمر شيئا خفيا ‪ ..‬و إال فما يريد العزيز من ابنه ‪..‬‬

‫لكن رجال الوزير الغريب كانوا ينتظرون دخولهم ‪ ..‬ييقبون الطريق منذ خروجهم ‪..‬‬

‫كان الوزير ‪ ..‬أخوهم الذي لم يعرفوه بعد ينتظرهم يف قرصه ‪..‬‬

‫و لما دخلوا عليه رحب بهم ‪ ..‬و أمر الخدم أن يهتموا بهم ‪..‬‬

‫الصغي ‪ ..‬و الروح المتبقية ألبيه بعده ‪..‬‬


‫ر‬ ‫و قرب إليه أخاه ‪ ..‬شقيقه‬

‫أخذه إليه و الدمع يتألأل يف عينيه شوقا ‪ ..‬و فرحا باللقاء بعد زمن ‪..‬‬

‫شء ‪ ..‬منذ البداية و أنه أخوه ‪..‬‬


‫أخ ريه بكل ي‬

‫تعانق الشقيقان و هالة الحب و الشوق تحيط بهما ‪..‬‬

‫سني ‪..‬‬
‫و الدمعات تترسب من أعينهم كالسيل ‪ ..‬كأنها تتخلص من شوق ر‬

‫من خالل دمعات ‪.‬‬

‫الخوال ‪..‬‬
‫ي‬ ‫بق معه و جلسا يتسامران يتذكران األيام‬
‫ي‬

‫الكبي ‪..‬‬
‫ر‬ ‫يحدثه أخوه عن أبيه ‪ ..‬عن الشيخ‬

‫و قلب الفت يتقطع ألما و شوقا ألبيه ‪ ..‬و روحه ساكنة تنتظر اللقاء ‪..‬‬

‫صغية ‪..‬‬
‫ر‬ ‫كيت و لم تعد‬ ‫يحدثه عما حدث منذ اختفاءه ‪ ..‬عن العائلة و األرسة ي‬
‫الت ر‬

‫عيت أبيه ‪ ..‬عن ذلك الشوق ‪..‬‬


‫الت تظهر يف ي‬
‫عن اآلالم ي‬

‫تق ‪..‬‬
‫عن انتظاره عودة ابنه المخ ي‬
‫‪41‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫شء حت أبسط األشياء ‪..‬‬


‫عن كل ي‬

‫و وحدثه هو اآلخر عما حدث ‪ ..‬عن الحقيقة القاسية ‪..‬‬

‫عن ظلمات الجب و لكمات اإلخوة ‪..‬‬

‫شء ‪..‬‬
‫عن القافلة و السوق ‪ ..‬عن سيدته و السجن ‪ ..‬عن كل ي‬

‫كرش الحكم ‪..‬‬


‫ي‬ ‫عن الملك و رؤياه ‪ ..‬عن وصوله إل‬

‫شء ‪..‬‬
‫عن فضل هللا و رحمته به ‪ ..‬عن كل ي‬

‫و يف الجانب األخر كان اإلخوة العرس ينتظرون حضور الوزير ‪..‬‬

‫و الشك يتغلغل إليهم شيئا فشيئا ‪..‬‬

‫ينتىه أبدا ‪..‬‬


‫ي‬ ‫و لما انتىه الشقيقان من شوقهما الذي لن‬

‫بتجهي قافلة بالمئونة و الرزق الذي طلبوه ‪..‬‬


‫ر‬ ‫أمر الوزير‬

‫و طمأن أخاه أن الفراق لن يطول أبدا ‪..‬‬

‫و ودعهم إل الطريق ‪ ..‬قبل أن يأمر جنوده بوضع الصواع ربي أمتعة أخيه ‪..‬‬

‫ملك ‪ ..‬مكيال يكيل به الملك ‪..‬‬


‫صواع ي‬

‫و لما خرجت القافلة إل الطريق سمعوا مناديا وراءهم ‪..‬‬

‫أيها الناس إنكم لسارقون ‪ ..‬توقفوا و تمهلوا ‪..‬‬

‫تفسيا ‪..‬‬
‫ر‬ ‫تساءل الجمع عما يحدث و أوجههم حائرة تنتظر‬

‫ماذا فقدتم ‪..‬‬

‫‪42‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫بعي من الطعام ‪ ..‬جاءوه له ‪..‬‬


‫صواع الملك و مكياله ‪ ..‬و الذي يحرصه له حمل ر‬

‫شء عجيب ‪..‬‬


‫حار الناس و ذهلوا مما يحدث ‪ ..‬ي‬

‫بسارقي ‪..‬‬
‫ر‬ ‫نحن أتينا لنكتال و نحصل عل طعام و ما نحن‬

‫تحرك قائد الجند تجاههم و هو يحذرهم ‪..‬‬

‫و ما عاقبة ممن وجد الصواع يف رحله و ربي أمتعته ‪..‬‬

‫أجابوا بلسان واحد ‪ ..‬جزاء من وجد لديه فهو جزاؤه ‪..‬‬

‫يتحمل إثمه و عقابه ‪..‬‬

‫تجرك الجنود يفتحون األمتعة الواحد تلو اآلخر‪ ..‬يقلبونها جيدا ‪..‬‬

‫حت انتهوا إل حمل األخ األصغر ‪..‬‬

‫حينها صار الجندي ‪ ..‬وجدنا السارق ‪ ..‬وجدنا الصواع ‪..‬‬

‫أمسك العسكر بأيدي أخيهم و هم مذهولون من ذلك ‪..‬‬

‫اجتمع اإلخوة من جديد ‪ ..‬اجتمع الجميل بأخيه ‪..‬‬

‫و قال إخوته ‪ ..‬إن رسق فقد رسق أخ له من قبل ‪..‬‬

‫فال عجب يف األمر ‪..‬‬

‫كانت كلماتهم كالسهم تخيق فؤاده ‪ ..‬و هم ال يعلمون أن هذا أخوهم ‪..‬‬

‫أن الذي يتحدثون بالسوء عنه واقف أمامهم ‪..‬‬

‫عزيز عليهم ‪ ..‬و هم ال يفقهون شيئا ‪..‬‬

‫أرس األمر يف باطنه و أخفاه ‪ ..‬وضع حجرة عل أحزان قلبه فدفنها ‪..‬‬

‫‪43‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫صي و احتسب ‪ ..‬كانت كلمات قاسية جدا ‪..‬‬


‫ر‬

‫بينما كان يتجهز ليسامحهم و يغفر لهم ما قاموا به من قبل ‪..‬‬

‫هاهم اآلن يغرزون سكينا جديدا يف فؤاده ‪..‬‬

‫صي ‪ ..‬و أرس الحزن يف قلبه ‪..‬‬


‫لكنه ر‬

‫و قال ‪ ..‬أنتم أسوء ميلة ممن ذكرتم ‪ ..‬أنتم أسوء أيها الناس ‪..‬‬

‫و لكن هللا أعلم بكل ما تصفون من الكذب ‪..‬‬

‫شء عليم ‪..‬‬


‫هللا بكل ي‬

‫قلت ‪..‬‬
‫هللا أعلم بما يف الصدور ‪ ..‬يعلم الحزن يف ر ي‬

‫و يعلم السوء فيكم ‪ ..‬يعلم ما اقيفتم ‪..‬‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫‪4‬‬ ‫ن‬
‫‪ ¤¤‬فأرسها يوسف يف نفسه و لم يبدها لهم ‪¤¤‬‬

‫أحيانا تكون الكلمة جارحة ‪..‬‬

‫لدرجة أن القلب يأت التئام الجرح ‪..‬‬

‫كأنه يخينا أن األثر باق ال محالة ‪.‬‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫‪4‬‬
‫اآلية ‪ – 77‬سورة يوسف – القرآن الكريم‬

‫‪44‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫‪45‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫كبي ‪..‬‬
‫قالوا و هم يرجونه ‪ ..‬إن لهذا األخ أب شيخ ر‬

‫غيه ‪..‬‬
‫فهل عساك تأخذ أحدنا مكانه ‪ ..‬اخي أي أحد ر‬

‫الكي عتيا ‪ ..‬فأحسن إلينا و اترك أخانا ‪..‬‬


‫أن أبانا قد بلغ منه ر‬

‫لكن األمر قد حسم منذ البداية ‪..‬‬

‫و قد أعذر من أنذر ‪ ..‬من وجد الصواع يف رحله فهو جزاؤه ‪..‬‬

‫هم الذين قرروا عاقبته منذ البداية ‪ ..‬فال تراجع بعد اآلن ‪..‬‬

‫الصغي و ول مدبرا يسوقه إل القرص و هم لما يحدث منكرون ‪..‬‬


‫ر‬ ‫اخذ أخاه‬

‫رأى اإلخوة أن األمر قائم ال محالة ‪ ..‬فانفردوا عن الناس يتشاورن ‪..‬‬

‫كبيهم أن أباكم قد أخذ منا موثقا و عهدا أن نرد أخانا إليه سالما ‪..‬‬
‫قال ر‬

‫تقصينا و غدرنا يف أخينا اآلخر قبل زمن بعيد ‪..‬‬


‫ر‬ ‫و ال ننىس‬

‫أن ‪..‬‬
‫فإن حازم أال أغادر هذه البالد حت يأذن يل ر ي‬
‫لهذا ي‬

‫مع ‪..‬‬ ‫رن بالخروج ‪..‬و آخذ أ ي‬


‫ح سالما ي‬ ‫يقض يل ر ي‬
‫ي‬ ‫أو‬

‫هيا انطلقوا أنتم إل أبينا و حدثوه عما حدث ‪ ..‬أخ ريوه بالحقيقة فقط ‪..‬‬

‫‪46‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫هناك يف البالد البعيدة ‪ ..‬متكئا عل عصاه ينظر الطريق ‪..‬‬

‫الكبي ينتظر أبناءه لعلهم يرجعون بأمان ‪..‬‬


‫ر‬ ‫كان الشيخ‬

‫لعله ال يتجرع نفس األلم من جديد ‪ ..‬و هللا خ ري حافظا ‪..‬‬

‫تأن من بعيد ‪..‬‬


‫رأى القافلة ي‬

‫و لما أقبلوا عليه ‪ ..‬أحنوا رؤوسهم و هم حائرون ‪..‬‬

‫كيف يخ ريون أباهم بالخ ري ‪ ..‬بالصاعقة ‪..‬‬

‫اثني من أبناءه ليسوا مع القافلة ‪ ..‬فترسب الحزن إل قلبه منذ البداية ‪..‬‬
‫رأى أن ر‬

‫و سأل ‪ ..‬أين أخوكم ‪ ..‬أين تركتم أخويكم ‪..‬‬

‫أجلسوا والدهم ‪ ..‬و تحدثوا يف هدوء ‪ ..‬لعل أباهم يتمالك نفسه ‪.‬‬

‫أخ ريوه بالخ ري ‪ ..‬أخ ريوه بالصاعقة ‪..‬‬

‫و كأن صخرة وضعت عل فؤاده ‪ ..‬و كأن الجرح القديم أعيد فتحه ‪..‬‬

‫كأن الييف الذي لم يتوقف أبدا قد تجدد و تضاعف ‪..‬‬

‫تنتىه منه ‪ ..‬كأنه ثقب أسود ‪..‬‬


‫ي‬ ‫و كأن اآلالم ال‬

‫و أخ ريهم و الوجع يف عينيه باد ‪..‬‬

‫بل إن أنفسكم قد زينت لكم مكيدة دبرتموها من جديد ‪..‬‬

‫و ما عساي أفعل أمام كل هذا األلم ‪..‬‬

‫صي جميل ‪..‬‬


‫ما عساي أفعل سوى ر‬

‫صي جميل ال شكوى فيه و ال جزع ‪..‬‬


‫صي جميل و هللا المستعان ‪ ..‬ر‬
‫ر‬

‫‪47‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫يأتيت بهم جميعا ‪..‬‬


‫ي‬ ‫صي جميل لعل هللا‬
‫ر‬

‫قلت ‪..‬‬ ‫ئ‬


‫أبنان جميعا ‪ ..‬فهو أعلم بما ر ي‬
‫لعل هللا يعيد يل ي‬

‫تدبيه لألمور ‪..‬‬


‫هو العليم الحكيم ‪ ..‬يعلم ما يف الصدور ‪ ..‬حكيم يف ر‬

‫صي جميل و هللا المستعان ‪..‬‬


‫ر‬

‫ثم تول عنهم إل غرفته و ضاق صدره و أحاطته األوجاع ‪..‬‬

‫و ابيضت عيناه من الحزن ‪..‬‬

‫من شدة الوجع الذي ألم به ‪ ..‬ذهب سواد عينيه و ابيضتا ‪..‬‬

‫امتأل فؤاده بالحزن ‪ ..‬و هو له كاتم صابر ‪..‬‬

‫شء يف قلبه و تول عن الجميع ‪..‬‬


‫كتم كل ي‬

‫شء ‪..‬‬
‫كتم كل تلك اآلالم يف صدره كأنه ثقب أسود ابتلع كل ي‬

‫كظم غضبه و حزنه و أوجاعه ‪..‬‬

‫صيا جميال ‪..‬‬


‫صي ر‬
‫كتم كل األحاسيس يف فؤاده و ر‬

‫‪48‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫أنت أيها الغريب ؟‬

‫بىسء يف قلبه ‪..‬‬


‫هل علمت شيئا من ألمه ‪ ..‬هل أحسست ي‬

‫أيها الغريب ‪..‬‬

‫هل أحاطتك األوجاع من كل مكان ‪..‬‬

‫صيت ؟‬
‫هل ر‬

‫صيت تاركا أمرك هلل ‪..‬‬


‫هل كتمت آالمك و ر‬

‫أخي ين حقا ‪..‬‬


‫ر‬

‫بخي ؟‬
‫بخي ؟ هل قلبك ر‬
‫هل أنت ر‬

‫هل سبق لك أن تعرضت لليك ‪ ..‬و الهجران ‪..‬‬

‫األقربي إليك ‪..‬‬


‫ر‬ ‫هل ابتعدت يوما عن أقرب‬

‫حي فعلت ‪ ..‬هل تألمت ؟؟‬


‫و ر‬

‫صيت ‪ ..‬هل فوضت أمرك لربك ؟‬


‫و لما تألمت ‪ ..‬هل ر‬

‫تدبي أمرك ‪..‬‬


‫هل آمنت أن هللا سيحسن ر‬

‫هل فعلت ؟‬

‫أيها الغريب ‪..‬‬

‫مصي ‪ ..‬و الحزن رفيق لنا مدى الحياة ‪..‬‬


‫ر‬ ‫إن األلم‬

‫لكننا نتجاوز األمر بإيماننا ‪ ..‬بثقتنا ‪..‬‬

‫‪49‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫شء عليم ‪..‬‬


‫بيقي ينبض به قلبنا ‪ ..‬أن هللا بكل ي‬
‫ر‬

‫شء قدير ‪ ..‬أن هللا غالب عل أمره ‪..‬‬


‫أن هللا عل كل ي‬

‫بخي ‪..‬‬
‫و أننا بفضل هللا سنصبح ر‬

‫شء خ ريا ‪..‬‬


‫و أننا أمام عظيم عليم يحيط بكل ي‬

‫أن قلوبنا ربي يدي هللا ‪ ..‬و أقدارنا مكتوبة عل اللوح ‪..‬‬

‫و أن هللا أعلم بما يف صدورنا ‪..‬‬

‫شء ‪..‬‬
‫و رحمة هللا وسعت كل ي‬

‫فصي جميل و هللا المستعان ‪.‬‬


‫ر‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫‪50‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫ائفي أن يهلك أبوهم حزنا و غما ‪..‬‬


‫كان األبناء خ ر‬

‫كانوا يحدثونه أنك هالك ما دمت تذكر ابنه الميت كل مرة ‪..‬‬

‫كانوا يخ ريونه أن عليه نسيان األمر ‪ ..‬فقد ول عليه دهر من الزمن ‪..‬‬

‫كانوا يريدونه أن ينىس ‪..‬‬

‫الوف ال ينىس أبدا ‪..‬‬


‫لكن القلب العاشق ‪ ..‬القلب ي‬

‫أخ ريهم أنه ال يظهر حزنه و همه ألحد سوى هللا ‪..‬‬

‫شء ‪.‬‬
‫ال يظهر غمه و وجعه سوى لخالقه ‪ ..‬فهو يعلم كل ي‬

‫احمي ‪..‬‬
‫و هللا كاشف البالء و الرصاء ‪ ..‬و هو أرحم الر ر‬

‫هللا هو القادر عل منحه الفرج ‪..‬‬

‫الت تركوا فيها إخوتهم و يسألوا ‪..‬‬


‫ثم أمرهم أن يعودوا إل البالد ي‬

‫و يستقصوا أخبار إخوتهم و أال يقطعوا الرجاء من رحمة هللا ‪..‬‬

‫أال ييأسوا منذ البداية ‪ ..‬فال يقطع الرجاء من رحمة ربك إال الجاحدون ‪..‬‬

‫الجاحدون لقدرته ‪ ..‬الكافرون برب هم ‪..‬‬

‫أمرهم أن يذهبوا لعل هللا يحدث بعد ذلك أمرا ‪..‬‬

‫أال يدعو اليأس يترسب إليهم ‪ ..‬أن يكونوا لألمل أوفياء ‪..‬‬

‫األمل يف أن رحمة هللا واسعة ‪ ..‬الرجاء من رحمة هللا ال يقطع أبدا ‪..‬‬

‫ذهب اإلخوة مجددا إل المدينة ‪..‬‬

‫و دخلوا القرص يستقصون أخبار أخيهم ‪..‬‬

‫‪51‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫شء يحدث ‪..‬‬


‫كبيهم بما حدث و كل ي‬
‫و قد أخ ريهم ر‬

‫شء خ يق ‪..‬‬
‫و أن األمر فيه عجب ‪ ..‬و أن األمر فيه ي‬

‫فدخلوا عل العزيز الغريب يتساءلون ‪..‬‬

‫بعيهم لعلهم يحصلون عل كيل ‪..‬‬


‫دخلوا ببعض ما تحمله ر‬

‫أعىط لهم بالثمن الجيد ‪..‬‬


‫ي‬ ‫جاءوه بثمن رديء قليل ‪ ..‬يطلبون ما‬

‫يمنون النفس لعل العزيز يتصدق عليهم ببعض الرزق ‪..‬‬

‫لكنها كانت المفاجأة ‪..‬‬

‫هل تتذكرون ما فعلتم بأخيكم قبل زمن بعيد ؟‬


‫هل تتذكرون كل تلك اللكمات ‪..‬ذلك ئ‬
‫البي ‪ ..‬تلك الدراهم ‪..‬‬

‫هل تتذكرون ما حدث عن زمن ‪..‬‬

‫قالها و هم منبهرون مندهشون ‪..‬‬

‫شء ‪ ..‬أنا أخوكم الذي ودعتموه القافلة ‪..‬‬


‫حينها اعيف لهم بكل ي‬
‫الذي بعتموه بثمن بخس دراهم معدودة‪..‬‬

‫بجانت ‪..‬‬
‫ري‬ ‫ح األصغر‬
‫أنا أخوكم و هذا أ ي‬
‫كرش الحكم بفضل ربه ‪..‬‬
‫ي‬ ‫أنا أخوكم ‪ ..‬الذي يجلس عل‬
‫أنا أخوكم الغريب يف بالد اآلخرين ‪..‬‬

‫الغريب يف موطن بعيد عن أبيه ‪..‬‬

‫أنا أخوكم الذي فرقتموه عن أبيه بغدر و طعنة يف الظهر ‪..‬‬

‫ح ‪..‬‬
‫أنا أخوكم ‪ ..‬و هذا أ ي‬
‫أخوكم الذي تركتموه وحيدا ف ئ‬
‫البي ‪ ..‬و حيدا مع الغرباء ‪..‬‬ ‫ي‬

‫‪52‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫وحيدا كالبضاعة يف األسواق ‪..‬‬

‫وحيدا يف بيت اآلخرين ‪..‬‬

‫غريبا بكل غربته ‪ ..‬وحيدا بكل وحدته ‪..‬‬

‫أنا أخوكم فهل تذكرتم ‪..‬‬

‫إخون ‪ ..‬هل تذكرتم ‪..‬‬


‫ي‬ ‫هل تذكرتم يا‬
‫بتفريق عنه ‪..‬‬
‫ي‬ ‫أنا أخوكم الذي آلمتم أباكم بفراقه ‪ ..‬طعنتم أباكم‬
‫أنا أمامكم اآلن ‪..‬‬

‫صدمة ‪ ..‬صاعقة ‪ ..‬دهشة ‪..‬‬

‫الحية مما يحدث ‪..‬‬


‫كان باديا عل وجوههم التيه ‪ ..‬و ر‬
‫كأن الزمن قد توقف بهم ‪..‬‬

‫ال يعلمون ما يفعلون ‪ ..‬أيفرحون بلقاء أخيهم ‪..‬‬

‫أم يحزنون لظهور الحقيقة ‪ ..‬و ظهور كذبتهم أمام الجميع ‪..‬‬

‫ال يعلمون ما يفعلون حقا ‪.‬‬

‫كان لقاءا مفعما باألحاسيس ‪ ..‬لقاء مليئا بالدموع و األلم ‪..‬‬

‫كان لقاء مؤلما إل حد الفرح ‪..‬‬

‫مفرحا حد الوجع ‪..‬‬

‫حية ‪..‬‬
‫كان لقاء اإلخوة ‪ ..‬لقاء شوق و ر‬
‫لقاء غريب بكل تفاصيله ‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫‪¤¤¤‬‬
‫‪5‬‬ ‫ن‬
‫المحسني ‪¤¤‬‬ ‫‪ ¤¤‬إنه من يتق و يصي فإن هللا ال يضيع أجر‬
‫إن الحياة أيها الغريب محن و بالء ‪..‬‬

‫حزن و وجع ‪..‬‬

‫لكن من صي و آمن بربه إيمانا شديدا ‪..‬‬

‫فال خوف عليه ‪..‬‬

‫بف عىل الرصاط وفيا ‪..‬‬


‫من أحسن و ي‬
‫ال يضيعه هللا أبدا ‪..‬‬

‫من ثبت عىل حبه و استقر نبضه عىل اإليمان ‪..‬‬

‫فإن هللا يجزيه جزاءا حسنا ‪.‬‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫‪5‬‬
‫اآلية ‪ – 90‬سورة يوسف – القرآن الكريم‬

‫‪54‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫طالبي من أخيهم المغفرة ‪..‬‬


‫ر‬ ‫باكيي‬
‫ر‬ ‫حينها خر اإلخوة‬
‫أنت فضلك هللا علينا و أعزك بالعلم و الحلم ‪..‬‬

‫مخطئي ‪..‬‬
‫ر‬ ‫و نحن كنا‬
‫أخطئنا يف حقك أنت و أخيك ‪..‬‬

‫غدرنا بأبينا ‪ ..‬و كان خطأ عظيما ‪..‬‬

‫لكنك حليم ‪ ..‬فاعف و اصفح ‪ ..‬و سامحنا ‪..‬‬

‫الصالحي ‪..‬‬
‫ر‬ ‫سامحنا لعلنا نثب و نكون من‬
‫تفكي ‪..‬‬
‫يف لحظة ‪ ..‬دون أي ر‬
‫سامحهم و صفح عنه ‪ ..‬و عانقهم ‪..‬‬

‫يف لحظة ‪ ..‬بقلب صاف حضنهم و الدموع تسيل منهم كالنهر ‪..‬‬

‫يف لحظة ‪..‬‬

‫لم يكن يف قلبه أي ذرة حقد تجاههم ‪..‬‬

‫كان الحب يمأل كل جوانب فؤاده ‪..‬‬

‫كان كالحب عل هيئة إنسان ‪ ..‬كان رحمة ‪..‬‬

‫يف لحظة ‪..‬‬

‫الت تجرعها قلبه كأنها لم تكن ‪..‬‬


‫ذهبت كل اآلالم ي‬
‫شء ‪ ..‬و صفح عنهم ‪..‬‬
‫نىس كل ي‬
‫ي‬

‫حقا أيها الغريب ؟‬


‫أي قلب يملكه الفت ‪ ..‬حت يغفر يف لحظة دن أي حقد ‪..‬‬

‫حقا ؟‬

‫‪55‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫هل نملك شيئا من قلبه ‪ ..‬شيئا من حبه ‪..‬‬

‫نحن أيها الغريب نحتاج بشدة لمثل هذا القلب ‪..‬‬

‫نحت من جديد ‪..‬‬


‫لىسء من هذا القلب لعلنا ر‬
‫ي‬
‫نحن بحاجة للحب الصادق ‪ ..‬للقلوب الطيبة ‪..‬‬

‫بخي ما دامت قلوبنا وفية للحب ‪..‬‬


‫نحن ر‬

‫شء ‪.‬‬
‫فأخيوه بكل ي‬
‫ر‬ ‫سألهم عن أبيه و فؤاده يحيق شوقا ‪..‬‬

‫أخ ريوه أن عينيه ابيضتا من الحزن ‪..‬‬

‫تألم و حزن لما حصل ‪ ..‬فأهداهم قميصا له ‪..‬‬

‫أن يعد إليه برصه ‪..‬‬


‫اذهبوا و اطرحوه عل وجه ر ي‬

‫ثم عودوا جميعا ‪ ..‬أحرصوا جميع أهلكم ‪..‬‬

‫بجانت ‪..‬‬
‫ري‬ ‫إل ‪ ..‬سأجهز لكم مكانا تستقرون فيه‬
‫أحرصوا الجميع ي‬

‫خرجت القافلة متجهة نحو القرية ‪ ..‬و سبق أحد اإلخوة يحمل القميص ‪..‬‬

‫و هناك يف القرية البعيدة ‪..‬‬

‫الكبي يخرج من بيته ينظر الطريق ‪ ..‬و قلبه ينبض برسعة ‪..‬‬
‫ر‬ ‫الشيخ‬

‫يسأله أهله ‪ ..‬إل أين و ما حدث ‪..‬‬

‫ابت ‪ ..‬أشمها يف الطريق ‪..‬‬


‫إن أشم رائحة ي‬
‫ي‬

‫بابت حيا يرزق ‪..‬‬


‫إن أحس ي‬
‫ي‬

‫‪56‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫قال األهل إنك ال تزال يف خطئك ‪ ..‬من حب ابنه الغابر ‪..‬‬

‫لكنه رأن أن يسمع ‪ ..‬و كأن فؤاده يريد أن يخرج ليعلن عما فيه ‪..‬‬

‫أشمها و القلب العاشق ال يكذب أبدا ‪..‬‬

‫هل حقا نستطيع الوصول إل تلك الدرجة من الحب أيها الغريب ؟‬

‫هل نستطيع نحن أن نعشق بنفس الطريقة ؟‬

‫الكبي ؟‬
‫ر‬ ‫هل نصبح كالشيخ‬

‫أوفياء للحب مدى الحياة ‪ ..‬أوفياء حت النهاية ‪.‬‬

‫و بعد مدة ‪ ..‬أتته البرسى و وصلت الرائحة قربه ‪..‬‬

‫ح يرزق ‪..‬‬
‫فأخ ريه المسافر أن ابنك ي‬

‫ش الحكم ‪..‬‬
‫ح مكرم يف بالد الملك ‪ ..‬عزيز عل كر ي‬
‫ابنك ي‬

‫و ألق القميص عل وجهه فعاد مبرصا ‪ ..‬عاد قلبه حيا ‪..‬‬

‫و عادت عينيه تبرصان الحياة ‪..‬‬

‫و قال للحارصين ‪ ..‬ألم أخ ريكم ‪ ..‬ألم أحدثكم ‪..‬‬

‫أن هللا رحيم كريم ‪ ..‬و أنا أعلم من فضله ما ال تعلمون ‪..‬‬

‫الكبي فرحا و حلق يف سماء شوقه و الحب ‪..‬‬


‫ر‬ ‫رفرف قلب الشيخ‬

‫صار ينتظر وصولهم إل المدينة فيلق فلذة كبده التائهة ‪..‬‬

‫‪57‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫ينتظر و كأن الزمن قد توقف به ‪ ..‬ينتظر يف شوق ‪ ..‬و الرسور يمأل عينيه ‪..‬‬

‫لم يعد قادرا عل الوقوف ساكنا من فرط الشوق بباطنه ‪..‬‬

‫اآلن البعيد ‪..‬‬


‫ينظر الطريق البعيد ‪ ..‬ينظر القافلة و ي‬

‫وصلت قافلة أبناءه ‪ ..‬و قبل األبناء رأس أبيه يطلبون من المغفرة ‪..‬‬

‫اعيف الجميع بخطئه و وقفوا ينتظرون منه المغفرة ‪..‬‬

‫وكان جوابه واضحا ‪..‬‬

‫رن ‪..‬‬
‫سأستغفر لكم ر ي‬

‫ألنه يعلم أن مغفرة هللا أعظم من مغفرة البرس ‪ ..‬أن يغفر لك بك أعظم ‪..‬‬

‫و هللا غفور حليم ‪..‬‬

‫قلب األب أيها الغريب رحيم بفلذات كبده مهما صار ‪..‬‬

‫مهما كان القسوة بادية يف محياه ‪ ..‬يبق أرأف الناس بنا ‪..‬‬

‫يبق أبوك ر‬
‫أكي الناس اهتماما بك ‪..‬‬

‫ر‬
‫أكي الناس حبا لك ‪..‬‬

‫ر‬
‫أكي الناس قربا لك ‪..‬‬

‫كثيا ‪..‬‬
‫األب أيها الغريب كالظل ‪ ..‬ال نراه ر‬

‫لكنه معنا أبدا ‪ ..‬بجانبنا منذ البداية حت النهاية ‪..‬‬

‫األب أيها الغريب رحمة ‪..‬‬

‫‪58‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫شء ‪..‬‬
‫البعي و الجمال حاملة كل ي‬
‫تجهز القوم و جمعوا أمتعتهم و وقفت ر‬

‫مستعدة للرحيل ‪ ..‬مستعدة لبدء رحلة جديدة ‪..‬‬

‫رحلة نحو النور ‪ ..‬رحلة األمل و الحياة الجديدة ‪..‬‬

‫تجهز الجميع و عانقت قلوب هم البالد آلخر مرة ‪..‬‬

‫شمت أفئدتهم رائحة البيت و هم راحلون إل بداية جديدة ‪..‬‬

‫ثم انطلقوا ‪..‬‬

‫الكبي و عانق الطريق و هو متشوق للقاء ابنه ‪..‬‬


‫ر‬ ‫انطلق الشيخ‬

‫انطلق و قلبه هناك ‪ ..‬يف مدينة االبن البار بأبيه ‪..‬‬

‫الكبي و قد أزهر قلبه من جديد ‪..‬‬


‫ر‬ ‫انطلق الشيخ‬

‫كأنه ولد من جديد ‪ ..‬يعيش رحلة الحب من جديد ‪..‬‬

‫هناك يف المدينة ‪ ..‬أمام أبوابها العريقة ‪ ..‬كان ينتظر ‪..‬‬

‫كان ابن أبيه ‪ ..‬الفت الجميل ‪ ..‬طفل الجب الذي عاد عزيزا ‪..‬‬

‫كان ينتظر أباه و العشق مازال مستقرا يف فؤاده ‪..‬‬

‫ينظر الطريق و ينتظر ‪..‬‬

‫كان انتظاره أليام أقىس من انتظاره ألعوام ‪..‬‬

‫كانت أعواما قاسية ‪ ..‬مختلطة األحاسيس ‪..‬‬

‫ربي الحزن و عاصفة أوجاع ‪ ..‬ربي الرسور و عدل عظيم ‪..‬‬

‫‪59‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫بق مستقرا عل الحب و العشق ‪..‬‬


‫تاه فؤاده ربي كل ذلك ‪ ..‬لكنه ي‬

‫و حل اللقاء بعد أمد طويل ‪..‬‬

‫حل اللقاء و القلوب تنبض بنبض واحد ‪ ..‬نبض الحب ‪..‬‬

‫جاء الشيخ ‪ ..‬وصل المدينة و رائحة ابنه ال تفارقه ‪..‬‬

‫انتظر طفل الجب الذي صار عزيزا و نبض أبيه يف فؤاده ‪..‬‬

‫و الجميع يلحظ و الدموع تنتظر عل أبواب العيون ‪..‬‬

‫الجميع يضع يده عل صدره ‪..‬‬

‫و القلوب تنبض بنفس النبض ‪ ..‬نبض الرحمة ‪..‬‬

‫رائحة الشوق و العشق تفوح يف األرجاء ‪..‬‬

‫و الفرح قد أهدى لكل قلب وردة تنبت بستانا يف أفئدة الجميع ‪..‬‬

‫العاشقي ‪ ..‬ينتظر وفيا يفتح الباب ‪..‬‬


‫ر‬ ‫و الحب يدق أبواب‬

‫يبك بحرقة ‪ ..‬بفرح ‪..‬‬


‫كبي ي‬
‫هناك كان شيخ ر‬

‫صغي يمأل المكان نورا ‪..‬‬


‫ر‬ ‫عي أبيه طفال ‪ ..‬طفل‬
‫هناك رجل مازال يف ر‬

‫كبي بلغ منه الشوق مبلغا عظيما ‪..‬‬


‫هناك شيخ ر‬

‫عي أبيه طفال ‪ ..‬طفل كأن عشق ‪..‬‬


‫هناك عزيز مازال يف ر‬

‫اقيبا من بعضهما ‪..‬‬

‫و بكت العيون ‪ ..‬و سالت عيون الناس دموعا كأنها نهر ‪..‬‬

‫و عانق الشيخ أبنه ‪..‬‬

‫‪60‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫صغيه ‪..‬‬
‫ر‬ ‫حضن الشيخ‬

‫عناق بعد أمد طويل ‪ ..‬عناق شوق و عشق عظيم ‪..‬‬

‫حضن عظيم ‪ ..‬انتظره الجميل من زمن بعيد ‪..‬‬

‫حضن كأنه وطن ‪ ..‬عناق كأنه أمان ‪..‬‬

‫عانقت القلوب بعضها ‪ ..‬و صارت األرواح قرب بعضها مطمئنة ‪..‬‬

‫استقر النبض ‪ ..‬و حل األمان فؤاد الشيخ و ابنه ‪..‬‬

‫كرش الحكم ‪..‬‬


‫ي‬ ‫و رفع العزيز أباه إل جانبه عل‬

‫و اآلخرون ينظرون و الدموع تسيل ‪..‬‬

‫فانحت اإلخوة األحد عرس احياما ألبيهم و أخيهم العزيز ‪..‬‬

‫انحت أحد عرسة أخا ‪ ..‬عشقا ألبيهم و حبا ألخيهم ‪..‬‬

‫انحت الجميع ‪ ..‬و نظر الشيخ البنه يتذكر ‪..‬‬

‫أن ‪ ..‬صارت رؤياي حقيقة ‪..‬‬


‫و قد ذكره ابنه ‪ ..‬هل رأيت يا ر ي‬

‫أحد عرس كوكبا و الشمس و القمر ‪..‬‬

‫كلهم ينحنون يل ‪..‬‬

‫أن ‪ ..‬إن وعد هللا حق ‪ ..‬و هللا غالب عل أمره ‪..‬‬


‫أرأيت يا ر ي‬

‫أن ‪ ..‬قد حل لقاؤنا بفضل هللا ‪ ..‬و عدنا قرب بعض ‪..‬‬
‫أرأيت يا ر ي‬

‫أن ‪..‬‬
‫قد صار الوعد حقيقة يا ر ي‬

‫شء مقتدرا ‪..‬‬


‫و كان هللا عل كل ي‬
‫‪61‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫هل لك أمنية ما ؟‬

‫نعم ‪ ..‬أمنية واحدة فقط ‪..‬‬

‫‪6‬‬ ‫ن‬
‫بالصالحي ‪¤¤‬‬ ‫ن‬
‫ألحقن‬ ‫ن‬
‫توفن مسلما و‬ ‫‪ ¤¤‬رب‬
‫ي‬ ‫ي‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫‪6‬‬
‫اآلية ‪ – 101‬سورة يوسف – القرآن الكريم‬

‫‪62‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫كانت قصة ابن و أبيه ‪..‬‬

‫كانت قصة عشق عظيم ‪ ..‬قصة وفاء و ثبات ‪..‬‬

‫قصة إيمان عظيم ‪..‬‬

‫كان طريقا طويال ‪ ..‬لكن الرجاء يف رحمة هللا ال يقطع ‪..‬‬

‫كبية ‪ ..‬رحمته أوسع و أعظم ‪..‬‬


‫رحمة هللا ر‬

‫صغي ‪..‬‬
‫ر‬ ‫كبي و طفل‬
‫كان طريق شيخ ر‬

‫طريق شق صدري هما و أنزف فؤادهما ‪..‬‬

‫كان طريقا طويال جدا ‪..‬‬

‫لكن لكل طريق نهاية ‪..‬‬

‫لكل قصة نهاية ‪ ..‬لكل قصة محطة وصول ‪..‬‬

‫لكل قطار يحملنا محطة نصل إليها ‪..‬‬

‫و كان الطريق قاسيا جدا ‪..‬‬

‫الكبي مرارة الفراق ‪..‬‬


‫ر‬ ‫تجرع فيه الشيخ‬

‫األقربي ‪ ..‬و رحلة فراق عن أبيه قاسية ‪..‬‬


‫ر‬ ‫الصغي غدر‬
‫ر‬ ‫و تجرع‬

‫كان رحلة طويلة لكنها قاسية ‪..‬‬

‫كان طريقا طويال ‪ ..‬لكن تعبه قد آن ثماره ‪..‬‬

‫كان الشيخ يتشوق للقاء ابنه ‪ ..‬و ابنه يعيش وسط زوبعة أحاسيس تعانق روحه ‪..‬‬

‫غريبي ‪ ..‬غريب يف وطنه ‪ ..‬و اآلخر غريب يف بالد الغرباء ‪..‬‬


‫ر‬ ‫كانا معا‬

‫‪63‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫غريبي ‪ ..‬و كانا أوفياء للحب ‪..‬‬


‫ر‬ ‫كانا‬

‫كانا يحمالن جباال من األلم و الشوق ‪..‬‬

‫لكنهما رغما عن ذلك وفيان للرحمة ‪ ..‬وفيان لنرس الحب ‪..‬‬

‫كان وفاؤهما لرب هما ‪ ..‬للرصاط المستقيم ‪..‬‬

‫كانا معا رغم البعد عل رصاط قويم ‪..‬‬

‫طريقي ظاهرا ‪ ..‬لكن يجمعهما رصاط مستقيم قويم ‪..‬‬


‫ر‬ ‫كانا عل‬

‫رصاط الحب و السالم ‪ ..‬رصاط األمان و الرحمة ‪..‬‬

‫قصية ‪..‬‬
‫كانا معا كقصة غريبة ‪ ..‬كقصة ر‬

‫شء ‪..‬‬
‫لكنها قصة تحمل كل ي‬

‫الكي عتيا ‪..‬‬


‫قصة طفل الجب ‪ ..‬و شيخ قد بلغ منه ر‬

‫كانا معا كالحب ‪ ..‬كالرحمة ‪..‬‬

‫كانا معا رحمة عل األرض ‪..‬‬

‫‪64‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫‪ ¤¤¤‬عن ذلك المسافر ‪¤¤¤‬‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫الن يعتيها الجميع تافهة ‪..‬‬


‫أحيانا تلك األشياء ي‬

‫ه مصدر سعادة بالنسبة لنا ‪.‬‬


‫ي‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫‪65‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫كانت رحلة قاسية بكل تفاصيلها ‪..‬‬

‫باف الرحالت ‪..‬‬


‫كانت رحلة مختلفة عن ي‬

‫أكون أنا المسافر ‪ ..‬المسافر دون بوصلة ‪..‬‬

‫أنا المسافر ‪ ..‬الراحل دون طريق ‪..‬‬

‫أنا ذلك المسافر ‪ ..‬الغريب يف الطرقات ‪..‬‬

‫أنا المسافر ‪ ..‬ابن السبيل الذي ال سبيل له ‪..‬‬

‫ه رحلة ‪ ...‬قاسية لكنها تستحق ‪.‬‬


‫ي‬

‫ه رحلة و سفر ‪ ..‬ألم و رسور ‪.‬‬


‫ي‬

‫ه ذلك الطريق الطويل ‪..‬‬


‫ي‬

‫طريق ال نرى نهايته ‪..‬‬

‫لكننا غالبا ال نحس بها ‪.‬‬

‫ه رحلة غريبة ‪ ..‬غريبة بكل تفاصيلها ‪..‬‬


‫ي‬

‫أنا ذلك المسافر ‪ ..‬الراحل دون طريق ‪..‬‬

‫الغريب دون وطن ‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫أنا المسافر الراحل ‪..‬‬

‫ال أبق و ال أستقر ‪ ..‬ال أتعود و ال أنتظر ‪.‬‬

‫أنا المسافر دون هوادة ‪..‬‬

‫أحب بشدة ‪ ..‬و أكره الهجران بشدة ‪..‬‬

‫أتيه يف دورة العشق برسعة ‪..‬‬

‫أرى قلبا طيبا ‪ ..‬و أنظر روحا نقية ‪..‬‬

‫أنتظر ‪ ,‬ثم أنتظر ‪..‬‬

‫تشبهت ‪..‬‬
‫ي‬ ‫الت‬
‫أنتظر تلك الروح ي‬

‫أجلس عل الرصيف ‪ ..‬رصيف الحياة الطويل ‪.‬‬

‫ال لست متسوال ‪..‬‬

‫أنا المسافر ‪ ..‬مسافر يكره التسول ‪..‬‬

‫أنا عل الرصيف أبحث عن الحب ‪..‬‬

‫ال أتسول حبا ‪ ..‬بل أبحث عن الحب و أنظره ‪.‬‬

‫و شتان ربي التسول و البحث ‪.‬‬

‫أدور عن الحب ربي التفاصيل ‪..‬‬

‫ربي أروقة القلوب ‪ ,,‬و جوانب الطريق ‪..‬‬

‫طريق الحياة الطويل ‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫أنا المسافر ‪ ..‬الراحل دون بوصلة ‪..‬‬

‫أنا المسافر ‪ ..‬الغريب دون وطن ‪..‬‬

‫أعيش ربي التفاصيل ‪..‬‬

‫أحيا و أنبض بالحب جدا ‪..‬‬

‫أنا ذلك القلب الذي ال يرى كرها ‪..‬‬

‫الت تذوب رحمة ‪..‬‬


‫أنا تلك الروح ي‬

‫أنا الذي يود أن يكون شمعة ‪ ..‬أنا الشمعة وسط كل الظلمات ‪..‬‬

‫ينتىه ‪..‬‬
‫ي‬ ‫أنا الذي يحوطه الظالم ‪ ..‬و ال يدري كم ي‬
‫بق من نوره حت‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫‪68‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫أنا المسافر ‪ ..‬المظلم بكل نوره ‪..‬‬

‫أنا المسافر ‪ ..‬الظل الطويل وسط حالة مشمسة للغاية ‪..‬‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫أنا أنا ‪..‬‬

‫أنا الذي يبحث عن نفسه ‪..‬‬

‫أنا الذي يعيد الكرة مرات ‪..‬‬

‫من أنا حقا ؟؟‬

‫نفىس ‪..‬‬
‫ي‬ ‫ما الذي أعرفه عن‬

‫هل أنا أنا ؟؟‬

‫أنت مجرد حصيلة تجارب اآلخرين ‪..‬‬


‫أم ي‬

‫هل حقا أنا أنا الذي أريده ‪..‬‬

‫أنت أنا الذي صنعته الحياة ‪ ..‬و اآلخرون ‪.‬‬


‫أم ي‬

‫أتساءل و أجلس متأمال ‪..‬‬

‫من أنا حقا ؟؟‬

‫ألن أحب ‪..‬‬


‫هل أحب ي‬

‫ألنت أعيد التجربة مجددا ‪..‬‬


‫أنت أحب ي‬
‫أم ي‬

‫هل أحب ألجرب أم أحب ألحب حقا ‪..‬‬

‫‪69‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫هل أحب صدقا ؟؟‬

‫أم أحب ألدري ‪ ..‬ألعرف عن الحب شيئا ‪..‬‬

‫و أشياء ‪..‬‬

‫هل الحب تجربة ‪..‬‬

‫شء نولد به ‪..‬‬


‫أم أنه فطرة ‪ ..‬ي‬

‫شء تمنحنا الحياة إياه ‪..‬‬


‫أم ي‬

‫‪¤¤¤¤‬‬

‫‪70‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫الشخص ‪¤¤‬‬
‫ي‬ ‫‪ ¤¤‬عن مدار كوكبنا‬

‫‪¤¤¤‬‬
‫الرجال قوامون عىل النساء برجولتهم ال بذكورتهم ‪..‬‬
‫قوامون بأخالقهم و ليس بقسوتهم ‪..‬‬
‫قوامون بحبهم و حنانهم ال بتسلطهم ‪..‬‬
‫أولئك الرجال و ما بعد ذلك ذكور وفقط ‪.‬‬
‫‪¤¤¤‬‬

‫‪71‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫الوف بعد كل تلك الخيبات ‪..‬‬


‫هو السند ي‬
‫الحام أمام عديد النكبات ‪..‬‬
‫ي‬ ‫هو الجدار‬
‫هو الحب الرسمدي بعد تلك الخيانات ‪..‬‬
‫تني الطريق أمامك ‪..‬‬
‫الت ر‬
‫هو تلك الشمس ي‬
‫هو الشمعة وسط ظالم حياتك ‪..‬‬
‫و ربي األلف و الباء تاهت الكلمات و األحرف ‪..‬‬
‫و يبق اآلباء أحياء يف قلوبنا مهما حدث‪..‬‬

‫ئ‬
‫يض لنا الطريق دوما ‪..‬‬ ‫هو شعاع الشمس الذي‬
‫الشخض ‪..‬‬
‫ي‬ ‫و يف ليل يأسنا يعكس نوره عل قمر مدارنا‬
‫المخق وراءنا ‪ ..‬لكنه معنا دائما ‪.‬‬
‫ي‬ ‫هو ذلك الظل‬
‫هو ذلك المحيط العميق الذي يحتوي آالمنا جميعا و أفراحنا ايضا ‪..‬‬
‫هو خليط منا جميعا ‪ ..‬هو قلب لنا و روح ألرواحنا ‪..‬‬
‫عن ذلك األب القوي ظاهرا ‪ .‬الرقيق باطنا ‪..‬‬
‫الصامد علنا ‪ ..‬المهيئ رسا ‪..‬‬
‫عن ذلك القلب النابض حبا ‪ ..‬النارس صمودا ‪..‬‬
‫عن ذلك السند الذي ليس له مثيل ‪..‬‬
‫عن ذلك الذي ال يعوض ظله أي ظل آخر ‪ ..‬عنه وحده ‪..‬‬
‫الوف لنا يف أسوء لحظاتنا ‪..‬‬
‫ذلك ي‬
‫الساف لبستان أزهارنا علنا نزهر من جديد ‪ ..‬و دوما ‪.‬‬
‫ي‬
‫أن ‪ ..‬عن كل اآلباء ‪..‬‬
‫عن ر ي‬

‫‪72‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫يحك يف بعض الحكايات أن اآلباء ال يموتون ‪ ..‬يبقون معنا إل النهاية ‪.‬‬


‫يبقون مع نبضنا إل األبد ‪ ..‬دوما بجانبنا ‪.‬‬
‫يحك أنهم ال يموتون و إن رحلت أجسادهم تبق أرواحهم معنا ‪..‬‬
‫يف باطننا ‪ ..‬و كيف ال و نحن أزهار من ذلك البستان ‪.‬‬
‫يحك الكل عن اآلباء صمودا ‪..‬‬
‫ي‬ ‫يحك الجميع عن أبيه فخرا ‪...‬‬
‫ي‬
‫يحكون جميعا عن صمودهم و قوتهم ‪..‬‬

‫كثيا ‪ ..‬كأنه الرجل الوحيد عل األرض ‪.‬‬


‫الت تعلقت بأبيها ر‬
‫عن تلك الفتاة ي‬
‫ه تراه كذلك ‪..‬‬
‫و ي‬
‫أبوها أوف رجل عرفته و ستعرفه مدى حياتها ‪..‬‬
‫أبوها أجمل رجل رأته عيناها ‪ ..‬و لن يضاهيه أحد جماال ‪..‬‬
‫أبوها أطيب الخلق ‪ ..‬و ال يطيب لها أحد بعده ‪.‬‬
‫صغيته جداا ‪..‬‬
‫ر‬ ‫عن ذلك األب الذي دلل‬
‫الصغية ‪..‬‬
‫ر‬ ‫الت رسخ ذكريات قويمة يف قلب وردته‬
‫عن ذلك الرجل ي‬
‫سني ‪..‬‬
‫كيت ر‬
‫صغية و لو ر‬
‫ر‬ ‫اعتي ابنته‬
‫عن الذي طالما ر‬
‫عن الذي يصعب عليه التخ يل عنها بسهولة ‪..‬‬
‫حي والدتها أنه لن يزوجها أبدا ‪..‬‬
‫عن الرجل الذي قال للجميع ر‬
‫ستبق معه إل النهاية ‪..‬‬

‫سيحل و ييكها ‪..‬‬


‫هل علم حقا أنه ر‬
‫شء أبدا ‪.. .‬‬
‫يصع ألي ي‬
‫ي‬ ‫كان يعلم ‪ ..‬لكن القلب ال‬
‫الشخض ‪..‬‬
‫ي‬ ‫عن الذي سيبق يف نظرها الرجل الوحيد يف مدارها‬
‫سيحل يوما ‪ ..‬أو ربما رحل ‪..‬‬
‫عن الذي ر‬
‫لكن صداه معنا إل األبد ‪.‬‬
‫‪73‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫عن ذلك الرجل الذي يراه ابنه مثاله و قدوته الوحيدة ‪..‬‬
‫عن الذي يريد ابنه أن يصبح مثله يوما ما ‪..‬‬
‫يرن و يكون سندا يف نفس الوقت ‪..‬‬
‫عن األب الذي ر ي‬
‫الذي يفتخر به االبن أمام أصدقائه ‪...‬‬
‫ليس لمال يمتلكه أو غت ‪ ..‬و ليس لجمال حلقته أيضا ‪.‬ز‬
‫بل ألنه أب فقط ‪ ..‬ألنه رجل عظيم ‪.‬‬
‫الصغي و هو يرى أباه ‪..‬‬
‫ر‬ ‫عن ذلك الفخر الذي يعيي صدر‬
‫عن ذلك الشموخ الذي يصاحب االبن و هو بجانب أبيه ‪..‬‬
‫عن ذلك األمان الذي يحس به االبن و أبوه وراءه يراه ‪..‬‬

‫‪74‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫ٌ‬
‫تافه للغاية‪.‬‬ ‫فلما ابتعدت و فرقتنا المسافات ‪ ،‬علمت أن شعور الفراق لغيها‬

‫يبدو أنها شخص مهم جدا ‪ .‬من ي‬


‫ه؟‬
‫ّ‬
‫أم ‪.‬‬
‫قلن ‪ .‬ي‬
‫جنن و نبض ي‬
‫ي‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫ً‬
‫بعضا من ن‬ ‫عانقت ّأم أحس بنفس و ن‬ ‫ُ‬
‫وزت ‪..‬‬
‫ي‬ ‫أخرس‬ ‫كأت‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫كلما‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫صديف ‪.‬‬
‫ي‬ ‫يا‬ ‫أوجاعك‬ ‫ثقل‬ ‫و‬ ‫حزنك‬ ‫ان‬
‫أوز‬ ‫رس‬‫تخ‬ ‫أنت‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫‪75‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫موطت‬
‫ي‬ ‫وطت و‬
‫ي‬ ‫ه‬
‫ي‬
‫قلت‬
‫و مستوطنة ر ي‬
‫سكينت‬
‫ي‬ ‫سكون و‬
‫ي‬ ‫ه‬
‫ي‬
‫و ساكنة فؤادي‬
‫قلت‬
‫جنت و نبض ر ي‬
‫ي‬ ‫ه‬
‫ي‬
‫أم ‪..‬‬
‫ه ي‬‫ي‬

‫الت تمنح مدار حياتنا أمانا ‪..‬‬


‫ه الجاذبية ي‬
‫ي‬
‫يني قلوب أبناءها ‪. .‬‬
‫ه النور الذي ر‬
‫ي‬
‫الت أحببناها و نحبها ‪..‬‬
‫ه كل التفاصيل ي‬
‫ي‬
‫فيها الحب و الرحمة ‪ ..‬فيها رائحة العشق و الثبات ‪..‬‬
‫فيها القوة و الحنان ‪ ..‬الصمود و الرقة ‪..‬‬
‫شء ‪ ..‬و كل األشياء فيها ‪..‬‬
‫فيها كل ي‬
‫أم ‪ ..‬عن كل األمهات ‪..‬‬
‫عن ي‬

‫الت تحيط بيتنا و ال تيك لليأس مدخال ‪..‬‬


‫هالة العشق ي‬

‫عن غيث األمل الذي يسقينا كل يوم ‪..‬‬

‫عن جمال الحب يف قلبها ييكنا نتساءل أنحن أوفياء للحب حقا ‪..‬‬

‫عن سيل األحاسيس بباطنها ‪ ..‬تسقينا منها كل يوم ‪..‬‬

‫و ال ننىس أبدا ‪..‬‬

‫أم ‪.‬‬
‫أم ‪ ..‬و حضن ي‬
‫ال ننىس قبلة ي‬

‫‪76‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫ال ننىس أبدا ‪..‬‬

‫أم البديعة ‪..‬‬


‫أم و ضحكة ي‬
‫ابتسامة ي‬

‫ال ننىس و لن ننىس أبدا ‪..‬‬

‫الت نرسب ها من يدها ‪..‬‬


‫صوتها الرقيق يداعب مسمعنا صباحا ‪ ..‬رائحة القهوة ي‬

‫عن ذلك المطبخ البسيط ‪..‬‬

‫الذي لن نأكل كتلك الطبخات مهما تجولنا العالم بأرسه ‪.‬‬

‫أكي المطاعم ‪..‬‬


‫مهما تذوقنا أفخر األطباق يف ر‬

‫أم ‪.‬‬
‫شء أمام طبخ ي‬
‫إال أن كل ذلك ال ي‬

‫نحن ال ننىس أبدا ‪..‬‬

‫أم و إن كانت ال تستعمل عطرا أبدا ‪..‬‬


‫رائحة ي‬

‫والدن ‪ ..‬عن تلك الرائحة ‪..‬‬


‫ي‬ ‫ألم رائحة منذ‬
‫إال أن ي‬

‫ال ننىس ‪...‬‬

‫أم الذي يحمل ربي طياته كل الحنان ‪..‬‬


‫غضب ي‬

‫أم الذي يشق صدورنا ألما ‪..‬‬


‫عن حزن ي‬

‫الت يدمع لها الفؤاد دون سابق إنذار ‪..‬‬


‫أم ‪ ..‬ي‬
‫عن دمعة ي‬

‫عن تلك الدمعة الغالية جدااا ‪..‬‬

‫أم ‪..‬‬
‫نحن ال ننساها يا ي‬
‫‪77‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫حي رؤيتها ‪..‬‬


‫عن ذلك األلم الذي يعترص أفئدتنا ر‬

‫توجعي يف صمت ‪..‬‬


‫ر‬ ‫الت يراودنا آنذاك و أنت ت‬
‫عن ذلك اإلحساس ي‬

‫أم ‪..‬‬
‫سامحينا يا ي‬

‫الجميلتي ‪..‬‬
‫ر‬ ‫الت نزلت من عينيك‬
‫سامحينا عل تلك الدمعة ي‬

‫الت ارتسم وجهك البديع ‪..‬‬


‫عن ذلك الحزن ي‬

‫كثيا ‪..‬‬
‫أم ‪ ..‬سامحينا ر‬
‫سامحينا يا ي‬

‫نيكك أحيانا و ال ندري أي األهوال يمر بها قلبك و نحن بعيدون عنك ‪...‬‬

‫الت تعترص روحك و نحن لسنا بجانبك ‪..‬‬


‫نرحل و ال نأبه و ال نعلم شيئا عن الكوارث ي‬

‫أم ‪ ..‬سامحينا ‪..‬‬


‫حقا يا ي‬

‫الت أطلقها لساننا و كانت كالسهم يف صدرك ‪..‬‬


‫عل تلك الكلمة ي‬

‫أم ‪..‬‬
‫عن الخطأ الذي نخطئه دون ندري ألما ألم بك با ي‬

‫أم ‪..‬‬
‫تبتسمي لنا يا ي‬
‫ر‬ ‫أنت دوما‬

‫لك نسعد ‪..‬‬


‫ال تظهرين لنا شيئا من أحزانك ي‬

‫شء يف سبيل سعادتنا ‪..‬‬


‫كل ي‬

‫أم ‪ ..‬مت تسعدين و مت تي ر‬


‫كي ذلك الحزن ؟‬ ‫ماذا عنك يا ي‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫‪78‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫الكبي الذي تسند عليه الفتاة أرسارها ‪..‬‬


‫عن ذلك الجدار ر‬

‫الت تعيد للفتاة ابتسامتها دون أي مقابل ‪..‬‬


‫عن تلك الروح ي‬

‫تلق الحب لتعطيه لها ‪..‬‬


‫الت ال تنتظر ي‬
‫تلك الروح ي‬

‫المقربي إليه ‪..‬‬


‫ر‬ ‫عن ذلك البحر الذي يحمل أمواج آالمه و آالم‬

‫عن األخ الذي يقف وراء كل أخواته سندا و محبة ‪..‬‬

‫الت ترسخ حب أخته يف قلبه ‪..‬‬


‫عن ذلك األخ ي‬

‫الت قد يتلقاها ‪..‬‬


‫يحم أخته رغما عن السهام ي‬
‫ي‬ ‫الذي‬

‫عن الذي خلقه هللا رحمة منه ‪..‬‬

‫عن الذي يشد به هللا أزر اإلنسان ‪ ..‬عن األخ ‪.‬‬

‫عن ذلك القوي بكل ضعفه ‪ ..‬الشامخ بكل رقة ‪...‬‬

‫الكبي ‪ ..‬وراءه نهر من الدموع ‪..‬‬


‫ر‬ ‫عن ذلك الجبل‬

‫عن الذي نرى أنفسنا يف عينيه ‪ ..‬نرى حياتنا و تفاصيلنا ‪..‬‬

‫حي ئ‬
‫يتك جدار روحنا ‪..‬‬ ‫عن الذي يسندنا ر‬
‫عن الذي يحملنا عل ظهره رغم ر‬
‫العيات ‪ ..‬علنا نصل بأمان ‪..‬‬

‫بخي ‪ ..‬و نحن ال ندري ‪..‬‬


‫الذي يخ رينا أن الحياة ستصبح ر‬

‫الت وضعتها الحياة عل صدره ‪..‬‬


‫ال ندري حجم الصخرة ي‬

‫الت يحملها صدره ‪..‬‬


‫ال ندري حجم اآلالم ي‬
‫‪79‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫الت تخل عنها يف سبيل سعادتنا ‪..‬‬


‫ال ندري عن األحالم ي‬

‫ال ندري ‪..‬‬

‫أن يف عينيه ‪..‬‬


‫الت نرى ر ي‬
‫عن ذلك ي‬

‫الذي يحيينا بعد رحيل أبينا ‪ ..‬و ال نحس بالشوق إال قليال ‪..‬‬

‫أن يوما بعد يوم ‪..‬‬


‫عن الذي يشبه ر ي‬

‫عن الذي يهدينا جزءا من فؤاده كل لحظة ‪..‬‬

‫يهدينا شيئا من روحه كل يوم ‪ ..‬و ال ندري ‪..‬‬

‫نحن ال ندري ‪..‬‬

‫عن الذي أضاء دربنا و الظالم يحيطه من كل جانب ‪..‬‬

‫الذي نأنس له يف وحشتنا ‪..‬‬

‫نكون بأمان بجانبه ‪ ..‬نحس بالسكون قربه ‪..‬‬

‫عنك أيها األخ الجميل ‪..‬‬

‫عنك أيها الغريب ‪.‬‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫‪80‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫الت تعطر الميل ‪..‬‬


‫فىه الوردة ي‬
‫أما عنها ي‬

‫يعت السواد مجددا ‪.‬‬


‫الت تزين الميل جماال ‪ ..‬و رحيلها ي‬
‫ه تلك الزهرة ي‬
‫ي‬

‫ذلك القلب الرقيق ‪ ..‬الذي يعيد لك الحياة كلما فقد قلبك بوصلته ‪..‬‬

‫ينتىه أبدا ‪.‬‬


‫ي‬ ‫الت تحبها فطرة ‪ ..‬حبا لن‬
‫ه تلك الروح الصافية ي‬
‫ي‬

‫الشخض ‪..‬‬
‫ي‬ ‫ه األخت ‪ ...‬الكوكب الرقيق يف مدارنا‬
‫ي‬

‫كوكب خاص جداا ‪ ..‬مزهر و بديع ‪..‬‬

‫يحت العائلة ‪..‬‬


‫الت ر ي‬ ‫ه كوكب ال يعوض ‪ ..‬ي‬
‫ه ذلك الرسيان ي‬ ‫ي‬

‫الذي ينسيهم آالم الحياة و أوجاعها ‪..‬‬

‫عن تلك الفتاة و المرأة و السيدة الجميلة ‪..‬‬

‫تتغي مكانتها أبدا يف نظر أرستها ‪..‬‬


‫كي سنها ال ر‬
‫رغم ر‬

‫من يدري ‪..‬‬

‫حي رحيلها ‪..‬‬


‫ربما ال يظهرون اشتياقهم و شوقهم إليها ر‬

‫لكن الشوق يغمر قلوب هم ‪ ..‬حت أن رحيلها ترك الميل دون رائحة ‪..‬‬

‫دون نبض ‪ ..‬دون ورود ‪..‬‬

‫الت تعيد النبض ألبيها بعناق واحد فقط ‪..‬‬


‫عن ي‬

‫جبي أمها تحييها مجددا ‪..‬‬


‫قبلة يف ر‬

‫حضن ألخيها ينسيه مرارة ما يمر به ‪..‬‬

‫الشخض ‪.‬‬
‫ي‬ ‫تحت مدارنا‬
‫الت ر ي‬
‫عن تلك الحياة ي‬
‫‪81‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫عن تلك الرقيقة ‪ ..‬عن ذلك القلب ‪..‬‬

‫عن األخت ‪ ..‬عن زهرة عل هيئة إنسان ‪..‬‬

‫زهرة تعيد لبيتنا عطر الحب ‪ ..‬زهرة بديعة ‪..‬‬

‫نحت من جديد ‪..‬‬


‫عن زهرة نراها فتبتسم وجوهنا ‪ ..‬و ر‬

‫أخت ‪..‬‬
‫عن ي‬

‫عن توأم أرواحنا ‪ ..‬سكون نبضنا ‪..‬‬

‫حيان ‪..‬‬
‫ي‬ ‫حيان ‪ ..‬نصف‬
‫ي‬ ‫توأم‬

‫أم ‪..‬‬
‫الت تكون جزءا من ي‬
‫أخت ي‬
‫عن ي‬

‫أم ‪..‬‬
‫حي رحيل ي‬
‫تصي أما يل ر‬
‫الت ر‬
‫أخت ي‬
‫عن ي‬

‫يني طريقنا ‪..‬‬


‫الييء يف بيتنا ‪ ..‬المالك الجميل الذي ر‬
‫المالك ر‬

‫أخت ‪..‬‬
‫عن ي‬

‫الت تعيش يف جسد آخر ‪..‬‬


‫عن أنا ي‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫‪82‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫‪83‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫‪ ¤¤¤‬الغريب ‪¤¤¤‬‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫ثم ماذا حدث ؟‬

‫ثم تقاطعت طرقنا مجددا ‪..‬‬

‫صديف ‪.‬‬
‫ي‬ ‫لكننا قد أصبحنا غرباء يا‬

‫‪¤¤‬‬

‫‪84‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫أيها الغريب ‪..‬‬

‫أخيتك بأغلب أرساري‪..‬‬


‫قلت و ر‬
‫لقد فتحت لك ر ي‬

‫ربما جمعنا قطار و سفر فقط ‪..‬‬

‫مقاه المدينة ‪..‬‬


‫ي‬ ‫ربما قهوة يف إحدى‬

‫ربما جلسة انتظار يف صالون إحدى األطباء‪..‬‬

‫بباطت ‪..‬‬
‫ي‬ ‫شء‬
‫لكنت أظهرت لك كل ي‬
‫ي‬

‫يك أن األمر ممتع ‪..‬‬


‫أخي رس ي‬
‫عمل قبل أم ر‬
‫ي‬ ‫روتي‬
‫أن كرهت ر‬
‫أخيتك ي‬
‫ر‬

‫أيها الغريب ‪..‬‬

‫شء ألصدقائنا أو أحباءنا ‪..‬‬


‫هل كنت تعلم أننا ال نبوح بكل ي‬

‫نحن نفضلك أنت أيها الغريب ‪..‬‬

‫لقاءنا و نحن ننتظر الحافلة أو سيارة أجرة ‪..‬‬

‫ألخيك كم كنت حزينا ‪..‬‬


‫كان كافيا ر‬

‫بخي ‪..‬‬
‫أنت ر‬
‫عل ي‬
‫أخيت عزيزا ي‬
‫و قد ر‬

‫األقربي ‪..‬‬
‫ر‬ ‫ربما نجد فيك راحة لم نعتدها يف أقرب‬

‫قصيا بينما نراه طويال بيننا و ربي األحبة ‪..‬‬


‫لماذا نجد الطريق إليك ر‬

‫متمني استيطان قلوب هم و نحن نرقبهم من بعيد ‪..‬‬


‫ر‬

‫‪85‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫باهلل عليك أيها الغريب ‪ ..‬ر‬


‫أخي ين لماذا ؟‬

‫شء يعيينا ‪..‬‬


‫لماذا نبوح لك بكل ي‬

‫أحاسيسنا "الملخبطة" ‪ ..‬مشاعرنا الدفينة‪ ..‬أفكارنا الرسية ‪...‬‬

‫هل حقا أنت غريب ‪..‬‬

‫ربما تكون كذلك ‪ ..‬غريبا عنا ‪ ..‬لكنك تعلم مشاعر لنا قد كتمت ‪..‬‬

‫ربما نبحث فيك عن فرحة عابرة ‪ ..‬عن أحالم مؤجلة ‪..‬‬

‫لكننا أيها الغريب ما زلنا وسط ظالم النهار و أن ري ليل عاتم ‪..‬‬

‫نتيه رفييد ظالم الليل يف قلوبنا ‪..‬‬

‫ما زلنا نبحث عن حياة للحياة ‪..‬‬

‫‪¤¤¤‬‬
‫بداخل كل منا ضجيج ال يمكن تصوره‬
‫شء‬
‫ثقب أسود يستطيع بلع كل ي‬
‫لكننا فضلنا الوضع الصامت‬
‫ن يف وسط صاخب للغاية ‪.‬‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫‪86‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫عت بكل القرب ؟‬


‫أنت أيها الغريب ي‬

‫بخي ؟‬
‫هل حقا نحن ر‬

‫هل أنت حقا حقيقة أم مجرد خيال ؟‬

‫ألن نسأم أبدا من البحث عن أنفسنا يف قلوب اآلخرين ‪..‬‬

‫أتبق قلوبنا تتوسل الحب ربي ظالل قلوب هم ‪..‬‬

‫ألم نتعلم شيئا بعد ‪..‬‬

‫األوفياء ال ينتظرون تسوال ‪ ..‬و العاشقون ال ييكون معشوقهم ‪.‬‬

‫أما زلت منتظرا توأم روحك ‪ ..‬حت فقدت روحا كانت لك ‪.‬‬

‫و رصت جسدا عل قيد البقاء فقط ‪.‬‬

‫تثي بداخلك نار الشوق ‪..‬‬


‫أما زالت معزوفة الذكريات ر‬

‫عت و عن نفسه ‪..‬‬


‫أراك أيها الغريب ي‬

‫غريقا يف بحر من صنع يديك ‪..‬‬

‫تج النجاة من اآلخرين ‪..‬‬


‫ثم رصت تر ر ي‬

‫أخي ين برصاحة ‪..‬‬


‫ر‬

‫الحقيق‪ ..‬و هل اقيبت منه حقا ؟‬


‫ي‬ ‫ما حلمك‬

‫ئ‬
‫تنطق‪. .‬‬ ‫األمان عل وشك أن‬
‫ي‬ ‫أم أن شمس الحلم تميل إل المغيب‪..‬و شمعة‬

‫صديق الغريب ‪..‬‬


‫ي‬ ‫حسنا يا‬

‫فلتمسح غبار الخيبة عن قلبك ‪ ..‬و لتدع كتاب أحزانك جانبا ‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫فلنخض معا رحلة بباطنك ‪..‬‬

‫مع نفسك فقط ‪ ..‬فلتبحث فيها عنك ‪..‬‬

‫عن روحك التائهة ‪ ..‬ال تتوسل الحب مجددا أيها الغريب ‪..‬‬

‫كن أنت ‪ ..‬كن أنت كمال نفسك ‪.‬‬

‫دع روحك تداعبها الطمأنينة ‪ ..‬دع نبضك يعزف أمال و إحسانا ‪.‬‬

‫كن صديقا لنفسك ‪..‬‬

‫كن سندا لقلبك ‪..‬‬

‫كن قوة لفؤادك ‪..‬‬

‫ال تكن نتاج تجارب اآلخرين ‪.‬‬

‫كن أنت وكق أيها الغريب ‪.‬‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫أيها الغريب ‪..‬‬


‫ما بك ‪ ..‬عيونك تحك َ‬
‫حيتك ‪..‬‬ ‫ي‬
‫وراء االبتسامة ُ‬
‫ألف حكاية ‪..‬‬
‫و نَ‬
‫بي كل حكاية ابتسامة و دمعة ‪..‬‬
‫‪¤¤¤‬‬

‫‪88‬‬
‫مدار الغرباء‬
‫ً‬
‫صديق أن ترغب فجأة بالتوقف ‪..‬‬‫ي‬ ‫يحدث يا‬
‫شء ‪..‬‬ ‫ُ‬
‫التوقف عن كل ي‬
‫ناه ‪..‬‬ ‫أوجع َنا و َ‬
‫أوج ْع ُ‬ ‫َ‬ ‫شء‬ ‫كل ي‬
‫حلم عابر ‪..‬‬
‫كض وراء ٍ‬
‫عن الر ِ‬
‫ظالم دامس ‪..‬‬
‫ٍ‬ ‫عن البحث عن النور وسط‬
‫ٌ‬
‫أحالم برسية بطعم المستحيل ‪..‬‬ ‫ربما لنا‬
‫شء و قاوم ‪..‬‬
‫لكن دع عنك كل ي‬
‫فبكل تأكيد سيقاوم موت ُحلمه ‪..‬‬‫ألن من اعتاد المقاومة ِ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫يحتاج وقتا طويال ‪..‬‬ ‫من يدري ربما يتأخر ‪ ,‬قد‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫ربما تجد الطريق إليه ممتدا ‪..‬‬
‫َ‬
‫ذات يوم ‪.‬‬ ‫ْ‬
‫لكن حتما سترسق شمس الحلم‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫‪89‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫أيها الغريب ‪ ،‬لماذا يسود الظلم و البؤس هذا العالم ؟‬


‫نس الهدف األسىم لتواجده عىل هذا الكوكب ‪،‬‬
‫يا سيدي لقد ترك اإلنسان إنسانيته و ي‬
‫وكان جهوال ‪..‬‬
‫و هل من أمل لتتفتح األزهار من جديد ؟‬
‫ربما ن‬
‫حي تصبح السماء صافية من أدخنة الحروب و يستقر نبض القلوب ‪.‬‬
‫‪¤¤¤‬‬

‫أحقا نحن بخي ؟‬


‫هل تستمر أرواحنا بعزف اللحن السعيد ذاك‪..‬‬
‫أم أننا وسط مقطوعة حزينة للغاية‪..‬‬
‫من يدري ‪..‬‬
‫لعلنا ن‬
‫نمي الحقيقة من الوهم يوما ما ‪..‬‬
‫لعل القلب يعود لنبضه المعتاد ‪..‬‬
‫أخي ن يت ؛‬
‫ن‬
‫الصامتي ‪..‬‬ ‫هل نحن من‬
‫خوفا أم وجعا ؟‬
‫‪¤¤¤‬‬

‫‪90‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫صديق الغريب ؟‬
‫ي‬
‫نفسك يف قلوب اآلخرين ‪..‬‬ ‫ألم تسأم بعد من البحث عن ِ‬
‫ً‬ ‫هل ما زال ُ‬
‫قلبك متسوال الحب ربي ِظالل قلوب هم ‪..‬‬
‫ً‬
‫ألم تتعلم شيئا بعد ؟‬
‫ُ‬
‫األوفياء ال ينتظرون تسوال ‪..‬‬
‫يحبون ‪..‬‬ ‫و َاألنانيون ال ّ‬
‫ً‬
‫محبة و َ‬ ‫ُ‬
‫رحمة ‪..‬‬ ‫و العاشقون تنبض قلوب هم‬
‫توأم روحك ؟‬ ‫أما زلت منتظرا َ‬
‫ِ‬
‫ً‬ ‫ْ‬
‫حت فقد َت روحا كانت لك ‪..‬‬
‫ً‬
‫قيد البقاء ‪.‬‬
‫و رصت جسدا عل ِ‬
‫معزوفة الذكريات ُتثي ف داخلك َ‬ ‫ُ‬
‫نار الشوق ؟‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫أما زالت‬
‫أخي ين باهلل عليك ؟‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫ً‬
‫انيي ‪. .‬؟‬
‫هل ما زلت مقربا للحمق و األن ر‬
‫ً‬ ‫َ‬
‫تمىس يف األرض حزنا‪..‬‬
‫ي‬ ‫تشاؤم‬
‫ٍ‬ ‫كومة‬ ‫حت أصبحت‬
‫عت و عن نفسه ‪..‬‬ ‫ُ‬
‫أراك أيها الغريب ي‬
‫ً‬
‫غريقا يف بحر من ُصنع َيديك ‪..‬‬
‫َ‬
‫ج النجاة من اآلخرين ‪..‬‬ ‫ثم رصت ترت ر ي‬
‫خيبت فيك ‪..‬‬ ‫ي‬ ‫ال استطيع رس َح مدى‬
‫ٌ‬
‫غريب ‪..‬‬ ‫شء حولك‬ ‫أعلم أن كل ي‬
‫ً‬
‫ترى األمر مبهما ‪..‬‬
‫عجل ‪...‬‬‫ٍ‬ ‫كأنها لوحة ُرسمت عل‬
‫أخي ين ِبرصاحة ؟‬
‫ر‬
‫الحقيق ؟‬
‫ي‬ ‫ما ُحلمك‬
‫و هل اقيبت منه ؟‬
‫‪91‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫المغيب ‪..‬‬ ‫ْأم َّأن شمس ُ‬


‫الحلم تميل إل‬
‫ِ‬
‫ُ‬
‫األمان عل وشك االنتهاء ‪..‬‬‫ي‬ ‫شمعة‬ ‫و‬
‫ً‬
‫صديق ‪..‬‬
‫ي‬ ‫يا‬ ‫حسنا‬
‫ُ‬
‫فلتمسح غبار الخيبة من قلبك ‪..‬‬
‫ً‬ ‫َ‬
‫كتاب أحزانك جانبا ‪..‬‬ ‫و لتدع‬
‫ً‬
‫نفسك فقط‪.‬‬
‫فلنخض معا رحلة مع نفسك ‪ِ ..‬‬
‫فلتبحث فيها عنك ‪ ..‬عن روحك التائهة‪..‬‬
‫ً‬ ‫ال َ‬
‫تتسول الحب مجددا أيها الغريب‪..‬‬
‫كن أنت ‪ ..‬كن أنت كمال نفسك‪..‬‬
‫ْ‬
‫دع روحك تداعب الطمأنينة‪..‬‬
‫ُ‬
‫يعزف أمال و إحسانا يف األرجاء ‪..‬‬ ‫َ‬
‫و دع نبضك‬
‫َ‬
‫لقلبك ‪ ,,‬كن قوة لفؤادك ‪..‬‬ ‫لنفسك ‪ ,,‬كن سندا‬
‫كن صديقا ِ‬
‫ال تكن ِنتاج تجارب اآلخرين ‪..‬‬
‫صديق الغريب ‪..‬‬
‫ي‬ ‫كن أنت و كق يا‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫‪92‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫ً‬
‫مرحبا بك جاري الصديق ‪..‬‬
‫ً‬
‫نحن جينا أن نعيش معا ن يف هذه األرض الجرداء الجميلة ‪..‬‬
‫ً‬
‫فلندع الحقد والحسد جانبا ‪ ,‬ولتكن قلوبنا بالمحبة والتسامح تنبض‬
‫و لندع أرواحنا تفوح إحسانا ‪..‬‬
‫ما الغاية من هذه الحياة القصية إن نحن ضيعناها ن يف غدر وأحزان ‪.‬‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫السعادة اختيار ‪..‬‬

‫فقط ابتسم ‪ ..‬فالحياة ستمر مرورا عابرا ‪..‬‬

‫أحيانا تكون الفرصة سانحة للسعادة ‪ ..‬لكننا نختار العبوس ن يف وجه الحياة ‪.‬‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫‪93‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫أحيانا تتيه أحاسيسنا‬


‫فال نستطيع العتاب وال المجاملة‬
‫ال يبق لنا نفس للثقة و ال للخوف‬
‫غي قادرين حت عل الكره‬
‫لنجد أنفسنا ر‬
‫فرصيد مشاعرنا قد نفذ ‪.‬‬

‫هل حقا كنا استثناء ؟‬


‫أم أننا مجرد أوهام قد نكتشف زيفها ذات يوم‬
‫قد نتالش يوما ما ‪ ,‬إن انقطع الحب عن التدفق‬
‫هل حقا نحن صادقون ؟‬
‫هل نحيا بالعشق و الحب ؟‬
‫أم أنها مجرد أسطورة ‪ ,‬سيكشف زيفها يوما ما‬
‫هل نعلم جيدا عما نبحث حقا ؟‬
‫أم أننا فقط تائهون ‪ ,‬أم أننا اقيبنا من اإلجابة‬
‫و إن وجدناه ‪ ,‬أسنسعد حقا؟‬
‫محقي‬
‫ر‬ ‫ربما نحن مخطئون ‪ ,‬ربما‬
‫من يدري؟‬
‫الت بداخلنا ؟‬
‫هل نتقبل الغربة ي‬
‫ام نستمر يف الوهم و الخوف‬
‫هل نتقبل بقايا الذكريات ؟‬
‫أم نبحث عنها مجددا لعلنا نجد االبتسامة مجددا‬
‫شء ؟‬
‫بالخي رغم كل ي‬
‫ر‬ ‫هل ستظل قلوبنا تنبض‬
‫رغم الغدر و الحزن العميق‬
‫بخي ؟‬
‫أحقا نحن ر‬
‫‪94‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫هل تستمر أرواحنا بعزف اللحن السعيد ذاك‬


‫ام أننا داخل مقطوعة حزينة للغاية‬
‫ربما نكتشف حقيقتها ذات يوم‬
‫الصامتي ‪ ,‬خوفا أم وجعا ؟‬
‫ر‬ ‫هل نحن من‬
‫من نحن حقا ؟‬
‫الخي دوما ما ينترص ؟‬
‫أخي ين ‪ ,‬هل ر‬
‫ر‬
‫أم أن رسورنا ستستمر إل األبد‬
‫هل يستمر الرصاخ و المقاومة ؟‬
‫أم ان االستسالم قريب‬
‫ربما يرهقنا البحث عن الحلم ذات يوم‬
‫ربما نكمل طريقنا دون خوف من الخسارة‬
‫دون حلم نجري وراء تحقيقه‬
‫من يدري ؟‬
‫قد ينشطر حلمنا ‪ ,‬قد يتحول الوجع إل رساب‬
‫ربما نبحث فقط عن وطن يضم ربي جنباته أوجاع قلوبنا‬
‫ربما نعتاد الرقص فوق أوجاعنا‬
‫ه ليست أوجاع ‪ ,‬فقط خوف يتملكنا‬
‫ربما ي‬
‫أوهام تقتلنا ببطء‬
‫فيا ترى كيف يكون طعم حياتنا دون خوف ؟‬

‫‪95‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫من يدري ‪ ,‬وراء كل دمعة حكاية‬


‫و وراء كل ابتسامة قصة‬
‫قد ننخدع للمظاهر‬
‫قد تخدعنا االبتسامات و الدمعات الزائفة‬
‫لعل ذلك الراحل له سبب مقنع‬
‫الخي يف الهروب‬
‫و لعل تلك الهاربة تعلم جيدا أن ر‬
‫لعل تلك الوردة تفوح عطرا بعد ذبولها ذات يوم‬
‫تبك فرحا يوما ما‬
‫العي الدامعة ي‬
‫لعل تلك ر‬
‫يصي رسورا بسبب الشخص ذاته‬
‫لعل ذلك العبوس ر‬
‫من يدري ‪..‬‬
‫نرى األحداث من منظورنا و ال نعلم ما يجابهه اآلخرين‬
‫لكل منا حكاية ‪ ,‬سعيدة و حزينة‬
‫يصعب نسيانها ‪ ,‬وقد ال تتكرر ‪.‬‬
‫صديق‬
‫ي‬ ‫من يدري يا‬
‫الكثي من الوجع‬
‫ر‬ ‫وراء الصمت‬
‫بداخل كل صامت ضجيج ال يسمع‬
‫الكثي من الرصاخ المكبوت‬
‫ر‬
‫صديق أن ترغب فجأة بالتوقف‬
‫ي‬ ‫يحدث يا‬
‫شء‬
‫التوقف عن كل ي‬
‫شء أوجعنا و أوجعناه‬
‫كل ي‬
‫عن الركض وراء حلم عابر‬
‫عن البحث عن النور وسط ظالم دامس‬
‫ربما لنا أحالم برسية بطعم المستحيل‬
‫شء و قاوم‬
‫لكن دع عنك كل ي‬
‫‪96‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫ألنه من اعتاد المقاومة فبكل تأكيد سيقاوم موت حلمه‬


‫ربما يتأخر ‪ ,‬قد يحتاج وقتا طويال‬
‫لكن حتما سيتحقق ‪ ,‬كلما كان إرصارك قويا ‪.‬‬
‫‪¤¤‬‬

‫‪97‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫‪ ¤¤¤‬عن غربة الحب ‪¤¤¤‬‬

‫‪¤¤¤‬‬
‫من يبف حن النهاية أيها الغريب ؟‬
‫الصادقون األوفياء فقط ‪..‬‬
‫هل يندثر الحب يوما ما ؟‬
‫ن‬
‫الصاف ال يموت أبدا ‪..‬‬
‫ي‬ ‫الحب‬
‫ولو بفرقة األجساد ؟‬
‫و لو بفرقة األجساد ‪ ..‬الحب الصادق يعيش إىل األبد ‪.‬‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫‪98‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫لطالما كانت له سندا ‪..‬‬


‫و كان لها وطنا تضع أوجاعها ربي جوانبه ‪.‬‬
‫لطالما كان لها بستانا تتفتح فيه أزهارها ‪..‬‬
‫و دوما ما كانت له مرهما لجراحه و آالمه ‪.‬‬
‫كانت قمرا أنار له كل عتمة ‪..‬‬
‫كانت تشبه لحظة السكون بعد ضجيج كثيف ‪.‬‬
‫و كان هو كلحظة األمان بعد خوف و فزع ‪..‬‬
‫كانا معا عل الرصاط المستقيم ‪..‬‬
‫أحدهما يعيد نبض اإليمان لآلخر بعد غفلة و سهو ‪..‬‬
‫قصية ال يعلم أحد نهايتها ‪..‬‬
‫كانا معا كقصة ر‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫تأملها بنظرة عميقة ‪ ،‬و بعد تنهيدة قال ‪:‬‬


‫أال إن عينيك بحر يتمت الغريق فيهما أال ينجو ‪..‬‬
‫يبتع كل عابر أن يشق صدره ممتنا ‪..‬‬
‫و ابتسامتك سهم ي‬
‫تشفقي عل قلوب الغرباء ‪.‬‬
‫ر‬ ‫فهل عساك‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫‪99‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫يحدثت عنها قائال ‪:‬‬


‫ي‬ ‫كان‬
‫شء ‪..‬‬
‫كنت دوما ما أبدو ذكيا يف كل ي‬
‫مع أي أحد و أمام أي مشكلة‪..‬‬
‫نفىس غبيا للغاية ‪.‬‬
‫ي‬ ‫بجانت أجد‬
‫ري‬ ‫إال معها ‪ ..‬كلما كانت‬
‫التفكي تماما ‪..‬‬
‫ر‬ ‫عقل عن‬
‫ي‬ ‫يتوقف‬
‫تبا ‪ ..‬كم كان ذلك الغباء جميال ‪.‬‬
‫‪¤¤¤‬‬
‫هو يراها لوحة فنية صنعت بإتقان شديد ‪..‬‬
‫ه كانت تسمع نبضات قلبه كمعزوفة نادرة ‪..‬‬
‫ي‬
‫غي مجرى حياته ‪..‬‬
‫يعتيها حدثا تاريخيا ر‬
‫هو ر‬
‫ه تشبهه بنار هادئة تستمد منها نورها ‪..‬‬
‫ي‬
‫ربي كل هذا و ذاك ‪..‬‬
‫مجاني ‪.‬‬
‫ر‬ ‫يعتيهم اآلخرون غرباء‬
‫ر‬
‫‪¤¤¤‬‬
‫حي البأس ‪..‬‬
‫ه ذلك الجدار الذي يسند عليه رأسه ر‬
‫ي‬
‫ه األمل وسط ضجيج اليأس حوله ‪..‬‬
‫ي‬
‫الت تركتها النكبات يف روحه ‪..‬‬
‫ه مرهم الجراح ي‬
‫ي‬
‫الت تعيد نبض األمان لقلبه ‪..‬‬
‫ه تلك المعزوفة ي‬
‫ي‬
‫ه الوردة وسط مستنقع حياته ‪..‬‬
‫ي‬
‫الالشء ‪..‬‬
‫ي‬ ‫شء له وسط‬
‫ه كل ي‬
‫ي‬
‫حي أنها أساسه ‪.‬‬
‫ثم بعدها يقولون أنها عبء عل المجتمع ‪ ..‬يف ر‬
‫‪¤¤¤‬‬

‫‪100‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫كأنت جرم سماوي ‪...‬‬


‫و ي‬
‫خارج عن مجرته ‪..‬‬

‫فلم اكتشف ذلك ازداد تيها ‪..‬‬

‫المصي أعلم ‪..‬‬


‫ر‬ ‫فال الطريق أدري ‪ ..‬و ال‬

‫ال النهاية أجد ‪ ..‬و ال البداية أعرف ‪..‬‬

‫أين أنا ؟‬

‫هل اقيبت منك جدا ‪..‬‬

‫أنت أضعت الطريق فازددت بعدا ‪..‬‬


‫أم ي‬

‫هل المسافة إليك أقرب ‪ ..‬أم البعد عنك أجمل ‪..‬‬

‫هل نقطة النهاية أنت ‪ ..‬أم البداية فقط ‪..‬‬

‫من أنا و من أنت ؟‬

‫تائهي ‪.‬‬
‫كالنا ال ندري ‪ ..‬و كالنا رصنا ر‬

‫هل اقيب اللقاء حقا ‪ ..‬أم أن الدوامة ر‬


‫كبية جدا ؟‬

‫هل مرهم الجروح أنت ‪ ...‬أم أنك الجرح نفسه ‪..‬‬

‫هل أنت الداء ‪ ..‬أم دواء الداء أنت ‪..‬‬

‫بخي حقا ؟‬
‫هل أنا ر‬

‫‪101‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫‪¤¤¤‬‬
‫لماذا تبك النساء ر‬
‫أكي من الرجال ؟‬ ‫ي‬
‫َ ْ‬
‫تبك لضعف أو وهن ‪.‬‬‫ه ال ي‬
‫يا صديق ‪ ,‬ي‬
‫شء ‪..‬‬‫تأت الدموع لتقول كل ي‬
‫بل ي‬
‫فتبوح بمشاعرها عىل شكل دمعات ‪.‬‬
‫‪¤¤¤‬‬

‫‪¤¤¤‬‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫شء يمتلكه اإلنسان يف حياته ؟‬
‫أخي يت عن أغىل ي‬
‫قلب طيب و روح نقية ‪.‬‬
‫‪¤¤¤‬‬
‫لماذا نتجاهل الكثي من االهانات و الطعنات المتكررة ؟‬
‫نتجاهل ليبف الود مستمرا ‪ ,‬و تبف المحبة راسخة ‪.‬‬
‫‪¤¤¤‬‬
‫ن‬
‫من يبف يف النهاية ؟‬
‫صديف ‪.‬‬
‫ي‬ ‫فقط األوفياء يا‬
‫‪¤¤¤‬‬

‫‪102‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫‪ ¤¤‬عن ذلك أيها البعيد بكل القرب ‪¤¤‬‬

‫يحيطت ‪..‬‬
‫ي‬ ‫أجلس وحيدة وسط خراب‬

‫أمام ‪ ..‬ناصعة البياض ‪ ..‬و أبدأ الكتابة ‪..‬‬


‫أضع ورقة فارغة ي‬

‫أكتب إليك بعضا من نبض فؤادي ‪..‬‬

‫قلم و أكتب إليك كلمات ‪..‬‬


‫حي ي‬‫قلت يف ر‬
‫أضع دماء ر ي‬

‫ألن الشوق يقتل المرء شيئا فشيئا ‪..‬‬

‫شء منك فقط ‪..‬‬


‫مت ي‬
‫بق ي‬
‫و قد ي‬

‫عت بكل القرب ‪..‬‬


‫هل تعلم أيها البعيد ي‬

‫أن بعد رحيلك تائهة يف غيابة ئبي العشق ‪..‬‬


‫ي‬

‫تنتشلت ‪..‬‬
‫ي‬ ‫فهل عساك‬

‫بجانت ‪..‬‬
‫ري‬ ‫هل عىس قافلة حبك تمر‬

‫تلق دلوا و برسى ‪..‬‬


‫ي‬

‫يحيطت إل نور يحيطنا جميعا ‪..‬‬


‫ي‬ ‫أخرج من ظالم‬

‫هل عساك تفعل ؟‬

‫مت ‪..‬‬
‫عت ‪ ..‬لكنك بكل القرب ي‬
‫أنت بعيد ي‬

‫أبتع من الطريق أال يطول ‪..‬‬


‫أراك راحال حينها و ي‬

‫ان أنت كما أنا اآلن ‪..‬‬


‫ربما لم تر ي‬
‫‪103‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫يداعبت ‪..‬‬
‫ي‬ ‫أيتت أبتسم حينها أودعك و الدمع‬
‫لقد ر ي‬

‫أيتت بابتسامة و دمعة ‪..‬‬


‫ر ي‬

‫يلتهمت من الحزن فيما بعد ‪..‬‬


‫ي‬ ‫ابتسامة لك ‪ ..‬ألال تقلق و تحزن مما قد‬

‫دمعة يل ‪..‬‬

‫الت سأتجرعه و تجرعته اآلن ‪...‬‬


‫دمعة تحمل شيئا من الشوق ي‬

‫أنت قد اشتقت ‪..‬‬


‫هل تعلم أيها البعيد ي‬

‫طالت الشوق كبحر عميق ‪..‬‬


‫ي‬ ‫و‬

‫شء منك ‪..‬‬ ‫اع ‪ ..‬فقد‬ ‫ئ‬


‫أعيان البحث عن ي‬
‫ي‬ ‫أسبح فيه باحثة عن شاط أضع ربي جنباته رس ي‬

‫تت أن اللقاء لن يطول ‪ ..‬و قد طال حقا أيها البعيد ‪.‬‬


‫أخي ي‬
‫ر‬

‫أيام ثقيلة فقط ‪..‬‬ ‫ر‬


‫طال أكي من الالزم ‪ ..‬أم أن الحب قد جعل ي‬

‫أتساءل حقا ‪ ..‬هل تعيش يف دوامة ي‬


‫مثل أيضا ؟‬

‫هل إلتهمتك رنيان الشوق أم ال ؟‬

‫أنت أشك يف حبك ‪ ..‬ال حاش أن أفعل ‪..‬‬


‫ال تظي ي‬

‫أثق أن حبك أعظم من أن أشك فيه ‪..‬‬

‫و لكن ليس كل الناس يتشابهون يف شوقهم ‪..‬‬

‫عت ‪ ..‬فأعيد قولها ‪..‬‬


‫أما ي‬

‫التهمتت رنيان الشوق ‪ ..‬و لم تيك سوى بضع أوراق تناضل من أجل بقاء الحياة و‬
‫ي‬ ‫لقد‬
‫تزهر يوما ما ‪..‬‬

‫‪104‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫حقا أيها البعيد ‪..‬‬

‫إن الشوق يحرقنا ‪ ..‬فهل الحب يحيينا مجددا ‪..‬‬

‫هل لقاءنا كاف ليهر من جديد ‪..‬‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫سيدت ؟‬ ‫ن‬
‫تبكي‬ ‫لماذا‬
‫ي‬

‫أبك ‪.‬‬
‫قلن دون أن ي‬
‫و كيف أخرج األلم الذي استوطن ي‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫‪105‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫ضفن قلب ‪¤¤‬‬


‫ي‬ ‫‪ ¤¤‬عىل‬

‫سمع ‪..‬‬
‫ي‬ ‫عصافي الشوق تداعب‬
‫ر‬ ‫زقزقة‬
‫إل عل مهل ‪..‬‬
‫تأن ي‬
‫خرير مياه بعيدة ي‬
‫أغت حروفا يجمعها الحب لتصبح كلمات ‪..‬‬
‫ضفت قلبك و ي‬
‫ي‬ ‫أنا جالس عل‬
‫ضفت قلبك منذ البداية ‪..‬‬
‫ي‬ ‫أنا جالس عل‬
‫تلحظيت يوم التهمتك رنيان الشوق ‪..‬‬
‫ي‬ ‫ألم‬
‫تفاصيل هناك ‪..‬‬
‫ي‬ ‫تلحىط آثار‬
‫ي‬ ‫ألم‬
‫الت التقت فيه قلوبنا ‪..‬‬
‫أن اآلن عل بعد أمتار قليلة من الممىس العظيم ي‬
‫ي‬
‫تلق أوراقها جانبا ‪..‬‬
‫ه ي‬ ‫الياسمي و ي‬
‫ر‬ ‫هل تذكرينه ‪ ..‬هل تذكرين أزهار‬
‫كأنها تجهز الممىس لنا ‪ ..‬و الري ح تساعدها يف ذلك ‪..‬‬

‫الت فاحت يف األرجاء ‪..‬‬


‫هل تذكرين رائحة الحب ي‬
‫طيا جميال كان يرسب من الساقية القريبة من الممىس ‪..‬‬
‫هل تتذكرين ر‬
‫هل تتذكرين ذلك الرجل الذي مر بجانبنا و لم يحدثنا ‪..‬‬

‫كان يرمقنا كأننا لوحة فنان عظيم رسمت عل مهل شديد ‪..‬‬

‫ه تهديك برتقالة و وردة ‪..‬‬


‫تعابي وجه تلك المرأة و ي‬
‫ر‬ ‫هل الحظت‬
‫كثيا ‪..‬‬
‫قصية ‪ ..‬و أن الموت أقرب منا ر‬
‫كان تخ ريك أن الحياة أمامك ر‬
‫هل علمت اآلن لماذا أهدتك وردة و برتقالة ‪..‬‬

‫اليتقالة لحياتك ‪..‬‬


‫كانت الوردة لك ‪ ..‬ألنها تشبهك ‪ ..‬و كانت ر‬
‫تفوحي بالعطر بجانب حبك ‪..‬‬
‫ر‬ ‫كنت وردة‬
‫يدعت أفكر جيدا ‪..‬‬
‫ي‬ ‫عل فهم معناها ‪ ..‬ربما ألن الحب ال‬
‫اليتقالة ‪ ..‬فقد استعض ي‬
‫و أما ر‬

‫‪106‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫يت ‪..‬‬ ‫ال عليك ‪ ..‬فقد ر‬


‫أخي ي‬
‫هل الحظت هذه التفاصيل ‪..‬‬
‫يبدو أنت ر‬
‫أكيت من المالحظة حقا ‪..‬‬ ‫ي‬
‫تطيين فرحا و عشقا ‪..‬‬
‫ال أظنك قد الحظت ‪ ..‬فقد كنت كالفراشة ر‬
‫شء يتعلق بك ‪.‬‬
‫شء عن أي ي‬
‫أنا أتذكر جيدا كل ي‬
‫أتذكر ذلك اللقاء األول ‪..‬‬

‫اللقاء األول لم تلتق فيه قلوبنا ‪ ..‬لكنه كان بداية للقائنا عل الممىس العظيم ‪..‬‬

‫لكت رغما عن ذلك أتذكره جيدا ‪..‬‬


‫ي‬

‫كانت خالتك جالسة عل بعد أمتار قليلة عنا ‪..‬‬

‫و كنت خجولة جدا ‪ ..‬هل تذكرين ذلك ؟‪..‬‬

‫كنت أنظر إليك و أتأمل ‪..‬‬

‫لكت كنت أراك ‪..‬‬ ‫ر‬


‫كثيا ‪ ..‬ي‬
‫تتحدن ر‬
‫ي‬ ‫لم‬
‫ألن لم أكن أعرفه ‪..‬‬
‫سألتك عن اسمك ‪ ..‬ليس ي‬
‫الت تحيطنا ‪..‬‬
‫ألن أردت هدم جدار قوقعة الصمت ي‬
‫بل ي‬
‫ذهت إل اآلن ‪..‬‬
‫ي‬ ‫و كانت تفاصيل نطقك السمك باقية يف‬
‫شء حقا ‪..‬‬
‫أنا أتذكر كل ي‬
‫أتذكر كل التفاصيل عنك ‪..‬‬

‫هل كنت تتذكرين أيضا ‪..‬‬

‫‪107‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫حي غيابك ‪..‬‬


‫التهمت ر‬
‫ي‬ ‫علمي اآلن مقدار الشوق الذي قد‬
‫هل ت ر‬
‫مت ‪..‬‬
‫شء ي‬
‫عت لم يبق يل ي‬
‫حي غابت تفاصيلك ي‬
‫ر‬
‫تجعلت أنا ‪..‬‬
‫ي‬ ‫الت‬
‫سيدن كنت عبارة عن تفاصيلك ي‬
‫ي‬ ‫ألن يا‬
‫ي‬
‫جعلتت من كنت عليه ‪..‬‬
‫ي‬ ‫الت‬
‫كنت أنت ي‬
‫شوف إليك ‪..‬‬
‫ي‬ ‫تفهم اآلن كيف كان‬
‫ي‬ ‫لهذا فالبد لك أن‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫‪108‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫يت أيتها الغريبة ‪..‬‬


‫أخي ي‬
‫ر‬
‫هل سكبت عل قلبه تعويذة عشق ‪..‬‬
‫هل غرست بداخله زهرة حب ‪..‬‬
‫تزرعي به ما شئت ‪..‬‬
‫ر‬ ‫هل جعلت قلبه بستانا ‪..‬‬
‫فقد تجاوز حبه حدود حقول الورد تلك ‪..‬‬

‫أيتها الغريبة ‪..‬‬


‫الشاف ‪..‬‬
‫ي‬ ‫أنت قلبه‬
‫أنت تراب موطنه ‪..‬‬
‫أنت مرآة روحه ‪..‬‬
‫أنت عيناه‪..‬‬
‫غيك يبق رصيرا ‪..‬‬
‫من ر‬

‫أفي به ‪..‬‬
‫هل عساك تر ر‬
‫فقد بلغ منه الشوق مبلغا عظيما ‪..‬‬
‫إنه اآلن يشهد أنك الوطن األحن ‪..‬‬
‫متبق له ‪..‬‬
‫الوطن الوحيد ال ي‬

‫‪109‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫أيتها الغريبة ‪..‬‬


‫أنت مثل خ ري مفرح وقت اليأس ‪..‬‬
‫مثل مطر و غيث بعد جفاف قاحل ‪.‬‬
‫مثل فصل الربيع أنت أيتها الغريبة ‪..‬‬
‫أيتها الغريبة ‪.‬‬
‫أنت ربيع حياته ‪ ..‬بعد خريف العمر ‪..‬‬

‫أنت نادرة بالنسبة إليه أيتها الغريبة ‪..‬‬


‫تأتي مرة بعد زمن طويل ‪..‬‬
‫ر‬
‫و يف كل مرة يكون مرورك كريما ‪..‬‬
‫فهال مررت بجانب قلبه يا غريبة ‪..‬‬
‫هال زرعت بذور الحب عل ضفاف قلبه من جديد ‪..‬‬
‫هال أزهرت مجددا أيتها الغريبة ‪..‬‬
‫يحت ‪ ..‬عساه يزهر ‪..‬‬
‫عساه ر‬
‫عساه يبق عل قيد الحياة مزهرا ‪..‬‬
‫عساه يبق عل قيد الحياة ‪..‬‬
‫عساه يبق ‪.‬‬
‫‪¤¤¤‬‬

‫‪110‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫سألتت عن األمان أيتها الغريبة ؟‬


‫ي‬
‫تشعرن أنك متمسك بيدي ‪..‬‬
‫ي‬ ‫األمان يا غريبة ‪ ..‬ليس أن‬

‫بقلت ‪..‬‬
‫تجعلت أشعر أنك متمسك ر ي‬
‫ي‬ ‫بل أن‬

‫روح لها وطن ‪..‬‬


‫ي‬ ‫تشعرن أن‬
‫ي‬ ‫أن‬

‫قلت له نبض آخر ‪..‬‬


‫أن ر ي‬

‫أن فؤادي عامر ال يخاف كرسا ‪..‬‬

‫شء ‪..‬‬
‫تجعلت أراك موطنا وسط كل ي‬
‫ي‬ ‫أن‬

‫أوجاع ‪..‬‬
‫ي‬ ‫بخي بجانبك رغم كل‬
‫أن أكون ر‬

‫أن أصبح سالما قربك ‪ ..‬رغم كل الجراح يف ظهري ‪..‬‬

‫أال أخاف االنكسار ‪..‬‬

‫غيك ‪..‬‬
‫أبتع موطنا آخر ر‬
‫أال ي‬

‫أن أكون أنا أنا بجانبك ‪..‬‬

‫شء أحر ‪ ..‬سوى أنا ‪.‬‬


‫دون تصنع ‪ ..‬دون تجمل ‪ ..‬دون ي‬

‫أن أكون أنا فقط ‪.‬‬

‫روح ‪..‬‬
‫ي‬ ‫قلت ‪ ..‬و‬
‫أنا ‪ ..‬و ر ي‬

‫بجانبك أكون آمنا ‪ ..‬ال أشعر سوى بالحب ‪ ..‬و األمان ‪.‬‬

‫‪111‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫تسألي عن الحب أيتها الغريبة ؟‬


‫ر‬
‫سيدن ‪..‬‬
‫ي‬ ‫الحب يا‬
‫أن نزهر معا وسط مستنقع عميق ‪..‬‬
‫قلت بك فيفوح عطرا ‪..‬‬
‫الحب أن يتورد ر ي‬
‫الحب أن يرتوي فؤادي منك ‪..‬‬
‫فنصبح معا يف سماء ملؤها الحب و الرحمة ‪..‬‬
‫سيدن ‪..‬‬
‫ي‬ ‫الحب يا‬
‫مت ‪..‬‬
‫أن أراك جزءا ال يتجزأ ي‬
‫مستوطنت ‪..‬‬
‫ي‬ ‫ساكنت و‬
‫ي‬ ‫تصبحي‬
‫ر‬ ‫أن أكون وطنك و‬
‫سيدن ‪..‬‬
‫ي‬ ‫الحب يا‬
‫أن أراك أنت أوال ربي األلوف ‪..‬‬
‫قلت رسورا بجانبك ‪.‬‬
‫أن ينبض ر ي‬
‫مع ‪..‬‬
‫تحىس باألمان ي‬
‫ي‬ ‫أن أحس بالطمأنينة بجانبك ‪ ..‬أن‬
‫تفاصيل ‪..‬‬
‫ي‬ ‫تكوني كل‬
‫ر‬ ‫أن أكون أنا عالمك و‬
‫بمعان الرحمة ‪..‬‬
‫ي‬ ‫أن نسم معا‬
‫يطيان معا يف سماء الحب و السكون ‪..‬‬
‫أن نكون كطائرين ر‬
‫كسمكتي تسبحان عميقا يف بحر مظلم ‪..‬‬
‫ر‬
‫يني الواحد لآلخر الطريق ‪..‬‬
‫ر‬
‫لقلت ‪..‬‬
‫تكوني بوصلة ر ي‬
‫ر‬ ‫أن أكون نورا وسط ظالمك ‪ ..‬و‬
‫سيدن ‪..‬‬
‫ي‬ ‫الحب‬
‫شء رزق ‪.‬‬
‫الحب قبل كل ي‬
‫أنت ‪..‬‬
‫يعت ي‬
‫الحب ي‬
‫حي الحزن و الكرب ‪..‬‬
‫سأكون سندا لك ر‬
‫فتجديت هناك نبضا لك ‪..‬‬
‫ي‬ ‫أن تتفقدي قلبك‬
‫‪112‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫الحب ‪..‬‬

‫حي تسد كل الطرقات يف وجهك ‪..‬‬


‫ر‬
‫يف عز اليأس الذي يحيط بك ‪..‬‬
‫سأكون بجانبك ‪..‬‬
‫نفتح طريقا معا ‪..‬‬

‫حي يذبل قلبك ‪ ...‬سأكون معك ‪..‬‬


‫ر‬
‫ليهر معا من جديد ‪..‬‬
‫أنت ؛‬
‫سيدن ي‬
‫ي‬ ‫الج‬
‫ي‬
‫تستوطني فيه أوجاعك ‪..‬‬
‫ر‬ ‫سأكون وطنا‬
‫تتوجعي و يصل األلم من فؤادك مبلغا عظيما ‪..‬‬
‫ر‬ ‫حي‬
‫ر‬
‫حينها ‪..‬‬
‫ضع رأسك عل صدري‪..‬‬
‫ي‬
‫دش قلبك يف فؤادي ‪..‬‬
‫ي‬
‫تعال نشتم العالم معا ‪..‬‬
‫ي‬
‫لنطي معا ‪..‬‬
‫تعال ر‬
‫ي‬
‫نع د الكرة مرات عديدة ‪..‬‬
‫ي‬
‫حت يزول الوجع و يعود النبض مجددا ‪..‬‬
‫سيدن ‪..‬‬
‫ي‬ ‫الحب‬
‫ينسيت مرارتها‪..‬‬ ‫ئ‬
‫الداف‬ ‫حي تضيق ر ين الدنيا أجد حضنك‬
‫ر‬
‫ي‬
‫شء إليك ‪..‬‬
‫أن أهرب من كل ي‬
‫أن أجد السكينة بجانبك فقط ‪..‬‬
‫ان ‪..‬‬
‫تكون مرفأ لسفن أحز ي‬
‫ي‬ ‫أن‬
‫ييت ‪..‬‬ ‫ئ‬
‫تغلبت الحياة و تع ي‬
‫ي‬ ‫حي‬
‫ملجت ر‬
‫ي‬ ‫تكون‬
‫ي‬ ‫أن‬
‫‪113‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫يرجعت حيا ‪..‬‬


‫ي‬ ‫تكون مصل الحياة الذي‬
‫ي‬ ‫أن‬
‫اييت ‪..‬‬
‫تكون كالدم يف رس ي‬
‫ي‬ ‫أن‬
‫فأحت ‪..‬‬
‫أتحسسك دوما ر‬

‫سيدن ‪..‬‬
‫ي‬ ‫الحب‬
‫تكون كزهرة تعطر بيتنا ‪..‬‬
‫ي‬ ‫أن‬
‫تكت أنت العطر نفسه ‪..‬‬
‫كبستان يزين حديقتنا ‪ ..‬أن ي‬
‫بخي ‪..‬‬
‫أن أشتم رائحتك فأعود ر‬
‫بخي ‪..‬‬
‫أن أراك فأعود ر‬
‫بخي ‪..‬‬
‫أن أكون بجانبك فأعود ر‬

‫شء ‪..‬‬
‫أن نشيك يف كل ي‬
‫نتشارك حزننا و فرحنا ‪ ..‬يأسنا و أملنا ‪.‬‬
‫أن نكون معا كواحد ‪..‬‬
‫الىسء نفسه ‪..‬‬
‫كجسد واحد ‪ ..‬يرصنا ي‬
‫يؤذيت ما يؤذيك ‪..‬‬
‫ي‬ ‫يحزنت ‪ ..‬و‬
‫ي‬ ‫يحزنك ما‬
‫شء مما قلته فقط ‪..‬‬
‫سيدن ‪ ..‬ي‬
‫ي‬ ‫الحب‬
‫الحب أعمق من أقترصه يف كلمات ‪..‬‬
‫الحب أعظم من أتحدث عنه يف بضع سطور ‪..‬‬
‫الحب يعرفه القلب و يحس به ‪..‬‬
‫تتحسسه الروح و تعلمه ‪..‬‬
‫سيدن ‪..‬‬
‫ي‬ ‫الحب يا‬
‫شء من هذا القبيل ‪.‬‬
‫ي‬

‫‪114‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫‪ ¤¤¤‬طفل الماء و الشجر ‪¤¤¤‬‬

‫‪¤¤¤‬‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫شء مغلق يف وجهك‬‫و حي تظن أن كل ي‬
‫ن‬
‫و ترى نفسك يف ظلمات فوق ظلمات‬
‫و ن‬
‫حي تصي و تحمد ربك ثم تستغفر‬
‫تجد فجأة نورا يتسلل إىل أعماق قلبك‬
‫ن‬
‫باليقي و اإليمان‬ ‫فيجعل فؤادك عامرا‬
‫شء إيقافك‬
‫حينها وفقط ال يستطيع ي‬
‫ستكون أنت أنت ‪ ..‬ال تحتاج أحدا‬
‫سوى هللا األحد األحد ‪.‬‬

‫‪¤¤¤‬‬
‫و كلما ضاقت بك الدنيا بما فيها‬
‫و كلما داهمتك الهموم و األوجاع‬
‫احمد ربك و سبحه‬
‫ن‬
‫شء يف سجدة‬ ‫و ألق كل ي‬
‫َ ُْ َ َ َُ ُ َ‬ ‫َ َ َ ْ َ ْ َ ُ َ َّ َ َ‬
‫﴿ ولقد نعلم أنك ي ِضيق صدرك ِبما يقولون *‬
‫‪7‬‬ ‫َ‬
‫اج ِدين ﴾‬ ‫َف َس ّب ْح ب َح ْمد َر ّب َك َو ُكن ّم َن َّ‬
‫الس‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫‪7‬‬
‫اآلية ‪ – 97‬سورة الحجر – القرآن الكريم‬

‫‪115‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫و ال تنس أبدا أن ‪..‬‬


‫مخترص الراحة النفسية ن يف آية ‪:‬‬
‫َ َ‬ ‫ول َ‬ ‫ُ‬
‫‪8‬‬
‫لصاحبه ال تحزن إن هللا َمعنا ‪. ¤‬‬ ‫يق ُ‬ ‫‪ ¤‬إذ‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫أن الخي مردود كما الظلم مردود ‪..‬‬


‫و هللا يمهل وال يهمل ‪..‬‬
‫و أن ‪..‬‬
‫الحياة مجرد رحلة عابرة‪ ,‬وال بد لنا من مستقر بعدها ‪ ,‬و أعمالنا مفتاح تلك الدار أ دار‬
‫ه أم مظلمة ‪.‬‬
‫منية ي‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫‪8‬‬
‫اآلية ‪ – 40‬سورة التوبة – القرآن الكريم‬

‫‪116‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫صغي ‪..‬‬
‫ر‬ ‫خشت‬
‫ري‬ ‫ربي أحضان صندوق‬

‫تتضارب به موجات النهر شماال و يمينا ‪..‬‬

‫شء ‪..‬‬
‫صغي ينام هانئا ‪ ..‬كأنه يعلم الطريق إل فال يهمه من األمر ي‬
‫ر‬ ‫كان رضيع‬

‫كبية ‪..‬‬
‫صغي ‪ ..‬يحمله النهر نحو حديقة ر‬
‫ر‬ ‫صغي ‪ ..‬يف صندوق‬
‫ر‬ ‫رضيع‬

‫بكثي ‪..‬‬ ‫صغيا ‪ ..‬لكنه يعلم أنه ر‬


‫أكي من ذلك ر‬ ‫ر‬ ‫كان رضيعا‬

‫رأت نسوة عل ضفة النهر الصندوق ‪..‬‬

‫فاجتمعن و الفضول يتملكهن عما يحتويه الصندوق العجيب ‪..‬‬

‫تأن سيدتهن ‪..‬‬


‫لم يستطعن فتحه حت ي‬

‫السيدة األول يف المجتمع ‪ ..‬كانت تلك حديقة قرصها ‪..‬‬

‫شء يحدث ‪..‬‬


‫فكان من الرصوري أن تعرف شيئا عن كل ي‬

‫جاءت السيدة ففتحت الصندوق ‪ ..‬و تعجبت ‪..‬‬

‫طفل رضيع جميل ‪ ..‬ما الذي يفعله هنا ‪..‬‬

‫تعجبت لكن قلبها رفرف فرحا غريبا ‪..‬‬

‫أحست باألمومة يف لحظة ‪ ..‬يف لحظة رأت نفسها أما ‪..‬‬

‫لكن األمر كان من الالزم أن يرى الملك و يوافق عل دخول الطفل قرصه ‪..‬‬

‫و كان الزمان زمان ظلم و قتل ‪..‬‬

‫كبي ‪..‬‬
‫كان الملك ظالما إل حد ر‬

‫يأن الرضيع بأعوام ‪ ..‬قبل كل ذلك بزمن ‪..‬‬


‫قبل أن ي‬
‫‪117‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫كان الملك قد رأى رؤيا ‪ ..‬بأن أحد أطفال قوم يعملون كالخدم لهم ‪..‬‬

‫سيكون نهاية له ‪ ..‬نهاية ملكه و ساللته ‪..‬‬

‫هل تذكرت حلم القصة األخرى ‪ ..‬أليس كذلك ؟‬

‫الصغي الذي لم يعد طفال ‪..‬‬


‫ر‬ ‫هناك كان الحلم فأل خ ري للطفل‬

‫أما هذا الحلم فكان فأل رس يتبع الرضيع ‪..‬‬

‫ولدت أمه أخا له يف عام اليك ‪..‬‬

‫عام ييك فيه األطفال فال يقتلون ‪ ..‬و عام ثان يقتل فيه كل رضيع ولد حديثا ‪..‬‬

‫الصغي ‪ ..‬فضاقت به أمه ذرعا ‪..‬‬


‫ر‬ ‫يف عام القتل ولد الرضيع‬

‫صغيها ‪..‬‬
‫مصي ر‬
‫ر‬ ‫و حزنت مما قد يؤول إليه‬

‫لكن صوتا يف داخلها ألهمها و أرشدها ‪ ..‬و أوح إليها ‪..‬‬

‫صغي ‪ ..‬صندوق يحميه الرس ‪..‬‬


‫ر‬ ‫كثيا ثم قررت أن تضعه يف تابوت‬
‫فكرت ر‬

‫الكبي ‪..‬‬
‫لتلقيه يف اليم ‪ ..‬لتلقيه يف النهر ر‬

‫‪118‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫حقا أيتها الغريبة ‪ ..‬و أنت أيها الغريب ؟؟‬

‫هل عملت شيئا عن الحزن الذي تتجرعه ألم بعد فراق وليدها ‪..‬‬

‫فستعلمي ‪..‬‬
‫ر‬ ‫لو كنت أيتها الغريبة أما‬

‫تصبج أما ‪..‬‬


‫ي‬ ‫تعلم أبدا حت‬
‫ي‬ ‫تكون فلن‬
‫ي‬ ‫و إن لم‬

‫صغي و تلقيه يف النهر ‪..‬‬


‫ر‬ ‫ألن ذلك شعور قاس جدا ‪ ..‬أن تضع جزءا منك يف صندوق‬

‫ليس كرها له ‪ ..‬بل خوفا عليه من ظلم ظالم ييبص بالصغار ‪..‬‬

‫شء ما يف باطنها يطمئنها ‪.‬‬


‫بىسء ‪ ..‬ي‬
‫لكن تلك المرأة كانت تثق ي‬

‫هل تعلم ما كان ؟‬

‫سيحم ابنها ‪..‬‬


‫ي‬ ‫كان ذلك إيمانها برب ها ‪ ..‬إيمان أنه‬

‫ربما يعود اليها يوما ما سالما غانما ‪..‬‬

‫ذلك اإليمان أيها الغريب ‪..‬‬

‫أن تثق بأن كل رس أحاطك فيه خ ري لك ال تعلمه ‪.‬‬

‫شء تثق بأن كل مر سيمر ‪..‬‬


‫لكنك رغما عن كل ي‬

‫ذلك اإليمان أيها الغريب‪ ..‬أين نجده ؟‬

‫ه من تحتضنه فقط ‪.‬‬


‫نجده يف القلوب الطيبة ‪ ..‬األرواح الساكنة ي‬

‫‪119‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫‪¤¤¤‬‬
‫‪9‬‬ ‫ن‬
‫عين ‪¤‬‬
‫‪ ¤‬و لتصنع عىل ي‬
‫طالما أن هللا يراك و يحفظك ‪ ..‬فلماذا تحزن ؟‬
‫طالما البصي يبرصك و يراك ‪ ..‬فلماذا تنغم ‪..‬‬

‫ثق باهلل ‪ ..‬و لتصنع عىل عينه ‪.‬‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫‪9‬‬
‫اآلية ‪ – 39‬سورة طه – القرآن الكريم‬

‫‪120‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫ذهب الصندوق مع نهر النيل ‪ ..‬يتمايل عل الموج كأنه يعلم وجهته جيدا ‪..‬‬

‫و وصل إل حديقة قرص الملك الظالم ‪..‬‬

‫صغي ليقتله ‪..‬‬


‫ر‬ ‫وصل إل الشخص الذي يبحث عن كل طفل‬

‫وصل إل الحديقة ‪ ..‬و وصل إل يدي السيدة األول ‪..‬‬

‫وصل إليها فأحبته و تمنته ابنا لها ‪..‬‬

‫عي له ‪..‬‬
‫و أشارت عل زوجها أن يدعه حيا لعله ينفعها ‪ ..‬أو يكون قرة ر‬

‫هل رأيت الفرق مرة أخرى أيها الغريب ؟‬

‫صغي النهر هذا ‪..‬‬


‫ربي طفل الجب ذاك ‪ ..‬و ر‬

‫أصبحا جميعا غرباء عن أوطانهما ‪ ..‬غرباء يف بيوت الغرباء ‪..‬‬

‫مصي ‪ ..‬و أننا جميعا غرباء ‪..‬‬


‫ر‬ ‫أخيتك منذ البداية أن الغربة‬
‫ر‬

‫رأى الملك الرضيع فخاف منه ‪ ..‬و أراد قتله ‪..‬‬

‫لكن رجاء زوجته و طلبها المكرر أال يفعل و ييكه ابنا لها حال دون ذلك ‪..‬‬

‫عي لك و ليس يل ‪..‬‬


‫فقال لها ‪ ..‬قرة ر‬

‫‪121‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫عي للسيدة الطيبة ‪ ..‬كان خ ريا لها ‪..‬‬


‫فكان كما قال ‪ ..‬قرة ر‬

‫ينفعها يف هذه الدنيا يف اآلخرة ‪..‬‬

‫أما عن أم الرضيع الحقيقة ‪ ..‬فكانت ئتي ألما يف صمت ‪..‬‬

‫كان تحن و تشتاق إل طفلها ‪..‬‬

‫فأرسلت أخته تبحث أثره ‪..‬‬

‫فخرجت األخت الرقيقة تبحث يف األرض عن أثر أخيها ‪..‬‬

‫ه خائفة أن يحصل له مكروه ‪..‬‬


‫تبحث و ي‬

‫فوجدته ‪ ..‬وجدته يف قرص الملك ‪ ..‬جدته ربي أحضان السيدة األول ‪..‬‬

‫ه تبحث له عن مرضعة ‪..‬‬


‫و ي‬

‫الت ركضت يف الشوارع تبحث عنه ‪..‬‬


‫كانت أخته ‪ ..‬ي‬

‫الت خافت عليه و حزنت أن يصيبه رس ‪..‬‬


‫كانت تلك أخته ي‬

‫‪122‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫هل تذكرت مجددا أيها الغريب ؟‬

‫طفل الجب ‪ ..‬كان إخوته من ظلمه و آذوه ‪..‬‬

‫الت تبحث عنه و تخاف عليه من كل رس ‪..‬‬


‫صغي النهر ‪ ..‬كانت أخته ي‬
‫و ر‬

‫هل رأيت الفرق مجددا ‪..‬‬

‫األول تركه إخوته ف ئ‬


‫البي المظلم وحيدا ‪..‬‬ ‫ي‬

‫الثان لم تيكه أخته يف القرص وحيدا ‪..‬‬


‫و ي‬

‫كان الفرق ‪ ..‬ئبي و قرص ‪ ..‬ظالم و نور ‪..‬‬

‫و كان الفرق ‪..‬‬

‫أخت واحدة ‪ ..‬و عرسة إخوة ‪..‬‬

‫أخت واحدة خافت عل أخيها و لم تيكه وحيدا ‪..‬‬

‫عرسة إخوة ‪ ..‬انهالوا عليه بالرصب و تركوه وحيدا ‪..‬‬

‫هل رأيت أيها الغريب ؟‬

‫خي من عرسة أخا ييكونك وحيدا ‪.‬‬


‫رب أخت واحدة تحبك بصفاء ‪ ..‬ر‬

‫كانت أختا واحدة ‪ ..‬لكنها كالجدار الذي يسند المرء وحدته عليه ‪..‬‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫‪123‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫سالما عىل من جاور أرواحنا فأزهرت ‪..‬‬


‫طمأنينة لمن المس جراحنا فاندملت ‪..‬‬
‫سكينة لمن صادق قلوبنا ن‬
‫حي البأس فسكنت ‪..‬‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫كل الحب لمن كان بجانبنا ن‬


‫حي اليأس ‪..‬‬
‫كل الحب لمن كان جدارا لنا ن‬
‫حي وحدتنا ‪..‬‬

‫كل الحب للذين مازالوا أوفياء للعهد ‪..‬‬

‫سالم عليكم أيها األوفياء ‪..‬‬

‫‪¤¤‬‬

‫‪124‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫صغيا ‪ ..‬ربي حفنة من الغرباء ‪..‬‬


‫ر‬ ‫كان رضيعا‬
‫يف قرص غريب عنه ‪ ..‬بيت غريب بعيد عن أمه ‪..‬‬

‫و كان يرصخ رافضا أي ثدي يود رضاعته ‪..‬‬

‫رأن أن يأخذ طعاما ‪ ..‬كأنه مرصب عن الطعام ‪..‬‬

‫شء ‪..‬‬
‫صغي يرفض كل ي‬
‫ر‬ ‫حار القوم يف أمره ‪ ..‬ما يفعلون لرضيع‬
‫صغيا ‪ ..‬غريبا عن موطنه ‪..‬‬
‫ر‬ ‫كان رضيعا‬
‫بحثوا له عن مرضعة و قابلة ‪ ..‬فلم يقبل أحدا ‪..‬‬

‫و أتت أخته تنصحهم ‪ ..‬لم تظهر أنها تعرفه ‪..‬‬

‫بل دلتهم عمن يرضعه لهم‪..‬‬

‫الصغي ‪..‬‬
‫ر‬ ‫ساقتهم أخته إل ميل أمه ‪ ..‬ساقتهم جميعا إل البيت‬
‫فقي ‪ ..‬إل أمه ‪..‬‬
‫ح ر‬‫إل ي‬
‫فقي ‪ ..‬أم التهمتها رنيان الشوق ‪..‬‬
‫ح ر‬‫صغي ‪ ..‬ي‬
‫ر‬ ‫ميل‬
‫يبك شوقا ألمه ‪..‬‬
‫صغي ي‬
‫ر‬ ‫رضيع‬
‫و كان اللقاء ‪ ..‬لقاء شوق و أمان ‪..‬‬

‫أخذته األم و أرضعته والجميع يهلل فرحا بذلك ‪..‬‬

‫صغي رضيع يخاف القتل من ملك ظالم ‪..‬‬


‫ر‬ ‫من‬
‫إل صغ ري رضيع يبحث له خدم الملك عن مرضعة خوفا عليه من الموت ‪..‬‬

‫‪125‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫هل رأيت أيها الغريب ؟‬

‫هل رأيت عظمة قدر هللا و قضائه ‪ ..‬هل رأيت ؟‬


‫المعان ‪..‬‬
‫ي‬ ‫تغيت األمكنة و األشخاص ‪ ..‬و كيف ر‬
‫تغيت‬ ‫كيف ر‬
‫هل رأيت ؟‬

‫فرحوا به فرحا شديدا ‪..‬و ذهبوا إل القرص يبرسون السيدة األول ‪..‬‬

‫فتهلل القرص بالفرح و تزين ‪ ..‬و صار كالقمر ‪..‬‬

‫استدعت السيدة الجميع إل القرص ‪..‬‬

‫الصغي ‪..‬‬
‫ر‬ ‫فعرضت عل األم أن تبق معها يف القرص ترضع‬
‫و وعدتها بالحست ‪ ..‬لكن األم رفضت ‪..‬‬

‫قالت أن يف البيت بعال و أوالدا ‪ ..‬و لها ظروفا خاصة ‪..‬‬

‫الصغي معها ترضعه يف بيتها ‪..‬‬


‫ر‬ ‫فاألجدر أن ترسل‬
‫يكي ‪..‬‬
‫الصغي فرحا يتغذى و ر‬
‫ر‬ ‫وافقت السيدة عل ذلك ‪ ..‬كان رجاءها أن يكون‬
‫عادت األم إل ميلها ‪ ..‬و موكب الخدم آت معها ‪..‬‬

‫ملك ‪ ..‬خدم و كساوى و هبات و نفقات ‪..‬‬


‫موكب عظيم ‪ ..‬موكب ي‬
‫جمع شمل األم برضيعها بفرح عظيم ‪..‬‬

‫كان الفرح قد أقامه خدم الملك الظالم ‪ ..‬القاتل لكل طفل حديث الوالدة ‪..‬‬

‫صغي رضيع يخاف عليه من الموت ‪ ..‬ترسله أمه يف صندوق ‪..‬‬


‫ر‬ ‫من‬
‫خوفا من ملك ظالم ‪..‬‬

‫‪126‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫وفي ‪ ..‬سببه نفس الملك الظالم ‪..‬‬


‫بخي ر‬
‫صغي رضيع يعود إليها ر‬
‫ر‬ ‫إل‬
‫صغي رضيع يلق يف اليم خوف من الملك ‪..‬‬
‫ر‬ ‫من‬
‫كاألمي من طرف الملك ‪..‬‬
‫ر‬ ‫صغي رضيع يعاد إل أمه‬
‫ر‬ ‫إل‬

‫هل رأيت أيها الغريب ‪..‬‬

‫كيف أن هللا غالب عل أمره ‪..‬‬

‫المؤمني به ‪..‬‬
‫ر‬ ‫كيف أن هللا لطيف بعباده‬
‫يحم هللا عباده األتقياء ‪..‬‬
‫ي‬ ‫كيف‬
‫يحم الغرباء ‪.‬‬
‫ي‬ ‫كيف‬

‫الصغي الرضيع ربي جنبات القرص و طرقات المدينة نحو ميل أمه ‪..‬‬
‫ر‬ ‫كي‬
‫ر‬
‫الصغي و اشتد و صار فت شابا ‪..‬‬
‫ر‬ ‫كي‬
‫ر‬
‫كغيه من الشباب يف الطرقات شامخا ‪ ..‬و يف األسواق ‪..‬‬
‫يمىس ر‬
‫ي‬
‫كان شابا قوي البدن ‪ ..‬شديدا كأنه جبل ‪..‬‬

‫الصغي الرضيع ‪ ..‬فلم يعد رضيعا بعد اآلن ‪..‬‬


‫ر‬ ‫كي‬
‫ر‬
‫رجلي يتخاصمان ‪..‬‬
‫و بينما كان يتجول يف المدينة ‪ ..‬وجد ر‬
‫رجل من قومه ‪ ..‬قوم أمه و عائلته الحقيقية ‪..‬‬

‫ترن يف كنفهم و صار كأنه منهم ‪..‬‬


‫و رجل من قوم الملك ‪ ..‬من الذين ر‬
‫وجد الرجالن يتعاركان فأراد أن يفرقهما ‪..‬‬

‫فوكز أحدهما فطرحه أرضا ‪..‬‬

‫الت تقتل فيها رجال بدفعة ‪..‬‬


‫كان معصمه قويا للدرجة ي‬

‫‪127‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫قتل الرجل فانهالت دماءه عل األرض ‪..‬‬

‫و ول الذي من قومه هاربا ‪ ..‬لم يكن ينوي قتله أبدا ‪..‬‬

‫شخصي ‪..‬‬
‫ر‬ ‫كان نيته أن يفرق جدال‬
‫كانت نيته صافية ‪ ..‬لكن األقدار كتبت له أن يفعل ذلك ‪..‬‬

‫تناش صاحبه األمر و كتمه يف صدره ‪ ..‬و كذلك فعل الفت ‪..‬‬

‫الفت الذي لم طفال رضيعا ‪..‬‬

‫و بعد فية ‪..‬‬

‫لق نفس الشخص يتعارك مجددا مع آخر ‪..‬‬


‫ي‬
‫غضب منه لفت ‪ ..‬و قال له أنك شيطان عل هيئة إنسان ‪..‬‬

‫خاف الرجل ‪ ..‬و قال ‪..‬‬

‫أتقتلت كما قتلت صاحبك ذاك ‪..‬‬


‫ي‬
‫ثم ول هاربا و لم يعقب ‪..‬‬

‫أنقذه من الموت سابقا ‪ ..‬فكان الجزاء ‪ ..‬أن ذهب الرجل إل الملك يشكو ‪..‬‬

‫و الفت ال يعلم شيئا مما قد يحدث ‪..‬‬

‫لوال مؤمن طيب أتاه من بعيد ينذره من رس قد اقيب ‪..‬‬

‫الحاشية قد تناقشت موضوع القتل ذاك ‪..‬‬

‫و الملك أمر بإحضاره للمحاكمة ‪ ..‬للعقاب الشديد ‪..‬‬

‫فقتل رجل من حاشية الملك إثم عظيم ‪..‬‬

‫‪128‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫فكر و قدر ‪ ..‬ثم قرر الخروج بعيدا ‪..‬‬

‫قرر الذهاب بعيدا عن موطنه ‪ ..‬قرر ترك وطنه رغما عنه ‪ ..‬ترك كل ي‬
‫شء وراءه و رحل‬
‫بعيدا ‪..‬‬

‫ذهب إل بالد قريبة ‪..‬‬

‫ذهب مع الطريق الطويل يبحث عن حياة للحياة ‪..‬‬

‫شء ما ‪..‬‬
‫يبحث عن نفسه ربي الطرقات ‪ ..‬يبحث عن ي‬
‫الىسء ‪..‬‬
‫و القدر المكتوب يف اللوح يرسم طريقه نحو ذلك ي‬
‫وجد قوما قد اجتمعوا يسقون يف ئبي ‪..‬‬

‫و وقف ينتظر عله يرتشف رشفة ماء تعيد إل وجهه الحياة ‪..‬‬

‫و كان ربي الجمع امرأتان ‪..‬‬

‫ليسق ‪..‬‬ ‫تقفان و ال تتحركان نحو ئ‬


‫البي ‪ ..‬و كان ينتظر دوره‬
‫ي‬
‫فسئل عنهما ‪ ..‬و لماذا ينتظران ‪..‬‬

‫ينتىه الرعاة من سقيهم ‪..‬‬


‫ي‬ ‫كانت المرأتان تنتظران حت‬
‫و ألن المكان مزدحم ‪ ..‬لم تريدا أن تياحما مع كل ذلك الجمع ‪..‬‬

‫فانتظرتا ‪..‬‬

‫ليسق ‪..‬‬
‫ي‬ ‫حمل عنهما وعائهما ‪ ..‬فدخل ربي الجمع‬
‫كان قويا ‪ ..‬لم يكن جمع بسيط ليوقفه ‪..‬‬

‫سق لهما عن طيب خاطر ‪ ..‬فانتىه إل ظل شجرة يسيي ح ‪..‬‬

‫و دعا ربه ‪..‬‬

‫فقي ‪¤‬‬
‫إل من خ ري ر‬
‫إن لما أنزلت ي‬
‫‪ ¤‬رب ي‬

‫‪129‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫هل علمت أيها الغريب ‪ ..‬أي قلب يملكه الفت ؟‬

‫هل علمت شيئا حقا ‪..‬‬

‫وف لإلحسان ‪..‬‬


‫كان غريبا عن المكان ‪ ..‬لكن قلبه ي‬

‫كان قد خرج من بالده للتو مرغما ‪..‬‬

‫كان قد تعرض لتوه لطعنة يف الظهر ‪..‬‬

‫لكنه لم ينىس قلبه ‪ ..‬لم ينىس أنه إنسان ‪..‬‬

‫و دور اإلنسان أن يساعد ‪ ..‬و ييك أثرا طيبا عل األرض ‪..‬‬

‫كان وحيدا بعيدا عن بالده ‪ ..‬بعيدا عن أمه ‪..‬‬

‫بعد أن ترك البيت رغما عنه ‪..‬‬

‫صغي الجب مجددا ؟‬


‫ر‬ ‫هل تذكرت مجددا‬

‫الىسء ‪..‬‬
‫نعم ‪ ..‬نفس ي‬

‫كان طفل الجب قد دخل السجن بعد طعنة ممن ظنهم أقرب إليه ‪..‬‬

‫لكنه كان كالنور يف السجن ‪..‬‬

‫للمجروحي ‪ ..‬سكينة للمقهورين ‪..‬‬ ‫ً‬


‫دواء‬
‫ر‬

‫و هكذا كان الفت ‪ ..‬فت الماء و النهر ‪..‬‬

‫كان سندا للمقهورين ‪..‬‬

‫ساعدا للبسطاء ‪ ..‬يدا طيبة للضعفاء ‪..‬‬

‫الت تداعب قلبه إنسانا ‪..‬‬


‫كان رغم كل اآلالم ي‬
‫‪130‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫كان غريبا ‪ ..‬و كان رحيما ينرس الحب يف أرجاء األرض ‪..‬‬

‫أنت أيها لغريب ؟‬

‫كيف حال جراحك ‪ ..‬كيف حال روحك ‪..‬‬

‫هل مازلت تنرس الحب رغم عنها‪..‬‬

‫هل ما زلت وفيا للحب و السالم ‪ ..‬هل مازلت إنسانا‬

‫إنسانا يعيد نبض األمان للضعفاء و األبرياء ‪..‬‬

‫بخي أيها الغريب ؟‬


‫هل أنت ر‬

‫بخي ‪ ..‬هل ستبق ر‬


‫بخي رغما عن كل األوجاع ؟‬ ‫هل ما زلت ر‬

‫ال تنس أيها الغريب ‪..‬‬

‫يشق جراحنا ‪ ..‬نرس الحب يحيينا أيها الغريب ‪..‬‬


‫ي‬ ‫اإلحسان‬

‫أن تكون إنسانا يحييك أيها الغريب ‪..‬‬

‫و كان إحسان الفت قد حمل ربي طياته خ ريا دفينا ‪..‬‬

‫يأن حت يجازيه أبوهما ‪..‬‬


‫أتته إحدى المرأتان عل استحياء تطلب منه أن ي‬

‫و وافق عل الذهاب ‪..‬‬

‫‪131‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫سالم عىل الذين مازالوا للمحبة أوفياء‬


‫ن‬ ‫سالم عىل الذين يبتسمون رغم ر‬
‫كية الطعنات يف ظهورهم‬
‫ن‬
‫سالم عىل الذين يف أعينهم بحور من الدمع‬
‫بداخلهم ألم عميق و ما زالت االبتسامة رفيقة لهم‬
‫سالم عىل قلوبكم الطيبة أيها األقوياء‬
‫و طمأنينة ألرواحكم الصافية يا عظماء‬
‫دمتم لإلنسانية بالعشق أوفياء‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫‪132‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫الكبي ‪..‬‬
‫ر‬ ‫وصل الفت بيت الشيخ‬

‫اض ‪..‬‬
‫و روى له ما حدث ‪ ..‬و أنه مجرد غريب يف هذه األر ي‬

‫ال بيت له و ال عائلة ‪..‬‬

‫عرض عليه الشيح عرضا ‪ ..‬أن يبق معه يعمل بجانبه لسنوات ‪..‬‬

‫ييوج أحد ابنتيه ‪ ..‬و يصبح كفرد من العائلة ‪..‬‬

‫بق مع الشيخ يعمل كادحا ‪..‬‬


‫وافق الفت ‪ ..‬و ي‬

‫الصغية الجديدة ‪..‬‬


‫ر‬ ‫يعيل أرسته‬

‫صغيا ‪..‬‬
‫ر‬ ‫أصبح اآلن رب أرسة ‪ ..‬لم يعد‬

‫كي الفت فصار رجال ‪..‬‬


‫ر‬

‫الت وعدها إياه ‪..‬‬


‫و أتم مع الشيخ كل الحجج ي‬

‫كيت عائلته ‪ ..‬وقوي عضده ‪..‬‬


‫و ر‬

‫‪133‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫هل رأيت أيها الغريب ؟‬

‫حي يسلب هللا منك شيئا ‪ ..‬فذلك ألنه ر ئ‬


‫يخت لك أفضل منه ‪..‬‬ ‫ر‬

‫تالف رسا يف حياتك ‪ ..‬فال تنس أن يف باطنك خ ري خ يق ‪..‬‬


‫حي ي‬‫ر‬

‫ال تترسع دوما فتحكم عل حياتك ‪..‬‬

‫شء ‪..‬‬
‫ال تظي هللا ناسيك ‪ ..‬يراك و يعلم كل ي‬

‫كن مؤمنا بقضاء ربك واثقا بأنه لن ييكك ‪..‬‬

‫شء يحدث لك خ ري لك ‪..‬‬


‫كن واثقا أن كل ي‬

‫الصي سالح األقوياء ‪..‬‬


‫ر‬ ‫و أن الطريق البد أن يكون وعرا ‪ ..‬و لكن‬

‫ال تنس أيها الغريب ‪..‬‬

‫الىسء و باطنه ‪..‬‬


‫أنك ترى األمور من ظاهرها فقط ‪ ..‬و هللا يعلم ظاهر ي‬

‫هللا أيها الغريب ‪..‬‬

‫نعم السند و الوكيل ‪ ..‬فال تنس أبدا ‪..‬‬

‫ال تنس ‪ ..‬أن كل ظالم يحيطك بباطنك نور خ يق ‪ ..‬نور يتسلل إليك ‪..‬‬

‫ال تنس أبدا أيها الغريب ‪..‬‬

‫‪134‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫‪10‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ََ ََ َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬


‫‪ ¤‬ثم ِجئت عىل قد ٍر يا موش ‪¤‬‬
‫اذهب حيث شئت ‪ ..‬و ارحل حيثما شئت ‪..‬‬

‫افعل ما شئت ‪..‬‬

‫لكن ال تنس أن قدر هللا محتوم ‪..‬‬

‫و أن إرادة هللا أعظم منا جميعا ‪..‬‬

‫الن يريدها هللا منك أن تتمها ‪..‬‬


‫و أن المهمة ي‬
‫فالبد لك أن تفعل قبل مماتك ‪..‬‬

‫و الموعد الذي يقدره هللا لك أن ترحل فيه مجددا ‪..‬‬

‫سيأت ال محالة ‪..‬‬


‫ي‬
‫و ال تنس أبدا ‪..‬‬

‫أن األمر كله هلل تبارك و تعاىل ‪..‬‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫‪10‬‬
‫اآلية ‪ – 40‬سورة طه – القرآن الكريم‬

‫‪135‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫جمع عائلته و قرر العودة إل بالده ‪..‬‬

‫و يف طريقه ‪ ..‬توقفت القافلة قرب واد سحيق ‪..‬‬

‫كان الليل قد نرس ظالمه يف األنحاء ‪..‬‬

‫و لما رأى نارا موقدة قال ألهله أن ينتظروا ‪..‬‬

‫لعله يأتيهم منها بشعلة يستدفئون بها ‪ ..‬أو هاديا يهديهم الطريق ‪..‬‬

‫سيني دربه و طريقه إل النهاية ‪..‬‬


‫ه إال نور ر‬
‫لم يكن يعلم أن النار ما ي‬
‫ه إال نور و سبب ‪..‬‬
‫ما ي‬
‫ليني درب قومه جميعا ‪..‬‬
‫ر‬

‫و لما أتاها ‪ ..‬نودي ‪ ..‬و برس بالرسالة العظيمة ‪..‬‬

‫ناداه ربه و أوح إليه ما يوح ‪..‬‬

‫للمظلومي ‪..‬‬
‫ر‬ ‫أن انرس السالم يف األرض ‪ ..‬و كن رحمة‬
‫كن سندا للمقهورين ‪..‬‬

‫كن جدارا يصد ظلم الظالم ‪..‬‬

‫واجه الظالم و عرفه بربه لعله يتذكر أو يخىس و يحاف ‪..‬‬

‫الت أمنحك إياها ‪..‬‬


‫واجه الملك الظالم و حاججه بالحجج ي‬
‫للمؤمني ‪ ..‬و اهد سبيل الناس إل رصاط مستقيم ‪..‬‬
‫ر‬ ‫كن حجة‬
‫بشيا تبرس الذين ما زالوا أوفياء لحبهم هلل ‪..‬‬
‫كن ر‬
‫ثابتي عل الطريق الطيب ‪..‬‬
‫ر‬
‫الظالمي ‪..‬‬
‫ر‬ ‫المجرمي و‬
‫ر‬ ‫و كن نذيرا تنذر‬

‫‪136‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫و تشعل يف قلوب هم شعلة اإليمان و الحب مجددا ‪..‬‬

‫كن رحمة يف األرض ‪ ..‬كن إنسانا خليفة يل عل األرض ‪..‬‬

‫و لما أراه ربه اآليات العظيمة و الحجج القوية ‪..‬‬

‫و أمره بإيصال الرسالة ‪..‬‬

‫كان له طلب بسيط ‪..‬‬

‫لسان بفصيح المنطق ‪..‬‬


‫ي‬ ‫رن ‪ ..‬و سهل أمري ‪ .‬و أطلق‬
‫وسع يل صدري يا ر ي‬
‫كالم ‪..‬‬
‫ليفهموا ي‬
‫أهل ‪..‬‬
‫و اجعل يل معينا من ي‬
‫كت الرسالة ‪..‬‬
‫أح معينا يل ‪ ..‬ألقوى به ‪ ..‬و يشار ي‬
‫اجعل ي‬
‫شء من أفعالنا ‪..‬‬
‫بصي ال يحق عليك ي‬
‫رن ر‬
‫أنك يا ر ي‬

‫حينها أتاه الرد رسيعا ‪..‬‬

‫أنت قد أنعمت عليك قبل هذه ‪..‬‬


‫قد أعطيتك كل ما سألت ‪ ..‬و ال تنس ي‬
‫حي كنت طفال رضيعا ‪..‬‬
‫ر‬
‫حي رصت فت شابا ‪..‬‬
‫و ر‬
‫إل اآلن ‪..‬‬

‫رسالت العظيمة ‪.‬‬


‫ي‬ ‫نعم ‪ ..‬و انطلق بلغ‬
‫ي‬ ‫ال تنس‬

‫‪137‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫‪11‬‬
‫‪ ¤‬قال قد أوتيت سؤلك يا موش ‪¤‬‬
‫الن تمنيناها ن يف رسنا وعلننا ‪..‬‬ ‫ن‬
‫األمات ي‬
‫ي‬ ‫عن تلك‬
‫الن طلبناها و نطلبها ‪..‬‬
‫عن األشياء ي‬
‫عن الدعاء الذي دعوناه نف ليلة مظلمة و قلوبنا ن‬
‫تي ‪..‬‬ ‫ي‬
‫الن داعبتنا و أردنا نهايتها ‪..‬‬
‫عن األحزان ي‬
‫اللهم هذا ‪..‬‬

‫اللهم ائتنا سؤلنا يا عظيم ‪.‬‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫‪11‬‬
‫اآلية ‪ – 36‬سورة طه – القرآن الكريم‬

‫‪138‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫وصل الفت الذي صار رجال شديدا إل مدينة الملك الظالم ‪..‬‬

‫الت عاش ربي أحضانها طفولته و شبابه ‪..‬‬


‫مدينته ي‬
‫مدينة أرسته ‪ ..‬أمه و أبيه ‪..‬‬

‫الت ربته و أحبته ابنا لها ‪..‬‬


‫مدينة السيدة ي‬
‫وصل إليها لكن هذه المرة شامخا ‪ ..‬ألن يف قلبه رسالة البد لها أن تصل ‪..‬‬

‫ألن له هدفا البد له من تحقيقه ‪..‬‬

‫الت قد تعيض طريقه ‪..‬‬


‫الت قد تواجهه أو اآلالم ي‬
‫لم تكن لتهمه العقبات ي‬
‫كان له هدف و مض عازما إل تحقيقه ‪..‬‬

‫عن ذلك اإليمان أيها الغريب ‪..‬‬

‫حي تؤمن أن هللا بجانبك فال تخاف شيئا ‪..‬‬


‫عن تلك الثقة ‪ ..‬ر‬
‫تمض مرفوع الرأس شامخا ‪..‬‬
‫ي‬ ‫و‬

‫وصل قرص الملك و وقف أمامه ‪..‬‬

‫جالسا كان الملك ربي حاشيته ‪ ..‬و الجنود يحيطون به من كل جانب ‪.‬‬

‫و كان ابن الماء و الشجر وحيدا ‪ ..‬بجانبه أخوه ‪..‬‬

‫سنده أخوه ‪ ..‬و ربه األعل ‪.‬‬

‫لم يخف ‪ ..‬بل مض عازما و وقف ثابتا يحدث الملك عن رسالته ‪..‬‬

‫ألنه يعلم أن هللا يرى و يسمع ‪ ..‬أمن و اطمأن ‪.‬‬

‫‪139‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫‪¤¤¤‬‬
‫َ‬ ‫‪ َّ َ َ َ َ َ َ 12‬ن َ َ ُ َ َ ْ َ ُ َ َ‬
‫‪ ¤‬قال ال تخافا ۖ ِإن ِ ين معكما أسمع وأرى ‪¤‬‬
‫هل تظن أنه ييكك و أنت عىل الرصاط مستقيم ‪..‬‬
‫ن‬ ‫َ‬
‫وف لإليمان ‪.‬‬
‫داع للخوف و قلبك ي‬
‫ال ي‬
‫إنه يراك و يسمعك ‪ ..‬أقرب إليك من حبل الوريد‬
‫فنعم السند و الوكيل هو ‪.‬‬
‫‪¤¤¤‬‬

‫‪12‬‬
‫اآلية ‪ – 46‬سورة طه – القرآن الكريم‬

‫‪140‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫وقف أمام الملك يحدثه عن اإلله الواحد األحد ‪..‬‬

‫عن السالم الذي البد أن يحل عل هذه األرض ‪..‬‬

‫المظلومي الذين البد له أن ييك ياقتهم ‪..‬‬


‫ر‬ ‫الت أن ليحاربه ‪ ..‬عن‬
‫عن الظلم ي‬

‫عن الذين استعبد الظالم حياتهم ‪ ..‬البد لهم أن يتحرروا ‪..‬‬

‫عن الحرية ‪ ..‬عن المساواة ربي البرس ‪..‬‬

‫صار يحدثه ‪..‬‬

‫عيت الرجل الشديد ‪..‬‬


‫يقي يراه يف ي‬
‫و الملك يضحك و أوصاله ترتعد خوفا من ر‬
‫رجل شديد قوي ‪ ..‬شامخ كالجبل ‪ ..‬يف يده عصا كأنه يوازن بها مدار األرض ‪..‬‬

‫خشت ‪..‬‬
‫ري‬ ‫لم يعد ذلك الطفل الرضيع يف صندوق‬
‫و لم ذلك الفت الشاب يف طرقات المدينة ‪..‬‬

‫لم يعد كما كان أبدا ‪..‬‬

‫بل عاد شامخا ‪ ..‬عاد شخصا آخر ‪ ..‬عاد ليعيد التوازن إل األرض من جديد ‪..‬‬

‫حاف الظالم لكنه لم يظهر ذلك ‪..‬‬

‫بل صار يتحدث واثقا بأنه الرب األعل ‪..‬‬

‫يلق أكاذيبه عل المأل ‪..‬‬


‫يتكي و ي‬
‫صار ر‬
‫لكنه الرجل الشديد لم يعر ذلك اهتماما ‪ ..‬يعلم جيدا أن الحق ظاهر ال محالة ‪..‬‬

‫الت منحها ربه إياه ‪..‬‬


‫حاججه بالحجج ي‬
‫كانت صدمة الحاشية مما رأت بادية يف محياهم ‪ ..‬لكنهم ‪..‬‬

‫تكيوا ‪ ..‬و قالوا ساحر كذاب ‪..‬‬


‫لكنهم أيضا خافوا من الملك و ر‬
‫قال الملك ‪ ..‬ما هذا إال سحر تريد تسحرنا به ‪..‬‬

‫نلتق فيه و نحاجج ‪..‬‬


‫فلنجعل بيننا و بينك موعدا ال نخلفه ‪ ..‬موعدا ي‬
‫‪141‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫وافق الرجل الشديد و ثبت عل كالمه ‪..‬‬

‫للمظلومي ‪..‬‬
‫ر‬ ‫الحرية‬
‫الطمأنينة للمقهورين ‪..‬‬

‫للمعذبي ‪..‬‬
‫ر‬ ‫الرحمة‬
‫السكون للغرباء ‪.‬‬

‫شء ‪ ..‬و أنه الواحد األحد ‪.‬‬


‫أكي من كل ي‬
‫و أن هللا ر‬

‫اتفقا عل يوم عيد يخرج فيه القوم بزينتهم ‪ ..‬و اتفقوا عل مكان محدد ‪..‬‬

‫و أرسل الملك إل كل المدن المحيطة ‪ ..‬إل كل ساحر يف أرجاء األرض ‪..‬‬

‫أن اجتمعوا فإن لكم عندي غنيمة إن كنتم الفائزين ‪..‬‬

‫المعروفي يف البلد ‪..‬‬ ‫جاءه سحرة من ر‬


‫أكي السحرة‬
‫ر‬
‫ر‬
‫أكيهم قوة و معرفة للسحر ‪..‬‬

‫حل اليوم الموعود ‪ ..‬و اجتمع القوم و حرص الرجال و النساء ‪..‬‬

‫حرص الجميع لينظر المعركة المرتقبة ‪..‬‬

‫معركة العدل و الظلم ‪..‬‬

‫معركة النور و الظالم ‪ ..‬معركة الحق و الباطل ‪..‬‬

‫ستغي موازين األرض فيما بعد ‪..‬‬


‫ر‬ ‫معركة‬
‫ثبت الكل يف مكانه يرتقب و ينتظر ‪..‬‬

‫كان الرجل الشديد بجانب أخيه شامخا ال يخىس أحدا ‪..‬‬

‫و كان السحرة يف الجانب اآلخر يخططون و يجهزون أسلحتهم ‪..‬‬

‫‪142‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫و يف األعل ‪ ..‬يف الرسفة الملكية كان الملك الظالم ينتظر هزيمة الرجل الشديد ‪..‬‬

‫و بجانبه كان زوجته تساند الشديد ضد السحرة ‪..‬‬

‫الت أن بها طفل الماء و الشجر ‪..‬‬


‫كان تؤمن برسالة السالم و اإليمان ي‬
‫كان تؤمن به و تسانده يف حفاء ‪..‬‬

‫و تدعو رب ها ربي جنبات القرص خفية عن الجميع ‪..‬‬

‫الكيى ‪ ..‬اآلن موعد إظهار الحق ‪..‬‬


‫حان اآلن وقت المعركة ر‬
‫يغي كل الموازين ‪..‬‬
‫اآلن موعد انتصار ر‬
‫واثقي أنهم الفائزون دون أي شك ‪..‬‬
‫ر‬ ‫ألق السحرة أقالمهم‬
‫و أوجههم ترسم ابتسامة عريضة فحرا بما صنعوا ‪..‬‬

‫و الناس يصفقون ‪ ..‬و الجمع يهلل كأن األمر قد حسم منذ البداية ‪..‬‬

‫شء و هو هادئ واثق مؤمن بربه ‪..‬‬


‫و كان الرجل الشديد يرى كل ي‬
‫للطيبي ‪..‬‬
‫ر‬ ‫و صوت اإليمان يف باطنه يطمئنه أن النرص‬
‫حينها ألق عصاه ‪ ..‬و قلبه عامر ثقة باهلل ‪..‬‬

‫ه ثعبان عظيم ‪ ..‬ثعبان يحطم كل ما ألقاه السحرة ‪..‬‬


‫ألق عصاه فإذا ي‬
‫و السحرة مندهشون ‪..‬‬

‫شء عجيب ‪..‬‬


‫كل منهم قد فغر فاه ‪ ..‬و صدم مما رأى ‪ ..‬هذا ي‬
‫شء قبله ‪ ..‬هذا ليس سحرا ‪..‬‬
‫هذا ليس كأي ي‬
‫هذه حقيقة ‪..‬‬

‫شء عجيب ‪ ..‬هذا نور سيحطم كل أوثان الظالم ‪..‬‬


‫هذا ي‬

‫‪143‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫يوح أن النرص لألبرياء ‪..‬‬


‫ي‬ ‫حل الصمت عل المكان ‪ ..‬صمت عميق‬
‫صمت مفاده أن الظلم ليس قائما ‪ ..‬الظلم ليس ثابتا ‪..‬‬

‫حي ‪..‬‬
‫الظلم سيفت و لو بعد ر‬

‫و يف لحظة ‪ ..‬تسلل النور إل قلوب السحرة ‪..‬‬

‫مؤمني ‪..‬‬
‫ر‬ ‫هدم النور كل أوثان الباطل يف قلوب هم ‪ ..‬و صاروا‬
‫كانوا يعلمون حق المعرفة أن األمر و الشك فيه ليس سحرا ‪..‬‬

‫يعلمون السحر جيدا ‪ ..‬و ما رأوه اآلن أعظم من أن يوصف بالسحر ‪..‬‬

‫يقي ‪..‬‬
‫ما رأوه اآلن حق و ر‬
‫ما رأوه ال يقدر عليه برس ‪ ..‬هذا أعظم منهم جميعا ‪..‬‬

‫المجرمي ‪..‬‬
‫ر‬ ‫حينها اعيفوا بذنبهم ‪ ..‬و اعيفوا أنهم كانوا من‬
‫و أن النور قد بسط جناحيه يف أفئدتهم ‪..‬‬

‫الت يدعو إليه الرجل الطيب الشديد ‪...‬‬


‫و أنهم بعد اآلن أوفياء لإليمان و الحب ي‬
‫صار السحرة يف صف الرجل الطيب الشديد ‪..‬‬

‫صاروا اآلن أوفياء لحب استوطن قولبهم ‪ ..‬حب الواحد األحد ‪..‬‬

‫حب الرصاط المستقيم ‪..‬‬

‫‪144‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫عن أي إحساس تتحدث ؟‬


‫َّ‬ ‫َ ٌ ََ ُ َ َ َ ُ َ َ ُ‬ ‫عن ذلك الشعور ن‬
‫عم عقن الدار ﴾‬ ‫حي تسمع ‪ ﴿ ,‬سالم عليكم ِبما صيتم ف ِن‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫‪145‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫هل تعلم أيها الغريب ؟‬


‫إن ربي الحب و الكراهية خيط رفيع ‪.‬‬

‫قصي ‪..‬‬
‫ربي األبيض و األسود فاصل ر‬

‫الخي و الرس خط بسيط ‪..‬‬


‫ربي ر‬

‫حينا تجد نفسك أبيضا بريئا ‪ ..‬و حينا يغمرك السواد ‪..‬‬

‫ينبض قلبك بالمحبة أحيانا ‪ ..‬و بالكراهية يف لحظات ‪..‬‬

‫نظن أنفسنا أخيارا رحماء ‪ ..‬و يف لحظة فقط ‪..‬‬

‫الظالمي ‪..‬‬
‫ر‬ ‫نجد أنفسنا ربي‬

‫ال أحد عل وجه األرض بريء ‪ ..‬سوى األطفال ‪..‬‬

‫هم مالئكة األرض و السماء بعد وفاتهم ‪..‬‬

‫خي و بذرة رس ‪. .‬‬


‫بداخل كل منا بذرة ر‬

‫نسق نبتتنا ‪ ..‬نحن من نزرعها ‪..‬‬


‫ي‬ ‫نحن من‬

‫الفريقي نستحق التواجد ‪..‬‬


‫ر‬ ‫فق أي‬
‫ي‬

‫لشياطي ؟‬
‫ر‬ ‫هل بجانب المالئكة أم ا‬

‫هل نحب أم نكره بشدة ؟‬

‫هل يحيط بنا البياض أم أن السواد مهيمن ؟‬

‫‪146‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫أثار األمر حنق الملك الظالم ‪..‬‬

‫الت تعرض لها هؤالء أمام رجل تحداه أمام قومه ‪..‬‬
‫لم يتجرع بعد الخسارة ي‬
‫و اآلن السحرة الذين أن بهم لينترص ‪..‬‬

‫انقلبوا عليه و صاروا يف صفه ‪..‬‬

‫لم يتجرع أبدا تلك الهزيمة ‪..‬‬

‫الت شاهدت المعركة قوته ‪..‬‬


‫و كان البد له أن يثبت للناس ي‬
‫البد أن يثبت للذين ترسب الشك إليهم بعد ما حدث ‪..‬‬

‫شء ‪..‬‬
‫البد له أن يثبت لقومه و حاشيته أنه أقوى و ال يهدمه ي‬

‫و قد خاب من ظن أنه ال ُيهدم ‪..‬‬

‫أكي من الجميع و تعال عن الناس ‪..‬‬


‫و قد خاب من ظن نفسه ر‬
‫و قد خاب من اعتقد أنه أفضل من الجميع ‪..‬‬

‫و قد خاب خيبة عظم ‪..‬‬

‫أمر السحرة بالعزوف عن مسعاهم ليسامحهم ‪..‬‬

‫هددهم و وعدهم أن يهديهم كنوزا ال قبل لهم بها ‪ ..‬إن هم تراجعوا ‪..‬‬

‫شء ‪..‬‬
‫هددهم بكل ي‬
‫شء يتمنونه ‪..‬‬
‫و وعدهم بأي ي‬
‫لكن دون جدوى ‪..‬‬

‫ألن األمر لم يعد مشكوكا فيه ‪..‬‬

‫لم يعد السحرة كما كانوا ‪ ..‬بل أصبحوا أشخاصا آخرين ‪..‬‬

‫‪147‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫شء لذلك ‪..‬‬


‫هددهم بقطع أيديهم و أرجلهم ‪ ..‬و جهز لك ي‬
‫لكنهم أبوا أن يياجعوا عن حبهم و إيمانهم ‪..‬‬

‫شء ليعذبهم ‪..‬‬


‫لك رييز قوته الفانية أمام الضعفاء ‪ ..‬جهز كل ي‬
‫و ي‬
‫و كذلك فعل ‪ ..‬عذبهم عذابا شديدا ‪..‬‬

‫و يف كل مرة يطلب منهم الياجع ‪ ..‬لكنهم لم يفعلوا ‪..‬‬

‫و لما عرف أن األمر فيه خسارة له ‪ ..‬و أنه خارس أمام هؤالء ‪..‬‬

‫قرر قتلهم و إنهاء حياتهم لعله يحفظ ماء وجهه من العار الذي سيلحقه ‪..‬‬

‫ملك و قصور ‪ ..‬كنوز و عسكر ‪..‬‬

‫عاديي ‪..‬‬
‫ر‬ ‫حاشية و أسلحة ‪ ..‬لكنه لم يستطع هزم أشخاص‬
‫لم يستطع هدم إيمان أشخاص عزل ال يملكون سوى قلوب هم ‪..‬‬

‫لو يستطع أن يجعلهم يعيفون به و بقوته ‪..‬‬

‫شامخي إل أبعد حد ‪..‬‬


‫ر‬ ‫عاديي جدا ‪ ..‬لكنهم‬
‫ر‬ ‫كانوا‬
‫ثابتي عل الرصاط ‪..‬‬
‫كانوا بسطاء ‪ ..‬لكنهم كالجبال ‪ ..‬ر‬
‫كان هو ملكا يحيط به الجنود‪..‬‬

‫كانوا هم عزال يملكون أرواحهم فقط ‪ ..‬و كانت أرواحا عظيمة ‪..‬‬

‫‪148‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫هذا بالضبط ما يفعله اإليمان أيها الغريب ‪..‬‬

‫هذا بالضبط ما يفعله الحب بقلوبنا ‪..‬‬

‫الحب أيها الغريب ‪ ..‬الحب الصادق يجعلنا أوفياء ‪..‬‬

‫اإليمان القوي يجعلنا أقوياء ‪..‬‬

‫اإليمان يجعلنا كالجبال ‪ ..‬ال تزعزعنا العواصف ‪..‬‬

‫ثابتي كأن جذورنا ال حدود لها ‪..‬‬


‫يجعلنا ر‬
‫هذا بالضبط ما يفعله الحب و اإليمان بنا ‪..‬‬

‫يجعلنا عظماء ‪..‬‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫‪149‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫انتهت المعركة بهزيمة مذلة للملك ‪ ..‬قتل السحرة لكنه خرس ‪..‬‬

‫خرس أمام بضع أشخاص ال يملكون سلطة و ال حكما ‪..‬‬

‫ال يملكون سوى قلوب وفية فقط ‪..‬‬

‫و صار الرجل الغريب ‪ ..‬الرجل الذي لم يعد رضيعا ‪..‬‬

‫صار يعيش ربي أهله ‪ ..‬يدعو الناس إل الحب ‪..‬‬

‫إل رسالة السالم و األمان ‪..‬‬

‫لكن الملك لم يكن ليعجبه األمر أبدا ‪..‬‬

‫و كان حاشيته تزيد للنار وقودا ‪ ..‬كان قومه يحدثونه أن هؤالء قد داسوا كرامتنا ‪..‬‬

‫فهل تدعهم هكذا ‪..‬‬

‫فصار يعذب كل من اتبع رسالة السالم ‪..‬‬

‫عذب الضعفاء و قتل األبرياء ‪ ..‬و سالت دماء األوفياء يف الطرقات ‪..‬‬

‫اغتصب حقوق المقهورين ‪..‬‬

‫و نرس الفساد يف األرض ‪..‬‬

‫بعد زمن ‪ ..‬كان قراره قطعيا ‪ ..‬جمع جنده و جيشه ‪..‬‬

‫األقربي إليه ‪..‬‬


‫ر‬ ‫جمع حاشيته و كل‬
‫و حشد عسكره و جهز الجميع للذهاب خلف األبرياء ‪..‬‬

‫الوف إليمانه ‪..‬‬


‫لقتل الرجل الشديد ‪ ..‬ي‬

‫‪150‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫هناك يف الجانب اآلخر ‪ ..‬اجتمع األبرياء ‪..‬‬

‫و قرروا الرحيل و الذهاب بعيدا عن هذا البلد ‪..‬‬

‫أوح إل الرجل الشديد ‪ ..‬أن اذهب بالناس و ابتعدوا ‪..‬‬


‫وح ي‬‫بعد ي‬
‫فأرض هللا واسعة ‪..‬‬

‫صار الطريق أمام قافلة السالم واضحا ‪ ..‬و ثبتوا عل العهد و انطلقوا ‪..‬‬

‫واثقي أن بهم لن يدعهم وحيدين يف أروقة الدنيا ‪..‬‬


‫ر‬ ‫و هم‬
‫شء قدير ‪..‬‬
‫ؤمني أن هللا عل كل ي‬
‫م ر‬
‫و هاهم اآلن أمام طريق طويل ‪..‬‬

‫طريق الحرية ‪..‬‬

‫كثيا من أجلها ‪..‬‬


‫الت لطالما انتظروها ‪ ..‬و تألموا ر‬
‫الحرية ي‬
‫الطريق نحو التحرر من قيود العبودية ‪..‬‬

‫من قيود الملك و حاشيته الظالمة ‪ ..‬قيوم العبودية الظالمة ‪..‬‬

‫الت تجرعوها يف سبيله ‪..‬‬


‫يرون أما الطريق الطويل ‪ ..‬لكنه يستحق كل اآلالم ي‬
‫يف سبيل الحرية و األمان ‪..‬‬

‫قلوب هم الوفية تتعطش للحرية ‪ ..‬تتعطش لعيش آمن ‪ ..‬بعيد عن الظلم ‪..‬‬

‫بعيدا عن ظلم الملك ‪ ..‬بعيدا عن عذاب أليم كل يوم ‪..‬‬

‫الحقية ‪..‬‬
‫ر‬ ‫بعيدا عن سالسل العبودية‬
‫كانت الرحلة قد بدأت ‪ ..‬و انطلقوا نحو الحرية ‪..‬‬

‫‪151‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫كانتا قافلتان ‪..‬‬

‫قافلة الحرية تبتعد شيئا فشيئا ‪..‬‬

‫قافلة الظلم تتبعها من الحلف مرسعة ‪..‬‬

‫قافلة اإليمان و الحب ‪..‬‬

‫قافلة االستعباد و الظالم ‪..‬‬

‫انطلقتا ‪ ..‬األول تجري نحو األمان ‪ ..‬و الثانية نحو القتل و العهر ‪..‬‬

‫كان سباقا نحو األمان ‪..‬‬

‫سباقا نحو الحرية ‪ ..‬نحو بر األمان ‪..‬‬

‫شء يعلم و يرى ‪..‬‬


‫و هللا فوق كل ي‬

‫وصلت قافلة األبرياء طريقا مسدودا ‪ ..‬وصلوا الماء ‪..‬‬

‫أمامهم بحر من المياه ‪ ..‬كيف السبيل ‪ ..‬كيف الطريق ‪..‬‬

‫أمامهم بحر ال يقدرون عل تجاوزه ‪..‬‬

‫الييئة ‪..‬‬
‫ال يملكون سوى أرجلهم و أرواجهم ر‬
‫يتقدمهم الرجل الشديد ‪ ..‬و قلبه متيقن أن ربه لن ييكه ‪..‬‬
‫لن ييكه ف ر‬
‫أكي اللحظات احتياجا ‪..‬‬ ‫ي‬
‫الطيبي ‪..‬‬
‫ر‬ ‫و لم ييكه ‪ ..‬و هللا ال ييك عباده‬
‫و هللا غالب عل أمره ‪.‬‬

‫‪152‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫أوح إليه ربه أن يرصب بعصاه البحر ‪..‬‬

‫قسمي ‪..‬‬
‫ر‬ ‫و يف لحظة ‪ ..‬انقسم البحر إل‬
‫يف لحظة ‪ ..‬و الذهول يحيط بالجميع ‪..‬‬

‫شء أعجز الجميع ‪..‬‬


‫شء ال يصدق ‪ ..‬ي‬
‫ي‬
‫كانت معجزة عظيمة ‪..‬‬

‫كانت سبيال نحو الحرية ‪..‬‬

‫تأن مرسعة و تجد الناس قد دخلوا وسط البحر ‪..‬‬


‫قافلة الملك ي‬
‫وجد قافلة األبرياء وسط المياه ‪..‬‬

‫اليمي و آخر عن الشمال ‪..‬‬ ‫ئ‬


‫مان عن‬
‫ر‬ ‫جدار ي‬
‫تكيه لم يدعه ‪ ..‬خاف من حديث الناس ‪..‬‬
‫تردد يف العبور ‪ ..‬لكن ر‬
‫أن يقولوا عنه ملك خاف من بضع أشخاص ‪..‬‬

‫فانطلق يتبعهم ‪ ..‬انطلق بكل حاشيته ‪ ..‬بكل جنده ‪..‬‬

‫انطلق بكل قوته ‪ ..‬بكل ما يملك ‪..‬‬

‫تكق قوة البرس أمام عظمة الواحد األحد ؟‬


‫و هل ي‬

‫لما وصل وسط البحر ‪ ..‬و اجتمع و حاشيته يف الداخل ‪..‬‬

‫انهارت جدران المياه المحيطة ‪ ..‬و التهمت أمواج البحر كل الذين دخلوا ‪..‬‬

‫الت حرجت آمنة منذ زمن ‪..‬‬


‫سوى قافلة األبرياء ي‬
‫يلق بمياهه عل الظلم ‪..‬‬ ‫ئ‬
‫ه تنظر إل البحر ي‬
‫خرجت نحو الشاط و ي‬
‫كأنه يدفن الظالم بباطنه ‪..‬‬

‫‪153‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫كأن البحر غاضب من األرواح المظلمة بباطنه ‪..‬‬

‫و هناك فوق المياه ‪..‬‬

‫نصي ‪..‬‬
‫يطفوا الظالمون ‪ ..‬و هم يستنجدون ‪ ..‬و مالهم من ر‬
‫و الملك الظالم وسط الجمع ينادي ‪..‬‬

‫إن قد آمنت بربكم و آمنت برسالتكم ‪..‬‬


‫ي‬
‫للظالمي ‪..‬‬
‫ر‬ ‫لكن األوان قد فات ‪ ..‬و ال ر‬
‫معي‬
‫انتهت رحلتك أيها الظالم ‪ ..‬و انتىه فسادك عل هذه األرض ‪..‬‬

‫كما انتىه آخرون قبلك ‪ ..‬و سيهزم الذين من بعدك ‪..‬‬

‫و سيبق األوفياء فقط ‪..‬‬

‫سيبق المؤمنون األوفياء للعهد فقط ‪..‬‬

‫انتىه الظلم و حل العدل ‪ ..‬انتىه الظالم و ظهر النور ‪..‬‬

‫غرق الفساد ‪ ..‬و أزهرت أزهار األمل فوق األرض ‪..‬‬

‫انترص الحق أمام الباطل ‪..‬‬

‫الظالمي ‪..‬‬
‫ر‬ ‫جيوت‬
‫الطيبي عل ر‬
‫ر‬ ‫انترصت قلوب‬
‫انتهت المعركة ‪..‬‬

‫بق األوفياء فقط ‪.‬‬


‫و ي‬

‫‪¤¤¤¤‬‬

‫‪154‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫كانت قصة طفل رضيع ‪..‬‬

‫كانت رحلة طفل رضيع أن من ربي الشجر و الماء ‪..‬‬

‫رحلة اختلطت فيها األحاسيس ‪..‬‬

‫كبي ‪..‬‬
‫ربي غربة طفل يف قرص ر‬
‫غربة أم ابتعدت عن وليدها ‪ ..‬و أخت وفية للحب ‪..‬‬

‫وف ‪..‬‬
‫رحلة حب شديد ي‬
‫رحلة وفاء و أمان ‪..‬‬

‫كانت رحلة الطفل الرضيع طويلة ‪..‬‬

‫مؤلمة أحيانا ك رثية ‪ ..‬و مفرحة بضع أحيان ‪..‬‬

‫مليئة بالصمود و الثبات ‪ ..‬بالمحاربة و المقاومة ‪..‬‬

‫محاربة الظلم ‪ ..‬و مقاومة العبودية ‪..‬‬

‫رحلة نحو الحرية ‪..‬‬

‫رحلة نحو الحب ‪.‬‬

‫تنتىه هنا ‪..‬‬


‫ي‬ ‫لكن رحلته لم‬
‫ر‬
‫األكي قسوة و ألما ‪..‬‬ ‫بل للتو بدأت الرحلة‬
‫بعد اآلن لن يحارب الغرباء ‪ ..‬لن يحارب ملكا و ال حاكما ‪..‬‬

‫الت يضعها الظالمون ‪..‬‬


‫لن يقاوم سالسل العبودية ي‬
‫بعد اآلن ‪ ..‬ستكون رحلته ضد قومه ‪..‬‬

‫الت يضعها الناس عليهم بأيديهم ‪..‬‬


‫ستكون رحلته من أجل كرس أغالل العبودية ي‬
‫سيقاوم موت الحب يف القلوب ‪..‬‬

‫‪155‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫سيقاوم احتضار الرحمة يف أفئدة الناس ‪.‬‬

‫سيحارب الجهل و الغباء ‪..‬‬

‫سيحارب الذين كانوا معه يف الرحلة السابقة ‪..‬‬

‫كثيا ‪..‬‬
‫بعد اآلن ستكون رحلته قاسية جدا ‪ ..‬مؤلمة ر‬
‫بعد اآلن سيعود غريبا من جديد ‪..‬‬

‫األقربي إليه ‪..‬‬


‫ر‬ ‫غريبا ربي أقرب‬
‫سيعود غريبا ربي قومه ‪ ..‬يف وطنه ‪.‬‬

‫سيعود غريبا ‪ ..‬لكن وفيا ثابتا عل الرصاط ‪.‬‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫‪156‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫طالما أرسعة سفننا محطمة ‪ ..‬و قبطاننا نائم ‪..‬‬

‫فلتهب الرياح من أي جهة شاءت ‪.‬‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫بف الجميع عرفناهم أول مرة ‪..‬‬


‫ماذا لو ي‬

‫و لم يتغيوا ‪.‬‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫‪157‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫ن‬
‫فلسطي ‪¤¤¤‬‬ ‫‪ ¤¤¤‬عن كوكب اسمه‬

‫‪¤¤¤‬‬
‫اش ‪..‬‬ ‫ر‬‫الك‬ ‫َ‬
‫حكام‬ ‫و‬ ‫األرض‬ ‫نَ‬
‫سالطي‬ ‫يا‬
‫ي‬ ‫ِ‬
‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫للطيبي ‪..‬‬ ‫النرص‬ ‫الحرية للوطن ‪ ,‬العدالة للشعوب ‪ ,‬و‬
‫ظالم أينما كان‪..‬‬ ‫حاكم جبار ‪ ,‬والذل لكل‬ ‫ُ‬
‫والعار لكل‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بيننا وبينكم عدل السماء‪.‬‬
‫‪¤¤¤‬‬

‫‪158‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫أماه ‪ ..‬يا أماه ‪..‬‬


‫هل قسوة الحياة و خشونتها‪ ،‬تجعل شعور الجفاف يعيينا ‪..‬‬
‫هل تجعل الحرب قلوبنا تنىس نبض الحب ‪..‬‬
‫هل يمأل التعب أرجاء أرواحنا ؟‬

‫أم ‪..‬‬
‫يت يا ي‬
‫أخي ي‬
‫ر‬
‫تتغي مالمحنا ‪..‬‬
‫هل تختلط بنا األحاسيس ‪ ..‬هل ر‬
‫عن رصاخ مكبوت و وجع أبدي ‪..‬‬
‫عن جراح من واجبها أال تلتئم أبدا ‪..‬‬
‫هل يقتل الغياب أحالمنا يا أماه ‪..‬‬

‫يف كل يوم يغيب عنا صديق أو حبيب ‪..‬‬


‫يقطف الموت كل ليلة زهرة من بيتنا ‪..‬‬
‫هل حقا ستصبح أحالمنا حقيقة ‪..‬‬
‫الت حفظناها ألحبائنا ‪..‬‬
‫األمان ي‬
‫ي‬ ‫تلك‬
‫أم ؟‬
‫هل يجتمع الحب و الحرب يا ي‬

‫إل مت يستمر النبض هكذا ‪..‬‬


‫أمان منكرسة ‪..‬‬
‫ربي قذيفة غادرة و ي‬
‫ربي رصاصة عاهرة و أحالم تائهة ‪..‬‬
‫إل مت يا أماه ‪. .‬‬
‫هل تزهر أحالمنا ‪ ..‬هل يصبح بستاننا بديعا مزهرا ‪..‬‬
‫هل نعود بأمان يا أماه ‪..‬‬
‫هل يعود الوطن كما كان ‪..‬‬
‫‪159‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫أم ‪..‬‬
‫يت يا ي‬
‫أخي ي‬
‫ر‬
‫لماذا اختارنا الموت وسط الكم الهائل من األرسار ‪..‬‬
‫ينتىه امتحاننا يا أماه ؟‬
‫ي‬ ‫مت‬

‫من يقتلنا ر‬
‫أكي ‪. .‬‬
‫هل الشوق أم اليأس ‪ ..‬هل الغدر أم الحرب ؟‬

‫أم ‪..‬‬
‫يت يا ي‬
‫أخي ي‬
‫ر‬
‫يا ترى كيف يكون طعم الحياة دون خوف ‪ ..‬دون فقد ؟‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫‪160‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫من أنا ‪..‬‬

‫اسم محمد ‪..‬‬


‫ي‬
‫من أنا ‪..‬‬

‫أنا ابن رجل من بالد المقاومة ‪..‬‬

‫هل تعرفها ؟‬
‫فلسطي ‪..‬‬
‫ر‬ ‫الت تسم‬
‫تلك ي‬
‫فلسطي ‪..‬‬
‫ر‬ ‫الت ستبق تسم‬
‫ي‬
‫من أنا ‪..‬‬

‫أنا ابن رجل من بالد المقاومة و الصمود ‪..‬‬

‫من أنا ‪..‬‬

‫فلسطي ‪..‬‬
‫ر‬ ‫كنت ابنا لرجل من بالد‬
‫كنت ابنا ‪..‬‬

‫كنت حيا ذات يوم ‪..‬‬

‫تذكرن ‪..‬‬
‫ي‬ ‫أنا محمد ‪ ..‬أال‬
‫دعت أساعدك ‪..‬‬
‫ي‬ ‫حسنا ‪..‬‬

‫سبتمي عام ‪.. 2000‬‬


‫ر‬ ‫الثالثون من أيلول‬
‫شء ‪..‬‬
‫هل تتذكر ‪ ..‬ال ‪ ..‬ال ي‬
‫تفاصيل الدقيقة ‪..‬‬
‫ي‬ ‫حسنا ‪ ..‬يبدو أنك ال تعرف‬
‫لكت ال أنىس ‪..‬‬
‫ي‬
‫وطت ال ينىس ‪..‬‬
‫ي‬ ‫بلدي ال ينىس ‪ ..‬و‬
‫انا ابن رجل يعمل نجارا ‪..‬‬

‫‪161‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫ولدت يف أحد مخيمات غزة ‪ ..‬هل تعرف غزة ؟‬


‫تعرفت ‪..‬‬
‫ي‬ ‫البد لك أن تعرفها ‪ ..‬و ال بد لك أن‬
‫وطت ‪..‬‬
‫ي‬ ‫ألن أنا ‪ ..‬أنا الجرح الذي مازال أثره باقيا عل جسد‬
‫ي‬
‫نعم أنا أنا ‪ ..‬أنا ذلك الجرح ‪..‬‬

‫الثالثي من شهر أيلول ‪..‬‬


‫ر‬ ‫وطت ر ين يوم‬
‫ي‬ ‫جرح‬
‫تتذكرن حقا ‪..‬‬
‫ي‬ ‫أال‬
‫ينتىه ‪ ..‬و جاء ترسين ليحزن و ييف الجرح ‪..‬‬
‫ي‬ ‫ودعت قبل أن‬
‫ي‬ ‫أيلول‬
‫الثالثي من أيلول ‪..‬‬
‫ر‬ ‫نعم أنا جرح‬
‫الصغي ‪..‬‬
‫ر‬ ‫أنا ذلك الطفل‬
‫الذي كانت أحالمه تداعب السماء يوما ‪..‬‬

‫الكبية لم تصل أبدا ‪..‬‬


‫ر‬ ‫أمانيه‬
‫الصغي الذي أراد أن يتحرر وطنه ‪ ..‬أن يصبح آمنا ‪..‬‬
‫ر‬ ‫أنا ذلك الطفل‬
‫كانت أمنيته ‪ ..‬وطن و حلم ‪..‬‬

‫وطن حر ‪ ..‬و أراضيه محررة مستقلة عن الظلم ‪..‬‬

‫يكي و يصبح كأبيه ‪..‬‬


‫حلم كل طفل ‪ ..‬أن ر‬
‫أن ‪..‬‬
‫لكت لم أصبح مثل ر ي‬
‫ي‬
‫رحيل ‪..‬‬
‫ي‬ ‫كثيا بعد‬
‫كي ر‬ ‫كأن ‪ ..‬بل ر ي‬
‫أن ر‬ ‫أكي أبدا ر ي‬
‫لم ر‬
‫أنا ذلك الطفل ‪..‬‬

‫تتذكرن ‪..‬‬
‫ي‬ ‫ما زلت ال‬
‫إسمنت ‪..‬‬
‫ي‬ ‫أنا الذي احتم و أبوه ربيميل‬
‫نحتم ربيميل ‪..‬‬
‫ي‬ ‫و الرصاص يهطل علينا كالمطر ‪ ..‬و نحن‬

‫‪162‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫كان برميال ‪ ..‬و كنا وراءه ‪ ..‬نخاف عل حياة بعضنا ‪..‬‬

‫حيان ‪..‬‬
‫ي‬ ‫ال لم أخف عل‬
‫أن ‪ ..‬و وطن أجدادي ‪..‬‬
‫حفت أن تسقط رصاصة ما شموخ ر ي‬
‫حيان أبدا ‪..‬‬
‫ي‬ ‫ال لم أخف عل‬
‫أرض ‪..‬‬
‫ي‬ ‫أن ‪ ..‬و صمود‬
‫خفت أن تسقط الرصاصات صمود ر ي‬
‫خفت جدا أن يخفت األمل و النور يف القلوب ‪..‬‬

‫خفت جدا أن يموت الحلم عل جنبات برميل ‪..‬‬

‫نعم ‪ ..‬كان مجرد برميل ‪..‬‬

‫نحتم وراءه ‪..‬‬


‫ي‬ ‫أن مجرد ضحايا‬
‫و كنت و ر ي‬
‫تذكرتت اآلن ‪ ..‬البد لك أن تفعل ‪..‬‬
‫ي‬ ‫هل‬
‫أخيتك بما كان من الالزم عليك أن تعرفه ‪..‬‬
‫ألن قد ر‬
‫ي‬
‫أنا الذي أصابته رصاصة يف رجله ‪ ..‬و أبوه خائف قد ترسب الفزع إليه ‪.‬‬

‫أنا الذي طمأن أباه أال يخاف ‪ ..‬أال ييك صموده ‪..‬‬

‫أنا الذي طمأن أباه مودعا إياه ‪..‬‬

‫أن ‪..‬‬
‫ساف ر ي‬
‫أسقطتت رصاصة عل ي‬
‫ي‬ ‫أنا الذي‬
‫أنا الذي قتلته الرصاصة و لم تقتل حلمه ‪..‬‬

‫أنا ابن ذلك الرجل ‪..‬‬

‫مطلق النار أن يتوقفوا ‪ ..‬هاهنا طفل بريء ‪..‬‬


‫ي‬ ‫الذي كان يطالب‬
‫كون حيا ‪..‬‬
‫ابن الرجل الذي طالبهم أن يي ي‬
‫كبي ‪..‬‬
‫صغي و ر‬
‫ر‬ ‫لكن شيئا من ذلك لن يحدث ‪ ..‬ألن الظالم ال يفرق ربي‬
‫أن ‪..‬‬
‫لم يحدث ما أراده ر ي‬

‫‪163‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫فأسقطتت الرصاصة عل ساقيه ‪..‬‬


‫ي‬
‫وطت ‪..‬‬
‫ي‬ ‫قتلتت الرصاصة و لم تقتل‬
‫ي‬
‫أن ‪.‬‬
‫وطت ‪ ..‬و ر ي‬
‫ي‬ ‫خوف الوحيد عل‬
‫ي‬ ‫و كان‬
‫تذكرتت اآلن ‪..‬‬
‫ي‬ ‫أنا محمد جمال الدرة ‪ ..‬هل‬
‫فلسطي ‪..‬‬
‫ر‬ ‫أنا محمد جمال الدرة ابن رجل من بالد المقاومة‬
‫وف ذات يوم ‪..‬‬
‫أنا محمد جمال الدرة كنت ابنا لرجل ي‬
‫لكنت لم أعد ‪..‬‬
‫ي‬ ‫كنت هناك ذات‬
‫كنت هناك ‪..‬‬

‫وطت ‪..‬‬
‫ي‬ ‫أنا الجرح النازف يف جسد‬
‫وطت صامد ال يخاف من الذئاب ‪..‬‬
‫ي‬ ‫و‬
‫بأرض من كل جانب ‪ ..‬و األصدقاء لم يعودوا أصدقاء ‪..‬‬
‫ي‬ ‫و الذئاب تحيط‬
‫األقربي صاروا بعيدين ‪..‬‬
‫ر‬ ‫و‬
‫و الوطن صار كالحلم ‪..‬‬

‫و الوطن مازال وفيا ‪..‬‬

‫ألن هذه األرض تستحق الموت من أجلها ‪..‬‬

‫مثل ‪..‬‬
‫الكثيون ي‬
‫ر‬ ‫و أنا قد رحلت ‪ ..‬و قد رحل‬
‫نرحل لكن الوطن باق ‪ ..‬نرحل و الخيانة ستظهر للعيان ‪.‬‬

‫و األوفياء سيبقون حت النهاية ‪.‬‬

‫أنا محمد جمال الدرة ‪ ..‬كنت ذات يوم طفال ربي أزقة غزة ‪..‬‬

‫أنا محمد جمال الدرة ‪ ..‬كنت ذات يوم أحلم و أتمت ‪..‬‬

‫كنت ذات يوم حيا و رحلت ‪..‬‬

‫‪164‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫وطت ‪..‬‬
‫ي‬ ‫تعرفت اآلن ‪ ..‬هل تعرف‬
‫ي‬ ‫هل‬
‫عت ‪..‬‬
‫هل تعرف شيئا ي‬
‫البد لك أن تعلم ‪..‬‬

‫وطت ‪..‬‬
‫ي‬ ‫عت ‪ ..‬عن‬
‫البد لك أن تخ ري أبناءك ي‬
‫فلسطي ليست وطنا فحسب ‪ ..‬ليست أرضا فحسب ‪.‬‬
‫ر‬ ‫ألن‬
‫فلسطي عقيدة ‪..‬‬
‫ر‬ ‫ألن‬
‫و البد لهذا الجيل أن يتمسك بعقيدته ‪..‬‬

‫‪165‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫أيها السادة ‪..‬‬

‫فلسطي حرة غانمة ‪..‬‬


‫ر‬ ‫ستبق‬

‫فلسطي موطننا الدائم ‪..‬‬


‫ر‬ ‫ستبق‬

‫فلسطي وعد هللا الذي ال عوض له ‪..‬‬


‫ر‬

‫فلسطي يف قلوبنا ثابتة ‪..‬‬


‫ر‬ ‫ستبق‬

‫فلسطي ‪..‬‬
‫ر‬ ‫ستبق قلوبنا تنبضا بعشق‬

‫سيبق العهد بيننا و بينها ساريا إل األبد ‪..‬‬

‫سنبق أوفياء ما حيينا ‪..‬‬

‫أيها السادة ‪..‬‬

‫هذه األرض موطن الحب و الصمود ‪..‬‬

‫عاشقي ‪..‬‬
‫ر‬ ‫و نحن لها‬

‫دهالي عشقها غابرين ‪..‬‬


‫ر‬ ‫نحن ربي‬

‫نحن أيها السادة ال نستطيع خيانتها ‪..‬‬

‫ال نفعل ألن عشقنا صادق ‪..‬‬

‫ألننا قد تعاهدنا عل الصدق و الوفاء ‪..‬‬

‫فلسطي وعد و عقيدة ‪.‬‬


‫ر‬ ‫ألن‬

‫‪166‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫أيها السادة ‪..‬‬

‫رغم قذائفكم و رصاصاتكم الغاشمة ‪..‬‬

‫اإلعالم الرهيب ‪..‬‬


‫ي‬ ‫رغم تعتيمكم‬

‫فلسطي ‪..‬‬
‫ر‬ ‫لما يحدث يف غزة و‬

‫الحقي ‪..‬‬
‫ر‬ ‫رغم غدركم و ظلمكم‬

‫فلسطي وفية للنبض ‪ ..‬نبض المحبة ‪.‬‬


‫ر‬ ‫ستبق‬

‫وفية للمقاومة و أمل الحرية ‪...‬‬

‫شي منها يتغت بالحرية ‪..‬‬


‫سيتبق كل ر‬

‫الحرية للشعوب ‪..‬‬

‫األمان لألبرياء ‪..‬‬

‫للمظلومي ‪..‬‬
‫ر‬ ‫السكينة‬

‫الطمأنينة للغرباء‪.‬‬

‫‪167‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫أيها السادة ‪..‬‬


‫خالصة القضية توجز ن يف عبارة ‪..‬‬
‫هذه األرض ستبف حرة غانمة ‪..‬‬
‫فليتكاثر الخونة و يظهر الظالم ‪..‬‬
‫و مهما فعلتم لن تخنع لكم القلوب الوفية ‪..‬‬
‫و ستبف األفئدة متعلقة بهذه البالد ‪..‬‬
‫لفلسطي وطن ن يف قلوبنا ‪.‬‬
‫ن‬ ‫و‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫‪168‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫بيت و بينك عشقا أصيال ‪..‬‬


‫ثم إن ي‬
‫شء فيك ‪..‬‬
‫شء ‪ ..‬و أرى كل ي‬
‫نراك يف كل ي‬
‫أرى فيك الحب و الصمود ‪ ..‬أرى يف الوفاء و الجمال ‪..‬‬
‫أرى فيك العشق و البهاء ‪..‬‬
‫أرى فيك الطمأنينة و قدس األمان ‪..‬‬
‫أرى أرضا أحاطتها الذئاب ‪ ..‬و رغم ذلك ما زلت وفية للعهد ‪..‬‬
‫أرى أولئك األطفال بطعم الرجولة ‪..‬‬
‫تلك النساء القويات ‪..‬‬
‫أولئك الرجال األشداء األوفياء ‪..‬‬
‫أرى ذلك الشيخ يحمل مفتاحه و فؤاده يداعب الشوق ‪..‬‬
‫عيت امرأة أعياها رحيل األحبة ‪..‬‬
‫الصي يف ي‬
‫ر‬ ‫أرى‬
‫أرى يف تلك الكوفية أحاسيس مختلطة ‪..‬‬
‫صي ‪.‬‬
‫ربي ألوان ذلك العلم ‪ .‬وفاء و شهادة ‪ ..‬حياة و ر‬
‫نبض ‪..‬‬
‫ي‬ ‫أرى ربي تفاصيلك تفاصيال بديعة تداعب‬
‫شء فيك ‪..‬‬
‫شء ‪ ..‬و أرى كل ي‬
‫أراك يف كل ي‬

‫‪169‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫ن‬
‫حدثن عن أرض عشقتها ؟‬
‫ي‬
‫إنها أرض تحمل ن‬
‫بي جدرانها تاريخا عريقا ‪..‬‬
‫أرض حملت عىل عاتقها مهمة الدفاع عن مقدسات أمة بكاملها ‪..‬‬
‫بالد الجمال و البهاء ‪ ..‬أرض المقاومة و الحب ‪..‬‬
‫صديف سوى وطن ‪..‬‬
‫ي‬ ‫و ما الحب يا‬
‫و أنا عشقت وطنا ‪.‬‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫‪170‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫التسعي من عمره يكافح الحياة و يقاوم موت حلمه ‪..‬‬


‫ر‬ ‫شيخ يف‬
‫يقف عل حافة الحلم و يف يده مفتاح أرضه ‪..‬‬
‫مفتاح بيته القديم الذي اغتصبه الظالم ‪..‬‬
‫صغية تترسب من عينه و هو جالس يتذكر تفاصيل رحلته ‪..‬‬
‫ر‬ ‫و دمعة‬
‫و كان اليوم يوم ذكرى ‪..‬‬
‫ذكرى النكبة ‪ ..‬النكبة الفلسطينية ‪..‬‬
‫حت األمل فيهم ‪..‬‬
‫جالس يتذكر و يذكر الحارصين بجانبه ‪ ..‬ي ر ي‬
‫يحت الحلم بباطنهم ‪ ..‬الحلم الذي يزرعه يف بستان ‪..‬‬
‫ري‬
‫يكي يوما بعد يوم ‪..‬‬
‫و البستان ر‬

‫اثنان و سبعون خريفا‬


‫يأن‬
‫بت ي‬‫خريف عمرنا قد مض ‪ ..‬و ربيع عمرك يا ي‬
‫اثنان و سبعون شتاء‬
‫ربي مطر قذائف و سيل رصاصات‬
‫اثنان و سبعون صيفا‬
‫ربي حر الشوق ‪ ..‬و شمس حلم تغيب‬
‫اثنان و سبعون ربيعا‬
‫ربي ربيع عمرنا و أزهار شت تم قطفها من بستاننا‬
‫اثنان و سبعون كانت ‪ ..‬اثنان و سبعون طعنة يف الظهر‬
‫اثنان و سبعون عتمة ‪ ..‬يف باطنها نور ر‬
‫دفي‬
‫اثنان و سبعون كانت‬
‫اثنان و سبعون حياة ‪ ..‬و اثنان و سبعون وفاة و وفاة‬
‫اثنان و سبعون كفاح و وفاء‬
‫و مازالت المقاومة قائمة‬
‫‪171‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫فلسطي هناك‬
‫ر‬ ‫و مازالت‬
‫ئ‬
‫ألبنان عودة أفضل‬ ‫و إن لم تكن يل عودة فإن‬
‫ي‬
‫و وعد هللا حق ‪.‬‬

‫مت ‪..‬‬
‫بت ‪ ..‬أخ ريوا هؤالء ببضع كلمات ي‬
‫يا ي‬

‫تتغي مهما طال الزمن ‪..‬‬


‫يف القلب خريطة واحدة ال ر‬
‫تغيت األماكن و األدوار ‪..‬‬
‫مهما ر‬
‫الت طالت بالد األقض ‪..‬‬
‫رغم كل الطعنات ي‬
‫مهما ترسب الظلم بيننا ‪ ..‬و طالنا الظالم ‪..‬‬
‫مهما اجتمعت الذئاب و قطعت أقمصتنا ‪..‬‬
‫مهما صار ‪ ..‬ستبق ‪..‬‬
‫فلسطي يف أفئدتنا راسخة ‪..‬‬
‫ر‬ ‫ستبق‬
‫ربي تفاصيل أرواحنا باقية ‪..‬‬

‫أيها السادة‬
‫مت و منكم جميعا‬
‫أكي ي‬
‫هذه األرض ر‬
‫فلسطي هنا منذ البداية‬
‫ر‬
‫قبل و قبلكم بقرون‬
‫فلسطي هنا ي‬
‫ر‬
‫أكي من تلك الدول و األنظمة الغاشمة‬
‫فلسطي ر‬
‫ر‬
‫أكي من إعالمهم المظلم ‪.‬‬
‫ر‬

‫‪172‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫هذه الكوفية ‪..‬‬


‫هذه القبة العظيمة ‪ ..‬و ألوانها البهية ‪..‬‬
‫هذه الجدران ‪ ..‬تلك األسوار القديمة ‪..‬‬
‫أشجار الزيتون ‪ ..‬رائحة أكلة المفتول يف األرجاء ‪..‬‬
‫البيوت العتيقة ‪ ..‬تلك الفوانيس البديعة ‪..‬‬
‫الدكاكي المفتوحة منها و المغلقة ‪..‬‬
‫ر‬
‫مت و منكم ‪..‬‬
‫أكي ي‬
‫هذه التفاصيل ر‬
‫أكي منا جميعا ‪..‬‬
‫هذه التفاصيل ر‬
‫أكي منا ‪..‬‬
‫هذه األرض المقدسة ر‬
‫هذه األرض حرة ‪ ..‬و ستبق حرة ‪..‬‬
‫شاء من شاء ‪ ...‬و رأن من رأن ‪.‬‬

‫‪173‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫نهض من مكانه و قد انتىس من عشقه ‪..‬‬


‫صغي ‪ ..‬و قبله ن جبينه وقال ؛‬
‫ر‬ ‫وضع المفتاح يف يدي طفل‬
‫بت ‪ ..‬أضع الحلم يف يديك ‪..‬‬
‫ها أنت يا ي‬
‫أضع الوطن يف قلبك ‪ ..‬أضع تراب قبور الشهداء يف يديك ‪..‬‬
‫بت ‪..‬‬
‫ها أنت ذا يا ي‬
‫ابق ثابتا عل طريق الحلم ‪ ..‬عل رصاط المقاومة ‪..‬‬
‫بت ‪..‬‬
‫نرحل جميعا يا ي‬
‫لكن الوطن يبق ‪ ..‬الوطن سيبق ‪.‬‬

‫‪174‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫هذه الكوفية‬
‫هذه األرض ‪ ..‬هذا الوطن‬
‫تلك األرواح الشهيدة‬
‫تلك القلوب الوفية ‪ ..‬أولئك الشجعان األبطال‬
‫تلك الزهرة ‪ ..‬زهرة المدائن‬
‫عن مرابطيها و شهدائها‬
‫عليكم سالم و طمأنينة‬
‫و إن وعد هللا كان مفعوال‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫‪175‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫صغيا بقوة رجال ‪ ..‬واقف بكل شموخه أمام جندي ظالم ‪..‬‬
‫ر‬ ‫كان طفال‬
‫جندي يحمل بندقية ‪ ..‬و الطفل يحمل روحه و قلبه ‪..‬‬
‫صغيا بشموخ وطن ‪..‬‬
‫ر‬ ‫كان طفال‬
‫و كأن لسانه يقول ‪:‬‬
‫هذه األرض يل ‪ ..‬هذا الهواء يل‬
‫قلت أشجع من بندقيتك‬
‫ري‬
‫كلمان أقوى من رصاصاتك‬
‫ي‬
‫الصغية أجدر بالبطولة من طياراتك‬
‫ر‬ ‫أحجاري‬
‫َ‬
‫تلك الكوفية أعظم من علمك و شعارك‬
‫يا ظالم ‪ ..‬هذه األرض يل‬
‫شئت أم أبيت ‪ ..‬سنبق أوفياء لهذه األرض‬
‫يا ظالم ‪ ..‬إنها ليست مجرد أرض‬
‫إنها عقيدة ‪ ..‬عقيدة ترسخت يف أفئدتنا‬
‫إنها ليست مجرد أرض يا ظالم‬
‫إنها روح شعب ‪ ..‬دماء أبرياء اميجت بيابها‬
‫إنها ليست مجرد أرض‬
‫إنها بوصلة للقلوب الوفية لعشقها‬
‫إن عل هذه األرض زهرة‬
‫و ما أجملها من زهرة ‪ ..‬زهرة المدائن‬
‫و زهرة األرض ‪ ..‬قدسنا‬
‫إن هذه األرض ليست مجرد أرض أيها المحتل‬
‫ه أرض األنبياء ‪ ..‬و مرسى سيد الخلق‬
‫ي‬
‫أرض وطئها جل األنبياء ليست مجرد أرض‬
‫ه زهرة األرض ‪ ..‬رائحة األرض العطرة‬
‫ي‬
‫‪176‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫ه فؤاد األرض و نبضه المستقر‬


‫ي‬
‫و أنت أيها المحتل لن تنجح أبدا‬
‫لن تصل إل هدفك‪ ..‬ما دامت قلوبنا وفية‬
‫هذه األرض يل أيها المحتل‬
‫أشجار الزيتون تلك يل‬
‫ذلك المسجد يل ‪ ..‬تلك القبة يل‬
‫ه ليست مجرد أرض‬
‫ي‬
‫فلسطي‪.‬‬
‫ر‬ ‫ه وطن ‪ ..‬ي‬
‫ه‬ ‫ي‬

‫‪177‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫أما قبل ‪..‬‬


‫تبف هذه األرض حرة رغم أنف الجميع ‪.‬‬
‫أما بعد ‪..‬‬
‫ن‬
‫فلسطي ‪.‬‬ ‫ن‬
‫معات عدة ‪ ..‬منها‬ ‫للحب‬
‫ي‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫كالبدر ن يف ليلة ظلماء أنت ‪..‬‬


‫كاللؤلؤة بباطن محيط عميق أنت ‪..‬‬
‫كالوردة وسط مستنقع كريه أنت ‪..‬‬
‫كنور الصباح بعد ليل مظلم أنت ‪..‬‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫‪178‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫إن يف دائرة عشقك أدور و أدور ‪..‬‬


‫ي‬
‫ينتىه ‪.‬‬
‫ي‬ ‫بباطت ال‬
‫ي‬ ‫الحب‬
‫كأن بحر ظاهره الجمال و باطنه الظالم ‪..‬‬
‫و ي‬
‫وف ‪..‬‬
‫إن لحبك يا أرض السالم ي‬
‫شء ي‬
‫و رغما عن كل ي‬
‫تحيطت ‪..‬‬
‫ي‬ ‫يا أرض الحب إن هالة حبك‬
‫يدلت الطريق ‪..‬‬
‫ي‬ ‫و ظل وفاءك للصمود‬
‫يغمرن ‪..‬‬
‫ي‬ ‫يا أرضا عشقتها و يف القلب شوق‬
‫سال عليك يا أرض السالم ‪.‬‬
‫سالم عل تفاصيلك البديعة ‪ ..‬و رائحة الوفاء يف أرجاءك ‪.‬‬
‫سالم عل السالم الذي اشتاقت إليه أرض غزة ‪.‬‬
‫الت يغتصبها الظالم ‪.‬‬
‫سالم عل أرض القدس المقدسة ي‬

‫قلت بك متيم ‪..‬‬


‫يا زهرة المدائن إن ر ي‬
‫و فؤادي ألرضك عاشق ‪..‬‬
‫لروح ربي جنباتك وطن ‪..‬‬
‫ي‬ ‫و‬
‫ستبقي للحرية وفية ‪..‬‬
‫ر‬ ‫كنت حرة و‬
‫دمت سالمة غانمة يا أرض الشجعان ‪.‬‬
‫فسالم عليك و عل أرضك الطاهرة ‪.‬‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫‪179‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫‪¤¤¤¤‬‬

‫و الصمت ن يف حرم الجمال جمال ‪..‬‬


‫و إن جمالك يا زهرة المدائن فاق المدى ‪..‬‬
‫يرحل الراحلون و يبف الباقون ‪..‬‬
‫ن‬
‫تبقي يا قدس شامخة ‪.‬‬ ‫و‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫يا أقص ‪ ..‬لن تبف وحيدا ‪..‬‬


‫و إن عزلوك فإن لك ن يف قلبنا مستقر ‪..‬‬
‫يا قدس ‪..‬‬
‫ستعودين مزهرة يوما ما ‪..‬‬
‫يا زهرة المدائن ‪..‬‬
‫ن‬
‫ستفوحي سالما و أمانا عما قريب ‪...‬‬
‫و إن وعد هللا لمحقق ال ريب فيه ‪.‬‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫‪180‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫سيدن ‪..‬‬
‫ي‬
‫و يف عينيك انتفاضة فلسطينية ‪..‬‬
‫تكي كل يوم ‪..‬‬
‫يف بؤبؤهما ثورة قدسية ال زالت ر‬
‫أرى وراءهما روحا صامدة ‪ ..‬كغزة شامخة ‪..‬‬
‫سيدن ‪..‬‬
‫ي‬ ‫فلسطي ربي جنباتك‬
‫ر‬ ‫و كأن كل تفاصيل‬
‫فلسطي عل هيئة إنسان ‪..‬‬
‫ر‬ ‫كأنك‬
‫جميلة كالقدس ‪ ..‬بديعة كتفاصيل األقض ‪..‬‬
‫سيدن ‪..‬‬
‫ي‬ ‫إن أغار بشدة يا‬
‫ي‬
‫المحيطي بك ‪..‬‬
‫ر‬ ‫أغار عليك من أطماع الذئاب‬
‫أراهم قد اتفقوا عليك ‪ ..‬لكنك صامدة أمامهم ‪..‬‬
‫سيدن ‪..‬‬
‫ي‬ ‫أغار عليك‬
‫هل اجتمعوا حقا لحبهم لك أم لطمع قذر فقط ‪..‬‬
‫سيدن أنه ليس حبا ‪..‬‬
‫ي‬ ‫أنا متأكد يا‬
‫سيدن ال يدمر قلب معشوقته ‪..‬‬
‫ي‬ ‫فالعاشق يا‬
‫و قد دمروك ‪ ..‬و اقتطعوا أطرافك واحدا تلو اآلخر ‪..‬‬
‫بيوا كل أجزاء فؤادك حت ظننت الموت قريبا منك ‪..‬‬
‫تفاجئينت ‪ ..‬و تؤكدين يل أنك وفية للحب ‪..‬‬
‫ي‬ ‫لكنك دوما‬
‫تقفي هناك شامخة ‪..‬‬
‫ر‬
‫تقفي هناك ثابتة ‪..‬‬
‫ر‬
‫تقفي تخ ريين الجميع أنك هنا صامدة ‪..‬‬
‫ر‬
‫فليتغي الذئاب ‪ ..‬و رليحل الخونة ‪..‬‬
‫ر‬
‫سيدن باقية ثابتة عل العهد ‪..‬‬
‫ي‬ ‫أنت يا‬
‫أن قد عشقتك بكل تفاصيلك ‪..‬‬
‫سيدن ي‬
‫ي‬ ‫و أنا أخ برك‬
‫الت يف ظهرك ‪..‬‬
‫عشقتك بكل آالمك ‪ ..‬بكل الطعنات ي‬
‫‪181‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫عشقت صمودك ‪..‬‬


‫عشقت وفاءك ‪..‬‬
‫عشقت تفاصيل روحك البديعة ‪..‬‬
‫شء فيك ‪..‬‬
‫عشقت كل ي‬
‫سيدن ‪..‬‬
‫ي‬ ‫عشقت العشق الذي يغمرك يا‬
‫قق شامخة ‪..‬‬
‫اثبت و ي‬
‫لذلك ي‬
‫تمشي ‪..‬‬
‫ر‬ ‫فأنت عل الرصاط المستقيم‬
‫سيدن ‪..‬‬
‫ي‬ ‫أنت عل رصاط الحب ثابتة يا‬
‫الوف لعهده سيخلص له ‪..‬‬
‫تنىس ‪ ..‬أن ي‬
‫ي‬ ‫لذلك ال‬
‫و األوفياء يبقون حت النهاية ‪..‬‬
‫وف إل النهاية ‪..‬‬
‫إن لك ي‬
‫و ي‬
‫دمت للوطن وفية و دام قلبك للكفاح رفيقا ‪..‬‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫‪182‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫‪¤¤¤‬‬
‫فلما سألته عن مواقيت الصالة هناك‬
‫ن‬
‫أجابن و مرارة الحزن عىل محياه ‪:‬‬
‫ي‬
‫نصىل ن يف اليوم ست صلوات ‪..‬‬
‫ي‬
‫ن‬
‫نحن يف غزة يا سيدي‬
‫خمس مفروضة مع صالة الجنازة ‪.‬‬
‫سألته مجددا ‪ " :‬من المفيض أن تكون غزة وما جاورها من البلدان‬
‫ن يف هده األثناء تغص ن يف نوم عميق" ‪.‬‬
‫صديف كل البلدان قد نامت‪ ,‬لكن غزة ما زالت تحث القصف يقظة ‪ ,‬غزة ما زالت‬
‫ي‬ ‫يا‬
‫تحارب ‪.‬‬
‫‪¤¤¤‬‬

‫‪183‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫قد تكون أنت المحتل ‪..‬‬

‫صاحب الجيوش الغاشمة ‪..‬‬

‫قد تكون صاحب الدبابات ‪ ..‬و الطائرات المتطورة ‪..‬‬

‫لكن تبق دائما أنت الخائف الذليل الوضيع ‪..‬‬

‫تهي جوانبك فزعا من طفل يف العارسة من عمره ‪..‬‬

‫خوفا من قلة قليلة من الشباب األبطال ‪..‬‬

‫خوفا من بضع أحجار ‪..‬‬

‫و أنت ترسل صواري خ عابرة ‪..‬‬

‫كم قتلت و ما زلت تقتل ‪..‬‬

‫كم استوطنت و رحلت من أبرياء ‪..‬‬

‫كم من فدان استوليت عليه بظلمك ‪...‬‬

‫ألم تتعلم بعد أيها الظالم المحتل ‪..‬‬

‫أن األمر ليس يف قوة السالح ‪...‬‬

‫بل يف عظمة القلوب ‪.‬‬


‫‪¤¤¤‬‬

‫‪184‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫أيها الغريب ‪ ،‬أخي ن يت ‪:‬‬


‫أين نضع أمانينا المستعصية ‪ ..‬و أحالمنا المستحيلة ؟‬
‫شء قدير ‪.‬‬ ‫‪..‬‬ ‫ن‬
‫ي‬ ‫كل‬ ‫عىل‬ ‫فاهلل‬ ‫صديق‬ ‫يا‬ ‫سجدة‬ ‫ف‬‫نضعها ي‬
‫‪¤¤¤‬‬

‫ماذا لو حارصتنا الهموم و ضاقت بنا السبل ؟‬


‫شء قدير ‪.‬‬
‫حينها ال تنس أن فرج هللا ال يضيق ‪ ،‬و أنه عىل كل ي‬
‫‪¤¤¤‬‬

‫‪185‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫‪ ¤¤‬عن أولئك الغرباء عىل أرصفة الطرقات ‪¤¤‬‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫كم من مجهول ن يف األرض ‪ ..‬مشهور ن يف السماء ‪..‬‬

‫و كم من مشهور ن يف األرض ‪ ..‬مجهول ن يف السماء ‪..‬‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫‪186‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫يف عز أوجاعهم نظروا إل السماء فدمعت أعينهم ‪..‬‬

‫و لسان حالهم يقول ‪..‬‬

‫يضمت ‪..‬‬
‫ي‬ ‫" أحتاج فقط حضنا‬

‫قلت يتمت عناقا دافئا ملؤه حب و حنان ‪..‬‬


‫ري‬

‫كتق ‪..‬‬
‫و يدا تستطب عل ي‬

‫يضمت ربي جنابته ‪..‬‬


‫ي‬ ‫و وطنا‬

‫نحن الذين صارت السماء سقفنا ‪ ..‬و األرض فرشا لنا ‪...‬‬

‫و الشوارع الضيقة بيتنا ‪..‬‬

‫لطالما تساءلنا من نحن ‪ ..‬و تساءلتم عن أصلنا ؟‬

‫حي رأن الجميع الوصول إل إجابة ‪ ..‬فضلنا السكوت ‪..‬‬


‫و ر‬

‫التائهي ‪..‬‬
‫ر‬ ‫و طال الصمت فرصنا من‬

‫ال أنتم رصتم تأبهون لحالنا ‪ ..‬و ال نحن نأبه لنقائصكم ‪..‬‬

‫يا سيدي ؟‬

‫قد ال ترضيكم أنصاف األشياء ‪..‬‬

‫شء ‪ ..‬و نحن نرجو نصف اهتمام فقط ‪..‬‬


‫أصبحتم ترجون الكمال يف كل ي‬

‫نصف قلب ينبض من أجلنا ‪ ..‬نصف رغيف فقط ممزوج بعاطفة ‪...‬‬

‫و جرعة حنان تهز أفئدتنا ‪..‬‬

‫‪187‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫يا سيدي ‪..‬‬

‫لقد تاه عنا إحساس الدفء و الحب ‪..‬‬

‫حي غيابك ‪..‬‬ ‫ئ‬


‫الداف بأن أحدهم سيعترص ألما ر‬ ‫ذلك الشعور‬

‫ذلك الدفء يا سيدي أيام الشتاء البارد ‪..‬‬

‫ليال الخريف العاصفة ‪..‬‬


‫و ي‬

‫ذلك الشعور الذي قد ال تنتبه له ‪..‬‬

‫عشاء عل مائدة واحدة مع أحبائك ‪ ..‬مع عائلتك ‪..‬‬

‫جلسة مع إخوتك ‪ ..‬ذلك الدفء غال يا سيدي ‪..‬‬

‫هل تعلم حقا عماذا أتحدث ؟‬

‫عن ذلك اإلحساس الجميل ‪..‬‬

‫نحن يا سيدي لم نعد نشعر به و ال ندري طبيعته ‪..‬‬

‫أنتم يا سيدي ؟‬

‫ترجون سعادة عل الدوام ‪ ..‬و نحن نرجو نصف سعادة فقط ‪..‬‬

‫نصف دفء ‪..‬‬

‫نصف قلب و روح تكفينا ‪.‬‬

‫‪188‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫‪¤¤‬‬

‫فقط الطيبون و األبرياء ‪.‬‬

‫تبتليهم الدنيا بقسوة ‪.‬‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫‪189‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫حلم الضائع ‪..‬‬


‫ي‬ ‫بجانت‬
‫ري‬ ‫وجدتت عل الرصيف نائما ‪ ..‬و‬
‫ي‬

‫األمان أن تصل ‪ ..‬فضلت النوم عل لرصيف ‪..‬‬


‫ي‬ ‫حي أبت‬
‫ر‬

‫رصيف االنتظار ذاك ‪..‬‬

‫األمان إل زمن آخر ‪..‬‬


‫ي‬ ‫حيث ترحل بنا‬

‫أخي ين أيها الغريب ؟‬


‫ر‬

‫التمت خطيئة ؟‬
‫ي‬ ‫هل الحلم جريمة ؟ هل‬

‫فتاة كزهرة اليجس عل الرصيف ‪..‬‬

‫اليد يداعبها كل يوم ‪..‬‬


‫تبيع األقالم و الدفاتر ‪ ..‬و صقيع ر‬

‫هل علمت يوما ما حلمها ؟؟‬

‫ربما أن تستخدم تلك األقالم يوما ما ‪..‬‬

‫بحي من ذهب أو من دم ‪.‬‬


‫ربما تكتب قصة حياتها ‪ ..‬ر‬

‫ربما تصبح يف قمة الهرم ‪..‬‬

‫ربما لم تكن لتلقاها عل الرصيف ‪ ..‬ربما يف مقاعد الدراسة ‪.‬‬

‫ذلك الطفل المتورمة قدماه ‪..‬‬


‫الت لطالما نفرت منها ‪..‬‬
‫بأظافره الطويلة ي‬
‫المقاه ‪..‬‬
‫ي‬ ‫أحيانا تجده نائما يف إحدى الحدائق ‪ ..‬و أحيانا قرب إحدى‬
‫أحيانا عل رصيف الشارع ‪..‬‬
‫رصيف االنتظار ‪..‬‬

‫‪190‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫هل له حلم حقا ‪..‬‬


‫أمان ‪..‬‬
‫هل له ي‬
‫ربما حذاء اسود كواقعه ‪ ..‬يخ يق به آالم قدميه‪..‬‬
‫ربما عائلة ؟‬
‫ربما حضن ئ‬
‫داف ‪..‬‬
‫ربما وطن ؟‬
‫‪---‬‬
‫الستي عل جانب الطريق مستلق ‪..‬‬
‫ر‬ ‫شيخ يف‬
‫مرت أغلب لحظاته مشاهدا حياة اآلخرين ‪..‬‬
‫بعدما ضاعت عن حياته ربي ظالم األحبة ‪..‬‬
‫ما أمنيته ؟‬
‫ربما ابتسامة و عناق ؟‬
‫عناق ابنه التائه ‪..‬‬
‫ئ‬
‫الداف الغريب ‪..‬‬ ‫ربما حضن حفيده‬
‫خي ممزوجة بحنان ئ‬
‫يدف قلبه ‪..‬‬ ‫ربما قطعة ر‬

‫ما أحالمنا نحن ؟؟ ما أمانينا مقارنة بهم ؟‬


‫بخي؟‬
‫هل نحن حقا ر‬
‫هل هم حقا عل قيد الحياة ؟‬
‫كم مرة رأيناهم و لم ننظرهم ‪ ..‬مررنا بجانبهم و لم نتحسسهم ‪..‬‬
‫أصبحوا غرباء يف أعيننا ‪..‬‬
‫هم أشباح لكن أشباح عل قيد العيش ‪..‬‬
‫ننفر من رائحتهم الكري هة ‪ ..‬و مالبسهم الرثة ‪..‬‬
‫نتجاهلهم كأنهم ممن كوكب آخر ‪..‬‬
‫‪191‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫هل تساءلت يوما ؟؟‬


‫عن قصتهم ؟ عن محنتهم ؟‬
‫عن آالمهم ؟ عن حياتهم ؟‬
‫عن أمانيهم ؟ عن أحالمهم ؟‬
‫الخي ذاك ‪..‬‬ ‫هل تساءلن عن طعم أمنياتهم ‪ ..‬ر‬
‫غي رغيف ر‬
‫تراهم و تنفر منهم هاربا ‪..‬‬
‫متشائما كارها حالهم ؟‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫و إن أحببتم ‪ ،‬فأحبوهم بحسنهم و قبحهم ‪ ،‬أحبوا حسنات أعمالهم و تقبلوا أخطائهم‬


‫ن‬
‫الصاف و جانبهم األسود الغامض‬
‫ي‬ ‫السيئة ‪ ،‬جانبهم األبيض‬
‫فكيفما كان ‪ ،‬لكل واحد منا جانب مرسق و آخر مظلم‪.‬‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫‪192‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫هم يف نفس الوقت برس ‪..‬‬


‫خلقنا و إياهم من نفس الياب ‪ ..‬بنفس الحقوق ‪..‬‬
‫و نفخنا من نفس الروح ‪..‬‬
‫هم إخواننا ‪..‬‬
‫فهل نحن لهم كذلك ؟‬
‫صديق قاسية ‪..‬‬
‫ي‬ ‫إن الحياة يا‬
‫لكن اإلنسان الفاقد إنسانيته ‪ ..‬ر‬
‫أكي قسوة و ظلما ‪.‬‬
‫األمان ‪..‬‬
‫ي‬ ‫يف قلوب هم آالف‬
‫وحلم حضن واحد ‪ ..‬ابتسامة يف وجههم ‪..‬‬
‫كلمة حب و لطف ‪..‬‬

‫أيها الغريب ‪ ..‬أيها اليتيم ‪..‬‬

‫هذه فرصة لك لتعيش طعم حضن اآلباء ‪..‬‬

‫يا من ال نسل له و كله شوق لألبناء ‪..‬‬

‫هذه فرصة لك لتحس بحنان حضن األبناء ‪..‬‬

‫‪..‬‬

‫هم ال يحتاجون ماال بقدر ما يتمنون رحمة وحنان ‪..‬‬

‫حامل الرسالة ‪..‬‬


‫ي‬ ‫خلقنا أيها الغريب عل هذه األرض و نحن‬

‫خلقنا عل هذا الكوكب من أجل إعماره ‪..‬‬

‫بالخي و بإحسان ‪..‬‬


‫ر‬

‫فهل نحن حقا للرسالة أوفياء ؟‬

‫‪193‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫هل نحن عل الرصاط مستقيمون ‪..‬‬

‫نبحث عن كوكب آخر صالح للحياة ؟‬

‫غي صالح لالستضافة ‪..‬‬


‫و نسينا أن اإلنسان بجهله ر‬

‫األمر ليس يف عدم قدرة األرض عل تحملنا لمدة طويلة ‪..‬‬

‫بل ف كوننا فاسدين ر‬


‫أكي من الالزم ‪..‬‬ ‫ي‬

‫حي أجتمع الجهل بالفساد ‪ ..‬بكت األرض و طالبتنا بالمغادرة ‪..‬‬


‫و ر‬

‫لكن ماذا لو تصالحنا مع أنفسنا ‪..‬‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫واقعك ‪..‬‬

‫أحالم بالنسبة لغيك ‪.‬‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫‪194‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫ليس كل بائع لالبتسامة مبتسم قلبه ‪.‬‬

‫الباك ‪.‬‬
‫ي‬ ‫و صناع الفرح يزرعون االبتسامة رغم قلبهم‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫‪195‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫هل تعلم أن رسور شخص واحد تجعل من حوله يبتسم ‪..‬‬

‫قرأت يوما ما يف أحد الكتب ‪..‬‬

‫أن بهجة إنسان واحد تجعلنا جميعا نبتسم ‪..‬‬

‫و معاناة إنسان واحد تؤذينا جميعا ‪..‬‬

‫ابتسم و دع الرسور يداعب قلبك ‪..‬‬

‫تصدق عل اآلخرين بابتسامتك ‪ ..‬هناك أرواح ال تحتاج مالك أو صدقتك ‪..‬‬

‫بقدر ما تتمت منك ابتسامة و حضنا دافئا ‪..‬‬

‫كلمة طيبة و عناق ‪..‬‬

‫للمرهقي ‪..‬‬
‫ر‬ ‫تلك االبتسامة تعيد نبض الحياة‬

‫تعيد األرواح المقهورة سكينتها ‪..‬‬

‫كن رحيما ‪ ..‬كن وطنا و ال تكن منق ‪..‬‬

‫كنت أنت أنت ‪..‬‬

‫كن إنسانا أيها الغريب ‪...‬‬

‫القصي يف الكراهية ‪..‬‬


‫ر‬ ‫تفت عمرك فيك ‪ ..‬ال ي‬
‫تفت عمرك‬ ‫شء يستحق أن ي‬
‫ال ي‬

‫أحب نفسك ‪ ..‬و تقبل قدرك ‪ ..‬و قاوم رسور الحياة ‪..‬‬

‫بخي و كق ‪..‬‬
‫كن ر‬

‫‪196‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫صغي حافية قدماه ‪..‬‬


‫ر‬ ‫طفل‬

‫صغية صفراء ‪..‬‬


‫ر‬ ‫يف يديه مجموعة بالونات‬

‫يف كل واحدة منها رسم ابتسامة ‪..‬‬

‫و قلبه يتمت ابتسامة من أحدهم فقط‬

‫رجاءه بيع بعض من تلك البالونات ‪..‬‬

‫يحم قدميه ‪ ..‬أو التمتع بمذاق الحلويات ‪..‬‬


‫ي‬ ‫ليس لرساء حذاء‬

‫ال ‪..‬‬

‫رجاءه أن يعود مساءا و يف جيبه بضع دراهم معدودة ‪..‬‬

‫الصغيات ‪..‬‬
‫ر‬ ‫تكق إلطعام أمه و أخواته‬
‫قد ي‬

‫هل يرحمه المجتمع ‪...‬؟‬

‫هل يوقفه أحد ليسأله عن حاله ‪..‬؟‬

‫ال أظن ذلك ‪...‬‬

‫هل نسكت للظلم ؟‬

‫أم نحاربه و نقاوم ‪ ..‬نقاوم الخوف بباطننا ‪..‬‬

‫نقاوم ظلم اآلخرين ‪..‬‬

‫و إن قررنا المقاومة ‪ ..‬كيف نفعلها ؟‬

‫هل نرصخ و نهتف ‪..‬؟‬

‫يعينا أحد اهتماما ‪..‬؟‬


‫هل يسمعنا أحد ‪ ..‬هل ر‬

‫‪197‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫ماذا بإمكاننا أن نفعل لنحارب ‪..‬؟‬

‫لنواصل المقاومة ‪..‬‬

‫تكق طاقتنا للمحاربة ‪ ..‬للبقاء ‪.‬؟‬


‫هل ي‬

‫هل تكفينا قوتنا لنقاومهم ؟‬

‫الظالمون ؟؟‬

‫من هم ؟ و من أين أتوا ؟‬

‫و من أين أتينا ؟ ‪.‬‬

‫‪198‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫ن‬
‫الطيبي أنت أيتها الدنيا " ‪..‬‬ ‫" قاتلة‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫ن‬
‫للسيئي فقط أيتها الدنيا " ‪..‬‬ ‫" أنت‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫‪199‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫‪ ¤¤‬كلمات مطمئنة ‪¤¤‬‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫لماذا أصبحت األرض مليئة بالظلم و الحروب ؟‬


‫لقد تجرد اإلنسان من إنسانيته ‪ ,‬فما الذي ننتظره بعد ‪.‬‬
‫‪¤¤¤‬‬

‫ن‬
‫الطيبي ‪ ,‬و ذوي القلوب النقية ؟‬ ‫و ما ذنب‬
‫‪ .‬خطيئتهم الوحيدة أنهم ظنوا الجميع مثلهم ‪ ,‬فانخدعوا ‪.‬‬
‫‪¤¤¤‬‬

‫ن‬
‫المظلومي و‬ ‫سألته عن ملجأ كل هؤالء البؤساء عىل وجه األرض ‪ ,‬عن مالذ‬
‫المضطهدين ؟‬
‫فأشار بيده إىل األعىل و قال ‪:‬‬
‫" هللا ‪ ..‬نعم السند و الوكيل "‪.‬‬
‫‪¤¤¤‬‬

‫‪200‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫ذلك الغريب ‪..‬‬

‫ذلك اليتيم ‪ ..‬فاقد أبويه ‪..‬‬

‫فاقد الظل ذلك ‪ ..‬مشتاق لرائحة األم ‪..‬‬

‫حضن والدته و عناق أبيه ‪..‬‬

‫رائحة األم تتعلق بنا منذ الوالدة أيها الغريب ‪..‬‬

‫فلتذهب أينما شئت ‪ ..‬ارحل و سافر و ابتعد أينما شئت ‪ ..‬لن تيكك تلك الرائحة ‪.‬‬

‫تلك الرائحة ستظل تداعب أنفك ‪..‬‬

‫ذلك الشوق لن يفارق نبض قلبك ‪..‬‬


‫ً‬
‫أما أبوه ‪ ..‬فلجساتهما يشتاق ‪ ...‬للصديق قبل أن يكون أبا ‪..‬‬

‫األب أيها الغريب له مكانة أخرى ‪..‬‬

‫كثية ‪..‬‬
‫حق أحيانا ‪ ..‬ظاهر أحيانا ر‬
‫األب موطن أحزاننا ‪ ..‬األب سند ي‬

‫مرتي ‪..‬‬
‫األب أيها الغريب ال يعاد ر‬

‫األب ال يتكرر مر رتي ‪..‬‬

‫األب وطن ‪ ..‬و من فقده كالغريب يف بالد اآلخرين ‪..‬‬

‫المصي يعلم ‪..‬‬


‫ر‬ ‫ال الطريق يدري و ال‬

‫تائه يف الدنيا جوال ‪..‬‬

‫لكن هللا خالق الوطن و المستوطن ‪..‬‬

‫شء ‪..‬‬
‫هللا عالم لغيب ‪ ..‬قادر عل كل ي‬
‫‪201‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫شء رليزقك أشياء عظيمة تفاجئك ‪..‬‬


‫بجي تلك القلوب ‪ ..‬يحرمك من ي‬
‫كفيل ر‬

‫تقبل قدرك ‪ ..‬تقبل مشيئة هللا و احمده عل ما أعطاك ‪..‬‬

‫الت قد تمنحك طمأنينة ‪..‬‬


‫و لعل من اآليات العظيمة ي‬

‫تسمع قول هللا يقول ‪ ¤‬و لسوف يعطيك ربك في نض ‪..13 ¤‬‬

‫الخي فيما اخيت لك ‪..‬‬


‫و كأن هللا يخ رينا أن ر‬

‫دفي ‪..‬‬
‫ما ظننته رسا لك لعل وراءه خ ري ر‬

‫كبية عنك ‪..‬‬ ‫ر‬ ‫ر‬


‫ما اعتقدته عية يف طريقة ‪ ..‬ربما ي‬
‫ه السبب يف تنحية عيات ر‬

‫فاصي ‪..‬‬
‫ر‬

‫‪14‬‬ ‫ن‬
‫فأغن ‪¤‬‬ ‫‪ ¤‬ألم يجدك يتيما فآوى ووجدك عائال‬

‫فكما كنت ذو عائلة يوما ما ‪..‬‬

‫و كما رصت يتيما ‪..‬‬

‫شء ممكن ‪..‬‬


‫فكل ي‬

‫يتغي ‪..‬‬
‫اصي و ال تدع نبض قلبك ر‬
‫فقط ر‬

‫سوف أعطيك فيض يوما ما ‪..‬‬

‫سأمنحك ما قد يفاجئك ‪..‬‬

‫يتغي ‪..‬‬
‫فقط ال تدع نبض قلبك ر‬

‫‪13‬‬
‫اآلية ‪ – 5‬سورة الضحى – القرآن الكريم‬
‫‪14‬‬
‫اآلية ‪ – 6‬سورة الضحى – القرآن الكريم‬

‫‪202‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫قد كنت تائها قبل اآلن ‪ ..‬ال تدري ما الطريق ‪..‬‬

‫كنت تائها و الظالم يحيط ‪ ..‬و نبضك لم يكن مستقرا ‪..‬‬

‫‪15‬‬
‫‪ ¤‬و وجدك ضاال فهدى ‪¤‬‬
‫كنت تائها ‪ ..‬فهديتك الطريق المستقيم ‪..‬‬

‫كنت تائها ‪ ..‬فأريتك النور أمامك ‪..‬‬

‫بفضل ‪..‬‬
‫ي‬ ‫كان بستانك قاحال ‪ ..‬فأزهرت ورود فؤادك‬

‫يسق جذور الحب بباطنك ‪ ..‬فأزهرت ‪..‬‬


‫ي‬ ‫أغثتك بماء‬

‫و رصت مزهرا طيبا ‪..‬‬

‫ينتىه هنا ‪..‬‬


‫ي‬ ‫يحدثت هللا أن األمر ال‬
‫ي‬ ‫و بعدها‬

‫فكما أرسلت إليك أحدا ليأخذ بيدك إل بر األمان ‪..‬‬

‫و إل نور الحياة ‪..‬‬

‫الخي هنا ‪..‬‬


‫أنت أيضا ال توقف سلسلة ر‬

‫‪16‬‬
‫‪ ¤‬فأما اليتيم فال تقهر ‪ ¤‬و أما السائل فال تنهر ‪ ¤‬و أما بنعمة ربك فحدث ‪.. ¤‬‬

‫ال تتوقف ‪..‬‬

‫الخي يف األرجاء ‪..‬‬


‫بل انرس ر‬

‫انرس الحب يف األرض ‪ ..‬كن بلسما لكل يتيم ‪..‬‬

‫‪15‬‬
‫اآلية ‪ – 7‬سورة الضحى – القرآن الكريم‬
‫‪16‬‬
‫اآليات ‪ – 11—10 -9‬سورة الضحى – القرآن الكريم‬

‫‪203‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫للمهمومي ‪..‬‬
‫ر‬ ‫كم دواء للمقهورين ‪ ..‬كن أمال‬

‫للمظلومي سندا ‪..‬‬


‫ر‬ ‫كن‬

‫للسائلي جوابا ‪..‬‬


‫ر‬ ‫و‬

‫للمجروحي مرهما ‪..‬‬


‫ر‬ ‫و‬

‫كن كالورد عل هذه األرض ‪ ..‬تنرس عطرك يف أنحاءها ‪..‬‬

‫كالورد اجعل من حولك بستانا بديعا ‪..‬‬

‫كاألزهار بديعا ‪ ..‬تزين الطريق لك و لآلخرين ‪..‬‬

‫تيك أثرا حت بعد مماتك ‪..‬‬

‫لتكي مجددا ‪..‬‬


‫كن كاألزهار ‪ ..‬و إن ذبلت تيك بذور الحب ر‬
‫و تصبح بستانا ‪..‬‬

‫كن أنت البداية لنجعل األرض بستانا جميال ‪..‬‬

‫كن أنت البداية ‪ ..‬كن أنت الحب األول عل هذه األرض ‪..‬‬

‫كن رحمة ‪ ..‬كن حبا عظيما ‪.‬‬

‫‪204‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫‪ ¤¤‬عن مفردات غريبة عنا ‪¤¤‬‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫ن‬
‫حدثن عن الحب الصادق ؟‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫حي أت رسول هللا أبا بكر الصديق قائال ‪¤ :‬إن هللا قد أذن يىل يف الخروج والهجرة ‪. ¤‬‬
‫فقال أبو بكر‪ :‬الصحبة يا رسول هللا ﷺ؟‬
‫ليجيبه ﷺ ‪ :‬الصحبة‪.‬‬
‫رض هللا عنه فرحا لصحبة رسول هللا‪..‬‬ ‫ن‬
‫فبك الصديق ي‬
‫صديف ‪.‬‬
‫ي‬ ‫تلك هو الصداقة يا‬
‫ذلك هو الحب الصادق ‪.‬‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫ماذا عن سكون الروح ؟‬


‫‪ ¤‬و الذين يبيتون لرب هم سجدا و قياما ‪¤‬‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫‪205‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫الحقيف ‪..‬‬
‫ي‬ ‫أخي ن يت عن الصديق‬

‫الصديق هو الذي يهزك هزا و يذكرك كلما ظللت الطريق ‪..‬‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫حدثن عن الفشل ؟‬ ‫ن‬


‫ي‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ َ ً‬ ‫ُ َ َُ‬
‫الذين ضل سعيهم ِ يف الحياة الدنيا و هم يحسبون‬ ‫‪ ¤‬قل هل ننبئكم ِباألخرسين أعماال ‪ِ ¤‬‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ َّ ُ ُ‬
‫‪17‬‬
‫حسنون ُصنعا ‪¤‬‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫أنهم‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫روح ؟‬ ‫قلن و تسكن‬ ‫ن‬


‫ي‬ ‫انصحن بجلسة نفسية ممتازة تري ح ي‬
‫ي‬
‫الصالة ‪.‬‬
‫الصالة سكون لك و راحة لقلبك ‪.‬‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫ن‬
‫حدثن عن الطمأنينة ؟‬
‫ي‬
‫‪18‬‬ ‫ن‬
‫تطمي القلوب ‪¤‬‬ ‫‪ ¤‬أال بذكر هللا‬

‫‪17‬‬
‫اآليات ‪ – 104 – 103‬سورة الكهف – القرآن الكريم‬
‫‪18‬‬
‫اآلية ‪ – 28‬سورة الرعد – القرآن الكريم‬

‫‪206‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫ن‬
‫حدثن عن لحظة وداع ال ينساها فؤادك ؟‬
‫ي‬
‫حي كان رسول اله صىل هللا عليه و سلم يخطب ن يف الناس قائال ‪:‬‬
‫عن تلك اللحظة ن‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫عام هذا يف‬ ‫فإت ال أدري لعىل ال ألقاكم بعد ي‬
‫من أبي لكم ي‬‫‪ ¤¤‬أما بعد أيها الناس اسمعوا ي‬
‫‪19‬‬
‫موقف هذا ‪¤¤‬‬‫ن‬
‫ي‬
‫ذلك الوداع كفيل بوضع صخرة حزن عىل قلبك ‪..‬‬
‫ذلك الوداع يا غريب لن ننساه أبدا ما حيينا ‪..‬‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫‪19‬‬
‫خطبة الرسول محمد صلى هللا عليه و سلم في حجة الوداع‬

‫‪207‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫‪208‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫‪¤¤‬عن اشتياق للسيل ‪¤‬‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫أحيانا نضحك ‪..‬‬

‫فقط ألن قلوبنا أتعبها األلم ‪..‬‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫البعض يحيا الحياة ‪..‬‬

‫و الكثي منا يمارسها فقط ‪.‬‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫‪209‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫هاأنذا عل حافة الحياة ألحظ وجودي ‪..‬‬


‫أمام ‪..‬‬
‫شء ي‬ ‫أشاهد ما يحدث و أتأمل كل ي‬
‫ما حدث و ما يحدث ‪ ..‬و أحس ببعض مما قد يحدث ‪..‬‬
‫كثيا ‪..‬‬
‫لكت أشتاق ر‬
‫ي‬
‫لنفىس الضائعة ربي كل ذلك الركام ‪..‬‬
‫ي‬ ‫أشتاق‬
‫ألبستت لباس الكبار ‪..‬‬
‫ي‬ ‫داهمتت الحياة فجأة و‬
‫ي‬
‫و قالت يل ‪..‬‬
‫كيت و رصت عل طريق الحياة ‪..‬‬
‫انتفض ‪ ..‬هيا ‪ ..‬لقد ر‬
‫هيا انطلق ‪..‬‬
‫تجاه كنت واقفا ‪..‬‬
‫ي‬ ‫و أمام سيل قادم‬
‫ما الذي أنتظره ‪..‬‬
‫ليقلت معه كاآلخرين ‪..‬‬
‫ي‬ ‫ربما انتظره‬
‫ليأخذن ‪ ..‬و آخذ مجراه ‪ ..‬أواصل العيش ‪..‬‬
‫ي‬
‫نفىس قادرا عل حمله ‪..‬‬
‫ي‬ ‫كان لباسا ثقيال جدا ‪ ..‬ذلك الذي ظننت‬
‫كان حمال ثقيال لم أصبح بعد جاهزا لحمله ‪..‬‬
‫لكن هذه الحياة ال تنتظر من أحد أن يتجهز ‪..‬‬
‫كغيي من الغرباء ‪..‬‬
‫فاجأتت ر‬
‫ي‬
‫شء ‪..‬‬
‫هاأنذا اآلن عل الحافة ‪ ..‬أشاهد كل ي‬
‫أمام ‪..‬‬
‫و رسيط الذكريات يمر ي‬

‫‪210‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫لكت حقا اشتاق ‪..‬‬


‫ي‬
‫تداهمت الحياة بقسوة ‪..‬‬
‫ي‬ ‫نفىس قبل أن‬
‫ي‬ ‫لنفىس التائهة ‪..‬‬
‫ي‬ ‫أشتاق‬
‫الصغي ‪..‬‬
‫ر‬ ‫أشتاق لذلك الطفل‬
‫ألق لها باال حينها ‪..‬‬
‫الت لم ي‬
‫أشتاق لكل تلك التفاصيل ي‬
‫و أدققها اآلن يف حرسة و شوق ‪..‬‬
‫لنفىس الضائعة ربي الركام ‪..‬‬
‫ي‬ ‫أشتاق‬
‫الييء ‪..‬‬
‫الصغي ر‬
‫ر‬ ‫لشخض القديم ‪ ..‬للطفل‬
‫ي‬
‫صغي ‪..‬‬
‫ر‬ ‫أشتاق إليك يا‬
‫غيي ‪..‬‬
‫مصي ر‬
‫فإن عل الحافة أشهد ر‬
‫أما اآلن ي‬
‫اشهد نفس السيل يمر ليأخذ معه آخرين ‪..‬‬
‫و هم عل غفلة منهم ينتظرون السيل ليقلهم ‪..‬‬
‫و هم ال يعلمون كيف الطريق ‪..‬‬
‫المصي ‪..‬‬
‫ر‬ ‫كيف‬
‫عت ‪ ..‬فقد اقيبت من النهاية ‪..‬‬
‫أما ي‬
‫لهذا أنا عل الحافة أشاهد يف صمت ‪..‬‬
‫و أشتاق ‪ ..‬أشاهد و أشتاق فقط ‪..‬‬
‫هذا ما أصبحت قادرا عليه ‪..‬‬
‫عل حافة الحياة أنا اآلن ‪..‬‬
‫دعت أصحح لك ‪ ..‬عل حافة الموت أنا أشاهد الحياة ‪..‬‬
‫ال ي‬
‫عل حافة الموت أنتظر نفس السيل رليجع بعد أن يوصل اآلخرين ‪..‬‬

‫‪211‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫أعيتت الحياة ‪..‬‬


‫ي‬ ‫هل‬
‫ال أدري حقا ‪..‬‬
‫أنا فقط أنتظر ‪..‬‬
‫صغي لن تعود ‪..‬‬
‫ر‬ ‫يقي أنك يا‬
‫أنتظر و عل ر‬
‫يقي أن السيل عائد ال محالة ‪..‬‬
‫أنتظر و أنا عل ر‬
‫ليحملت معه ‪..‬‬
‫ي‬ ‫األخي‬
‫ر‬ ‫أنا راحل ‪ ..‬أنتظر القطار‬
‫أخيتك ‪..‬‬
‫أنا عل حافة الموت كما ر‬
‫صغي ‪..‬‬
‫ر‬ ‫وداعا يا‬
‫وداعا يا حياة ‪ ..‬وداعا أيها السيل العميق ‪..‬‬
‫وداعا أيتها التفاصيل الجميلة ‪..‬‬
‫إن راحل أنتظر قطاري القادم ‪..‬‬
‫ي‬
‫عل محطة الحياة أنتظر و قد ودعت الجميع ‪..‬‬
‫األخية ‪..‬‬
‫ر‬ ‫و ال أدري مت الرحلة‬
‫وداعا أيها الطريق ‪.‬‬

‫‪¤¤¤¤‬‬

‫‪212‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫قد تشيخ األجساد و األبدان ‪..‬‬


‫لكن القلوب و األرواح الطيبة ‪ ,‬أبدا ال تشيخ ‪..‬‬
‫القلوب الوفية تبف بالمحبة نابضة ‪.‬‬
‫‪¤¤¤‬‬

‫كيف حال الجهة اليرسى من قفصك الصدري ؟‬


‫تسأل هللا الثبات و الطمأنينة كل ليلة ‪.‬‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫أخي ن يت ‪ ,‬ما أمنيتك ؟‬


‫واألرض ُأعدت ل ُ‬
‫لم نَ‬ ‫ُ‬ ‫َّ َ ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫تقي "‪.¤‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ماوات‬ ‫‪"20¤‬و ج ٍ‬
‫نة عرضها الس‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫‪20‬‬
‫اآلية ‪ – 133‬سورة آل عمران – القرآن الكريم‬

‫‪213‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫‪ ¤¤¤‬عن رحلة نور ‪¤¤¤‬‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫ما ن‬
‫يتمن قلبك اآلن ؟‬

‫فقط عمرة ‪ ..‬و مطر ‪.‬‬

‫لماذا ؟‬

‫لتكون غسال لباطننا ‪ ..‬كما يغسل المطر ظاهرنا ‪.‬‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫‪214‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫قبل دهر من الزمن‬


‫ربي صخور غار مظلم يف صحراء قاحلة‬
‫خرج نور عظيم إل العالم‬
‫أنار الدنيا و أزهر القلوب إحسانا‬
‫قبل دهر من الزمن‬

‫خرج مهاجرا وطنه ‪..‬تاركا كل ي‬


‫شء وراءه‬
‫و يف قلبه إيمان عظيم‬
‫أن النور حتما سيصل كل أنحاء األرض‬
‫و أن العالم سيصبح بستانا بعد أن كان صحراء‬
‫و أن القلوب حتما سيهر ‪.‬‬

‫بعد زمن ‪...‬‬


‫تحقق ما يف فؤاده بعد عناء و مشقة‬
‫أضحت القلوب مطمئنة و األرواح ساكنة‬
‫صار األفئدة تنبض محبة و إحسانا‬
‫أصبح الجميع كجسد واحد‬
‫صارت األمة تنبض نبضا مستقرا وحيدا‬
‫نبض اإليمان و الحب‬

‫بعد إتمام المهمة‬


‫رحل النور عن األرض‬
‫و حمل أصحابه الشمعة ليكملوا الطريق‬
‫يختق شيئا فشيئا‬
‫ي‬ ‫لكن ذلك النور صار‬

‫‪215‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫عاد البستان صحراء بعد وفاة كل أزهاره المثمرة‬


‫اختفت رائحة العطر البديع شيئا فشيئا‬
‫بقيت الصحراء قاحلة مظلمة‬

‫بعد دهر من الزمن ‪..‬‬


‫عاد النور الذي تركه غريبا عل هذه األرض ‪..‬‬
‫عادت الرسالة غريبة ‪..‬‬
‫و صار األوفياء غرباء ‪..‬‬
‫أخي به قبل زمن ‪..‬‬
‫و حدث ما ر‬
‫طون للغرباء )) ‪..‬‬
‫(( ر‬
‫السالم للغرباء ‪ ..‬الطمأنينة لألوفياء ‪..‬‬
‫األمان للغرباء ‪..‬‬
‫طون لكم ‪ ..‬و هنيئا لكم أيها الطيبون ‪..‬‬
‫ر‬
‫فلتبقوا عل العهد أوفياء ‪ ..‬لحبكم أوفياء ‪..‬‬

‫بعد زمن ‪..‬‬


‫هل يعود النور يوما ما كما كان ؟‬
‫هل تزهر قلوبنا مجددا ؟‬
‫بخي ‪.‬‬
‫هل نكون ر‬
‫ما الذي حدث للغرباء األوائل ‪ ..‬الغرباء الذين كانوا بجانب النور ‪..‬‬
‫حي كان غريبا ‪..‬‬
‫كيف كانت رحلة النور منذ البداية ‪ ..‬ر‬

‫من يدري أيها الغريب ‪..‬‬


‫أحك لك يف قادم الرحالت ‪ ..‬أما هذه فقد وصلت إل النهاية ‪..‬‬
‫ربما ي‬
‫‪216‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫لكن ال تنس ‪ ..‬أن بعض النهايات هن بدايات ‪..‬‬


‫أحيانا تكون النهاية بداية فقط ‪..‬‬
‫عل ‪ ..‬ربما أجهز لك قاربا لنخوض رحلة جديدة ممتعة ‪..‬‬
‫لذلك ال تترسع و تحكم ي‬
‫أيها الغريب ‪..‬‬
‫مصي ‪..‬‬
‫ر‬ ‫أخيتك منذ البداية أن الغربة‬
‫ر‬
‫لكت بكل القرب منك ‪..‬‬
‫أنت غريب ‪ ..‬ي‬
‫أخيتك ي‬
‫ر‬
‫و أخ ريك مجددا ‪..‬‬
‫أن الغربة حياة ‪ ..‬الغربة ثبات ‪ ..‬الغربة أمان ‪.‬‬

‫أيها الغريب ‪..‬‬


‫أنا ال أودعك ‪ ..‬بل أدعك تفكر جيدا فيما كنا فيه ‪ ..‬يف رحلتنا ‪..‬‬
‫قصية ‪ ..‬البد لها أن تكون مثمرة ‪..‬‬
‫و إن بدت ر‬
‫أنا ال أودعك ‪ ..‬بل أتركك ترتاح و تتجهز ‪..‬‬
‫الىسء ‪..‬‬ ‫بعض‬ ‫أطول‬ ‫‪..‬‬ ‫إمتاعا‬ ‫الرحلة القادمة ستكون ر‬
‫أكي‬
‫ي‬
‫بخي ‪..‬‬
‫لذلك أنا أدعك لتصبح ر‬
‫بخي ‪ ..‬و ال تنس ‪.‬‬
‫فلتكن ر‬
‫للطيبي ‪..‬‬
‫ر‬ ‫الثبات لألقوياء ‪ ..‬و الصمود‬
‫و البقاء حت النهاية لألوفياء ‪.‬‬

‫‪...‬‬

‫‪¤¤¤‬‬

‫‪217‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫‪218‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫‪ ¤‬الفهرس ‪¤‬‬

‫‪5‬‬ ‫اإلهداء‬

‫‪7‬‬ ‫يابانج‬
‫ي‬ ‫عن‬

‫‪16‬‬ ‫نور من الجب‬

‫‪65‬‬ ‫عن ذلك المسافر‬

‫‪71‬‬ ‫الشخص‬
‫ي‬ ‫عن مدار كوكبنا‬

‫‪84‬‬ ‫الغريب‬

‫‪98‬‬ ‫عن غربة الحب‬

‫‪115‬‬ ‫طفل الماء و الشجر‬

‫‪158‬‬ ‫ن‬
‫فلسطي‬ ‫عن كوكب اسمه‬

‫‪186‬‬ ‫عن أولئك الغرباء عىل أرصفة الطرقات‬

‫‪200‬‬ ‫كلمات مطمئنة‬

‫‪205‬‬ ‫عن مفردات غريبة عنا‬

‫‪209‬‬ ‫عن اشتياق للسيل‬

‫‪214‬‬ ‫عن رحلة نور‬


‫‪219‬‬
‫مدار الغرباء‬

‫‪220‬‬

You might also like