Professional Documents
Culture Documents
الواجب الأول
الواجب الأول
إن نشأة وتطور القانون العام اإلقتصادي في الجزائر إقترن ولمدة طويلة بما عرفه هذا الفرع
في فرنسا من توسيع نطاق تدخل الدولة وبروز مفاهيم وصيغ قانونية جديدة تؤطر هذا التدخل.
المظاهر التي كان يتخذها هذا القانون من إحداث هيئة إقتصادية عمومية على غرار الدواوين
العمومية والمؤسسات العمومية ذات طابع صناعي وتجاري والمؤسسات العمومية اإلقتصادية.
بعد اإلستقالل يمكن تقسيم المراحل التي مر بها اإلقتصاد الجزائري بمرحلتين كبيرتين:
)1المرحلة األولى :مرحلة بناء إقتصاد وطني مستقل يعتمد على النهج اإلشتراكي والتي تمتد
حسمت فيها السلطات السياسية بإختيار النهج اإلشتراكي وكان تنظيم النمو القتصادي ،مبنيا
على التخطيط المركزي الذي توجه الدولة من خاله أعمال األعوان القتصاديين وتأطيرها ،مع تأكيد
الدور القيادي للدولة في تحقيق هذه البرامج القتصادية والجتماعية .وارتكز كذلك هذا التنظيم
القتصادي العمومي والمخطط على إحداث عدد كبير من الشركات الوطنية وهي مؤسسات عمومية
اقتصادية وأخرى كانت في أغلبها قد آلت إلى الدولة الوطنية بعد رحيل المستعمر .إقتضت كل
واحدة منها وفي شكل شبه إحتكاري في تسيير الفرع القتصادي محدد على أساس التوجيهات
الحكومية في مجال السياسة القتصادية والجتماعية ،وهذا ما سمح للدولة بأن تحتل مركز أول
)1المرحلة الثانية :هي مرحلة النفتاح والنخراط القتصاد الجزائري في القتصاد العالمي الحر
وتبنيه آليات ضبط اقتصاد السوق بدأت في سنة 1811وهي تتميز بتغيير وجهة القتصاد
الوطني بالتغلب عن النهج الشتراكي الذي كان يعتمد على التخطيط المركزي المباشر وتبني نظام
السوق .وقد إستفادت في هذه المرحلة المؤسسة العمومية العاملة في الحقل الصناعي والتجاري
باستقاللية نسبية تتناسب مع طبيعة التوجيهات الجديدة .رغم تراجع دور الدولة وتدخلها في القتصاد
بقي القانون العام القتصادي يحظى بمركز مميز في تركيبة القانون العام الجزائري.
كما أن يشكل الدستور مصد ار للقانون العام القتصادي بإعتباره يوضح الخطوط العريضة
للسياسة القتصادية المتبناة في الدولة ،وقد عرفت الجزائر عدة دساتير من تاريخ استقاللها إلى اليوم
حيث إعتبر فقهاء القانون الدستوري أن دساتير 1891و 1899دساتير سياسية على خالف أن
دستور 1818والذي يعتبر أول دستور إطار يحدد بشكل دقيق تبني الدولة إقتصاد السوق بدل
عن القتصاد الموجه بإعترافه صراحة بحرية المبادرة الخاصة في إنشاء المشاريع القتصادية والملكية
الفردية لوسائل اإلنتاج وهذا مع عززه دستور 1889بإعتراف بمبدأ حرية التجارة والصناعة في
مادته " "19والمساواة بين أفراد الشعب في الحقوق والواجبات في جميع المجالت وعدم إحتكار
الدولة للتجارة الخارجية وجاء التعديل الدستوري لسنة 6119الذي حافظ على المنهج مع إستعمال
الذي يشمل الصناعة والتجارة والفالحة والسياحة والصيد البحري وغيره من مجالت ذات طابع
إقتصادي.
يحدد القانون 19_11المتضمن للتعديل الدستوري الجزائري معالم السياسية القتصادية بتبنيه
العديد من المبادئ تقوم عليها الليبرالية في متن بعض مواده ومثال ذلك:
إلى غير ذلك من المواد ولكنه أحال للبرلمان مسألة التنظيم العديد من المجالت القتصادية
نظام إصدار النقود والقرض والبنك والتأمينات النظام الجبائي ...الخ.
كما تحيل المواد 136و 131الختصاص لرئيس الجمهورية للتشريع عن طريق أوامر وفي
المسائل الغير مخصصة للقانون عن طريق السلطة التنظيمية ومثالها مجال الصفقات العمومية.
4
يؤطر القانون العام االقتصادي بمجموعة من المبادئ التي تظهر أو تتقلص بحسب النظام
تتمثل هذه المبادئ التي تؤطر القانون العام القتصادي أساسا في ثالث مبادئ ،ظهرت
بشكل ضمني في دستور 2696الذي تبنى حمل تغيي ار في سياسة القتصادية الجزائرية من سياسة
تقوم على مبادئ اشتراكية كالملكية للوسائل اإلنتاج واحتكار الدولة لجميع القطاعات إلى سياسة
ليبرالية تقوم على النفتاح والحرية القتصادية لتحتفظ بدور الضابط للسوق ،حيث تعززت هذه
المبادئ بصدور دستور 1889الذي ذكرها ص ارحة في العديد من المواد كـ ـ المادة 18والمادة
61التي حددت نظام الملكية كإستثناء لمساسه لمبدأ الملكية الخاصة والعتراف بها كحق أساسي
محمي دستوريا و المادة 73التي أقرت بحرية التجارة و الصناعة مضمونة وتمارس في إطار
القانون ،و المادة 93والتي تناولت مسألة أداء الضريبة يقوم به المواطنون على قدم المساواة ولم
يتغير هذا الوضع بصدور التعديل الدستوري لسنة 6119والذي عزز بدوره هذه المبادئ كما سبق
1
توضحيه فيما يخص معالم السياسة القتصادية للدولة الجزائرية.
.1أنساعد خولة ،القيود الواردة على مبدأ التجارة والصناعة ،مذكرة ماستر في إدارة األعمال ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة
الجياللي بونعامة ،خمبيس مليانة ،1129-1123 ،ص .11
5