You are on page 1of 8

‫دروس و محاضرات في النظريات و السياسات النقدية‬

‫الدرس األول‪ :‬السياسات النقدية‬


‫أوالً‪ :‬ماهية السياسة النقدية و أنواعها‪.‬‬
‫تعريف‪:‬‬
‫إذا تعبر السياسة النقدية عن اإلجراءات الالزمة التي تمكن السلطات النقدية من ضبط عرض النقود أو التوسع النقدي‬
‫ليتماشى وحاجة المتعاملين اإلقتصاديين وهي هدف البنك المركزي في ممارسته للرقابة على النقود‪.‬‬
‫أنواع السياسات النقدية‪:‬‬
‫السياسة النقدية اإلنكماشية‪ :‬يهدف أساسا هذا النوع من السياسات النقدية إلى عالج الحالة التضخمية التي‬ ‫‪.1‬‬
‫يعاني منها إقتصاد بلد ما وبالتالي فإن هدف السياسة النقدية إتجاه التضخم هو الحد من خلق أدوات نقدية أي الحد من‬
‫خلق النقود وتخفيض المعروض النقدي وبالتالي يتم الحد من إنفاق األفراد والمؤسسات على شراء السع والخدمات ‪.‬‬
‫السياسة النقدية التوسعية‪ :‬تهدف في مجملها إلى عالج حالة الركود أو اإلنكماش التي يمر بها االقتصاد أي أن‬ ‫‪.2‬‬
‫التدفق الحقيقي أكبر من التدفق التقدي وهنا تسعى السلطة النقدية ممثلة في البنك المركزي إلى زيادة المعروض‬
‫النقدي وبالتالي زيادة الطلب على السلع والخدمات‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬أهداف السياسة النقدية‪.‬‬


‫تحقيق اإلستقرار في األسعار‪.‬‬ ‫‪.1‬‬
‫تحقيق اإلستقرار النقدي و اإلقتصادي ‪ :‬إذ من الضروري أنى تسعى السياسة النقدية إلى تكييف عرض النقود‬ ‫‪.2‬‬
‫مع مستوى النشاط اإلقتصادي‪.‬‬
‫المساهمة في تحقيق توازن في ميزان المدفوعات وتحسين قيمة العملة‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫المساهمة في تحقيق هدف التوظيف الكامل ‪ :‬وتشترك في ذلك مع السياسة المالية وتقوم على زيادة عرض‬ ‫‪.4‬‬
‫النقود في حالة البطالة والكساد لتزيد من الطلب الفعال فيزداد اإلستثمار والتشغيل في اإلقتصاد القومي‪.‬‬
‫مكافحة التقلبات الدورية ‪ :‬من بين األهداف الرئيسية هدف عالج التقلبات الدورية التي يتعرض لها اإلقتصاد‬ ‫‪.5‬‬
‫القومي من تضخم و انكماش والتخفيف من حدتها حتى ال يتأثر اإلقتصاد الوطني لهزات عنيفة تنعكس سلبا على‬
‫مستوى التوازن االقتصادي العام‪.‬‬

‫ثالثاً‪ :‬أدوات السياسة النقدية‪.‬‬


‫األدوات الكمية‪:‬‬
‫سياسة سعر الخصم‬ ‫‪.1‬‬
‫سعر الخصم هو عبارة عن سعر الفائدة الذي يتقاضاه البنك المركزي تقديم القروض وخصم األوراق التجارية للبنوك‬
‫التجارية‪.‬‬
‫في حالة التضخم يرفع البنك المركزي معدل إعادة الخصم ليحد من قدرة البنوك على التوسع في اإلئتمان أما في حالة‬
‫إتباع البنك المركزي لسياسة توسعية‪ ،‬فإنه يقوم بخفض معدل إعادة الخصم حتى تسنى للبنوك خصم ما لديها من‬
‫أوراق تجارية أو اإلقتراض منه للتوسع في عملية منح اإلئتمان‪.‬‬
‫تتوقف فعالية هذه السياسة على تحقيق عدة شروط أهمها‪:‬‬
‫أوال‪ :‬أن تقوم البنوك التجارية بتغيير أسعار فائدتها مع تغير سعر الخصم وفي نفس اإلتجاه‬
‫وهذا الشرط ال يتحقق في كل األحوال والواقع أن فعالية هذه السياسة تستدعي أال تكون هناك مصادر أخرى للسيولة‬
‫أو اإلئتمان سواء في السوق النقدية ذاتها أو في األسواق الجانبية بخالف البنك المركزي من شأنها أنم تقلل من أهمية‬
‫قروض األخير وتكلفة هذا األخير كان لدى المشروعات المختلفة اإلحتياطات النقدية السائلة المخصصة للتمويل الذاتي‬
‫‪ ،‬أو وردت لإلقتصاد القومي رؤوس أموال أجنبية بغرض التوظيف‪ ،‬فإن رفع سعر الخصم ال يؤثر‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬أن يكون الطلب على القروض حساس للتغير في سعر الفائدة‪.‬‬
‫بمعنى أنه يزيد إذا إنخفض وينقص إذا إرتفع لكن هذه الحساسية ليست كبيرة في جميع األوقات‪ .‬فمجرد رفع سعر‬
‫الخصم من طرف البنك المركزي ليس كافيا ألن يجعل البنوك التجارية تحجم عن تقديم اإلئتمان ومع ذلك فإن لسياسة‬
‫سعر إعادة الخصم تأثيرا نفسيا‪،‬إذ ترى البنوك في تغييره إيعازا لها من البنك المركزي بإتخاذ سياسة معينة‪ ،‬وتهديدا‬
‫بإتخاذ إجراءات فعالة أخرى إذا لم تفلح هذه السياسة‪.‬‬
‫سياسة السوق المفتوحة‪:‬‬ ‫‪.2‬‬
‫تعني عمليات السوق المفتوحة إمكانية لجوء البنك المركزي إلى السوق النقدية بائعا أو مشتريا لألوراق المالية‬
‫* ففي سياسة سعر إعادة الخصم يحاول البنك المركزي التأثير في سيولة البنوك التجارية وبالتالي التأثير في سيولة‬
‫السوق النقدية لمحاولة تقييد أو توسيع اإلئتمان بحسب األهداف اإلقتصادية‪.‬‬
‫* في حالة سياسية السوق المفتوحة فيحاول البنك المركزي التأثير في سيولة السوق النقدية في هيكل هذه‬
‫السوق‪،‬بهدف التأثير في سيولة وقدرة البنوك التجارية على خلق اإلئتمان‬
‫* سياسة سعر الخصم التي يتم إجراءها داخل البنك المركزي‪.‬‬
‫* سياسة السوق المفتوحة يتم التعامل خارج البنك المركزي أي في السوق ومن هنا أطلق على هذا التعامل سياسة‬
‫السوق المفتوحة‬
‫أثر سياسة السوق المفتوحة‬
‫*في حالة التضخم يتدخل البنك المركزي بصفته بائعا لألوراق المالية التي بحوزته األمر الذي من شأنه أن يمتص‬
‫الفائض من الكتلة النقدية نتيجة قيام البنوك بشراء تلك األوراق المالية كبدائل للنقود فيتقلص حجم السيولة وتنخفض‬
‫قدرة البنوك التجارية على التوسع في منح اإلئتمان‪.‬‬
‫*في حالة الركود يتدخل البنك المركزي بصفته مشتريا لألوراق المالية التي بحوزته األمر الذي من شأنه أن يزيد من‬
‫السيولة المصرفية لدى البنوك وبالتالي زيادة قدرة البنوك التجارية على التوسع في منح اإلئتمان‬
‫تتوقف فعالية السوق المفتوحة على ما يلي ‪:‬‬
‫أ‪.‬وجود أسواق مالية متطورة‬
‫ب‪.‬توفر األوراق المالية لدى البنك المركزي لطرحها في السوق‬
‫ج‪.‬عدم عرقلة البنوك التجارية لهدف البنك المركزي من هذه السياسة وذلك بإقدامها على خصم أوراقها التجارية لدى‬
‫البنك المركزي‪.‬‬
‫سياسة اإلحتياطي القانوني‬ ‫‪.3‬‬
‫إن نسبة اإلحتياطي القانوني عي تلك النسبة التي من النقود التي يجب على البنوك التجارية أن تحتفظ بها لدى البنك‬
‫المركزي من حجم الودائع‬
‫ففي أوقات التضخم‪،‬وعن طريق رفع نسبة اإلحتياطي القانوني من طرف البنك المركزي تقل سيولة البنوك‬ ‫?‬
‫التجاري‪،‬فتنخفض قدرتها على اإلقراض‪.‬‬
‫في حالة الركود اإلقتصادي يقوم البنك المركزي بتخفيض هذه النسبة أي اإلفراج عن جزء كبير من سيولة‬ ‫?‬
‫البنك التجاري وبالتالي تزيد قدرة هذا األخير على خلق اإلئتمان‪.‬‬
‫تتوقف فعالية السياسة االحتياطي القانوني على‪:‬‬
‫عدم وجود تسرب نقدي‪.‬‬ ‫?‬
‫عدم وجود طرق أخرى أمام البنوك التجارية للحصول على موارد نقدية خارج إطار البنك المركزي‪.‬‬ ‫?‬
‫مدى إستجابة ومرونة القطاعات اإلنتاجية لتلك التغيرات المطبقة من طرف السلطات النقدية‬ ‫?‬

‫األدوات الكيفية‬
‫تأطير اإلئتمان ‪ :‬وهو إجراء تنظيمي تقوم بموجبه السلطات النقدية بتحديد سقوف القروض‪.‬‬ ‫‪.1‬‬
‫تخصيص التمويل ‪ :‬يعني إتجاه السلطات النقدية إلى التأثير على توزيع القروض في إتجاه القطاعات األكثر‬ ‫‪.2‬‬
‫حيوية‪.‬‬
‫قيام البنك المركزي ببعض العمليات المصرفية‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫الرخص المشروطة لالستيراد‪.‬‬ ‫‪.4‬‬
‫اإلقناع األدبي ‪ :‬هو عبارة عن مجرد قبول البنوك التجارية بتعليمات البنك المركزي أدبيا بخصوص تقديم‬ ‫‪.5‬‬
‫القروض وتوجيهها‪.‬‬
‫الدرس الثاني‪ :‬البنك المركزي‬
‫السلطة النقدية‪ -‬البنك المركزي‪.‬‬

‫أوالً‪ :‬تعريف المصرف المركزي‪.‬‬


‫يعتبر البنك المركزي السلطة العليا التي تأتي على هرم النظام النقدي في أي دولة كانت ‪ ،‬وعلى هذا فإنه يعتبر‬
‫مؤسسة تشغل مكانا رئيسيا في سوق النقد ‪ ،‬وهذا بخالف الحال عن البنوك التجارية ‪ ،‬فمن البديهي والمسلم به أن‬
‫الهدف الرئيسي للبنك المركزي ‪ ،‬إنما يكمن في خدمة األهداف االقتصادية العامة حتى في البلدان التي تتخذ من الربح‬
‫كشعار لمبادئها ومقومات وجودها ‪ ،‬ومن هذا المنطلق فإنه يمكننا أن نقدم بعض التعاريف االصطالحية للبنك‬
‫المركزي ‪ ،‬التي هي كثيرة ومتنوعة ‪ ،‬ولكن أغلبها مستمد من الوظائف التقليدية والحديثة للبنوك المركزية ‪:‬‬
‫" البنك المركزي مؤسسة تقف على قمة النظام المصرفي جميعه بسوقيه النقدي و المالي ويطلق عليه في نفس الوقت‬
‫بنك البنوك وبنك الحكومة‪ ،‬ويقوم البنك المركزي بوظيفة أساسية هي الرقابة والتحكم في عرض النقود واإلشراف‬
‫على السياسة االئتمانية بصفة عامة"‬
‫"البنك المركزي هو المؤسسة التي تشغل مكانا رئيسيا في النظام المصرفي‪ ،‬والهدف الرئيسي من سياسته ليس تحقيق‬
‫األرباح بل خدمة المصالح االقتصادية والمالية العامة"‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬وظائف المصرف المركزي‪.‬‬
‫قد تتشابه الوظائف التي تقوم بها البنوك المركزية في معظم بلدان العالم ولكن الواضح أن درجة تطبيق هذه الوظائف‬
‫تختلف من بيئة اقتصادية ألخرى ويمكننا أن نجمل الوظائف التي تقوم بها البنوك المركزية في العصر الحديث في‬
‫الوظائف التالية‪:‬‬
‫وظيفة اإلصدار(بنك اإلصدار)‪:‬ويعني هذا أن البنك المركزي ينفرد بوظيفة إصدار النقود القانونية ‪ ،‬ووظيفة‬ ‫‪.1‬‬
‫إصدار أوراق البنكنوت هي أولى وظائف البنك المركزي والوظيفة األساسية التي تميزه عن البنوك التجارية العادية ‪،‬‬
‫وهذا ما يفسر في هيمنة سلطته على جميع البنوك في الجهاز المصرفي ‪ ،‬فعندما أصبحت أوراق النقود (البنكنوت)‬
‫عملة قانونية ذات قوة إبراء غير محدودة زادت مكانة البنك المركزي داخل الجهاز المصرفي‪ ،‬كما أن تركيز وظيفة‬
‫اإلصدار في بنك واحد نتج عنه ما يلي‪:‬‬
‫زيادة ثقة جمهور المتعاملين في األوراق النقدية المصدرة (صفة القبول العام)‪،‬‬ ‫?‬
‫تمكين البنك المركزي من التأثير على حجم االئتمان من خالل التأثير على حجم االحتياطات النقدية لدى‬ ‫?‬
‫البنوك التجارية‪.‬‬
‫وظيفة المقرض األخير( بنك البنوك)‪:‬إن هذه الوظيفة تمثل عالقة البنك المركزي بالبنوك التجارية األخرى‪،‬‬ ‫‪.2‬‬
‫فعلى اعتبار أن البنك المركزي يقع على قمة الجهاز المصرفي فهو يمثل بذلك سلطة رقابة على جميع البنوك‬
‫المندرجة ضمن الجهاز المصرفي‪ ،‬وتتلخص سلطته فيما يلي‪:‬‬
‫تلتزم البنوك التجارية بإيداع جزء من رصيدها النقدي لدى البنك المركزي يعادل نسبة معينة من التزاماتها‪،‬‬ ‫?‬
‫وهذه النسبة تحددها إدارة البنك المركزي قصد حفظ حقوق المودعين وتحقيق رقابة فعالة على البنوك خاصة فيما‬
‫يخص خلق الودائع‪.‬‬
‫يلتزم البنك المركزي بإتاحة وحدات النقد القانونية لتحقيق السيولة الالزمة لمواجهة المصارف‪ ،‬أي أن نشاطها‬ ‫?‬
‫يخص خلق الودائع ‪ ،‬أما البنك المركزي فإنه يمثل قمة السيولة ‪ ،‬والبنوك التجارية تتوقع إن عاجال أم آجال ضرورة‬
‫تحويل نقود الودائع إلى نقود قانونية ‪ ،‬وهي بذلك تلجأ إلى البنك المركزي الذي يمثل بذلك المقرض األخير للبنوك‬
‫التجارية في حالة األزمات المالية المتعلقة بالسيولة والتي تهدد كيان النظام المصرفي‪.‬‬
‫يقوم البنك المركزي بدور الوسيط بين البنوك التجارية لتسوية الديون والحقوق الناشئة عن تعدد المعامالت‪،‬‬ ‫?‬
‫ويقوم بذلك عن طريق غرفة المقاصة‪.‬‬
‫وظيفة تقديم االستشارة للحكومة (بنك الحكومة)‪:‬يعتبر البنك المركزي وكيل الحكومة ‪ ،‬ومستشارها المالي في‬ ‫‪.3‬‬
‫جميع عملياتها المالية ‪ ،‬وتتلخص خدماته فيما يلي‪:‬‬
‫يقرض الحكومة عند الحاجة عن طريق إصدار عمالت ورقية جديدة مضمونة بالسندات‪.‬‬ ‫?‬
‫مسك حسابات المصالح والمؤسسات الحكومية‪ ،‬حيث أن الحكومة تودع كل أو بعض أموالها لديه‪ ،‬وتسدد‬ ‫?‬
‫ديونها بشيكات مسحوبة عليه‪.‬‬
‫إصدار ودفع الفوائد وتسديد القروض نيابة عن الحكومة‬ ‫?‬
‫تقييم االستثمارات المالية والنقدية للحكومة بهدف اتخاذ اإلجراءات المناسبة ‪.‬‬ ‫?‬
‫المساهمة في صنع القرارات المالية للدولة والعمل على تنفيذها‪.‬‬ ‫?‬
‫القيام بعمليات التمويل الخارجية ‪ ،‬وتجميع العمالت األجنبية والعمل على توظيفها‪.‬‬ ‫?‬
‫القيام بعملية السداد فيما يخص القروض العامة ‪ ،‬والعمل على تنظيم الدين العام‪.‬‬ ‫?‬
‫وظيفة اإلشراف على االئتمان وتوجيهه‪ :‬تعتبر هذه الوظيفة من الوظائف الحديثة للبنوك المركزية ‪ ،‬إذ أنها‬ ‫‪.4‬‬
‫ترتبط ارتباطا وثيقا بعملية خلق نقود الودائع من قبل البنوك التجارية ‪ ،‬حيث يمارس البنك المركزي رقابة توجيهه‬
‫على أعمال البنوك التجارية التي تتنوع أهدافها ووظائفها بتنوع األعمال االقتصادية داخل الدولة ‪ ،‬ويكون ذلك عن‬
‫طريق إجراء الفحص الدوري والمفاجئ ‪ ،‬ومراجعة أعمال اإلدارة ‪ ،‬والتحقق من كفاية رأس المال واألموال‬
‫الخاصة ‪ ،‬كما انه يحق له حسب بعض التشريعات اإلطالع على الحسابات المدينة ‪ ،‬كما يمكنه أن يؤثر في السياسة‬
‫االئتمانية للدولة بفعل أدوات معينة سواء مباشرة أو غير مباشرة ‪ ،‬وعليه يمكننا القول بأن البنك المركزي يشترك مع‬
‫الحكومة في رسم أهداف السياسة النقدية والعمل على إيجاد الوسائل الالزمة لتحقيقها‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬استقاللية البنك المركزي‪.‬‬
‫نقصد باستقاللية المصرف المركزي‪" :‬استقاللية الصيرفة المركزية مرتبطة باستقاللها في إدارة السياسة النقدية بعيدا‬
‫عن تدخل السلطة التنفيذية بما ال يسمح بتسخير السياسة النقدية لتمويل العجز في الموازنة العامة‪ ،‬وهو ما يمكن أن‬
‫يؤدي إلى ارتفاع التضخم‪ ،‬وترتبط استقاللية البنك المركزي بطبيعة أهداف السياسة النقدية ‪ ،‬فبقدر ما تكون ملتصقة‬
‫بهدف استقرار األسعار بقدر ما تكون مستقلة ‪ ،‬وعندما يكلف بأهداف أخرى ‪ ،‬فذلك يحد من استقالليته"‪.‬‬
‫فاالستقاللية إذن تعني حجم السلطة والحرية المخولة أو الممنوحة للبنك المركزي في رسم و تصور السياسة النقدية‪،‬‬
‫ومن ثم إمكانية مساءلته و بالتالي فنحن في حاجة إلى أشخاص آخرين إلدارة أعمال البنوك المركزية بخالف‬
‫المسؤولين عن اإلنفاق العام يتمتعون بوضع قانوني مستقل و يعملون من أجل تحقيق المصلحة العامة‪.‬‬
‫رابعاً‪ :‬دوافع االتجاه نحو استقاللية البنوك المركزية‬
‫هناك عدة دوافع لالتجاه نحو استقاللية البنوك المركزية وهذه األسباب نتجت عن العالقة بين البنوك المركزية‬
‫والسلطات التنفيذية‪ ،‬و المتمثلة أساسا في الخزينة العامة ‪،‬وهناك عدة دراسات و تجارب أثبتت ضرورة التوجه نحو‬
‫استقاللية البنوك المركزية عن السلطات التنفيذية للدولة‪ ،‬ونذكر من بين هذه األسباب والدراسات ما يلي‪:‬‬
‫سعي الحكومة للسيطرة على البنوك المركزية لتوجيه السياسة النقدية بما يخدم سياستها المالية واالقتصادية‪،‬‬ ‫?‬
‫بصفة عامة‪ ،‬ووصل األمر إلى حد فرض تطبيق بعض السياسات النقدية التي تساهم في التضخم وتخدم الموازنة‬
‫العامة ( كاإلصدار النقدي بدون مقابل للعملة)‪.‬‬
‫انهيار نظام (بروتن وودز) وظهور ظاهرة التضخم في كل من الدول الرأسمالية المتقدمة وكذا الدول‬ ‫?‬
‫النامية ‪ ،‬حيث كان ينظر إلي ظاهرة التضخم كنتاج للسياسة النقدية المطبقة من قبل البنوك المركزية ‪ ،‬تحت ضغط‬
‫السلطات السياسية وكل هذا أدى إلى إعادة النظر في ترتيب السياسة النقدية للبنوك ‪،‬بما يؤدي إلى تخفيض معدالت‬
‫التضخم ‪ ،‬وهذا يعني االستقالل عن السلطات التنفيذية‪.‬‬
‫تأثير االقتصاد السياسي على السياسة النقدية ‪ ،‬وذلك ما يسمى ( الدورة السياسية للنشاط االقتصادي )‪ ،‬والتي‬ ‫?‬
‫يرجع أساسها إلى ما لوحظ من تأثير لنتائج االنتخابات على الوضع االقتصادي قبل وأثناء االنتخابات‪ ،‬وذلك بهدف‬
‫إحداث رواج اقتصادي قبل تاريخ االنتخابات حتى ولو كان رواجا قصير المدى‪ ،‬فالمهم عندهم أن يستمر الرواج‬
‫لحين نجاحهم في االنتخابات‪.‬‬
‫نتائج بعض الدراسات التي قامت بقياس استقاللية البنك المركزي‪ ،‬وكل هذه الدراسات اجتمعت على أن وجود‬ ‫?‬
‫بنك مركزي مستقل في دولة ما‪ ،‬من شأنه أن يؤدي إلى خفض معدالت التضخم دون التأثير السلبي على معدالت‬
‫النمو ‪ ،‬وبالتالي هذه الدراسات نادت بضرورة استقاللية البنوك المركزية‪.‬‬
‫االرتباط بين استقاللية البنك المركزي‪ ،‬وبين استقرار األسعار كهدف رئيسي للسياسة النقدية‪.‬‬ ‫?‬
‫إن استقاللية البنوك المركزية عن الحكومة تجعله ال يخضع لها ‪ ،‬وذلك في حالة طلبها و إلحاحها على‬ ‫?‬
‫اإلصدار النقدي الفائض ‪،‬ألن ذلك سيؤدي إلى ارتفاع األسعار داخل إقليم الدولة ( زيادة التضخم )‪.‬‬
‫خامساً‪ :‬مؤشرات استقاللية المصرف المركزي‬
‫هناك عدة مؤشرات لقياس درجة استقاللية البنك المركزي منها‪:‬‬
‫طول مدة تعيين المحافظ و مدى قابليتها للتجديد‬ ‫?‬
‫الجهة التي تقوم بتعيين المحافظ‬ ‫?‬
‫إ مكانية إقصاء المحافظ‬ ‫?‬
‫مدى إمكانية ممارسة المحافظ لمهام أخرى ‪ ،‬والجهة المخولة لها إصدار اإلذن بذلك‬ ‫?‬
‫مدى إنفراد البنك المركزي بصياغة السياسة النقدية‬ ‫?‬
‫الجهة المخولة بحل التعارض في مجال السياسة النقدية‬ ‫?‬
‫مدى مساهمة البنك المركزي في إعداد الموازنة العامة‬ ‫?‬
‫أهداف البنك المركزي‪.‬‬ ‫?‬
‫مدى إمكانية منح قروض للخزينة العامة‬ ‫?‬
‫طبيعة القروض الممكن منحها‪ ،‬و شروطها‬ ‫?‬
‫حدود اإلقراض الممكن منحه‪ ،‬و شروطه‬ ‫?‬
‫الجزء األول‪:‬أسس التعريف بالتضخم‬
‫أوالً‪ :‬التعريف المبني على النظرية النقدية (الكمية)‪.‬‬
‫إن التضخم النقدي بناءا على هذه النظرية يعني "كل زيادة في كمية النقد المتداول تؤدي إلى زيادة في المستوى العام‬
‫لألسعار" بمعنى الزيادة في كمية النقد المتداول تؤدي إلى ارتفاع األسعار السائدة في السوق ويعد ذلك سببا في ظهور‬
‫الظواهر التضخمية‪ .‬وقد سيطرت مفاهيم النظرية النقدية الكمية على مناقشات معظم اقتصاديي القرن ‪ 19‬وأوائل‬
‫القرن ‪ 20‬وتفسيراتهم لنشوء الحركات التضخمية حيث نسبوا ظهورها الزدياد النقد المتداول في السوق مؤيدين‬
‫أرائهم‪ ،‬بحجج ومبررات اقتصادية كارتفاع األسعار بعد الحرب العالمية األولى وانخفاض قيمة العمالت نتيجة ارتفاع‬
‫األسعار في بلدان هذه العمالت‪ ....‬كما حصل في المانيا سنة ‪ 1923‬حيث شكلت هذه األزمة مادة خصبة وأساسا‬
‫مؤيدا ألنصار النظرية الكمية‪ ،‬حيث ساد التضخم واستفحل لدرجة كبيرة وذلك كأثر للتوسع في اإلصدار النقدي‪،‬‬
‫وكثرة التداول النقدي في األسواق األلمانية حتى كانت األسعار ترتفع بشدة بين لحظة وأخرى حتى هبطت القوة‬
‫الشرائية لتلك النقود لدرجة أنها فقدت قيمتها كوسيط للتبادل‪ ،‬ومن ثم فقدت ثقة الشعب بها ‪ ،‬مما دفع الحكومة األلمانية‬
‫إلى إلغاء النقد واستبداله كأحد االجراءات للحد من انتشار الظواهر التضخمية‪.‬‬
‫اذ يمكن حصر أهم الدعائم التي ارتكزت عليها نظرية الكمية في النقاط التالية‪:‬‬
‫كمية النقود هي العامل الهام والفعال في التأثير على حركات األسعار‪.‬‬ ‫•‬
‫تتناسب كمية النقود تناسبا طرديا مع األسعار بمعنى أنه اذا زادت الكمية النقدية المتداولة يترتب عليها ارتفاع‬ ‫•‬
‫في مستوى األسعار السائدة وبنفس النسبة والعكس‪.‬‬
‫تتناسب الكمية عكسيا مع قيمة النقود التي تمثلها فهي العامل الرئيسي والهام في التأثير على القوة الشرائية‬ ‫•‬
‫للوحدة النقدية‪.‬‬
‫تتناسب الكمية النقدية تناسبا طرديا مع الطلب على السلع وعكسيا مع العرض بمعنى أنه اذا ازدادت كمية‬ ‫•‬
‫النقود المتبادلة فاٍنه يترتب عليه ارتفاع في معدل الطلب على السلع‪ ،‬ونقصه في العرض عليها‪.‬‬
‫تفترض هذه النظرية التشغيل الكامل لعناصر اإلنتاج‪.‬‬ ‫•‬
‫تفترض هذه النظرية أن هناك عوامل رئيسية تؤثر في السعار هي‪ :‬كمية النقد‪ ،‬سرعة التداول النقدي‪ ،‬كمية‬ ‫•‬
‫المبادالت‪.‬‬
‫ان األثر الوحيد للتغير في كمية النقود "طبقا للكالسيك" هو التغير في المستوى العام لألسعار ولذلك فقد استخدمو‬
‫معادلة التبادل الثبات هذه العالقة االرتباطية النسبية والطردية بين التغير في كمية النقود "متغير مستقل" والتغير في‬
‫المستوى العام لألسعار "متغير تابع" وذلك في فترة قصيرة مع بقاء العوامل األخرى ثابة‪ .‬وقد عبر فيشر عن هذه‬
‫العالقة بالمعادلة التالية‪ Mv=tp :‬حيث‪:‬‬
‫‪ :V‬سرعة دوران النقود‪.‬‬
‫‪ :M‬كمية النقود‪.‬‬
‫‪ :T‬كمية المبادالت‪.‬‬
‫‪ :P‬المستوى العام لألسعار‪.‬‬
‫ورغم أهمية تطوير معادلة التبادل لـ"فيشر" كمعبر عن النظرية الكمية اال أن مدرسة "كمبريدج" لم تختلف على‬
‫المدى القصير عن النظرية الكمية الكالسيكية في اطار معادلة للتبادل التي تربط بعالقة طردية بين المستوى العام‬
‫لألسعار وكمية النقود‪ .‬فعلى المدى القصير يترتب عن زيادة عرض النقود على الطلب عليها ارتفاع متناسب في‬
‫المستوى العام لألسعار‪.‬‬
‫غير أن العالقة بين كمية النقود والمستوى العام لألسعار التي تضمنها هذه النظرية ليست بالبساطة التي تصورتها‪،‬‬
‫فقد ترتفع األسعار ألسباب ال عالقة لزيادة كمية النقود فيها‪ .‬ذلك أن أزمة الكساد (‪ )1933-1929‬أثبتت عدم صحة‬
‫هذا التحليل للتضخم‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬التعريف المبني على النظرية الكينزية‪.‬‬
‫يبنى هذا التعريف على العالقة ما بين العرض والطلب بحيث يكون التضخم ثمرة هذه العالقة المقصودة وهي العالقة‬
‫السلبية التي تمثل الخلل التوازني فيما بين العرض والطلب‪ ،‬فمن العلماء االقتصاديين من بنى تعريفه وتحليله للتضخم‬
‫على القوى التي تحكم هذه العالقة فعرف التضخم بأنه "زيادة الطلب على العرض زيادة تؤدي إلى ارتفاع األسعار"‬
‫ولقد بنى أصحاب هذه النظرية تحليلهم لمفهوم التضخم على نظرية األسعار وتغيراتها‪ ،‬فهم يفترضون مستوى معين‬
‫من األثمان السائدة في األسواق‪ ،‬بحيث أنه لو زاد الطلب النقدي على العرض السلعي عند ثمن معين فاٍن األسعار‬
‫ستميل لالرتفاع أي إذا كان هناك فائضا ايجابيا في الطلب وفائضا سلبيا في العرض والعكس‪.‬‬
‫ويعتمد التحليل الكينزي على طريقة قياس الفروق الموجودة بين حجم السلع والخدمات المنتجة في االقتصاد‪ ،‬والقوة‬
‫الشرائية المتوافرة في أيدي المستهلكين ‪.‬‬
‫ويتميز التحليل الكينزي في تفسيره للتضخم بمرحلتين أساسيتين‪:‬‬
‫المرحلة األولى‪ :‬ال تكون فيها كل المواد اإلنتاجية لالقتصاد مستغلة‪ ،‬في هذه الحالة عند زيادة اإلنفاق الوطني بزيادة‬
‫إنفاق الحكومة مثال‪ :‬فاٍن ذلك سيؤدي إلى زيادة الدخول‪ ،‬وبالتالي يزيد اإلنفاق على االستهالك أي يزيد الطلب الكلي‪،‬‬
‫فينعكس ذلك على زيادة اإلنتاج‪ ،‬مما يسبب ارتفاعا بسيطا في السعار‪ ،‬ألن فائض الطلب يمتصه التوظيف واإلنتاج‪.‬‬
‫غير أن مع زيادة اإلنفاق يتجه االقتصاد الوطني من التشغيل التام حيث ال يقابل فائض الطلب زيادة في اإلنتاج‪ ،‬حيث‬
‫تبدأ االتجاهات التضخمية في الظهور‪ ،‬وهذا التضخم هو "التضخم الجزئي" يظهر قبل الوصول إلى مستوى التشغيل‬
‫التام‪ .‬وسببه هو عجز بعض عناصر اإلنتاج عن مواجهة الطلب المتزايد عليها‪ ،‬وضغوط نقابات العمال على أصحاب‬
‫العمال األعمال لرفع األجور‪ ،‬وكذا الممارسات االحتكارية لبعض المنتجين‪ ،‬وهذا التضخم ال يثير المخاوف ألنه يحفز‬
‫على زيادة اإلنتاج بسبب ارتفاع األرباح‪.‬‬
‫المرحلة الثانية‪ :‬هي مرحلة التشغيل التام حيث تكون الطاقات اإلنتاجية قد وصلت إلى أقصى حد من تشغيلها‪ .‬فاٍذا‬
‫افترضنا أي زيادة في الطلب الكلي ال تنجح في احداث أي زيادة في اإلنتاج أو العرض الكلي للسلع والخدمات‪ ،‬حيث‬
‫تكون مرونة العرض الكلي قد بلغت الصفر‪ .‬ويسمى الفرق بين الطلب الكلي والناتج الوطني فائض الطلب الذي‬
‫ينعكس على ارتفاع األسعار‪ .‬ومن المالحظ أن االرتفاع في األسعار يستمر باستمرار وجود فائض الطلب "القوة‬
‫التضخمية" ويسمي كينز هذا التضخم "التضخم البحت"‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬نظرية التضخم الناشئ عن دافع النفقة‪ .‬تتلخص هذه النظرية في أن ارتفاع نفقة اإلنتاج هو الذي يدفع باألسعار‬
‫إلى االرتفاع‪ .‬وترى هذه النظرية أن مصدرالقوى التضخمية هو في جانب العرض فاِرتفاع األجور بشكل مستقل عن‬
‫ظروف اإلنتاج والطلب الكلي‪ ،‬يدفع االتحادات العمالية إلى ممارسة ضغوطها على أصحاب األعمال والمطالبة برفع‬
‫األجور‪.‬‬
‫رابعاً‪ :‬النظرية المعاصرة لتفسير التضخم‪ .‬أعادت مدرسة شيكاغو بزعامة " ميلتون فريدمان " النظرية الكمية إلى‬
‫الحياة في صورة جديدة‪ ،‬وانتشار هذه النظرية في الواقع ال يرجع فقط إلى مساهمات "فريدمان" في هذه الصياغة‬
‫الجديدة‪ ،‬بل أيضا إلى المناخ االقتصادي الذي ساد اقتصاديات الدول الرأسمالية في السبعينات‪ ،‬وخاصة انتشار ظاهرة‬
‫التضخم الركودي حيث صاحب االرتفاع المتواصل لألسعار تزايد معدالت البطالة‪ ،‬وهو ما يناقض منحنى "فليبس"‪.‬‬
‫تنظر هذه النظرية إلى التضخم على أنه ظاهرة نقدية بحتة‪ ،‬وان مصدره هو نمو كمية النقود بسرعة أكبر من اإلنتاج‪،‬‬
‫ويتصور "فريدمان" أن التغير في كمية النقود يدعمه تغير في سرعة دورانها في نفس االتجاه‪ ،‬وينعكس اجمالي أثر‬
‫التغير في كمية النقود وسرعة دورانها في أحداث تغير في كل من الناتج الوطني واألسعار بنسب متفاوتة‪ .‬ونخلص‬
‫من هذا أن مصدر االرتفاع التضخمي في النظرية المعاصرة لكمية النقود‪ ،‬يرجع إلى زيادة الرصيد النقدي في‬
‫المجتمع عن "الحجم األمثل" الذي يحقق االستقرار في المستوى العام لألسعار‪.‬‬
‫إن المعدل األمثل للتغير في كمية النقود هو ذلك المعدل الذي يقابل التغير في كل من الناتج الوطني والتغير في سرعة‬
‫دوران النقود‪.‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬التضخم‪ ،‬أنواعه‪ ،‬أسبابه ‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬أنواع التضخم‪.‬‬
‫التضخم الطليق (المكشوف)‪ :‬يتسم هذا النوع من التضخم في ارتفاع واضح في األسعار دون تدخل من قبل‬ ‫‪.1‬‬
‫السلطات الحكومية للحد من هذه االرتفاعات أو التأثير فيها‪ ،‬حيث تتجلى مواقف هذه السلطات بالسلبية‪،‬مما يؤدي إلى‬
‫تفشي هذه الظاهرة التضخمية‪ ،‬والتسارع في تراكمها فترتفع المستويات العامة لألسعار بنسبة أكبر من زيادة التداول‬
‫النقدي للكميات النقدية المعروضة‪.‬‬
‫التضخم المقيد (المكبوت)‪ :‬يتجلى هذا النوع من التضخم بالتدخل من قبل السلطات الحكومية في سير حركات‬ ‫‪.2‬‬
‫األثمان‪ ،‬فتحدد الدولة المستويات العليا لألسعار حتى تتعدى الحد األقصى من ارتفاعاتها‪ ،‬فدور الدولة هنا يتمثل في‬
‫منع استمرارية االرتفاعات السعرية واستفحالها‪ ،‬اذ أن الظواهر التضخمية تبقى موجودة‪ ،‬والدولة بتدخلها ال تقض‬
‫عليها ‪ ،‬وانما يكون هدفها هو الحد من حركات االتجاهات التضخمية المتفشية‪ ،‬بصفة مؤقتة‪ ،‬ومن ثم الحد من‬
‫استفحال آثارها في المجتمع‪ ،‬عن طريق اجراءات متعددة مثل تجميد األسعار لمنعها من االرتفاع‪ ،‬الرقابة على‬
‫الصرف‪ ،‬تثبيت أسعار الفائدة‪..‬‬
‫التضخم الزاحف‪ :‬هو االرتفاع المتواصل لألسعار الذي يحدث على مدى فترة طويلة من الزمن نسبيا‪ ،‬أي أن‬ ‫‪.3‬‬
‫هذا االرتفاع يكون بطيئا وفي حدود ‪ % 2‬سنويا‪.‬‬
‫التضخم الجامع‪ :‬هو أشد أنواع التضخم آثارا وضررا على االقتصاد الوطني‪ ،‬حيث تتوإلى ارتفاعات األسعار‬ ‫‪.4‬‬
‫دون توقف‪ ،‬وبسرعة قد تصل إلى ‪ % 50‬سنويا أو أكثر‪ ،‬فتفقد النقود قوتها الشرائية وقيمتها كوسيط للتبادل ومخزن‬
‫للقيم‪ ،‬مما يدفع بالسلطات الحكومية إلى التخفيض من قيمتها وما يصحب ذلك من آثار سلبية على بعض النتعاملين‬
‫االقتصاديين أو التخلص منها باٍبدالها بعملة جديدة‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬أسباب التضخم‪.‬‬
‫العوامل الدافعة بالطلب الكلي إلى االرتفاع‬ ‫?‬
‫زيادة اإلنفاق االستهالكي واالستثماري‪ :‬ان النظريات الخاصة بالتوازن‪ ،‬والخاصة بالعرض والطلب الكلي‬ ‫‪.1‬‬
‫وجهاز األثمان تفترض اقتران الخلل في التوازن بالزيادة في اإلنفاق الكلي عن مستوى التشغيل الكامل‪ ،‬ويتمثل في‬
‫زيادة الطلب الكلي عن العرض الكلي‪ ،‬وعند هذا المستوى يحدث التضخم‪ ،‬والمتمثل في الزيادة في اإلنفاق الكلي الذي‬
‫تقابلها زيادة مماثلة في المنتجات والسلع المعروضة‪ ،‬على فرض الوصول إلى حجم التشغيل الكامل‪ ،‬وبالتالي فاٍن‬
‫حجم اإلنفاق الكلي هو الحاسم كسبب من أسباب التضخم‪.‬‬
‫التوسع في فتح االعتمادات من قبل المصارف‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫العجز في الميزانية‪ :‬تعتبر هذه الطريقة سهلة تلجأ اليها الحكومات والدول من أجل تمويل مشروعاتها‬ ‫‪.3‬‬
‫اإلنتاجية وتشغيل العناصر اإلنتاجية المعطلة في المجتمع‪ .‬والعجز في الميزانية ال يحدث صدفة بقدر ما تتعمد الدول‬
‫إحداثه‪ ،‬لتمويل خطط تمويلية تنوي الحكومة القيام بها‪ ،‬فتلجأ إلى توفير النفقات الضرورية الالزمة لها بوسائل كثيرة‪.‬‬
‫ويقصد بإحداث عجز في الميزانية هو زيادة النفقات العامة عن اإليرادات العامة بالقدر الذي تقترضه الحكومة من‬
‫البنك المركزي‪.‬‬
‫وان عجز الميزانية هو وسيلة متعمدة تلجأ اليها الحكومة وهي على علم بآثارها السيئة‪ ،‬ومن قبيل االقتراض أن ذلك‬
‫في سبيل انعاش الحركة االقتصادية‪ ،‬وتوفير رواج األشغال وتنفيذ برامجها المدنية والعسكرية هذا في حالة ما قبل‬
‫مستوى التشغيل الكامل‪ .‬أما إذا كانت جميع العناصر اإلنتاجية مشتغلة‪ ،‬فاٍن النفقات العامة في هذه الحالة ال تجد لها‬
‫منفذ سليما وتكون في هذه الحالة سببا في ارتفاع األسعار‪ ،‬والتي كانت كنتيجة لعدم التوازن ما بين فيض النقد‬
‫المتداول المتمثل باٍزدياد اإلنفاق العام‪ ،‬والمعروض السلعي‪.‬‬
‫تمويل العمليات الحربية‬ ‫‪.4‬‬
‫االرتفاع في معدالت األجور‪ :‬السبب المباشر والفعال في ارتفاع معدالت األجور‪ ،‬ونفقات المعيشة يكمن في‬ ‫‪.5‬‬
‫صلب األنظمة االقتصادية الرأسمالية ذاتها التي تسمح بجرية النقابة العمالية واعطائها حق التكاليف اإلنتاجية مما‬
‫يخفض من معدالت األرباح عند مستوى التشغيل الكامل‪.‬‬
‫التوقعات واألوضاع النفسية‪ :‬قد يرجع االرتفاع في الطلب الكلي الفعال إلى عوامل نفسية وتقديرية أكثر من‬ ‫‪.6‬‬
‫عوامل اقتصادية‪ ،‬فكثيرا ما يكون للحاالت النفسية لألفراد األثر الكبير في نشوء بعض الظواهر التضخمية ولعل‬
‫أفضل الحاالت التي يكون فيها للظروف النفسية آثارها الفعالة هي فترات الحروب حيث تكون الظروف مهيأة لتقبل‬
‫األقاويل والتنبؤات بارتفاع األسعار مستقبال الذي يزيد من حركة النشاط واالنتعاش‪ ،‬وفي قطاع االستثمار يترتب على‬
‫التنبؤ بارتفاع األسعار‪ ،‬إقدام المنتجين على تجنيد أصولهم الحالية للحصول على معدالت أكبر من األرباح‪ ،‬فترتفع‬
‫الكفاية الحدية لرأس المال المستثمر‪ ،‬مما يزيد من حدة االرتفاع الطلب الكلي الفعال والعكس عند التنبؤ بانخفاض‬
‫األسعار‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬العوامل الدافعة بالعرض الكلي نحو االنخفاض‬ ‫?‬
‫تحقيق مرحلة االستخدام التام‪ :‬قد يصل االقتصاد الوطني لمرحلة من االستخدام والتشغيل الكامل والتام لجميع‬ ‫‪.1‬‬
‫العناصر اإلنتاجية بحيث يعجز الجهاز اإلنتاجي عن كفاية متطلبات الطلب الكلي المرتفع عن ذلك المستوى بحيث‬
‫يبقى الجهاز اإلنتاجي عاجزا‪ ،‬عن دون المستوى المرتفع للطلب الكلي‪.‬‬
‫عدم كفاية الجهاز اإلنتاجي‪ :‬قد يتصف الجهاز اإلنتاجي بعدم المرونة والكفاية في تزويد السوق بالمنتجات‬ ‫‪.2‬‬
‫والسلع الضرورية ذات الطلب المرتفع‪ ،‬وقد يعود عدم المرونة إلى نقص الفن اإلنتاجي المستخدم في العمليات‬
‫اإلنتاجية‪ ،‬وقد تكون األساليب المتبعة قديمة‪ ،‬وال تفي بمتطلبات األسواق الحديثة‪ .‬قد يكون النقص في العناصر‬
‫اإلنتاجية كالعمال‪ ،‬والموظفين المختصين والمواد األولية‪.‬‬
‫النقص في رأس المال العيني‪ :‬قد يعود عدم المرونة للجهاز اإلنتاجي إلى نقص في رأس المال العيني‬ ‫‪.3‬‬
‫المستخدم عند مستوى التشغيل الكامل‪ ،‬مما يباعد ما بين النقد المتداول‪ ،‬وبين المعروض من السلع‪ ،‬والمنتجات‬
‫والثروات المتمثلة في العرض الكلي المتناقص‪ ،‬وبالتالي ظهور التضخم كمؤشر على وجود الخلل التوازني في‬
‫األسواق المحلية الذي يعبر عن النقص في العرض اإلنتاجي‪.‬‬
‫الجزء الثالث‪ :‬أثار التضخم‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬اآلثار االقتصادية‬
‫األثار في الجهاز النقدي الداخلي‪ :‬يعبر التضخم عن فشل النقود في تأدية وظائفها األساسية كوسيط للمبادلة‪،‬‬ ‫‪.1‬‬
‫مخزن للقيمة‪ ،‬مقياس للقيمة‪ ،‬فأول وظيفة تفقدها هي قدرتها على القيام بدور مخزن للقيمة وبالتالي تدهور في قيمتها‬
‫الحقيقية ومعنى ذلك أن التدهور في القيمة الحقيقية لوحدة النقد هو الوجه األخر للتضخم‪،‬فإذا كان التضخم جامعا كان‬
‫التدهور في القيمة الحقيقية للنقود جامحا ‪ ،‬وإذا كان التضخم زاحفا كان التدهور في القيمة الحقيقية للنقود كذلك‬
‫اآلثار في هيكل اإلنتاج ‪ :‬إن التضخم وما يترتب عليه من ارتفاع مستويات األسعار واألجور و األرباح في‬ ‫‪.2‬‬
‫القطاعات اإلنتاجية المخصصة االستهالك يؤدي إلى انجذاب رؤوس األموال والعمالة إلى تلك القطاعات على حساب‬
‫األنشطة اإلنتاجية واالستثمارية ‪،‬ويترتب على ذلك أن بعض القطاعات سوف تعاني من عجز في الطاقة اإلنتاجية‬
‫‪،‬في حين أن القطاعات الصناعية االستهالكية و قطاعات الخدمات سوف تعاني من الطاقة الزائدة وتحتاج الن تعمل‬
‫بمبادالت تشغيل مرتفعة وإذا كان االقتصاد في مرحلة قريبة من مستوى التوظيف الكامل فإن الطلب الكلي و إرتفاع‬
‫األسعار يمكن ان يؤدي إلى الزيادة في اإلنتاج لكن بمعدالت منخفضة وكلما إقترب اإلقتصاد من مستوى التشغيل‬
‫الكامل ‪ ،‬كلما إقتربت مرونة اإلنتاج من الصفر مما يزيد في حدة أرتفاع األسعار و إنتشار المضاربة وتخزين السلع‬
‫بغية بيعها في وقت الحق‬
‫اآلثار المتعلقة بالقطاع الخارجي لإلقتصاد ‪ :‬من أهم اآلثار الضارة باالقتصاد القومي والتي يسببها التضخم ‪:‬‬
‫األثر على ميزان المدفوعات حيث يؤدي التضخم إلى خفض الصادرات وزيادة الواردات وبالتالي ينشأ العجز في‬
‫ميزان المدفوعات‪.‬‬
‫اثر التضخم على تقويم المشاريع اإلستثمارية ‪ :‬في حالة التضخم تكون األسعار في إرتفاع مستمر ومن ثم فإن‬ ‫‪.4‬‬
‫القوة الشرائية للنقود تكون في إنخفاض وتكون القوة الشرائية للمدخوالت أيضا الدخل السنوي المتحصل بها في حالة‬
‫إنخفاض من سنة ألخرى فإذا كان من المتوقع مثال يرتفع المستوى العام لألسعار في العام القادم إلى ضعف ما هو‬
‫عليه األن فإن هذا يعني أن الجنيه المصري العام القادم لن يكفي لشراء نصف مقدار السلع و الخدمات التي يشتريها‬
‫في العام الحالي ‪.‬‬
‫اثر التضخم على اإلستثمار و اإلدخار ‪:‬‬ ‫‪.5‬‬
‫‪ -‬إنخفاض مردودية المشاريع نتيجة إرتفاع تكاليف عوامل اإلنتاج‬
‫‪ -‬تشجيع األفراد على اإلستثمار في المشاريع الخدماتية و اإلقالع عن المشاريع السلعية‬
‫‪ -‬إضعاف ثقة األفراد في العملة الوطنية كحافز على ادخار حيث يزيد التفاصيل السلعي على التفصيل النقدي في حالة‬
‫انخفاض قيمة النقود‪.‬‬
‫أثر التضخم على توزيع الدخل الوطني ‪ :‬حيث ال يؤثر التضخم على أصحاب الدخول المتميزة من تجار‬ ‫‪.6‬‬
‫ومنتجين بمقدار ما يؤثر على أصحاب الدخول الثابتة والذين تختلف دخولهم عن اآلخرين بتصاعد األسعار المستمر‬
‫فالتضخم إذن يعمق التفاوت في توزيع األجور والثروات ‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬اآلثار االجتماعية للتضخم‪.‬‬
‫إرتفاع الدخل النقدي بمعدل أكبر من معدل إرتفاع معدل األسعار وبالتالي يزداد الدخل الحقيقي بمعدل يتحدد‬ ‫•‬
‫بمدى إرتفاع الدخل النقدي من جهة ومستوى األسعار من جهة أخرى‪.‬‬
‫إرتفاع الدخل النقدي بمعدل مساوي لمعدل ارتفاع األسعار‪،‬وفي هذه الحالة يبقى الدخل الحقيقي ثابت‪.‬‬ ‫•‬
‫تناقص الدخول الحقيقية لدى أصحاب الدخول الثابتة نتيجة ارتفاع األسعار‪.‬‬ ‫•‬
‫انخفاض الدخول الحقيقية لدى أصحاب المرتبات (موظفي المؤسسات)‪.‬‬ ‫•‬
‫أصحاب األجور أقل تعرضا النخفاض القوة الشرائية لدخولهم نظرا لوجود االتحادات العمالية التي تطالب‬ ‫•‬
‫برفع األجور النقدية‪.‬‬
‫األثر على إعادة توزيع الثروة‪ ،‬حيث تستفيد األفراد الذين تتجسد ثرواتهم في أصول عينية (أراضي‪،‬‬ ‫•‬
‫عقارات‪ ،‬ذهب‪ )....‬من التضخم حيث تزيد القيمة الحقيقية لهذه األصول بنفس نسبة ارتفاع المستوى العام لألسعار‬
‫تقريبا‬

You might also like