Professional Documents
Culture Documents
تمهيــــد
المبحث األول :تعريف السياسة النقدية وأهدافها
المطلب األول :تعريف السياسة النقدية
المطلب ألثاني :اهداف السياسة النقدية
المبحث الثاني :مكونات وأدوات السياسة النقدية
المطلب ألثالث مكونات السياسة النقدية
المطلب الرابع:ادوات السياسة النقدية
المبحث الثالث :السياسة النقدية وعالج التضخم واالنكماش
المطلب األول :السياسة النقدية في عالج التضخم
المطلب ألثاني :السياسة النقدية وعالج االنكماش
خالصــة
تمهيـد:
لقد ظهر االهتمام جليًا بالسياسة النقدية في الفكر االقتصادي أثناء األزمات النقدية،
فظهرت ممارسات السياسة النقدية بصورة واضحة عندما تطورت البنوك المركزية وازداد
تخصصها في مجاالت اإلصدار واألسواق المالية بصورة عامة .لذلك اعتبرت السياسة النقدية
جز ًءًً ا أساسيًا ومه ًما من أجزاء ومكونات السياسة االقتصادية العامة للدولة ,فهي تهدف إلى دعم
عملية التنمية وتحقيق معدل نمو مرتفع ومستقر من خالل استخدام األدوات المتاحة للبنك
المركزي.
وعليه قمنا بتقسيم هذا البحث إلى اربعة مباحث نتناول في المبحث األول مفهوم وأهداف
السياسة النقدية والذي يتضمن تعريفًا للسياسة النقدية اتجاهاتها والمعلومات الالزمة لتنفيذها ,و
إلى األهداف التي تصبو إليها السياسة النقدية والي مكونات السياسة النقدية ,وفي المبحث الثاني
نتعرض إلى انواع ،وأدوات السياسة النقدية المباشرة وغير المباشرة وأدوات أخرى .والمبحث
الثالث نتطرق الي دور السياسة النقدية في عالج ظاهرتي التضخم واالنكماش ،والمبحث الرابع
نتناول فيه الي االثار االيجابية والسلبية لهده السياسة.
المبحث االول:تعريف وأهداف السياسة النقدية.
المطلب األول :تعريف السياسة النقدية.
تعتبر السياسة النقدية من أهم السياسات االقتصادية و التي يتم اللجوء إليها لمكافحة
التضخم ،وأيضا لحماية عملة الوطنية من التدهور ولتحقيق التوسع االقتصادي القائم على أساس
تمويل األنشطة اإلنتاجية المختلفة.
ص256. 1محمد مروان السمان وأخرون ،مبادئ التحليل االقتصادي الجزئي والكلي .دار الثقافة للنشر والتوزيع ،األردن ،1998،
2أبو القاسم الطبولي ،مبادئ االقتصاد التحليلي الكلي .منشورات الجامعة المفتوحة ،ط ،2طرابلس(ليبيا)،1997،ص.120.
3ا -مفيد عبد لالوي،االقتصاد النقدي والسياسات النقدية،مطبعة مزوار ،الجزائر،2007ص63
4أحمد فريد مصطفى،سهير محمد السيد حسين ،السياسات النقدية والبعد الدولي لليورو .مؤسسة شباب الجامعة ،االسكندرية ،2000،ص.39.
اتجاهات السياسة النقدية:
إن اتجاه السياسة النقدية نحو االنكماش أو التوسع مرهون بنوع المشكلة أو األزمة القائمة
وبمحاولة معالجتها.
أ /السياسة النقدية التقييدية (االتجاه االنكماشي) :
يتبع البنك المركزي سياسة نقدية تقييدية بتقييد اإلنفاق وتقييد االئتمان وتقليص كمية النقود المتداولة في
المجتمع ورفع معدل الفائدة ومن ثم محاربة ارتفاع األسعار (وبالتالي محاربة التضخم ).
ب /السياسة النقدية التوسعية (االتجاه التوسعي) :
عكس الحالة األولى ،يلجأ البنك المركزي إلى هذه الطريقة لتسريع نمو الكتلة النقدية بتشجيع
االئتمان وزيادة حجم وسائل الدفع وتخفيض معدل الفائدة ،فيرتفع حجم االستثمارات مما يؤدي الى زيادة
اإلنتاج والتقليص من حدة البطالة.
جـ /االتجاه المتعلق بالسياسة النقدية للدول النامية :
هناك اتجاه آخر للسياسة النقدية خاص بالدول النامية ،فهذه الدول تعتمد إما على الزراعة
الموسمية أو على محصول واحد وتصدير المواد األولية إلى الخارج ،وعليه يقوم البنك المركزي بزيادة
حجم وسائل الدفع عند مرحلة بدء الزراعة وتمويل المحصول ،ويقلص من حجمها عند مرحلة بيع
1
المحصول ،وهذا لحصر آثار التضخم .
1مصطفى رشدي شيحة ،االقتصاد النقدي والمصرفي .الدار الجامعية للطباعة والنشر ،بيروت ،1981،ص.190.
فالحكومة تلعب دورا هاما في توجيه االقتصاد وتنشيطه من خالل السياسات االقتصادية
التي تنفذها ،فهي تفرض الضرائب و تنفق وتدعم وتقترض وتقرض ،كما تقوم بسن القوانين و
التشريعات المختلفة .وتعد ميزانية الدولة ( الحكومة) األداة التي تستخدمها لتحقيق أهدافها
االقتصادية واالجتماعيـة ,كما أن حالـة الميزانيـة تؤثر على وضع االقتصـاد الكلي وعلي السيـولة
المحليــة ( عرض النقود ) و على وضع القطاع الخارجي.
كما تؤثر الحكومة على النشاط االقتصادي عن طريق توجيه القطاع العام بما فيه قطاع
األعمال غير المالي والمالي باستثناء السلطة النقدية ,من حيث نوع اإلنتاج وكمية الموارد
المخصصة له وطرق التسعير المستخدمة.
في حين يعتبر القطاع الخارجي مصدرا ً لما ينقص من سلع وخدمات ومنفذا ً لتصريف
الفائض في عرضها ,إلى جانب تدفقات رؤوس األموال إلى الداخل وإلى الخارج.
وعليه ترتبط هذه الوحدات من خالل إجراء معامالت مالية وغير مالية في كل من سوق
السلع والخدمات وسوق العمل وسوق المال .ونظرا ً لكون النقود مخزنا ً للقيمة ووسيلة للتبادل
ويتم تبادلهـا
في جميع األسواق ,فان السياسة النقدية من خالل تأثيرها على كمية وقيمة النقود ,تؤثر في كل
1.
هذه األسواق ,لذلك تقوم السلطة النقديـة بمراقبة حالة جميع األسواق و ذلك على المستوى الكلي
علي توفيق ،معبد علي الجارحي ،نبيل عبد الوهاب لطيفة " ،السياسات النقدية في الدول العربية " .سلسلة بحوث ومناقشات حلقات 1
يتحدد الغرض األساسي من استخدام أدوات غير مباشرة في التأثر على كمية االئتمان
المصرفي أي التأثير في حجم عمليات اإلقراض واالقتراض فمن خاللها تستطيع السياسة النقدية
التأثير على النشاط االقتصادي بطريقة توسعية أو انكماشية ,وهناك ثالث أدوات للتأثير على
العرض النقدي وهي :عمليات السوق المفتوحة والتي تؤثر على القاعدة النقدية ,والتغيرات في
سعر الخصم الذي يؤثر على كمية القروض المخصومة ,والتغير في متطلبات االحتياطي والتي
تؤثر على المضاعف النقدي.
ويعرف سعر إعادة الخصم على أنه السعر الذي يتقاضاه البنك المركزي نظير إعادة
ضا يمثل سعر الفائدة الذي
خصم األوراق التجارية واألذونات الحكومية للبنوك التجارية وهو أي ً
يتقاضاه البنك المركزي من البنوك التجارية نظير تقديم القروض لها(.)2
وتعتبر سياسة إعادة الخصم من أقدم وسائل السياسة النقدية المنتهجة من قبل البنوك
المركزية ,فقد شاع استخدامها في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين غير أنها أصبحت
قليلة األهمية في العصر الحالي (.)2
( )2هيثم الزعبي ،حسن أبو الزيت ،أسس ومبادئ االقتصاد الكلي .دار الفكر ،عمان،2000 ،ص.193.
وال يتم تحديد هذا السعر بنا ًء على عرض كمية األوراق التجارية المقدمة للخصم أو
الطلب على السيولة بل يتحدد من طرف البنك المركزي حسب السياسة المراد تطبيقها من أجل
التأثير على السوق النقدية وعلى قدرة البنوك التجارية في خلق االئتمان (.)13
تحديد سعر الخصم يكون بإرادة البنك المركزي وبفضل هذا السعر يستطيع البنك
المركزي المحافظة على االستقرار االقتصادي ،حيث أنه عندما يريد البنك المركزي أن يؤثر
على حجم االئتمان( حجم القروض التي يقدمها للبنوك) فإنه يقوم بتغير سعر إعـادة الخصم حيث
أن زيادة سعر إعـادة الخصم يمكن أن تؤدي إلى انخفاض حجم االئتمان وبالعكس أي أن تخفيض
سعر إعادة الخصم يمكن أن يؤدي إلى زيادة حجم االئتمان.
ففي حالة وجود ركود اقتصادي أو وجود مؤشرات على إمكانية حدوث ركود اقتصادي
فإن البنك المركزي يقوم بإتباع سياسة توسعية من أجل إنعاش االقتصاد أو منع حدوث الركود
االقتصادي وذلك عن طريق تخفيض سعر الخصم أي تخفيض تكلفة االئتمان مما يحفز البنوك
التجارية لالقتراض من البنك المركزي األمر الذي يؤدي إلى زيادة األموال المتاحة للبنوك من
أجل إقراضها لألفراد ,حيث أن انخفاض سعر الخصم سيؤدي إلى انخفاض سعر الفائدة على
القروض المقدمة إلى األفراد في هذه الحالة يزيد عرض النقد مما يؤدي إلى انتعاش االقتصاد.
أما في حالة وجود تضخم فإن البنك المركزي يلجأ إلى رفع سعر الخصم وبالتالي تزداد
تكاليف القروض المخصومة لدى البنك المركزي األمر الذي يؤدي إلى ارتفاع أسعار الفائدة على
القروض الممنوحة من طرف البنوك التجارية لألفراد وبالتالي يقل الطلب على النقد وهذا ما
يؤدي على تقليل القدرة الشرائية األمر الذي يساعد على محاربة التضخم ( أي اتباع سياسة
انكماشية) (. )2
)1( 1صبحي تادرس قريصة ،النقود والبنوك .دار النهضة العربية ،بيروت،1984 ،ص.163.
( )2كامل البكري وأخرون ،مبادئ االقتصاد الكلي .الدار الجامعية،االسكندرية،2000 ،ص.210.
2
/2سياسة السوق المفتوحة :
يقصد بعمليات السوق المفتوحة دخول البنك المركزي مشتريا ً أو بائعا ً في سوق األوراق
المالية خاصة السندات الحكومية ( , )1حيث يقوم البنك المركزي بعرض أو شراء سندات حكومية
في السوق المالي مما يساهم في خفض أو زيادة حجم النقود المتداولة في االقتصاد.
وتعتبر سياسة السوق المفتوحة األداة المفضلة لدى البلدان الصناعية التي بها أسواق مالية
متطورة للغاية والتي تعمل على نطاق واسع ,وبالتالي تنشيط عمليات طرح وشراء األوراق
المالية ومن ثمة الحالة االقتصادية للدولة(.)21
تعتبر سياسة عمليات السوق المفتوحة إحدى مكونات السياسة النقدية التي تستخدمها
السلطة النقدية في الرقابة على االئتمان ,وتظهر أهمية هذه السياسة فيما تمارسه من تأثير على
االحتياطات النقدية للمصارف التجارية وعلى سعر الفائدة في السوق.
نعمة هللا نجيب ابراهيم ،أسس علم االقتصاد .مؤسسة شباب الجامعة ،االسكندرية،2000 ،ص.449. 1
وليام ألكسندر وأخرون" ،استخدام أدوات غير مباشرة في السياسة النقدية" .مجلة التمويل والتنمية ،العدد ،01مارس،1996ص.15. 2
ما بحوزتهم من سندات وبالتالي تتزايد السيولة لدى البنوك مما يؤدي إلى تزايد إمكانية االئتمان
المصرفي وبالتالي يتوسع حجم النقد المعروض األمر الذي يؤدي إلى انخفاض سعر الفائدة.
إن فعالية ونجاح عمليات السوق المفتوحة تتحقق بتالقي إرادتي البنك المركزي من جهة
والبنـوك التجارية والمشروعات من جهـة أخرى ,إذ أن توجه البنـك المركزي إلى عمليات السوق
المفتوحة لتوسيع االئتمان قد ال يجد صداه لدى المستثمرين حتى في حالة اتباع البنوك التجارية
()1
والعكس صحيح. سياسة إقراض سهلة وهو ما حصل في إنجلترا بين 1932و 1933
ومن هنا يمكن القول بأن إرادة البنك المركزي بمفردها ال تكفي لتحقيق هذا النجاح بل أن
ذلك يتوقف بالقدر األكبر على حجم وطبيعة السوق النقدية والمالية فيجب أن يكون هذا السوق
شامال ً ,وتتوفر فيه كميات كافية من األوراق المالية والتجارية والتي يمكن تداولها في هذا
السوق(.)2
1ضياء مجيد الموسوي ،اقتصاديات النقود والبنوك .مؤسسة شباب الجامعة ،االسكندرية،2002 ،ص.268.
تعتبر نسبة االحتياطي النقدي من األدوات المستخدمة للرقابة على االئتمان الذي يؤثر في
عرض النقود ,وهي النسبة التي يفرضها البنك المركزي على ودائع البنوك التجارية والتي تقتطع
ويحتفظ بها لدى البنك المركزي.
وقد كان الغرض في بداية األمر من تقدير هذه النسبة ضمان سيولة البنك وحماية حقوق
المودعين ,وكانت الواليات المتحدة األمريكية أول من استعمل هذه التقنية سنة 1913لتأمين
طلبات السحب من المودعين ثم أصبحت فيما بعد وسيلة لمراقبة وتعديل سيولة البنوك (.)1
ا /أثر سياسة االحتياطي اإلجباري :
يستخدم البنك المركزي تقنية االحتياطات اإلجبارية في حالتين(: )21
يقوم البنك المركزي بتخفيض نسبة االحتياطي القانوني في حاالت الركود االقتصادي
وذلك لدعم سيولة الجهاز المصرفي وتعزيز مقدرته على خلق النقود االئتمانية ,وبالتالي
التمكن من الزيادة في قروضها إلى المشروعات وتنتعش حركة النشاط االقتصادي.
أما إذا أراد البنك المركزي تخفيض حجم االئتمان فإنه يعمد إلى رفع نسبة االحتياطي
القانوني األمر الذي يؤدي إلى تجميد جزء كبير من احتياطات البنك التجاري مما يؤدي
إلى التقليل من قدرته على خلق النقود االئتمانية وبالتالي حدوث انكماش في االقتصاد.
جميل الزيدانين السعودي ،أساسيات في الجهاز المالي -المنظور العلمي . -داروائل للطباعة والنشر،االردن ،1999،ص.ص.96.97. 2
1فتح هللا ولعلو ،االقتصاد السياسي -توزيع المداخيل النقود واالئتمان .-دار الحداثة ،بيروت،1987 ،ص.421.
-إمكانية إعادة خصم األوراق التي تتوفر فيها الشروط الضرورية لهذه العملية؛
-إعادة خصم األوراق فوق مستوى السقف؛
-تغيير مدة استحقاق القروض ومعدل فوائدها.
( )1عبد النعيم مبارك ،نعمة هللا نجيب ،محمود يونس ، ،مقدمة في اقتصاديات النقود والصيرفة والسياسات النقدية.الدار الجامعية ،االسكندرية،
،1999ص.217.
( )2ضياء مجيد الموسوي ،اإلصالح النقدي .دار الفكر ،الجزائر ،1993 ،ص.40.
/2اإليداع المسبق لالستيراد :
تفرض هذه السياسة على المستوردين وضع المبلغ الالزم لتسديد ثمن وارداتها في شكل
ودائع لدى البنك المركزي لمدة محدودة ,وبما أن المستوردين في غالب األحيان هم غير قادرين
على تجميد أموالهم الخاصة ,فهم يلجؤون عادة إلى القرض البنكي ,فتعمل هذه األداة على تقليص
حجم القروض في باقي االقتصاد ,وعلى رفع تكلفة الواردات .
وحتى وإن ارتفعت هذه الودائع المشروطة مسبقا من أجل االستيراد ,فإنها تمكن من
التوصل إلى تقليص حجم الكتلة النقدية ,وبالتالي تتسبب االستحقاقات الالحقة للودائع المخصصة
لالستيراد في التوسع النقدي .
/3الرقابة على شروط البيع بالتقسيط :
يؤدي نظام البيع بالتقسيط إلى زيادة االستهالك بصفة عامة ,لحصول كل فرد على السلع
التي يرغبون فيها ,لكن البنك المركزي يتدخل لوضع شروط منح هذا االئتمان أو ما يسمى
باالئتمان االستهالكي ,حيث أن المستهلك يدفع نسبة يحددها البنك المركزي من قيمة السلعة,
والباقي يكون على
شكل دفعات لمدة معينة ,ففي حالة االنتعاش فإن البنك المركزي يقوم برفع النسبة أو بتقصير مدة
التقسيط ,أي تقييد االئتمان وفي الحالة العكسية أي الكساد فإنه يقوم بتسيير شروط البيع وذلك
بتخفيض الجزء المدفوع من سلعة لحد أدنى وإطالة مدة التقسيط(.)1
كما أن لهذه األساليب المباشرة عيوب أهمها :عدم اإلنصاف في توزيع الموارد
وتخصيصها غير الكفء ,فتعمل سياسة السقوف االئتمانية على حجم توزيع االئتمان والحد من
المنافسة واضعاف الوساطة المالية.
بالمقابل فإن األدوات غير المباشرة تشجع الوساطة المالية عن طريق القطاع المالي
الرسمي وتمييزها بالمرونة مما تسمح للسلطات النقدية من تنفيذ سياساتها وخاصة ما تتميز به من
استجابة سريعة للصدمات والتصحيح المباشر الخطاء السياسة النقدية.
واالنتقال من استخدام أدوات مباشرة إلى استخدام أدوات غير مباشرة هو عملية ال يمكن
تصورها سهلة في الدول المتخلفة مقارنة بالدول المتقدمة التي جرى فيها التحول إلى استعمال
أدوات غير مباشرة بصفة تدريجيةً وهذا لعدم وجود اختالالت اقتصادية في هذه الدول.
إال أن تبني أدوات السياسة النقدية غير المباشرة ال يمكن أن ينجح إذا لم ترافقه إصالحات
شاملة لكل االختالالات االقتصادية وأهم الشروط الواجبة توفرها في عملية االنتقال هي (: )1
-عزل السياسة النقدية عن الضغوطات الناتجة عن االحتياطات المالية للدولة وذلك بتجنب
لجوء هذه األخيرة إلى التمويل النقدي لعجز الميزانية والعمل على دعم استقاللية البنك
المركزي؛
-تقوية األسواق النقدية و األسواق فيما بين البنوك و تحقيق التكامل بينها بطريقة أفضل,
الن األدوات غير المباشرة تصبح اكثر فعالية إذا ما استجابت أسواق النقد بسرعة
إلجراءات البنك المركزي ,وهذا ما يحفز البنك المركزي على تطوير البيئة األساسية
للسوق النقدية -اإلطار التنظيمي والقانوني -؛
إعادة هيكلة النظام البنكي من أجل إنشاء بنوك قوية وتدعيم المنافسة وذلك بتسوية وسائل
القروض غير المنتجة والبنوك التي تواجهها صعوبات كما يمكن أن تساهم خصخصة بنوك الدولة
في تنفيذ إعادة الهيكلة ؛
-دعم الوسائل التقنية الواجب توفيرها للبنوك المركزية لتحديد العرض والطلب على النقود
وتقدير أثر األدوات غير المباشرة للسياسة النقدية على إجمالي االئتمان والنقد وذلك بتوفير
بيانات دقيقة وفي الوقت المناسب تخص تطورات القطاع المالي.
وعليه فاالختيار بين أدوات السياسة النقدية المباشرة وغير المباشرة يتوقف على
الخصائص االقتصادية للبالد والتوقيت المناسب لالستخدام هذه األدوات ,ففي حالة اإلصالحات
المؤسسية التي ال يحتمل تنفيذها وجه السرعة فإن استخدام األدوات غير المباشرة قد يكون سابقا ً
ألوانه ,في حين هذه األخيرة تكون ضرورية عندما تصبح األدوات المباشرة غير فعالة بسبب
تكلفتها الكبيرة ,ولهذا ينصح البعض باستعمال األداتين معا ً ألحداث استقرار أكثر في النتائج.
المبحث الثالث :السياسة النقدية في عالج التضخم واالنكماش.
المطلب االول :السياسة النقدية والتضخم
تعريف التضخم :للتضخم تعار يف متعددة ،فهناك من يعرفه على اساس كمي ،و هناك من
يعرفه على لساس الدخل و االنفاق كما ان هناك من يعرفه على اساس العرض و الطلب .
التعريف المبني على النظرية الكمية يرى ان التضخم يعني :كل زيادة في كمية
النقد المتداول تؤدي الى زيادة في المستوى العام لألسعار .
التعريف المبني على نظرية الدخل و االنفاق يرى ان التضخم هو الزيادة في
معدل االنفاق و الدخل .
التعريف المبني عل نظرية العرض و الطلب يرى ان التضخم عبارة عن :زيادة
الطلب على العرض تؤدي الى ارتفاع االسعار.
و بالتالي التعريف العام للتضخم:هو االرتفاع العام و المتواصل للمستوى العام لألسعار
المحلية مقارنة باألسعار العالمية.
وكدا يتمثل في المظهر العام للتضخم في االنخفاض المستمر للقيمة الحقيقية للوحدة النقدية
هده القيمة التي تقاس بالمتوسط العام لمختلف السلع و الخدمات الممكن شراؤها بهده
1
الوحدات من النقد.
المطلب االول:السياسة النقدية في معالجة التضخم
تتضمن وسائل السياسة النقدية السيطرة على عرض النقود بواسطة البنك المركزي ،و
يهدف باستخدامه لهده الوسائل الى تقليل عر ض النقود لغرض المضاربة ،و بالتالي رفع
ويستطيع البنك المركزي رفع نسبة االحتياطي القانوني فيقل الرصيد النقدي المحتفظ به لدى
البنوك التجارية ،مما يؤدي الى تقليص قدرة البنوك التجارية على منح االئتمان .
واظافة الى هده الوسائل النقدية غير المباشرة تتوفر لدى البنك المركزي وسائل مباشرة
يمكن ان يفرضها على البنوك التجارية .فقد يصدر تعليماته الى لبنوك التجارية بخصوص
تحديد مقدار القروض التي يمكن ان يحصل عليها العميل من البنك التجاري لتمويل
مشترياته من سلع معينة .
أال ان هناك صعوبات تعتري استخدام وسائل السياسة النقدية نذكر منها"1":ادا قامت
الحكومة بتقليص حجم الكتلة النقدية قبل بلوغ االقتصاد حالة االستخدام التام ،فان دلك
سيؤدي الى ارتفاع سعر الفائدة ،ثم انخفاض حجم الطلب االستثماري ،و انخفاض مستوى
الدخل ،و ما يترتب عليه من انخفاض في الطلب الكلي .و يترتب على هده الحالة انخفاض
حجم االنتاج ال يؤدي الى تخفيض المستوى العام لألسعار .وفي هده الحالة سيتحمل
المجتمع تكلفة كبيرة تتمثل في عدم تخفي معدالت البطالة من اجل الحفاظ على االستقرار
مستوى االسعار "2".ان ارتفاع سعر الفائدة سيؤدي الى ارتفاع قيمة القروض التي يمكن ان
تحصل عليها الحكومة من الجمهور ،مما يطرح مشكالت جديدة امام الحكومة "3".ان
انخفاض اسعار االوراق المالية {السندات}نتيجة ارتفاع اسعار الفائدة سيعرض اصحابها الى
الخسارة ،مما سيثير سخطهم على السياسة النقدية "4".عادة يؤدي االرتفاع اسعار الفائدة
الى تخفيض االنفاق االستثماري بدرجة اكبر من تأثير باقي بنود الطلب الكلي االخرى
،وما يترتب عليه من ابطاء في معدل النمو االقتصادي "5".وقد تسمح السلطات النقدية
باستمرار ارتفاع االسار حتى بلوغ االقتصاد مستوى االستخدام التام ،ثم تتدخل الحكومة
للسيطرة على مستوى االسعار و منع ارتفاعها ،إال انه في هده الحالة ستواجه السلطات
1
النقدية مشكلة تحديد او معرفة حجم االستخدام التام ،وهو امر شاق جدا.
المطلب الثاني :السياسة النقدية وعالج االنكماشية:
يعد االنكماش déflationالحالة العكسية للتضخم "."1ويقصد به نقص كمية النقود المتداولة بالنسبة
لكمية المبادالت مع تدهور االسعار .وبتعبير اخر ،يتم تعقيم دور النقود في النشاط االقتصادي ،و
امتصاص الزيادة في الرصيد النقدي ،و التقييد من االفاق "الحكومي ـ الخاص ـ االستثماري ".وحصر
النشاط الحكومي و نشاط المشروعات و حجم االئتمان ،ومن ثم يقل النشاط االنتاجي ،وتتجمد معدالت
النمو ،وعود االسعار الى حلتها االولى .
وعلى عكس التضخم تنخفض االسعار وتزداد البطالة و يتحقق فائض في ميزان المدفوعات "."2و
االنكماش بدلك حالة من االختالل في البناء االقتصادي والنقدي.ون ثم ال يتصور ان يتم اصالح النظام
النقدي عن طريق اختالل اخر .فالتضخم و االنكماش سوف يؤديان الى سوء استخدام النقود ،وخروجها
عن وظائفها االصلية ،وتدهور النظام النقدي .
و لتوضيح دلك :في التضخم تفقد النقود وظيفتها كمخزن للقيمة ،و تنشط وظيفتها كوسيط للمبادلة .وفي
االنكماش ،حيث توافر قدر ضئيل من ادوات الدفع ال يتناسب مع حجم التداول ،تفقد النقود وظيفتها
كوسيط للمبادلة و تتجه بقوة نحو وظيفتها كمخزن للقيمة .اد يفضل االفراد و المشروعات اكتناز النقود
اضف الى دلك ان االنكماش سيؤدي الى اختالل في جهاز االثمان ،حيث تنخفض اسعار السلع ولكن
بطريقة غير متوازنة ومتفاوتة حسب االهمية النسبية للسلع والخدمات .فهناك بعض السلع تحقق معدالت
انخفاض كبيرة في اسعارها ،وسلع اخرى تخفض اسعارها بنسبة اقل وبدلك تختل معدالت المبادلة بين
هده السلع .وتتم عملية تخفيض الموارد بطريقة بعيدة عن الرشادة االقتصادية .كما ان اثار االنكماش
ستنال من دخول عناصر االنتاج ،حيث تنخفض اجور العمال بنسب اكبر من انخفاض اسعار السلع
االستهالكية وتزداد البطالة ،ويقل الطلب على السلع ،فينخفض االنتاج و ينعدم النمو.
ويؤكد التاريخ االقتصادي على عدم نجاح السياسة االنكماشية في التصدي لظاهرة التضخم .فكل
االجراءات التي تتخذها السلطات النقدية تقابلها دائما ردود فعل عنيفة و مضادة القوة االجتماعية العالمية
1
ومن المشروعات .بحيث ان هده االجراءات تتحول عن هدفها وتؤدي الى زيادة االنفاق بدال من تقييده.
.