‫االتجاهات االسالمية الحديثة المجددة‪:‬‬

‫بضافر من تلك العوامل والظروف السابقة الذكر‪ ،‬أتيح لعدد من العلماء‬

‫والمفكرين تعلم اللغات األوروبية‪ ،‬واالطالع على نتائج التنوير الغربي‪ ،‬إضافة‬
‫إلى الغزو الفكري والثقافي الذي تزامن مع الحمالت االستعمارية‪ ،‬وما خلفت في‬
‫النفوس من رغبة في إصالح األمة االسالمية اجتماعيا ودينيا‪ ،‬ومن بين أهم هؤالء‬
‫العلماء والقادة المجددين نذكر‪:‬‬

‫جمال الدين األفغاني‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫ولد جمال الدين األفغاني في قرية أسد أباد في أفغانستان وقد اختلف‬
‫الباحثون في أصله فقد ذكر الشيخ محمد عبده أنه أفغاني األصل‪ ،‬بينما ذكر‬
‫مصطفى عبد الرزاق أنه فارسي األصل أفغاني النشأة وتلقى تعليمه في مدينة كابل‬
‫حيث تعلم اللغة العربية والعلوم الدينية من تفسية وحديث وفقع وعلوم عقلية من‬
‫منطق ورياضيات وتاريخ‪.‬‬

‫وكان األفغاني مصلحا فقد وصفه مالك بن نبي بإمام المصلحين وموقظ‬
‫الشرق وفيلسوف االسالم والعاصفة في وجه الطغيان‪.‬‬

‫انشغل األفغاني بمفهوم األمة اإلسالمية وبالمعركة ضد االستعمار فدعا إلى‬

‫وحدة الشعوب ودعم العقائد الدينية باألدلة في محاولة للتوفيق بين العلم واإليمان‪.1‬‬

‫‪ -‬المختار شريف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.25‬‬ ‫‪1‬‬

 ‫الشيخ محمد عبده (‪1266‬ه – ‪1323‬ه ‪1849 /‬م – ‪1905‬م)‬ ‫‪-‬‬
‫ولد الشيخ محمد عبده في قرية محلة نصر‪ ،‬تعلم فيها القراءة والكتابة‪،‬‬
‫أتقن تجويد القرآن‪ ،‬انتقل للقاهرة بعد إكمال تعليمه‪ ،‬ليتابعه باالزهر‪ ،‬نال شهادة‬
‫العالمية من األزهر بعد ‪ 12‬سنة ثم ليعين مدرسا في دار العلوم‪ ،‬كما كتب في‬
‫جريدة األهرام والوقائع المصرية‪.‬‬
‫ويمكن اختصار أسس دعوته فيما يلي‪:‬‬

‫تطهير االسالم من البدع والضالالت‪ ،‬فهو رأي عناية دعوته في تحرير‬ ‫‪-‬‬
‫الفكر من قيود التقليد ثم في فهم الدين على طريقة السلف‪.‬‬
‫إعادته النظر في طرح المذاهب االسالميه في ظل الفكر الحديث أي في‬ ‫‪-‬‬
‫محاولة منه للتوفيق بين الدين والعلم‬
‫الدفاع عن اإلسالم وذلك ما تقتضيه ظروف العالم االسالمي من استعمار‬ ‫‪-‬‬
‫وحمالت تبشيرية‪.‬‬
‫إصالح التعليم العامي وإ صالح األزهر حيث نادى بإدراج العلوم الحديثة‬ ‫‪-‬‬
‫إلى جانب المؤلفات التقليدية‪.1‬‬
‫لقد اعترف عبده بضرورة‪ T‬والتغيير‪ ،‬رابطا ذلك بمبادئ االسالم في محاولة فهم‬

‫جديدة وأصالح من داخ المجتمع االسالمي باعتبار الدين كأساس للحياة‪ ،‬حيث‬

‫يمكن إليمان المسلم أن يقدم األساسس الخلقي لمجتمع حديث وعصري‪.2‬‬

‫‪ -‬المختار شريف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.27‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬رؤوف عباس حامد‪ ،‬تطور الفكر العربي الحديث‪ ،‬كلية اآلداب‪ ،‬جامعة القاهرة‪ ،‬ص‪.28‬‬ ‫‪2‬‬
 ‫الشيخ محمد رشيد رضا‪1282( :‬ه – ‪1352‬ه ‪1865 /‬م ‪1935‬م)‬ ‫‪-‬‬
‫وهو أحد تالمذة محمد عبده‪ ،‬من أبناء طرابلس بالشام إلتقى بمحمد عبده‬

‫هناك عام ‪1894‬م ذهب إلى مصر في ‪ 1897‬ليصدر في العام الموالي مجلة‬

‫المنار حيث رسم في عدده األول شعاره وشعار أستاذه من قبل اإلصالح اإلسالمي‬

‫بإصالح التربية والتعليم‪.‬‬

‫من أهم ما ناد به الشيخ محمد رشيد رضا هو استقالل الفكر وحرية العمل‬

‫وإ بطال الخرافات وكل التقاليد التي أفسدت العقائد واألخالق‪ ،‬كما دعا إلى الجتهاد‬

‫والهتمام بالعلوم والفنون الضرورية لقيام هذه األمة‪.1‬‬

‫‪ -‬رؤوف عباس‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.30‬‬ ‫‪1‬‬

 ‫االتجاهات السياسية‪:‬‬
‫لقد كان من النتائج هذه النهضة التي احتل فيما العرب بالغرب‪ ،‬بما فيه من‬

‫حركات وأنظمة سياسي‪ ،‬ظهور اتجاهات سياسية سمحت إلى النهوض بالوضع‬

‫السياسيس المتأخر والسيء خاصة مع الحركة االستعمارية التي تزامنت مع هذه‬

‫الحركة الفكرية التي أعجبت بنتائج الثورة الفرنسية مما ساعدها في تصور نماذج‬

‫مختل البرامج السياسية ونذكر من بين هذه االتجاهات ما يلي‪:‬‬

‫تيار الجامعة االسالمية‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫ظهر هذا التيار في منتصف القرن ‪19‬م‪ ،‬بغاية مواجهة االستعمار الغربي‬

‫ومن أبرز دعاة هذا التيار جمال الدين األفغاني‪ ،‬وقد القت الدعوة إقباال كبيرا من‬

‫مختلف أقطار الوطن العربي واالسالمي‪.‬‬

‫ويمكن اختصار مضامين الجامعة ومبادئها فيما يلي‪:‬‬

‫اعتبار الوازع الديني عند المسلمين هو األساس في معركتهم ضد‬ ‫‪‬‬

‫االستعمار الغربي‪.‬‬
‫الوحدة االسالمية هي الوسيلة لمقاومة الغزو الغربي‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫استثارة همم المسلمين لدغعهم إلى مقاومة االحتالل والثورة ضد كل‬ ‫‪‬‬
‫اضطهاد‪.1‬‬

‫‪ -‬المختار شريف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.32‬‬ ‫‪1‬‬

 ‫ثانيا‪ :‬العوامل االجتماعية‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫البد وأنه كان للظروف االجتماعية وما شملت عليها من خصائص أثرها في‬

‫نهوض األمة العربية‪ ،‬بغض النظر عن نوع هذه الظروف واألحداث ألن ما يهمنا‬

‫هنا هو معرفة تلك الشروط االجتماعية التي أدت مجتمعه إلى هذه الحركة الفكرية‪،‬‬

‫ويمكن إجمال تلك األسباب مجتمعه إلى هذه الحركة الفكرية ويمكن إجمال تلك‬

‫األسباب االجتماعية بعامة فيما يلي‪:‬‬

‫حياة الفرد في ظل مجتمع القرية في الريف‪ ،‬ومجتمع القبلية ويعتبر في‬ ‫‪-‬‬

‫البادية‪ ،‬ومجتمع الطراف في المدن‪ ،‬وذلك ألن الحكم العثماني للوطن‬

‫العربي لم يكن يتدخل في تنظيم أمور الناس‪.‬‬

‫الخدمات األساسية كالعالج والتعليم وبقية الخدمات الجتماعية مسؤولة‬ ‫‪-‬‬

‫الرعية وليس من مسؤوليات الحاكم‪.‬‬

‫المجتمع ينقسم إلى طبقات‪ ،‬ونخبة حاكمة أما البقية فتشكل الرعية‪ ،‬أو‬ ‫‪-‬‬

‫العامة وليس لهم من دور في الحكم‪ ،‬وهؤالء الرعية انقسموا بدورهم حسب‬

‫درجة الشراء أو المكانة االجتماعية‪.‬‬

‫التعليم يتيح على عائق المدارس الدينية ويركز على اللغة والنحو‬ ‫‪-‬‬

‫والعروض وعلوم الفقه والقرآن‪.1‬‬

‫‪ -‬رؤوف عباس حامد‪ ،‬تطور الفكر العربي الحديث‪ ،‬كلية األداب جامعة القاهرة‪ ،‬ص‪.5‬‬ ‫‪1‬‬
 ‫التيار القومي‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫يمكن القول أن اليقظة القومية ظهرت مع بداية النهضة الفكرية‪ ،‬وقد كان‬

‫المسيحين األسبق في المجاهرة بالحركة القومية‪ ،‬وبعد دخول المذهب البروتستانتي‬

‫للبالد العربية في بداية القرن ‪19‬م‪ ،‬فمنذ عام ‪1870‬م تساءل سليم الستاني حول‬

‫اتحاد العرب وعزمهم وتجاوبهم‪ ،‬وأجاب بأنه البد للرجوع إلى األفق الذي حجته‬

‫عنا السياسة ودفعنا به إلى االنشقاق‪.‬‬

‫وتلت هذه الظهور شكل عدة جمعيات سرية عربية تندد بالحكم التركي وتطالب‬

‫باستقالل الوالياة العربية عن الدولة العثمانية نذكر منها‪ :‬جمعية بيروت السرية‬

‫وجمعية حقوق الملة العربية‪ ،‬وهناك دعوة أخرى إلى إقامة خالفة عربية محل‬

‫الخالفة العثمانية على عبد الرحمن الكواكبي في كتابه "أم القرى"‪.1‬‬

‫‪-‬المختار شريف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.37‬‬ ‫‪1‬‬

 ‫التيار الوطني‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫شكلت الوطنية حديثا مدنيا بالنسبة للعرب‪ ،‬وكانت ممتزجة للحرم الشتاتي في‬
‫القرن ‪19‬م‪ ،‬ويعتبر رفاعة الطهطاوي من أوائل الذين دعو للوطنية‪ ،‬فهو الذي‬
‫أصدر عام ‪1869‬م كتابه مناهج األحباب المصرية في مناهج األداب العصرية‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫وبذلك كان أول ظهور لهذا االتجاه السياسي‪.‬‬

‫وقد استمد الطهطاوي أفكاره من المفكرين الغربيين فهناك منهم الفرنسيين‪ ،‬إذ‬
‫اطلع على أعالمها أثناء رحلته إلى باريس‪ ،‬وبذلك فقد حملت كتابات الطهطاوي‬
‫أفكارا جديد تتضح مألوفة في الفكر العربي فيما بعد حيث رأي أن الغاية من الحكم‬
‫رفاهية االألساسية تتحقق بإنشاء المدينة ُمركزا على الدعوة إلى تخاطب العلوم‬
‫‪2‬‬
‫العقلية وتبنيها‪ ،‬التزاما تيار المدينة الحديثة‪.‬‬

‫‪ -‬المختار شريف‪ ،‬مرجع سابف‪ ،‬ص‪.34‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬ألبرت حوراني‪ ،‬مرجع سابقص‪.108-107‬‬ ‫‪2‬‬