You are on page 1of 46

‫الفصل الثاني‬

‫اإلطار النظري والدراسات السابقة‬


‫سيعنى هذا الفصل بالحديث عن متغيرات الدراسة (عوامل إطالق العيارات‬ ‫ُ‬
‫ﻋﻮﺍﻣﻞ ﺇﻃﻼﻕ ﺍﻟﻌﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻨﺎﺭﻳﺔ ﻓﻰ ﺍﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺎﺕ ﺍﻹﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺃﺛﺮﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﺮﺩ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ‬ ‫ﺍﻟﻌﻨﻮﺍﻥ‪:‬‬
‫النارية‪ ,‬وآثارها)‪ ,‬والنظريات المفسرة الرتكاب جريمة القتل‪ ,‬والنظريات المفسرة لعقوبة‬
‫ﺳﺤﻮﻳﻞ‪ ،‬ﻏﺪﻳﺮ ﻭﺟﻴﻪ‬ ‫ﺍﻟﻤؤﻟﻒ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻲ‪:‬‬
‫ﻣﺮﺍﺩ)ﻣﺸﺮﻑ(الشريعة اإلسالمية‪ ,‬والقانون والعرف‪ ,‬وذلك من‬
‫ﺍﻟﻤﻮﺍﺟﺪﻩ‪ ،‬إلى موقف‬
‫ﺁﺧﺮﻳﻦ‪:‬يمة القتل‪ ,‬باإلضافة‬
‫ﻣؤﻟﻔﻴﻦ جر‬
‫الكتب والمجالت والدراسات ذات العالقة بموضوع الدراسة الحالية‪.‬‬
‫ﺍﻟﻤﻴﻼﺩﻱ‪ :‬الرجوع إلى‪2015‬‬
‫ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ خالل‬
‫ﺍﻟﻜﺮﻙ‬ ‫ﻣﻮﻗﻊ‪:‬‬
‫‪1 - 102‬‬ ‫ﺍﻟﺼﻔﺤﺎﺕ‪:‬‬
‫‪ 1.2‬اإلطار النظري‪:‬‬
‫‪786007‬‬ ‫ﺭﻗﻢ ‪:MD‬‬
‫إطالق العيارات النارية‪:‬‬
‫عنﺟﺎﻣﻌﻴﺔ‬ ‫ﺍﻟﻤﺤﺘﻮﻯ‪ -:‬لمحة تاريخية‬
‫ﺭﺳﺎﺋﻞ‬ ‫أوالً‬ ‫ﻧﻮﻉ‬

‫‪Arabic‬السالح الناري إلى القرنين الخامس عشر والسادس عشر وهو‬


‫يعود استخدام‬ ‫ﺍﻟﻠﻐﺔ‪:‬‬
‫ﺭﺳﺎﻟﺔ ﻣﺎﺟﺴﺘﻴﺮ‬ ‫ﺍﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪:‬‬
‫ﻣؤﺗﺔ حيث استخدم العثمانيين السالح الناري ألول مرة وقد تغلبوا‬
‫ﺟﺎﻣﻌﺔيين‪,‬‬
‫زمن المماليك والعثمان‬ ‫ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﺔ‪:‬‬
‫المماليك بأصولهم الفروسية باستخدام القوة والحصان‪,‬‬
‫تمسك ﺍﻟﻌﻠﻴﺎ‬ ‫بينما‬
‫ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ‬ ‫فيه على المماليك‪,‬‬
‫ﻋﻤﺎﺩﺓ‬ ‫ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ‪:‬‬

‫ﺍﻻﺭﺩﻥرئيسي في خسارتهم الفادحة مع العثمانيين‪ ,‬وقد كانت حربا غير‬


‫والذي كان السبب ال‬ ‫ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ‪:‬‬
‫‪Dissertations‬‬ ‫ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ‪:‬‬
‫متكافئة‪ ,‬وهو ما أجبر المماليك فيما بعد على التخلي عن القوس والحصان‪ ,‬إلى جانب‬
‫ﺍﻟﻌﺎﺩﺍﺕ ﻭﺍﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ‪ ،‬ﺍﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺎﺕ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ‪ ،‬ﺍﻷﻋﻴﺮﺓ ﺍﻟﻨﺎﺭﻳﺔ‬ ‫ﻣﻮﺍﺿﻴﻊ‪:‬‬
‫‪http://search.mandumah.com/Record/786007‬ألصحاب الطبقات العليا‬
‫الوصف والرقي الذي لقب به حامل السالح‪ ,‬وقد انحصر‬ ‫ﺭﺍﺑﻂ‪:‬‬

‫والنبالء والحكام (خادم‪. )1980,‬‬


‫ونظ ار لخطورة السالح الناري‪ ,‬فقد تم حظره من القرن السادس عشر‪ ,‬وذلك‬
‫ألسباب تعود الستخدامه من قبل أصحاب النوايا السيئة مما أدى إلى انتشار الفوضى‪,‬‬
‫ونشوء العصابات التي لم تتمكن الحكومة من السيطرة عليها‪ ,‬ويعتبر استخدام السالح‬
‫الناري نقطة تحول هامة في تاريخ البشرية‪ ,‬فله أثر واضح تنتج منه انعكاسات‬
‫اجتماعية وسياسية‪ ,‬والنقطة األساسية في هذه الدراسة تشير بوضوح إلى ارتفاع‬
‫معدالت القتل التي كان سببها استخدام السالح الناري خصوصا في المناسبات‬
‫االجتماعية الفرحة (‪.)Farrington & Welsh, 2006‬‬
‫وبحلول التسيعنيات تفجرت قنبلة صادمة للعالم أجمع تشير إلى خطورة بالغة‬
‫األهمية‪ ,‬من خالل إحصائية أجريت في عام ‪1989‬م تشير إلى الخسائر المادية التي‬
‫© ‪ 2020‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪ .‬ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪.‬‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﻣﻊ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ‪ ،‬ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪ .‬ﻳﻤﻜﻨﻚ ﺗﺤﻤﻴﻞ ﺃﻭ ﻃﺒﺎﻋﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ‬
‫ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﻭﻳﻤﻨﻊ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻋﺒﺮ ﺃﻱ ﻭﺳﻴﻠﺔ )ﻣﺜﻞ ﻣﻮﺍﻗﻊ ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﺮﻳﺪ ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ( ﺩﻭﻥ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺧﻄﻲ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ ﺩﺍﺭ‬
‫‪-7-‬‬ ‫ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪.‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫اإلطار النظري والدراسات السابقة‬
‫سيعنى هذا الفصل بالحديث عن متغيرات الدراسة (عوامل إطالق العيارات‬ ‫ُ‬
‫النارية‪ ,‬وآثارها)‪ ,‬والنظريات المفسرة الرتكاب جريمة القتل‪ ,‬والنظريات المفسرة لعقوبة‬
‫جريمة القتل‪ ,‬باإلضافة إلى موقف الشريعة اإلسالمية‪ ,‬والقانون والعرف‪ ,‬وذلك من‬
‫خالل الرجوع إلى الكتب والمجالت والدراسات ذات العالقة بموضوع الدراسة الحالية‪.‬‬

‫‪ 1.2‬اإلطار النظري‪:‬‬
‫أوالً‪ -‬لمحة تاريخية عن إطالق العيارات النارية‪:‬‬
‫يعود استخدام السالح الناري إلى القرنين الخامس عشر والسادس عشر وهو‬
‫زمن المماليك والعثمانيين‪ ,‬حيث استخدم العثمانيين السالح الناري ألول مرة وقد تغلبوا‬
‫فيه على المماليك‪ ,‬بينما تمسك المماليك بأصولهم الفروسية باستخدام القوة والحصان‪,‬‬
‫والذي كان السبب الرئيسي في خسارتهم الفادحة مع العثمانيين‪ ,‬وقد كانت حربا غير‬
‫متكافئة‪ ,‬وهو ما أجبر المماليك فيما بعد على التخلي عن القوس والحصان‪ ,‬إلى جانب‬
‫الوصف والرقي الذي لقب به حامل السالح‪ ,‬وقد انحصر ألصحاب الطبقات العليا‬
‫والنبالء والحكام (خادم‪. )1980,‬‬
‫ونظ ار لخطورة السالح الناري‪ ,‬فقد تم حظره من القرن السادس عشر‪ ,‬وذلك‬
‫ألسباب تعود الستخدامه من قبل أصحاب النوايا السيئة مما أدى إلى انتشار الفوضى‪,‬‬
‫ونشوء العصابات التي لم تتمكن الحكومة من السيطرة عليها‪ ,‬ويعتبر استخدام السالح‬
‫الناري نقطة تحول هامة في تاريخ البشرية‪ ,‬فله أثر واضح تنتج منه انعكاسات‬
‫اجتماعية وسياسية‪ ,‬والنقطة األساسية في هذه الدراسة تشير بوضوح إلى ارتفاع‬
‫معدالت القتل التي كان سببها استخدام السالح الناري خصوصا في المناسبات‬
‫االجتماعية الفرحة (‪.)Farrington & Welsh, 2006‬‬
‫وبحلول التسيعنيات تفجرت قنبلة صادمة للعالم أجمع تشير إلى خطورة بالغة‬
‫األهمية‪ ,‬من خالل إحصائية أجريت في عام ‪1989‬م تشير إلى الخسائر المادية التي‬

‫‪-7-‬‬
‫تم إنفاقها في شراء األسلحة ‪ ,‬والتي أثبتت أن العالم ينفق حوالي (‪ )3.6‬مليون دوالر‬
‫في كل دقيقة‪ ,‬وعلى الصعيد العربي‪ ,‬نجد أن منطقة الخليج وحدها تصرف (‪)130‬‬
‫ألف دوالر في الدقيقة الواحدة‪ ,‬لشراء األسلحة (منصور‪.)1991 ,‬‬
‫وعبر عدد من اإلحصائيات التي أُجريت في األردن منذ عام ‪1990‬م ولغاية‬
‫‪2002‬م‪ ,‬فإنها تقدم دالئل واضحة على ارتفاع معدالت القتل الناتجة عن األسلحة‬
‫النارية (الدراوشة‪. )2011 ,‬‬
‫وفي إحصائية أُخرى لمديرية األمن العام في عام ‪2009‬م ولغاية ‪2013‬م‪,‬‬
‫كشفت عن وجود معضلة خطرة سببتها األعداد المرتفعة‪ ,‬والتي بلغ مجموعها خالل‬
‫آخر ‪ 5‬سنوات كما تم ذكرها سابقا في مشكلة الدراسة (‪ )6989‬جريمة (الو ازرة‬
‫الداخلية‪ :‬مديرية األمن العام‪.)2013 ,‬‬
‫أما آخر إحصائية إلطالق العيارات النارية أجريت عام ‪2014‬م‪ ,‬حيث بلغ‬
‫مجموع عدد قضايا إطالق العيارات النارية في المملكة (‪ )2413‬قضية‪ ,‬حيث ارتفعت‬
‫في إقليم العاصمة والذي سجل (‪ )1072‬قضية‪ ,‬أما إقليم الوسط (‪ )634‬قضية‪ ,‬واقليم‬
‫الشمال (‪ )467‬قضية‪ ,‬واقليم الجنوب (‪ )101‬قضية‪ ,‬وفي قيادة قوات البادية الملكية‬
‫(‪ )86‬قضية‪ ,‬أما إقليم العقبة (‪ )53‬قضية‪.‬‬
‫ستمر السالح الناري في التطور بأشكاله وأنواعه‪ ,‬إلى أن وصل إلينا بأشد‬
‫وقد ا َّ‬
‫مراحله فتكا‪ ,‬وربما قد يكون لذلك التطور األثر في زياد معدالت الجريمة‪ ,‬فهناك نوع‬
‫من السالح الخطير (السالح األوتوماتيكي)‪ ,‬والذي غالبا ما يتم استخدامه في‬
‫المناسبات كنوع من التباهي‪ ,‬وتكمن خطورته في إ ِ‬
‫طالقه للعيارات النارية على نحو‬
‫متتالي ومتقارب‪ ,‬بحيث تطلق عدد كبير من الرصاص في الهواء‪ ,‬والذي بدوره يزيد‬
‫من نسبه احتمال ارتكاب الجريمة‪ ,‬ألسباب قد تعود لسوء استخدام السالح وقلة الخبرة‬
‫فيه (البرلسي‪.)1990 ,‬‬

‫‪-8-‬‬
‫ثانياً‪ -‬عوامل إطالق العيارات النارية المتسببة في القتل‪:‬‬
‫وبالعودة إلى الجذور التاريخية‪ ,‬فإ َّن أسباب ودوافع إطالق العيارات النارية‬
‫المتسببة في القتل بشكل عام تبنى على ظروف اإلنسان المتعددة‪ ,‬وهذه الظروف قد‬
‫تحدث بمساعدة عدة عوامل تلعب وبشكل مباشر في إطالق العيارات النارية وهي‪:‬‬
‫‪ -1‬العوامل االجتماعية والثقافية (‪:(Social and Cultural factors‬‬
‫إن العوامل والدوافع االجتماعية كثيرة ومتفرعة؛ وذلك الرتباطها بالمجتمع‬
‫ومشاكله المتعلقة باألسرة والتنشئة‪ ,‬والفساد والثأر‪ ,‬والدفاع عن النفس أو الشرف‪,‬‬
‫واالنتقام وغيرها من مشاكل مجتمعيه ال يمكن حصرها‪ ،‬وفي مقوله شعبيه (راس مالو‬
‫رصاصة)‪ ,‬أدت معنى االنعكاس الناجم عن الغضب‪ ,‬والرغبة في االنتقام‪ ,‬وتصريح‬
‫واضح لرد االعتبار‪ ,‬وأضيف إلى ذلك العوامل النفسية كقضية االنتحار بواسطة‬
‫السالح‪ ,‬وهي تقريبا من أكثر المواضيع التي تكاد ال تخلو من شريط اإلعالنات‬
‫اليومية وااللكترونية‪ ,‬كما شكل التلفاز أحد المسببات المشجعة على استخدام السالح‬
‫من خالل البرامج العنيفة‪ ,‬واألفالم العدوانية التي لها البصمة الواضحة في تعليم‬
‫الشباب‪ ,‬وفتح باب الرغبة في التقليد الذي ال يمكن وصفه إال باألعمى (الشوبكي‪,‬‬
‫‪2012‬م)‪.‬‬
‫وقد أكدت دراسة باندو ار على الرابط بين العنف واإلعالم‪َّ ,‬‬
‫وبينت أن العدوان في‬
‫المجتمع ازداد بمواكبته للتلفاز وما يطرحه من مواد إعالمية عنيفة تؤثر في بنية‬
‫المجتمع (عيسوي‪.)2006 ,‬‬
‫وعلى الصعيد اآلخر‪ ,‬والذي يهمنا في هذه القضية دوافع العادات والتقاليد والتي‬
‫تعد من الثقافات األصيلة والعريقة المهمة لدى بعض المجتمعات العربية‪ُّ ,‬‬
‫ويعد األردن‬ ‫ُّ‬
‫إحداها‪ ,‬ولكن على الرغم من هذه الميزات إال أنها ال تخلو من المنغصات التي كادت‬
‫أن تصبح شبه كارثة؛ لما خلفته عاده إطالق العيارات النارية في المناسبات‬
‫االجتماعية من أضرار جسيمة‪ ,‬وخسائر بشرية‪ ,‬واقتصادية‪ ,‬واجتماعية‪ ,‬وحتى نفسية‪,‬‬
‫لكونها عاده مكتسبة ومتوارثة من القدماء‪ ,‬تمسكت عبر السنين بهيبتها ولم تتوانى‬
‫المجتمعات أبدا في التخلي عنها (مبيضين‪.)2013 ,‬‬

‫‪-9-‬‬
‫وفي مجموعة من الدراسات تبين أن العوامل االجتماعية تلعب دو ار مهما في‬
‫ارتكاب الجرائم‪ ,‬حيث اتضح َّ‬
‫أن ‪ %14.1‬سبب ارتكابهم للجرائم يعود للعوامل‬
‫االجتماعي‪ ,‬مثل‪ :‬تأثير األصدقاء‪ ,‬وغياب الوالدين‪ ,‬كما اتضح أنهم كانوا يخططون‬
‫لجرائمهم مع األصدقاء‪ ,‬وزمالء المدرسة واألقارب‪ ,‬وفي دراسة أخرى للعوامل‬
‫االجتماعية المساعدة في ارتكاب الجريمة‪ ,‬تبين َّ‬
‫أن عملية التنشئة االجتماعية والتربية‬
‫والنظم االجتماعية‪ ,‬تلعب دو ار هاما في تلبية حاجات الفرد األساسية التي يستطيع من‬
‫خاللها مواجهة التحديات والمشكالت المحيطة به‪ .‬كما أن االضطراب االجتماعي وما‬
‫يرافقه من تغيرات في نظم الحياة االجتماعية‪ ,‬وخاصة في عمليات التواصل مع‬
‫الحضارات األخرى‪ ,‬والذي غالبا ما يجعل العادات والتقاليد غير قادرة على تلبية‬
‫الحاجات األساسية لألفراد‪ ,‬والذي يجعل البيئة عامال مساعدا في اضطراب الشخصية‬
‫(البراك‪.)2010 ,‬‬
‫كما أن اإلشارة بأصابع االتهام نحو العادات والتقاليد التي تدعو إلى إطالق‬
‫العيار الناري‪ ,‬ليس بالضرورة أن يكون صحيحا‪ ,‬بل قد يكون خرق القوانين والمتعارف‬
‫عليه لدى العشائر هو السبب في انتهاك المعايير‪ ,‬والقيم االجتماعية السائدة لدى‬
‫العادات والتقاليد‪ ,‬وما أقصده هنا هو قيام البعض بالمبالغة في تطبيق العادات والتقاليد‬
‫ألسباب شخصية‪ ,‬رغبة في االنتقام‪ ,‬والحاق الضرر باآلخرين وبالتالي فإن العادات‬
‫والتقاليد قد تكون بريئة من التشوه الذي أصاب صورتها أمام المجتمع (العبادي‪,‬‬
‫‪1989‬م)‪.‬‬
‫وقد عبر دوركايم في نظرية األنومي عن انهيار القواعد االجتماعية التي يصل‬
‫إليها المجتمع ‪ ,‬بحيث أصبح الناس ال يعرفون ما يتوقعون من غيرهم‪ ,‬مما أدى بهم‬
‫إلى اكتساب ضوابط غير كافيه على سلوكياتهم‪ ,‬وقد يكون هذا االنهيار له الدور في‬
‫إطالق العنان في ارتكاب جرائم القتل (وليم وميكشين‪.)2010 ,‬‬
‫ومن أهم العوامل النفسية االجتماعية التي تتعرض لها الشخصية خالل مراحل‬
‫النمو من الطفولة إلى الرشد‪:‬‬
‫‪ -1‬أسلوب تربية الطفل وتنشئته‪.‬‬

‫‪- 10 -‬‬
‫‪ -2‬الدور االجتماعي الذي يقوم به الفرد‪.‬‬
‫‪ -3‬فكرة المرء عن نفسه‪.‬‬
‫‪ -4‬وضع الفرد ومكانته في المجتمع‪.‬‬
‫ُّ‬
‫وتعد هذه المؤثرات مؤهالت مساعدة في التسبب بإطالق العيارات النارية‪ ,‬حيث‬
‫أن تنشئة الوالدين من خالل األفكار التي يكتسبها الطفل لها دور فعَّال في تشكيل بنية‬
‫العقل لديه‪ ,‬بحيث يمثل األب المثل األعلى لدى الطفل‪ ,‬والذي يرى أن كل ما يقوم به‬
‫األب هو الصواب‪ ,‬فمن الصواب أن يقلد الطفل والده في إطالق العيارات النارية‬
‫حسب وجهة نظره‪ ,‬بل ويرى أن تقليد والده هو أمر يفخر به‪ ,‬وغير خاضع للوقوع في‬
‫الخطأ‪ .‬كما أن الدور االجتماعي الذي يقوم به الفرد يلعب دور مهم في التأثر بمشكلة‬
‫إطالق العيارات النارية‪ ,‬ومن خالل نظرة الفرد لنفسه تنشأ انعكاسات قد تكون سلبية أو‬
‫إيجابيه‪ ,‬ومن ه ذه السلبيات اعتقاده أن بإطالقه للعيارات النارية يقوم بإثبات وجوده‬
‫أمام الغير (سكيكر‪.)2008 ,‬‬
‫كما أن وضع الفرد ومكانته االجتماعية تدفعه للقيام بسلوكيات سلبية مقابل إثبات‬
‫وجوده لآلخرين‪ ,‬وفرض السيطرة والهيبة‪ ,‬ويعد إطالق العيار الناري إحدى أهم هذه‬
‫السلوكيات الخطرة التي يلجأ إليها أصحاب المكانة االجتماعية‪.‬‬
‫‪ -2‬العوامل النفسية )‪:(Psychological Factors‬‬
‫تتفاعل شخصية اإلنسان مع المحيط الذي يوجد فيه‪ ,‬وشخصية اإلنسان مزودة‬
‫بنزعات وطاقات وراثية مستعدة للتعديل‪ ,‬والتغيير شريطة أن تدخل في المجال الخاص‬
‫باإلنسان‪ ,‬فإن صلحت هذه العوامل ونقيت من الشوائب نشأ اإلنسان صالحا نقيا في‬
‫الغالب‪ ,‬أما إذا أهملت وتركت‪ ,‬فإنها تكون ذات تأثير سيئ على تربية الطفل‪ ,‬ونشأته‬
‫المختلفة التي تأثرت بها في مجاالتها الحيوية التي وجدت فيها عبر مراحل نموها سابقا‬
‫(العيسوي‪2004 ,‬م)‪.‬‬
‫ينساق األفراد نحو مصالحهم الشخصية بغض النظر عن مالئمتها مع توقعاتهم‬
‫لآلخرين دون وجود روادع وضوابط أخالقية ملزمة لهم فإن ذلك يؤدي إلى عدم‬
‫الشعور باألمان واالستقرار‪ ,‬مما يعني سيادة الالمعيارية‪ ,‬أو األنوميا التي أشار إليها‬

‫‪- 11 -‬‬
‫دوركايم‪ ,‬وخلص إلى نتيجة مفادها أن الالمعيارية مشكلة مالزمة لتطور المجتمعات‬
‫الغربية حتى يومنا هذا (القريشي‪2011 ,‬م)‪.‬‬
‫باإلضافة إلى سلوكيات أخرى يتخذها الفرد كوسيلة للتعبير عن مكبوتات شخصية‬
‫كالتباهي‪ ,‬واغاظة اآلخرين‪ ,‬ولفت النظر عبر إطالق كم هائل من الرصاص في‬
‫المناسبات االجتماعية‪ ,‬وعدم الوعي‪ ,‬والتقليد األعمى‪ ،‬وغيرها الكثير من السلوكيات‬
‫السلبية الناتجة عن المصلحة الشخصية‪ ,‬والمحاولة سعيا في إثبات الذات أمام اآلخرين‬
‫(‪.)Marcus, 1998‬‬
‫‪ -3‬العوامل االقتصادية (‪: (Economic Factors‬‬
‫أكدت النظرية االقتصادية أن الجريمة وليدة بعض الظروف االقتصادية‪ ,‬وفي‬
‫مقدمتها الفقر والبطالة‪ ,‬وغيرها من األحوال االقتصادية السيئة‪ ,‬وتذهب هذه النظرية‬
‫إلى أن العوامل االقتصادية في المجتمع على أنها األساس‪ ,‬ولها األثر األكبر في حياة‬
‫المجتمع‪ ,‬ويرى أصحاب هذه النظرية (‪َّ )Karl Marx‬‬
‫أن الجريمة في جوهرها هي‬
‫نتيجة حتمية الستغالل الطبقات العاملة‪ ,‬فالشخص الضعيف اقتصاديا والذي يرى أن‬
‫العدالة لم تنصفه في مجتمعه‪ ,‬ولم تحقق إشباع لحاجاته وحاجات أسرته المبرر‬
‫لالندفاع إلى الجريمة معتقدا أنه لم يرتكب خطأ بذلك (القريشي‪2011 ,‬م)‪.‬‬
‫كما توصلت بعض الدراسات إلى أن الجرائم ضد الممتلكات تزداد في فترات‬
‫الكساد‪ ,‬بينما تزداد الجرائم ضد األشخاص في الرخاء‪ ,‬وأن الدوافع المادية تكون غالبا‬
‫أكثر أهمية وعامال للسلوك اإلجرامي‪ ,‬كما هو الحال في اتجاه اإلجرام حبا للمال‬
‫(براك‪2010 ,‬م)‪.‬‬
‫ُّ‬
‫وتعد العوامل االقتصادية من أهم العوامل اإلجرامية المهيأة‪ ,‬والمساعدة لحدوث‬
‫الجريمة‪ ,‬واذا صادفت تلك العوامل استعدادا إجراميا لدى الفرد فإنها تتفاعل معه‬
‫فتحدث الجريمة‪ ,‬وقد بينت الدراسات الميدانية أن (‪ )%45‬من جرائم السرقة والقتل كان‬
‫الدافع ورائها هو العامل االقتصادي (القحطاني‪.)2010 ,‬‬
‫وكأي جريمة ترتكب يتم ارتكاب إطالق العيارات النارية كوسيلة مساندة في‬
‫الحصول على المال أو استخدامه كأداة لتهديد المجني عليه لتسهيل الحصول على‬

‫‪- 12 -‬‬
‫المال منه‪ .‬وقد أسهمت الدوافع االقتصادية‪ ,‬والبطالة والفقر بالجزء األكبر في جرائم‬
‫القتل‪ ,‬وفي هذا اإلطار‪ ,‬فقد أكد (‪ )Robert Dion's‬أن معدالت القتل مرتفعة والسبب‬
‫في ذلك ضعف البناء االقتصادي (ربايعة‪.)1984 ,‬‬
‫إن إطالق العيارات النارية هو استنزاف للموارد المادية‪ ,‬والتي يحتاجها الوطن‬
‫كالعتاد لحمايته‪ ,‬وتوفير األمن واألمان‪ ,‬ومن ناحية أخرى‪ ,‬فإن الشخص المصاب‬
‫يتعطل عن العمل‪ ,‬ويتم القبض على الفاعل وهكذا يصبح الفاعل والمصاب عاطلين‬
‫عن العمل (الجبور‪1992 ,‬م)‪.‬‬
‫‪ -4‬العوامل القانونية والتشريعية )‪:(Legal & Regulatory Factors‬‬
‫إن ضعف العقوبات المنصوص عليها‪ ,‬والمحسوبية وتطبيق القانون على أناس‬
‫دون غيرهم‪ ،‬ساعد في االستهتار بتطبيق القانون من قبل المواطن‪ ,‬فمن أمن العقاب‬
‫أساء األدب‪ ,‬كما أن وجود السالح أصبح متداوال بين معظم األفراد‪ ,‬وبغض النظر عن‬
‫وجود رخصة اقتناء‪ ,‬فالسالح أمر ضروري ألغراض الحماية واألمن خصوصا بعد‬
‫األزمات التي مر بها الوطن العربي‪ ,‬والتي يعتبرها البعض المسعف األول إلطفاء نار‬
‫االنتقام الناتجة عن المشكالت االجتماعية (جابر‪.)1999 ,‬‬
‫أدت السلبيات المتعددة للسالح واستخدامه إلى تجاهل ايجابياته‪ ,‬والتي أسهمت‬
‫وبشكل كبير في الدفاع عن الوطن‪ ,‬والنفس‪ ,‬والمال‪ ,‬ويرى آخرون أن السالح ضرورة‬
‫الري على أن السالم بدون سالح ال يمكن تحقيقه‪,‬‬
‫لخلق السالم في العالم‪ ,‬ويقوم هذا أ‬
‫حيث إن السالم يفرض بالسالح‪ ,‬وال يتحقق بالنوايا الطيبة وعدالة القضايا‪ ,‬بل‬
‫بإخضاع واجبار األفراد على السالم تحت قبة السالح‪ ,‬بحيث يشكل وسيلة لتخويفهم‬
‫وردعهم عن ارتكاب الفوضى والفساد‪ ,‬مشجعين بذلك على ضرورة إنتاجه‪ ,‬والتجارة به‬
‫(منصور‪.)1991 ,‬‬
‫وقد تم استخالص العوامل الرئيسية إلطالق العيارات النارية في دراسة أُجريت‬
‫عام ‪1992‬م (الجبور‪ ,)1992 ,‬والتي توصلت لألسباب الرئيسية التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬من أسباب استعمال السالح كان الغزو بين القبائل‪.‬‬
‫‪ -2‬استخدم لحماية قوافل الحج‪.‬‬

‫‪- 13 -‬‬
‫‪ -3‬لحماية المواشي من الوحوش المفترسة‪.‬‬
‫‪ -4‬غاية في الصيد وحماية من قطاع الطرق‪.‬‬
‫‪ -5‬كانت وسيلة اتصال بين الجماعات واألفراد بهدف اإلعالن عن مناسبة ما‪.‬‬
‫‪ -6‬لتدريب الشباب على الرماية واجادة الهدف‪ ,‬والتي تتم بعد أخذ اإلجراءات‬
‫االحتياطية في المكان‪.‬‬
‫ثالثاً‪ -‬إطالق العيارات النارية في األردن‪:‬‬
‫إن الجرائم في األردن أصبحت تجتاح العناوين الرئيسية في الصحف‪,‬‬
‫والمقاالت‪ ,‬حتى أن المرء أصبح معتادا على قراءة أنباء ارتكاب الجرائم بأنواعها‪ ,‬مما‬
‫أدى إلى خلخلة في ُبنية المجتمع‪ ,‬وتفكيك في نسيج األسرة‪ ,‬والتغى معنى التسامح‪,‬‬
‫وأصبح استخدام العنف االجتماعي هو السبيل لحل الخالفات‪ ,‬حتى أنه أصبح‬
‫كالعدوى ينتقل من شخـص آلخــر ويمارس باستهتـار ضد الجميع‪ ,‬وقد ساع ــد السـالح‬
‫علـى انتشار العنف‪ ,‬وزيادة معدالت الجريمة بشكل ملحوظ‪ ,‬مما دعا إلى دراسة‬
‫الموضوع على محمل الجد (‪. )Bartol & Bartol, 2008‬‬
‫ومن خالل اإلحصائيات َّ‬
‫تبي ن أن إطالق العيارات النارية ساهمت وبشكل كبير‬
‫في زيادة أعداد الجرائم المتعمدة وغير المتعمدة‪ ,‬وحسب إحصائيات مديرية األمن العام‬
‫فإن مجموع جرائم إطالق العيارات النارية خالل (‪ )6‬سنوات من عام (‪2009‬م) ولغاية‬
‫عام (‪2014‬م) في األردن بلغت (‪ )9402‬جريمة‪ ,‬وقد أوضحت اإلحصائيات أن‬
‫محافظة العاصمة حظيت بمعدالت مرتفعة جدا مقارنة مع غيرها من المحافظات‪ ,‬كما‬
‫أن إقليم الجنوب إجماال كان األقل عددا لجرائم إطالق العيارات النارية‪ ,‬حيث تبين أن‬
‫مجموع اإلصابات في معان خالل الست أعوام األخيرة بلغت (‪ )153‬جريمة‪ ,‬وفي‬
‫الطفيلة (‪ )108‬جريمة‪ ,‬والكرك (‪ ,)136‬أما العقبة (‪ ,)266‬وفي مناطق الشمال كانت‬
‫النتيجة السلبية أعلى منها في مناطق الجنوب‪ ,‬حيث سجل إقليم العاصمة عمان‬
‫وضواحيها (‪ )5307‬جريمة‪ ,‬والزرقاء (‪ ,)493‬أما عجلون التي سجلت أقل نسبة في‬
‫مناطق الشمال إلطالق العيارات النارية‪ ,‬والتي بلغ مجموعها في نهاية عام ‪2014‬م‬
‫(‪ )89‬جريمة منذ عام ‪2009‬م (و ازرة الداخلية‪ ,‬مديرية األمن العام‪2014 ,‬م)‪.‬‬

‫‪- 14 -‬‬
‫وتوزعت هذه القضايا حسب سنوات حدوثها وأماكن وقوعها حسب ما مبين في‬
‫الجدول (‪.)1‬‬
‫الجدول (‪)1‬‬
‫إحصائيات مديرية األمن العام إلطالق العيارات النارية في المملكة األردنية الهاشمية‬
‫السنوات‬
‫المجموع‬ ‫‪2014‬م‬ ‫‪2013‬م‬ ‫‪2012‬م‬ ‫‪2011‬م‬ ‫‪2010‬م‬ ‫‪2009‬م‬
‫المحافظة‬
‫‪5307‬‬ ‫‪1268‬‬ ‫‪1083‬‬ ‫‪659‬‬ ‫‪882‬‬ ‫‪785‬‬ ‫‪630‬‬ ‫العاصمة‬
‫‪1075‬‬ ‫‪370‬‬ ‫‪212‬‬ ‫‪207‬‬ ‫‪121‬‬ ‫‪95‬‬ ‫‪70‬‬ ‫إربد‬
‫‪493‬‬ ‫‪149‬‬ ‫‪109‬‬ ‫‪79‬‬ ‫‪61‬‬ ‫‪53‬‬ ‫‪42‬‬ ‫الزرقاء‬
‫‪119‬‬ ‫‪19‬‬ ‫‪24‬‬ ‫‪61‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪5‬‬ ‫المفرق‬
‫‪136‬‬ ‫‪44‬‬ ‫‪27‬‬ ‫‪19‬‬ ‫‪22‬‬ ‫‪13‬‬ ‫‪11‬‬ ‫الكرك‬
‫‪108‬‬ ‫‪19‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪56‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪8‬‬ ‫الطفيلة‬
‫‪153‬‬ ‫‪38‬‬ ‫‪32‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪18‬‬ ‫‪31‬‬ ‫‪27‬‬ ‫معان‬
‫‪89‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪22‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪12‬‬ ‫عجلون‬
‫‪92‬‬ ‫‪32‬‬ ‫‪30‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪6‬‬ ‫الرمثا‬
‫‪266‬‬ ‫‪53‬‬ ‫‪49‬‬ ‫‪73‬‬ ‫‪36‬‬ ‫‪25‬‬ ‫‪30‬‬ ‫العقبة‬
‫‪330‬‬ ‫‪87‬‬ ‫‪58‬‬ ‫‪86‬‬ ‫‪39‬‬ ‫‪26‬‬ ‫‪34‬‬ ‫مأدبا‬
‫‪317‬‬ ‫‪86‬‬ ‫‪74‬‬ ‫‪26‬‬ ‫‪55‬‬ ‫‪40‬‬ ‫‪36‬‬ ‫البادية‬
‫‪763‬‬ ‫‪202‬‬ ‫‪127‬‬ ‫‪198‬‬ ‫‪104‬‬ ‫‪58‬‬ ‫‪74‬‬ ‫الرصيفة‬
‫‪154‬‬ ‫‪26‬‬ ‫‪24‬‬ ‫‪74‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪11‬‬ ‫جرش‬

‫‪9402‬‬ ‫‪2413‬‬ ‫‪1869‬‬ ‫‪1574‬‬ ‫‪1384‬‬ ‫‪1166‬‬ ‫‪996‬‬ ‫المجمـــــــــوع‬


‫المصدر‪ :‬و ازرة الداخلية‪ ,‬إحصائيات مديرية األمن العام ‪2014 ,‬م‪2015/‬م‪.‬‬
‫وبحلول عام (‪2015‬م) أصبحت قضية إطالق العيارات النارية‪ ,‬واستخدام‬
‫السالح بشكل عام من أهم القضايا التي إهتمت بها الدولة‪ ,‬نظ ار لخطورتها على‬
‫المجتمع والبد من تطبيق القانون عل الجميع بعدالة‪.‬‬

‫كما وشارك مجلس النواب في عمل وثيقة التزام في نهاية عام (‪2015‬م)‪ ,‬تدعو‬
‫لوقف إطالق العيارات النارية الجائرة‪ ,‬حيث شارك فيها (‪ )67‬نائبا‪ ,‬وتنص الوثيقة‬
‫‪- 15 -‬‬
‫على التزام الموقعين عليها بعدم إطالق العيارات النارية في المناسبات ومحاربتها‪,‬‬
‫وعدم المسؤولية المجتمعية والقانونية تجاه أي شخص يقوم بإطالق العيارات النارية في‬
‫المناسبات‪ ,‬واعتباره شخصا المسؤول في ذلك‪ ,‬وعدم المساعدة أو التوسط له من قبل‬
‫النواب والمشايخ ووجهاء العشائر‪ ,‬وااللتزام باإلبالغ عن أي حالة إطالق عيارات نارية‬
‫بالهواء في أي ظرف من الظروف (مجلس النواب ‪. )2015 ,‬‬
‫ولقد أشارت البيانات الرسمية إلى مدى خطورة نتائج إطالق العيارات النارية‬
‫الطائشة في المناسبات واألفراح إلى ارتكاب خسائر بشرية ال يمكن تجاهلها‪ ,‬في‬
‫الجدول (‪ )2‬يوضح حجم هذه الخسائر التي تم ارتكابها في المناسبات واألفراح تحديدا‬
‫في الفترة الواقعة من (‪2011‬م) ولغاية (‪2014‬م)‪ ,‬موزعة حسب األقاليم لمديريات‬
‫الشرطة‪.‬‬

‫‪- 16 -‬‬
‫الجدول (‪)2‬‬
‫جرائم القتل الناتجة عن إطالق العيارات النارية في المناسبات واألفراح‬
‫السنة‬
‫المجموع‬ ‫‪2014‬‬ ‫‪2013‬‬ ‫‪2012‬‬ ‫‪2011‬‬
‫مديرية الشرطة‬
‫‪86‬‬ ‫‪25‬‬ ‫‪37‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪12‬‬ ‫إقليم العاصمة‬
‫‪39‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪15‬‬ ‫إقليم الوسط‬
‫‪16‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪6‬‬ ‫إقليم الشمال‬
‫‪6‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪0‬‬ ‫إقليم الجنوب‬
‫‪10‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪1‬‬ ‫إقليم العقبة‬
‫قيادة قوات البادية‬
‫‪1‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬
‫الملكية‬
‫‪158‬‬ ‫‪39‬‬ ‫‪54‬‬ ‫‪31‬‬ ‫‪34‬‬ ‫المجموع‬
‫المصدر‪ :‬و ازرة الداخلية‪ ,‬إحصائية مديرية األمن العام‪2015 ,‬م‬
‫ومن المالحظ أن الجدول أفاد بارتفاع أعداد مطلقي العيارات النارية في األفراح‬
‫والمناسبات االجتماعية في إقليم العاصمة حيث بلغ مجموع جرائم القتل الناتجة عن‬
‫إطالق العيارات النارية خالل‪ 2011‬ولغاية ‪2014‬م (‪ )86‬قضية أما الوسط(‪)39‬‬
‫قضية‪ ,‬وتدني األعداد باالتجاه نحو األقاليم الجنوبية‪ ,‬حيث سجل إقليم الجنوب مجموع‬
‫عدد القضايا في االربع سنوات (‪ )6‬قضايا‪ ,‬واقليم العقبة (‪ )10‬قضايا‪ ,‬ويوضح‬
‫الجدول (‪ )2‬أن أعلى عدد لجرائم القتل كان في عام ‪2013‬م حيث سجل ‪ 54‬قضية‪,‬‬
‫بينما كانت أقل سنة في عام ‪2012‬م حيث سجلت(‪ )31‬قضية‪ .‬ويعد إقليم قيادة قوات‬
‫البادية هو النادر أو األقل عددأ لمطلقي العيارات النارية في األفراح والمناسبات حيث‬
‫سجل قضية واحدة خالل (‪ ,)2014-2011‬وقد بلغ مجموع عدد القضايا في جميع‬
‫أقاليم المملكة خالل األربع سنوات (‪ )158‬قضية‪ .‬أما الجدول (‪ )3‬فيكشف عن أعداد‬
‫اإلصابات الناتجة عن إطالق العيارات النارية المجهولة من عام ‪2011‬م ولغاية‬
‫‪2014‬م ‪.‬‬

‫‪- 17 -‬‬
‫جدول (‪)3‬‬
‫اإلصابات المجهولة الناتجة عن إطالق العيارات النارية‬
‫السنة‬
‫المجموع‬ ‫‪2014‬‬ ‫‪2013‬‬ ‫‪2012‬‬ ‫‪2011‬‬
‫مديرية الشرطة‬
‫‪36‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪9‬‬ ‫إقليم العاصمة‬
‫‪38‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪15‬‬ ‫إقليم الوسط‬
‫‪13‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪5‬‬ ‫إقليم الشمال‬
‫‪2‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪1‬‬ ‫إقليم الجنوب‬
‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫إقليم العقبة‬
‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫قيادة قوات البادية الملكية‬
‫‪89‬‬ ‫‪26‬‬ ‫‪21‬‬ ‫‪13‬‬ ‫‪30‬‬ ‫المجموع‬
‫المصدر‪ :‬و ازرة الداخلية‪ ,‬إحصائية مديرية األمن العام‪2015 ,‬م‪.‬‬
‫من المالحظ في الجدول (‪ )3‬أن اإلصابات الناجمة عن إطالق العيارات‬
‫النارية المجهولة كانت مرتفعة في أقاليم الشمال‪ ,‬بينما انخفضت تماما في األقاليم‬
‫الجنوبية نظ ار إلحصائية أجريت من قبل مديرية األمن العام ألقاليم المملكة‪ ,‬حيث بلغ‬
‫عدد القضايا التي سجلت ضد مجهول في األربع سنوات األخيرة (‪ )89‬قضية ‪ ,‬تباينت‬
‫عبر السنين بشكل غير مستقر‪ ,‬فكانت في عام ‪2011‬م نحو (‪ )30‬قضية وهي‬
‫األعلى على مدار السنوات األخيرة‪ ,‬وأقلها في عام (‪ )2012‬حيث بلغت (‪ )13‬قضية‪,‬‬
‫ثم أخذت بالتزايد طرديا مع تزايد إطالق العيارات النارية الطائشة‪ ,‬ويشير الجدول (‪)3‬‬
‫إلى أن كل من إقليم قوات البادية‪ ,‬واقليم العقبة لم تسجل أي قضية بنفس الفترة‪.‬‬
‫كما ويشير جدول (‪ )4‬إلى أن السالح يدخل في معظم جرائم القتل الكلي‪,‬‬
‫وذلك نظ ار لكونه أداه فعالة‪ ,‬وتستجيب فور ضغط الزناد عليها ملبية غاية القاتل‪,‬‬
‫باإلضافة إلى توفر السالح في معظم البيوت لكونه أداه حماية‪ ,‬ومساندة في حماية‬
‫الممتلكات‪ ,‬وكنوع من أنواع العادات والتقاليد التي ورثتها العشائر عبر الزمن‪ ,‬وتعد‬
‫جزء منها واثبات لهوية العشيرة‪ .‬وقد بلغ عدد جرائم القتل التي استخدم فيها السالح‬
‫نحو (‪ )206‬جريمة منذ عام ‪2011‬م ولغاية عام ‪2014‬م‪ ,‬والتي ارتكبت في األربع‬
‫سنوات كالتالي‪:‬‬

‫‪- 18 -‬‬
‫جدول (‪)4‬‬
‫الجرائم التي ارتكبت خالل الفترة (‪2014-2011‬م)‬
‫جرائم القتل بواسطة السالح‬ ‫عدد جرائم القتل بشكل عام‬ ‫السنة‬
‫‪57‬‬ ‫‪133‬‬ ‫‪2011‬‬
‫‪72‬‬ ‫‪153‬‬ ‫‪2012‬‬
‫‪77‬‬ ‫‪144‬‬ ‫‪2013‬‬
‫‪103‬‬ ‫‪170‬‬ ‫‪2014‬‬
‫‪206‬‬ ‫‪600‬‬ ‫المجموع‬
‫و ازرة الداخلية‪ :‬إحصائية مديرية األمن العام‪2015 ,‬م‬
‫يوضح الجدول (‪ )4‬أن ثلث جرائم القتل التي ترتكب يتم استخدام السالح فيها‪,‬‬
‫مما يعني أن السالح هو األداة األكثر استخداما في جرائم القتل‪ ,‬ناهيك عن استخدامه‬
‫في التهديد‪ ,‬وحاالت الصيد الجائر والتخريب‪ ,‬كما أن عدد جرائم القتل الكلي بشكل‬
‫عام في المملكة منذ عام ‪2011‬م ولغاية ‪2014‬م كانت (‪ )600‬جريمة ‪ ,‬حيث كانت‬
‫حصة القتل بالسالح بنفس الفترة (‪ )206‬جريمة‪ ,‬أي ما يعادل ثلث الجرائم المرتكبة‬
‫في األردن‪.‬‬
‫وبالرغم من هذه المعدالت المرتفعة في المملكة األردنية إال أنها تعد منخفضة‬
‫جدا مقارنة مع دول الغرب‪ ,‬ففي الواليات المتحدة األمريكية سجلت نسبة استخدام‬
‫السالح الناري في جرائم القتل نحو أكثر من ‪ %70‬في الفترة الواقعة من عام ‪1993‬م‬
‫ولغاية ‪2004‬م‪ ,‬وقد استخدم المسدس بنسبة ‪ %80‬في جرائم القتل‪ ,‬و ‪ %6‬بنادق‬
‫الصيد‪ ,‬و ‪ %5‬بنادق القذف‪ ,‬و ‪ %7‬أسلحة نارية غير محددة ‪ ,‬كما أن هناك ‪14‬‬
‫شخصا يموتون كل دقي قة نتيجة إطالق العيارات النارية ‪ ,‬حيث سجل نصفهم بحاالت‬
‫انتحار‪ ,‬وحوالي ‪ %44‬قتل متعمد‪ ,‬و ‪ %4‬قتل غير متعمد ‪(Batrol & Batrol,‬‬
‫)‪.2008‬‬

‫‪- 19 -‬‬
‫رابعاً‪ :‬إطالق العيارات النارية في الشريعة اإلسالمية‪:‬‬
‫يعد إطالق العيارات النارية من الوسائل المتسببة في القتل‪ ,‬التي حرمتها‬ ‫ُّ‬
‫الشريعة اإلسالمية في القرآن الكريم والسنة النبوية‪ ,‬ونظ ار لكون القتل من الكبائر‬
‫العظام‪ ,‬فإن كل الوسائل المؤدية إليه محرمة؛ لما فيه إذهاب للنفس التي حرم اهلل‬
‫قتلها‪ ,‬والى جانب الشريعة اإلسالمية وقفت األعراف العشائرية والوثائق لمحاربة هذه‬
‫المشكلة بعدم إطالق العيارات النارية في األفراح‪ ,‬ناهيك عن الجهود المبذولة من‬
‫الجهات المختصة للتخفيف من هذه المشكلة (جابر‪.)1999 ,‬‬
‫بينت الشريعة اإلسالمية في أحاديث وآيات وقصص كثيرة أهمية المحافظة‬
‫على الروح البشرية وعدم إزهاقها في الباطل‪ ,‬وقد كان النبي قد نهى عن حمل السالح‬
‫مكشوفا خشية أن يؤذي المسلمين بعضهم عن طريق الخطأ‪ ,‬ونهى عن اإلشارة‬
‫بالسالح إلى المسلم خشية أن تزل يده بنزٍغ من الشيطان الرجيم فكيف بمن يستعمل‬
‫السالح فعال ويتسبب بأذى المسلمين (الحصري‪.)1974 ,‬‬
‫أن مشكلة إطالق العيارات النارية تعد إتالفا للمال بال فائدة‪ ,‬وهذا تبذير‬
‫واسراف نهى عنه اهلل تعالى لقوله‪ :‬إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِنيِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا‪‬‬
‫(اإلسراء‪ .)27 :‬كما قال عليه الصالة والسالم‪" :‬من أشار إلى أخيه بحديدة فإن‬
‫المالئكة تلعنه حتى يدعه وان كان أخاه ألبيه وأمه" (رواه مسلم‪ ,‬باب النهي عن اإلشارة‬
‫بالسالح‪ ,‬ص‪ ,)2020:‬وعن أبي هريرة رضي اهلل عنه أن النبي صلى اهلل عليه وسلم‬
‫قال‪" :‬ال يشير أحدكم إلى أخيه بالسالح فإنه ال يدري أحدكم لعل الشيطان ينزع في يده‬
‫فيقع في حفرة من النار" (رواه البخاري‪ ,‬باب قول النبي من حمل علينا سالح فليس‬
‫منا‪ ,‬ص‪.) 2592:‬‬
‫أن ا ِ‬
‫لعتاد الذي يستهلك في هذه المشكلة قد صنع في المقام‬ ‫باإلضافة إلى َّ‬
‫األول للدفاع عن الدين والوطن والمواطنين‪ ,‬فال يجوز استعماله بهذه الطريقة العبثية‬
‫البعيدة عما خلق هذا السالح ألجله‪ ,‬واستعمال النعمة في غير ما خلقت له هو من‬
‫كفران النعمة‪ ,‬لهذا كله فان الواجب يقتضي االبتعاد عن تقليد الناس في هذه العادة‬
‫المنافية للشرع‪ ,‬وليكن التعبير عن الفرح بما أحلّه اهلل تعالى (عثمان‪.)1996 ,‬‬

‫‪- 20 -‬‬
‫ويذكر أن دائرة اإلفتاء أصدرت فتوى تحرم فيها إطالق العيارات النارية في‬
‫األفراح وغيرها‪ ,‬ووصفتها بأنها عادة منافية للشرع الحنيف‪ ,‬وفيها تخويف وأذى للناس‪,‬‬
‫وأضافت الفتوى أن هذه الطلقات أصابت بعض الناس عن طريق الخطأ فأدت إلى‬
‫وفاتهم أو جرحهم أو حتى التسبب بعاهات دائمة (دائرة اإلفتاء العام‪2015 ,‬م)‪.‬‬
‫كما وقامت و ازرة األوقاف والشؤون والمقدسات اإلسالمية بالتعميم على األئمة‬
‫والوعاظ والخطباء‪ ,‬لتوعية المواطنين من خطر السالح‪ ,‬واستخدامه في األفراح‬
‫والمناسبات‪ ,‬والحث على تالفي الظواهر السلبية المرافقة لمناسبات األفراح‪ ,‬والتحذير‬
‫من آفة المخدرات‪ ,‬وذلك عبر الدروس وخطبة الجمعة لما فيها من اإلسهام في معالجة‬
‫هذه المشك لة في المجتمع‪ ,‬وهنا أشار مدير الوعظ واإلرشاد في و ازرة األوقاف إلى‬
‫خطورة هذه اآلفة‪ ,‬وأنها مشكلة منبوذة تحصد أرواح األبرياء في أفراحهم‪ ,‬واعتبارها‬
‫جريمة قتل متعمدة‪ ,‬حيث إن مطلق العيار الناري لديه خلفية واضحة حول األضرار‬
‫التي قد تقع‪ ,‬وهو على علم تام بالنتائج المحتملة (و ازرة األوقاف والشؤون والمقدسات‬
‫اإلسالمية‪2014 ,‬م)‬
‫إن تجاوز هذه األسباب والمتمثلة بالقواعد اإلسالمية‪ ,‬وعدم أخذها بعين‬
‫االعتبار‪ ,‬قد يؤدي إلى الوقوع في ارتكاب الجريمة غير المقصودة‪ ,‬التي يصحبها‬
‫النتائج المؤلمة‪ ,‬والخالفات‪ ,‬والعداوات‪ ,‬وهنا تنتقل الشريعة اإلسالمية إلى القاعدة التي‬
‫تليها‪ ,‬بحيث تُطلق العنان لقيام الحد الذي نص عليه القرآن والسنة النبوية في‬
‫القصاص من القاتل (بهنام‪1991 ,‬م)‪ ,‬وذلك في قوله تعالى‪ :‬ولَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ‬

‫أُولِيْ األَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ‪( ‬البقرة‪.)179 :‬‬


‫ومــن األمــور البالغ ـة فــي األهميــة‪ ,‬والتــي أحاطتهــا الباحث ـة جــزءا مــن االهتمــام‪,‬‬
‫حول المفهوم الخاطئ لدى البعض في اآلية التي أشارت إلى القصاص في قولـه تعـالى‬
‫‪‬ولَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ األَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ‪( ‬البقـرة‪ ,)179 :‬وفـي آيـة أخـرى ‪‬وَكَتَبْنَاا‬

‫عَلَايِِْمْ فِيَِاا أَنَّ الانَّفْ َ بِاالنَّفْ ِ وَالْعَايْنَ بِاالْعَيْنِ وَاألَنا َ بِااألَن ِ وَاألُذُنَ بِااألُذُنِ وَالسِّانَّ بِالسِّانِّ وَالْجُارُو َ‬

‫قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَُِوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَاا أناََ َ اللّاهُ فَأُوْلَااِِ َ هُامُ الظَّاالِمُونَ‪( ‬المائـدة‪:‬‬

‫‪- 21 -‬‬
‫شماعة لتعليق تبريراتهم وحججهم عليهـا‪ ,‬لكونهـا تشـكل لهـم‬
‫‪ ,)45‬حيث اعتبرها البعض َّ‬
‫البرهان القاطع في رخصة قتل الجاني‪ ,‬والذي قام بارتكاب الجريمة بدون نية سابقة ‪.‬‬
‫وهنا تستنكر الباحثة اتخاذهم لجزء من اآلية بما يتماشى مع عاداتهم وغاياتهم‪,‬‬
‫واهمالهم الجزء األخر من اآلية والذي يدعو لتعاليم اإلسالم السمحة من خالل العفو‪,‬‬
‫وذلك رغبة منهم في إذكاء نار االنتقام‪ ,‬واألخذ بالثأر من أجل تحقيق الهدف السامي‬
‫الذي ترفعه عادة القبيلة كراية لها‪ ,‬وهو الحق في إزالة العار والذل الذي قد يلحق‬
‫بالقبيلة لمئات السنين‪ ,‬ولألسف فإن الثأر ال يتقادم مهما طال العهد على القتل الذي‬
‫كان سببا في نشوئه (المشهداني‪2002 ,‬م)‪.‬‬
‫وهذه النتيجة التي تبعت إطالق العيارات النارية ُّ‬
‫تعد من أخطر النتائج التي‬
‫يصل إليها المجتمع‪ ,‬والسبب في ذلك اختالف اآلراء واألهواء‪ ,‬فقد يرى البعض بأخذ‬
‫دية القتيل‪ ,‬بينما يرى آخرون بالتماشي مع الشريعة إما بالعفو‪ ,‬أو تطبيق حد‬
‫القصاص‪ ,‬بينما هناك من يرى ما رآه أسالفهم‪ ,‬من خالل القتل الجائر الذي ال ذمة‬
‫فيه‪ ,‬فخورين بآالتهم التي تتلقى األوامر‪ ,‬بعيدا عن العقل والمنطق (منصور‪.)1991 ,‬‬
‫كما أن التنشئة الخاطئة التي حملت في طياتها خطر التحريض من قبل ذويهم‪,‬‬
‫والحرص على حقوقهم‪ ,‬واسترجاعها بالمثل وربما قد تخرج عن إطار المثل لتصل إلى‬
‫التمادي االجتماعي‪ ,‬وذلك بقتل من له مكانة اجتماعية تعلو درجة المقتول‪ ,‬كنوع من‬
‫المبالغة في التباهي برد العار عن القبيلة‪ ,‬وتشديد الجزاء (زناتي‪.)1992 ,‬‬
‫وقد اهتم الطب الشرعي بقضايا القتل التي تسببت بها العيارات النارية؛ لما له‬
‫من أهمية في الكشف عن األسباب الخفية وراء القتل‪ ,‬فمن خالل خبرة الطب الشرعي‪,‬‬
‫واألجهزة المختصة في تحقيق العدالة‪ ,‬يتم الوصول إلى القصد من إطالق العيارات‬
‫النارية‪ ,‬والتي قد تكون متعمدة‪ ,‬ومخطط لها في السابق‪ ,‬باإلضافة إلى التعرف على‬
‫نوع السالح ووقت وقوع الجريمة‪ ,‬ولهذا فإن الطب الشرعي يلعب دو ار مهم في قضايا‬
‫األسلحة النارية‪ ,‬فالطبيب الشرعي هو من بين األشخاص األوائل الذين يصلون إلى‬
‫مسرح الجريمة فور حصولها‪ ,‬وكذلك الضابط المحقق‪ ,‬والخبراء الفنيين اآلخرين‪,‬‬
‫وجميعهم يتطلب حضورهم في جميع حاالت القتل بأنواعه (شحرور‪.)2004 ,‬‬

‫‪- 22 -‬‬
‫خامساً‪ -‬إطالق العيارات النارية في القانون‪:‬‬
‫لقد وضع القانون األردني حدا لهذه المشكلة من خالل القواعد والضوابط‪,‬‬
‫وتحديد العقوبات الخاصة بحاملي السالح وابرام األحكام‪ ,‬التي وضعها القانون األردني‬
‫عام ‪1952‬م في المادة (‪ )8‬و(‪ )9‬و(‪ )10‬لقانون األسلحة النارية والذخائر والتي‬
‫احتوت نصوصها على (الزعبي‪1984 ,‬م)‪:‬‬
‫المادة (‪ :)8‬ال يجوز ألي شخص أن يستورد األسلحة أو الذخيرة‪ ,‬أو يصدرها أو‬
‫يتاجر بها داخل المملكة‪ ,‬إال إذا كان مرخصا بذلك من وزير الداخلية أو من ينيبه‪.‬‬
‫المادة (‪ :)9‬ال يسمح بتصدير السالح إلى خارج المملكة‪.‬‬
‫المادة (‪ :)10‬لمجلس الوزراء أن يصدر بموافقة جاللة الملك أنظمة لتنظيم ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬كيفية إحراز األسلحة والذخائر وحملها واالتجار بها ‪.‬‬
‫‪ -‬صنع األسلحة والذخائر وكيفية االحتفاظ بها ‪.‬‬
‫‪ -‬مقدار الرسوم التي تستوفي عن الرخص‪.‬‬
‫‪ -‬لتنفيذ أي غاية من غايات هذا القانون‪.‬‬
‫المادة (‪:)11‬‬
‫‪ -‬كل من صنع أو استورد أو حاز أو نقل أو باع أو اشترى أو توسط في شراء‪,‬‬
‫أو بيع أي مدفع أو سالح أوتوماتيكي بدون ترخيص بقصد استعمالها على وجه‬
‫غير مشروع ‪ ,‬يعاقب باإلعدام ويصادر السالح ‪.‬‬
‫‪ -‬كل من صنع أو استورد أو صدر أو حاول تصدير األسلحة النارية‪ ,‬أو الذخائر‬
‫بدون ترخيص يعاقب باألشغال الشاقة لمدة ال تقل عن خمس عشرة سنة‪,‬‬
‫ويصادر السالح‪.‬‬
‫‪ -‬كل من خالف أي حكم آخر من أحكام هذا القانون‪ ,‬أو أي نظام يصدر‬
‫بموجبه‪ ,‬يعاقب بالحبس لمدة ال تتجاوز ثالث سنوات ويصادر السالح‪.‬‬
‫ومن خالل هذه القوانين تم إيصال رسالة واضحة لحاملي السالح‪ ,‬في‬
‫مضمونها نوع من الترهيب والتهديد لكل من يخالف قواعد النظام‪ ,‬ووضع العوائق التي‬
‫تساعد على التقليل من انتشار األسلحة الغير مرخصة من أجل الحفاظ على األمن‬

‫‪- 23 -‬‬
‫واالستقرار‪ ,‬وكذلك تماشيا مع تعاليم الدين اإلسالمي الحنيف‪ ,‬الذي نهى عن هذه‬
‫المشكلة كونها قد تكون وسيلة تؤدي إلى القتل (الدراوشة‪.)2011 ,‬‬
‫وفي المقابل نصت قوانين األسلحة والذخائر التي تعود لسنة ‪1952‬م‪ ,‬على‬
‫السماح لألهالي في المملكة األردنية باالحتفاظ‪ ,‬بالبنادق والمسدسات الالزمة بشرط‬
‫اقتناء الرخصة‪ ,‬واستخدام السالح في الحاالت الضرورة والدفاع عن النفس‪ ,‬ولكن‬
‫بالرغم من وجود الرخصة فهذا ال يعني حمل السالح في التجمعات واألفراح‬
‫والمؤتمرات‪ ,‬بل نص القانون على حظر األسلحة في االجتماعات التي يزيد فيها‬
‫التجمع عن عشرة أشخاص‪ ,‬وذلك بوجود ترخيص السالح أم ال (الزعبي‪.)1984 ,‬‬
‫وعلى صعيد آخر قامت الواليات المتحدة األمريكية بفتح باب ترخيص السالح‬
‫على مصراعيه‪ ,‬فملكية السالح من حق أي مواطن ‪ ,‬وان كان تحت (‪ ,)18‬فهذا ال‬
‫يمنع من حيازته للسالح‪ ,‬ولكن باستثناء من أثبت أن لديهم ممتلكات أو مواشي أو‬
‫للتدرب على األهداف‪ ,‬ويتم ذلك بموافقة األهل‪ ,‬وبهذه الطريقة تستطيع أن تسجل أكبر‬
‫عدد من مستخدمي السالح‪ ,‬مما يتسنى للدولة ضبط معدالت األسلحة القانونية وغير‬
‫القانونية‪ ,‬وذلك بهدف الوصول إلى أقرب عدد حقيقي لواقع انتشار السالح ‪ ,‬ومدى‬
‫ارتباطها بالجرائم المرتكبة )‪.(Regoil & Hewitt, 2003‬‬
‫سادساً‪ -‬النتائج المترتبة على إطالق العيارات النارية‪:‬‬
‫المطلع على األعداد المتزايدة لجرائم إطالق النار‪ ,‬وحجم األضرار البشرية‬
‫إن ُ‬
‫واالقتصادية‪ ,‬والنفسية التي نتجت عنها‪ ,‬لن يتوقع أي نتائج إيجابية إطالقا‪ ,‬بل يكفي‬
‫المرور بأعيننا فوق تلك الجملة‪ ,‬لنستخلص كم هائل من الجمل المتزاحمة لتصف‬
‫كارثة متفشية في المجتمع بال رحمة‪ ,‬متسببة بآثار سلبية متنوعة كما إن النتائج التي‬
‫خلفتها مشكلة إطالق العيارات النارية تبلورت على أثرها نتائج ثانوية كانت أشد من‬
‫ارتكاب إطالق النار نفسه‪ ,‬والتي أدت بشكل عام على زيادة معدالت القتل واإلصابة‪,‬‬
‫وبشكل خاص إلى خلق مشكالت اجتماعية ال تحمد ُعقباها (‪.)Samuel, 1985‬‬

‫‪- 24 -‬‬
‫ومن أبرز نتائج إطالق العيارات النارية التي تأثر بها المجتمع األردني‪:‬‬
‫‪ -1‬الثأر )‪(Vengeance‬‬
‫ُّ‬
‫يعد الثأر من أخطر الحلول الناجمة عن إطالق العيارات النارية المتسببة في‬
‫القتل‪ ,‬وهو بحد ذاته سلسلة تتكون من مجموعة أشخاص‪ ,‬ال تنتهي إال بإخماد‬
‫األغالل ورد دم القتيل‪ ,‬وهو مظهر من مظاهر التضامن القبلي‪ ,‬وقد عرفته جميع‬
‫القبائل العربية القديمة دون استثناء كوسيلة من وسائل العقاب الخاص‪ ,‬فإذا كان القاتل‬
‫والمقتول من نفس األسرة تُرك الخيار لها‪ ,‬أما إذا كانا من عشيرتين مختلفتين‪ ,‬فسيتم‬
‫العمل بمبدأ النظام القبلي‪ ,‬وهنا ترفع راية الثأر التي تعكس مدى قوة العشيرة أو القبيلة‪,‬‬
‫والواقع هو ليس إال هدم للعدل‪ ,‬واضعاف للقبائل بسبب خسارة أفرادها‪ ,‬والتي جاءت‬
‫أثر رصاصة طائشة‪ ,‬غير مقصودة‪ ,‬وتفسيرها الوحيد هو التعبير عن الفرح في مناسبة‬
‫ما‪ ,‬والمقابل ليس إال دماء بريئة ليس لها أي ذنب (المشهداني‪.)2002 ,‬‬
‫ويعود كل ذلك ألسباب العصبية القبلية‪ ,‬وطقوسها التي ال غنى عنها‪ ,‬وفي‬
‫ذلك َّ‬
‫قدم بن خلدون أشكاال عدة للعصبية‪ ,‬متحدثا عنها بإسهاب في كال الجزأين لمقدمة‬
‫ابن خلدون‪ ,‬وكعالم اجتماعي متعمق ودارس ألحوال المجتمعات يقول‪" :‬إن القبائل‬
‫الكثيرة القبائل والعصائب َّ‬
‫قل أن تستحكم فيها دولة‪ ,‬والسبب في ذلك اختالف اآلراء‬
‫واألهواء‪ ,‬وان وراء كل منها هوى وعصبية تمانع دونها فيكثر االنتفاض على الدولة‬
‫والخروج عليها في كل وقت‪ ,‬وان كانت ذات عصبية ممن تحت يدها تضن في نفسـها‬
‫منعة وقوة"‪ ,‬وهو يشير بذلك إلى خطـورة االنتقال من العصبية إلى التمــرد الثـأري وعـدم‬
‫االنقياد ألي سلطة خارج نط ــاق القبيـلة س ـواء كانت الدولة أو غيـرها (ابن خلدون‪,‬‬
‫‪ ,2004‬ص‪.)79:‬‬
‫مشكلة الثأر ليست مستحدثة أو عصرية‪ ,‬بل هي جذر راسخ في عقول‬
‫المجتمعات القبلية والعشائرية‪ ,‬ويعود لزمن الجاهلية‪ ,‬وقد أستمد قوته من والء القائمين‬
‫عليه ليومنا هذا‪ ,‬فوحدة الدم هي من أهم األسس التي نشأت عليها العصبية القبلية‬
‫)‪ ,(Tribal Intolerance‬وبالتالي فإن هذه العصبية ستقدم الوالء من خالل الثأر‬
‫كقانون عشائري يطبق بحق القاتل (مبيضين‪2013 ,‬م)‪.‬‬

‫‪- 25 -‬‬
‫باإلضافة إلى المفاخرة والتباهي باألنساب‪ ,‬واألحساب‪ ,‬فكل قبيلة تعتقد أنها‬
‫أعرق حسبا ونسبا ‪ ,‬وأنبل وأشرف وأسمى من سائر القبائل‪ ,‬وتحسبا لنيل كل هذه‬
‫الصفات‪ ,‬تسعى العشيرة جاهدة في تنفيذ القتل للقاتل بغض النظر فيما لو كان متعمدا‬
‫أم ال‪ ,‬على الرغم من أن معظم حاالت إطالق العيارات النارية في المناسبات‪ ,‬ليست‬
‫إال خطأ في استخدام السالح‪ ,‬أو عدم المقدرة على التحكم في السالح‪ ,‬وربما اإلهمال‪,‬‬
‫وعدم االحتراز‪ ,‬وغيرها من مبررات قد تكون شاهدة على ذلك القتل (الزيود‪.)2012 ,‬‬
‫لم يقتصر إطالق العيارات النارية على األردن‪ ,‬بل هناك دول أخرى أخذت هذه‬
‫السمة السلبية كمصر في مجتمع الصعيد‪ ,‬إلى جانب العصبية القبلية‪ ,‬والثأر‪ ,‬حيث‬
‫أنهم كانوا يعتقدون أن الرجل إذا قتل خرج من رأسه طائر يدعى الهامة يحلق فوق قبره‬
‫قائال‪ :‬أسقوني‪ ,‬أسقوني‪ ,‬حتى يثأر له‪ .‬ويرى المجتمع الصعيدي أن الثأر نظام قانوني؛‬
‫ألنه يساعد في االنسجام والتوازن‪ ,‬ويشكل رادع عادل من شأنه أن يحافظ على‬
‫المجتمع‪ ,‬وما يجعله مختلفا عن قانون الحكومة‪ ,‬هو أنه قانون مكتوب في نظام القبائل‬
‫فقط‪ ,‬وهو نظام متماسك له مالمحه األساسية‪ ,‬وقوانينه الخاصة التي تحكمه‪ ,‬وتميزه‬
‫عن جرائم القتل العادية (عامر‪.)1982 ,‬‬
‫ومن أهم عناصر نظام الثأر التي تشكل القوانين‪ ،‬والمبادئ األساسية التي‬
‫يسير وفقاً لها‪:‬‬
‫‪ -1‬كل من يقتل فال بد أن يؤخذ بثأره‪ ,‬أو ديته عن طريق قتل شخص واحد فقط‪,‬‬
‫من الوحدة الثأرية المعتدية‪.‬‬
‫‪ -2‬إن االعتداء على الفرد تعتبر اعتداء على الجماعة القرابية التي ينتمي لها‪,‬‬
‫كما أن جماعة الجاني تكون مسؤولة ككل عن جريمته‪.‬‬
‫‪ -3‬ال يؤخذ الثأر إال من الرجل الذكر البالغ‪ ,‬القادر على حمل السالح‪ ,‬والدفاع‬
‫عن نفسه‪ ,‬كما أن مسؤولية األخذ بالثأر تقع على عاتق الرجال دون النساء‬
‫(عامر‪.)1982 ,‬‬

‫‪- 26 -‬‬
‫‪ -2‬العنف العشائري (‪: (Tribal violence‬‬
‫يشك ل العنف في األردن جدران عازله لعقول بعض الناس‪ ,‬ويجعلها بعيدة عن‬
‫المنطق‪ ,‬مشكلة بذلك أفكار ومعتقدات تُبنى على رغبات شخصيه كونه الوسيلة األخيرة‬
‫في يد اإلنسان لإلفالت من مأزق‪ ,‬والعنف لم يقتصر على قضية معينة دون غيرها بل‬
‫اقترن بمسميات كثيرة كالعنف األسري‪ ,‬والمجتمعي‪ ,‬والجامعي والعشائري وغيره‪ ,‬ومن‬
‫أكثر األساليب المستخدمة لممارسة العنف في اآلونة األخيرة وبالدرجة األولى كانت‬
‫إطالق العيارات النارية‪ ,‬حيث إنها ال تحتاج لبذل مجهود مقارنة مع غيرها من‬
‫األساليب واألدوات المستخدمة في العنف‪ ,‬وسهولة استخدام السالح تُشكل عامل مهم‬
‫في ارتكاب الجريمة؛ نظ ار لمرونة آليته في إصابة الهدف عن بعد (الشوبكي‪,‬‬
‫‪.)2012‬‬
‫ُّ‬
‫ويعد العنف العشائري من أكثر المآسي التي أصبحت تمس المجتمع األردني‪,‬‬
‫حيث إنه يتصف بمسميات القبلية والعشائرية‪ ,‬والتي أعلنت ناقوس الخطر المهدد‬
‫بأبنائها‪ ,‬حين أصبحت األفراح إحدى األبواب المؤدية للعنف بين أبناء العشائر وحتى‬
‫بين أبناء العشيرة الواحدة‪ ,‬ومع األسف فإن العنف العشائري أصبح ثقافة يتعلمها‬
‫األجيال‪ ,‬واللجوء إليها هو الحل للخالفات‪ ,‬وقد فسرت نظرية ثقافة العنف التي‬
‫توصلت إليها الدراسات الحديثة‪ ,‬على أن شيوع العنف يبدأ بتقبل المجتمع لها‪ ,‬ومن ثم‬
‫تصبح الملجأ لحل الخالفات (الزيود‪.)2012 ,‬‬
‫تمثل الطبقات الفقيرة البيئة المناسبة لنشوء العنف والقتل‪ ,‬حيث ُّ‬
‫يعد الشارع إحدى‬
‫أجزاءه التي ترعرع فيها‪ ,‬واكتسب لغته واتقانها‪ ,‬وأصبح يطبقها من خالل أشكال العنف‬
‫التي يعكسها‪ ,‬ولكن المتطلع إلى موضوع العنف العشائري يجد اختالف كلي من حيث‬
‫مقارنته بالطبقات‪ ,‬فالمجتمع العشائري يمتاز بتفاوت طبقاته‪ ,‬وعند ارتكاب القتل في‬
‫المناسبات بفعل العيارات النارية‪ ,‬فهي ليست قضية طبقة فقيرة أم غيره‪ ,‬بل قضية دم‬
‫تقع على عاتق العشيرة التي فقدت أحد أبنائها من جهة‪ ,‬ومسؤولية تتحملها عشيرة‬
‫مطلق العيار الناري الذي تسبب بالقتل من جهة أُخرى‪ ,‬والمصيبة تحدث عندما يكون‬
‫القاتل والمقتول من عشيرة واحدة؛ مما قد يتسبب في الكراهية‪ ,‬والمنازعات بين األقرباء‬

‫‪- 27 -‬‬
‫وأبناء العمومة‪ ,‬وطرح العنف العشائري كبداية لحل هذه المصيبة (مبيضين‪,‬‬
‫‪2013‬م)‪.‬‬
‫كما أن للهوية دور كبير في التجمعات العشائرية وذلك من خالل الصفات‬
‫التي تجمعهم‪ ,‬والتي تتوحد بحدوث أي ضرر قد يلحق بالعشيرة‪ ,‬فتكون يدا واحدة في‬
‫كل ما يمس العشيرة أو أحد أفرادها بالخير أو الشر؛ تعبي ار عن الصفات والخصائص‬
‫والسمات التي تربط ما بين الماضي والحاضر (مواجدة‪2010 ,‬م)‪.‬‬
‫‪ -3‬الجلوة )‪:(Retribution‬‬
‫تعود الجلوة لألعراف العشائرية‪ ,‬وهي من أقدم المصادر الرسمية للقاعدة‬
‫ويتكون من خالل اتفاق بين الناس على خطة اجتماعية‪ ,‬في مختلف ألوان‬
‫َّ‬ ‫القانونية‪,‬‬
‫النشاط االجتماعي‪ ,‬والقاعدة العرفية يتم استخالصها من واقع الحياة وال تصدر عن‬
‫السلطة الحاكمة‪ ,‬كما أنها تحتوي على عدد من القوانين المتعارف عليها لدى العشائر‬
‫(اللصاصمة‪2014 ,‬م)‪.‬‬
‫َّ‬
‫إن الجلوة كانت الخيار األنسب لحماية أهل القاتل‪ ,‬والتي من شأنها أن تحمي‬
‫أُناس قد يكونوا الهدف بالنسبة ألهل المقتول‪ ,‬على الرغم من أنها ستتسبب في نوع من‬
‫االنكسار المعنوي والنفسي للناس المجلين‪ ,‬وعدم الشعور باألمان‪ ,‬فخروجهم من ديارهم‬
‫التي ترعرعوا فيها‪ ,‬والتي تمثل أُصولهم ليست بالشيء الهين لدى أُناس ينتمون لبلدتهم‪,‬‬
‫خصوصا إذا كانت تشمل أركان العشيرة‪ ,‬وأقاربهم ‪ ,‬ومعارفهم (مواجدة‪2010 ,‬م)‪.‬‬
‫كما أن االنتقال إلى بلدة جديدة‪ ,‬قد يعني بداية لمشاكل جديدة‪ ,‬وأحداث جديدة‪,‬‬
‫وقد تكون جرائم جديدة‪ ,‬في انتظارهم نظ ار الختالف وجهات النظر بين العشيرة المجلية‬
‫من جهة التي تحمل في طياتها الحقد والشعور بالعار‪ ,‬وعدم االستقرار‪ ,‬والعشيرة‬
‫المستقبلة من جهة أخرى التي تشعر بالقلق اتجاههم‪ ,‬والفضول حول طبيعة األشخاص‬
‫(الشوبكي‪2012 ,‬م)‪.‬‬
‫إن الج لوة هي إحدى العادات والتقاليد التي تطبق في حق القاتل‪ ,‬أو المتسبب‬
‫في الجريمة‪ ,‬والهدف منها هو إبعاد الجاني وذويه عن المجني عليه‪ ,‬والعشيرة كاملة‬
‫(مبيضين‪.)2013 ,‬‬

‫‪- 28 -‬‬
‫وبالرغم من أن إطالق العيارات النارية هو نوع من العادات والتقاليد‪ ,‬بل ُّ‬
‫ويعد‬
‫السالح الرفيق في كل ا لمناسبات‪ ,‬إال أنه قد تسبب في كثير من حاالت الجالء التي‬
‫كانت عامال من عوامل ارتفاع معدالت الجريمة بشكل عام‪ ,‬وارتفاعها لدى مستقبلي‬
‫الجلوة بشكل خاص‪ ,‬حيث أدى استقبال العشيرة المجلية إلى التأثر والتضرر في كثير‬
‫من الحاالت‪ ,‬كونها استقبلت األشخاص الذين يمثلون الهدف المطلوب لعشيرة أخرى‪,‬‬
‫مما يشكل دائرة من العشائر قد تمتد للمدى البعيد‪ ,‬هذا باإلضافة إلى المشاكل‬
‫االجتماعية والمعيشية التي لحقت بالكثير من األسر‪ ,‬حيث اضطرت إلى ترك بيوتها‬
‫ومناطقها‪ ,‬وأحيانا ترك وظائفهم‪ ,‬والسبب طلقة في إحدى المناسبات قتلت شخصا‪,‬‬
‫وكأنما أطلق العنان لبداية حرب عشائرية ال تحمد عقباها (المواجدة‪.)2010 ,‬‬
‫وقد َّ‬
‫عبرت نظرية الحرمان النسبي عن العدوان‪ ,‬والعنف الذي قد ينتج بسبب‬
‫الضغط والنقص والحرمان الذي قد تتعرض له األسر التي تم جلوها من القرية أو‬
‫المحافظة‪ ,‬باإلضافة إلى الشعور بالعجز في التمتع بالمنافع والوسائل التي تخص‬
‫العشيرة المستقبلة‪ ,‬فهذا االستبعاد االجتماعي قد يزرع الخذالن واإلحباط لدى العشيرة‬
‫المجلية والشعور بالتحسس المفرط‪ ,‬والقهر‪ ,‬والمبالغة في تفسير المواقف واألحداث‬
‫(الحوراني‪. )2012 ,‬‬
‫‪ -4‬الوصم )‪:(Stigma‬‬
‫َّ‬
‫إن الوصم من أكثر النتائج السلبية إلطالق العيارات النارية ضر ار على‬
‫الشخص المتسبب بإطالق النار نفسه‪ ,‬فهو فرد من أفراد المجتمع‪ ,‬وعضو فعَّال كباقي‬
‫أعضاء المجتمع‪ ,‬ولكن عند ارتكاب الخطأ ال َّ‬
‫بد لذلك المجتمع أن يغير نظرته‬
‫ويصدر الحكم تجاه مرتكب الخطأ بغض النظر عن جريمته التي ارتكبها‪ ,‬وحسب‬
‫نظرية الوصم‪ ,‬فإنها تتعامل مع الوصمات على أنها متغير تابع (أثر)‪ ,‬ومتغير مستقل‬
‫(سبب)‪ ,‬حيث ينظر إلى الوصم كمتغير تابع عندما تميل لتفسير لماذا يتم تعريف‬
‫سلوك اجتماعي ما كخطأ‪ ,‬وأن بعض األشخاص قد تم اختيارهم لوصمة العار‬
‫والتجريم‪ ,‬وتقول النظرية إن الوصم كمتغير مستقل عندما تفترض أن الوصمات‬
‫المخزية تسبب استم اررية وتصاعد السلوك اإلجرامي (إيكرز وسيلر‪.)2013 ,‬‬

‫‪- 29 -‬‬
‫وقد لوحـظ في كثيـر من الدراسات أن الوصم له دور كبير في تشجيع الفرد‬
‫على ارتكاب جرائم أخرى‪ ,‬وقد يكـون السبب في ذلك الالمباالة التي يصل إليها الفرد‪,‬‬
‫بسبب مجتمعه الذي أطلق عليه الحكم بالعار‪ ,‬مما قد يؤدي إلى اإلحباط وعدم الثقة‬
‫بالنفس‪ ,‬مما يدفعه الرتكاب جرائمه بعيدا عن التفكير في مجتمعه الذي ساعد وبشكل‬
‫فعال على تهديد مستقبله‪ ,‬ووضع وصمة العار التي قـد تالزمه طول حياته ولألسف‬
‫فإن وصمة العار ظهرت بشكل قوي لدى الطبقات الدنيا‪ ,‬فالمجتمعات العليا تبقى عليا‬
‫وال تتأثر بأي وصمه تأتي من المجتمع (القريشي‪2011 ,‬م)‪.‬‬
‫وهنا قد يتعرض المجتمع الذي أُطلق فيه العيار الناري إلى حالتين من الوصم ‪,‬‬
‫فالحالة األولى يعود على من أطلق العيار الناري وتسبب في قتل أحدهم‪ ,‬حيث إن‬
‫ارتكابه لهذه الجريمة غير المقصودة‪ ,‬ستكلفه سمعته وأخالقه بين مجتمعه الذي لن‬
‫يرحمه‪ ,‬بل وقد يقاطعه بحاجز يحول دون التعامل معه‪ ,‬وأحيانا قد تؤدي المبالغة في‬
‫الوصمة االجتماعية (‪ )Social Stigma‬إلى إثارة الحقد والعداوة‪ ,‬والرغبة في االنتقام‪,‬‬
‫واإلحساس بالظلم (األمير‪2010 ,‬م)‪.‬‬
‫ما لم تسترد حقها‪ ,‬فهي ترى في تلك الوصمة ما ال يمكن احتماله على سمعه‬
‫العشيرة‪ ,‬التي قد تراها العشائر األخرى على أنها متخاذلة‪ ,‬وفي كال الحالتين ستكون‬
‫النتائج سلبية‪ ,‬وال يمكن تجاهلها‪ ,‬بل على العكس فهي تستحق أقسى درجات االهتمام؛‬
‫ألنها قضية اجتماعية سببها المجتمع الذي سيتحمل آثارها ونتائجها‪ ,‬بعد ردة الفعل‬
‫التي صنعت من شخص أطلق العيار الناري في مناسبة ما بهدف مشاركة فرحته مع‬
‫المجتمع الذي وصمة بالشخصية المجرمة‪ ,‬بعد أن أصاب شخصا بغير قصد وتسبب‬
‫في قتله (اللصاصمة‪2014 ,‬م)‪.‬‬
‫كما َّ‬
‫أن الوصم يحرر النوايا الداخلية من خالل األعمال الخارجية‪ ,‬التي يقومون‬
‫بها‪ ,‬فمن خالل النوايا الداخلية هم يعطون تفويضا الرتكاب الجرائم التي يريدونها‪ ,‬ومن‬
‫ثم يتم لومهم على إركاب جريمة كانت باألساس نوايا داخلية‪ ,‬وتحولت ألفعال خارجية‬
‫تسببت في ترك وصمة من المجتمع‪ ,‬ويرى ماركوس )‪ ,(marcus‬أن الوصم يشترك‬
‫في ه المذنب والضحية‪ ,‬وهو على عكس ما يعتقده الناس بأن مرتكب الجريمة فقط هو‬

‫‪- 30 -‬‬
‫من يتحمل الوصم‪ ,‬فالضحية أيضا توصم بالفعل الذي ارتكب ضدها ‪(felson,‬‬
‫)‪.1998‬‬
‫باإلضافة إلى أن هناك الكثير من نتائج إلطالق العيارات النارية‪ ,‬والتي تختلف‬
‫من مكان آلخر‪ ,‬كما وتختلف باختالف الظروف‪ ,‬وال يمكن إنكار أضرارها‪ ,‬من جميع‬
‫النواحي الجسدية والنفسية واالجتماعية‪ ,‬التي تنعكس على األفراد والجماعات‪,‬‬
‫كالخالفات والخصومات‪ ,‬وخسارة األفراد صغا ار وكبا ار‪ ,‬رجاال ونساء‪ ,‬الذين بفقدانهم‬
‫أمه‪ ,‬أو أخيه؛ فإطالق الرصاصة‬ ‫تفقد الحياة لذتها‪ ,‬فهناك من يفقد ابنه أو أبيه أو ّ‬
‫القاتلة ال تعوض عن السعادة أبدا‪ ,‬بل هي خسارة بمعنى الكلمة‪ ,‬وخسارتها لم تتوقف‬
‫على فرد واحد‪ ,‬بل سلسلة من األفراد ال نعلم متى تنتهي ‪(Farrington & Welsh,‬‬
‫‪.)2006‬‬
‫خامساً‪ -‬دواعي العقوبة في جريمة إطالق العيارات النارية والنظريات المفسرة لها‪:‬‬
‫إ َّن مشكلة إطالق العيارات النارية وما ينتج عنها من أضرار تستحق أقسى‬
‫أنواع العقوبات‪ ,‬وال يجب التهاون في تطبيق شرع اهلل‪ ,‬و أحكام القانون تجاههم‪ ,‬كما‬
‫ويتم تطبيقه على األفراد والجماعات‪ ,‬بعيدا عن التمييز في تطبيقه‪ ,‬وتعد العقوبات في‬
‫الشريعة السالمية جزءا منها‪ ,‬والمكملة لها؛ ألنها تهدف إلى منع الناس من الوقوع في‬
‫الخطأ والجريمة‪ ,‬والوقوع في المحظور شرعا‪ ,‬أو ترك األمور المأمور بإتيانها للحفاظ‬
‫على المصالح العامة‪ ,‬وهي ضرورية لضمان بقاء واستم اررية المجتمع بكيفية سليمة‬
‫وصالحة (عيد‪1999 ,‬م)‪.‬‬
‫كما َّ‬
‫أن العقوبة تؤدي إلى التكاتف والتضامن االجتماعي‪ ,‬وتقوية الشعور‬
‫واالنتماء المشترك‪ ,‬وتؤدي العقوبة إلى تقوية الفضيلة واألخالق وتعزيزها في المجتمع‪,‬‬
‫وهي عامل مهم للتربية الصحيحة والسليمة التي تبين الحد بين الصواب والخطأ‪ ,‬وبين‬
‫العمل السليم المقبول‪ ,‬والعمل الهجين المرفوض (‪,)Miethe & Mccorkle, 2001‬‬
‫فإطالق العيارات النارية ليست مشكلة إيجابية‪ ,‬وال هي عامل من عوامل حفظ‬
‫المصالح العامة‪ ,‬وال حتى من شأنها أن تقوي وتعزز األخالق في المجتمع‪ ,‬بل هي‬

‫‪- 31 -‬‬
‫آفة سلبية‪ ,‬وبغيضة‪ ,‬ويجب وضع الخطوط الحمراء تحت نصوص العقوبات الخاصة‬
‫بها (طالب‪.)1998 ,‬‬
‫وقد أشار االسالم إلى مبادئ واضحة تنطلق منها في تحقيق العدل بالعقوبة‬
‫وهي ‪:‬‬
‫مب ــدأ المس ــاواة ف ــي المعاملـ ـة‪ :‬وينطل ــق ب ــأن نعام ــل كم ــا عوملن ــا ب ــه‪ ,‬ف ــإطالق العب ــارات‬
‫الناري ـة أدت إلــى التســبب فــي إلحــاق الضــرر بــاآلخرين‪ ,‬أو فقــد أشــخاص ال ذنــب لهــم‪,‬‬
‫فعلــى الجــاني أن يشــعر باألض ـرار الت ـي تســبب بهــا‪ ,‬مــن خــالل تطبيــق العقوب ـة المقــررة‬
‫عليه (البشـر‪2001 ,‬م)‪ ,‬فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ‬

‫أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِنيَ‪( ‬البقرة‪.)194 :‬‬


‫‪ -1‬األمر بالمعروف والنهي عن المنكر‪ :‬بحيث يقوم الفرد بترك المعاصي‪,‬‬
‫واألضرار‪ ,‬والسيئات‪ ,‬على اختالف أنواعها‪ ,‬وأن يقوم اإلنسان بأفعال الخير‪,‬‬
‫وكل الصالحات المتعارف عليها اجتماعيا‪ ,‬وكلنا نعلم أن أطالق العيارات‬
‫النارية عادة سيئة‪ ,‬وتؤدي إلى المعاصي‪ ,‬والكثير من المآسي التي قد تسببها‬
‫للمجتمع‪.‬‬
‫‪ -2‬أسبقية الصالح العام على الصالح الخاص‪ :‬من خالل جعل المصلحة العامة‬
‫لها األسبقية‪ ,‬وكذلك يفضل التنازل عن الحق الخاص من أجل فائدة أعم‬
‫وأشمل )‪.(Heidensoh, 1994‬‬
‫أما دواعي ووظائف عقوبة إطالق العيارات النارية‪ ,‬فهي تتمثل في األسس‬
‫الرئيسية التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬حماية المجتمع‪ :‬إطالق العيارات النارية في المناسبات الفرحة أم غيرها‪ ,‬هو‬
‫اعتداء على أمن المجتمع‪ ,‬وفي إبرام العقوبة حماية للكيان االجتماعي من هؤالء‬
‫األشخاص الذين كل ما يشغلهم هو االستمتاع‪ ,‬والتباهي‪ ,‬والتفاخر‪ ,‬بعيدا عن‬
‫التفكير بالغير‪ ,‬أو بالنتائج المحتملة‪ ,‬كما أن العقوبة لها الدور في تحقيق الردع‬
‫والزجر‪ ,‬وفي نظريه الردع التي ربطت باالختيار العقالني‪ ,‬فإنها ترى أن الفرد‬
‫سيقوم باتخاذ القرار العقالني‪ ,‬والذي يبدأ فيه بالتفكير بمبدأ المنفعة المتوقعة‪,‬‬
‫‪- 32 -‬‬
‫ويختار بعقالنية المكاسب والمصالح )‪(Intorf & Spengler, 2002‬؛ أي أن‬
‫الشخص العقالني قبل قيامه بإطالق العيارات النارية‪ ,‬سيقوم بالتفكير بينه وبين‬
‫نفسه حول النتيجة التي قد يصل إليها في حال إطالقه العيار الناري‪ ,‬فهو يعلم أن‬
‫هناك عقوبة قد تلحقه‪ ,‬باإلضافة إلى النتيجة السيئة التي قد تحدث في حال لو‬
‫أصاب شخصا ما‪ ,‬والخسائر المالية‪ ,‬والوصم الذي لن يرحمه‪ ,‬والمشاكل المترتبة‬
‫عليها‪ ,‬وهنا قد يشعر بالقلق والردع‪ ,‬مما يزجره عن إطالق النار‪ ,‬مفضال األمن‬
‫واالستقرار‪ ,‬على أن تنقلب حياته رأسا على عقب إثر لحظات لن تتعدى الدقائق‬
‫(‪.)Bartol & Bartol, 2008‬‬
‫‪ -2‬تحقيق العدالة‪ :‬في تحقيق العدالة مقصد للتوازن االجتماعي‪ ,‬فارتكاب الجرائم‬
‫يقابله عقاب يناسبه‪ ,‬بحيث يخضع مرتكبو الجريمة الواحدة للنفس العقاب‪ ,‬أو كل‬
‫واحد ومدى فاعليته وتأثيره بارتكاب الجريمة‪ ,‬وكذلك فإن غرض تحقيق العدالة ال‬
‫يمكن التقليل من شأنه‪ ,‬إذ إ َّن تحقيق العدالة يعمل على استعاده القانون والقائمين‬
‫على تنفيذه هيبة في نفوس الناس؛ فعقوبة إصابة العيار الناري لشخص ما بالخطأ‬
‫و ُّ‬
‫التسبب في األذى له ‪ ,‬ليست كعقوبة التسبب في قتله (يعيش‪.)2006 ,‬‬
‫‪ -3‬التقويم واإلصالح‪ :‬الهدف منها إصالح المجرم‪ ,‬وليس االنتقام منه؛ فإخضاعه‬
‫للعقوبة هو نوع من جعله يشعر بالندم إزاء ما فعله‪ ,‬وفيها تأديب له‪ ,‬واعادة النظر‬
‫في األمر الذي أقدم على فعله‪ ,‬فتغريم مطلق العيارات النارية‪ ,‬ومعاقبته‪ ,‬ستجعله‬
‫حريصا على ُّ‬
‫تجنب إطالقها مرة أخرى (زيدان‪1998 ,‬م)‪.‬‬
‫‪ -4‬الردع‪ :‬وهو من األهداف الرئيسية التي تسعى له العقوبة‪ ,‬حيث يمنع من الوقوع‬
‫في الجرائم‪ ,‬والردع يؤدي معنيين‪ :‬أوال الخاص والذي فيه ردع للجاني نفسه عن‬
‫معاوده العمل اإلجرامي‪ ,‬والردع العام والمقصود به ردع اآلخرين من ارتكاب‬
‫الجرائم‪ ,‬فيمكننا القول هنا أن تطبيق العقوبة على مطلق النار‪ ,‬من شأنها أن تزجره‬
‫وتمنعه من الوقوع في الخطأ مرة ثانية‪ ,‬وهذا التراجع تظهر فائدته المنعكسة على‬
‫المجتمع‪ ,‬فهم في غنى عن الوقوع في أخطاء غيرهم (طالب‪.)1998 ,‬‬

‫‪- 33 -‬‬
‫وفي نظرية الردع َّأنه كل ما كانت العقوبات القانونية مؤكدة‪ ,‬وشديدة وسريعة‪,‬‬
‫كلما تم الردع عن الجريمة (سالم‪1996 ,‬م)‪.‬‬
‫إن العقوبة )‪ (Punishment‬جاءت مرافقة الرتكاب الجريمة‪ ,‬فال َّ‬
‫بد أن يكون‬
‫ٍ‬
‫مساو الرتكاب الجريمة ‪ ,‬وقد كانت‬ ‫رد فعل‪ ,‬وها هي العقوبة جاءت كرد فعل‬ ‫لكل فعل ّ‬
‫المدارس و النظريات لها أفكار وتفسيرات متعددة حول العقوبة ومنها‪:‬‬
‫أ‪ -‬المدارس التقليدية )‪ :(Traditional school‬والتي تأسست على يد بيكاريا‪ ,‬وترى‬
‫هذه المدرسة أن الغرض من العقوبة هو تحقيق المنفعة االجتماعية‪ ,‬ومنع المجرم‬
‫من تكرار جريمته‪ ,‬ومنع غيره من أن يقلدوه‪ ,‬وذلك يؤدي إلى منع الجرائم‬
‫المستقبلية‪ ,‬سواء كانت من المجرم نفسه‪ ,‬أم من الناس عامة‪ ,‬وهو ما يعبر عن‬
‫الردع العام والردع الخاص‪ ,‬فالردع العام يمنع وقوع الجرائم من المجتمع‪ ,‬أما الردع‬
‫الخاص فينطبق على الجاني نفسه كي ال يكرر جريمته‪ ،‬وأوجدت شرعيه العقوبات‪,‬‬
‫وعملت على تخفيف العقوبات والتعذيب قبل وأثناء تنفيذ العقوبات‪ ,‬وسعت إلى‬
‫تحقيق المساواة أما القانون‪ ,‬كما طالب (بيكاريا) بإلغاء عقوبة اإلعدام‪ ,‬وحرية‬
‫االختيار (نجم‪. )2006 ,‬‬
‫وعلى خطى (بيكاريا)‪ ,‬افتتح (بنثام) المدارس التقليدية الجديدة‪ ,‬وقد أوجدت هذه‬
‫المدارس قواعد للتخفيف العقابي‪ ,‬والظروف المخففة‪ ,‬وساهمت في التفريد العقابي‪،‬‬
‫حيث اهتمت بشخصيه المجرم‪ ,‬فتطبيق القانون على مطلقي العيارات النارية‪ ,‬نتائجه‬
‫تؤدي المقصود من المدارس التقليدية‪ ,‬والتي تردع الجاني نفسه‪ ,‬والمجتمع الذي يعيش‬
‫فيه كمعارفه‪ ,‬وأقاربه‪ ,‬وأصدقائه‪ ,‬وهكذا فإن العقوبة تعكس العدل‪ ,‬والتي تتناسـب‬
‫وظـروف الجاني (‪.)Regoli & Hewitt, 2003‬‬
‫ب‪ -‬نظرية الردع )‪ُّ :(Deterrence Theory‬‬
‫يعد الردع من األمثلة اإلرشادية‪,‬‬
‫لنظريه علم اإلجرام ذات السياسات التطبيقية المباشرة؛ فالسياسات التنفيذية التي‬
‫تجرم بعض األفعال‪ ,‬وتحدد العقاب على ارتكاب هذه األفعال‪ ,‬تتركز على مبادئ‬
‫نظريه الردع‪ ,‬وهي السرعة‪ ,‬والتحديد‪ ,‬والعقوبات الشديدة على األفعال الجرمية؛‬
‫مما تساعد في خفض معدالت الجريمة في المجتمع بواسطة الردع العام‪ ,‬والردع‬

‫‪- 34 -‬‬
‫الخاص‪ ,‬كما تميل إلى االعتقاد بأن شده التهديد في العقوبة‪ ,‬لها تأثير ردعي قوي‬
‫(ايكرز وسيلير‪.)2013 ,‬‬
‫ج‪ -‬نظرية الدفاع االجتماعي )‪َّ :(Social Defense Theory‬‬
‫تبنت هذه النظرية‬
‫معظم التشريعات الجزائية‪ ,‬وعدد من علماء االجتماع‪ ،‬وقد قام رائد هذه الحركة‬
‫الفقهية اإليطالي جراماتيكا‪ ،‬بإصدار (مجله الدفاع)‪ ,‬والتي كانت مولد حركة‬
‫الدفاع االجتماعي‪ ,‬وهو يفسر أن االنحراف أو الفعل المضاد للمجتمع وليد‬
‫االضطرابات‪ ,‬وعدم االستقرار في المجتمع‪ ,‬وأن هذا الفعل أو السلوك يقع على‬
‫عاتق الدولة؛ ألنها لم تعمل على تحقيق التآلف والتوازن بين حاجات الفرد مع‬
‫المجتمع وتأهيله للحياة االجتماعية‪ ,‬فبما أن الدولة هي المسؤولة عن السلوك‬
‫المنحرف‪ ,‬وأن هذا السلوك كان ضحية ظروف اجتماعية غلبت عليه‪ ,‬فإنه ال‬
‫يحق للدولة معاقبته بل عليها أعادة تأهيله‪ ,‬من خالل تدابير إنسانية وفعالة‬
‫بحيث يتم عالج فردي يتناسب مع ظروفه (سالم‪1996 ,‬م)‪.‬‬
‫سابعاً‪ -‬النظريات المفسرة لموضوع الدراسة‪:‬‬
‫ومن النظريات التي فسرت إطالق العيارات النارية‪:‬‬
‫‪ -1‬نظرية الرابطة االجتماعية )‪:(Social Association Theory‬‬
‫افترض سايكس ومات از أن الفرد يصبح ح ار لسلوكيات الجنوح من خالل استخدام‬
‫أساليب التحييد )‪ ,(Techniques of Neutralization‬وتمكن هذه األساليب األفراد‬
‫من تحييد وبشكل مؤقت إيقاف انغماسهم في القيم االجتماعية ‪ ,‬وبالتالي توفير الحرية‬
‫الرتكاب األفعال الجانحة ‪ ,‬كما أنهم تحدثوا عن خمس أشكال للتحييد والتي أسمياها‬
‫نكران المسؤولية )‪ ,(Denial of Responsibility‬ونكران الضرر ‪(Denial of‬‬
‫المستنكرين‬ ‫وادانة‬ ‫‪,(Denial‬‬ ‫‪of‬‬ ‫)‪Victim‬‬ ‫الضحية‬ ‫ونكران‬ ‫)‪,Iinjury‬‬
‫‪ ,(Condemnation of the Condemners‬ومناشدة أعلى الوالءات ‪(Appeal to‬‬
‫فس ار أن مثل‬
‫)‪ ,Higher Loyalties‬وهذه التحيدات متوافرة عند كافة المجتمع‪ ,‬وقد َّ‬
‫هذه التحيدات تظهر في االحتفاالت والعطل‪ ,‬حيث ينظر لخرق القليل من القانون على‬
‫أنة ممتع ومتوقع‪ ,‬مثل إطالق العيارات النارية في المناسبات االجتماعية‪ ,‬والحفالت‬

‫‪- 35 -‬‬
‫الرسمية التي قد يغفل عنها أصحاب القيم االجتماعية‪ ,‬وتحييده كسلوك مقبول في‬
‫المناسبات (وليم وميكشن‪2013 ,‬م)‪.‬‬
‫‪ -2‬نظرية الثقافات الفرعية )‪:(Sub Cultures Theory‬‬
‫إن أبناء الثقافات الفرعية لديهم قيم مختلفة عن بقية أبناء المجتمع‪ ,‬ولكنها‬
‫ليست مختلفة تماما‪ ,‬وليست في صراع دائم‪ ,‬ولديهم المقدرة على استخدام العنف‬
‫ولديهم اتجاهات تفضل استخدامه عند كافة المستويات العمرية‪ ,‬وخاصة عند‬
‫المراهقين‪ ,‬ويلعب التعلم دو ار مؤث ار في تعزيز السلوك المنحرف‪ ,‬وتزداد قوة التأثر‬
‫عندما يحظى صاحبه بالمكانة االجتماعية المحترمة بين أقرانه‪ ,‬وبما أن السلوك المتسم‬
‫بالعنف هنا طريقة مقبولة‪ ,‬ومتوقعة فلن يمر مرتكبه بحالة الشعور بالذنب أو تأنيب‬
‫الضمير )‪.(Frances, 1994‬‬
‫‪ -3‬نظرية الضغط )‪:(Strain Theory‬‬
‫تفترض هذه النظرية أن الضغوط الحياتية تعمل كمثيرات خارجية‪ ,‬تؤثر في‬
‫بعض العمليات النفسية التي قد تدفع الشخص إلى السلوك العدواني‪ ,‬حيث يتعرض‬
‫الفرد لهذه الضغوط من خالل عالقة البيئة التي يعيش فيها‪ ,‬بالسلوك االجتماعي‬
‫عامة‪ ,‬والسلوك العدوان على وجه الخصوص )‪.(Siegel, 2003‬‬
‫‪ -4‬نظرية األنساق االجتماعية )‪:(Social Patterns Theory‬‬
‫النسق هو الجزء تنطلق منه الحياة االجتماعية‪ ,‬حيث تتكون الحياة االجتماعية من‬
‫كل مترابط األجزاء‪ ,‬وينقسم النسق إلى عده فروع‪ ,‬أو الناتجة من احتكاكات النسق‬
‫بمصادر خارجية تكون سببا في حدوث أشكال العنف المختلفة‪ ,‬ولكن هذه األشكال‬
‫للعنف تتضاعف من التوترات‪ ,‬والضغوط البنائية داخل النسق األمر الذي قد يؤدي‬
‫بالنسق لحدوث اضطراب قد يسبب في نشوء العنف‪ ,‬ويزول ذلك االضطراب بزوال‬
‫المؤثر (الشوبكي‪2012 ,‬م)‪.‬‬
‫كما َّ‬
‫أن هناك نظريات في الضبط االجتماعي تهتم بالنسق االجتماعي‪ ,‬حيث‬
‫توصل هومانز إلى أن عالقات االعتماد المتبادل هي التي توجد الضبط في المجتمع؛‬
‫أي االعتماد المتبادل بين أفراد المجتمع ومشكلة التبادل االجتماعي‪ ,‬حيث يرى أن‬

‫‪- 36 -‬‬
‫خروج أي شخص عن معايير جماعته يؤدي إلى وجود مشاعر معينه ضده تتحول تلك‬
‫المشاعر إلى نشاط معين يتمثل في عقاب المجرم‪ ,‬ومن أهم النتائج التي توصل إليها‬
‫هومانز عده أمور (الزيود‪2011 ,‬م)‪ ,‬هي‪:‬‬
‫‪ -‬تعكس العالقة بين االنحراف عن معيار معين وبين النتائج المختلفة التي تترتب‬
‫على االنحراف ذلك االعتماد المتبادل بين طرفي تلك العالقة‪.‬‬
‫‪ -‬يعتبر الضبط فعاال بالقدر الذي يواجه به االنحراف عن هذه قاعدة معينة بعدة‬
‫ضوابط منفصلة ال بضابط اجتماعي واحد‪.‬‬
‫‪ -‬أي انحراف يهدد نسق العالقات يمكن أن ينتج عدة انحرافات مستقبلية‪.‬‬
‫‪ -‬الضبط هو العملية التي عن طريقها يمنع الشخص منم ارتكاب السلوك‬
‫االنحرافي‪.‬‬
‫‪ -‬ليس من الضروري أن ينتج العقاب ضبطا‪ ,‬وانما يؤدي العقاب إلى الضبط في‬
‫حالة توازن النسق‪.‬‬
‫‪ -‬يتدعم توازن الجماعة بواسطة انحرافات بسيطة عن معايير الجماعة‪.‬‬
‫‪ -‬يصبح سلوك اإلنسان منضبطا ألن نتائج انحرافه عن معيار سوف تكون غير‬
‫مرضية بالنسبة له ولآلخرين‪ ,‬وكذلك ألن حالة االعتماد المتبادل بين عناصر‬
‫السلوك تؤدي إلى أن االنحراف البسيطة نسبيا يؤدي إلى نتائج خطيرة نسبيا‪.‬‬
‫‪ -‬إن الضبط االجتماعي ال يعتبر جزءا منفصال عن النسق بل ألنه إما أن يكون‬
‫منبثقا عن النسق لو يكون مفروضا عليه‪ ,‬وهو متضمن في تلك العالقات‬
‫المتداخلة والتفاعالت التي توجد بين مكونات النسق‪.‬‬
‫‪ -5‬نظرية ضبط الذات المنخفض )‪:(Low Self Control Theory‬‬
‫ضوهي تحتوي على عده نقاط رئيسية‪:‬‬
‫‪ -‬يتصرف البشر بطبيعتهم من منطلق المصلحة الذاتية‪.‬‬
‫‪ -‬التنشئة االجتماعية والتدريب ضروريان لتقييد المصالح الذاتية للبشر وخلق‬
‫ضبط الذات‪.‬‬

‫‪- 37 -‬‬
‫‪ -‬تؤدي الممارسات التربوية الخاطئة‪ ,‬أو غير المناسبة إلى مستويات متدنية من‬
‫ضبط الذات‪.‬‬
‫‪ -‬ينتج عن المستويات المتدنية من ضبط الذات تك اررات مرتفعة لسلوكيات قصيرة‬
‫المدى تبحث عن المتعة واإلثارة ‪.‬‬
‫‪ -‬الجريمة هي ضمن سلوكيات متنوعة تبحث عن المصلحة الذاتية‪.‬‬
‫‪ -‬تؤدي زيادة ضبط الذات إلى مستويات منخفضة من الجريمة‪ ,‬وكذلك‬
‫السلوكيات المساعدة على ارتكاب الجريمة (وليم وميكشن‪.)2013 ,‬‬
‫‪ -6‬نظرية العود )‪:( Related Theory‬‬
‫تعني التكرار في الجريمة مرة بعد أخرى‪ ,‬وال تجدي في ردعه وتقويمه طرق‬
‫العقاب المألوفة‪ ,‬واإلجرام المتكرر هو نتيجة الكتساب عادة تثبتت وتعمقت في نفس‬
‫المجرم‪ ,‬ويرى البعض أن العوامل االجتماعية تمثل المؤشر الحاسم في العود للجريمة‪,‬‬
‫ويرى آخرون أن السبب في العود للجريمة هو العوامل الفردية‪ ,‬إال أنهم اتفقوا على أنه‬
‫كلما زادت هذه العوامل‪ ,‬كلما قوي االحتمال في العودة إلى الجريمة في المستقبل‬
‫(السعد‪.)1999 ,‬‬
‫وقد َّ‬
‫وضح اإلسالم المبررات التي وضعت في قضايا جرائم القتل‪ ,‬حيث وضع‬
‫القصاص كعقوبة مناسبة لجرائم القتل‪ ,‬والتي أشار إليها اإلسالم كواحدة من الكبائر‬
‫العظيمة‪ ,‬والتي تستحق أقسى العقوبات والتي من شأنها أن تحقق العدل‪ ,‬فالقصاص‬
‫هو الحل الرادع لجرائم القتل في الشريعة اإلسالمية‪ ,‬والمناسب لخطوة القتل‪ ,‬والتهاون‬
‫في أرواح الناس‪.‬‬
‫ثامناً‪ -‬مبـررات عقوبـة القصـاص فــــي الشريعة اإلسالمية )‪:)Justified Retribution‬‬
‫ويحرم إزهاقها إال بالحق‪ ,‬لهذا اشتد النهي عن قتلها‬
‫َّ‬ ‫‪ -1‬نفس اإلنسان محترمة‪,‬‬
‫بغير حق‪ ,‬وقد اعتبر الشرع اإلسالمي أن القتل درجته عظيمه‪ ,‬حتى أنها تأتي‬
‫بعد الشرك باهلل‪ ,‬لدرجة أنه وقع خالف على قبول توبة القاتل المتعمد‪ ,‬ففي‬
‫قوله تعالى‪ :‬وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَََآؤُهُ جََِنَّمُ خَالِدًا فِيَِا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ ولَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ‬

‫‪- 38 -‬‬
‫عَذَابًا عَظِيمًا‪(‬النساء‪ )39 :‬تشديد الوعيد الذي أ َّ‬
‫عده اهلل تعالى للقاتل (يعيش‪,‬‬
‫‪2006‬م)‪.‬‬
‫‪ -2‬قتل النفس كقتل الناس جميعا‪ :‬شدة خطورة وشناعة ارتكاب القتل‪ ,‬جعلتها‬
‫مقرونة بقتل الناس جمعيا (جابر‪1999 ,‬م)‪ ,‬مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْ ٍ أَوْ فَسَادٍ فِي‬

‫األَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا‪(‬المائدة‪.)32 :‬‬
‫المقدم على ارتكاب الجريمة‪,‬‬
‫‪ -3‬الصالح في الدنيا واآلخرة‪ :‬عندما يعلم القاتل‪ ,‬أو ُ‬
‫مما يساعد في نجاه‬‫بعظمه الجريمة يسبب له ارتداع عن ارتكاب الجريمة‪َّ ,‬‬
‫نفسين‪ ,‬الشخص الذي كان سيقتله‪ ,‬والجاني نفسه بحيث ينجو من القصاص‬
‫المحتوم عليه (دراوشة‪2011 ,‬م) ‪.‬‬
‫‪ -4‬منع تسلسل الجرائم‪ :‬حيث يشفي القصاص غيظ قلوب أولياء القتيل‪ ,‬فال‬
‫يتطلعون إلى قتل غير القاتل من أقاربه إذا عجزوا عن قتل القاتل‪ ,‬وهذا ما‬
‫قصدته الدراسة من قبل في موضوع الثأر‪ ،‬وكيفية تسلسل القتل‪ ,‬من الجهتين‬
‫القاتل والمقتول‪ ,‬فكلما أدرجت ضحية من أهل القتيل في هذه السلسلة‪ ,‬كان‬
‫المقابل ضحية جديدة من أهل القاتل‪ ,‬والسبب أشخاص أبرياء ال عالقة لهم‬
‫بالقاتل (زيدان‪.)1998 ,‬‬
‫تاسعاً‪ -‬أنواع القتل‪ ،‬واحتمالية توافقها مع مرتكب إطالق العيارات النارية‪:‬‬
‫اتفق العلماء في أنواع القتل والتي تلخصت بخمس أنواع‪ :‬القتل العمد‪ ,‬والقتل‬
‫الخطأ‪ ,‬والقتل شبه العمد‪ ,‬والقتل الذي هو في معنى القتل الخطأ‪.‬‬
‫‪ -1‬القتل العمد (‪:(Intentional Murder‬‬
‫هو القتل الذي يكون بدون وجه حق‪ ,‬وكل اعتداء على النفس بغير ما شرعه‬
‫اهلل تعالى‪ ,‬وهو إزهاق لنفس إنسانية بفعل صاحبها‪ ,‬أو بفعل إنسان آخر‪ ,‬ففي إطالق‬
‫العيار الناري غاية واضحة‪ ,‬حيث يكون قاصدا ومتعمدا في القتل‪ ,‬ألسباب قد تكون‬
‫َّ‬
‫ومبنية على خالفات سابقة (حوري‪2003 ,‬م)‪.‬‬ ‫شخصيه‬

‫‪- 39 -‬‬
‫‪ -2‬القتل شبه العمد (‪: (Semi-intentional Murder‬‬
‫هو التعمد بالضرب بما ال يقتل‪ ,‬بحيث يقوم بفعل ما باستخدام أداة غيـر قاتلة‪,‬‬
‫ولكنها تؤدي إلى قتله‪ ,‬فيمكن في حال إطالق العيارات النارية أن تصـدر أصواتا عالية‬
‫جدا‪ ,‬على نحو مفاجئ متسببة فـ ــي إخافة شخـص ما‪ ,‬قد تعرضه إلى سكتة قلبية‬
‫تـودي بحياته‪ ,‬أو انبعاث مادة خانقة من العيارات النارية أثناء إطالقها متسببة في‬
‫خنـق طفـل‪ ,‬أو شخـص ما تؤدي إلى قتله على سبيـل المثال (أبو جحجوح‪.)2009 ,‬‬
‫‪ -3‬القتل الخطأ )‪:(Manslaughter‬‬
‫هو توقع الجاني نتيجة فعله اإلرادي‪ ,‬دون قبولها‪ ,‬معتقدا بغير أساس أنها لن‬
‫تحدث‪ ,‬أو عدم توقع هذه النتيجة‪ ,‬بينما كان من واجبه وفي استطاعته توقعها‪ ,‬وهو‬
‫فعل ترتب عليه نتائج إجرامية لم يردها الفاعل‪ ,‬وكان بوسعه أن يتوقعها ويتوقاها (عبد‬
‫التواب‪.)1994 ,‬‬
‫إن القتل الخطأ يحتمل نوعين‪ ,‬فإما أن يكون القتل فعال ال يريد به إصابة‬
‫المقتول‪ ,‬فيصيبه ويقتله‪ ,‬وهذا القتل تجب فيه الدية‪ ,‬والكفارة‪ ,‬أما النوع الثاني بأن يقتل‬
‫شخصا‪ ,‬والمقصود شخص آخر‪ ,‬كأن يقتل من يظنه حربيا كاف ار‪ ,‬فإذا هو مسلم وقد‬
‫أعلن إسالمه بالسر‪ ,‬فهذا ال قصاص فيه‪ ,‬وال دية‪ ,‬وال تجب الكفارة (الزيتي‪,‬‬
‫‪2004‬م)‪.‬‬
‫ومن المالحظ أن ظاهره إطالق العيارات النارية تندرج تحت القتل الخطأ‪ ,‬أو‬
‫غير المقصود فيه‪ ,‬حيث إن ُمطلق النار في المناسبة يأخذها بنيه مشاركة الفرحة‪,‬‬
‫بعيدا عن ارتكاب األذى لمن حوله‪ ,‬ولكن هذه المشكلة قد تكون مقصودة خلف قناع‬
‫النية الحسنة‪ ,‬وفي كال الحالتين ال ُيعذر أحد لجهله بالقانون‪ ,‬وحتى لو كان القتل غير‬
‫مقصود فيه قطعيا‪ ,‬فإن إطالق العيار الناري غير مسموح فيه نهائيا‪ ,‬وان لم يصدر‬
‫فيه تشريع صريح بذلك‪ ,‬فإن إطالق العيارات النارية جريمة بحد ذاتها لكونها تتصف‬
‫بالعمومية الرتباطها بالحق العام (عبداهلل‪.)2011 ,‬‬

‫‪- 40 -‬‬
‫األسباب المؤدية للقتل الخطأ‪:‬‬
‫اإلهمال )‪ :(Negligence‬يصنف اإلهمال إلى جميع الحاالت التي يهمل‬ ‫أ‪-‬‬
‫فيها الفاعل اتخاذ االحتياطات الالزمة لحماية حقوق الغير‪ ,‬والتي لو اتخذت‬
‫مست هذه الحقوق‪ ,‬وبهذه الحالة قد يطلق الشخص العيارات النارية‪ ,‬في‬
‫لما َّ‬
‫مكان تجمع في مناسبة ما ‪ ,‬على الرغم من علمه َّ‬
‫بأن سالحه يحتوي خلال ما‪,‬‬
‫إال أن إهماله بهذا الخلل قد يؤدي إلى ارتكاب جريمة‪ ,‬كانت خارجه عن نطاق‬
‫توقعاته (الحصري‪1973 ,‬م) ‪.‬‬
‫ب‪ -‬الرعونة )‪ :)Frivolity‬هي سوء التقدير أو نقص المهارة‪ ,‬أو الجهل بما يتعين‬
‫العلم به‪ ,‬وهي كلمه تشير إلى الطيش والخفة‪ ,‬فالجهل في استخدام السالح‬
‫الناري وقله المهارة‪ ,‬هي من األسباب الرئيسية التي تحتمل وقوع كارثة إثر‬
‫الطيش واالستخفاف بالمسؤولية‪ ,‬وعاده ما يقع األحداث في مثل هذه األخطاء‬
‫(الزيتي‪2004 ,‬م) ‪.‬‬
‫ج‪ -‬قلة االحتراز )‪ :(Lack of Precaution‬وهي الحاالت التي يقع فيها الخطأ‬
‫عن طريق النشاط اإليجابي ‪ ,‬كإطالق العيار الناري بهدف المزاح‪ ,‬متسببا في‬
‫قتله بسبب التجاوز في المزاح (عبد التواب‪.)1994 ,‬‬
‫‪(Failure to Observe the Laws and‬‬ ‫عدم مراعاة القوانين واألنظمة‬ ‫د‪-‬‬
‫)‪ :Rregulations‬وهو عدم تنفيذ القوانين واألنظمة على الوجه المطلوب‪ ,‬فاطالق‬
‫العيارات النارية غير مسموح بها بموجب القانون‪ ,‬وان لم يتسبب في إيذاء أحد‪,‬‬
‫وفي حال مخالفه أحكام القانون‪ ,‬وعدم االكتراث بها‪ ,‬سيتم معاقبته وفقا لنص‬
‫العقوبة في القانون‪ ,‬وفي حال ارتكاب ضرر‪ ,‬أو جريمة سيتم معاقبته بعقوبة‬
‫ٍ‬
‫عندئذ ينشئ تعدد معنوي في ارتكاب الجرائم‪ ,‬فقيامه بمخالفه القانون‬ ‫أشد‪ ,‬فإنه‬
‫واألنظمه جريمه‪ ,‬وارتكابه الضرر أو القتل جريمة أخرى وقد يترتب عليها جرائم‬
‫أخرى‪ ,‬لم تكن في حساباته (السعيد‪.)1981 ,‬‬

‫‪- 41 -‬‬
‫‪ -4‬القتل الذي هو في معنى القتل الخطأ )‪:(Semi-Manslaughter‬‬
‫وهذا النوع من الخطأ يحتمل حالتين‪ ,‬األولى أن يتعرض الشخص لمكروه‪,‬‬
‫يؤدي به إلى وفاه شخص آخر‪ ,‬كأن يقع شخص من السطح على شخص أخر فقتله‪,‬‬
‫أما الحالة الثانية والتي تهمنا هي القتل الخطأ المراد فيه االعتداء‪ ,‬وما أقصده أن يكون‬
‫مطلق العيار الناري لديه نية سيئة دفينة‪ ,‬وقد اتخذ من المناسبة الفرحة فرصة في‬
‫الوصول إلى هدفه‪ ,‬بحيث يدعي إطالق العيارات النارية بنيه مشاركه الفرح‪ ,‬ومن ثم‬
‫التظاهر بحدوث مكروه أدى به إلى التسبب في القتل‪ ,‬وهنا يستغل القاتل حجته في أن‬
‫إطالق العيارات النارية‪ ,,‬لم تكن إال تعبي ار عن فرحه‪ ,‬ظنا منه أن يتهرب من المسائلة‬
‫القانونية والعرفية (زيدان‪.)1998 ,‬‬
‫عاش ارً‪ -‬أنواع المجرم‪ ،‬واحتمالية توافقها مع مطلق العيارات النارية ‪(Types of‬‬
‫)‪ : Criminal‬إن قضيه إطالق العيارات النارية قد تحتمل أي نوع من أنواع المجرم‪,‬‬
‫حسب الظروف التي مر بها مرتكب الجريمة‪ ,‬وهذه األنواع توصل إليها مؤسس علم‬
‫اإلنسان سيزار لومبروزو بعد تعديل نظريته عن المجرم بالفطرة‪ ,‬التي تعرضت لالنتقاد‬
‫من قبل فيري وفيرجيلوا‪ ,‬وهي‪:‬‬
‫‪ -1‬المجرم بالفطره أو الميالد‪ :‬وهو المجرم الذي يولد بصفات إجرامية موروثة‪,‬‬
‫وهذه الصفات منها ما هو عضوي‪ ,‬أو خلقي‪ ,‬ومنها ما هو خاص بالحواس‪,‬‬
‫وقد تكون صفات عامة‪ ,‬أو مشتركة‪ ،‬وهنا يمكن أن نفترض حسب نظرية‬
‫لومبروزو‪ ,‬بأن حامل السالح على الغالب يتمتع بصفات جسمية ضخمة‪ ,‬ولكن‬
‫هذا ليس بالضرورة أن يكون شرط لحدوث إطالق النار أو ارتكاب جريمة القتل‬
‫(نجم‪2006 ,‬م)‪.‬‬
‫‪ -2‬المجرم بالصدفة‪ :‬هو شخص عادي ليس لديه أي ميل نحو اإلجرام‪ ,‬بل هو‬
‫شخص عادي وشريف‪ ,‬وهذه الشخصية قد تنطبق تماما على مطلق العيار‬
‫الناري بدون قصد‪ ,‬أو نية مسبقة‪ ,‬فظروف المناسبة كالحماس‪ ،‬واالندفاع في‬
‫الفرح جعل منه مجرما بالصدفة )‪.(Siegel, 2003‬‬

‫‪- 42 -‬‬
‫‪ -3‬المجرم المجنون‪ :‬وهو المجرم الذي يرتكب الجريمة تحت تأثير المخدرات‪ ,‬أو‬
‫اإلدمان على الكحول‪ ,‬ويشمل األمراض التي تؤثر على األعصاب والعضالت‪,‬‬
‫ونحن هنا ال نستبعد أن يقوم الشخص بإطالق العيارات النارية في الهواء تحت‬
‫تأثير الكحول في مناسبة ما أحيانا‪ ,‬أو حتى انفعال عصبي يقوده إلطالق‬
‫العيارات النارية بطريقه جنونية‪ ,‬للتعبير عن فرحه‪ ,‬ومحاولة منه إليصال مدى‬
‫رغبته في مشاركه مناسبة ما (إيكرز وسيلر‪2013 ,‬م)‪.‬‬
‫‪ -4‬المجرم العاطفي‪ :‬وهو المجرم الذي يتميز بحساسية مفرطة‪ ,‬يخضع بشأنها‬
‫لالنفعاالت العابرة‪ ,‬والعواطف المختلفة‪ ,‬كالحب والغضب والحماس لموقف أو‬
‫رأي‪ ,‬وهذه الحساسية قد تدفعه إلى اإلجرام‪ ,‬وهنا قد يؤدي الحماس واالنفعال‬
‫إلى إطالق العيارات النارية بطريقة عشوائية‪ ,‬ومبعثرة‪ ,‬وقاتلة‪ ,‬حيث تضع‬
‫مطلقها في دائرة االتهام المباشر؛ كونه كالعلم وال يمكن تجاهله (نجم‪,‬‬
‫‪2006‬م)‪.‬‬
‫حادي عشر‪ :‬طرق الوقاية والحد من مشكلة العيارات النارية)‪(Prevention of Crime‬‬
‫بعد االطالع على األسباب والنتائج التي تبلورت على إثر إطالق العيارات‬
‫النارية‪ ,‬فال َّ‬
‫بد من البحث عن الطرق والوسائل الممكنة للحد من هذه المشكلة‪ ,‬أو على‬
‫األقل التخفيف منها؛ كونها مشكلة متفاقمة ومنتشرة بشكل ملحوظ‪ ,‬خصوصا في‬
‫المحافظات التي تتكون من نسيج عشائري محكوم بنظام العادات والتقاليد‪ ,‬فليس من‬
‫المعقول أن يكون الحل مبنيا على قتل القاتل‪ ,‬فالمنطق يقول في عقولنا وعند التمعن‬
‫في حادثة وفاه نتجت بفعل عيار ناري غير مقصود‪ ,‬بأنه من غير المعقول محاكمة‬
‫شخص بسلب حياته‪ ,‬وخسارة فرد آخر؛ ألنه غير قاصد‪ ,‬وال بأي نية سيئة‪ ,‬أو خالف‬
‫سابق‪ ,‬بل على العكس تماما فهي تعبير عن فرحته في هذه المناسبة على حد تفكيره‬
‫(زناتي‪.)1992 ,‬‬
‫إن الوقاية عبارة عن جهود مجتمعية تهدف إلى الحيلولة‪ ,‬دون توفر عوامل‬
‫وظروف الجريمة أصال؛ أي أن المجتمع يجب أن يأخذ االحتياطات الالزمة‪ ,‬والحذر‪,‬‬
‫واجتناب جميع الظروف والعوامل التي قد تتسبب في ارتكاب الجريمة‪ ,‬فعند إطالق‬

‫‪- 43 -‬‬
‫العيارات النارية يجب على الجماعات‪ ,‬واألفراد المبادرة في إيقاف الشخص المطلق‪,‬‬
‫وتقديم النصيحة‪ ,‬وايضاح األضرار المترتبة على إطالقه للعيار الناري‪ ,‬والحال الذي‬
‫سيصل إليه إذا تضرر أحدهم بسببه (طالب‪.)2001 ,‬‬
‫وقد ساعدت العقوبات في مكافحه الجريمة‪ ,‬والتخفيف منها من خالل تطبيق‬
‫العقوبة بعدل وانصاف‪ ,‬وبدون تميز بين أفراد المجتمع‪ ,‬والغرض منها تحجيم الجريمة‪,‬‬
‫بحيث يسود األمن واالستقرار والطمأنينة‪ ,‬وتحقيق هدفها في الردع والزجر واإلصالح‬
‫(البشر‪. )2001 ,‬‬
‫إن المكافحة للجريمة بشكل عام‪ ,‬تتطلب جهودا يتشارك فيها المجتمع‬
‫والمؤسسات الحكومية‪ ,‬ومكافحة إطالق العيارات النارية هي إحدى المسؤوليات التي‬
‫يتحملها المجتمع والدولة‪ ,‬فهناك عدد من الحلول التي توصلت إليها الدراسات‬
‫واألبحاث التي قد تكون مساهمة وبشكل فعَّال في الحد من هذه المشكلة‪:‬‬
‫‪ -1‬تهيئه األسرة كونها أساس المجتمع‪ ,‬والعمل على توعيتها بعواقب إطالق‬
‫العيارات النارية ومن ثم المدرسة التي تعزز المبادئ‪ ,‬واألخالق‪ ,‬من خالل‬
‫مناهج التربية والتعليم‪ ,‬وزرع الوعي واألخالق الحميدة‪ ,‬وبث روح الفضيلة‬
‫واإليمان بالحق والعدل (يعيش‪2006 ,‬م) ‪.‬‬
‫‪ -2‬التركيز على اإلعالم؛ كونه أكثر الوسائل المؤثرة‪ ,‬والسريعة على المواطن‪,‬‬
‫لكونها تتصف بالجاذبية‪ ,‬والتأثير‪ ,‬والتشويق‪ ,‬فال يمكن إنكار دورها الفعال في‬
‫التنويه‪ ,‬والتذكير على خطورة إطالق العيارات النارية في المناسبات الفرحة‬
‫(عيد‪. )1999 ,‬‬
‫‪ -3‬االستعانة بمؤسسات العبادة‪ ,‬حيث يعد الخطيب قدوة للناس‪ ,‬مما يجعله تحت‬
‫مسؤولية كبيره في توجيه الناس‪ ,‬من خالل التركيز على القضايا الهامة‬
‫والخطيرة‪ ,‬التي حرمتها الشرائع السماوية (مبيضين‪.)2013 ,‬‬
‫‪ -4‬مكافحة العامل المسبب أو المساعد ومعرفة الظروف التي تهيئ الرتكابها‪ ,‬من‬
‫خالل تنظيم إحراز األسلحة والمواد الضارة (بهنام‪1991 ,‬م)‪.‬‬

‫‪- 44 -‬‬
‫‪ -5‬إصالح شأن العقيدة الدينية في النفوس‪ ,‬وتنمية الوازع الديني والخلقي في‬
‫النفس‪ ,‬وبناء روح الجد وتقدير المسؤولية وارادة التغيير وضبط النفس‬
‫(األندلسي‪1993 ,‬م)‪.‬‬
‫وهناك من يرى َّ‬
‫أن حظر األسلحة ليست باألمر السهل‪ ,‬بل أصبحت قضية في‬
‫غاية التعقيد ‪ ,‬حيث تختلف التعليمات واألنظمة الخاصة فيها من دولة ألخرى‪ ,‬وحتى‬
‫من منطقة ألخرى في نفس الدولة؛ نظ ار لظروف قد تكون حربية أو اجتماعية أو‬
‫نفسية‪ ,‬حيث تعكس النوايا الداخلية على األشخاص من خالل األفعال الخارجية‪,‬‬
‫والتسبب في ارتكاب الجريمة‪ ,‬وفي مقولة‪" :‬إن السالح ال يقتل الناس‪ ,‬بل الناس هم‬
‫من يقتلون بعضهم" إشارة إلى أن نية القتل هي السبب الرئيسي في ارتكاب الجريمة‪,‬‬
‫وليس السالح‪ ,‬فلو لم يتوفر السالح الناري‪ ,‬لكان في المقابل هناك أدوات أخرى يمكن‬
‫أن تحل محل السالح مادامت نية القتل موجودة‪ ,‬ولكن تفضيل السالح يعود لسهولة‬
‫استخدامه وسرعته‪ ,‬وآليته )‪.(Regoil & Hewitt, 2003, p: 65‬‬

‫‪ 2.2‬الدراسات السابقة وذات الصلة‪:‬‬


‫أوالً‪ :‬الدراسات العربية‪:‬‬
‫دراسة (الجبور‪ )1992 ,‬بعنوان "مشكلة إطالق العيارات النارية في المملكة‬
‫األردنية الهاشمية"‪ .‬وهدفت الدراسة التعرف إلى حجم وأسباب ونتائج مشكلة إطالق‬
‫العيارات النارية ومحاولة التصدي لها والتعامل معها‪ ,‬وقد استخدمت الدراسة المنهج‬
‫الوصفي التحليلي وذلك من خالل رجوع الباحث إلى السجالت والتقارير اإلحصائية‬
‫باإلضافة إلى عمل استبيان عن أسباب هذه المشكلة ونتائجها‪ ,‬وتم أخذ ثالث عينات‬
‫عشوائية يتألف مجموعها من (‪ )148‬شخصا يمثلون الريف والبادية والمدينة‪ ,‬إلى‬
‫جانب المقابالت التي قام بها الباحث مع القضاة العشائريين‪ ,‬وشخصيات مسؤولة في‬
‫جهاز األمن العام‪ ,‬وعلى دراية والمام بهذه المشكلة‪ .‬وتوصلت الدراسة إلى مجموعة‬
‫من النتائج أهمها ‪ :‬بلغ مجموع الوفيات ‪ 219‬شخصا واصابة (‪ )1680‬شخصا آخر‪,‬‬
‫وذكرت أن فئات األعمار من ‪ 21-18‬هم األكثر ارتكابا إلطالق العيارات النارية‬

‫‪- 45 -‬‬
‫حيث وصل عدد القتلى من عام ‪1983‬م ‪ ,‬ولغاية ‪1990‬م (‪ )789‬جريمة قتل‪ ,‬كما‬
‫أنها توصلت إلى إن لمشكلة إطالق العيارات النارية دور مؤثر في النسيج االجتماعي‬
‫في األردن‪ ,‬كما أن إطالق العيارات النارية يؤدي إلى ترويع وتخويف المواطنين‪,‬‬
‫باإلضافة إلى النتائج المترتبة عليها من الجوانب االقتصادية‪ ,‬واالجتماعية‪ ,‬والنفسية‪,‬‬
‫واألمنية ‪.‬‬
‫وعرضت دراسة (جابر‪ )1999 ,‬بعنوان "إطالق العيارات النارية في األفراح‬
‫والمناسبات"‪ ,‬مدى خطورة هذه المشكلة وانتشارها على الرغم من المواثيق‪ ,‬والمعاهدات‬
‫بعدم إطالق األسلحة النارية في األفراح والمناسبات‪ ,‬وقد أجريت الدراسة على العامين‬
‫‪1996‬م و ‪1997‬م‪ ,‬كما أنها قارنت عدد القتلى من عام ‪1992‬م ولغاية ‪1997‬م‬
‫والذي بلغ (‪ )79‬قتيال‪ ,‬وتجاوز عدد الجرحى (‪ )2000‬جريح‪ ,‬بحيث أشارت الدراسة‬
‫إلى ارتفاع أعداد الجرائم المرتكبة في مناطق العاصمة حيث بلغت (‪ )70‬جريمة‪,‬‬
‫وانخفضت في مناطق الجنوب كمحافظة الكرك‪ ,‬وقد بلغت (‪ )5‬جرائم فقط‪ ,‬وانخفضت‬
‫بشكل كبير في مناطق الجنوب كالعقبة‪ ,‬حيث سجلت حالة واحدة على مدار العامين‬
‫‪1996‬م و ‪1997‬م‪ ,‬وأشارت هذه الدراسة إلى خطورة مشكلة إطالق العيارات‪ ,‬والتي‬
‫أصبحت منتشرة في مجتمعاتنا‪ ,‬كما وأشارت إلى أن انتشارها لم يقتصر على منطقة‬
‫معينة بل توزعت على كافة المناطق‪.‬‬
‫دراسة (الدراوشة‪ )2004 ,‬بعنوان "سد الذرائع في جرائم القتل وتطبيقاتها‪ ,‬دراسة‬
‫مقارنة"‪ .‬هدفت الدراسة التعرف إلى أسباب ارتكاب الجرائم‪ ,‬وفهم مشكلة إطالق‬
‫العيارات النارية‪ ,‬والتعرف على سبب إصرار مرتكبيها على القيام بها بالرغم من‬
‫ا لتعهدات والمواثيق التي وقعتها وجهاء العشائر األردنية‪ ,‬ومدى ما سببته هذه المشكلة‬
‫من حوادث مؤلمة‪ ,‬فنتج عنها القتلى والجرحى من أناس أبرياء ال ذنب لهم‪ ,‬حيث أبلغ‬
‫عن وقوع ‪ 284‬قضيه إطالق عيارات ناريه خالل عام ‪2000‬م‪ ,‬نتج عنها وفاه شخص‬
‫واصابة ‪ 70‬آخرين‪ ,‬وقد تم اكتشاف ‪ 268‬قضية شكلت ما نسبته ‪ ,%94،37‬والباقي‬
‫مازال مجهوال لعدم معرفه الجاني‪ ,‬مقابل ‪ 304‬قضايا أُرتكبت خالل العام السابق‬
‫بنقصان مقداره ‪ 20‬قضية شكلت ما نسبته ‪ %6،58‬عن العام السابق‪ ,‬وقد تم توزيع‬

‫‪- 46 -‬‬
‫هذه القضايا حسب أماكن وقوعها‪ ,‬والمكتشف منها والمجهول واإلصابات وحاالت‬
‫الوفاة‪ ,‬وقد سجلت أعلى نسبة ارتكاب لجرائم إطالق العيارات النارية ‪ %39،44‬لعام‬
‫‪ 2000‬م‪ ,‬وهي ضمن اختصاص مديرية شرطة محافظة العاصمة‪ ,‬تلتها مديرية شرطة‬
‫البلقاء بنسبه ‪ ,%15،85‬ثم مديرية محافظة إربد بنسبة ‪ ,%14،08‬وكانت أقل نسبه‬
‫لجرائم إطالق العيارات النارية قد سجلت ضمن مديرية شرطة محافظة عجلون بنسبة‬
‫‪ %0،70‬من مجموع قضايا إطالق العيارات النارية المرتكبة بالمملكة‪ .‬أما بالنسبة‬
‫للقضايا التي سجلت عام ‪2002‬م‪ ,‬فقد تم دراستها بناءا على األسباب والدوافع الرتكاب‬
‫الجريمة‪ ,‬وقد سجلت الدوافع إلطالق العيارات النارية‪ ,‬كما يلي‪ :‬التمهيد الرتكاب‬
‫جريمة أخرى‪ ,‬شكلت ما نسبته ‪ %27,33‬من مجموع الدوافع خالل عام ‪2002‬م‪ ,‬وأن‬
‫‪ %19,72‬من مجموع الدوافع كان لألسباب التالية‪ :‬أثناء الصيد‪ ,‬أثناء اللعب والمزاح‬
‫والشهرة‪ ,‬وأسباب عاطفية والفشل جميعها بنفس النسبة تقريبا‪ .‬ومن خالل اإلحصائيات‬
‫تبين مدى خطورة هذه المشكلة ومدى انتشارها في مجتمعنا خاصة وأنها موزعة على‬
‫كافة المناطق‪ ,‬وأنها في تزايد مستمر بالرغم من برامج التوعية‪.‬‬
‫دراسة (باسرده‪ )2006 ,‬بعنوان "جريمة القتل شبه العمد في الشريعة اإلسالمية‬
‫والقانون اليمني"‪ ,‬هدفت الدراسة إلى توضيح معنى القتل غير العمد حسب الشرائع‬
‫السماوية‪ ,‬والشروط المتسببة في تسميته‪ ,‬وعن تميزه عن صور القتل األخرى‪ ,‬وقد‬
‫أستخدم الدراسة المنهج التاريخي واالستقرائي‪ ,‬حيث تدرجت بالحديث عن القتل شبه‬
‫العمد وأنواعه‪ ,‬واختالفه عن القتل الخطأ‪ ,‬وقدمت استعراضا تفصيليا حول األسباب‬
‫والعوامل التي تتعرض لها جريمة القتل الخطأ‪ ,‬وتوصلت إلى النتائج التالية‪ :‬أن القتل‬
‫شبه العمد والخطأ ال يقل أهمية عن القتل الخطأ ‪ ,‬ويجب أن تكون عقوبته مغلظة‬
‫لتفادي القتل الناتج عن اإلهمال والالمباالة‪ ,‬كما أنها دراسة منبثقة عن مشكلة‬
‫اجتماعية تسببت في نشوء الفوضى‪ ,‬وعدم المسؤولية‪ ,‬حيث أن الجاني يتسبب بالفعل‬
‫دون قصده للنتيجة المتحققة وهي الوفاة‪.‬‬
‫أما دراسة (القحطاني‪ )2010 ,‬بعنوان "جرائم القتل عواملها وآثارها االجتماعية‪,‬‬
‫دراسة ميدانية على مدينة أبها في المملكة العربية السعودية"‪ ,‬هدفت الدراسة التعرف‬

‫‪- 47 -‬‬
‫إلى عوامل جرائم القتل في سجن أبها في السعودية‪ ,‬وأهم آثارها االجتماعية‪ ,‬وتكونت‬
‫عينة الدراسة من (‪ )200‬نزيل تم اختيارهم‪ ,‬وقد توصلت الدراسة إلى النتائج التالية‪:‬‬
‫أن أهم عوامل جريمة القتل هو العامل االجتماعي والعامل االقتصادي‪ ,‬كما اتضح أن‬
‫أهم اآلثار االجتماعية الناجمة عن جريمة القتل‪ ,‬هو انتشار الجريمة الجنسية ثم عدم‬
‫القدرة على تلبية احتياجات األسرة المالية‪ ,‬وقد بينت النتائج أن مرتكبي جريمة القتل هم‬
‫الغالب من ذوي المستوى التعليمي األمي‪ ,‬كما تبين ان ارتفاع جريمة القتل كانت في‬
‫المدينة‪.‬‬
‫وفي دراسة (المواجدة‪ )2010 ,‬بعنوان "عوامل الخطورة في العنف العشائري في‬
‫األردن"‪ ,‬هدفت التعرف إلى عوامل الخطورة في العنف العشائري‪ ,‬حيث تقصَّت آراء‬
‫الخبراء وتصوراتهم‪ ,‬حول العنف العشائري وخطورته‪ ,‬وقد تكونت العينة من (‪ )51‬خبي ار‬
‫من شيوخ ووجهاء العشائر‪ ,‬وتوصلت الدراسة إلى النتائج التالية‪ :‬من أهم عوامل‬
‫الخطورة في األردن الثأر‪ ,‬والمشكالت االجتماعية والتطور التكنولوجي‪ ,‬االنتخابات‪,‬‬
‫والفقر‪ ,‬والبطالة‪ ,‬وقضايا الشرف‪ ,‬وغيرها‪ .‬وقد كشفت الدراسة في محور الثأر عن‬
‫انتشار األسلحة غير المرخصة بنسبة ‪ ,%37‬والقتل المتعمد ‪ ,%90‬وأن القتل غير‬
‫المتعمد نسبته ‪ ,%31‬كما وأن إطالق العيارات النارية في المناسبات االجتماعية‪ ,‬والتي‬
‫صنفت ضمن المشكالت االجتماعية شكلت ما نسبته ‪ ,%21‬وقد تسببت التعصبات‬
‫واالنتماءات العشائرية إلى نسبة بلغت ‪ ,%86‬كما أوضحت الدراسة أنها تختلف من‬
‫إقليم آلخر‪ ,‬وذلك نظ ار لالكتظاظ السكاني و وجود النظام العشائري فيها‪.‬‬
‫وفي دراسة أجراها (الغامدي‪ )2010 ,‬بعنوان "عالقة الجريمة بالعوامل‬
‫االجتماعية كما يراها ضباط التحقيق بشرطة منطقة الباحة"‪ .‬هدفت الدراسة التعرف إلى‬
‫العوامل التي تتسبب في انحراف األفراد وتدفعهم الرتكاب الجرائم‪ .‬وتكونت عينة الدراسة‬
‫من (‪ )97‬ضابط‪ ,‬واستخدمت الدراسة المنهج الوصفي التحليلي‪ .‬وقد توصلت الدراسة‬
‫إلى مجموعة من النتائج أهمها‪ :‬أن تعاطي المخدرات والمسكرات من أكثر العوامل‬
‫الدافعة لألفراد نحو ارتكاب الجريمة‪ ,‬كما أن نوعية البرامج التلفزيونية المقدمة على‬
‫الفضائيات تلعب دور كبير في دفع األفراد نحو ارتكاب الجرائم‪.‬‬

‫‪- 48 -‬‬
‫دراسة (عبداهلل‪ )2011 ,‬بعنوان "العوامل االجتماعية المؤثرة في ارتكاب الجريمة‬
‫دراسة ميدانية ألثر العوامل االجتماعية التي تؤدي إلى ارتكاب الجريمة في مدينة‬
‫الرمادي"‪ .‬هدفت الدراسة التعرف إلى أثر العوامل االجتماعية في ارتكاب الجريمة‪,‬‬
‫واستخدمت الدراسة المنهج المقارن والمنهج المسحي االجتماعي‪ ,‬وتكونت عينة الدراسة‬
‫من الموقوفين الذين أدينوا بارتكاب الجرائم‪ ,‬وتوصلت الدراسة إلى مجموعة من النتائج‬
‫أهمها‪ :‬أن نسبة الذكور أعلى من نسبة اإلناث في ارتكاب الجرائم‪ ,‬كما أن النسبة‬
‫العظمى من مرتكبي الجرائم تعود للشباب‪ ,‬و تفكك العالقات األسرية والعمل المادي و‬
‫المستوى التعليمي من أهم أسباب ارتكاب الجرائم‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬الدراسات األجنبية‪:‬‬
‫دراسة (مركز سياسة العنف‪2015 ,‬م) بعنوان "مبررات القتل باستخدام‬
‫السالح الناري_ والدفاع المشروع عن النفس" وهي دراسة تحليلية‪ ,‬أجريت من خالل‬
‫مركز شرطة العنف في الواليات المتحدة األمريكية منذ عام ‪2008‬م ولغاية ‪2012‬م‪,‬‬
‫اعتمدت على األعداد الحقيقية والتي وصلت أليها من خالل (‪ )FBI‬الشرطة الفيدرالية‬
‫الدولية‪ ,‬وقد عرضت الدراسة تقارير إحصائية للجرائم التي ارتكبت بواسطة السالح‬
‫الناري المشروع (الدفاع عن النفس)‪ ,‬وغير المشروع حيث كشفت الدراسة أن ‪259‬‬
‫شخصا قتلوا بواسطة السالح في عام ‪ ,2012‬وفي الخمس سنوات من ‪2008‬م ولغاية‬
‫‪2012‬م قتل ‪ 1108‬شخصا بواسطة السالح‪ ,‬وأن ‪ %91.5‬ارتكبت من قبل الذكور‪,‬‬
‫و‪ % 7.7‬من قبل اإلناث‪ ,‬كما كشفت عن تعادل مرتكبي الجرائم من أصحاب الياقات‬
‫البيضاء والسمراء‪ ,‬حيث شكل البيض نسبة ‪ ,%50.6‬والسمر ‪ ,45.2‬أما اآلسيوية‬
‫كانت األقل نسبة ‪ ,%2.3‬ومن النتائج التي توصلت إليها الدراسة‪ :‬أن معظم مرتكبي‬
‫جرائم القتل بواسطة السالح يرتكبونها بحق معارفهم أو أقاربهم‪ ,‬كما أن األسلحة التي تم‬
‫استخدامها في الغالب هي ليست لهم أو غير مرخصة‪ ,‬باإلضافة إلى أن عدد الذكور‬
‫سجلت عددا مرتفع جدا مقارنة مع اإلناث‪.‬‬
‫دراسة (منظمة األمم المتحدة‪2013 ,‬م) "دراسة عالمية في القتل" هدفت إلى الكشف‬
‫عن عدد جرائم القتل المنتشرة في العالم‪ ,‬والبحث في أسبابها‪ ,‬حيث احتوت على عدد‬

‫‪- 49 -‬‬
‫كبير من دول العالم ومنها الوطن العربي‪ ,‬والتي كشفت أن معظم حاالت القتل تمت‬
‫باستخدام السالح بأنواعه‪ ,‬وحسب الدراسة تم استخدام السالح في جرائم القتل في‬
‫وقد استخدم الذكور السالح بنسبة ‪ ,%67.6‬أما اإلناث‬ ‫األردن بنسبة ‪,%39‬‬
‫‪ ,%23.4‬وفي الدول العربية األخرى كفلسطين ‪ ,%72‬وتركيا ‪ ,%15‬وفي لبنان‬
‫‪ .%36‬وقد توصلت إلى النتائج التالية‪ :‬أن نسبة الذكور تزيد عن اإلناث ‪ 4‬أضعاف‬
‫في استخدام السالح لجرائم القتل‪ ,‬و تزداد أعداد جرائم القتل في العاصمة وتقل كلما‬
‫بعدت عن العاصمة‪ ,‬كما أن معظم حاالت جرائم القتل كانت تحت تأثير المخدرات‬
‫والكحول ‪ ,‬وعالميا كانت الواليات المتحدة األمريكية األكثر عددا لجرائم القتل حيث يقتل‬
‫‪ 157000‬شخصا سنويا‪ ,‬وثم قارة أفريقيا التي سجلت ‪ 135000‬شخصا‪ ,‬أما آسيا‬
‫‪ 122000‬شخصا‪ ,‬وفي أوروبا ‪ 22000‬شخصا‪ ,‬وباقي المحيطات ‪ 1100‬شخصا‬
‫سنويا‪ ,‬وقد أكدت الدراسة أن معظم جرائم القتل كانت باستخدام السالح‪.‬‬
‫وفي دراسة (‪ )Planty, M. et al, 2013‬بعنوان (عنف إطالق العيارات النارية)‪,‬‬
‫حيث احتوت الدراسة على ‪ 478,400‬عينة من جرائم القتل والعنف واإلصابات‪ ,‬والتي‬
‫اعتمدت على التقارير اإلحصائية المقدمة من و ازرة العدل‪ ,‬والتي أثبتت أن (‪)11,101‬‬
‫شخصا قتلوا بواسطة السالح في عام ‪2011‬م‪ ,‬وأظهرت النتائج أن الفترة الواقعة ما بين‬
‫‪ 1993‬ولغاية ‪ 1998‬كانت األكثر عددا الرتكاب الجرائم‪ ,‬وقد وصل إلى ‪18,253‬‬
‫شخصا‪ ,‬ثم انخفضت في عام ‪ 1999‬وبدأ باالرتفاع مجددا عام ‪ 2000‬لتسجل من‬
‫‪ 10,828‬شخصا لـ ‪ 12,791‬شخصا عام ‪ 2006‬قبل أن ينخفض العدد ليصل الى‬
‫‪ 11,101‬في عام ‪ ,2011‬وقد توصلت إلى النتائج التالية‪ :‬جرائم اإليذاء التي تم‬
‫استخدام السالح فيها‪ ,‬شكلت نسبة اإلصابات فيها (‪ ,)%69‬أما جرائم القتل التي‬
‫استخدم فيها السالح من عام ‪1993‬م ولغاية ‪2011‬م شكلت نحو ‪ ,%70‬وحوالي أقل‬
‫من ‪ %10‬من اإلصابات‪ ,‬وهو مؤشر لخطورة كبيرة ال يستهان بها‪ ,‬كما توصلت‬
‫الدراسة إلى أن الفئة الواقعة بين ‪ 24–18‬عام هم الفئة األكثر إلطالق العيارات النارية‬
‫القاتلة‪ ,‬وأن ‪ % 61‬كانت نسبة الحاالت التي تم اإلبالغ عنها‪ ,‬كما وأن حاالت الدفاع‬
‫المشروع كانت األقل نسبة على اإلطالق والتي شكلت ‪ ,%1‬ومن النتائج اإليجابية‬

‫‪- 50 -‬‬
‫بالرغم من تلك األعداد الكبيرة‪ ,‬إال أنها انخفضت أعداد الجرائم من عام ‪ 1993‬ولغاية‬
‫‪2011‬م‪.‬‬
‫ما يميز الدراسة الحالية ‪:‬‬
‫ما يميز الدراسة الحالية عن الدراسات السابقة أنها إهتمت بعوامل إطالق العيارات‬
‫النارية في المناسبات اإلجتماعية‪ ,‬ومدى تأثر الفرد والمجتمع بتلك العوامل حيث قامت‬
‫الدراسة بإستعراض العوامل اإلجتماعية والنفسية واإلقتصادية والثقافية والتشريعية‬
‫والقانونية‪ ,‬بالتفصيل ومدى عالقتها بإطالق العيارات النارية‪.‬‬

‫‪- 51 -‬‬

‫)‪Powered by TCPDF (www.tcpdf.org‬‬

You might also like