Professional Documents
Culture Documents
1.2اإلطار النظري:
أوالً -لمحة تاريخية عن إطالق العيارات النارية:
يعود استخدام السالح الناري إلى القرنين الخامس عشر والسادس عشر وهو
زمن المماليك والعثمانيين ,حيث استخدم العثمانيين السالح الناري ألول مرة وقد تغلبوا
فيه على المماليك ,بينما تمسك المماليك بأصولهم الفروسية باستخدام القوة والحصان,
والذي كان السبب الرئيسي في خسارتهم الفادحة مع العثمانيين ,وقد كانت حربا غير
متكافئة ,وهو ما أجبر المماليك فيما بعد على التخلي عن القوس والحصان ,إلى جانب
الوصف والرقي الذي لقب به حامل السالح ,وقد انحصر ألصحاب الطبقات العليا
والنبالء والحكام (خادم. )1980,
ونظ ار لخطورة السالح الناري ,فقد تم حظره من القرن السادس عشر ,وذلك
ألسباب تعود الستخدامه من قبل أصحاب النوايا السيئة مما أدى إلى انتشار الفوضى,
ونشوء العصابات التي لم تتمكن الحكومة من السيطرة عليها ,ويعتبر استخدام السالح
الناري نقطة تحول هامة في تاريخ البشرية ,فله أثر واضح تنتج منه انعكاسات
اجتماعية وسياسية ,والنقطة األساسية في هذه الدراسة تشير بوضوح إلى ارتفاع
معدالت القتل التي كان سببها استخدام السالح الناري خصوصا في المناسبات
االجتماعية الفرحة (.)Farrington & Welsh, 2006
وبحلول التسيعنيات تفجرت قنبلة صادمة للعالم أجمع تشير إلى خطورة بالغة
األهمية ,من خالل إحصائية أجريت في عام 1989م تشير إلى الخسائر المادية التي
-7-
تم إنفاقها في شراء األسلحة ,والتي أثبتت أن العالم ينفق حوالي ( )3.6مليون دوالر
في كل دقيقة ,وعلى الصعيد العربي ,نجد أن منطقة الخليج وحدها تصرف ()130
ألف دوالر في الدقيقة الواحدة ,لشراء األسلحة (منصور.)1991 ,
وعبر عدد من اإلحصائيات التي أُجريت في األردن منذ عام 1990م ولغاية
2002م ,فإنها تقدم دالئل واضحة على ارتفاع معدالت القتل الناتجة عن األسلحة
النارية (الدراوشة. )2011 ,
وفي إحصائية أُخرى لمديرية األمن العام في عام 2009م ولغاية 2013م,
كشفت عن وجود معضلة خطرة سببتها األعداد المرتفعة ,والتي بلغ مجموعها خالل
آخر 5سنوات كما تم ذكرها سابقا في مشكلة الدراسة ( )6989جريمة (الو ازرة
الداخلية :مديرية األمن العام.)2013 ,
أما آخر إحصائية إلطالق العيارات النارية أجريت عام 2014م ,حيث بلغ
مجموع عدد قضايا إطالق العيارات النارية في المملكة ( )2413قضية ,حيث ارتفعت
في إقليم العاصمة والذي سجل ( )1072قضية ,أما إقليم الوسط ( )634قضية ,واقليم
الشمال ( )467قضية ,واقليم الجنوب ( )101قضية ,وفي قيادة قوات البادية الملكية
( )86قضية ,أما إقليم العقبة ( )53قضية.
ستمر السالح الناري في التطور بأشكاله وأنواعه ,إلى أن وصل إلينا بأشد
وقد ا َّ
مراحله فتكا ,وربما قد يكون لذلك التطور األثر في زياد معدالت الجريمة ,فهناك نوع
من السالح الخطير (السالح األوتوماتيكي) ,والذي غالبا ما يتم استخدامه في
المناسبات كنوع من التباهي ,وتكمن خطورته في إ ِ
طالقه للعيارات النارية على نحو
متتالي ومتقارب ,بحيث تطلق عدد كبير من الرصاص في الهواء ,والذي بدوره يزيد
من نسبه احتمال ارتكاب الجريمة ,ألسباب قد تعود لسوء استخدام السالح وقلة الخبرة
فيه (البرلسي.)1990 ,
-8-
ثانياً -عوامل إطالق العيارات النارية المتسببة في القتل:
وبالعودة إلى الجذور التاريخية ,فإ َّن أسباب ودوافع إطالق العيارات النارية
المتسببة في القتل بشكل عام تبنى على ظروف اإلنسان المتعددة ,وهذه الظروف قد
تحدث بمساعدة عدة عوامل تلعب وبشكل مباشر في إطالق العيارات النارية وهي:
-1العوامل االجتماعية والثقافية (:(Social and Cultural factors
إن العوامل والدوافع االجتماعية كثيرة ومتفرعة؛ وذلك الرتباطها بالمجتمع
ومشاكله المتعلقة باألسرة والتنشئة ,والفساد والثأر ,والدفاع عن النفس أو الشرف,
واالنتقام وغيرها من مشاكل مجتمعيه ال يمكن حصرها ،وفي مقوله شعبيه (راس مالو
رصاصة) ,أدت معنى االنعكاس الناجم عن الغضب ,والرغبة في االنتقام ,وتصريح
واضح لرد االعتبار ,وأضيف إلى ذلك العوامل النفسية كقضية االنتحار بواسطة
السالح ,وهي تقريبا من أكثر المواضيع التي تكاد ال تخلو من شريط اإلعالنات
اليومية وااللكترونية ,كما شكل التلفاز أحد المسببات المشجعة على استخدام السالح
من خالل البرامج العنيفة ,واألفالم العدوانية التي لها البصمة الواضحة في تعليم
الشباب ,وفتح باب الرغبة في التقليد الذي ال يمكن وصفه إال باألعمى (الشوبكي,
2012م).
وقد أكدت دراسة باندو ار على الرابط بين العنف واإلعالمَّ ,
وبينت أن العدوان في
المجتمع ازداد بمواكبته للتلفاز وما يطرحه من مواد إعالمية عنيفة تؤثر في بنية
المجتمع (عيسوي.)2006 ,
وعلى الصعيد اآلخر ,والذي يهمنا في هذه القضية دوافع العادات والتقاليد والتي
تعد من الثقافات األصيلة والعريقة المهمة لدى بعض المجتمعات العربيةُّ ,
ويعد األردن ُّ
إحداها ,ولكن على الرغم من هذه الميزات إال أنها ال تخلو من المنغصات التي كادت
أن تصبح شبه كارثة؛ لما خلفته عاده إطالق العيارات النارية في المناسبات
االجتماعية من أضرار جسيمة ,وخسائر بشرية ,واقتصادية ,واجتماعية ,وحتى نفسية,
لكونها عاده مكتسبة ومتوارثة من القدماء ,تمسكت عبر السنين بهيبتها ولم تتوانى
المجتمعات أبدا في التخلي عنها (مبيضين.)2013 ,
-9-
وفي مجموعة من الدراسات تبين أن العوامل االجتماعية تلعب دو ار مهما في
ارتكاب الجرائم ,حيث اتضح َّ
أن %14.1سبب ارتكابهم للجرائم يعود للعوامل
االجتماعي ,مثل :تأثير األصدقاء ,وغياب الوالدين ,كما اتضح أنهم كانوا يخططون
لجرائمهم مع األصدقاء ,وزمالء المدرسة واألقارب ,وفي دراسة أخرى للعوامل
االجتماعية المساعدة في ارتكاب الجريمة ,تبين َّ
أن عملية التنشئة االجتماعية والتربية
والنظم االجتماعية ,تلعب دو ار هاما في تلبية حاجات الفرد األساسية التي يستطيع من
خاللها مواجهة التحديات والمشكالت المحيطة به .كما أن االضطراب االجتماعي وما
يرافقه من تغيرات في نظم الحياة االجتماعية ,وخاصة في عمليات التواصل مع
الحضارات األخرى ,والذي غالبا ما يجعل العادات والتقاليد غير قادرة على تلبية
الحاجات األساسية لألفراد ,والذي يجعل البيئة عامال مساعدا في اضطراب الشخصية
(البراك.)2010 ,
كما أن اإلشارة بأصابع االتهام نحو العادات والتقاليد التي تدعو إلى إطالق
العيار الناري ,ليس بالضرورة أن يكون صحيحا ,بل قد يكون خرق القوانين والمتعارف
عليه لدى العشائر هو السبب في انتهاك المعايير ,والقيم االجتماعية السائدة لدى
العادات والتقاليد ,وما أقصده هنا هو قيام البعض بالمبالغة في تطبيق العادات والتقاليد
ألسباب شخصية ,رغبة في االنتقام ,والحاق الضرر باآلخرين وبالتالي فإن العادات
والتقاليد قد تكون بريئة من التشوه الذي أصاب صورتها أمام المجتمع (العبادي,
1989م).
وقد عبر دوركايم في نظرية األنومي عن انهيار القواعد االجتماعية التي يصل
إليها المجتمع ,بحيث أصبح الناس ال يعرفون ما يتوقعون من غيرهم ,مما أدى بهم
إلى اكتساب ضوابط غير كافيه على سلوكياتهم ,وقد يكون هذا االنهيار له الدور في
إطالق العنان في ارتكاب جرائم القتل (وليم وميكشين.)2010 ,
ومن أهم العوامل النفسية االجتماعية التي تتعرض لها الشخصية خالل مراحل
النمو من الطفولة إلى الرشد:
-1أسلوب تربية الطفل وتنشئته.
- 10 -
-2الدور االجتماعي الذي يقوم به الفرد.
-3فكرة المرء عن نفسه.
-4وضع الفرد ومكانته في المجتمع.
ُّ
وتعد هذه المؤثرات مؤهالت مساعدة في التسبب بإطالق العيارات النارية ,حيث
أن تنشئة الوالدين من خالل األفكار التي يكتسبها الطفل لها دور فعَّال في تشكيل بنية
العقل لديه ,بحيث يمثل األب المثل األعلى لدى الطفل ,والذي يرى أن كل ما يقوم به
األب هو الصواب ,فمن الصواب أن يقلد الطفل والده في إطالق العيارات النارية
حسب وجهة نظره ,بل ويرى أن تقليد والده هو أمر يفخر به ,وغير خاضع للوقوع في
الخطأ .كما أن الدور االجتماعي الذي يقوم به الفرد يلعب دور مهم في التأثر بمشكلة
إطالق العيارات النارية ,ومن خالل نظرة الفرد لنفسه تنشأ انعكاسات قد تكون سلبية أو
إيجابيه ,ومن ه ذه السلبيات اعتقاده أن بإطالقه للعيارات النارية يقوم بإثبات وجوده
أمام الغير (سكيكر.)2008 ,
كما أن وضع الفرد ومكانته االجتماعية تدفعه للقيام بسلوكيات سلبية مقابل إثبات
وجوده لآلخرين ,وفرض السيطرة والهيبة ,ويعد إطالق العيار الناري إحدى أهم هذه
السلوكيات الخطرة التي يلجأ إليها أصحاب المكانة االجتماعية.
-2العوامل النفسية ):(Psychological Factors
تتفاعل شخصية اإلنسان مع المحيط الذي يوجد فيه ,وشخصية اإلنسان مزودة
بنزعات وطاقات وراثية مستعدة للتعديل ,والتغيير شريطة أن تدخل في المجال الخاص
باإلنسان ,فإن صلحت هذه العوامل ونقيت من الشوائب نشأ اإلنسان صالحا نقيا في
الغالب ,أما إذا أهملت وتركت ,فإنها تكون ذات تأثير سيئ على تربية الطفل ,ونشأته
المختلفة التي تأثرت بها في مجاالتها الحيوية التي وجدت فيها عبر مراحل نموها سابقا
(العيسوي2004 ,م).
ينساق األفراد نحو مصالحهم الشخصية بغض النظر عن مالئمتها مع توقعاتهم
لآلخرين دون وجود روادع وضوابط أخالقية ملزمة لهم فإن ذلك يؤدي إلى عدم
الشعور باألمان واالستقرار ,مما يعني سيادة الالمعيارية ,أو األنوميا التي أشار إليها
- 11 -
دوركايم ,وخلص إلى نتيجة مفادها أن الالمعيارية مشكلة مالزمة لتطور المجتمعات
الغربية حتى يومنا هذا (القريشي2011 ,م).
باإلضافة إلى سلوكيات أخرى يتخذها الفرد كوسيلة للتعبير عن مكبوتات شخصية
كالتباهي ,واغاظة اآلخرين ,ولفت النظر عبر إطالق كم هائل من الرصاص في
المناسبات االجتماعية ,وعدم الوعي ,والتقليد األعمى ،وغيرها الكثير من السلوكيات
السلبية الناتجة عن المصلحة الشخصية ,والمحاولة سعيا في إثبات الذات أمام اآلخرين
(.)Marcus, 1998
-3العوامل االقتصادية (: (Economic Factors
أكدت النظرية االقتصادية أن الجريمة وليدة بعض الظروف االقتصادية ,وفي
مقدمتها الفقر والبطالة ,وغيرها من األحوال االقتصادية السيئة ,وتذهب هذه النظرية
إلى أن العوامل االقتصادية في المجتمع على أنها األساس ,ولها األثر األكبر في حياة
المجتمع ,ويرى أصحاب هذه النظرية (َّ )Karl Marx
أن الجريمة في جوهرها هي
نتيجة حتمية الستغالل الطبقات العاملة ,فالشخص الضعيف اقتصاديا والذي يرى أن
العدالة لم تنصفه في مجتمعه ,ولم تحقق إشباع لحاجاته وحاجات أسرته المبرر
لالندفاع إلى الجريمة معتقدا أنه لم يرتكب خطأ بذلك (القريشي2011 ,م).
كما توصلت بعض الدراسات إلى أن الجرائم ضد الممتلكات تزداد في فترات
الكساد ,بينما تزداد الجرائم ضد األشخاص في الرخاء ,وأن الدوافع المادية تكون غالبا
أكثر أهمية وعامال للسلوك اإلجرامي ,كما هو الحال في اتجاه اإلجرام حبا للمال
(براك2010 ,م).
ُّ
وتعد العوامل االقتصادية من أهم العوامل اإلجرامية المهيأة ,والمساعدة لحدوث
الجريمة ,واذا صادفت تلك العوامل استعدادا إجراميا لدى الفرد فإنها تتفاعل معه
فتحدث الجريمة ,وقد بينت الدراسات الميدانية أن ( )%45من جرائم السرقة والقتل كان
الدافع ورائها هو العامل االقتصادي (القحطاني.)2010 ,
وكأي جريمة ترتكب يتم ارتكاب إطالق العيارات النارية كوسيلة مساندة في
الحصول على المال أو استخدامه كأداة لتهديد المجني عليه لتسهيل الحصول على
- 12 -
المال منه .وقد أسهمت الدوافع االقتصادية ,والبطالة والفقر بالجزء األكبر في جرائم
القتل ,وفي هذا اإلطار ,فقد أكد ( )Robert Dion'sأن معدالت القتل مرتفعة والسبب
في ذلك ضعف البناء االقتصادي (ربايعة.)1984 ,
إن إطالق العيارات النارية هو استنزاف للموارد المادية ,والتي يحتاجها الوطن
كالعتاد لحمايته ,وتوفير األمن واألمان ,ومن ناحية أخرى ,فإن الشخص المصاب
يتعطل عن العمل ,ويتم القبض على الفاعل وهكذا يصبح الفاعل والمصاب عاطلين
عن العمل (الجبور1992 ,م).
-4العوامل القانونية والتشريعية ):(Legal & Regulatory Factors
إن ضعف العقوبات المنصوص عليها ,والمحسوبية وتطبيق القانون على أناس
دون غيرهم ،ساعد في االستهتار بتطبيق القانون من قبل المواطن ,فمن أمن العقاب
أساء األدب ,كما أن وجود السالح أصبح متداوال بين معظم األفراد ,وبغض النظر عن
وجود رخصة اقتناء ,فالسالح أمر ضروري ألغراض الحماية واألمن خصوصا بعد
األزمات التي مر بها الوطن العربي ,والتي يعتبرها البعض المسعف األول إلطفاء نار
االنتقام الناتجة عن المشكالت االجتماعية (جابر.)1999 ,
أدت السلبيات المتعددة للسالح واستخدامه إلى تجاهل ايجابياته ,والتي أسهمت
وبشكل كبير في الدفاع عن الوطن ,والنفس ,والمال ,ويرى آخرون أن السالح ضرورة
الري على أن السالم بدون سالح ال يمكن تحقيقه,
لخلق السالم في العالم ,ويقوم هذا أ
حيث إن السالم يفرض بالسالح ,وال يتحقق بالنوايا الطيبة وعدالة القضايا ,بل
بإخضاع واجبار األفراد على السالم تحت قبة السالح ,بحيث يشكل وسيلة لتخويفهم
وردعهم عن ارتكاب الفوضى والفساد ,مشجعين بذلك على ضرورة إنتاجه ,والتجارة به
(منصور.)1991 ,
وقد تم استخالص العوامل الرئيسية إلطالق العيارات النارية في دراسة أُجريت
عام 1992م (الجبور ,)1992 ,والتي توصلت لألسباب الرئيسية التالية:
-1من أسباب استعمال السالح كان الغزو بين القبائل.
-2استخدم لحماية قوافل الحج.
- 13 -
-3لحماية المواشي من الوحوش المفترسة.
-4غاية في الصيد وحماية من قطاع الطرق.
-5كانت وسيلة اتصال بين الجماعات واألفراد بهدف اإلعالن عن مناسبة ما.
-6لتدريب الشباب على الرماية واجادة الهدف ,والتي تتم بعد أخذ اإلجراءات
االحتياطية في المكان.
ثالثاً -إطالق العيارات النارية في األردن:
إن الجرائم في األردن أصبحت تجتاح العناوين الرئيسية في الصحف,
والمقاالت ,حتى أن المرء أصبح معتادا على قراءة أنباء ارتكاب الجرائم بأنواعها ,مما
أدى إلى خلخلة في ُبنية المجتمع ,وتفكيك في نسيج األسرة ,والتغى معنى التسامح,
وأصبح استخدام العنف االجتماعي هو السبيل لحل الخالفات ,حتى أنه أصبح
كالعدوى ينتقل من شخـص آلخــر ويمارس باستهتـار ضد الجميع ,وقد ساع ــد السـالح
علـى انتشار العنف ,وزيادة معدالت الجريمة بشكل ملحوظ ,مما دعا إلى دراسة
الموضوع على محمل الجد (. )Bartol & Bartol, 2008
ومن خالل اإلحصائيات َّ
تبي ن أن إطالق العيارات النارية ساهمت وبشكل كبير
في زيادة أعداد الجرائم المتعمدة وغير المتعمدة ,وحسب إحصائيات مديرية األمن العام
فإن مجموع جرائم إطالق العيارات النارية خالل ( )6سنوات من عام (2009م) ولغاية
عام (2014م) في األردن بلغت ( )9402جريمة ,وقد أوضحت اإلحصائيات أن
محافظة العاصمة حظيت بمعدالت مرتفعة جدا مقارنة مع غيرها من المحافظات ,كما
أن إقليم الجنوب إجماال كان األقل عددا لجرائم إطالق العيارات النارية ,حيث تبين أن
مجموع اإلصابات في معان خالل الست أعوام األخيرة بلغت ( )153جريمة ,وفي
الطفيلة ( )108جريمة ,والكرك ( ,)136أما العقبة ( ,)266وفي مناطق الشمال كانت
النتيجة السلبية أعلى منها في مناطق الجنوب ,حيث سجل إقليم العاصمة عمان
وضواحيها ( )5307جريمة ,والزرقاء ( ,)493أما عجلون التي سجلت أقل نسبة في
مناطق الشمال إلطالق العيارات النارية ,والتي بلغ مجموعها في نهاية عام 2014م
( )89جريمة منذ عام 2009م (و ازرة الداخلية ,مديرية األمن العام2014 ,م).
- 14 -
وتوزعت هذه القضايا حسب سنوات حدوثها وأماكن وقوعها حسب ما مبين في
الجدول (.)1
الجدول ()1
إحصائيات مديرية األمن العام إلطالق العيارات النارية في المملكة األردنية الهاشمية
السنوات
المجموع 2014م 2013م 2012م 2011م 2010م 2009م
المحافظة
5307 1268 1083 659 882 785 630 العاصمة
1075 370 212 207 121 95 70 إربد
493 149 109 79 61 53 42 الزرقاء
119 19 24 61 4 6 5 المفرق
136 44 27 19 22 13 11 الكرك
108 19 10 56 10 5 8 الطفيلة
153 38 32 7 18 31 27 معان
89 20 10 22 10 15 12 عجلون
92 32 30 7 10 7 6 الرمثا
266 53 49 73 36 25 30 العقبة
330 87 58 86 39 26 34 مأدبا
317 86 74 26 55 40 36 البادية
763 202 127 198 104 58 74 الرصيفة
154 26 24 74 12 7 11 جرش
كما وشارك مجلس النواب في عمل وثيقة التزام في نهاية عام (2015م) ,تدعو
لوقف إطالق العيارات النارية الجائرة ,حيث شارك فيها ( )67نائبا ,وتنص الوثيقة
- 15 -
على التزام الموقعين عليها بعدم إطالق العيارات النارية في المناسبات ومحاربتها,
وعدم المسؤولية المجتمعية والقانونية تجاه أي شخص يقوم بإطالق العيارات النارية في
المناسبات ,واعتباره شخصا المسؤول في ذلك ,وعدم المساعدة أو التوسط له من قبل
النواب والمشايخ ووجهاء العشائر ,وااللتزام باإلبالغ عن أي حالة إطالق عيارات نارية
بالهواء في أي ظرف من الظروف (مجلس النواب . )2015 ,
ولقد أشارت البيانات الرسمية إلى مدى خطورة نتائج إطالق العيارات النارية
الطائشة في المناسبات واألفراح إلى ارتكاب خسائر بشرية ال يمكن تجاهلها ,في
الجدول ( )2يوضح حجم هذه الخسائر التي تم ارتكابها في المناسبات واألفراح تحديدا
في الفترة الواقعة من (2011م) ولغاية (2014م) ,موزعة حسب األقاليم لمديريات
الشرطة.
- 16 -
الجدول ()2
جرائم القتل الناتجة عن إطالق العيارات النارية في المناسبات واألفراح
السنة
المجموع 2014 2013 2012 2011
مديرية الشرطة
86 25 37 12 12 إقليم العاصمة
39 9 7 8 15 إقليم الوسط
16 3 3 4 6 إقليم الشمال
6 0 5 1 0 إقليم الجنوب
10 1 2 6 1 إقليم العقبة
قيادة قوات البادية
1 1 0 0 0
الملكية
158 39 54 31 34 المجموع
المصدر :و ازرة الداخلية ,إحصائية مديرية األمن العام2015 ,م
ومن المالحظ أن الجدول أفاد بارتفاع أعداد مطلقي العيارات النارية في األفراح
والمناسبات االجتماعية في إقليم العاصمة حيث بلغ مجموع جرائم القتل الناتجة عن
إطالق العيارات النارية خالل 2011ولغاية 2014م ( )86قضية أما الوسط()39
قضية ,وتدني األعداد باالتجاه نحو األقاليم الجنوبية ,حيث سجل إقليم الجنوب مجموع
عدد القضايا في االربع سنوات ( )6قضايا ,واقليم العقبة ( )10قضايا ,ويوضح
الجدول ( )2أن أعلى عدد لجرائم القتل كان في عام 2013م حيث سجل 54قضية,
بينما كانت أقل سنة في عام 2012م حيث سجلت( )31قضية .ويعد إقليم قيادة قوات
البادية هو النادر أو األقل عددأ لمطلقي العيارات النارية في األفراح والمناسبات حيث
سجل قضية واحدة خالل ( ,)2014-2011وقد بلغ مجموع عدد القضايا في جميع
أقاليم المملكة خالل األربع سنوات ( )158قضية .أما الجدول ( )3فيكشف عن أعداد
اإلصابات الناتجة عن إطالق العيارات النارية المجهولة من عام 2011م ولغاية
2014م .
- 17 -
جدول ()3
اإلصابات المجهولة الناتجة عن إطالق العيارات النارية
السنة
المجموع 2014 2013 2012 2011
مديرية الشرطة
36 12 9 6 9 إقليم العاصمة
38 9 8 6 15 إقليم الوسط
13 5 2 1 5 إقليم الشمال
2 0 1 0 1 إقليم الجنوب
0 0 0 0 0 إقليم العقبة
0 0 0 0 0 قيادة قوات البادية الملكية
89 26 21 13 30 المجموع
المصدر :و ازرة الداخلية ,إحصائية مديرية األمن العام2015 ,م.
من المالحظ في الجدول ( )3أن اإلصابات الناجمة عن إطالق العيارات
النارية المجهولة كانت مرتفعة في أقاليم الشمال ,بينما انخفضت تماما في األقاليم
الجنوبية نظ ار إلحصائية أجريت من قبل مديرية األمن العام ألقاليم المملكة ,حيث بلغ
عدد القضايا التي سجلت ضد مجهول في األربع سنوات األخيرة ( )89قضية ,تباينت
عبر السنين بشكل غير مستقر ,فكانت في عام 2011م نحو ( )30قضية وهي
األعلى على مدار السنوات األخيرة ,وأقلها في عام ( )2012حيث بلغت ( )13قضية,
ثم أخذت بالتزايد طرديا مع تزايد إطالق العيارات النارية الطائشة ,ويشير الجدول ()3
إلى أن كل من إقليم قوات البادية ,واقليم العقبة لم تسجل أي قضية بنفس الفترة.
كما ويشير جدول ( )4إلى أن السالح يدخل في معظم جرائم القتل الكلي,
وذلك نظ ار لكونه أداه فعالة ,وتستجيب فور ضغط الزناد عليها ملبية غاية القاتل,
باإلضافة إلى توفر السالح في معظم البيوت لكونه أداه حماية ,ومساندة في حماية
الممتلكات ,وكنوع من أنواع العادات والتقاليد التي ورثتها العشائر عبر الزمن ,وتعد
جزء منها واثبات لهوية العشيرة .وقد بلغ عدد جرائم القتل التي استخدم فيها السالح
نحو ( )206جريمة منذ عام 2011م ولغاية عام 2014م ,والتي ارتكبت في األربع
سنوات كالتالي:
- 18 -
جدول ()4
الجرائم التي ارتكبت خالل الفترة (2014-2011م)
جرائم القتل بواسطة السالح عدد جرائم القتل بشكل عام السنة
57 133 2011
72 153 2012
77 144 2013
103 170 2014
206 600 المجموع
و ازرة الداخلية :إحصائية مديرية األمن العام2015 ,م
يوضح الجدول ( )4أن ثلث جرائم القتل التي ترتكب يتم استخدام السالح فيها,
مما يعني أن السالح هو األداة األكثر استخداما في جرائم القتل ,ناهيك عن استخدامه
في التهديد ,وحاالت الصيد الجائر والتخريب ,كما أن عدد جرائم القتل الكلي بشكل
عام في المملكة منذ عام 2011م ولغاية 2014م كانت ( )600جريمة ,حيث كانت
حصة القتل بالسالح بنفس الفترة ( )206جريمة ,أي ما يعادل ثلث الجرائم المرتكبة
في األردن.
وبالرغم من هذه المعدالت المرتفعة في المملكة األردنية إال أنها تعد منخفضة
جدا مقارنة مع دول الغرب ,ففي الواليات المتحدة األمريكية سجلت نسبة استخدام
السالح الناري في جرائم القتل نحو أكثر من %70في الفترة الواقعة من عام 1993م
ولغاية 2004م ,وقد استخدم المسدس بنسبة %80في جرائم القتل ,و %6بنادق
الصيد ,و %5بنادق القذف ,و %7أسلحة نارية غير محددة ,كما أن هناك 14
شخصا يموتون كل دقي قة نتيجة إطالق العيارات النارية ,حيث سجل نصفهم بحاالت
انتحار ,وحوالي %44قتل متعمد ,و %4قتل غير متعمد (Batrol & Batrol,
).2008
- 19 -
رابعاً :إطالق العيارات النارية في الشريعة اإلسالمية:
يعد إطالق العيارات النارية من الوسائل المتسببة في القتل ,التي حرمتها ُّ
الشريعة اإلسالمية في القرآن الكريم والسنة النبوية ,ونظ ار لكون القتل من الكبائر
العظام ,فإن كل الوسائل المؤدية إليه محرمة؛ لما فيه إذهاب للنفس التي حرم اهلل
قتلها ,والى جانب الشريعة اإلسالمية وقفت األعراف العشائرية والوثائق لمحاربة هذه
المشكلة بعدم إطالق العيارات النارية في األفراح ,ناهيك عن الجهود المبذولة من
الجهات المختصة للتخفيف من هذه المشكلة (جابر.)1999 ,
بينت الشريعة اإلسالمية في أحاديث وآيات وقصص كثيرة أهمية المحافظة
على الروح البشرية وعدم إزهاقها في الباطل ,وقد كان النبي قد نهى عن حمل السالح
مكشوفا خشية أن يؤذي المسلمين بعضهم عن طريق الخطأ ,ونهى عن اإلشارة
بالسالح إلى المسلم خشية أن تزل يده بنزٍغ من الشيطان الرجيم فكيف بمن يستعمل
السالح فعال ويتسبب بأذى المسلمين (الحصري.)1974 ,
أن مشكلة إطالق العيارات النارية تعد إتالفا للمال بال فائدة ,وهذا تبذير
واسراف نهى عنه اهلل تعالى لقوله :إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِنيِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا
(اإلسراء .)27 :كما قال عليه الصالة والسالم" :من أشار إلى أخيه بحديدة فإن
المالئكة تلعنه حتى يدعه وان كان أخاه ألبيه وأمه" (رواه مسلم ,باب النهي عن اإلشارة
بالسالح ,ص ,)2020:وعن أبي هريرة رضي اهلل عنه أن النبي صلى اهلل عليه وسلم
قال" :ال يشير أحدكم إلى أخيه بالسالح فإنه ال يدري أحدكم لعل الشيطان ينزع في يده
فيقع في حفرة من النار" (رواه البخاري ,باب قول النبي من حمل علينا سالح فليس
منا ,ص.) 2592:
أن ا ِ
لعتاد الذي يستهلك في هذه المشكلة قد صنع في المقام باإلضافة إلى َّ
األول للدفاع عن الدين والوطن والمواطنين ,فال يجوز استعماله بهذه الطريقة العبثية
البعيدة عما خلق هذا السالح ألجله ,واستعمال النعمة في غير ما خلقت له هو من
كفران النعمة ,لهذا كله فان الواجب يقتضي االبتعاد عن تقليد الناس في هذه العادة
المنافية للشرع ,وليكن التعبير عن الفرح بما أحلّه اهلل تعالى (عثمان.)1996 ,
- 20 -
ويذكر أن دائرة اإلفتاء أصدرت فتوى تحرم فيها إطالق العيارات النارية في
األفراح وغيرها ,ووصفتها بأنها عادة منافية للشرع الحنيف ,وفيها تخويف وأذى للناس,
وأضافت الفتوى أن هذه الطلقات أصابت بعض الناس عن طريق الخطأ فأدت إلى
وفاتهم أو جرحهم أو حتى التسبب بعاهات دائمة (دائرة اإلفتاء العام2015 ,م).
كما وقامت و ازرة األوقاف والشؤون والمقدسات اإلسالمية بالتعميم على األئمة
والوعاظ والخطباء ,لتوعية المواطنين من خطر السالح ,واستخدامه في األفراح
والمناسبات ,والحث على تالفي الظواهر السلبية المرافقة لمناسبات األفراح ,والتحذير
من آفة المخدرات ,وذلك عبر الدروس وخطبة الجمعة لما فيها من اإلسهام في معالجة
هذه المشك لة في المجتمع ,وهنا أشار مدير الوعظ واإلرشاد في و ازرة األوقاف إلى
خطورة هذه اآلفة ,وأنها مشكلة منبوذة تحصد أرواح األبرياء في أفراحهم ,واعتبارها
جريمة قتل متعمدة ,حيث إن مطلق العيار الناري لديه خلفية واضحة حول األضرار
التي قد تقع ,وهو على علم تام بالنتائج المحتملة (و ازرة األوقاف والشؤون والمقدسات
اإلسالمية2014 ,م)
إن تجاوز هذه األسباب والمتمثلة بالقواعد اإلسالمية ,وعدم أخذها بعين
االعتبار ,قد يؤدي إلى الوقوع في ارتكاب الجريمة غير المقصودة ,التي يصحبها
النتائج المؤلمة ,والخالفات ,والعداوات ,وهنا تنتقل الشريعة اإلسالمية إلى القاعدة التي
تليها ,بحيث تُطلق العنان لقيام الحد الذي نص عليه القرآن والسنة النبوية في
القصاص من القاتل (بهنام1991 ,م) ,وذلك في قوله تعالى :ولَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ
عَلَايِِْمْ فِيَِاا أَنَّ الانَّفْ َ بِاالنَّفْ ِ وَالْعَايْنَ بِاالْعَيْنِ وَاألَنا َ بِااألَن ِ وَاألُذُنَ بِااألُذُنِ وَالسِّانَّ بِالسِّانِّ وَالْجُارُو َ
قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَُِوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَاا أناََ َ اللّاهُ فَأُوْلَااِِ َ هُامُ الظَّاالِمُونَ( المائـدة:
- 21 -
شماعة لتعليق تبريراتهم وحججهم عليهـا ,لكونهـا تشـكل لهـم
,)45حيث اعتبرها البعض َّ
البرهان القاطع في رخصة قتل الجاني ,والذي قام بارتكاب الجريمة بدون نية سابقة .
وهنا تستنكر الباحثة اتخاذهم لجزء من اآلية بما يتماشى مع عاداتهم وغاياتهم,
واهمالهم الجزء األخر من اآلية والذي يدعو لتعاليم اإلسالم السمحة من خالل العفو,
وذلك رغبة منهم في إذكاء نار االنتقام ,واألخذ بالثأر من أجل تحقيق الهدف السامي
الذي ترفعه عادة القبيلة كراية لها ,وهو الحق في إزالة العار والذل الذي قد يلحق
بالقبيلة لمئات السنين ,ولألسف فإن الثأر ال يتقادم مهما طال العهد على القتل الذي
كان سببا في نشوئه (المشهداني2002 ,م).
وهذه النتيجة التي تبعت إطالق العيارات النارية ُّ
تعد من أخطر النتائج التي
يصل إليها المجتمع ,والسبب في ذلك اختالف اآلراء واألهواء ,فقد يرى البعض بأخذ
دية القتيل ,بينما يرى آخرون بالتماشي مع الشريعة إما بالعفو ,أو تطبيق حد
القصاص ,بينما هناك من يرى ما رآه أسالفهم ,من خالل القتل الجائر الذي ال ذمة
فيه ,فخورين بآالتهم التي تتلقى األوامر ,بعيدا عن العقل والمنطق (منصور.)1991 ,
كما أن التنشئة الخاطئة التي حملت في طياتها خطر التحريض من قبل ذويهم,
والحرص على حقوقهم ,واسترجاعها بالمثل وربما قد تخرج عن إطار المثل لتصل إلى
التمادي االجتماعي ,وذلك بقتل من له مكانة اجتماعية تعلو درجة المقتول ,كنوع من
المبالغة في التباهي برد العار عن القبيلة ,وتشديد الجزاء (زناتي.)1992 ,
وقد اهتم الطب الشرعي بقضايا القتل التي تسببت بها العيارات النارية؛ لما له
من أهمية في الكشف عن األسباب الخفية وراء القتل ,فمن خالل خبرة الطب الشرعي,
واألجهزة المختصة في تحقيق العدالة ,يتم الوصول إلى القصد من إطالق العيارات
النارية ,والتي قد تكون متعمدة ,ومخطط لها في السابق ,باإلضافة إلى التعرف على
نوع السالح ووقت وقوع الجريمة ,ولهذا فإن الطب الشرعي يلعب دو ار مهم في قضايا
األسلحة النارية ,فالطبيب الشرعي هو من بين األشخاص األوائل الذين يصلون إلى
مسرح الجريمة فور حصولها ,وكذلك الضابط المحقق ,والخبراء الفنيين اآلخرين,
وجميعهم يتطلب حضورهم في جميع حاالت القتل بأنواعه (شحرور.)2004 ,
- 22 -
خامساً -إطالق العيارات النارية في القانون:
لقد وضع القانون األردني حدا لهذه المشكلة من خالل القواعد والضوابط,
وتحديد العقوبات الخاصة بحاملي السالح وابرام األحكام ,التي وضعها القانون األردني
عام 1952م في المادة ( )8و( )9و( )10لقانون األسلحة النارية والذخائر والتي
احتوت نصوصها على (الزعبي1984 ,م):
المادة ( :)8ال يجوز ألي شخص أن يستورد األسلحة أو الذخيرة ,أو يصدرها أو
يتاجر بها داخل المملكة ,إال إذا كان مرخصا بذلك من وزير الداخلية أو من ينيبه.
المادة ( :)9ال يسمح بتصدير السالح إلى خارج المملكة.
المادة ( :)10لمجلس الوزراء أن يصدر بموافقة جاللة الملك أنظمة لتنظيم ما يلي:
-كيفية إحراز األسلحة والذخائر وحملها واالتجار بها .
-صنع األسلحة والذخائر وكيفية االحتفاظ بها .
-مقدار الرسوم التي تستوفي عن الرخص.
-لتنفيذ أي غاية من غايات هذا القانون.
المادة (:)11
-كل من صنع أو استورد أو حاز أو نقل أو باع أو اشترى أو توسط في شراء,
أو بيع أي مدفع أو سالح أوتوماتيكي بدون ترخيص بقصد استعمالها على وجه
غير مشروع ,يعاقب باإلعدام ويصادر السالح .
-كل من صنع أو استورد أو صدر أو حاول تصدير األسلحة النارية ,أو الذخائر
بدون ترخيص يعاقب باألشغال الشاقة لمدة ال تقل عن خمس عشرة سنة,
ويصادر السالح.
-كل من خالف أي حكم آخر من أحكام هذا القانون ,أو أي نظام يصدر
بموجبه ,يعاقب بالحبس لمدة ال تتجاوز ثالث سنوات ويصادر السالح.
ومن خالل هذه القوانين تم إيصال رسالة واضحة لحاملي السالح ,في
مضمونها نوع من الترهيب والتهديد لكل من يخالف قواعد النظام ,ووضع العوائق التي
تساعد على التقليل من انتشار األسلحة الغير مرخصة من أجل الحفاظ على األمن
- 23 -
واالستقرار ,وكذلك تماشيا مع تعاليم الدين اإلسالمي الحنيف ,الذي نهى عن هذه
المشكلة كونها قد تكون وسيلة تؤدي إلى القتل (الدراوشة.)2011 ,
وفي المقابل نصت قوانين األسلحة والذخائر التي تعود لسنة 1952م ,على
السماح لألهالي في المملكة األردنية باالحتفاظ ,بالبنادق والمسدسات الالزمة بشرط
اقتناء الرخصة ,واستخدام السالح في الحاالت الضرورة والدفاع عن النفس ,ولكن
بالرغم من وجود الرخصة فهذا ال يعني حمل السالح في التجمعات واألفراح
والمؤتمرات ,بل نص القانون على حظر األسلحة في االجتماعات التي يزيد فيها
التجمع عن عشرة أشخاص ,وذلك بوجود ترخيص السالح أم ال (الزعبي.)1984 ,
وعلى صعيد آخر قامت الواليات المتحدة األمريكية بفتح باب ترخيص السالح
على مصراعيه ,فملكية السالح من حق أي مواطن ,وان كان تحت ( ,)18فهذا ال
يمنع من حيازته للسالح ,ولكن باستثناء من أثبت أن لديهم ممتلكات أو مواشي أو
للتدرب على األهداف ,ويتم ذلك بموافقة األهل ,وبهذه الطريقة تستطيع أن تسجل أكبر
عدد من مستخدمي السالح ,مما يتسنى للدولة ضبط معدالت األسلحة القانونية وغير
القانونية ,وذلك بهدف الوصول إلى أقرب عدد حقيقي لواقع انتشار السالح ,ومدى
ارتباطها بالجرائم المرتكبة ).(Regoil & Hewitt, 2003
سادساً -النتائج المترتبة على إطالق العيارات النارية:
المطلع على األعداد المتزايدة لجرائم إطالق النار ,وحجم األضرار البشرية
إن ُ
واالقتصادية ,والنفسية التي نتجت عنها ,لن يتوقع أي نتائج إيجابية إطالقا ,بل يكفي
المرور بأعيننا فوق تلك الجملة ,لنستخلص كم هائل من الجمل المتزاحمة لتصف
كارثة متفشية في المجتمع بال رحمة ,متسببة بآثار سلبية متنوعة كما إن النتائج التي
خلفتها مشكلة إطالق العيارات النارية تبلورت على أثرها نتائج ثانوية كانت أشد من
ارتكاب إطالق النار نفسه ,والتي أدت بشكل عام على زيادة معدالت القتل واإلصابة,
وبشكل خاص إلى خلق مشكالت اجتماعية ال تحمد ُعقباها (.)Samuel, 1985
- 24 -
ومن أبرز نتائج إطالق العيارات النارية التي تأثر بها المجتمع األردني:
-1الثأر )(Vengeance
ُّ
يعد الثأر من أخطر الحلول الناجمة عن إطالق العيارات النارية المتسببة في
القتل ,وهو بحد ذاته سلسلة تتكون من مجموعة أشخاص ,ال تنتهي إال بإخماد
األغالل ورد دم القتيل ,وهو مظهر من مظاهر التضامن القبلي ,وقد عرفته جميع
القبائل العربية القديمة دون استثناء كوسيلة من وسائل العقاب الخاص ,فإذا كان القاتل
والمقتول من نفس األسرة تُرك الخيار لها ,أما إذا كانا من عشيرتين مختلفتين ,فسيتم
العمل بمبدأ النظام القبلي ,وهنا ترفع راية الثأر التي تعكس مدى قوة العشيرة أو القبيلة,
والواقع هو ليس إال هدم للعدل ,واضعاف للقبائل بسبب خسارة أفرادها ,والتي جاءت
أثر رصاصة طائشة ,غير مقصودة ,وتفسيرها الوحيد هو التعبير عن الفرح في مناسبة
ما ,والمقابل ليس إال دماء بريئة ليس لها أي ذنب (المشهداني.)2002 ,
ويعود كل ذلك ألسباب العصبية القبلية ,وطقوسها التي ال غنى عنها ,وفي
ذلك َّ
قدم بن خلدون أشكاال عدة للعصبية ,متحدثا عنها بإسهاب في كال الجزأين لمقدمة
ابن خلدون ,وكعالم اجتماعي متعمق ودارس ألحوال المجتمعات يقول" :إن القبائل
الكثيرة القبائل والعصائب َّ
قل أن تستحكم فيها دولة ,والسبب في ذلك اختالف اآلراء
واألهواء ,وان وراء كل منها هوى وعصبية تمانع دونها فيكثر االنتفاض على الدولة
والخروج عليها في كل وقت ,وان كانت ذات عصبية ممن تحت يدها تضن في نفسـها
منعة وقوة" ,وهو يشير بذلك إلى خطـورة االنتقال من العصبية إلى التمــرد الثـأري وعـدم
االنقياد ألي سلطة خارج نط ــاق القبيـلة س ـواء كانت الدولة أو غيـرها (ابن خلدون,
,2004ص.)79:
مشكلة الثأر ليست مستحدثة أو عصرية ,بل هي جذر راسخ في عقول
المجتمعات القبلية والعشائرية ,ويعود لزمن الجاهلية ,وقد أستمد قوته من والء القائمين
عليه ليومنا هذا ,فوحدة الدم هي من أهم األسس التي نشأت عليها العصبية القبلية
) ,(Tribal Intoleranceوبالتالي فإن هذه العصبية ستقدم الوالء من خالل الثأر
كقانون عشائري يطبق بحق القاتل (مبيضين2013 ,م).
- 25 -
باإلضافة إلى المفاخرة والتباهي باألنساب ,واألحساب ,فكل قبيلة تعتقد أنها
أعرق حسبا ونسبا ,وأنبل وأشرف وأسمى من سائر القبائل ,وتحسبا لنيل كل هذه
الصفات ,تسعى العشيرة جاهدة في تنفيذ القتل للقاتل بغض النظر فيما لو كان متعمدا
أم ال ,على الرغم من أن معظم حاالت إطالق العيارات النارية في المناسبات ,ليست
إال خطأ في استخدام السالح ,أو عدم المقدرة على التحكم في السالح ,وربما اإلهمال,
وعدم االحتراز ,وغيرها من مبررات قد تكون شاهدة على ذلك القتل (الزيود.)2012 ,
لم يقتصر إطالق العيارات النارية على األردن ,بل هناك دول أخرى أخذت هذه
السمة السلبية كمصر في مجتمع الصعيد ,إلى جانب العصبية القبلية ,والثأر ,حيث
أنهم كانوا يعتقدون أن الرجل إذا قتل خرج من رأسه طائر يدعى الهامة يحلق فوق قبره
قائال :أسقوني ,أسقوني ,حتى يثأر له .ويرى المجتمع الصعيدي أن الثأر نظام قانوني؛
ألنه يساعد في االنسجام والتوازن ,ويشكل رادع عادل من شأنه أن يحافظ على
المجتمع ,وما يجعله مختلفا عن قانون الحكومة ,هو أنه قانون مكتوب في نظام القبائل
فقط ,وهو نظام متماسك له مالمحه األساسية ,وقوانينه الخاصة التي تحكمه ,وتميزه
عن جرائم القتل العادية (عامر.)1982 ,
ومن أهم عناصر نظام الثأر التي تشكل القوانين ،والمبادئ األساسية التي
يسير وفقاً لها:
-1كل من يقتل فال بد أن يؤخذ بثأره ,أو ديته عن طريق قتل شخص واحد فقط,
من الوحدة الثأرية المعتدية.
-2إن االعتداء على الفرد تعتبر اعتداء على الجماعة القرابية التي ينتمي لها,
كما أن جماعة الجاني تكون مسؤولة ككل عن جريمته.
-3ال يؤخذ الثأر إال من الرجل الذكر البالغ ,القادر على حمل السالح ,والدفاع
عن نفسه ,كما أن مسؤولية األخذ بالثأر تقع على عاتق الرجال دون النساء
(عامر.)1982 ,
- 26 -
-2العنف العشائري (: (Tribal violence
يشك ل العنف في األردن جدران عازله لعقول بعض الناس ,ويجعلها بعيدة عن
المنطق ,مشكلة بذلك أفكار ومعتقدات تُبنى على رغبات شخصيه كونه الوسيلة األخيرة
في يد اإلنسان لإلفالت من مأزق ,والعنف لم يقتصر على قضية معينة دون غيرها بل
اقترن بمسميات كثيرة كالعنف األسري ,والمجتمعي ,والجامعي والعشائري وغيره ,ومن
أكثر األساليب المستخدمة لممارسة العنف في اآلونة األخيرة وبالدرجة األولى كانت
إطالق العيارات النارية ,حيث إنها ال تحتاج لبذل مجهود مقارنة مع غيرها من
األساليب واألدوات المستخدمة في العنف ,وسهولة استخدام السالح تُشكل عامل مهم
في ارتكاب الجريمة؛ نظ ار لمرونة آليته في إصابة الهدف عن بعد (الشوبكي,
.)2012
ُّ
ويعد العنف العشائري من أكثر المآسي التي أصبحت تمس المجتمع األردني,
حيث إنه يتصف بمسميات القبلية والعشائرية ,والتي أعلنت ناقوس الخطر المهدد
بأبنائها ,حين أصبحت األفراح إحدى األبواب المؤدية للعنف بين أبناء العشائر وحتى
بين أبناء العشيرة الواحدة ,ومع األسف فإن العنف العشائري أصبح ثقافة يتعلمها
األجيال ,واللجوء إليها هو الحل للخالفات ,وقد فسرت نظرية ثقافة العنف التي
توصلت إليها الدراسات الحديثة ,على أن شيوع العنف يبدأ بتقبل المجتمع لها ,ومن ثم
تصبح الملجأ لحل الخالفات (الزيود.)2012 ,
تمثل الطبقات الفقيرة البيئة المناسبة لنشوء العنف والقتل ,حيث ُّ
يعد الشارع إحدى
أجزاءه التي ترعرع فيها ,واكتسب لغته واتقانها ,وأصبح يطبقها من خالل أشكال العنف
التي يعكسها ,ولكن المتطلع إلى موضوع العنف العشائري يجد اختالف كلي من حيث
مقارنته بالطبقات ,فالمجتمع العشائري يمتاز بتفاوت طبقاته ,وعند ارتكاب القتل في
المناسبات بفعل العيارات النارية ,فهي ليست قضية طبقة فقيرة أم غيره ,بل قضية دم
تقع على عاتق العشيرة التي فقدت أحد أبنائها من جهة ,ومسؤولية تتحملها عشيرة
مطلق العيار الناري الذي تسبب بالقتل من جهة أُخرى ,والمصيبة تحدث عندما يكون
القاتل والمقتول من عشيرة واحدة؛ مما قد يتسبب في الكراهية ,والمنازعات بين األقرباء
- 27 -
وأبناء العمومة ,وطرح العنف العشائري كبداية لحل هذه المصيبة (مبيضين,
2013م).
كما أن للهوية دور كبير في التجمعات العشائرية وذلك من خالل الصفات
التي تجمعهم ,والتي تتوحد بحدوث أي ضرر قد يلحق بالعشيرة ,فتكون يدا واحدة في
كل ما يمس العشيرة أو أحد أفرادها بالخير أو الشر؛ تعبي ار عن الصفات والخصائص
والسمات التي تربط ما بين الماضي والحاضر (مواجدة2010 ,م).
-3الجلوة ):(Retribution
تعود الجلوة لألعراف العشائرية ,وهي من أقدم المصادر الرسمية للقاعدة
ويتكون من خالل اتفاق بين الناس على خطة اجتماعية ,في مختلف ألوان
َّ القانونية,
النشاط االجتماعي ,والقاعدة العرفية يتم استخالصها من واقع الحياة وال تصدر عن
السلطة الحاكمة ,كما أنها تحتوي على عدد من القوانين المتعارف عليها لدى العشائر
(اللصاصمة2014 ,م).
َّ
إن الجلوة كانت الخيار األنسب لحماية أهل القاتل ,والتي من شأنها أن تحمي
أُناس قد يكونوا الهدف بالنسبة ألهل المقتول ,على الرغم من أنها ستتسبب في نوع من
االنكسار المعنوي والنفسي للناس المجلين ,وعدم الشعور باألمان ,فخروجهم من ديارهم
التي ترعرعوا فيها ,والتي تمثل أُصولهم ليست بالشيء الهين لدى أُناس ينتمون لبلدتهم,
خصوصا إذا كانت تشمل أركان العشيرة ,وأقاربهم ,ومعارفهم (مواجدة2010 ,م).
كما أن االنتقال إلى بلدة جديدة ,قد يعني بداية لمشاكل جديدة ,وأحداث جديدة,
وقد تكون جرائم جديدة ,في انتظارهم نظ ار الختالف وجهات النظر بين العشيرة المجلية
من جهة التي تحمل في طياتها الحقد والشعور بالعار ,وعدم االستقرار ,والعشيرة
المستقبلة من جهة أخرى التي تشعر بالقلق اتجاههم ,والفضول حول طبيعة األشخاص
(الشوبكي2012 ,م).
إن الج لوة هي إحدى العادات والتقاليد التي تطبق في حق القاتل ,أو المتسبب
في الجريمة ,والهدف منها هو إبعاد الجاني وذويه عن المجني عليه ,والعشيرة كاملة
(مبيضين.)2013 ,
- 28 -
وبالرغم من أن إطالق العيارات النارية هو نوع من العادات والتقاليد ,بل ُّ
ويعد
السالح الرفيق في كل ا لمناسبات ,إال أنه قد تسبب في كثير من حاالت الجالء التي
كانت عامال من عوامل ارتفاع معدالت الجريمة بشكل عام ,وارتفاعها لدى مستقبلي
الجلوة بشكل خاص ,حيث أدى استقبال العشيرة المجلية إلى التأثر والتضرر في كثير
من الحاالت ,كونها استقبلت األشخاص الذين يمثلون الهدف المطلوب لعشيرة أخرى,
مما يشكل دائرة من العشائر قد تمتد للمدى البعيد ,هذا باإلضافة إلى المشاكل
االجتماعية والمعيشية التي لحقت بالكثير من األسر ,حيث اضطرت إلى ترك بيوتها
ومناطقها ,وأحيانا ترك وظائفهم ,والسبب طلقة في إحدى المناسبات قتلت شخصا,
وكأنما أطلق العنان لبداية حرب عشائرية ال تحمد عقباها (المواجدة.)2010 ,
وقد َّ
عبرت نظرية الحرمان النسبي عن العدوان ,والعنف الذي قد ينتج بسبب
الضغط والنقص والحرمان الذي قد تتعرض له األسر التي تم جلوها من القرية أو
المحافظة ,باإلضافة إلى الشعور بالعجز في التمتع بالمنافع والوسائل التي تخص
العشيرة المستقبلة ,فهذا االستبعاد االجتماعي قد يزرع الخذالن واإلحباط لدى العشيرة
المجلية والشعور بالتحسس المفرط ,والقهر ,والمبالغة في تفسير المواقف واألحداث
(الحوراني. )2012 ,
-4الوصم ):(Stigma
َّ
إن الوصم من أكثر النتائج السلبية إلطالق العيارات النارية ضر ار على
الشخص المتسبب بإطالق النار نفسه ,فهو فرد من أفراد المجتمع ,وعضو فعَّال كباقي
أعضاء المجتمع ,ولكن عند ارتكاب الخطأ ال َّ
بد لذلك المجتمع أن يغير نظرته
ويصدر الحكم تجاه مرتكب الخطأ بغض النظر عن جريمته التي ارتكبها ,وحسب
نظرية الوصم ,فإنها تتعامل مع الوصمات على أنها متغير تابع (أثر) ,ومتغير مستقل
(سبب) ,حيث ينظر إلى الوصم كمتغير تابع عندما تميل لتفسير لماذا يتم تعريف
سلوك اجتماعي ما كخطأ ,وأن بعض األشخاص قد تم اختيارهم لوصمة العار
والتجريم ,وتقول النظرية إن الوصم كمتغير مستقل عندما تفترض أن الوصمات
المخزية تسبب استم اررية وتصاعد السلوك اإلجرامي (إيكرز وسيلر.)2013 ,
- 29 -
وقد لوحـظ في كثيـر من الدراسات أن الوصم له دور كبير في تشجيع الفرد
على ارتكاب جرائم أخرى ,وقد يكـون السبب في ذلك الالمباالة التي يصل إليها الفرد,
بسبب مجتمعه الذي أطلق عليه الحكم بالعار ,مما قد يؤدي إلى اإلحباط وعدم الثقة
بالنفس ,مما يدفعه الرتكاب جرائمه بعيدا عن التفكير في مجتمعه الذي ساعد وبشكل
فعال على تهديد مستقبله ,ووضع وصمة العار التي قـد تالزمه طول حياته ولألسف
فإن وصمة العار ظهرت بشكل قوي لدى الطبقات الدنيا ,فالمجتمعات العليا تبقى عليا
وال تتأثر بأي وصمه تأتي من المجتمع (القريشي2011 ,م).
وهنا قد يتعرض المجتمع الذي أُطلق فيه العيار الناري إلى حالتين من الوصم ,
فالحالة األولى يعود على من أطلق العيار الناري وتسبب في قتل أحدهم ,حيث إن
ارتكابه لهذه الجريمة غير المقصودة ,ستكلفه سمعته وأخالقه بين مجتمعه الذي لن
يرحمه ,بل وقد يقاطعه بحاجز يحول دون التعامل معه ,وأحيانا قد تؤدي المبالغة في
الوصمة االجتماعية ( )Social Stigmaإلى إثارة الحقد والعداوة ,والرغبة في االنتقام,
واإلحساس بالظلم (األمير2010 ,م).
ما لم تسترد حقها ,فهي ترى في تلك الوصمة ما ال يمكن احتماله على سمعه
العشيرة ,التي قد تراها العشائر األخرى على أنها متخاذلة ,وفي كال الحالتين ستكون
النتائج سلبية ,وال يمكن تجاهلها ,بل على العكس فهي تستحق أقسى درجات االهتمام؛
ألنها قضية اجتماعية سببها المجتمع الذي سيتحمل آثارها ونتائجها ,بعد ردة الفعل
التي صنعت من شخص أطلق العيار الناري في مناسبة ما بهدف مشاركة فرحته مع
المجتمع الذي وصمة بالشخصية المجرمة ,بعد أن أصاب شخصا بغير قصد وتسبب
في قتله (اللصاصمة2014 ,م).
كما َّ
أن الوصم يحرر النوايا الداخلية من خالل األعمال الخارجية ,التي يقومون
بها ,فمن خالل النوايا الداخلية هم يعطون تفويضا الرتكاب الجرائم التي يريدونها ,ومن
ثم يتم لومهم على إركاب جريمة كانت باألساس نوايا داخلية ,وتحولت ألفعال خارجية
تسببت في ترك وصمة من المجتمع ,ويرى ماركوس ) ,(marcusأن الوصم يشترك
في ه المذنب والضحية ,وهو على عكس ما يعتقده الناس بأن مرتكب الجريمة فقط هو
- 30 -
من يتحمل الوصم ,فالضحية أيضا توصم بالفعل الذي ارتكب ضدها (felson,
).1998
باإلضافة إلى أن هناك الكثير من نتائج إلطالق العيارات النارية ,والتي تختلف
من مكان آلخر ,كما وتختلف باختالف الظروف ,وال يمكن إنكار أضرارها ,من جميع
النواحي الجسدية والنفسية واالجتماعية ,التي تنعكس على األفراد والجماعات,
كالخالفات والخصومات ,وخسارة األفراد صغا ار وكبا ار ,رجاال ونساء ,الذين بفقدانهم
أمه ,أو أخيه؛ فإطالق الرصاصة تفقد الحياة لذتها ,فهناك من يفقد ابنه أو أبيه أو ّ
القاتلة ال تعوض عن السعادة أبدا ,بل هي خسارة بمعنى الكلمة ,وخسارتها لم تتوقف
على فرد واحد ,بل سلسلة من األفراد ال نعلم متى تنتهي (Farrington & Welsh,
.)2006
خامساً -دواعي العقوبة في جريمة إطالق العيارات النارية والنظريات المفسرة لها:
إ َّن مشكلة إطالق العيارات النارية وما ينتج عنها من أضرار تستحق أقسى
أنواع العقوبات ,وال يجب التهاون في تطبيق شرع اهلل ,و أحكام القانون تجاههم ,كما
ويتم تطبيقه على األفراد والجماعات ,بعيدا عن التمييز في تطبيقه ,وتعد العقوبات في
الشريعة السالمية جزءا منها ,والمكملة لها؛ ألنها تهدف إلى منع الناس من الوقوع في
الخطأ والجريمة ,والوقوع في المحظور شرعا ,أو ترك األمور المأمور بإتيانها للحفاظ
على المصالح العامة ,وهي ضرورية لضمان بقاء واستم اررية المجتمع بكيفية سليمة
وصالحة (عيد1999 ,م).
كما َّ
أن العقوبة تؤدي إلى التكاتف والتضامن االجتماعي ,وتقوية الشعور
واالنتماء المشترك ,وتؤدي العقوبة إلى تقوية الفضيلة واألخالق وتعزيزها في المجتمع,
وهي عامل مهم للتربية الصحيحة والسليمة التي تبين الحد بين الصواب والخطأ ,وبين
العمل السليم المقبول ,والعمل الهجين المرفوض (,)Miethe & Mccorkle, 2001
فإطالق العيارات النارية ليست مشكلة إيجابية ,وال هي عامل من عوامل حفظ
المصالح العامة ,وال حتى من شأنها أن تقوي وتعزز األخالق في المجتمع ,بل هي
- 31 -
آفة سلبية ,وبغيضة ,ويجب وضع الخطوط الحمراء تحت نصوص العقوبات الخاصة
بها (طالب.)1998 ,
وقد أشار االسالم إلى مبادئ واضحة تنطلق منها في تحقيق العدل بالعقوبة
وهي :
مب ــدأ المس ــاواة ف ــي المعاملـ ـة :وينطل ــق ب ــأن نعام ــل كم ــا عوملن ــا ب ــه ,ف ــإطالق العب ــارات
الناري ـة أدت إلــى التســبب فــي إلحــاق الضــرر بــاآلخرين ,أو فقــد أشــخاص ال ذنــب لهــم,
فعلــى الجــاني أن يشــعر باألض ـرار الت ـي تســبب بهــا ,مــن خــالل تطبيــق العقوب ـة المقــررة
عليه (البشـر2001 ,م) ,فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ
- 33 -
وفي نظرية الردع َّأنه كل ما كانت العقوبات القانونية مؤكدة ,وشديدة وسريعة,
كلما تم الردع عن الجريمة (سالم1996 ,م).
إن العقوبة ) (Punishmentجاءت مرافقة الرتكاب الجريمة ,فال َّ
بد أن يكون
ٍ
مساو الرتكاب الجريمة ,وقد كانت رد فعل ,وها هي العقوبة جاءت كرد فعل لكل فعل ّ
المدارس و النظريات لها أفكار وتفسيرات متعددة حول العقوبة ومنها:
أ -المدارس التقليدية ) :(Traditional schoolوالتي تأسست على يد بيكاريا ,وترى
هذه المدرسة أن الغرض من العقوبة هو تحقيق المنفعة االجتماعية ,ومنع المجرم
من تكرار جريمته ,ومنع غيره من أن يقلدوه ,وذلك يؤدي إلى منع الجرائم
المستقبلية ,سواء كانت من المجرم نفسه ,أم من الناس عامة ,وهو ما يعبر عن
الردع العام والردع الخاص ,فالردع العام يمنع وقوع الجرائم من المجتمع ,أما الردع
الخاص فينطبق على الجاني نفسه كي ال يكرر جريمته ،وأوجدت شرعيه العقوبات,
وعملت على تخفيف العقوبات والتعذيب قبل وأثناء تنفيذ العقوبات ,وسعت إلى
تحقيق المساواة أما القانون ,كما طالب (بيكاريا) بإلغاء عقوبة اإلعدام ,وحرية
االختيار (نجم. )2006 ,
وعلى خطى (بيكاريا) ,افتتح (بنثام) المدارس التقليدية الجديدة ,وقد أوجدت هذه
المدارس قواعد للتخفيف العقابي ,والظروف المخففة ,وساهمت في التفريد العقابي،
حيث اهتمت بشخصيه المجرم ,فتطبيق القانون على مطلقي العيارات النارية ,نتائجه
تؤدي المقصود من المدارس التقليدية ,والتي تردع الجاني نفسه ,والمجتمع الذي يعيش
فيه كمعارفه ,وأقاربه ,وأصدقائه ,وهكذا فإن العقوبة تعكس العدل ,والتي تتناسـب
وظـروف الجاني (.)Regoli & Hewitt, 2003
ب -نظرية الردع )ُّ :(Deterrence Theory
يعد الردع من األمثلة اإلرشادية,
لنظريه علم اإلجرام ذات السياسات التطبيقية المباشرة؛ فالسياسات التنفيذية التي
تجرم بعض األفعال ,وتحدد العقاب على ارتكاب هذه األفعال ,تتركز على مبادئ
نظريه الردع ,وهي السرعة ,والتحديد ,والعقوبات الشديدة على األفعال الجرمية؛
مما تساعد في خفض معدالت الجريمة في المجتمع بواسطة الردع العام ,والردع
- 34 -
الخاص ,كما تميل إلى االعتقاد بأن شده التهديد في العقوبة ,لها تأثير ردعي قوي
(ايكرز وسيلير.)2013 ,
ج -نظرية الدفاع االجتماعي )َّ :(Social Defense Theory
تبنت هذه النظرية
معظم التشريعات الجزائية ,وعدد من علماء االجتماع ،وقد قام رائد هذه الحركة
الفقهية اإليطالي جراماتيكا ،بإصدار (مجله الدفاع) ,والتي كانت مولد حركة
الدفاع االجتماعي ,وهو يفسر أن االنحراف أو الفعل المضاد للمجتمع وليد
االضطرابات ,وعدم االستقرار في المجتمع ,وأن هذا الفعل أو السلوك يقع على
عاتق الدولة؛ ألنها لم تعمل على تحقيق التآلف والتوازن بين حاجات الفرد مع
المجتمع وتأهيله للحياة االجتماعية ,فبما أن الدولة هي المسؤولة عن السلوك
المنحرف ,وأن هذا السلوك كان ضحية ظروف اجتماعية غلبت عليه ,فإنه ال
يحق للدولة معاقبته بل عليها أعادة تأهيله ,من خالل تدابير إنسانية وفعالة
بحيث يتم عالج فردي يتناسب مع ظروفه (سالم1996 ,م).
سابعاً -النظريات المفسرة لموضوع الدراسة:
ومن النظريات التي فسرت إطالق العيارات النارية:
-1نظرية الرابطة االجتماعية ):(Social Association Theory
افترض سايكس ومات از أن الفرد يصبح ح ار لسلوكيات الجنوح من خالل استخدام
أساليب التحييد ) ,(Techniques of Neutralizationوتمكن هذه األساليب األفراد
من تحييد وبشكل مؤقت إيقاف انغماسهم في القيم االجتماعية ,وبالتالي توفير الحرية
الرتكاب األفعال الجانحة ,كما أنهم تحدثوا عن خمس أشكال للتحييد والتي أسمياها
نكران المسؤولية ) ,(Denial of Responsibilityونكران الضرر (Denial of
المستنكرين وادانة ,(Denial of )Victim الضحية ونكران ),Iinjury
,(Condemnation of the Condemnersومناشدة أعلى الوالءات (Appeal to
فس ار أن مثل
) ,Higher Loyaltiesوهذه التحيدات متوافرة عند كافة المجتمع ,وقد َّ
هذه التحيدات تظهر في االحتفاالت والعطل ,حيث ينظر لخرق القليل من القانون على
أنة ممتع ومتوقع ,مثل إطالق العيارات النارية في المناسبات االجتماعية ,والحفالت
- 35 -
الرسمية التي قد يغفل عنها أصحاب القيم االجتماعية ,وتحييده كسلوك مقبول في
المناسبات (وليم وميكشن2013 ,م).
-2نظرية الثقافات الفرعية ):(Sub Cultures Theory
إن أبناء الثقافات الفرعية لديهم قيم مختلفة عن بقية أبناء المجتمع ,ولكنها
ليست مختلفة تماما ,وليست في صراع دائم ,ولديهم المقدرة على استخدام العنف
ولديهم اتجاهات تفضل استخدامه عند كافة المستويات العمرية ,وخاصة عند
المراهقين ,ويلعب التعلم دو ار مؤث ار في تعزيز السلوك المنحرف ,وتزداد قوة التأثر
عندما يحظى صاحبه بالمكانة االجتماعية المحترمة بين أقرانه ,وبما أن السلوك المتسم
بالعنف هنا طريقة مقبولة ,ومتوقعة فلن يمر مرتكبه بحالة الشعور بالذنب أو تأنيب
الضمير ).(Frances, 1994
-3نظرية الضغط ):(Strain Theory
تفترض هذه النظرية أن الضغوط الحياتية تعمل كمثيرات خارجية ,تؤثر في
بعض العمليات النفسية التي قد تدفع الشخص إلى السلوك العدواني ,حيث يتعرض
الفرد لهذه الضغوط من خالل عالقة البيئة التي يعيش فيها ,بالسلوك االجتماعي
عامة ,والسلوك العدوان على وجه الخصوص ).(Siegel, 2003
-4نظرية األنساق االجتماعية ):(Social Patterns Theory
النسق هو الجزء تنطلق منه الحياة االجتماعية ,حيث تتكون الحياة االجتماعية من
كل مترابط األجزاء ,وينقسم النسق إلى عده فروع ,أو الناتجة من احتكاكات النسق
بمصادر خارجية تكون سببا في حدوث أشكال العنف المختلفة ,ولكن هذه األشكال
للعنف تتضاعف من التوترات ,والضغوط البنائية داخل النسق األمر الذي قد يؤدي
بالنسق لحدوث اضطراب قد يسبب في نشوء العنف ,ويزول ذلك االضطراب بزوال
المؤثر (الشوبكي2012 ,م).
كما َّ
أن هناك نظريات في الضبط االجتماعي تهتم بالنسق االجتماعي ,حيث
توصل هومانز إلى أن عالقات االعتماد المتبادل هي التي توجد الضبط في المجتمع؛
أي االعتماد المتبادل بين أفراد المجتمع ومشكلة التبادل االجتماعي ,حيث يرى أن
- 36 -
خروج أي شخص عن معايير جماعته يؤدي إلى وجود مشاعر معينه ضده تتحول تلك
المشاعر إلى نشاط معين يتمثل في عقاب المجرم ,ومن أهم النتائج التي توصل إليها
هومانز عده أمور (الزيود2011 ,م) ,هي:
-تعكس العالقة بين االنحراف عن معيار معين وبين النتائج المختلفة التي تترتب
على االنحراف ذلك االعتماد المتبادل بين طرفي تلك العالقة.
-يعتبر الضبط فعاال بالقدر الذي يواجه به االنحراف عن هذه قاعدة معينة بعدة
ضوابط منفصلة ال بضابط اجتماعي واحد.
-أي انحراف يهدد نسق العالقات يمكن أن ينتج عدة انحرافات مستقبلية.
-الضبط هو العملية التي عن طريقها يمنع الشخص منم ارتكاب السلوك
االنحرافي.
-ليس من الضروري أن ينتج العقاب ضبطا ,وانما يؤدي العقاب إلى الضبط في
حالة توازن النسق.
-يتدعم توازن الجماعة بواسطة انحرافات بسيطة عن معايير الجماعة.
-يصبح سلوك اإلنسان منضبطا ألن نتائج انحرافه عن معيار سوف تكون غير
مرضية بالنسبة له ولآلخرين ,وكذلك ألن حالة االعتماد المتبادل بين عناصر
السلوك تؤدي إلى أن االنحراف البسيطة نسبيا يؤدي إلى نتائج خطيرة نسبيا.
-إن الضبط االجتماعي ال يعتبر جزءا منفصال عن النسق بل ألنه إما أن يكون
منبثقا عن النسق لو يكون مفروضا عليه ,وهو متضمن في تلك العالقات
المتداخلة والتفاعالت التي توجد بين مكونات النسق.
-5نظرية ضبط الذات المنخفض ):(Low Self Control Theory
ضوهي تحتوي على عده نقاط رئيسية:
-يتصرف البشر بطبيعتهم من منطلق المصلحة الذاتية.
-التنشئة االجتماعية والتدريب ضروريان لتقييد المصالح الذاتية للبشر وخلق
ضبط الذات.
- 37 -
-تؤدي الممارسات التربوية الخاطئة ,أو غير المناسبة إلى مستويات متدنية من
ضبط الذات.
-ينتج عن المستويات المتدنية من ضبط الذات تك اررات مرتفعة لسلوكيات قصيرة
المدى تبحث عن المتعة واإلثارة .
-الجريمة هي ضمن سلوكيات متنوعة تبحث عن المصلحة الذاتية.
-تؤدي زيادة ضبط الذات إلى مستويات منخفضة من الجريمة ,وكذلك
السلوكيات المساعدة على ارتكاب الجريمة (وليم وميكشن.)2013 ,
-6نظرية العود ):( Related Theory
تعني التكرار في الجريمة مرة بعد أخرى ,وال تجدي في ردعه وتقويمه طرق
العقاب المألوفة ,واإلجرام المتكرر هو نتيجة الكتساب عادة تثبتت وتعمقت في نفس
المجرم ,ويرى البعض أن العوامل االجتماعية تمثل المؤشر الحاسم في العود للجريمة,
ويرى آخرون أن السبب في العود للجريمة هو العوامل الفردية ,إال أنهم اتفقوا على أنه
كلما زادت هذه العوامل ,كلما قوي االحتمال في العودة إلى الجريمة في المستقبل
(السعد.)1999 ,
وقد َّ
وضح اإلسالم المبررات التي وضعت في قضايا جرائم القتل ,حيث وضع
القصاص كعقوبة مناسبة لجرائم القتل ,والتي أشار إليها اإلسالم كواحدة من الكبائر
العظيمة ,والتي تستحق أقسى العقوبات والتي من شأنها أن تحقق العدل ,فالقصاص
هو الحل الرادع لجرائم القتل في الشريعة اإلسالمية ,والمناسب لخطوة القتل ,والتهاون
في أرواح الناس.
ثامناً -مبـررات عقوبـة القصـاص فــــي الشريعة اإلسالمية ):)Justified Retribution
ويحرم إزهاقها إال بالحق ,لهذا اشتد النهي عن قتلها
َّ -1نفس اإلنسان محترمة,
بغير حق ,وقد اعتبر الشرع اإلسالمي أن القتل درجته عظيمه ,حتى أنها تأتي
بعد الشرك باهلل ,لدرجة أنه وقع خالف على قبول توبة القاتل المتعمد ,ففي
قوله تعالى :وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَََآؤُهُ جََِنَّمُ خَالِدًا فِيَِا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ ولَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ
- 38 -
عَذَابًا عَظِيمًا(النساء )39 :تشديد الوعيد الذي أ َّ
عده اهلل تعالى للقاتل (يعيش,
2006م).
-2قتل النفس كقتل الناس جميعا :شدة خطورة وشناعة ارتكاب القتل ,جعلتها
مقرونة بقتل الناس جمعيا (جابر1999 ,م) ,مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْ ٍ أَوْ فَسَادٍ فِي
األَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا(المائدة.)32 :
المقدم على ارتكاب الجريمة,
-3الصالح في الدنيا واآلخرة :عندما يعلم القاتل ,أو ُ
مما يساعد في نجاهبعظمه الجريمة يسبب له ارتداع عن ارتكاب الجريمةَّ ,
نفسين ,الشخص الذي كان سيقتله ,والجاني نفسه بحيث ينجو من القصاص
المحتوم عليه (دراوشة2011 ,م) .
-4منع تسلسل الجرائم :حيث يشفي القصاص غيظ قلوب أولياء القتيل ,فال
يتطلعون إلى قتل غير القاتل من أقاربه إذا عجزوا عن قتل القاتل ,وهذا ما
قصدته الدراسة من قبل في موضوع الثأر ،وكيفية تسلسل القتل ,من الجهتين
القاتل والمقتول ,فكلما أدرجت ضحية من أهل القتيل في هذه السلسلة ,كان
المقابل ضحية جديدة من أهل القاتل ,والسبب أشخاص أبرياء ال عالقة لهم
بالقاتل (زيدان.)1998 ,
تاسعاً -أنواع القتل ،واحتمالية توافقها مع مرتكب إطالق العيارات النارية:
اتفق العلماء في أنواع القتل والتي تلخصت بخمس أنواع :القتل العمد ,والقتل
الخطأ ,والقتل شبه العمد ,والقتل الذي هو في معنى القتل الخطأ.
-1القتل العمد (:(Intentional Murder
هو القتل الذي يكون بدون وجه حق ,وكل اعتداء على النفس بغير ما شرعه
اهلل تعالى ,وهو إزهاق لنفس إنسانية بفعل صاحبها ,أو بفعل إنسان آخر ,ففي إطالق
العيار الناري غاية واضحة ,حيث يكون قاصدا ومتعمدا في القتل ,ألسباب قد تكون
َّ
ومبنية على خالفات سابقة (حوري2003 ,م). شخصيه
- 39 -
-2القتل شبه العمد (: (Semi-intentional Murder
هو التعمد بالضرب بما ال يقتل ,بحيث يقوم بفعل ما باستخدام أداة غيـر قاتلة,
ولكنها تؤدي إلى قتله ,فيمكن في حال إطالق العيارات النارية أن تصـدر أصواتا عالية
جدا ,على نحو مفاجئ متسببة فـ ــي إخافة شخـص ما ,قد تعرضه إلى سكتة قلبية
تـودي بحياته ,أو انبعاث مادة خانقة من العيارات النارية أثناء إطالقها متسببة في
خنـق طفـل ,أو شخـص ما تؤدي إلى قتله على سبيـل المثال (أبو جحجوح.)2009 ,
-3القتل الخطأ ):(Manslaughter
هو توقع الجاني نتيجة فعله اإلرادي ,دون قبولها ,معتقدا بغير أساس أنها لن
تحدث ,أو عدم توقع هذه النتيجة ,بينما كان من واجبه وفي استطاعته توقعها ,وهو
فعل ترتب عليه نتائج إجرامية لم يردها الفاعل ,وكان بوسعه أن يتوقعها ويتوقاها (عبد
التواب.)1994 ,
إن القتل الخطأ يحتمل نوعين ,فإما أن يكون القتل فعال ال يريد به إصابة
المقتول ,فيصيبه ويقتله ,وهذا القتل تجب فيه الدية ,والكفارة ,أما النوع الثاني بأن يقتل
شخصا ,والمقصود شخص آخر ,كأن يقتل من يظنه حربيا كاف ار ,فإذا هو مسلم وقد
أعلن إسالمه بالسر ,فهذا ال قصاص فيه ,وال دية ,وال تجب الكفارة (الزيتي,
2004م).
ومن المالحظ أن ظاهره إطالق العيارات النارية تندرج تحت القتل الخطأ ,أو
غير المقصود فيه ,حيث إن ُمطلق النار في المناسبة يأخذها بنيه مشاركة الفرحة,
بعيدا عن ارتكاب األذى لمن حوله ,ولكن هذه المشكلة قد تكون مقصودة خلف قناع
النية الحسنة ,وفي كال الحالتين ال ُيعذر أحد لجهله بالقانون ,وحتى لو كان القتل غير
مقصود فيه قطعيا ,فإن إطالق العيار الناري غير مسموح فيه نهائيا ,وان لم يصدر
فيه تشريع صريح بذلك ,فإن إطالق العيارات النارية جريمة بحد ذاتها لكونها تتصف
بالعمومية الرتباطها بالحق العام (عبداهلل.)2011 ,
- 40 -
األسباب المؤدية للقتل الخطأ:
اإلهمال ) :(Negligenceيصنف اإلهمال إلى جميع الحاالت التي يهمل أ-
فيها الفاعل اتخاذ االحتياطات الالزمة لحماية حقوق الغير ,والتي لو اتخذت
مست هذه الحقوق ,وبهذه الحالة قد يطلق الشخص العيارات النارية ,في
لما َّ
مكان تجمع في مناسبة ما ,على الرغم من علمه َّ
بأن سالحه يحتوي خلال ما,
إال أن إهماله بهذا الخلل قد يؤدي إلى ارتكاب جريمة ,كانت خارجه عن نطاق
توقعاته (الحصري1973 ,م) .
ب -الرعونة ) :)Frivolityهي سوء التقدير أو نقص المهارة ,أو الجهل بما يتعين
العلم به ,وهي كلمه تشير إلى الطيش والخفة ,فالجهل في استخدام السالح
الناري وقله المهارة ,هي من األسباب الرئيسية التي تحتمل وقوع كارثة إثر
الطيش واالستخفاف بالمسؤولية ,وعاده ما يقع األحداث في مثل هذه األخطاء
(الزيتي2004 ,م) .
ج -قلة االحتراز ) :(Lack of Precautionوهي الحاالت التي يقع فيها الخطأ
عن طريق النشاط اإليجابي ,كإطالق العيار الناري بهدف المزاح ,متسببا في
قتله بسبب التجاوز في المزاح (عبد التواب.)1994 ,
(Failure to Observe the Laws and عدم مراعاة القوانين واألنظمة د-
) :Rregulationsوهو عدم تنفيذ القوانين واألنظمة على الوجه المطلوب ,فاطالق
العيارات النارية غير مسموح بها بموجب القانون ,وان لم يتسبب في إيذاء أحد,
وفي حال مخالفه أحكام القانون ,وعدم االكتراث بها ,سيتم معاقبته وفقا لنص
العقوبة في القانون ,وفي حال ارتكاب ضرر ,أو جريمة سيتم معاقبته بعقوبة
ٍ
عندئذ ينشئ تعدد معنوي في ارتكاب الجرائم ,فقيامه بمخالفه القانون أشد ,فإنه
واألنظمه جريمه ,وارتكابه الضرر أو القتل جريمة أخرى وقد يترتب عليها جرائم
أخرى ,لم تكن في حساباته (السعيد.)1981 ,
- 41 -
-4القتل الذي هو في معنى القتل الخطأ ):(Semi-Manslaughter
وهذا النوع من الخطأ يحتمل حالتين ,األولى أن يتعرض الشخص لمكروه,
يؤدي به إلى وفاه شخص آخر ,كأن يقع شخص من السطح على شخص أخر فقتله,
أما الحالة الثانية والتي تهمنا هي القتل الخطأ المراد فيه االعتداء ,وما أقصده أن يكون
مطلق العيار الناري لديه نية سيئة دفينة ,وقد اتخذ من المناسبة الفرحة فرصة في
الوصول إلى هدفه ,بحيث يدعي إطالق العيارات النارية بنيه مشاركه الفرح ,ومن ثم
التظاهر بحدوث مكروه أدى به إلى التسبب في القتل ,وهنا يستغل القاتل حجته في أن
إطالق العيارات النارية ,,لم تكن إال تعبي ار عن فرحه ,ظنا منه أن يتهرب من المسائلة
القانونية والعرفية (زيدان.)1998 ,
عاش ارً -أنواع المجرم ،واحتمالية توافقها مع مطلق العيارات النارية (Types of
) : Criminalإن قضيه إطالق العيارات النارية قد تحتمل أي نوع من أنواع المجرم,
حسب الظروف التي مر بها مرتكب الجريمة ,وهذه األنواع توصل إليها مؤسس علم
اإلنسان سيزار لومبروزو بعد تعديل نظريته عن المجرم بالفطرة ,التي تعرضت لالنتقاد
من قبل فيري وفيرجيلوا ,وهي:
-1المجرم بالفطره أو الميالد :وهو المجرم الذي يولد بصفات إجرامية موروثة,
وهذه الصفات منها ما هو عضوي ,أو خلقي ,ومنها ما هو خاص بالحواس,
وقد تكون صفات عامة ,أو مشتركة ،وهنا يمكن أن نفترض حسب نظرية
لومبروزو ,بأن حامل السالح على الغالب يتمتع بصفات جسمية ضخمة ,ولكن
هذا ليس بالضرورة أن يكون شرط لحدوث إطالق النار أو ارتكاب جريمة القتل
(نجم2006 ,م).
-2المجرم بالصدفة :هو شخص عادي ليس لديه أي ميل نحو اإلجرام ,بل هو
شخص عادي وشريف ,وهذه الشخصية قد تنطبق تماما على مطلق العيار
الناري بدون قصد ,أو نية مسبقة ,فظروف المناسبة كالحماس ،واالندفاع في
الفرح جعل منه مجرما بالصدفة ).(Siegel, 2003
- 42 -
-3المجرم المجنون :وهو المجرم الذي يرتكب الجريمة تحت تأثير المخدرات ,أو
اإلدمان على الكحول ,ويشمل األمراض التي تؤثر على األعصاب والعضالت,
ونحن هنا ال نستبعد أن يقوم الشخص بإطالق العيارات النارية في الهواء تحت
تأثير الكحول في مناسبة ما أحيانا ,أو حتى انفعال عصبي يقوده إلطالق
العيارات النارية بطريقه جنونية ,للتعبير عن فرحه ,ومحاولة منه إليصال مدى
رغبته في مشاركه مناسبة ما (إيكرز وسيلر2013 ,م).
-4المجرم العاطفي :وهو المجرم الذي يتميز بحساسية مفرطة ,يخضع بشأنها
لالنفعاالت العابرة ,والعواطف المختلفة ,كالحب والغضب والحماس لموقف أو
رأي ,وهذه الحساسية قد تدفعه إلى اإلجرام ,وهنا قد يؤدي الحماس واالنفعال
إلى إطالق العيارات النارية بطريقة عشوائية ,ومبعثرة ,وقاتلة ,حيث تضع
مطلقها في دائرة االتهام المباشر؛ كونه كالعلم وال يمكن تجاهله (نجم,
2006م).
حادي عشر :طرق الوقاية والحد من مشكلة العيارات النارية)(Prevention of Crime
بعد االطالع على األسباب والنتائج التي تبلورت على إثر إطالق العيارات
النارية ,فال َّ
بد من البحث عن الطرق والوسائل الممكنة للحد من هذه المشكلة ,أو على
األقل التخفيف منها؛ كونها مشكلة متفاقمة ومنتشرة بشكل ملحوظ ,خصوصا في
المحافظات التي تتكون من نسيج عشائري محكوم بنظام العادات والتقاليد ,فليس من
المعقول أن يكون الحل مبنيا على قتل القاتل ,فالمنطق يقول في عقولنا وعند التمعن
في حادثة وفاه نتجت بفعل عيار ناري غير مقصود ,بأنه من غير المعقول محاكمة
شخص بسلب حياته ,وخسارة فرد آخر؛ ألنه غير قاصد ,وال بأي نية سيئة ,أو خالف
سابق ,بل على العكس تماما فهي تعبير عن فرحته في هذه المناسبة على حد تفكيره
(زناتي.)1992 ,
إن الوقاية عبارة عن جهود مجتمعية تهدف إلى الحيلولة ,دون توفر عوامل
وظروف الجريمة أصال؛ أي أن المجتمع يجب أن يأخذ االحتياطات الالزمة ,والحذر,
واجتناب جميع الظروف والعوامل التي قد تتسبب في ارتكاب الجريمة ,فعند إطالق
- 43 -
العيارات النارية يجب على الجماعات ,واألفراد المبادرة في إيقاف الشخص المطلق,
وتقديم النصيحة ,وايضاح األضرار المترتبة على إطالقه للعيار الناري ,والحال الذي
سيصل إليه إذا تضرر أحدهم بسببه (طالب.)2001 ,
وقد ساعدت العقوبات في مكافحه الجريمة ,والتخفيف منها من خالل تطبيق
العقوبة بعدل وانصاف ,وبدون تميز بين أفراد المجتمع ,والغرض منها تحجيم الجريمة,
بحيث يسود األمن واالستقرار والطمأنينة ,وتحقيق هدفها في الردع والزجر واإلصالح
(البشر. )2001 ,
إن المكافحة للجريمة بشكل عام ,تتطلب جهودا يتشارك فيها المجتمع
والمؤسسات الحكومية ,ومكافحة إطالق العيارات النارية هي إحدى المسؤوليات التي
يتحملها المجتمع والدولة ,فهناك عدد من الحلول التي توصلت إليها الدراسات
واألبحاث التي قد تكون مساهمة وبشكل فعَّال في الحد من هذه المشكلة:
-1تهيئه األسرة كونها أساس المجتمع ,والعمل على توعيتها بعواقب إطالق
العيارات النارية ومن ثم المدرسة التي تعزز المبادئ ,واألخالق ,من خالل
مناهج التربية والتعليم ,وزرع الوعي واألخالق الحميدة ,وبث روح الفضيلة
واإليمان بالحق والعدل (يعيش2006 ,م) .
-2التركيز على اإلعالم؛ كونه أكثر الوسائل المؤثرة ,والسريعة على المواطن,
لكونها تتصف بالجاذبية ,والتأثير ,والتشويق ,فال يمكن إنكار دورها الفعال في
التنويه ,والتذكير على خطورة إطالق العيارات النارية في المناسبات الفرحة
(عيد. )1999 ,
-3االستعانة بمؤسسات العبادة ,حيث يعد الخطيب قدوة للناس ,مما يجعله تحت
مسؤولية كبيره في توجيه الناس ,من خالل التركيز على القضايا الهامة
والخطيرة ,التي حرمتها الشرائع السماوية (مبيضين.)2013 ,
-4مكافحة العامل المسبب أو المساعد ومعرفة الظروف التي تهيئ الرتكابها ,من
خالل تنظيم إحراز األسلحة والمواد الضارة (بهنام1991 ,م).
- 44 -
-5إصالح شأن العقيدة الدينية في النفوس ,وتنمية الوازع الديني والخلقي في
النفس ,وبناء روح الجد وتقدير المسؤولية وارادة التغيير وضبط النفس
(األندلسي1993 ,م).
وهناك من يرى َّ
أن حظر األسلحة ليست باألمر السهل ,بل أصبحت قضية في
غاية التعقيد ,حيث تختلف التعليمات واألنظمة الخاصة فيها من دولة ألخرى ,وحتى
من منطقة ألخرى في نفس الدولة؛ نظ ار لظروف قد تكون حربية أو اجتماعية أو
نفسية ,حيث تعكس النوايا الداخلية على األشخاص من خالل األفعال الخارجية,
والتسبب في ارتكاب الجريمة ,وفي مقولة" :إن السالح ال يقتل الناس ,بل الناس هم
من يقتلون بعضهم" إشارة إلى أن نية القتل هي السبب الرئيسي في ارتكاب الجريمة,
وليس السالح ,فلو لم يتوفر السالح الناري ,لكان في المقابل هناك أدوات أخرى يمكن
أن تحل محل السالح مادامت نية القتل موجودة ,ولكن تفضيل السالح يعود لسهولة
استخدامه وسرعته ,وآليته ).(Regoil & Hewitt, 2003, p: 65
- 45 -
حيث وصل عدد القتلى من عام 1983م ,ولغاية 1990م ( )789جريمة قتل ,كما
أنها توصلت إلى إن لمشكلة إطالق العيارات النارية دور مؤثر في النسيج االجتماعي
في األردن ,كما أن إطالق العيارات النارية يؤدي إلى ترويع وتخويف المواطنين,
باإلضافة إلى النتائج المترتبة عليها من الجوانب االقتصادية ,واالجتماعية ,والنفسية,
واألمنية .
وعرضت دراسة (جابر )1999 ,بعنوان "إطالق العيارات النارية في األفراح
والمناسبات" ,مدى خطورة هذه المشكلة وانتشارها على الرغم من المواثيق ,والمعاهدات
بعدم إطالق األسلحة النارية في األفراح والمناسبات ,وقد أجريت الدراسة على العامين
1996م و 1997م ,كما أنها قارنت عدد القتلى من عام 1992م ولغاية 1997م
والذي بلغ ( )79قتيال ,وتجاوز عدد الجرحى ( )2000جريح ,بحيث أشارت الدراسة
إلى ارتفاع أعداد الجرائم المرتكبة في مناطق العاصمة حيث بلغت ( )70جريمة,
وانخفضت في مناطق الجنوب كمحافظة الكرك ,وقد بلغت ( )5جرائم فقط ,وانخفضت
بشكل كبير في مناطق الجنوب كالعقبة ,حيث سجلت حالة واحدة على مدار العامين
1996م و 1997م ,وأشارت هذه الدراسة إلى خطورة مشكلة إطالق العيارات ,والتي
أصبحت منتشرة في مجتمعاتنا ,كما وأشارت إلى أن انتشارها لم يقتصر على منطقة
معينة بل توزعت على كافة المناطق.
دراسة (الدراوشة )2004 ,بعنوان "سد الذرائع في جرائم القتل وتطبيقاتها ,دراسة
مقارنة" .هدفت الدراسة التعرف إلى أسباب ارتكاب الجرائم ,وفهم مشكلة إطالق
العيارات النارية ,والتعرف على سبب إصرار مرتكبيها على القيام بها بالرغم من
ا لتعهدات والمواثيق التي وقعتها وجهاء العشائر األردنية ,ومدى ما سببته هذه المشكلة
من حوادث مؤلمة ,فنتج عنها القتلى والجرحى من أناس أبرياء ال ذنب لهم ,حيث أبلغ
عن وقوع 284قضيه إطالق عيارات ناريه خالل عام 2000م ,نتج عنها وفاه شخص
واصابة 70آخرين ,وقد تم اكتشاف 268قضية شكلت ما نسبته ,%94،37والباقي
مازال مجهوال لعدم معرفه الجاني ,مقابل 304قضايا أُرتكبت خالل العام السابق
بنقصان مقداره 20قضية شكلت ما نسبته %6،58عن العام السابق ,وقد تم توزيع
- 46 -
هذه القضايا حسب أماكن وقوعها ,والمكتشف منها والمجهول واإلصابات وحاالت
الوفاة ,وقد سجلت أعلى نسبة ارتكاب لجرائم إطالق العيارات النارية %39،44لعام
2000م ,وهي ضمن اختصاص مديرية شرطة محافظة العاصمة ,تلتها مديرية شرطة
البلقاء بنسبه ,%15،85ثم مديرية محافظة إربد بنسبة ,%14،08وكانت أقل نسبه
لجرائم إطالق العيارات النارية قد سجلت ضمن مديرية شرطة محافظة عجلون بنسبة
%0،70من مجموع قضايا إطالق العيارات النارية المرتكبة بالمملكة .أما بالنسبة
للقضايا التي سجلت عام 2002م ,فقد تم دراستها بناءا على األسباب والدوافع الرتكاب
الجريمة ,وقد سجلت الدوافع إلطالق العيارات النارية ,كما يلي :التمهيد الرتكاب
جريمة أخرى ,شكلت ما نسبته %27,33من مجموع الدوافع خالل عام 2002م ,وأن
%19,72من مجموع الدوافع كان لألسباب التالية :أثناء الصيد ,أثناء اللعب والمزاح
والشهرة ,وأسباب عاطفية والفشل جميعها بنفس النسبة تقريبا .ومن خالل اإلحصائيات
تبين مدى خطورة هذه المشكلة ومدى انتشارها في مجتمعنا خاصة وأنها موزعة على
كافة المناطق ,وأنها في تزايد مستمر بالرغم من برامج التوعية.
دراسة (باسرده )2006 ,بعنوان "جريمة القتل شبه العمد في الشريعة اإلسالمية
والقانون اليمني" ,هدفت الدراسة إلى توضيح معنى القتل غير العمد حسب الشرائع
السماوية ,والشروط المتسببة في تسميته ,وعن تميزه عن صور القتل األخرى ,وقد
أستخدم الدراسة المنهج التاريخي واالستقرائي ,حيث تدرجت بالحديث عن القتل شبه
العمد وأنواعه ,واختالفه عن القتل الخطأ ,وقدمت استعراضا تفصيليا حول األسباب
والعوامل التي تتعرض لها جريمة القتل الخطأ ,وتوصلت إلى النتائج التالية :أن القتل
شبه العمد والخطأ ال يقل أهمية عن القتل الخطأ ,ويجب أن تكون عقوبته مغلظة
لتفادي القتل الناتج عن اإلهمال والالمباالة ,كما أنها دراسة منبثقة عن مشكلة
اجتماعية تسببت في نشوء الفوضى ,وعدم المسؤولية ,حيث أن الجاني يتسبب بالفعل
دون قصده للنتيجة المتحققة وهي الوفاة.
أما دراسة (القحطاني )2010 ,بعنوان "جرائم القتل عواملها وآثارها االجتماعية,
دراسة ميدانية على مدينة أبها في المملكة العربية السعودية" ,هدفت الدراسة التعرف
- 47 -
إلى عوامل جرائم القتل في سجن أبها في السعودية ,وأهم آثارها االجتماعية ,وتكونت
عينة الدراسة من ( )200نزيل تم اختيارهم ,وقد توصلت الدراسة إلى النتائج التالية:
أن أهم عوامل جريمة القتل هو العامل االجتماعي والعامل االقتصادي ,كما اتضح أن
أهم اآلثار االجتماعية الناجمة عن جريمة القتل ,هو انتشار الجريمة الجنسية ثم عدم
القدرة على تلبية احتياجات األسرة المالية ,وقد بينت النتائج أن مرتكبي جريمة القتل هم
الغالب من ذوي المستوى التعليمي األمي ,كما تبين ان ارتفاع جريمة القتل كانت في
المدينة.
وفي دراسة (المواجدة )2010 ,بعنوان "عوامل الخطورة في العنف العشائري في
األردن" ,هدفت التعرف إلى عوامل الخطورة في العنف العشائري ,حيث تقصَّت آراء
الخبراء وتصوراتهم ,حول العنف العشائري وخطورته ,وقد تكونت العينة من ( )51خبي ار
من شيوخ ووجهاء العشائر ,وتوصلت الدراسة إلى النتائج التالية :من أهم عوامل
الخطورة في األردن الثأر ,والمشكالت االجتماعية والتطور التكنولوجي ,االنتخابات,
والفقر ,والبطالة ,وقضايا الشرف ,وغيرها .وقد كشفت الدراسة في محور الثأر عن
انتشار األسلحة غير المرخصة بنسبة ,%37والقتل المتعمد ,%90وأن القتل غير
المتعمد نسبته ,%31كما وأن إطالق العيارات النارية في المناسبات االجتماعية ,والتي
صنفت ضمن المشكالت االجتماعية شكلت ما نسبته ,%21وقد تسببت التعصبات
واالنتماءات العشائرية إلى نسبة بلغت ,%86كما أوضحت الدراسة أنها تختلف من
إقليم آلخر ,وذلك نظ ار لالكتظاظ السكاني و وجود النظام العشائري فيها.
وفي دراسة أجراها (الغامدي )2010 ,بعنوان "عالقة الجريمة بالعوامل
االجتماعية كما يراها ضباط التحقيق بشرطة منطقة الباحة" .هدفت الدراسة التعرف إلى
العوامل التي تتسبب في انحراف األفراد وتدفعهم الرتكاب الجرائم .وتكونت عينة الدراسة
من ( )97ضابط ,واستخدمت الدراسة المنهج الوصفي التحليلي .وقد توصلت الدراسة
إلى مجموعة من النتائج أهمها :أن تعاطي المخدرات والمسكرات من أكثر العوامل
الدافعة لألفراد نحو ارتكاب الجريمة ,كما أن نوعية البرامج التلفزيونية المقدمة على
الفضائيات تلعب دور كبير في دفع األفراد نحو ارتكاب الجرائم.
- 48 -
دراسة (عبداهلل )2011 ,بعنوان "العوامل االجتماعية المؤثرة في ارتكاب الجريمة
دراسة ميدانية ألثر العوامل االجتماعية التي تؤدي إلى ارتكاب الجريمة في مدينة
الرمادي" .هدفت الدراسة التعرف إلى أثر العوامل االجتماعية في ارتكاب الجريمة,
واستخدمت الدراسة المنهج المقارن والمنهج المسحي االجتماعي ,وتكونت عينة الدراسة
من الموقوفين الذين أدينوا بارتكاب الجرائم ,وتوصلت الدراسة إلى مجموعة من النتائج
أهمها :أن نسبة الذكور أعلى من نسبة اإلناث في ارتكاب الجرائم ,كما أن النسبة
العظمى من مرتكبي الجرائم تعود للشباب ,و تفكك العالقات األسرية والعمل المادي و
المستوى التعليمي من أهم أسباب ارتكاب الجرائم.
ثانياً :الدراسات األجنبية:
دراسة (مركز سياسة العنف2015 ,م) بعنوان "مبررات القتل باستخدام
السالح الناري_ والدفاع المشروع عن النفس" وهي دراسة تحليلية ,أجريت من خالل
مركز شرطة العنف في الواليات المتحدة األمريكية منذ عام 2008م ولغاية 2012م,
اعتمدت على األعداد الحقيقية والتي وصلت أليها من خالل ( )FBIالشرطة الفيدرالية
الدولية ,وقد عرضت الدراسة تقارير إحصائية للجرائم التي ارتكبت بواسطة السالح
الناري المشروع (الدفاع عن النفس) ,وغير المشروع حيث كشفت الدراسة أن 259
شخصا قتلوا بواسطة السالح في عام ,2012وفي الخمس سنوات من 2008م ولغاية
2012م قتل 1108شخصا بواسطة السالح ,وأن %91.5ارتكبت من قبل الذكور,
و % 7.7من قبل اإلناث ,كما كشفت عن تعادل مرتكبي الجرائم من أصحاب الياقات
البيضاء والسمراء ,حيث شكل البيض نسبة ,%50.6والسمر ,45.2أما اآلسيوية
كانت األقل نسبة ,%2.3ومن النتائج التي توصلت إليها الدراسة :أن معظم مرتكبي
جرائم القتل بواسطة السالح يرتكبونها بحق معارفهم أو أقاربهم ,كما أن األسلحة التي تم
استخدامها في الغالب هي ليست لهم أو غير مرخصة ,باإلضافة إلى أن عدد الذكور
سجلت عددا مرتفع جدا مقارنة مع اإلناث.
دراسة (منظمة األمم المتحدة2013 ,م) "دراسة عالمية في القتل" هدفت إلى الكشف
عن عدد جرائم القتل المنتشرة في العالم ,والبحث في أسبابها ,حيث احتوت على عدد
- 49 -
كبير من دول العالم ومنها الوطن العربي ,والتي كشفت أن معظم حاالت القتل تمت
باستخدام السالح بأنواعه ,وحسب الدراسة تم استخدام السالح في جرائم القتل في
وقد استخدم الذكور السالح بنسبة ,%67.6أما اإلناث األردن بنسبة ,%39
,%23.4وفي الدول العربية األخرى كفلسطين ,%72وتركيا ,%15وفي لبنان
.%36وقد توصلت إلى النتائج التالية :أن نسبة الذكور تزيد عن اإلناث 4أضعاف
في استخدام السالح لجرائم القتل ,و تزداد أعداد جرائم القتل في العاصمة وتقل كلما
بعدت عن العاصمة ,كما أن معظم حاالت جرائم القتل كانت تحت تأثير المخدرات
والكحول ,وعالميا كانت الواليات المتحدة األمريكية األكثر عددا لجرائم القتل حيث يقتل
157000شخصا سنويا ,وثم قارة أفريقيا التي سجلت 135000شخصا ,أما آسيا
122000شخصا ,وفي أوروبا 22000شخصا ,وباقي المحيطات 1100شخصا
سنويا ,وقد أكدت الدراسة أن معظم جرائم القتل كانت باستخدام السالح.
وفي دراسة ( )Planty, M. et al, 2013بعنوان (عنف إطالق العيارات النارية),
حيث احتوت الدراسة على 478,400عينة من جرائم القتل والعنف واإلصابات ,والتي
اعتمدت على التقارير اإلحصائية المقدمة من و ازرة العدل ,والتي أثبتت أن ()11,101
شخصا قتلوا بواسطة السالح في عام 2011م ,وأظهرت النتائج أن الفترة الواقعة ما بين
1993ولغاية 1998كانت األكثر عددا الرتكاب الجرائم ,وقد وصل إلى 18,253
شخصا ,ثم انخفضت في عام 1999وبدأ باالرتفاع مجددا عام 2000لتسجل من
10,828شخصا لـ 12,791شخصا عام 2006قبل أن ينخفض العدد ليصل الى
11,101في عام ,2011وقد توصلت إلى النتائج التالية :جرائم اإليذاء التي تم
استخدام السالح فيها ,شكلت نسبة اإلصابات فيها ( ,)%69أما جرائم القتل التي
استخدم فيها السالح من عام 1993م ولغاية 2011م شكلت نحو ,%70وحوالي أقل
من %10من اإلصابات ,وهو مؤشر لخطورة كبيرة ال يستهان بها ,كما توصلت
الدراسة إلى أن الفئة الواقعة بين 24–18عام هم الفئة األكثر إلطالق العيارات النارية
القاتلة ,وأن % 61كانت نسبة الحاالت التي تم اإلبالغ عنها ,كما وأن حاالت الدفاع
المشروع كانت األقل نسبة على اإلطالق والتي شكلت ,%1ومن النتائج اإليجابية
- 50 -
بالرغم من تلك األعداد الكبيرة ,إال أنها انخفضت أعداد الجرائم من عام 1993ولغاية
2011م.
ما يميز الدراسة الحالية :
ما يميز الدراسة الحالية عن الدراسات السابقة أنها إهتمت بعوامل إطالق العيارات
النارية في المناسبات اإلجتماعية ,ومدى تأثر الفرد والمجتمع بتلك العوامل حيث قامت
الدراسة بإستعراض العوامل اإلجتماعية والنفسية واإلقتصادية والثقافية والتشريعية
والقانونية ,بالتفصيل ومدى عالقتها بإطالق العيارات النارية.
- 51 -