Professional Documents
Culture Documents
18
الفصل األول :األعمال الدولية والشركات عبارة القومية
الشك أن أحد أهم التطورات االقتصادية منذ الحرب العالمية الثانية هو االتجاه
المتزايد نحو تدويل نشاط األعمال ،ورغم أن المعامالت االقتصادية قد تعدت الحواجز
القومية منذ قرون مضت ،إال أن هذه المعامالت قد شهدت تصاعداً حاداً في النصف الثاني
من القرن العشرين حيث حولت الشركات الرائدة حول العالم انتباهها نحو نشاط األعمال
والمعامالت الدولية من أجل الحفاظ على الميزة التنافسية لها على الساحة االقتصادية في
العالم اليوم ،باإلضافة إلى هذا االتجاه المتزايد نحو تدويل نشاط األعمال فإن تأثيره على
النظام االقتصادي العالمي يعد تأثير بالغاً إلى الحد الذي يؤدي بالبعض إلى مقارنة هذا
التأثير بالثورة الصناعية ووصفه بالثورة الصناعية الثانية.
إن ممارسة األعمال التجارية يعتبر عمالً خالقاً ،وممارسة هذا العمل خارج
الوطن الذي ينتمي إليه الفرد يزيد األمور تعقيداً وصعوبة ،ودون الخوض في كل هذه
19
التعقيدات ،خذ على سبيل المثال الحقيقية البسيطة أن البيئة االقتصادية التي تمارس فيها
األعمال تختلف اختالفاً كبيراً ،فاإلعالن التليفزيوني عن السلع والخدمات في الواليات
المتحدة هو أمر مسلم به ،ولكنه في هولندا غير مسموح به بالمرة ،كذلك في المملكة
المتحدة حيث ال تسمح هيئة اإلذاعة والتليفزيون البريطانية باإلعالن مطلقاً على قنواتها،
بينما يسمح باإلعالن في دول أخرى ولكن على نطاق ضيق فقط ،ففي سويسرا مثالً يسمح
باإلعالن التليفزيوني ما بين السادسة والنصف صباحاً وحتى الثامنة صباحاً وذلك خالل
أيام العمل األسبوعية دون عطلة نهاية األسبوع.
هذه النظرة السريعة على أحد عناصر التسويق واإلعالن توضح كيف أن إدارة
األعمال الدولية تستلزم علماً وثيقاً بكافة الثوابت والمتغيرات الثقافية للدول المختلفة،
وكيف أن هذه االختالفات تؤكد على ضرورة امتالك المسوق الدولي لقدرات تحليلية على
مستوى عالي وخبرة بمجال األعمال الخاص به التخاذ قرارات سليمة وفعالة.
-1تشبع السوق:
وصل السوق للعديد من المنتجات إلى مرحلة التشبع ،وبالتالي يجب البحث عن
أسواق جديدة لهذه المنتجات ،فمثالً منتجات مثل :السيارات والتليفزيونات Wوالراديوهات قد
وصلت إلى هذه المرحلة في بعض الدول مثل الواليات المتحدة حيث يقل معدل نمو
السكان عن معدل النمو المتوقع لمبيعات هذه المنتجات ،وبالتالي أصبح لزاماً على
20
الشركات في العديد من الصناعات البحث عن أسواق جديدة لمنتجاتها وإ ال أصبح
مصيرها الفناء ،وتمثل األسواق الدولية في هذه الحالة بديالً جذاباً للنمو خاصة من
األسواق التي الزالت في مراحل نموها األولى.
فلو أخذنا صناعة السجائر على سبيل المثال ،نجد أن مبيعات هذه الصناعة قد
وصلت إلى مرحلة من الركود في الواليات المتحدة ،بينما تتزايد مبيعاتها في دول العالم
الثالث .على سبيل المثال واحدة من كل ثالث سجائر في العالم تم تدخينها في الصين في
العام 1998حيث تزايد معدل تدخين الفرد الواحد في الصين 15ضعفاً في العام 1996
مقارنة مع العام 1952وبلغ عدد السجائر المستهلكة في الصين واندونيسيا 1643و
( 215بليون سيجارة على التوالي.
)World Health Organization, Tobacco Atlas, 2002وازدادت نسبة
المدخنين البالغين في كل من الصين ،التشيلي ،نيبال ،الهند لتصل إلى ،%85 ،%71
%64 ،%73على التوالي من إجمالي عدد البالغين خالل الفترة الواقعة بين -2000
2005بالمقارنة مع %32 ،%64 ،%78 ،%57من عدد البالغين خالل الفترة الواقعة
بين 2002-1998وبالمقابل انخفضت نسب المدخنين في كل من المملكة المتحدة،
فرنسا ،فنلندا والواليات المتحدة لتصل إلى %43 ،%54 ،%51 ،%52على التوالي من
عدد البالغين في الفترة الواقعة بين 2005-2000بالمقارنة مع ،%57 ،%54 ،%54
%47من عدد البالغين خالل الفترة الواقعة بين .2002-1998مع مالحظة ما يمثله
ضخامة حجم السوق الصينية والهندية التي تقارب 2.5مليار نسمة(World
)Development Indicators, 2005; 2006
باإلضافة إلى ذلك فإن العديد من أسواق دول العالم الثالث تقل فيها القيود
المفروضة على صناعة السجائر عنها في الواليات المتحدة والدول الصناعية ،حيث يمكن
للشركات في الكثير من األحيان اإلعالن بحرية في وسائل النشر المختلفة من إذاعة
وتليفزيون ،كما ال يتطلب األمر في بعض الدول أن تحمل علب السجائر تحذيرات عن
األضرار الجسيمة للتدخين.
21
إن الشركات الناجحة تسعى دائماً إلى البحث عن أسواق جديدة عبر حدودها
القومية ،فشركة والت ديزني على سبيل المثال ،الشركة المالكة لمدينة ديزني في الواليات
المتحدة ،قامت بإنشاء مدينة ديزني األوروبية "يورو ديزني" في فرنسا بعد نجاح توسعاتها
في اليابان ،وتسعى دائماً الستغالل فرص جديدة في الخارج بعد تشبع أسواقها في الداخل.
-2المنافسة األجنبية:
قد تكون المنافسة في بعض الصناعات في األسواق األجنبية أقل حدة من المنافسة
في األسواق المحلية (بطبيعة الحال قد يكون العكس هو الصحيح في بعض األحيان) فمثالً
تواجه الشركات األمريكية في العديد من الصناعات منافسة حادة وشديدة من الشركات
اليابانية .خذ على سبيل المثال صناعة ماكينات التصوير Wحيث تواجه الشركات األمريكية
مثل زيروكس منافسة حادة وشديدة من العديد من الشركات اليابانية والتي وصل عددها
إلى أربعة عشر منتجاً لماكينات التصوير Wوذلك مثل كانون وريكو والتي تقوم بتقديم
ماكينات منخفضة السعر ،عالية الجودة ،وتغزو بها األسواق األمريكية.
وبالمثل في صناعة أفالم الكاميرات حيث تواجه شركة كوداك األمريكية منافسة
شديدة من الشركات اليابانية مثل فوجي وكونيكا مما أدى إلى تراجع الحصة السوقية
لشركة كوداك في السوق األمريكية وذلك رغم زيادة معدل نمو سوق أفالم الكاميرات في
الواليات المتحدة.
كذلك في صناعة الغزل والنسيج تواجه الشركات األمريكية منافسة حادة وشديدة
من سيل من المنتجين من دول جنوب شرق آسيا مثل تايوان وهونج كونج وكوريا
الجنوبية ،حتى من دول مثل بنجالديش وإ ندونيسيا وموريشيوس Wوالتي تقدم منتجات عالية
الجودة ومنخفضة األسعار.
وأخيراً لعل صناعة السيارات تعتبر مثاالً واضحاً على المنافسة الشديدة التي تلقاها
الشركات األمريكية من الشركات اليابانية ،حيث قامت الشركات اليابانية في السبعينات
22
بدخول األسواق األمريكية عن طريق تقديم سيارة اقتصادية متوسطة الحجم ،عالية
الجودة.
وعلى الرغم من أن السوق الخاص بدولة نامية واحدة قد ال يمثل بديالً جذاباً
للشركات من الواليات المتحدة ،ألمانيا أو اليابان ،إال أن األسواق الخاصة بهذه الدول
النامية مجتمعة تمثل وال شك سوقاً رئيسياً لهذه الشركات ،فقد حققت العديد من الدول
النامية ،وخاصة تلك الدول التي يشار إليها أنها حديثة التصنيع ،معدالت نمو مرتفعة في
23
السنوات األخيرة ،وكما يوضح الجدول رقم ( ،)1/1حققت دول الصين وفيتنام وسنغافورا
وماليزيا والهند أعلى معدالت نمو في العالم خالل الفترة الواقعة بين 1990و،2000
حيث تراوح معدل النمو السنوي في هذه الدول بين %4.2لتايالند و %10.6للصين
بينما كان معدل النمو السنوي في أوروبا بين %1لسويسرا و %2.7للمملكة المتحدة
وكان معدل النمو السنوي في شرق آسيا والهادي %8.5بينما كان في دول االتحاد
األوربي %2.1وذلك خالل الفترة الواقعة بين 1990و 2000وقد حافظت أيضاً الدول
حديثة التصنيع سابقة الذكر على معدالت نمو مرتفعة خالل الفترة الواقعة بين 2000و
)World Development Indicators, 2006( 2004
وبالتالي فإنه كلما ارتفع مستوى الدخل في الدول النامية كلما مثل ذلك فرصاً تسويقية
جديدة للشركات من الدول الصناعية .أضف إلى ذلك أن معدل المواليد في الدول
الصناعية في طريقه إلى االنخفاض ،بينما يزداد السكان في الدول النامية بصفة عامة،
وعند أخذ ذلك في الحسبان ،يمكن لكثير من الشركات أن تعثر على فرصاً جديدة في
الدول النامية .ولعل توسع العديد من الشركات األمريكية في دول حوض المحيط الهادي،
وروسيا والصين ،ومنطقة الشرق األوسط أصدق دليل على ذلك .فقد قامت شركة
ماكدونالدز سنة 1990بافتتاح أول فرع لها في مدينة موسكو بسعة بلغت 700شخص
لتجعل منه أكبر فرع لها في العالم .كما قامت شركة كنتاكي فرايد تشكين بافتتاح أول فرع
لها في الصين وذلك في سنة .1987كذلك قامت العديد من الشركات األمريكية مثل
ماكدونالدز وكنتاكي فرايد تشيكن وبيرجير كينج واربيز وسبارو وهارديز وباسكين
روبينز بافتتاح فروع لها في منطقة الشرق األوسط.
24
المساعدات على شراء سلع وخدمات من الدول المانحة للمساعدات إال في حالة عدم توافر
هذه السلع والخدمات في الدول المانحة.
وفي كل الحاالت تسهم هذه المساعدات في خلق أسواق جديدة للدول الصناعية في
الدول النامية.
ولعل بعض األمثلة توضح ما يقصد ليفيت بظاهرة األسواق العالمية والمنتج
العالمي حيث يرى أن المستهلكين في العالم وخاصة الشباب منهم يرغب في امتالك نفس
المنتجات بنفس الخصائص مثل :أحذية نايكي وملبوسات بنيتون ومشروبات كوكاكوال
ومسجالت سوني وأفالم كوداك.
-6أسباب أخرى:
هناك مجموعة من األسباب األخرى التي تجعل من التوسع في األعمال خارج
الحدود القومية بديالً جذاباً ومربحاً ،ففي الصناعات التي تكون فيها وفورات الحجم
مرغوبة ،يصبح وجود السوق الكبير ضرورة ،وفي حالة عدم اتساع السوق المحلي
بالقدرة الكافي الستيعاب الناتج الكلي لصناعة معينة ،يصبح دخول األسواق الدولية قراراً
حتمياً ،وفي هذا الصدد تشير شركة بوالرويد العالمية لصناعة الكاميرات وأدوات
التصوير Wأنها حققت وفورات الحجم فقط عن طريق دخولها األسواق الدولية.
25
في كثير من الصناعات تمثل تكلفة العمالة جزءاً كبيراً من التكلفة الكلية وحيث أن
تكلفة العمالة في العالم الثالث أقل بكثير من تكلفة العمالة في الدول الصناعية ،يصبح من
المجدي لكثير من الشركات التوسع في عملياتها الدولية .فعلى سبيل المثال ،تعتمد شركات
اإللكترونيات على المئات بل اآلالف من الفتيات الصغيرات على تجميع األجزاء الصغيرةW
التي تدخل في المنتج النهائي ،وفي بعض األحيان تصل تكلفة العمالة على نصف التكلفة
الكلية ،وبالتالي فإنه كلما انخفضت قد وجهت جزءاً كبيراً من استثماراتها إلى ماليزيا
وتايالند والفلبين والمكسيك لتحقيق وفر في تكلفة العمالة.
كثيراً ما تمنح الدول النامية مزايا ضريبية لجذب االستثمارات األجنبية إليها وذلك
بهدف زيادة فرص العمل ألبنائها وزيادة العملة الصعبة ،ضريبية في دولة معينة سوف
تستثمر أموالها في الدول التي تفرض ضرائب أقل.
كما ترغب العديد من الشركات الدولية في تطوير واختبار منتجاتها الجديدة خارج
الحدود القومية وذلك لتجنب التعرض للمنافسة المباشرة واالحتفاظ بأسرار تطوير
واختبار المنتج إلى أن يصبح المنتج جاهزاً للتقديم على نطاق واسع ،وتتبع شركة فورد
األمريكية لصناعة السيارات هذا األسلوب حيث تقوم بتطوير واختبار موديالتها الجديدة
في القارة األوروبية كما تتبع نفس األسلوب بعض الشركات اليابانية حيث تقوم بتطوير
واختبار منتجاتها في استراليا أو دول جنوب شرق آسيا قبل تقديمها إلى األسواق
األمريكية على نطاق واسع.
وأخيراً فإن الوجود على الساحة الدولية يتيح الفرصة لالستفادة عن قرب من
التطورات التكنولوجية والقرب من المادة الخام ،ففي مرحلة من الزمن مثالً قادت
الشركات األوربية لصناعة السيارات الطريق في التكنولوجيا الخاصة بالحقن
األوتوماتيكي للوقود ،وبالتالي كان لزاماً على الشركات اليابانية واألمريكية أن تكون
موجودة على الساحل األوروبية لالستفادة من هذه التكنولوجيا.
26
االطار العام للتسويق الدولي:
إن اتخاذ القرارات التسويقية الخاصة بالمنتج وتسعيره وترويجه واختيار منافذ
توزيعه يجب اتخاذها سواء كانت األعمال في الواليات المتحدة أو المملكة المتحدة أو في
فرنسا أو اليابان ،ولكن البيئة التي يتم فيها اتخاذ القرارات تخص كل دولة بذاتها ،وعلى
هذا فإن االختالف في البيئة التسويقية هو الذي يميز التسويق الدولي من التسويق المحلي.
وتتخذ المنشأة قراراتها التسويقية المحلية بعد أن تأخذ في االعتبار بيئتها الداخلية
والخارجية ،وتشمل البيئة الداخلية أشياء مثل أهداف المنظمة وثقافتها وفلسفتها وتنظيمها
والموارد المتاحة لها ،بينما تشمل البيئة الخارجية التغيرات التكنولوجية وتحركات
المنافسة المؤثرات االقتصادية والثقافية واالجتماعية والقانونية والسياسية.
وعند دخول الشركة لألسواق الدولية تواجه نفس العوامل الداخلية والخارجية ولكن
في ظل بيئة مختلفة تماماً فالظروف االقتصادية تختلف من دولة إلى أخرى والقوانين
تختلف في شدتها ومدى تطبيقها من مكان إلى آخر .ودرجة الحرية السياسية والنظام
السياسي المتبع يختلف من مجتمع آلخر ،والدور الذي تلعبه المرأة في اتخاذ قرار الشراء
ومدى أهميته يتراوح بين ثقافة وثقافة أخرى.
والحقيقة أن البيئة التسويقية تختلف اختالفاً كبيراً حتى بين الدول التي تنتمي إلى
نفس المنطقة جغرافياً ،أو التي تشترك في نفس الجذور الثقافية" ،فعلى سبيل المثال من
الخطأ افتراض أن البيئة التسويقية في الواليات المتحدة والمملكة المتحدة واحدة ،فعلى
الرغم من وجود بعض أوجه الشبة بينهما إال أن االثنتين تختلفان اختالفاً كبيراً.
27
المؤسسات الدولية االتفاقات الدولية
التسعير المنتج
تحركات المنافسة المستهلك البيئة التكنولوجية
الدولي
التوزيع الترويج
البيئة القانونية البيئة الثقافية
28
-اآلثار اإليجابية:
-1تكوين رأس المال:
يمكن للشركة الدولية أن تسهم مساهمة إيجابية في تكوين رأس المال في الدول
المضيفة عن طريق ضخ رأس المال إليها مما يساعد على تحقيق أهداف النمو االقتصادية
وتضييق الفجوة بين حجم االستثمارات المرغوبة وحجم المدخرات المحلية وخاصة في
الدول ذات الموارد المحلية المحدودة.
وال تقتصر فائدة نقل التكنولوجيا اإلنتاجية والمعرفة اإلدارية على الجانب المحلي
المرتبط بعقد ترخيص أو امتياز أو ما شابه مع الشركة الدولية بل تمتد إلى الشركات
األخرى التي تعمل في نفس المجال والتي يمكن أن تنقل من الشركات األجنبية أسلوب
وطريقة أدائها ألعمالها وتزيد بالتالي من قدرتها على منافسة الشركة األجنبية .فلو أخذنا
على سبيل المثال سلسلة مطاعم الوجبات السريعة العاملة في الشرق األوسط نجد أن
العديد من الشركات المحلية بدأت تقدم منتجات وخدمات تحاكي األسماء العالمية في
مستوى الخدمة والجودة.
29
-3التنمية اإلقليمية والقطاعية:
يمكن لالستثمارات األجنبية المباشرة أن تستخدم بفاعلية لتطوير وتنمية منطقة
جغرافية معينة أو قطاع صناعي محدد في الدولة المضيفة ،حيث يعتبر االستثمار األجنبي
المباشر أحد أسرع الوسائل التي تساعد على الحد من مشكلة البطالة في المناطق اإلقليمية
في دولة من الدول ،وذلك ألن الوقت والتكاليف المرتبطة بإنشاء مثل هذه الصناعات
وتنمية مثل هذه المناطق محلياً قد يكون مانعاً في الكثير من األحيان .كذلك فإنه في العديد
من الدول يمكن االعتماد على االستثمارات األجنبية المباشرة كوسيلة لتنويع محفظة
االستثمارات وتوسيع القاعدة الصناعية للدولة مما يؤدي إلى تقليل اعتماد الدولة على
قطاع واحد أو قطاعات محدودة.
-4زيادة المنافسة:
تؤدي االستثمارات األجنبية المباشرة إلى زيادة درجة المنافسة مما يؤدي إلى
تحقيق فوائد للمستهلك في شكل ارتفاع الجودة وانخفاض األسعار ،وتحقيق التطور
الصناعي المستديم للقاعدة الصناعية للدولة حيث تؤدي المنافسة إلى تقديم أساليب
ومنتجات وخدمات وأفكار جديدة من شأنها تحسين األساليب القائمة ألداء األعمال.
30
يساعد االستثمار األجنبي – في رأي الكثيرين – على رفع مستوى التوظف
والعمل في الدولة المضيفة ،حيث يعمل على سبيل المثال بالشركات األجنبية العاملة في
الواليات المتحدة 3ماليين أمريكي ،أو ما يقرب من %2من حجم قوة العمل .باإلضافة
إلى أن الشركات الدولية غالباً ما تقوم بدفع أجورا أعلى من الشركات المحلية ،كما تقوم
بخلق فرص عمل أخرى بطريقة غير مباشرة لعديد من الصناعات المغذية والمرتبطة
التي تقوم إلمداد الشركات الدولية بالمواد والمكونات التي تحتاجها.
-اآلثار السلبية:
-1التبعية االقتصادية:
تسيطر الشركات عابرة القومية في معظم األحيان على االستثمارات في قطاعات
استراتيجية مما يؤدي إلى إلحاق الضرر باالقتصاد الوطني وتولد مخاوف في الدولة
المضيفة من التبعية االقتصادية للخارج ،لذا تسعى العديد من الدول إلى الحد االستثمارات
األجنبية في مجاالت معينة ،حيث أمرت مثالً الحكومة البريطانية مكتب االستثمار
الكويتي في لندن أن يبيع نصف حصته في شركة بريتيش بتروليوم ،كذلك تقاوم اليابان
محاوالت الواليات المتحدة فتح أسواق األرز اليابانية ،وحتى الواليات المتحدة ال ترغب
في وضع صناعاتها المتطورة في أيدي اليابانيين وقامت بمنع الشركات اليابانية من شراء
شركة فيرشايلد للكومبيوترW.
-2التبعية التكنولوجية:
حيث أن استثمارات الشركات عابرة القومية تتركز في مجال الصناعات عالية
التقنية ،فإن البعض يرى أن الشركات الدولية تبيع التكنولوجيا الخاصة بها بسعر مرتفع
يفوق بكثير التكلفة الخاصة بها ،كذلك فإنه في مجال البحوث والتطوير غالباً ما تقوم
الشركات الدولية بتطوير المعرفة والتكنولوجيا الجديدة وتحتفظ بها داخل نطاق المركز
الرئيسي ،وحتى في حالة نقل المعرفة والتكنولوجيا من المركز الرئيسي إلى الدولة
31
المضيفة ،فغالباً ما تقوم الشركة الدولية باالحتفاظ ببعض األسرار واألجزاء والمكونات
األساسية لضمان االحتفاظ بالتفوق التكنولوجي.
عالوة على ذلك فإن البعض يتهم الشركات الدولية بأنها تستخدم في بعض األحيان
تكنولوجيا ذات كثافة رأسمالية عالية غير مالئمة لظروف الدول النامية بدالً من
استخدامها تكنولوجيا ذات كثافة بشرية عالية تناسب ظروف الدول النامية ،األمر الذي
يتعارض مع ظروف الدول النامية ويؤدي إلى تعطيل القوى البشرية بها وتفاقم مشكلة
البطالة فيها.
كذلك قد يؤدي نشاط الشركة الدولية إلى تخفيض اإليرادات أو زيادة األنفاق
الحكومي األمر الذي تسعى الدولة إلى تجنبه ،فقد تقوم الدولة بمنح إعفاءات ضريبية
للشركة األجنبية وبذلك تقل اإليرادات الحكومية عما لو كانت ستكون عليه بدون إعفاءات.
ومن ناحية أخرى قد يترتب على استثمار الشركة الدولية في الدولة المضيفة أعباء إضافية
تتمثل في إنفاق الدولة على إنشاء الطرق وتوفير الخدمات والبنية األساسية في أماكن نائية
من القطر قد تعجز الدولة عن توفيرها ،وهنا قد تقوم الشركة الدولية بتوفيرها وتبرز إلى
السطح مرة أخرى االتهامات بالتبعية والسيطرة االقتصادية.
32
الشركات عابرة القومية هي بالتعريف أداة للتغيير ،وعليه كثيراً ما تًتهم الشركات
الدولية بأنها تحدث تغييراً ليس فقط في طريقة أداء األعمال ولكن أيضا في اتجاهات وقيم
ونمط حياة األفراد في الدول التي تتواجد فيها ،وذلك عن طريق السلع والخدمات التي
تقدمها.
فعلى سبيل المثال ،يؤدي دخول سلسلة مطاعم الوجبات السريعة إلى أسواق الدول
النامية إلى تغيير العادات الغذائية وزيادة النزعة االستهالكية خاصة لدى صغار السن من
الجنسين .كذلك تتهم الشركات الدولية بالترويج لعادات استهالكية ضارة بالصحة مثل
التدخين والمشروبات الغازية واأللبان المجففة ،للحد الذي تسعى فيه الشركات الدولية إلى
العمل على زيادة اإلقبال على التدخين في الدول النامية بعد أن وصلت مبيعات السجائر
إلى مرحلة من الركود في الدول الصناعية وحدت القوانين فيها من استهالكها .كما تتهم
الشركات الدولية بنقل الصناعات الملوثة للبيئة إلى الدول النامية هرباً من قوانين البيئة
الصارمة في الغرب.
وحتى على مستوى الدول الصناعية يشك البعض في نوايا وأهداف الشركة
الدولية ،ولعل الحساسية تجاه حكومة الدولة األم للشركات عابرة القومية تبلغ أقصاها في
كندا والتي تمتلك الشركات األمريكية فيها نصف صناعة السيارات حيث وجدت كندا
نفسها في إحدى المرات غير قادرة على تنفيذ سياسات الحكومة الكندية في التعامل مع
الصين .فبينما كانت كندا تعترف بالصين الشعبية وال ترفض التعامل التجاري معها،
رفض فرع شركة فورد األمريكية لصناعة السيارات في كندا تصدير السيارات إلى
الصين ألن ذلك يتعارض مع سياسات بلد شركة فورد.
33
هذا وال يقتصر النقد الموجه للشركات عابرة القومية على الدول المستقبلة
لالستثمار بل يمتد إلى الدول التي تنتمي إليها هذه الشركات ،فعلى سبيل المثال ،تنتقد
نقابات العمل في الواليات المتحدة الشركات عابرة القومية على أنها السبب في انتقال
فرص العمل والتوظف إلى خارج الواليات المتحدة ،والدخول في اتفاقات مشبوهة
والتورط في نشاطات سياسية ،كذلك ينتقد البعض في الواليات المتحدة الشركات
األمريكية عابرة القومية التي تحقق أكثر من %50من أرباحها خارج الواليات المتحدة
بأنها ال تهتم بأهداف الواليات المتحدة االقتصادية داخلياً.
وإ جماالً نقول أن الشركات عابرة القومية قد ساهمت مساهمة إيجابية في التقدم
االقتصادي واالجتماعي حول العالم .فعن طريق قدراتها التكنولوجية واإلدارية ساعدت
الشركات عابرة القومية في رفع كفاءة استخدام الموارد في العديد من الدول ،وعن طريق
استثماراتها ساعدت على تنويع محفظة استثمارات البعض اآلخر ،وعن طريق ضخ رأس
المال إلى العديد من الدول ساعدت على تحقيق أهداف النمو االقتصادي فيها ،ولعل أكبر
مساهمات الشركات عابرة القومية هي خلق فرص العمالة والتوظف ورفع مستوى
المعيشة في العديد من الدول.
34