You are on page 1of 17

‫الفصل األول‪ :‬األعمال الدولية والشركات عابرة القومية‬

‫الفصل األول‪ :‬األعمال الدولية والشركات عابرة القومية‬

‫بعد دراسة هذا الفصل يتعين على القارئ‪:‬‬

‫‪ -1‬مناقشة أسباب األهمية المتزايدة لألعمال الدولية‪.‬‬


‫‪ -2‬معرفة االختالفات بين التسويق الدولي والتسويق المحلي‪.‬‬
‫‪ -3‬تعريف الشركات عابرة القومية‪.‬‬
‫‪ -4‬مناقشة اإلسهامات واالنتقادات الموجهة للشركات عابرة القومية‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫الفصل األول‪ :‬األعمال الدولية والشركات عبارة القومية‬

‫الشك أن أحد أهم التطورات االقتصادية منذ الحرب العالمية الثانية هو االتجاه‬
‫المتزايد نحو تدويل نشاط األعمال‪ ،‬ورغم أن المعامالت االقتصادية قد تعدت الحواجز‬
‫القومية منذ قرون مضت‪ ،‬إال أن هذه المعامالت قد شهدت تصاعداً حاداً في النصف الثاني‬
‫من القرن العشرين حيث حولت الشركات الرائدة حول العالم انتباهها نحو نشاط األعمال‬
‫والمعامالت الدولية من أجل الحفاظ على الميزة التنافسية لها على الساحة االقتصادية في‬
‫العالم اليوم‪ ،‬باإلضافة إلى هذا االتجاه المتزايد نحو تدويل نشاط األعمال فإن تأثيره على‬
‫النظام االقتصادي العالمي يعد تأثير بالغاً إلى الحد الذي يؤدي بالبعض إلى مقارنة هذا‬
‫التأثير بالثورة الصناعية ووصفه بالثورة الصناعية الثانية‪.‬‬

‫فاألسواق في الوقت الحاضر ال توفر تنوع في المنتجات فحسب ولكنها توفر‬


‫منتجات من أماكن متعددة‪ ،‬فمن غير المستبعد أن تكون المالبس التي ترتديها صنعت في‬
‫تايوان أو هونج كونج‪ ،‬واألحذية جاءت من الهند أو إيطاليا‪ ،‬والسيارة التي تقودها جاءت‬
‫من اليابان أو ألمانيا ومزودة بإطارات صنعت في فرنسا وزجاج جاء من هولندا ودهان‬
‫للسيارة صنع في بريطانيا‪.‬‬

‫إن ممارسة األعمال التجارية يعتبر عمالً خالقاً‪ ،‬وممارسة هذا العمل خارج‬
‫الوطن الذي ينتمي إليه الفرد يزيد األمور تعقيداً وصعوبة‪ ،‬ودون الخوض في كل هذه‬

‫‪19‬‬
‫التعقيدات‪ ،‬خذ على سبيل المثال الحقيقية البسيطة أن البيئة االقتصادية التي تمارس فيها‬
‫األعمال تختلف اختالفاً كبيراً‪ ،‬فاإلعالن التليفزيوني عن السلع والخدمات في الواليات‬
‫المتحدة هو أمر مسلم به‪ ،‬ولكنه في هولندا غير مسموح به بالمرة‪ ،‬كذلك في المملكة‬
‫المتحدة حيث ال تسمح هيئة اإلذاعة والتليفزيون البريطانية باإلعالن مطلقاً على قنواتها‪،‬‬
‫بينما يسمح باإلعالن في دول أخرى ولكن على نطاق ضيق فقط‪ ،‬ففي سويسرا مثالً يسمح‬
‫باإلعالن التليفزيوني ما بين السادسة والنصف صباحاً وحتى الثامنة صباحاً وذلك خالل‬
‫أيام العمل األسبوعية دون عطلة نهاية األسبوع‪.‬‬

‫هذه النظرة السريعة على أحد عناصر التسويق واإلعالن توضح كيف أن إدارة‬
‫األعمال الدولية تستلزم علماً وثيقاً بكافة الثوابت والمتغيرات الثقافية للدول المختلفة‪،‬‬
‫وكيف أن هذه االختالفات تؤكد على ضرورة امتالك المسوق الدولي لقدرات تحليلية على‬
‫مستوى عالي وخبرة بمجال األعمال الخاص به التخاذ قرارات سليمة وفعالة‪.‬‬

‫‪-‬األعمال الدولية (‪:)International Business‬‬


‫يشير مصطلح األعمال الدولية إلى مجموعة واسعة من النشاطات تؤدي عند‬
‫ممارسة هذه األعمال عبر الحدود القومية وهنا يثار تساؤل أال وهو لماذا تتعدى األعمال‬
‫عبر الحدود القومية؟ أو بعبارة أخرى ما هي األسباب التي تؤدي إلى ممارسة األعمال‬
‫دولياً؟ وواقع األمر أنه في السنوات األخيرة استجدت مجموعة من العوامل التي جعلت‬
‫ممارسة األعمال الدولية بديالً جذاباً للنمو لكثير من المنظمات‪ ،‬هذه العوامل من المتوقع‬
‫لها أن تزداد ويزداد تأثيرها في السنوات القادمة (‪.)Jain, 2001‬‬

‫‪ -1‬تشبع السوق‪:‬‬
‫وصل السوق للعديد من المنتجات إلى مرحلة التشبع‪ ،‬وبالتالي يجب البحث عن‬
‫أسواق جديدة لهذه المنتجات‪ ،‬فمثالً منتجات مثل‪ :‬السيارات والتليفزيونات‪ W‬والراديوهات قد‬
‫وصلت إلى هذه المرحلة في بعض الدول مثل الواليات المتحدة حيث يقل معدل نمو‬
‫السكان عن معدل النمو المتوقع لمبيعات هذه المنتجات‪ ،‬وبالتالي أصبح لزاماً على‬

‫‪20‬‬
‫الشركات في العديد من الصناعات البحث عن أسواق جديدة لمنتجاتها وإ ال أصبح‬
‫مصيرها الفناء‪ ،‬وتمثل األسواق الدولية في هذه الحالة بديالً جذاباً للنمو خاصة من‬
‫األسواق التي الزالت في مراحل نموها األولى‪.‬‬

‫فلو أخذنا صناعة السجائر على سبيل المثال‪ ،‬نجد أن مبيعات هذه الصناعة قد‬
‫وصلت إلى مرحلة من الركود في الواليات المتحدة‪ ،‬بينما تتزايد مبيعاتها في دول العالم‬
‫الثالث‪ .‬على سبيل المثال واحدة من كل ثالث سجائر في العالم تم تدخينها في الصين في‬
‫العام ‪ 1998‬حيث تزايد معدل تدخين الفرد الواحد في الصين ‪ 15‬ضعفاً في العام ‪1996‬‬
‫مقارنة مع العام ‪ 1952‬وبلغ عدد السجائر المستهلكة في الصين واندونيسيا ‪ 1643‬و‬
‫(‬ ‫‪ 215‬بليون سيجارة على التوالي‪.‬‬
‫‪ )World Health Organization, Tobacco Atlas, 2002‬وازدادت نسبة‬
‫المدخنين البالغين في كل من الصين‪ ،‬التشيلي‪ ،‬نيبال‪ ،‬الهند لتصل إلى ‪،%85 ،%71‬‬
‫‪ %64 ،%73‬على التوالي من إجمالي عدد البالغين خالل الفترة الواقعة بين ‪-2000‬‬
‫‪ 2005‬بالمقارنة مع‪ %32 ،%64 ،%78 ،%57‬من عدد البالغين خالل الفترة الواقعة‬
‫بين ‪ 2002-1998‬وبالمقابل انخفضت نسب المدخنين في كل من المملكة المتحدة‪،‬‬
‫فرنسا‪ ،‬فنلندا والواليات المتحدة لتصل إلى ‪ %43 ،%54 ،%51 ،%52‬على التوالي من‬
‫عدد البالغين في الفترة الواقعة بين ‪ 2005-2000‬بالمقارنة مع ‪،%57 ،%54 ،%54‬‬
‫‪ %47‬من عدد البالغين خالل الفترة الواقعة بين ‪ .2002-1998‬مع مالحظة ما يمثله‬
‫ضخامة حجم السوق الصينية والهندية التي تقارب ‪ 2.5‬مليار نسمة(‪World‬‬
‫‪)Development Indicators, 2005; 2006‬‬

‫باإلضافة إلى ذلك فإن العديد من أسواق دول العالم الثالث تقل فيها القيود‬
‫المفروضة على صناعة السجائر عنها في الواليات المتحدة والدول الصناعية‪ ،‬حيث يمكن‬
‫للشركات في الكثير من األحيان اإلعالن بحرية في وسائل النشر المختلفة من إذاعة‬
‫وتليفزيون‪ ،‬كما ال يتطلب األمر في بعض الدول أن تحمل علب السجائر تحذيرات عن‬
‫األضرار الجسيمة للتدخين‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫إن الشركات الناجحة تسعى دائماً إلى البحث عن أسواق جديدة عبر حدودها‬
‫القومية‪ ،‬فشركة والت ديزني على سبيل المثال‪ ،‬الشركة المالكة لمدينة ديزني في الواليات‬
‫المتحدة‪ ،‬قامت بإنشاء مدينة ديزني األوروبية "يورو ديزني" في فرنسا بعد نجاح توسعاتها‬
‫في اليابان‪ ،‬وتسعى دائماً الستغالل فرص جديدة في الخارج بعد تشبع أسواقها في الداخل‪.‬‬

‫‪ -2‬المنافسة األجنبية‪:‬‬
‫قد تكون المنافسة في بعض الصناعات في األسواق األجنبية أقل حدة من المنافسة‬
‫في األسواق المحلية (بطبيعة الحال قد يكون العكس هو الصحيح في بعض األحيان) فمثالً‬
‫تواجه الشركات األمريكية في العديد من الصناعات منافسة حادة وشديدة من الشركات‬
‫اليابانية‪ .‬خذ على سبيل المثال صناعة ماكينات التصوير‪ W‬حيث تواجه الشركات األمريكية‬
‫مثل زيروكس منافسة حادة وشديدة من العديد من الشركات اليابانية والتي وصل عددها‬
‫إلى أربعة عشر منتجاً لماكينات التصوير‪ W‬وذلك مثل كانون وريكو والتي تقوم بتقديم‬
‫ماكينات منخفضة السعر‪ ،‬عالية الجودة‪ ،‬وتغزو بها األسواق األمريكية‪.‬‬

‫وبالمثل في صناعة أفالم الكاميرات حيث تواجه شركة كوداك األمريكية منافسة‬
‫شديدة من الشركات اليابانية مثل فوجي وكونيكا مما أدى إلى تراجع الحصة السوقية‬
‫لشركة كوداك في السوق األمريكية وذلك رغم زيادة معدل نمو سوق أفالم الكاميرات في‬
‫الواليات المتحدة‪.‬‬

‫كذلك في صناعة الغزل والنسيج تواجه الشركات األمريكية منافسة حادة وشديدة‬
‫من سيل من المنتجين من دول جنوب شرق آسيا مثل تايوان وهونج كونج وكوريا‬
‫الجنوبية‪ ،‬حتى من دول مثل بنجالديش وإ ندونيسيا وموريشيوس‪ W‬والتي تقدم منتجات عالية‬
‫الجودة ومنخفضة األسعار‪.‬‬

‫وأخيراً لعل صناعة السيارات تعتبر مثاالً واضحاً على المنافسة الشديدة التي تلقاها‬
‫الشركات األمريكية من الشركات اليابانية‪ ،‬حيث قامت الشركات اليابانية في السبعينات‬

‫‪22‬‬
‫بدخول األسواق األمريكية عن طريق تقديم سيارة اقتصادية متوسطة الحجم‪ ،‬عالية‬
‫الجودة‪.‬‬

‫وعلى الرغم من خسارة شركات صناعة السيارات في اليابان لميزتها التنافسية‬


‫المتمثلة في انخفاض تكلفتها بالمقارنة بمثيالتها األمريكية واألوروبية وذلك لالرتفاع‬
‫الشديد في قيمة الين في مقابل الدوالر والعمالت األوروبية األخرى‪ ،‬إذا أن الشركات‬
‫اليابانية قامت بتبني استراتيجيات جديدة للمنافسة تمثلت في االرتفاع بمستوى الجودة‬
‫وتطوير التكنولوجيا المستخدمة في صناعة السيارات‪ .‬وأصبحت الشركات األمريكية‬
‫لصناعة السيارات جنرال موتورز وفورد وكرايزلز تلهث في الوقت الحاضر للحاق‬
‫بالتكنولوجيا المتطورة لصناعة السيارات في الشركات اليابانية مثل تويوتا ونيسان‬
‫وهوندا‪.‬‬

‫والشك أن أحد الطرق لمواجهة التحدي من الشركات األجنبية هو دخول الشركات‬


‫التي تتعرض لمنافسة شديدة لألسواق المحلية لهذه الشركات‪.‬‬

‫‪ -3‬ظهور أسواق جديدة‪:‬‬


‫أدى اتجاه دول كثيرة شرقاً وغرباً نحو تغير نظامها االقتصادية وتحرير‬
‫اقتصادياتها‪ ،‬كما أدت التغييرات التي طرأت على دول أوروبا الشرقية وإ عادة توحيد‬
‫ألمانيا‪ ،‬واالتجاه بخطى سريعة نحو الخصخصة والنمو المتصاعد في اقتصاديات دول‬
‫حوض المحيط الهادي والتغييرات الهائلة في الصين واالتحاد السوفيتي إلى خلق فرص‬
‫جديدة للنمو والتوسع للشركات الدولية‪.‬‬

‫وعلى الرغم من أن السوق الخاص بدولة نامية واحدة قد ال يمثل بديالً جذاباً‬
‫للشركات من الواليات المتحدة‪ ،‬ألمانيا أو اليابان‪ ،‬إال أن األسواق الخاصة بهذه الدول‬
‫النامية مجتمعة تمثل وال شك سوقاً رئيسياً لهذه الشركات‪ ،‬فقد حققت العديد من الدول‬
‫النامية‪ ،‬وخاصة تلك الدول التي يشار إليها أنها حديثة التصنيع‪ ،‬معدالت نمو مرتفعة في‬

‫‪23‬‬
‫السنوات األخيرة‪ ،‬وكما يوضح الجدول رقم (‪ ،)1/1‬حققت دول الصين وفيتنام وسنغافورا‬
‫وماليزيا والهند أعلى معدالت نمو في العالم خالل الفترة الواقعة بين ‪ 1990‬و‪،2000‬‬
‫حيث تراوح معدل النمو السنوي في هذه الدول بين ‪ %4.2‬لتايالند و ‪ %10.6‬للصين‬
‫بينما كان معدل النمو السنوي في أوروبا بين ‪ %1‬لسويسرا و‪ %2.7‬للمملكة المتحدة‬
‫وكان معدل النمو السنوي في شرق آسيا والهادي ‪ %8.5‬بينما كان في دول االتحاد‬
‫األوربي ‪ %2.1‬وذلك خالل الفترة الواقعة بين ‪ 1990‬و ‪ 2000‬وقد حافظت أيضاً الدول‬
‫حديثة التصنيع سابقة الذكر على معدالت نمو مرتفعة خالل الفترة الواقعة بين‪ 2000‬و‬
‫‪)World Development Indicators, 2006( 2004‬‬

‫وبالتالي فإنه كلما ارتفع مستوى الدخل في الدول النامية كلما مثل ذلك فرصاً تسويقية‬
‫جديدة للشركات من الدول الصناعية‪ .‬أضف إلى ذلك أن معدل المواليد في الدول‬
‫الصناعية في طريقه إلى االنخفاض‪ ،‬بينما يزداد السكان في الدول النامية بصفة عامة‪،‬‬
‫وعند أخذ ذلك في الحسبان‪ ،‬يمكن لكثير من الشركات أن تعثر على فرصاً جديدة في‬
‫الدول النامية‪ .‬ولعل توسع العديد من الشركات األمريكية في دول حوض المحيط الهادي‪،‬‬
‫وروسيا والصين‪ ،‬ومنطقة الشرق األوسط أصدق دليل على ذلك‪ .‬فقد قامت شركة‬
‫ماكدونالدز سنة ‪ 1990‬بافتتاح أول فرع لها في مدينة موسكو بسعة بلغت ‪ 700‬شخص‬
‫لتجعل منه أكبر فرع لها في العالم‪ .‬كما قامت شركة كنتاكي فرايد تشكين بافتتاح أول فرع‬
‫لها في الصين وذلك في سنة ‪ .1987‬كذلك قامت العديد من الشركات األمريكية مثل‬
‫ماكدونالدز وكنتاكي فرايد تشيكن وبيرجير كينج واربيز وسبارو وهارديز وباسكين‬
‫روبينز بافتتاح فروع لها في منطقة الشرق األوسط‪.‬‬

‫‪ -4‬ظهور فرص عن طريق برامج المساعدات األجنبية‪:‬‬


‫تساعد برامج المساعدات األجنبية للدول النامية على فتح أسواق جديدة للدول‬
‫الصناعية في الدول النامية‪ ،‬حيث تشترط معظم هذه البرامج أن يتم صرف حصيلة هذه‬

‫‪24‬‬
‫المساعدات على شراء سلع وخدمات من الدول المانحة للمساعدات إال في حالة عدم توافر‬
‫هذه السلع والخدمات في الدول المانحة‪.‬‬

‫وفي كل الحاالت تسهم هذه المساعدات في خلق أسواق جديدة للدول الصناعية في‬
‫الدول النامية‪.‬‬

‫‪ -5‬االتجاه نحو العالمية‪:‬‬


‫يرى ليفيت (‪ )1983‬أن التكنولوجيا المستخدمة في العالم أصبحت واحدة وأن‬
‫الحواجز بين الدول قد انهارت نتيجة التقدم الهائل في وسائل االتصال وأن احتياجات‬
‫األفراد من ثقافات مختلفة قد تقاربت لتكون سوق عالمي واحد وأننا نعيش في الوقت‬
‫الحاضر فيما يسمى بالقرية العالمية ‪ ، Global Village‬وبالتالي على الشركات الدولية‬
‫أخذ ذلك في االعتبار عند قيامها بتخطيط عملياتها لتأكيد قدرتها على المنافسة بإنتاج‬
‫منتجات عالمية موحدة وتسويقها بنفس الطريقة في كل مكان من العالم‪.‬‬

‫ولعل بعض األمثلة توضح ما يقصد ليفيت بظاهرة األسواق العالمية والمنتج‬
‫العالمي حيث يرى أن المستهلكين في العالم وخاصة الشباب منهم يرغب في امتالك نفس‬
‫المنتجات بنفس الخصائص مثل‪ :‬أحذية نايكي وملبوسات بنيتون ومشروبات كوكاكوال‬
‫ومسجالت سوني وأفالم كوداك‪.‬‬
‫‪ -6‬أسباب أخرى‪:‬‬
‫هناك مجموعة من األسباب األخرى التي تجعل من التوسع في األعمال خارج‬
‫الحدود القومية بديالً جذاباً ومربحاً‪ ،‬ففي الصناعات التي تكون فيها وفورات الحجم‬
‫مرغوبة‪ ،‬يصبح وجود السوق الكبير ضرورة‪ ،‬وفي حالة عدم اتساع السوق المحلي‬
‫بالقدرة الكافي الستيعاب الناتج الكلي لصناعة معينة‪ ،‬يصبح دخول األسواق الدولية قراراً‬
‫حتمياً‪ ،‬وفي هذا الصدد تشير شركة بوالرويد العالمية لصناعة الكاميرات وأدوات‬
‫التصوير‪ W‬أنها حققت وفورات الحجم فقط عن طريق دخولها األسواق الدولية‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫في كثير من الصناعات تمثل تكلفة العمالة جزءاً كبيراً من التكلفة الكلية وحيث أن‬
‫تكلفة العمالة في العالم الثالث أقل بكثير من تكلفة العمالة في الدول الصناعية‪ ،‬يصبح من‬
‫المجدي لكثير من الشركات التوسع في عملياتها الدولية‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬تعتمد شركات‬
‫اإللكترونيات على المئات بل اآلالف من الفتيات الصغيرات على تجميع األجزاء الصغيرة‪W‬‬
‫التي تدخل في المنتج النهائي‪ ،‬وفي بعض األحيان تصل تكلفة العمالة على نصف التكلفة‬
‫الكلية‪ ،‬وبالتالي فإنه كلما انخفضت قد وجهت جزءاً كبيراً من استثماراتها إلى ماليزيا‬
‫وتايالند والفلبين والمكسيك لتحقيق وفر في تكلفة العمالة‪.‬‬

‫كثيراً ما تمنح الدول النامية مزايا ضريبية لجذب االستثمارات األجنبية إليها وذلك‬
‫بهدف زيادة فرص العمل ألبنائها وزيادة العملة الصعبة‪ ،‬ضريبية في دولة معينة سوف‬
‫تستثمر أموالها في الدول التي تفرض ضرائب أقل‪.‬‬

‫كما ترغب العديد من الشركات الدولية في تطوير واختبار منتجاتها الجديدة خارج‬
‫الحدود القومية وذلك لتجنب التعرض للمنافسة المباشرة واالحتفاظ بأسرار تطوير‬
‫واختبار المنتج إلى أن يصبح المنتج جاهزاً للتقديم على نطاق واسع‪ ،‬وتتبع شركة فورد‬
‫األمريكية لصناعة السيارات هذا األسلوب حيث تقوم بتطوير واختبار موديالتها الجديدة‬
‫في القارة األوروبية كما تتبع نفس األسلوب بعض الشركات اليابانية حيث تقوم بتطوير‬
‫واختبار منتجاتها في استراليا أو دول جنوب شرق آسيا قبل تقديمها إلى األسواق‬
‫األمريكية على نطاق واسع‪.‬‬

‫وأخيراً فإن الوجود على الساحة الدولية يتيح الفرصة لالستفادة عن قرب من‬
‫التطورات التكنولوجية والقرب من المادة الخام‪ ،‬ففي مرحلة من الزمن مثالً قادت‬
‫الشركات األوربية لصناعة السيارات الطريق في التكنولوجيا الخاصة بالحقن‬
‫األوتوماتيكي للوقود‪ ،‬وبالتالي كان لزاماً على الشركات اليابانية واألمريكية أن تكون‬
‫موجودة على الساحل األوروبية لالستفادة من هذه التكنولوجيا‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫االطار العام للتسويق الدولي‪:‬‬
‫إن اتخاذ القرارات التسويقية الخاصة بالمنتج وتسعيره وترويجه واختيار منافذ‬
‫توزيعه يجب اتخاذها سواء كانت األعمال في الواليات المتحدة أو المملكة المتحدة أو في‬
‫فرنسا أو اليابان‪ ،‬ولكن البيئة التي يتم فيها اتخاذ القرارات تخص كل دولة بذاتها‪ ،‬وعلى‬
‫هذا فإن االختالف في البيئة التسويقية هو الذي يميز التسويق الدولي من التسويق المحلي‪.‬‬

‫وتتخذ المنشأة قراراتها التسويقية المحلية بعد أن تأخذ في االعتبار بيئتها الداخلية‬
‫والخارجية‪ ،‬وتشمل البيئة الداخلية أشياء مثل أهداف المنظمة وثقافتها وفلسفتها وتنظيمها‬
‫والموارد المتاحة لها‪ ،‬بينما تشمل البيئة الخارجية التغيرات التكنولوجية وتحركات‬
‫المنافسة المؤثرات االقتصادية والثقافية واالجتماعية والقانونية والسياسية‪.‬‬

‫وعند دخول الشركة لألسواق الدولية تواجه نفس العوامل الداخلية والخارجية ولكن‬
‫في ظل بيئة مختلفة تماماً فالظروف االقتصادية تختلف من دولة إلى أخرى والقوانين‬
‫تختلف في شدتها ومدى تطبيقها من مكان إلى آخر‪ .‬ودرجة الحرية السياسية والنظام‬
‫السياسي المتبع يختلف من مجتمع آلخر‪ ،‬والدور الذي تلعبه المرأة في اتخاذ قرار الشراء‬
‫ومدى أهميته يتراوح بين ثقافة وثقافة أخرى‪.‬‬

‫والحقيقة أن البيئة التسويقية تختلف اختالفاً كبيراً حتى بين الدول التي تنتمي إلى‬
‫نفس المنطقة جغرافياً‪ ،‬أو التي تشترك في نفس الجذور الثقافية‪" ،‬فعلى سبيل المثال من‬
‫الخطأ افتراض أن البيئة التسويقية في الواليات المتحدة والمملكة المتحدة واحدة‪ ،‬فعلى‬
‫الرغم من وجود بعض أوجه الشبة بينهما إال أن االثنتين تختلفان اختالفاً كبيراً‪.‬‬

‫ويوضح الشكل رقم (‪ )1/1‬القرارات التسويقية والبيئة التسويقية الخاصة بالتسويق‬


‫الدولي‪.‬‬

‫الشكل رقم (‪ : )1/1‬القرارات التسويقية والبيئة التسويقية الخاصة بالتسويق الدولي‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫المؤسسات الدولية‬ ‫االتفاقات الدولية‬
‫التسعير‬ ‫المنتج‬
‫تحركات المنافسة‬ ‫المستهلك‬ ‫البيئة التكنولوجية‬
‫الدولي‬
‫التوزيع‬ ‫الترويج‬
‫البيئة القانونية‬ ‫البيئة الثقافية‬

‫البيئة السياسية‬ ‫البيئة االقتصادية‬

‫البيئة السياسية‬ ‫البيئة االقتصادية‬


‫الشركات عابرة القومية‪ :‬إسهامات وانتقادات‬

‫يلخص الجدول التالي اآلثار اإليجابية والسلبية للشركات عبارة القومية‪.‬‬

‫الجدول رقم (‪ :)1/5‬اآلثار اإليجابية والسلبية للشركات عبارة القومية‪.‬‬

‫اآلثار السلبية‬ ‫اآلثار اإليجابية‬

‫‪ -‬التبعية االقتصادية‪.‬‬ ‫‪ -‬تكوين رأس المال‪.‬‬

‫‪ -‬التبعية التكنولوجية واستخدام تكنولوجيا غير‬ ‫‪ -‬نقل التكنولوجيا والمعرفة اإلدارية‪.‬‬


‫مالئمة‪.‬‬ ‫‪ -‬التنمية اإلقليمية والقطاعية‪.‬‬
‫‪ -‬اإلخالل بالخطط‪ W‬االقتصادية‪.‬‬ ‫‪ -‬زيادة المنافسة‪.‬‬
‫‪ -‬تشويه الهوية الثقافية‪.‬‬ ‫‪ -‬األثر اإليجابي على ميزان المدفوعات‪.‬‬
‫‪ -‬تدخل حكومة الدول األم للشركات عابرة‬ ‫‪ -‬رفع مستوى‪ W‬التوظف‪.‬‬
‫القومية في األمور السياسية واالقتصادية‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫‪ -‬اآلثار اإليجابية‪:‬‬
‫‪ -1‬تكوين رأس المال‪:‬‬
‫يمكن للشركة الدولية أن تسهم مساهمة إيجابية في تكوين رأس المال في الدول‬
‫المضيفة عن طريق ضخ رأس المال إليها مما يساعد على تحقيق أهداف النمو االقتصادية‬
‫وتضييق الفجوة بين حجم االستثمارات المرغوبة وحجم المدخرات المحلية وخاصة في‬
‫الدول ذات الموارد المحلية المحدودة‪.‬‬

‫‪ -2‬نقل التكنولوجيا والمعرفة اإلدارية‪:‬‬


‫يعتبر نقل التكنولوجيا اإلنتاجية والمعرفة اإلدارية أحد أهم الفوائد للشركات عابرة‬
‫القومية خاصة عندما يرتبط نقل التكنولوجيا اإلنتاجية بتدريب المهندسين والعمال والفنيين‬
‫في الدولة المضيفة على التعامل مع هذه التكنولوجيا‪ ،‬كذلك عندما يرتبط العقد بنقل‬
‫المعرفة والخبرة اإلدارية في مجال التسويق والتمويل واإلنتاج والموارد البشرية‪ .‬وتزداد‬
‫فائدة نقل التكنولوجيا والمعرفة اإلدارية في مجال الصناعات التي تعتمد على حقوق‬
‫الملكية الصناعية وبراءات االختراع مثل صناعة األدوية ومستحضرات التجميل‪ ،‬األمر‬
‫الذي يفسر رغبة الكثير من الحكومات في قيام الشركة الدولية بإنشاء مراكز للبحوث‬
‫والتطوير على أراضيها‪.‬‬

‫وال تقتصر فائدة نقل التكنولوجيا اإلنتاجية والمعرفة اإلدارية على الجانب المحلي‬
‫المرتبط بعقد ترخيص أو امتياز أو ما شابه مع الشركة الدولية بل تمتد إلى الشركات‬
‫األخرى التي تعمل في نفس المجال والتي يمكن أن تنقل من الشركات األجنبية أسلوب‬
‫وطريقة أدائها ألعمالها وتزيد بالتالي من قدرتها على منافسة الشركة األجنبية‪ .‬فلو أخذنا‬
‫على سبيل المثال سلسلة مطاعم الوجبات السريعة العاملة في الشرق األوسط نجد أن‬
‫العديد من الشركات المحلية بدأت تقدم منتجات وخدمات تحاكي األسماء العالمية في‬
‫مستوى الخدمة والجودة‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫‪ -3‬التنمية اإلقليمية والقطاعية‪:‬‬
‫يمكن لالستثمارات األجنبية المباشرة أن تستخدم بفاعلية لتطوير وتنمية منطقة‬
‫جغرافية معينة أو قطاع صناعي محدد في الدولة المضيفة‪ ،‬حيث يعتبر االستثمار األجنبي‬
‫المباشر أحد أسرع الوسائل التي تساعد على الحد من مشكلة البطالة في المناطق اإلقليمية‬
‫في دولة من الدول‪ ،‬وذلك ألن الوقت والتكاليف المرتبطة بإنشاء مثل هذه الصناعات‬
‫وتنمية مثل هذه المناطق محلياً قد يكون مانعاً في الكثير من األحيان‪ .‬كذلك فإنه في العديد‬
‫من الدول يمكن االعتماد على االستثمارات األجنبية المباشرة كوسيلة لتنويع محفظة‬
‫االستثمارات وتوسيع القاعدة الصناعية للدولة مما يؤدي إلى تقليل اعتماد الدولة على‬
‫قطاع واحد أو قطاعات محدودة‪.‬‬

‫‪ -4‬زيادة المنافسة‪:‬‬
‫تؤدي االستثمارات األجنبية المباشرة إلى زيادة درجة المنافسة مما يؤدي إلى‬
‫تحقيق فوائد للمستهلك في شكل ارتفاع الجودة وانخفاض األسعار‪ ،‬وتحقيق التطور‬
‫الصناعي المستديم للقاعدة الصناعية للدولة حيث تؤدي المنافسة إلى تقديم أساليب‬
‫ومنتجات وخدمات وأفكار جديدة من شأنها تحسين األساليب القائمة ألداء األعمال‪.‬‬

‫‪ -5‬األثر اإليجابي على ميزان المدفوعات‪:‬‬


‫تؤدي االستثمارات األجنبية المباشرة إلى حدوث تحسن إيجابي في ميزان‬
‫مدفوعات الدولة المضيفة في اآلجل الطويل نتيجة إحالل االستثمارات الجديدة بدالً من‬
‫الواردات التي كانت تستورد قبل قيام االستثمار أو كانت ستستورد لو لم يقم ذلك‬
‫االستثمار‪ ،‬باإلضافة إلى إيرادات الصادرات الجديدة الناتجة عن هذا االستثمار‪ ،‬إضافة‬
‫إلى التدفق الرأسمالي من عدد وآالت الناتجة من االستثمار خالف الصادرات والواردات‪.‬‬
‫ويالحظ أن العديد من الدول تشترط على الشركات الدولية تصدير جزء من إنتاجها إلى‬
‫الخارج كشرط االستثمار على أراضيها في مشروعات إنتاجية‪.‬‬

‫‪ -6‬رفع مستوى التوظف‪:‬‬

‫‪30‬‬
‫يساعد االستثمار األجنبي – في رأي الكثيرين – على رفع مستوى التوظف‬
‫والعمل في الدولة المضيفة‪ ،‬حيث يعمل على سبيل المثال بالشركات األجنبية العاملة في‬
‫الواليات المتحدة ‪ 3‬ماليين أمريكي‪ ،‬أو ما يقرب من ‪ %2‬من حجم قوة العمل‪ .‬باإلضافة‬
‫إلى أن الشركات الدولية غالباً ما تقوم بدفع أجورا أعلى من الشركات المحلية‪ ،‬كما تقوم‬
‫بخلق فرص عمل أخرى بطريقة غير مباشرة لعديد من الصناعات المغذية والمرتبطة‬
‫التي تقوم إلمداد الشركات الدولية بالمواد والمكونات التي تحتاجها‪.‬‬

‫‪ -‬اآلثار السلبية‪:‬‬
‫‪ -1‬التبعية االقتصادية‪:‬‬
‫تسيطر الشركات عابرة القومية في معظم األحيان على االستثمارات في قطاعات‬
‫استراتيجية مما يؤدي إلى إلحاق الضرر باالقتصاد الوطني وتولد مخاوف في الدولة‬
‫المضيفة من التبعية االقتصادية للخارج‪ ،‬لذا تسعى العديد من الدول إلى الحد االستثمارات‬
‫األجنبية في مجاالت معينة‪ ،‬حيث أمرت مثالً الحكومة البريطانية مكتب االستثمار‬
‫الكويتي في لندن أن يبيع نصف حصته في شركة بريتيش بتروليوم‪ ،‬كذلك تقاوم اليابان‬
‫محاوالت الواليات المتحدة فتح أسواق األرز اليابانية‪ ،‬وحتى الواليات المتحدة ال ترغب‬
‫في وضع صناعاتها المتطورة في أيدي اليابانيين وقامت بمنع الشركات اليابانية من شراء‬
‫شركة فيرشايلد للكومبيوتر‪W.‬‬

‫‪ -2‬التبعية التكنولوجية‪:‬‬
‫حيث أن استثمارات الشركات عابرة القومية تتركز في مجال الصناعات عالية‬
‫التقنية‪ ،‬فإن البعض يرى أن الشركات الدولية تبيع التكنولوجيا الخاصة بها بسعر مرتفع‬
‫يفوق بكثير التكلفة الخاصة بها‪ ،‬كذلك فإنه في مجال البحوث والتطوير غالباً ما تقوم‬
‫الشركات الدولية بتطوير المعرفة والتكنولوجيا الجديدة وتحتفظ بها داخل نطاق المركز‬
‫الرئيسي‪ ،‬وحتى في حالة نقل المعرفة والتكنولوجيا من المركز الرئيسي إلى الدولة‬

‫‪31‬‬
‫المضيفة‪ ،‬فغالباً ما تقوم الشركة الدولية باالحتفاظ ببعض األسرار واألجزاء والمكونات‬
‫األساسية لضمان االحتفاظ بالتفوق التكنولوجي‪.‬‬

‫عالوة على ذلك فإن البعض يتهم الشركات الدولية بأنها تستخدم في بعض األحيان‬
‫تكنولوجيا ذات كثافة رأسمالية عالية غير مالئمة لظروف الدول النامية بدالً من‬
‫استخدامها تكنولوجيا ذات كثافة بشرية عالية تناسب ظروف الدول النامية‪ ،‬األمر الذي‬
‫يتعارض مع ظروف الدول النامية ويؤدي إلى تعطيل القوى البشرية بها وتفاقم مشكلة‬
‫البطالة فيها‪.‬‬

‫‪ -3‬اإلخالل بالخطط االقتصادية‪:‬‬


‫تقلل الشركات عابرة القومية من سيطرة الحكومة على عرض النقود‪ ،‬فقد ترغب‬
‫الحكومة في تقليل عرض النقود فترفع تكلفة التمويل بهدف تثبيت األسعار‪ ،‬فتقوم‬
‫الشركات الدولية رداً على ذلك بالحصول على تمويل خارجي من الشركة األم أو وحداتها‬
‫الشقيقة في الخارج‪ ،‬مما يؤدي إلى اإلخالل بخطط الحكومة وفشلها في تقليص النشاط‬
‫االقتصادي بالحجم الذي سعت لتحقيقه‪.‬‬

‫كذلك قد يؤدي نشاط الشركة الدولية إلى تخفيض اإليرادات أو زيادة األنفاق‬
‫الحكومي األمر الذي تسعى الدولة إلى تجنبه‪ ،‬فقد تقوم الدولة بمنح إعفاءات ضريبية‬
‫للشركة األجنبية وبذلك تقل اإليرادات الحكومية عما لو كانت ستكون عليه بدون إعفاءات‪.‬‬
‫ومن ناحية أخرى قد يترتب على استثمار الشركة الدولية في الدولة المضيفة أعباء إضافية‬
‫تتمثل في إنفاق الدولة على إنشاء الطرق وتوفير الخدمات والبنية األساسية في أماكن نائية‬
‫من القطر قد تعجز الدولة عن توفيرها‪ ،‬وهنا قد تقوم الشركة الدولية بتوفيرها وتبرز إلى‬
‫السطح مرة أخرى االتهامات بالتبعية والسيطرة االقتصادية‪.‬‬

‫‪ -4‬تشويه الهوية الثقافية‪:‬‬

‫‪32‬‬
‫الشركات عابرة القومية هي بالتعريف أداة للتغيير‪ ،‬وعليه كثيراً ما تًتهم الشركات‬
‫الدولية بأنها تحدث تغييراً ليس فقط في طريقة أداء األعمال ولكن أيضا في اتجاهات وقيم‬
‫ونمط حياة األفراد في الدول التي تتواجد فيها‪ ،‬وذلك عن طريق السلع والخدمات التي‬
‫تقدمها‪.‬‬

‫فعلى سبيل المثال‪ ،‬يؤدي دخول سلسلة مطاعم الوجبات السريعة إلى أسواق الدول‬
‫النامية إلى تغيير العادات الغذائية وزيادة النزعة االستهالكية خاصة لدى صغار السن من‬
‫الجنسين‪ .‬كذلك تتهم الشركات الدولية بالترويج لعادات استهالكية ضارة بالصحة مثل‬
‫التدخين والمشروبات الغازية واأللبان المجففة‪ ،‬للحد الذي تسعى فيه الشركات الدولية إلى‬
‫العمل على زيادة اإلقبال على التدخين في الدول النامية بعد أن وصلت مبيعات السجائر‬
‫إلى مرحلة من الركود في الدول الصناعية وحدت القوانين فيها من استهالكها‪ .‬كما تتهم‬
‫الشركات الدولية بنقل الصناعات الملوثة للبيئة إلى الدول النامية هرباً من قوانين البيئة‬
‫الصارمة في الغرب‪.‬‬

‫‪ -5‬تدخل حكومة الدولة األم للشركات عابرة القومية‪:‬‬


‫تُعبر بعض الدول المضيفة عن مخاوفها من تدخل حكومة الدول األم للشركات‬
‫عابرة القومية في األمور السياسية واالقتصادية للحد الذي ينظر فيه البعض في الدول‬
‫النامية إلى الشركات الدولية على أنها نوع من االستعمار الجديدة ويربط بين سياسات‬
‫الشركة الدولية وسياسة الدولة األم‪.‬‬

‫وحتى على مستوى الدول الصناعية يشك البعض في نوايا وأهداف الشركة‬
‫الدولية‪ ،‬ولعل الحساسية تجاه حكومة الدولة األم للشركات عابرة القومية تبلغ أقصاها في‬
‫كندا والتي تمتلك الشركات األمريكية فيها نصف صناعة السيارات حيث وجدت كندا‬
‫نفسها في إحدى المرات غير قادرة على تنفيذ سياسات الحكومة الكندية في التعامل مع‬
‫الصين‪ .‬فبينما كانت كندا تعترف بالصين الشعبية وال ترفض التعامل التجاري معها‪،‬‬
‫رفض فرع شركة فورد األمريكية لصناعة السيارات في كندا تصدير السيارات إلى‬
‫الصين ألن ذلك يتعارض مع سياسات بلد شركة فورد‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫هذا وال يقتصر النقد الموجه للشركات عابرة القومية على الدول المستقبلة‬
‫لالستثمار بل يمتد إلى الدول التي تنتمي إليها هذه الشركات‪ ،‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬تنتقد‬
‫نقابات العمل في الواليات المتحدة الشركات عابرة القومية على أنها السبب في انتقال‬
‫فرص العمل والتوظف إلى خارج الواليات المتحدة‪ ،‬والدخول في اتفاقات مشبوهة‬
‫والتورط في نشاطات سياسية‪ ،‬كذلك ينتقد البعض في الواليات المتحدة الشركات‬
‫األمريكية عابرة القومية التي تحقق أكثر من ‪ %50‬من أرباحها خارج الواليات المتحدة‬
‫بأنها ال تهتم بأهداف الواليات المتحدة االقتصادية داخلياً‪.‬‬

‫وإ جماالً نقول أن الشركات عابرة القومية قد ساهمت مساهمة إيجابية في التقدم‬
‫االقتصادي واالجتماعي حول العالم‪ .‬فعن طريق قدراتها التكنولوجية واإلدارية ساعدت‬
‫الشركات عابرة القومية في رفع كفاءة استخدام الموارد في العديد من الدول‪ ،‬وعن طريق‬
‫استثماراتها ساعدت على تنويع محفظة استثمارات البعض اآلخر‪ ،‬وعن طريق ضخ رأس‬
‫المال إلى العديد من الدول ساعدت على تحقيق أهداف النمو االقتصادي فيها‪ ،‬ولعل أكبر‬
‫مساهمات الشركات عابرة القومية هي خلق فرص العمالة والتوظف ورفع مستوى‬
‫المعيشة في العديد من الدول‪.‬‬

‫‪34‬‬

You might also like