You are on page 1of 13

‫إهداء‬

‫أهدي هذا الكتاب إليك‬


‫ِ أنتِ يا من وقفتي بجانبي و‬
‫تحملتِ قسوتي و طفولتي‪,‬‬
‫لو كان بمقدوري أن أكتب اسمك هنا بحروفٍ من ذهب‬
‫لفعلت‪...‬لكن لن اقدر‪,‬‬
‫مش بخل و هللا بس انتي عارفه دلوقتي جرام الدهب بكام‬
‫دلوقتي؟‬
‫عشان كدا هاكتفي بالحبر يا أعظم أم‪.‬‬
‫الجزء األول‬
‫سنة ‪2007‬‬
‫في إحدي أحياء "السنبالوين" و هي إحدي من محافظة‬
‫الدقهلية‪ ,‬مشهد في شارع و به ثالثة أطفال في‬
‫السابعة من عمرهم و هم "سيف" و "إسالم" و "السيد"‬
‫يجلسون أمام منزل "السيد" و يلعبون "الشايب"‬
‫" إمبارح سمعت "عم‬ ‫و إذ بـ"آدم" يقطع اللعب قائالً‪:‬‬
‫سهير" مراته و كان‬ ‫سامي" الجزار بيتخانق مع "الست‬
‫شوفتها و وشها كله‬ ‫بيضربها جامد و لما حاولت تهرب‬
‫كان دم و بتصوت"‪.‬‬

‫و بحكم أننا أطفال في عمر السابعة من الطبيعي أن‬


‫يظهر الخوف علي وجوهنا واحد تلو اآلخر‪ ,‬فالجميع في‬
‫الشارع يخاف "عم سامي" الجزار فهو بطبيعة عمله‬
‫يملك الكثير من السكاكين و يمتلك شكله المرعب فهو‬
‫شخص طويل و عريض و ذو بشرة قمحية و يد قوية ‪,‬‬
‫صلبة‪ ,‬غليظة و ضخمة جدا‪ ,‬أما زوجته المخيفة و هي‬
‫"الست سهير" كانت دجالة و كانت أيضا ذات مظهر مرعب‬
‫وال نراها إال بالعباءة السواء و يداها مغطاة‬
‫باألساور الذهبية الكثيرة و كانت تملك نظرة مرعبة‬
‫فكل من ينظر في عينيها يدب الرعب في قلبه من بشاعة‬
‫هذا المظهر‪.‬‬

‫رد "السيد" قائال‪" :‬إنتا عبيط يبني دا "عم سامي"‬


‫بيخاف من "الست سهير" دنا سمعت إنها قدرت تكلم‬
‫عفريت" مكمال بقوله‪ " :‬الكالم دا أنا سمعته من "عم‬
‫رضا" اللي ساكن ف البيت اللي قصادهم"‬
‫بيت "عم سامي" هو بيت قديم مصنوع من الطوب اللبن و‬
‫المنزل متهتك و ذو شباك واحد فقط و مغلق و عليه‬
‫ٍ بجانب بعضها‬
‫مجموعة من قطع الحديد المتراصة بتساو‬
‫و علي يمينه بيت "إسالم" و "آدم" فهم إخوة و علي‬
‫اليسار بيت "السيد" و بيت "عم رضا" هو البيت‬
‫المواجه لبيت "عم سامي"‪.‬‬
‫أنهي األوالد لعب "الشايب" و ذهب كل منهم إلي بيته و‬
‫في كل يوم كانوا يتقابلون فيلعبون حتي الساعة‬
‫ً و يعودون إلي بيوتهم للنوم‪,‬‬
‫التاسعة مساءا‬

‫و في إحدي ليالي الخميس كان األوالد يجلسون أمام بيت‬


‫"عم رضا" ويلعبون بالبطاقات ذات المظهر الجميل‬
‫التي كانت تباع في محل عم "محمد" بربع الجنيه و‬
‫فجأة سمعنا صوت صراخ من داخل بيت‬
‫"عم سامي" الذي كان صوته يصل لنهاية الشارع و‬
‫قوله‪" :‬يا كافرة يا بنت الكلب" و بعد نصف الساعه‬
‫الهدوء يمأل المكان ال يوجد ضجيج وال صراخ وال صوت‬
‫ٍ‪.‬‬
‫عال‬

‫و فجأة خرج "عم سامي" من البيت يحمل حقيبة سفر‬


‫كبيرة ذات لون أسود و كان يظهر عليه عالمات القلق و‬
‫ً جدا في خطوته‪ ,‬و الصمت يعم‬‫الخوف فقد كان سريعا‬
‫المكان يكسر "سيف" حاجز الصمت‬
‫قائالً‪ " :‬تقريبا كدا العفريت صاحب "الست سهير"‬
‫طلعله" و تعالت ضحكات األوالد في األرجاء و في نهاية‬
‫اليوم كالعادة يعودون لبيوتهم حتي يناموا‪.‬‬

‫مرت بضعة أيام علي مشاجرة "عم سامي" مع "الست‬


‫سهير"‪ ,‬و في يوم من األيام أستيقظ األوالد علي صوت‬
‫سيارة الشرطة و اإلسعاف ‪ ,‬فركض األطفال إلي الشارع‬
‫ليروا ماذا حدث و لماذا الشرطة هنا أمام بيت‬
‫"عم سامي" فقطع "السيد" أفكار األوالد قائال‪ " :‬أنا‬
‫سمعت أمي كانت بتقول الصبح ألختي إن "عم سامي" قتل‬
‫"الست سهير" و هرب‪ ,‬فقاطعه صوت "إسالم"‪" :‬فاكرين‬
‫يعيال من كام يوم لما "عم سامي" كان بيتشاكل مع‬
‫"الست سهير" و طلع من البيت بسرعة و مشي و‬
‫مشوفناهوش تاني بعد كدا"‪.‬‬
‫و كانت الفاجعة هنا فقد كان كالم "السيد" صحيح أن‬
‫"عم سامي" قتل "الست سهير" و هرب و الشرطة في بحث‬
‫مكثف عنه‪ ,‬و قابل األوالد "عم رضا" العجوز ذو ال‪70‬‬
‫ً بعد تلك الليلة التي‬‫ً و الذي تغير شكله كليا‬‫عاما‬
‫ّ الشرطة و اإلسعاف أمام منزله و قال‬‫كانت بها سيارتي‬
‫لهم‪" :‬سامي هوا الغلطان‪ ,‬محدش قاله يدخل أوضة شغل‬
‫مراته رغم انها حذرته كتير إنه يدخل األوضة دي‬
‫بالذات"‪ ,‬و منذ تلك الحادثة و قد سُمي بيت "عم‬
‫َّاشين" أو "بيت الست سهير"‪.‬‬
‫سامي" بإسم "بيت العي‬
‫سنة ‪2016‬‬
‫فقط "سيف" و‬ ‫مشهد به نفس األوالد و لكن كانوا‬
‫"إسالم" يتحاكون‬ ‫"إسالم" و "السيد" يجلسون أمام بيت‬
‫تهتك أكثر و‬ ‫َّاشين" قد‬
‫و يضحكون و كان "بيت العي‬
‫و قطع‬ ‫أغلق بابه بأكياس القمامة الكثيرة‬
‫"سيف" ضحكات "السيد" و "إسالم" قائال‪ " :‬أنا هدخل‬
‫البيت يجدعان حد جاي معايا؟ " و هنا نظر "السيد و‬
‫"إسالم" إلي "سيف" و قال "إسالم"‪" :‬تدخل فين يابن‬
‫المجنونة الساعة دلوقتي واحدة بعد نص الليل " فرد‬
‫"سيف"‪" :‬إيه ي كتكوته‪...‬خايفة تدخلي معايا خالص‬
‫روحي اشربي اللبن و نامي عشان مامي خايفة عليكي" و‬
‫قال "السيد"‪" :‬أنا معاك يزميلي" و نظر "سيف" و‬
‫"السيد" إلي "إسالم" فقال األخير‪" :‬خالص ي شوية‬
‫مجانين هاجي معاكوا"‪.‬‬

‫دخل األوالد إلي البيت و كانت به رائحة قذرة جدا عن‬


‫الدخول فكان البيت مكون من غرفتين و الصالة و‬
‫الحمام و المطبخ‪ ,‬دخل األوالد إلي الغرفة األولي‬
‫فكانت تلك غرفة النوم ‪ ,‬وجد األوالد الغرفة صغيرة‬
‫تكفي دوالب صغير و بجواره سرير كبير عليه فقط‬
‫"مرتبة" و هنا المفاجأة فقد كانت المرتبة عليها‬
‫الكثير من الدماء الجافة فنبضت قلوب األوالد و قال‬
‫"إسالم"‪" :‬يجدعان حد سمع اللي انا سمعته ؟ " فرد‬
‫"سيف"‪" :‬سمعت ايه يسطا إهدي وحيات أمك أنا رجلي مش‬
‫شايالني و عايز أدخل الحمام" فرد‬
‫ً‪" :‬وربنا سمعت حد بينادي عليا من‬ ‫"إسالم" سريعا‬
‫ناحية الحمام"‪ ,‬فقال "السيد"‪" :‬يجدعان تعالو نشوف‬
‫ايه اللي في الحمام دا" فتسابق "إسالم" بالخروج من‬
‫غرفة النوم المعتمة التي نري ما فيها بكشاف الهاتف‬
‫بصعوبة‪.‬‬

‫فصرخ "إسالم" عند خروجه من الغرفة و نادي علي باقي‬


‫األوالد و قال بصوت متقطع و كأنه‬
‫يبكي‪" :‬يجدعان في واحد واقف هناك عند باب الحمام"‬
‫ً من باب البيت و نادي‬
‫و تركنا "إسالم" و خرج راكضا‬
‫عليه "سيف"‪" :‬تعالي يا "إسالم" مفيش حاجه يسطا‬
‫متخافش" فلم يجب "إسالم" فقال‬
‫"السيد"‪ " :‬تقريبا كدا طلع بيته يا "سيف" ضحك‬
‫الولدين و أكمال اإلثنين طريقهما من الصالة حتي وصال‬
‫إلي باب الحمام‪.‬‬
‫و هنا يوجد الحمام بجانب الغرفة الثانية و التي‬
‫كانت محكمة الغلق‪ ,‬فدخل "سيف" ليقضي حاجته فنادي‬
‫ٍ علي "السيد"‪ " :‬وال يا سيد الحق بسرعه"‬‫بصوت عال‬
‫دخل "السيد" بسرعه إلي الحمام فوجد علي األرض قطعة‬
‫من فضالت اإلنسان ولكن كانت جافة و سوداء و بال رائحة‬
‫ً و في باقي أرض الحمام توجد بركة من الدماء‬ ‫تماما‬
‫الجافة فنظر الولدين لبعضهما و تسابقا في الخروج‬
‫ً إلي الخارج و تتعالي أصوات صرخاتهم‪.‬‬ ‫ركضا‬

‫فخرجا و عاد كل منهم إلي بيته و مر أسبوع علي تلك‬


‫الليلة الملعونة‪ ,‬و في اليوم الموافق ليوم دخولهم‬
‫"بيت العياشين" كان الثالثة أوالد جالسين أمام بيت‬
‫"إسالم" فخرج "عم رضا" من شباك بيته قائال‪" :‬محدش‬
‫يدخل البيت دا تاني هتتلبسوا يوالد الكالب" ثم أغلق‬
‫الشباك ‪ ,‬و هنا تعالت دقات قلوب الثالثة فقال‬
‫"السيد" بصوت خائف‪" :‬هوا "عم رضا" عرف منين اننا‬
‫دخلنا البيت دا كان مسافر يومها"‪.‬‬

‫فقفز "سيف" من مكانه قائال‪ ":‬أنا داخل يا "سيد"‬


‫األوضة المقفولة دي أكيد فيها حاجه غريبة والزم‬
‫أعرفها" و ركض "سيف" إلي "بيت العياشين" و لحقه‬
‫"السيد" قائال‪" :‬يسطا وحيات أهلك مش ناقصة يمكن‬
‫تحصل حاجة تانية اوسخ من اللي حصل المرة اللي‬
‫فاتت" و دخل "سيف" و لحقه "السيد" إلي داخل البيت‪.‬‬

‫يقف الولدان في منتصف الصالة و دخال الحمام مرة‬


‫أخري فوجدا المفاجأة تنتظرهما‪ ,‬فوجدا بركة الدم‬
‫الجاف قد سالت مرة أخري و علي الحائط مكتوب بعض‬
‫حروف اللغة العربية ولكن تلك ليست حروف لغة عربية‬
‫مهال‪...‬إنها آيات قرآنية فقال "سيف"‪" :‬دا قرآن‬
‫يسطا‪....‬دا قرآن بجد و الدم دا مش كان ناشف من‬
‫أسبوع؟ و ازاي يتكتب و مفيش حد دخل البيت و ازاي‬
‫يتكتب في حمام اصال؟ "‪.‬‬

‫فخرج اإلثنان من الحمام بسرعة و يقفان أمام الغرفة‬


‫المغلقة التي حاول "سيف" و "السيد" كالهما جاهدين‬
‫فتحها المرة الماضية و لكن لم يستطيعا ربما الغرفة‬
‫مغلقة بشئ من الداخل و حاول "سيف" مرة اخري فتحها‬
‫ففتح الباب بكل سهولة و يسر فنظر الولدان لبعضهما‬
‫في دهشة و خوف و قال "السيد" بصوت يظهر الخوف و‬
‫الرعب‪ " :‬يسطا هيا مش ام األوضة دي كانت مقفولة‬
‫المرة اللي فاتت ؟"‪ ,‬فدخل اإلثنان ببطئ إلي الغرفة‬
‫و هنا كانت المفاجأة‪......‬‬

‫يتبع‪...‬‬
‫إلي اللقاء في الجزء‬
‫الثاني‬

‫شكر خاص‬
‫أود أن أشكر كل من ساعدني و من شجعني علي كتابة‬
‫تلك القصة ولكن لن تكفي تلك الورقات الباقية في‬
‫كتابة أسمائهم لكن بكل بساطة أستطيع شكرهم شكر‬
‫مجهول‪.‬‬
‫تم عمل الغالف بواسطة ‪ :‬محمود خالد‬

‫التوقيع ‪ :‬سيف هشام‬

You might also like