Professional Documents
Culture Documents
الابتلاء
الابتلاء
فيخ بر س بحانه أن ه ال ب د أن يبتلي عب اده ب المحن ،ليت بين الص ادق من الك اذب ،
والجازع من الصابر ،وهذه سنته تعالى في عباده ،كما ق ال س بحانه َ ( :و َل َن ْبلُ َو َّن ُك ْم
ار ُك ْم ) محمد ، 31 /وقال عز وج ل ين َو َن ْبلُ َو أَ ْخ َب َ ِين ِم ْن ُك ْم َوالص ِ
َّاب ِر َ َح َّتى َنعْ َل َم ْالم َُجا ِهد َ
ت َو ْال َح َيا َة لِ َي ْبلُ َو ُك ْم أَ ُّي ُك ْم أَحْ َسنُ َع َماًل ) [الملك2 /
( :الَّذِي َخ َل َق ْال َم ْو َ
فتارة بالسراء ،وتارة بالضراء من خوف وجوع ؛ فإن الج ائع والخ ائف ك ل منهم ا
ْ ْ
يظهر ذلك عليه ،قال تعالى ِ ( :ب َشيْ ٍء م َِن ال َخ ْوفِ َوال ُج ِ
وع ) أي :بقلي ل من ذل ك ؛
ألنه لو ابتالهم بالخوف كله ،أو الجوع ،لهلكوا ،والمحن تمحص ال تهلك .
( َو َن ْق ٍ
ص م َِن األمْ َو ِ
ال ) أي :ويبتليهم أيض ا ب ذهاب بعض أم والهم ،وه ذا يش مل
جمي ع النقص المع تري لألم وال من ج وائح س ماوية ،وغ رق ،وض ياع ،وأخ ذ
الظلمة لألموال من الملوك الظلمة ،وقطاع الطريق وغير ذلك .
س ) أي :ذه اب األحب اب من األوالد ،واألق ارب ،واألص حاب ،ومن ( َواأل ْن ُف ِ
ت ) أي :الحب وب أن واع األم راض في ب دن العب د ،أو ب دن من يحب ه َ ( ،و َّ
الث َم َرا ِ
وثمار النخيل واألشجار كلها والخضر ،ببرد ،أو حرق ،أو آفة س ماوية من ج راد
ونحوه .
فهذه األمور ،ال بد أن تقع ،ألن العليم الخب ير أخ بر به ا ،ف إذا وقعت انقس م الن اس
قسمين :جازعين وصابرين ،فالجازع ،حصلت ل ه المص يبتان ،ف وات المحب وب
بحصول هذه المصيبة ،وف وات م ا ه و أعظم منه ا ،وه و األج ر بامتث ال أم ر هللا
بالصبر ،فرجع بالخسارة والحرمان ،ونقص م ا مع ه من اإليم ان ،وفات ه الص بر
والرضا والشكران ،وحصل له السخط الدال على شدة النقصان .
وأما من وفقه هللا للصبر عند وجود هذه المصائب ،فحبس نفس ه عن التس خط ق وال
وفعال ،واحتسب أجرها عند هللا ،وعلم أن م ا يدرك ه من األج ر بص بره أعظم من
المصيبة ال تي حص لت ل ه ،فه ذا ق د ص ارت المص يبة نعم ة في حق ه ،فله ذا ق ال
ين ) أي :بشرهم بأنهم يوفون أجرهم بغير حساب . تعالى َ ( :و َب ِّش ِر الص ِ
َّاب ِر َ
ُص ي َب ٌة ) وهي ك ل م ا ي ؤلم ِين إِ َذا أَ َ
ص ا َب ْت ُه ْم م ِ ثم وص ف هللا الص ابرين بقول ه ( :الَّذ َ
القلب أو البدن أو كليهما مما تقدم ذكره .
( َق الُوا إِ َّنا هَّلِل ِ ) أي :مملوك ون هلل ،م دبرون تحت أم ره وتص ريفه ،فليس لن ا من
أنفسنا وأموالنا شيء ،فإذا ابتالنا بشيء منها فقد تص رف أرحم ال راحمين بمماليك ه
وأموالهم ،فال اعتراض عليه ،بل من كمال عبودية العبد علمه بأن وقوع البلي ة من
المالك الحكيم ،الذي هو أرحم بعب ده من نفس ه ،في وجب ل ه ذل ك الرض ا عن هللا ،
والشكر له على تدبيره ،لما هو خير لعبده ،وإن لم يشعر بذلك .
ومع أننا مملوكون هلل :فإنا إليه راجعون يوم المعاد ،ليجازي كل عامل بعمله ،فإن
صبرنا واحتسبنا وجدنا أجرنا موفورا عن ده ،وإن جزعن ا وس خطنا ،لم يكن حظن ا
إال السخط وفوات األجر ،فكون العبد هلل ،وراجع إليه ،من أقوى أسباب الصبر .
ص َل َو ٌ
ات ِمنْ َرب ِِّه ْم ) أي :ثن اء ك ) الموص وفون بالص بر الم ذكور ( َع َلي ِْه ْم َ ( أُو َل ِئ َ
وتنوي ه بح الهم ( َو َرحْ َم ٌة ) عظيم ة ،ومن رحمت ه إي اهم ،أن وفقهم للص بر ال ذي
ينالون به كمال األجر ،
( َوأُو َل ِئ َ
ك ُه ُم ْال ُم ْه َت ُد َ
ون ) ال ذين عرف وا الح ق :وه و في ه ذا الموض ع علمهم ب أنهم
هلل ،وأنهم إليه راجعون ،وعملوا به :وهو هنا صبرهم هلل .
ودلت ه ذه اآلي ة على أن من لم يص بر فل ه ض د م ا لهم ،فحص ل ل ه ال ذم من هللا
والعقوبة والضالل والخسار ،فما أعظم الفرق بين الفريقين وما أقل تعب الصابرين
،وأعظم عن اء الج ازعين ،فق د اش تملت هات ان اآليت ان على ت وطين النف وس على
المصائب قبل وقوعها ،لتخ ف وتس هل إذا وقعت ،وبي ان م ا تقاب ل ب ه إذا وقعت ،
وهو الصبر ،وبيان ما يعين على الصبر ،وما للصابر من األجر ،ويعلم حال غير
الصابر بضد حال الصابر .
وأن هذا االبتالء واالمتحان سنة هللا التي قد خلت ،ولن تجد لسنة هللا تبديال .
وقد هون هللا على عب اده ش أن المص ائب ،بم ا وع د من البش ارة الص الحة والوع د
ُون أَجْ َر ُه ْم ِب َغ ْي ِر ح َِس ا ٍ
ب [الزم ر ، ]10 :ق ال الحسن في قوله ( :إِ َّن َما ي َُو َّفى الص ِ
َّابر َ
األوزاعي :ليس يوزن لهم وال يكال ،إنما يغرف لهم غرفا " .تفسير ابن كث ير" (7
)89/
هذا في اآلخرة ،وفي الدنيا :فروى مسلم (َ )918عنْ أ ُ ِّم َس َل َم َة رضي هللا عنها أَ َّن َه ا
ُص ي َب ٌة صلَّى هَّللا ُ َع َل ْي ِه َو َسلَّ َم َيقُ و ُل َ ( :م ا ِمنْ م ُْس ل ٍِم ُت ِ
ص ي ُب ُه م ِ ت َرسُو َل هَّللا ِ َ َقا َل ْ
ت َس ِمعْ ُ
ف لِي ون اللَّ ُه َّم ْأ ُج رْ نِي فِي م ِ
ُص ي َبتِي َوأَ ْخلِ ْ َف َيقُو ُل َما أَ َم َرهُ هَّللا ُ :إِ َّنا هَّلِل ِ َوإِ َّنا إِ َل ْي ِه َرا ِج ُع َ
ف هَّللا ُ َل ُه َخيْرً ا ِم ْن َها ) َخيْرً ا ِم ْن َها إِاَّل أَ ْخ َل َ
ب ِمنْ ض َواَل فِي أَ ْن ُف ِس ُك ْم إِاَّل فِي ِك َت ا ٍ ُص ي َب ٍة فِي اأْل َرْ ِ اب ِمنْ م ِ ص َ وقال تعالى َ ( :م ا أَ َ
ك َع َلى هَّللا ِ َي ِس ي ٌر * لِ َك ْياَل َتأْ َس ْوا َع َلى َم ا َف ا َت ُك ْم َواَل َت ْف َر ُح وا ِب َم ا َقب ِْل أَنْ َنب َْرأَ َها إِنَّ َذلِ َ
ور) الحديد23 ،22 / ال َف ُخ ٍ آ َتا ُك ْم َوهَّللا ُ اَل ُيحِبُّ ُك َّل م ُْخ َت ٍ
وهذا من أعظم السلوى ؛ فإن العبد إذا علم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه ،وما أخطأه
لم يكن ليصيبه ،وأنه لو قدر شيء لكان ،استكانت نفسه .
وق ال عكرم ة " :ليس أح د إال وه و يف رح ويح زن ،ولكن اجعل وا ال َف َرح ش كرً ا
والحزن صبرً ا "
انتهى من"تفسير ابن كثير" ()27/ 8
وراجع :
"تفسير الطبري" (" – )]219/ 3الجامع ألحكام القرآن" (" – )174/ 2تفسير ابن
كثير" (" – )467/ 1تفسير السعدي" (ص )75
وهللا أعلم .
بسم هللا الرحمن الرحيم
إذا وقعت مصيبة على مسلم ،يتساءل الناس ،ب ل ح تى من وقعت علي ه :ه ل ه ذا
ابتالء ؛ إليمانه ؟ أو هو عقوبة له على ذنوب قد ال نعلمها ؟
رأيت كالمًا متعل ًقا بهذا التساؤل في
ُ يتردد هذا كثيرً ا في األذهان عند المصائب .وقد
رسالة قيّمة -لم ُتطبع بعد -للدكتور حسن الحميد -وفق ه هللا : -عنوانه ا " ُس نن هللا
في األمم من خالل آيات القرآن " قال فيها ( ص : ) 388-386
( هل يُعد ك ل ابتالء مص يبة ج زاء على تقص ير؟ وبالت الي فه ل ك ل بالء ومص يبة
عقوبة؟
وتلك مسألة قد ُتشكل على بعض الناس .ومنش أ اإلش كال فيم ا أرى :ه و االختالف
في فهم النصوص المتعلقة بهذه المسألة ،وكيف يكون الجزاء على األعمال.
فعلى حين يرد التصريح في بعضها بأن كل مصيبة تقع فهي بسبب م ا كس به العب د،
كقول ه تب ارك وتع الى ( :وم ا أص ابكم من مص يبة فبم ا كس بت أي ديكم ويعف و عن
كثير) .
نجد نصوصا ً أخ ر تص رح ب أن (أش د الن اس بالء األنبي اء ثم الص الحون ثم األمث ل
فاألمثل) .كما جاء ذلك في الحديث الصحيح.
وبأن البالء يقع –فيما يقع ل ه -على المؤم نين ليكش ف عن مع دنهم ويخت بر ص دقهم
(ولنبلونكم حتى نعلم الجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم).
فلو كان كل بالء يقع يكون جزاء على تقصير ؛ لك ان القي اس أن يك ون أش د الن اس
بالء الكفرة والمشركين والمنافقين ،ب دليل اآلي ة الس ابقة ( وم ا أص ابكم من مص يبة
فبما كسبت أيديكم.! )...
والذي يزول به هذا اإلشكال بإذن هللا تعالى ،هو أن ننظر إلى هذه المس ألة من ثالث
جهات:
األولى :أن نفرق بين حال المؤمنين وحال الكفار في هذه الدنيا.
فالمؤمنون البد لهم من االبتالء في هذه الدنيا ،ألنهم مؤمن ون ،قب ل أن يكون وا ش يئا ً
آخر ،فهذا خاص بهم ،وليس الكفار كذلك ( .ألـم أحسب الناس أن ي تركوا أن يقول وا
آمنا وهم ال يفتنون ) .
الجهة الثانية :أنه ال انفصال بين الجزاء في الدنيا والجزاء في اآلخرة.
فما يقع على المؤم نين من البالء والمص ائب في ال دنيا ،فه و بم ا كس بت أي ديهم من
جهة ،وبحسب منازلهم عند هللا في الدار اآلخرة من جهة ثانية.
فمنهم من يجزى بكل ما اكتسب من الذنوب في هذه الدنيا ،حتى يلقى هللا يوم القيام ة
وليس عليه خطيئة .وه ذا أرف ع منـزلة ممن يلقى هللا بذنوب ه وخطاي اه ،وله ذا اش تد
البالء على األنبياء فالصالحين فاألمثل فاألمثل؛ ألنهم أكرم على هللا من غيرهم.
ومن كان دون ذلك فجزاؤه بما كسبت يداه في هذه الدنيا بحسب حاله.
وليس الكف ار ك ذلك؛ ف إنهم ( ليس لهم في اآلخ رة إال الن ار) ،فليس هن اك أج ور
تضاعف وال درجات ترفع ،وال سيئات ُتك ّفر .ومقتضى الحكمة أال ي ّدخر هللا لهم في
اآلخ رة عمالً ص الحاً ،ب ل م ا ك ان لهم من عم ل خ ير ،وم ا ق ّدموا من نف ع للخل ق
يجزون ويكافئون به في الدنيا ،بأن يخفف عنهم من ألوائه ا وأمراض ها .وبالت الي ال
يمن عليهم وال يبتليهم بهذا النوع من المصائب واالبتالءات.
فما يصيب المؤمنين ليس قدراً زائ داً على م ا كس بته أي ديهم ،ب ل ه و م ا كس بوه أو
بعضه ،عُجل لهم ،لما لهم من القدر والمنـزلة عندهللا.
وهذه يوضحها النظر في الجهة الثالثة وهي:
أن نعلم علم اليقين أن أي عمل نافع تقوم به الجماعة أو األمة المسلمة ،فإنها الب د أن
تلقى جزاءه في الدنيا ،كما يلقى ذلك غيرها ،بل أفضل مما يلقاه غيرها .وه ذا ش يء
اقتضته حكمة هللا ،وجرت به سنته .كما سبق بيانه في أكثر من موضع.
ولهذا صح من حديث أنس بن مالك –رضي هللا عنه -عن النبي صلى هللا عليه وسلم
أنه قال( :إن هللا ال يظلم مؤمنا ً حسنة .يُعطى بها في ال دنيا ويُج زى به ا في اآلخ رة.
وأما الكافر فيُطعم بحسنات ما عمل بها هلل في الدنيا ،حتى إذا أفض ى إلى اآلخ رة لم
تكن له حسنة يُجزى بها).
والخالصة :
أنه ال يكون بالء ومصيبة إال بسبب ذنب.
وأن المؤمنين يجزون بحسناتهم في الدنيا واآلخرة ،ويُزاد في بالئهم في الدنيا ليكف ر
هللا عنهم من خطاياهم التي يجترحونها ،فال يُع اقبون عليه ا هن اك ،وح تى تس لم لهم
حسناتهم في اآلخرة.
وأما الكفار فيُجزون بحسناتهم كلها في الدنيا ،فيكون ما يس تمتعون ب ه في دني اهم –
مما يُرى أنه قدر زائد على ما أعْ طيه المؤمنون -يكون ه ذا في مقابل ة م ا يك ون لهم
من حسنات .وليس لهم في اآلخرة من خالق .وهللا أعلم ) .
الحمد هلل
للمصائب واالبتالءات في الكتاب والسنة سببان اثنان مباش ران – إلى ج انب حكم ة
هللا تعالى في قضائه وقدره : -
الس بب األول :ال ذنوب والمعاص ي ال تي يرتكبه ا اإلنس ان ،س واء ك انت كف را أو
معصية مجردة أو كبيرة من الكبائر ،فيبتلي هللا عز وجل بسببها صاحبها بالمص يبة
على وجه المجازاة والعقوبة العاجلة .
ك ) النس اء ، 79 /ق ال ك ِمنْ َس ِّي َئ ٍة َف ِمنْ َن ْف ِس َ يق ول هللا ع ز وج ل َ ( :و َم ا أَ َ
ص ا َب َ
ُص ي َب ٍة َف ِب َم ا َك َس َب ْ
ت المفس رون :أي ب ذنبك .ويق ول س بحانه َ ( :و َم ا أَ َ
ص ا َب ُك ْم ِمنْ م ِ
ِير ) الشورى ، 30/انظر "تفسير القرآن العظيم" (. )2/363 أَ ْيدِي ُك ْم َو َيعْ فُو َعنْ َكث ٍ
صلَّى هَّللا ُ َع َل ْي ِه َو َسلَّ َم : و َعنْ أَ َن ٍ
س رضي هللا عنه َقا َل َ :قا َل َرسُو ُل هَّللا ِ َ
( إِ َذا أَ َرادَ هَّللا ُ ِب َع ْب ِد ِه ْال َخي َْر َعجَّ َل َل ُه ْال ُعقُو َب َة فِي ال ُّد ْن َيا َ ،وإِ َذا أَ َرا َد هَّللا ُ ِب َع ْب ِد ِه ال َّشرَّ أَمْ َس َ
ك
َع ْن ُه ِب َذ ْن ِب ِه َح َّتى ي َُواف َِي ِب ِه َي ْو َم ْالقِ َيا َم ِة ) .
رواه الترمذي ( )2396وحسنه ،وصححه األلباني في "صحيح الترمذي " .
السبب الثاني :إرادة هللا تع الى رفع ة درج ات الم ؤمن الص ابر ،فيبتلي ه بالمص يبة
ليرضى ويصبر فيُو َّفى أجر الص ابرين في اآلخ رة ،ويكتب عن د هللا من الف ائزين ،
وقد رافق البالء األنبياء والصالحين فلم يغادرهم ،جعله هللا تعالى مكرمة لهم ينالون
به الدرجة العالية في الجنة ،وله ذا ج اء في الح ديث الص حيح عن الن بي ص لى هللا
ت َل ُه ِمنْ هَّللا ِ َم ْن ِز َل ٌة َل ْم َي ْبلُ ْغ َها ِب َع َملِ ِه ا ْب َتاَل هُ هَّللا ُ فِي َج َس ِد ِه
عليه وسلم ( :إِنَّ ْال َعبْدَ إِ َذا َس َب َق ْ
أَ ْو فِي َمالِ ِه أَ ْو فِي َو َل ِد ِه )
رواه أبو داود ( ، )3090وصححه األلباني في "السلسلة الصحيحة" (رقم)2599/
وعن أنس بن مالك رضي هللا عنه أنه النبي صلى هللا عليه وسلم قال :
الج َزا ِء َم َع عِ َظ ِم ال َبالَ ِء َ ،وإِنَّ هَّللا َ إِ َذا أَ َحبَّ َق ْومًا ا ْب َتالَ ُه ْم َ ،ف َمنْ( َق ا َل :إِنَّ عِ َظ َم َ
ط). ِط َف َل ُه الس ََّخ ُ
ضا َ ،و َمنْ َسخ َ َرضِ َي َف َل ُه الرِّ َ
رواه الترمذي ( )2396وحسنه ،وصححه الشيخ األلباني في "السلس لة الص حيحة"
(رقم)146/
وقد جُمع السببان في حديث عائشة رضي هللا عنها ،أن النبي ص لى هللا علي ه وس لم
قال :
( َما يُصِ يبُ ْالم ُْؤم َِن ِمنْ َش ْو َك ٍة َف َما َف ْو َق َها إِاَّل َر َف َع ُه هَّللا ُ ِب َه ا د ََر َج ًة ،أَ ْو َح َّط َع ْن ُه ِب َه ا
َخطِ ي َئ ًة )
رواه البخاري ( ، )5641ومسلم (. )2573
ثم إن التداخل واالشتراك بين هذين السببين أعظم من الصور التي ينف رد ك ل منهم ا
به :
أال ترى أن من ابتاله هللا بمصيبة بسبب ذنبه فصبر وشكر غفر هللا تعالى ل ه ذنب ه ،
ورفع درجته في الجنة ،ووفاه أجر الصابرين المحتسبين .
كما أن من بتاله هللا بالمصيبة ليبلغ المنزلة الرفيعة ال تي كتبه ا ل ه في الجن ة ،تكف ر
عنه ذنوبه السالفة ،وتعتبر جزاء له عليها في الدنيا ،فال تك رر علي ه في اآلخ رة ،
كما وقع لبعض الرسل واألنبياء :ك آدم علي ه الس الم ،وي ونس علي ه الس الم ،حين
ابتلى هللا سبحانه وتعالى آدم باإلخراج من الجنة ،وابتلى يونس بن متى ب الغرق في
بطن الحوت ،فرفعهما هللا بهذا البالء لصبرهما واحتسابهما الثواب عن ده س بحانه ،
وكانت كفارة للمخالفة التي وقعت من كل منهما عليهما الصالة والسالم .
ويدلك على ذلك أن الجزاء الدنيوي ال ينفص ل عن الج زاء األخ روي ،وأن اق تران
ذكر هذين السببين جاء في كثير من األحاديث النبوية الصحيحة ،منها ما رواه سعد
اس أَ َش ُّد َبالَ ًء ؟ هللا ! أَيُّ ال َّن ِ
ت َ :ي ا َر ُس و َل ِ بن أبي وقاص رضي هللا عن ه ق ال ( :قُ ْل ُ
ان دِي ُن ُهب دِي ِن ِه َ ،ف إِنْ َك َ َقا َل :األَ ْن ِب َيا ُء ُ ،ث َّم األَمْ َث ُل َفاألَمْ َث ُل َ ،ف ُي ْب َت َلى الرَّ ُج ُل َع َلى َح َس ِ
ب دِي ِن ِه َ ،ف َم ا َي ْب َر ُح ال َبالَ ُءان فِي دِي ِن ِه ِر َّق ٌة ا ْب ُتل َِي َع َلى َح َس ِص ُْلبًا ا ْش َت َّد َبالَؤُ هُ َ ،وإِنْ َك َ
ض َما َع َل ْي ِه َخطِ ي َئ ٌة ) . الع ْب ِد َح َّتى َي ْت ُر َك ُه َي ْمشِ ي َع َلى األَرْ ِ ِب َ
رواه الترمذي ( )2398وقال :حسن صحيح .
ومع ذلك فقد يكون أحد هذين السببين أظهر في بعض صور البالء من السبب اآلخر
،ويمكن فهم ذلك من خالل قرائن الحال التي تتعلق بتلك المصيبة :
فإذا كان المبتلى ك افرا :فال يمكن أن يك ون بالؤه لرفع ة درجت ه ،فالك افر ليس ل ه
عند هللا وزن يوم القيامة ،لكن قد يكون في ذلك عبرة وعظة لغيره ،أال يفع ل مث ل
فعله ،وقد يكون من ذلك من عاجل عقاب هللا له في الدنيا ،زيادة على ما ادخ ره ل ه
ت َو َج َعلُ وا هَّلِل ِ
س ِب َم ا َك َس َب ْفي اآلخرة .قال هللا تع الى ( :أَ َف َمنْ ُه َو َق ا ِئ ٌم َع َلى ُك ِّل َن ْف ٍ
ض أَ ْم ِب َظ اه ٍِر م َِن ْال َق ْو ِل َب ْل ُزي َِّن ش َر َكا َء قُ ْل َس مُّو ُه ْم أَ ْم ُت َن ِّب ُئو َن ُه ِب َم ا ال َيعْ َل ُم فِي األرْ ِ ُ
يل َو َمنْ يُضْ ل ِِل هَّللا ُ َف َما َل ُه ِمنْ َه ا ٍد * َل ُه ْم َع َذابٌ ص ُّدوا َع ِن الس َِّب ِ ِين َك َفرُوا َم ْك ُر ُه ْم َو ُ لِلَّذ َ
اق ) الرعد 34-33/ فِي ْال َح َيا ِة ال ُّد ْن َيا َو َل َع َذابُ اآلخ َِر ِة أَ َش ُّق َو َما َل ُه ْم م َِن هَّللا ِ ِمنْ َو ٍ
وأما إذا كان المبتلى مسلما عاصيا مجاهرا ،أو فاسقا ظاهر الفسق :فق د يغلب على
الظن وج ه المج ازاة والعقوب ة به ذا االبتالء ،ألن تكف ير الس يئات أس بق من رف ع
الدرجات ،والعاصي أحوج إلى تكفير سيئاته من رفع درجاته .
وفي المقابل إذا ك ان المس لم عاب دا طائع ا ص الحا ،ليس بين ه وبين هللا إال العبودي ة
الحقة ،والشكر والحمد واإلنابة واإلخب ات إلي ه س بحانه :فه ذا يغلب على الظن في
ابتالئه وجه المكرمة ورفع الدرجات ،والعباد ش هداء هللا في األرض ،ف إذا عرف وا
فيه الصالح كان لهم أن يبشروه برفعة ال درجات عن د هللا تع الى إن ه و ص بر على
بالئه .
وأما إذا أبدى المبتلى السخط والجزع ،فال يظن أن يكون ابتالؤه مكرم ة من هللا ل ه
لرفع درجاته ،وقد علم سبحانه منه عدم الصبر والرضا ،فاألقرب في ه ذه القرين ة
وجه المجازاة والعقوب ة ،وق د ق ال بعض الص الحين " :عالم ة االبتالء على وج ه
العقوبة والمقابلة :عدم الصبر عند وجود البالء ،والجزع والشكوى إلى الخلق .
وعالم ة االبتالء تكف يراً وتمحيص ا ً للخطيئ ات :وج ود الص بر الجمي ل من غ ير
شكوى ،وال جزع وال ضجر ،وال ثقل في أداء األوامر والطاعات .
وعالمة االبتالء الرتف اع ال درجات :وج ود الرض ا والموافق ة ،وطمأنين ة النفس ،
والسكون لألقدار حتى تنكشف " انتهى.
وهكذا ،ما هي إال قرائن ظنية يمكن للعبد أن يتأمل فيها ليعرف ش يئا من حكم ة هللا
تعالى في المصائب والمحن ،ال ليجزم في الحكم به ا على نفس ه ،أو على عب اد هللا
المبتلين .
ولعل األهم من هذا التفصيل كله أن يقال :
إن الفائدة العملية التي ينبغي للعبد التأمل فيها هي أن كل مصيبة وابتالء هي له خير
وأجر إن هو صبر واحتسب ،وأن كل ابتالء ومصيبة هي ل ه س وء وش ر إن ج زع
وطن نفس ه على تحم ل المص ائب ،والرض ى عن هللا بقض ائه ،فال وتسخط ،ف إن َّ
يضره بعد ذلك إن علم سبب البالء أو لم يعلم ه ،ب ل األَ ْولى ب ه دائم ا أن ي َّت ِهم نفس ه
بالذنب والتقصير ،ويفتش فيها عن خلل أو زلل ،فكلن ا ذوو خط أ ،وأين ا لم يف رط
في جنب هللا تعالى ،وإذا كان هللا سبحانه وتعالى قد أصاب المسلمين يوم أحد بمقتلة
عظيم ة ،وهم أص حاب الن بي ص لى هللا علي ه وس لم ،وخ ير البش ر بع د الرس ل
أمر النبي صلى هللا عليه وسلم ،فكيف يظن المرء بعد ذلك واألنبياء ،بسبب مخالف ِة ِ
في نفسه اس تحقاق رفع ة ال درجات في ك ل م ا يص يبه ،وق د ك ان إب راهيم بن أدهم
رحمه هللا – إذا رأى اشتداد الريح وتقلب السماء – يق ول :ه ذا بس بب ذن وبي ،ل و
خرجت من بينكم ما أصابكم .
فكيف بحالنا نحن المقصرين المذنبين.
ثم أولى من ذلك كله وأهم ،أن يحسن العبد الظن بربه دائما ،وعلى كل ح ال ؛ فاهلل
سبحانه وتعالى هو أولى بالجميل ،وهو أهل التقوى وأهل المغفرة .
نسأل هللا تعالى أن يرحمنا ويغفر لنا ،وأن يعلمنا ما ينفعنا ،ويأجرن ا في مص ائبنا ،
إنه سميع مجيب الدعوات .
وانظر جواب السؤال رقم )13205( :
وهللا أعلم .
تفسير( :ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع)
♦ الوج يز في تفس ير الكت اب العزي ز للواح دي ﴿ :ولنبل ونكم ﴾ ولنع امل َّنكم مُعامل ة
ص المبتلي ﴿ بشيء من الخوف ﴾ يعني :خوف العدوِّ ﴿ والجوع ﴾ يعني :القح ط ﴿ َو َن ْق ٍ
ال ﴾ يع ني :الخس ران وال ُّنقص ان فِي الم ال وهالك المواش ي ﴿ واألنفس ﴾ م َِن األَمْ َو ِ
والش يب ﴿ والثم رات ﴾ يع ني :الج وائح َّ يعني :الم وت والقت ل في الجه اد والم رض
الثواب و َمنْ لم يص بر لم يس تحق استحق َّ
َّ وموت األوالد ف َمنْ صبر على هذه األشياء
يد ُّل على هذا قوله تعالى ﴿ :وبشر الصابرين ﴾.
♦ تفسير البغوي "معالم التنزيل"َ :ق ْولُ ُه َت َعا َلىَ ﴿ :و َل َن ْبلُ َو َّن ُك ْم ﴾ ،أَيْ َ :و َل َن ْخ َت ِب َر َّن ُك ْم َي ا أ ُ َّم َة
ب القس م المح ذوفَ ،ت ْق دِي ُرهَُ :وهَّللا ِ لِ َن ْبلُ َو َّن ُك ْمَ ،وااِل ْب ِتاَل ُء م َِن هَّللا ِ م َُح َّمدٍَ ،والاَّل ُم :ل َِج َوا ِ
يع م َِن ْال َعاصِ ي ،اَل لِ َيعْ َل َم َش ْي ًئا َل ْم َي ُكنْ عالما بهِ ﴿ ،ب َش يْ ٍء م َِن ْال َخ ْوفِ ﴾، إِل ِ ْظ َه ِ ْ
ار المُطِ ِ
ص م َِن اأْل َ ِ
مْوال ُوع ﴾َ ،يعْ نِيْ :ال َقحْ َطَ ﴿ ،و َن ْق ٍ ْ
ف ال َع ُدوِّ َ ﴿ ،والج ِ
َّاسَ :يعْ نِي َخ ْو َ ْ َقا َل ابْنُ َعب ٍ
س ﴾َ ،يعْ نِيِ :ب ْال َق ْت ِل َو ْال َم ْوتَِ ،وقِي َلِ :ب ْال َم َر ِ َ
ض ان َو ْال َهاَل كِ َ ﴿ ،واأْل ْنفُ ِ
﴾ِ :ب ْال ُخ ْس َر ِ
الش افِعِيِّ أَ َّن ُه َق ا َل: ِي َع ِن َّ ارَ ،و ُحك َ ِّ
ت ﴾َ ،يعْ نِي :ب الجوائح فِي الث َم ِ الث َم را ِ الش ْيبَِ ﴿ ،و َّ َو َّ
الز َك ا ِة ال أَدَا ُء َّ انَ ،و َن ْقصٌ م َِن اأْل َ ْم َو ِ ض َ ص َيا ُم َر َم َ ْال َخ ْوفُ َخ ْوفُ هَّللا ِ تعالى ،والج وع ِ
ت اأْل َ ْواَل دِ ،أِل َنَّ َو َل ُد الرَّ ج ُِل َث َم َرةُ َق ْل ِب هِ، ات َم ْو ُ الث َم َر َُوالصَّدَ َقاتَِ ،واأْل َ ْنفُسُ اأْل َم َْراضُ َ ،و َّ
ان، مْع َ ْن َس َ ُور م َُح َّم ُد بْنُ م َُح َّم ِد ب ِ أَ ْخ َب َر َنا َع ْب ُد ْال َوا ِح ِد بْنُ أَحْ َمدَ ْال َملِيحِيُّ أَ ْخ َب َر َنا أَبُو َم ْنص ٍ
َّار الرَّ يَّانِيُّ أَ ْخ َب َر َن ا ُح َم ْي ُد بْنُ َز ْنج َُو ْي هِ، ْن َع ْب ِد ْال َجب ِ أَ ْخ َب َر َنا أَبُو َجعْ َف ٍر م َُح َّم ُد بْنُ أَحْ َم دَ ب ِ
ت ا ْبنِي سِ َنا ًنا ان َقا َلَ :د َف ْن ُُوسى أَ ْخ َب َر َنا َحمَّا ُد بْنُ َس َل َم َةَ ،عنْ أَ ِبي سِ َن ٍ أَ ْخ َب َر َنا ْال َح َسنُ بْنُ م َ
ُوج أَ َخ َذ ِب َيدِي َفأ َ ْخ َر َجنِي َف َقا َل: ت ْال ُخر َ ِير ْال َقب ِْرَ ،ف َلمَّا أَ َر ْد ُ
َوأبُو َط ْل َح َة ْال َخ ْواَل نِيُّ َع َلى َشف ِ
َ
ُوس ى اأْل َ ْش َع ِريِّ ب َعنْ أَ ِبي م َ أَاَل أبشرك؟ حدثني الضحاك بن عبد ال رحمن بن َع رْ َز ٍ
ات ول د العب د ق ال هللا لِ َماَل ِئ َك ِت هِ: ص لَّى هَّللا ُ َع َل ْي ِه َو َس لَّ َم« :إِ َذا َم َ َقا َلَ :قا َل َر ُس و ُل هَّللا ِ َ
أَ َق َبضْ ُت ْم َو َلدَ َع ْبدِي؟ َقالُواَ :ن َع ْمَ ،قا َل :أَ َق َبضْ ُت ْم َث َم َر َة فُ َؤا ِدهِ؟ َق الُواَ :ن َع ْمَ ،ق ا َلَ :ف َم ا َذا َق ا َل
ْت ْال َح ْم دِ»، كَ ،ق ا َل :ا ْب ُن وا َل ُه َبيْتًا فِي ْال َج َّن ِة َو َس مُّوهُ َبي َ َع ْبدِي؟ َقالُوا :اسْ َترْ َج َع َو َحمِدَ َ
ِين إِذا أَص ا َب ْت ُه ْم ص َف ُه ْم َف َق ا َل :الَّذ َ ين ﴾َ :ع َلى ْال َباَل َي ا َوالرَّ َزا َي اُ ،ث َّم َو َ الص ِاب ِر َ﴿ َو َب ِّش ِر َّ
ُون :فِي اآْل خ َِرةِ ،أَ ْخ َب َر َنا َع ْب ُد ْال َوا ِح ِد مُصِ ي َب ٌة قالُوا إِ َّنا هَّلِل َِ :ع ِبي ًدا َوم ِْل ًكاَ ،وإِ َّنا إِ َل ْي ِه را ِجع َ
ان ،أَ ْخ َب َر َنا أَ ُب و َجعْ َف ٍر ْن َس ْم َع َُور م َُح َّم ُد بْنُ م َُح َّم ِد ب ِ بْنُ أَحْ َمدَ ْال َملِيحِيُّ ،أَ ْخ َب َر َنا أَبُو َم ْنص ٍ
الرَّ يَّانِيُّ أَ ْخ َب َر َنا ُح َم ْي ُد بْنُ َز ْنج َُو ْيهِ ،أَ ْخ َب َر َنا م َُحاضِ ُر بْنُ المورّ ع أخبرنا س عد بن س عيد
ص لَّى هَّللا ُ ْن أَ ْف َل َح أَ ْخ َب َر َنا َم ْو َلى أ ُ ِّم َس َل َم َة َعنْ أ ُ ِّم َس َل َم َة َز ْو ِج ال َّن ِبيِّ َ ِير ب ِ ْن َكث ِ عن ُع َم َر ب ِ
ُص ي َب ٍة صلَّى هَّللا ُ َع َل ْي ِه َو َسلَّ َم َيقُولَُ « :م ا ِمنْ م ِ ت َرسُو َل هَّللا ِ َ تَ :س ِمعْ ُ َع َل ْي ِه َو َسلَّ َم أَ َّن َها َقا َل ْ
ف لِي اخلُ ْ
ُص ي َبتِي َو َ ون ،اللَّ ُه َّم أَ ِج رنِي فِي م ِ ُتصِ يبُ َع ْب ًدا َف َيقُولُ :إِ َّنا هَّلِل ِ َوإِ َّنا إِ َل ْي ِه َرا ِج ُع َ
ف َل ُه َخيْرً ا منه ا» ،ق الت :فلم ا ُت وُ ِّف َي أَ ُب و آج َرهُ هَّللا ُ فِي مُصِ ي َب ِتهَِ ،وأَ ْخ َل َ َخيْرً ا ِم ْن َها إِاَّل َ
اخلُ فْ لِي َخ ْي رً ا ِم ْن َه ا ،ق الت: ُص ي َبتِي َو َ ت :اللَّ ُه َّم أَ ِج رْ نِي فِي م ِ َس َل َم َة َع َز َم هَّللا ُ لِي َفقُ ْل ُ
صلَّى هَّللا ُ َع َل ْي ِه َو َسلَّ َمَ ،و َقا َل َسعِي ُد بْنُ ُج َب ْي ٍرَ :م ا أُعْ طِ َي أَ َح ٌد ف هَّللا ُ لِي َرسُو َل هَّللا ِ َ َفأ َ ْخ َل َ
اعَ ،و َل ْو أُعْ طِ َي َه ا أَ َح ٌد أَل ُعْ طِ َي َه ا ُص ي َب ِة َم ا أُعْ طِ َي َه ِذ ِه اأْل ُ َّم ُةَ ،يعْ نِي :ااِل ْس ِترْ َج َ فِي ْالم ِ
الس اَل ُمَ ﴿ :ي ا ف َع َل ْي ِه َّ ُوس َ ِص ِة ي ُ َيعْ قُوبُ َع َل ْي ِه السالم ،أال تسمع إلى قول ه َت َع ا َلى فِي ق َّ
ُف ﴾ [يوسف.]84 : أَ َسفى َعلى يُوس َ
ماهو الفرق بين البالء واألبتالء
وكوني مؤمن والحمدهلل فأني لم اخ الف اح د ال رأي في البالء وطريق ة وقوع ه على
الخلق ..ولكن ماخالفت فيه من خالفني هو توزيع او تقسيم البالء .وطريقته قبل ان
يقع وبعد ان يقع .
ولهذا حين قلت ان الم رض او العقم او الغ رق وغيره ا ليس ت بالء وأنم ا ابتالء او
عقاب .لم يتمعن في المعنى إال قليالً ممن ناقشني .
ان البالء موج ود في خ زائن الغيب ويُق در وقوع ه وقوت ه ومدت ه المل ك الجب ار
والغفار .وحين يقع على او يُرسل ألنسان او أم ة او جماع ة مؤمن ة يُس مى أبتالء .
والعكس صحيح
فمثالً ( الطاعون او األيدز او ال زالزل او غيره ا ) هي ان واع من البالء موج ودة .
ولكنها لم ُترسل او تقع .وحين تقع ُتسمى أبتالء .او عقاب
عندك مثالً الرقية الشرعية :فالقرأن واحد وهو كتاب هللا سبحانه الذي العوج في ه .
وحين نقرأ على ممس وس .يك ون ت أثير الق رأن مُختل ف في وقوع ه على المتلبس .
فهو يقع على الجن المسلم بشكل ويقع على الكافر بشكل آخ ر .وه و ق رأن واح د ..
وهم جميعهم جن ..والقاريء واحد ..والمكان واحد .....هل س ألت نفس ك لم اذا .
وكيف ؟
ولو كان البالء فقط ه و االبتالء لم ا وق ع على الك افر والف اجر ألن الك افر والف اجر
اليُسمى مايقع عليهم أبتالء وانما يُسمى عقاب .اذن ( البالء ) له ش قين او ف رعين .
هم ا االبتالء والعق اب .وه و في ح ق الم ؤمن ابتالء ( أختب ار -موعظ ة – رف ع
للدرجات وتكفير للسيئات وهكذا ) وفي حق الفاجر عقاب ( بطش – انتق ام – ج زاء
– وهك ذا ) .وكالهم ا بالء بمع نى ل ه وجهين ولك ل منهم ا نتيج ة تختل ف عن
األخرى .
وبمعنى آخر ان البالء واالبتالء كالق در والقض اء ..فالقض اء ه و نفس ه الق در حين
يكون في الخزائن للغيب وقب ل ان يق ع .ف اذا وق ع او اُرس ل او ن زل فعن دها يك ون
قضاء وليس قدر .او يكون قضاء بعد قدر .او يكون قضاء تنفيذاً لقدر وهكذا .هذا
فهمي للبالء قبل ان يقع وبعد وقوعه .