You are on page 1of 9

‫ﻢ‬

‫ﻠ‬
‫ْ‬
‫ِ‬‫ِ‬
‫ﻌ‬‫ﻟ‬
‫ﺍ‬‫ﻼﺏ‬
‫ﱠ‬‫ﻃ‬
‫ﺐُ‬
‫ُ‬‫ﺟ‬
‫ِ‬‫ﺍ‬
‫ﻭ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫ﺔ‬
‫ﻤ‬‫ﻬ‬
‫ِ‬
‫ﱠ‬‫ﻟ‬
‫ﺪ‬
‫َ‬‫ﳌ‬
‫ُ‬
‫ْ‬‫ﺍ‬
‫ﺙ‬‫ِ‬
‫ﺩ‬‫ِ‬
‫ﺍ‬‫ﻮ‬
‫ﳊ‬
‫ﺍَ‬
‫َ‬ ‫ﻭ‬
‫َ‬‫ﻝ‬
‫ﺯ‬
‫ِ‬‫ﺍ‬
‫ﻮ‬
‫ِ‬‫ﻨ‬
‫ﱠ‬
‫َ‬‫ﻟ‬
‫ﺍ‬ ‫ِ‬
‫ﻓﻲ‬
‫واجب طالب العلم في النوازل والحوادث المدلهمة | ‪2‬‬

‫كلمة ألقاها فضيلة الشيخ ‪ /‬صالح العصيمي ‪-‬و َّفقه اهلل‪-‬‬

‫ضمن مناشط برنامج « الحصن األمين » يف سنته األولى ‪ 1437‬هـ‬

‫يف مدينة الرياض ‪ -‬جامع مصعب بن عمير ÷‬


‫واجب طالب العلم في النوازل والحوادث المدلهمة | ‪3‬‬

‫﷽‬

‫رب العالمين وص َّلى اهلل وس َّلم على عبده ورسوله َّ‬


‫محمد وعلى آله‬ ‫الحمد هلل ِّ‬
‫وصحبه أجمعين؛ أ َّما بعد‪:‬‬
‫مسي يف بلد مِن‬
‫الواقعة‪ :‬الفتن المتتابعة ا َّلتي ُت ِ‬
‫ِ‬ ‫إن مِن الحوادث‬
‫أ ُّيها المؤمنون َّ‬

‫وإن ِذمم الخلق مشغولة فيها بأنوا ٍع‬


‫بلدان المسلمين و ُتصبِح يف بلد آخر مِن بلداهنم‪َّ ،‬‬
‫وإن مِن جملة هؤالء ط اَّلب العلمِ؛ فتتع َّلق بذممهم أحكام ت ِ‬
‫رجع إلى‬ ‫مِن األحكام‪َّ ،‬‬
‫ُجملة مِن األصول ينبغي ْ‬
‫أن يرع ْوها يف أنفسهم‪ْ ،‬‬
‫وأن ُيقيموها يف جميع أحوالهم؛‬
‫ليطلبوا النَّجاة ألنفسهم والفكاك مِن سؤال اهللِ ▐ لهم فيما يقولون أو‬
‫مما يتع َّلق هبذه الحوادث‬
‫يفعلون أو يأتون أو يذرون َّ‬

‫غيرهم َرد األَمر إ َلى َأهله‬ ‫ِ‬


‫فمن جملة تلك األصول ا َّلتي ُي ِ‬
‫شاركهم فيها ُ‬
‫َواالستغنَاء بهم َعن َ‬
‫غيرهم؛ قال اهلل تعالى‪ :‬ﱡ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ‬

‫ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏﲐ ﱠ [النساء‪.]٨3 :‬‬ ‫ﲂﲃ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ‬

‫بأن ُير َّد هذه الحوادث إلى أولي األمر فيها؛ وأولوا األمر فيها هم‬ ‫فالعبدُ مأمور ْ‬
‫ِ‬
‫والحكم‪،‬‬
‫ُ‬ ‫الح َّكا ِم ا َّلذين بأيديهم تدبير َّ‬
‫السلطنة‬ ‫القادرون على تدبير شأهنا من ُ‬
‫ِ‬
‫والعلماء ا َّلذين بأيديهم تدبير ال ُفتيا ِ‬
‫والعلم‪.‬‬
‫ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱠ [النحل‪ُ ،]43 :‬‬
‫وأهل‬ ‫واهلل ▐ قال‪ :‬ﱡ ﱊ ﱋ‬

‫وإن كان المراد هبم يف هذه اآلية‪ :‬العلما ُء ا َّلذين ُيسألون فيما يحتاج العبد إلى‬ ‫ِ‬
‫الذكر ْ‬
‫واجب طالب العلم في النوازل والحوادث المدلهمة | ‪4‬‬

‫فإن المرء يف أمر ِدينه‬ ‫أن ع َّلة ُ‬


‫الحكم واحدة مع غيرهم؛ َّ‬ ‫معرفته مِن أحكام َّ‬
‫الشرع‪َّ ،‬إال َّ‬
‫بالسؤال إلى من له معرفة به وإحاطة بعلمه‪ ،‬فإن لم تكن له قدرة‬
‫يتوجه ِّ‬
‫أو ُدنياه إنَّما َّ‬
‫يتوجه إلى من ليست له قدرة وال‬
‫أن َّ‬‫ممدوحا يف نق ٍل وال عق ٍل ْ‬
‫ً‬ ‫عليه ف َّإنه ال يكون‬
‫معرفة وال قبيل وال دبير هبذا َّ‬
‫الشأن‪.‬‬
‫حتاج معهم إلى‬ ‫ِ‬
‫ومن تمام ر ِّد األمر إلى أهله‪ :‬االستغنا ُء هبم عن غيرهم فال ُي ُ‬
‫غيرهم؛ فإذا ر َّدك اهلل ▐ إلى هؤالء فال ينبغي أن تط ُلب غيرهم‪.‬‬
‫فإن ُغنيت ُهم يف مِثل هذه‬
‫حق من ال يط ُلب العلم مِن آحاد النَّاس؛ َّ‬‫ويتأكَّد هذا يف ِّ‬
‫ٍ‬
‫شيء مِن فروع‬ ‫األمور هي بر ِّدهم إلى أولئك ا َّلذين بيدهم األمر‪ ،‬دون دخول يف‬
‫التَّفاصيل ا َّلتي قد تأيت على ِدينهم و ُت ِ‬
‫فسد ُدنياهم‪.‬‬

‫فإن مِن‬
‫ومِن جملة تلك األصول اشتغَال َطالب العلم ب َوظي َفته الم َرا َدة منه؛ َّ‬
‫أن ُيف ِّقهه اهلل ‪ ۵‬يف وظائف ُع ُم ِره‪َّ ،‬‬
‫فإن العبد يف عمره عليه وظائف‪،‬‬ ‫فالح العبد ْ‬
‫وكل ٍ‬
‫حال لها وظيفة؛ فأنت حين كنت ابن سب ِع سنين لك وظيفة‬ ‫فكل عمر له وظيفة‪ُّ ،‬‬
‫ُّ‬
‫شرع َّية‪ ،‬وعندما بلغت لك وظيفة شرعية‪ ،‬وعندما ترعرعت وارتفعت يف س ِّن ال ُف َّتوة‬
‫َّ‬
‫والشباب صارت لك وظيفة شرعية‪.‬‬
‫وتلك الوظيفة َّ‬
‫الشرع َّية تار ًة يرجع تقديرها إلى ُع ُمر‪ ،‬وتار ًة إلى يرجع تقديرها‬
‫إلى ٍ‬
‫حال‪ ،‬ووظيفة طالب العلم هو إقباله على طلب العلم؛ َّ‬
‫فإن اهلل ▐‬
‫أخربنا يف آيات كثيرة َّ‬
‫أن وظائف األ َّمة يف تحقيق مصالحها العاجلة واآلجلة مقسومة‬
‫ﱡ ﲆﲇﲈﲉﲊﲋﲌﲍ‬ ‫بين أهلها‪ ،‬قال اهلل ▐‪:‬‬
‫واجب طالب العلم في النوازل والحوادث المدلهمة | ‪5‬‬

‫ﱡ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺﲻ‬ ‫ﲎ ﲏ ﲐ ﱠ [آل عمران‪ ،]1٠4 :‬وقال تعالى‪:‬‬


‫ﱠ [التوبة‪ ،]1٢٢ :‬وقال تعالى يف اآلية‬ ‫ﲼﲽﲾﲿﳀﳁﳂﳃﳄﳅ‬

‫المتقدِّ مة‪:‬ﱡ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏﲐ ﱠ [النساء‪:‬‬


‫ُ‬
‫وطالب العلم لهم وظيفة‬ ‫‪ .]٨3‬فوظائف تحقيق مصالح األ َّمة مقسومة بين أهلها‪َّ ،‬‬
‫وأن يشتغلوا هبا‪ ،‬وهي طلب العلم‪ ،‬حتَّى إذا اِحتيج إليهم وقد‬
‫أن ُيقبِلوا عليها ْ‬‫ينبغي ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أ ْوع ُبوا من زادهم وعلت مرابحهم وع ُظمت غنائمهم = كان لهم من َّ‬
‫القوة والقدرة‬
‫أن يشتغل طالب العلم بوظيفته‬ ‫على نفع النَّاس ما لم يكن لهم مِن قبل؛ فينبغي ْ‬
‫ٍ‬
‫شيء ليس مِن‬ ‫‪-‬وهي طلب العلم وتحصيله‪ ،-‬وذلك ال يمكِن بشغل ِ‬
‫نفسه مع‬ ‫ُ‬
‫وظيفتها؛ َّ‬
‫فإن هذا ُيضعف س ْيره ويقطعها عن بلوغ مراده منه‪.‬‬

‫وحم ِده‬
‫الرفق ْ‬ ‫الرفق َوالت َاأنِّي؛ َّ‬
‫فإن َّ‬
‫الشرع جاء بمدح ِّ‬
‫ِ‬
‫ومن جملة تلك األصول ِّ‬
‫الصحيحين مِن حديث ابن شهاب عن عروة عن عائشة ’‪ ،‬أ َّن‬ ‫كل شيء‪ ،‬ويف َّ‬ ‫يف ِّ‬
‫أن يأخذ األمور موارد‬ ‫الر ْفق فِي األ ْم ِر ُك ِّل ِه »‪ ،‬فينبغي ْ‬ ‫ِ‬
‫َّبي × قال‪ « :‬إِ َّن اهلل ُيح ُّ‬
‫ب ِّ‬ ‫الن َّ‬
‫تعجل‬ ‫الرحمن‪ ،‬و َّ‬ ‫ِ‬ ‫وتأن فإنَّه أدعى للتَّوفيق؛ َّ‬ ‫برفق ٍّ‬ ‫الفتن ٍ‬
‫الم ِّ‬
‫إن ُ‬ ‫الرفيق قريب من َّ‬ ‫فإن َّ‬
‫ِّرمذي مِن حديث عبد المهيمن بن ع َّباس عن سهل بن‬ ‫ِّ‬ ‫الشيطان؛ فعند الت‬ ‫قريب مِن َّ‬
‫َّبي × قال‪ « :‬األنا ُة مِن اهللِ‪،‬‬ ‫َّ‬
‫سعد عن أبيه عن جدِّ ه سهل بن سعد ÷‪ ،‬أن الن َّ‬
‫ان » فالمرء إذا كان متأ ِّنيا رفي ًقا م ِ‬ ‫الشيط ِ‬ ‫ِ‬
‫سرتشدً ا يف فهمه وسيره وحاله‬ ‫ُ‬ ‫ُ ً‬ ‫والعجل ُة من َّ ْ‬
‫يقرب مِن‬ ‫طائشا ُ‬‫ً‬ ‫تعج ًال‬
‫قرب من توفيق اهلل ‪ ،۵‬وإذا كان ُم ِّ‬
‫ِ‬
‫وقاله وفعاله فإنَّه ي ُ‬
‫الشيطان فأوقعه يف مورد مِن موارد الهالك والعطب؛ فينبغي ْ‬
‫أن‬ ‫الشيطان‪ ،‬فر َّبما أز َّله َّ‬ ‫َّ‬
‫واجب طالب العلم في النوازل والحوادث المدلهمة | ‪6‬‬

‫يتأنَّى طالب العلم يف موارد الفتن وير ُفق بن ْفسه وير ُفق بالمسلمين‪.‬‬

‫ومِن جملة تلك األصول ً‬


‫أيضا ال ات َثبت َو َعدَ م الت َاسارع إ َلى نَقل ا‬
‫الشائ َعاِ‬
‫؛ قال اهلل تعالى‪ :‬ﱡ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ‬ ‫َواألَ َراجي‬
‫ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟﱠ [الحجرات‪ ،]٦ :‬وإذا كانت هذه اآلية يف الفاسق؛‬
‫المنت ِسبين إلى‬
‫ممن يتسارع ويتقاطر بعض ُ‬ ‫فكيف بحال من ال ُتعلم حا ُله وال عينُه َّ‬
‫عر ًفا يف هذه‬ ‫العلم بنقل كالم عنه وهو مجهول ال يعرف‪ ،‬وإنَّما غاية أم ِره ْ ِ‬
‫أن يجد ُم ِّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ثم يتل َّقف ما يقول‬ ‫االجتماعي‪َّ ،‬‬
‫ِّ‬ ‫األجهزة ا َّلتي ُش ِهرت بين النَّاس يف وسائل التَّواصل‬
‫وصحته من بطالنه !‬ ‫َّ‬ ‫صواب هذا القول مِن خطئه‪ ،‬وصدقه من كذبه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫دون تمييز‬
‫الشرعية بالتَّثب ِ‬
‫ت يف األخبار‬ ‫ُّ‬ ‫وا َّلذي أوقعه يف ذلك‪ :‬عد ُم اعتداده بالقاعدة َّ َّ‬
‫حد‬‫قول إلى أ ٍ‬‫أن يصدُ ر منه نسب ُة ٍ‬ ‫الشائعات‪ ،‬والعبدُ منهي أشدَّ النَّهي عن ْ‬ ‫وعد ِم نقل َّ‬
‫ٌّ‬
‫أن النَّبي × قال‪ « :‬من قال فِي م ْؤمِ ٍن ما ليس فِ ِ‬
‫يه؛ سقا ُه‬ ‫وهو منه بريء؛ فعند أحمد َّ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬
‫ال‪ :‬يعني طِينة الخبال‪ ،‬وهي‬ ‫ال حتَّى ي ْخرج مِما قال » و ر ْدغة الخب ِ‬
‫َّ‬ ‫ُ‬
‫اهلل مِ ْن ر ْدغة الخب ِ‬
‫ُ‬
‫وإن فالنًا يقول‪ ،‬و َّ‬
‫إن فالنًا‬ ‫ُعصار ُة أهل النَّار؛ فإذا تك َّلم اإلنسان فقال‪َّ :‬‬
‫إن فالنًا يقول‪َّ ،‬‬
‫ٍ‬
‫كذب إليهم‬ ‫يقول‪ ،‬وهؤالء لم يقولوا هذا ويكون يف هذا القول ج ْور وتعدٍّ ونسب ُة‬
‫الشديد؛ َّ‬
‫أن اهلل‬ ‫للصدور وإفساد للقلوب = فإنَّه ُمتو َّعد هبذا الوعيد َّ‬‫وإغار ُّ‬
‫أن يسقيه مِن ُعصارة أهل النَّار‪َّ ،‬‬
‫ألن من نشر النَّتن كان‬ ‫▐ يجعل مِن عذابه ْ‬
‫ِ‬ ‫مِن جزائه ْ‬
‫ويقويها فيهم‬
‫ِّ‬ ‫يتجرع النَّتن‪ ،‬فا َّلذي ُيفشي يف المسلمين مقالة ُّ‬
‫السوء‬ ‫َّ‬ ‫أن‬
‫خاصة والنَّاس‬
‫َّ‬ ‫ُيعاقبه اهلل ‪ ۵‬هبذا العقاب األليم‪ .‬فينبغي ْ‬
‫أن يحذر طالب العلم‬
‫واجب طالب العلم في النوازل والحوادث المدلهمة | ‪7‬‬

‫عامة مِن نقل األراجيف وال َّشائعات واألقاويل ا َّلتي ُتو ِهن القلوب و ُت ِ‬
‫ضعف اإليمان‬ ‫َّ‬
‫نفسه وإلى الخلق بعين اإلزراء والعيب ور َّبما أضعف ذلك‬ ‫وتجعل العبد ينظر إلى ِ‬

‫ِدينه ودين النَّاس‪.‬‬

‫يماِ َواالعت َاا به َوتَقو َية‬ ‫ومِن جملة تلك األصول ً‬


‫أيضا تَقو َية النافس باإل َ‬
‫َمن َيلونَهم َو َيت ََو الونَهم من إخواهنم وأصحاهبم وأبنائهم وأهل بيوهتم وسائر‬
‫كم اهلل‪ ،‬وأ َّن‬
‫والحكم ح ُ‬
‫ُ‬ ‫أمر اهلل‪،‬‬ ‫بأن يعلموا َّ‬
‫بأن الدِّ ين دي ُن اهلل‪ ،‬واألمر ُ‬ ‫المسلمين؛ ْ‬
‫اهلل تك َّفل بحفظ دينه؛ قال تعالى‪ :‬ﱡ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﱠ [الحجر‪،]٩ :‬‬
‫ﱡ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ‬ ‫يعني كلمة التَّوحيد‬ ‫ﱡ ﲁﱠ‬ ‫وقال تعالى‪:‬‬
‫ﲇﱠ [الزخرف‪.]٢٨ :‬‬

‫َّبي × قال‪ « :‬ال تز ُال طائِفة‬ ‫َّ‬


‫الصحيحين من حديث معاوية ÷‪ ،‬أن الن َّ‬
‫ِ‬
‫ويف َّ‬
‫مِ ْن ُأ َّمتِي على الح ِّق من ُْص ِ‬
‫ورين ال ي ُض ُّر ُه ْم م ْن خذل ُه ْم وال م ْن ناوأ ُه ْم إِلى أ ْن ت ُقوم‬
‫أن يكون ُمصدِّ ًقا بِوعد اهلل مؤمنًا به ُمقبِ ًال عليه‪ْ ،‬‬
‫وأن يث ِّبت‬ ‫الساع ُة » فالعبد يجب ْ‬
‫َّ‬
‫قلوب المؤمنين بذلك‪ْ ،‬‬
‫وأن يص ِّبرهم على ما يلقى اإلنسان من عنت أو تغ ُّير يف هذه‬
‫فتن متجدِّ دة عليهم؛ فإنَّها ال تكون هناية التَّاريخ! بل ينبغي ْ‬
‫أن‬ ‫ِ‬
‫وجود ٍ‬ ‫األحوال أو‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تكون حامل ًة للعبد من االزدياد من نشر الخير‪ ،‬وإقامة ُ‬
‫الح َّجة‪ ،‬ونُصح النَّاس‬
‫بالحق‬
‫ِّ‬ ‫أعظم ِأل ْج ِره؛ فإنَّه إذا َّ‬
‫قل القائمون‬ ‫ُ‬ ‫وهدايتهم‪ ،‬وبذل ما يستطيع يف ذلك فإنَّه‬
‫أجر من‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ُ‬
‫العامل منهم بن ْفس ِّ‬
‫أجور جماعة من الخلق‪ ،‬ولذلك ُض ِّعف ُ‬ ‫ُ‬ ‫الحق له‬ ‫كان‬
‫الزمان حتَّى يكون العامل منهم له أجر خمسين مِن‬ ‫ِ‬
‫الحات يف آخر َّ‬ ‫الص‬‫يعمل َّ‬
‫واجب طالب العلم في النوازل والحوادث المدلهمة | ‪8‬‬

‫الصحابة ~‪ ،‬وإذا كان هذا يف سائر األعمال فإنَّه يف الجهاد يف حفظ الدِّ ين وصيانته‬
‫َّ‬
‫وأكثر‪.‬‬
‫ُ‬ ‫أكثر‬
‫ُ‬
‫محمد بن يحيى بن ح َّبان عن األعرج عن أبي‬ ‫ِ‬
‫ويف صحيح مسلم من حديث َّ‬
‫ب إِلى اهللِ مِ ْن ال ُم ْؤمِ ِن‬ ‫ِ‬
‫َّبي × قال‪ « :‬ال ُم ْؤم ُن الق ِو ُّي خ ْير وأح ُّ‬ ‫َّ‬
‫هريرة ÷‪ ،‬أن الن َّ‬
‫ِ‬ ‫َّ ِ ِ ِ‬
‫قوة اإليمان امتال ُء القلب ثق ًة بوعد اهلل‪ ،‬ونصر اهلل‪،‬‬ ‫الضعيف‪ ،‬وفي ك ٍُّل خ ْير »؛ فمن َّ‬
‫ينص ُره‪ .‬قال تعالى‪ :‬ﱡ ﲨ ﲩ ﱠ‬
‫ينصر من ُ‬ ‫وتأييد اهلل؛ َّ‬
‫أن اهلل ▐ ُ‬
‫[األعراف‪ ،]1٢٨ :‬وقال تعالى‪ :‬ﱡ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱠ [الحج‪ ،]4٠ :‬وقال تعالى‪ :‬ﱡ ﲧ‬

‫الحق منصور َّ‬


‫وأن‬ ‫أن َّ‬ ‫أن يعلم المرء َّ‬
‫ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﱠ [محمد‪ ،]7 :‬فينبغي ْ‬
‫أن ُيسلب هذا العلم والدِّ ين واإليمان‬ ‫ِدين اهلل محفوظ‪ ،‬ولك َّن الخوف عليك أنت ْ‬
‫نشر ِ‬
‫العلم وت ُب َّثه‪،‬‬ ‫أن تجتهد يف حفظه بنفسك ويف حفظه يف بالدك ْ‬
‫بأن ت ُ‬ ‫منك؛ فينبغي ْ‬

‫رشدهم‪ ،‬وتصرب على ذلك حتَّى تلقى اهلل ▐‪.‬‬ ‫وتنصح النَّاس‪ ،‬وهتديهم‪ ،‬و ُت ِ‬

‫فهذه ُجملة مِن األصول َّ‬


‫الشرع َّية والمقامات المرع َّية ا َّلتي د َّلت عليها األد َّلة‬
‫طالب العلم‪،‬‬ ‫أن تمتلئ هبا قلوب َّ‬ ‫السنَّة النَّبو َّية‪ ،‬وا َّلتي ينبغي ْ‬ ‫ِ‬
‫النَّقل َّية من القرآن أو ُّ‬
‫كل من‬ ‫عرضوا عن ِّ‬‫وأن ُي ِ‬
‫وأن يسيروا هبا‪ ،‬ويستضيؤوا بنورها‪ ،‬ويهتدوا بمشكاهتا‪ْ ،‬‬
‫ْ‬
‫خارجا عن هذه الحقائق فال يملؤوا قلوهبم وصدورهم بما ليس مِن كالم اهلل‬
‫ً‬ ‫كان‬
‫الرسول ×‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وال من كالم َّ‬
‫واجب طالب العلم في النوازل والحوادث المدلهمة | ‪9‬‬

‫ب ويرضى‪ْ ،‬‬ ‫ِ ِ‬
‫وأن يلهمنا ُر ْشدنا‪،‬‬ ‫أن يو ِّفقنا جمي ًعا لما ُيح ُّ‬
‫أسأل اهلل ▐ ْ‬
‫باطال‬ ‫الحق ح ًّقا وأن يرزقنا ا ِّتباعه‪ْ ،‬‬
‫وأن يرينا الباطل ً‬ ‫شر أنفسنا‪ْ ،‬‬
‫وأن يرينا َّ‬ ‫وأ ْن يقينا َّ‬
‫وأن يجعلنا مِن أنصار ِدينه وأوليائه وحزبه المفلحين‪ ،‬وأ ْن‬ ‫وأن يرزقنا اجتنابه‪ْ ،‬‬
‫ْ‬
‫الصالحين‪ ،‬وأن يحفظنا باإلسالم قائمين ويحفظنا باإلسالم قاعدين‬ ‫َّ‬
‫يتوالنا يف َّ‬
‫وأن ُيحيِينا حيا ًة سعيدة ْ‬
‫وأن يتو َّفانا وفا ًة حميدة‪ ،‬وأ ْن‬ ‫ويحفظنا باإلسالم نائمين‪ْ ،‬‬
‫خاصة وعلى سائر بالد المسلمين إيماهنا وأمنها‪ْ ،‬‬
‫وأن يجعل‬ ‫يحفظ على هذه البالد َّ‬
‫ِواليتها فيمن يخاف اهلل ويت َِّقيه‪.‬‬

‫رب العالمين‬
‫والحمد هلل ِّ‬

‫‪‬‬

You might also like