You are on page 1of 2

‫من القصص العجيبة التي حدثت في الحرب العالمية الثانية‪ :‬أن البريطانيين الحظوا أن الطائرات التي كانت تخرج

من‬
‫المعسكرات للقتال على الجبهة األلمانية‪ ،‬كان يسقط منها عدد كبير بقذائف العدو‪ ،‬و القليل الذي يعود ال يعود سالماً‪ ،‬بل‬
‫‪.‬ترجع الطائرات وقد أصيبت في أماكن متفرقة‬
‫لذا فكر مهندسو سالح الطيران في حل لتقليل تلك الخسائر‪ ،‬وأول ما فكروا فيه أن الطائرات تحتاج لدروع من الحديد‬
‫الصلب ليحميها من الرصاص والقذائف‪ ،‬لكن المشكلة أنه ال يمكن تدعيم الطائرة بالكامل بالدروع ؛ ألن الوزن سيكون‬
‫‪.‬ثقيالً‪ ،‬وسيمنعها خفة الحركة‬
‫ونظراً لقدراتهم محدودة في هذا الوقت وافتقارهم لإلمكانيات العلمية الدقيقة التي تحدد المناطق الضعيفة التي تحتج إلى‬
‫‪.‬التدعيم ‪ ،‬كان عليهم أن يخمنوا باستخدام االستدالل المنطقي‬
‫فالحظوا اآلتي‪ :‬الطائرات التي عادت كانت مصابة بآثار الرصاص في الجناحين ومنتصف الطائرة بشكل مكثف‪ ،‬وبدرجة‬
‫‪.‬أقل في الجناح الخلفي‪ ،‬في حين أن كابينة الطيار والذيل لم تُمس تقريبا ً‬
‫وبالتالي توصلوا إلى استنتاج مهم‪ :‬نحن في حاجة إلى تدعيم الجناحين ومنتصف الطائرة‪ ،‬إلنها األماكن التي يسهُل اصابتها‬
‫‪.‬فيما يبدو‬
‫‪.‬وبالفعل تم عمل التدعيم للطائرات الجديدة‪ _،‬وترقب المهندسون النتائج‬
‫!! ثم كانت المفاجأة‬
‫!! لم يحدث اي تغير‪ ،‬الزالت أغلب الطائرات تتحطم‪ ،‬و القليل يعود‬
‫إذن أين الخلل ؟‬
‫‪ (Abraham Wald)،‬هنا قرر الجيش االستعانة بعلماء من خارج التخصص‪ ،‬و وقع اختيارهم على العالم‪ :‬ابراهام والد‬
‫‪.‬وهو عالم رياضيات يهودي نمساوي‪ ،‬هرب من فيينا بسبب الحرب‪ ،‬وفقد الكثير من افراد اسرته على يد النازيين‬
‫!! وهنا كانت المفاجأة الثانية!! لقد قلب والد عليهم الطاولة‬
‫و أخبرهم أنهم ببساطة استخدموا منطقا ً معكوسا ً للنظر في تلك المسألة‪ ،‬فالطائرات التي فحصها المهندسون‪ ،‬والتي تلقت‬
‫الرصاص في األجنحة والمنتصف‪ ،‬هي ببساطة الطائرات التي عادت‪ .‬أي أنها تحملت هذه األصابة ولم تسقط‪ .‬بينما لم تعد‬
‫‪.‬طائرة واحدة مصابة في كابينة الطيار أو الذيل‪ .‬بما يدل أن هذه هي األماكن الهشة فعالً‪ ،‬و هي التي تحتاج إلى التدعيم‬
‫تأكدت صحة فكرته عندما جرب المهندسون تدعيم المناطق السليمة‪ ،‬وبالفعل ارتفعت نسبة الطائرات الناجية بمعدل فارق‪،‬‬
‫‪.‬فتم تطبيق المبدأ على بقية أسلحة الجيش‬
‫)‪ (Selection bias‬هذه القصة صارت بعد ذلك نموذجا ً لما يسمى بتحيز االختيار‬
‫والذي يعنون به أن تحليل المعلومات قد يخضع لعملية انتقائية بناء على معطيات غير دقيقة و ذلك يؤدي إلى نتائج غير [‬
‫‪].‬صحيحة‬
‫‪ (Survivorship bias).‬و اطلقوا على هذا النوع‪ :‬تحيز البقاء على قيد الحياة‬
‫‪.‬وكان لهذا أثر كبير في كثير من العلوم بعد ذلك‬
‫‪:‬وبالنظر لواقعنا‬
‫‪.‬نجد بالفعل أننا مصابون بشكل أو آخر بشيء من هذا التحيز‬
‫‪...‬ربما كان بعض العيب الذي تبصره في نفسك ليس هو موطن ضعفك‬
‫‪...‬إنما تراه أنت ألنك تنظر إليه كما تريد‪ ....‬و ليس كما هو‬
‫‪...‬وربما كانت مواطن الهشاشة في استقامتك ليس هي التي تشخصها و تكابد لعالجها‬
‫‪...‬وتحاول تدعيمها‬
‫‪...‬ربما كان في قلبك ما هو أخطر‬
‫!!‪...‬و أكبر خطر فيه أنه ال يظهر‬

You might also like