‫دمقدمة‬

‫مقدم ـــــــــــــــة ‪:‬‬

‫جد عقالني ‪،‬و فريد من نوعو يقوم عمى مباديء‬

‫إن الفمسفة قد قامت بتأسيس مجتمع إنساني ّ‬
‫و معايير و نظم ‪ ،‬و ىذه القواعد كان ليا الفضل في خمق إنسان يسير وفق أبعاد منيا بعد‬
‫أخالقي ‪ ،‬و ديني ‪ ،‬إجتماعي ‪ ،‬سياسي ‪ ،‬و أخي ار بعد إقتصادي ‪ .....‬و غيرىا ‪ .‬فبفضميا‬
‫تمكن الفرد من إحداث بمورة نوعية مكنتو من اإلرتقاء إلى مرتبة الكائن العاقل المتميز ‪.‬‬
‫لكن خالل مختمف الحقب التاريخية ‪ ،‬ط أر نوع من المجابية و المعارضة من قبل العديد من‬
‫القوى الخارجية أثناء مراحل التطور اإلنساني حيث تجسدت في قوى متنوعة " إجتماعية ‪،‬‬
‫دينية ‪ ،‬سياسية ‪ ،‬و إقتصادية ‪"...‬فيي نابعة من اإلنسان و ذلك بغية إخضاع األفراد ‪ .‬و‬
‫بما أن ىناك تفاوت بين االفراد من حيث القدرات الذىنية والظروف اإلجتماعية التي تمثل ما‬
‫ىو مادي‪ ،‬مما أدى بيم في نياية المطاف إلى ركون و خضوع جزء منيم إلى جزء أخر ‪،‬‬
‫و ىذا ما تميز بو اإلنسان عبر العصور ‪ .‬و ىذا التعارض الحاصل في المجاالت الحياتية‬
‫لإلنسان أدى إلى ما يعرف عند كارل ماركس باإلغتراب فيو من القضايا التي مست الكيان‬
‫اإلنساني ‪ ،‬فمصطمح اإلغتراب فقد ذاع سيطو حتى في عصرنا الراىن ‪ ،‬لذا فيو يحمل في‬
‫ثناياه العديد من المعاني و الدالالت ‪.‬‬
‫لذا فإن مفيوم اإلغتراب ليس ليو معنى موحد يتفق عميو جميع الفالسفة ‪ ،‬إذ أن كل واحد‬
‫منيم يستخدم ىذا المصطمح وفقا لمعنى خاص بو ‪ ،‬و منظوره ىو و ذلك ألنيا مرتبطة‬
‫بشروط معينة منذ األزل ‪ .‬لذا فالغاية التي نسعى لتحقيقيا من خالل ىذه البحث ىو‬
‫الوصول إلى تحديد و إعطاء مفيوم واضح لإلغتراب ‪ ،‬فكارل ماركس إىتم منذ شبابو‬
‫بدراسة واقع المجتمعات دراسة معمقة تجمت جل الظواىر الحياتية سواء كانت مادية أو‬

‫م‬
‫ب‬
‫‌‬
 ‫روحية ‪ ،‬و ذو بعد واقعي ساىمت في ظيورىا تجارب الظروف بمختمف جوانبيا و مجاالتيا‬
‫التي عايشيا كارل ماركس في واقعو ‪ ،‬في كنف الطبقة البرجوازية التي أدت إلى الرأسمالية‬
‫مما أدى بكارل ماركس إلى البحث عن البوادر الرئسية التي أدت إلى ظيور فكرة اإلغتراب‬
‫في حياة األفراد ‪ .‬و من األسباب التي من أجميا إخترت ىدا الموضوع ‪ ،‬أسباب ذاتية و‬
‫أسباب موضوعية منيا ‪:‬‬
‫‪ -‬كونو لو أىمية كبرى في الساحة الفكرية ‪ ،‬و في الجامعات الغربية ‪ ،‬و باإلضافة إلى‬
‫شخصية كارل ماركس الفريدة ‪ ،‬كونيا متعددة الجوانب و اإلىتمامات ‪ ،‬حيث لعبت دو ار‬
‫بار از في الثقافة الغربية ‪ ،‬ذلك ألنو جاء بأفكار جديدة خاصة في مجال اإلغتراب ‪ ،‬و لقد‬
‫سعت ىذه الشخصية إلعطاء نظرة و صورة جديدة لإلغتراب ‪.‬‬
‫‪ -‬كون الموضوع يعتبر مظير من مظاىر التغيير و التحرر من كنف و قبضة اإلغتراب و‬
‫الطبقة الرأسمالية‪.‬‬
‫و حقيقة الموضوع التي تبرز الدور الكبير الذي قام بو كارل ماركس في توعية الطبقة‬
‫البروليتاريا و تحريرىا من قيود الييمنة الرأسمالية ‪.‬‬
‫و عمى ىذا األساس أردنا أن نطرح إشكالية الموضوع عمى الشكل التالي ‪:‬‬
‫ما السمة األساسية التي تميز بيا مفيوم اإلغتراب عند كارل ماركس عن غيره‬ ‫*‬
‫جديدا ؟‬
‫ً‬ ‫من المفاىيم السابقة ؟ و إلى أي مدى يمكن إعتبار طرحو طرحا‬
‫و عمى ىذا األساس نطرح جممة من التساؤوالت ‪:‬‬
‫* فما معنى اإلغتراب من الناحية المغوية و اإلصطالحية ؟‬
‫* ما الجذور التاريخية لفكرة اإلغتراب ؟‬
‫* و ماىو البعد الذي أخذتو ظاىرة اإلغتراب في تفسير ماركس ؟ و ىل مفيومو‬
‫لإلغتراب مماثل لمفيوم ىيغل و فيورباخ ؟ أم يختمف عنيما ؟‬
‫* ماىو منيج كارل ماركس في قير اإلغتراب ؟‬

‫م‬
‫ت‬
‫‌‬
 ‫* و ماالمكانة التي يمكن أن توضع فييا فكرة اإلغتراب غند كارل ماركس ؟‬
‫و لإلجابة عن إشكالية الموضوع قسمناه إلى ثالث فصول و مقدمة و خاتمة‬
‫الفصل األول كان بعنوان اإلغتراب بين المفيوم و النشأة ‪ ،‬كما واضح من في عنوان‬
‫الفصل فيو يحتوي عمى مبحثين ‪ ،‬المبحث األول الذي تناولنا فيو أصل المغوي لفكرة‬
‫اإلغتراب ‪ ،‬في المغات الثالث األنجميزية ‪ ،‬والفرنسية ‪ ،‬األلمانية ‪ ،‬تعريفو عند بعض‬
‫الفالسفة ‪.‬‬
‫أما المبحث الثاني و الذي تمثل في الكشف عن الجذور التاريخية لإلغتراب حيث‬
‫تعرضنا لفكرة اإلغتراب في العيد اليوناني ‪ ،‬كذا السابقين لييغل كروسو و كذا تناولنا‬
‫فكرة اإلغتراب عند ىيغل كذا تطرقنا لالحقين عميو كفيورباخ و فرويد و ىيدغر ‪.‬‬
‫أما الفصل الثاني فجاء بعنوان اإلغتراب وفق المنظور الماركسي ‪ ،‬وقد إشتمل عمى ىو‬
‫اآلخر عمى مبحثين و كل مبحث ينطوي عمى ثالث مطالب ‪ ،‬فالمبحث األول تناولت‬
‫فيو ثالث مطالب ‪ ،‬المطمب األول و الثاني تحدثنا عن نقد فكرة اإلغتراب عند كل من‬
‫ىيغل و فيورباخ ‪ ،‬و المطمب الثالث قمنا بإبراز الصياغة الجديدة لفكرة اإلغتراب ‪ .‬أما‬
‫المبحث الثاني حاولنا من خاللو التطرق إلى أىم األشكال التي تتجمى فييا ظاىرة‬
‫اإلغتراب في حياة األفراد ‪ ،‬و قد إشتمل ىو اآلخر عمى ثالث مطالب‪ ،‬مستيمين‬
‫المطمب األول لمحديث عن اإلغتراب الديني و المطمب الثاني عن اإلغتراب السياسي و‬
‫المطمب الثالث اإلغتراب اإلقتصادي ‪.‬‬
‫أما الفصل الثالث و األخير الذي جاء بعنوان ‪ ،‬قير اإلغتراب عند كارل ماركس و‬
‫يشتمل ىو كذلك عمى مبحثين و تمكن من خاللو من إعطاء حمول يراىا مناسبة ‪،‬‬
‫فالمبحث األول ىو عبارة عن بداية نحو التغيير و تجمت في اإلشتراكية ‪.‬‬
‫أما المبحث الثاني تمثل في الخطوة األخيرة و التي تمثمت في عنوان الشيوعية ‪.‬‬
‫ثم تناولنا قيمة فكرة اإلغتراب عند كارل ماركس من خالل استعراضنا ألراء مؤلفين‬
‫آخرين من ىاربرت ماركيز ‪ ،‬و إريك فروم ‪ ،‬و وابل نعيمة‪.‬‬

‫م‬
‫ث‬
‫‌‬
 ‫وكختام لمدراسة وظفنا خاتمة جاءت كخالصة وحوصمة لمموضوع ‪ ،‬استعرضنا فييا‬
‫أىم النتائج التي تم التوصل إلييا‪ ،‬وىي بمثابة إجابة عن تساؤالت إشكالية الموضوع ‪ ،‬وتمييا‬
‫بعد ذلك قائمة لممادة العممية من المصادر والمراجع التي تناولناىا في إعداد ىذا الموضوع‪،‬‬
‫أخير فيرس عام لمدراسة ‪.‬‬
‫و ًا‬
‫أما المنيج المتبع في دراسة ىذا الموضوع فيو المنيج التحميل ‪ ،‬حيث عمدنا إلى‬
‫تحميل آراء وموقف كارل ماركس تجاه ظاىرة اإلغتراب ‪ ،‬لتبيان قيمتيا‪ .‬كما استعنا بالمنيج‬
‫بعض أفكار كل من ىيغل و‬ ‫كارل ماركس مع‬ ‫المقارن من خالل م‪ ،‬ومقارنة أفكار‬
‫فيورباخ‪ ، ،‬ويظير ىذا جميا من خالل تتبع فكرة اإلغتراب انطالقا من ىيغل و فيورباخ‪.‬‬

‫وعن إنجازنا ليذا البحث واجيتنا بعض الصعوبات أىميا‪:‬‬

‫‪ ‬صعوبة موضوع البحث إذ كان لزاما عمينا فيم اإلغتراب عند ىيغل فيو محطة‬
‫فمسفية معقدة ‪ ،‬ثم اإلغتراب عند فيورباخ و ربطو ‪ ،‬حتى يتسنى لنا في األخير‬
‫الوقوف عمى حقيقة اإلغتراب لدى كارل ماركس ألن بدايتو األولى منيما في وىذا‬
‫يحتاج منا الكثير من الخبرة ‪.‬‬
‫‪ ‬صعوبة المقارنة بين أفكارىم ‪.‬‬
‫‪ ‬إنعدام المصادر الورقية‬
‫‪ ‬ضيق الوقت‪.‬‬

‫م‬
‫ج‬
‫‌‬