You are on page 1of 19

‫الفصل الث ـ ـ ــالـ ـ ـ ـ ــث‪:‬‬

‫قهر اإلغتراب عند كارل ماركس‬


‫اللمبث ااألل ‪:‬مرحلة اإلشتراكية‬

‫مرحلة الشيوعية‬ ‫اللمبث الثاني ‪:‬‬

‫‪57‬‬
‫الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قهر اإلغتراب عند كارل ماركس‬

‫تمييد‪:‬‬

‫إف ظاىرة اإلغتراب ليا العديد مف األشكاؿ داخؿ الحياة اإلنسانية ‪ ،‬ك ذلؾ إلرتباطيا بأسس مادية ك‬
‫الرأسمالية كبحيث كانت تتحكـ في المجتمع ‪ ،‬مف خالؿ‬
‫التي كانت خاضعة بشكؿ كبير لمطبقة ّ‬
‫ممكيتيا لكسائؿ اإلنتاج تمكنت مف بسط نفكذىا عمى جميع األفراد ك ىذا حسب كارل ماركس كأساس‬
‫مما أدل إلى خضكع اإلنساف ليذه الطبقة البرجكازية‬
‫مكصؿ إلى إنتشار فكرة اإلغتراب بكؿ أنكاعوا ‪ّ ،‬‬
‫ك إستغاللو مف قبميا كىذا ـ ا جعؿ ماركس يرفض ىذا الخضكع ألنو سبب في زكاؿ إنسانية اإلنساف‬
‫حد ليذا التجاكز ك المبالغة في مظاىر ك مبادئ اإلستعباد ك‬
‫بصفة عامة‪ .‬ليذا رأل ضركرة كضع ّ‬
‫اإلبادة التي سادت في ذلؾ المجتمع الرأسمالي فكارل ماركس يرل ضركرة تجاكز الظكاىر اإلغترابية‬
‫لمرد عمى كؿ قكة مستبدة ك كؿ‬
‫عف طريؽ إنتياج أسمكب ثكرم لمتخمص مف اإلستبداد فيي أنجع حؿ ّ‬
‫مجتمع مقيكر‪ .‬ك لتخطي ظاىرة إغتراب لبد مف طريقتيف أساسيتيف ىما‪:‬‬
‫(‪ )1‬اإلشتراكية ‪ :‬نعتبر أكلى طرؼ التي تقرر فييا الطبقة العاممة أك البركلتاريا نزع السمطة مف يد‬
‫الطبقة الرأسمالية ك ذلؾ مف أجؿ إعا دة إرساء بكادر إجتماعية جديدة مصدرىا الفكر البركليتارم‪ .‬ك‬
‫‪1‬‬
‫أكلى التغييرات المراد القياـ بيا ىي‪‘‘ :‬الممكية العامة لوسائل اإلنتاج‘‘‬
‫تعتب الطريقة األخيرة ‪ ،‬فيي أىـ ك أنجع األساليب بالنسبة لكارل ماركس في تحقيؽ‬
‫(‪ )2‬الشيكعية ‪ :‬ر‬
‫التحرر لإلنساف ك ذلؾ مف خالؿ أنيا تحمؿ العديد مف األىداؼ التي تسعى لتحقيؽ الصالح العاـ‬
‫لكافة المجتمع كليذا فإف األفراد تكاجيو تغيرات بناءة ‪ ،‬ترسكا فيو جميع أنكاع المساكاة‪ ،‬كالحرية ك‬
‫بكادر العدالة اإلجتماعية ك ىذا ما سنتتطرؽ لمحديث إليو مف خالؿ ىذا الفصؿ الثالث ‪.‬‬

‫فماىي الطرق المنتجو من قبل كارل ماركس لتجاوز فكرة اإلغتراب ؟‬

‫‪ :‬كارل ماركس ‪ ،‬فريدريك أنجمز ‪ ،‬وآخرون ‪ ،‬الحرية والديموقراطية ‪ ،‬في ظل اإلشتراكية ‪ ،‬تر‪ :‬عبد الجواد حمدي ‪ ،‬دارالثقافة‬ ‫‪1‬‬

‫االجديدة ‪ ،‬القاىرة ‪( ،‬د‪ ،‬ط) ‪(،‬د‪ ،‬ت) ‪ .‬ص‪.9‬‬

‫‪58‬‬
‫الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قهر اإلغتراب عند كارل ماركس‬

‫المبحث األول; مرحمة اإلشتراكية ‪:‬‬

‫إف كارل ماركس رغـ إدراكو لكاقع ظاىرة اإلغتراب التي كانت المشكمة األساسية لمفرد داخؿ مجتمعو‪.‬‬
‫فيك لـ يتكقؼ عند إدراكو ليذد الظاىرة فقط ‪ ،‬بؿ سعى جاىدا لتجاكزىا كتخميص اإلنسانية منيا‪.‬‬
‫كما أنو رغـ العرقمة اإلجتماعية مف قبؿ الطبقة البرجكازية الرأسمالية‪ .‬إال أف مسعاه إلى قمب‬
‫األكضاع في المجتمعات المستمبة كاف المسعى األكؿ لو مف أجؿ إحداث تغيير جذرم في طبيعة‬
‫العالقات بيف األفراد‪ .‬فكارل ماكس يصرح بضركرة العمؿ مف أجؿ تخطي اإلغتراب كذلؾ مف خالؿ‬
‫إعتماد طرؽ عممية لتجاكز اإلغتراب ‪ .‬كبغية اإلنتقاؿ مف األفكار التأممية الصرفو إلى ماىك فعمي‪.‬‬
‫كالفكرة العممية الفعمية حسب ماركس ال تتجسد إال كفؽ منظكر ثكرم فيي الكسيمة األنجح كاألمثؿ‬
‫لتحقيؽ التحرر في كؿ المجاالت الحياتية لألفراد سكاء كانت ‪ ،‬سياسية ‪ ،‬ثقافية ‪ ،‬إقتصادية ‪ ،‬دينية ‪،‬‬
‫إجتماعية‪ ...‬كغيرىا ليذا فتجاكز الطبقة البرجكازية الرأسمالية لمتسيير ‘‘كانت النتيجة الحتمية‬
‫لمثورة‘‘‪ ، 1‬ك الضغط كسكء المعاممة يؤدم إلى كقكع ثكرة كذلؾ مف أجؿ التغيير الحتمي‪ .‬فيي مف‬
‫أنجح الكسائؿ لتحقيؽ اإلنعتاؽ ك التحرر مف الطبقة البرجكازية الرأسمالية لذا يقكؿ كارل ماركس‬
‫بالثكرة مف أجؿ إحداث التغيير الجذرم داخؿ المجتمع كىذا مادفع بي إلى طرح السؤاؿ التالي‪ :‬ماىي‬
‫طبيعة الثورة التي يصبو إلييا كارل ماركس ؟‬

‫‪1‬‬
‫‪ :‬كارل ماركس ‪ ،‬مختارات فمسفيةج ‪ . 2‬تر ‪ :‬العممية اإلشتراكية ‪ ،‬دار التقدم ‪ ،‬موسكو ‪(،‬د‪.‬ط ) ‪( ،‬د‪ .‬ت) ‪.‬ص‪.128‬‬

‫‪59‬‬
‫الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قهر اإلغتراب عند كارل ماركس‬

‫إف كارل ماركس سعى إلى تحقيؽ ثكرة مف خالؿ أغمبية الطبقة العاممة التابعة ك الصادرة عف‬
‫تدرؾ إغتراب‬
‫مختمؼ المجا الت السائدة ‪ ،‬فمتى تعي الطبقة العاممة حقيقة الكاقع الذم تعيش فيو ‪ ،‬ك ُت‬
‫الفية المنتيكة ضد جميع‬
‫كفية تـ إضطيادىا مف قبؿ الطبقة البرجكازية ‪ ،‬حتى تثكر ىذه أ‬
‫ذاتيا أ‬
‫الظركؼ ك الشركط اؿحياتية بكاسطة القكة الثكرية ‪ ،‬التي يعتبرىا مف الكسائؿ المثمى لتحقيؽ غايتيـ‬
‫المنشكدة مف كراء ىذه الثكرة‪.‬‬

‫كذلؾ نجد كارل ماركس يشيد أبىمية كعي الطبقة العاممة ك باألبعاد الثكرية ك دكره ا في القياـ بثكرة‬
‫مبنية عمى كؿ المساكمء ك اإلستغالالت مف قبؿ اؿنظاـ اؿأرسمالي في جميع إطاراتو ‪ ،‬كىذا حسبو ال‬
‫يحدث إال إذا إتحدكا جميع العماؿ ليذا يقكؿ ماركس ‪ ‘‘:‬يا عمال العالم اتحدوا‘‘‪ 1‬ككذلؾ ال بد مف‬
‫تكحيدىا كقكة كاحدة ضد الرأسمالية التي سيطرت عمى كؿ المجاالت ك كذلؾ مف أجؿ إلغاء التفاكت‬
‫الطبقي ك ىذا ما عبر عنو ماكس في قكلو ‪ ‘‘ :‬البد من تشكل البروليتاريا ‪ ،‬في حزب سياسي واحد‬
‫‪ ،‬و من أجل ضمان نجاح الثورة اإلجتماعية ‪ ،‬التي ىدفيا األسمى إلغاء الطبقات ‪ 2‘‘.....‬مف‬
‫أجؿ تحقيؽ أ ىدافيـ ال بد مف تطبيؽ منيج سياسي كاحد ‪ ،‬كتكحيد صفكؼ البركليتاريا في صؼ‬
‫كاحد ك يد كاحدة ال تقير ك ال تزكؿ إالّ بقكة أخرل مماثمة ليا كىي الثكرة ‪.‬‬

‫حيث فجد كارل ماركس الذم يعتبر أف طبقة البركليتاريا ظيرت نتيجة لمممكية الخاصة لكسائؿ‬

‫اإلنتاج مف قبؿ المجتمع الرأسمالي ‪ ،‬أم أنيا فابعة مف الشركط المادية ك تحررىا ال يككف إالّ‬
‫بالتخمص مف ىذه األساس المادم الذم كاف سبب في ظيكر طبقة مضطيدة ك مستمبة الحؽكؽ في‬
‫المجتمع ‪ ،‬ك كذلؾ يعتبر في نياية المطاؼ القضاء عمى الممكية الخاصة لكسائؿ اإلنتاج كالتي‬
‫لطالما تمتعت بيا الطبقة الرأسمالية عف غيرىا مف الطبقات ‪ .‬فميذا إؼف ماركس يدعك إلى إنتياج‬
‫األسمكب الثكرم في فضالو ضد الرأسمالية ‪ ،‬فيك أنسب أسمكب نحك تحقيؽ التحرير ‪،‬كأيضا يطمؽ‬

‫‪1‬‬
‫‪ :‬كارل ماركس ‪ ،‬مخترات فمسفية ج‪ ، 1‬ص ‪46‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ :‬كارل ماركس ‪ ،‬نظام جمعية الشغمية األممية ‪ ،‬تر‪ :‬معز الراحجي و عبد المطمب العممي ‪ ،‬موسكو ‪ ،‬ط‪ ، 1960 ،2‬ص ‪.55‬‬

‫‪60‬‬
‫الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قهر اإلغتراب عند كارل ماركس‬

‫عمييا بالثكرة اإلشتراكية فيي الطريؽ األمثؿ نحك التحرر ليذا يقكؿ ماركس في ىذا الصدد‪‘‘:‬اإلنتقال‬
‫إلى اإلشتراكية ال يتحقق إالّ في حالة قيام ثورة بروليتارية ‪ ، 1 ‘‘......‬ك ىذا معناه ػأف اإلشتراكية‬
‫مبنية عمى ركيزة أساسية ‪ ،‬ىي إرساء اإلشتراكية ‪ ،‬بدؿ الرأسمالية كىذا طبعا ال يتحقؽ إال في ظؿ‬
‫القياـ بثكرة شاممة ‪ ،‬فيي عبارة عف ‘‘ إنتفاضة عمى الجور اإلجتماعي‘‘‪ ، 2‬مف أجؿ الكصكؿ إلى‬
‫تحقيؽ إنساف مستقؿ بذاتو ‘‘يقف عمى قدميو و لن يعود مشموال بفضل أسموب اإلنتاج و‬
‫االستيالك المغرب ‪ ،‬أي انو بسكون في الواقع سيد وخالق حياتو ‘‘‪ ، 3‬كذلؾ ىدفيا أيضا الصالح‬
‫العاـ لجؿ العماؿ التي لطالما أخذت حقكقو ـ مف قبؿ الطبقة الرأسمالية ‪ ،‬فيي دائما تكافح مف أجؿ‬
‫تحقيؽ أىدافيـ ك إسترجاع ما أ خذ منيـ بالقكة ‪ ،‬كصكال في النياية المطاؼ إلى إرساء السيطرة التامة‬
‫ك تفردىا بالحكـ ك ذلؾ بعد إزاحة الطبقة الرأسمالية لتحؿ محميا طبقة البركليتاريا ‪ ،‬ك ىذا ما يدؿ‬
‫عمى تحقيؽ التحرر ‪ ،‬ك القضاء عمى جميع أنكاع االضطياد بما فييا التخمص مف الطبقات‬
‫اإلجتماعية‪.‬‬

‫‘‘فإن ىذا النضال ‪ ...‬يقضي بالضرورة إلى ديكتاتورية بروليتارية ‪.‬فيذه الديكتاتورية ال تعني غير‬
‫االنتقال إلى القضاء عمى كل الطبقات و إلى المجتمع الخالي من الطبق‘‘ ‪. 4‬فإف ىدؼ اإلشتراكية‬
‫م لمعماؿ ك تحريرىـ‬
‫ىي إعادة اإلعتبار لإلنساف كلكيانو ‪ ،‬كىذا ال يتـ إالّ عف طريؽ تحقيؽ الحر ة‬
‫مف القيكد التي كانت مسيطرة‪ ،‬كىذا يعتبر أك مظير مف مظاىر التحرر‪ ‘‘.‬وكذلك عمل البروليتاريا‬

‫‪1‬‬
‫كارل ماركس ‪ ،‬فريدريك انجمز ‪ ،‬الطريق االشتراكية مع تخطي الرأسمالية ‪ ،‬ترجمة ‪ :‬فاديم تروبينكوف ‪ ،‬دار الثفافة الجديدة ‪،‬‬
‫(د‪،‬مكان) ‪( ،‬د‪،‬ط) ‪( ،‬د‪،‬ت) ‪ ،‬ص ‪9‬‬
‫‪2‬‬
‫جورج بورجان ‪ ،‬بيار رامبير ‪ ،‬ىذه ىي االشتراكية ‪ ،‬ترجمة ‪ :‬محمد عيتاني ‪ ،‬دار بيروت لمطباعة و النشر ‪ ،‬بيروت ‪( ،‬د‪،‬ط)‬
‫‪ ، 1952 ،‬ص‪3‬‬
‫‪3‬‬
‫اريك فروم ‪ :‬مفيوم اإلنسان عند ماركس ‪ ،‬ترجمة ‪ :‬محمد سيد رصاص ‪ ،‬دار الحصاد لمنشر و التوزيع ‪ ،‬دمشق ‪ ،‬ط ‪1‬‬
‫‪.1998،‬ص‪79‬‬
‫‪4‬‬
‫كارل ماركس‪ ،‬و فريدريك أنجمز‪ ،‬رسائل ماركس و أنجمز ‪ ،‬تر‪ :‬اإلشتراكية العممية ‪ ) ،‬د‪.‬ن ( ‪) ،‬د‪.‬م( ‪) ،‬د‪ .‬ط( ‪) ،‬د‪.‬ت( ‪.‬ص‬
‫‪.16‬‬

‫‪61‬‬
‫الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قهر اإلغتراب عند كارل ماركس‬

‫الموحد‪...‬ىو أخذ الشروط األولية لتحررىا ‘‘‪ .1‬فالعمؿ كفؽ منظكر كاحد ك يد كاحدة مكصؿ إلى‬
‫تحقيؽ كؿ ما ييدفكف إليو‪ .‬فالتحرر ال يككف إال إذا إتحدكا فيما بينيـ‪ .‬فيي أكلى خطكات نحك‬
‫تحقيؽ التحرر السياسي عف طريؽ الثكرة التي تقكـ بيا طبقة البركليتاريا‪.‬‬

‫كذلؾ نجد أف كارل ماركس يدعك ك بشدة إلى ما يعرؼ بالتحرر السياسي مف الديف معناه تحرر‬
‫ىي المميد األكؿ‬
‫م لمديف ‪ ،‬فيي عمى إعتبارىا المسير الرئيسي لممجتمع فميذا ؼ‬
‫الدكؿ مف اؿتبيع ة‬
‫لخالص اإلنساف ك المجتمع عامة ‪ ،‬فحسب ماركس ‪،‬إف اإلتحاد البركليتاريا مكنتو مف إنتزاع السمطة‬
‫السياسية مف يد الطبقة البرجكازية ك تتزعـ القيادة في الدكلة ‪ ،‬ك ذلؾ عمى إعتبار ّأنيا أصبحت‬
‫تمتمؾ كؿ الكسائؿ ك السمطة الالزمة التي تسمح ليا بإلغاء الديف ‪ ،‬بحيث يصبح الديف ال عالقة لو‬
‫بالدكلة ك ليس مرتبط بنظاـ الحكـ كما كاف فيما سبؽ لدل الطبقة الرأسمالية ‪ ،‬فيصبح مجرد طقكس‬
‫عامة تمارس مف قبؿ األفراد فقط ك ىذا ما صرح بو كارل ماركس في قكلو ‪ :‬تحرر اإلنسان بوجو‬
‫عام عن الدين من جية ‪ .‬ومن جية أخرى يعتبر اإللغاء السياسي لمدين كتبعة لذلك إلغاء لمدين‬
‫يشكل عام‪.‬إن الدولة التي تشترط الدين لم تصبح بعد دولة حقيقية ‪ ،‬دولة واقعية ‘‘‪ 2‬فينا تصريح‬
‫كاضح عمى أف أفكار ماركس حكؿ الديف ‪ ،‬ىك عبارة عف دعكة مباشر إلى ضركرة إنشاء ‘‘مجتمع‬
‫سياسي الئكي‘‘‪ ، 3‬فينا ال مناص مف الخمط بيف الديف ك ؾحؽ خاص ك كحؽ عاـ لمدكلة ليذا‬
‫يقكؿ ‪ ‘‘:‬يتحرر اإلنسان سياسيا من الدين باقضائو من الحق العام الى الحق الخاص ‪ ،‬انو ال‬
‫‪4‬‬
‫‪ ،‬ك ىذا راجع إلى أف اإلنساف بسبب الديف يقع في دكامو اإلغتراب ك ذلؾ‬ ‫يعود روح الدولة ‘‘‬
‫مغترب عنو ‪.‬ليذا كان‬
‫ا‬ ‫مف خالؿ ىذا يصبح اإلنساف مستمب في كاقعو مما يجعؿ عالمو عالما‬
‫ماركس‬

‫‪1‬‬
‫‪ :‬كارل ماركس ‪ ،‬وفريدريك أنجمز ‪ ،‬بيان الحزب الشيوعي ‪ ،‬تر‪:‬عصام أمين ‪ ،‬دار البيان الشيوعي ‪) ،‬د‪.‬ن( ‪ ،‬ط‪1987 ، 1‬‬
‫‪.‬ص‪.34‬‬

‫‪2‬‬
‫المسلة الييودية ‪ ،‬ص ‪98‬‬
‫أ‬ ‫‪ :‬كارل ماركس ‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫نعيمة وايل ‪ :‬االغتراب عند كارل ماركس ص ‪120‬‬
‫‪4‬‬
‫كارل ماركس المسالة الييودية ص ‪18-16‬‬

‫‪62‬‬
‫الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قهر اإلغتراب عند كارل ماركس‬

‫‪63‬‬
‫الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قهر اإلغتراب عند كارل ماركس‬

‫يؤكد عمى ضركرة نقد الظاىرة الدينية كخطكة أكلى ك عمى إعتبار أف فؽذ الديف بداية حتمية لكؿ‬
‫نقد بناء ك مكصؿ إلى إزالة الستار عف الكاقع المميء بالزمؼ ‪ ،‬ك الكشؼ عف التناقص المكجكد اذ‬
‫يقكؿ ماركس ‪‘‘ :‬إن التناقض الذي نجده تابع لدين م عين و مواطن‪ ،‬دولة ماىو إال جزء فقط‬
‫من التناقض الدنيوي بين الدولة السياسية و المجتمع البرجوازي ‘‘ ‪ 1‬إن ماركس يعتبر أف فكرة‬
‫الجمع بيف ماىك سياسي ك ديني ‪ ،‬يعتبر تناقض ال يقبؿ عمى إعتبار كجكد إختالؼ بيف الديف ك‬
‫الدكلة ‪ ،‬فالديف ىك عبارة عف كسيمة يمجأ إلييا اإلنساف بغية اليركب مف ـ أساتو ك معاناتو التي‬
‫تسبب فييا أصحاب رؤكس أمكاؿ ‪ ،‬كعالـ السياسي كىك ترجمة كاقعية عمى عكس الديف الذم‬
‫مغتربىـ‪ .‬فميذا يرل ماركس ضركرة التخمص مف العالـ المغترب ك تحرير اإلنسانية ك تحقيؽ ليـ‬
‫السعادة الكاقعية ‪ ،‬ك ىذا ما يتجسد في دكلة ا لتي تحكميا طبقة العماؿ‪،‬عمى إعتبار أف الديف كاف‬
‫الرأسمالي الذم إستعممتو كذريعة لمسيطرة بيا عمى الطبقات األخرل‬
‫كسيمة مستعممة مف قبؿ المجتمع ّ‬
‫‪ .‬ليذا يشيد ماركس مف ضركرة القضاء عمى الديف الذم كاف كأداة لمسيطرة عمى الطبقات الدنيا ‪.‬‬

‫كىنا نستنتج أف كارؿ ماركس يعتبر أف الديف أفيكف الشعكب ‪ ،‬لذا فيك يدعك إلى ضركرة كضع‬
‫حمكؿ تطبيقية مبنية عمى أساس الثكرة مف أجؿ القضاء عمى الديف نيائيا مف الحياة السياسية ‪،‬كثـ‬
‫داخؿ حياة األفراد ‪ .‬ك ذلؾ ألف السياسة ىي أساس كؿ مجتمعات بمختمؼ جكانبو‪.‬‬
‫فميذا فإف اليدؼ الذم يصبك إليو ماركس مف خالؿ فكرة التحرر السياسي كالتحرر الديني في فمسفتو‬
‫ىك كصكؿ البركليتاريا إلى السمطة كتطبيؽ مبادئيا ك أسسيا ‪ .‬ك ذلؾ مف خالؿ القضاء التاـ عمى‬
‫كؿ المبادئ التي كانت تنتيجيا الطبقة البرجكازية ‪ ،‬أكليا القضاء عمى الممكية الخاصة لكسائؿ‬
‫اإلنتاج التي تعتبر سبب حؿ المشاكؿ في جميع المجاالت الحياتية ‪ ،‬التي تركت بصمتيا السيئة في‬
‫حياة الطبقات الكادحة‪ ،‬ك تسبب ليـ في العديد مف الـآسي ك المعاناة في حياتيـ فيذا اإللغاء يعتبر‬
‫كبداية أكلى نحك تحقيؽ التحرر عمى جميع األصعدة الحياتية ك ذلؾ مف خالؿ اإلنتقاؿ مف الممكية‬

‫‪1‬‬
‫المصدر نفسو ص ‪24‬‬

‫‪64‬‬
‫الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قهر اإلغتراب عند كارل ماركس‬

‫الخالصة إلى الممكية العامة لكسائؿ اإلنتاج فبيذا التجاكز تتحقؽ أكلى بكادر التحرر اإلجتماعي‬
‫لإلنساف ‪ ،‬ك مف ىذا يبدأ كارؿ ماركس التحضير لتأسيس مجتمع جديد يقكـ عمى مبادئ ك أسس‬
‫كاقعية تخدـ الكياف اإلنسافم ك ال تضطيده ‪.‬‬
‫السمة األساسية التي تميزت بيا اإلشتراكية حسب منظور كارل ماركس‪،‬‬
‫إذا نستنتج في األخير أف ّ‬
‫الرأسمالي التي قامت عمييا فيي لـ تنفي فكرة الطبقات بؿ أصبحت تميز كذلؾ‬
‫إحتفاظ ببعض بقايا ّ‬
‫بيف بديؿ أنيا ال زالت تؤكد عمى ضركرة سيطرة طبقة بركليتاريا إلى جميع مجاالت كما فعمت الطبقة‬
‫البرجكازية ‪.‬‬

‫كذلؾ تعميـ فكرة الممكية العامة لكسائؿ اإلنتاج أال يعتبر إجحاؼ في حؽ األفراد الذيف ليـ مؤىالت‬
‫عالية ‪ ،‬ؼيتساككف مع أفراد ال يعممكف ‪ ،‬فينا إ ضطياد أيضا لإلنساف ألنو أتاح الممكية لكؿ األفراد‬
‫‪،‬كما أنو قدـ شيئ مختمؼ فيما يحض العمؿ‪...‬كذلؾ إنطالقا مف فكرة ‘‘ كل حسب قدرتو و لكل‬
‫حسب عممو‘‘‪ 1‬كىذا دليؿ عمى أف لكؿ فرد نصيبو عمى حسب مايقدمو مف عمؿ ك طبيعة الجيد‬
‫المبذكؿ ‪،‬فيك تحفيز لمطبقة العاممة ‪ .‬فيك مف أىـ العكامؿ المشجعة لمعماؿ لمزيادة في اإلنتاج ك إنشاء‬
‫ثركة ‪،‬ىذا مافشمت في تطبيقو الطبقة الرأسمالية حيث كاف العامؿ مسمكب كيذه ‪،‬ك يشتغؿ أضعاؼ‬
‫مضاعفة ‪،‬ك لـ يكف يكافأ عمى حسب العمؿ الذم يقدمو ‪ .‬ك إف التقدـ الحاصؿ في جميع األصعدة‬
‫جؿ حاجات األفراد ‪،‬دكف اإلىتماـ بطبيعة الجيد المبذكؿ مف‬
‫ىك بسبب العامؿ فيك الذم يقكـ بتمبية ّ‬
‫أجؿ تخفيؼ ىذه الخيرات ‪ .‬ك بناء عمى ما ذكرنا نرل أف ماركس مف خالؿ طركحاتو نذكر النتائج‬
‫المترتبة عف فكرة إشتراكية‪:‬‬

‫‪ -‬إف ماركس يؤكد عمى ضركرة التغيير مف أجؿ التمكف مف تجاكز اإلغتراب‬
‫‪ -‬إستخداـ األسمكب الثكرم ككسيمة لتحقيؽ التحرر‪.‬‬
‫‪ -‬البد مف التحرر السياسي مف أجؿ تحقيؽ التحرر الديني ك ذلؾ مف خالؿ القياـ بثكرة‬
‫إشتراكية‬

‫‪ . 1964.‬ص ‪.311‬‬ ‫‪ 1‬كارل ماركس ‪ ،‬نقد برنامج غوتا ‪ ،‬ترجمة ‪:‬فؤاد أيوب ‪ ،‬منشورات دار مشق ‪ ،‬دمشق ‪ ،‬د‪.‬ط‬

‫‪65‬‬
‫الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قهر اإلغتراب عند كارل ماركس‬

‫‪ -‬دعكة ماركس إلى ضركرة كصؿ الديف عف الدكلة ألنو معرقؿ‬


‫‪ -‬كارؿ ماركس يرفض رفضا قاطعان إلستخداـ السياسي لمديف‪ ،‬ك تركو ألفراد المجتمع‬

‫‪66‬‬
‫الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قهر اإلغتراب عند كارل ماركس‬

‫المبحث الثاني‪ :‬مرحمة الشيوعية ‪:‬‬


‫إف كارل ماركس يسعى إلى تحقيؽ التحررك ذلؾ مف خالؿ إستخداـ النضاؿ الفمسفي أك السياسي أك‬
‫الديني باإلضافة إلى اإلعتماد عمى طبقة العماؿ ضد الطبقة البرجكازية‪ .‬فاإلشتراكية لكحدىا التحقؽ‬
‫التحرر بؿ البد عمى البركليتاريا أف تكاصؿ نضاليا إلى ماكراء اإلشتراكية إنتقاال إلى مرحمة أخرل‬
‫أشمؿ ك أضمف لممجتمع كذلؾ بغية التخمص التاـ مف جميع البقايا التي خمفتيا الرأسمالية‪ ،‬ك ىذه‬
‫المرحمة ىي المرحمة الشيكعية‘‘ فإن الثورة الشيوعية ىي القطعية األكثر جذرية مع النظام التقميدي‬
‫لمممكية‪ ،‬فال عجب إذا بثت في مجرى تطورىا‘‘‪ 1‬ك السؤاؿ المطركح ىنا ماذا يعني ماركس بالثكرة‬
‫الشيكعية ؟ ك ىؿ يمكف لمثكرة الشيكعية أف تمحك فكرة اإلغتراب نيائيا ؟‬

‫مف المعركؼ أف كارل ماركس نشأ في كنؼ النظاـ البرجكازم حيث أيقف أف سبب معانات األفراد في‬
‫جميع المراحؿ التاريخية ك في كؿ أنماط التنظيمات اإلجتماعية مف جيؿ آلخر كمف مجتمع آلخر ىك‬
‫الممكية الخاصة‪ ،‬إذ البد مف الدعكل إلى الثكرة ‪ ،‬ك ذلؾ مف أجؿ إعادة بناء معايير جديدة ك بناء‬
‫عالقات إجتماعية تختمؼ كؿ اإلختالؼ عف سابقيا إذ تقكـ عمى أساس العدالة‪ ،‬المساكاة‪ ،‬الترابط‬
‫‪......‬كغيرىا ‪.‬‬
‫بحيث لـ يقتنع بالثكر اإلشتراكية كحؿ أخير لكؿ المشاكؿ اإلنسانية بؿ ذىب إلعطاء نمكذج مطكر‪.‬ك‬

‫اعمي ك اسمي درجة ‪ ،‬إال ك ىك المرحمة الشيكعية‪.‬‬

‫حيث آف كارل ماركس أصبح يؤمف بالدكر الفعاؿ لمبركليتاريا في التخمص بشكؿ تدريجي مف‬
‫الصراعات التي نشأت نتيجة النظاـ الرأسمالي ‪ ،‬ىذا الرأم ضركرم إلعادة بناء الجكانب‬
‫االجتماعية ك االقتصادية ‪ ،‬بمنيجية سميمة ليتمكف المجتمع مف خالليا مف تجاكز الممكية الخاصة‬
‫استسالم المجتمع المدني لمشيوعية التي تظل حسبو الحل‬
‫لكسائؿ اإلنتاج كذلؾ مف خالؿ ‪ّ ّ‘‘ّ ّ:‬‬

‫‪1‬‬
‫نعيمة وابل‪ ،‬اإلغتراب عند كارل ماركس‪ ،‬ص‪130‬‬

‫‪67‬‬
‫الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قهر اإلغتراب عند كارل ماركس‬

‫األمثل‘‘‪ 1‬ك ذلؾ ألنيا تسعى أيضا إلى نؽد ‘‘ القاعدة المادية لمممكية الخاصة من جية ‪،‬‬
‫ثانية ‘‘‪،2‬‬

‫ك كذلؾ التخمص التاـ مف الطبقية ك تحقيؽ المساكاة ك العدالة اإلجتماعية ‪ ،‬ك إزالة الدكلة بحيث‬
‫إختمفت تماـ اإلختالؼ عف اإلشتراكية التي تمثمت كاآلتي ‪:‬‬

‫‪ -‬كاف اليدؼ الرئيسي لمشيكعية ىك إرساء المساكاة ك مبادئ العدالة االجتماعية ك ذلؾ مف خالؿ‬
‫الثكرة الشيكعية ك ذلؾ ألجؿ تجاكز االشتراكية في المرحمة ااكلى ك ذلؾ مف اجؿ تحقيؽ التحرر ‪،‬‬
‫حيث أنيا قامت عمى مبدأ أساسي مفاده القكؿ ‪‘‘ .‬كؿ إنساف حسب قدرتو ك لكؿ حسب حاجاتو ‘‘‬
‫ىذا معناه اف جميع االفراد ليـ نفس الحؽ في تحقيؽ التطكر دكف كجكد أم تمايز فيما بينيما كما‬
‫إف الفرؽ في طبيعة العمؿ ال يحدث ىك كذلؾ تفاكت أك تميزه في الممكية أك االستيالؾ فالكؿ حسبو‬
‫متساكيف في جميع األطر الحياتية لإلنساف التي تتعمؽ بالجانبيف االجتماعي ك االقتصادم ك ىذا‬
‫إف المجتمع الشيكعي ‪ ،‬ما تجسد في قكؿ كارل ماركس ‪ ‘‘:‬إن المجتمع الشيوعي ‪ ،‬تكون فيو‬
‫تككف وسائل العمل‪ .......‬ممك لممجتمع بأسرة ‪ ،‬كذلك فان دخل العمل و يقسم بكميتو و بالحق‬
‫المتساوي ‪ ،‬بين جميع أعضاء المجتمع ‘‘‪ 3‬ؼ‬
‫م ىذا القكؿ الذم صرح بو كارل ماركس يدؿ عمى‬
‫الدكر الفعاؿ لمتنظيـ الشمكعي في تحقيؽ تطكر ك رفاىية لإلنسانبة جمعاء سكاء عمى الصعيد‬
‫اإلجتماعي ك كذا اإلقتصادم كذلؾ مف منطمؽ المساكاة بيف جميع األفراد في األطر الحياتية المختمفة‬
‫‪ ،‬فمذا فيك يعتبر أ نو عند بمكغو لتحقيؽ التكافئ ك العدالة بمعناىا الحقيقي في مجاؿ اإلجتماعي ك‬
‫اإلقتصادم ‪ ،‬فو ك اليدؼ االأسمي اؿذم يسعى إليو ماركس مف خالؿ المرحمة الشيكعية ‪ ،‬فيك يصبك‬
‫مف خالليا إلى القضاء بشكؿ نيائي عمى ما يسمى بظاىرة تقسيـ العمؿ كذلؾ ألنيا مف سمات‬
‫النظاـ الرأسمالي ‪ ،‬لذا ال بد مف التخمص منيا بكاسطة المرحمة الشيكعية فيي الكحيدة التي قضت‬

‫‪1‬‬
‫‪:‬نعيمة وابل ‪ .‬االغتراب عند كارل ماركس ‪ .‬ص ‪.131‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ :‬جيرار بن سوسان ‪ ،‬و جورج البيكا ‪ ،‬معجم الماركسية النقدي ‪ ،‬تر ‪ :‬دار محمد عمى لمنشر ‪ .‬دار الفارابي ‪ .‬صفاقس ‪.‬‬
‫بيروت ‪( .‬د‪.‬ت) ‪ .‬ص ‪307‬‬
‫‪ :3‬كارل ماركس ‪ ،‬نقد برنامج غوتا ‪ ،‬تر ‪ :‬العممية اإلشتراكية ‪(،‬د ‪.‬ن )‪ ،‬بيروت ‪.1964 ،‬‬

‫‪68‬‬
‫الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قهر اإلغتراب عند كارل ماركس‬

‫عمييا بشكؿ مطمؽ‪،‬مع إف المرحمة اإلشتراكية ميدت ليا كذلؾ مف خالؿ فكرة الممكية العامة لكسائؿ‬
‫اإلنتاج ‪ ،‬إذ أنيا لـ تصؿ إلى مستكل محك جميع بقايا النظاـ الرأسمالي بشكؿ كمي ‪ ،‬فيي‬

‫أتبعتيا بمرحمة أخر مف أجؿ التخمص منيا دكف ترؾ أم أثر لذلؾ النظاـ كىك ما يعرؼ بالشيكعية‬
‫فينا عندما يحقؽ العامؿ سيادتو ىنا يتمكف مف تجاكز ظاىرة االغتراب ك الييمنة الرأسمالية‘‘ وذلك‬
‫‪1‬‬
‫من خالل إعتمادىا عمى البروليتاريا لمجابية البرجوازية‘‘‬

‫مف أ جؿ القضاء عمييا بعدما تعرضت لمقير مف قبميا لعيكد طكيمة ‪ ،‬تحت شعار الممكية الخاصة‬

‫كذلؾ نجد ماركس في المرحمة الشيكعية ينادم بشعار الغاء كمي لمطبقة داخؿ المجتمع ‪ ،‬ك تحكيمو‬
‫م إ ذ يقكـ عمى عمى اإلنسجاـ ك التكافؽ في جميع المصالح‬
‫لمجتمع ال يشكبو أم نكع مف الطبؽة‬
‫المادية ك كذلؾ أيضا في طبيعة األفكار بيف األفراد إؼف مف أىـ األسباب التي دفعت بكارل ماركس‬
‫إلى ضركرة إزالة الطبقية داخؿ الكياف اإلجتماعي لممجتمع ‪ ،‬راجع إلى الدراسات التي أجريت عمى‬
‫مر التارمخ حكؿ المجتمعات ‪،‬أكصمتو إلى فكرة مفادىا أف جؿ الصراعات التي عرفيا الفرد منذ‬
‫العصكر القديمة الى غاية العصر الحديث ‪ ،‬ىك راجع لسيطرة اؿطبقة اؿأرسمالية ألنيا تمثؿ القكة‬
‫المادية ك الركيزة األساسية لممجتمع ‪ ،‬ألنيا تسبب في خلؽ أنكاع عدة لمكعي داخؿ المجتمع ‪ ،‬فتخؿؽ‬
‫نكع مف اإلحتكاؾ بيف االأفراد ك ىذا الكعي الطبقي يعبر عف مبادئو ك أفكاره ‪ ،‬فيؤدم ىذا التنكع‬
‫ديني ‪ ،‬إكاختالؼ فمسفي‬
‫سياسي ‪ ،‬ة‬
‫ة‬ ‫إلى خمؽ العدديد مف حاالت اإلغتراب عمى جميع األصعدة ‪،‬‬
‫‪ .......‬كغيرىا ‪ ،‬كىذا نتيجة لكثرة اإلختالؼ في األراء ك كذا كجكد تعارض مادم بيف مختمؼ فئات‬
‫المجتمع ‪ .‬كذلؾ فكجكد الطبقية يؤدم إلى صراع الطبقات فيما بينيا بسبب إختالؼ المصالح ك‬
‫تضارب فيما بينيـ مكقع في إختالؼ بيف الطبقات ليذا يقكؿ ‪‘‘:‬إن تاريخ كل مجتمع حتى اآلن قائم‬
‫عمى التناحر بين الطبقات ‪ ،‬و قد إتخذ التناحر أشكال مختمفة و لكن ميما كان الشكل الذي إتخذه‬

‫‪:‬كارل ماركس و فريدريك انجمز ‪ ،‬عريضة المجمس المركزي إلى عصبة الشيوعية ‪( ،‬د‪.‬ن )‪( ،‬د‪.‬ط) ‪( ،‬د‪.‬ت)‪ ،‬ص ‪. 9‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪69‬‬
‫الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قهر اإلغتراب عند كارل ماركس‬

‫ىذا التناحر‪ ،‬فقد كان ىناك دائما شيء مشترك بين جميع العصور السالفة ‪ ،‬رغم كل إختالف و‬
‫‪1‬‬
‫تنوع ‪ ،‬فأشكال اإلدراك لن تنحل تماما إال ببروز التناحر بين الطبقات ‘‘‬

‫كذلؾ زكاؿ الطبقة مؤدم إلى زكاؿ طبيعة التطكرات السائدة لذا فيك يعتبر أف ‘‘ اإلنتاج الفكري‬
‫يتغير و يتبدل مع تبدل اإلنتاج المادي فاالفكا ر و اآلراء السائدة في عيد من العيود لم تكن سوى‬
‫أفكار الطبقة السائدة وأرائيا ‘‘‪ 2‬إؼف بزكاؿ الكياف الطبقي داخؿ المجتمع ىك أسمي األىداؼ التي‬
‫يمكف أ ف تحققيا في ظؿ الشيكعية ‪ ،‬كذلؾ ألنيا مرتبط تماـ اإلرتباط بظاىرة اإلغتراب عند كارل‬
‫ماركس ‪.‬‬

‫فكجكد طبقة ليا خبايا إ يدلكلكجية ك أخرل مادية فيي بالضركرة تحمؿ في ثناياىا اإلغتراب ‪ ،‬كمتى‬
‫زالت ‪ ،‬كذلؾ يزكؿ اإلغتراب الذم يحصؿ لإلنساف ‪ .‬فينا ال كجكد ألم طبقة فكؿ طبقات تنحؿ في‬
‫طبقة كاحدة كىذا ما جسدتو المرحمة الشيكعية فال كجكد لطبقة بركليتاريا ك ال لطبقة أرسمالة ك إذا‬
‫إذابتيا كميا في كياف كاحد حتى اليتكرر نفس الصراع ك التفاكت مثمما حدث في ما سبؽ ‪.‬‬

‫تي لإلنسانية ‪،‬‬


‫فيي تعتبر حسب كارل ماركس كمرحمة تغيير جد حاسـ ة عمى جميع المستكيات اؿحيا ة‬
‫سكاء‪ ،‬سياسية ‪ ،‬إقتصادية ‪ ،‬إجتماعية ‪ .....‬الخ فالدكلة تمثؿ ىيئة سياسية ال بد مف تجاكزىا إكازالتيا‬
‫ألنيا مف مسببات اإلغتراب فبزكاليا يزكؿ اإلغتراب ‪ ،‬ك ذلؾ مف خالليا أف يحؿ محؿ تنظيـ إدارم‬
‫الذم يعرؼ‘‘ بنظاـ اإلدارة الذاتية الشيكعية الذم يسير عمى تطبيؽ البرامج السياسية ك اإلجتماعية‬
‫‪3‬‬
‫ك اإلقتصادية المنبثقة عف المبادئ الشيكعية التي ألجميا قامت ثكرة اؿبركليتاريا ‘‘‬

‫‪1‬‬
‫‪:‬كارل ماركس و فريدريك أنجمز ‪،‬المادية التاريخية ‪ ،‬مختارات فمسفية ‪ ،‬تر‪ :‬اإلشتراكية العممية ‪( ،‬د‪،‬ن )‪،‬بيروت ‪(،‬د ‪،‬ط)‪1975 ،‬‬
‫‪.‬ص‪77. 76‬‬
‫فيدريك انجمز ‪ ،‬مختارات فمسفية ج ‪ . 1‬ص ‪. 75‬‬
‫‪ :‬كارل ماركس و ر‬ ‫‪2‬‬

‫‪ :3‬نعيمة وابل ‪.‬االغتراب عند كارل ماركس ص ‪135‬‬

‫‪70‬‬
‫الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قهر اإلغتراب عند كارل ماركس‬

‫لذا فإف ميمة الشيكعية األخيرة ىي إلغاء الدكلة ك إزالتيا مف الحياة اإلجتماعية ك اإلقتصادية ك‬
‫‘‘مرحمة إلغاء‬ ‫‪1‬‬
‫الثقافية ك السياسية ‪،‬ك ىي ماسماىا كؿ مف كارؿ ماركس ك"فريدريؾ أنجمز"‬
‫‪2‬‬
‫الدولة‘‘‬
‫فإف زكاليا ليا أىمية كبرل بالنسبة لكارؿ ماركس ‪ ،‬حيث نقدىا نقدا الدغا ألف يعتبره شكؿ مف‬
‫أشكاؿ اإلغتراب ‪،‬ك إعتبار الدكلة ىي أساس كقكع اإلنساف في إغتراب سياسي ‪،‬إذا البد مف إلغاءىا‬
‫‪ ،‬كذلؾ فيي األداة األكلى المميدة لظكاىر إغتراب أخرل ك ذلؾ ألنيا تمثؿ السمطة الميمة في‬
‫المجتمع فبزكاؿ الدكلة تزكؿ كؿ المظاىر المكركثة مف خالؿ التنظيـ الرأسمالي ‪ ،‬ك يؤدم بطبيعة‬
‫الحاؿ إلى كالدة مجتمع جديد مختمؼ كؿ اإلختالؼ عف سابقو ‪ ،‬خاؿ مف جميع المميزات التي سبقتو‬
‫ك باألخص في المجتمع الرأسمالي فميذا فمتحقيؽ اإلنتقاؿ الصحيح مف المرحمة اإلشتراكية إلى‬
‫الشيكعية البد مف قفزة نكعية تميزىا عف غيرىا ك ذلؾ مف أجؿ القضاء التاـ عمى التنظيـ السياسي‬
‫أك مايعرؼ بالدكلة ‪.‬‬
‫عدة نتائج في مختمؼ مجاالت الحياتية لإلنساف‬
‫لذا فإف التخمص منيا حسب كارل ماركس يقدـ لنا ّ‬

‫ك التي يمكف تجسيد كاألتي ‪:‬‬

‫أ‪ /‬في المجال السياسي‬

‫إف تكاجد الدكلة داخؿ المجتمع ‪ ،‬يعتبر كشكؿ مف أشكاؿ اإلضطياد ‪،‬ك اإلستالب‘‘ ليذا فيك ال‬
‫يتكانى في كصفيا بكؿ أنكاع النعكت التي تصب كميا في معنى العداء فالدكلة أداة ؽقر ‪ ،‬قمع ‪ ،‬قكة‬

‫‪1‬‬
‫‪ :‬فريدريك أنجمز ‪ :‬ولد ‪ .1820‬و توفي ‪1895‬م ‪ .‬ىو صديق كارل ماركس في الكفاح إلى جانب البروليتاريا نعيمة وابل ‪،‬‬
‫اإلغتراب عند كارل ماركس ‪ ،‬ص ‪ 136‬أول عمل مشترك ماركس و أنجمز ىو العائمة المقدسة (كارل ماركس ‪،‬فريدريك أنجمز ‪،‬‬
‫العائمة المقدسة ‪ ،‬أو نقد النقد النقدي‪ ،‬يرجمة ‪ :‬حنا عبود ‪ ،‬مراجعة ‪ :‬فؤاد أيوب ‪ ،‬دار مشق لمنشر و الطباعة ‪ ،‬دمشق ‪( ،‬د‪.‬ط)‬
‫‪ ( ،‬د‪.‬ت ) ‪.‬ص ‪) 278‬‬

‫‪2‬‬
‫‪ :‬كارل ماركس ‪ ،‬فريدريك أنجمز ‪ ،‬مختارات فمسفية ج ‪، 1‬ص‪.74‬‬

‫‪71‬‬
‫الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قهر اإلغتراب عند كارل ماركس‬

‫‪ ،‬شرطة ‪ ،‬عسكر‘‘‪ . 1‬لذا فيك يؤكد عمى ضركرة إلغاء ىذا األفؽ الذم يقكـ بسمب كرامة االفراد ك‬
‫بداد ك التسمط‬
‫حزماتيـ مف حرياتيـ بشكؿ كبير ‪ ،‬فيي تعتبر عف االست‬

‫ب‪ /‬المجال اإلقتصادي و اإلجتماعي ‪:‬‬

‫إف كارل ماركس يعتبر أ ف زكاؿ ىذا الكياف كسمطة عمى المجتمع يؤدم الى اختفاء كمي لكؿ‬
‫الطبقات التي ظيرت بسبب النظاـ الرأسمالي ‪ ،‬حيث تطمح كؿ الطبقات ك تندمج في طبقة كاحدة ‪،‬‬
‫ىذا يؤدم الى القضاء عمى جميع الفكارؽ التي كانت سائدة في التنظيـ البرجكازم ك ذلؾ نتيجة‬
‫إلختالؼ المصالح فيما بينيـ ‪.‬‬

‫كذلؾ تحقيؽ الممكية الجماعية لكسائؿ اإلنتاج أم تصبح تحت سيطرة الشعب ك ليس في أيدم‬
‫إضمح الؿ ك زكاؿ الطبقية إلى يؤدم إلى عدـ كجكد الدكلة ‪ ،‬فيما مرتبطاف ببعضيما ك‬
‫الدكلة ‪ ،‬ؼ‬

‫اإلجتماعية‪..‬‬ ‫ظيكر مجتمع ال طبقي ك عدـ كجكد كذلؾ الفكارؽ‬

‫ج‪ /‬المجال اإلديولوجي ‪:‬‬

‫إف األفراد داخؿ المجتمع تسكدىـ مجمكعة مف المبادئ ك القيـ ك األفكار ك األسس ك النظـ ‪ ،‬إذا‬
‫كاف كارل ماركس يفسرىا كفؽ لممادية التاريخية ك تعبي ار عف طبيعة الطبقة السائدة فيي مرتبطة‬
‫السيسي ككذا‬
‫بطبيعة ماىك سائد ‪ ،‬فعند الكصكؿ إلى تحقيؽ زكاليا ‪ ،‬كطبقة عمى الصعيد ا‬
‫اإلجتماعي ك اإلقتصادم ‪ ،‬فيك يؤدم بشكؿ مباشر إلى جميع الظكابط ك اإلديكلكجيات التي كانت‬
‫تتمتع بيا في تمؾ الحقبة في مجتمع معيف ‪ ،‬ك ذلؾ مف أجؿ إعادة بناء منيج جديد تتكافؽ مع طبيعة‬
‫يو ‪ ،‬حبث تربطو ا عالقة عكسية بيف الطبقة العميا ك الطبقة التحتية ك ذلؾ‬
‫المجتمع الذم سيسكد ؼ‬
‫مف خالؿ أف ‘‘ اإلنتاج الفكري يتغير ويتبدل مع تبدل اإلنتاج المادي ‪ ،‬فاألفكار و األراء السائدة‬

‫‪ :1‬نعيمة وايل ‪ ،‬اإلغتراب عند كارل ماركس ‪،‬ص ‪137‬‬

‫‪72‬‬
‫الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قهر اإلغتراب عند كارل ماركس‬

‫‪1‬‬
‫معناه أف جميع األنماط السائدة‬ ‫فيي عيد من العيود لم تكن سوى أفكار الطبقة السائدة ‘‘‬
‫خاضعة لطبيعة الطبقة المسيرة فتغيمر معناىا تغير شامؿ لجميع األطراؼ اإلديكلكجية ‪.‬‬

‫إذا تصبح مجمؿ الظركؼ السائدة ىي عبارة عف إنعكاس لما ىك سائد ‪ ،‬ك البد مف تحقيؽ التأقمـ‬
‫فكرية التي تختمؼ عف سابقيا لذا فالكجكد اإلجتماعي لمفرد ىك الذم يحدد‬ ‫عميو ‪ .‬لكؿ طبقة‬
‫كعيو ‪ .‬ك بيذا يمكننا تجاكز فكرة اإلغتراب ك قير كؿ ظكاىره األخرل ‪.‬‬

‫كنتيجة مف خالؿ التحميؿ الذم ذكر سابقا نستنتج الثكرة بنكاحييا اإلشتراكية ك الشيكعية‪ ،‬التي نادل‬
‫ق األسمكب المناسب‪،‬‬
‫بيا كارل ماركس ك ذلؾ مف أجؿ اإلطاحة بالمجتمع الرأس مالي فيي حسب‬
‫لمقضاء عمى ظاىرة اإلغتراب بكؿ جذكرىا ك تجاكزه عمى إعتبار أف اإلغتراب ذك أصكؿ مادية إذ‬
‫اليمكف تجاكزه إال بإستخداـ نفس أسمكبو ‪ ،‬ذلؾ مف خالؿ إستعماؿ الثكرة‪ ،‬فيي كحدىا القادرة عمى‬
‫إحداث تغيير ك بمكرة عمى جميع األصعدة في المجتمع ك قمع جذكرىا مف األساس ‪.‬‬

‫كذلؾ كما أرل ضركرة تغيير أساليب اإلنتاج ك إنشاء منيج جديد لو مبادئو‪ ،‬ىذا اليدؼ الذم سعى‬
‫كارل ماركس إلى تحقيقو مف خالؿ نضالو مف أجؿ المنفعة العامة لجميع أفراد المجتمع ك خاصة‬
‫الفئة الضعيفة حيث أيقف يقينا جازما أف تحقيؽ التحرر اإلنساني ينطؽ مف الثكرة اإلشتراكية كصكال‬
‫إلى الثكرة الشيكعية مف اجؿ تحقيؽ الحرية ك تجاكز جميع مظاىراإلستبداد ك اإلضتيادفال مفر مف‬
‫ذلؾ‪ ،‬إذا البد مف إعتماد طريؽ إشتراكية حتى نصؿ إلى الشيكعية‪.‬‬

‫كذلؾ في المرحمة اإلشتراكية الدكلة كدعامة البد منيا مف أجؿ إرساء نظـ جديدة‪ ،‬كالعكس تماما في‬
‫المرحمة الشيكعية فييا نتمكف مف القضاء التاـ عمى اآلثار المتبقية لمبرجكازية ‪.‬‬

‫فزكاؿ الدكلة يؤدم إلى إضمحالؿ ظاىرة اإلغتراب فيي مرتبطة بالتاريخ فقط‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ :‬كارل ماركس ‪ ،‬فريدريك أنجمز ‪ .‬مختارات فمسفية ج ‪ 1‬ص ‪.75‬‬

‫‪73‬‬
‫الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قهر اإلغتراب عند كارل ماركس‬

‫‪74‬‬
‫الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قهر اإلغتراب عند كارل ماركس‬

‫‪75‬‬

You might also like