تأليف إيهاب حمارنة تحويل وتنسيق د /حازم مسعود ال َعهْدُ أخطه أنا ،وأنت بهدف تيسير الطريق، ُّ واضح ٍ هي رغبة ال ِكتاب أن يبدأ بعه ٍد تخطها مع شركة االتصاالت عند ّ وتحقيق ال ُمبتغى .وليس هذا العهد اتفاقيّة تقليديّة تجديد اشتراك الهاتف ،بل هو عهد صادق نحاكي به ذواتنا األصليّة ،ونتعهد فيه أن يكون الكتاب الوسيلة ،والطريق لمنهج حياة جديد ،يرتقي بك وباإلنسانيّة عامة إلى آفاق الحياة العليا. فلنبدأ العهد بالتذكير بمبتغى الكتاب وهو« :كن أنت» ،نعم ،هو بهذه البساطة :كن أنت ،ففي رحم هذا المسعى تتجلّى أنصع أشكال الصدق؛ الصدق المصفّى من أنواع التزوير كافة ،والمجامالت الكذابة .فسترى في رحلة الكتاب انفضاحا ألركان الحقيقة كما هي ،وإن كان في كلمة «االنفضاح» شيء من القسوة ،فهي تلك القسوة ي .وسأكون أول من ارتضى أن الحنونة التي يلبّي بها الكتاب ت َْوق الحقيقة فيك وف ّ التعري يكون تذكيرا بحقيقتك الكاملة، ّ يفضح نفسه ألقدّمها لك عارية ،ع ّل هذا وانجالء ِل َوهم األقنعة التي س ّم َمت جسد البشرية على مدار قرون .وبهذا لن تراني ليعريني، أحاول أن أستر نفسي ألدّعي المثالية ،بل سأعطي الكتاب الحريّة الكاملة ّ ويعري أفكاري الداخليّة كلمة وراء كلمة ،لتسطع لك رحلة اكتشاف الذات كما هي ّ بك ّل جوانبها ،وأركانها .فع ّل منظوري ،وخبرتي الشخصيّة يضيفان إليك جزءا من صلة ،وكيف للكتاب ت للواقع ِب ِي لهذه الرحلة ال يَ ُم ّ الحقيقة الصادقة ،بال وصف َو ْر ِد ٍّ أن يحقّق مبتغاه إن لم يكن الكاتب صادقا؟! طلَقة الذي يخيف كياني ،وترتجف له أضلعي، بهذا المستوى من الصراحة ال ُم ْ سيحقق الكتاب مبتغاه كوسيلة اتصال صادقة ،يحاكي بها أعماق ذاتك ومستوراتها. ُحضر لك الكتاب ،وبأسلوبه الخاص التعاليم ،والحجج والبراهين ،لتساعدك لهذا سي ِ في رحلة اكتشاف الذات ،ومن ث ّم التعبير الكامل ،والخالص عنها. ال يسعى الكتاب أن يكون جرعة حماس آنيّة قد يزول أثرها عند انتهاء المفعول، وال هو كتاب آخر في تطوير الذات ،أو تدعيم الشخصيّة ،بل هو تعاليم عميقة في صلب اكتشاف الذات ،وفي هذا تج ٍّل ألعلى مستويات الوحدة والتمكين ،ليصحبك ُ قوة ال ُمغيّر ،ورسالته الفريدة.قوتك الكونيّةّ ، قوتك األصليّةّ ، الكتاب مباشرة إلى ّ القوة تقبع في داخلك اآلن منتظرة ِلحبّات الساعة الرمليّة أن تفرغ ،وها هي وهذه ّ القوة قد حان. قد فرغت اآلن ،وها هو زمن ّ كبير من الكتاب ،وربَّما الجزء األكبر ،يكمن في أن يضع رحلة حياتي بين ٌ جز ٌء يديك ،لترى ما تخلَّل هذه الرحلة من تحدّيات وحتى اآلالم ،فأنا كما قلت ال أنوي أن أرسم لك صورة ورديّة لهذه الرحلة ،ومن المؤكد أني ال أنوي أن أظهر نفسي بمظهر الضليع بدهاليز الطريق .فالحقيقة أني ما زلت أ ْكذِب ،وأَلبَس األقنعة الرثّة، وأغطي نفسي بدراية أو دون دراية ،ولكن ما أستطيع أن أتع ّهدك به هو أن عشقي ّ للحقيقة ،والتعبير الصادق عن الذات فاق كل المقاييس ،ورمى بكل أولويّاتي إلى ح ِيّز ثانوي مقارنة بهذا العشق األزلي .بمنهج هذا العشق سنبتعد عن المثاليّة والتملّق ،ليكون هذا الكتاب شافيا لي قبل أن يكون شافيا لك ،فال تعتقد أني أجلس ي بكلمات فخمة في مظهرها برج عاج ٍّ ٍ هنا مكان ال ُمعلّم المتعجرف ،أرمي من رخيصة في مضمونها ،فأنا أتع ّهد أن أمشي معك رحلة الكتاب خطوة بخطوة ،فكما قلت ،هو شافٍ لي قبل أن يكون شافيا لك. شجاع الحق ليس ذلك ال َع ِ ّريف الضّليع بأسرار الحياة ،بل هو الر ّحالة ال ّ ّ فال ُمعلّم وال ُمخ ِلص في طلب ال ِعلم ،ال ُمعلّم الحق هو من ارتضى على نفسه أن يسافر في غير ق ِ أبعاد الذات الداخليّة ،ويقتحم كهوف الخوف اإلنسانيّة ،مندفعا إلى أعما ٍ يفضّل الشخص التقليدي الموت على أن يغطس فيها ،عارفا أن هذا مسبوقة ،قد ِ الترحال تدفعه نيّة المشاركة والتغيير .وال ُمعلّم هو أيضا ذلك الطالب المجتهد الذي ليتحول بذلك إلى مذ ِ ّكر لما كان أصيال فيك، ّ التزم بالتساؤل والتم ّحص المستمر، ومرشدا ل ُمرشدك الداخلي .بهذا الوصف ،أ ُ ْقدِر أن أقول لك إني أُمثّل دور المعلم سل ْكت ،وسأسلك خير تمثيل ،ليس من ِكبْر ،وإنما من اإلقرار الصادق للطريق الذي َ ع ْهد أخذته على نفسي قبل حتى الممات .فَدَ ْور ال ُمعلّم -أو باألحرى المذ ّكر -هو َ الوالدة ،حتى إن لم أعِ بذلك ،ولكن في النهاية ،أنت وحدك القادر أن ت َ ْسلُك رحلة اكتشاف الذات ،فرحلتك أصيلة وذاتك أصيلة ،وكيف ال؟ فالكون ال يُ ِعيد الخ َْلق مرتَيْن ،فكلمة «منسوخ» ليست موجودة في فهرس المعاجم الكونيّة. َّ المثْل! ودَ ْعنِي أوضّح ماذا أعني واآلن وفي هذا العهد الصادق ،سأطلب منك ِ بالمثْل.ِ صدق ،ليرشدك إلى ذاتك األصليّة الموجودة فيك منذ هذا الكتاب أتى من َر ِحم ال ّ األزل ،وأ َ َمل الكتاب المت ّ ِقد هو أن َيراك واضحا مع نفسك ،وصارخا لحقيقتك الكاملة صدُقَ مع نفسك ليحقّق الكتاب هذا المبتغى. في أُذُن الحياة؛ ولذلك ال بُدّ أن ت َ ْ صدق جليّة لك عند القراءة. وستظهر معاني هذا ال ّ صدق هو البادئ والخاتم ،وإن ط هذا العهد بيني وبينك ،ليكون ال ّ ضلتُ أن أ َ ُخ ّلقد ف ّ ي صدق ،فهذا يُحترم ،ومن دون أ ِّ لم تكن قادرا على مجاراة هذا المستوى من ال ّ ب ال ُم ِحبّ أن تترك الكتاب ،وع ّل ما ت ّم صرفه على شعور باألسى سأطلُب منك بِقل ِ تبرعا كريما من حضرتك لمسعى هذا الكتاب ،وهو االرتقاء شراء الكتاب يعتبر ُّ ت جاهزا لهذا التح ِدّي ،وأنا أكاد إن ُك ْن َ بالبشرية إلى روحها األصليّة .وبالمقابلْ ، (وإال لما جذبك الكتاب) ،أ ِعدُك أن جميع كلمات الكتاب ،وما بعد ّ أجزم أنك كذلك كلماته ،ستعمل لخدمتك. حارا ّأال تقرأ هذا الكتاب من مكان تحليلي أر ُج َك رجاء ًّ كي نكمل العهد بيننا ،دعْني ْ َبحْ ت ،بل اقرأه كما هو بسكون واستمتاع ،فالكتاب ال ينوي أن يحاكي عقلك التحليلي عمق الالواعي ،وما بعد ذلك إلى ُ فقط ،بل يذهب إلى بُعدَيْن آخرين ،وهما العقل ّ الروح .ولتحقيق هذا الخطاب المتكامل ،فسيتع ّمد الكتاب استعمال لغة شموليّة، َي ْم ِزج فيها بين الكلمات الشعريّة والعمليّة ،بين األرض والخيال ،بين التحليل الذهني سك الظاهريّة والباطنيّة ،ويقودُك إلى رسال ٍة واحدةٍ والروحي ،علّه َيفت َ ُح بذلك حوا ّ أن «ال شيء أه ّم من أن تكون أنت». مفادها ّ فال تس َع أن تف ِ ّك َر في الكلمات ،وتحلّلها كثيرا ،وإنما دعها تعمل كنوع من التأمل طن في التحليل ،والمنطق البَحْ ت (وال حتى بكلمات ساحر ،فما تبحث عنه ال يَ ْق ُ ال ّ الكتاب يرشدك إلى هذا السكون، َ الكتاب!) وإنما في السكون المخبّأ خلفها .فَدَعِ واقرأه كما تستمتع بالموسيقى :بقليل من التحليل ،وكثير من األحاسيس الرقيقة ،ففي لبوابات المعارف العظمى. ي ّ ِرقَّ ِة هذه األحاسيس يَ ْك ُم ُن المفتاح األصل ّ وسترى من خالل كلمات الكتاب أن العديد من المفاهيم قد يبدو فيها شي ٌء من التكرار ،أرجو منك َّأال تخلط بين األسلوب الممنهج للكتاب والتكرار ،فالكتاب يعمل بدوائر مغلقة ،كلّها ترجع إلى نقطة التوحيد ،وهي التوضيح األعمق لألهمية المطلقة بأن تكون أنت .هذا األسلوب قد يبدو للذهن السطحي كنوع من التكرار ،ولكنه في وكأن الكتاب يزرع ّ إبراز لمفاهيم معيّنة ،ومن ث َّم الغوص في أعماقها، ٌ الواقع هو أكثر ،وأكثر لت ْنضج إلى ثمرة َ فكرة معينة في ت ُ ْربَتك الذهنية ،ومن ث َّم يسقيها المعرفة .فال تعتقد أن في «التكرار» محاولة لتعبئة الصفحات ،بل هي معرفة ع ْمقا سيتجلَّى لك ثناياه من خالل الصفحات ،لتسطع أن في ك ِّل «تكرار» ُ ضمنيّة َّ أمامك األهميّة الكاملة ألن تكون أنت. وأخيرا ،و ِلحرصي عليك ،سأطلب منك أن تقرأ الكتاب كما هو من البداية حتى س ليأخذك في رحل ٍة ممنهجة ،وما طعم النهاية ومن دون ق ْفز؛ ألن الكتاب ُمهندَ ٌ صدُقَ معك .وسترى من خالل الرحلة إن قفزت إلى منتصفها ،فكن صادقا معه ليَ ْ وكأن هذه الرحلة هي رحلةّ أن رحلة حياتي ساكنة في ك ِّل الكلمات، صفحات الكتاب َّ من أعماق قلبي ،لتدخل في النّهاية إلى قلبك أنت ،وفي الحقيقة ،ليس هناك َّإال قلب واحد ،قلب الحياة الواحد ،وإن كانت تعابيره فريدة. أن ما يضيء في سماء نفسك وإن بدأ الكتاب بفتح ألغازه لك ،فال تعتقد للحظة َّ دخيل عليك من كلمات الكتاب ذاته ،بل على العكس تماما ،فهذه واحدة من الخرافات التي يسعى الكتاب لتبديدها ،فالحكمة ال يمكن أن تأتي من الخارج؛ ألن بيتها كان لديك أصال ،وما على الكتاب َّإال َ معروف ٌ سيُ ْفت َح في نفسك وما زال باطنيًّا ،فك ُّل ما َ وشرف لي أن تكون كلمات الكتاب ت َذكارا لما تعرفه م ْنذ أصل الزمان. ٌ أن يذ ّكرك به، فلتضع َيدَ َك بيدي ،ولنبدأ الرحلة سويًّا… رحلة التعبير الكامل عن الذات ،أو ْ باألحرى ثورة التعبير الكامل عن الذات. صحْ وة من الزيف إلى الصدق. هي ثورة ال َّ صة بدايةُالق ّ تتحول إلى وسيل ِة تغيير بالعالم، َّ ي شخص قبل عام « :٢٠١٢سوف لو قال لي أ ُّ قوتهم األصليّة ،وستش ِ ّكل رسالة ثوريّة بعنوان( :رسالة وتساعدُ الكثيرين في إيقاظ ّ كن أنت) ،وهدفها تجسيد الذات الحقيقية على األرض لحظة بلحظةٍ ،وفي ك ّل نواحي ض ِح ْكتُالحياة ،لتخلق جسورا بين الحضارات ،وتُذَ ّكر الناس بوحدتهم في الصميم ،لَ َ ت ،ليس فقط لبُ ْع ِد هذا الوصف عني آنذاك ،بل باألحرى لخوفي العميق حتى دَ َمعَ ْ سرا كبيرا سه في أعماقي هو الحقيقة ،وهو أن الحياة تخبّئ لي ًّ من أن ما كنت أح ّ في المستقبل .قد يكون هذا الضّحك نوعا من الحماية لهذا الخوف الدفين ،الذي سيأتي عليه يوم لينجلي فيه من زيفه ،مثْبتا لي أن ما يدور في قلب الخيال هو أقرب إلى الحقيقة ،وللتوضيح ،الحقيقة التي أعنيها هنا هي ليست َّإال حقيقتك الشخصيّة، ذلك الجزء األصيل فيك. ومن المؤ ّكد أنّك اختبرت هذه األفكار الصادقة في السابق ،ربَّما اختبرتها في أعظم م ّما َ تقص عليك بصوتها الواثق :أنت هنا لشيءٍ ُّ معزوفة صمتك الساكنة، طلَق عليه ال ُمجْ ت َمع تتخيل ،أنت هنا للتغيير ،أنت هنا للقيادة ،ولكن الخوف الذي أ َ ْ ض بمخالبه ،وأسنأنه محاوال مس ّمى :رجاحة العقل والتحليل الناضج ،سرعان ما َي ْنقَ ُّ أن يقتل هذا الصوت الغامض ،ولكن هيهات أن يفعل ،فالمكان الذي انبثق منه هذا الصوت خالد ،وال يمكن لقوى الحياة كافة أن ت ُ ْس ِكت َه. الصوت الساكن الذي ينادي في الخلفيّة إلى َ فأنا ،وأنت نَ ْعرف ّ حق المعرفة هذا رحلتك الفريدة ،ينادي إلى طريق المغامرة والمجهول ،ومهما حاولت التخلص منه، سد تجده راسخا خلف ضجيج األفكار .وكثير من القصص واألفالم حاولت أن تج ِ ّ لنا صوت النداء الداخلي بطريقتها الخاصة ،بفيلم «المصفوفة »Matrixمثال ،نرى الهاتف يَ ِر ُّن طوال الوقت والبطل (نِيو) يَ ُمر بجانبه غير مكترث ،ولكن هذا الفضول الوجودي ال يزول ،والرنين يستمر حتى يُلَبّي البطل النداء .هذه كانت حالي ،فهذا الرنين ينادي وينادي ،ولكن ضجيج المجتمع بداخلي يصرخ ويقول :خلّيك «واقعي» وما تحلم. الرنين ،حتى إنّني كنت أ َ ُحوم في غرفة في بداية المراهقة ،كنت أسافر مع هذا َّ ي اسم «سرحانة» الطالب أطلقوا عل َّ ّ أنالصف بتأ ُّمالت كونيّة لم أعِ وزنها ،لدرجة ّ تحول ترحالي الداخلي كنوعٍ من التهكم ،مشيرين النفصالي عن «الواقع» ،وبهذا َّ لت عالقتي مع الرنين المر ِش ِد وتحو ّْ لنوعٍ من العار الذي وجب التخلص منه، ضتُ عليك شيئا من قصتي ،فهي لتعمل َك ُمل ِهم ورابط بيننا؛ كي ع َر ْ للعداونيّة .وإن َ ال يكون الكاتب بعيدا عنك والكتاب باردا في طرحه ،وترى أننا نتشارك في اإلنسانيّة ،وفي القيود المجتمعيّة ،وفي المعاناة ،وفي األحالم ،وإن اختلفت طرق التعبير عنها. فاسمح لي أن أسافر بك في رحلتي الخاصة. ولدت في إحدى بقاع الكرة األرضية ،في مدينة صغيرة يعرف الغالبية َبعضهم البعض ،وكأي شخص طبيعي ،تجد هناك ،القوانين والمكبّالت الذهنيّة التي عليك التقيّد بها .فهذه القوانين تُحْ قَن في َو ِريد نفسك على أنها قوانين كونيّة ،لتُحدّد بشكل قاطع ما يجوز ،أو ال يجوز ِف ْعلُه على مدار الحياة ،وربما هذه المعاناة هي نفسها ط ِلقالتي ي ُم ّر بها الكثيرون في البالد القبلية من كثرة المقبول ،وغير المقبول .وقد نُ ْ على هذه الحالة بـ «ثقافة العيب» ،فال َعيْب هو ما تقترفه ،أو حتى تفكر باقترافه، ي. بالمعزل عن الموروث االجتماع ّ تطغى ثقافة العيب على أشكال الحياة كافّة هناك ،فالتصرف له طريقة معينة، والكالم له طريقة معينة ،والتعامل مع األكبر سنًّا له طريقة معينة ،كما أن لك ٍّل من الرجل والمرأة أدوارا محدَّدة ،وحريّات محدّدة ،ناهيك عن الخطوط الحمراء التي ال تُخترق ،كالتعبير الجنسي ،واألعراف العقائدية ،وغيرها ،وكسر هذه القوانين المبرمجة قد ال يكون مدعاة فقط إلى العار ،بل حتى إلى التعنيف ،أو القتل! أنا ال أريد هنا أن أرسم لك صورة فظيعة عن مسقط رأسي ،وكأنّي كنت أعيش الالمحدود من بغابة من الوحوش ،فطيبة القلب هي السائدة هناك أيضا ،والكرم ّ ي مجتمع قَبَ ِلي الت ّ َو ّجه ،هناك الكثير من القوانين ال ّ شيَ ِم األصليّة ،ولكن حالها حال أ ّ التي تحكمه ،والتي نس ّميها هناك بالعادات والتقاليد .وغرضي من إظهار الخبرة ألفجر ي تعدّيهاّ ِ ، التي عشتها ،ألريك بصدق كامل نوعية القيود الشرسة التي كان عل َّ المثْل ،وهي رحلة مستمرة. من داخلي رسالة كن أنت ،وأساعد اآلخرين في ِ ي طفل هناك ،فمنذ الصغر بدأت أُصدّق فلنعد إلى القصة :كان حالي كحال أ ّ برمجيات العادات والتقاليد ،حتى انطفأ بريق الحياة مني ،وأصبحت كالروبوت ال ُم َو ّجه ببرامج الصحيح والخاطئ .والمشكلة أن هذه البرامج لم تقتصر على تكبيل الحياة ،وخنق التعبير الصادق ،بل كانت تصل إلى منحى شديد الخطورة ،بتجذيرها للكراهية بين الناس باسم الهوية العائلية ،أو الدينية. عري كالمي من المجامالت وبما أننا عهدنا الصراحة في هذا الكتاب ،وعهدتك أن أ ُ ّ صة الدين، الكذابة ،فدعني أوضح لك الصورة الكاملة ،من ذكريات طفولتي هي ح ّ حرض على رفض اآلخر ،وت ُ َ ص ّور لنا التي كانت في كثير من الوقت تعمل ك ُم ّ صة الدين -وبحسن نيّة- عدُ ّو لَدود .فكان المعلمون في ح ّ األديان األخرى على أنها َ يكررون على مسامعنا المضمون ذاته :أتباع الديانات األخرى مخطئون ،وسوف ِّ يذهبون إلى جهنّم ،ونحن أتباع الدين الصحيح ،ولم يتوقف التحريض العنصري عند هذا الحدّ ،فقد كان ينتشر بين من يتشاركون الدين نفسه ،ولكن من طائفة أخرى، بوصفهم مق ِلّدين ،أو خونة للدين األصلي ،وهو ما ينافي الرسالة األساسية لك ّل األديان ،أال وهي الحب والوحدة. استمرت رحلة الكراهية ،والرفض لآلخر خالل حياتي ،متنبنّيا أفكار االنفصال صل ألعلى أن من يعلّمنا في المدارس ،والمجتمع قد َو َ واحدة تِ َلو األخرى ،معتقدا ّ مراتب النضج والدراية ،فكيف لي أنا الصغير الجاهل أن أرفضها؟ صة الدين وحسب ،وإنّما است َشرت في ولم تتوقف ثقافة الكراهية المكررة عند ح ّ جميع أركان الحياة ،وبذلك ،لم تقتصر العداوة على األديان األخرى ،بل طالت العائالت األخرى كذلك .ففي أي بلد عشائري التوجه ،ترى فيه العائلة رمز للفخر، ويسري االعتقاد الظاهر ،أو الباطن أن األشخاص من العائالت األخرى هم المخطئون ،ونحن على حق ،وكما قلت ،فإن المقصد هنا ليس إظهار مسقط رأسي على أنها غابة من الوحوش ،فهناك الكثير من الجوانب الجميلة للحياة هناك ،ولكن الغرض هو إضفاء نوع من الوعي على المقيّدات الموجودة فيها. ي لك ِّل هذه األنظمة الفكرية ،بدأتُ فقدان االتصال بذاتي األصليّة ،وغدا ومع تبن َّ إحساسي بالخوف ،والضعف كالعنوان السائد في حياتي .وم َّما يدعو للغرابة أننا نطلق كلمة «ضعيف» على صاحب الجسم النّحيل ،وبما أن جسمي نحيل ،كانت الجملة التي تتكرر على مسامعي يوميًّا« :إيهاب ،صاير ضعيف» ،لتم ّكن بذلك من صورة االستضعاف التي أحملها أصال ،ليس تمكينا إيجابِيًّا ،بل تمكينا للضعف الداخلي ،حتى انغرست صورة الضعيف في وجداني .ومن هذا اإلحساس بالضعف، بدأت سلسلة أخرى من المعاناة ،وهي قصتي مع التن ُّمر. ففي حوالي عمر الحادية عشرة ،بدأ التن ُّمر يقتحم حياتي ،وبالرغم من محاوالتي أن سؤال «ليه بصير معي لفهم سبب وقوعهّ ،إال أنه كان يزداد يوما بعد يوم ،حتى ّ ت معروفا ِب َكوني الشاب اللطيف، هيك؟» أصبح يتكرر في رأسي كالشريط ،و ِب ُّ ولكنه الفريسة األسهل للتعليقات .كنت أتمنى أن ينتهى هذا الحلم المزعج ،وكان اشتهائي لالحترام الخارجي ،كعطش الظمآن للماء ،لكن لم يكن ِل َوا َح ِة الماء أن تظهر… ليس بعد! أذكر أنّه في يوم من األيام ،كنت أشارك بمبارة كرة القدم ضمن دوري المدرسة، وكعادتي كنت أحلم بهذه اللحظة ألسابيع عدّة ،فاالنطالق إلى الملعب يوازي أعلى درجات الحريّة عندي آنذاك .عندما بدأت المبارة بدأت الركض بك ِّل طاقتي ألخدم فريقي للفوز ،كنت كالصقر الذي يُحلّق في الملعب ،حتى أصابني سهم في الرأس! ما حدث أنه في نصف المبارة بدأ طالب المدرسة ،وحتى بعض األساتذة ،يغنون باسمي ،ال تخطئ هذا الغناء بالتحميس ،فهو كان النقيض من ذلك؛ ألنه كان لالستهزاء طبعا ،ولك أن تتخيل شعور طف ٍل في قمة َوه َِج ِه ،يواجه جموعا كاملة ِ تستهزئ منه. الخ ْزيِ ،والغضب يُغلّف ضلوعي. عدت ذلك اليوم إلى البيت مسرعا ،وإحساس ِ أدر ماذا أفعل حينها ،فقمت برسم صور األشخاص الذين أكثروا االستهزاء منّي لم ِ طلق على صورهم الرصاص من بندقيّة الصيد الصغيرة في المبارة ،وبدأتُ أ ُ ْ يشف هذا وجعي ،وكان إحساس الخوف من الناس يتزايد يوما ِ خاصتي .طبعا لم بعد يوم ،وإحساسي معه بالقيمة يتهاوى ،حتى انعدم تقريبا ،أ ّما القيمة الوحيدة التي بقيتُ متش ِبّثا بها ،فهي إحساسي بأني ابن القاضي ،فأبي كان قاضيا معروفا في المنطقة. مع أن القصة قد تبدو مليئة بالدراما ،تذ ّكر أن الغرض ليس الظهور بمظهر مر بمعاناته الخاصة التي تتفق مع الضحيّة ،وإنما تعميق المعرفة ،فك ٌّل فينا قد ّ رسالته الفريدة .وأنا أرى اآلن بوضوح كيف أن هذه األحداث ،وإحساس الضعف، ت منه رسالتي العليا التي هما النعم الكبرى في حياتي؛ ألنهما ألم المخاض الذي ُولدَ ْ تتمثل بالتمكين في صميمها. فلنكمل… كبرت وأنا أحاول أن أخفي هذه المعاناة عن نفسي والناس ،بوضع األقنعة الزائفة صدُقُ َك القول ،فقد ارتقت قدرتي ي في الحياة .وكي أ َ ْ ض ِّ تلو األخرى ،كاستراتيجية لل ُم ِ أن الحاجة الجارفة لكسب االحترام على التعامل مع التن ُّمر ،وخفّت ِحدَّتُهُ كثيراّ ،إال ّ لم تهدأ البتَّة؛ لذلك اخترت أن أدرس ما يعتبر في ذهن الناس بالوظيفة المحترمة، وهو إ ّما الطب ،أو الصيدلة ،أو الهندسة ،وأنا درست الهندسة. ي اهتمام حينها بالهندسة ،أو حتى بالحياة بشكل عام ،وأذكر أنني لم يكن عندي أ ّ عندما كنت أذهب إلى المحاضرات ،كنت أركض إلى الد ُّْرج الخلفي وأنام ،وحتى تخرجتُ في صور وأنا نائم في المحاضرات! وعندما ّ اآلن ما زال لدي الكثير من ال ّ ف أن حتى لقب المهندس لم يَ ْش ِالجامعة ،عادت الصدمة من جديد ،عندما أدركتُ ّ إحساس الضَّعف ،وقلَّة االحترام في داخلي. في خالل سنوات العمل بالهندسة ،بقيتُ ذلك الشاب الطيب المستكين ،حتى إنه في عملي األخير ،ناداني المدير من األسبوع األول ،وقال لي»:إيهاب ،أنت طيب، وهذا ال ينفع هنا ،كما أنني ال أرى أن لديك أية قدرات لتصبح أكثر من سكرتير، وتلك مشكلة عليك التعامل معها »،طبعا أنا ال أقصد هنا االنتقاص من دور وح واحدةٍ متكاملة ،ولكن ما عناه المديرفي ذلك السكرتير ،فأنا أرى الناس اآلن َك ُر ٍ الوقت هو أنني ال أصلح لشيءٍ في مجال الهندسة. أذكر حينها أني رجعت للبيت ،وبدأت التأ ّمل في حائط الغرفة ،وأنا أفكر في قرارة لي أن الهندسة ستجلب َ نفسي« :متى ستنتهي هذه المعاناة؟» ،فقد كنت متو ّهما ّ االحترام ،ولكنها هي األخرى انقلبت ضدي .هنا بدأت االستيعاب أن أسلوب ي عن االحترام ،والتمكين الضحية الذي كنت أت ّ ِبعه لم يعد ُمجديا ،وأن البحث الخارج ّ ي التفكير باستراتيجية جديدة. آن أن تنتهي صالحيته ،وبات عل ّ ّ الخطة القَلبيّة قد ص ْدق تأملي في تلك الليلة؛ وألن وقت وربما -وأقول ربما ِ -ل ِ حان ،حدث التغيير المفاجئ. لحظة التغيير… بعد هذه الحادثة ،أحسست بنوع من الرغبة الحدسيّة للسفر ،مع أنني كنت أجهل معنى ال َح ْدس في ذلك الوقت ،فتكلَّ ْمتُ مع صديقي فَ َرح في ألمانيا ،وقلت له« :إني قادم للزيارة ،فمتى الوقت المناسب؟» فقال لي« :اآلن في الصيف» .ومن دون تأخير سافرت إليه ،كان السفر فرصتي الدائمة ألنسى الماضي ،وأَغيب عن الواقع، فهناك «في الخارج» الناس ال تعرفني ،وأستطيع أن أكون من أشاء ،وأفعل ما أشاء خصوصا باالحتفال الصاخب قدر ما أشاء .ولكن هذه المرة ولسبب غريب ،لم أس َع أن في ثنايا هذه الرحلة شيئا جديدا كأن شيئا في صدري كان على يقين ّ لالحتفالّ ، سيغيّر مسار حياتي لألبد ،وهذا فعال ما حدث… اضطرت فتاةّ لظروف ال أصفها ّإال بالغامضة ،ومن دون الخوض بتفاصيلها، للنوم في بيت صديقي فرح ،ولسبب غامض آخر ،بدأت هذه الفتاة بالتحدث عن تطور الوعي لديها في رحلة حياتها .إني أذكر تفاصيل هذا اللقاء قصتها ،وكيف ّ حتى هذه اللحظة ،فقد كانت الفتاة تجلس على كنبة جلدية سوداء تروي لنا ما عندها من معرفة ،وأنا وصديقي فرح نجلس على األرض نصغي إليها كالتالمذة النجباء. مرت ثالثة أيام على هذه الحالة ،بالكاد خرجنا فيها من الغرفة ،وقلبي يرقص ّ ويغنّي باكتشافه الجديد ،فهناك سمعت ما لم أسمعه في حياتي ،ولكني عرفته منذ خالبة لم أعِ بوجودها من قبل. بوابة جديدة لعوالم ّ ماردَ الحياة فتح لي ّ األزل ،وكأن ِ حتى أنني بعد اللقاء ،عندما كنت أسير إلى طريق المطار بقصد العودة ،تثبَّت نظري على شجرة راسخة في منتصف السوق ،وكأنني أرى الشجر ألول مرة في حياتي، إذ رأيت الجمال خ َْلف قشرة المظهر .فنظري حينها انتقل من الظاهر إلى الباطن ليرى الجمال الخالد في كل شيء. ومع انتهاء هذه الرحلة الغريبة ،عدت إلى عملي القديم في الهندسة ،لكن هذه المرة حامال شعلة جديدة في قلبي تناديني للبحث العميق ،فلبَّيْتُ النداء ،وقضيتُ ذلك األسبوع بالبحث الجادّ عن أي شيء له عالقة بكلمة الوعي ،غير آب ٍه بالعمل البتّة. فكنت موجودا بجسمي هناك ،ولكن روحي ت ُ َحلّق في مكان آخر. كنت أدير الالبتوب باتّجاهي متظاهرا بالعمل ،منغمسا في الواقع بالبحث عن أي عبارات ساحرة ٌٌ ض ِ ّم البحث ،استهوتنيشيء له عالقة بما قالته الفتاة ،وفي ِخ َ لشخص اسمه« :إيكهارت تولي ،»Eckhart Tolleلم أ َ ُك ْن أدري حينها أنّه من ٍ مدون لطيف، أ َ ْش َه ِر المع ِلّمين الروحانين في العالم ،واعتقدت اعتقادا ساذجا أنه ّ يخ ِبّئ في كلماته سحرا جذّابا تملَّ َك قلبي. التطور بالتسارع الجنوني ،لترمي يد الحياة أمامي ّ ت َوتيرة منذ تلك اللحظة ،بَدَأ َ ْ مفاتيح الصحوة في كل مكان. أتسوق في المج ّمع التجاري ،وإلى ّ فبعد قرابة األسبوع من البحث المستمر ،كنت ي يميني كان يوجد متجر للكتب ،ولمعلوماتِك ،فحتى تلك اللحظة ،لم أكن قد قرأتُ أ َّ كتاب خارج المناهج الدراسيّة ،فلم تكن فكرة النظر إلى متاجر الكتب من أولوياتي نظرتُ إلى اليمين ،ومن بين أكوام بتاتا .ولكن لسبب ما ،سنس ّميه أيضا بالغامضْ ، واسم واحدٍ ،ولك أن تحزر ٍ الكتب في المتجر ،لم تقع عيناي َّإال على كتا ٍ ب واحدٍ، (قوة اآلن). ما هو ،نعم! إنه اسم «إيكهارت تولي» على كتابه ّ التسوقَ ُّ أحسستُ بطاق ٍة حقيقيّ ٍة تشدُّني إليه ،فاندفعت معها واشتريت الكتاب ،أَنهيْتُ ت الدموع ضتُ إلى البيت ال ِهثا ألقرأه ،في منتصف القراءة َبدأ ِ في تلك اللحظة ،ورك ْ ت َ ْنهمر من عيني ،كأني عرفت أن الرحلة بدأت ،والشوق إلى الذات األصليّة قد شدَّني إلى الكتاب في ذلك الوقت ،وإن كنت غير قادر على ترجمته استوى .ما َ فحينها ،هو أنني لم ْستُ ما بعد أفكاري… ويا لها من حريّة! قد لمست ما يَ ْقب ُع خ َْل َ األفكار الشخصيّة ،وهي الوحدة مع روح الحياة ،مع خالق الحياة ،وهذا هو حبِّي األزلي ،ربما ألنّي ولدت بروح تشتهي الوحدة والتوحيد ،وتشتهي النظر إلى أصل األشياء ،ال قشورها. ت يدي على بعد تلك اللحظة ،انغمستُ بك ِّل جوارحي في هذا الطريق ،فكلما َوقَ َع ْ مادة تساعدني في التطور ،كنت أغوص فيها .وبهذا انفتحت أمامي عوالم التأ ّمل السرية ،إلى ّ والروحانيّات ،والخيمياء ،والطاقة ،والحضارات القديمة وعلومها جانب السيكولوجيّة الحديثة ،والقيادة ،وق ّمة األداء والريادة ،ولم يكن البحث لمسا أجلس قرابة األربعين دقيقة، ُ مستمرا؛ فعندما بدأتُ التأ ّمل ،كنتُ ًّ سطحيًّا ،بل غوصا أستمتع فيها بعالم السكون ،ومزاميره المرشدة. صتُ أكثر ،ابتعدت أكثر عن األجواء المحيطة ،فأخذتُ أعتزل أصدقائي غ ْوكلما ُ تدريجيًّا ،واعتزلت معها متابعة المباريات ،والذهاب إلى المقاهي ،وذلك ليس من ألن شغف البحث استحكمني وسيّرني ،حتى ظن أصدقائي باب الغرور ،وإنما ّ وعائلتي أني جننت! ومهما حاولت أن أشرح لهم ما أفعله بالخفاء ،كانت محاوالتي تبوء بالفشل ،وكأنني أقول إنني أتدرب على عزف الموسيقي على كوكب الزهرة. أن مصطلح فلم يكن هناك أي شبيه لما أفعله ،على األقل ضمن دائرتي ،وخصوصا ّ التدريب والطاقة لم يكن معروفا في ذلك الوقت في األردن. قد يبدو لك من بعيد أنها كانت رحلة قاسية من الوحدة والمعاناة ،أو حتى الشجاعة المفرطة منّي ،ولكن الواقع لم يكن كذلك ،فقد كنت منغمسا (وال أزال) في هذا التطور ّ ت عمليّة شغف ،لدرجة أن الوحدة ،وآراء الناس لم تكن تزعجني .بعدها بدأ َ ْ ال َّ بالتحول تدريجيًّا إلى نوع من التعلُّم الممنهج ،فنضجتُ بالدراسة مع أفضل المعلمين ّ ص ْقل مهارتي في التدريب حول العالم ،والذين ظهروا كالمعجزة في حياتي ،وبدأتُ بِ َ تحول الشغف العشوائي إلى شغفٍ مر َّكز، والريادة وإعطاء الدورات وغيرها ،بذلك َّ ورسالة واضحة. صة أخرى لوقت آخر، ت رسالة «كن أنت» ،وهي ق ّ وفي منتصف هذه العمليّةُ ،ولدَ ْ ولكن إلعطائك لمحة ع ّما حدث .كنت أتكلم مع صديقي في هولندا على اإلنترنت، ت الكلمات تتدفّق من خاللي بطالقة، ض ِ ّم الحديث ،أخذ إدراكي بالتغيّر ،و َبدأ َ ْ وفي ِخ َ حتى أَصبحْ تُ كالفاقد للوعي ،ولكن بوعي! وكانت الكلمات تمثل نوعا من التعاليم ي الكلمات الصارمة ،ترتكز على فكرة التعبير األعلى عن الذات ،أو كما تدفَّقَ ْ ت عل ّ باإلنجليزية: (.)Highest Possible Expression أن هذه هي الرسالة التي أَتيْت ألنشرها شكّ ، وبعد هذا الحوار ،عرفتُ من دون أدنى ّ سدها ،فتصرفت سريعا ألتبع هذا اإللهام؛ ألني أعي أن التفكير الكثير قد وأج ِ ّ يعترض طريق اإللهام ،فهو يعطي الفرصة لنظام الخوف للتدخل ،وسرقة النبض االبتكاري .فبدأت بصفحة صغيرة على الفيسبوك أسميتها Highest Possible تطورت تدريجيًّا إلى حركة تغيير بأكاديمية شمولية ،وهو ،Expressionوبعدها ّ ما كانت تسعى إليه التعاليم في األساس ،حركة تغيير ،تهدف لالرتقاء بالنفس اإلنسانيّة من نظام الخوف واالنفصال ،إلى نظام الحب والتوحيد .فالحركة أتت لخلق عالم يخلو من األحكام من داخل الشخص وليس خارجه؛ وذلك كي يستطيع الدور الذي ُخ ِلقَ منكل إنسان على هذه األرض أن يُع ِبّر عن نفسه بحريّة ،ويؤ ِدّي ْ أجْ ِله. فالمسعى من هذه التعاليم هو أن تكون أنت ،وفي هذا المسعى ،سنرى العالم سمفونيّة متناغمة ،يعزف ك ٌّل منا فيه أداته الفريدة باحترافية. سده على أنا رأيت هذا العالم في خيالي ،والهدف من رسالة «كن أنت» أن نج ّ األرض كعالَ ٍم من ال َجمال والتناغم المتكامل ،وهذه ليست بالمه ّمة المستحيلة ،بل على العكس تماما ،فهي روح البساطة ،ألنّها تخلو من التعقيدات ،وتُرجعك إلى ما سد األصالة ،وتعيش هدفك كان أصيال فيك .هذا العالم الجديد يبدأ بك عندما تج ّ ورسالتك الحقيقية ،عندها ستش ّع ،وتتنفس هذا العالم الجميل الذي نهدف سويًّا لتشكيله. تذكير بما كان أصيال فيك، ٌ رسالة «كن أنت» ليست وسيلة لتَعَلُّم شيء جديد ،وإنما وإن كانت في ظاهرها نوعا من التعاليم .رسالة «كن أنت» هي ليست قوانين جديدة أوالتصرف ،بل كما قلنا ،هو تذكير بحقيقة اإلنسان األصليّة، ّ تحدّد كيفية التف ّكر، ومعها التمكين الواضح للتعبير عن هذه الحقيقة. سام عن روح الحياة الواحدة، تعبير ٍ ٌ الحقيقة التي نعنيها هنا هي حقيقة روحيّة ،فأنت وواجبك أن تعطي المجال كي تسري هذه الروح من خاللك ،وهنا يأتي دور التعاليم، فهي المرشدة الحكيمة إلى فضاء السكون في داخلك ،الفضاء الذي يَ ْنبُع منه التعبير الكامل عن ذاتك. ولنرجع للبساطة ،فالغاية هي :كن أنت… شك في ذهني ،هو أسمى مسعى لك وللبشرية ،بل حتى هذا ،ومن دون أدنى ّ لعناصر الكون كافة. األمل من هذا الكتاب ،هو أن يق ِدّم إليك بصورة بسيطة وعمليّة كيف لك أن تكون أنت ،ليأخذك في رحلة تمكين خالصة .فلن تكون أنت من دون تمكين مطلق ،لترتقي بهذا التمكين من فريق القطيع ال ُمقتاد ،إلى القيادة من ذاتك ،من قلبك ،من حكمتك، من نورك ،وهو عنوان القائد المستنير .عندها سيرتفع وجهك للسماء ،وتعلن بشموخ: أنا اآلن السيد على نفسي. ي للحب. وأنا الخادم الوف ُّ أنا العنصر ال ُح ّر الذي ُو ِلد. قوة الحياة التي ا ُ ْد ِر َك ْ ت. وأنا ّ المسرعة لهذه المه ّمة .فمثلما كنا نبعث ِّ تعاليم «كن أنت» ستعمل كالتكنولوجيا تطورنا لإليميل ،ستكون التعاليم كالتكنولوجيا الرسائل عن طريق البريد ،ومن ث ّم ّ المحرك لك وللجنس اإلنساني كك ّل ،من ّ الموفِّرة للطاقة والوقت ،مغيّرة للنظام القيود إلى األصالة ،ومن الخوف إلى الحب ،ومن التقليد إلى اإلبداع. هي التكنولوجيا األسمى لتكون أنت… كن أنت ليست تعبيرا مبتذال يُست َ ْعمل لإلعالن ،فأنا رأيتُ نتائجها العمليّة بأ ّم عيني، ويقرر أن يتسيّد نفسه. ّ سحر عندما يعيش الشخص من أصالته، رأيتُ ما يشبه ال ِ ّ رأيت أشخاصا تتغير حياتهم في جلسات معدودة ،منتقلين من إحساس الضحية إلى االنفجار في قوتهم األصليّة ،بعد قضائهم سنين طويلة في تطوير الذات والعالج ي ،ورأيت معاناة السنين زمن قيا ِس ّ ٍ النفسي ،ورأيت رياديّين تتض ّخم أعمالهم في أن هذه ليست مبالغة ،وإنما هي طبيعتك تتالشى ،ورأيتُ ورأيتُ ورأيت… تذ ّكر َّ القوة االبتكاريّة التي تش ّكل األكوان كافَّة، األصليّة ،وكيف تكون غير ذلك ،وفيك ّ المرئي وغير المرئي منها؟ الفكرة واحدة ،المسعى واحد ،الهدف واحد :كن أنت. سحر ،وأنت الساحر. فهذا مكان ال ِ ّ كن أنت ،فبقاء اإلنسانيّة يعتمد على هذه النقلة في الوعي. نحن نعيش اآلن في زمن حرج بسبب االبتعاد ال ُم ْف ِرط عن الذات األصليّة ،أو نسيانها ،واإلنسانيّة اآلن على مفترق طرق ،إ ّما بالتذ ّكر ،وخلق الجنّة على األرض، ي في الطريق المعاكس الذي ال ندري إلى أين سيأخذنا ،وقد يكون أكبر ض ِّ وإ ّما ال ُم ِ ي ُج ْرأَت َك على أ َ ْخذ طريق التذ ّكر ،وإمساكك لهذا الكتاب اآلن؛ الكوارث .ودعني أ َح ِّ ألن فيه تفعيال لَحْ ِظيًّا لعمليّة التذ ّكر؛ فطاقة التذ ّكر ُم ْش َب َعة في ك ِّل كلمات الكتاب. وهذا ال يعني أن الطريق هيّن ،بل على العكس تماما ،فطريق التذ ّكر ،وتعبير أن رغبتك الروح هو أكثر الطرق تح ِدّيا ،إذ تملؤه الكثير من العقبات والخداعَّ .إال َّ حرق َوجْ ه الحياة «الصادقة» في الصدق ستكشف لك أالعيب الزيف وتح ِدّياته ،وت ُ ِ المخادع أمام عينيك؛ كي تذيبه بالروح التي تشتهيها ،وتجهلها في الوقت ذاته .حتى القوة المحركة للحياة، أنا أجهل أسرار الروح وتعابيرها الخفيّة ،وأجهل أسرار ّ وأجهل ما سيتم توضيحه في الكتاب! ولكنني على يقين تا ّم من أنّك لو عاندت لروح الحياة كما هي فستموت ،وسيكون ذلك الموت البشع البطيء ،الذي الرضوخ ُ يأكل أجزاء جسدك برويّة .وليست الغاية من هذه الصورة البشعة أن نزرع فيك الخوف ،بل إلظهار األهمية الكبرى لالستسالم للروح وتعابيرها الجارفة ،وهو تذكير لألهميّة الكبرى ألن تكون أنت. حاولت أن تع ِقّد أو تُفَلسف القضيّة ،فال يُ ْم ِكن الحياد عن هذا المبدأُ :كن أنت َ مهما قوة الحياة؟ وكيف تركب موجة الروح تحياُ ،كن عكس ذلك تموت ،فكيف تحيا مع ّ الجبارة؟ وكيف تكون الخليفة على األرض؟ هذه األسئلة وغيرها سيشفيها كالم ت الكلمات ما جاءت ألَجْ ِله ،ستكون كالجسر الواصل إلى نبع ذاتك، الكتاب ،فإن حقّقَ ْ تغذّي خالياك بمعرفة قد يقال عنها بالحديثة ،ولكن األجدر أن توصف بالقديمة، فهي بِ ِقدَم الحياة ذاتِها .فَ ُج ّل هدف الكتاب هو أن يقودك إلى ذاتك الخالدة ،لت ُ َخر َج صوره صفحات ُ منك لمستك الخاصة ،حالك حال الطاهي الماهر الذي جابت التواصل االجتماعي بحركة يده الفريدة ،وعلَّه اشتهر بهذه الحركة؛ ألنها ذ َّك َرت الناس بِ َجمال التعبير الفريد وقوته. وحينها ستسطع المعرفة الضمنيّة من قلبك ،وهي أنّنا بالرغم من فَرادَتنا ،فنحن في داخلنا واحد .وهكذا ت ُ ِت ّم التعاليم رسالتها. فاسمح لي أن أشكرك على المشاركة في خلق هذه الرسالة ،فلو لم تكن رغبتك بالتغيير صادقة ،لما كان لهذه الكلمات وجود ،ولما كان لهذا التعاليم مكان .هذه الكلمات أتت كاستجابة لشيء أردت سماعه ،حتى لو لم يدرك ذلك عقلك الواعي ،ولكنك في أعماق نفسك أردت، وقررت أن األوان قد حان لتعيش التعبير الخالد عن ذاتك. وبهذا سترى وتيرة الرسالة تتصاعد مع الترحال في فصول الكتاب ،وفي هذا تناغم مع أسلوب الحياة نفسها ،تبدأ خجولة لتحاكي ذاتك بهمسات رقيقة ،حتى يشاء لها ومن هذا الزلزال ستتدفق منك الوقت أن تفقد صبرها ،فتزلزل بصوتها األركانِ . عصارة التغيير. فما هذه العصارة؟ قوة التغيير القاطنة فيك التي ستغير العالم إلى األفضل ،وكيف ال؟ والعالم هي ّ انطوى فيك ،وتجسد كامال في حقول وعيك ،فكن أنت ،وإال جردتك الحياة بعيون قوتكوعرتك من أقنعتك المجتمعية ،لتفضح ّ ّ األم الصارمة من قيودك الضعيفة، أمام العلن في اسم الحب ،فهل ستجيب هذا النداء؟ إن قررت أن تجيب ،فدعنا نبدأ باألساس ،أال وهو فهم األنظمة المحركة لذهنك. هذا األساس يمثّل المفتاح الرئيسي ّ لقوتك ،وحقيقتك األصلية. األنظمةُالمحركةُ ّ تكررت هذه الرسالة، ربما أنت من حالي ،قيل لك في المدرسة إنّك لست بكافٍ ،وقد ّ سن المعلمين واألهل واألصدقاء ،وحتى بصورة مباشرة ،أو غير مباشرة ،على أ َ ْل ُ أن عليك أن تجاهد المحوريّة ذاتها ،وهي ّ ِ تقص الرسالةّ لوحات اإلعالنات ،فكلها لست كافيا. َ لتصبح شخصا آخر ،شخصا مختلفا عن معدنك األصيل ،فأنت كما أنت بوابة االكتفاء ،ولكن إلى متى؟ ألم والوعد أنّك في نهاية هذا الجهاد البائس ،ستجد ّ تتعب؟ أنا شخصيًّا ت َ ِعبت ،وأرهقت من ثقل هذا الزيف. َث هذه الرسالة ع ْنك غ َّ لذلك سيستنفر الكتاب ك ّل قُواه وأساليبه المخبَّأة ،ليُسقط َ اللعينة ،حتى يراك صادقا مع ذاتك ،وما أحاله من شعور أن ت َ ِعي في َيقَظتك، الصدق الرجوع إلى روح الطفولة ،فنحن وحلمك أنك صادق مع ذاتك! وفي هذا ِ ّ شخص كان ،علّهم َي َرون فينا ال ِكفاية ،فنحن ٍ عندما نولد ال نسعى أن نقلّد أسلوب أي ض َحك ون َْم َرح ونتقافزعلى سجيَّتنا ،فهل من الممكن أن تكون هذه السجيَّة التي نَ ْ أن هذه العبقرية ما زالت أهملناها هي نفسها عبقريتنا الكامنة؟ وهل من الممكن َّ متوهجة خ َْلف إحساس «أنا لست كافيا»؟ وأنا أقول هذا من خبرتي الشخصيّة ،فأنا أ َ ِعي تماما إحساس النقص ،ومعاناته ص ِدّقه حتى هذه صدَّقته في كل حياتي (وأجزاء منِّي ت ُ َ الحتمية ،ليس فقط ألنّي َ صل ي ُمق ِيّد فكريِ ،أل َ ِ صدَم عندما أمشي في ِ ّ خط أ َّ اللحظة) ،ولكن أيضا ألني ُك ْنتُ أ ُ ْ دائما إلى النتيجة ذاتها :أن في عمق كل المق ِيّدات اإلنسانيّة ،يعلو الصوت الصارخ، «أنت كما أنت اآلن َ أنت غير كافٍ .وفي جوهر هذا الصوت فكرة تقول: ليقول َ : َير َمحْ بوب» ،وهذا يعادل إحساس الموت في السيكولوجية اإلنسانيّة؛ لذلك يقال غ ُ إن الحب يُحْ ِيي. وإذا تع َّمقنا أكثر ،سنجد الغضب مغ ِلّفا لهذا الصوت ،ولكن الغضب ِم َّمن؟ إنه الغضب من مصدر الحياة ذاتها ،ولك أن تس ّميها ما يميل له فؤادك (هللا ،الوجود، القوة العليا…) ،نلومها ك ّل دقيقة على فعلتها الخالق ،المصدر ،الحياة ،الكونّ ، الشنيعة ،فكيف لم تخلقيني كافيا؟ كيف لم تخلقيني محبوبا؟ وهل هذا نوع من الخطأ أن إيمانك راسخ، يت ّع َ التكويني؟ وكيف لك أن تعذّبيني بغلطتك المريرة؟ ومهما ادّ َ المبطنة تالزم اإلنسان منذ األزل. ّ فتلك المالمة وبغض النظر عن ِّ يصوره الذهن على أنه خطأ تكويني، ّ بغض النظر ع ّما ِّ ولكن ظنّنا الواهم بأنّنا لسنا كفاية ،فنحن االكتفاء بعينه ،نحن الحب بذاته ،وكافّة أشكال الحياة قد خلقت من رحم هذا الحبّ الطاهر .ولكن إن كانت الحال كذلك -وهي ليتحو َل إلى النظام المستبدّ َّ ص ْوت «أنا لست كفاية» أن يُولَد ويَ ْعلو، كذلك! -فكيف ِل َ في ذهن اإلنسانيّة؟ لإلجابة على هذا السؤال ،دعنا نأخذك إلى رحلة وجوديّة ،علّها تكشف لك شيئا من المستور ،وتقدم لك التفسير الناجع لما حدث. فتخي َّْل معي للحظة وجودا كامال من دون أي حدود. وجودا خالدا ليس له بداية وال نهاية. قبل البدء لم يكن َّإال هذا :وجود خالد وغير محدود ،وفي قلبه تقطن الرغبة بأن يستشعر الوجود ذاته ،وهنا بدأت عمليّة الخلق ،كوسيلة لإلثراء ومشاركة التنوير، فالخلق هو أرفع درجات اإلثراء .في عمليّة الخلق انبثقت تعابيرالحياة المتنوعة، ومنها أنت ،فالتعبير شهوة كونيّة ،تتجلَّى فيها روح الحياة الواحدة من خالل أشكال، ومتضادّات كثيرة ،تلتقي كلها في متَّسع الرحمة الحاضنة. ولكن هنا تكمن المشكلة! وما هي المشكلة؟! فكي يُ َع ِبّر الوجود عن ذاته ،يجب أن يحصل الضغط ،فماذا نعني بذلك؟ الضغط هو أساس عمليّة التعبير ،فإن تتبعت أصل كلمة التعبير ،ستجدها تعني «أن تضغط» ،وكأن فِ ْعل التعبير ،هو المحاولة إلخراج عصارة الشيء بالضغط. ت فيها برتقالة ،أو فاكهة استوائية لذيذة ،ألم ت َحدُث ص ْر َ ع َ وللتقريب ،فَ ِ ّكر بآخر ّ مرة َ عمليّة ضغط الستخراج العصارة؟ طهُ غيروهنا ت َ ْك ُمن المعضلة الكونيّة ،فكيف يحدث الضغط ،إذا كان ما يراد ضغ ُ محدود؟ صر شيء ليس له حدود أو تضاريس ،وال حتى يوجد في ف ِ ّكر للحظة أنّك تريد َ ع ْ ي زمان! فماذا سيحدث؟ ال شيء ،وهنا فُ ِقدَ التعبير. أ ِّ ولكن هذه المعضلة انحلّت بك ،وبأشكال الخليقة كافة ،نعم ،هذا دورك بالحياة، «الالمحدود» فرصة التعبير الكامل من خاللك. فأنت المخلوق المحدود الذي يعطي َّ صارته األبدية في ُروح ع َالالمحدود االستمتاع بذاته ،و َح ْقن ُ فلوالك ال يستطيع َّ الزمان والمكان .ومن هنا أتت فكرة الزمان والمكان كـ»أدوات ضغط وهمية» يحدث فيها التعبير. فأنت الخبرة المتجدّدة في حدود الزمان والمكان ،وأنت ما بعد ذلك. إن الخليقة كلها تعمل كوسائل تعبير كونيّة ،أو متنفَّس للعصارة اإللهية لتعبِ َّرعن ذاتها ،وعلى الرغم من اختالف تعابير الحياة المطلقةَّ ،إال أنها جميعا تعود لتتالقى في نقطة الوجود ،في «اآلن» .بمعنى أنك تعبير فريد عن الوجود ،تعبير فريد عن سرنا الصغير. «الواحد» ،وهذا ُّ أنت وكل أشكال الحياة كافة ،وسائل تعبير فريدة عن «الواحد». ولكن ،بهذه الصورة الجميلة التي يزهو فيها اإلنسان كجزء من عصارة الرحمن، كيف لفكرة «أنا لست كافيا» أن تظهر؟ فهذه كانت بداية حديثنا إن ُكنت تذكر… بعد لَ ِعب اإلنسان لدوره المتناغم كمؤ ٍدّ فريد للواحد ،بدأت فكرة خبيثة بالتسلّل لوعي اإلنسانيّة قائلة« :ال أريد أن أكون سواسية مع باقي الخليقة ،ال أريد أن أكون الالمحدود ،هذه المساواة ال تمثِّلني ،أنا أريد أن جزءا صغيرا من مصدر الحياة َّ أكون ُم َميَّزا ،أريد أنا أكون مختلفا ،أريد أن أكون مه ًّما» ،وقد نسي بذلك ،أنه في وعي اإلنسان الذي َ َّ وكأن طن كودات التميُّز ،والفَرادة ،واألهميّة الحقّة. وحدتنا ت َ ْق ُ التطور قال لنفسه« :أنا أريد االنفصال ألكون ّ أصابه الدّاء في مرحلة معيّنة من ض ِ ّم هذا البحث الجاهل عن الحريّة ومعرفة الذاتُ ،و ِلدَ حرا بذاتي »،ولكن في ِخ َ ًّ الالمحدود.«وه ُم االنفصال» عن المصدر ،االنفصال عن َّ ومن هنا يا صديقي ُو ِلد إحساس أنا لست كافيا. الالمحدودة ،بمحدوديّة الجسم الفيزيائي الذي نراه، وكأنّنا أخطأنا طبيعتنا األصليّة َّ وفي هذه الهويّة الزائفة ضمنيّة النقص ،وهكذا بدأت قصة المعاناة اإلنسانيّة. صة السقوط، ت بطريقة ،أو بأخرى من خالل ق ّ وقد تكون هذه الواقعة قد ُ ط ِر َح ْ وصل معرفة ي ،و ت ُ ِ ّ أن مهمة القصص ،واألساطير أن تحكي غير ال َمحْ ِك ّ وتذ ّكر ّ باطنية قد يعجز العقل التحليلي عن إيصالها. فالسقوط فيه رمزية االنفصال عن وعي الوحدة ،وبهذا التخلي عن بَ َر َك ِة الوجود، المروع فيّ مقابل الهويّات المحدودة ،وقيمتها الزائفة .قد يبدو السقوط كالحدث أت بدراسة تاريخ األرض القديم ،وتأثيرات التاريخ ،وقد يكون كذلك ،لكن إن بَدَ َ الحضارات الكونيّة على اإلنسان ،وعلى حمضه النووي « ،»DNAستنضج أن السقوط عمليّة من التدهور في وعي الوحدة، الصورة أكثر في ذهنك ،لترى ّ وقوتها األصليّة إلى وهم االنفصال ،إلى وهم الخوف والعبودية. وبهذا التدهور في وهم االنفصال ،بدأ مفهوم االزدواجية بالبزوغ ،ومن تعابير االزدواجية :أنا والمصدر ،أنا وأنت ،الخير والشر ،النور والظالم ،الصحيح والخاطئ .نحن بهذه االزدواجيّة مغيَّبون عن حكمة الوحدة ،أو الرحمة الجامعة لك ّل صت االحتماليات النقائض .فالحقيقة الحقّة تجمع النقائض ،وال تنقضها ،وبذلك تقلّ ْ تطورنا بالتحليل الجاف ،فلن الالمحدود ،إلى اثنين فقط ،ومهما َّ التي نراها من َّ نستطيع أن نتعدَّى االزدواجية، الالمحدودةَّ ،إال عن طريق الرجوع إلى فضاء ْ القلب؛ ألن وندخل عالم االحتماليات َّ الالمحدود.القلب وحده القادر أن يستنبط وحدة َّ ْ ت األجيال هذه المحدودية واحدا بعد توارث ِ َ ولكن ِلبُعد اإلنسان عن فضاء القلب، اآلخر ،حتى أصبحت جزءا من المنظومة المحركة لإلنسانية .على ما يبدو أن يحركه هو سجيّة الوحدة ،حتى يبدأ الطفل الوليد ال يتأثر بهذا ال َم ْوروث ،بل ما ّ بالسقوط؛ لذلك لم نسمع من قبل عن طفل عنصري ،أو طفل يعاني من المحدّدات وكأن وعي االنفصال يظل نائما في إدراك َّ الفكريّة ،وإحساس النقص المن ِهك. التطور يبدأ فيها تفعيل هذا الوعي ،وتبدأ معها ّ الطفل ،حتى تأتي مرحلة معيّنة من غيبوبة االنفصال. ومن استفاق من وسادة هذه الغيبوبة ،وإحساسها الجهنمي بالنقص المستمر ،ينير ستسْري في جينات أحفاده .ونحن نمشي اآلن سويّة جيال بأكمله ،وبذور الصحوة َ على هذا الطريق ،لنحيي ذاكرة الوحدة فيك؛ كي تعود إلى فضاء االحتماليات الالمحدودة ،وصدّقني ،فإن اللعب على هذا المستوى أحلى وأمتع ،وفيه نَ ْشوة تأمليّة َّ عظيمة. صدَر ،أو ت َ ْذ ُك ُر الوحدة ،في الكثير من التعاليم الروحيّة الوحدة مع ال َم ْ ُ لذلك تضع أعلى المراتب اإلنسانيّة ،ولكني ال أرى االكتمال بذلك ،بل أراه في تجلّي الوحدة ي عن ذاتك ،وهنا بالفرادة .فَ ِمنَ الوحدة ت َ ْنبَثِق أصالة الحياة؛ ليسري التعبير النق ّ تكتمل الرسالة اإلنسانيّة ،ويصبح اإلنسان حقًّا خليفة على األرض. فالوحدة واألصالة وجهان لعملة واحدة ،نعم ،بوحدتك تكمن أصالتك ،وهذا ما لم ولن يفهمه العقل التحليلي؛ لذلك وجب علينا أن نعيد األمور إلى نصابها ،ونُرجع التحليل إلى الدور األنسب له ،وهو التابع ،ونولي القلب إلى منصب القائد ،لتنساب الحياة من خاللك بالتناغم األرقى؛ لذلك قال آينشتاين مقولته الرائعة« :القلب الحدسي هو الهدية الحقَّة ،والعقل التحليلي هو الخادم المطيع ،ولكننا أقمنا مجتمعا يقدّس الخادم وينسى الهدية». دون أن نهتدي إلى ْقلب الوحدة ،وهو بيتنا الحقيقي ،ستستشري غيبوية النسيان، ونبقى مصدقين أنّنا قطعة لحم تافهة تركض في ُم ْعت ََرك الحياةُ ،محا ِولة أن تحقّق بقوتك الخيالية ،و ُك ْفر بأصالتك الروحيّة.أهدافا سطحيّة ،وبهذا النسيان استهتار ّ لهذا قلنا ونقول :كن أنت ،فأنت الفضاء القلبي الذي تسري منه روح الحياة الواحدة. غيْر ذلك هو انجراف مع وعي كن أنت؛ ألن هذا أسمى المساعي اإلنسانيّة ،و َ سم،العا ّمة ،وسأطلب منك أن تَحْ ذَر من هذا االنجراف؛ ألن وعي العا ّمة هو وعي ُمق ّ ي بحت ،يُختبر فيه العالم بفيزيائيّة الحواس الخمسة فقط .وكيف إنه وعي ما ِدّ ٌّ يحس بالوحدة واالكتفاء؟ وكيف له أن يستمتع ّ للمنظور الفيزيائي المحدود أن بأعجوبة الحياة وسحرها؟ وكيف له أن يستشعر أبعاد الحياة الخالدة؟ وكيف له أن القوة االبتكارية فيك؟ وكيف له أن َي ِجد الحلول لمشاكلك ،ومشاكل اإلنسانيّة يرى ّ المعاصرة؟ وكيف له أن يستأصل المقيّدات الفكريّة من جذورها؟ صة الكاملة ،وإنّما صورة ٌ ظاهريّة لما نس ّميه فالبعد الفيزيائي الخالص ليس ال ِق ّ بالواقع ،وبتع ِدّي فيزيائية الحواس الخمسة إلى فضاء الذات (وهو ما نفعله اآلن، قوتك الداخلية ،وسترى وسنتع ّمق فيه أكثر من خالل صفحات الكتاب) ستسطع ّ ست َظ َهر الحياة عشرات ،وإن لم تكن مئات ال َح َواس الباطنيّة تتحرك فيك ،وعندها َ لك كما هي :خبرة روحيّة كاملة ،تُجسد نفسها بتعابير مختلفة. نعم ،الحياة خبرة روحيّة في النهاية ،وأنت جزء منها ،شاهدٌ عليها وعلى خلقها، تشوه الخبرة الروحيّة ،بمفهوم الروحيّة الذي اعتدنا عليه ،فلسنا نتحدث ورجاء ال ّ عن مجموعة من الشعائر والطقوس المتوارثة أو ما شابه ،وإنما نتحدث عن ذاتك ت من المادّة الروحيّة التي ش ّكلت الحياة ذاتها .فأنت روح األصليّة ،ذاتك التي ُجبِلَ ْ الحياة الواحدة التي تعبّر عن نَ ْفسِها من خالل تجربة إنسانية ،وليس العكس ،وهذا سرنا الصغير.ُّ أنت روح الحياة الواحدة ،تعبر عن نَ ْفسِها من خالل إنسان ،وليس العكس. األولى التي ُح ِقنَت فيها مصل هذا اإلدراك في نَ ْفسي ،كنتُ في ُم ْعت َزَ ل المرة ّ أذ ُكر ّ ُروحي أو « »Retreatفي مصر لمدّة أربعة أيام ،كان المشاركون قلّة ال يتعدّون عشرة أشخاص ،ولذلك أصبحت العالقة مع الجميع وطيدة ،نتشارك خبراتنا وآرائناّ ،إال شخصا واحدا. طة ترتسم على ص ْمت كامل ،وابتسامة ال ِغ ْب َ األولى في َ ضى ذلك الشخص األيّام ّ قَ َ وجهه ،و ِلعُمق حالة السكون التي كان فيها ،لم يحاول أحدٌ التطفّل عليه .في ليلة اليوم الثالث ،جلسنا نغنّي حول النار التي أشعلناها ،كانت ليلة صافية ،تتألّق النجوم فيها بالسماء ،والنار تلتهب في منتصف مجلسنا ،وأحد المشتركين يعزف موسيقى ساحرة على آلة الب ُُز ْق ،تمتزج فيها هذه العناصر الخيميائية كافة؛ لتنسج أمسية خالبة ليس لها مثيل. ّ اآلخر،إال أنا ي الوقت ،بدأ المشتركون بالذهاب إلى النوم واحدا بعد ض ّ ومع ُم ِ بالتقرب منه والتحدّث ّ وزميلي في الغرفة «هانز» ،والرجل الصامت ،وعندها بدأنا معه ،وللمفاجأة كان يخبّئ في جعبته حكمة رهيبة ،ولكن انغماسه بالسكون أفقده الحاجة إلى الثرثرة كثيرا ،كما كنتُ أنا أفعل! بدأت بتجاذب أطراف الحديث معه، وعرفنا أنّه دكتور في السيكولوجيا ،ولكن شغفه الرئيسي يميل إلى الروحيّة ،ووعي الحضارات القديمة ،فهناك تختبئ خفايا الحكمة التي نَ ِس َيتْها اإلنسانيّة ،ومن خالل س ْألتُه« :دكتور ،ما هو الهدف من الحياة؟». الحديث َ ي ،ثم إلى النار ،ثم إلى النجوم ،علّه يستنبط منها نوعا آخ ََر من الحكمة، فنظر إل َّ ط ُر ٌق ال محدودة للتعبير عن الذات» ،قد تبدو ي ،ثم قالُ « :ظر في عين ّ ورجع ليَ ْن ُ هذه الجملة عامة وغير مفهومة ،ولكن لوضوح الطاقة التي أتت منها الكلمات، فهمتها ،ولم أَحْ ت َج للسؤال أكثر؛ ألن إحساس الكالم دخل قلبي. طرق ال محدودة للتعبير عن ذاتك ،وأدوار ال محدودة لتلعبها ،ولك ٌ عمقك تت َّ ِقد ففي ُ الخيار. فأنت الفضاء الكوني الذي تَحْ دُث فيها تعابير الحياة كافة ،بل تَحْ دُث فيها الخليقة كافّة .وأ ّما االبتعاد عن هذا الوعي الصادق ،فسيزيد تعلّقك بالهويات الفرعيّة كمصدر للقيمة واألمان ،فتراك منتقال من تعريف نفسك بمحدوديّة جسدك ،إلى اسمك وعائلتك وبلدك ،وفريق الرياضة الذي تش ّجع ،والقائمة تطول وتطول ،باحثا ت منه .ال نقول هذا لنمنعك في هذه الهويّات الفانية عن إحساس القيمة ،وهي قد َخلَ ْ ولدت فيه ،فأنا أؤمن أننا ولدنا في بل ٍد معيّن؛ َ من التشجيع ،أو لنسلبك حب البلد الذي لكي نساعد في نهضة الحب هناك ،ولكن ماذا نعني بأن ترى من أنت؟ أن ترى نَ ْفسك قبل تصديق ك ّل هذه الهويات. فبالنهاية ،ك ّل هذه الهويات ما هي َّإال تعابير فرعيّة في وعيك ،تولد في الزمان وتموت بالزمان. ولكن َمن هو «الخالد» فيك الذي ال يولد وال يموت؟ سأترك اإلجابة لك. مرة واحدة ،ولكن بالنظر وتأكد مرة أخرى أننا ال ننادي هنا بخلع الهويات الفرعيّة ّ إليها كما هي كتعابير فرعية لتنظيم المجتمعات ،واالستمتاع بخبرة الحياة .حينها ست َمن ستستطيع التالعب بك ّل هذه التعابير السطحية ،من دون التقيد فيها ،فأنت لَ َ تظن ،أنت فيك الخليقة بأكملها. القوة االبتكارية التي تشكل ك َّل الخليقة ت َ ْق َبع في داخلكنقول الخليقة في داخلك؛ ألن ّ اآلن. فهل ستقبل الرضوخ إلى هذه الحقيقة؟ القوة بالتسليم ،وفي هذه العمليّة ونستعمل كلمة الرضوخ هنا؛ ألنّه رضوخ ّ المستمرة من التسليم ،سيزهو فيك شموخ الذات وقوتها ،وفيه أحلى أشكال التواضع، وليس الغطرسة كما ُخيّل لنا. ولكي تت َمعّن بمعنى التواضع ،لك أن تف ّكر بأقوى المعلّمين بفنون القتال ،أَتُراهُ يجول الشوارع ليتحدّث عن قوته؟ ال ،فمن يفعل ذلك هو المتغطرس ،الذي يبحث وقوته األصليّة، القوة الخارجية ،فالمتغطرس هو من تغطرس على ذاتهّ ، عن ّ طلقة القوة ال ُم ْ لتسرع من يقظتهم .الرفض لهذه ّ ّ والحياة ت َ ْس َحق ِكبْر هؤالء األشخاص، سك المتح ّجر بالهويّات الفرعيّة ،هو المعاناة ،والمسبّب لهذه المعاناة له اسم بالتم ّ واضح ،هل أنت جاهز لسماعه؟ صة صغيرة:أقص عليك ق ّ ّ ِألُجيب عن هذا السؤال ،دعني ب من بيتي ،كان المكان جميال ويَض ُّج مطعم قري ٍ ٍ مرة بفتاة لطيفة ،في التقيت ّ بالحياة ،ناهيك عن حلوى التين الصحيّة التي يقدّمونها هناك ،والتي أحبّها من كل ي قلبي .بدأنا باألكل والدردشة سويًّا ،وطعم التين الشهي يداعب فمي ،وبالمض ِّ بالحوار ،والتع ّمق أكثر بحياة الفتاة ،وصلنا إلى الجزء الصادم! قالت الفتاة إنّها أمضت أربع سنين من عمرها في التأ ّمل بكوخ صغير شمال اسكتلندا ،وحدها ،نعم ،وحدها ،تتركه يوما واحدا في الشهر للتس ّوق .والسبب في أن هذا النوع من انطواء هذا الحوار على شيءٍ من الصدمة ،هو أنّنا عادة ما ّ نظن ّ ب نحي ٍل ِب ِلحي ٍة طويلة ،ولكن هذه الفتاة كانت المغامرات الروحيّة مقتصر على راه ٍ عصريّة للغاية ،وتستمتع بالرقص والغناء وغيرها ،ولهذا جذبني الحديث معها، ت إلي ،وبك ّل معاني لك الطويل؟» فن َ ظ َر ْ ت من خالل تأ ّم ِ وسألتُها حينها« :ماذا عرف ِ الثقة قالت« :لقد عرفتُ السبب الرئيسي للمعاناة اإلنسانيّة ،وعندها تركتُ الكوخ، وبدأتُ عملي الخاص كمرشدة نفسيّة بغالسكو» ،إحدى مدن اسكتلندا. ْ استنتجت الفتاة؟ لديك الفضول لت ْعرف ماذا َ هل ال تقلق ،لن أبقيك على فضولك ،ولكن تحضّر إلجابة بسيطة ،فالحكمة دائما بسيطة، قالت لي« :إيهاب ،سبب المعاناة اإلنسانيّة هو الجهل!». قوتك األصليّة ،ويبقيك معلّقا بالهويّات نعم ،إنّه الجهل الذي يحرمك من ّ ي ،وموجود في كل إنسان على األرض، الفرعيّة،هذا الجهل موجود فيك ،وموجود ف ّ ومن ينكر وجود هذا الجهل فيه ،فهو الجاهل األكبر .وعمليّة اكتشاف الذات ،هي عمليّة مستمرة من تعدّي الجهالة إلى عنصر الوحدة. ح المعلومات صلة لقلّة الشهادات التي تَحْ ِملها ،أو ُ ش ِّ الجهل الذي نقصده هنا ال يمت ِب ِ المخزنة برأسك عن التاريخ ،أو التكنولوجيا ،أو العلوم ،وإنّما الجهل الحق ،وهو ّ االبتعاد عن ذاتك األصليّة ،مش ّكال بذلك ،ومن دون دراية ،المعاناة لنفسك ولإلنسانيّة. إن الكتاب يعمل كمط ّهر لهذا الجهل ،ولكي يفعل ذلك بفاعليّة ،دعنا فلك أن تقول َّ ال نقفز سريعا إلى المواضيع التالية ،وإنّما نتروى ،ونتوقّف برهة لنتذ ّكر أساس الحديث. رج ُع بها الحواردعنا إذن نل ّخص ك ّل ما قيل من البداية حتى اآلن بفقرة واحدة ،نُ ِ طيْف البساطة. إلى أساسه ،ونُرجعه بها إلى َ ت وهم الزمان هنا روح الحياة واحدة ترنو للتعبير عن ذاتها ،ولتفعل ذلكَ ،خلَقَ ْ صارة الحياة الواحدة، ع َ والمكان ،ليعمل كوسيلة ضغط وهمية تنساب منها ُ ولكن فكرة أخرى ُولدت في ذهن اآلنسان ،مضمونها ّ وبأشكالها الفريدة ،ومنها أنت. صدرأنّه ال يكيفني أن أكون وسيلة تعبير فقط ،وبهذا ُولد َو ْهم االنفصال عن َم ْ الحياة ،بتحريف الذات الجامعة ِألَجْ ل الهويّات الفرعيّة ،وفيها إحساس النقص متجذّر. تحركان حياتك ضح :هناك فكرتان ّ ي أكثر ،وبِلُغة سيكولوجية أَو َ وفي أسلوب عمل ّ بالكامل :فكرة االكتفاء بالذات ،وفكرة النقص ،واحدة صادقة ،واألخرى زائفة، واحدة ُمحبّة ،وواحدة خائفة ،واحدة معبّرة ،واألخرى باحثة .وللتسهيل ،سنطلق المحر َكيْن. ّ على هاتين الفكرتينُ ،مس ّمى النظامين المحرك في مخيلتك كشيء ميكانيكي ،وقد تكون صورته كآلة من ّ قد يظهرالنظام القرن السابق ،تتدفق من َم ْد َخنَتها سحابة الدخان ،ولكن ليس هذا النظام الذي نتكلم عنه ،ألنّه ليس نظاما مكيانيكيًّا ،بل هو نظام فكري ،وإن كان له صفات ميكانيكية. ألن الفكر أساس الخليقة ،فال شيء يُخلق في العالمالنظام الفكري هو سيد األنظمة؛ ّ الفيزيائي دون األفكار ،ال شيء البتّة؛ هذا كود كوني واليمكن تشفيره ، ،فك ُّل شيء يبدأ على مستوى األفكار. ي شيء لم يبدأ على مستوى األفكار ،حاول! قف وفكر بهذا لبرهة ،وحاول أن تجد أ َّ فالعمارة التي بالطريق بدأت كفكرة برأس ُمنشِئها ،والكرسي الذي تجلس عليه بدأ خالق واحد» بفكرة ،وك ّل شيء بدأ بفكرة ،حتى جسمك بدأ بفكرة! فهناك «عنصر َّ في الكون كافة ،وسنس ّميه الفكر ،تخرج منه كل األفكار .الفكر هو الجسر االبتكاري عرج أكثر على هذه «الفكرة» في الصفحات القادمة. بين المستور والمنظور ،وسنُ ّ ولكن لغرض هذا الحوار ،حاول أن تتذكر َّ أن ك َّل األفكار على مستوى السيكولوجية اإلنسانيّة ،تأتي من مصدرين :إ ّما من الوحدة ،أو وهم االنفصال ،أي من مكان األصل أو الزيف .األصل يَهوى التعبير عن ذاته ،أما الزيف ،فيركض باحثا عن ذاته في الخارج؛ لذا نستطيع أن نقول إن كل السلوكيات البشرية -على كثرتها، وتعقّدها -تمشي باتجاهين :التعبير عن الذات ،أو البحث عن الذات ،وكالهما نوع األول بالحب والثاني بالخوف ،فالحبمن التعبير .وللتسهيل ،سنطلق على التعبير ّ سرنا هو نظام الوحدة ،والخوف هو نظام االنفصال ،أو وهم االنفصال ،وهذا ُّ الصغير. ك ّل السلوكيات اإلنسانيّة تنبع من مصدرين :إما الحب ،أو الخوف. لذلك تتنوع األحاسيس اإلنسانيّة من الحب إلى الخوف ،وكل ما بينهما ،فكيف لك أن تستعمل هذه الحكمة البسيطة لصالحك اآلن؟ للتوضيح ،دعنا نطرح هذا المثال: تخيَّل أنك تمشي في الشارع ،وفجأة بدأت معدتك باالنقباض ،وبالمراقبة ،استنتجت أنّه نظام الخوف تفعّل فيك ،وفيه إحساس النقص الضمني .في هذه اللحظة بالذات، قد تحاول التخلص من هذا اإلحساس ،وقد يكون عن طريق تخدير اإلحساس وقمعه، أو الهرب منه عن طريق فتح موبايلك لتكتشف كم «اليك» جديدة كسبت على الفيسبوك. القوة؟ لك الخيار. أو قد تختار طريق ّ القوة ،عليك بالبداية أن تعترف بإحساس النقص الذي تختبرة اآلن لكي فإن اخترت ّ تحيد شحنته العاطفية ،وبعدها ابدأ بأخذ نَفَس عميق داخل هذا اإلحساس ،والزفير شحنة النقص سطوتها عليك، وكرر «تكنولوجيا التنفس» هذه حتى ت َ ْف ِقد ُ خارجهّ ، لتتذكر الفضاء المراقب من داخلك .هو فضاء الذات الساكنة خلف إحساس النقص (أو قد نس ّميه عدم األمان) ،ونقول كلمة «خلف» كنوع من الرمزية. كنت صادقا مع نفسك ،ستجد أن ما تحتاجه حقًّا ،وما يحتاج إليه ك ّل إنسان في وإن َ المعمورة ،هو ليس الشيء الخارجي الذي تظن ،بل إنك تبحث عن الطمأنينة اآلن، وللدقة ،فإنك تبحث عن فضاء الذات األصليّة ،والتي يقطن فيها األحاسيس الروحيّة من الطمأنينة ،والحب ،والقيمة الخالدة -وكل هذا أنت .أنت فضا ُء الوعي الخالص، عدت عنه ،فلن تبعدَ عنه أكثر من فكرة واحدة ،نعم ،فكرة واحدة ،ففضاء ومهما َب َ الذات األصليّة على بُعد فكرة واحدة منك اآلن ،أليس في هذا ق ّمة الرحمة؟ أحس به؟ فهو ُّ وقد «تفكر» اآلن« :ولكن ،إيهاب ،ماذا عن إحساس النقص الذي حقيقي »،وهذا صحيح ،ولكن من أين يأتي هذا اإلحساس؟ من األفكار ،فكل أحاسيس الكون هي نتاج األفكار ،وليس العكس .فالح ُّل إذا ،ليس في أن تقاوم سه تماماي إحساس مؤلم آخر ،ولكن أن تسمح لنفسك أن تح َّ إحساس النقص ،أو أ ّ الالمع كارل كما هو ،فإن قاومت الشيء ازدادت ِشدَّته ،أو كما قال السيكولوجي َّ يونغ« :إن ما تقاومه يستمر». وبعد أن تسمح لنفسك باختبار هذا اإلحساس ،اسمح لنفسك أن تكتشف أن إحساس مجرد فكرة تقول لك إنك لست كافيا ،ولك ّ النقص ليس حقيقة ْ مطلقة ،وإنّما فكرة، أن تصدّقها ،أو ال تصدقها .عندها ،لن يقود هذا اإلحساس سلوكك ،ولن يستعبد فالقوة الحقيقية ال تكمن بمقاومة إحساس النقص ،أو حتى إنكاره ،وإنّما في حياتكّ ، تذكر الحقيقة ،إن مصدر إحساس النقص هو»فكرة» مثل باقي األحاسيس ،وفكرة النقص ال تثبت شيئا عنك ،أو عن قيمتك األصليّة .فما األفكار َّإال طاقة ماضية، ت َْظ َهر وتتبخر كالسحابة. تذ َّكر أن اإلحساس نفسه ال يقتلك ،وإنّما التصرف على أساس هذا اإلحساس ،أمر قد يؤدي إلى قتلك! فغالبية مشاكل الناس تأتي من التصرف على أساس أن أحاسيس النقص حقيقة، فترى الشخص عندما يشعر بأنّه ناقص وغير محبوب ،يركض للقيام بكل السلوكيات تتنوع هذه السلوكيات ،وحسب الخريطة الساذجة للتخفيف من ألم هذا اإلحساس ،وقد َّ المرضيّة إلى البحث األعمى عن َ الذهنيّة للشخص ،من المخدرات إلى العالقات السيارات والمناصب ،واإلنجاز ،والثروة. ي شيء في العالم سر المكتوب هنا على أنني ضد الحصول على أ ّ أرجو َّأال تف ّ ي ،بل على العكس تماما ،فأنا مع االستمتاع الكامل بالحياة ،وتحقيق الرغبات. الما ِدّ ّ فاالستمتاع بالحياة ،يتض َّمن االستمتاع بالثروة الروحيّة والماديّة على ح ٍدّ سواء، حتى أنني أرى الفصل بين عالم الروح ،والمادة مقيّدا هائال ،ومنظورا ُمض ِعفا ومتأخرا ،ال يتماشى مع حقيقة الذات .لكن المقصد هنا َّأال تبحث عن المادة كوسيلة ِّ إلشباع القيمة؛ ألن هذا طريق العذاب. كن أنت ،ون َْل الفيراري والعالقة والمنصب ،وعندها ستستمتع بها أكثر؛ ألنك لن ي مصدر خارجي ،فأنت القيمة ،أنت األثمن، تعلّق إحساسك بالقيمة واألمان على أ ِّ أنت الخالد الذي ال يضاهيه شيء. فعندما يسكن ذهنك ،ويلمس بيت األمان الداخلي ،ستتوقف عن البحث في الخارج؛ ألنّك لمست المادة التي ُك ّ ِونت منها ،وهي روح الذات ،يمكن أن ِ ّ نسم َيها أيضا بالوعي الخالص ،أو السكون ،أو حتى الحب الخالد .كلُّها كلمات ترشدك لما وراء الكلمات. السكون التدريجي إلى الذات ليس «حدثا» يحصل مرة في الحياة ،وكأنّه صاعقة تنزل على رأسك ،تستفيق بها من خوف النقص إلى األبد ،وتنتهي القصة (وإن كان في حاالت نادرة كذلك ،ولكنّني سأنصحك َّأال تع ّ ِول على هذه المسألة) ،وإنّما هي مستمرة لباقي العمر ،يرتقي فيها وعيك تدريجيًّا من الخوف ،إلى ّ عمليّة احتراف الذات المطمئِنَّة في داخلك. ففي كل مرة يتفعَّل فيها الخوف من داخلك ،لديك الخيار ،والقدرة على التذ ّكر أن مصدر اإلحساس فكرة ،وليس «العالم الخارجي»؛ ولذلك ننصح بتكنولوجيا التنفّس لترويض نظام الخوف ،وتسريع التذ ّكر ،وبهذا ت َبني احترافيتك الذهنيّة .فالمحترف فستعر ُ ِ ليس َمن يحارب أحاسيس عدم األمان ،وإنّما هو َمن َوعى بوهمها .حيث حينها أنّكل ما تبحث عنه من األمان والقيمة المصونة ،موجود في داخلك اآلن، قيمتك مكتملة في هذه اللحظة. وقد يخطر لك اآلن :إذا كانت قيمتي كاملة ومحفوظة في داخلي ،وال يُضاف عليها ليحركني بعد هذا؟ وهل سيتالشى من عندي الطموح ّ وال يُنتقص منها ،فماذا يبقى حينها؟ هذا السؤال هو أحد األوراق التي قد يرميها لك نظام الخوف ،ليُقنعك بص َّحة تفكيره، فكأنّه يقول لك ببراءة مصطنعة« :لو عرفتُ أنني معجون من كمال الحياة ذاتها، فماذا سيدفعني بعدها؟» ولكن ما ال يفهمه نظام الخوف ،هو أن الكمال يستمتع عصارته من خاللك ،فالرغبة الضمنيّة للتعبير الكامل عن الذات قائمة بإفراغ ُ ومستمرة لألبد ،ألنّها الطاقة الدافعة للتكوين ،والعطاء والتنوير ،تماشيا مع قانون التطور المستمر. فلماذا تظن أن البذرة تنفجر مخرجة الساق والزهرة؟ وما بالك بالشرنقة التي ت َخنُ ُق نفسها لتخرج الفراشة؟ هل الطبيعة تفعل ذلك لتغطي نقصا فيها؟ ال ،وإنّما هي الرغبة الجارفة للتعبير الكامل عن الذات ،هذه رغبة كامنة في رحم الطبيعة ،وأنت تخف عندما تسترخي في َح ِي ِّز الكمال الداخلي أن تفقد الحافز، ْ جزء من الطبيعة .فال بل على العكس ،فإن الحافز سيرتقي إلى مستوى جديد من التعبير والشغف تتموج فيك ،لترسم في كمالها أجمل ّ والخدمة ،وسترى طاقة الحياة االبتكارية سرنا الصغير.الصور في الحياة ،وهذا ُّ الرغبة الكاملة للتعبير عن الذات ،كامنةٌ في رحم الطبيعة ،وأنت جزء من الطبيعة. ف ِعش من الطبيعة فيك ،وستأخذك على عجل إلى بُعد اإلبداع ،وابدأ بترويض نظام الخوف ونقصه التقليدي؛ كي ال يجرفك معه إلى بُ ْع ِد التقليد. للتذكير: يحركان حياتك :نظام الحب ،ونظام الخوف. * هناك نظامان ِ ّ * كل سلوكيات اإلنسانية تسلك منهج التعبير عن الذات ،أو البحث عن الذات. * ذاتك األصلية في فضاءٍ من الوعي الخالص ،ال يضاف له ،وال يؤخذ منه. * النقص هو مجرد «فكرة» قد تنتهي قوتها بمراقبتك لها. أسئلة للتفكر: ماذا سيختلف في أسلوب حياتك ،إن عرفت أن النقص في داخلك هو فكرة وهمية؟ كيف ستختلف خبرتك الحياتية ،إن أيقنت أن مصدر األمان داخلي مئة بالمئة؟ كيف ستتصرف إن عرفت أن ذاتك هي وعي خالص ليس لها حدود؟ ماذا لو كان كل البشر في العمق واحد ،من مصدر واحد ،خلف هوياتهم الفرعية؟ بعدُاإلبداعُ،أمُبُعدُالتقليد؟ صغر والكلمات التي تتردد على اإلبداع كلمة قلّما نسمعها في البالد العربية ،فمنذ ال ّ مسامعنا :نحن دول عالم ثالث ،نحن دول مسته ِلكة ومقلّدة ،ال مبدعة ،اإلبداع هو «لألجانب» كما نُس ّمي البلدان األخرى .أليس مضحكا أن يُص ِدّق المجت َمع فكرة واحدة ،تتحول بَعدَها إلى الكود المبرمج لوعي الجميعّ ،إال من استفاق من هذا الحلم؟ ْي «التقليد ال َج ْمعي» يتجلّى بأشكال عديدة في البالد العربية ،فأماكن بيع َوع ُ ت عن األقراص المنسوخة هي ليست الدارجة فقط ،ولكنها «الطبيعية» ،فإذا بَحثْ َ األصلي ،استغرقك إيجاده وقتا طويال ،وهذه الظاهره الغريبة ،جعلتني أتأ ّمل كيف استشرى وعي التقليد السرطاني على مستوى أ ُ ّمة كاملة. وبالتأ ّمل بهذه الظاهرة ،فَهمتُ أن بُعد التقليد ،والنًّسخ هما نَتاج نظام الخوف ،فكلما ازدادت أشكال الخوف واألحكام بالمجتمع ،ازدادت أشكال التقليد ،وتقلّص اإلبداع. ولكي نم ّحص في هذه الفكرة أكثر ،دعْنا نضع أنفسنا مكان نظام الخوف ،وأكاد أجزم أنها ليست بالمه ّمة الصعبة؛ ألننا استُع ِب ْدنا بنظام الخوف لسنين طويلة .فإذا المحرك لنظام الخوف ،وهو النقص ،فمن المنطقي أن ِّ عمق اإلحساس نظرنا إلى ُ ننطلق حينها في رحلة ش َِرهة إلسكات جوع النقص من مصدر خارجي ،دون الت َّ َيقُّن أن ال شيء يمأل هذا الجوع الواهم َّإال ذاته؛ لذلك نبحث عن التقبّل الخارجي طوال الوقت كح ٍّل ألزمة النقص ،وفي هذا البحث سنرتضي أن نغيّر ذاتنا .وهكذا يا صديقي يولد أول أشكال التقليد والتزوير في ذهن اإلنسانية ،فالبحث الخارجي عن سرنا الصغير. التقبُّل سيستعبد ذاتك ،ويُس ِقطك عن بُعد اإلبداع واألصالة فورا ،وهذا ُّ البحث الخارجي عن التقبّل والحب ،يخلق أول أشكال التزوير في ذهن اإلنسانية. فالبحث الخارجي عن التقبّل ،وفي عمقه البحث عن ذاتك ،ال يبعدك فقط عن األصالة ،بل هو طريق الجحيم ،فإذا ارتضيت أن تغيّر نفسك مرة كي تكسب التقبّل من الخارج ،فستفعلها مرة ثانية ،وثالثة ،حتى يصبح ذلك منهجك في الحياة ،وستجد سوق المفتوح ،تبتاع قوانين األهل ،والناس ،والمجتمع ،وتتبنَّاها ،وما نفسك كال ّ أكثرها من قوانين ،وما أق ّل حكمتها! وبهذا التبنّي تُثْقل نفسك بلوازم دخيلة عليك، في محاولة صبيانيّة منك لكسب التقبّل الخارجي .ولكن هل تظن أنه إن أتاك التقبّل حينها ،فستحس فعال بأنك مقبول؟ اإلجابة ال… فالتقبّل والحب ال يمكن أن يكونا مشروطين ،وخصوصا إن كان الشرط أن تغيّر نفسك. فكيف يكون التقبّل تقبّال ،إن خال من عنصر التقبّل األساسي ،وهو قبول نفسك كما هي؟! ألن منطق األرضاء كان يستعبدني، َّ اهتز كياني ،ربما ّ وعند إدراكي لهذه الحقيقة أدق سمحتُ له أن يستعبدني.أو بكلمة ّ فقُبيْل رحلة الصحوة ،كانت حياتي متمحورة حول تغيير نفسي لطاعة الغير ،وكنت أسعى بهذه الطاعة للحصول على التقبّل الخارجي ،حتى أنّني في السنة الثالثة برنامج للتبادل الطالبي،ٍ للجامعة ،عندما كنت أُحضّر حقيبتي للسفر ألمريكا في قمت بترتيب حقيبتي أربع مرات ،فكلّما أتى شخص من عائلتي وأقاربي أخذ يقترح ي ماذا أضع فيها ،ألقوم بفتح الحقيبة وتغيير محتوياتها! فهذا يقول لي« :إيهاب، عل ّ ال تأخذ الكثير من الجينزات» ،وغيره يقول« :خذ هذا» ،وثالث يقول« :ال تأخذ ذاك» ،وأنا أقول في كل مرة نعم (حاضر) ،كي يرضى عني الجميع. قص عليك هذه القصة ليس فقط للتسلية ،بل ألريك كيف ِعشتُ حياتي في أنا أ َ ُّ السابق كنسخة زائفة ،ال تبحث َّإال عن إرضاء الغير ،وهي المهمة المستحيلة ،وع ّل هذه المعاناة ذاتها ،هي ما علمتني أن أعشق األصالة ببساطتها وسحرها وإبداعها. وهذا ال يعني أن البحث الخارجي عن التقبّل انجلى تماما من نفسي ،فهو موجود حتى هذه اللحظة ،ولكن بات هناك اآلن غلبة في نفسي ،لترويض هذا ال َم ْسلَك، وااللتزام بخيار األصالة. تحس أنك غير كافٍ ،ستغير نفسك بحثا عن ُّ الموضوع إذا بغاية البساطة ،فعندما االكتفاء الخارجي ،وعن التقبّل ،والحب ،واالحترام ،وستفعل ذلك بوعي ،أو دون وعي ،ولكن من هنا يولد التملُّق والرياء ،وهما مخالفان لصفات الفارس فيك .إنها تمت للذات األصلية بصلة ،وال تضيف لها ّإال القرف ،ونقصد من صفات َمقيت َة ال ّ هذه الصورة البشعة أن نغذّي حبَّك لألصالة. فهل ستستفيق من هذا القرف ،وتلتزم بدفع تذكرة األصالة ،لدخول مسرح اإلبداع وعروضه المثيرة؟ َعرف ماذا يتطلّب هذا االلتزام ،وأ َ ْذ ُكر هنا ما قاله قبل أن تجيب بنعم ،يجب أن ت ِ أحد المشاركين في كورس «القائد المستنير »Enlightened Leaderالذي أعطيه في أكاديمية كن انت ،فقد قال« :قبل أن نُ ْقدِم على أي خيار ،عليك أن ت َعي رت أن تصبح مليونيرا ،عليك أن تعي قر َ ماذا يترتب على هذا الخيار ،فمثال ،لو َّ ماذا يتطلب وعي المليونير ،من تفكير ،وسلوكيات ،وتضحيات ،ومن ث َّم لك أن تقر َر االلتزام بهذا االتِّجاه أم ال». ِّ تتروى قليال قبل اختيار ثمن األصالة ،فلو سألت الكثير من َّ لذلك طلبتُ منك أن الناس :هل تريد أن تعيش في بُعد األصالة؟ هل تريد أن تعيش حقيقتك ،وتعبّر عنها بشكل كامل؟ فالجواب المتوقع هو نعم ،ولكن قلّة َم ْن تعي بمتطلبات هذا المستوى المتكرر لذاتك، ّ من الحياة .فعندما تختار طريق األصالة ،عليك أن تقوم باالختيار على حساب التقبّل الخارجي ،وهذا من أصعب المه ّمات اإلنسانية. المتكرر ِّ هو األصعب؛ ألنك بهذا الخيار ستتحدَّى منظومتك العاطفية ،وفيها الميْل لنظام الخوف نحو التقبّل الخارجي ،ولكنه في الوقت نفسه هو الخيار األبسط؛ ألنه عندما تظهر لك ذاتك كما هي ،ستعود الحياة إلى سِحْ ر البساطة ،وستتبخر العُقَد من نفسك تدريجيًّا .فالعُقدة هي الطريق «المعقّد» للبحث عن ما فيك! وبزوال العقدة الطاقيَّة ستتدفق الطاقة بيُس ٍْر في نفسك. وما يحدث داخل نفسك ،سيُس ِقط نفسه على ما حولك ،فهذا قانون كوني اسمه قانون سر «عالمك» .ولك الخيار في أن التطابق ،فإن كانت طاقتك متدفقة بيُسر ،فسيَتيَ ّ سهل المعقّد ،أو الصعب البسيط. تذهب مع ال ّ فإن اخترت الثاني ،وهو طريق األصالة ،وإن كان فيه تح ٍدّ عاطفي مستمر ،فإن احترامك لنفسك سيحلًّق لمراحل غير مسبوقة ،وبهذا المستوى الجديد من االحترام، سيرتقي تلقائِيًّا مقياس ما ترتضيه لنفسك ،لترى ك ّل نواحي حياتك منتعشة بهذا المقياس .فتراك مندفعا بسرعة غير مسبوقة فيما هو أفضل لك في الصحة، والعالقات ،واألعمال ،فكلها مرتبطة في العُمق باحترامك لنفسك ،وفي احترام نفسك شرط االلتزام بأصالتك. سون بهذه األصالة ،ففي األصالة بصمة خاصة على الهالة أن اآلخرين سيح ّ حتى َّ الطاقيَّة للشخص ،أو كما يس ّميها الناس باللغة الدارجة «الكاريزما» ،أو الجاذبيّة. فالشخص الجذَّاب المغري المثير هو نفسه األصيلة ،وعكس ذلك هو التصنُّع ،الذي سرنا الصغير. سيفقدك بريقك في سبيل الخوف ،وهذا ُّ طاقة الكاريزما ،ما هي َّإال طاقة األصالة. صدَقَ فيك،وعلى المستوى العملي ،تعني األصالة :الخيار المتكرر ألن تُع ِبّر ع ّما َ صدقك مخالفة أال تظن أنك ستحب نفسك بهذا التعبير؟ بل ستعشقها .وإن كان في ِ لرأي العامة ،فهذا جزء من التحدي الطبيعي لألصالة ،وأنا أعي صعوبة هذا متكرر ،حتى فيما نعتبره أسخف المواقف. ّ صعب ٌ خيار ٌ التحدّي ،فهو كما قلنا فيه فقبل فترة ركبت سيارة أجرة ألذهب إلى بيت صديقي ،وفي اللحظة التي دخلت فيها ،بدأ السائق بالقول« :أتعرف؟ إن جميع النساء غبيَّات ،وال يعرفن كيف يَقُدن وهن سبب المشاكل كلها ،و َهلُ َّم َج ًّرا…» ،ولكن ألنني كنتُ في عقر ّ السيارات، ذاتي ،لم أنجرف مع كالمه ،وبقيت في موقع المراقب. فبدأتُ بمراقبة أحاسيسي الداخلية ،وعدم األمان الذي تحرك في جسدي ،فَ ِحوار نظام الخوف كان في نفسي حينها« :كيف لي أن أُع ِبّر عن رأيي لو سألني السائق؟ فرأيي مختلف كل االختالف عنه ،وهذا يضعني في مأزق ،فماذا لو عرف أني شخصيًّا مؤمن أن الطاقة األنثوية هي األمل لنهضة اإلنسانيّة ،واألساس للصحوة التي نَعيشها اآلن ،وتمكين المرأة هو تمكين لإلنسانية ككل» ،وأ َ َخذَ نظام الخوف في داخلي بالتسارع للتفكير، والتحضير لإلجابةِ ،إ ْن و َّجه السائق الحديث لي. أن تتخيّل الوطأة الشديدة للبحث عن التقبّل الخارجي ،حتى في أسخف فلك ْ المواقف ،ومع األشخاص الذين ال نعرفهم! لم أدخل حينها في الحوار مع السائق ،وبقيتُ صامتا ومر ِ ّكزا على تكنولوجيا التنفس ي ،ولَ ْم ِس فضاء الوعي خ َْلفه ،وبالرغم من أنني لم للتعالي على نظام الخوف ف ّ أشارك في الحوار؛ ألنني لم أحس أن أصالتي تدفعني لذلك ،لكني ضمنيًّا شاركت قررتُ أن أقول رأيي كما هو، وبقوة ،وأحسست باالنتصارعلى نظام الخوف؛ ألني َّ ّ سئِلتُ عنه. هذا إن ُ «معارك فكريّةٍ» مع اآلخر، َ فكما ترى ،فإن اختيار األصالة ال يعني الدخول في أو فقدان الذكاء االجتماعي ودماثة الحوار ،فإن تقبُّل آراء األشخاص كما هي، وإعطاءهم المساحة اآلمنة للتعبير واحترامهم ،جزء من األصالة .ولكن األصالة كنت َ تقتضي ّأال تقول ما ال تؤمن به ،واألصالة تعني أن تتكلم بصدق ّ وقوة ،إن مل َهما للكالم في هذه اللحظة ،واألصالة تعني الصمت والمراقبة ،إن كان هذا المطلوب. راقبت أحاسيسك بتمعُّن ،سترى أنّه كلما تفعّل إحساس الخوف ،أو ُ عد َِم األمان َ وإن ي باتّجاه الذات أو الزيف ،وكأنّه مفترق فيك ،تُب ِْرز لك الحياة الخيار :إ َّما بال ُم ِ ض ّ طرق للذهاب بهذا الطريق أو ذاك ،إما باتّجاه التقبّل الخارجي ،وفيه السقوط إلى بُعد التقليد فورا ،أو باتّجاه األصالة وفيها االرتقاء بالذات .وفي كل خيار تأخذه المحر َك األقوى لحياتك ،ولكنك ِّ ستقوى عضلة الحقيقة فيك ،لتغدو ّ باتّجاه األصالة، في الوقت نفسه ،ستأخذ المجازفة األكبر للسيكولوجيّة اإلنسانية ،وهي أن تكون أنت. من وجهة نظر نظام الخوف ،أ ْك َب ُر مجازفة هي أن تكون أنت ،ألنّك قد ت َفقد التقبّل يحس بهذا «الموت»؟ ولكن رويًّا ّ وال ُحبُّ حينها ،ومعها فقدان القيمة ،و َمن يريد أن صدَره دائم وخالد صدَرالتقبّل داخليَ ،م ْ رويًّا سترى أنها لم ت َ ُك ْن مجازفة البتّة ،ف َم ْ الوجود ،وهو أنت ،أنت الحقيقية .عندها سترى ميزان الحكمة َي ْر َجح في ذهنك، وسيرجع خيار األصالة ليكون الخياراأله ّم ،واألثمن في وجودك ،ففي خيار األصالة يتجلّى ُحبُّ الحياة من خاللك. عندما أعمل مع الناس من خالل الكورسات أو التدريب الفردي ،أبدأ عادة بترسيخ سيب َْر ُز أمامهم ،إ ّما لألصالة أو الزيف، هذا الوعي ،وتذكيرهم بالخيار الدائم الذي ُ «أحس أنني الُّ وعندما يبدأ المتدرب بتجديد االلتزام بخياراألصالة ،تجده يقول: سسني باالختناق؛ أستطيع أن أكون شخصا آخر بعد اآلن ،فالكذب على نفسي يح ّ لذلك أُفضّل أن يكرهني كل الناس على ّأال أكون أنا». وال تخف أن يكرهك الناس؛ ألنه إن أحب ََّك الناس على تغيّر ذاتك ،فذلك ليس ت للوهلة ْب الذات ،حتى وإن بَدَ ْ أن األصالة هي َكس ُ بالرشد ،وتذ َّك ْر َّ بال ُحبُّ ،فت َ َح َّل ُّ األُولى خسارة َ واهمة في الخارج .وأ ّما تغيير الذات ،فهو الخسارة الحقيقيّة ،هي عوض ،حتى لو هلّل كل العالم لك ،ووقفوا في صفك ،وكما قيل الخسارة التي لن ت ُ َّ في ال ُكتب :ما فائدة أن يَ ْكسِب اإلنسان العالم ،ويخسر ذاته؟ كن أنت ،فهذا أفضل خيار ستأخذه حتى إن ازدراه الناس. أن الناس إ ّما تزدري األصالة ،أو تعشقها حتى النخاع؛ وذلك ّ ألن نوضّح َِّ دعنا المخزن في وعي العا ّمة ،وهذا َّ تهز أركان الخوف ،وتزلزل «أَلَ َم» التقليد األصالة ّ ليس شأنّك ،فإذا كان الشخص على قَ ْد ٍر ِمن الوعي ،سيرى بأصالتك مذ ِ ّكرا وإن لم يَ ُكن على هذا الوعي ،فسيرى ألصالته ،وسيتعامل مع األَلَم من داخله بحكمةْ ، ألن لكل شخص في الكون بأصالتك وحشا يؤذيه .وكما قلت ،فهذا ليس شأنّكّ ، سرنا الصغير. صة التي يخوضها ،وهذا ُّ رحلته الخا ّ َض النظر عن ردود فعل اآلخرين. شأنّك الوحيد أن تكون أنتِ ،بغ ِ ّ وفي هذا االلتزام باألصالة ،ستالحظ أنّك ستتخلَّى عن طبقة الوسطية ،فلن تبقى ذلك الشخص اللطيف الذي ي ُِحبُّه ك ُّل الناس ُحبًّا سطحيًّا ،ولكنّهم ال يحترمونه ،وإنّما القوة ،وليس من دافع الحاجة، سيكون لك كيانُك الخاص ،وستكون لطيفا من دافع ّ صة ،ال ال َم ْوروثة ،وسترى أن فئة ط ُع آراؤك الخا ّ وهذا اللطف الحقيقي .عندها ست َ ْس َ وعليك التعامل بالحياد مع االثنين ،فهذا حا ُل َ تحبُّك، ستحبُّك ،وأخرى لن ِ ِمنَ الناس ِ ط َيب ثمرة د ُّراق بالعالَم ،ستجد أشخاصا ال ت أَ ْ مر على التاريخ؛ ألنه لو ُك ْن َ ك ِّل قائد َّ أن المشكلة الكبرى تقع، الدراق ،وهذه ليست مشكلة ما دام التقبّل داخليًّاّ .إال َّ ي ُحبُّون ّ عندما تُحاول أن تدّعي أنّك مشمش بدل ّ الدراق! ع َملك الريادي ،أو الريادة سيُ ِش ّع َوبهذه االنتفاضة في األصالة والتعبير الصادقَ ، َعزم أن تفعلها ،فالتعبير الصادق عن الذات ،هو الفرق الرئيسي بين النجاح التي ت ِ المستدام للريادي من عدمه ،أو كما يقال في البرمجة اللغويّة العصبيّة ،هو األ َ ْم ُر الواحد الذي يش ّكل ك ّل الفرق .وأقول هذه الكلمات بثقة ،ليس فقط من خبرتي دربتُ العديد من الرياديين على هذا منهج كن أنت، الشخصيّة ،بل أيضا ألنّني َّ سحر.والنتائج شبيهة بال ِ ّ نت في أعمالك الريادية تحاول أن تكون شخصا زائفا لتُرضي الناس ،فأنت فإذا ُك َ ع ْم ِقك، الرخص في ُ يحس بإحساس ّ ُّ ُمق ِلّد ،وال ُمقَ ِلّد رخيص ،وستكون َّأول َمن سيَ ْشت َ ُّم الناس ذلك من جهتهم ،فيبدأ عملك الريادي بالتراجع؛ ألنه فقد القيمة .وما و َ الريادة الحقَّة ّإال إعطا ٌء للقيمة. صدَر القيمة األصيل، فكيف لك أَن ت َخلُقَ قيمة متجدّدة ،وأنت ت َ ْبعُدُ ك ّل لحظة عن َم ْ وهو أنت؟ ت زائفة لجذب الناس سيُر ِهقُك البُ ْعدُ عن األصالة بمحاوال ٍ ومن ناحية التسويقَ ، ِ دأت بالتعبير الكامل عن ذاتك، صة بك ،ولكن إن بَ َ للعالمة التجارية « »Brandالخا ّ الرياء ،إلى وسيلة جميلة لنشر رسالتك ،حتى يأتيك ما يتحول من ِ ّ ّ فسترى التسويق قعم ِ سيتحول الهوس من األرقام ،إلى التركيز على ُ ّ يتوافق معها في الطاقة .هنا خوة ،ألنّكم تلتقون على ب من األ ُ َّ ضر ٍ وستتحول عالقاتك مع العمالء إلى َ َّ العالقات، أساس واحد. ٍ وليس هذا وحسْب ،وإنّما بأصالتك ست َرى القُوى الطاقيَّة في ص ِفّك ،فعندما تُع ِبّرعن ص َمت َك الطاقيَّة الفريدة» في الخارج ،وهذه البصمة سك كما هي ،فأنت تضع « َب ْ نَ ْف َ الريادة والحياة ،وهي ما سيقوم برفع األثقال عنك. ي في ّ السر ّ الطاقيَّة هي سالحك ِ ّ ومن ال يتوافق مع هذه البصمة ،ليس من المفترض أن يكون جزءا من حملتك الرياديّة. وبهذا سترى أن التميّز واإلبداع ليسا باألمر الغريب عنك ،بل سيُصبِحان النهج الطبيعي في أدائك ،فاإلبداع ليس نتاج فكرة عظيمة تلتقطها يوما ما ،وإنّما هو تتجرأ على طلب اإلبداع ،ولم تنضج بك َّ إظهار لحقيقتك كما هي ،فكيف لك أن الجرأة لتكشف حقيقتك كما هي؟ الجرأة التي نقصدها هنا ،ليست ضربا من الغباء ،بل هي نظام ُم َمنهج إلظهار ألغط َية الخوف بعيدا عنها ،وركز على كلمة ِ نَ ْفسك أكثر وأكثر ،باإللقاء التدريجي «تدريجيًّا» وضع تحتها مئة خط! نطلب منك هنا أن تع ِبّر عن آرائك القلبيّة في الحياة واألعمال ،تدريجيًّا .بمعنى ّأال تكون مع ك ّل شخص بوجه مختلف ،وال نقصد هنا الذكاء االجتماعي ،كما يعني َّأال يكون لك حسابان على الفيسبوك ،ت َْظ َه ُرعلى ك ٍّل منهما بشكل مختلف. ب واحترام؛ ألنّي خذ قرارا للتوقف عن هذا الهراء اآلن ،وأقول «الهراء» عن ُح ّ ٍ ال أريدك أن تعاني ،وال حتّى ثانية واحدة بعد اآلن ،بالمحاولة الزائفة لتكون شخصا آخر. ولكن قد يخطر لك اآلن :ولكن آرائي قد تتغيّر ،فكيف أتعامل مع هذا التغيُّر ،وأبقى أصيال؟ ّ ولكن المه َّم أن تعبّر مستمرة، ّ تطور نت تمشي في رحلة ّ آراؤك حتما ستتغيّرِ ،إ ْن ُك َ ت إلى نفسي تحس بأنه «الصادق» بالنسبة لك اآلن .فأنا شخصيًّا ُكلّما تسلّلَ ْ ُّ ع َّما معرفةٌ أكثر عن ذاتي ،أشاركها كما هي ببراءتها ،مع حركة التغيير ،والتدريب التي أديرها. مرة أكشف أحس بالخوف ،ففي ك ِّل ّ ُّ أحس بالخوف من المشاركة؟ بالطبع ُّ أتظنُّني ال فيها عن براءتي أكثر ،يبدأ الخوف بالتسارع إلى عقلي ،مق ِدّما ُح َج َجهُ األمينة قائال: هكذا ستخسر الكثير من الناس من مجموعتك ،وقد اليُق ِدّر الناس ما تقول! وقد تبدوهذه ال ُح َج ُج دقيقةّ ،إال أنّها تبعد ك َّل البعد عن الدقّة ،فَنَعَم ،عندما تعبّرعن نفسك كما هي ،ستخسر البعض من المتابعين ،وبالتأكيد ستُنتقد أكثر ،ولكن هذه وإن َبدَت في ظاهرها كذلك ،إنَّما هي تضحية ُممنهجة بمن ارتبط ليست خسارةْ ، ي القادم،بك بدافع غير أصيل ،أو بذلك الذي ال يستطيع أن يجاري مسارك الطاق َّ ستخلُق مساحة جديدة لمن يتناغم مع حقيقتك، ب الم ُحبّ المسامح .وبهذا َ لتو ِدّعه بِقَ ْل ِ ليأتي إليك راكضا. صل على شيء من طبيعة ي اسمه «قانون التضحية» ،فَ ِل َكي تح ُ قانون َك ْون ٌّ ٌ هذا المحركة لهذا ّ وإن نظرنا إلى الروحسفلىْ ، عليا ،عليك أن تض ّحي بشيء من طبيعة ُ ُ أن الطبيعة العليا هي األصالة فيك ،والطبيعة السفلى هي الزيف القانون ،سنرى ّ فيك ،فاستمتع بتضحيتك المستمرة. عمدَ إلى تنقية الناس أن ك َّل عمل ريادي ش ّكل فرقا أسطوريًّا في العالمَ ، لذلك نرى َّ من خالل الصدق في الطرح والتعبير ،فترى البعض يعشقه ،والبعض اآلخر ينتقده، وهذا ما يجب أن تكون عليه أيّة خطوة ريادية مؤثرة. واحذر أن تخلط بين البناء على حكمة السابقين ،وعدم األصالة ،فهذا يُدعى وإال فستقع في صدَر المادة التي اقتبست منهاّ ، تنوه دائما ل َم ْ االستعانة ،ولكن تنبَّه أن ّ وستحس بالخداع الداخلي.ّ مرة أخرى، بُعد التقليد ّ وأقول هذا عن خبرة؛ ألنّي في مرحلة معيّنة ُكنتُ أستعم ُل مواد من متحدثين آخرين والغريب في األمر ،أنّني ُ ب إليهم ،خوفا من ّأال يبقى ألصالتي مكان، س ِ من دون النَّ َ أنسب المواد إلى أصحابها ،بدأ أسلوبي الخاص بالظهور أكثر .واآلن ُ عندما بدأتُ ألن طريقتي وأسلوبي الخاص ال أخاف أن أ َ ْذ ُكر األشخاص الذين أستعين بتعاليمهم؛ َّ َذت المادّة ال يُن ِقص من أصالتك شيئا ،وإنّما يزيدها حاضران .فَقَولُك من أين أَخ َ زَ ْهوا ،ويزيد احترامك لذاتك ،وسيرى الناس ذلك ،فاألصالة ال تعني أن ت ُ ْه ِمل ك ّل والتطور في المعارف ،وإنما أ ّ ْن تستعملها وتبني عليها ،لتساعدك ّ الجهود اإلنسانيّة في إيضاح أسلوبك الخاص. وفي نهاية المطاف ،فالتأثير ال يأتي م َّما تقول ،بل من الطاقة التي تحملها كلماتك، نت تتكلم لغة غير مفهومة ،ستصل إلى قَ ْل ِ ب ت من أصالتك ،حتى لو ُك َ فإن تحدَّثْ َ رس تعلَّمتُه سريعا في بداية مسيرتي قوتك .هذا دَ ٌ المستمع الجاهز ،وهنا تتجلَّى ّ أحس ُّ المرة األولى عندما قدَّ ْمتُ «كورس» لمدة ٣أيام ،كنت كمرشد و ُمع ِلّم ،ففي ّ أن طاقةَ الغرفة تغدو واضحة كالكريستال ،عندما أُعبِّر ع ّما في قَ ْلبي دُونَ اإلضافة َّ َض النظر ع َّما ُكنتُ أقول ،وعندما أذهب بنظريات معقَّدة تُبعد عن أو التلفيق ،و ِبغ ِ ّ تتشوش ،وحتى التعابير على وجه الناس َّ أصالتيُ ،كنتُ أرى الطاقة في الغرفة سرنا الصغير.مشوشة ،وهذا ُّ تُصب ُح َّ ي يساعد الناس على تذ ُّكر ضو ٌح طاق ٌّ سيَب ُْر ُز ِم ْن َك ُو ُ عندما تعبّر عن ذاتك بصدقَ ، حقيقتهم في حضورك. وإن كان في األصالة وهج الوضوح الطاقي ،وأساس التأثير واإلبداع ،فل َماذا هي إذا من أصعب الفنون التي يمكن احترافها؟ كما قُلنا من قبل ،السبب هو التحدّي العاطفي الذي يُبرزه نظام الخوف أمامك، ولكن للتع ّمق هنا سنرتحل من نظام الخوف الشخصي إلى نظام الخوف العام في وعي اإلنسانيّة ،وكالهما مرتبطان .فاستعد أن نأخذك إلى ما خلف الستار. أن جميع سكان األرض استفاقوا غدا، بداية ،دعني أسألك هذا السؤال :تخيّل َّ وإحساس «أنا لست كافيا» ُم ْن َج ٍل تماما من أنفسهم ،فماذا سيحدث؟ هل لك أن تتخيّل؟ من وجهة نظري ،أتوقع ثورة غير مسبوقة في تاريخ اإلنسانيّة ،فالكثير من األنظمة واألعمال ستُدَ َّمر بلحظة ،لتولد أنظمة إبداعية وشمولية أكثر .ولك أن تفكر فيمن حرص أن يُخمدها بتوجيه العا ّمة نحو الخوف، س َي ِ «لن يستفيد» من هذه الثورة ،و َ شبّه هذا الكود ال ُم َبر َمج، كي يبقى كود النقص فعّاال في وعي اإلنسانيّة .وأ ُ ِحبُّ أن أ ُ َ بـ»عبادة األصنام». في السابق كانت األصنام تماثيل يصنعها الناس ،ويعبدونها ،ويدافعون عنها كاآللهة قوة عليهم ،وقد يبدو هذا الشكل من العبادة مضحكا اآلن ،وخصوصا بعد التي ت َم ِلك ّ أن عبادة األصنام لم تنت ِه ،بل اتّخذت شكال وضوح سخف هذه العادة ،ولكن الواقع َّ عصر النهضة التكنولوجيّة التي نَعيشها اآلن، أكثر ،ذكاء يُناسب َ ُ آخر فيه ذكا ٌء َ خطر أكبر .فعندما تأخذ ٌ لتتحول عبادة األصنام من الخارج إلى الداخل ،وفي ذلك ّ ب رؤيته على العيون غير صعُ ُ العبوديّة الشكل الداخلي ،يصبح لها ستارا جديدا ،ت َ ْ ف الواقع الفيزيائي ،وهي حالة العا ّمة. المدربة ،التي تخاف أن ترى خ َْل َ َّ فما العبودية التي نتكلم عنها؟ هي العبودية لفكرة النَّقص ،ومفادها أنّك لست كافيا ق لكثير من الجهات؟ صدَر ِرز ٍ كما أنت ،وكيف ال تكون الحال كذلك ،وهذه الرسالة َم ْ ٌ جهات ِعدّة فبالطريقة نفسها التي كان يستفيد منها ال َك َهنَة من عبادة األصنام ،تستفيد من َو ْه ِمك بالنقصان. فما العقليّة االستهالكية َّإال وليدة النقص ،والجري لتعبئة «فراغ الذات» ،وفي هذا ضمان لالستهالك ،حيث إنه من هنا تولد المادية ،والمادية ليس كما يظنها البعض بالطموح المشروع ،والحب الصحي للتطور ،وبناء الثروة ،وإنما هي تعبير عن سد هذا النقص لغالبية الناس النقص ،واالنفصال عن طبيعة النفس الروحية .ويتج َّ في تجميع «األغراض» لتعبئة الفراغ .ولكن من عرف ذاته وفضائها الشاسع، ي تالحظ أنه يُحبّ خَلق المساحة في البيئة المحيطة به ،بدل السعي لتعبئة «أ ّ ي «ركن وفراغ» ،وبالتعلق بأثاث قديم وأوراق قديمة؛ خوفا من غرض» في أ ّ زوالها ،لكشف فضاء الذات الذي لم يعت ْد عليه. المادية هي أكبر مرض في تاريخ البشريَّة ،وقد يكون السبب الذي سيقضي على الجنس البشري إن لم يستيقظ .حان الوقت لتستيقظ من هذا الموت الرحيم ،وتستفيق ت منهعلى حقيقتك الجميلة :أنّك كامل ،فكيف تكون غير ذلك ،والعنصر الذي ُج ِب ْل َ غي ُْر ذلك ستجري سنين طويلة ،باحثا عن الدواء لداء هو روح الحياة الواحدة؟ َ النقصان من الخارج ،ولن تجد في هذا البحث ّإال اإلحباط المتواصل ،فال السيارة عيب النّ ْقصان ،وال ال َع َالقة المثاليّة التي ت َب َحث عنها ،وال َ التي ستشتريها ستستر حتى النجاح الخارق وإن تحقّق. غي َْر تذ ّكرك لذاتك، ويحررك من مخالبه القبيحةَ ، ّ عيب النّ ْقصان، َ فال شي َء يفضح شش في القوة صنم النقص الذي ع َّ لتحطم بهذه ّ ِّ والتعبير الكامل عن أصالتك، اإلنسانيّة لسنين طويلة. غ ْي َر آ ِب ٍه برأي ال َك َهنَة والسادة؟ فهل ستكون الشجاع الذي كسر هذا الصنمَ ، أن أصله من الماء ،وبهذا أصبح فإن لم تفعل ،ستكون كصورة الماء الذي نسي َّ ْ ش َعر بالعطش، أن الماء نسي حقيقته ،و َ فريسة لك ّل أنواع التالعب .فتخيَّل ِل َو ْهلَة َّ غي ِْر ذاته ،وهذا هو البحث العقيم كما نحب ْ أن فصار يبحث ع ّما يطفئ ظمأه من َ نسميه. صدَر الحياة الثمين، ي شيءٍ للحصول على َم ْ ُ سيوافق الماء على فعل أ ِّ وبهذا البحث، وامش خلف شروطي ،وأنا سأعطيك ِ الز ْرنيخ ،وقال له ات َّ ِح ْد معي، فحتى لو أتاه ّ أن يوافق ،فهو يعاني الظمأ على ك ّل حال، الماء الذي تشتهي ،فما لهذا المسكين ّإال ْ فخوف الماء من فقدان الحياة سيبعده عن قيمه األصيلة ،ويؤرجحه يمنة ويسرة. ولكن تخيَّل أيضا أنّه في ساعة معيّنة من الفجر ،زارت جنيّةُ الظالم الماء ،وأخذته ق قلبه ،و ُهنا َحدَث َالتذ ُّكر ،وانجلت األوهام ،وتذكر الماء معها إلى رحل ٍة في أعما ِ ث التوافق مع الذات .فال داعي أن بحث عنها ،ف َحدَ َ ع ِم َل من نفس المادة التي َي ُأنّه ُ ِب الماء على نفسه بعد اليوم ،أو ينصاع ألوامر دخيلة ،فهو وجد ما يبحث عنه، َي ْكذ َ وك ّل السلوكيات التي بُ ِن َيت على الحاجة المريضة ،ستسقط عنه كالبرج الذي ينهار في غمضة عين ،ومهما حاول الزرنيخ بعدها أن يغريه ،فلن يستطيع أن يحيّد الماء صدَر الحياة ،وال شي َء سيسلبه ذلك ،وال حتى أنامل عن ذاته .فقد تذ َّكر الماء أنَّه َم ْ الموت تستطيع أن تسلبه هذه الحقيقة. ي قرار ،أن يكون ذاته ،ويُنشر ِهبَتَهُ للعالَم ،فيروي ظمأ قرر الماء ،من دون أ ّ وهنا َّ ك ّل من يأتي في طريقه. فهل تريد أن تقول لك هذه القصة نوع من العبرة؟ سأترك الجواب ليستيقظ في عط ِه المساحة ل َيفعل. داخلك ،فأ َ ِ وقد تُفَ ِ ّكر اآلن»:ولكن ما هذه الصورة السوداويّة التي َيرسمها الكتاب؟» من ح ِقّك أن الكتاب عا َهدَك َعلى الصدق في الطرح ،والغاية هنا، أن تف ّكر بذلك ،ولكن تذ َّكر َّ أن نساعدك كي ترى بوضوح التالعب الذهني الحاصل ،وهذا ليس لنخيفك ،بل ق منظور متّزن ،فطريق النّور هو ليس طريق اإليجابية العمياء، لنساعدك على خَل ِ ست ََر ما فيها ،ونور الحقيقة أضأت النور بالغرفة ،ف َ َ ف المستور .فإن طريق َك ْش ِ ُ وإنَّما س ُّر في البدء ،ولكن عندما ترى يكشف األمور كما هي ،وفي هذه الحقيقة ما ال َي ُ قوة بالعالم من َك َهنَة قوتك الحقيقيّة ،وعندها ،ال ّ األمور كما هي ،فسترجع لك ّ طفيليّات الروحيّة تستطيع التغ ِذّي على ِك ْذبة «أنّك ناقص» ،فالنقص التزييف ،وال ُ مجرد َو ْهم. ّ مجرد فكرة، ّ في النهاية بقوة ،وتواضع في ار ،فجز ٌء منك يعي ذلك أصال ،فتراه واقفا ّ س ّ وهنا يأتي الخبر ال ّ داخلك بعيدا عن األوهام كافّة ،كاشفا طبيعته األصليّة ،وكيف ال وهو ابن الحياة نفسها .فأنت تعرف في قرارة نفسك أنّك كامل ،أنّك خالد ،وأنّك ماء الحياة نفسها، ت أزهارها المنسيّة فارقص فرحا بهذه المعرفة ،أو باألحرى بالذاكرة التي بَدَأ َ ْ بالتفتّح فيك. وبهذه الذاكرة ستغدو عنصرأ ُح ًّرا في المجتمع ،ال يُم ِكن تكبيله ،وال إرغامه على قبول األصنام الفكريّة ،هو ُح ٌّر؛ ألنّه خَال ِمن االحتياج المزيف ،هو ُح ٌّر بالتعبير صة ،ورغباته الصادقة .هذه الحرية تهلهل بُنيان عن ذاته ،واتِّباع قوانينه الخا ّ ت في اإلنسانيّة.ب الطاولة على العبوديّة الفكريّة التي ا ْست َ ْش َر ْ االستهالكيّة ،وت َ ْق ِل ُ سلّمت َه بِ َوعيٍ ،أو من دون َف من تَذَ ّكر ُح ِ ّريَّتِ َك ،فهذا َحقُّك األصيل الذي َ فال تَخ ْ َوعي. ط ِبّ ْقه على ي ،فدعنا نُ َ ت تجد صعوبة في ربط هذا النقاش بالجانب ال َع َمل ّ وإذا ُك ْن َ شخص ما ،وفيك افتقار لشيءٍ يأتي ٍ نت على عالقة مع المواضيع النمطيّة ،فإن ُك َ ب أو المال ،ماذا سيحدث؟ سترى نفسك ضعيفا ،هذا إن لم تتعامل مع هذا منه كال ُح ّ ِ االحتياج العاطفي من مكان ِغنى ،وانفتاح وقوة ،لتحققه لنفسك ،وتطلبه ب ِع َّزة. َعرف أنَّه نَتاج أفكار ،وليس حقيقة ،ستنتشي عندما تراقب إحساس االفتقار ،وت ِ ض عينك لدقائق ،وت َنقُل تركيزك لهذا الجزء، غم ُ بحقيقتك ،ولك أن تفعل ذلك عندما ت ُ ِ أحبُّك .حينها سترج ُع لك وتتنفَّس في داخله وخارجه ِب ِحنيّة ،وتقول له بالتكرار :أنا ِ قوتك الكاملة بال ِدّراية أن ما تحتاج إليه هو في داخلك اآلن ،فال ُحبُّ في تدريجيًّا ّ داخلك اآلن ،وعندها ستكون قادرا على التعبير عن حاجتك العاطفية للحب من وقوة ي شيءٍ ،فالحبُّ هو أنتّ ، لست فقيرا أل ّ َ مكان قوة ،وليس افتقارا له .تذ َّك ْر أنك َرج ُع ست ِ الفكراالبتكارية لت َ َعلُّم المهارات لخلق المال في داخلك أيضا ،وعندهاَ ، صافي ،كفضاء للتعبيرعن الذات ،ومساحة لمشاركة ي ال َّ عالقتك إلى مكانها النَّ ِق ّ قوتك األصليّة ،وهذا ِس ُّرنا الصغير. حفاظ على ّ ٌ ال ُحبّ ،وفي هذا أن ك ّل ما تبحث عنه ،هو في داخلك اآلن. القوة الحقيقية هي أن تعرف ّ ّ اسم ب ،أو ِ س ٍنصب ،أو ممت َلكات ،وال من نَ َ قوتك على هذا المستوى ليست من َم ِ ّ قوتك ألعاب فانِيَة ،وستندثر مع غبار الزمان ،ولكن ّ ٌ ق معيّن ،فَ ُك ّل هذه عائلةٍ ،أو ِعر ٍ القوة الوحيدة الصادقة والمضمونة؛ األصليّة تأتي من معرفتك بذاتك ،وهذه هي ّ ألنّها تأتي مع شهادة الخلود ،فهل أنت جاهز لتستلم بفرح ضمانتك الخالدة؟ فمع هذه الضمانة يكاد يكون من المستحيل التالعب بك ،ولك الخيار .لك الخيار أن ت َْخ ُر َج ومكررة ،ولك الخيار أن تختار لعبة ّ ت ُم ِملّةمن لعبة التالعب القديمة ،فهي أصبَ َح ْ الال محدودة ،ت َصعد فيها مع اإلنسانيّة إلى مرحلة جديدة ،هي لعبة االحتماليات ّ جديدة من التح ِدّيات الممتعة. لك الخيار أن تأخذ أهم خيار في الوجود ،وهو أن تكون أنت. للتذكير: * نظام الخوف هو أساس التقليد ،والزيف. متكر ٌر تأخذه لحظة في لحظة. ّ خيار ٌ * تجسيد أصالتك هو سد حقيقتك أكثر ،وأكثر ستجذب الفرص ،واألشخاص المناسبين لك * عندما تج ِ ّ أكثر. * عندما تتعدَّى وهم عدم االكتفاء ستتعدّى طاقة االستهالكية ،وتعود لبساطة الذات، وثرائها. أسئلة للتفكر: ماذا سيتجلَّى في حياتك أنك أصبحت نسخة فريده عن ذاتك؟ ماذا تكسب من تمسكك بخيار الزيف؟ ماذا ستحس إن بدأت التعبير عن نفسك أكثر؟ ما الذي يخيفك إن كنت حقيقتك كما هي؟ ا ُخيارُإلىُالَّلُخيار ا الَّل يتدرج الفهم اإلنساني لمفهوم الخيار إلى ثالثة مستويات ،وك ّل مستوى يحكمه َّ منطق ،ورؤية مختلفة للواقع ،فك ٌّل من هذه المستويات يعبّر في باطنه عن درجات التمكين ،والقدرة على أخذ القرار. «الال خيار» ،وفيه يرى المرء نفسه كد ُْمية خشبيّة َّ يتمثل المستوى األول بكلمة وكأن كلمة الخيار لم َّ ي شيء،قوة على أ ّ تتقاذفها أمواج الحياة ،فليس له حول ،وال ّ تصل إلى الشخص في هذه المرحلة البتة .هنا تكون الحياة وظروفها ُمكرهٌ ليس ّإال، ي أشكال التفكير. ومكررة ،وتخلو من أ ِّ ّ وتكون ردود الفعل أوتوماتيكية ُط ِلق عليها العا ّمة الال خيار على حالة ذهنيَّة من الشؤم واليأس ،والتي ي ْ ينطوي َّ تصوراتك الفكريّة .هنا َيدبُّ الضعف ّ أن الواقع ما هو َّإال بالواقعية ،غير دارين َّ الكامل في أركان الشخص ،فيرى نفسه كالضحيَّة ،و َيقعُد منتظرا «أمل المعجزة» أن يه ّل ويجلب معه حياة أفضل ،وأقل تعقيدا. على هذا المستوى نرى كلمة «الواجب» ،و»الالزم» كثيرة التردُّد في معجم الشخص ،فالذهاب إلى العمل واجب ،والخروج مع الناس واجب ،والمباركة وكأن هذه األحداث ّ واجب ،والتعزية واجب ،والزواج واجب ،واإلنجاب واجب، قوة لالختيار بينها .أنا أعرف هذه المرحلة بقوة كونيّة ،وليس للشخص أيَّة ّ قُ ِدّرت ّ خير عرفان منذ طفولتي ،حتى أننا في عائلتي اعتدنا على أن نطلق على كلمة الهديّة بالواجب ،فإذا أردنا أن نُهدي شخصا آخر نقول :إننا نريد أن نشتري «واجبا»! ال نبالغ عندما نقول إن هذه المرحلة شبيهة بالسجن ،ولكنّه على مستوى ارتقى وحنكة أكثر. قليال من السجن الحديدي ،إلى السجن الفكري ،وإن كان فيه خطورة ِ في هذا السجن قَتْ ٌل لروح اإلبداع ،فكيف للشخص أن يكون مع ِبّرا ومبدعا ،إن كانت ض عليك السير على خطاها ،حتى إن لم تكن الحياة مجموعة من اللوازم التي فُ ِر َ خادمة لك ولرسالتك؟ تخلو الحياة من المساحة للتأمل والتنظيم، هنا تكون الحدود الصحيّة شبه معدومة ،فَ ْ مكرراوأخذ القرار ،فنرى الشخص مجامال للعامة ،ومنفصال عن رغباته األصيلةّ ، ما يعتقده الغالبية نافعا ،أو الزم الفعل .فما اللّوازم ّإال رغبة شخص آخر ،يتردَّد صداها في ذهنك. ي متّسع شش إحساس االستضعاف في أعلى صوره ،واألحالم ال ت َِجد أ َّ هنا يُع ّ ي مادّته اإلكراه ،وحديده األوامر؟ قفص ذهنِ ٍّللتنفّس ،فكيف يُح ِلّق طائر األحالم في ٍ أن ال دخل لك فاألحالم إن مقتت شيئا في الحياة ،فهي األوامر واإلحساس الخاطئ ْ سرنا الصغير. بالواقع ،وهذا ّ طائر األحالم يمقت األوامر الدخيلة. قد عشتُ ّأول أربع وعشرين سنة من عمري على هذا المنوال ،من دون أيَّة دراية أن الحياة كالتالي :تدخل المدرسة لتأتي بعالمات جيّدة ،بعدها بقوة الخيار ،ظانًّا ّ ّ تدرس الطب ،أو الصيدلة ،أو الهندسة ،مثل الطالب النجباء في األردن ،ثم تتزوج، أن في هذا السيناريو وتتطور في عملك إلى أن تتقاعد ،غير منتب ٍه إلى َّ َّ وتؤسس بيتا، س ْلبا لإلرادة ،وقمعا لجوهرة االختيار. التقليدي َ أن تتسلّل كلمة الخيار ِخ ْلسة لنفسه ُكمل المرء حياته في هذا االتّجاه ،إلى ْ وعادة ي ِ ب ما ،فكأنّه يفيق حينها إلى بهجة الخيار ،ليرى في هذه الكلمة نوعا من الحرية لسب ٍ قوة الخيار ضربا جديدا من الحماسة في َم ِعدَتِه ،وت ُ ِ ّ حطم معها حرك ّ غير المعتادة .فت ُ ِ ّ َو ْه َم الطرق التقليدية ،فالعمل خيار ،والزواج خيار ،واألكل خيار. قد يتبادر إلى ذهنك السؤال :لكن ليست ك ّل هذه خيارات ،فالعمل واجب ،واألكل واجب ،أليس كذلك؟ َفص ْله عن مفهوم النتائج. وهذا سؤال مشروع ،ولكن كي نفهم معنى الخيار ،دعنا ن ِ ّ أن تُطرد ،ولن تكون قادرا على إعالة نعم ،إن لم تذهب إلى العمل ،من الممكن ْ نَفسِك وعائلتك ،ولكن هذه نتيجة الخيار ،وال تنتقص البتّة من كون الخيار خيارا، وحتى المأكل ينطبق عليه المفهوم نفسه ،فإن لم تأكل ،فمن الجائز أن تموت ،ولكن هذا أيضا خيار. أن ك ّل شيء خيار ،وهو كذلك ،وهنا سيرتفع وبهذا الوعي سترى الحياة من منظور َّ إحساسك بالتمكين ،وستزداد قدرتك على النظر إلى النتائج بعقالنيَّة ،ومعها القدرة على رؤية اللحظات التي اتَّخذت فيها خيارات خوفا من آراء الناس ،أو بصورة أوهمت نفسك بأنّك فاقد للخيار؛ خوفا من مواجهة آراء الناس .فهنا سترى َ ّ أدق، بوضوح أنّك إن رفضت الذهاب إلى تلك «العزومة» ،فمن الممكن أن يقول الناس عنك إنّك غير محترم ،ولكن هذا ال يسلبك القدرة على الخيار ،وإنّما سيتي ُح لك أن مصدر االحترام ،والتقبّل من مواجهة نفسك بصدق ،وإدراك الحقيقة الكاملة ّ داخلك. وبفتح باب الخيار ،ستتصاعد قوته السِحريّة لتصل بك إلى المعرفة الضمنيَّةّ ، بأن قوة الخيار جميع أنواع الخيارات التي تقوم بها على المستوى الخارجي ،ال ت َحكم ّ طن على مستوى األفكار ،أو على نوعيّة الخبرة التي تعيشها فقوة الخيار تقَ ْاألصيلةّ ، في اللحظة ،وهي من األفكار .فخبرة الحياة ال تُفرض عليك من الخارج ،وإنّما هي صة في اللحظة. خبرة أفكارك الخا ّ إن األحاسيس التي ستختبرها حينها للتوضيح ،تخي َّْل أنّك خسرت مبلغا من المالّ ، نحس أفكارنا ،وليس ُّ هي داخلية بحتة ،وليست من الموقف ذاته؛ ألننا بالنهاية المواقف الخارجية ،وهنا يبرز أمامك الخيار ،إ ّما بالتمسك بالمعنى الذي أطلقت َه أوتوماتيكيًّا على الموقف ،ولنفترض هنا أنه «خسارة» -والخسارة فكرة -أو التخلّي عن هذا المعنى ،والسماح لمعنى جديد بأن يظهر من أعماقك. وقد تُف ّكر اآلن« :ماذا تعني بأن الخسارة فكرة؟ فأنا قد خسرت المال بالفعل». ت في جزيرة صغيرة ،لم تتعلم فيها لفهم المقصود ،سأطلب منك أن تتخيَّل أنّك ُو ِل ْد َّ ط ،كأن هذه الكلمات ليست موجودة في معجم اللغة هناك، كلمة الخسارة ،أو الربح قَ ْ فكيف ستختبر هذا «الحدث» حينها؟ تحس بالتعاسة ،وإنّما ستكون محايدا ،وستتعلم ،وتعدل َّ على األرجح أنّك لن سر السقوط وتجرب ،حالَك كحال الطفل الذي يتعلم المشي .فلو كان الطفل يف ّ ّ بالخسارة ،فلن نرى أي شخص في العالم يمشي! ت مع والدة فكرة الخسارة ،أو كلمة الخسارة ،وك ّل الكالم في بادئه فالخسارة ُو ِلدَ ْ أن ك ّلتستشف ما بعدها ،وعندها ستعرف َّ ّ أن تُصدّق فكرة الخسارة ،أو أفكار ،ولك ْ والتطور .هذا ال يعني أن تُنكرّ موقف -مهما كان -فيه بذرة الخير المخبّأة للتعلم َلف الخسارة ،وإنّما هو ازدياد سك على رؤية ما خ َ ط ،أو حتى أن تُج ِبر نَ ْف َ أحاسيسك قَ ْ ط عليها المعنى ،ما سيعطيك بأن المواقف ت َ ْخلُو ضمنيًّا من المعاني ،حتى نُسقَ ْ الوعي ّ الراقي مع المواقف. القوة ،والسرعة للعودة إلى دائرة الخيار ،للتعامل َّ ّ وعلى هذا المستوى من الخيار ،على مستوى األفكار ،سيولَد ال ِلّين في التّعامل مع الحياة ،فالموقف الواحد يحتمل تفسيرات متعددة ،وقد يُنظر إليه من زوايا مختلفة، بل على األحرى من زاويا غير محدودة ،وك ّل فكرة جديدة ترسم معها واقعا جديدا، تفتح في ثناياه أبعادا جديدة للحياة .وشيئا فشيئا ،سيتحول هذا اللين إلى انفتاح ذهني يحررك من ُم َك ِبّالت اإلجبار .فهل يستوي الخيار واإلجبار؟ عظيم ِ ّ وقد تتبادر إلى ذهنك اآلن فكرة من مثل« :ولكن ما بال الذين ُز ّج بهم بالسجون، فكيف يكون بهذا خيار؟». الخيار يكمن بالطريقة التي يستنبط فيها خبرة السجن ،فالتاريخ حافل باألمثلة على والتطور ،واكتشاف ُّ وقرروا أن يَختبروا السجن كفرصة للتطهير، س ِجنواّ ، أشخاص ٍُ تحول «السجن» في نفسهم إلى «مساحة للشفاء». الذات ،وعندها ّ أترى كيف أن فكرة جديدة تُش ِ ّكل واقعا جديدا؟ فك كود الخيار بأيّة طريقة ،فقد يقول: وإن كان ذهنُك شديدُ الدّقة ،ويسعى إلى ِّ «ولكن ماذا عن والدتي على األرض ،فكيف بذلك خيار؟». وسأطلب منك هنا أن تفتح ذهنك إلى احتمالية فكريّة ربّما لم ت ََرهَا من قبل. أن روحك لم تختر القدوم إلى األرض في هذا الزمان ،وفي هذه َجزم ّ كيف لك أن ت ِ الخيار الص ْقل األنقى لنفسك ،لخدمة ِ أن في ذلكالبلد والعائلة بالتحديد ،عارفة ّ الرسالة التي «اخترت» التعبير عنها؟ فشخصيًّا ،لو لم أُولَد في مكان يتجلّى فيه وعي االنفصال والضعف ،لَ َما كان لشغف أن يجد مكانا في قلبي. الوحدة ،والتمكين ْ خيار؟ ٌ أن ك َّل شيءٍأترى اآلن ّ قوة الخيار اآلن وقد تفكر اآلن« :لقد بدأتُ بفهم المقصد ،ولكن كيف لي أن أُفَعّ َل ّ ي؟». بشكل عمل ّ هذا سؤال حكيم ،وسيعيد النقاش كالعادة إلى واحة العمليّة. ألن الكلمات تعكس أفكارك في تلك في البداية انتبه إلى اللغة التي تستعملها؛ ّ اللحظة ،وابدأ تدريجيًّا بتحويل الكلمات التي فيها نوع من اإلجبار ،مثل كلمة مرة «الزم» ،إلى« :أنا أختار» .فعندما أعمل مع المتدربين ،عادة ما أوقفهم ك ّل ّ سوا وقع تلك الكلمة في يقولون فيها «الزم» ،أو «يجب» ،وأطلب منهم أن يح ّ جسدهم ،ومن ث َّم أطلب منهم أن يستعيضوا عن كلمة الزم بـ»أنا أختار» ،ومن ث َّم المتدرب منِّ سون الفرق الذي تُحدِثه كلمة الخيار في جسدهم ،وعادة ما يُصعَق يح ّ الفارق في اإلحساس. تنبَّه لكميّة اللّوازم التي تعيش فيها من دون وعي ،والجميل أنّه في اللحظة التي قوة مت نفسك بشيءٍ واهما ،تتجلّى أمامك مرة أخرى ّ يستوي فيها وعيك ،بأنّك أَلزَ َ سرنا الصغير. الخيار ،وهذا ّ قوة الخيار. أن ما ت ُ ِلزم نفسك به ُهو َو ْهم ،ترجع لك ّ عندما تعي َّ ي عمل ،بالتذكر أنّه خيار ،فالذهاب مع هذا الشخص خيار، سك قبل القيام بأ ّ دربْ نَ ْف َ ِّ والردُّ على الهاتف خيار ،وفت ُح صفحات التواصل االجتماعي خيار ،وطريقةُ َّ والصدق بالتعبير ،أو الزيف خيار .بهذا ُ التعامل الداخلية مع األحداث أيضا خيار، ض به. ي لنتيجة الخيار قبل الخ َْو ِستتعالى قدرتك على التقييم الطاق ّ الال خيار إلى الحر ،ستنتقل ُكليًّا من ّ ّ وبالتع ُّمق أكثر بالتدريب على الخيار ،ووعيه الخيار ،وبهذا انتقال أيضا من ذهنيَّة الفقر إلى ذهنيَّة الوفرة ،فالفقر والوفرة وصفان وبالرغم من روعة هذه النقلة في الوعيّ ،إال أنّها ال َّ لتوفّر الخيارات من عدمه. لقوة الخيار ،فالمستوى الثالث يُح ِلّق فيه الخيار إلى تصل إلى أعلى حاالت التسخير ّ القوة المقدسة تُعرف بالتسليم. القوة المطلقة ،وهذه ّ مرحلة جديدة ،إلى مرحلة ّ الال محدودة ،ولكن من بقوة االختيار ،وخيارات الحياة َّ نعم ،هنا دَبَّ الوعي الكامل ّ باب الحكمة ،فالشخص استنار ،واختار تسليم نفسه لروح الحياة الواحدة وخياراتها، صلبه الال خيار ،ولكن من منظور جديد ،في ُ الال خيار إلى ّوكأن العجلة تعود من ّ َّ التمكين ،وليس االستضعاف ،فالتسليم التدريجي يأتي من موضع خيار تالالر ال وتطورت قدراته الذهنيَّة َّ إجبار .فقد أ َ ْد َر َك الشخص هنا أنّه مهما ازدادت حنكته، على اتّخاذ خيارات راقية ،فإن الخيار األفضل يبقى خيار الروح. تحولت نشوة هنا نَرى هدف الشخص الدائم أن يسلّم نفسه لخيارات الروح ،فهنا ّ الخيار ،إلى حالة خارقة من التسليم ،والتناغم مع الحياة ،فالطاقة ليست مبعثرة بين خيارات الئحة الطعام ،بل فيها السماح لروح الحياة لتقديم الوجبة األفضل ،حتى لو لم ت َبدُ كذلك ظاهريًّا. عنوان هذه المرحلة هو الدقّة في التصويب ،فترى الشخص غير آب ٍه بخيارات الحياة المتنوعة ،فاإلشباع ت َ َملّكه ،والحكمة أرشدته لما هو أهم ،وهو التوازي مع خيارات الذات األصيلة ،لترى الشخص هنا كالناي الذي تُغنّي من خالله شفاه الحياة الواحدةِ األَغنية التي تريد .هذا الشخص هو األداة التي يتم عبرها القرار ،وليس المقرر؛ لذلك قد تبدو حياته للناظرين غريبة ،أو حتى تخلو من النضوج ،ولكن والقوة، ّ ألسباب تجهلها العامة ،فهذا النوع من الحياة فيه الكثير من البساطة، والوفرة ،والفاعلية ،التي ت َْخفَى عن ذلك الذي يَلهث في البحث الخارجي .فَ ُهنا تُصبح الصدف الكونيّة الرفيق الدائم للذي ارتضى بتسليم أمره ،وهذا ما يس ّميه العا ّمة سر حياة الشخص بالبركة ،وهو المشاهد المستمتع بها. وكأن الحياة تُي ِ ّ ّ بالحظ، وأَذ ُكر هنا أحد أفالم « جيم كاري ،« Jim Carreyالتي توضح المستويات الثالثة أن حياته مجموعة من العُقَد التي «وجب» عليه للخيار بدقة ،ففي البداية ،كان يبدو ّ القوة الكاملة، ض .وفي مرحلة معيّنة التقى بالخالق الذي سلّمه ّ ض ْ أن يتقبّلها على َم َ وهنا بدأ «بروس ،»Bruceوهو اسم الشخصيّة التي كان يُؤدّيها «جيم كاري»، باالستمتاع بالحياة ،فاآلن هو السلطان ،ولديه الخيارات كافّة والقُدرة على تحقيق ي شيء يرغبه .يستمر «بروس» باالستمتاع ،حتى يبدأ وعيه باستباحة الخيارات، أ ِّ لتنهال عليه النتائج العكسية بِ ِشدَّة ،وذلك لعدم فهمه لثوابت الحياة وقوانينها ،وهنا ط على ركبتيه صارخا يبدأ األلم والمعاناة ،حتى يستنفد «بروس» نفسه ،و َيسقَ ْ للخالق« :لتكن مشيئتك هي مشيئتي». ت من حالة الفقر الذهنيَ ،ب ْل من المعرفة الكاملة فكما ترى ،خيار التسليم لم يأ ِ بوفرة الخيارات. التدرج بتلك المستويات الثالثة واجب؟ أفال ُّ والسؤال الذي قد تسأله اآلن هو« :هل مررت بالمستويين األول والثاني؟» َ تستطيع الوصول إلى المستوى الثالثّ ،إال إذا قد يُخيّل للمنطق أن اإلجابة نعم ،ولكن السيكولوجية اإلنسانيّة أعقد قليال من ذلك، فَت َراها تعمل على المستويات الثالثة سويًّا. َحس أن ال خيار لك فيه ،وآخَر لك فيه كل فهل يمكنك التفكير بموضوع معيّن ت ّ الخيارات ،وآخَر تُس ِلّم نفسك فيه لتدفّق الحياة ،وأنت واعٍ بخيارات الحياة َّ الال محدودة؟ أكاد أجزم ّ أن اإلجابة نعم. الوعي العام يسحبك في مختلف نواحي الحياة إلى المرحلة الثالثة ،ال َ ع س ُّر أن تد َال ِ ّ بالدفع الطائش ،بل بالتسليم التدريجي الحكيم .فعمليّة التسليم هي عمليّة مستمرة، أن لديك السيطرة على الحياة ،والرجوع إلى التدفُّق من التخلص من الظن الواهم ّ األصيل ،الرجوع إلى ذاتك األصيلة .فأنت لست السائق لحافلة الحياة ،وإنّما الراكب المستمتع. عادة ما يتّقد المستوى الثالث من التسليم تلقائيًّا ،عندما ينمو ال ُحب في قلبك ِل َما هو أصيل فيك ،وما هو أصيل في الحياة «وهما واحد» ،أي عندما ينمو ُحبُّك للحقيقة ي بشري ،وهذا كما هي ،من دون شروط أو توقعات ،هذا أعظم ُحب سيعرفه أ ُّ سرنا الصغير. ّ ب في الخليقة ،هو ُحبُّ الحقيقة كما هي. أعظم ُح ّ ٍ عرفك ولتسريع عمليّة االنتقال الشمولي إلى المرحلة الثالثة ،مرحلة التسليم ،دعني أ ُ ّ على ما نس ّميه بالنيَّة السِحريّة. عرفك على النيَّة أن الكتاب أراد أن يختصر نفسه في صفحة واحدة ،لكان ّ لو ّ السِحريّة للتناغم مع خيارالحكمة ،ففي هذا الخيار يقظة لذاتك ،وذات اإلنسانيّة كافّة. النيَّة هي كلمةٌ أخرى لالستغالل الماهر لطاقة الخيار ،وما بالك إن كانت هذه النيَّة، هي أسمى ،وأذكى النوايا التي قد يتَّخذها اإلنسان؟ ولذلك أسميناها بالنيَّة السِحريّة. فما هي النيَّة السِحريّة؟ هي ببساطة تسليم ك ّل خياراتك إلى خيار واحد ،وهو التعبير عن الذات الحقيقية، المحركة لك. ِّ وهذه رسالة كن أنت ،هو خيار ُحبّ الذات ،لتصبح هذه النيَّة فكيف لك أن تُط ِبّق هذه النيَّة السِحريّة على أرض العمليّة؟ اإلجابة ،بالتدريب المستمر لتوجيه الطاقة لنيَّة التعبير عن ُحب الذات ،عندها ،لن تغدو خياراتك مبعثرة ،أو عشوائيّة ،أو حتى كثيرة ،بل هي واحدة ٌ أساسية تنبثق س ِ ّخرت ذخيرة العزيمة في منها كل الخيارات الفرعيّة .فَ ُهنا قد احتدّ التركيز ،و ُ االتجاه األسمى. أن هذه قد تكون أسرع طريقة للجريان في نهر الحياة ،واالنقياد هل يمكنك أن تتخيَّ َل ّ تواقا من أجلها؟ أال تُوقِن اآلن تيت إلى األرض ّ صة ،التي أ َ َالكامل نحو رسالتك الخا ّ أن هذه هي الوسيلة األكثر يسرا لعيش حياة كاملة؟ ّ تكرر هذه النيَّة كنوعٍ من التدريب الذهني البارد ،بل أن ت ُ ْخ ِلص وهذا ال يعني أن ّ النيَّة الصادقة بهذا االتّجاه .وهذه ليست بالمه ّمة السهلة ،فَنِيَّة التعبير عن ُحب الذات، عريك ،وتكشف لك كل األماكن التي امتنعت فيها عن التعبير ست ُ ّعن ذاتك األصليةَ ، الكامل عن ذاتك ،بسبب الخوف؛ لذلك هي رحلة مستمرة للتعبير الصادق ،وتطهير الخوف الموجود فيك. وواحدة من أكثر الطرق العمليّة ،وبساطة لتطبيق النيَّة السِحريّة ،هي السؤال الدائم لنفسك: لو كان الشخص ي ُِحبّ ذاته ،فماذا سيفعل اآلن؟ المحركة لكل سلوكياتك. ِّ ثم َح ّ ِول هذا السؤال إلى العنوان األسمى لحياتك ،والنيَّة ئ البنزين بالسيارة ،وقام أحد العاملين هناك بتنظيف زجاج فمثال ُّكنتُ البارحة أعبِّ ُ السيارة من دون سؤالي ،فتفعّل نظام الخوف بداخلي غاضبا ،كيف يقوم هذا الشخص بذلك الفعل من دون إذني. رويّا رويّا تذ ّكرت الذي أُع ِلّمه ،وت َنفَّستُ ،وسألتُ قلبي: ماذا سيفعل الشخص الم ُحبّ لذاته االن؟ أن تظهر ،وليس ما أريد أن أسمع ،لتأتي وأعطيتُ المساحة لإلجابة الصادقة ْ اإلجابة :باإلكرام ،فسألتُ كيف؟ فأتت بالكلمة اللطيفة ،والمال ،ففعلتُ ذلك. أن خيار ُحب الذات سيكون على هذه الشاكلة دائما ،فقد يختلف ،حتى هذا ال يعني ّ ألن تقول للشخص من مكان الم ُحب في نَ ْف ِس الموقف ،قد ترى ُحب الذات يرشدكْ ، نظف الزجاج ألنّي لم أطلب ذلك ،فترسم حدودا طاقيّة جديدة في الصارم :رجاء ال ت ُ ِ ّ عقلك الباطن .أترى كيف السؤال فيه خصلة الديناميكيَّة حاضرة؟ تجار اإلجابة كل مرة ،فالفرصة دائمة الوجود للتعديل ،واالنصياع ِ وال تَخ ْ َف إن لم لسيادة ال ُحب. على بساطة هذا السؤالّ ،إال أنَّه ومن دون أيّة مبالغة ،قد يكون أعظم وأسمى التدريبات اإلنسانيّة ،وإن أُخلص له ،فهو طريقك المباشر للتنوير ،ف ُحب الذات، مرة من األيام ،سألتُ أحد المعلمين ي بتعابيره اللحظيّة ،هو التنوير ذاته .في ّ ض ّوال ُم ِ سر التنوير ،فقالت بك ِّل ثقة: الذين أضافوا لي الكثير ،واسمها «هيرا ،»Heraعن ِ ّ س التنوير يا إيهاب ،ور ِ ّكز على ُحب الذات ،واحترام الذات ،وتقديس الذات»، «ا ْن َ هذا مع العلم أن «هيرا» راهبة أمضت غالبية حياتها في التأمل ،للوصول إلى التنوير! لذلك على بساطة سؤال :ماذا سيفعل الشخص الذي ي ُحب ذاته اآلن؟ واالنقياد بطريق اإلجابة ،فهو طريق التنوير ،طريق الصراط المستقيم ،وما أزهد الثمن الذي تدفعه ،مقابل نتاج هذا الطريق ،فهو طريق الحقيقة .الحقيقة و ُحب الذات هما وجهان لعُمل ٍة واحدة ،الحقيقة هي ال ُحب ،وال ُحب هو الحقيقة. فال ُحب الذي نعنيه هنا ليس نوعا من الرومانسيّة الخجلة ،وإن كان هذا شكال من أشكال ال ُحب ،ولكن ال ُحب األصيل هو العطاء الصادق في سبيل الحياة ،والتسخير سلَ َك الكامل للنفس في سبيل ال ُحب ،وما أعظم هذا العطاء ،وما أهيب وقعته! فمن َ س َّخر قدراته الكاملة لخدمتها ،لخدمة ال ُحب ،فستكافئه الحياة َم ْسلَ َك النيَّة السِحريّة ،و َ الال محدودة ،لتأخذه إلى عروش السماء العليا .وأعلى بحالوة عيشها وإلهاماتها َّ عروش السماء مخصصة لخادم ال ُحب ،ورسالته الكونية ،ذلك الخليفة على األرض. ض ُّخ فيك فجأةست َ ُ وليس المقصد من هذه الصورة أن نيَّة التعبير عن ُحب الذات َ مشاعر ورديّة فجأة ،بل ستُحرق ِكبَ َرك ،وتُهيمن عليك بسطوته. وما أحلى هيمنة ال ُحب… فإن هذه النيَّة ستأخذك إلى طريق سريع من الصحوة ،تنكشف فيه ك ّل كما قلناّ ، غلقت فيه صدرك أمام تعبير َ ي مكان أ َ مخاوفك ومحاوالتك إلثبات نفسك ظاهريًّا ،وأ َ ُّ الحياة المتأ ّجج .ستأخذك نيَّة التعبيرعن ُحب الذات إلى طبيعتك األصلية ،لترقص معها ،وبها بصورة لم يعهدها غير النبالء ،أولئك الجند المجهولون ،الذين في نِيّتهم المستورة كسبوا ِغبطة الحياة بصدقها ،غير آبهين بكل المكاسب بعد ذلك ،فكل المكاسب تصبح هنا ثانوية ،فال جاه ،وال سلطان يعلو على الصدق مع الذات ،وال ارتوا َء أكبر من تعبير ال ُحب. وسترى بهذا االلتزام حتى نوعيّة أسئلتك -أو تكنولوجيا السؤال -سترتقي لتأخذك تتموج بين: في هذا المنحى ،فترى أسئلتك ّ كيف أُع ِبّر عن ُحب الذات أكثر ،فأكثر؟ كيف أستطيع أن أُع ِبّر عن ُحب الحياة اآلن؟ كيف أعيش بالتناغم مع تعبير الروح لحظة بلحظة؟ ما هو خيار الذات العليا اآلن؟ ما هو خيار الذات األصلية اآلن؟ كيف أستطيع أن أُعطي من كل قلبي اآلن؟ كيف أستطيع أن أُع ِبّر عن ال ُحب الصادق اآلن؟ ضج نوعيّة األسئلة إلى ما يس ّميه الصوفيون بالعشق اإللهي ،فترى السؤال أو قد ت َن ُ الذي يتردَّد في ذهنك هو :كيف أُع ِبّر عن العشق اإللهي اآلن؟ سيَفت ُح لك ما يناسب مفردات ،وتراكيب هذا النوع من األسئلة ليس لها حدود ،و َ صبُّ بخيار الذات الحقيقية، صبُّ في اتّجاه واحد ،كلها ت َ ُ فكرك وذوقك ،وكلّها ت َ ُ ستستحق أن يُطلَق عليك لقب ُّ بخيار ُحب الذات ،والتعبير الصادق عنه ،وعندها «العنصر الفعّال». وماذا نعني بالعنصر الفعّال؟ صة للفاعلية ،فاإلدارة الكونيّة أيضا كما لعلم اإلدارة الحديثة ثوابته ومعاييره الخا ّ دق ،فالكون يعشق التدفّق في ذلك العنصر الذي ينبثق منه لها ثوابت ومعايير أ َ ّ العطاء الرشيد ،ويَ ْبعُد عن اإلهدار المشين .فترى الحياة تُلهم ذلك الذي يشارك إلهامه بكثرة ،فهو عنصر فعّال ،وتراها تعطي أكثر ،وأكثر من خيراتها ،ل َم ْن عنصر فعّال ،وتراها تضع ٌ يستعمل المال للخدمة القصوى ،والتأثير الكبير ،فهو بقوتهم الداخليّة ،فهذا قوتها ،وتمكينها في قلب ذلك الذي ارتضى أن يُذَ ِ ّكر الناس َّ ّ عنصر فعّال. ٌ أيضا س َّخر أن الحياة فاعلة بذلك الذي انتشى بخيار ال ُحب وتعبيره النقي ،لي َ وماذا تعتقد ّ حب الذات كمه َّمته الرسميّة؟ ِمن منظور الحياة ،ذلك هو رمز الفاعليّة األسمى ،فهذا اإلنسان فَ ِه َم قوانين اللعبة، ونضجت فيه الحكمة لتسخير الطاقة ألعلى استعماالتها ،فهو ناشدَ رغباته الدنويَّة، لتتماشى مع رغبة الحياة األصيلة بالتناغم الكامل مع تعبير الروح .فكيف لن تكرم الحياة ذلك الذي ارتضى أن يمشي في هذا الطريق الجريء ،فهو العنصر الفعّال، بل أكثر العناصر فاعليّة على اإلطالق. على هذا المستوى من الوعي يتالشى إهدار الطاقة ،والتكرار للطرق التقليديّة ،بل يتحول فيه هذا العنصر إلى آلة مجنَّحة ّ على العكس تماما ،فهنالك خ َْل ٌق فريد متج ِدّد، خر ُج من رحمها اإلبداع .وبالمقابل الحياة تنهمر عليه ِب ِن َعم ق القيمة ،ومساحة َي ُ ِلخ َْل ِ فريدة قَلَّما تراها العا َّمة ،ال من باب التمييز ،بل من باب اإلدارة الحكيمة البحتة. وقد يتبادر إلى ذهنك اآلن« :أليس في هذا شي ٌء من العجرفة والغرور؟ فأين كرم المحرك فقط؟». ّ المسعى ،و ُحب المساعدة إذا كان ُحب الذات هو سرت ُحب الذات ولألسف فهذا برنام ٌج آخر من البرامج الفكريّة الهزيلة ،التي ف َّ على أنَّه نوع من األنانيَّة. َحمل في ثناياها نصف الحقيقة، ورغم زيف هذه البرمجة ّإال أنّها -وبجهلها -قد ت ِ فنَ َعمُ ،حب الذات فيه من األنانيَّة الكثير ،ولكنّه ما نس ّميه هنا باألنانيَّة الفضلى. طة التي تلتقي فيها المصلحة الشخصيّة ،مع مصلحة واألنانيَّة الفضلى هي النقَ ْ طة الخير الجامع .هنا نرى األكوان كافّة ،فهي النضوج الكامل ،لاللتحام مع نقَ ْ الال منتهى. (ربحِ -ربحِ -ربح) يتجلّى بأروع صوره ليصل إلى َّ مفهوم ِ إن لم يشمل معه خيرك الشخصي؟ فمعاناتك ال فكيف للخير أن يكون جامعاْ ، تضيف للحياة سعادة ،وفقر حالتك الذهنيَّة ال يزيدها تناغما وثراء. أذكر بوضوح المرة األولى التي بدأ بها مفهوم األنانيَّة الفضلى في فتح بوابتها في صة لتدريس نوع خاص من الرقص اسمه « بيودنزا نفسي ،ف ُكنتُ وقتها في ح ّ ،« Biodanzaوهو مزيج بين الرقص ،واالتصال ،والشفاء العاطفي .في نهاية صة ،ذهبتُ باتِّجاه الشباك؛ كي أشرب من زجاجة الماء ،وكان يوجد هناك لوحة الح ّ صغيرة عليها جملة قالها « داالي الما ،« Dalai Lamaإن كنتُ ال أذكرها أن العطاء إن كنت ذكيًّا في أنانيتك ،سترى َّ بالتفصيل ،ولكنّها حملت المحتوى التاليْ : كأن في هذه الجملة ألن َّأول من يستمتع بهذا العطاء هو أنتَّ . هو ق ّمة األنانيَّة؛ َّ ِسحرا رتَّب أفكاري المغلوطة ،وبعثر المفهوم التقليدي لألنانيَّة ،ليتّخذ منحى جديدا، باتّجاه المكان الذي تتالقى فيه ق ّمة األنانيَّة بق ّمة الكرم. وعندها أيقنت أن ال أنانيَّة أكبر من ُحب الذات وتعبيره ،وال عطاء أكثر إخالصا من ُحب الذات وتعبيره. وكأن الحياة ترشدك إلى قلب الخير ،لتريك أن ال تناقض بين رفعة النفس ،ورفعة البشريّة كافّة ،وال تناقض بين ُحب الذات ،و ُحب البشرية كافّة ،ف ُحب الذات يشمل وخالص لذاتك، ٌ ُحب «الواحد» ،ويشمل «الذكرى» أن في روحك أصال حبٌّ كام ٌل، عرفت ،أم ال. سواء َ يتحول حب الذات من فعل تعمله ،إلى انفتاح على تدفّق حالتك األصلية َّ فهنا وتعابيرها :حب الذات ،وهنا تصبح القدرة على رؤية األماكن التي قمعت فيه حب يغطيها أوضح ،وأوضح .الحب هو أنت الذات وتدفقه ،لخوف في نفسك ،وألم ِ ّ سم ،فال ُحب يجذب والكون وخالقه ،فال ُحب بالنهاية واحد؛ ألن ال ُحب َيج َمع وال يُق َّ سرنا الصغير. اإلدراك إلى فضاء الروح الواحد ،وراء تقسيم األحكام الوهمية ،وهذا ّ سم. ُحب الذات هو نفسه ُحب البشر ،والحياة الواحدة؛ ألن ال ُحب واحد ،وغير مق َّ قت أكثر في خيار ُحب الذات ،وحكمته الجامعة بين النقائض ،ستدرك وإن تع َّم َ أن هذه النيَّة هي الح ُّل الشافي للتردّد في القرارت ،طبعا ،فالتردُّد يكون بين أيضا َّ ط ،ليس من باب القلّة ،وإنّما خيارين ،أو أكثر ،وأنت هنا ليس لديك َّإال خيار واحد فقَ ْ من باب الحكمة. بأم عينك أن السؤال الذي ينبغى التم ُّحص فيه ،هو ليس ماهية القرار وعندها سترى ِ ّ الذي ستتخذه ،بل هل القرار الذي ستتخذه هو من كل قلبك ،أم من نصفه؟ فاألول هو التعبير عن ُحب الذات ،والثاني عكسه .فنوعيّة القرار ،ليست مهمة بقدر أن القرار ليس بالصائب، االندفاع في القرار بك ِّل وجدانك ،وإن َ ظ َه َر لك فيما بعد َّ فسستعلم بسرعة ،وتعدّل ،وتندفع مرة أخرى إلى القرار األصدق بكامل وجدانك. ع ذلك يكون من ك ِّل قلبك ،وليس نصفه ،وعندها قررت عدم القرار ،فد ْ وحتى إن ّ ستستطيع تقدير نتائج القرارت بفاعلية أكثر ،وستتمكن من تقدير المناسب منها بسرعة .فأنت على هذا المستوى من االندفاعيّة ،تُلقي بروحك ك ِلّها في القرار، قوة القرار الصادق. وترمي بذاتك كاملة في معترك الحياة ،وهنا تتجلَّى ّ فاالنفجار الكامل باتّجاه القرار ،هو نفس الحالة الذهنيَّة في التعبير الكامل عن الذات ،وأ ّما الحالة األخرى ،فهي المتردّدة ،فتراها تتقافز بين األلعاب التحليلية، وتدور في أحكام وتوقعات ال تنتهي؛ لذلك هي ت َْخلُو من النضج ،الذي ال يولد ّإال مع شجاعة الحب واندفاعه. تدرب نفسك على أخذ قرارت سريعة ،وحدسيّة أكثر ،فعندما وسأنصحك هنا بأن ّ يسأل أصدقاء أين تريدون الذهاب لألكل؟ اقترح المكان سريعا ،ليس استبدادا ،وإنّما للتدرب على القيادة المستنيرة ،وهكذا ستتعدَّى نظام الخوف الذي يعيش في قلق ّ مستمر بين القرار الصحيح والخاطئ .والسبب في ذلك أنه يُع ِلّق قيمته على صحة قررنا أن نلعبها سويًّا أكبر من نظام الخوف، ّ ولكن اللعبة التي ّ القرار من عدمه، ونقصه الواهم. فاللعبة التي نلعبها اآلن هي لعبة المتعة واالندفاع ،هي لعبة كن أنت ،وفي هذه اللعبة القيمة مضمونة ،والخطأ غير موجود. في لعبة القرارات القلبيّة تتسارع العجلة قُدما ،وتظهر روح ال ُحب للعمل بوضوح، والتي قد يُط ِلق عليها البعض مس َّمى :اإلخالص في العمل .ولكننا هنا سنتعدّى حتى مفهوم «العمل» إلى اإلخالص ذاته ،فال ُمخ ِلص هو الذي آثر تسخير قراراته التحليليّة لهدفها األصيل ،ليُعطي من قلبه في اللحظة ،و َيخدم روح ال ُحب؛ لذلك كان ص له ير ِدّد أبي لنا دائما« :إن سر النجاح ،هو أن تعتبر ما تفعله اآلن قدَرك ،وت ُ ْخ ِل َ في لحظته ،وهكذا سيبادلك ال ُحب والقيمة». نتكلم هنا عن اإلخالص هنا بصيغة «الخيار من البُعد الثالث» ،الخيار الدائم لرفعة النفس. فلماذا ال تأخذ الخيار األسمى بالتعبير عن حقيقتك االن ،وبالتدريج؟ هو خيار ،كحال أي خيار… بالال خيار لإليضاح. نعم أنت دائم التواجد في دائرة الخيار ،حتى إن بدأنا الحديث َّ أنت دائم الوجود في دائرة الخيار ،وحتى إن اخترت «خيارعدم الخيار» ،وهو خيار الضحية .هو الخيار الذي سيبقيك في غضب مستمر ،وهذا التعريف الدقيق ق على تدرج للشخص المغضوب عليه ،ولكن للحفاظ على منطق ما بدأنا دعنا نُ ْب ِ مستويات الخيار. ي بخيار الحب ،ستكتشف أن ما يعرقل السريان في حقيقتك هي األحكام ض ّوعند ال ُم ِ الملتصقة ضمنيًّا بنظام الخوف .فشيطان األحكام تبعدك عن خيار الحقيقية ،تبعدك كل البعد عن ذاتك األصيلة؛ لذا من المهم أن تتع َّمق في ميكانيكية عمل األحكام؛ َّ تتخطاها. كي تعرف كيف للتذكير: بالالخيار .ولكن األول منبالالخيار ،وتنتهي َّ* هناك ٣مستويات للخيار ،تبدأ َّ ضعف ،واألخير من التمكين. * أرقى استخدام ل َملكة الخيار هو التركيز على خيار الحب ،وتعبيره اللحظي. * في حب الذات تلتقي المصلحة الشخصية والكونية من دون تضاد. ي قرار بدل التردد في صحة * الذي يعيش من نظام الحب يضع ك ّل طاقته في أ ّ القرار من عدمه. أسئلة للتفكر: هل يعقل أن روحي تحبني كما اآلن ،ومن دون شروط؟ ب الذات ٪٣٠أكثر ماذا سيختلف في واقعي ،إن بدأت أخذ خيارات متناغمة مع ح ّ ِ من ما أفعل اآلن؟ ماذا الذي يوقف حب الذات الذي في داخلي اآلن أن يتدفق لنفسي بكل يُسْر ،وانفتاح؟ هل أستطيع أن أتخلَّى عن هذا السبب الذي يوقفني؟ التحررُمنُقيودُاألحكام ّ المكرر، ّ ق المعروف األحكام هي إحدى الوسائل الم ُحبَّبة لنظام الخوف ،تُبقيك في أف ِ الذي يُعتبر من منظور الخوف أمنا ،ولكن لو نظرنا أعمق من «أجندة األمان أن األحكام هي أكبر ُمكبِّل للتعبير ال ُحر. الزائف» ،لرأينا ّ لذلك بنضوج قُدرتك على ت َعدّي جرثومة األحكام ،ستصبح أُفقا للتعبير الخالص، تنساب منك روح الحياة كانسياب األنهار. لتحقيق ذلك فلنبدأ إذا بفهم األحكام على مستوى الوعي ،وليس األخالق ،فال ِكتاب بوابة ِلرفعة الوعي ،لتأخذك بعيدا ليس نداء أخالقيًّا للتوقّف عن األحكام ،وإنّما هو ّ عن غرفة األحكام المظلمة .وبتغيُّر الوعي ،يتغيّر السلوك ضمنيًّا ،دون الحاجة إلى منظومة أخالقيّة متح ّجرة. صتي مع نسيم: ومن القصص التي أ ُ ِحب مشاركتها للتأكيد على هذا المفهوم ،هي ق ّ طر ،وكان جز ٌء من قبل بضع سنين كنت في زيارة لبيت أختي وزوجها نسيم في قَ َ غرض هذه الزيارة ،مشاركة أحدث االستراتيجيات في الريادة والقيادة مع شركة نسيم .كنت في ك ّل صباح أذهب مع نسيم لشركته ،وفي الطريق للخارج ،كنت أطلب مرة أقوم بذلك، الزرين األعلى واألسفل ،وك ّل ّ المصعد ،ولكن كعادتي أضغط على ّ يقول نسيم« :توقف عن هذا الفعل »،فيأتي اليوم التالي ،وأعيد الكرة ،فيعيد نسيم الزرين ،قال ف عن فعل ذلك» .وفي أحد األيام وبعد الضغط على ّ التعليق ذاتهُ « :ك ّ آخر عن المصعد»، ؤخر شخصا َ نسيم« :إيهاب ،عندما تضغط على الزرين ،فأنت ت ُ ِ ّ واستمر في تفسير األمر وإحداثياته .في تلك اللحظة أصابني الوعي الكامل بنتيجة َّ سلوكي ،ومن بعدها وحتى اليوم ال أضغط َّإال على زر واحد للمصعد ،لألعلى أو األسفل. صة ،وعلى بساطتها تُظهر لك أن السلوك يتغيّر تلقائيًّا ،بتغيّر الوعي ،أو هذه الق ّ ثر األَحكامس ْعيُنا ِلإلنارتك بِأ َ ِ مستوى التفكير لديك ،وإن طبّقنا هذه القاعدة هنا ،فَ َ ُضاءل هذه العادة تلقائيًّا من حياتك. سي ِ المدمرَ ،ِّ هذا ما اختبرته في حياتي شخصيًّا… فت سابقا ،فلقد ُو ِلدتُ وترعرعتُ باألردن ،ومستوى األحكام هناك غير ع َر َ كما َ ف من أية عر َ أن يَ ِمسبوق ،فعندما ت َذ ُكر اسمك وعائلتك ،يستطيع الشخص عادة ْ وكأن قَو َل اسمك لوحده كافٍ َّ ِمنطقة أنت ،وما هي خلفيَّتك العقائديّة والفكريّة، ليحرك وعي األحكام في العقل الباطن .هكذا شهدت مباشرة أثر األحكام المد ّمر ِّ على الفرد والمجتمع والبالد ،فعندما تستشري األحكام في المجتمع ،تنتشر أنواع ي للطاقة ،ليس هذا فحسب ،فبارتفاع العنف كافّة ،كنوع من تفريغ االختناق الجمع ّ وتيرة األحكام يستشري الفقر أيضا ،فما الفقر ّإال فقر المنظور ،ووهم الموارد المحدودة ،وهذا ما تمثّله األحكام ،وهذا ّ سرنا الصغير. كلّما ازدادت األحكام ،ازداد الفقر. ولكن لوال خبرة األحكام المجتمعيّة التي مررتُ بها ،لما تفعّلت رسالتي القلبيّة، ب خا ٍل من األحكام من داخل الشخص، رسالة كن أنت ،ومن ضمنيتها خ ُ َلق كوك ٍ فعندما تلمس البُعد الخالي من األحكام من داخل ذهنك ،يتط ّهر كوكبك فورا منها؛ ألن تجربة «الكوكب» داخليّة .عندها سينساب منك ينبوع التعبير الصادق. ّ ي اختناق، ي مستمر من دون أ ِّ فعلى مستوى الطاقة ،التعبير ال ُح ّر هو تدفّق طاق ّ وأ ّما ال ُحكم ،ف َيخلق شكال من االختناق في الطاقة ،وأينما حدث االختناق ،تبدأ الطاقة بالتجلّط ،وبهذا تجلّط لتعبيرك الحر .فالتعبير الحر هو حالة من التدفق الطبيعي المتجدّد. سك أن ت َسلك طريق التعبير ال ُّحر أو األحكام ،وإن اخترت األخير ،سترى نَ ْف َ فإ ّما ْ ت َتجلط يوما بعد يوم ب ُحكم جديد ،حتى تتصلب كورق الشجر اليابس ،وهذا ما حدث معي .فمن الصغر بدأتُ أتصلّب من ضيق األحكام ،وبأشكالها وألوانها المختلفة، كاألحكام على الطوائف الدينيَّة األخرى ،فكلّهم ضالّون ،ونحن على صواب ،وقد صدَّقتُ ذلك ،وكذلك األحكام على الغرب ،فهم األجانب الغرباء ،ونحن الشرق األصيل ،وقد صدَّقتُ ذلك ،واألحكام على العائالت االخرى ،فكلّهم على خطأ، ونحن على صواب ،وقد صدَّقتُ ذلك ،واألحكام النمطيّة عن الكيفيّة التي يجب أن يتصرف بها الرجل في البالد العربية ،باالنفصال عن حساسيّته العاطفيّة ،وقد ّ صدَّقتُ ذلك .وصدَّقتُ أيضا األحكام عن أسلوب الحياة والعمل والمال ودور المرأة والطاقة الجنسيّة ،صدّقتُ ك ّل هذه األوهام الفكريّة ،حتى فقدتُ لين ذاتي تحت ثقل األحكام ،وأنا متأكد أنّك مررت بهذه التجربة بطريقتك الخا ّ صة. وماذا تتوقع أن يحدث عندما تتراكم األحكام بوزنها الثقيل في ذهن اإلنسان؟ اإلرباك… نعم ،اإلرباك ،فتارة تحاول أن تتماشى مع هذ ال ُحكم ،وتارة أخرى تخاف أن يُحْ كم طتها يوميًّا عليك ،وست َجدُ نَ ْفسك بهذا سجينَ األحكام التي صدَّقتها ،وغذَّيتها ،وأسقَ ْ على الغير .وال تظن أني أتحدث معك بصفة الواعظ هنا ،فأنا حتى اللحظة لست بريئا من ُجنحة األحكام ،فما زلتُ أحكم حتى اآلن. ففي هذه اللحظة بالتحديد ،أنا أحكم على األشخاص الذين بجانبي في الفندق ،ألنّهم أجانب وأنا عربي ،ونحن مختلفون ،وأحكم على أسلوب كتابتي الشعرية ،خوفا من المتكررة، ِّ ّأال يتوافق مع مدارس الكتابة التقليديّة .ولكن بالرغم من هذه األحكام طن وراءها دائما ،وهو الوعي الذي نضج على مدار السنين، فالوعي الراسخ يقَ ْ ويدفعني ألبقى في موقف المراقب لألحكام دون االنجراف معها .ففي فضاء شف المنظور النقي الطاهر للحياة ،المنظور الذي ال يتنازل إلى مستوى المراقب يتك ّ األحكام وتقسيمها االزدواجية. لتخطي األحكام إذا هو ليس بقتلها ،وإنّما بمراقبتها من مكان خال من األحكام ِّ فالسر ي ُحكم على الحياة ،فهذا المكان هو روح الحكمة في صدرك ،مكان لم ولن َيتبع أ َّ حرة؛ ألنّها فَ َرغَت بحريتها الخالدة من العبوديّة ،هي َّ فيك ،وروح الحكمة تستمتع ّ من األحكام ،فال تقع في وهم التقسيم ،وال تحاول أن تُبرهن ،أو تغ ِيّر من ذاتها ،بل هي كما هي ،واحدة ٌ وواثقةٌ بنفسها ،ومع ِبّرة عن ذاتها. ظة على األحكام؟ فكيف ت َبل ُغ هذه المرحلة من الحكمة ،واليَقَ َ تبدأ ُ العمليّة كما قلنا باتساع الوعي بـ»األذى» الذي ت َخ ِلقه األحكام ،وإن بَدَت على السطح بالمتعة البريئة ،ولكن األحكام بعيدة ك ّل البعد عن البراءة ،فهي كالقاتل الماكر الذي يَبكي في جنازة القتيل، فعندما ت َحكم ،أو على األقل تنجرف وراء األحكام من دون وعي ،فأنت تغلق على الال محدودة للحياة ،وتعابيرها النقية. نَ ْفسِك االحتماليات َّ دعنا نوضح المقصود هنا! تخيّل للحظة أنّك تمشي في الشارع ،والجو رائع ،والغيوم تخيط أشكالها الساحرة وتحس بالغبطة .في هذه األجواء الجميلة ّ في قلب السماء ،وأنت تمشي باستمتاع، بالمارة ،فهذا أحد الشوارع الرئيسيّة المخصصة َّ تنظر حولك لترى الشارع ممتلئا للمشي ،وهنا تلتفت إلى اليمين ،لترى شخصا على الناصية يعزف موسيقى جميلة، طرب لها سمعُك ،وتتمايل لها دقات قلبك .تبدأ الموسيقى بأخذك إلى ذكريات رقيقة ُ َي طع فجأة ،عندما ترى شخصا أمام من الماضي ،ولكن هذه الحالة الرومانسيّة تنقَ ْ العازف يرقص بجنون ،فيصيبك االستياء ،وتقول لنَ ْفسِك« :ماذا يفعل هذا المجنون؟ فهذه الموسيقى راقية ،وال يُفترض الرقص عليها هكذا ،وما باله ال يدري إننا في منتصف الشارع؟ هذا المجنون ال يحترم الناس ،وال مشاعرهم بالمرة »،وتتسارع األفكار فيك حتى ت َِجدَ كتفيك قد َت َشنَّجتا ،ويديك قد تصلَّبتا ،ولوال الحياء لركضت عرف الصحيح من الخاطئ! ضربا ،علَّهُ يتَّعظ ،ويَ َإلى الراقص وأبرحتهُ َ صلَة، أحكام واهمة ،ال ت َ ُم ُّ ت للحقيقة بِ ِ ٍ ك ّل هذه الشحنة العاطفيّة َحدَثَت بسبب فاألحكام قد غيَّرت حالتك النفسيّة في لحظة ،وأخذتك معها في تيّارها الخبيث، لتجردك من إنسانيّتك ،وتُش ِعل فيك أحاسيس العنف ،والعدوانيَّة ،واالنغالق. ِّ من الممكن أن تقول اآلن « :ولكن هذا الشخص فعال مجنون ،وليس به حياء»، ولكن ليس هذا المهم، ي كيف تجرفك األحكام إلى حاالت متدنيَّة من الوعي ،تُبعدك عن بل المهم أن ت َ ِع َ حالتك األصيلة .وليس هذا وحسب ،وإنّما تُبرمجك األحكام على ُمك ِبّالت فكريّة أنت في ِغنى عنها؛ ألنّك ال تحكم على الشخص فقط ،وإنّما على التعبير الذي يمثّله سرنا الصغير. الشخص ،وهذا ّ عندما ت َحكم على أحد ،فأنت ال تحكم على الشخص فقط ،وإنّما على التعبير الذي يمثّله. ففي هذه القصة مثال ،فالحكم هو على التلقائيّة ،واالندفاع ،والرقص العفوي ،وكلّها تعابير فيك .وسترى أنّك بعد أسبوع ،عندما تتطلب منك اللحظة التلقائيّة والعفويّة، متفستنكمش على نَ ْفسِك ،وتحاول إيقاف طاقة التعبير المتدفّقة؛ ألنّك في عمقك َح َك َ الال واعي ،ومن عليها بأنّها خاطئة ،أو شريرة .هذه العمليّة ت َحدُث ِب ُر َّمتِها في العقل َّ دون معرفتك ،ولك أن تتخيل ك ّمية األحكام التي نُطلقها في اليوم الواحد ،وك ّمية الكوابل الحديديّة التي ت َلفُّها على نفسك ،بك ّل ُحكم يستشري فيها. أن وعندما ت َنظر إلى ما خلف األحكام ،سيتَّقد وعيك بشعل ٍة من الوضوح ،لترى َّ الحياة فيها إتاحة ضمنيَّة لك ّل تعابيرها ،وهذه اإلتاحة ،أو التقبّل األصيل ،هي ُمصانة من روح الحياة نَ ْفسِها .وعندما ت َستشعر الحياة من فضاء التقبّل هذا ،سترى ك ّل االختالفات في الكون على ما هي :تعابير مختلفة من روح الحياة الواحدة ،جاءت لتزيدها إشراقا وثراء. وعمليّة تعدّي األحكام تنطبق أيضا على ما نس ّميه باألحكام اإليجابية؛ ألن جميع الال محدودة، األحكام تعطيك منظورا غير متَّزن ،وترمي بك من عالم االحتماليات َّ ط؛ إلى منظور محدّد باالزدواجيّة ،وفي االزدواجيّة تُختزل الحياة إلى هذا أو ذاك فقَ ْ س ِيّئ ،خير أو شر ،وهو منظور بدائي ال أبيض أو أسود ،إيجابي أو سلبي ،جيّد أو َ يتناغم مع زمن الصحوة التي تمر بها اإلنسانيّة اآلن .فكن صبورا ،وانظر خلف الال محدودة ،وعندها ازدواجيّة األحكام ،لينكشف لك عالَم الوحدة ،واحتماليّاته َّ أبيض أو أسودَ ،وإنّما مساحة رماديّة ،وال محدودة بينهما، َ سترى أن العالم ليس وحينها لن تُجبَر على االختيار بين هذا «أو» ذاك ،بل لك أن تختار هذا «و» ذاك وما بينهما ،فك ّل شيءٍ متاح لك في هذه اللحظة. ع ْف ِويّة ،وتكون بنفس الوقت راقيًّا وروحانيًّا، بجنون و ٍَ فهنا قد تختار أن ترقص فليس عليك أن تختار بين هذا ،أو ذاك بسبب ال ُحكم ،وهنا تُولَد الحرية الحقّة. وهذا الحرية ال تعني الطيش ،بل هي النضوج األسمى للمنظور ،الذي ال َيسطع َّإال من الرفعة على األحكام ،وهذا النضج سيرتقي بك وباإلنسانيّة كك ّل ،ليعلمك ّ أن تأكبر «األشرار» الموجودين في الخارج ما ُهم َّإال تعابير ظاهريّة عن مستويا ٍ فكريّ ٍة موجودة فيك اآلن ،ورفضك لذلك هو رفضك لنَ ْفسِك .وفي نفس الوقت أكبر األخيار الذين داسوا ،أو سيدوسون األرض ،هم أيضا تعبير عن مستويات فكرية موجودة في داخلك اآلن .وعندها ستتعالى على ازدواجيّة الخير والشر ،لترى أن الال منتهية بين االثنين ،وهي هناك األفكار المتناغمة وغير المتناغمة ،والمساحة َّ متاحة لك لتختار منها ما شئت اآلن. ألن العنصر االبتكاري الذي يشك ّل األفكار، نعم ،ك ّل أفكار الكون متاحة لك اآلن؛ ّ وهو الفكر ،متاح لك اآلن ،طبعا بشرط ّأال ترفض ذلك باألحكام الهزيلة ،فال ُحكم رفض للعنصر االبتكاري الذي فيك ،وفي هذا رفض لميراثك الكوني. ٌ هو ي جه ٍد تنأى عن أحاديث النميمة سك ومن دون أ ّ وبهذا المستوى من الوعي سترى نَ ْف َ أصبحت خلوقا ،وأ ّما الناس فال ،بل ببساطة؛ َ ومحبِّيها ،وكما قلنا ،فذلك ليس ألنّك ألنّك اختبرت بنفسك أثر األحكام المد ّمر. بالتحرر من «الخوف» من أحكام الناس أيضا ،فما الخوف ّ وبهذا ستبدأ تدريجيًّا طه في الخارج. من أحكام الناسَّ ،إال الخوف ِمن ُحكم تحمله على نَ ْفسِك ،وتُسقَ ْ فمثال ،عندما تَحْ كم على شخص بالكسل ،فلن تسمح لنَ ْفسِك أن تسترخي ،وتأخذ الوقت للراحة؛ ألنّك َح َكمت على فعل االسترخاء بالكسل ،وبهذا ستخاف أن يُحْ كم عليك بالكسل ،فيصبح هذا ال ُحكم كالسجن لك ،وخصوصا عندما يكون «الكسل» ي هو المطلب الطاقي األهم لتجديد الطاقة .وليس هذا فحسب ،فعندما تَحْ كم على أ ِّ إنسان بهويّة واحدة ،كالكسول ،فهذا سجن لك أيضا؛ ألنّك تُق ِلّص اإلنسان حينها إلى ٍ ع َمى عن حقيقتك الروحيّة الجامعة. ُحكم واحد ،وهو رو ٌح ال محدودة ،وفي هذا َ وقد تقول في نَ ْفسِك اآلن :ولكن ذلك اإلنسان حقًّا كسول! أو ذلك اإلنسان حقّا كاذب، أو ذلك اإلنسان كذا وكذا. على مستوى معيّن من الوعي ،ذلك صحيح ،ولكن على مستوى أرقى هو وهم؛ ألنّه بالحقيقة السلوك شيء ،والشخص شيء آخر ،فإن َكذَب اإلنسان فهذا سلوك يُ َعبّر به عن الحاجة للتفخيم ،والتضخيم لكسب الرضا ،وعند فصلك السلوك عن لتحوله من ّ سه قفص ال ُحكم الواحد، روح اإلنسان ،ستراه كما هو ،ومن دون أن تُل ِب َ ص ِغّرهصغ َِر السلوك الواحد ،وبهذا تصغير لنَ ْفسِك! فما ت ُ َ قلب الروح الواحدة إلى ِ ص ِغّره بنَ ْفسِك ،ألنّك ّأول من َيخت َبر التصغير داخل أفكارك. بالناس ت ُ َ أن ال ُحكم على السلوك هو نوع من الشيطنة الخارجيّة له ،وهذا ف لذلكّ ، أض ْ ِ سيعميك عن األماكن التي تسلك فيها أنت نفس السلوك في مكان آخر ،بدال من كشفها للنور ،وتطهيرها. تروضك ض أحكامك قبل أن ّ ورو ْ ّ فكن حكيما في اختيار الطريق الذي تسلكه، وتُضعفك ،وتصبح كالفيل الذي يأتون به إلى السيرك وهو صغير ،ويبرمجونه على أنه غير قادر على كسر سلسلته الصغيرة ،وهو في األصل قادر على هدم السيرك ُرمج َعلى نفسه، كم ب ِ س ِلبَت قوته الحقيقية ِب ُح ٍ بقوته الحقيقية .فقد ُ إن وعى ّ كلّهْ ، قوتك الحقيقة ،ووفرة االحتماالت الفكريّة. فاألحكام تسلبك ّ تروض األحكام أكثر فأكثر ،سأقترح عليك اقتراحا ،هو المبدأ ذاته الذي ولكي ّ محرك األحكام. ّ سنستعمله خالل الكتاب لترويض نظام الخوف ،وهو في لحظة األحكام ،ابتعد بإدراكك عن القصة التي تَحْ كم فيها ،واجلس مكان المراقب وإن كان هناك إغراء للذهاب في ذلك الطريق في تلك اللحظة ،فتذ ّك ْر من داخلكْ ، أن تعدي إغراءات األحكام هي مطلب من مطالب اكتشاف الذات .وقد تقول جملة ُمعيّنة في نَ ْفسِك ،كنية واضحة لتخطي الحكم لحظة تفعيله مثل :أطلب تبديد طاقة الحكم االن ،من كل مكان ،وزمان ،وبُعد ،وواقع. وإن أردت أن تأخذ التدريب على محمل الجد ،فلك أن تلتفت إلحساسك لحظة إحساس ال ُحكم فيه شي ٌء من التشويش َ الحكم ،وإن كنت صادقا مع نَ ْفسِك ،فستجد والثقل ،حتى لو بدا في ظاهره مريحن ،وفيه شي ٌء من التفريغ. عندما تنقل إدراكك من األفكار إلى نوعيّة اإلحساس ،سيرتفع ذكاؤك الجسدي، وسيسجل جسمك هذا اإلحساس بغير المفيد ،كما في حال األحكام ،ليبدأ تدريجيًّا ِّ أفكار األحكام على حقيقتها ،بدل أن َ بمساعدتك على االرتقاء منه ،وهكذا ت َفضح تسمح لها بأن تغ ِلّف ذاتها بالشرعيّة الزائفة لل ُحكم .فاإلحساس هو بوصلتك األمينة سرنا لنوعيّة األفكار ،حتى لو بدت في ظاهرها بالصحيحة ،أو حتى النبيلة ،وهذا ّ الصغير. اإلحساس هو بوصلتك األمينة لنوعيّة األفكار وطاقتها. وإن أردت دليال أقوى على ذلك ،فإن كنت في جلسة وبدأ فيها األشخاص بإطالق األحكام والنميمة ،فسوف أطلب منك أن تراقب ما يحصل لطاقة المكان ،وإن تمعّنت جيّدا ،فسترى الطاقة تهبط إلى األسفل واألسفل واألسفل. طهره وعنفوانه ،وتكون فابدأ رحلة التطهير من األحكام اآلن ليظهر العالم لك ب ُ العنصر المغيّر في البشريّة من مستوى األحكام الخائفة ،إلى وحدة التقبّل األصيل، فتحرر العالم كلّه من األحكام ،بتخطيك ألحكامك في عالمك ،وهذه رحلة وتدريب ّ ظة ، ،فال تُحوله إلى سعي المثالية. مستمر من ال َيقَ َ ي على كل ي؛ ألنّها تخلق نوعا من االهتزاز الطاق ّ مرض كونِ ٌّ ٌ أن األحكام هي تذ َّك ْر ّ المستويات الكونيّة ،المرئي ،وغير المرئي منها« ،نعم األحكام بهذه الخطورة». َحرر من قيد األحكام على نَ ْفسِك ،والناس ،والحياة، فخذ قرارا صارما اآلن لتَت ّ ي قانون عن كيفيّة سير األمور ،أو طريقة التعليم والكون ،وهي واحدة ،وال تتبع أ ّ ارم بك ّل أن يحصل االرتباط ،أو ،أو ،أو…ِ ، عمر «ينبغي» ْ الصحيحة ،أو في أي ُ صة ،القوانين المستقلّة التي تنبثق من هذه القوانين وراء ظهرك ،واخلق قوانينك الخا ّ قلبك ،وروحك األصيلة ،وليس قوانين األحكام. أتمنى أنه بهذا التوضيح التفصيلي قد تبدأ عملية االرتقاء عن األحكام ،ولكن قد التطرف والتقييد ،فلماذا يبقى ّ يتبادر السؤال لك اآلن« :إن كانت األحكام بهذا ومستمرا استمرار الحياة؟». ًّ تخطيها تحدّيا كبيرا، ّ لتعرف اإلجابة العميقة ال السطحيّة لهذا السؤال ،عليك أن تتأ ّمل بالكلّمات التالية: األحكام على اختالف أشكالها ،وألوانها هي مخ ِفّف عن أَلَم فكرة «أنا رافض لذاتي». واحترام ّأال تقفز عن هذا الجملة ،وتأ ّمل بها مرة أخرى: ٍ ب، سأطلب منك ب ُح ّ ٍ األحكام على اختالف أشكالها ،وألوانها هي م َخ ِفّف ِألَلَم فكرة فحواها« :أنا رافض لذاتي». وهنا يكمن التح ِدّي العاطفي ،فعند تفعُّل الرفض الذاتي ،تبرز في ذهنك إبرة األحكام سريعا كالح ّل المؤقت ،والجرعة المخفّفة لأللم ،وإن كان في هذه الجرعة تخفيف أللم «رفض الذات» ،لكنه يُدفع فيها الثمن باهظا ،وهو اإلدمان؛ اإلدمان على األحكام. غ ِرزت إبرة األحكام في جسد اإلنسانيّة مرارا وتكرارا ،حتى أخذ إدمانها شكال قد ُ ب محلول األحكام في وريدك كل ض ْر ِ من العبوديّة والطغيان ،ولكن األجدى من َ ُّ الحق في مرة ،هو التيقّظ ِل َو ْه ِم رفض الذات .نعم ،هو َو ْهم؛ ّ ألن مصدر التقبّل ألن روح الحياة الواحدة خالدة ،فروح الحياة ال ت َخلق داخلك ،وهو خالد الوجود؛ ّ ي مخلوق دون التقبّل الضمني له. أ َّ نوجد وقد يخطر لك اآلن« :إن كان التقبّل ُمعطى ضمنيًّا لجميع المخلوقات ،فكيف ِ ي سلوك؟» ولنجيب على السؤال ،دعنا نتذ ّكر أن التقبّل شيء ،ونتائج الرادع أل ّ ق ،و َيعتبر ك ّل فكرة وسلوك ي فائ ٍ تنظيم طاقِ ٍّ ٍ السلوك شيء آخر ،فالكون يعمل في فيه «ك ُمدخل» ولها ُمخرجاتها الطاقيّة .فمن كان بعيدا ب ِفكره وسلوكه عن التناغم، سيحصد النتائج الطاقية لهذا ال َم ْنحى ،والذي يبدأ مباشرة بإحساس األلم كنوع من سيحس ببركة العيش ،وستعكس نتائجه ُّ التغذية الراجعة ،ومن اقترب من التناغم العملية هذا التدفق ،ويبقى التقبّل خارج حسابات النتائج ،فالخَلق ال يَحدُث من دون ألن طاقة الخلق هي طاقة ال ُحب ،وفيها طاقة التقبّل حاضرة. التقبّل التام؛ ّ مثال إن قام شخص ما بالسرقة ،وهذا يطبق طبعا على شراء األقراص ،والكتب ضاال بالنتائج السلبية لقانون التبادل ،وبعدها سيَحصد ًّ المنسوخة ،فهو سيوقع نفسه نتائج هذه السرقة بطرق أخرى قد ال يعي عليها ،مثال في حالة القرص ،أو الكتاب المنسوخ ،سيعوض ثمن التبادل الذي لم يتم دفعه بانخفاض ابتكاره وطاقته الجنسية مثال ،كتبادل عن الطاقة التي استخدمت في خلق القيمة المسروقة ،وهنا أيضا يبقى التقبل خارج الحساب (أتمنى أنك ال تقرأ هذا الكتاب من نسخة غير أصلية ،وإن ت بالنسخة األصلية؛ ألن قمة كان الحال كذلك اتركه اآلن ،واطلب الغفران ،وأ ِ التناقض في النفس أن تقرأ كتابا اسمه كن أنت ،وهو منسوخ!). من الصعب على العقل المشبع باألحكام أن يعترف بهذه الحقيقة؛ ألنه بنى أحقيّته كإنسان على األحكام من اآلخرين ،سواء األشخاص أو الدول ،وعندما يُكشف له أن التقبّل واحد بين السارق والبار؛ ألنهما في مستوى واحد من عيون الحب الكونية، مرة أخرى هذا ال يغير من فهذا يحرق أفضليّة الحكم إلى الوحدة .ولكن كما قلنا ّ النتائج الطاقيّة لألفكار ،واألفعال. بعد هذا االستيضاح ،قد تكون أدركت اآلن أن ال ُحكم هو من عصارة رفض الذات، يحررك تقبّل الذات من الحاجة لألحكام ،ولكن عصارة نظام الخوف ،ولذلك ضمنيًّا ّ ما قد ال يكون واضحا ،المعنى الحقيقي لتقبّل الذات. تحولت لشيء كثيرا ما نسمع جملة« :تقبّل ذاتك» ،فالجملة أصبحت دارجة حتى ّ تع ما هي الذات ّأوال؟! من «الكليشيه» ،ولكن كيف لك أن تتقبّل ذاتك ،إن لم ِ هل الذات هي اسمك ،جنسيّتك ،عقيدتك ،مكان والدتك ،عائلتك ،إنجازاتك، ماضيك ،مستقبلك؟ اإلجابة هي ال ال ال ،فك ّل هذه تعابير سطحيّة ،تولد في الزمان، ضة للموت ،أو االندثار ،وإذا عر َوتموت بالزمان ،واألصيل فيك ال يمكن أن يكون ُ ألن السالم الصادق ال ي ُْم ِكن ْ أن كان كذلك ،فلنقرأ السالم على مفهوم السالم؛ ّ عرضة لتهديدات التغيّر واالندثار. إن كان ُ يُستشعرْ ، يبقى إذا السؤال :إن لم تكن الذات أيًّا من هذه التعابير الفرعيّة ،فما هي؟ هذا هو السؤال التقليدي الذي بُنِ َيت عليه التعاليم الروحيّة ال َحقّة ،فمن أراد اكتشاف الذات بمختلف أبعادها وجاللها ،ال يمكنه الهروب من هذا السؤال ،بل إن هذا السؤال ظة والنوم ،وستغدو حياته كرحلة اكتشافية في سيتحول إلى تأ ّمله اليومي في اليَقَ َ حقيقة الذات ،وكيف ال؟ والشخص هذا قد نضج ليرى األهم في الحياة .فمعرفة الذات هي األهم ،وبهذه المعرفة يصبح ت َقبّل الذات ليس بالمه ّمة التي تُجبَر على فعلها ،بل النتيجة التلقائيّة لهذه المعرفة ،كالعطر الذي يفوح من زهرة اكتشاف الذات. وقراءتك لهذا الكتاب هي ريحان البداية في رحلة اكتشاف الذات ،والخوض في سؤال «من هي ذاتي؟ من أنا؟» هو الرحلة ذاتها. بالتع ّمق في هذه الرحلة الصادقة ،سيفضح أمامك ُزور الذات الكاذبة ،وتخاريفها الوهميّة ،وفي هذه المواجهة سيتَّقد «السؤال الحارق»َ :م ْن أنا ِم ْن دون ك ّل الهويّات التي أسميتها أنا؟ وقد يجيب خوفك الجاهل قائال« :من دونها أنا ال شيء ،من دونها أنا ميّت». ولكن كيف لك أن ت َعرف من أنت دون هذه الهويّات الفرعيّة ،فالخوف الذي أَلصق سمحت َ الحكمة ليرى ما خلفها! ْ فإن هويّته بتعابير سطحيّة مهزوزة ،ليس لديه ِ ضح ما في داخلك، س َين َ أن تتجرد من غبار الهويّات السطحيّة وأحكامهاَ ، لنَ ْفسِك ْ بوابة الكتشاف الذات .فما بوابة للهروب ،إلى ّ ليتحول »:الموت» في نفسك من ّ كنت تعتقد واهما أنّه أنت .وفي هذه المواجهة االختيارية الموت ّإال رمز لمواجهة ما َ قررت القوة ذاتها ،فأنت من يسلب ذاتك من زيفها ،وأنت من ّ القوة ،بل ّ شيء من ّ أن تركض فرحا للموت ،وبهذا الموت والدة لما هو أصيل فيك. وال نعني هنا لَ ْعنَ ه ِويّاتك الفرعيّة وتمزيقها ،ولكن رؤيتها على ما هي ،كتعابير فرعيّة ،وليس ما هو أصيل فيك ،فاألصيل فيك ثابت في وجه الزمان ،وكيف ال، وهو الخالد الذي ُو ِلدَ الزمان من َر ِح ِم ِه. تهتز أركانها لصرخات الهويّات واألصيل فيك ،فيه تقبّل باطني ،وروعة خياليّة ،ال ُّ س الذات من داخله وهي فضاء من الوعي الفرعيّة ،وأالعيبها المعروفة ،فَ َمن لَ َم َ عينُه خوفا من خسارة الهويّات الفرعيّة ،فهو رأى األثمن الخالص المتألق ،ال ت َأ ْ َر ُق َ الحرة ّ واألجود منها ،بل األثمن في ك ّل الحياة ،وهو أنت األصيلة ،وتعابيرها المتجدّدة .لذلك بقي ،وسيبقى التأ ّمل في سؤالَ « :م ْن أنا؟» أو « َم ْن ليس أنا؟» واحدا من أقوى التأ ّمالت على اإلطالق ،ففيه مواجهة مباشرة مع الذات ،إن ت َ َ شبَّ َع هذا التأ ّمل بالرغبة الصادقة طبعا .شخصيًّا ،تأ ّملتُ مئات ،ومئات الساعات في هذا السؤال في آخر سنين ،ليس بغرض اإلتيان بإجابة نموذجيّة ،ولكن بغرض التخلّي ف ما هو أصيل وحقيقي. ع ّما هو زائف ،و َك ْش ِ ولك أن تبدأ في ممارسة هذا التأ ّمل خالل يومك ،بأخذ بضع دقائق بين الحين واآلخر للذهاب إلى مساحتك القلبيّة ،والتنفس هناك ،ومن ثم سؤال نَ ْفسِكَ :م ْن أنا؟ أن أو حتى قد تعيش حالة تأ ُّملية مع هذا السؤال ،وأنت تمشي في الطريق .تذ ّكر ّ يي نق ٌّالهدف من هذا السؤال ليس اكتشاف إجابة محدّدة ،فالذات الحقّة هي وع ٌ خالص يتعدّى اإلجابات كلّها ،وحتّى اللغة ،ولكن الهدف من استعمال هذا السؤال هو أن يوقظك ويرجعك إلى جوهر الذات. عندما يبدأ جوهر الذات بالبزوغ أمامك ،كوعي خالص ،فسترى أنّك أكبر من الجسد الفيزيائي ،بل سترى جسدك في ك ّل تعابير الحياة ،فالعالَم أجمع يُصبِح ي من تعابير الحياة أن رفضك أل ٍّ جسدك .وعلى هذا المستوى من اليقين ،سترى ّ بال ُحكم ،هو رفض لجسدك ،رفض لذاتك ،رفض للحياة كاملة ،وهي واحد ،وهذا سرنا الصغير. ّ ي تعابير الحياة باألحكام ،هو رفض للحياة كاملة. رفضك أل ّ وأعط لنَ ْفسِك المجال للنظر ما وراء أفكار ال ُحكم الرافضة ،وبهذه الفُسحة ِ فكن ذكيًّا، ْت في العُمق ،لترى الوحدة مع الحياة .فك ّل ما ترفضه بالخارج ستلتقي مع ما َرفَض َّ رفض للذات. ٌ -أو ما يُخيَّل لك أنّه بالخارج -هو وفي هذا الرفض تجلُّط للطاقة ،وانسداد لتيار الحياة ،وهذا هو المعاكس للتعبير الكامل عن الذات. المرة األولى التي وصلتني فيها هذه المعرفة بالعمق ،كنتُ على حافّة ّ وأذكر آخر ينتظر .عندها الطريق أنتظر إشارة المارة لتأذن بالسير ،ومقابلي كان َرج ٌل ُ بدأ ذهني بال ُحكم عليه ،وعلى طريقة ملبسه بأنّها ليست «رجوليّة» ،وفي ِخ َ ض ِ ّم هذه ظة فجأة لنفسي ،ألرى الحياة َك َمدارات طاقيّة ال منتهية ،تعمل األحكام عادت ال َيقَ َ ي عنصر كشبكة واحدة من األوردة التي تسري في جسد الوجود ،وال ُحكم على أ ِّ من عناصر الحياة ،هو انسداد للطاقة االمتدفّقة في ذلك الجسد .عندها تبخر الحكم لتتحرر الطاقة ،وتسري من ّ من ذهني ،والتقيتُ بما ُكنتُ أحْ كم عليه في داخلي، جديد ،عندها ُو ِلدَ مفهو ٌم جديدٌ للرجولة في بدني تعدّى قفص الرجولة المبرمج. ت به ِب ُحكم على نَ ْفسِك أو اآلخَر -أو باألحرى وهم اآلخر -هو قَ ْيدٌ فك ّل مكان زَ َججْ َ بوابة ال ُحكم ،فتيقن وال تكن كالعامة في األحكام. لك ،وساتر ألسرار تُخ ِبّئُها وراء ّ بوابة ال ُحكم؛ ألنّه حينها ف ّ فالشخص العادي ،فيُفضّل العمى على أن يرى خ َْل َ ُواجه أَلَ َم الفكرة المغلوطة التي مفادها« :أنا رافض لذاتي» .ولكن كيف لك ْ أن سي ِ إن ل ْم تُن ِبت فيك الشجاعة تستقبل أسرار الحياة ،وتُعيدَ تدفقها إلى أعضائك كافّةْ ، مغلوط من األفكار ،وترى ما هو أصيل منها؟ ٌ لتواجه أَلَ َم ما هو َنق لتدفّق هذه أن الحياة طاقة متدفّقة في كافّة االتجاهات ،وال ُحكم هو خ ٌ فتخيّل ّ َحملُه يخبّئ خ َْلفَهُ فرصة جديدة لتحرير طاقة الطاقة ،وبهذا ،فإن ك ّل ُحكم صغير ت ِ تعبير ُمتعثّر في وعيك .وفي هذا التحرير ،سترى روحا جديدة تدُبُّ فيك ،وفيها َص األحكام، غي ُْر معهودة ،وإلهامات خفيّة ،فكلّها تنتظرك أن تتخلَّى عن رخ ِ أفكار َ ٌ البوابة ِلما كان ،وسيبقى أثمن. وتفتح ّ وال نقصد هنا أن تحارب أحكامك أو تنكرها ،أو حتى تحاول الت َح ّكم بها ،فهذه ألن نظام الخوف سيستمر بإطالقها ،ولكن ما ننادي به هنا هو مه ّمة ِشبه مستحيلة؛ ّ التدريب المستمر للتيقظ لها ،وليس إيقافها .التيقظ لمصدر األحكام ،وهو نظام ب والتقبّل، الخوف الرافض لذاته ،لتح ّ ِول أحكامك حينها لفرصة لتمكين الذات بال ُح ّ ِ وبالقول ِل َما تَحْ ُكم عليه :أنا أ ُحبّك وأقبلك كما أنت اآلن ،وحتى أقبل الجزء الرافض لك ،لتحيد بهذا التقبل المزدوج مقاومة نظام الخوف. ظة من األحكام ستمشي في طريق الحرية ،وهنا يتجلّى لك بوضوح مدى وبهذه ال َيقَ َ صدق رغبتك في التعبير الصادق عن نفسك ،من زيفها. سلك هذا الطريق؟ فهل أنت جادٌّ في َ قبل أن تجيب بنعم أو الَ ،و َجبَت معرفتك لمطلب هذا الطريق ،فهل أنت جاهز لمعرفته؟ متأكد… أن ترى السارق واإلرهابي هما أنت ،نعم أنت! وأيضا القدّيس ،وأنبل النبالء يعني ْ هما أنت ،فال تستطيع أن تختار واحدا ،وترفض اآلخر. أن السارق ما هو َّإال تعبير وإن أردنا أن نوضح الصورة بطريقة أخرى ،تذ ّكر ّ عن وعي القلّة فيك ،واإلرهابي هو تعبير عن وعي الخوف فيك ،وفي أشدّ صوره. والحكمة ،وهذا ِ والقدّيس والنبيل ،ما هما َّإال تعابير عن وعي الشموليّة وال ُحب الوعي موجودٌ فيك اآلن أيضا ،أو كما قالها في ق ّمة الروعة الشاعر الروحي جبران س ِم ْعت ُ ُكم تتحدثون ع َّمن يرتكب ُجرما وكأنّه ليس واحدا منكم، خليل ُجبران« :طالما َ غريب عنكم ودخي ٌل ُم ْق َح ْم على دنياكم ،ولكنّني أقول إنّه كما يعجز الصالحون ٌ بل هو س ُم ّو ع ّما هو األسمى في ك ّل واحد منكم ،وكذلك األشرار ،وضعاف واألبرار عن ال ُّ النفس ال يمكنهم أن ينحدروا أدنى م ّما هو األدنى فيكم». فكيف لك أن ترفض تعبيرا من تعابير الحياة ،دون رفضها كاملة؟ هذا هو الرفض أن ت َ ْقبَل العنصريّة للذات ،والقتل للتعبير ،وهذا طريق الفقر بعينه ،وال نعني هنا ْ َنظر إليهم كما هم :أفكار والسرقة واإلرهاب وكأنّها شي ٌء جميل ،ولكن ندعو أن ت َ بداخلك ،وإن أردت تغييرها ،فال تغيّرها بالخارج ،بل غيّرها من داخلك ،عن طريق احتضانها إلى المكان الذي انحازت عنه ،وهو ُحضن الحياة الحنون داخل قلبك، فاحتضنها إلى قلبك. ألن هذا ما يبحث عنه. ْط ِه ال ُحبَّ اآلن؛ ّ نعم افتح قلبك للجزء الذي تَحْ كم عليه ،وأع ِ عندما تَحْ ُكم ،انقل هذا الجزء المرفوض من داخلك إلى قلبك ،وغ ِذّ ِه بال ُحب ليذوب في سلطان القلب ،ووحدته الكاملة .وعندها ستتّسع دائرة التعاطف عندك ،ليتّسع أن ك ّل سلوك في الكون يأتي معها الفَهم العميق لمحركات السلوك البشريّة ،وترى ّ في أعماقه من محرك إيجابيْ ، وإن لم يَ ْبدُ كذلك في ظاهره. تعبير عن ال ُحب أو البحث عنه« ،فالعنصري» وإن وصل ٌ فتذ ّكر ّ أن ك ّل سلوك إ ّما ولكن منظومته الفكريّة المشتَّتة، َّ إلى مرحلة اإلرهاب ،فهو ليس ّإال باحثا عن ال ُحب، إن لم تكن الذوبان في ص عليه بسذاجة أنّه بهذا العمل سيكسب الجنّة .وما الجنّةْ ، تَقُ ُّ أحضان ال ُحب الواحد… ضرب من االنصياع ،أو يُخيَّل لك ّ أن التقبّل ٌ وأرجوك ّأال تنظر إلى ما قيل على أنه هو رديف الضعف والهوان ،فالكتاب وإن سعى ،يسعى إليقاظ شجاعتك الرهيبة، القوة والتغيير على حقيقتهما .فالتقبّل للذات ليس فيه االنصياع ،أو َرج َم مفهوم ّ لتُت ِ بأن التغيير يبدأ من الداخل ،وبهذا الفهم اإليجابية العمياء ،ولكن فيه الفهم المتج ِذّر ّ قوة تغيير في العالم. بقوتك الكاملة ،لتكون ّ ستزأر ّ ولكن ،كيف لك أن ت َف َعل ذلك وأنت قاب ٌع في جهل رفض الذات ،وإسقاط األحكام على الخارج؟ فما نرفضه ال نفهمه ،وال نُدرك مكنوناته ،وال نكشفه إلى عين النور، سرنايتحرك تلقائيًّا إلى األفضل ،وهذا ّ ّ فال يجري تفريغه من شحنته العاطفيّة ،وال الصغير. ما نَحْ ُكم عليه ال نفهمه ،وال نستطيع تغييره. كنت ال تزال تش ّكك بتأثير التقبّل على التغيير ،فتذ ّكر ما فعله غاندي ،القائد َ وإن عام من االنتداب البريطاني ،ومن دون حررها من قرابة ٍ ٢٠٠ الروحي للهند الذي ّ استعمال طلقة واحدة ،ولماذا يلجأ للعنف؟ وهو لديه أقوى سالح في الكون :سالح الحب وتقبّل الذات. محررا إيّاهم ّ وبذلك قاد غاندي شعبه من وعي الضحيّة المنغرس إلى االستقاللية، طونه من ُحكم «المظلوم» الذي ابتلعوه من جهة ،و ُحكم «الظالم» الذي كانوا يسقَ ْ على االنتداب البريطاني من جهة أخرى ،ليترقَّى وعيهم ما بعد دائرة الظالم والمظلوم .وهكذا انجلت هذه األوهام من الوعي ،ليسطع التقبّل األصيل بشك ّل الحياد ت االستراتيجية المناسبة للتعامل مع الموقف ،ليس من الطاقي ،ومن هنا ُو ِلدَ ْ القوة العظمى. ألن تقبّل الذات هو ّ قوة كاملة؛ ّ ضعف ،بل من ّ فوحده الشجاع َم ْن يطيح باألحكام التقليديّة ،ليرى فضاء الشموليّة خلفها ،ويعي ّ أن ي على ك ّل أشكالها ،وإن كان هذا يعني االحتالل والحروب! الحياة فيها تقبّ ٌل ضمن ٌّ فإن ُوجد الشيء فهو مقبول أصال ،ورفضك لذلك هو رفض لرغبة الحياة نفسها، بأن الحياة تعمل للخير دائما وأبدا (نتكلم هنا عن الخير الذي وجهل بالحقيقة الكاملةّ ، يتعدى ازدواجية الخير والشر) .فحتّى الحرب قد تكشف للذهن اإلنساني الصراعات علّهم بهذا الكشف يسلكون منحى آخر ،ويختارون خيارات أفضل. طن فيهَ ، التي تقَ ْ فكن الشجاع الذي إذا ارتفعت صرخة الرفض أمامه ،اختار أن َيصمت ،ويسمع طن رو ٌح َلف الحضارات ،واألديان ،واللغات ،تقَ ْ ما وراءها ،وعندها سترى أنّه خ َ عاةواحدة ٌ تُعبّر عن نفسها بأشكال فريدة ،لترى وبهذه االختالفات روعة ،ال َمد َ للرعب والتقسيم .فهكذا يرى قلبك الحياة كما هي :روح واحدة تُعبّر عن نفسها بصور فريدة. ش ّل أشكال القيود كافّة من ذهنك،وفي هذه المعرفة ستذوب األخطاء الفكريّة ،وت ُ َ ليتّقد منك لهيب القدرة الفتاكة على التغيير ،فالتغيير يبدأ من داخلك اآلن. للتذكير: * األحكام كبت التعبير الخالص عن ذاتك. * االطريقة األمثل للتخلص من األحكام هي الفهم الشمولي لضررها في نفسك. * خلف ك ّل حكم يتجلّى أل ُم رفض الذات. في داخلك يسكن ك ّل مستويات الوعي وأفكارها ،إن لم تقيّد نفسك باألحكام. أسئلة للتفكر: ماذا سيحدث إن تخلّيت عن أكثر ما أحكم عليه اآلن؟ ما القصة التي أرويها داخل نفسي ألبقي على هذا الحكم؟ كيف يكون العالم إن خال من األحكام؟ كيف ستكون العالقات اإلنسانية إن خلت من األحكام؟ التغييرُيبدأُمنُالداخل َصفُهالسبب الرئيسي لكل التعقيدات الذهنيَّة هو الفهم المغلوط لعملية التغيير ،فَن ِ بأنّه عمليّة صعبة ومعقّدة ،وتتطلب الكثير من الجهد والتمحيص والتدبير .ولكن هذا ال يمثّل الصورة الحقيقية بتاتا ،فالتغيير عمليّة بسيطة ،وليس هذا وحسب ،بل هي َحرك مستمرة، عنصر في الكون في حالة تغير وت ُّ جزء من الطبيعة الكونيّة ،فك ّل ُ ّإال القوانين الثابتة التي تَحْ ُكم أركان الحياة وأنظمتها. فبهذه اللحظة بالذات أفكارك تتغيّر ،ومعها خبرتك الشخصيّة ،وخالياك أيضا تتغيَّر وتتجدّد ،وحتى الكون نفسه يتغيّر ،ويتّسع بسرعة تقارب ٦٨كيلومترا في الثانية. الكون في حالة تغيُّر مستمرة ،ونحن جزء ال يتجزأ من هذه الطاقة الديناميكيَّةّ ،إال صة أُخرى يرويها ،وعادة ما تكون هذه القصة إذا كان لدى نظام الخوف فيك ِق ّ المكرر ،وال ِعنَة للتغيير ،وك ّل من يتغير. ّ متح ّجرة ،وملتصقة بالمعروف تنص على لعن التغيير ،حتّى أنّه عندما كان يسافر شخص ُّ هناك برمجة جمعية ّ وكأن إلى خارج األردن ويرجع ،كنّا نتّهمه في كثير من األحيان ِب ُجن َحة التغيير، فيها نوعا من العار ،وبذلك تربيتُ واهما على سلبيّة التغيير ،وجمود الشخصيّة، ّيت على هذا المفهوم الخاطئ أيضا .ولكن عندما تُدرك وأعتقد أنّك على األرجح ترب َ مستمرة استمرار الحياة ّ لعبة التغيير كما هي ،وتُدرك مدخالتها ،سترى أنّها عمليّة ذاتها ،وبمقاومتك لها مقاومة لروح الحياة المتجدّدة. وكما يتَّسم التغيير ب ِس َم ِة االستمرارية ،فهو أيضا عمليّة داخليّة مئة بالمئة ،والسبب في ذلك أن المكان الذي يَنبع منه التغيير هو أنت؛ ألنّك أنت مصدر الواقع الذي سه يسطع من داخلك ،وكيف يكون غير تعيشه ،فالواقع الذي تراه ،أو تسمعه ،أو تح ّ ذلك والواقع هو ُم َر َّكبك الفكري .وفي هذه المعرفة «الواقعية» ت َك ُمن الحريّة كاملة؛ سرناي شيءٍ من الخارج ،حتى يتغيّر واقعك ،وهذا ّ ألنّك ال تحتاج حينها أن يتغيّر أ ّ الصغير. عمليّة تغيير الواقع داخلية مئة بالمئة. وللتأكيد على هذا المبدأ ،دعنا نطبّقه على مثال فيه تح ٍدّ كبير ،مثال في غاية التطرف ،بحيث يبدو فيه تغيير الواقع من الداخل بالمه ّمة المستحيلة ،أال وهو الحدود ّ بين الدول. كيف لك أن تغيّر «واقع» الحدود حول العالم من داخلك ،اآلن؟ يبدأ التغيير بالتذ ّكر أن خارطة العالم ،وأسماء البالد والقارات الحالية ُولدت مع خطا في والدة «فكرة» -فشخص ما -بوقت سابق وأجندة خاصة« ،فَ َّكر» أن يرسم ًّ مكان معيّن ،ويس ّمي الجزء على يمين الخط باسم ،والجزء على يساره باسم آخر. ولكنّنا نسينا أن ك ّل هذه أفكار وليدة نقطة معينة في دوائر الزمان ،وأصبحنا نراها حقيقة ال جدال فيها ،وس َّميْناها بعد ذلك بالواقع. أن هذه وانطلقت بسرعة كبيرة إلى الفضاء ،فسترى ّ َ ولكن إن أخذت صاروخا، دت مع والدة أفكار التقسيم ،ومعها ُو ِلدَ الخوف ،والصراع، وو ِل ْ الحدود وهميةُ ، والحروب مع «البالد األخرى» ،وهذه األخرى وهم. نهي ك ّل الحدود ،والتفرقة في العالم ،فالح ّل يبدأ منك ،بتعدّيها من أردت أن ت ُ َ َّ ْ وإن داخلك ،الستنباط وحدة الوجود .إن روح نفسك صافية ونيّرة ،وتخلو من أشكال التقسيم واألحكام كافّة؛ ألنّها لم ولن تُصدّق أفكار التقسيم ،أو تتبنّاها ،وليس المقصد هنا أن تلعن البالد والحضارات ،وال أن تُحتقّر التقسيم ،فهو له مكانه في التنظيم أن تستيقظ ِل َما َبعدَ أفكار التقسيم ،فخلف أفكار التقسيم ولكن المطلب ْ ّ والتعايش، تسكن روح الحياة الواحدة. س روح الوحدة في داخله ،ت َ ّح َّول عالَمه إلى واحد ،وت َ َح ّول َك ْونهُ ُكلّه إلى من لَ َم َْ واحد ،ال بل ت َ َح َّول «المك ّ ِون» لكونه إلى واحد ،وهذا التغيُّر الجذري يحصل فقَ ْ ط ي تغيير في الخارج .فواقع الوحدة ،والنور موجود اآلن من الداخل ،ومن دون أ ِّ فيك كاحتمالية متوفرة ،يمكنك التعبير عنها،؛ ولهذا السبب بالذات ال أرى رسالة كن أنت بالصعبة ،وهي خلق واقع الوحدة والسالم على الكوكب؛ ألن ك ّل ما يتطلبه هذا الكوكب النقي ،هو أن يَلمس الشخص نقاء الوحدة في داخله ،وعندها سيُنَقَّى كوكبه من األحكام والحدود فورا ،وينفجر بركان التعبير األعلى من روحه. هذا ال يعني طبعا أنك ستخترق إجراءات االنفصال على ماديّة األرض ،وال يعني أنك ستذهب إلى دولة ينبغي فيها تحصيل الفيزا ،وتقول لهم إني أريد الدخول اآلن ألنّنا واحد! طبعا ستخوض اإلجراءات الروتينيّة ،ولكن ال تجعل من األوراق ي عليك وال قيود تحكمك ،ولك الرسميّة حصنا لوعيك .فداخل فضاء ذاتك ال وص َّ ت التجلّيات الفيزيائيّة للوعي الجمعي ي تركيزك على فضاء الوحدة ،وإن َخلَ ْ أن تُب ِق َ من عالمات الوحدة. فالتغيير على مستوى الذهن يأخذ لحظة إذن ،وك ّل ما يتطلبه هو مستوى جديد من الوعي ،تولد معه نوعيّة تفكير جديدة ،لتحمل معها واقعا جديدا ،وهذه األفكار الجديدة سترتقي تلقائيًّا من داخلك ،عندما تتوقف عن التمسك بطرق التفكير القديمة، سنّة الحياة .وهكذا تغدو معادلة التغيير في نفسك بالبسيطة ،بل البسيطة جدًّا، فهذه ُ سرنا الصغير. وك ّل ما تتطلبه هو فكرة جديدة ،وهذا ّ فكرة جديدة توازي واقعا جديدا. وبعد خبرة الواقع الجديد ،تأتي مرحلة التجسيد ،أي تجسيد طاقة الواقع المرغوب فيه داخل العالم الفيزيائي ،وهذا قد َيأخذ الوقت ،حتّى يتأقلم جسدك مع التردّد الطاقي الجديد للواقع المرغوب ،وينحاز التجلّي المادي بهذا االتجاه .وإن كان ما تريد ي مبرمج ،فلك أن تقود حملة تغيير بهذا ت َغييره في عالم المادة يقطنه وع ٌ ي ج ْم ِع ٌ االتجاه ،والتي تبدأ أيضا بتجسيدك الذاتي لمستوى الوعي الجديد. فمثال «مارتن لوثر كنج »Martin Luther Kingقائد الوحدة على التمييز العنصري ،بدأ الحملة بالكشف داخل نفسه أن «األبيض» و»األسود» هما ُوصوف فكريّة خلقها الذهن المبرمج ،فتعدَّاها من داخله ،ثم قام بقيادة ال ُجموع لتعدّي هذا الوهم من داخلهم أيضا ،ليتجلّى مع هذه الحملة قوانين ،واستراتيجيات جديدة تحفز الوحدة بين البشر. ومهما كان الذي تريد تغييره ،فال تجسيد أه ّم من تجسيد واقع ال ُحب والوحدة على سده سد ال ُحب والوحدة في خالياي اآلن ،فأج ّ األرض؛ لهذا أسعى ك ّل لحظة أن أج ّ بطاقتي ،وعواطفي ،ومنظوري ،وإخالصي للمشاركة ،والعطاء ،أجسده بتع ِدّي سده بخيارات الذات األصلية لحظة بلحظة ،وفي كل نواحي الحياة، األحكام ،أج ّ سده بمجتمع كن أنت الذي أبنيه وأكبّره .فإن كانت ك ّل العوالم متاحة لي اآلن، أج ّ فإني أختار العالم ال ُحر ،العالم الذي خال من األحكام ،ليعبّر فيه الشخص عن حقيقته الكاملة من دون خوف ،أو زيف .وهذا العالم ساكن في بُع ِد القلب عندي في هذه سد هذا العالم سويًّا؟ اللحظة ،في بُعد «اآلن» ،فهل سترتقي معي لهذا البُعد ،لنج ّ لمست شيئا من بساطة َ وقد تكون إجابتك نعم ،وقد تحس بالحماسة اللحظيّة؛ ألنّك التغيير وسالسته هنا ،ولكن قد يعود ذهنك بعدها ليقول« :إن كانت معادلة التغيير بهذه البساطة ،فلماذا نتشبّث بالواقع؟» ،واإلجابة حاضرة تماما بالسؤال ،وهي ق التفكير القديمة نفسها؛ إلثبات ص ّحة أفكارنا ،وصحة التشبّث .نعم ،التشبّث ِبطر ِ أن الصحة والخطأ النسل الذي تبنّاها قبلنا .ولكن عندما َينضج فيك الوعي ،سترى ّ هما سجن ،وستفقد بعدها قُضبانُه الحديدية جاذبيّتها بالنسبة لك. الالمحدودة في وهكذا سترتقي من سجن الصحة والخطأ ،إلى احتماليّات الحياة َّ التفكير والتعبير ،وعندها ستّتضح رؤيتك وتتبلور ،لترى أن مصادر الحياة كافّة، ألن سيد المصادر كلّها كانت وما زالت ،وستبقى ال محدودة ،ومس ّخرة لك اآلن؛ ّ متاح لك اآلن؛ وهو المادّة المشك ِلّة لجميع األفكار في الكون ،مادّة ال ِفكر االبتكاريّة. خالقة ال محدودة ،وفيها حدود التغيير ال محدودة ،فكما قُلنا من هي مادّة روحيّة َّ قبل ،ك ّل شيء يبدأ على مستوى األفكار كالعمارة ،والتليفون وغيرها. عمق هذا النقاشَّ ،إال أنّه ال يلمس ّإال السطحيّة من وفرة األفكار ،فهل أنت وعلى ُ جاهز لنتعمق في هذا الحوار أكثر؟ إن كانت إجابتك بنعم ،فتأ َّمل بالتالي: المحرك لجميع ِّ األفكار ال تختزل باألفكارالتي تسطع في رأسك ،بل هي العنصر أركان الكون ،فقلبُك تتحرك باتّجاه الشمس باألفكار ،والنهر ينساب على ّ ينبض باألفكار ،والنباتات األرض باألفكار .فلك أن تتخيّل األفكار كالمعلومات التي تسري في عروق الحياة. نعم ك ّل شيء يعمل باألفكار ،سواء الواعي ،أو غير الواعي لها ،وحتى الكلمات التي تراها أمامك اآلن هي من محتوياتك الفكرية؛ ألن حواسك الخمسة تتفعل باألفكار أيضا .وحتى «أنت» بدأت كفكرة في قلب الخالق ،وعند إدراكك لهذا السر المكونة لكل األفكار على أنها أهم عنصر في الوجود؛ ّ الدفين ،سترى مادّة الفكر ألنّها لغة التكوين ،وهذا سرنا الصغير. الفكر هو لغة التكوين. نعم الفكر هو أه ُّم من األلماس والذهب والعاج ،فك ّل هذه العناصر أتت من رحم ي بعلم الخيمياء بالمادة س ِ ّم َ الفكر؛ ألن الفكر هو العنصر االبتكاري األول ،ولهذا ُ األولى ( )Prima Materiaالفكر هو الجسر بين المستور ،والمنظور ،وهو الروح المشكلّة للواقع ،الفكر هو أساس التغيير ،وهو لغة التكوين في الحياة ،فروح الحياة تفكر ،ويحصل الخلق فورا. ولكن ،من الممكن أن تتساءل اآلن « :ما الفارق بين الفكر واألفكار؟». المكونة لألفكار ،هي مادة ّ باألصل هما واحد ،ولكن نُطلق مس ّمى الفكر على المادّة فإن أيّة فكرة قد روحيّة خالصة؛ لذلك فيها صفة الوفرة ،والخلود حاضرة .لذلكّ ، ي زمان أو مكان ،هي فكرة ي مخلوق في أ ّ ي مخلوق ،أو سيُف ِ ّكر فيها أ ّ ف ّكر فيها أ ّ ألن المادة المك ّ ِونة لألفكار متاحة لك في ك ّل لحظة. متاحة لك في هذه اللحظة؛ َّ فَلَ َك أن تتخيَّل الفكر كالصلصال ،واألفكار كاألشكال التي يتّخذها الصلصال. فك ّل فكرة تخرج من الفكر هي تجسيد لواقع جديد… ألن األفكار من دون صة الكاملة لتشكيل الواقع؛ ّ ولكن األفكار وحدها ليست ال ِق ّ النور تبقى ميتة ،وهنا يأتي دَ ْور اإلدراك. ُحول األفكار إلى خبرة ملموسة ومحسوسة ،ومن دونه اإلدراك هو النور الذي ي ّ إن فَقَدَ الشخص اإلدراك بالغيبوبة، األفكار غير قادرة على التعبير عن ذاتها؛ لذلك ْ تتحرك في مجاله الطاقي؛ ألنّه َّ فهو غير قادر على اختبار المحتويات الفكرية التي ليس هناك إدراك. صة الكامة للواقع ،فال بُدّ أنولكن حتّى تُزاوج األفكار واإلدراك معا ،ال َينسِج الق ّ القوة هي قوة كونيّة مف ِعّلة لألفكار ،واإلدراك ،حتى توجد وتعمل ،وهذه ّ تكون هناك ّ مصدر الطاقة ،وهي خالدة الوجود :الوعي المطلق .وهذه هي المبادئ الثالثة ي مخلوق في الحياة :الفكر ،ونور اإلدراك، المسؤولة عن تشكيل خبرة «الواقع» أل ّ والوعي. هؤالء هم الهرم التكويني للخبرات كافّة ،ومن هذا الهرم المقدس تخرج أشكال والمجرات و و و…، ّ الخليقة كلها من البالد ،والمجتمعات ،والكواكب ،والنجوم، و ِبت َ َع ُّمق فهمك لهذا الهرم ،سيتع َّمق فهم ذاتك ،وذات الحياة ،وهي واحدة .فبالعُمق فكر واحدٌ ال محدود ،وإدراك واحدٌ ال محدود ،ووعي واحدٌ ال محدود. هناك ٌ وهذا الفهم ليس كالفهم الكالسيكي لمادة الرياضيات ،أو غيرها ،بل هو فه ٌم قلبٌّي ي ،وهناك ستتذكر كيفيّة تشكيل يتع ّمق بأحاسيس ال ُحب والسكون من فضائك القلب ّ الواقع ،هناك سترى أن التكوين هو خطوة واحدة من المستور إلى المنظور ،وعندها ستعرف أنّك المسؤول عن تشكيل واقعك .وبهذا ،فأنت المسؤول عن سعادتك ،وعن ألن واقعك من داخلك ،أو بصورة أكثر بساطة وعمليّة ،أنت تعيش، تعاستك؛ ّ وتحس أفكارك ،وليس العالم الخارجي. ّ وتختبر، ض ْمنِيّتها الخبرة اإلنسانية، وإن أردت التع ّمق في دواخل الخبرة الكونيّة ،وفي ِ المكونة لها -وأنا أنصحك بفعل ذلك -فلك أن تبحث عن أحد ّ والمبادئ الثالثة الحكمة بعمق ،وهو «سيدني بانكس ت له هذه ِ ض َح ْ األشخاص ،ذلك الذي ات ّ َ ،»Sydney Banksالذي شارك هذا المبادئ الثالثة مع آالف الناس في حياته؛ وألن الكثير من المعلمين حملوا هذا الفهم بعد بانكس ،فالمبادئ الثالثة اآلن َك ُكرة ّ كالقوة ّ وأثر هذا الفهم على حياة الشخص الجاهز له، ُ الثلج في تزايد مستمر، الصاعقة .فلقد رأيتُ أشخاصا من مختلف الخلفيّات تنقلب حياتهم رأسا على عقب، عندما يتذ ّكرون كيفيّة تشكيل الخبرة اإلنسانيّة ،وأنا منهم. في الوقت الحالي ،وبعد تع ّمق بحثي الروحي والعلمي ،فهمت أن المبادئ الثالثة هي ليست باالكتشاف الجديد ،وإنما هي ما ارتكزت عليه علوم الخيمياء قبل آالف سيكولوجيًّا بسيطا، ِ السنين ،ولكن الجميل بالمبادئ الثالثه أنها أعطت تفسيرا ومتوافقا مع ذهنية الشخص ال ُمتمدّن اآلن .حيث إن فهم الخيمياء -وحتى لو على ي متواصل ّ لفك وخارج ٍّ ِ ي، ث داخل ٍّسطحيّتها -يحتاج إلى عمق رهيب ،وارشاد ،وبح ٍ السري ،والذي قد يُثقل ذهن الشخص ّ رموزالخيمياء والولوج إلى تيّارات هذا العلم ي كجزء من المدرب .ولهذا السبب بالذات استحدثتُ معسكر خيمياء الروح ّ ّ غير أكاديمية كن أنت ،لتدريس الخيمياء بطريقة متناسبة مع غالبيّة الناس. وبالعودة للمبادئ الثالثة ،ولتوضيحها بطريقة عمليّة ،تخيَّل أنّك تجلس في سينما، ط الصورة على الشاشة هو نور اإلدراك ،وأ ّما الشريط وأن جهاز العرض الذي يُسقَ ْ ّ الذي يوضع في الجهاز ،فهو األفكار (المحتويات الفكرية) ،والكهرباء التي يعمل عليها الجهاز هي الوعي الخالص .تخيّل اآلن أن ما يَظهر على الشاشة هو الواقع، أن تكون الشاشة ثنائيّة األبعاد ،فهي في ك ّل صة للحياة ،ولكن بَدَ َل ْوهو خبرتك الخا ّ األبعاد. ولكن كيف سيفيدك هذا التشبيه؟ طع مخيف ،فتُذ َّكر نَ ْف َ سك أنّه هل ت َذ ُكر مشاهدتك لفيلم في صالة السينما ،ليظ َه َر مق َ يختف ،ولكنّك أحسست ِ أن إحساس الخوف من جسدك لم مجرد فيلم؟ على األغلب ّ ّ ت لنَ ْفسِك الفرصة مجرد فيلم؛ لذلك أَتَحْ َ ّ باألمان الراسخ في داخلك؛ ألنّك عرفت أنّه ألن تختبر اإلحساس كما هو .في هذا النوع من الخبرة تتجلَّى أصل اللّذّة ،باختبار عدم األمان في فضاء األمان الداخلي ،هذه اللّذّة نفسها تجدها في الحياة ،عندما تعرف أن األحاسيس التي تس ّميها بالمخيفة ،أو المؤلمة ،أو السلبيّة ،ما هي ّإال خبرة طها اإلدراك على شاشة السينما ،ولك أن تتلذّذ بها. أفكار لحظيّة ،يُس ِق ُ هذا هو كود الطمأنينة الكاملة التي يبحث عنها ك ّل إنسان على وجه األرض ،أن يعرف أنّه «تمام» مهما حدث .فأنت لست األفكار التي تختبرها وال أحاسيسها، وإنّما فضاء الوعي اآلمن الذي تُختبر فيه ك ّل األفكار ،وينيرها اإلدراك؛ لذلك قال لنا بانكس« :إذا أردت تعلُّم شيءٍ واحد في الحياة ،فهو ّأال تخاف من خبرتك اإلنسانيّة مهما كانت ،هذا وحده سيغيّر العالم». أن أحاسيس عدم األمان هي نتاج األفكار ،وليس العالم المغزى ،أنّك عندما تعرف ّ ف الخبرة اللحظيّة ،وهذه هي الطمأنينة ،وغير الخارجي ،ستستريح ،وتلمس ما خ َْل َ أن مسبّب الرعب هو من الخارج ،وستحاول التخلّص منه لتستريح. ذلك ستظن ّ فتخيّل أنّه كلّما أصيب شخص بالخوف في السينما ،ركض إلى الشاشة ليمزقها ،قد يكون هذا التشبيه غريبا ،ولكن هذا ما تفعله البشريّة بالضبط ،بسبب الفهم الخاطئ للخبرة اإلنسانيّة. وهناك ستعرف أنّك إن لم تحب الفيلم الذي تشاهده على الشاشة ،فأنت ال تحتاج ط شاشة ،وإنّما قد تراقبه بفضول وحياد ،أو لك إلى لعن الشاشة أو تمزيقها ،فهي فقَ ْ أن تغيّر شريط األفكار الذي تختاره ،أو حتى األفضل من ذلك أن تُعطي يد الحياة الال محدودة في الحكيمة ،الفرصة الختيار الشريط المناسب من خزانة األفكار ّ داخلك. وبهذه المعرفة ،سيتب ّخر َوه ُم التغيير الخارجي تدريجيًّا من نفسك ،لتنتقل لعبة حياتك إلى مرحلة جديدة ،فاللعبة هنا أصبحت داخليّة ،وقوانينها داخليّة ،أو للدّقّة، تستذكر أن اللعبة كانت وما زالت داخليّة .في ذلك مذاق جديد للحريّة واالستمتاع، وكيف ال تكون الحال كذلك ،والحياة في أصلها لعبة روحيّة. ت جديدةٍ في لعبة الحياة الروحية ،وسيندمج إدراكك هنا ستستطيع الولوج لمستويا ٍ بوعيك األصيل ،لتستنير ذاتك أمامك ،فتراها كما هي :فضاء من الوعي الخالص، يتغلغل فيه قوة الفكر الخالَقة .أو بصورة أبسط ،أنت قوة روحية خالَقة تعيش على األرض .بهذا ستعرف أنّك ال تحتاج أن يتغيّر األشخاص ،أو البلدان ،أو الحكومات ،حتى تتغيّر خبرتك من التعاسة إلى السالم ،ومن الخوف إلى ال ُحب ،ومن الفقر إلى الوفرة ،فالعمليّة داخليّة بحتة بينك وبين نَ ْفسِك. الال محدود ،هو سبب المعاناة عند الناس ،ليس والجهل بالذات األصيلة وفضائها ّ تؤرق الكثير من العلماء .فالكثير هذا فحسب ،بل هو سبب المشكلّة الرئيسية ،التي ّ من العلوم التقليديّة ،ولجهلها بالذات األصيلة ،تبحث حتى هذه اللحظة عن مصدر الوعي من داخل العقل ،ولكن هذا المنحى المحدود في البحث ،لن يُن ِتج ّإال اإلحباط؛ حمل األفكار. ألن العقل ليس المصدر ،وإنّما العقل هو األداة البيولوجيّة التي ت ُ ِ ّ حمل منها أن هناك مكتبة كونيّة واحدة ،فيها ك ّل أفكار الكون متاحة ،ونحن نُ ِ ّ فتخيّل ّ معلومات معينة على «ذاكرة متنقلة »USBلنضعه في فوهة دماغنا ،فيُس ِقط بعدها أن الكثير من العلماء ،وخصوصا الصورة للخارج لنس ّميها بالواقع .ومن الجميل ّ َمن عندهم اتصال روحي عميق ،بدؤوا الصحوة لهذه المعرفة ،وقريبا سنرى ثورة تحرك العقل ،القوة الفكر الروحيّة ،وهي التي ِ ّ في العلم ،عندما يَكتشف العلماء ّ أن ّ محدودة ،ال مرئيّة ،وخالدة. قوة الفكر ال محدودة ،ال مرئيّة ،وخالدة ،والدماغ هو الجهاز الذكي الذي فإن كانت ّ يُح ّمل ما شئت من المحتويات الفكريّة ،فالسؤال الذي يبقى عليك سؤاله ،ليس عن صحة األفكار التي تحملها ،بل هل أفكارك في هذه اللحظة تخدم تطورك أم ال؟ وعلى بساطة السؤال ،فإنّه يحتاج إلى مهارة في التمييز؛ لترى إن كانت األفكار ألن الكثير من األفكار المد ّمرة ،تُغلّف نفسها برداء القدسيّة ،ومن تخدمك أم ال ،هذا ّ أشهرها أفكار العادات والتقاليد .ولنزع رداء القدسيّة عن هذه البرمجيات الفكريّة، انظر إليها بعيون الحياد ،وستفعل ذلك بالنظر إلى إحساس األفكار ،وليس سرنا الصغير.مضمونها ،وهذا ّ لتمييز نوعيّة األفكار ،انظر إلى إحساسها في جسدك وليس مضمونها. تطورا ،فإنه الذي فاإلحساس هو خادمك األمين ،وهو أكثر التكنولوجيات الروحيّة ّ ال يَكذِب عليك عن نوعيّة األفكار ،فإن كان إحساسك هو الغضب ،أو النقص ،أو االستضعاف ،فاألفكار التي تشك ّل هذا اإلحساس هي أفكار غاضبةُ ،منقصة، ُمستض َعفَة. فإن إحدى العادات التي تربّيت عليها في األردن ،هي أن ت َصمت على سبيل المثالّ : نظرت إلى هذه الفكرة من منطلق الص ّحةَ عندما يتكلّم من هو أكبر منك سنًّا .وإن أو الخطأ ،ستميل عاطفيًّا إلى ص ّحتها ،وحتى قدسيّتها ،ولكن إن نظرت إلى إحساس الفكرة بصدق ،فسترى أن هذه الفكرة فيها إحساس االستضعاف ،وهذا يعني إنّها ال قوتك األصيّلة ،وتعبيرك الحر. تتناغم مع ّ وبكشف نوعيّة األفكار باستعمال تكنولوجيا اإلحساس ،ستكون قادرا على التخلّي مجرد فكرة ال تخدمك ،دون تغليفها ّ عنها بسرعة أكبر؛ ألنّك ستراها كما هي: عبِدَت بالقدسيّة ،أو تحريمها عن السؤال .فحتى لو كان عمر الفكرة ماليين السنين ،و ُ من كثير من البشر على مدى السنين ،ومن ضمنهم ُمجتمعك وعائلتك ،فهذا ال يعني أن عليك تصديقها .إحساسك هو الفيصل ،إن كان إحساس الفكرة بعيدا عن إحساس ّ القوة وال ُحب والعظمة ،فلماذا تتشبث بها؟! ّ وهذا يطبّق على كثير من المعتقدات التي نحملها في حياتنا ،ظانّين أنّها حقائق مجرد أفكار. ّ ُمطلقة ،وهي وتحولت هذه الفكرة بعدها لطاقة ّ وكررت ،ليس َّإال، ّ ص ِدّقت فالمعتقد هو فكرة ُ تخزن داخل جسدك لتوفير الطاقة ،وهذه التقنيَّة مفيدة لتعلّم مهارة جديدة عاطفية َّ فتحوله إلى برمجةّ كقيادة السيارات وغيرها ،ل َكي ال تعيد التفكير نفسه ك ّل مرة، عاطفيّة ،ولكن هذه التقنيَّة التي يستعملها الدماغ ،ليست مفيدة عندما يأتي األمر للمعتقدات التي ننسخها جيال بعد جيل كحقيقة ُمصنَّمة .ك ّل األفكار هي لغرض التجربة والتغير والتطور ،وليست لغرض تصنيمها في رأسك ،فاألفكار أقرب ما تكون لطبيعة الملح ،ولتقوم بتسخيرها ألعلى استخداماتها ،عليك التالعب المستمر مرة ،بدال من تجميدها مرة بعد ّبها ،من تحطيم بلّوراتها وإذابتها ،لخلق أشكال جديدة ّ لتصبح كالصنم في ذهنك. ي مبدأ أعيش له!». وقد يخطر لك اآلن« :ولكن بهذه الطريقة لن يبقى أ ّ وهذا التساؤل وإن كان منطقيًّا في ظاهره ،فهو ليس دقيقا في باطنه؛ ّ ألن القيم القلبيّة أصيلة وثابتة في داخلك ،وال تتزعزع بزعزعة األفكار ،وأ ّما القيم والمبادئ المجتمعيّة التي ال تتوافق مع حقيقتك ،فنعم ستنهار بانهيار بنيان األفكار المبرمجة. أن الحقيقي فيك ،هو ال ُمشاهد لل َعمار ،والتدمير من دون أن يُل َمس أو يتغير. تذكر ّ وعندها سيحصل التوازن فيك بين الرصانة في قيمك القلبيّة ،والمرونة ال ُمطلقة في فإن المرونة هي أحد أهم المطالب األساسيّة هَجْ ر األفكار ال ُمبَرمجة ،وللمعلومةّ ، للعصر الحالي والقادم ،وهو عصر الصحوة الذي نعيشه من بوابة عام ،٢٠١٢ عصر الدلو .فنحن نشهد اآلن تغيُّرا دراماتيكيًّا في األنظمة من حولنا ،وستستمر وتيرة التغيير بالتسارع والتسارع ،وعدم القدرة على التماشي مع هذه السرعة الحكمة مساحة التجديد ،واإلرشاد المستمر ،سيبعدك بإسقاط األفكار البالية ،إلعطاء ِ عن التو ّجه الطاقي للحياة. ي للحياة ،هو نحو التجديد ،واإلبداع ،والوفرة في االحتماليات ،وليس فالتو ُّجه الطاق ّ ضيقها .وبهذه الوفرة ستّتضح أمامك الحلول البسيطة لك ّل المشاك ّل العالمية ،وهذا ال يعني أنّك تعرف الحلول لك ّل المشاك ّل العالقة التي تواجهها اإلنسانيّة ،ولكنّك تعي أن الحلول موجودة في قلب اإلنسانيّة اآلن .فالح ُّل للفقر متاح اآلن ،وهو في قلبك ّ نوعيّة تفكير جديدة ،والتكنولوجيا القادرة على تنظيف المحيطات ،وإنهاء االحتباس الحراري موجودة اآلن أيضا ،فك ّل هذه التكنولوجيا في األساس أفكار ،وهي متاحة لإلنسانيَّة اآلن ،ولكن السؤال هو :هل وصلت اإلنسانيّة إلى مرحلة من االحترام للنفس والطبيعة لتحميل هذه األفكار؟ فأفكار الحلول ال يمكن لمسها إذا كانت طاقة الطمع ،واألنانيَّة هي السائدة. أردت أن تكون وسيلة إنسانيَّة للحلول والتبسيط ،بدل المشاك ّل والتعقيد ،فاختر َّ فإن ي قبضة التشبّث ،وافتح يديك للمرونة؛ كي تُعطي المساحة لنفسك بأن ترتقي أن ت ُ ْر ِخ َ من التفكير المقيّد إلى ال ُحر ،لترى العالم من خالل بؤبؤ جديد ،بؤبؤ الوفرة واإلبداع. ي المبرمج. وعندها لن تتعدّى واقعك المقيد فقَط ،بل ستتعدّى الواقع ال َج ْم ِع ّ مبرمج ،هو ِنتاج ٍ ي من الجدير بالذكر أن غالبيّة الناس تعيش في «واقع» َج ْم ِع ٍّ الظن الجاه َل «باالنفصال عن َّ سخَة التأثيرات ال ُممنهجة من أنظمة هرميةُ ،م َر ِ ّ المصدر» ،والفهم المغلوط للواقع ،على أنّه حالة منفصلة عن ذهنك؛ لذا يص ّح القول إن العا ّمة تختبر الحياة من داخل واقع افتراضي «الماتركس ، « Matrixترى فيه ّ العالم بطريقة محدّدة ومقيدة ،ومتماشية مع األفكار المزروعة بالذهن الجمعي نحو سرنا الصغير.االنفصال ،من دون وعي الشخص بأنه المشك ّل لهذا الواقع ،وهذا ّ سخ لوهم االنفصال. الواقع الجمعي هو واقع مبرمج ،و ُم َر ّ بوابة الوحدة ،والحلول ،والتغيير سجن الجمعي ،ستُفتح لك ّ وبتحررك من هذا ال ّ ّ وسيتحرر منظورك من قيود السيطرة والت َّ َح ّكم والعبوديّة، ّ على مصراعيها، الال محدودة. قوتك األصيلة ،وتتب ّحر في عوالم األفكار َّ لتكتشف ّ ألن المحرك لهذا الواقع هو وهم فنداؤنا هنا هو نداء للحريّة من الواقع الجمعي؛ ّ طغاة الخوف وأتباعه ،الذين يتغذّون طاقيًّا على وهمك محروس ب ُ ٌ االنفصال، وجهلك .وإن أردت الدليل على ذلك ،فانظر إلى األنظمة السائدة من حولك ،من التعليم للصحة للعمل ،تجدها تتبع تو ّجها واحدا :تو ّجه الخوف ،الذي تتغذّى فيه األنظمة على التفعيل المستمر لحالة النجاة السيكولوجيّة عند العامة. لذلك حال العامة اآلن كالدمى الطاقيّة بِيَدَي الخوف ،وفيه تجلي الخوف من الخسارة ،واإلحساس المزري بنقص القيمة ،والفقر في المنظور ،وسطحيّة التأ ّمل ،واالستضعاف، والكراهية ،والطمع .ك ّل هذه تجلّيات لطاقة الخوف واالنفصال ،ففي هذه الحالة قوته الحقيقية ،واتصاله الضمني بالك ّل ،وقدراته المذهلة على المستبدّة ،ينسى المرء ّ التكوين واإلبداع وال ُحب ،ليغدو جهازا مبرمجا ،يجري ،ويجري ،ويجري لض ّخ ض ّخ ،أو إن كانت فيه الرفعة أو طاقته إلى الخارج ،دون التساؤل عن هدف هذا ال ّ التدمير . أن ك ّل ما كنت أبحث هذا الركض األعمى كان حالي ،فأذكر عندما أنهيت الجامعةّ ، غض النظر عن ماهيته .فبدأت التقدم لوظائف عدة، عنه هو الحصول على عمل ،بِ ِ ّ منها شركات الدخان واألطعمة الهزيلة ،ولم يخطر ببالي للحظة ،كيف كنت صص ك ّل هذا القَ ْدر من طاقَ ِتي َو َو ْق ِتي وإمكانيّاتي في تلويث جسد اإلنسانيّة. سأخ ّ وهذا ما تفعله طاقة الخوف ،إذ تُبقيك في حالة من النجاة اللحظية ،لتُغ ِيّبك عن سك والبشريّة إلى أسفل شموليّة المنظور ،وتُعزز األنا والجهل واألنانيَّة ،فت َأ ُخذ نَ ْف َ المراتب ،وهل يمكن أن يكون هذا هو الشيطان بعينه :الترجمة الخارجيّة لحالة النجاة ،من دون ترويض النفس إلى سكونها الداخلي ،وشموليّة المنظور؟ واآلن ال يمكنني أن أُعيد حلقة التلويث بتاتا ،على األقل ألفضل ما أستطيع ،ليس ألنّني أصبحتُ أكثر أخالقا ،بل ألنّني أعرف أنّنا في العمق واحد ،وتسخير ُجهدي ألذية أي إنسان في الخليقة ،سيؤذيني أنا ،فكلّنا واحد .وبسبب فقداننا االتصال بهذه الحقيقة البسيطة ،والتسليم األرعن لحالة النجاة اللحظيّة وطمعهاَّ ،لوثنا األرض والمحيطات ،وس ّممنا عقولنا ،وأجسادنا بمعلومات ،وطعام يبعدنا ك ّل البعد عن رفعة الوعي. وهذه المعلومة أ ّكدها لي السيد «جافن ،»Gavinفي المقابلة التي أجريتها معه خالل بحث الدكتوراه ،قال لي «جافن» ،وهو متخصص في رفع مستويات األداء إن أسوأ القرارات التي يتّخذها القادة في الشركات والتواصل القلبي في الشركاتّ ، المروضة، ّ عندما يكونون في حالة خوف ،في حالة نجاة لحظيّة .من هذه الحالة غير يأتي القرار بِ َرمي الملوثّات في البحر ،وتصنيع منتجات مدمرة لإلنسانيَّة بهدف ط ،وغيرها من القرارات المريضة. البيع فقَ ْ س ْودا ِويّة -وهذا فيه شيء من وقد تكون الطريقة التي وصفنا بها وعي العا ّمة بال َّ الحقيقة -ولكن الجميل أيضا أننا نعيش اآلن في زمن الصحوة ،حيث يستيقظ الناس في ك ّل لحظة ،وفي ك ّل أرجاء العالم على وحدتهم األصيلة ،وأنت جز ٌء من هذه الصحوة ،والدليل أنّك تقرأ هذه الكلّمات اآلن .وبهذه الصحوة ستُخرج نَ ْفسك من دوامة الخوف وقراراتها المتدنيَّة ،لتصبح منارة ساطعة ،ترشد بنورها السفن ّ ي التائهة ،وتناديهم إلى نهر قلبهم األصيل .فنحن نحتاج صحوتك اآلن أكثر من أ ِّ ألن اإلنسانيّة تواجه أكبر تح ٍدّ في تاريخها في هذه اللحظة ،نعم ،هوأكبر وقت آخر؛ ّ تح ٍدّ ،فإ ّما االنقراض أو الصحوة ،ف ُكن جز َءا من االستمرارية والرفعة ،ال الدمار. وقد تتساءل اآلن ،ولكن كيف أكون جزءا من الصحوة؟ وكيف أستيقظ من الواقع االفتراضي المبرمج ،وحتى هذه اللحظة لم أفهم المقصد من الواقع االفتراضي؟ دعنا نطرح مثاال بسيطا للتوضيح: عندما تمشي في الطبيعة ،وترى األشجار حولك ،فكيف تختبرها؟ خذ وقتك في التفكير. هل ت َراها كوسيلة للترفيه ،وتوفير األثاث؟ أم تراها مكانا ّ للتنزه؟ أم شيئا آخر؟ فك ّل هذه الخبرات المبرمجة ،ت َظهر على السطح لحظة النظر إلى الشجرة. ولكن ما عالقة هذا بالعالم االفتراضي؟ هل أنت جاهز لإلجابة؟ متأكد؟ أنت ال ترى الشجرة ،بل ترى محتوياتك الفكريّة. وهذا يعني أن الشجرة غير موجودة ،هي وهم! التسرع بال ُحكم على المعنى المقصود هنا ،فليس المقصد ّ أن ُّ انتظر لحظة ،قبل الشجرة الفيزيائيّة غير موجودة «وقد تكون كذلك» ،ولكن كلمة «الشجرة» هي فإن خبرة الشجرةُ ،و ِلدَت مع والدة كلمة أطلقناها جميعا على هذا «الشيء» .لذلكّ ، فكرة الشجرة ،فالّلغة هي وليدة األفكار. وهذا يُرجعنا إلى المبدأ األصيل للكتاب ،وهو أنّك تختبر أفكارك ،وليس العالم ي المبرمج.الخارجي ،وإن عرفت ذلك ،فستتحرر تلقائيًّا من الواقع ال َج ْم ِع ّ ي ،هو مجموعة من «الكودات الفكريّة المبر َمجة» لتمثيل الواقع، فالواقع ال َج ْم ِع ّ تماما كألعاب الواقع االفتراضي .ولألسف برمجة الواقع األساسية تأتي من وهم االنفصال ،لتبقي الغالبية في حس االنفصال عن الطبيعة والكون؛ لذلك يبقى قوته ،وتسخير طاقاته الشخص ال ُمبرمج غارقا بالخوف الممنهج ،بهدف ترويض ّ ألجندات خارجية ،ولن نخوض هنا في الجهات التي برمجت هذا الواقع المنسوخ، وتفاصيل العمليّة الممنهجة الستنزاف الطاقة على مستوى ال ّ ،DNA ألن هذا يحتاج إلى كتاب آخر ،وسيأخذنا البحث في هذا المنحى إلى قوى السيطرة في العالم المرئي وغير المرئي ،وتاريخ األرض المستور. بعض من فضولك ،سأقول لك إن قوى السيطرة ليست الشركات ،أو ٍ ولكن إلشباع الحكومات ،وإنّما هي تحصل على بع ٍد آخر ،بُعد ال َم ْرئي ،يتّم فيه التالعب يحول الشخص بالمنظور ،لتبقى العا ّمة في طاقة الخوف واألحكام .فوعي الخوف ّ ت من هذه الغيبوبة، إلى قِطعة لحم طاقيّة ،يسهل نهشها واستعبادها .ومتى استَفَ ْق َ واسترجعت سيادَت ََك الطاقيّة ،انتهت لُعبة السيطرة من حياتك ،وبدأت لعبتك َ صة ،وهي لعبة الوحدة القلبيّة ،وفيها إمكانات مستورة ،واحتماليّات تعبيريّة ال الخا ّ محدودة. ألن الواقع االفتراضي «يُخلَق ويُف َعل» من داخل ذهنكّ ، فقوته فالقوة بيدك؛ ّ ّ لذا، هي في جهلك ليس ّإال ،فالواقع االفتراضي يستبيح طاقة الناس ،بسبب جهلهم بوحدتهم ،وبأنهم المشكلّون لواقعهم ،وبهذا ضمنيَّة الجهل بذاتهم األصيلة ،فالذات تبرأت مني خالد ،وفيه القدرة التلقائيّة على التكوين .فإن َّ األصيلة هي وعي روح ٌ قوتك األصيلة ،وعندها ستصبح الجهل ،ستبرأ من العالم المبرمج وسيطرته ،لتتذكر ّ كبطل فيلم الماتركس «نيو» ،عندما استيقظ ،ورأى «العالم» من حوله كما هو، ك ُمحتويات فكريّة ،يوجه بكودات طاقيّة مبرمجة ،وعندها فُتحت له أبواب ليست محدودة ،وبدأ باستعمال قوانين الميتريكس لمصلحته. ظة من هذه العبوديّة ،هو طريق القلب ،فقلبك ليس مستعبدا بالعالم وطريق اليَقَ َ سمة،االفتراضي ،وإنّما يستنبط الحقيقة كما هي ،يستنبط الحياة واحدة غير مق ّ ويستنبط الواقع كما هو بنسخته األصليّة ،كلعبة فكريّة قابلة للتغيير والتشكيل .القلب ُخزن كوداتك الروحيّة األصيلة ،التي سترشدك هو المفتاح لطريق الحريّة؛ ألنّه ي ّ سرنا الصغير. إلى التذ ّكر ،تذ ّكر الذات األصيلة ،وهذا ّ القلب هو المفتاح السري ،لنسختك األصليّة. ستحس بالمسؤوليّة ،والشغف لقيادة ّ وبهذا التذ ّكر ستُعلن أنّك إنسان ُحر ،وعندها صة ،وتعبيرك الخاص ،وبما الجنس اإلنساني إلى حريّته األصيلة ،وبطريقتك الخا ّ ع َرفه ك ّل قائد مستنير في التاريخ ،فَ ْه ُم أنّك أنت يتناسب مع رسالتك الفريدة .هذا ما َ تحولت مه ّمة القائد من الخارج إلى الداخل ،بمناجاة الناس المش ِ ّكل لواقعك ،وعندها ّ لتحرير ذهنهم من أفكار العبودية ،لتظهر بعدها الوسائل واالستراتيجيات الداعمة لهذه المه ّمة ،على األرض الفيزيائيّة. وبهذا المنحى الداخلي من التغيير ،سترتقي إلى أسمى ،وأذكى استعمال للعزيمة، فالعزيمة الحقّة ليست ُمس ّخرة للدفع والجهد الخارجي ،بل للسقوط إلى قلب الحريّة في داخلك ،إلى قلب الذات األصيل. للتذكير: * عملية التغيير داخلية مئة بالمئة. *في األصل التغيير عملية بسيطة ،ومستمرة إن لم تقاومها. * مكونات الذات هي ثالثة :الوعي ،الفكر ،ونور اإلدراك. * أفضل طريقة لتبنّي األفكار من عدمها ،إن كانت خادمة لك أم ال. *لتتحرر من الواقع المبرمج للعامة ،عليك العودة إلى الوحدة القابعة في القلب. ّ أسئلة للتف ُّكر: خالقة على األرض؟ ماذا سيختلف في حياتي إن عشت كقوة روحية َّ لماذا المرونة الفكرية مهمة في حياتي؟ ما هي الفكرة التي إن تخلّيتُ عنها ،سأفتح عالما جديدا من داخل نفسي؟ هل أنا جاهز للحرية الفكرية ،وبصدق؟ االستعمالُاألسمىُللعزيمةُ العزيمة كلمة متداولة بكثرة في تطوير الذات ،حيث تظهر وكأنّها عنصر ال محدود ،تستطيع أن تخترق به الجبال والبحار ،ولكن هذا ليس دقيقا ،فالعزيمة قوة العزيمة ،بل هو دعوة لتوجيهها اإلنسانيّة محدودة .وهذا ليس انتقاصا من ّ باالتجاه األسمى؛ لتسخر نعمة العزيمة لفعاليتها الكبرى. وقبل ارتقاء العزيمة إلى أعلى درجات الفاعليّة ،تمر عادة بمراحل من النضج، ففي البداية ،تُستعمل العزيمة كوسيلة للتشجيع ،وشحذ اإلرادة وحسب ،حيث االنتقال من جملة «ال أستطيع» ،إلى «أستطيع» .ولكن أنا وأنت نعرف خير المعرفة ،أنّه كررت هذه العبارة ،وحتى لو قفزت مع آالف األشخاص في محاضرة ،لتهتفوا مهما ّ سويًّا «أنا أستطيع» ،فستفتر هذه الحماسة بعد أيام قليلة ،لتتسلل خلسة بعدها إلى ذهنك فكرة «أنا ال أستطيع» ،ومعها يأتي الشك بقدراتك .وإن كنت عازما على التقدم ،فستحاول إعادة ال َك ّرة ،فتبدأ بتذكير نَ ْفسِك من جديد بأنّك تستطيع ،لتعود الدوامة نفسها بين «أستطيع» ،و»ال أستطيع» ،وتبقى عزيمتك تتالطم بين هذين النقيضين. وال نقصد هنا بتاتا أن ننتقص من أهمية تشجيع الذات ،فأنا شخصيًّا أُذ ّكر نفسي بأنّي أستطيع في كثير من األوقات ،وأطلب من أصدقائي تذكيري بهذا لخلق شحنة أن هذا هو االستعمال السطحي عاطفيّة لحظيّة ،ألخذ فعل تقدُّمي ،ولكنني أَعي أيضا ّ للعزيمة؛ ألنّه ال يتعدّى بُعد االزدواجيّة ،بين أستطيع ،وال أستطيع .والصراع في حلبة االزدواجيّة ُمت ِعب للغاية ،ويحتاج إلى المراوغة المستمرة للعزيمة ،ناهيك عن أن الحياة قد تُطيح بالعزيمة كلّها في لحظة واحدة ،أمام موقف غير متوقّع كالمرض. لذا ،سأقترح عليك أن تفتح الستارة هنا على مفهوم جديد للعزيمة ،فالعزيمة التي ندعو لها هي ليست المصارعة الدائمة مع مارد الحياة ،بل هي الفطنة. الفطنة التي نعنيها هي التيقظ ألفكارك ،فاألفكار مجرد أفكار ،وال داعي لمحاربتها ،ففي النهاية أنت ال تريد محاربة فكرة أنا ال أستطيع ،بل تريد عدم تصديقها فقط ،باستخدام الفطنة ،وبهذا ستبقى في حالة االنسياب ،ومن دون الحاجة حتى إلى إضافة المزيد من «أنا أستطيع» للسيل المتدفّق .فالطفل ال يحتاج أن ينظر إلى المرآة ،ويصرخ لنفسه «أنا أستطيع» كي يتعلم ويتطور؛ وذلك ألنّه على اتصال ض ْمني بالفضاء الذي يتدفق منه التقدّم واإلمكانات. ِ ألن فيه التيقّظ الدائم للذهن وأفكاره الشخصيّة ،من الفطنة هي خصلة المحترف؛ ّ مارة، دون تصديقها ،أو الوالء لها ،بل السماح لها باالنسياب في النفس كسحابة ّ والسحابة إن حجبت نور الشمس ،فهي ال تلغي وجودها؛ لذلك فإن الح ّل الشافي لك ّل المحددات الفكريّة ،هو عدم تصديق األفكار بالفطنة ،فقط ال غير. وقد يخطر لك اآلن« :ولكن إن لم أصدّق أفكاري ،ماذا عن األفكار البنَّاءة ،أفال أصدقها أيضا؟». وسنجيب هذا السؤال بسؤال آخر :ما هو مصدر األفكار البنّاءة؟ المكرر ،بل هي نتاج الذكاء الكوني، ّ األفكار البنّاءة ليست نتاج التفكير الشخصي فهي تلك النوعيّة من األفكار التي تظهر أمامك ،كنوع من الومضات الفكريّة ،لتلمع أعمق من الحياة .وإن كانت كلّمة ّ في نفسك بمنظور جديد ،يرتقي به إلى بُ ْع ٍد الومضات الفكريّة محيرة لك ،فتذكر تلك اللحظات التي تقول فيها «آآآآآآه!». هذه هي األفكار التي تسعى لها ،أو باألصح تسعى للسماح لها بالظهور ،هي الحكمة واإللهام ،وفيها الهداية إلى رسالتك الومضات الفكريّة التي تحمل في روحها ِ القلبيّة .وهذه الومضات الفكريّة ستتزايد بارتقائك عن األفكار الشخصيّة المبرمجة، الحر في فضاء الذات؛ لذا ك ّل ما عليك فعله هو السقوط خلف أفكارك ّ وسقوطك الحكمة ،وهذا أعلى الشخصيّة ،كي توفر البيئة الكيميائية المناسبة لسطوع أفكار ِ استعمال للعزيمة. أنا أعيش حياتي بهذا الطريقة ،أبقى غالب الوقت بفطنة الفضاء الداخليّة ،وإن انجرفت مع أفكاري المبرمجة ،أعود سريعا إلى الفطنة ،حيث ترتقي تدريجيًّا القدرة الضمنيَّة على عدم تصديق األفكار .وهذا لم يحدث في يوم أو يومين ،وإنّما عن طريق التدريب المستمر على االحتراف الذهني ،واالستعمال المتكرر لتكنولوجيات روحية فعالة ،للبقاء في حالة الفطنة .وسنشارك معك في الوحدات التالية بعضا من ف عن ف عن تصديق أفكاركُ ،ك َّ هذه التكنولوجيات ،ولكن تذكر أن المبدأ ذاتهُ :ك َّ التشبّث بها ،وعندها سترى كيف ستعمل عبقرية الحياة من خاللك. أنا أختار أن أعيش بهذه الطريقة؛ ألني أعي تماما ،أنه مهما ارتقت قدراتي الفكريّة صة ،فلن أتغلب على عبقريّة الحياة؛ لذلك أختار التسليم لها .وبالمقابل فعبقريّة الخا ّ الحياة ال تخذلني ،وتوفّر لي دائما أفكار اإللهام القلبي ،فاإللهام مرشدي ،وصديقي، وسيدي ،وفارسي ،أرضخ ألمره ،فيقودني إلى المرحلة القادمة ،فحتى هذا الكتاب الذي تقرؤه أتى من فضاء اإللهام هذا .فضاء الذات. فتذ ّكر أن ك ّل الكتب التي ستكتبها ،والمحاضرات التي ستلقيها ،واألغاني التي ستل ّحنها ،واالكتشافات التي ستصل إليها ،هي موجودة اآلن في نهر إلهامك ،في نهر مصيرك ،وك ّل ما عليك فعله ،هو أن تدع سفينة الحياة تجري في النهر كما سرنا الصغير. تشتهي ،من دون عرقلتها بطحالب أفكارك الشخصيّة ،وهذا ّ االستعمال األعلى للعزيمة ،بأن تدع نهر الحياة لقيادة سفينتك ،دون عرقلته بأفكارك الشخصيّة. وطريقة أخرى للتحدث هذا الشكل من العزيمة ،هي كما يصفها المتحدث الي كامبيلَ « :ب ِعّد عن طريقك» ،فهذا كان أسلوبه الخاص ،لوصف كلمة السريان في الحياة .فقد أتى الوقت لتسري في نهر الحياة ،وتدع سفينة اإللهام تقودك ،دون االنخطاف األعمى إلى قصص الذهن ورواياته ،وهذا تدريب مستمر :أن تدع ذهنك يف ّكر .ويف ّكر .ويف ّكر دون أن تصدّق أفكاره ،فاألفكار تُش َحن بتصديقك لها ،افصل قوة. هذا الشاحن ،فتصبح الفكرة كالبخار ،من دون حو ٍل أو ّ ت فكرة «أنا ال أستطيع» في فضائك الفكري ،فهي ليست َّإال فكرة عابرة فإن َ ظ َه َر ْ حتى تعطيها أُذُنَك ،وعندها سيشتدُّ عود الفكرة ،وتبدأ بأخذِك إلى صالتها السياسية، وحواراتها المشذّبة ،لتُقنعك بص ّحة طرحها .أو يمكنك أن تختار موقف المحترف، وتبقى في فطنة المراقب ،وال تُنصت للفكرة ،وإن كانت مقرونة باإلحساس .وهذا ال يعني أن تحارب الفكرة ،بل احترمها بقولك لها شكرا على المشاركة كما يقول: «تي هارف إيكر ،»T. Harv Ekerلتقوم بعدها باالستكمال في تيّارك الخاص، واألخذ ب ُخطى تقدميّة. وعندما تمشي في تيار الفعل التقدّمي ،ستتالشى األفكار ال ُمعَرقِلة مع االندفاع سحر هو التركيبة العجيبة التي تبدأ بالعمل ،عندما سحر ،فال ِ ّ بالفعل ،وهنا يَحدث ال ِ ّ بغض النظر عن رأي نظام الخوف وأفكاره. ّ تقوم بفعل تقدّمي باتّجاه سريانك، ولكن قد تف ّكر اآلن ،ولكن ماذا لو كنت فعال ال أستطيع القيام بفعل تقدُّمي؟ ماذا لو ي ّأال كنتُ فعال ال أستطيع أن أقف أمام عشرة آالف شخص ،وألقي خطابا ،فهل عل َّ بغض النظر؟ ّ أصدّق هذه الفكرة ،وأقوم بالفعل التدرج. ُّ نحن ال ندعو هنا إلى القفز المبالغ فيه خارج منطقة الراحة ،ولكن ندعو إلى فقد ال تكون خطوتك القادمة أن تتكلّم أمام عشرة آالف شخص ،ولكن قد تكون أن ب على الحديث أمام شخصين ،أو تتدر َ تأخذ دورة في التحدث أمام الناس ،أو أن َّ تشبثت بالفكرة المحدّدة ،وهي َ ثالثة ،ولكنك لن تفعل هذا الفعل التقدُّمي الصغير ،إن مجرد فكرة ،مجرد وهم ،مجرد بخار. فال تنتظر أن تنتهي األفكار المحدّدة ،كي تلمس تدفقك األصيل ،وتأخذ فعال تقد ِّميًّا، بل دع األفكار الخائفة تثرثر من دون تصديقها ،فالذهن الخائف سيبقى يثرثر؛ ألن له أجندة واحدة ،وهي الحماية ،وهذا يعني البقاء في منطقة المعروف والمكرر؛ لذلك سيتف َعل الجزء الخائف فيك ،كلّما مشيت أكثر في رحلة القلب .فالمحترف ليس ي ،ليُسقط ذهنه ور ِق ٍّ روضها ٍّ بفن ُ من ألغى وجود األفكارالخائفة وال ُمعرقلة ،بل من ّ تدريجيًّا إلى قلب الحياة ،ويتدفق مع نهر التعبير الصادق. الترويض الذهني ال يتم بمكاسرة يدي األفكار؛ ألنّها ستجرفك بحواراتها ،وقيودها «المنطقيّة» ،ولكنّه يتم بالفن ،فن تعدّي األفكار ،وهذا الفن فيه نوع من األناقة س ّل خلف األفكار المبرمجة دون محاربتها ،وهذا يأتي والحدسية ،التي تجعلك ت َ ْن َ ع ِلقت في بالتدريب ،وهذا التدريب هو أعلى استخدام للعزيمة .وإن َ حواراتك الذهنيَّة ،وفقدت صفاء الفطنة ،فليس هناك مشكلة ،فهذا أيضا جزء من التدريب ،وك ّل ما عليك فعله هو االنتظار ،حتى ينزلق ذهنك مرة أخرى إلى الصفاء ي ،وهذا سيحدث إن لم تضف أفكارا على األفكار ،أو تحاول إيقاف األفكار . الداخل ّ بالتموج ،فهل ّ فإن كانت أمامك بحيرة صافية ،ورميت فيها حجرا ،وبدأ السطح سترمي حجرا آخر ليرجع الماء إلى صفائه الطبيعي ،أم ستتركه ليسكن وحده؟ ص ّمم للعودة إلى حالته الطبيعيّة إن لم تقاومه ،حاله حال الجسم عندما الذهن ُم َ يُجرح ،فالجسم ُمص َّمم ليُ ْشفَى ،ويعود إلى حالته الطبيعيّة وحده ،إذا لم تنظر إلى الجرح ك ّل دقيقة ،وتبدأ بخدشه ،فهذا التد ّخل سيؤ ّخر عمليّة الشفاء .فالس ُِّر إذا هو في عدم التد ّخل ،وهذا هو االحتراف الذهني. االحتراف الذهني ال يحصل بإجبار الذهن على العودة إلى صفائه األصيل ،بل هو السرعة التي تنفصل بها عن ذهنك ،لتعطيه المجال ليرجع وحده إلى طبيعته ،وهذا سرنا الصغير.ّ االحتراف الذهني هو إتاحة المجال للذهن للعودة -وحده -إلى صفائه األصيل. قادر على البقاء في حالة ليس هناك أحدٌ من البشر ،مهما ارتقت قدراته الذهنيَّةٌ ، الصفاء الذهني طوال الوقت ،دون االنزياح هنا قليال ،وقليال هناك ،هذا ما أ ّكده لي هاورد مارتن في المقا بلة التي أجريتها معه .هاورد هو أحد المؤسسين لـ «هارت ماث ، »HeartMathوهي من أعظم المؤسسات في العالم اآلن ،في استعمال إن أهم المهارات التي العلم والتكنولوجيا لدراسة الذكاء القلبي ،قال لي هاوردّ »: يجب أن يحترفها الشخص في المرحلة القادمة هي المرونة الذهنيَّة ،التي تسمح معرفا الحالة األصليّة بأنّها شكل منللشخص بالعودة إلى حالته األصليّة بسرعة»ّ ، الهدوء وصفاء الذهن .فالحياة ستشدك يمينا وشماال ،ومقياس االحترافيّة هو بالوقت الذي ستستغرقه للرجوع إلى مركزك. وإن ُكنت غير مقتنع باألهميّة غير العادية للمرونة الذهنيَّة ،فدعني أقدّ ْم لك هذا سك اليوم لمقابلة فيها إمكانيَّة تغيير مجرى السنياريو االفتراضي :تخيّل أنّك تج ّهز نَ ْف َ واستمتعت بوجبة َ ولعبت الرياضة، َ ضت منذ الصباح الباكر، حياتك لألبد .فنَ َه َ سك ذهنيًّا ،وعاطفيًّا للمقابلة ،وأصبحت مستعدًّا تماما ألخذ هذا صحيّة ،وجهزت نَ ْف َ دت إطارات السيارة األربعة فارغة من الهواء، جتَ ،و َج َّالتحدي ،وعندما خ ََر َ واألسوأ من ذلك أن بيتك ليس في المدينة ،وال يوجد أيّة وسيلة نقل أخرى. هنا ستعرف أهميّة المرونة الذهنيَّة ،والعودة السريعة إلى حالتك الطبيعيّة! فإن استمر ذهنك بجرفك في مسارات التوتر ،لن يكون عندك الصفاء الكافي حال ،وتم ّكنت من إيجاد وسيلة للتروي والتفكير في الحلول البديلة ،وإن وجدت ًّ َحمل هذه الطاقة المتوترة المبعثرة معك على ست ِ خاصة للوصول إلى المقابلةَ ، المقابلة ،وسيشت َ ُّم الناس هذه الطاقة ،فتفسد عليك ك ّل شيء .تذ ّكر أنّنا ال ندعو هنا تهتز إثر المواقف ،ولكن المغزى هو في السرعة التي ستعود لئال تسمح لنَ ْفسِك بأن ّ ّ بها لمساحة الصفاء. ومساحة الصفاء ،والسكون الداخلي موجودة في داخلك طوال الوقت ،فهي «أنت»، إن التدريب األسمى للعزيمة، أنت «األصيلة» ،أنت «الخالدة»؛ لذلك يص ُّح القول ّ هو االنفصال عن أفكارك الشخصيّة ،وتسليم نَ ْفسِك للذات األصيلة ،وهي فضاء من الوعي الخالص .وفي هذا أيضا التسليم لتدفق الحياة ،ستصبح أنت والحياة نهرا واحدا ،ال ث َ ْوران يتصارعان في َحلَبَة. وهذا التسليم لن يساعدك فقَط على العودة إلى حالة الصفاء ،بل أيضا إلى تدفّقك األصيل ،وهو المكان الذي يسطع منه تعبيرك الفريد وأداؤك الراقي ،ففي حالة التسليم تنهار الحواجز بين الشخص والروح ،وتختفي الحاجة إلى التملّك والسيطرة ليبزغ تلقائيًّا من خاللك األداء الراقي. على تدفّق الحياةُ ، ق بوعيٍ ،أو من دون ،فعندما ُكنتُ أتحاور مع صديقي هذا ما عرفه ك ّل ُمؤ ٍدّ را ٍ آدم ،أحد العبي المنتخب الوطني االسكتلندي للرجبي عن ماهية األداء ،قال لي ت قلبي ُمباشرة ،قال « :إيهاب ،ك ّل العب اختَبَ َر في وقت ما وقتها كلمات لَ َم َ س ْ حيث يتدفّق اللعب من غير مجهود ،وتنساب الحركات ُ سحريّة لألداء، الحالة ال ِ ّ ّ وكأن شيئا من بيُسر ،ويجد الالعب نفسه في المكان المناسب والوقت المناسب، ُحركه دون تفكير .وهذا ما يبدو للمتفرج الخارجي كحال ٍة ُمدهشة من الفطرة ي ّ البساطة ،فاألداء الذي َيش َهده َيخلو من التعقيدات والمجهود ،ويمتلئ بالفاعليّة، والجمال ،واألسلوب الفريد». أن ك ّل العب يحاول الرجوع إلى هذه الحالة بكافّة ومن ث َّم أضاف« :المشكلة ّ مرة الطرق ،فيحاول بشدة إحكام ذهنه باإليجابيّة ،علّه يرجع إلى حالة التدفّق ّ أخرى ،ولكن في هذا شيء من عدم الفهم لحالة التدفّق ،فالتدفّق حاصل حاصل ،إن لم تتدخل باألفكارالخائفة ،وتحاول مقاومتها كي تتغير» ،وهذا ما أثبتته لنا األبحاث أن الشخص يدخل التدفّق صصة بدراسة حالة التدفّق ،لتُظهر لنا ّ العلمية والمتخ ّ عندما تكون أنشطته الذهنيَّة أقل ،وليس أكثر كما يظن المعظم. فدع التوتّر والقلق بحاله دون مقاومته ،فهو ليس َّإال أفكارا قلقة تحاول التح ُّكم ُحركها،بالعمليّة االبتكاريّة ،ولكن هيهات ،فالعمليّة االبتكارية فيها عنصر خالد ي ّ س ِي ُرها ،وما التد ّخل فيه َّإال البعد عنه. وترتيب ذكي فائق يُ َ وقدرتك على تعدّي األفكار القلقة ،والعودة إلى «تدفقك» ستتزايد تدريجيًّا عندما ستعري قصصك الفكريّة ّ أن الخبرة اإلنسانيّة تحصل من داخلك؛ ألنّك عندها ت َعي ّ أن القلق ال يأتيمجرد بخار .وستعي ّ ّ مجرد أفكار،ّ من غطائها ،لتراها كما هي: من الجمهور ،أو النتائج أو غيرها ،وإنّما من مجرد أفكار ،وسيتّضح لك حينها ي عنه غالب البشر :أن التوتر والقلق وك ّل ع ِم َ بوضوح الشمس المنطق البسيط الذي َ أن تتخلص منها أو الخبرات المحسوسة ،ما هي َّإال نتاج األفكار ،وليست وظيفتك ْ تُنهيها؛ كي يكون أداؤك يسيرا ،وتعيش بسالم ،وتجري مع نهر الحياة. أن أحدهم قال لي ذلك من قبل؛ إنّه ليس علي وفي الختام قال لي آدم« :أتمنى لو ّ ي فعله هو أن أذهب إلى الملعب وألعب، الت َخلص من أفكار القلق ،وإنّما ك ّل ما عل َّ ألعب فقط». العب رجبي ،ولكنك العب في الحياة ،وك ّل ما عليك فعله هو أن تلعب، َ قد ال تكون سرنا الصغير.أو بجملة أخرى أن تكون أنت ،فهذه روح اللعب األصيلة ،وهذا ّ روح اللعب هي أن تكون أنت. كن أنت ،والعب بك ّل عفويتك ،فاألداء الراقي وليد العفويّة واالستمتاع ،حيث تتدفق الحياة من خالل قلبك بيُسْر وحرية ،سأقولها مرة أخرى للتأكيد :من خالل قلبك. صة َحصلت معي قبل خمس ولتوضيح المغزى من كلمة القلب ،دعني أشاركك قِ ّ سنوات. في ذلك الوقت كنت أرفع من قدراتي كمتحدث ،وكنت أقوم بعدة خطابات تدريبية صص لتدريب بجهة اسمها (توست ماسترز ،)Toastmastersوهو مكان مخ ّ الناس على التحدّث أمام الجمهور .كنت في غاية االستمتاع ،وكان أول خطابين قدمتهما رائعين ،حتى أتى الوقت للخطاب الثالث. قام رئيس الجلسة بالنداء على اسمي حينها ،فقمت بثقتي المعتادة على المسرح، ومشيت بخطى واثقة إلى المنتصف .نظرتُ إلى عيون الحاضرين وهي تترقب ماذا سيخرج من فمي ،وأنا أُحس بنفس اإلحساس المعهود في صدري كدقات متسارعة من قلبي بسرعة أكبر وأكبر. لم أ َ ِع ْر انتباها إلى هذه النبضات؛ ألني اعتدت عليها ،و َه َم ْمتُ بالكالم ،وكان الخطاب متوازنا وجميال ،حتى أتت تلك اللحظة. ولك أن تتنبأ ما هي هذه اللحظة؟ هي أكبر مخاوف المتحدثين… ت لك ،نَسيتُ ك ّل شيء ،وانعقد لساني، َفس الفكرة التي َخ َ ط َر ْ نعم ،في الغالب ن ُ ت قدمي.س ْ وتيبّ َ بدأت األفكار بالتسارع في رأسي « :أين الكلمة التي بعدها؟ أرجوك احضري، لماذا لم تحضر؟ ماذا أفعل اآلن؟ ماذا أفعل اآلن؟ وتسارع هذا الحوار في رأسي ي حتى لم أعد أسمع غير رنين صداه» ،وبالرغم من تعالي الصوت الداخلي ،بَ ِق َ لساني حبيس فمي ،وما كان لي َّإال أن أضحك حينها ضحكة ساخرة من نفسي، وأقول للجميع :عفوا لقد نسيت كل شيء .قمت ـومن دون إذن -بالعودة إلى مقعدي، عصر معدتي عصرا. وشعور الخزي يَ ِ ي بالرغم من صعوبة الموقف لحظتها ،وعدم قدرتي على التصرف حينها ،بَ ِق َ عشقي للتطور المستمر ،وفهمي أن في كل تجربة فرصة للتطور ساكنا في داخلي. فبدأت أُحاول أن أنتقص الخير في هذا الموقف؛ لذلك ذهبتُ في وقت االستراحة ُ أضمن إلى السيد زهير -المسؤول عن توست ماسترز -وسألته « :سيد زهير ،كيف ي وقال بصوت واثق « :إيهاب، ي خطاب أقدّمه في المستقبّل؟» ،فنظر إل ّ ّأال أنسى أ ّ إن تكلّمت من قلبك ،فمن المستحيل أن تنسى». سر أن ّ درك ّ استغرقتُ سنوات وسنوات ألفهم المعنى الحقيقي للتكلّم من القلب ،وأ ُ ِ الخَطابة الراقية هو أن تتحدث من قلبك ،فأنت الخطاب ،وقلب الحياة هو الخطيب، حضّر ما أريد أن أقوله في الفيديوهات ،أو نعم بهذا الترتيب .لذلك فأنا اآلن ال أ ُ ِ التدريبات الفرديّة ،أو الجماعيّة ّإال تحضيرا سطحيًّا للتنظيم الشمولي لألفكار والنية، وأعتمد أسلوب القلب ،أسلوب العفويّة .وهذا ما أُدرسه في كورس صوت الوعي ( ) Authentic Speakerفي أكاديمية كن انت. وما النقيض لذلك؟ أن تُحاو َل التطفُّل عل تدفّق القلب ،وعرقلته. أن ت َعبُر من خاللنا؟ ولكن ،لماذا نعرقل تدفق القلب ،ونَمن ُع تلقائيّة الحياة ْ المكررة :الخوف .هو الخوف الذي يجبرك على القفز المرضي ّ نعم ،إنها اإلجابة َنق للتلقائيّة ،وقَتلجب للتدفّق الطبيعي ،وخ ٌ لنتائج األداء ،وفي هذا الخوف َح ٌ لالستمتاع. أن الح ّل موجود ،وهو بداخلك اآلن ،الح ّل هو أن تنظر إلى ولكن الخبر الجيّد ّّ بغض النظر عن النتائج ،وأن ال شيء قادر على ِّ داخلك لترى أنّك في العُمق كامل أن يَسلُبَ َك قيمتك ،وال أن يضيف إليها. ومن هنا سيتدفّق األداء بجما ٍل َو ِرقّة ،فال خوف من الخطأ سيزلزله ،وال الخوف ُؤرقه .وهكذا يتحول األداء إلى ما يفترض أن يكون عليه :نوعٌ من سي ّ من الخسارة َ اللعب ،بَدَ َل أن يكون مسألة حياة أو موت ،بالخوف من النتائج ،أو أحكام الناس. لتحرر ِجنّي العبقريّة. ّ السر األبدي ّ هذا هو سر العبقريّة ،هو اللعب بعدم التد ّخل في تدفّق األداء .وإن كان هذا إن ّ فقد نقول ّ المبدأ بسيطاّ ،إال أنّه ليس سهل التطبيق؛ ألنّك ستواجه حينها نظام الخوف فيك يتروض ،ويستسلم تدريجيًّا للذات العليا ،وباستخدام العزيمة. ّ مرارا وتكرارا حتى للتذكير: * أعلى استخدام للعزيمة هي بتسخيرها للرجوع إلى فضاء الذات. * المرونة العاطفية للعودة إلى حالتك األصلية قد تكون من أهم مهارات العصر القادم. * األداء الصادق ينبع من التماشي مع تدفقك الخاص. * العبقرية في األداء هي قرينة اللعب في األداء من دون َج ِدّيَّة ،أو تعلق بالنتائج. أسئلة للتفَ ُّكر: هل ستستطيع مراقبة أفكار التوتر من دون محاربتها ،وبقولك لها شكرا؟ ماذا سيتغير حينها؟ ّرت عن نفسك من دون التعلق برأي الناس ،أو أجندة النتائج؟ ماذا سيحدث إن عب َ ماذا سيتغير إن أعطيت لنفسك ٪١٠مساحة أكثر من التلقائية ،والعفوية؟ طريقُالمواجهةُ الحياة لها طريقان ال ثالث لهما ،إ ّما باتّجاه الذّات األصليّة ،أو الهرب منها ،وهنا برز الحياة لنا الخيار ،إ ّما باتّجاه الذات األصلية، قوة الخيار ،ففي ك ّل لحظة ت ُ ِ ت َك ُمن ّ داء الخوف ،يَبدو أنّه اختار أن يُعيد اختيار أو البُعد عنهاَ .و َو ْعي ِ اإلنسانيّة ال ُمصاب بِ ِ الهروب من مواجهة نَ ْفسِك ،فهذه المواجهة تَدُبُّ ُ الهروب ،ولكن ،الهروب من ماذا؟ الرعب في نظام الخوف ،ألنّها تكشف زيفه ،وتُجْ لي َو ْهم االنفصال الذي يُغذّيه. فالمواجهة التي نتكلّم عنها ليست مواجهة خارجيّة ،مع أنّها قد تعبّر عن نَ ْفسِها بهذا عمقها هي مواجهة نظام الخوف في داخلك ،وترويضه .فعندما الشك ّل ،لكن في ُ يتفعّل نظام الخوف فيك ،يبدأ فوريًّا باإلسقاطات الخارجيّة ،معلّقا أسباب عدم األمان على كافّة المصادر الخارجيّة ،وهنا تتحول إلى دور الضحيّة ،وتتحول نشوة الوجود مستمرة من التأ ّهب والقلق واألحكام األتوماتيكيّة ،واألحكام هي أشد ّ فيك ،إلى حالة استراتيجيات الخوف خطورة. المكرر،ّ هنا بالتحديد تأتي الفرصة للخيار ،فإ ّما أن تنجرف بنظام الخوف ومنهجه صدَر الوحيد الذي وتبدأ َ برمي أسباب معاناتك على المصادر الخارجيّة ،متناسيا ال َم ْ سخ َر عزيمتك ألخذ المسؤوليّة تنبعث ِمنه ،وهو أفكارك ،أو تختار خيار الفارس ،وت ُ ِ ّ َبرز فتعري نظام الخوف من دَ ْو ِر الضحيّة الذي ي ُحبّ أن يمارسه ،وهنا ت ُ ّ كاملة، سرنا الصغير. القوة الحقّة ،وهذا ّ ّ القوة الكاملة. المسؤوليّة الكاملة ،تعني ّ طت باللوم على الخارج ،واتّخذت ودعني أكشِف لك أيضا ِس َّر األسرار :مهما أسقَ ْ أسلوب الهروب كمنهج في حياتك ،واستحضرت أسبابا غاية المنطقيّة لعدم النظر طلَقَة ،وهي ّ أن لعدم األمان من داخلك ،فلن تستطيع الهروب من الحقيقة الكونيّة ال ُم ْ صدَ َر ك ّل أحاسيسك ،ومن ضمنها عدم األمان ،هي من داخلك .مهما حاولت َم ْ الهروب من هذه الحقيقة ،فستالحقك هذه الحقيقة في يقظتك وحلمك ،وسيعود عدم األمان الذي أنّكرته في داخلك ،ليَظهر ،ويتجلَّى في أماكن مختلفة في حياتك ،لترى سك تلعب معه لعبة المطرقة كاألطفال ،فكلّما ظهر وجهٌ بالستيكي على السطح، نَ ْف َ تطرقه ،فينزل إلى الداخل لفترة ،ثم يعود ليظهر بشكل آخر. ْح شكلك، أن َمصدَ َر عدم األمان فيك هو من قُب ِ تظن ّّ كنت َ فعلى سبيل المثال ،لو ألن فكرة القُبح التي ي كافة ،فلن تستفيد؛ ّ وسعيت إلى ك ّل أنواع التجميل الخارج ّ َ وذهبت لتُنهي هذا َ تُر ِعبُك هي من داخلك .ولو كان عدم أمانك من قلة المال، اإلحساس بجمع الماليين ،فعدم األمان لن ينتهي ،وسيبقى الخوف يصرخ فيك قائال: ق ُمشينَة وسلوكيّات « ماذا لو فقدت المال؟» ليُعبّر هذا الخوف عن نفسه بِ ُ ط ُر ِ أر ْدت أن تتغلب على إحساس «أنا لست جيّدا» بالتبرع بك ّل ما تملك بغيضة ،وإن َ للجمعيات الخيريّة ،فهذا التبرع لن يجلي خوف النقص الذي فيك .وإن كنت تحس صة ذاتها ،وعدم بنقص ال ُحب ،وسعيت للحصول عليه بأن تكون أكثر شهرة ،فالق ّ األمان لن يذهب ،وسيالحقك من مكان إلى آخر ،حتى تسعى إلى الح ّل الجذري، وليس السطحي. الح ّل الجذري يأتي في المواجهة ،في النظر إلى داخلك ،والمشي بصدر رحب إلى بوابة الخوف ،حتى ترشدك إلى ذاتك األصيلة ،وعندها ستدرك أن ك ّل مخاوفك ّ كانت أوهاما ،فكلّها أفكار مغلوطة عن طبيعتك األصليّة .عندها ستستمتع بتجميل نَ ْفسِك ،وجمع المال ،واالستمتاع بالشهرة ،ألنّها أصبحت ألعابا تستمتع بها ،ال ضمادات على الجرح .ولألسف ،فغالبيّة المواد المتداولة في التنمية البشريّة والسيكولوجيّة الكالسيكيّة ،تعمل كضمادات للخوف ،وليس باتّجاه المواجهة الحقّة، أو كما قد نصفها ،كاستراتيجيّات للتعامل مع الخوف ،وليس لمواجهته من الجذر. صة لتضمن حصول ولكن حتى إن لم ترغب بالمواجهة ،فالحياة لها طريقتها الخا ّ ذلك ،فكودات الروح األصيلةُ ،مبرمجة لكشف الزيف وليس تلوينه ،وإن امتد وقت الزيف لفترة .فالحياة ستكشف لك مخاوفك الدفينة عاجال أم آجال ،وفيها ك ّل األماكن ت فيها عن الذات.التي بَعُ ْد َ هذا الكشف يبدأ بهمسات رقيقة ،قد تكون على شكل عالمات صغيرة ،و َخ ِفيّة في وإن لم تسمع ،ستُرغمك الحياة على وإن لم تسمع ،ازدادت حدّة العالمةْ ، يومكْ ، بقوة ،وتشدها إلى فم الروح ،وهذه ص أُذُنك ّ صة ،فَت َ ْق ُر ُ اإلنصات بطريقتها الخا ّ الصرامة جز ٌء من رحمة الحياة. حاولت الحياد عن قانون الرحمة فلن تستطيع ،وحتى لو احترفت َ ومهما ألن ك ّل شيء يعمل ضمن هذا« ..قانون الرحمة». استراتيجيات المراوغة والتلوي؛ ّ فالفضاء الذي يجري فيه التكوين هو الرحمة ،والفضاء الذي تُختزن فيه ك ّل المعلومات الكونيّة هو الرحمة ،والمادة التي تُعجن منه أشكال الحياة المختلفة هي الرحمة ،فالرحمة هي المستور ،وهي الظاهر. الرحمة هي الشراب الكوني المتشبّع في ذرات األكوان كافّة ،وهي المادّة الجامعة، التي تُبقي األرض والكواكب في مساراتها ،وبسقوط الرحمة ،ستتساقط ك ّل الكواكب فإن الحياة تعمل خرج عن قانون الرحمة ،أو يعلو عليه؛ ولذلكّ ، باللحظة .فال شيء يَ ُ دائما وأبدا باتّجاه واحد ،وهو الرحمة ،حتّى إن لم تتوازَ الرحمة مع مفهومك عن الرحمة. فالرحمة قد ال تكون ما نرغب لها أن تكون؛ لذا تراها أحيانا كاأل ّم الصارمة التي تقف أمامك ،وال تدع لك مجاال للهروب حتى تنظر إلى داخل نَ ْفسِك .فأ ُ ّم الرحمة ت نظام الحياة بدقة لغاية اكتشاف الذات ،وفي هذا مصلحتك، س ْ الحنون قد هَندَ َ ومصلحة الخليقة كافّة ،وهذا أعلى درجات الرحمة. فالسؤال إذا ليس ما إذا كانت الحياة رحيمة أَم ال ،بل هل أنت متناغم مع قانون الرحمة ،أَم أنّك تحاول مقاومته؟ قوة ،وغالبا والغالبية العظمى من الناس تقاوم الرحمة ،وتحاربها بك ّل ما أوتيت من ّ دون الوعي بذلك .وطرق المقاومة للرحمة كثيرة ومتعدّدة ،ولكن أكثر البرمجيات للتطور السريع الذي ينشأ من قانون ّ مقاومة للرحمة ،وبالتالي مقاومة َ الفكريّة الرحمة ،هي البرمجة المغلوطة للسبب وال ُمسبّب ،أو الفهم المغلوط لهما. ت َرى العا ّمة «السبب والمسبّب» بمراحل أربعة ( والذي ألهمني لها في البداية مايكل نيل ،)Michael Neillوفي ك ّل مرحلة يَرتقي فيها التناغم مع قانون الرحمة ،ومعه االرتقاء بسرعة التعلّم مع الحياة .ففي المرحلة األُولى ،يَرى الشخص ال ُمسبّب ألحاسيسه من الخارج دائما وأبدا ،فهو هنا ضحيّة للعالم الخارجي ،يعمل كالروبوت ال ُمبَرمج على ردود الفعل األوتوماتيكيّة .هنا يعيش الشخص في حالة ستفزه ،وك ّل موقف يَ ّ ستفزه، َستفزه ،وك ّل شخص يَ ّ من االستفزاز الدائم ،فك ّل كلمة ت ّ ي هذه المرحلة من السببيّة المغلوطة سم َ والسبب يَبقى من الخارج دائما وأبدا .لنا ْ أن نُ ِ ّ بالضحيّة. ث ّم تأتي المرحلة الثانية من السببيّة ،وهي االرتقاء ما بعد الضحيّة إلى التحدي ،فهنا ط من عزيمتك، ي شخص يَ ُح ُّ ُمسبب اإلحساس من الخارج ،ولكنّك لن تدع أ َّ وستتحدى وتتحدى .هنا يبدأ العشق للمواد الكالسيكيّة في التحميس ،والتي ت ُنادي خطتك وأهدافك، دائما بالتحدّي والصالبة ،وتجاهل كالم الناس ،واإلصرار على ّ بالطبع أفضل من الضحيّة ،لكنّك ستصطدم فيها بسقف َوهم ّ ي َبعدَ ّ وهذه المرحلة أن هذه الذهنيَّة لن تُجدي النفع في كافّة األوقات. حين ،وخصوصا عندما تكتشف ّ فهم أعلى للسبب وال ُمسبّب ،ل َيصل إلى المرحلة الثالثة، عندها قد يرتقي وعيك إلى ٍ وهي مرحلة المنظور. في مرحلة المنظور يبقى ال ُمسبّب لإلحساس خارجيًّا ،ولكن يُم ِكنُك التالعب به، خسرت ،وأحسست باأللم من الخسارة ،فستغير َ قوة المنظور ،فإن وتغييره باستعمال ّ قوة المنظور منظورك عن الخسارة لتصبح فرصة للتعلّم .ولكن ،بالرغم من ّ وفاعليّته ،فقد يسعفك أحيانا ،وأحيانا ال ،فالخسارة بحدّ ذاتها هي فكرة في النهاية. وإن ارتفع مستوى وعادة ما َيعمل الشخص على هذه المستويات الثالثة تباعاْ ، التمكين من مرحلة إلى أخرى ،لكن ت َ ْبقى ك ّل هذه المراحل من السبب والمسبّب… ٌ جاهز لإلجابة؟ هل أنت تبقى َو ْهما… أن مسبّب اإلحساس هو خارجي ،متوازية َجزم ّهذه المستويات الثالثة َو ْهم؛ ألنّها ت ِ مع فرضيّة ال ُمسبّب تنومك مغناطيسيًّا ،عن المكان الخارجي للخبرة اإلنسانيّة ،فالمراحل الثالثة األ ُولى ّ دوامة البحث الذي ت َنبُع منه الخبرة اإلنسانيّة ،وهو من الداخل ،وتبقى بذلك عالقا في ّ الخارجي عن الذات. وهنا تأتي المرحلة الرابعة للسبب والمسبّب ،أو باألحرى المرحلة الوحيدة صدَر أحاسيسك ُكلّها من أفكارك (أو باألحرى أن نقول الموجودة ،وهي الداخليّة ،ف َم ْ األفكار التي بُرمجت عليها لتظن أنها أفكارك!)؛ لذلك ،فالمراحل الثالثة األولى هي الو ْه ِم الذهني ال ُمبر َمج. نوع من َ ي ،ونابع من وأن سبب ك ّل األحاسيس داخل ٌّ ولكن ،كيف لنا أن نُث ِبت أنّها َو ْهمّ ، أفكارك؟ لإلثبات ،اسمح لي بأن آخذك في جولة صغيرة ،وهي جولة إلى زاويتي الصغيرة من المنطق. الو ْهم والصدق ،هو التعامل مع الثوابت ط ُرق التمييز بين َ من أبسط وأسرع ُ سرنا الصغير.الكونيّة ،فالثوابت الكونيّة ال تكذب ،وإن شئنا ذلك ،وهذا ّ أسرع طريقة للتمييز بين الوهم والصدق ،هو استعمال الثوابت الكونيّة. ي هو من يَبقى ثابتا بتغيير ي؟ الثابت الكون ّ ولكن ما هو المقصود من الثابت الكون ّ الزمان ،أو المكان ،أواألشخاص ،أو المعتقدات ،فمثال ،الجاذبيّة األرضيّة ثابت ي بغض النظر أين كنت ،وبأ ِّ ِّ ست َقع، قفزت من سطح عمارة َ َ غير متغيّر ،فإنكوني ُ عصر ،ومهما كان عمرك ،أو معتقداتك (ونحن ال نتكلّم هنا عن القدرات الخارقة). أعمار وطوائف مختلفة ،وعلى ٍ وإن قفز عشرة أشخاص من مبنى ،وكانوا من ْ أوصافٍ مختلفة ،وفيهم السمين والنحيف ،والعا ِلم باللغة واأل ّمي ،فماذا سيحصل رت هذة التجربة بعد عشر كر َ عندما يقفزون من العمارة؟ اإلجابة هي ذاتها ،وإن ّ َض النظر عن الفوارق الخارجيّة ،أو حتى سنين ،أو ألف سنة فسيقعون أيضا .فبِغ ّ إذا آمن الناس أنّهم سيقعون أم ال ،فسيقعون ،والسبب بسيط ،وهو أن الجاذبيّة األرضيّة ثابت كوني. أن اإلنسان لم يعرف بوجودها يّ ،إال ّ أن الجاذبيّة األرضيّة ثابت كون ّ وبالرغم من ّ ّ قوة غير مرئيّة ،حتى لو كانت نتائجها واضحة ،لذلك، َّإال منذ وقت قريب؛ ألنّها ّ تهور البعض ،وقفز من االرتفاعات العالية ظانّين فقبْل اكتشاف الجاذبيّة األرضيّةَّ ، أن أسباب السقوط شخصيّة ،وال تنطبق أنّهم يستطيعون التحليق؛ ألنّهم اعتقدوا ّ عليهم ،وعند اكتشاف حقيقة الجاذبيّة األرضيّة ،انجلى هذا الوهم .وليس هذا فحسب، بل استطاع اإلنسان استعمال هذا الحقيقة لصالحه ،بتطويع مهاراته الذهنية بحسب الثابت الكوني ،فاخترعنا المصاعد ،وغيرها من االختراعات التي ت ُ َ س ِ ّخ ُر الثابت الكوني لمصلحة اإلنسان. ي عن السبب قد يبدو هذا المثال غريبا ،وليس له أيّة عالقة بالحوار األصل ّ ي ٌ ثابت كون ّ وال ُمسبّب ،ولكن في الحقيقة له ك ّل العالقة ،فالسبب وال ُمسبّب يَحْ ُك ُمهما أيضا ،ونحن نجهله حتى اآلن ،وجهلنا به ال يُغيّره ،وإنّما يُبعدنا عن ذاتنا األصليّة، ويُبعدنا عن عطيّات الرحمة التي تتدفق تلقائيًّا من النظر باتجاه هذا الثابت. أن ك ّل شخص في أي ي على المستوى الرابع من السببيّة ،وهو ّ يعمل الثابت الكون ّ فإن كان الشخص متوتّرا، حس أفكاره ،سواء أكان يَعي بها أم الْ . زمان ومكان يَ ُّ فسبب التوتّر فكرة متوتِّرة يختبرها الشخص في نفسه تلك اللحظة ،وهذا من دون ي .ولو كانت القضيّة معكوسة ،وكان سبب توتُّراتك من َمصدَر ٌ ثابت كون ّ شك صدَر سيسبّب اإلحساس نفسه لك ّل شخص في العالم ،وفي ك ّل يّ ، فإن هذا ال َم ْ خارج ّ أن هذا غير صحيح، مكان ،وفي ك ّل زمان ،وعلى اختالف المعتقدات ،ونحن نعرف ّ ت آخر ال تتأثر مرة ،وت َِجد َُك في وق ٍتحس بالتوتر من ال َمصدَر نفسه ّ ّ فحتّى أنت قد به ،فهل نستطيع أن نُط ِلق على ذلك بالثابت الكون ّ ي؟ وقد تُف ِ ّكر اآلن« :الحوار جميل حتى اآلن ،وفيه شي ٌء من المنطق ،ولكن أين العمليّة في ذلك؟». صدَر السبب ،وال ُمسبّب هو أساس العمليّة، ي ل َم ْ قد ال أبالغ حين أقول ّ إن الفهم الحقيق ّ األول ،واألخير على ك ّل نتائج حياتك .وقُدرتك على التجاوب مع هذا الثابث والمؤثّر ّ هو تجاوب لقانون الرحمة بالتغيير السريع واليسير. للتوضيح ،دعنا نطرح مثاال قد يبدو فيه التغيير فيه بالصعب ،أو البطيء جدًّا، الرهاب أو «الفوبيا .»Fobia وهذا المثال هو ُّ الرهاب هو الخوف الشديد من شيءٍ معيَّن كالطيران ،أو المصاعد ،أو أنواع معيّنة ُّ من الحيوانات ،وهو من األمثلة التي أحب أحيانا أن أطبّقها مباشرة أمام الجمهور، إن كان هناك إليضاح مفهوم السببيّة .فمثال ،في أحد الحوارات التي أدرتُها ،سألتُ ْ رهاب معيّن ،ألنهيه فورا أمام الجميع ،ودونَ أن أعرف ٌ شخص في الجمهور لديه ٌ الرهاب ،ولماذا أريد معرفته؟ فذلك سببه ،وهذا هو السحر ،فال أريدُ أن أعرف نوع ُّ لن يُقدّم ،أو يُؤ ّخر عمليّة الشفاء. رفع حينها أحد األشخاص يده ،فطلبت منه الجلوس أمام الجميع؛ ألبدأ بمعالجة ُرهابه باستخدام بعض األساليب التي استحدثتها في العالج الخيميائي ،وفي أق ّل من عشر دقائق ت ّم الشفاء .ك ّل ما فعلته حينها ،هو أنّني أَعطيته الفرصة ليَرى ما بعد ي ،وحتى اآلن ال أعرف نوع إحساس عدم األمان ،ليتجاوز هذا االختناق الطاق ّ الرهاب الذي كان عنده ،وال أهت ُّم بمعرفته. ُّ ي يَج َهل مدرب ،أو معا ِلج نفس ّ أن هذا الشخص نفسه ذهب إلى ّ لك أن تفترض ّ إن سبب الفوبيا هي من المصاعد. مفهوم السببيّة على المستوى الرابع ،وقال لهّ : حينها سيبدآن سويًّا جلسة بعد األخرى لمعالجة الخوف من المصاعد ،وقد يستغرق ي للخوف من المصاعد .ولكن ،هذا الحل هو األمر سنوات ،بالتخفيف التدريج ّ ألن الفرضيّة مغلوطة منذ الطريق البطيء جدًّا ،هذا إن وصال إلى الح ّل أصال؛ ّ أن سبب الخوف من المصعد. البداية ،وهي ّ إنسان في أي ٍ َّب المصعد الخوف لك ّل سب َهي مغلوطة؛ ألنّها لو كانت ثابتا كونيًّا ،لَ َ أن المصعد ليس مسبّب الخوف ،وإنّما السبب مكان ،وأي زمان! وعند التيقُّن من ّ ُعرف ّ أن هو تفعيل أفكار الخوف في تلك اللحظة ،مع اإلحساس الناتج معها ،سي ُ المصعد هو فقَط الزناد الذي ت َظهر فيه فكرة الخوف ،وعندها سيختلف أسلوب، ومنهج الشفاء تماما. ي؛ ألنّه يعمل على ي ،والتدريب التقليد ّ هذا هو السبب الرئيسي لبُطء العالج النفس ّ فرضيّه ال ُمسبّب الخارجي ،ليغوص في نظريات معقدة ِجدًّا وحوارات ذِهنيّه ال أحس بها بالخوف من ّ تنتهي ،قد تأخذ المتدرب إلى أولى ذكريات الطفولة ،التي أن مسبّب األحاسيس هو من أفكارك فقَط المصاعد ،وقِس على ذلك؛ لذلك بمعرفتك ّ شر فيها ذهنك للخارج ،وهذا يتض ّمن الماضي، صة التي يُؤ ّ ال غير ،وليس الق ّ سترتفع مباشرة قدرتك على التغيير ،أكثر من الغالبيّه العظمى من المعالجين سرنا الصغير. النفسيين ،وهذا ّ ي ،سترتفع قدرتك أن أفكارك هي ال ُمسبّب ألحاسيسك ،وليس العالم الخارج ّ بمعرفتك ّ على التغيير مباشرة. وال تظن المقصد هنا أن تُرغم نَ ْفسِك لترى أن مصدر األحاسيس من الداخل ،فحتى حاولت لن تستطيع ،وال أظن أن هناك إنسانا على وجه األرض قادر على رؤية َ إن ي .حتى أنا العارف الخبرة اإلنسانيّة مطلقا من الداخل ،طوال الوقت ،وهذا طبيع ّ بهذا الثابت ،أرى ُمسبّب األحاسيس في كثير من األحيان من الخارج ،سواء من األشخاص ،ال َج ّو ،المال ،المشروع الذي أعمل عليه ،البالد ،المرض ،وكما قلت ي.هذا طبيع ّ كثير من األوقات ،لكنّي على ٍ يقين ولكن بالرغم من أنّي أرى الحياة من الخارج في ٍ غض النظر عن كيفيّة رؤيتي لها في اللحظة ،فالحقيقة أنّها ال تحصل ّإال كامل ،أنّه ِب ِ ّ من الداخل .فخبرة الحياة تتجلَّى من داخل طاقتك االبتكارية ،فأنت الخالق لخبرتك اإلنسانية .ولمعرفتي بهذه الحقيقة الكونيّة ،تراني أَعود سريعا إلى التناغم مع المستوى الرابع من السببيّة ،وهنا ينتهي الصراع فورا ،وأعود إلى الذات ،أعود إلى اللحظة. أن أُن ِفّذ المشروع غدا ،ولكن عندما يَرجع إل ّ ي اليقين، ي ْ فقد أكون أُصارع؛ ألنّه عل ّ صل االنفصال عن الفكرة ،ليعود ذِهني مجرد فكرةٍ متوتِّرة تسافر بالزمن ،يَح ُ ّ بأنّها رويّة رويّة إلى بُعد اللحظة ،إلى بُعد اآلن ،وفي «اآلن» يُلمس السكون ،والسكون الحكمة ،والحلول البسيطة التي تسعفك ،أو هو األقرب لذاتك األصليّة .عندها ستجد ِ قد تكتشف أنّه منذ البداية لم يكن هناك مشكله ِلحلّها أصال! وهذا الغالب. وعندما يتزايد فهمك لداخليّة الخبرة اإلنسانيّة ،ستبدأ بالعودة أكثر وأكثر لبُعد اللحظة ،ليتّضح لك من هذا البُ ْعد الصافي ،ميكانيكيَّة عمل الذهن كما هي ،من الداخل إلى الخارج .وهذه مرة بعد أخرى ،حتّى ي سيُبر ِهن لك نفسه ّ الميكانيكيّه ستأخذ بالتزايد ،فالثابت الكون ّ ال تستطيع أنكاره ،فقد تبدأ برؤيته بالعمل ،ثم العالقات ،ثم الصحة ،وكأنها أحجار دومينو ،تبدأ واحدة بالسقوط ،لت َسقُط ك ّل األحجار األخرى تِباعا .فعلى سبيل المثال: ت داخليّة الخبرة اإلنسانيّة بالتفتّح في نفسي ،كنتُ أراها هنا وهناك ،حتى عندما بَدَأ َ ْ أصبحت مثل اللعبة الممتعة ،تغريني لفتح آفاقَ جديدة في ذهني ،متحدّية منظوري ْ الكالسيكي عن طريقة عمل الذهن ،حتى وصل التح ِدّي إلى الجو البارد في إسكتلندا، مكان دراستي في الماجستير والدكتوراه .كنت أمقت األجواء في إسكتلندا ،ومهما حاولت أن أغير منظوري عنه في السابق ،لم أكن أجد الحل الشافي الذي يرضي ضميري .ثم بدأت أتالعب بمفهوم الداخليّة ،مع خبرتي مع الجو ،حينها بدأت أالحظ، تحس فورا بالبرودة، ّ طرة ،فالناسأنه عندما تبدأ السماء باألمطار ،بإنزال أول قَ ْ وكأنّه نوعٌ من البرمجه الجمعيّة للبرودة ،وهنا بدأتُ أرى دَ ْو َر التفكير في خبرة الجو . بالتالعب أكثر في هذا ال َم ْنحى الفكري ،بدأتُ أالحظ هذا إني قادر على إحساس ي ،ومن دون البرودة بطريقة مختلفة تماما ،باختبارها من فضاء األمان الداخل ّ وكأن البرودة تسري في جسدي ّ فتتحول الخبرة إلى عمق غير مسبوق. ّ مقاومة، كشعور منعش نقي من دون أية ُمعاناة. وأنا أعي اآلن ،أنّه حتى أحاسيس البرودة هي معلومات فكريّة تسري في النفس، سنا الخمسة تُفَعّل باألفكار .نعم حتّى األجواء هي خبرة أفكارك ،وهذا ما فحوا ُّ احترفه ،ويُعلمه «ويم هوف »Wim Hofالحاصل على ٢١رقما قياسيًّا في موسوعة جينس لألرقام القياسيّة لتغيير حالة الطقس من داخل ذهنه. وليس المقصد مما أقول ،هو أني أُفضّل األجواء الباردة اآلن ،على العكس ،فما أن خبرة فضّل األجواء المشمسة ،فجسدي يُحبّ الشمس ،ولكنّي أدري ّ زلتُ أ ُ ِ إن كنتُ في أجواءٍ باردة ،فال أُعاني منها ،بل قد أستمتع األجواء ت َبقى داخليّة؛ لذلك ْ ع ِلقَت في تفكيري ،وهذا لحظي. بها كما هيّ ،إال إذا َ خالقة لخبرتك ،وإنما أنت. أن حتى األجواء ،ليست ّ وما أحاله من شعور أن تدري ّ قوتك الحقيقيّة ،ألنّك أنت ال ُمش ّكل لخبرتك اإلنسانيّة على األرض ،أنت هنا تزخر ّ أن المعاناة ال تأتي من «الواقع» ،وإنّما من أفكارك، المشك ّل لواقعك ،لتدرك ّ ألن المقاومة تعميك عن رؤية وبالتحديد من المقاومة الفكريّة لما َيحدث باللحظة؛ ّ سرنا الصغير.ال َجمال والعُمق الساكن في كل لحظة ،وهذا ّ ي للمعاناة ،هي المقاومة الفكريّة لما َيحدث في اللحظة. السبب الرئيس ّ مقاومة اللحظة ،هي مقاومة لطاقة الخلق االبتكارية ،وفيها رفض صارخ لكينونة الحياة… لذلك ،التقبّل هو مفتاح االستمتاع بالحياة ،والتقبّل ال يعني «الرضا الكاذب» بأن «تحتمل» الظروف كما هي ،وإن كانت ال تناسبك ،وال تناسب احترامك لذاتك، همل قُدرتك األصليّة على تغيير ما ال تُفضّل ،بل على العكس والتقبل ال يعني أن ت ُ ِ والتطور .فال يُمكن أن تُغيّر ما ترفضه؛ ّ تماما ،فالتقبّل هو أسرع طريقه للتغيير خزنة في قلب الموقف الرافض له ،وستبقى ألنّك بالرفض لن تتعلم الدروس ال ُم ّ عالقا في مستوى الوعي القديم .ففي المثال السابق عن األجواء ،إن لم أ َ َر خبرة ّ الجو ألستشف دروسا عميقة عن نفسي في األجواء ّ من فضاء التقبّل والسماحيّة ،لم أ َ ُكن الباردة ،فالتقبّل يُخرج الدرس من داخل أي موقف بيسر وسرعة مهما بدت شدّته الظاهريّة ،ليأخذك إلى عمق أكبر في اكتشاف الذات ،حينها يفك اللغز ،ليرتفع الوعي تلقائيًّا للمستوى الذي بعده .المستوى الجديد في لعبة الحياة الروحيّة. َصلُها باإلكراه ،وإنّما بالعمل مع القوى المتضادة، التقبّل هو ليست حالة ذهنيّه ت ِ وهذه المعلومة وحدها أخذتني سنين طويلة لتنضج بذهني بالبساطة التي سأقدمها لك اآلن. عند محاولتك لقبول الموقف كما هو ،فأنت تخلق مقاومة وعنادا أكبر للجزء الرافض له أصال؛ لذلك الحل لهذه المعضلة بسيط جدًّا ،بجمع النقائض ،وبالقول: ي لكذا» .ففي حالة األجواء الباردة أنا أتقبل «أن أتقبل كذا ،وأتقبل الجزء الرافض ف َّ أحاسيس البرودة ،وأتقبل الجزء الرافض مني ألحاسيس البرودة ،وهكذا ستتحول كل الصراعات إلى جسر للذات. فالذات األصليّة هي تقبُّل كائن ،وقائم لكل النقائض الذهنية ،هي كينونتك ،هي أنت، أنت األصليّة ،فطبيعتك األصليّة هي فضا ٌء من التقبّل والسماحية .وهذا يتضمن أكثر التعابير تناغما مع الذات ،وأكثرها حيادا عن الذات ،والمساحة بينهما ليست ألن َمصدَ َر الحياة ليس محدود. محدودة؛ ّ ي لك ّل تج ِلّياته ،وهذا هو تعريفألن الوجود فيه تقبّل ضمن ّ سر الوجود؛ ّ التقبّل هو ّ ال ُحبّ غير المشروط من الحياة للحياة. هذا التقبّل سيزداد ضمنيًّا بتع ُّمق فهمك لداخليّة الخبرة اإلنسانيّة؛ ألنّه بهذا ،ستنتقل ِوجهة تركيزك من الخارج إلى الداخل ،وفي هذا التو ّجه الضمني إلى الذات األصليّة .لكن تيقّن أن برمجة المسبّب الخارجي ،مزروعة بخاليا اإلنسانيّة منذ عقو ٍد وعقود ،و ُمت َجذّرة من رأسنا إلى أخمص قدمينا؛ لذلك نرى من الندرة أن ن َِجد شخصا يُش ّع منه تقبّل الذات ،ويتجلّى فيه نجم التعبير الساطع. ي ،هي المسؤولة بالدرجة األولى عن رفض الذات ،وهذا برمجة المسبّب الخارج ّ أساس العبودية اإلنسانية ،بل هي روح العبوديّة؛ ألنّها ت َست َعبِد اإلنسان برفضه لذاته، وهذا أكثر السجون طغيانا. فمن بحث عن تقبّل الذات في الخارج ،فهو ضمنيًّا رافض لها؛ لذا َيبقى في حالة وحكمته ي عن َمصدَر تقبّله ِ ي مستمر ،بالبحث الخارج ّ خوف ،وأحكام ،وإلهاء طاق ّ مكررة .هذا الشخص سيركض وقوته ،لتراه يُقدّس جهات خارجيّة ،و َيعبُد أفكارا ّ ّ الهثا للبحث عن مفاتيح اإلجابات هنا وهناك ،علّه يجد في شخص أو جهة ما مفاتيح اإلجابة. وكيف ال َيبحث عند ذلك الشخص ،وهو يبدو عليه الجالل ،والورع بلباسه األبيض الناصع ،ولحيته الطويلة الُمنسدلة ،ومسبحته الرنَّانة ،والتزامه بالشرائع .أو قد بحث عن اإلجابة في هذا الكتاب ،أو ذاك ،أو ذاك ،أو ذاك ،وفي نهاية هذا البحث َي ُ لن يجد ّإال السراب؛ ألن اإلجابة دائما وأبدا من داخلك ،فرحلتك فريدة ،وطرقها فريدة ،وإجابتها فريدة ،ولن ت َِجدَ اإلجابات ّإال في قلب قلبك .فحتّى كلمات الكتب الروحية ال ت َِحمل اإلجابات؛ ألنّها من داخلك ،فالكتاب ليس بالمجيب ،وإنّما بالمرشد َعرف في ذاتك.والمذ ّكر بما ت ِ ي ،باستعمال تكنولوجيّات روحيّة ولهذا سيبدأ الكتاب هنا بتفتيت وهم البحث الخارج ّ عمق الذات ،والتعبير المتجدّد عنها. دائم على ُ تركيز ٍ ٍ فعّالة ،لتُبقيك في للتذكير: * مهما حاولت الهروب من «عدم األمان» في اإللهاء الخارجي ،سيالحقك حتى تواجهه من داخلك. ّ األدق. * هناك ٤مراحل لرؤية السبب والنتيجة فيما تُحس ،والبُعد الرابع هو * قانون الرحمة يعمل باتجاه اكتشاف الذات ،سواء أحببت ،أم لم تحب. * تقبل الذات يختلف عن الرضا الكاذب ،بتح ُّمل ما ال تريد. * تقبل الخبرة اللحظية كما هي ،هو أسرع طريقة لتعلم الدروس ،والتطور المستمر. أسئلة للتفكر: ما الذي تحاول الهروب منه باإللهاء الخارجي؟ هل ستحب نفسك أكثر إن اخترت مواجهته في وقت من اختيارك؟ ماذا سيحدث لو غيَّرت تعاملك مع ما ترفض وجوده في حياتك إلى تقبّل؟ لماذا تقبُّل الخبرة اللحظية سيحدث ثورة في حياتك؟ التكنولوجياُالروحيّة ي الذي الحياد عن المكان األصل ّ التطور التكنولوجي ،هو ِ ّ واحدة ٌ من أكبر مشكالت تُط ِلق فيها التكنولوجيا إمكاناتها الكاملة ،وهي التكنولوجيا الروحيّة ،فعلى الرغم أن مفهوم التكنولوجيا حديث الوالدة ،ولكن التكنولوجيا الحقّة ،هي قديمة قدم من ّ عرفك على ماهية التكنولوجيا. الزمان ،ولكن كيف يكون ذلك؟ للتوضيح دعنا نُ ّ مجرد وسيلة لتسريع الوصول إلى الهدف ،بتوفير الطاقة، ّ أليست التكنولوجيا ث الرسائل الخطيّة بالبريد ،لت َظ َهر والوقت ،والجهد المبذول .فهل ت َذ ُكرعندما كنّا نَبعَ ُ بعدها تكنولوجيا البريد اإللكتروني ،فما الفارق بينهما ،غير الطبعة الرومنسيّة في الرسائل الورقيّه؟ الفارق هو التسريع الخارق لتبادل المعلومات. فلماذا ال يكون هناك إذا تكنولوجيات روحيّة تقوم بالمثل على مستوى الذهن الحكمه ،وهذا موجود، مسرعه لرفع الوعي ،والقدرة على تحميل ِ اإلنساني؟ كوسيلة ّ وهو بالضبط ما فَ َعلَتهُ الكثير من الحضارات القديمة. قدَّمت الحضارات القديمة عبر العصور تكنولوجيات روحيّة غايه بالتطور ،والتي التطور اإلنساني ،واألهرامات في ّ بقوة في رفع الوعي الكلّي ،وتيسير ساهمت ّ ي على ذلك ،فهي تعمل كتكنولوجيا مستنيرة ،حالها حال الالقِط ،الذي مصر مثال ح ٌّ يلتقَط تردّدات معيّنة من األثير ،بهدف تحميل إدراكات نجميّة مرتفعة .فاألهرامات ص ّممت بدقّة متناهيه، وغيرها الكثير من التكنولوجيا القديمة ،قد استُحدِثت ،و ُ مستخدمة قوانين الهندسة المقدّسة ،والعالقة مع األبعاد النجمية ،لرفع الوعي ي. اإلنسان ّ وقد تُف ّكر اآلن ما المغزى من هذا الكالم ،هل تريدني أن أَبني ه ََرما؟ إن كانت هذه سخربأن ت ُ ِ ّ سط من ذلك بكثيرْ ، ولكن المغزى أ َ ْب َ ّ رغبتك الصادقة ،فَ ِل َم ال؟! التكنولوجيات الروحيّة الموجودة بالطبيعة اآلن ،وبوفرة غير متناهية ،لتسريع ثالث تكنولوجيّات َ عمليّة اكتشاف ذاتك ،والتعبير الصادق عنها .وهنا سنقترح عليك صة. بسيطة ،وذات فاعليّة ِسحريّه عند تفعيلها ،وتطويرها بطريقتك الخا ّ فلنبدأ بالتكنولوجيا األُولى ،وهي ست َبقَى من أكثر التكنولوجيّات فاعليّة على َشيب قدرتها، اإلطالق ،ومهما تغيّر الزمان ،فهذه التكنولوجيا لم ت َف ِقد وهجها ،ولن ت َ متشوق لتعرف ما هي؟ ّ هل أنت إنها التنفّس! نعم ببساطة التنفّس. التكنولوجيا األولى :التنفّس: ي ،للروح غير تعبير مرئ ّ ٍ التنفّس هو وسيلة االتصال مع الروح ،فالتنفّس هو أقرب المرئيّة ،وحتى أصل كلمة «التنفس» تعني «من الروح»؛ لذلك نرى تكنولوجيا سرناالتنفّس ،مستعملة في أنواع كثيره من التأ ّمل ،واليوغا ،وغيرهما ،وهذا ّ الصغير. التنفّس هو التعبير األقرب للروح. التنفّس هو من أحدث التكنولوجيات الرافدة لعمليّة اكتشاف الذات ،فإيّاك أن تستهين بقوة التنفّسِ ،لوفرته فقَط ،فوفرة العنصرال تعني بتاتا االستغالل الكامل لقدراته، ّ على العكس تماما ،فبالكا ِد نرى العا ّمة يتنفّسون ِبعُمق ،ويُفَ ِعّلونَ ِب َوعي ٍ تكنولوجيا إن الدماغ ال يأخذ أكثر من ٪ ١٥من التنفّس .لهذا نرى الكثير من األبحاث تقول ّ الال واعي .وكيف تتوقع لهذا الشح حاجته اليوميّه من األكسجين ،بسبب التنفّس َّ أن يُؤثّر على أدائِك ،واتصالك الداخلي ،وإحساس بال َيقَ َ ظة اللحظيّة؟ بالنَّفَسْ ، فالسؤال إذا :كيف لك أن تُفَ ِعّل تكنولوجيا التنفّس ألعظم استخدماتها ،ومن الحرص بقوة هذه أن ال نقول «أعظم»؛ ألنّه مهما ارتفعنا في الوعي ،سنبقى جاهلين ّ التكنولوجيا ،وقدرتها الفائقة على التمكين .فلنبدأ باألساس ،وبعدها تستطيع أن تُط ِلق ق أخرى لتسخير التنفّس في ِرفعة الوعي. ط ُر ٍلنَ ْفسِك العنان ،الكتشاف ُ األول :هو التنفّس العميق من ال َم ِعدة، وسنُقدّم لك هنا نوعين فعّالين من التنفّسّ ، وهذا يعني تنفّسا عميقا وبطيئا ،من خالل َم ِعدتك وخارجها .وهذا يختلف عن الحاجز إلى األعلى ِ الحجاب الطريقة التي نَتنفَّس بها من غير وعي ،بتحريك ِ الحاجز. ِ الحجاب يحرك ال َم ِعدة لألمام والخلف ،وليس ِ واألسفل ،فالتنفّس العميق ّ بالتمرس على تنفّس المعدة من اآلن ،حتى يُصبح جزءا من حياتك ّ ولك أن تبدأ َراك تمشي وتتنفّس ،وتتّصل مع الناس وتتنفّس ،وتشاهد األفالم وتتنفّس، اليوميّة ،فَت َ دائم لطاقتك. وشاحن ٍ ٍ يتحول التنفّس إلى جزءٍ من طبيعتك الذاتيّة، ّ حتى ضج كنت تتنفّس بطريق ٍة صحيحة أو خاطئة ،بل دَع التدريب يَن ُ وال تُف ّكر بالبداية إن َ ي يقودك لت ُ َردّد أفضل وأفضل من التنفس ،وك ّل ما عليك ع ذكاءك الجسم ّ بعفويةَ ،ودَ ْ فعله هو التشبُّث ببساطة التنفّس العميق من داخل وخارج المعدة ،مع فاص ٍل تمرسك بالتنفّس ،ستبدأ ُ ِفطنتك باالرتفاع ،و َمعها قُدرتك على بالمنتصف .وبازدياد ُّ ترويض األنشطة الفكريّة ال ُمبالغ بها. سك إلى حالة التدفّق َسارع أنشطتك الفكريّة،هذا هو أهم وقت للتنفّسِ ،لتُعيد نَ ْف َ فعند ت ُ واالنسياب مع الحياة ،فالتدفّق ال يأتي كما ت َ َبر َمجنا عليه مجتمعيّا من التفكير الزائد، بل عند تباطؤ األنشطة الفكريّة بالذهن ،والعودة إلى الجسد؛ لذا احرص مع عمليّة سدالتنفّس ،أن ت َنقُل تركيزك رويّا إلى مكان التنفّس داخل جسمك .فالجسم هو المج ِ ّ قاطن في بُعد اللحظة. ٌ ألن الجسم صة؛ ّ لقوتك الخا ّ الفيزيائي ّ ي :أنّك تمشي برفقة أن تتخيّل هذا المثال االفتراض ّ ولتوضيح أهميّة التنفّس ،لك ْ صديقك بالشارع ،ومن دون سابق إنذار ،بدأ التوتّر يدبُّ فيك ،وعندها بدأ صديقك ت بالظهور ،وأَكتافُ َك ارتفعت ،وتس ّمرت إلى بمالحظة حالتك ،فتجاعيد َوج ِه َك أ َ َخذَ ْ ت إليه ،والسؤال قادك لتفقُّ ِد ما في داخلك، ظ ْر َ األعلى ،فسألك صديقك« :ما بك؟» فنَ َ أن أ ُقدّم مشروعا أمام الناس، ي ْ لتجيب« :أنا متوتّر بسبب األسبوع القادم ،ألنّه عل َّ ب من التحدُّث أمام الناس». وأنا أَرت َ ِع ُ لوج إلى داخل جسمك، للو ِ درة ٌ ِسحريّه ُ أن صديقك لديه قُ َ وتخيّل أنّه في تلك الحظةّ ، ص ُل في داخلَك…ل َيرى ما َيح ُ ي قد أطلق صافرة اإلنذار ،وتفعَّلت فيك حالة النجاة، أن جهازك العصب ّفسيرى ّ ي باألمان ،وهذه الحالة من النجاة هي شبيهةٌ ليتالشى معها اإلحساس الضمن ّ وكأن ال َموقِف يَظ َه ُر حرفيًّا في نفسك كخيار حياةٍ أو موت؛ ّ بالمواجه ِة مع الموت، لذلك في تلك اللحظة سيكون آخر شيءٍ تُف ّك ُر فيه ،هو االستمتاع بال َجمال من حولك، أواالتصال العميق مع صديقك ،وكيف ت َ ْف َع ُل ذلك ،وأنت في حاله نجاة؟! لذا ستتسارع طاقتك الذهنيّة إلى مشروع األسبوع القادم مع خطٍ ّ المستقبل الوهمي، ي حلول لحظيّة ،للتخلّص من هذا الخطرال ُمحْ دِق. للقدوم بأ ّ ي في اللحظه ،وتخيّل خطر حقيق ٍّ ٍ أن ك ّل هذا حدث داخل ذهنك ،ومن دون تخيّل ّ هنا أنّه في وسط الخوف والضوضاء الذهنيَّة التي تعيشها ،أ َ َخذَ صديقك بالنظر إلى عينك ،ليقول لك :تنفّس ،فقَط تنفّس ،ولكنّك لم ت َسمع ما يقول ،لضجيج األفكار في ت أكثر رأسك التي تشابه ضجيج المدينة الصاخب ،ليُعيد على مسامعك ،وبصو ٍ بعض من اإلدراك ،لتبدأ بالتنفّس العميق ،وتعود ٌ حنيّة ،فقَط تنفّس ،وحينها يعود لك صة الذهنيَّة في رأسك إلى جسدك .بذلك تعود تدريجيًّا إلى بُعد اللحظة تدريجيًّا من الق ّ أن إنذار الخطر كان وهما فقط ال غير ،فال شيء في تلك الساكن ،لت َعي حينها ّ اللحظة يستوجب الخطرّ ،إال إذا قفز أسد أمامك حينها! وغير ذلك ك ّل القلق كان سرنا الصغير. رحلة فكريّة ليس ّإال ،وهذا ّ القلق هو رحله فكريّة في خط الزمان ،ليس ّإال. أحسست فيها القلق ،وبدل َ كررت التنفّس ،ك ّل ّ مرة فتخيّل ماذا سيَحدُث لو أنّك ّ واستمررت َ صة نظام الخوف وأحاسيسها المرعبة ،ت َنفّ َ ست، االنجراف إلى قِ ّ أن سبب القلق ،هو صة الذهنيّة ،لتتذكر ّ بالتنفّس ،حتى يرجع الفاصل بينك وبين الق ّ أفكار ُمق ِلقة ،وليست حقيقة فيزيائيّة في الخارج ،فكم من الوقت والجهد ستُوفّر ٌ حينها؟ وكم من ردود الفعل اللحظيّة الطائشة ستختصرعلى نَ ْفسِك؟ فواحدة ٌ من العالمات الواضحة لت َسيُّد نظام الخوف عليك ،هي الحاجة اللحظيّة لر ِدّ الفعل تتصرف بطيش من حالة االنفعال اللحظي، ّ السريع ،فتراك فإن الحياة ستُدَ ّمر. تحس أنّك لو لم تُف ّكر بهذا الموضوع أو تحلّه اآلنّ ، ّ وفورا ،أو وفي ذلك المكان بالذات ،تتجلَّى أهميّة التنفّس حتى يرجع ُرشدُك ،وتأخذ الفعل الراجح ،أو قد تكتشف أنّه ال يوجد فعل ألخذه أصال ،وهذا الغالب. وقد تُس ّمي العا ّمة هذه الصفه بالعقالنيّه ،فال ُمتعقّل هو من َر ّوض نظام الخوف في نفسه ،وتمركز في ذاته ،وحينها ال ت َفَعُّ ُل الخوف فيه يسلبه عقله ،وال حتى االهتزاز ي ،يُجبره على ردّ الفعلي اللحظي. العاطف ّ دركُ فيها أهميّة التعقٌل ،عندما قرأتُ عن ِحكمة المرة األُولى التي بدأتُ أ ُ ِ وأ َ ْذ ُك ُر ّ الحكمة السريّة في مصر سسين لمدارس ِ إخناتون ،وهو من يُعتقد أنّه أحد المؤ ّ القديمة ،فإخناتون تحدّث عن التعقّل كأ َ َه ّم الصفات اإلنسانيّة الحترافها .في ال ِبدء، لم أفهم كيف يكون التعقّل بهذه األهميّة ،ولكن لعشقي ألسرار الوعي ،والخيمياء بحكمة المدارس السريّة هناك، التي كشفها المصريّون القدامى ،وإعجابي الخالص ِ تالعبتُ بهذه الفكرة ،حتّى تفتّحت زهرة إدراكي لألهميّة القصوى للتعقّل ،ومعها األهميّة القصوى للتنفّس َكرافِ ِد رئيسي للتعقّل. فَ َمن احترف التنفس ،وخصوصا في حالة الطوارئ الكذّابة ،لن يحتاج لتصحيح المتكررة من األفعال المغلوطة ،وهي األفعال التي ت َنبُع من مكان ال َح ْي ِد ّ العثرات ُسخر مجهوده عن التعقّل؛ لذلك ترى المتعقّل عميق البصيرة ،وخارق الفعاليّة ،ي ِ ّ ت طفوليّة يَس ُهل تَعَدّيها.المستمر لعثرا ٍ ّ للتطور والتقدّم ،بَدَ َل التصحيح ّ ي ،أو ال إن المتعقّل هو الشخص الذي ال يحس االهتزاز العاطف ّ الحظ أنّنا لم نَقُل ّ سهُ للعودة لمركز الذات بسرعة ،بعد ب نَ ْف َيتأثّر مع الحياة أبدا ،بل هو َم ْن دَ َّر َ االهتزاز العاطفي ،فالمتعقّل ليس َمن قَت َل نظام الخوف ،وإحساس النجاة المتأصل روضه ِب ِح َرفيَّة .وس َيبقى التنفّس للمتعقّل ،أداته المفضّله للترويض، فيه ،بل َمن ّ حالها حال المزمار للهندي ،الذي ير ّ ِوض فيه أفعى الكوبرا ،من دون القتال معها. وأردت الخوض أكثر، َ ت تكنولوجيا التنفّس بإغرائك لبساطتها ّ وقوتها، وإذا بَدَأ َ ْ أعر ْفك على تقنيَّة التنفّس الثانية ،التي واستغالل التنفّس بطريقة أخرى ،فدعني ّ مت من خالل «هارت ماث »HeartMathللوصول إلى حالة االتصال ص ّم ْ ُ اطالع بأنظمة هارت ماث المختلفة؛ ألنّي السريع مع الذات .أنا شخصيًّا على ّ س ّخر عن أبحاثهم. تدربت معهم ،وجز ٌء كبيرمن بحثي بالدكتواره ُ َّ استنتجت هارت ماث أنّه عندما يكون الشخص في حالة اتصال مع القلب ،أو كما يطلقون عليها حاالت االنسجام الكامل ،فالتواصل بين القلب والدماغ يصل ذروته، فترى حدسك اشتدّ ،ووضوحك لعناصر اللحظة ازداد .ففي حالة االنسجام يقوم القلب بإيصال رسائل فكريّة للدماغ ،للخروج من حالة الخطر ،والعودة إلى هدوء اللحظة ،فيبدأ الدماغ بتفعيل أماكن بيولوجيّة مختلفة منه ،لتفعيل الوعي العالي، والوضوح ال َح ْدسي ،والتحليل األعمق للمشاكل .وبهذا َيتِ ّم الرجوع إلى االنسجام الكامل بين القلب ،والدماغ. المتطورة، ّ َعمل هارت ماث الكثير من التقنيّات واألنظمة للوصول إلى االنسجام ت َست ِ فك اآلن على أسلوب تنفّس بسيط، عر َ قوة التنفّس .وسنُ ّ عمقها على ّ والتي ت َعتمد في ُ ع من هارت ماث لغاية الرجوع السريع إلى حالة االنسجام ،والتي يكون فيه ابت ُ ِد َ االتصال مع الذات األصليّة على أ َ ْو ِجه. العمليّة بسيطة وتأخذ ٣خطوات ،األُولى تبدأ ِبنَقل تركيزك لمنطقه القلب .ولتقوم أن تتخيّل دائرة صغيرة من الطاقة في منتصف رأسك ،وأنت تنقلها بيُسر بذلك لك ْ وسهولة إلى قلبك ،كأنّها تتحرك في المصعد لتنزل إلى العيون ،األنف ،الحنجرة، حتى الصدر .ر ّكز هناك على نبض القلب ،لتبدأ التناغم معه قليال قليال ،بعدها ابدأ وكأن قلبك الذي يتنفّس ،دع ّ ي ،وكأنّك تتنفَّس من داخل وخارج قلبك، بالتنفّس القلب ّ التنفّس يَطول أكثر من العادة ،ويذهب أعمق من العادة. وفي الخطوة األخيرة قم بتفعيل إحساس ُمعيَّن في منطقة القلب ،ودع اإلحساس يكون رقيقا ،ومقرونا بالقلب ،كالرفق أواالهتمام ،أو التعاطف ،أو التمتّع بال َجمال. س حر َك بها أحاسيسك القلبيّة ،ولكن تنبّه ْ أن ت َِح ّ قد تقوم بذلك بتفعيل ذكرى معيّنة ،لت ُ ّ اإلحساس اآلنَ ،بدَ َل التفكير فيه .عندها ستبدأ العودة إلى حالة االنسجام ،وحالة االنسجام هي في غايه األهميّة ،وفي غايه العمليّة ،فهي حالة األداء األقصى ،حيث أردت البحث فيها أكثر ،فلك ْ أن تتع َّمق َ يسري تدفّق الحياة من خاللك بسهولةْ . وإن في علوم هارت ماث ،وأبحاثهم. ي أكثر فأكثر ،ازدادت قُدرتك على العودة له بت على االنسجام القلب ّ و ُكلّما ّ تدر َ بسرعة أكبر ،وسأنصحك أن تضع وقتا معيّنا للتدريب على االنسجام ،مثال :قبل وجبات طعامك ،أو ما تراه مناسبا لضمان تَذَ ُّكر التدريب .هو ليس بالتدريب ال ُمضني ،وال يأخذ أكثر من دقيقتين ك ّل مرة ،وبالنهاية ستسطيع فِعله وأنت تمشي، وتقوم بمها ّمك اليوميّة. التكنولوجيا الثا ِن َية :الخيال الموجه: قوة الخيال الكبيرة ،وخصوصا عندما وصفها «نابليون لسنين كثيرة كنتُ أسم ُع عن ّ بالقوة غير المحدودة، ّ هيل »Napoleon Hillفي كتابه «فَ ّكر وازدَ ْد ثراء»، والذي أخذ منه أكثر من ٢٥سنة لكتابته ،بعد التع ّمق بالبحث مع أكثر من ٥٠٠ شخصيّة في أمريكا ،والذين يعدّون من أكثر األشخاص ثراء ،وتأثيرا في العا ّمة. أن شيئاوبالرغم من هذه التأكيدات ،وتدريبي المتواصل على رفع سويّة الخيالّ ،إال ّ استمر بالقول :إنّي لم ألمس من إمكانات الخيال ّإال شعرة بسيطة. ّ في داخلي ولكن ك ّل هذا تغيّرعندما ذهبتُ لمدّة يومين إلى «مانشيستر» ،ألتابع كورسا متقدّما َف من معرفة المصريين القدامى عن الوعي النجمي في الخيمياء الطاقي ،وال ُمستَش ّ مكان تفوح منه رائحة المصريّين ٍ (لك أن تتأكد اآلن ،أنّي أنجرف طاقيًّا أل ّ ي القدامى ،وكأنّها ُمذ ِ ّك ٌر لما أُوقِن في باطني). أَذ ُكر أنّي لم أ ُ ِرد الذهاب لذلك الكورس ،ألنّي رأيتُ مادّته ت َخلو من العمليّة ،وتتعدّى سس هذا النظام من الشفاء والذي يُدعى ( ِسحر النجوم)، حدودَ انفتاحي الذهني ،فمؤ ّ أو «ستار ماجيك هيلينج »Star Magic Healingيَغوص بالع ُمق عن وعي ي في العالَم ،والتالعب النجوم والحضارات النجمية ،وشبكات التبادل المعلومات ّ الحاصل فيها ،ويتع َّمق في العوالم الداخليّة ،ومنها األحصنة الطائرة والتنانين! أن هذا المستوى وحتى مع اعتباري لالنفتاح العقلي كواحدة من قُواي الخارقةّ ،إال ّ من النقاش فاق مدى امتدادي ،أو على األقل لم يكن قريبا للجزء التحليلي ِمنّي في عارف لك ّل شيءٍ ،وهو في الحقيقة أكبر ٌ يظن أنّه ّ ذلك الوقت ،ذلك الجزء الذي الجاهلين بسِحر الحياة وأسرارها .لذلك قبل الذهاب للكورس أحسست بق ّمة عطي فقررتُ أن أ ُ لكن قلبي بقي ميّاال إلى هناكّ ، التناقض ،فرغم غرابة الطرحّ ، َ الكورس فرصته ،وه َم ْمتُ بالذهاب ،أو باألحرى لشدّة فضولي القاتلة ذَ َهبْت! في البداية كانت األحكام تتسارع في رأسي ،فالناس هنا غريبون ،و ُمقّدم الكورس «جيري» غريب ،و و و… الكف ّ فقررتُ المتكررة لتعدّي األحكامّ ،إال أَنّها تملّكتنيّ ، ّ وبالرغم من محاولتي وقررتُ أَن أعيش المغامرة كما هي ،وبكافّة عناصرها ،ومنها عن المقاومهّ ، المتكررة في أعماق ذاتي ،بَدَأَت األحكام ّ األحكام .بعد اليوم األول ،والرحالت تتالشى ،لتتحول رويدا رويدا لشيءٍ من إثارة المجهول ،وبعد اليوم الثاني أحسستُ حق اليقين .بعدها بدأتُ أَقو ُم برحالتي الداخليّة أنّي أُو ِق ُن ما يقول «جيري» في قلبي َّ ص ْد َر وكأن َّ ومعارف جديدة لم ألمسها من قبل، َ تص َل إلى مستويا ٍ صة ،أل َ ِ الخا ّ بوابة جديدة وعلى مصراعيها ،لم أَعِ وجودها من قبل ،وبعدها الحياة ،فَت َ َح لي ّ ض ّم لكورسات ال ُمعلّمين هناك. استكملتُ رحلتي مع «ستار ماجيك»ِ ،أل َ ْن َ صة؟ وما عالقتها بتكنولوجيا الخيال؟ ص عليك هذه الق ّ لماذا أقُ ّ أن «ستار ماجيك» تعتمد على الخيال ،وأنّي أعني هنا الخيال الذي لم أَقُلهُ لك ّ الجامح ،الخيال الذي يعيشه األطفال ،ويذوقون به ِسحر الحياة َو ُودّها ،ألكتشف بعدها أن الخيال هو أساس علوم الخيمياء كافة ،حتى أن الخيميائين يطلقون على ي ،أوعلوم التحويل الخيال بقطعة الجنة في النفس اإلنسانية؛ لذلك ك ّل العالج الخيميائ ّ قوة الخيال المو ّجه بالنيَّة وال َح ْدس .قد يكون هذا النوع من ي ،ت َعتمدُ على ّ الطاق ّ صدق ال َمسلَك لَ َعرفنا الخيال أقرب للواقعِ ،ل َما يُس ّميها الراشدون بالواقع ،وإن ابتغينا ِ سرنا الصغير. أن الواقع هو َوليد الخيال ،وهذا ُّ ّ الواقع هو َوليد ُالخيال فماذا لو كان العالم ِبأسره وليد العملية االبتكارية في الخيال ،وهذا ليس تقليال من كعنصر أصيل من الحياة، ٍ شأن العالم ،وإنّما إضافة له .عندها سنرى الخيال مجرد إضافة نوعيّة ،كما يُتداول في الكثير من مجاالت ّ وخلودها الساحر ،وليس تطوير الذات ،حيث يُستعمل فيها الخيال االبتكاري ،كوسيلة لتخيّل األهداف تبخيس ُمشين للخيال، ٌ الشخصيّة ،وبرمجتها في العقل الباطن فقط .في هذا الطرح وعالقته الضمنيّة مع روح الحياة األصيل. فيك ي مع َوحي ِ الخيال ،سيرتقي َ وعندما يرى الواقع كما هو ،بالتصاقه الضّمن ّ الال محدودة ،فالحياة على هذا البعد تخلو من إحساس السِحر ،واحتماليّات الحياة ّ وتتحول إلى لعبة خياليّة لت َج ِبلها وتُش ّكلها .هذا الخيال الساحر ،ليس َّ الجموديّة، درك أنّي فإن عرفتني ،ست ُ ِ منفصال عن االلتزام ،والتقدّم ،واإلنجاز ،وإنّما مغ ٍذّ لهْ ، ّس اإلنجاز ،وأرنو دائما للعمليّة في الطرح ،وأنّي أُقَدّس القُدرة السريعة على أُقَد ُ قصير جدًّا ،وال أريد أن ٌ أن وقتنا في هذه الرحلة األرضيّة تحصيل النتائج ألن أ َ ِع َ ي ّ أن احتراف ق ،يُغيِّر وجه اإلنسانيّة لألبد؛ لذلك أرى ّ ث صاد ٍ أُضيّعه في أق ّل من ميرا ٍ أن الرغبة باإلنجاز ،والتقدّم ال تتنافى مع مهارة اإلنجاز ضرورة ٌ قصوى ،وأرى ّ الال محدود. الخيال أبدا ،فَنَس ُْر الخيال يُح ِلّق بأجنحة اإلنجاز ّ فماذا قد تُفيدك ك ّل هذه المقدّمة ،قد تكون محاولة تحفيزيّة ،ليَأخذَ الخيال َوزنا جديدا في حياتك ،حالك حال األطفال ،وقد ترتفع عن ذلك لتلهمك بمزج الخيال في الحياة. وعندها ستبدأ قنبلة الخيال بالتفعّل ،فتكنولوجيا الخيال هي ِزنادُ القنبلة الكونيّة ،قنبلة س ِ ّخ َرت لهذا المسعى. ي ،إن ُال ُحب والشفاء الروح ّ فعند امتزاج الخيال بالنيَّة والحدس ال ُم َو ّجه ،سيأخذك إلى مستوى أعمق من الشفاء والتحرر من القيود اإلنسانيّة ،والتي قد تصل سرعتها إلى اللّحظيّة. ّ السريع عملي مع المتدربين ،فَ ُهم يأتونني أحيانا بعد وقد رأيتُ هذا مرارا ،وتكرارا في َ العمل ٥سنين مع مرشدين صحيّين على موضوع معيّن ،ومن خالل جلس ٍة واحدةٍ من جلسات العالج الخيميائي التس استحدثها ،نستعمل فيها تكنولوجيا الخيال ،فت ُ َح ّل صا ،ال أحد يمتلكه ،فكلّنا عندنا ي شيئا خا ًّ المعضلة من جذرها .ال أقول هذا َّ ألن ف َّ هذا الشيء الخاص ،ولكن ألنّي آخذهم إلى العُمق ،وباستعمال الخيال الحدسي، ي قيو ٍد وتشفيرها من رحم الوعي ،ومن ُمخ َّزنات الحامض النووي. إلذابة أ ّ المتكرر لتكنولوجيا الخيال ،سيُحدث تغييرا جذريًّا في حياتك ،وسيجعل ّ االستعمال السِحر ،واألعاجيب كشكل من الطبيعيّة في يومك ،وهو ما يُفترض أن تكون الحال ظ ُّن بهذا التحليل أنّنا قادرون ي هزيل ،نَ ُ ي تحلي ٍل ذهن ٍّ عليه ،فالحياة أقرب للسِحر من أ ِّ ت الحياة األبديّة .فالكارثة اإلنسانيّة تبدأ، الحكمة ،ونَختِم مجهوال ِ أبواب ِ َ أن نَصو َ غ أن يتركوا عالم السِحر والخيال ،لينضجوا إلى التحليل البارد، عندما نُعَلّ ُم األطفال ْ ومع هذه البرود ،فإنّهم يفقدون َو َه َج الحياة ،ونَشوت َها. أَظنُّنا أسهبنا كفاية عن تكنولوجيا الخيال ،وأتى الوقت الستعمالها ،أتوافق معي؟ قوة الخيال في حياتك ،ولتنفيذ ذلك، لتفعيل تكنولوجيا الخيال علينا ّأوال بتمكين ّ سنتالعب بخدعة ذهنيّة بسيطة ،هل أنت جاهز لها؟ هي خدعة بسيطة ولكن مفعولها خارق؛ والسبب في ذلك هو أنّها تتالعب بأكبر قوة الخيال الالواعي وهي اإليمان ،ولماذا ال نستغ ّل هذا المدخل لتمكين ّ مداخل العقل ّ فيك؟ الخدعة هي أن تختار فعال بسيطا تنفّذه بتلقائيّة ،ولكن قبل اإلقدام عليه ،تخيلّه في ق خيالك ،لترسيخ اإليمان بطاقة االحتفال ذهنك ،ومن ث ّم نفّذه ،وبعدها احتفل بتحقُّ ِ ونشوتها. وقد تتساءل اآلن ،ماذا يعني ذلك؟ يعني قبل شربك الماء ،قد تتخيّل أنك تشرب الماء وتستمع به في ذهنك ،وبهذا قوي الخيال بطاقة التحقيق واإليمان ،لتقول بينك وبين نفسك :هل من الممكن أن ست ُ ّ أنيتحقّق ما أتخيّله؟ من ث ّم قُم بشرب الماء بنفس الطريقة التي تخيلتها ،واحتفل ّ خيالك تحقّق ،ونبوءة الماء قد تجلت! بهذا التمرين البسيط ،وبتكراره يوميًّا باألمورالمؤ ّكد تحقيقها لك ،أنت تخترق حرك قوة الخيال ،لتستوي عظمته فيك .ولك بعدها أن ت ُ ّ شكوك الذهن الفكريّة عن ّ عالمك كامال بخيالك؛ ألن عقلك الباطن حينها سيستجيب للخيال بكامل قدراته. بعد تمكين قوة الخيال فيك هنا ،سنبدأ بالتوفير لك بعض التطبيقات العملية لكيفية ي ،وبعدها دع خيالك ونيّتك تمرين التجذّراألرض ّ ُ استخدام الخيال في حياتك ،ومنها الصافية يرقصان سويًّا ليأخذاك إلى حدود السماء ،وحتى السماء ،ستصبح ك ُمق ِيّد في عالم الخيال. دوامة فرط ،في ّ تعيش الغالبيّة العظمى من الناس في د ّوامة ال متنهية من التفكير ال ُم ِ من األنشطة الفكريّة ال ُمبالغ بها ،وإن استطعنا بطريق ٍة أو بأخرى ،أن نعرض مكررة ،ومبعثرة ،تسعى في اتّجا ٍه واحد ،وهو النوعيّة الغالبة لهذه األفكار ،سنراها ّ النجاة من األخطار الوهمية .هذا ليس استهالكا للطاقة فقط ،وإنّما استعما ٌل ُمؤ ٍذ لنعمة الخيال ،فنرى الخيا َل يُ ْس ّخ ُر مرارا وتكرارا ،لتخيّل سيناريوهات ُمرعبة داخل الذهن؛ لذلك سنبدأ سويًّا بتوجيه الخيال بطريقة مفيدة لتهدئة الذهن ،والتجذّر السريع في سكون الذات ،حيث ستجد في سكونك الداخلي االتصال بطاق ِة التنشئة ،وبها تسترجع الذاكرة الحدسيّة عن ميكانيكيّة التكوين. ي للشخص في منطقة الرأسُ ،منغمسا بالغيوم بالوضع المعتاد يكون التركيز الطاق ّ الفكريّة من دون فاص ٍل أو منفس ،وهذا يُبعدنا عن حالة السكون الطبيعيّة؛ لذلك سنستعمل الخيال هنا ِلنَ ْق ِل اإلدراك إلى حالة السكون والتجذّر فيه .هنا ستبدأ رحلتك االحترافية لتوجيه إدراك ،فواحدة ٌ من عالمات المحترف ،هي القُدرة على توجيه حيث ما يشاء .ومن أسهل الطرق لفعل ذلك ،هو االستناد ُ اإلدراك ،أو التركيز ،إلى ض هنا قوانينَ ثابتة على َو ْعي ِ األرض ،وجمودها الراسخ .ولكن تذ ّكر أنّنا ال نَ ْع ِر ُ عن كيفيّة استعمال الخيال ،وإنّما نالمس َنوعا من التالعب ال َم ِرن ،فَت َعا َم ْل َمعَهُ بمرونة. أن منطقة تركيز الطاقة موجودة ٌ بين عينيك ،وقد تتخيّلها كدائرة في البداية تخيّل ّ طاقيّة ،ومنها تأخذُ تركيزك باستعمال الخيال إلى أسفل قدميك .فتنتقل برويّة من خالل رأسكَ ،ح ْل ِقك ،منطقة الصدر ،ال َم ِعدَة ،وبين األرجل حتّى األقدام ،وفي هذه المسيرة ستمشي مع مداخل الطاقة السبعة األساسيّة ،كما هو ُموضّح بالصورة في استم ّر ،وباستعمال النيّة ،لتُو ّجه الطاقة للسفر من بين قدميك إلى ِ األسفل .ومن ث َّم عمق األرض وروحها ،وبحركة حلزونية متماشية مع كيفية حركة الطاقة في ُ الكون .تَذَ َّكر أنّه ليس هناك «صح أو خطأ» في التمرين ،وإنّما النيَّة الصادقة هي سرنا الصغير. الفيصل ،وهذا ّ النيَّة الصادقة هي الفيصل دائما وأبدا. أن تكون ي رائدٌ للعمليّة ،فاسمح لنَ ْفسِك ْ ّ وكأن الذكاء الكون ّ سك يقود خيالك، ع َح ْد َ دَ ْ أن تمشي في اتّجاه معيّن ،وإنّما ِس ْر مكان المراقبَ ،بدَل المت َح ِ ّكم ،فال تُجبر الطاقة ْ َم َعها .وعندما تتَّصل مع َر ِح ِم األرض ،امتزج بطاقتها هناك ،وفيها يتجلّى ال ُحبّ يخر َج عامودٌ طاق ٌّ أن يَ ُسك بهذه المنطقة ،ثم اطلب وبالنية ،اطلب ْ ي .ثَبّت نَ ْف َ األموم ّ ق األرض إلى أ َ ْر ُج ِلك ،ليَ ُم ّر ِبنَ ْف ِس طريق الذهاب ،حتّى تلتصق عم ِ من خالل ُ ي بين أرجلك. مركز طاق ّ ٍ بأول الجذور ّ سك في تالعبت بالطاقة ،ونقلت َها من رأسك إلى جسدك ،مثبّتا نَ ْف َ َ هكذا ت ُ َكون قد جذور أرضيّة متينة ،وقد تدع الطاقة األرضيّة تسري بك ّل جسدك ،من مركز الطاقة األول ،وبالطريقة المناسبة للّحظة ،شخصيًّا قد أرى روح األرض تسري خالل ّ والقوة إلى داخل قلبي. ّ جسمي ،لترسل كودات ال ُحبّ ، أن ال تُقلّدني ،فبهذا ست َبعُد عن أصالتك وتضعُف ،فَدَع أصالتك كمرشدك المه ّم ْ الخاصَ ،ودَع خيالك وحدسك ونيّتك أن يعملوا كالقادة لك ،وال تجعل العمليّة معّقدة يتحول ّ وحرفيّة ،بل تعامل معها كاللعبة ،تعامل معها بروح األطفال .فال ت َرى كيف ِ واستمتع، ْ بالمثل، األطفال في لحظ ٍة إلى فارس ،وأميرة ،وجنيّة ،فاستعمل خيالك ِ ستُس َجن بقيود التحليل ست ََر فَهمك لعالمك الخاص من الطاقة سيزداد ،وغير ذلك َ و َ والجدّية ،وستفقد المحركة. ِّ تكنولوجيا الخيال سالستها وقد تُف ّكر اآلن ،ولكن لماذا نستعمل تكنولوجيا الخيال للتجذّر ،فما الفائده من ذلك؟ أن القُدرة على التعبير والقيادة والتأثير،كلّها تزداد مع ازدياد تجذّرك أقل لك ّ دعني ْ بأن لديه حضورا حس ذلك الشخص المتجذّر في نفسه ،وقد ن ِ َصفُه ّ في داخلك ،فكلّنا نُ ّ قويًّا ،فالحضور هو التجذّر في ذاتك في اللحظة ،وهل ت َذ ُكر ما عكس ذلك؟ هو الشخص الذي يمشي بالشارع ك ُجثّة هامدة ،وذهنه يُح ِلّق من مكان إلى آخرُ ،متالطما حاضر للحظة ،وال هو ٌ ي ،أو أثقال الماضي ،فال هو بين ُوديان الرعب المستقبل ّ متجذّر في ذاته. دتدت عن التجذّر في ذاتك ،التجذّر في جسدك اآلن وجسد األرضَ ،بعُ َ كلّما َبعُ َّ دت عن السكون ،والقُدرة على قراءة العالمات الخفيّة قوتك ،وبذلك َبعُ َ عن مصدر ّ تتشربّ من حولك .واألخطر من ذلك أنّك ست َبعُد عن سيادتك الطاقيّة ،فتراك إسقاطات الناس المختلفة من حولك ،بتفعيلها أتوماتيكيًّا في نفسك؛ لذلك تدريب خيالك على التجذّر ،هو أحد مفاتيح السيادة الطاقيّة .وما أحلى أن تتجذَّر في سيادة ص ْلبة كأعماق األرض ،فيكون جسدك ،عندما يكون جسدك متجذّرا في أرضيّة ُ اهتزازه أق ّل ،وحالته النفسيّة أهدأ. تحس الفرق بين المتجذّر وغيره ،تخيّل بيضة ُمثبتّة على إبرة، ّ َّ أردت أن ْ وإن وبيضة أخرى راقدة مباشرة على األرض ،لك أن تتخيّل الفرق .شخصيًّا أعي تطوري كنتُ بعيدا عن جسمي، ألن السنين األولى من ّ الفارق بينهما ِع ّز المعرفة؛ ّ وقت طوي ٌلٌ ي عن الجسد ،وأخذني ي يتزايد بالسفر الخارج ّ التطور الروحان ّ ّ ظانًّا ّ أن ظة الروحيّة ،أن تكونَ متجذّرا في جسدك ،لتنق َل أبعاد الروح إلى أن ِس ّر اليَقَ َ ألرى ّ سدا لها ،وليس حالما بها ،أو باألحرى داخل الجسد والخبرة األرضيّة ،فتكون مج ّ سهل ،فنحن سدا ل ُحلمها .وكأنّك ت َنقُل تعبير الروح إلى األرض ،وهذا ليس بال ّ مج ّ نختار الهرب من الجسم؛ ألنّنا نحاول الهرب من األلم الذي يحمله ،ولكن رحلة السيادة الداخليّة ،ت َك ُم ُن في النظر إلى العواطف المؤلمة في داخل جسمك ،لشفائها دون الهرب ،أو ال ُحكم عليها. لك أن تتدرب على تمرين التجذّر قدر ما تشاء ،أنا أفعله غالبيّة اليوم .وبتكرار أن قُدرت ََك على الخروج من الضوضاء الذهنيّة إلى التدريب على التجذّر ،سترى ّ سكون الجسد تتعالى ،ومعها إحساسك باالحترافيّة على طاقتك .من الممكن في بادئ األمر أنّك لن تستطيع القيام بالتجذّر بسرعة ،وقد تحتاج إلغماض عينيك والتركيز سه مناسبا ،حتى تستطيع التجذّر إلتمام العمليّة ،وال ضير في ذلك ،فافعل ما تح ّ وأنت تقوم بأعمالك اليوميّة. عليا ،فقد تُضيف عليه عنصرا واآلن إن أردت أن تأخذَ تمرين التجذّر إلى مرحلة ُ صغيرا ،وهو التحميل. بعد التجذّر باألرض ،واستقبال الطاقة من هناك ،انقل إدراكك باستعمال النيَّة إلى الشمس المركزية ،وال نعني هنا الشمس الظاهرة ،بل رمزيّة الشمس كمصدر ع حدسك يقود الخيال إلى هناك ،ث ّم وباستعمال للحياة .ال تفكر بالموضوع كثيراَ ،ودَ ْ النيَّة اطلب أن ينزل النور من الشمس المركزيّة ،إلى أعلى رأسك. دَعِ النور ينساب من خالل ق ّمة رأسك إلى جسدك ،فيتّصل بالقلب أو بمكان التجذّر بين قدميك كما في الصوره ،فَت َراك متّصال مع نور السماء ،وجذور األرضّ . األول القوة ،األّول طاقة كهربائيّة ،واآلخر طاقة صدَ ُر ّ صدَ ُر المعلومات ،والثاني َم ْ هو َم ْ مغناطيسيّة ،وكلّهم موجودون في داخلك .تيقَّن ّأال تحاول أن تُرغم النور على الحركة باتّجاه معيّن ،فدعه ينهمر بسهولة وحدسيّة. ي دقيق ،فالنور النور هو ليس فقط رسمة خياليّة في رأسك ،وإنّما تدفّ ٌق معلومات ٌّ هو األقرب لذاتك األصليّة ،وحامل لكوداتها الفريده؛ لذلك قبل تحميل النور من مز َجه مع طاقات أخرى ،وقد تكون َك ُكودات التعبير الصادق، أن أ َ ِ السماء ،أنا أحبّ ْ أو حضارات كونيّة معيّنة .وسأعيد التذكير هناّ ،أال تُق ِلّدَني ،وتكونَ أنت في نيّتك، سرنا الصغير.قوتك ،وهذا ّ وفي خيالك ،وفي َح ْد ِسك ،ففي أصالتك تكمن ّ قوتك في أسلوبك األصيل. تكمن ّ سع دائرة إدراكك ،لتزداد حساسيّتك لعالم الخيال ما نحاول فعله هنا ،هو أن نو ّ والطاقة ،وبهذه الحساسيّة ستزداد حساسيّتك ِل َما أنت عليه ،وبكافّة أبعادها ،والطاقة هي الجزء األكبر ِم ْن «أنت» .وباتّساع حساسيّتك لعالَم الطاقة ،وهو حقّك الشرع ّ ي نسيت استعماله ،ستزادادُ قُدرتك على رؤية األمور بالعُمق ،ومعها َ ُ تكون الذي قد قدرتك على التغيير ،وح ّل المشاكل من الجذر .وسترتقي قُدرتك على استعمالك حوله كوسيلة فعّالة للتطور ،والشفاء ،وتشفير القيود تكنولوجيا الخيال واإلبداع به ،لت ُ ّ من جذرها. والترهات ،وقد يكون ّ ترفض ما قيل ،ولك أن تضعه في قالب السخافات َ لك أن َ ألن منطقك الشخصي تجزم أنّها كذلك؟ هل فقط ّ كذلك ،ولكن سأسالك :كيف لك أن ِ ي ٌ انغالق عقل ّ يقول ذلك؟ اسمح لي أن أقول لك حينها ،ومن مكان ُحب ،هذا اسمه الحكمة ،وتعمي ي شيءٍ ال تعرفه ،وهو من أكبر المقيّدات التي قد تسلبك ِ على أ ّ طرق التطور ،التي ال يمكن أن تعي وجودها حتُّى في أعمق بصيرتك عن أسرع ُ تحليالتك. فليس المطلب هنا أن تُصدّق ك ّل ما يُذكر بالكتاب ،فهذا لن يخدمك البتّة ،بل سيسلبك سيادتك الطاقيّة ،ولكن المطلب َّأال تنغلق على ما ال يناسب ذهنيّتك الحاليّة ،ومستوى ي واجبا أكثر، رغبت االرتفاع بالوعي ،أصبح االنفتاح العقل ّ َ ي .فكلّما اتساعها اآل ِن ّ فبالنهاية طبيعتك األصليّة ِسحرية ،وأكبر بكثير م َّما يُخيَّل لك اآلن. أنا أعني حرفيًّا «أكبر بكثير» م َّما قد يُخيَّل لك اآلن ،فهي أكبر م َّما قيل لك من المجتمع ،وأكبر م َّما وصفها لك المعلمون والمعلمات ،وأكبر م َّما َرواهُ لك أهلك، وأكبر م َّما قاله لك أصدقاؤك .طبيعتك األصليّة هي طبيعة كونيّة ومتعددة األبعاد، وتلعب على حدود مختلفة من الزمان والمكان ،وتتعالى عنهم إلى الخلود ،فهي تلعب على كل المستويات اإلنسانيّة ،والنجميّة إلى غير المحدود .وبحصر منظورك في فيزيائيّة الحياة البحتة ،ستحصر نفسك وتسجنها ،لتُخفي بجهل المنطق ،ما يخبَّأ لك من كنوز باطنيَّة ،هذا ما قد يصل وصفه إلى مرحلة الجريمة. هذه الكنوز لن ت ُ َرى لمن فُ ِقدَ فيه االنفتاح والجرأة ،للذهاب لما بعد التحليل المحدود، وقوة الجزء األيسر من والسفر بعالم الخيال .وال تعتقد أنّنا ندعو هنا لقتل التحليلّ ، فالقوة تحصل عندما يرتقي االتصال بين الجزء ّ الدماغ ،بل العودة إلى التوازن، األيسر واأليمن إلى أعلى حالته .التوازن بين المنطق والخيال ،بين التفكير واإلحساس ،بين الطاقة الذكريّة واألنثويّة ،واألهم أن يُقاد االثنانِ ،ب َح ْد ِس القلب سيتحول اإلنسان إلى «السوبر إنسان» ،وهو المفروض الطبيعي ّ وذكائه ،وعندها س َك كالقائد ،ويرجع تحليلك إلى مكانته األصيلة، الكائن .هو الطبيعي عندما ي َُولّى َح ْد ُ ي ُمنفّذ ،فالتحليل غاية بالروعة ،إن كان مقادا بحدس واستعماله األمثل ،كجند ٍّ الحكمة ،وغايةٌ بالحماقة ،والتسلّط أن أُعطيه الدفّة ليقود؛ ولذلك قال أحد أكبر ِ «إن الجزء الحدسي هو الهديّة ،والجزء التحليلي هو العباقرة في عصرنا أنيشتاينَّ : الخادم ،ولألسف قد خلقنا مجتمعا يُقدّس الخادم وينسى الهديّة الحقيقيّة». قوة الخيال في كل أركان حياتي ،فعالمي الفيزيائي ،وعالم الخيال شخصيًّا أشهد ّ في امتزاج كامل .فتراني عندما أمشي بالطريق أ ُش ِ ّكل أقواس القزح أمامي ،والنور، واألهرامات الطائرة ،وغيرها من الرموز ،والكودات العُليا .ولم ال؟ وكل الخياالت هي تعابيرعن تردّدات طاقيّة معيّنة ،وبحقنها في جموديّة العالم الفيزيائيّة ،هو حقن فكن على يقين كامل للحالم والشاعر ،وال ُم ْلهم الذي فيك في داخل الزمان والمكانْ . أن الخيال قادر على تغيير عالمك الفيزيائي رأسا على عقب ،وعلى توجيه طاقتك ّ إلى مركز ذاتك بسرعة رهيبة. التكنولوجيا الثالثة :األسئلة التقدّميّة: َيستخدم الذهن تُكنولوجيا األسئلة طيلة الوقت ،ولكن السؤال الحق :هل هذا االستعمال هو خادم لتطورك أم العكس؟ فنوعيّة األسئلة التي تطرحها على نَ ْفسِك، ي إلضعافك ،أو تمكينك .فعلى سبيل المثال ،لو نظرنا إلى األسئلة هي ال ُمحدّد الرئيس ّ المكررة في ذهن العا ّمة ،سنراها تترواح بين لماذا يحصل لي ذلك؟ لماذا أنا؟ لماذا ّ يتكرر هذا الشيء معي ك ّل مرة؟ وماذا تتوقع أن تكون اإلجابات لهذه النوعيّة من ّ أسئلة الضحية؟ ستكون :ألنّك غبي ،سمين ،ضعيف!… فك ّل سؤال له طاقةٌ تردّديةٌ معيّنة ،وعند تفعيلها ،تنساب اإلجابات بما يتوافق مع ت أخرى ،ال تستطيع أن تحصل على إجابات أفضل من هذه الطاقة ،أي بكلما ٍ مستوى أسئلتك؛ لذلك تفعيل تكنولوجيا األسئلة لالرتقاء بالنفس اإلنسانيّة ،يتطلب الرفع المستمر للوعي ،للتجدد المستمر في نوعيّة األسئلة. فسأقص عليك شيئا من حياة ُّ القوة القاطنة بتكنولوجيا األسئلة، ولتلحظ بنَ ْفسِك ّ «إيلون ماسك .»Elon Muskماسك ومن دون شك ،هو ِمن أنجح الرياديّين في عصرنا الحالي ،فمشاريعه المختلفة تحدّت ،وتتحدَّى األنظمة السائدة ،ورتابتها، وت َزرعُ ببذورها آماال مستقبّلية في قلب اإلنسانيّة .هذا يتجلّى واضحا من بدايات ماسك ،من خالل «باي بال »PayPalلتُغيّر الطريقه الكالسيكيّة لتبادل المال ،إلى صورة فعّالة ،و ُمحفّزة للريادة ،إلى سيارات «تيسال »Teslaالتي ت َعمل بشك ٍل كام ٍل بالكهرباء ،متح ِدّيا بهذا شركات النفط ،حتى «سبيس إكس »SpaceXللسفر إلى لكن هذا هو الفضاء ،وبِ ُكلفة منخفضة ،لرفع اتّصال اإلنسانيّة بالعوالم المحيطةّ . الظاهر من نجاح ماسك ،ولو نظرنا خ َْلف القشرة ،لرأيناهُ ُمرت ِكزا على تكنولوجيا األسئلة التقدّميّة ،وهذا ليس رأيي ،وإنّما ما قاله ماسك نفسه. مر صغير ،عندما َرمى بك ّل ثِقَله بِعُمر رحلةُ ماسك مع التع ّمق بالذات بدأت منذ ُ ع ٍ صل بعد أربع سنين الحادي عشر ،للتم ّحص في قلب الرسالة الوجوديّة للبشر ،ل َي ِ إنسان على ٍ «إن رسالة ك ّل منها إلى الخالصة ،والتي عبّر عنها شخصيًّا بقولهّ : الخليقة ،هي أن َيرفع مستوى وعيه ،ليكون قادرا على طرح نوعيّة أفضل من األسئلة على نفسه». وبوضوح تام يض ُع األسئلة على أعلى المراتب الذهنيَّة ٍ لك أن تتساءل :لماذا ماسك؟ السر ليس باإلجابات ،وإنّما بالقُدرة ُّ سر خلف ستار األسئلة. والروحيّة ،فحتما هناك ٌّ الضمنيَّة لألسئلة على توجيه الذهن ،فكلّما ازدادت احترافيَّتك على طرح أسئلة أكثر تاستنارة ،حددت طريقا أجمل لذهنك ،وفَت َحت قدراته السحرية على تحميل معلوما ٍ دقيقة ،واالتصال بمصادر معارف مختلفة .ففي جوهر السؤال تسكن رعشةٌ سرنا الصغير.ابتكاريّة للتجديد ،وهذا ّ في جوهر السؤال ،تسكن رعشة ابتكاريّة للتجديد. ولبدء التالعب بتكنولوجيا األسئلة ،عليك بمراقبة األسئلة التي تطرحها أصال في طقها في داخلك، يومك ،وهذا يحتا ُج مراقبة حثيثة لذهنك ،وماهيّة األسئلة التي ت َن ُ من دون وعي .للبدء خ ْذ دقائق من وقتك ،وأجب عن هذا السؤال. ما هي األسئلة الثالثة الرئيسيّة التي تسألُها لنَ ْفسِك غالبيّة اليوم؟ ب عادة كن من أركان الحياة ،بالحقيقة .والسبب أنّنا ن ُ َهر ُ ي ُر ٍ التطور في أ ّ ّ هكذا يبدأ من الحقيقة؛ ألنّنا ال نريد أن نرى أين نحن بالضبط اآلن ،ففي هذا تهديدٌ إلحساسنا بالتقبّل الذاتي ،وكأنّنا نقول :إني ال أَقبَ ُل نفسيّ ،إال إذا كنتُ على هذا المستوى من التطور ،وليس أق ّل؛ لذلك يُقا ِوم نظا ُم الخوف فيك الوعي الصادق ،بالمواراة ّ نتطور من دون الصدق ،وهذا الصدق لن يجد طريقا ّ والتالعب ،ولكن ت َذ ّكر أننا ال لنَ ْفسِك ،من دون التقبّل الوافي لمستوى تطورك اآلني. ومن أكثر األماكن التي ست َكشِف لك بصدق نوعيّة أسئلتك السائدة ،هي األماكن والمكررة .مثال ّ ط ْو ِرك ،فهناك تُطلَ ُق أسئلتك المبرمجة تستفزك ،وتُخر ُج َك عن َ ّ التي مرة ،وطلبتُ من الفتاة التي بجانبي أن تساعدني بشيء كنتُ في مركز الرياضة ّ ما ،ولكنّها لم تنتبه ،ولم ت َُرد ،وعندها أحسست بخيبة األمل ،وعند النظر إلى داخلي اكتشفت أن ذهني أطلق حينها سؤاال معيّنا « :ليه ما حد بحبني؟». بعد التيقّن لنوعيّة هذا السؤال األتوماتيكي الذي أطلقته من دون وعي ،اكتشفت أنه المحرك األساسي لذهني ،واإلجابة كانت ّ كان ي َُو ّجهُ حياتي بكاملها ،هذا السؤال كان دائما تتمحور حول أنّي «ما بفهم» .وقد يتبادر إلى ذهنك ،ولكن من أتى ّأوال السؤال أم اإلجابة؟ فقد تكون فكرة أنّي «ال أفهم» ُمخزنّة في ذهني ،وهي من تُدير األسئلة، أو العكس ،أو قد يكون االثنان سويًّا ،وهذه قناعتي. كشف لك نوعيّة المعتقدات الفكريّة ُ فالسؤال واإلجابة مرتبطان ،وكشف أحدهما ،س َي خزنها في ذهنك من دون وعي ،وبإدراك السؤال ،ست َقطع هذه الدارة الفكريّة، التي ت ُ ّ ت فكريّ ٍة جديدة .ولكنّي سأنصحك بأن ال تقف عند هذا الحدّ، لتفتح البوابة الحتماليا ٍ ور ال ُمراقِب ،وإن كان ُم ِه ًّما ،بل أيضا خذ دور الريادة للتالعب بأسئلة تقدُّميّة، َكدَ ِ وكيف يكون ذلك؟ بتوجيّه ذهنك استراتيجيًّا بأسئل ٍة تُم ّكنُك ،وتُل ِه ُمك ،وتَدُبّ في معدتك حرارة الفضول. ألن أُفُقَ األسئلة ال محدود ،ومعها اإلجابات ،سنقترح عليك أن تضع األمور ولكن ّ في نصابها ،ولك أن ت َفعل ذلك بأن تقسم األسئلة لنوعين :األسئلة األساسية ،واألسئلة الفرعية ،إلبقاء الذهن في حالة تركيز بين ال ُم ِه ّم واألهم .وقد تتل ّخص األسئلة األساسية بالتالي: وبالض ّْم ِنيّة أصل الكون ،وخالق الكون). ِ من أنا؟ (في هذا تذكر للذات، ما هي رسالتي الفريدة على األرض؟ ما هي الرسالة الجامعة لكل البشر على األرض ،أو لماذا نحن هنا؟ كيف يحصل التكوين؟ (في هذا تأمل دقيق في خيمياء الخلق). وأما األسئلة الفرعية ،فهي ال محدودة ،وهي لك لتتالعب بها ،وقد تستعمل على سبيل المثال: ما هي أكبر الهدايا ،والمواهب التي عندي؟ كيف أستطيع أن أخدم أكثر وأكثر؟ تطوري في المرحلة حملُهُ في داخلي اآلن ،والذي ال يخدم ّ ي الذي أ َ ِ ما النمط الفكر ّ القادمة؟ ي الذي في داخلي اآلن ،والمسؤول عن خلق نتائج معيّنة؟ ما النمط الفكر ّ ما الدرس الذي قد أتعلّمه هنا؟ ت في حياتي؟ ي وق ٍكيف أحبّ نفسي أكثر من أ ّ ما معنى الصداقة الصادقة بالنسبة لي؟ ما هو دافعي الحقيقي ألكون صحيًّا؟ ما هو أعلى استعمال للطاقة الجنسيّة؟ كيف أستمع لحدسي؟ ع َرفتُهُ عن نَ ْفسي ،سيضاعف من سرعة تطوري؟ ما هو الشيء الذي إذا َ كيف أحس الثراء بالجسد؟ كيف أفتح مصدرا جديدا للدخل ،وبكل يُسْر ،واستمتاع؟ ما هو أساس التغيّر؟ إن انجلت كل األحكام من ذهني للحظات ،فكيف ستكون خبرة الحياة؟ هل أستطيع أن أحس الخلود اآلن؟ كيف أختبر حقيقة هللا من خالل تفاصيل يومي؟ عب بها من دون حدود ،ولكن ِمن كما قلنا :فضا ُء األسئلة الفرعية ال محدود ،فَت َال َ بمزيج متوازن بين الفضول البحت ،والرغبة ٍ دون التشبّث ال َمقيت باإلجابات ،بل الحرة لتحميل اإلجابات ،وإن مالت كفّة التوازن ألحدهما على اآلخر ستفقد تكنولوجيا األسئلة قُ ّوتها .فإن كان في سؤالك اُحادية الرغبة لإلجابة فقط ،فستفقد فضول األطفال ،وهو الوقود ال ُمش ِعل إلبقاء ذهنك في حالته التأ ّمليّة الممتعة ،وإن أن األجوبة قادمة ،فس َيف ِقد تالعبك الفاعليّة؛ لذا خال فضولك من الرغبة ،واإليمان ّ لبوابات كمفاتيح ّ ٍ فاألسئلة هي رقصةٌ بين االثنين .هنا ستعمل األسئلة كما ينبغي، فكريّة لم تعهدها من قبل ،و ُمفعّلة ألحاسيس طاقيّة جديدة. قد تتالعب باألسئلة بمسيرك ،أو من خالل تأ ّمالتك ،وحتّى قد تستعملها للتأثير احترف توجيه َ فن األسئلة، احترف ّ َ سمكة ،فمن بالناس ،فاألسئلة للمؤثر كالماء لل ّ العامة .وإن أمعنت النظر ،سترى ال ُمؤثّر في الجلسة هو َم ْن ليس كثير التكلّم ،بل َمن لديه القدرة على توجيه المجلس باألسئلة .فك ّل سؤا ٍل هو ُمر ِشد لعالَم جديد ،ومن سرنا الصغير.أطلقه بت َمعُّن ،ووعي استحق دور المرشد والقائد ،وهذا ّ المؤثّر هو َمن يقودُ الجلسة باألسئلة. مع األسئلة المو َّجهة ،وباقي التكنولوجيات الروحية ،سيكون لديك التمكين الكافي إلدارة ذهنك ،وتحريكه إلى األه ّم في الحياة :معرفة الذات والتعبير عنها ،ولكن تذكر أنه بالرغم أنّنا أوضحنا ثالثا من أهم التكنولوجيّات الروحيّة ،فال قيمة لها من دون نية الصدق؛ لذا يبَقى الصدق مع الذات ،والصدق في الكالم هو سيد التكنولوجيّات ،وأقدسها. للتذكير: * التنفس على بساطته يبقى من أعظم التكنولوجيات اإلنسانية. * التنفس التلقائي خالل اليوم ال يوفر أكثر من ٪ ١٥من حاجات دماغك لألكسجين. وحدس مو َّجه.ٍ ت ب ِنيّة واضحة، * الخيال قوة خارقة إن ُح ِ ّر َك ْ * اإلجابات التي تظهر في نفسك ،هي نتيجة للتردد الطاقي ألسئلتك ،الواعي أو غير الواعي لها. * األسئلة نوعان :األساسية ،والفرعية. أسئلة للتفكر: َّ يتجزأ من حياتك ،كيف سيساعدك هذا إن أصبح التنفس العميق الواعي جزءا ال التطور؟ ّ على لماذا التنفس ُم ِه ٌّم برأيك؟ س ّم شيئا واحدا ستبدأ بعمله؟ كيف ستبدأ بتفعيل قوة خيالك اليوم؟ َ ماذا كنت تتخيل باستمرار عندما كنت طفال ،وكان يشبع روحك بالحماس؟ ما هو أهم سؤال تسأله لنفسك ،وباستمرار في الوقت الحالي؟ قدسيةُالكَّلمُ تتسرب من فم الشخص ،وتأخذ رحلة غير ّ أثر يتعدّى االعتقاد ،فهو طاقة للكالم ٌّ منتهية في أرجاء الكون .فك ّل كلمة تُطلَق من الفم ،هي تجسيدٌ لخليقة جديدة ،تجوب فيها بحار الزمان والمكان ،ليتجلّى فيها العمار ،أو الدمار ،الشفاء أو المرض، التمكين أو التحقير. ك ّل ما ذكرناه في السابق هو ُمرشدٌ لالتصال بعالَمك الداخلي ،في عالم األفكار واألحاسيس ،وهنا يأتي الكالم َكرافد لهذه المقدّمة ،و ُمك ّمل للمهمة .فالكالم هو الحلقة ي والخارجي ،وكأنّه جسر االتّصال بين أفكارك وعالم الواصلة بين عالَ ِمك الداخل ّ المادة ،فإن لم يتوازَ كالمك مع حقيقتك الداخليّة ،فقد سقَط هذا الجسر مباشرة، مره أخرى إلى بحيرة المنسوخ. ووقعت ّ ق ع َّما َيخت َ ِل ُج كجسر َمتين لذا ِتك الحقيقيّة ،ورسو ٍل صاد ٍ ٍ تستعمل الكالم ِ فكيف لك أن أعماقك؟ عادة ما يقفز الذهن في هذا النوع من التساؤل ،إلى البحث في فنون االتصال، ولكن ال فن باالتصال يُجدي من دون األساس ،واألساس واضح وبسيط ،وهو درتك على االتصال ،والتعبير من عدمه، الصدق بالكالم .الصدق هو الفَيْصل في قُ َ وهو المقياس الحقيقي لقدرتك على التأثير. فومن الممكن أن تقول اآلن في َخلَدِك :ولكن هذا معروف ،أنا أعرفه ،أنا أع ِْر ُ سك أهميّة الصدق في الكالم ،وأثره في التعبير ،لكن سأطلب منك َّأال تخادع نَ ْف َ َعرف ح َّق المعرفة أنّك تعرف الشيء ،أو ال؟ اإلجابة بسيطة لبساطة الحوار ،فكيف ت ِ عتسم َ عارفٍ له ،ولكن ِ لست ِب ِ َ نت ت َ ْع ِرفُهُ فأنت تعيشه ،وغير ذلك ،فأنت للغاية :إن ُك َ دركه على مستوى سطحي. به ،وت ُ ِ هذا ليس نوعا من التقليل من شأنّك ،ولكن لتأكيد صدقك مع ذاتك ،فهنا تتاح لك الفرصة الذهبيّة ،لترى أين أنت على أرض الواقع ،ومن دون زيف أو تالعب، واسمح لي بأن أضيف هذا المثال للتوضيح: عندما كنت أُعطي محاضرة في مكان معيّن ،قامت سيّدة قبل بداية المحاضرة بمشاركة معاناتها معي من التوتر والقلق المستمر .وعند بدء المحاضرة ،بدأت نفس السيدة بالمشاركة المستمرة مرة تلو األخرى ،وتلو األخرى ،ولكن مع انحياز درسه. الحوار كل مرة من المشاركة البنّاءة إلى محاولة إثبات «خطأ» الذي كنت أ ُ ّ قر َرت أن تقول األمر كما وعند النهاية ،ولرؤيتها عدم فعاليّة هذه االستراتيجيةَّ ، فرفعت يدها وبصوت استهزائي قالت« :إيهاب شكرا لك ،ولكن ك ّل ما شاركته ْ هو، مكرر ،وقديم»!… يعني « كلّه أصال بنعرفوا». نعرفه ،فهو ليس بالجديد وإنّما كال ٌم ّ مستقرا في ذاتي خالل المحاضرة ،لم أهتز لهذه الكلّمات ،وشَكرتها ًّ وألنّي كنتُ على ُجرأتها في التعبير ،ثم نظرتُ إلى الجمهور بهدوء ،وقلت« :كيف لك أن تعرف عارف لموضوعٍ معيّن أم ال؟ فما المقياس هنا؟ ومن ثم أضفتُ ،إن ٌ أن الشخص ّ عارف كيف يحصل على مليون دوالر ،فالطريقة الوحيدة للتأكد ٌ ع َم الشخص أنّه زَ َ من ص ّحة هذه المعرفة ،أن نرى حسابه البنكي اآلن ،فإن كان به مليون دوالر فهو عارف ،وغير ذلك فهو ال يعرف ،و ِقس على ذلك». ٌ ومن الممكن أن تتخيّل ردّة فعل السيدة حينها… كنت عارفا ألهميّة الصدق بالكالم ،فحياتك ستعكس هذا الصدق بتطبيقه َ فإن ألقصى طاقاتك ،وستعكسه بإحساسك من الطمأنينة الداخليّة ،والثقة بالنفس، لست بعارفٍ بذلك، َ والنزاهة ،والفاعليّة العليا .وإن كانت الحال عكس ذلك ،فأنت ي فقط.ولكنّك تُدركه على مستوى الجزء التحليل ّ وصدّقني لن يتغيّر الحال ،وتلتزم الصدق بالكالم ،إن لم يصلك الوعي الكامل ق،ي على قوانين أخالقيّة فقط من دون فهم عمي ٍ ب بُنِ َ ي تدري ٍبأهميّة هذا المسعى ،فأ ّ صلب نفسك وخبرتك الشخصيّة؛ لذلك سينهار ت من ُ فهو ركيك الحيلة؛ ألنّه لم يأ ِ هذا االلتزام عند ّأول نقَطة ضغط؛ ألن بُنيانهُ لم يَ ُكن بالمتين أصال .لذا دعنا نر ّكز الحوار على أهميّة الكالم الصادق ،بطريق ٍة عمليّة وممنهجة. الصدق في الكالم هو الرضوخ لرغبة الحياة األساسيّة ،وهو ليس كرضوخ الخائف ألعراف المجتمع وقوانينه ،وإنّما الرضوخ لقوانين الكون األساسية ،فهو رضوخ أن الصدق هو مفتاح الحياة الفرسان ،وليس رضوخ العبيد .فالفارس أيقن في قلبهّ ، وقوتها الحقيقية. كذبت على الناس كلّها ،فلن تستطيع الكذب على نَ ْفسِك؛ ألن كود الصدق كائن َ فإن وأصيل فيك ،وال يمكن اختراقه؛ ألن نظام الحياة ُه ْند َ ِس بطريق ٍة ال يخترقها الكذب. ففي باطنك تعي الكذبة وت ُميّزها ،وهي تُؤ ِلمك ،فهذا أسلوب الرحمة في هندسة سرنا الصغير. الحياة ،لتبقيك متيقّظا لحقيقيك الكاملة ،وفروسيتك النبيلة ،وهذا ّ ال يمكن اختراق كود الصدق ،حتى إن أردت. استطعت إخفاء الزيف في الخارج ،وحتى لو احترفته لدرجة التو ّهم به ،فلن َ مهما تقدر على مواجهة نظام الحياة الصادق ،فنظام الحياة انبثق من َر ِح ِم الصدق ،وهذا أردت إثبات َ الحكمة الطاعة الكاملة له .وإن ي ال تستطيع اختراقه ،ومن ِ كودٌ كون ّ لبست فيها شيئا مقلّدا ،وبدا للناس كأنّه أصلي؟ َ ذلك ،فهل ت َذ ُكر ّ المرة األخير التي أحسست في نَ ْفسك ،أنّك تلبس قَطعة أصليّة ،بالطبع ال. َ فهل تستطيع القول إنّك ص ْون الصدق ،وحتى في أصغر األمور ،فكيف لك أن ت روح الحياة على َ فإن بُنِيَ ْ تتناغم معها ،من دون الصدق بالكالم! لذلك ك ّل مرة تقول فيها كلمة غير حقيقية ،فإنّك تنحاز ع َّما هو أصيل فيك ،وتفقد القوة األصيلة في داخلك .وبالناحية األخرى، قوتك ،أو باألحرى تبتعد عن ّ جزءا من ّ قوتك الحقيقيّة ،لتنضج فيك صفات ك ّل مرة تقول فيها الحقيقة ،فإنّك تتوازى مع ّ الفارس األصيلة ،وما هذه الصفات؟ القوة الصارخة ،األمانة ،التصميم ،القيادة ،القدرة الجرأة ،النبل ،األناقة ،الطهارةّ ، على التغيير ،فكل هذه الصفات تتجلَّى من صدق الحديث؛ لذلك أَعت ِب ُر «الصدق في الكالم» في ميزان الفروسية بأعلى المقامات ،فالكالم للفارس هو الشرف الحقيقي، ُفضّل الموت على تلفيق كلمته. طه مع ُروح الحياة .فالفارس ي ِ صادق َي ُخ ّ ٌ وهو عهدٌ عمق ذاتك يسكن الفارس ،وتسكن معه حقيقتك). (تذكر أن هناك في ُ ك ّل هذه الوصوف جميلة في بوتقة الفروسية ،ولكن السؤال يبقى ،كيف ستُط ِبّق الصدق في الكالم من خالل حياتك العمليّة؟ فلنبدأ بأهم درجات الصدق في الكالم وهو االلتزام… اهتزاز لوزنٌ في ك ّل مرة تُطلق التزاما من فَ ِمك ،وال يُحقّق ذلك االلتزام ،فهو طت قُدسيّة كسرت التزاماتكُ ،كلّما سقَ ْ َ وهدر لطاقته؛ لذلك سترى أنّك ُكلّما ٌ كالمك، لت إلى الهزيل ،وإن هَزَ َل كالمك هَزَ لت ،فالكالم هو سالح الفارس وتحو َ ّ كالمك، ضعف له. ٌ ي ،وضعفُه هو الحقيق ّ ي حالة خاصة ،و… ولكن دعني أوقفك هنا قبل فقد تُف ّكر اآلن ولكن إيهاب أنا لد ّ أن ال تنجرف باحترام كاملْ ، ٍ الخوض في هذه المجادلة غير المنتهية ،وسأطلب منك مع أفكارك ،وال تتماشى مع ُحجج نظام الخوف فيك ،الذي يريد أن يعطي شرعيّة لعدم االنتصاب بالتزامك؟ فمهما كانت ال ُحجج منطقيّة ،فلن تخترقَ نظام الحياة الصادق. القوة ،أي: ق بسيط ،وفيه الصدق يُوازي ّ ِس بمنط ٍ فنظام الحياة ُه ْند َ قوة الصدق= ّ الكذب = ضعف ولك الخيار. األول ،دعنا ننظر إلى أكثر األماكن تحديا لصدق الكالم. ولتبدأ السير في الطريق ّ سك بااللتزامات ،ولكن على العكس تماما، َحرق نَ ْف َ أطلب منك أن ت ِ َ اإللتزامات .لن خفّف منها ،نعم خفّف منها .فقبل النطق بااللتزام ،تريّث قليال ،لتُف ّكر إن كنت قادرا على تلبيته أم ال؟ فالصدق ال يعني زيادة االلتزام ،بل الوفاء فيه ،وال تحزن إن سك ألنّك لم تعرف ،ولكنّك اآلن كسرت هذه القاعده في السابق ،و ُكن عطوفا مع نَ ْف َ َ ست ََر بتدريبك على صدق ور ِويّه .و َبدأت تعرف ،فابدأ التدريب ،وابدأْه بعطف َ َ س َم ،ومعه االرتقاء في كل نواحي أن كالمك سيرتقي تدريجيًّا إلى درجة القَ َ الكالمّ ، حياتك. الحكمةهذا الوعي وصلني في أحد تأ ُّمالتي اليوميّة ،ف ُكنتُ مرة أتأ ّمل وأسال صوت ِ في داخلي ،ما هو الشيء الوحيد الذي إذا غيّرته اآلن ،سيغيّر ك ّل حياتي؟ وأتى سم ،وانظر ماذا سيحدث. الجواب بوضوح الكريستالَ :ح ّ ِو ْل كالمك إلى نوعٍ من القَ َ وفعال اليوم الذي بعده بدأتُ بتطبيق هذه النظريّة ،بالنظر إلى األماكن التي صدرت فيها التزامتي الكالمية بالرخيص ،ألبدأ بعمليّة التطهير .فمثال سألني حينها رفيقي بالسكن ،إن كنتُ قادرا على رمي القمامة ذلك اليوم ،وكنت على وشك أن أقول نعم ،ب ُحكم العادة ،ومن دون رغبة صادقة للتنفيذ ،ولكن تذكرت حينها قسم الكالم، وأخذت وقتي بالتفكير ،ومن ثم قلت« :ال ،لن أستطيع اليوم ،وسأفعلها غدا»؛ وألن كالمي تشبَّع حينها في روح الصدق ،أحسست لحظتها بطاقة مختلفة للساني. اليوم الذي بعده نهضت من التخت ،وبعد القيام بروتيني الصباحي من التأمل، وغيره من التمارين لشحن طاقتي ،أردت القفز للعمل ،ثم تذكرت القسم ،وبقرار قاطع قلت :سأذهبت لرمي القمامة قبل أي شيء .في الطريق إلى القبو ،وأنا أحمل القمامة في يدي ،أحسست بشعور من النشوة؛ ألني أنفذ ما قلت ،حتى أصل إلى مسجال إيّاها ِّ «لحظة رمي القمامة» والتي مرت بالتصوير البطيء في ذهني، كاالنتصار التاريخي ،وكأني ربحت كأسا من نوع ما .قد تكون كأس الصدق السحرية! استمررت بعدها بالتدريب على صدق الكالم في النواحي المختلفة من حياتي، وبدأتُ المالحظة سريعا ،أن ك ّل مكان خال فيه كالمي من القدسيّة ،كان يعاني من ي غير الضروري ،وأ ّما النواحي كثير من التعقيدات ،والذنب ،واالستنزاف الطاق ّ التي كان فيها الكالم مقدّسا ،كانت بسيطة ،وسلسة ،وتتخلّلها الفاعلية العظمى .فابدأ التدريب على صدق اإللتزام من اآلن ،نعم اآلن ،فما المكسب من إطالة معاناتك؟! ابدأ التدريب بأصغر األشياء ،فإن قلت لشريكك إنّك ست َجلي الصحون غدا ،فافعل ذلك ،أو ال ت َ ِعد أصال ،وإن قُلت إنّك ستبعث اإليميل اليوم ،فَلَ ّ ِ ب ذلك. سك قبل اآلخر ،باألصح االلتزام هذا المستوى من االلتزام في الكالم يطبَّق على نَ ْف َ سك؟ وحتى تحس عندما تكسر التزامك مع نَ ْف َ ّ سك هو األهم ،فماذا تظن أنّك مع نَ ْف َ إن خدّرت ذلك اإلحساس «باأللم» مع ال ُحجج الممنهجة. إن أردت معرفة هذا اإلحساس ،سأسالك ماذا تحس عندما ال يفي شخص بالتزامه معك؟ أردت اإلجابة َ تحس عن نَ ْفسك ،وإن ّ سها في جسدك اآلن ،هكذا تماما ما نعم ح ّ واضحة صريحة فهي :فقدان الثقة. ألن كالمك فقد الثقة التي تأتي ضمنيًّا عدم الصدق مع نَ ْفسك ،سيُفقدك الثقة بالنفس؛ ّ مع الصدق. فإن التزمت الصدق بكالمك مع نَ ْفسك ومع اآلخرين ،وهي النتيجة الحاصلة إن حدث األول ،فسيرتفع إحساسك بالثقة الداخليّة ،وستش ُّع هذه الثقة على الناس ،فتراهم سم في في وجودك آمنين ،وفي كالمك مصدّقين ،وكيف ال ،وكالمك قد شابه القَ َ ترديده .هذه هي الثقة التي يبحث عليها الناس ،في عالم افتقد لها؛ لذلك في السابق كان أكثر التجار احتراما وثراء ،هم من كان كالمهم كالميثاق ،بحيث يضع الناس عندهم األمانات لسنين عدة ،ومن دون أي صكوك ،فكلمتهم الصك والثقة ،وهذا سرنا الصغير. ّ الصدق في الكالم هو أقوى من كل الصكوك والعقود. أردت أن توقظ روح التاجر األمين فيك ،فالتدريب على صدق الكالم هو َ فإن يجن جنون نظام الخوف ،وتشتعل عواطفه ّ األساس .وت َنبه أنه في هذا التدريب أن شخصا نعط هذا السيناريو :تخيّل للحظة ّ الدفينة ،ولكن لماذا؟ للتوضيح دعنا ِ طلب منك الذهاب للغداء ،وأنّك ال تريد ،فماذا تقول عادة للتملّص؟ إذا كانت اإلجابة أن تأتي بح ّجة كاذبة لالعتذار ،وهذا أسلوب نظام الخوف لضمان التقبُّل الخارجي، ألن كالمك خال من الصدق. فأنت ت َسقُط هنا عن قدسيّة الكالم؛ ّ فهل ستكون قادرا أن تقول شكرا لدعوتك ،فقط ،ولكن ال لن أستطيع القدوم من دون أيّة إضافات. أكاد أتخيّل نظرة التع ّجب في وجهك اآلن ،والسبب ألنّنا بنينا مجتمعا أصبح فيه قول الحقيقة بالغريب ،بل الغريب جدًّا إلى درجة الضحك ،وهذه عالمة واضحة ّ أن المجتمع ليس المكان الذي تلجأ إليه ،لتتعلُّم كيف تعيش من ذاتك الصادقة. وقد يتسارع ذهنك اآلن العتراض آخر ليقول« :إيهاب ،أنا أريد أن أقول الصدق مع الناس ،ولكن ال أستطيع؛ ألني سأجرح مشاعرهم؟». نحن ال ندعو هنا «بتدريب الصدق» أن تفقد تعاطفك مع الناس ،فالصدق ال يعني فقدان التعاطف ،بل على العكس تماما ،فال يكتمل الصدق من دون التعاطف؛ ألنه ساكن في روح الصدق؛ لذلك لك أن تردّ على الدعوة كالتالي« :شكرا جزيال على ٌ الدعوة ،وعلى تفكيرك الجميل عنّي ،ولكن سأعتذر عن التلبية». ولطيف القلب ،ومن دون «الكذب» ،أو ما نس ّميه بالمجتمع َ ُ ستكون صادقا هنا أن زيادة عدد الناس التي تجامل ،خوفا من «جرح المشاعر» وهي المجاملة .وتذ َّكر ّ في الحقيقة خوف من عدم التقبل الذاتي ،ال تغيّر ثوابت الكون ،ونظامه المهندَس للصدق ،فدع صدقك العطوف يعلو على المجاملة. المقرب الذي يدعوك ،وال تدري ماذا تفعل حينها ،فقد تقول له ّ وإن كان صديقك الحقيقة موضّحا« :إنّي بدأتُ التدريب على قول الصدق كما هو؛ لذلك سأجعل كالمي صادقا معك» ،وإن لم يُق ِدّر صديقك هذا المسعى ،فقد ال يكون الصديق الذي تتمسك به؛ ألنّه ال يتماشى مع اتّجاهك الصادق ،هذا إذا كان الصدق االتّجاه الذي تختار أن تسلك. العبرة ،أن تصوغ عباراتك بالطريقة التي تتماشى مع الصدق ،والتعاطف ،والذكاء ألن بهذا سقوطا المجتمعي ،ولكن من دون أن تضيف مجامالت ،أو حججا كاذبة؛ ّ عن قدسيّة الكالم ،وبه السقوط عن ذاتك األصليّة. بالنهاية ،المبدأ واضح وصريح :الصدق في الكالم ،ألقصى طاقتك ،وبعطفٍ مع نَ ْفسك. بهذا التدريب المقدّس ،ستصل إلى عالق ٍة جديدةٍ مع الكون ،تحول فيها كالمك إلى ت كلمةق الكالم أنت تُثبت لك ّل أرجاء الكون ،أنّه إن خ ََر َج ْ ص ْد ِ عهو ٍد طاقيّة .فعند ِ من فمك ،أصبحت عهدا وواقعا ،وهنا ستسارع قدرتك على التجلّي السحري، أن بينك وبين تحقيق أية نتيجة، وتحصيل النتائج بيُسر غير مسبوق ،فأنت تعي هنا ّ كلمة تخرج من فمك ،ليس ّإال .وبهذا سترى ك ّل كلمة تطلقها كعهد جديد بينك وبين القوة االبتكاريّة لألكوان كافّة .حينها عندما ّ تقرر الكون ،تتوازى فيها مباشرة مع ّ البدء في مشروع جديد ،وعند اطالق هذه النية الصوتية ،سترى الحياة تُطوع نفسها، وخَلقها لصالحك فورا ،فكالمك أصبح عهدا ،ونُفَذ. عارف أنّه نَفَذ ،فقط ٌ تقرر البدء في مشروع جديد ،فأنت فتخيّل للحظة أنّك عندك ّ ألنّك قلت أنّك ستبدأ؟ تظن سيحدث بعدها عندما يرتقي هذا المستوى من الصدق والتجلّي ،إلى ُّ وماذا مراحل أعلى ،بحيث يكون الباطن والظاهر هو نسخة أصلية منك غير مشوشة؟ أنا ق إلى هذه الدرجة من الصدق المستنير في الفكر شخصيًّا ال أعرف ،ألني لم أرت ِ والكالم ،ولكن من خالل عالقتي المباشرة مع مصدر الحكمة تساءلت عن هذا، وأتتني اإلجابة فورا ،وقد ال تكون نفس اإلجابة التي تأتيك ،وهي :عندما يستوي «كل كالمك» مع تعبير الصدق المطلق من داخلك ،فستتحول كلماتك إلى «وعو ٍد محقّقة في األرض والسماء» ،وهذا هو مقام الصديق .هذا المقام هو ال ُمحفّز ّ األول واألخير لي في تدريبي المتواصل على صدق الكالم. فلماذا ال تأخذ الوقت اآلن ،لتف ّكر بمحفّزك الشخصي؟ فحو ْل ي ال يتوافق مع طريقتك بالتفكيرّ ، ي أو الكون ّ وإن كان هذا النقاش الروح ّ ص ِدّق عقلك الباطن كالمك ويق ِدّره ،فلحظة كلمة الكون إلى عقلك الباطن .فعندما يُ َ القول ستراه يحشد ك ّل قواه االبتكاريّة ،ومصادرهُ الداخليّة لسبيل غايتك ،بدل أن مرة ،من دون الرغبة مكرر ،حاله حال الكالم الذي تُط ِلقه ك ّل ّ إن كالمك ّ يقول« :آه ّ الصادقة في تنفيذه». فكم تعرف أشخاصا يقولون .ويقولون .ويقولون… فتراهم في ك ّل جلسة يقولون إني سأفتح بيزنيس ،وكلّنا ندري أن هذا لن يحصل ،ويقولون :إني سألتزم في هذه التمارين الرياضية ،وكلّنا ندري أن هذا لن يحصل .فهل تعتقد أنّه بهذه المستوى من التعامل مع الكالم ،سيرتقي هذا الشخص إلى قُدرة التجلّي السريع :ال! فقدرته بالرمي الجائر لوعو ٍد غير منفّذة. على التجلّي ،واإلنجاز ،والتأثير ركدتّ ، أترى اآلن ،كيف يلمس التدريب على صدق الكالم ك ّل نواحي حياتك تقريبا؟ ومنها تمرين شمولي ،وهو ٌ قدرتك على اإلنجاز ،والتعبير ،والتمكين .الصدق بالكالم هو ي لمستوى من أكثر التمارين تح ِدّيا التي ستأخذها على عاتقك ،ففيه االختبار الحقيق ّ ي .نعم ي ،والروحان ّ ي ،والعاطف ّ ي .الذهن ّ ي ،والروحان ّ ي ،والعاطف ّ نضوجك الذهن ّ الصدق تمرين شمولي ويالمس كل نواحي الحياة كافة ،ولكن هذا ال يعني ابدا ،أننا ندعوك في تدريب الصدق أن تتغافل عن انسانية الخبرة األرضية ،والتي ستواجه فيها الكثير من اإلمكان التي «لن يكون» فيها الصدق الخارجي هو الخيار المناسب على الورق .فكن ذكيا هناك بحيث ال تخترق الدبلوماسية هناك ،الصدق مع نفسك. مثال قد تذهب لتنفيذ أوراق حكومية ،ويُطلب منك أن تسجل اسمك ،وقد يكون اسمك الحقيقي غير المسجل في األوراق ،طبعا لك أن تتماشى هناك مع النظام وتعطيه ما يريد بكتابة االسم ال ُمسجل ،حتى ان لم يكن اسمك انت .فنعم الخبرة الحياتية تعم بالكثير من التفاصيل الورقية ،والتي لن يكون فيها الصدق الورقي هو المناسب ،وهذا طبيعي ،ولكن تأكد ان تكون «صادق مع نفسك» حينها ،وواضح كل الوضوح عن نية الفعل ،فالصدق ال يتضارب مع اللين والدبلوماسية مع األنظمة الخارجية ،بحيث ال تخترق ما تعتبره انت ،الحقيقي والصادق لك انت ،لتحافظ على تدريبك في الصدق. أنا متأكد إنك فهمت المغزى فال تجعل الحاالت االستثنائية كوسيلة للتالعب ي في تدريب الكالم الصادق في ض ِّ بالصدق ،واعزم الصدق دائما وأبدا ،وبال ُم ِ االلتزامات ،واألعمال ،والعالقات ،وك ّل نواحي الحياة األخرى. وبكثير من األماكن كالمي لم يالمس ٍ أنا شخصيًّا ما زلتُ ِغ ًّرا في هذا التدرب، سد للحقيقة الكاملة ،فأنا أعي مدى التحريف الذي يُطلَ ُق من فمي القدسيّة بعد ،ولم يُج َّ كل يوم ،أو التالعب من داخلي ،أو رمي الوعود غير المنفذة .ولكنّي ملتز ٌم أن آخذ المسؤوليّة هناك ،وأعدّل المسار بسرعة ،ومن دون مالم ٍة لنفسي أو للناس ،بل بتعاطفٍ كامل مع الذات .لذلك ان قلت لشخص اعطيني ثانية وسأرد عليك ،التقط نفسي ،بتعاطف ،وأقول له »:ال أخطأت اعطني أربع دقائق وسأرد عليك!» لذا المقصد ليس مالمتك ،أو أن نثبِّط من عزيمتك بتدريب الصدق ،بل لتحميسك ي، ي ،حتى تنضج برويّة في الصدق الشمول ّ ي في هذا الطريق بعطفٍ ذات ّ للمض ّ سدا لحقيقتك ،فلماذا ال يكون هذا جزءا من طموحك المشروع؟ ليُصبح كالمك مج ِ ّ الطموح لتجسيد حقيقتك بك ّل تفاصيلها ،وفيها الطموح لتزأر ك ّل خليّة من خالياك صه لغاندي لترسيخ هذا الطموح فيك (قد ال تكون بحقيقتك كاملة .وهنا يراودني ق ّ هذا القصة حقيقية ،ولكن انظر إلى المغزى). في مرة من المرات أتت أ ّم من قرية مجاورة لزيارة مهاتما غاندي ،القائد الروحي للهند حينها ،وقامت بصحبة ابنها معها الذي يعشق غاندي ،ويعتبره مثاله األول. كانت غاية األم أن تساعد ابنها عن اإلقالع عن أكل السكر ،فأخبرت غاندي بأن ت األم ،وأتت األسبوع يقنع ابنها بذلك ،وردَّ عليها« :تعالَ ْي األسبوع القادم» .فف َعلَ ْ ي ،لماذا ال تخفّف أكل السكر؟ فهو الذي بعده مع ابنها ،وعندها قال غاندي« :يا بُنَ ّ ضار لك.».ٌّ استغربت األم من هذه الجملة ،وسألت غانديِ »:ل َم لَ ْم تقل هذا األسبوع الماضي، وأجبرتنا على السير ك ّل هذه المسافة مرتين؟!» فردّ غاندي« :ألنّي األسبوع الماضي كنتُ أنا نفسي آ ُكل الس َّكر.». فال تخف المسير لهذا المستوى من الصدق ،وهو مستوى التجسيد الكامل لحقيقتك، ودعه كالرؤية ال ُملهمة لحياتك وشخصيّتك .وإن ُخ ِيّل لك أنّك ستفقد ك ّل الناس حينها بهذا المستوى من صدق الكالم ،فهذا «قد» يكون صحيحا ،إن َبنيت صدقاتك الحالية سك حينها ،وستجذب يهز شعرة لك؛ ألنّك ستكسب نَ ْف َ على رداء الكذب .ولكن هذا لن ّ ي الصادق ،وهنا ستذوق طعم الحياة الصادقة، بعدها لحياتك بعدها من توافق مع الح ّ وما يكون هذا طعما؟ هو عسل الحريّة ،فالصدق والحريّه واحد ،وهنا ستصبح سرنا الصغير.ك ُمشك ٍل للعالم المستنير ،الذي تتوق إليه أنت واإلنسانيّة كافّه ،وهذا ّ طريق الصدق هو طريق العالم المستنير ،الذي تتوق له أنت واإلنسانيّة كافة. حول السير في طريق الصدق ،لطريق المالمة ،فدع وكما أكدنا ،وسنؤكد ،ال ت ُ ّ رأيت كالمك ،أو التزامك في أصعدةٍ معيّنة رخوة، َ التدريب رقيقا وعطوفا ،وإن ي سلوك تسلكه؟ ت المالمة أ ّ فأرجوك ال تنجرف في دائرة مالمة الذات ،فهل غي َّر ْ يب المسعىطبعا ال ،فما المالمة إن لم تكن إحدى أساليب نظام الخوف ،ليُظهر لك ِط ُ المبطنة لتُبقيك على حالك ،من ّ عمق هذا المالمة ،حاجة الخوف في التغيير ،وفي ُ ي تغير. دون أ ّ فعندما يَنكشف لك ُرخص كالمك في بعض النواحي ،وهذا حال ك ّل البشر ،دعها كلحظة لإلدراك ،والمراجعة العَطوفة ،فبالنهاية أنت دائما ت َ ْفعَ ُل أفضل ما تعرفه تخف أن تعتذر وتص ّحح ،وعسى ْ سك ال تقول الصدق ،فال باللحظة .وإن الحظت نَ ْف َ القصة التي سأقولها اآلن تكون ملهمة لك في هذا المسعى: ففي إحدى المحاضرات التي كنتُ أُعطيها أمام أكثر من مئة شخص ،بدأتُ بشرح ي ،ومن ث ّم أضفت« :إني لن أستطيع أن أوضح لكم ي عن التنفّس القلب ّ ب عمل ّ جان ٍ أثر التنفّس من خالل الجهاز اإللكتروني؛ ألنّه سيأخذ وقتا كثيرا» ،وأما الحقيقة وقتها أنّي ذهبتُ للبيت متأخرا قبل المحاضرة ،ونسيتُ أن آخذ الجهاز معي. طت نَفَسي بهذه الكذبة ،بسبب حساسيتي الجسديّة للكذب ،وكأن شيئا في نفسي التقَ ُّ اهتز ،ولك أن تتخيّل موقفي حينها أمام مئة شخص .ولكن قد تقول اآلن ،ما المشكلة؟ ّ فهم ال يدرون ما الذي حدث أصال ،وهذا صحيح ،ولكن أنا أدري .أدري أنّي لم أ َ ُكن صادقا ،وهنا كانت لحظةُ الخيار ،فنظام الخوف كان يصرخ في داخلي :ال تعترف ولكن الجز َء ال َم ِحبّ للحقيقةّ سك أمام ك ّل هؤالء األشخاص، بالكذبة اآلن ،وتفضح نَ ْف َ في داخلي لم يسمح بذلك ،فتوقفتُ ،وقلت« :يا سادة أنا أعتذر منكم ،أنا كذبت والحقيقة كذا وكذا »،وأكملتُ المحاضرة. وتدري لم يكن الموضوع بهذا السوء… للغرابة ،بعدها بأق ّل من أسبوعين كنت أعطي «كورس القائد المستنير» ،وأتت إحدى المتدربات وقالت« :إيهاب السبب الرئيسي الذي ألهمني للتسجيل في الكورس؛ ألنّي كنتُ موجودة في المحاضره التي اعترفت َبها بكذبتك ،وهناك زاد احترامي وثقتي فيك». للتدرب على الصدق حتى بعد اإلخفاق ،وبالنضوج ّ أتمنى أن يكون هذا ِعبْرة لك، تعيش أكثر من نور الصدق وقوته ،وهكذا ستصبح كمنارة الحقيقة ُ والرحمة ،لَت َ َراك واألمل لكافة البشرية. للتذكير: * الصدق هو أساس القوة الذاتية. * ابدأ التدريب بصدق الكالم ،بالتخفيف من التزاماتك ،وتنفيذ ما ت َ ِعدُ فيه. * لك أن تكون صادقا وعطوفا ،وذكيًّا اجتماعيًّا بنفس الوقت. ض ْمنِيًّا قدرتك على تجلّي األهداف بيُس ٍْر * عند زيادة الصدق في الكالم ،ستزيد ِ ب. رهي ٍ أسئلة للتفكر: لماذا تقاوم الصدق في الكالم؟ وهل السبب الذي يمنعك هو من مكان الحب ،أم الخوف؟ ي ،واستمتاعٍ؟ برقِ ٍّ ماذا عليك أن تفعل لتذيب هذه المقاومة ُ للتدرب على صدق الكالم؟ ُّ ما هو حافزك الرئيسي ماذا ستحس داخل نفسك إن بدأت بتنفيذ ما ت َ ِعدُ نفسك به؟ لماذا الصدق «كقيمة» ُم ِه ٌّم لك؟ األملُالمتَجذّرُ أردت أن تقتل إنسانا ،اسلبه األمل ،فاألمل لرؤيا الروح بمثابة ال َم ْنفَس ،ومن َّ إن دونه تختنق الروح ،وتبدأ الرؤيا بالتعفّن والنسيان .فالمعادلة واضحة »:ال حياة من ت صباحا ،وال أمل لك في أي ْ استيقظ َ دون أمل» ،وكيف تكون في الحياة حياة إذا شيء؟ فهنا تكون المعاناة محتومة ،ومصير التعاسة مكتوبا ،أليس هذا هو الجحيم بح ِدّ ذاته؟ المحركه لقلبك، ّ القوة وماذا لو قفزنا إلى السيناريو المعاكس تماما؟ وكان األمل هو ّ فماذا سيختلف؟ أجزم الكثير… بوابة الرؤى واألحالم ،وهو مفتاح اإلصرار المحركة ،وهو ِّّ األمل هو طاقة الفعل تسع وتسعينٍ للمرة المئة ،بعد واالجتهاد والتصميم ،فاألمل هو ما يجعلك تحاول ّ قوة األمل الجبّاره ،يبقى ،ولألسف ،مفهمونا عن األمل عثرة .لكن بالرغم من ّ جرد صاحبها دروب األمنيات الورديّة ،التي ت ُ ّ َ سطحيًّا للغاية ،ال يتعدّى في وصفه من القدرة على مواجهة التح ِدّيات باتّزان. نحس ّ والغريب أن هذه السطحيّه في منظور األمل ،هي ليست الطريقة ذاتها التي فيها باألمل عند النظرإلى تتابع األيام .فعندما تنام بالليل ،فأنت ال ت َتمنّى أن يأتي إيمان تبلور على شكل اليقين؛ لذلك ال تنام، ٌ ٌ إيمان راس ٌخ لحدوث ذلك، النهار ،فهناك وتقلق حيال بزوغ الصباح ،فأنت عارف بهذا. بقوة الضمانة التي يقدمها…من هذا النوع من األمل يجلي الهموم ،ويذيب القلقّ ، ي اآلن ،وتقول :انتظر ،فتتابع األيام هي ظاهرة الممكن أن تقاطع هذا التراود الكتاب ّ ضامن لتكرار هذه الظاهرة غدا، ٌ مضمونة ،واألمل فيها أكيد .الحقيقة ال ،فال شيء ت لماليين السنين ،ولكن األمل وحده الذي يولد هذا اليقين. وحتى لو َحدَث َ ْ أن هناك أمال أقوى من تتابع األيّام ،أمال ال يشوبه التغيّر ،وال مفاجآت تخيّل اآلن ّ قادر على زعزعته، الزمان النادرة ،إنه أم ٌل موجودٌ وساكن ،وال شي َء في الكون ٌ قوة وطمأنينة للشخص الذي اهتدى إلى أو التأثير عليه .هذا األمل يكون مصدر ّ ِس ّره ،هذا هو «األمل المتجذّر». ولألمانة ،ولسبب ما ،لم أفقد اتصالي قَط مع روح األمل المتجذّر ،ففي أعماقي تس َر هذا األمل بكلّما ٍ ي دائما ،وأبدا .لم أستطع أن أف ِ ّ كنت دائم الدراية أن األمل ح ٌّ ت شفاه األمل تحدثني وتقول « منطقية ،ولكن هناك في حجرات قلبي الساكنة ،ظلّ ْ ك ّل شيء تمام» .ومع رحلتي في طريق الصحوة والتطور ،أخذ فهمي لألمل تحو َل إحساسه الحدسي ،لفهم ذهني أعمق ،أقدر أن أصوغ بالنضوج بسرعة ،حتى َّ فيه درجات األمل بوضوح تام ،لتصل إلى أسمى أشكاله ،وهو «األمل المتجذّر». ي هنا ،ونعطيه ما يريد من المراحل المتسلسلة، فلو أردنا أن نُحاكي العقل التحليل ّ ف مراحل األمل الثالثة: َص ُ فقد ن ِ المرحلة األولى :هي شك ٌل من األمنيات اللحظيّة ،نشتهي فيها واقعا أفضل م ّما عليه اآلن .هذه األمنيات ،ت َسقُط َكريش ٍة حالم ٍة على ذهن صاحبها ،لتقطع تصلّبه الفكري، ٌ وإلهامات جديدة. أفكار، ٌ بزغُ منها وتأخذه ولو للحظات إلى عالم الخيال ،والتي قد َي ُ كائن على حاله، ٌ أما المرحلة الثانية :فهي وجدان المعرفة الراسخة ،أن ال شيء فك ّل أشكال الحياة وظروفها متغيّرةٌ ،أو كما يقال« :حتى هذا سيُعدّي» .هذه المرحلة سن َِن ُ المقرون ب ُ من األمل ،تضيف نوعا من السالم ،وصبرا على الشدائد ،هو الصبر ق على حاله لألبد، الطبيعه وقوانينها ،والتي تكشف لنا ،أن ال شيء في عالم المادّة با ٍ فحتى أكبر المصائب «ستُعدّي». ي حدث ،أو بعد هذا المرحلة ننتقل إلى المرحلة الثالثة ،وفيها األمل ليس مرتبطا بأ ّ كائن فيها بذرة ٌ إن كل خبرات الحياة حتى اليقين بتغيره ،وإنّما الفهم الصادقّ ، ألن خبرة الحدث ال التطور في الوعي .في هذا ضمنية المعرفة أن التغيير بسيط؛ َّ تأتي من الحدث ذاته ،ولكن من خبرتك الفكريّة باللحظة ،فك ّل ما يتطلبه التغيير هنا، هو مستوى جديد من الوعي ،ليتيح لك مستوى جديدا من األفكار ،ومعه نوعيّة خبرة جديدة ،وبذلك التطور لمستوى جديد في لعبة الحياة الروحية .فاألمل هنا ال يستوجب التغير الخارجي لألحداث لبزوغ فجر نور جديد ،بل التغير في المنظور الفكري ،من التج ّمد إلى التقدم ،من التوتر إلى السالم ،ومن اللعنة إلى الفهم األعلى. فاألمل على هذا المستوى راس ٌخ؛ ألنّه يضمن «بضمانة كونية» أن هناك فرصة للتطور ،والتغيير من أي حدث ،ومهما كانت شدّته ،عند االرتقاء عن إسقاطاتك الفكريّة باللحظة ،لكشف بذرة التطور من روح الحدث. وربّما السؤال الذي يراودك اآلن :كيف أصل إلى هذه المرحلة من األمل المتجذّر؟ لتلبية هذا المبتغى ،دعنا نبدأ برمي مفهومنا الموروث عن األمل ،والذي ال يتعدّى شة في تحفيز النفس ،أو الصبر الثقيل المرحلتين األول َييْن ،كشكل من اإليجابيّة اله ّ على الشدائد ،ولنخلق سويًّا فضاء جديدا ،ليولد فيه مفهو ٌم أنقى عن األمل ،وهو األمل المتجذّر. أن الحياة تعمل في سيادة األمل المتجذر يولد مباشرة مع بذرة المعرفة الباطنيَّةّ ، أن الحياة مسخرة للتطور قرين اليقينّ ، ُ قانون التطور ،فهذا المستوى من األمل هو دائما وأبدا ،وال يمكن أن ت َ ْسلُ َك ّإال َمسلَك التطور دائما وأبدا .فك ّل عناصر الحياة خادمةٌ «لتطورك» الشخصي في الوعي ،ضمن رحلة التطور الشمولي لكل عناصر سرنا الصغير. سنّة ،وهذا ّ ٌ قانون و ُ الخليقة ،فهذا ك ّل عناصر الحياة وت َو ُّج ِهها ،محكومةٌ بسيادة التطور. أهم -إن ّ المبطن ،هو ِم ْن ِ ّ عي التطورهنا سنغوص أكثر في ث َ ِنيّات هذا التطور ،فَ َو ُ لم يكن أَهم ّالمعارف على اإلطالق-؛ ألن فيه المعرفة الحدسيّة لرعايتك األبديّة، رعاية الحياة لك ،ولكافّة أوالدها .هنا ستتجلّى حالة الطمأنينة فيك ألعلى صورها، فتسمح لحقيقتك أن ت َبثِقَ من استرخاء «بيئتك الداخلية» ،لتتعدّى حالة الخوف الدائم، إلى التدفق المستمر مع تعبيرك الصادق ،وبالمعرفة الكاملة أن الحياة ال تسلك ّإال مسلك التطور. فبذرة التطور المستمر هي في روح الكون ،وستبقى الحال كذلك ،ولذلك سنبقى نتطور ،شئنا أم أبينا .ولكن قد تتساءل هنُا ،ماذا عن ك ّل التحديات اإلنسانيّة عبر س ّم منها: التاريخ ،التي لم يحصل فيها أي شكل من أشكال التطور ،أو التغيير ،ولنُ َ الحروب ،والفقر ،والمجاعات ،وغيرها .فكل هذه التح ِدّيات قائمة منذ عقود .وعقود. وعقود ولم يحدث فيها أي تغيير ،فهل تطلب مني أن أنكرها؟ اإلجابة ال ،ولكن أن أحداث الحياة كافّة ،هي جز ٌء من لُعبة الحياة نستذكر معا ،ومن ذاكرة الروحّ ، الروحيّة في غاية التطور في الوعي. فك ّل أشكال المعاناة التي ذكرناها ،هي شك ٌل من اللعب الجاهل ،وفيه استخدام أفكار وتجليّات ٍ سخر هذه النعمة الكونيّة ،في وسافر لنعمة الفكر االبتكاريّة ،نُ ِ ّ ٌ مغلوط لنلوث بها أجسادنا ،وعقولنا ،وأنظمتنا، ال تتناغم مع ِحكمة الطبيعه األمّ ، ومجتمعاتنا ،واألرض كك ّل .نُ ّلوثها بسموم العُقد ،والعار ،والكذب العقيم ،وبتيارات مكررة من السبب والنتيجة. ولكن بالرغم من أن الحال كذلك ،وهو من صنيع أيدينا (ومن بينها يدك ويدي)، ي ّ والمغطى ِب ُحل ّ وبالرغم من أن هذه المعاناة الكلّية ،نتيجة جهلنا الفكر ّ ي ال ُمطلق، يتغول هذا الجهل على دوام «البذرة الكونية ّ الشهادات العلميّة ،فال يستطيع أن ط ُن الخير للتطور» ،فلم ،ولن يقدر على فعل ذلك .فهناك بعُمق كل هذه األحداث َيق ُ ي الدائم ،وهو األصيل في الحياة ،خلف لعبة الخير والشر ،حامال معه كنزنا الوجود ّ بذرة التطور المستمرة من ك ِّل حدث ،وعدم قُدرتنا على «رؤية» هذه البذرة ،لتُز ِه َر مرحلة التطور التي بعدها ،ال يُلغي وجودها. للتطور ،هذا إن استرخى ذهن اإلنسان ّ مهما كان أو حصل هناك فرصة ذهبية ِليَست َ ِشفَّها ،ولذلك يقال إن مشاكل اإلنسان كافة ،هي لعدم قدرته للجلوس بصمت في داخل الغرفة! هناك فرصة روحية للتطور في كل األحوال ،أو كما يقال بلغة الخيمياء« :هناك ذهب في روح كل معدن» .أ ّما ذهنك المحدود ،فهو من فقد الهداية سرا لهذا الذهب ،فقد الهداية له بأحكامه االزدواجية على أحداث الحياة اليوميّةُ ،مف ّ ض َحإيّاها بالخير أو الشر السطحي ،وهي َخلَت في باطنها من المعنى ،أو كما أ َ ْو َ خير وشر ،وإنّما التفكير فقط َمنشكسبير« :ال يوجد ٌ طن الخير الباطني كفرصة يُظهره كذلك» .فخلف ازدواجيّة التفكير بالخير والشرَ ،يق ُ ألن روح الحياة الواحدة ال تسير إال مسيرة واحدة ،مسيرة التطور الشمولي. للتطورّ ، ومبطن في ك ّل شيء ،وال يمكن أن يُسلب هذا الخير؛ ألنّه في ّ خير أصيل فهناك ٌ عجينة التكوين ذاته ،وطينة الروح الواحدة ،فال شيء يحيد عن هذا المبدأ ،وحتى الشر ذاته ،وإن أراد .فحتى إن أراد «الشرير» أن يؤذيك ،فهو يعمل في خَيرك ليُطورك ،هذا إن اخترت أن «تراه» من عين هذا الواقع .وعند استنباطك هذه الحقيقة الكونيّة بوجود فرصة التطور في كل األحداث ،ومهما كان مستوى الظالم، والحقد ،والضغينة الذي يكسوها ،سيولد صارخا من «رحمك» طفل األمل المتجذّر، وفيه بذرة التمكين ،والعزم ،والتغيير (وهذا يطبق على الرجال!). وإن أردنا أن نأخذ الحوار إلى منحى العمليّة اآلن ،فلننظر إلى خبرات حياتك المرة األخيرة المبطن شخصيًّا ،فهل تذكر ّ ّ السابقة ،فمن المؤكد أنّك اختبرت الخير سرتها حينها بأكبرالشرور ،أو حتى كنوعٍ من التي عشت فيها تحدّيا صعبا ،وف ّ بطن فيه :فقد ساعدك هذا الموقف العقاب الكوني؟ ولكن بعد فترة اتّضح لك الخير ال ُم ّ للتطور .قد يكون من نصب عليك في األعمال ،أو تلك العالقة السابقة ،ككاشف لك أفكار مستورة في ذهنك ،كانت تقيدك من التقدّم ،ووضوح رؤيتك ،أو عن ٍ عن أسباب الجذب الداخلية لهذه المواقف ،وأين عليك وضع الحدود الطاقية .وبذلك تحول «الشر»في ذهنك ،إلى نقطة نضوج وتطور مه ّمة في حياتك ،وحتى من ّ الممكن أنه أصبح اآلن ،كمادّة زخمة لمقاالتك أو حواراتك ،تلمس بها قلب السامعين بجرعة صادق ٍة من اإللهام. فماذا تغيّر؟ هل اختلف الحدث ،أم اختلف منظورك عن الحدث ،بانجالء إسقاطاتك الذهنيَّة عنه بحكمة حينها، من «مفهوم» الخير والشر ،إلى نجم الخير األصيل خلفهما؟ لتستنبط ِ تطورك .فاليقين الراسخ بكينونة التطور من أي حدث، صبُّ الحدث في خدمة ّ كيف ي ُ حتى إن لم تكن قادرا على رؤيته حينها ،هو بعينه خير الحياة الذي يبرز من حالة األمل المتجذّر. وال تخلط األمل المتجذّر ،بالمحاولة البائسة لكبت المشاعر من داخل الموقف، بأن ك ّل شيءٍ خير ،وله فائدة لك ،فهذه وإلغاء أحاسيس األسى ،باالدّعاء الكاذب ّ حالة مرضيّه تدعى اإلنكار .اإلنكارهو شكل من أشكال ُكر ِه الذات ،ترفض فيها رفض للذات كك ّل .فاإلنّكار هو إحدى ٌ سها باللحظة ،وفي هذاالمشاعر التي تح ّ االستراتيجيات الدفاعيّة من نظام الخوف ،للهروب من شعور األلم ،ودفعه للخارج، أما األمل المتجذّر فهو النقيض لإلنّكار ،وفيه السماحيّة الكاملة ألحاسيس اللحظة أن تُع ِبّر عن نفسها ،من الخوف ،والغضب ،والكره ،وغيرها ،لترتقي بعدها تدريجيًّا ي أن أتعلم هنا؟ بالسؤال لنفسك :كيف يكون هذا الموقف كخادم لتطوري؟ أو ماذا عل َّ فعملية االرتقاء لبوابة التطور في الوعي ،هي عملية خيميائيّة دقيقة ،تتطلب في خطوتها األولى مواجهة السواد الداخلي ،للبدء بعدها في عملية التنقية واالرتقاء. ألن ك ّل الخبرات اللحظيّة، المهم أن هذا كله يحصل بحضور الطمأنينة الصادقة؛ ّ للتطور الشمولي ،ورفعة الوعي. ّ تعمل في صلبها فهذه الطمأنينة وحدها ،هي التي تحفزك ،وتشرح صدرك للفتح أكثر للخبرة الحالية وأحاسيسها كافة ،وإن كانت مؤلمة ،وهي من تضيف رونق األناقه عليك ،للتعامل الحكيم مع أحداث الحياة وتحدياتها بسالسة الماء؛ ألنك متجذّ ٌر هنا بالمعرفة الباطنيَّة أن في عمق ك ّل خبرات الحياة فرصة كائنة للتطور. ّ وقد يبقى التساؤل قائما هنا :لكن لماذا تعمل الحياة للتطور دائما وأبدا؟ ألن هذا قانون ،وهذا القانون هو األساس في اكتمال رسالة الخلق. واإلجابة؛ ّ هتز معها سبب َهتز أركان الحياة ونظامها الدقيق ،ويَ ُّ من دون هذا القانون ،ست ُّ ي منها. ي وغير المرئ ّ الخلق ،وليس على األرض فقط ،بل على األكوان كافّة ،المرئ ّ التطور في ّ فك ّل ذرة بالكون ،تعيش رحلة تطوريّة ال منتهية ،رحلة ال منتهية من سار ،وليس ُمضْجرا؛ ألنّك ستعي خبر ٌّ الوعي؛ ّ ألن أبعاد الوعي ال منتهية .وهذا ٌ والحكمة التي تستطيع الوصول هنا ،أنّه ليس هناك حدود لوعي ال ُحب ،والتعاطفِ ، لها. التطور المستمر ،فيه عالقات امتزاجية مع مفهوم «اإلثراء» في الحياة ،فإن لم ت للثراء .فمن دون التطور لن تجد يُ َه ْندَس التطور في قلب التكوين ،فلن تجد عالما ٍ خبرات ت َحدث ،ولن تجد معها معارف تُبنى وتُستنبط ،لتثري الخبرات السابقة، وبهذا يموت «مفهوم» النهضة والعمران من معجم الحياة ،وهذا مستحيل. سمعنا مرارا وتكرارا ،أن نتوقّف عن استخدام كلمة المستحيل ،وأذكر أنّي في وقت من حياتي ،عاهدتُ نفسي ّأال أقول هذه الكلمة أبدا ،فقد أحرقتُها من معجم «الال مستحيل» مع الحياة ،ولكن سرعان ما الو ْق َع الجميل إلحساس ّ كلماتي ،ألحس َ أن هناك شيئا اسمه المستحيل .ليس المقصود هنا بالقيد الذي تضيفه إلى أيقنتّ ، قيودك الذهنيَّة ،وتُس ّميها بالمستحيالت ،بل المستحيل الكون ّ ي الجميل. ذلك المستحيل الذي ينبثق من نظام الحياة األصيل ،وشيفرته الدقيقة .هو المستحيل ُحررك من المخاوف كافّة ،ويسطع فيك األمل المتجذّر ،ليهمس في أذنك الذي ي ّ ويقول :أن تخالف الحياة تُجاه التطور في الوعي ..هذا مستحيل؛ ولذلك الخسارة هي مستحيل أيضا! ألن الخسارة هي فقط لمن «ال» يدري أن هناك فرصة للتطور من أي موقف. التطور ّ وأال يحدثأن تعمل الحياة باتّجاه يخالف الخير الشمولي هذا مستحيلَّ ، طوال الوقت ،وما بعد الوقت مستحيل ،وأن تكون مفصوال عن مصدر ال ُحب، والحكمة ،والرخاء ،واالبتكار ،والطمأنينة مستحيل ،وأن تُهدّد قيمتك بالضياع ِ مستحيل .هذا هو المستحيل الجميل ،الذي يأتي ُمغلّفا مع ضمانة الهندسة الكونيّة. ي سائد ومن التطور في قائمة المستحيالت ،فهو قانون روح ٌّ ّ لذا يبقى قانون المستحيل تحريفه ،وهذا سرنا الصغير. أردت فعل ذلك.َ التطور ،هو قانون سائد ،ومن المستحيل تحريفه وإن ّ قانون وقد تقف هنا للحظة ،وتعود بضع خطوات للخلف لتقول :لو عدنا لموضوع التطور؟ وكما قلنا ،الحرب ليست ّإال تجليا ٍ ت ّ ي شكل من الحرب ،فكيف يكون فيها أ ّ لألفكار غير المتناغمة في الوعي الكلّي .ولكن حتى الحرب ،على قسوتها المد ّمرة، وعلى ما قد تخلق من بيئة طاقيّة وضيعة ،لجذب أنظمة الخوف الجمعيّة ،والطفيليات س ِتر من محتويات الوعي الجمعي ،وما قد الروحيّة من ك ّل مكانّ ،إال أنّها ت ُظهر ما ُ َيت َخللُه من الغ ّل والحقد واألحكام .وعند بزوغ نتائج هذه المحتويات الفكرية على السطح ،فهو يعطي اإلنسانيّة فرصة الشفاء والتطهير ،فهو مواجهةٌ صادقةٌ ِلما كان فينا. ق وهنا يأتي السؤال :هل سنرى هذا الخير من حدث «الحرب» ،ونمشي بطري ِ والتطور ،أم نقاومه؟ لتعيد الحياة الدروس ذاتها ،ومعها التكرار لنفس ّ الشفاء المرحلة اآلنية من اللعبة الروحيّة .فالحياة تُعيد تدوير الخبرة مرارا وتكرارا حتى يبرأ النظر ،ويُكشف المسبّب الحقيقي خلف األحداث ،وهو نفسك أنت .حينها لك أن تأخذ المسؤولية الشخصية ،وتأخذ خيارات جديدة ترفعك لمرحلة جديدة من هذه اللعبة األبديّة. هذه اللعبة تُلعب على مستوى الفرد والجماعة ،وال يت ُّم التد ّخل فيها بملكة الخيار، بل يجوز التأثير الرقيق عن طريق الرحمة الكونيّة ،كالعالمات واإلشارات ال َخ ِفيّة. فَ ُروح الحياة ال تتد َّخل بالخيارات؛ ألنّها هي َم ْن صانت حريّة االختيار ،كقانون أصيل من لعبتنا الروحيّة. ولك هذا المثال للتوضيح… ي بشدّة في الشرق األوسط ،وخصوصا بعد عام ،٢٠١٢ عند بزوغ الفكر التطرف ّ توالت الويالت والحروب ،وتزايدت تيّارات الخوف ،واالنكماش ،وتج ِلّيات األحكام أن هذه الحالة بنفس الوقت ،خلقت اإللهام لكثير من القلوب العرقيّة والعقائديةّ .إال ّ المستنيرة ،ألخذ الخطى الشجاعة في الشفاء والتنوير؛ لذلك رأينا حينها ،وبصورة ي ،والنهضة غير مسبوقة بالشرق األوسط ،ظهور مراكز التأ ّمل والشفاء الطاق ّ بمجال التدريب ،ومبادرات السالم وغيرها .فكما َخلَقَت الحروب الكوارث ي ،هذا لمن اهتدت والتفرقة ،فهي خلقت فُرصة صادقة للشفاء والتطور الجمع ّ قلوبهم للنظر إلى الداخل طبعا بغاية التطهير والتغيير ،وبأخذ المسؤولية المطلقة من داخل النفس. ي من أشكال ال ندعو هنا أبدا .أبدا .أبدا إلى الحروب لرؤية الخير ،وال ندعو إلى أ ٍّ الدمار لتحفيز الحلول والتطور ،فهذه احتماليّات فكريّة استنزَ فَت نفسها ،بخوارجها ي من المعروفة أصال لإلنسان .ولكن ندعو هنا للرشد بالشدائد ،والتنظيف الطاق ّ يالداخل ،للخروج من دوائر الوعي المنخفضة ،وخلق الفرصة للوعي ال َج ْم ِع ّ لينهض من رماده .هكذا يستيقظ طائر العنقاء ،إلى حدو ٍد جديدة ،ليُعبّر فيها عن منظور الطبيعة األ ّم ،وكودها األصيل. ُ ي ،وهذاالتطور الشمول ّّ منظور ي يفرض هيبته على الخليقة كافّة ،وهنا التطور األصيل ،هو كودٌ كون ٌّ ّ لذا كود مانديال Nelson Mandelaرئيس جنوب أفريقيا ّ صة « نيلسون تراودني ق ّ صة بلّورة ُ صارخةُ لمفهوم التطور الحقيقي. السابق ،فبهذه الق ّ صمرة ،وقَ ّ ّ مانديال ّ صة من سيّدةٍ قالت إنها استضافت نيلسون قد سمعتُ هذه الق ّ عليها هذه الحكاية ،وسأعتذر هنا؛ ألنّي ال أذكر اسم هذه السيدة… س ِجنَ في زنزاته الصغيرة في «روبن أيلند Robben َّ مانديال قد ُ من المعروف أن »Islandألول ١٨سنة من مجموع الـ ٢٧سنة التي قضاها في الحبس .كانت الظروف قاسية ِجدًّا داخل الزنزانة ،التي توازي ٧أقدام مربّعه تقريبا ،باإلضافة س ّجانين .تخيّل نفسك في هذه الزنازنة للحظة. للتعامل الس ِيّئ من ال َّ مانديال يوميًّا ليبقي على رصانته الداخليّة؛ لكي ال يظهر بصورة الخائف ّ ناضل يكررلنفسهمانديال بتقوية عزيمته يوميًّا .فكان ّ َّ س َّجانين ،لذا التزم المهزوم أمام ال َّ يوميًّا عبارات التحفيز :إني صامد ،ولن أسقط ،وهذه شدة آنيَّة وستزول ،وال أحد يستطيع أن يحيّدني عن قُ ّوتي ،وفي هذا قَ ْد ٌر ُمعيّن من التمكينّ ،إال أنّه شتّان بينه وبين التمكين الصادق. مانديال يصارع نفسه َّ ولنستكمل القصة ،بعد ٣سنين على هذه الحالة ،بقي القوة الزائف ،حتى أتت لحظة من اإللهام غيرت ك ّل هذا ،أو كما والحراس وبقناع ّ ّ مانديال للسيدة « :أتتني فكرة ذات إحساس جديد ،لم أعهده من قبل» .هي ّ وصفها فكرة من فضاءٍ آخر ،أتت لتقول له :ماذا لو لم يكن وجودك بالسجن اآلن ،كشدة وتزول ،وإنّما هو أفضل مكان للتواجد فيه؟ سبُلَها بفضول ّ مانديال ،فتتبع ُ على ما يبدوَ ،و ْق ُع هذه الفكرة كان قويًّا على مسامع طعما جديدا من األمل، بوابة أخرى .فَت َ َحت له هذه الفكرة َ وشغف ،لتأخذه معها إلى ّ لم يكن ليذوقه من قبل ،األمل الذي يهديك إلى طريق القلب ،األمل المتجذّر ،الذي للتطور ،والنهضة في النفس. ّ يح ّ ِول السجن إلى فرصة مانديال أنه فعال هو اآلن بأفضل مكان بالعالم ،ليتيح له الفرصة الذهبيّة ّ عندها أدرك للنضوج الذهني والروحي والمهاري ،إلى دور ال ُمعبّر عن رسالته القلبيّة ،وفي عمقها الرغبة الجارفة لقيادة عمليّة التصالح ،وتقريب األطياف المشتّتة في جنوب ُ مانديال ،أنه ال يمكن أن يقود حملة المصالحة َّ أفريقيا ،إلى جس ٍد واحد .هنا اكتشف لت الزنزانة الصغيرة في تحو ْ هذه ،وهو نفسه لم يجسد المصالحة في نفسه .حينها ّ ي مشتّتات خارجيّة« ،فَمادة» مانديال ،إلى مساحة َرحْ َبة للتدريب ،ومن دون أ ِّ َّ داخل َّ مانديال فيها تحولت «طاقيًّا» إلى حجرة للتدريب والشفاء ،ليتع ّمق السجن الذهنيّة ّ ي والمسامحة. برحلة التصالح الداخل ّ َّ مانديال التطور ،هنا استجابت الحياة بالمثل ،وأخذت ّ َّ مانديال لقانون وعندما استجاب ي ،فبدأ اإللهام ينهمر عليه ،وبدأ بكتابة رسائل المصالحة ،كتعبير التطور ّ ّ إلى تيّارها َّ مانديال من ُمطلق عن ذاته ،والتي بدأت باالنتشار إلى الخارج .وعندما خرج السجن ،كان جاهزا ليض ّم ك ّل االطياف إلى ال ُحكم ،فهو نضج إلى الشخص القادر على َحمل هذه الرسالة طا ِقيًّا. س َّجانة احتاجا إلى التغيير لوالدة أمل جديد ،ولكن طريقة التفكير فال السجن ،وال ال َّ من الداخل .فعالم الوعي هو السيّد على عالم المادة ،وليس العكس ،وبهذا التغيير التطوريّة، ّ لَ َم َع الخير الدفين في الموقف ،والذي يعمل دائما وأبدا كخادم لرسالتك ب للنداء؟ فهل من ُملَ ّ ٍ بالتطور األصيل… ّ لقوة األمل المتجذّر المقرونة اإلبصار ّ َ أكاد أجزم اآلن أنك بدأت اآلن أريدك أن تت ّخيل ،أن هذا ليس َّإال سطحية الحوار! أيعقل هذا؟ التطور الكاملة ،تعمل على مستوى يتعدَّى شخصنة الحوار ،ولفهم ّ نعم ،ألن حقيقة تناس كيف يعمل قانون َ تناس للحظات كيف يخدمك قانون التطور .أي َ المقصود، التطور من أجلك ،ولنس َع سويًّا إلى كونيّة الحوار. فهل أنت جاهز للولوج إلى قانون التطور من مستوى الكونية؟… للخوض في تفاصيل ْ التطور بمراح َل أربعة مغلقة ،وهناك تح ٍدّ كبير ّ ي ُم ّر قانون هذا «المربع المغلق»؛ ألنه سيأخذنا إلى كتاب آخر في صلب ميكانيكية التكوين. َطي األساس. ولكن لغاية الشرح البسيط ،سنُغ ِ ّ الالمحدود إلى المحدود ،كما أوضحنا في الوحدات تبدأ الخليقة بعملية التعبير ،من َّ ي من الطرق المتاحة ،وهي ال محدودة ،ليتحول األولى .أي التعبيرعن الوجود بأ ٍّ التعبير بعدها إلى خبرة ملموسة ،وهذه المرحلة الثانية. بعد هذه الخبرة «إن تم االرتقاء في الوعي» ،سيتم استشفاء الدروس من الخبرة، فتحصل الرفعة ،وهذه المرحلة الثالثة .وبعدها تأتي المرحلة الرابعة في رحلة التطور الكونية ،أيضا «إن تم االرتقاء في الوعي» ،ليحدث اإلثراء. لكي تستطيع مالمسة المقصود ،فانظر لحياتك ،أنت تعبير عن روح الوجود ،وكل لحظة تأخذ فيها خيار ،فأنت تعبر أكثر فأكثر .ومن هذا الخيار تتجلَّى خبرة معينة ستتحول إلى رفعة فيّ َّ استنبطت من نتائجها دروسا معينة وكاملتها، أمامك ،فإن وعيك النفسي .وإن قمت بالتذكر بعدها إنك جزء من الكل ،سيتحول هذا االرتقاء من مستوى االرتقاء الشخصي إلى االرتقاء الشمولي ،الذي تضيفه إلى شبكة المعلومات في الوعي الجمعي .هذا هو اإلثراء. تطور في الوعي… فال إثراء من دون ُّ اإلثراء هو نتيجة التعالي عن الدروس المستنبطة من الخبرة ،من المستوى الشخصي إلى الكوني ،وكأنك تقول إن هذه الخبرة أحدَثَها الكون من خاللي ،واآلن َّ مانديال قد أخذ له أن يأخذها في دوائر طاقية متواصلة لتبادل المعارف .فنيلسون هذه الرحلة الفردية ،إلثراء الوعي الجماعي ،بأهمية الغفران والتصالح الداخلي في القيادة والتغيير؛ ولذلك يوجد اآلن نوع كامل من القيادة ،يعرف باسم القيادة بالتصالح الداخلي. ستتحول إلى دروس َّ فعندما يرتقي الوعي اإلنساني عن شخصنة الخبرة الشخصية، في رفعة الوعي الشمولي لتضاف إلى كينونة الكون ،فيرتقي الكون في وعيه؛ لذلك نقول إن الرسالة الشمولية لكل الخليقة هي رفع الوعي .فخبرتك الشخصية على األرض فيها تطور لك ،وكل ما في الكون ،وفي النهاية سترى االنفصال الوهمي بين االثنين سينجلي؛ لذلك مهما بدا الحدث أمامك معقّدا ،وخاليا من األمل ،فتذكر أنه مهندس بقانون كوني؛ ليحمي «وجوب» التطور في داخله. التطور ،يتعدّى فهم الذهن المحدود برقعة المكان والزمان؛ لذا ّ هذا المستوى من كالتطور مع مرور الزمان ،لنعتبر فيهّ فهو يتعدّى طريقة رؤيتنا لنظريّة التطور، التطور في منحى الخطيّة ،لجنس ّ كخط واح ٍد مستقيم ،تحصل فيه عمليةّ الزمان التطور ّ التطور .وأ ّما قانون ّ ُمعيّن على مدار السنوات ،هذا مفهوم القشور من الكوني ،فهو أسمى من ذلك بكثير ،وأعمق من هذا بكثير ،وفيه شموليّة رهيبة، وتعدُّ ِديّة أكبر لألبعاد ،وعلى مستويات الزمان والمكان كافة ،وما بعدهما ،واألهم من هذا إنه يعمل ِوفق نظام الوحدة والمساوة. فعندما يقوم شخص بقيادة اإلنسانية للتنوير ،وشخص آخر بالسرقة ،هما االثنان من المنظور األعلى ،فيهما نفس مستوى التطور واإلثراء للحياة ،فمصدر الحياة له القدرة السحريّة على استنباط الحكمة من كل المواقف. أرى اآلن عيونك تعترض فورا على ما قيل ،وتعتبره شيئا من محاولة األذى ي لك. الشخص ّ ْ استكمل. س ،ثماسترخ ،وتنفَّ ْ ِ س… ثم استكمل. استرخ ،وتنفَّ ْ ِ أنا أعنيها، ي درسا أعمق في قانون السبب والنتيجة ،ومن قاد فمن سرق ،سيُع ِلّم الوعي الجمع ّ التنوير سيُعلم درسا في الهداية والوحدة .وهذا ال يعني أنه ليس هناك نتائج طاقيّة لألفعال على مستوى الشخص ،طبعا هناك نتائج ،ولكن لن يستطيع أي مخلوق أن ط قبل التكوين ،لغايةي ُخ ّالتطور الشمولي؛ ألنه قانون روح ٌّ ّ يطغى على قانون اإلثراء. ب المعاني الخَفيّة خلف الكالم. لتتشر َ َّ لك أن تتنفّس اآلن مرة أخرى، شخص في العالم هذا اإلحساس من التطور المتجذّر ،للمس معه ٍ س ك ّل ولو لَ َم َ حقيقة األمل المتجذّر ،وعندها سنعيش بعالَم جديد ،تختفي فيه المالمة والخوف واالنكماش ،ويرتقي فيه اإلبداع والسكينة والتعبير الناصع ،عالم نرمي فيه أثقال الماضي لنعيش في حالة تطور مستدامة. للتذكير: * هناك ثالث مراحل لألمل ،لتصل حالة األمل المتجذر. لتطور الوعي. ّ ث في الكون فرصة * في ك ِّل حد ٍ * ال يمكن أن يُخترق قانون التطور؛ ألنه قانون كوني سائد. * عالم المادة ،يتغير بتغير المحتويات الفكرية من عالم الوعي. التطور ي ُم ّر بمراح َل أربعة لرفع الوعي ،وبهدف اإلثراء. ُّ * أسئلة للتفكر: ث واح ٍد في حياتك اآلن ،ال تريده ،ماذا سيحدث إن رأيته كفرصة للتطور ف ِ ّك ْر بحد ٍ وتعلم الدروس؟ ما هو الدرس الذي قد تتعلمه ،عن نفسك ،من هذا الحدث؟ ماذا سيحدث إن لم تتعلم هذا الدرس؟ لماذا التطور ُم ِه ٌّم في حياتك؟ َر ْميُأحْ مالُالماضي ي األثقال التي تحملها على ظهرك، لت َسط َع حقيقتُك المتجددة على ما هي ،وجب َر ْم ُ المستمر لشريط الماضي،ّ ومن أكثر هذه األثقال وزنا هي الماضي .فعند االنخطاف وأشرطته المحروقة ،فأنت تستهلك قدرا كبيرا من الطاقة ،في محاولتك الخاسرة ي بما مضى ،إلبقاء المجهول مألوفا ،من خالل مقارنة الحاضر للتشبُّث الذهن ّ بمنشآتك الفكرية المعهودة .تفعل ذلك إلعادة ذكريات السابق لمنظورك الحالي، وهنا تُصاب الخبرة الحاليّة بالثّقل ،والملل ،والندم ،والتج ّمد ال َمقيت. هذا نقيض تماما لرحلة الذات األصليّة ،وهي رحلة ت َجدّد وتلقائيّة ،فالذات تتدفق من فضاء اللحظة ،خلود اللحظة ،وليس من ذكرى الزمان .وكيف يكون غير ذلك، ت معقّدة ،وال رحالت ذهنيّة في والتلقائيّة هي وليدة ُ اللحظة ،وليست وليدة َ حسابا ٍ تيار الماضي ،نستنشق منها المقبول من غير المقبول .فدع الماضي للمكان الذي قوتك سك تتجذّر في قلب اللحظة ،فهناك موطن ّ يعيش فيه :قبر الزمان ،ودع نَ ْف َ األصيلة ،وبراءتك التلقائيّة. منهج التلقائية ،هو مهد الذات األصلية ،وهو يُلقي ببدعة الشخصيّة الثابتة إلى صندوق الخرافات ،محررة نفسك حينها من َو ْهم الثبات ،لكي ال تَت َس ّمر كالحجر، فتتحول إلى شك ٍل من البنيان الفكري الصلب ،وإنّما تكون فيك تلقائيّة االنسياب .هذه حقيقتك األصليّة ،وفيها تعابير الحياة ال ُمطلَقة ،ويا إلهي ما أجمل هذه التعابير! فهي كنسيم الهواء العليل في الصيف الرطب ،تضيف به ارتواء للحياة .وهذا سرنا الصغير. الذات األصليّة ليست شخصيّة متح ّجرة ،وإنّما تلقائيّة التعبير في اللحظة. الحرة ،غير آ ِب َه ٍة ّ هذه التلقائيّة هي عنفوان األطفال المتأ ّجج ،وروح المرح صفّى من أشكال القيود ي ُمتّقد ،و ُم َ تعبير ثور ّ ٌ «بالعيب» المبرمج .فما األطفال ّإال واألحكام كافّة ،فالقيد ال يلمس روح الطفولة ،وهي ُمنغمسةٌ في نشوة التعبير الصادق. نشوة اللحظة ،وتعبيرها الصادق ،لم ولن تسطع فيك ،وذهنك يحدّد مسارات َف من أن ترمي بأثقال الماضي اآلن ،وتسمح ي ،فال تَخ ْ الماضي كمعيار التعبير اآلنِ ّ لعُمرانه القديم أن ينهدم بالغفران ،فال جديد قادر على الوالدة ،دون المساحة له. المتكرر ّ فعمليّة األصالة هي عمليّة متجدّدة ،تنبع من َر ِحم اللحظة ،وفيها السقوط بنيان خدم رسالته ،وأوفى خبرته ،وآن الوقت لهدمه .فعناصر ٌ ي قديم، ُنيان فكر ّ لب ِ دامغ على ذلك ،فما ٍ الكون كافّة تعمل بالهدم والبنيان ،ولك أن تنظر للطبيعه كدليل فامش مع هذا الثابت الكوني ِ الفصول األربعه ّإال عمليّة هدم وبنيان متجدّد. وإال أتت الحياة وأسقَطته رغما واحترمه ،ودع الماضي يتساقَط ويتجدّد ،باستمرارّ ، وبقوة الطبيعيّة.عنكّ ، ث قديمة ،تقطن فيها هذه التفاسير في «تفاسير» محدودة ٌ ألحدا ٍ ٌ فما هو الماضي ّإال نقاط معينة من خطوط الزمان ،لتُس ِقط َ ِوجهتها الفكريّة على ما هو قادم .ووجهة كنوز الخيارات ّ الال ُ األفكار المقيّدة من ماضيك ،هي من تستر كنوزك السماويّه، محدودة ،فحريّة االختيار ،تقطن في فضاء اللحظة الساكن ،التي لم يلمسها طائر الزمان .وكيف لطائر الزمان أن يلمس اللحظة ،وهو الذي يُحلّق من داخل فضائها؟! فالماضي ليس ما حدث ،ولكن من «الفكرة» التي نُس ِقطها على ماذا حدث؛ ولذلك أفكار تخضع ٌ ث ماتت واندثرت، هو َو ْهم ،نعمَ .و ْهم ،فهذه األفكار نُسقطها على أحدا ٍ لعوامل مختلفة قد تُخلّها من التوازن الفكري .ومنها تحليالتك الشخصيّة ،وآرائك ضجكصنَة ،وتفاسيرك لما حدث في مستوى نُ ِ ْ والشخ َ الوقتيّة ،وفَ ْلت َراتك الخا ّ صة، ع ْم ِر الخمس ،أو الست سنوات؟ في ذلك الوقت ،فهل تثق بتحليالتك على ُ ي تفسيراتك الحالية عن ّ األدق أن نقول أن ت َْر ِم َ لذا آن األوان لترمي ماضيك… أو الماضي. وليس المعنى َم ْن َر َمي الماضي بالنسيان ،أو التغافل ،أو اإلنكار ،فك ّل هذه ليست بالحاالت الصحيّة ،بل المطلوب هو التعلّم السريع من أحداث الماضي ،واستنشاق الحكمة منه ،ومن ث َ ّم توديعه إلى المكان الذي ينتمي إليه ،قبر الزمان .فال تكن ِ س َرقَت ألن جارتها قبل أربعين سنة َ عمرها وهي تتّقد بالغضب؛ ّ َت ُ كجدّتي التي أفَن ْ المتكررة إلحياء الماضي ،قدّ دجاجتها! فكميّة الطاقة المستنزفة في المحاوالت تستعملها بفعاليّة أكبر باتّجاه اكتشاف الذات ،وتشكيل رؤيتك المرغوب بها .فال اكتشاف الذات ،وال الطاقة االبتكارية يسعون للّحاق بالماضي ،فلماذا تفعل ذلك؟ ولكن قد تقول اآلن :ماذا عن األلم الذي أحسسته بالماضي ،كيف أنساه ،أو أتركه؟ إن كنت قادرا على احتمال «حقيقة اإلجابة» ،فسأجيب؟ واإلجابة ،لم ال؟! وسأكون عطوفا معك هنا وأقول ،األلم هو ليست مسؤوليتك عند لحظة حدوثه، ولكن حملك لمنظور األلم كل لحظة بعد انتهاء الحدث ،هو مسؤليّتك الكاملة .هي مسؤليتك بالتمسك بنفس «المعنى القديم» على الحدث ،والذي ليس له أية حقيقة في هذه اللحظة ،اآلن. ولكن نظام الخوف فيك سيَتنص ُل من هذه المسؤولية بخدعته المعهودة ،وبقوله : «بدّك أنسى الموقف وأسامح الشخص اللي أذاني؟!». إن كنت تُحب نفسك ،فالجواب سيكون طبعا! أنت ال تسامح من أجل الشخص، ولكن من أجلك ،نعم من أجلك؛ ألنك تستحق أن تعيش أفضل ،ألنك تستحق أن تسمح أللم الماضي ،بأن يحول نفسه إلى حكمة تمضي بك إلى مستقبل أفضل .وهذا ما سيحصل تلقا ِئيًّا عند التخلّي عن تعلقك بصحة «ماضيك» ،وألمه. وعند تركك لرحالت الماضي ،ستذوق حريّة من نوع آخر ،وهي حريّة الوجود كما هو ،غير ملوث بذكريات األسى والقيود ،فما هو الماضي إن لم يكن غير ذكرى؟ تأ ّمل في هذه الجملة للحظة… ال ماضي يحيا من دون ذكرى؛ لذلك تغيير «وعي الذكرى» ،هو تغيير للماضي وتع ٍدّ له بالكامل، ،وبهذا هو تع ٍدّ ألحاسيس الماضي المقيّده ،وفت ٌح ألحاسيس الروح أحاسيس ُ أحاسيس الذكريات ،أو ُ في اللحظة .لهذا قد نقتسم األحاسيس إلى شكلين، األول يلعب في بُعد الزمان الواهم ،والثاني يلعب في بُعد الخلود. الروحّ ، مرة كنت في مخيّم تدريبي ،بص ُحبة معلّم روحاني جميل اسمه «موجي فذات ّ ،»Moojiأمضينا هناك عشرة أيّام بالصمت الكامل .في هذه األيام ال يُسمح لك ي أنشطة فكريّة أخرى ،فحتى النظر إلى بالكالم ،الكتابة ،التكلّم على الموبايل ،أو أ ّ صصة للتع ُّمق في ذاتك ألن هذه الفترة مخ ّالمشاركين اآلخرين غير مسموح؛ ّ بصدق .أذ ُكر عند اليوم السابع بدأ ذهني بالسفر إلى الماضي بقوة ،ليُحضر إلى تعر ْ ضت لها في الماضي. السطح ك ّل أشكال المعاناة التي ّ وفي لحظة معيّنة ارتقى مستوى الوعي عندي لمرحلة غير مسبوقة ،ألرى أن ك ّل ما «عانيت» به في السابق ،هو نتيجة شخصنة هذه األحداث ،وتصديق أفكاري عنها ،يعني أنا خلقت المعاناة! فليس الحدث الذي يداعبه ذهني ،وإنّما التفاسير الفكريّة التي أطلقتها عليه ،فتارة أطلقت من هذه التفاسير ُحكما على نفسي بأنّي ضعيف ،وغير مرغوب ،وتارة أطلقتُ بها مفهوما عن الناس ،بأنهم ال ي ُِحبّونني تحولتُ تلك التفاسير إلى قرارا ٍ وال يحترمونني ،وبذلك الحياة ال تحبني .وتارة ّ قطعيّة ،بأنّي سأنغلق عن الناس ،ومعها موهبتي على اإلحساس الحدسي الصادق، المكرر « :ليه بصير معي ّ وتارة أخرى ،ش َّكلَت من هذه التفاسير سؤال الضحيّة هيك» ،أو لماذا يحدث معي ذلك؟ اللوام الداخلي ،الذي يندب الحياة على المعاناة التي كان في هذا السؤال صوت َّ ت بي ذلك؟ لماذا اختبرتها ،فهو كالجريح الذي يخاطب روح الحياة قائال :لماذا فعل ِ ت بي ذلك؟ وفي العمق يتجلَّى عدم الرغبة الستكمال الحياة .فحتى على حدّة فعل ِ ي جز ٌء من ذهني ال ِعنا وتنوع التكنولوجيات الروحيّة في َجيْبيَ ،ب ِق َّ ذهني حينها، ب في استكمال رحلة الحياة ،وسؤال « :ليه صار معي هيك» َير راغ ٍ لما حدث ،وغ ُ صة .ومهما ص َمتهُ الشرسة على تجربتي الخا ّ بقي راقصا في الخلف بخلسة ،طابعا َب ْ ازدادت حنكتي الحدسيّة ،بقي هذا السؤال صامدا َحول هذا السؤالفي الخلف ،رافعا مناعته عن أي أساليب أستعملها للتخلص منه ،ليت ّ راسخ ،وفي خلفيّته صورة الضحيّة التي أسقطتها من كيس الماضي ٍ ي إلى ُمعت َق ٍد فكر ٍّ إلى اللحظة. وعندما ارتفع الوعي حينها ،رأيت الماضي كما هو :كأفكار محمولة في خط األدق أن نقول دوائر الزمان؛ ألن الحركة الكونيّة لولبيّة .ثم دَبّ الضحك ّ الزمان ،أو اضطر أحد ّ ي ،وليس الضحك العادي ،بل نوعٌ من الضحك الهستيري ،حتى ف َّ المتطوعين هناك ألخذي لخيمتي؛ ألنّي لم أستطع التوقف عن الضحك ألكثر من عشرين دقيقة ،والمضحك أكثر ،إني لم أكن قادرا على تفسير ما حدث من دون منظور أعلى ،كانتٍ الكالم! فاستمررت بالضحك ،وهو بدأ الضحك معي .فمن أن ك ّل هذه األحداث تخلو من وعي الضحيّة ،وتخلو من هناك رؤيةٌ واضحةّ ، الشخصنة ،وتخلو من التفاسير ،وتخلو من االستنتاجات ،وتخلو من األسئلة ،وتخلو من المعانيّ ،إال التي اخترعتها بذهني الخائف حينها ،لتصبح معتقدات راسخة، يبني ذهني عليها أدلَّته الدامغة .وفي هذه اللحظة بدأ الماضي باالنجالء ،وبدأ التغيّر بالحدوث. إن بعد تلك التجربة ،لم يعد للماضي وجودٌ في ذهني ،بل لألمانة ،ال أستطيع القول ّ أن الفائدة الوحيدة للذهاب إلى الماضي ،هو للتحرر بالتأكيد له ،ولكن دبّ اليقين في ّ الحكمة منها والتطور ،وليس فقط ،عن طريق شفاء المشاعر العالقة ،الستخالص ِ لغرض المالمة ،والتكرار المقيت. فشرعيّة المالمة لماضيك ،أو ما تبدو عليه الشرعيّة ،ما هي ّإال صوت المالمة الخائف في ذهنك ،يستر فيها مفاتيح رسالتك األصليّة ،والتي تقبع فيما صميم ما ظننت يوما أّنه سبب ألمك المحوري ،لتلوم فيه الدنيا ،البالد أو األشخاص .أما فالقائد الحق ،فهو من انصاع إلصبع األلم ،الذي ينادي عليه بِرقّة ،ليجري هناك وقوته الخفيّة، أن في عمق هذا األلم ،نداء الطبيعه لرسالته القلبيّةّ ، بسرعة ،فيكتشف ّ سرنا الصغير. وهذا ّ وقوتك المستورة. سبب ألمك يوما ،ت َق َب ُع كودات رسالتكّ ، ُ في عمق ما ظننت أنّه متدرب اآلن ،ونكتشف مكان «عدم أمان» فيه ،وهو ّ ي لذلك ،عندما أعمل مع أ ّ ي مخبَّأ فيه ،فهنا ما نسافر عادة في بُعد الزمان ،ونذهب إلى َمصدَر تر أللم فكر ِّس ٌ ي عند الطفولة ،وليس بغاية إصالح الماضي ،فهذه المه ّمة المستحيلة؛ األلم الفكر ّ ألن الماضي غير موجود ،ولكن بهدف شفاء العواطف العالقه هناك وتحريرها. ّ فيتحول الماضي حينها ّ المتدرب الموقف الذي حدث من وعي أعلى، ّ هناك يستشعر من أداةٍ لل َمال َمة المستمرة ،إلى منطق السبب والنتيجة ،وهذه أعلى حاالت الوعي في رؤية الماضي ،ليتحول فيه منظورالضعف إلى التمكين ،وشكلية اللعنة إلى الحكمة. ِ سيتحول ّ مكان أنقى من الشحنة العاطفيّة المكبوتة، ٍ فعندما ترى موقف الماضي ،من الحكمة ،وراف ٍد لتطور جديد في حياتك ،وربّما لهذا قال دكتور الماضي لنوع من ِ شحن ٍة عاطفيّة ،هو «جو دسبينزا « :»Joe Dispenzaإن الماضي من دون ُ ِحكمة». ي.ماض ّ شفيت المشاعر العالقة ،تغير ِ وهذا شيء ألمسهُ يوميًّا ،فكلّما ارتقى الوعي ،و ُ ومن الممكن أن تقول اآلن :ولكن إيهاب ماذا تعني» بتغيير ماضيك». الماضي هو مساحة فارغة من األحداث ،تضيف لها «فرشاة أفكارك» ألوانها صة ،وتفاسيرها المختلفة ،لتصقل فيها نماذجك الفكريّة عن الحياة ،وعن نَ ْفسك، الخا ّ فتصبح نقاط جذب «مغناطيسية» في خطوطك الزمنية ،حرفيًّا .وعند ارتفاع مستوى الوعي ،بالتجذّر باللحظة ،فقد ترى ماضيك بطريقة مختلفة تماما ،ومعه الحكمة الدفينة م َّما حدث لك في السابق. ِ ستتحول إلى طاقة مغناطيسية ،لتُحدّد ما تجذب في َّ تذكر أن تفاسيرك الذهنية المستقبل. ي في الماضي ،على أنه مثال ،في نفس المكان الذي فسرت فيه تن ُّمر الطالب عل َّ ّ لت هذه الصورة إلى طاقة مغناطيسية ،تجذب إلى نفسها تحو ْ ضعف في شخصيتيَّ ، معايير متناغمة معها .ولكن بعد نهوض الوعي من داخلي ،والسماح لطاقة هذه التفسير الجذابة بالزوال واالنهدام ،رأيت تفسيرا مختلفا تماما .رأيته من منطلق القوة. يتحول إلى الماس بسبب الضغط الشديد لصقل جوهره ،وأنا أيضا جذبت َّ فالكربون صغ َِري لنفسي؛ بسبب قوتي الروحية ،التي أرادت كل هذه األحداث لحياتي منذ ِ استخراج األلماس مني باكرا ،وبإجباري للنظر إلى كل أماكن األلم المخبَّأة داخل فضلُه عقلي الباطن .هل هذه حقيقة؟ قد تكون كذلك ،أو ال ،ولكنه منظور تقديمي أ ُ ِ ّ تحول النموذج الفكري عن نفسي من صورة الضعيف أكثر ،وهذا يكفيني! هكذا َّ إلى القوي ،ومن بوابة نفس الماضي. أن الماضي لن يُغ ِي َّر نفسه ،ويفتح لك األسرار الدفينة عند ذاتك ،إن ولكن تيقَّ ْن َّ ي) .بل عندما فعلت ذلك بقصد الشفاء العاطف ّ َ صي خلفه ( ّإال إن استمررت بالتق ّ ض ذهنك من الغرق في بحار الماضي ،لتتّضح لك الصورة األكبر في بُ ْع ِد ترو ُ ّ اللحظة ،وترى أن ك ّل عناصر الكون ،كانت وما زالت تعمل باتّجاه التطور وحكمةٌ عميقة ،وفيها خير عميقِ ، ي .فمهما حصل في حياتك ،يقبع في روحه ٌ الشمول ّ مت لدعم ص ِ ّم ْ ت ،و ُ وكأن أحداث الماضي ،ومهما كانت ،قد ُج ِبلَ ْ ّ مفاتيح التطور، رسالتك األصليّة. ومن الممكن أن تقول اآلن :ولكن ماذا عند هذا الموقف الشنيع الذي حدث لي ،فهل ي ال ُمنكر، يجب أن أراه كخير؟ ال ،لن نطلب منك ذلك ،فهذا نوعٌ من التفكير اإليجاب ّ وخصوصا عند وجود عواطف مشحونة ،مقترنة بحدث الماضي ،ولكن ما نريد أن ت َفتح ثنايا ذهنك له ،هو احتماليّة وجود الخير الدفين في باطن ك ّل حدث ،حتى إن لم تستطع أن تراه اآلن. الوالدة له، ي ،بل بخلق المساحة ّ منظور الخير الدفين لن يُفتح لك بالتفكير اإليجاب ّ للمرور تلقائيًّا بمراحل الخيمياء الثالثة :من سواد المشاعر ،إلى بياضها ،وإلى لتحول إحساس األلم ،إلى المنظور األعلى من ُّ ُحمرتها .هذه األلون هي تلخيص التمكين والحكمة ،لينقل المنحى الذي ترى فيه موقف الماضي ،من األلم إلى «فهم تطورك ،ليع ّم ذهنك بالسكينه والهدوء. ي» ،يضاف به لمستوى ّ تقدم ّ قوة الغفران ،فما الغفران َّإال عملية ولهذا السبب بالضبط ،يتحدث الكثير عن ّ خيميائية دقيقة ،لت َنجلي فيها العواطف العالقة ،وتفتح بوابات الفهم على مصراعيها. ُكرر ما فعله، الغفران ليس واجبا أخالقيًّا لتأديته ،أو حتى نداء للشخص اآلخر لي ّ ي مع من تريد الغفران معه .فالغفران ال وهو بالتأكيد ليس إكراها للتفاعل المستقبل ّ يعني ابدا إنك ستعيد الصداقة أو العالقة مع الشخص الذي سامحته ،وال يعني إنك لن ترفع عليه قضية بالمحكمة .فالغفران ليس له أي عالقة بالخطوة التس ستخطوها لر ْمي أثقال المنظور أو ال تخطوها بعده ،وإنما هو تفريغ لمشاعر األلم والغضبَ ، وأول من يحتاج هذا الغفران هو أنت. القديم ،والفتح لمستوى فهم جديد عن ذاتكّ ، مكان ،فهو أوصلك على ٌ وعند الفهم األعمق «لخير» ما حدث ،ال يعود للغفران ليتحول الماضي لما يجوز ّ كتفه المشدود للموقع المنشود ،وهو الشكر على ما حدث، كحكمة خادمة لرسالتك. أن يكون عليهِ ، أن ك ّل التنمر ،واالستضعاف ،والقيود المجتمعيّة التي فاآلن أرى بوضوح الشمسّ ، المحرك لرسالتي ،والتي في روحها دعوة شموليّة ّ اختبرتها ،هي نفسها الوقود ولكن تفاسيري ألحداث َّ أن الماضي لم يتغيّر، لألصالة والوحدة التمكين .فالجميل ّ الماضي تغيّرت ،هي تغيّرت من الغضب إلى الفهم ،ومن المالمة إلى االمتنان. لداعم لرسالتي ،فلوال ٍ تحول الماضي في ذهني من ُمعرق ٍل ضخم، أرأيت كيف ّ إحساسي بألم رفض الذات ،والمشي في رحلة الفارس لتحويله ،لما انبثق من قلبي ُحبّ التغيير الصادق ،وفيه القيادة المستنيرة لشغف التعبير الصادق .فكيف لوقود سوا أنهم مرفوضون، التغيير أن يتّقد ،بدون إحساسي العميق بالتعاطف ،لمن أح ّ ومستضعفون ،كما كنت أصدّق واهما في نفسي. وهذا ما يفعله الكتاب تلقائيًّا ،بنقل وعيك من رفض وجودك كما هو ،لفضاء التقبّل عم ِقها نقلةٌ َم ِرنَة لنقطة تركيزك من الخارج إلى الداخل ،حتى ّ الال محدود ،وفي ُ ينهار هذان البعدان بالذوبان ،لترى أنهم في عمقهم واحد ،روح واحدة ،ت َقبّل واحد، ي هو أن يُغريك بخفّ ٍة لفضاء الذات، خالقة واحدة .فمسعى الكتاب الباطن ّ وقوة ّ ّ وبواباته للحظة ،ذلك الفضاء الذي لم ولن يشتري قصص الخوف المثقلة عن الماضي ،وهنا تبدأ عمليّة شفائك الفوري .فالشفاء الحق هو العودة إلى عمق ذاتك ،والذي ال يحتاج سرنا الصغير. الشفاء أصال ،وهذا ّ الشفاء الحق ،هو ليست عمليّة إصالح للماضي ،وإنّما بتذ ّكر ذاتك األصليّة ،التي ال تحتاج الشفاء أصال. متدربة جديدة ،طلبتُ منها ،وكعادتي، ّ المرات ،عندما بدأت العمل معففي إحدى ّ أن تُجيب على مجموعة من األسئلة التي أبعثها قبل بدأ التدريب ،وفي أحد األسئلة كانت إجابتها «أنها مكسورة من الماضي» .بالطبع عندما بدأنا التدريب ،قمتُ أن الشفاء ليس عمليّة إصالح لكسور بالتركيز على هذه النقطة ،ألساعدها أن ت َ ِعيّ ، الماضي ،وإنّما العودة لذلك النقي فيك ،الذي لم ،ولن يُكسر. وهنا لن نحتاج إلى مئات الجلسات ،للتحدث عن طفولة المتدربة ،وانكساراتها، لنضيع سويًّا بدوائر مغلقة من التحليل الذهني ،ما فيها ّإال التأكيد على صورة المنكسر ،وفي الحقيقة «أنّك مكسور» ،وتحتاج اإلصالح ،هي بذاتها ليست ّإال أن في فإن الشفاء الحقيقي هو ليس بإصالحك ،وإنّما التذكر ّ مجرد َوهم .لذا ّ ّ فكرة، ي الكامل ،وليس المكسور ،وهذا ال يحتاج وقتا أكثر ،بل نَقلة في ذاتك يقبع الح ّ أن الزمن يشفي جراح الماضي ،فليس تظن كما تعلّمنا من المجتمعّ ، ّ المنظور .فال ي الكائن فيك ،وهو الشافي. الزمن بشافٍ للجراح ،بل التغير بالمنظور ،لت َذ ّكر النق ّ وبهذا التوضيح ،وبك ّل ما ذكرنا عن «الماضي» حتى اآلن ،نأمل أن يسطع من داخلك الوضوح ،لترى الماضي كم هو ذكرى! الماضي ال يقطن ّإال بذهنك كذكرى، وأما الحقيقة ال تقبع ّإال في فضاء اللحظة ،اآلن .في هذا الفضاء تعدّي لكلمة الماضي المكرر ،وفتح على أفكار جديدة ،ومعها عوالم جديدة. لتبَقى في هذا الفضاء المتجدّد ،سأقترح عليك تمرينا ذهنيًّا بسيطا ،ولكنّه غاية مدرب أتانيبالتأثير ،وال أقدر أن أدّعي أنّي اخترعت هذا التمرين ،فقد تعلّمته من ّ ي على مدار أربعة أيام ،وهذا صيصا لتدريبي بشكل شخص ّ من هاوي السكتلندا ،خ ّ التمرين من أهم ما التقطتُّهُ منه ،وهو يُدعى «حتى اآلن». حتى اآلن ،هي من أفضل الطرق للتعامل مع محدّدات الماضي ،ووهم الشخصيّة المحدودة ،فماذا نعني بحتى اآلن؟ سنوضّح ذلك ببعض التطبيقات العمليّة ،مثال قد ي صار ٌخ ،وبالعهد ال ُمطلق، تقول »:إنّي ال أذكر أسماء الناس» ،وفي هذا إعالن أبد ٌّ أنّك ستستكمل باقي حياتك بهذه الطريقة .ولكن عندما تقول أنا ال أذكر أسماء الناس، حتى اآلن ،فأنت تفتح المجال للتغيير. صادق بالمكان الذي أنت فيه اآلن ،وبنفس الوقت ٌ اعتراف ٌ في جملة حتى اآلن، قلت :أنا ال أذكر أسماء الناس ،حتى فَت ُح المجال الكامل لالختيار والتغيير ،فإن َ اآلن ،فأنت قادر على التغيير حينها ،والبدء بتعلّم استراتيجيات جديدة لتذ ّكر األسماء. وللتوضيح أكثر ،دعنا نأخذ مثاال آخر على ذلك ،ودعه يكون :أنا ال أعرف أن أدير المال ،ولنحولها إلى :أنا ال أعرف أن أدير المال ،حتى اآلن ،وبهذا لديك الفرصة لتأخذ قرارا جديدا ،للبدء بتعلّم كيفيّة إدارة المال .كما ترى «حتى اآلن»، المكررة، ّ تخلق فاصال في أنماط الماضي ،وتُحدِث إضرابا فجائيًّا باألنماط الفكريّة لتُعطي مساحة جديدة من االختيار والتجديد ،فحتى اآلن تذكرك أنك تعيش في لحظة الال محدودة .هي احتماليات «عارية» من الخوف ،واألحكام. من االحتماليات ّ للتذكير: * الماضي هو «وعي ذكرى». * عند ارتفاع وعيك الحالي سيتغيّر ماضيك. ي شخص آخر. * الغفران هو جا ٍل للماضي ،وهو من أجلك ،وليس أل ِّ ي ُمقيّد فكري تطلقه على نفسك سترجع إلى عالم * عند إضافة «حتى اآلن» أل ّ االحتماليات ّ الال محدودة. أسئلة للتفكر: لو تركت ك ّل مقيّدات الذهنية من الماضي لعشر دقائق فقط ،كيف ستختبر الحياة اآلن؟ ماذا سيحدث لو تصالحت مع ماضيك؟ ماذا لو كان الماضي الذي اختبرته ُمهندَسا لخدمة رسالتك؟ من أنت من دون ماضيك؟ قوةُالعري ّ ال تُالقى عادة كلمة العري بالترحاب والتهليل ،وإن أردت الدليل على ذلك ،تج ّرأ ع ِ ّر نفسك ،هذا ألن المجتمع ألبس كلمة العري «رداء العار»، أن تقول لشخص ماَ : مغلّفا إيّاها بكثير من القبح واالشمئزاز ،لتصبح كلمة العري قرينة الدعارة ،وهي بالحقيقة طريق االستنارة! طريق التنوير الحق ،هو طريق التعرية وليس اإلضافة ،فاإلضافة بالتعريف ،تعني أن المضاف إليه ،في كينونته خزي وإرباك ،وهذا يتنافي مع عقائد الكون األصلية، تنص على أن الخلق كامل ،ومكتمل بذاته ،وهذا ِس ّرنا الصغير.ُّ والتي الخلق مكتمل بذاته. صفة الكمال هي في روح الخلق والخالق؛ لذا يجب أن يكون الكمال صفة الخليقة، وال نتكلم هنا عن مفهوم الكمال المشروط بشكل معيّن ،أو أسلوب معيّن ،أو منطق معيّن ،وإنما هو كمال الخلق كما هو .هو كود روحي مشفّر في قلب الخليقة. فـأنت كما أنت ،كامل ،نعم أنت كامل ،و ُمبهر ،وجميل ،وساحر ،وال تحتاج الغطاء لتش ّع هذه الصفات ،بل على العكس تماما ،فالغطاء يبشعك ويثقلك .وهو أيضا يغذّي عقلك الباطن ببرمجة العار ،والتي تقول في لغتها الملعونة :إن وجودك كما هو معاب ،أو كما اعتدنا بلغة الكتاب :أنت كما أنت لست كفاية .هذا هو محرك نظام الخوف الدائم ،والذي أُبرز لنا في طرق مختلفة ومنها روايات الزمان وحكاياتها، كما في قصة الخلق. العار يظهر في قصة الخلق كالعاطفة األولية بعد السقوط ،فمثال عند النظر إلى قصة آدم وحواء ،نلمح الحاجة إلى التغطية الفورية لحظة السقوط من الجنة ،وفيها رمزية السقوط من وعي الوحدة إلى االنفصال ،بعد األكل من تفاحة المعرفة. تفاحة المعرفة قد ترمز إلى أحقية الذهن الوهمية في «الحكم» على األمور ،من الصحيح والخاطئ ،ومن معرفة بشرية محدودة .هنا ولدت الحاجة إلى تغطية ما كان خاطئا ،أو معابا في تكوينه ،كنتيجة لهذا األحكام السطحية ،والتي ال ترى الكمال خلف االزدواجيات. لذا بدائية العار تحكم اإلنسان منذ قدم الزمان ،وقد أتى اآلن الوقت الحتراقها، طهرا وال إجالال ،وإنما يُرهقها بلعبة االختباء .بالعار فالعار ال يضيف لنفسك ُ ستُخبئ نفسك من نفسك ،لتسكن في ظلمات النفس ،وهذا ما أطلق علية «كارل يونج « »Carl Jungبالجانب المظلم .»shadow sideهو ذلك الجزء منك الذي يقبع في ظالل النفس ،ال يأتيه نور ،وال هواء ،وال ماء ،فأنت ال تدري أنه منك ،ولكنه يستعبد نفسك بسلوكيات غير مفهومة عنك .يستعبدك بكرهك له. الجزء المظلم منك هو الجزء الذي رفضته ،وسلمته نيشان العار ،فال هو انفصل عرف فيك؛ ألنك أنكرته ،لذلك اختر االختباء في دواخلك. عنك ألنه منك ،وال هو ُ اختبئ في سراديب النفس الداخلية ،ومن ثم اقفل عليها بالبوابات الحديدية ،فأصبح «كالسجين» داخل نفسك .هو سجين «الظلم» المهول ،يحرسه « ُجند» الغضب المهول. قوة على وجه ولكن الحقيقة تقول إن الظلم الحقيقي هو ظلم النفس ،وبإخفائها ،فال ّ الخليقة تقوى على ظلمك ،إن لم تكن أنت ظالما لنفسك ،وبإخفائها ،تماما كما أنه ال تتحول إلى ّ قوة تقدر على كرهك إن لم تكن أنت كارها لنفسك ،فقوى الظلم والكره ّ المارد الخادم لمن اختار حقيقته كما هي .بصورة أدق ،فكل قوى الكون ،وحتى تتحول إلى طاقة التمكين لمن اختار حقيقته ،خيار «كن أنت». ّ الحاقدة منها، « كن أنت» ،هي ليست إظهارا لجانب معين منك ،وإخفاء لآلخر ،وإنما تعرية كاملة للنفس اإلنسانية ،وهذا هو مفهوم التزكية الحق ،فتزكية النفس هو بتنويرها من ظلمات ال َخ ِفيّة ،والتعتيم واالختناق ،فيرتقي ما كان قابعا منك في الظالم إلى طريق الرقي والتكامل النفسي ،ومع باقي األجزاء . فلك الخيار ،إما باإلخفاء ،أو العري التدريجي ،واألول سيكون نتيجته العذاب الحتمي .هذا ألن إخفاء النفس ،هو أشبه بإخفاء طفلك في خزانة مظلمة؛ خوفا من الزوار عليه ،وهو في األصل الخوف من عدم توازى عف ِويّته مع «قوانين ّ حكم النَّبالة االجتماعية». وليس هذا فحسب ،بل نسيانك لوجود هذا الطفل ،لدرجة إنكاره ،فال هو ينضج مع منظور روحيٍ نضوجك ،وال يرتقي مع ارتقائك ،بل يختنق في حجرة الخزانة .ومن أسمى ،هو االختناق في حجرة الزمان والمكان. أتظن طفلك الداخلي سيفرح بذلك؟! وقررت فتح ما في الخزانة ،فطبعا ستواجه غضب الطفل فإن أتاك نور الحكمةّ ، وأحزانه ،ومعه دور المظلوم الذي يجسده ،وواقعه ال ُمتجلي مع هذا الدور ،من ظالم والمستغلين ،وأنت الخالق لكل هذا .وستواجه أيضا طريقة الطفل سالسل ال ُ الخاصة بالتعبيرعن ك ْب ِت ِه المتواصل ،وقد تكون برفض التواصل معك ،أو التمرد، أو حتى معاقبة النفس لصون كبريائها ،أو غيرها من تعابير األلم والكبت. ومن مشى في رحلة التعرية يعرف تماما معاني هذه الحروف ،ويعرف التحدّيات العاطفية لعملية التعرية؛ ألنه عند التعرية يُرى المكشوف كما هو ،والذي قد يكون صادما لك في الوهلة األولى .هي الصدمة ،بأن ترى أنك بجهلك وضعت طفلك داخل الخزانة ،وأغلقت عليه ،وليس هذا فحسب ،بل ألصقت على فمه لواصق مختلفة لمنعه من الكالم؛ خوفا من أحكام المجتمع عليه. ومسؤوليتك -نعم مسؤوليتك -أن تتعامل مع هذه االختالالت النفسية حتى يرجع التوازن لطفلك ،ليتط ّهر أل ُمهُ بعماد التقبّل والحنان. وهذا النضوج لن يقتصر فقط على كشف زيفك الداخلي ،بل على زيف النفس اإلنسانية ككل ،وماذا فعلت ،وأنت شريك بهذا. فماذا فعلت النفس اإلنسانية؟ َّأت أطفالها المجروحين في خزائن حديدية في قاع المحيطات ،وأحاطتهم خب ْ بطبقات مرجانية. هي طبقات االنفصال ،بل َو ْهم االنفصال. هل ما يقال هنا يثير غضبك؟ واسترخ ،ودع لنفسك الفرصة الستقبال المعارف والشفاء ،حتى ِ جميل… إذا تنفس تعري نفسها من تيارات اإلنكار. ِّ شخصيًّا عندما اكتشفت حجم اإلنكار اإلنساني لما فعل ويفعل ،عن طريق األحكام صدمت ،ولكني أيضا نضجت .فإن أخلت الصدمة األولى واإلسقاطات الخارجيةُ ، توازني ،فهي نبهتني أيضا ألهمية «خيار العري» لنفسي وللكل ،هو خيار التقبُّل وحب الذات. تذكر أن َملكة الخيار قائمة دائما وأبدا… بعد هذه الصدمة عاهدت نفسي بالتزام طريق التعرية على اإلنكار ،فهو طريق الصراط المستقيم ،وهو ليس بالخيار السهل ،ولكن لروح الحكمة خيارها الوحيد، خيارها المنطقي ،منطق النظام الواحد .وبأخذي هذا العهد الصارم ،بدأت حرقة النار بالتعالي ،هي نار الخيمياء التي تحرق لباس الزيف ،فتحرقه برهبة التعاطف شنَّاها ،وغذَّيْناها ،وتفاخرنا بها إلى لتحول هويات االنفصال التي د َّ وبراءة األطفالّ ، رماد مسحوق. عرفت نفسك بالحارق استمتعت ،وإن عرفت نفسك بالمحروق ،عانيت ،وإن َّ فإن َّ عرفت نفسك «بالوعي الشاهد» للحارق والمحروق ،وهذه حقيقتك ،خلصت! وهذا َّ سرنا الصغير. أنت لست حارق الزيف ،وال الزيف المحترق ،وإنما الوعي المراقب لهما. وهل انتهى االحتراق؟ ال ،فنار التطهير المقدسة هي عملية مستمرة استمرار الحياة ،فالعري أسلوب حياة، وليس حدثا واحدا. ولك ِنّي أظن أن في حياة المرء تأتي اللحظة التي يقول فيها :كفى! كفى مجاملة، وتملّقا ،ووضعا لألقنعة ،كفى ،فقد قَرفت نفسي من نفسي ،وحرقت القناع اآلن، أهون علي من العيش الزائف. وهذا ما حصل معي… واسمح لي هنا بأن أشاركك معك اللحظة التي قلت فيها كفى. في مرة سافرت إلى أيرلندا مع صديقي «كريس» ،نهدف سويًّا ألخذ جلسة من التشافي الروحي الخاص ،باستخدام أساليب متأصلة من حضارة المعالجين الالتينية .ذهبنا إلى المكان وكلنا شوق وحماس ،حتى التقينا األصليين في أمريكا ّ مع المعالج. بدأ المعالج بالتكلم معنا ،وما علينا فعله ،ومن دون االستطالة بالشرح قادنا إلى مكان التشافي .مشينا سويًّا عبر السهول الخضراء ،وهواء أيرلندا العليل يتراقص داخل صدورنا ،والذي زار ريف أيرلندا يعرف نقاء الهواء فيها ،والجمال المذهل لسهولها ،هي سهول سحرية متو ّهجة ترتدي رداء الخضرة على مدّ النظر .سرنا على هذه السهول حوالي ربع الساعة ،قبل أن نصل إلى المنطقة المنشودة. عند الوصول هناك ،بدأ قلبي بالخفقان سريعا ،فعند االقتراب من مواجهة نفسك بعمق أكبر ،يعرف نظام الخوف فيك ماذا سيحدث ،وطريقته الوحيدة لتالفي ذلك، بتفعيل منبّهات الخوف في جسدك. تيقّنتُ لهذه المنبهات ،وتنفّست ،وأبعدت تركيزي عنها ،وو ّجهته إلى النهر الريّان ي حكايته المفضلة« :ما تفكر كثير ،وامشي مع التيار». أمامي ليقص عل َّ أخذت نصيحة النهر ،وقفزت إلى عملية التشافي… هناك اختبرت مباشرة ،رهبة العُ ْري. عري الملبس ،بل العري األكبر: َ العُ ْري الذي أتكلّم عنه هو ليس الموت… نعم هناك اختبرت ،وبحق اليقين ونوره ،المعنى الكامل للموت واإلحياء ،لينجلي بعدها هذا الخوف من كياني تماما ،فالموت لي اآلن مدعاة للفرح ،والسرور، واإلجالل ،وحتى مدعاة لالحتفال! الموت هو نهج حياة أسلكه ،أتراقص بين حلقاته المتكررة ،كعالمة على البدء، والتجديد. ض ّم رحلة الموت ستجد رحلة من خبرة الموت تلك وغيرها ،عرفت أنه في ِخ َ الخلود ،والتي قد نس ّميها أيضا برحلة العُ ْري ،فال سبيل لمعرفة الذات الخالدة ،من غير التعرية الكاملة للذات الزائفة .أيضا هناك في هذا السهل عرفت أن اإلنسانية ككل استحدثت كافة االستراتيجيات العبقرية للهرب من العُ ْري ،فالعُ ْري لشيطان عدوها اللّدود. النفس ،وهو نظام الخوفّ ، ع َّرى نفسه ِث على أساس مغلوط ،ووهم مبرمج ،وإن َ تذكر أن نظام الخوف استُحْ د َ ليتحول من سيد ّ لنفسك ُكشفت لعبته ،وإن ُكشفت لعبته ،فَقَدَ ه ْي َبت َه ،وانجلى قوامه، نفسك إلى خادمها الودود. لذ ا يعادي نظام الخوف فيك مسلك العري؟ وكيف ذلك؟ بعاطفة العار… معتمدا بذلك على صديقه المخلص« :الجهل المجتمعي» ،والذي يغذّي هذه العاطفة بدراية ،أو من دون. ومن هنا يأتي السؤال :ما هو العار؟ وهنا سأستعيض بواحدة من أقوى تعاريف العار ،على األقل برأيي الشخصي، وهذا التعريف أتى من أعمق الباحثين في هذا المنحى ،وهي الدكتورة «برينيه كرست الجزء األكبر من عملها لدراسة العار؛ كي براون »Brené Brownالتي ّ تعرفه ببساطة :إن وجودك كما هو خاطئ .لهذا العار هو أخطر بكثير من الذنب ّ إن هناك شيئا خاطئا في تصرفاتك ،وإنما العري برأي براون ،فالذنب يقول ّ ص ُن هذه المعادلة لي ّحول وجودك للخاطئ. يش َْخ ِ ثت ألجيال وأجيال ،وخاصة في نسيج البالد وور ْ ّ ولألسف ثقافة العار ،قُد ْ ّست، العربية ،حتى أصبحت كلمة «عيب» ،موازية لشهرة صباح الخير. هذا هو التوارث األعمى للعادات والتقاليد ،بل هو التقديس لها ،وأخشى أن يقضي هذا الموروث على األمة ككل ،بل على الكرة األرضية ككل! نعم ال تستغرب هذا، فالموروث مسؤول عن الحروب والكوارث ،وحتى االحتباس الحراري! كيف يكون ذلك؟ ألن الموروث يضع قيمة للستر «المرضي» ،والتملُّق على قيمة الحقيقة ،وإن ستر معها حقيقة الواحد ،كلنا واحد ،وبهذا ت الحقيقة عنك ،وعن مجتمع كاملُ ، س ِت َر ْ ُ ستصبح الحروب والتلويث بالمستباح .فمن منطق االنفصال كياني ال يتعدى جسدي ،وليحترق البقية. وقوة الخيار ،لك أن تقود التغيير ،ولكولكن لك أنت يا من استنرت بنور الوحدةّ ، آخر :بتشفير العار. أن تأخذ خيارا َ وأنا أعني اآلن… فلماذا ال تبدأ بتشفير العار من حياتك ،وبالواضح البسيط ،وهو على مستوى الكالم. فكيف يكون ذلك؟ بحرق كلمة العار من معجمك ،أو كما ترويها شفاه المجتمع بالـ «عيب». لماذا ترددت ،أتخاف خسارة العيب؟! تخف ،فإن خسرت العيب ،أنت كسبت. ْ ال فهل ستكسب مثلما فعلت أختي منار؟ في إحدى المرات كنت أزور بيت العائلة ،وكانت معنا بنت أختي منار ،جويل الصغيرة ،تلعب وتركض في ساحة البيت ،وتصرخ على أمي :تيتههههههه. وكالعادة بدأت أمي باللعب مع جويل ،لتقوم جويل بطاقتها الصاروخية ،بالقفز ت عا ٍل ،لتأتي أمي بعفوية «بريئة» وتقول لجويل« :عيب والرقص والغناء بصو ٍ تيته» .تخيل طفلة عمرها ٤سنين تبدأ بشرب طاقة العيب ،لتدخل مرة أخرى في «دوامات الخطيئة األصلية» ،وما هذه الخطيئة ّإال العار ،وهي جوهر كره الذات، واالقتناع بنقصها! لحسن الحظ أيقنت أختي منار لهذه الحقيقة مب ّكرا ،لما عانت قبل من كلمة العيب حزم وصرامة ،واحترامها على هذا: ٍ كفتاة في البالد العربية ،لتقول ألمي ،وبك ِّل أرجوك ال تقولي لجويل عيب؛ ألننا ال نستعمل هذه الكلمة بتًّا في منزلنا».ِ «أمي فهل لك أن تفعل مثل منار؟ قم بذلك اآلن ،وال تقل هذه الكلمة بتاتا لنفسك أو لغيرك ،واالثنان واحد ،فهذه الكلمة قر ِر اآلن َّأال تقولها ،وسامح من قالها لك من قبل، ليست أساسا لعمران األرض! ِ ّ وابدأ صفحة جديدة. اآلن ،نعم اآلن… لك أن تختار اآلن ِبقَبر العيب ،فهو من يبقيك في أنقاض الوعي السفلية ،وحتى الدكتور «ديفيد هاوكنز »David Hawkinsيوافق على ذلك .وضع هاوكنز وهو صاحب نظرية «مستويات الوعي» العار على أخفض درجات الوعي اإلنساني، ي يوازي الــ ،٢٠مقابل التنوير الذي يوازي .١٠٠٠ وبتردُّ ٍد طا ِق ٍّ فكيف لك أن تنهض بوعي التنوير الحب واالبتكار ،إن كانت كلمة العيب على لسانك ،تطلقها على هذا وذاك ،وفي كل إطالق لهذه الكلمة ،عار آخر تبرمج به نفسك ،فما تعيب عليه بالخارج ،هو سجن لك ،وهذا ِس ُّرنا الصغير. ما تعيب عليه بالخارج هو سجنك الداخلي. وإن أردت الدليل على ذلك ،سأعطيك مثاال بسيطا على سجن العيب ،وإن تم بطريقة غير مباشرة. كنت مرة مع إحدى صديقاتي ،نزور متجر فيراري في إيطاليا .هناك تجد الكثير من المالبس واإلكسسوارات التي تظهر جوهر السيارة ،وسألتها حينها»:ما رأيك بـ «فيراري ،« Ferrariفقالت« :إن فيها الكثير من «اإلظهار ٍShow off كما الحظت اآلن ،في نفس هذا التعليق ،شكل من العيب المبطن على أسلوب فيراري. قوت ََك ،وثراءك للناس؟ الص ِ ّحي إذا ،أن تكون كفيراري ،وتظهر ّفما هو ِ ّ ال هذا وال ذاك ،بل االثنان سويًّا ،وما بينهما .نعم كما سمعت :االثنان وما بينهما… وهذا هو حب الذات. بحبّ الذات ،ستكتشف أن تعابير الحياة ال تنحصر في نطاق االزدواجية ،فالحقيقة تتواجد بين األقطاب ،وما بينهما ،وعلى أبعاد مختلفة .وللتوضيح العملي ،افتح يديك اآلن ،لتحمل القطب األول في اليد اليمنى ،وفي هذه الحالة هو اإلظهار ،وأما اليد اليسرى ،فاحمل فيها التكتُّم. الحقيقة ليست باليد اليمنى أو اليسرى ،وإنما بمساحة المنتصف كاملة. لك أن تتخيَّل اآلن أن منطقة المنتصف ليست محدودة ،ومتواجدة على أبعاد ِعدَّة. أستشعرت اآلن عالم االحتماليات َّ الال محدودة؟ َ تذكر أن من رأى الحياة بمحدودية األبيض واألسود ،وهو لون العار ،فقر ،ومن ونواح ِعدّة ،وتداخالت ِعدّة ،وهو لون الثراء ،ارتقى. ٍ رآها كما هي بأبعاد ِعدّة، فقد تحتاج أحيانا إلى أن تكون كالفيراري لتظهر نفسك للخارج وبافتخار ،فتسطعها حتى النجوم ،وتلهم بنجاحك الناس ،وفي تارة أخرى قد يكون التكتّم هو الحكمة، وليس كتمان الخوف من الحسد ،وهو وليد النقص ،أو وهم النقص ،وإنما كتمان القوة والحب إن اقتضى األمر. ّ فشخصيًّا تراني دائم الكشف عن رحالتي حول العالم ،على شبكات التواصل االجتماعي ،ألكون بمثابة «المثال» لشخص التزم طريق األصالة ،وجنى من متاع األرض والروح أعالها من مغامرة ،وحرية ،واستمتاع .وبنفس الوقت هناك جوانب معينة من حياتي أختار إبقاءها لنفسي ،وال أكشفها للعامة. ص ِم العار على فيراري بأنهم يتفاخرون بالمظهر ،ستسجن نفسك بهذا ولكن عند و ْ الحكم ،ليخت ّل توازنك؛ ألنه انحاز لواحد من النقائض على اآلخر ،فتراك ال تسمح لنفسك بالتفاخر في المساحة الحقّة لذلك .وحتى مجالك الكهرومغناطيسي سيخت ّل حينها؛ ألنه ابتعد عن توازن نظام الواحد. فلماذا ال تكون كذلك؟! عاريا من أحكامك ،ومحتضنا لكل أقطابك ،وتعابيرها. وإن رفضت مسلك العري ،واخترت مسلك العار ،وأحكامه المختلّة ،ستفوح منك رائحة العيب في كل مكان ،فكل األحكام هي من إبط هذه الرائحة النتنة ،لتملي عليك أحكامك ومن دون وعي ،بأن جزءا منك ،أو أجزاء كثيرة تقبع في دائرة اإلصالح .ودائرة اإلصالح تعد ما في داخلها بالمكسور ،وتعتبر وجوده خاطئا. وإن أردت الصدق ،هذه كذبة ،نعم كذبة ،فال يوجد إنسان على وجه الخليقة يحتاج اإلصالح ،وحتى إن كانت هذه الكذبة متوارثة في كثير من استراتيجيات العالج النفسي ،حتى وصلنا إلى خلق مس ّمى وظيفي كامل اسمه :ال ُمصلح النفسي ،وفي هذا انتقاص من قيمة اإلنسان ،أو على األقل على مستوى الظاهر. طبعا هذا ال يعني الهجوم على المصلح النفسي؛ ألن النية هي الفيصل بالنهاية، وإنما الدعوة للتذكر أن اإلصالح هو فقط لما كان خاطئا في أصله ،وكيف تكون كذلك ،وأصلك من أصل التكوين ،أصل روحي واحد ،وفيه الكمال كود أصيل متجذر. بمعرفتك الباطنيّة أن أصلك كامل ومثالي ،وليس معيبا ،ستبدأ عملية التعرية تلقا ِئيًّا… عملية التعرية هي تذكير لما كان أصيال فيك ،وبتفعيل هذه العملية ،وأنت تفعّلها اآلن من خالل قراءتك للكلمات ،وما بعد الكلمات ،ستبدأ المواجهة المباشرة مع نفسك لما وصمته في بالعار ،وقد تصعق باليقين بأن في عقر هذا العار يسكن كنزك الدفين ،وهو أقوى قدراتك الذهنية ،وأعظم مواهبك الروحية .وهذا سرنا الصغير. ع ْقر ما حكمت عليه بالعار تتجلّى أعلى قدراتك الذهنية. في ُ أقل لك عن نفسي ،فك ّل ما وصمته بالعار ،أو الخاطئ في «شخصيتي»، ودعْني ْ قوة اإلرادة إلصالحه ،أو حتى التخلص منه ،اكتشفت بالنهاية أن في عقره وسخرت ّ يسكن جمال الكون ،وقوته الرهيبة .فمثال في تعريف الرجل الذي ت َ َبنَّ ْيتَهُ من ساسا،المجتمع ،هناك «عار» على الحساسية الطاقية ،هذا عيب ،وكيف تكون ح ّ تاريخيًّا بالقدرة على كبت اإلحساس. ِ والرجل الشرقي يُعرف لذا حاولت كل المحاوالت ألكون «رجال» كما باقي الرجال ،غير عارفٍ أن في قناع «الرجولة المبرمج» حربا مع روح الرجولة األصلية ،وعندما رأيت قالب الرجولة المبرمج كما هو -كقالب فكري أعمىُ -ج ِبل من عيون وأي ٍد عمياء ،بدأت تلقائيًّا نار التطهير بحرقه من داخل نفسي ،لتنضح ِرقّة األحاسيس وجمالها ،والتي هي مفتاح الرجولة الحقة .فأعلى تعابير الرجولة ،هي في حالة األمان المطلق الختبار األحاسيس كافة ،وخصوصا الباطنية منها ،هو األمان الكامل إلعطاء طاقة والريادة ،فترجع نفسك إلى توازنها بطاقة األنوثة فيك حقها في اإلحساس ،والتعبيرّ ِ ، الذكورة ،واألنوثة ،وبالتركيبة المناسبة لحقيقتك. كل طاقات النفس والتي منها طاقة الذكورة واألنوثة ،تتواجد في كينونتك في نسب دقيقة ،ومناسبة لتركيبتك الخاصة ،لتحدث التوازن واإلشعاع الصادق لحقيقتك، ي؛ لذاي مكان فيك بالعار ،فهو يُحْ دث اختالال في توازنك الطاقِ ّ ص ِم أ ّ ولكن عند َو ْ ع ْفويًّا فيك. العري في األصل ،هو منهج التوازن ،للعودة إلى ما كان َ هذه العَ ْفوية هي عملية مستمرة من التعرية ،هي مستمرة استمرار الحياة ،واألنجع أن تتم بمزيج من الحكمة والشجاعة ،وباالستراتيجية األنيقة في التحدّي أو القتال، للتعامل مع التح ِدّيات العاطفية التي تنشأ من العري رويًّا رويًّا ،فتنضج بهدوء وقوة في التدريب. وكيف يكون تدريب العري هذا؟ أعط َك مثاال واقعيًّا للتوضيح… بالكشف عن نفسك ومكنوناتها ،بالتدريج .ودعني ِ في مرة من المرات أَنزلت صورتي على شبكة التواصل وأنا أدخن السيجار ،وهو شيء أفعله بالمناسبات ،كأسلوبي الخاص في االحتفال .طبعا هذا الصورة كانت تحولت إلى ردّات فعل شرسة في التعليقات، صادمة لكثير من المتابعين ،والتي َّ وخصوصا لمن كان يتابعني في شغف لسنين طويلة. ُّ استفدت من تنزيل هذه الصورة؟ السؤال ماذا هذه الصورة هي جز ٌء من تدريبي على العُري ،فالهدف منها هو كسر القالب الذهني المعين ،الذي يحاول أن يلصقه على المتابعين ،والذي يضع ال ُمعلّم في خانة تخلو من اإلنسانية .هو قالب مبرمج يضعه الناس عليك ليعاقبوك عند الخروج منه؛ ألن هذه نفس الطريقة التي يعاملون بها أنفسهم؛ لذا وضعت هذه الصورة ألهدم هذا دوامة «المثالية عار من دون ّكإنسان ٍ ٍ القالب من نفسي ونفس الناس ،ألظهر الوهمية» .طبعا هذا ال يتناقض مع دعوتي الدائمة للصحة والشراب األخضر ،بل يضيف لها توازنا وحقيقة. ي التعامل مع ألن هذه الصورة كانت جزءا من تدريبي على العُري ،وجب عل َّ ّ المشاعر التي تظهر للسطح حينها من دون إسقاط أو َمالمة ،وهذه المشاعر كانت قوية ِجدًّا ،من خوف الفقدان للمتابعين ،إلى الخوف من التشهير .ولكن مع المراقبة للمشاعر ،والقيام بعملية التطهير المناسبة عن طريق التع ّمق في تقبُّل الذات ،ارتقيت إلى مرحلة أكبر من رحلة العُ ْري .رحلة «كن أنت». ُحطم صورة المثالية عن نفسي ،وبهذا ال أضع ثقال لذا تراني دائما ،وأبدا أول من ي ّ ي ،وال أحاول متملقا المحافظة على صورتي المن ّمقة أينما ذهبت .فإن على َكتِفَ ّ أخذت «كورس» معي ستدري أنّي على طبيعتي ،وأقول األمور كما هي ،وال أضع نفسي في خانة معينة ،وهذا ما يصدم البعض في الوهلة األولى ،ولكن بالنهاية يحبونه لحقيقته .فهو يعطيهم المجال أيضا ليكونوا حقيقيين. لألسف الكثير من المشاهير يفقدون الهداية لهذه البساطة في التعبير ،خصوصا مع ازدياد شهرتهم ،فيبدؤون بخلق الضغوط المجتمعية على أنفسهم ،للمحافظة على صورتهم الوهميّة .لألسف هذا يتواجد بكثرة في البالد العربية ،بمحاولة المشاهير والقادة للتقيُّد بصورة تقليدية ،والمحاوالت المكررة ل َمحْ ِو ماضيهم ،وعدم التكلم عن المتكررة إلخافتك من األخطاء ّ أخطائهم .هذا هو منطق العار المجتمعي ،بالمحاولة وعثرات الماضي ،فتراك تخاف «الحكم» من الخطأ ،أكثر من خوفك من الخطأ نفسه! قد ال يحاكي هذا الحوار واقعك الحالي ،فقد ال تكون من المشاهير ،ولكن تبقى ي نفسك كما هي .وقد يكون تدريبك ببساطة ،أن تعبّر عن أحاسيس العبرة ،أن ت ُ ِ ّ عر َ عبّرت عنها َّأال يرضى عنك ،أو مكبوتة من داخلك لشخص معيَّن ،ولكن تخاف إن َ القوة الوهميّة الذي تريد إسقاطه ،وهنا بالتحديد يأتي تدريب أن ال يراك بمكان ّ التعرية ،ومن بعدها التعامل مع المشاعر التي ستظهر للسطح. ستتدرب على التغطية كأسلوب حياة، ّ إن لم تتدربْ على العُ ْري كأسلوب حياة، فأحد قوانين الكون هو التكثير .أي أن الحياة تُكثر ما تو ّجه طاقتك الذهنية باتّجاهه، وإن اخترت التغطية مرة بعد مرة ،ستزيد تلقائيًّا ،لتختنق أكثر يوم بعد يوم. سأكرر ،وأقول «تدريب العري» ،أو تدريب «كن أنت» ،ليس بالسهل ،ولكنه طريق الحرية .هو ليس بالسهل؛ ألنك ستواجه فيه الكثير من المخاوف وفي عقره، الخوف من النبذ المجتمعي؛ ألن األماكن التي ال تتوازى فيها حقيقتك الذاتية مع «صحة» القوانين المجتمعية ،هي مهدَّدة بالنّبْذ ،واالزدراء .فهناك قانون مجتمعي ضعُف من نفسك بعنصر االنتماء: لما هو مقبول ومرفوض ،وهو قانون يُهدد ما َ يحس النبذ؟ َّ فإن لم تفعل ذلك ،أنت ال تنتمي لنا ،أنت منبوذ .ومن يحب أن ولكن صدقني ،أنك من نفس خندق «النبذ الواهم» ،سترى حضن هللا أمامك… أنا أدري هذا حق المعرفة ،وأدري خوف النبذ ،وفقدان االنتماء أيضا حق المعرفة، وأدري الوحدة الصامتة في عمقها ،فأنا اختبرته ،وتألمت معه ،وما زلت إلى َح ٍدّ ما .ولكني لم اختراالنغالق أو االنتقام ،أو لعب دور الضحية ،وإن كان نظام الخوف في راغبا في ذلك .بل اخترت طريق الشفاء ،والتعرية ،واالنفتاح. فمنذ بداية رحلتي في الوعي ،وصوت الثورة يقودني يوما بعد يوم لتحدّي كل المعتقدات المجتمعية في داخلي ،إلى حضن الوحدة ،وفي هذا وجدت نفسي ترتجف من خوفها لرفض مدينتي ،وأهلها لي ،ولكن كل مرة كنت أخطو فيها لحقيقتي خطوة واحدة ،كنت أزيد قوة وتمكينا في هللا ،ألدعس فيها على حنجرة االنتماء المجتمعي، وبمواجهة ألمي من داخلي ،وتطهيره .هكذا كنت أجد حريّة جديدة ،وانتماء جديد كل يوم ،هو انتماء يتعدَّى البالد واألعراق ،إلى االنتماء الحقيقي ،وهو حقيقتك الذاتية ،المتصلة بالواحد األحد. مثال عندما أخذت أصعب القرارات في حياتي ،والذي يعتبر تاريخيًّا في منطقتي سكني األصلية كمصدر للعار لنفسي وأسرتي ،وجدت طعم الحرية هناك .لم تكن العملية سهلة وسريعة ،بسرعة السطر الذي قرأته ،فهي أخذت سنتين من التمكين المتواصل لنفسي ،بالتطهير اليومي لمشاعر متعلقة بالخوف من النبذ ،ووضع العائلة في منطقة العار ،وفقدان الدعم والوحدة وغيرها .ولكن من بوابة هذا التح ِدّي العظيم وجدت عظمتي ،وعرفت باليقين أن الشخصية تصقل من التحدّيات .ففي نفس التحدّي الذي كنت ألعنه ،وأتمنى أني لم أولد ألعيشه ،وجدت طعم الحرية والقوة غير العادية. أظنك تقول اآلن :إيهاب لقد نسيت أن تقول ما هو التح ِدّي؟ واإلجابة ال ،فهذا واحد من األمور التي أختار َّأال أشاركها للعلن ،من مكان قوة ،وخيار .واأله ّم أن أشارك معك العبرة من هذه الخبرة: وسأطلب منك هنا أن تسمعني جيّدا: تحس االنتماء الحقيقي ،إن طلب منك هذا االنتماء بتغيير حقيقتك ،فاالنتماء َّ لن سرنا الصغير. الحقيقي يبدأ من حقيقتك ،وهذا ّ االنتماء الحقيقي يبدأ من حقيقتك الذاتية. ب منك المجتمع أن تنتمي له ،بتزييف حقيقتك ،وهو يفعل ذلك طوال الوقت، فإن َ طلَ َ فهذا انتماء زائف ،وال ُمنتمى إليه أيضا زائف ،فحتى إن انتمى كل المجتمع للمجتمع على حساب الحقيقة الذاتية ،فهو ما زال زائفا ،والمعاناة مصيره .فالكثرة ال تغلب القوانين الكونيّة التي تحكم سيكولوجيا اإلنسان. فضع انتماءك لحقيقتك فوق كل االنتماءات ،وعندها ستجذب لنفسك من تنتمي لهم بالحق. ضعنا لذلك في عائلة «كن أنت» ،وهو المجتمع الذي نبنيه من رسالة «كن أنت»َ ،و َ قيمة االنتماء الصادق على أعلى المراتب؛ ألن انتماءنا الفردي ،والجماعي يأتي تحس في المجموعة ّ ع ْريها ،فهو االنتماء الحق؛ لذلك الناس من احتفالنا بحقيقتنا و ُ بحقيقتها الخاصة ،وبالوحدة مع الك ّل؛ لذلك أكثر التعليقات التي يقولها األعضاء في «كن أنت» ،إننا أخيرا أحسسنا باالنتماء الحقيقي ،أو وجدنا العائلة الروحية التي افتقدناها من دون علم ،فنحن نحتفل بحقيقتك هناك ،وال ننبذها ،ومهما كانت ،وأنت معنا اآلن ،معنا في حقيقتك. وإن كنت ما زالت تعاني من ثقل االنتماءات المجتمعية ،والعشائرية ،وقوانينها المتوغلة في أسس النفس اإلنسانية ،فعليك بالتع ُّمق في تقبُّل الذات .وإن بدأت بافتكاك الرؤى باالستيضاح ،قد يثور الغضب من داخلك، نفسك من هذه القيود ،وبدأت ُّ ي ،لكونك أيقنت كيف كنت مستعبدا ،ولكن سأطلب منك َّأال تغوص بهذا وهذا طبيع ٌّ الغضب طويال ،فهو يبقيك بالعبودية ،بل سامح وتقدّم ،واستكمل تدريبك بتقبُّل الذات ،هذا مفتاح حريتك. ف في نفسك ،وعند تمكينك لنفسك ضعُ َأن النَّ ْبذَ االجتماعي يحاربك على ما َ تذكر َّ المستمر ،ستزدهر نفسك بأجمل مكنوناتها .وهنا سأعطيك تقنية بسيطة، ّ بالتقبّل صادق ،باإلضافة لك ّل ما قلنا في السابق .هي كما اعتدنا لتساعد نفسك على التقبّل ال ّ بسيطة ولكنها فعَّالة ،فدعنا نوضحها لك. ك ّل ما تخبئه في نفسك ،كخوف من الحكم المجتمعي عليها ،هو في عمقه خوف من رفضك الذاتي له ،فإن قبلت ما ترفض ،ملكته ،وإن ملكته لن تقدر أية قوة ،وال حر ْرتَهُ في نفسك. حتى أحكام المجتمع والكون كافة ،أن تحبس ما َّ فاختر هنا صفة ترفضها فيك ،وقد تكون الكسل ،أو التأجيل ،أو النميمة ،أو الكره، أو التحكم غيرها. اختر صفة… ثم خذ ٣أنفس عميقة ،واسمح لها بالخروج ،واطلب من جسدك االسترخاء قليال قليال… ي جزء منّي يحكم على هذه الصفة بالخطأ ،أو ثم قل لنفسك :أنا (الصفة) ،وأ ُّ وواقع. ٍ مكان ،وبُ ْعدٍ، ٍ الصحيح ،ال ِغ ِه وش ِفّ ْرهُ من ك ّل ي جزءٍ منّي يحكم على هذه الصفة سأعطيك مثاال هنا :أنا أنِ ّم على الناس ،وأ ّ وواقع. ٍ مكان ،وبُ ْعدٍ، ٍ بالخطأ ،أو الصواب ..أل ِغي ِه وأش ِفّ ْرهُ من ك ّل لغط ما ،ولكن ال ،وكل ما نفعله أننا نزيل أن هذا التمرين فيها ٌ تظن َّ ُّ في البداية قد الحكم عن الصفة ،فتراها بوضوح .المضحك أنه عند إزالتك الحكم ،سيتّضح فيك قانون السبب والنتيجة ،وسترى األمور على وضوح ،وهنا سيكون التغيير تلقائِيًّا من دون الحاجة للتغيير. هذا التمرين له قوة سحرية ،خصوصا عند تفعيله في األماكن التي ال ترى أصال صفة معينة فيك! وهي نفس الصفة التي تحكم عليها في الخارج ،وإن لم تعترف بذلك. إن فيك جزءا يريد التحكم في المرأة ،فرفضت مثال ،قالت لي صديقتي مرة :إيهاب َّ واغتظت لهذه الجملة طبعا؛ ألن هذا ليس من طبيعتي .فأنا أحكم على َم ْن يفعل ذلك. ي انفعال وحكم ،يعني أن هناك شيئا َم ْخ ِفيًّا الر ْشد لي ،تذكرت أن أ َّ ثم عندما رجع ُّ عني ،وهنا جلست مع نفسي ،واسترخيت ،وقلت: ي جزءٍ منّي يحكم على هذه الصفة بالخطأ أو الصواب، أنا أتحكم في المرأة؟! وأ ُّ وواقع. ٍ مكان ،وبُ ْعدٍ، ٍ أل ِغي ِه وأش ِفّ ْرهُ من ك ّل في البداية كانت المقاومة شديدة ،ولكن استمررت بالتنفس ،وتكرار هذه الجملة، حتى بدأ الصدق مع الذات ،وتقبُّلها يسطع للسطح .عندها رأيت البرنامج الفكري الذي يحاول التحكم ،ومصدره النسلي ،واستطعت بالفطنة والتدريب التعالي عنه. لكن البداية كانت من الصدق في النظر ،والتقبُّل لما هو كائن ،بدل إخفائها والحكم عليها في الخارج. هذه العملية قد تكون مرهقة طا ِقيًّا في البداية ،ولكن استمر ،فحريتك األساس ،وال ستتحول إلى َّ حرية من دون التعرية الكاملة ،وإن ذقت هذه الحرية ،وتجذَّرت فيها، قائد الحرية« ،القائد المستنير». للتذكير: * الحاجة لتغطية نفسك ،هي ليست من الحب ،وإنما من الخوف ،والعار. * الجانب المظلم منك ،هو ذلك الذي يكون فيك ،ولكن ترفض وجوده ،فتحكم عليه من الخارج. * طريق التعرية هو التدريب المتواصل للكشف االستراتيجي عن نفسك. * االنتماء الحقيقي يبدأ من انتمائك لحقيقتك َّأوال وأخيرا. أسئلة للتف ُّكر: ما هو الجزء منك الذي تخفيه بالعار ،وتخاف أن يكشف لك؟ ما هو أسوأ شيءٍ سيحدث لك إن ُكش َ ِف؟ هل تفضل أن تواجه هذا الخوف ،أم تبقي عليه قيد اإلخفاء؟ مالحظة :قد يكون العار الذي تخفيه عميقا ،مثل التحرش الجنسي ،وفي هذه الحالة هناك طريقة آمنة للتعامل معه ،وهو ما ستجده في أحد فيديوهاتي على اليوتيوب تحر ْر من العار اليوم. بعنوانَّ : ي * ماذا سيتغيَّر في حياتك إن وضعت انتماءك لحقيقتك ،على منزل ٍة أعلى من أ ِّ انتماءٍ آخر؟ القائد المستنير إذا كان قطي ٌع من األغنام يمشي باتّجاه هاوية الوادي ،فهل من التعقّل أن تكون فإن الغالبيّة العظمى من الناس جزءا من هذه المسيرة؟ ورغم وضوح اإلجابةّ ، شر نعرفه تفضّل الذهاب إلى الهاوية على الطريق المجهول ،فكما عهدنا القولٌّ : خير نجهله! ولهذا السبب بالذات ،طريق األصالة تتطلَّب إيقاظ روح أفضل من ٍ لتتحولّ فك االرتباط مع وعي القطيع ،والمشي في رحلتك الفريدة، القيادة فيكِ ،ل ّ بعدها إلى الراعي الحكيم ،وال ُمرشد الواعي نحو المروج الجميلة. وعي القطيع متجذّر في السيكولوجيّة اإلنسانيّة منذ قرون؛ لذا ترى غالبيّة الناس ُ مكررة في العيش والتعبير ،وإن أردت المثال على ذلك ،فانظر إلى تسلك طرقا ّ المو ّحدة عن كيفيّة التعامل مع مدينة معيّنة ،أال تراهم يشاركون نفس الكودات َ ي ،وتكراره. الحياة ،والتعبير عن الذاتّ ،إال من استفاق من غيبوبة الوعي الجمع ّ ي ض ّ فإن أردت أن تكون قائدا مستنيرا ،فال تتراجع عن ا ِتّخاذ الخطوة الجريئة ،بال ُم ِ صة ،حتى لو انحرفت عن مسيرة القطيع. قدما في رحلتك القلبيّة الخا ّ ليست الدعوة هنا إلى الثوريّة العشوائيّة ،لهدف المخالفة فقط ،فهذا شك ٌل من المعاكسة الصبيانية التي ال تتعدّى وعي القطيع ،بل المطلب هو النظر الصادق إلى ي قائ ٍد منذ فجر داخلك نفسك ،والحزم في السير باتّجاه ذاتك األصليّة .فال تظن ّ أن أ ّ تظن أنّه لم ّ التاريخ وحتى اآلن ،قد ُو ِلدَ من دون االنفصال عن وعي القطيع ،وال يمر بمقاومات خارجيّة وداخلية ،تعزم في صرخاتها أن تبقيه في منظومة المعهود المكرر. صة للحفاظ على وعيه الجمعي؛ لذا يمشي القطيع بتردُّد القطيع له ميكانيكيّته الخا ّ ي ُمعيّن ليُبقي على أفراده في اتّجاه ثابت ،وإن انزاح الفرد عن القطيع ،فهذا طاق ّ النظام المبرمج سيبدأ بمقاومته ليبقيه في نفس السكة .طبعا هذا النظام مقبول في األسراب الحيوانية؛ ألنّها تعمل بتناغم مع نبض األرض ،ولكن عندما يأتي الموضوع لإلنسان ،فوعي القطيع ليس بخادم لرسالته. وعي القطيع اإلنساني ،وإن ارتقى عن تسيير الحركة الفيزيائيّة كما في عالم الحيوان ،فهو يعمل بطريقة مشابهة ،فاإلنسان َخلَقَ أنظمة فكريّة معيَّنة كالعادات، والتقاليد ،وغيرها ،لتعمل كاتّجاهات فكريّة ُمط ّ ِوعه للقطيع ،وعند االنزياح عن هذه ي في داخل االتجاهات المشتركة ،يقوم وعي القطيع بتفعيل كود الرفض الجمع ّ محركا أحاسيس العار ،والذنب ،واإلحباط ،كشكل من التالعب العاطفي. الفردّ ِ ، تتحرر ّ ليس المقصد هنا أن ترتعب من وعي القطيع ،أو أن تنصاع ألوامره ،بل أن التحرر من وعي القطيع أصال؟ ألن هذا الوعي ّ منه بفهم ميكانيكيّة عمله ،ولكن لماذا الحكمة؛ لذلك إن نظرت في غالبيّة المعتقدات المجتمعيّة ،ستعرف لم يولد من رحم ِ أنها ليست خادمة لعمليّة اكتشاف الذات ،بل على العكس تماما ،فهي تلعب في صندوق المعاد المقلد؛ لذلك نس ّميها بالعادات والتقاليد ،وللتوضيح خذ هذا المثال… لوقت طويل كنت أضع الزيت والزعتر (وهي أكلة أردنية رائجة) في داخل الفرن بدل الخزانة ،وفي خالل فترة دراستي قامت أمي بزيارتي ،وسألتها« :لم اعتدنا منك أن نضع الزيت والزعتر بالفرن؟» ،فأجابت »:ألني تعلمت ذلك من أمي»، وعندما سألنا جدتي عن السبب ،وجدنا أنها كانت تفعل ذلك؛ ألنّه لم يكن عندها متّسع في الخزانة حينها! هذا المثال وعلى طرافته ،يروي الكثير عن طريقة بناء األفكار المجتمعية المتداولة ،فإن صدقت بتم ّحصك عن األفكار المجتمعيّة ،ستراها في غالبها أفكارا الحكمة ،أو السالمة النفسية .قد تكون هذه األفكار موروثة ،وليست مستندة على ِ نمر به ،فنحني الذي ّ التطور الجنون ّ ّ مفيدة وقتها ،ولكن في الغالب ال تتماشى مع ي في أنظمتنا الطاقيّة ،فعصر الصحوة نعيش اآلن بعصر الصحوة ،وفيه تغيّر جذر ّ والريادة، ِّ يحتاج إلى فهم مختلف للحياة ،وإلى مهارات جديدة كلّيًّا في القيادة، والروحي ،وهذا والعالقات ،تلك التي تعتمد كثيرا على الحدس ،والذكاء العاطفي ّ لن يحدث باالنصياع األعمي للنظم المجتمعيّة. سر القول رجاء على أنه دعوة عامة لشيْطنة هذه األنظمة ،بل النظر إليها كما ال تف ّ هي :كأفكار -فقط أفكار -ولك أن تنتقي الخادم منها ،وتتخلّى عن غير الخادم لك. سرنا ي الذي وجب قياس األفكار عليه فقط ،وهذا ّ بالحقيقة هذا هو األساس الفكر ّ الصغير. األساس األسمى لتبنِّي األفكار ،أو التخلّي عنها ،هو التم ّحص الصادق إن كانت خادمة لك أم ال. ي عن األفكار المجتمعيّة ال يحصل بالمقاومة ،وإنّما بالتمكين التدريجي ،فأنت التخل ّ والتطور ،فالتمكين ّ بالنهاية إنسان وله مشاعره ،ويحتاج الوقت للنضوج ،وال ُجرأة، ال يعني إضرام الحروب مع النُّظم الفكريّة ،وإنّما بالمحافظة على تركيزك في اتّجاه تمكين الذات ،وفي أساسه تقبّل الذات .فغالبيّة النظم المجتمعيّة تتغذَّى على والحكمة وال ُحب ِ ضعف الذات ،أو «الوهم» بضعف ذاتك ،لتقتنع بأنّك فاقدٌ ّ للقوة والتقبل ،وفي الحقيقة هذه الخصال قابعةٌ في روح تكوينك. األنظمة المجتمعيّة ،ولألسف ،قد ُولدت بغالبها من نظام الخوف الذي يستند على مسخرة منطقها الرئيسي على جمودية الصحيح من الخاطئ .هذه ِّ لبنة األحكام، ي ،ليرى فيه الناس كفريقين« ،مع» أو الجمودية تعمل كنوع من السجن االزدواج ّ ي «العدو» ،ولن تفلت من قبضة هذا النظام االزدواج ّ ّ «ضدّ»« ،الصديق» أو صة ،والتي بناها ،وحماها ي له وسائله الدفاعيّة الخا ّ نظام فكر ٍّ بمحاربته ،ألنّه كأ ّ ي على مدار العصور ليُحافظ على وجوده .وإن ت َ َه ّورت وقمت بمحاربته ،وأقولها من خبرة ،سيأخذك إلى دوائر طاقيّة ُمغلقة من الصعب الخروج منها؛ لذا وجب التعامل التدرج في تقبّل الذات ،واإلنصات لصوتك الداخلي ،لترتقي ّ معه بحنكة عن طريق بأن اإلجابات في داخلك ،وليس في األنظمة المجتمعيّة ،وال إلى اليقين الخالص ّ ي نظام آخر! حتى أ ّ ي ،ويفقد أن األنظمة المجتمعيّة تسيطر عليك من خالل كود الرفض الجمع ّ تذ ّكر ّ هذا الوحش الذهني سيطرته ،عندما يسطع التقبّل الذاتي من داخلك ،ليستذكر القائد فيك قوته الحقيقيّة ،وعندها ستعرف أن هذه األنظمة ليست ثوابت الخارج ،وإنّما لقوتكأفكار تشكل من خالل ذهنك ،وباألحرى من خالل االستعمال األرعن ّ الفكريّة .فطاقة الفكراالبتكارية هي من داخلك ،وهي المشغلة لك ّل األنظمة الفكريّة طورت والقوة دائما وأبدا .فك ّل هذه األنظمة وإن ّ ّ في الكون؛ لذا أنت صاحب النفوذ نفسها ،وبنت وسائلها الدفاعية المعقّدة ،فهي ليست َّإال أفكارا من داخلك ،وال تقوى على أن تصمد في نور الذات. وهذا ال يعني بتاتا أن تهرب من هذه األنظمة ،فهذا الهروب من الحياة نفسها، وحتى الكتاب ال يدعوك لذلك ،وإنما هو دعوة لالنصهار بقلب الحياة األرضية، وليس الفتور عنها ،فالقائد المستنير هو من يتداخل في األنظمة الموجودة ،ويطور وحكمته الروحيّة ،فتراه يتماشى مع «قوانين» التعليم، فيها ،من دون أن يفقد نفسهِ ، والعمل ،والمال ،وبنفس الوقت يخلق أسلوبه الخاص من داخل النظام. القائد المستنير هو ليس ذلك الشخص الذي يهرب من األنظمة والمجتمع ،ليمضي ك ّل وقته متأ ّمال في الكهوف ،أو اليوغا ،أو الرقص الروحاني ،وإنّما هو الجاذب لحكمة التأ ّمل ،وأبعاد الذات المختلفة ،إلى عمق المجتمع ،لتحديث األنظمة السائدة ِ بال ُحب ،والعمل الصادق الجادّ. ع َّرى نفسه تدريجيًّا من جراثيم األنظمة الفكريّة في خضم القائد المستنير هو َم ْن َ تواجده فيه ،ليخلق أسلوبه المستق ّل في التعبير والريادة .وإن بدت هذه بالمه ّمة الصعبة ،وهي بالتأكيد كذلك ،فهي تبقى المطلب الرئيسي لوعي القيادة. ض ّم الضوضاء فكيف تكون قائدا ،إن لم تحافظ على استقالليتك الطاقيّة ،في ِخ َ الحكمة األصيلة ب بإيمان غير مرتجف نداء ِ الفكريّة؟ وكيف تكون قائدا ،إن لم تُلَ ّ ِ فيك؟ فالقائد الحق هو من رمى بتدريجية ،ور ّكز على كلمة التدريجيةُ ،مكبِّالت ليخط لنفسه طريقا جديدا في وسط المعمعة .وللدقة هذا الطريق َّ القطيع الفكريّة؛ ليس بالجديد ،فهو الطريق الساكن األصيل ،الذي تحلم فيه منذ عيون األزل ،وتعشق المضي فيه قبل المجيء ،ليشع نجمك األصيل. عندما يت َّ ِقدُ نج ُم القيادة فيك ،سيرى البعض في ذلك اإلشعاع إغراء يكاد ال يعرف ما هو ِس ّره ،فيتبعه ،وأما البعض اآلخر ،فسيفضح اإلشعاع تعلقهم بوعي القطيع، ليذهبوا إلى مقاومته ومحاربته ،وهؤالء الذين يتغذّى النظام على طاقتهم باعتمادهم عليه. هذا ال يخيف القائد المستنير؛ ألنّه يدرك قانون النور بعمق ،فهو على دراية أن النور والعبقرية تفضح أركان المخاوف اإلنسانيّة ،وتعري زيف الخوف ،والبعض قادر على احتمال هذه العمليّة من التطهير ،والبعض اآلخر سيلعنها ،ويلعن القائد المستنير ،ظانًّا أنه سبب آالمهم .فال تخف من أن تدع نورك الداخلي يتَّقد أكثر وأكثر ،وأما ردود فعل العامة ،فهذا ليس مسؤوليتك ،فبالنهايه ك ّل شخص له رحلته صة ليمضيها ،وسعته الطاقيّة الخاصية لالحتمال في اللحظة. الخا ّ اختبرت هذا بنفسي عندما كنت أمشي مرة في مدينة جالسكو بالليل ،وبجانب الحديقة الخلفيّة للبيت .في نصف الطريق سطع بعيني وهج ضوء قوي من العامود في الشارع ،فأوتوماتيكيًّا غطيت وجهي؛ لكي ال تحترق عيني ،هنا وبنفس اللحظة وصلني إدراك جديد ،فعندما يضيء النور بكامل وهجه ،فإنه قد يزعج الشخص الذي لم يعتد علي ،فإما أن يتأقلم الشخص معه ،ويفتح عينه ،وقلبه بروية لالتحاد بالنور ،أو يلعنه؛ ألنّه سبب إزعاجه. هذا ما يفعله القائد المستنير ،يسطع بنوره كامال ،ليُذ ّكر الناس بالنور القابع في قلوبهم أصال ،فإ ّما يلهمهم لالتحاد بقلبهم ،أو االنغالق التام عنه ،والنتيجة ليست من صة التي يخوضها ،وعليك أن شأنك ،فكما قلنا :ك ّل شخص لديه رحلته الخا ّ تحترمها ،فهي رحلة مصونة من التنظيم الكوني ،وخادمة للك ّل .وفي شمولية ك ّل تطور شمولي للخير ،أتذكر كود للتطورّ ، ّ هذه الرحالت ،وإن كان فيها المقاومة التطور الذي تكلّمنا عنه من قبل؟ لذا شأنك الوحيد أن تفتح نفسك للنور ،ليلد القائد فيك من وهجه. هذه العمليّة ال تحصل بلحظة ،فوالدة القائد ليست بالضربة الواحدة ،وإنّما تأخذ عمليّة مخاض مستمر ،يتم في هذا المخاض ،التخلي التدريجي عن وعي القطيع، قوة الحياة نفسها. قوتك األصليّة ،كتعبير واضح عن ّ ودحر أفكاره المسيطرة ،لتلد ّ القوة في ك ّل إنسان ،بل في ك ّل مخلوق ،بل قوته ،هي ذات ّ فالقائد المستنير يعي ّ أن ّ فقوته تعمل كمذ ّكر لعظمة الوجود ذاتها، في ك ّل حبَّة تراب في أرجاء المعمورةَّ ، وليس للتفاخر الشخصي. هذا القائد موجود في أحشائك اآلن ،وبذوره متجذّرة في صميم تربتك ،وعندما صة .هو القائد الساكن في تربة روحك يحين وقت التلقيح ،سيزهر بطريقته الخا ّ صة .من هنا الفريدة ،والمتجذر بجذور رسالتك األصلية ،ليسطع بزهرة روحك الخا ّ يفوح ريعان القائد المستنير ،القائد اإلنسان ،القائد الذي ال يدعي المثالية ،القائد الشجاع بعريه ،والفريد بتعبيره النقي. هذا القائد تعالى عن الصورة المجتمعية عن القيادة :بالجوع إلى التبعيّة! فذلك النوع من «القائد» ليس َّإال تعبير الخوف عن القيادة ،ولألسف أشكال القيادة التي اعتدنا طهر القيادة الحقّة. أن نراها ،هي من جراثيم هذا التعبير الخائف ،والتي تخلو من ُ مقززه عن القياده ،متمحورة حول الت َح ُّكم ،والتالعب، فقد امتألت رؤوسنا بصور ّ والثقة الكذّابة ،لكن هذه القيادة هي ليست بالقيادة الحقة ،وإنما تعبير آخر بجوع النفس ،وإلى أين سيقودوك الجائع ،غير َم ِعدته الفارغة؟ سها بالقادة ،وتُج ّمل تسمى نَف َ ت فارغة ِ ّ وهذا ما يتبعه وعي القطيع حتى اآلنَ ،م ِعدا ٍ نفسها ِب ِلحى طويلة ،ومسابح فضيّة رنّانة (طبعا هذا ليس حكما على مظهر معين، للتقصي ما خلف المظهر) .فقد َكثُرت أشكال القادة المزيفين بالمنظر، ِّ وإنما دعوة موجهين العامة معهم من هاوية إلى أخرى؛ لهذا السبب بالذات نناديك إلى الفكر المستقل والسلطة الذاتية ،وبالنظر لإلجابات من داخلك .فالفضاء الذي يولد منه الفكر المستقل ،هو فضاء صافٍ ،سيبعدك عن األخطاء التقليديّة من أجندات القادة زورين. ال ُم ّ ليس هذا فحسب ،فالفكر المستق ّل سيرتقي بك إلى نوع جديد من تح ِدّيات الحياة، والتي تتعالى عن وعي القطيع .فتح ِدّيات القطيع هي تح ِدّيات شخصيّة وتقليدية ،ال تتعدّى الحاجة إلى التخلص من التوتر ،والقلق المستمر ،أي تحدّي البقاء .أما القائد مستمرا لتحفيز الجنسًّ المستقل ،فتراه دائم التبصر في مسائل إنسانيَّة عالقة ،وساعيا سرنا صة .وهذا ّ البشري لحلول ابتكارية نادرة ،وبما يتماشى مع رسالته الخا ّ الصغير. تح ِدّيات العامة ال تتعدّى الحاجة للتخلُّص من التوتر اليومي ،مقارنة بتح ِدّيات القائد المستنير ،بالتبصر بمسائل إنسانيَّة عالقة. لذلك قلنا والدة القائد ليست بالسهلة ،فهي تتعدّى مستوى التح ِدّيات التقليديّة ،إلى مستوى التح ِدّيات اإلنسانيّة والعالمية .وهذا يحتاج منك إلى إدراة أذكى للطاقة، وفيها إدارة ذهنية ،وعاطفية ،وروحية حكيمة لحياتك ،ولنوعية ال ُم ْدخالت التي تسمح لها التراقص في ذهنك؛ لذا القائد المستنير ال يشتّت طاقته «ببرامج» تليفزيونية عشوائيّة طوال الوقت ،أو حتى األخبار ،وإن فعل فهو يفعلها من حكمة وذكاء .هذا ألنه حريص على فلترة المدخالت الطاقيّة التي يسمح لها بالمرور َّإال بوابته الذهنيَّة ،عارفا أن ليس في ذلك الجهل ،وإنّما الذكاء الطاقي المطلق ،لغرض الخدمة العليا . ألنّه باالنحياز إلى مستوى المعطيات التي يتلقاها العامة ،من األخبار وغيرها، ينسل المرء «إذا لم يكن مدركا ،ومحترفا بالطاقة» إلى شؤم وغيظ من الحياة، وتنخفض طاقته إلى مستوى السالسل الفكريّة هناك ،ليصبح جزءا من طاقة ض ّحي بهذه البرامح ،ال للجهل ،بل لعشقه المشاكل وليس الحلول .فالقائد المستنير يُ َ التأثير اإليجابي ،فهو يدري أن ال تأثير يحصل ،من دون شحن النفس بطاقة ال ُحب اإليجابية .فإن كانت األخبار تبيع أكثر بالسلبية ،مستعملة انحياز العقل األتوماتيكي سك بهذه األجندة؟ لهذا االتجاه ،فلماذا تقحم نَ ْف َ ليس المقصد هنا أن تُنكر الدمار والكوارث التي تدور حول العالم ،ولكن الحلول ال تقبع في الغوص بنفس الدوائر الطاقيّة التي شكلتها ،وإنّما باالعتراف بوجود الظالم ،وهو في داخل ك ّل سيكولوجية إنسانيَّة ،والتعامل معه ال بتغذيته ،بل بتطهيره والتعالي عنه ،لتقديم تردد طاقي أعلى لإلنسانيَّة ،فترشدهم لحلول جديدة .القائد الذي يعمل على طاقة ال ُحب واألمل المتجذّر ،هو أكثر فاعليّة وخدمة لإلنسانيَّة ،من والحكمة. الماليين الذين يذوبون بطاقة األخبار ،ظانيّن أن في ذلك ارتقاء بالمعرفة ِ ولفك شفرته علينا التم ّحص ّ القائد المستنير له نه ٌج معي ٌّن في التغيير المجتمعي، بمناهج التغيير المجتمعية كافة .وهم يتواردون حول هذه المناهج الثالثة. في المرحلة األولى يقطن منهج التغيير حول محاربة األمور ،فترى من يتبعه، دائمة المحاربة للفقر ،أو المخدرات ،أو األمراض ،أو العنصرية وغيرها ،وبهذا المنهح يتم توجيه الطاقة لما ال نريد ،فتزيد في إيقاعها .أما المرحلة الثانية وهي من منهج التركيز على ما نريد ،فترى القائد يبني الرؤى ،واالستراتيجيات الفعلية باتّجاه السعادة والصحة والثراء ،وهذا تطور ملحوظ في منهج التغيير ،ولكن ليس هذا ملعب القائد المستنير بعد. عارف بقانون الفكر ،وبأنه المشكل لواقعه؛ لذلك ال يسعى ٌ القائد المستنير هو التغيير على مستوى االزدواجية ،سواء من المحاربة لما يريد ،أو دعم ما يريد في الخارج ،وإنما يبدأ بالنظر إلى داخله ،وبأخذ المسؤولية المطلقة للمسبب من داخله، ليبدأ التعالي عنه .فتراه ينغمس في طريق الشفاء الداخلي ،ليسمح لالستراتيجية المناسبة أن تولد كنتيجة للشفاء الداخلي .فطريق التغيير له ،من الداخل إلى الخارج، وليس العكس. مثال لو نظرنا لموضوع العنصرية ،فالقائد المستنير ال يبدأ بمحاربة العنصرية، أو تمكين الوحدة في الخارج ،وإنما يبدأ من نفسه ،وبالنظر إلى داخله ،لكل المناطق التي تتالعب فيها أنماط العنصرية في داخله .لذا هو يبدأ من األساس ،بالصدق مع الذات ،وفي هذه العملية يولد الفهم من داخله ألنماط العنصرية ،فيقاد من تيار الذات لكيفية قيادة التغيير ،بإلهام الناس لتطهير العنصرية ،ومن داخلهم إلى روح الوحدة. هنا تصبح عملية التغيير أدق ،وأصدق وأكثر شمولية وفاعلية؛ ألنها شملت المغير ّأوال وأخيرا .فهو التقى مع من يؤثر عليهم بشجاعته؛ ألنه أول من دخل غابة المجهول قبل القيادة إلى النور. في هذه العمليّة سيواجه القائد «مقاومة» من نوع آخر ،كاالضطهاد من التجديد، وقمع المنهج المختلف في التغيير ،وحتى سيواجه االتهام في الجنون ،لوضوح رؤيته واختالفها وبساطتها ،فكم نعت القادة بكافّة الصفات من المجانين إلى الكفار؟ وكم منهم ز ّجوا في السجون خلف القضبان الحديدية ،القتراحهم حلوال غير تقليدية؟ فحتى من نقدّرهم اآلن من القادة ال ُملهمين ،قد نُ ِعنتوا بكافّة األلقاب وما زالوا ،فقبيل نجاح مارتن لوثر كنج الذي قاد الوحدة بين البيض والسود ،اتهمه العامة بالمثاليّة، سك «بال ُحب» غير العملي ،هذا ألنه رأى بحق اليقين أن الحب هو أساس والتم ّ الوحدة ،والتطهير العرقي. وشخصيًّا أعرف حق المعرفة هذه التح ِدّيات التي تواجه القائد الحق ،فهذا مصير من يُح ِلّق خارج سرب القطيع ،والذي يكون في بادئ األمر كشكل من الوحدة السطحيّة ،الختالف منظوره عن دائرة المألوف ،حتى االلتقاء بالنسور المشابهة. فعندما مشيت بطريق أصالتي ،نعتني غالبية أصدقائي وأهل مدينتي بالمجنون وغير الواقعي ،وكنت أحس حينها باأللم العميق ،بألم الرفض الجمعي ،وخصوصا أني كنت أرى حلوال سلسة وبسيطة لكل المشاكل الفردية والعالمية ،والتي تتلخص برفع الوعي. ولكني أعدك أنه بعمق هذا األلم والوحدة اآلنيَّة ،ستجد أنّك تمشي إلى عمق أكثر مع ذاتك .فعند الوقوف وحيدا في فرادتك ،سيحصل االتصال فيك مع روح الحياة الواحدة ،أو كما أبدع في وصفها عبقري األساطير البروفيسور «جوزيف كامبل صة فينا ،وبهذا لنمش في رحلة البطل الخا ّ ِ »Joseph Campbellبقوله« : الطريق الذي نظن أن فيه أننا سنجد العزلة ،سنجد هللا ،وبالطريق الذي نظن أننا سنذهب فيه للخارج ،سنجد مركز وجودنا ،وبالطريق الذي نظن أننا فيه سنكون وحيدين ،سنجد العالم أجمعين». فتذكر أنّه على صعوبة رحلة القائد الذي فيكّ ،إال أنها بسيطة ،بل الخيار األبسط! نعم بسيطة؛ ألنّها تقودك أكثر إلى حضن العالمين ،فعند االنقياد مع نبضك االبتكاري األصيل ،والمشي برحلتك الفريدة ،فأنت تسير مع اتجاه التيار الكوني وال عكسه. وإن كان في هذا تحديات مرحليّة ،بسبب سحبك الوالء من األنظمة الفكريّة البالية، لحساب نظام الخوف ،فصدقني القادم أجمل ..هذه هي رحلة الهداية المنشودة .رحلة أسطورية لعمق الذات ،رحلة القائد المستنير. تخف أن تُفعّل كود القيادة فيك؛ ألننا نحتاج هذا التفعيل أكثر من أي وقت آخر، ْ فال نحتاجك ألن تستذكر ذاتك باستقالليتها ،ونحتاجك أن تحب ذاتك ،وتتقبّلها ،وتعشقها، قوة المفكرين المستقلين ،الذي يُسلّمون قوتك الحقّة .فنحن نحتاج اآلن إلى ّ لتستذكر ّ والءهم إلى المكان الوحيد الذي ص ّحت الوالية له ،وهو صوت القلب .فالقائد المستنير هو مفكر مستقل يقدر على االستماع إلى آراء الجميع ،والتالعب بك ّل الحكمة األفكار المختلفة على أنها احتماليات فكريّة ،من دون فقدان اتصاله بصوت ِ من داخله. أن أفكار العا ّمة ،وحتى أفكاره الشخصيّة ،ليست قوانين ،وسننا القائد المستنير يعي ّ مجرد اقتراحات ،ودوره الرئيسي هو التمييز الثاقب ّ كونيّة ،وإنّما اقتراحات ،نعم بين النافع ،وغير النافع ،بالعودة لحدسه ،فحدس القائد ،هو قائده. ي ،ومرشده األزلي؛ لذلك ترتقي القيادة مع ارتقاء الحدس هو مفتاح القائد الداخل ّ الحدس ،والذي يعتمد على قدرة التمييز لمصدر األفكار :هي من صوت «الخوف»، «الحكمة» من داخلك ،وهذا تدريب .فاألول ثرثار ،ومعقّد لضعفه ،واآلخر ِ أو الحكمة مختلفة ك ّل االختالف عن العواطف اللحظية ساكن ،وبسيط لقوته .وتيقن أن ِ الجياشة ،والتي يس ّميها الناس بصوت القلب ،فصوت القلب ،هو نتاج السكون، سرنا الصغير. وليس الهيجان العاطفي ،وهذا ّ صوت القلب ،هو صوت السكون ،وليس الهيجان العاطفي. وقد يكون السبب الرئيسي الذي يعطلك عن سماع صوت القلب ،هو كثرة الضجيج الداخلي ،وهذا يحل بالعودة أكثر وأكثر لفضاء الذات ،العودة إلى داخل قلبك ،لسماع الحكمة في الكون متاحة لك اآلن، اإلجابات من سكينة القلب .فداخل قلبك تجد ك ّل ِ ي مشأكل قد تواجهها في أي زمان ،هذا ألن هي ِحكمة خالصة ،ولها الحلول أل ّ الحكمة هي معرفة روحيّة كاملة ،تترفع على بُ ْع ِد الزمان .ك ّل قائد أدرك هذا السر، ِ الحكمة في داخله اآلن ،وأن اإلجابات من داخله اآلن. وأدرك أن ِ ب على سماع اإلجابات من داخلك ،بنقل تركيزك إلى قلبك ،والتنفّس تتدر َ ولك أن َّ في داخل ،وخارج قلبك كما ذكرنا عن التنفس القلبي من قبل ،حتى تجد الصفاء خلف األفكار ،ومن ث َّم قد تسأل ما شئت من قلبك .في البداية قد ال تأتي اإلجابات فورا ،وهذا طبيعي ،فأنت تعيد هندسة أنظمتك الطاقيّة ،لتوجيه البحث إلى داخلك، ومع التدريب ،سترى اإلجابات تخاطرك بوضوح أكثر ،وبالوقت ستزداد قدرتك الحكمة ،وثرثرة الجزء التحليلي منك .ستميز بين الحدس، على التمييز بين إجابات ِ والترهات الفكريّة. ّ وبعد فترة سيصبح مرشدك الرئيسي ،هو صوت القلب ،والجمال أن هذا المرشد صة ،وإيقاعكلديه ك ّل اإلجابات التي تبحث عنها ،اإلجابات التي تناسب رحلتك الخا ّ الحالي ،فهي إجابات مس َّخرة لك وليس للعامة، إجابات فريدة ،وتوازي فرادتك .وعند االستماع لهذه اإلجابات ،وتنفيذ اقتراحاتها، الحكمة األصيلة،سك تلين أكثر وأكثر على ِ بحكمتك القلبيّة ،لترى نَ ْف َ ستزداد ثقتك ِ وليس آراء خارجيّة . الحكمة بالنسبة لي هو رفيقي الدائم الذي ال يفارقني ،وحتى إن لم شخصيًّا صوت ِ ت اإلجابات التي أرغب ،في الوقت الذي أرغبه ،فحتى هذا ال يخلو من والئي تأ ِ ي فعلُهُ هو اإلنصات أكثر ،والصبر أكثر ،واإلجابة علَ ّ الكامل لهذا الصوت ،وك ّل ما َ أو «العالمة» ستظهر بشك ٍل أو بآخر ،أنا على يقين من ذلك .ومن الجميل ،أن تكون الحكمة موجودة دائما وأبدا في داخلك ،وجاهزة إلرشادك طوال الوقت. على يقين أن ِ أعط َك مثاال واقعيًّا علّه يوضح المقصد ،وهو عن أحد أهم الكورسات دعني هنا ِ في أكاديمية «كن أنت» ،وهو معسكر خيمياء الروح .عند بداية تشكيل هذا الكورس الحكمة أن ترشدني إلى مصادر المعرفة التي أحتاجها ،لتتركب صورة طلبت من ِ الكورس مع بعضها كاملة ،هذا مع المالحظة أن هذا الكورس أتاني من إرشاد الروح ،وليس اختياري التحليلي. بعدها بفترة كنت أنتظر في المطار في لندن ،وفي جانبي كانت تقف فتاة ،فتفعَّل صة ،وبمزيج من الصوت واألحاسيس حدسي فورا حينها ،وأرشدني بطريقته الخا ّ إلى أن أذهب ،وأتكلّم معها ،وكما اعتاد حدسي مني ،فلبّيْتُ ،وذهبت إلى الفتاة، ي التكلّم معك».وقلت لها« :سيبدو ما أقول غريبا ِجدًّا ،ولكن لسبب ما أحس بأني عل َّ مدربة روحيّة ،فتكلّمنا مع بعضنا حوالي ربع الساعة ،ثم للمفاجأة اتّضح أن الفتاة ّ ولسبب ما ،بدأت هي بالتكلّم عن أحد المعلمين الذين تعلمت منهم ،فأخذت هذا كعالمة ،وأخذت اسمه فورا ،وذهبت للبيت ألبحث عنه. أحسست بأن حدسي قادني للفتاة ألجد هذا المعلم ،ومن دون أية معرفة عنه ،وعن أسلوبه ،فس ّجلت في الكورس الذي كان سيعطيه بعد أسبوعين .عندما ذهبت إلى الكورس ،تبين لي لماذا قادني حدسي هناك ،فهذا المعلم لديه معرفة فريدة ،احتجتها بشدة للكورس .هذا النوع من السِحر واألعاجيب ،هو ما يحصل عندما تسمع لحكمتك ،وتنفذ ما تقول ،وتذكر الشرط الثاني ،وهواألهم ،التنفيذ؛ ألنّه إن استمعت ِ الحكمه ولم تتبعه ،ستتالشى تدريجيًّا حساسيتك له؛ ألنّك لم تثق به. لصوت ِ الحكمة أووقد تفكر بنَ ْفسِك اآلن ،ولكن إيهاب صدّقني إني استمعت إلى صوت ِ حدسي من قبل ،ومشيت خلفه ،ولكنّه قادني إلى أسوأ األماكن! نعم ،قد يأخذك حدسك إلى أماكن قد تظهر على السطح بأنّها «سيئة» ،ولكن في حقيقة الموضوع غير ذلك. تذكر أن الحدس يلعب لعبة كبيرة ،وله قدرة خارقة على االتصال بمعطيات فكريّة كثيرة ،تتعدّى سعة الجزء التحليلي المقيّد بحدود الزمان والمكان ،فالحدس هو المرشد الحكيم الذي يأخذك دائما وأبدا إلى أبسط وأسرع الطرق ،وهذا قد ال يتوازى مع مفهومنا السطحي عن البساطة والسرعة ،فقد يأخذك حدسك مباشرة إلى األماكن التي تحتاج فيها للشفاء العاطفي ب ِشدّة لتحقيق هدفك. مثال عندما تضع هدفا واضحا أمامك -هدفا يعبر عن قلبك -فالحدس سيكشف لك ك ّل المقاومات ،والجروح العاطفيّة التي تمنعك من تحقيقه ،ليجري الشفاء هناك، وتحصل النهضة السريعة نحو الهدف القلبي .فقد يأخذك حدسك إلى عالقة قد تنتهي في شهر ،ولكنّها ضرورية لتتعلم خبرة معيّنة منها ،وتع ّمق فهمك لذاتك ،إليضاح رغباتك األصليّة ،لتجذب أصدق عالقة في حياتك ،كما حدث معي! أو قد يأخذك حدسك إلى «خسارة» آنية ،لتكشف معتقدا معيّنا ،وتبني سعتك السيكولوجية ،وعمق الشخصيّة الكافي ،لتحتمل ما سيأتيك بعدها في عملك الريادي. مثال في المرة األولى التي و ّجهني حدسي لعمل تدريب جماعي ،كانت النتيجة ت أحدٌ! نجاحا كاسحا ،إلى درجة أنه لم يأ ِ ي باإلحباط ،لم أق ْم ب َمال َم ِة َح ْدسي؛ ألني عرفت ،أن وبالرغم من إحساسي اللحظ ّ َّ هناك لعبة أكبر يلعبها ،فتعاملت مع أحاسيسي بالسماحية ،والتقبّل وال ُحب ،ومن دون لعب دور الضحيّة .عدت بعدها إلى حالة الهدوء ،ونظرت إلى الطريقة التي روجت لها للحدث ،وتعلمت الدروس وعدلتها ،ثم قمت بتجديد التدريب الجماعي ّ بعدها بأسبوعين ،وعندها أتى حوالي عشرة أشخاص. بسبب هذا الحادث بالضبط ،تعلمت كيف أفصل قيمتي عن عدد الناس الحاضرين، وتعلمت أهمية اإلصرار ،وأهمية التعلم السريع للدروس المستفادة ،والتقييم، والتعديل ،وطبعا األهمية الكبيرة للتسويق ،والتي هي من دون شك أهم خصال النجاح المستدام. لذا ثق بحدسك ،وخصص الوقت الكافي لالستماع له ،والسمع ليس محصورا على حاسة «السمع» ،فقد يقودك حدسك باإلحساس ،أو الرؤى الذهنيّة ،أو الومضات الفكريّة الجديدة ،أو العالمات ،أو غيرها من الحواس الروحيّة الخفيّة .ويبقى السكون هو الجهاز المكبر لنداء الحدس ،فكلّما زاد اتصالك بالسكون الداخلي، قوتك الحدسيّة ،ومعه قدرتك على االنصياع خلف ندائه ،ذلك النداء الذي ارتقت ّ يغرد في نفسك إلى رحلة الغموض. أما وعي القطيع فالغموض له هي كارثة الكوارث ،ومكان يتالعب به صوت الخوف والندم ،ليرجعهم بسرعة خياليّة إلى مسار القطيع ،ثابتين فيها أكثر من األول .فال تكن كالشخص الذي بدأ باالنقياد خلف حدسه المستق ّل ،وعند إصابته بحيرة الغموض ،رجع إلى الخلف ،معتقدا أنه تائه بالطريق الخطأ ،فرحلة األصالة هي ليست رحلة معروفة المعالم مسبقا -وإن كانت كذلك -فهي ليست رحلتك صة! فك ّل خطوة باتّجاه رحلتك الخاصة ،هي خطوة لقلب الغموض ،تتب َّخر فيها الخا ّ القوانين الفكريّة المعتادة من ذهنك ،لتتيح المساحة للتجديد ،وفي هذه المنطقة بالمنتصف تتجلَّى حيرة الغموض. َج الحياة، فاستمتع بالغموض كعالمة على التجديد ،وعاملها كفضول األطفال في َوه ِ فإن مات الغموض ،مات الطفل فيك ،ومات اإلنسان ،ومات المفكر المستقل ،ومات القائد المستنير. فالقائد المستنير هو ليس العارف لك ّل شيء ،بل على العكس تماما ،هو المستمتع «الحكمة الحقيقيّة أن ِ بغموض الحياة ،والمستمتع بعدم المعرفة؛ ولذلك قال سقراط: تعرف أنّك ال تعرف شيئا» ،فالقائد الحق ال يخشى الغموض؛ ألن إيمانه متجذّر بمكان أثبت ،من الحاجة المرضية لمعرفة تفاصيل الطريق قبل السير فيه ،أو حتى ضمان النتائج .فإيمان القائد متجذّر في المغامرة ذاتها ،وهي المغامرة التي ينادي لها صوت الخلود. صوت الخلود هو الصوت الذي يهامس القائد بإغرائه الصامت ،مناديا خاليا جسده إلى مغامرته األسطورية ،وفيه رسالته الوجودية .في غموض هذا الصوت يتجلَّى الال منتهية ،وبهذا إحساس غير منت ٍه من الال منتهي ،وأسرارها ّ عمق الحياة ّ إحساس الدهشة الكونيّة ،وليس كما ُخيّل لنا َ الفضول .في نقاء هذا الفضول ،تجد سرنا الصغير. بفرصة للهروبْ ، وجلد الذات ،وهذا ُّ الغموض هو صدر الدهشة الكونيّة ،وليس كما ُخيّل لنا كفرصة للهروبْ ، وجلد الذات. تخف من أن تسلك خفايا الصوت الغامض ،فلسبب ما هو سيد العارفين ،هو ْ فال الصوت الذي يغني برقة ،وتواضع في سكون ذاتك ،مشعال في همساته الصامتة سك .هو ذلك الصوت نيران قلبك البيضاء ،ليطهر ذهنك من شوائب الزيف عن نَ ْف َ الذي يغني للمجهول ،وفي رنينه أغنيَّته الوجودية ،فأنصت لصوته ،أو كما قالها لنا الشاعر الصوفي العاشق جالل الدين الرومي»:أنصت إلى الناي يحكي حكايته»، صها ،وفي أنين ندائه رسالتك القلبيّة. فنغم الناي له روايته الخاصة ليق ّ يتجزأ من اكمال مسيرة القائد فيك ،وتعبيره الفريد، َّ الرسالة القلبيّة هي جزء ال فكيف تحقق شهوة القائد الذي بداخلك ،إن لم تحقق رسالته الفريدة؟ فالرسالة للقائد، هي تلك المغامرة المجهولة ،والطريق التي لم تَدُ ْسهُ قدم من قبله ،فحرمتها مصونة من صون أصالتك. الرسالة هي التي تضيف لتعبيرك الفريد فرادة ،وتضيف الرتكازك ارتكازا أعمق، ّ المعزز بأحادية المسعى. فال يكون تعبيرك المميز بالعشوائي أو المبعثر ،بل التعبير ليتحول َّ آخر لألصالة ،يمتزج فيه تعبيرك الفريد برسالتك الفريده، هنا يَ ْس َ ط ُع بعدٌ ُ هذا التعبير إلى شك ٍل من المه ّمة. في هذا الطريق ترقص الذات بعيدا عن وعي القطيع ،وتتسامى عن لعنة التقليد، لتتتحول إلى الخادم األصيل لقلب رسالتك ،وهنا يرتقي مفهوم االستمتاع ،من َّ االستمتاع بالنتائج فقط ،إلى االستمتاع بالرحلة ذاتها .فهذه الرحلة ليست كباقي الرحالت ،والتي يهيمن عليها مفهوم النهايات ،فالرسالة القلبيّة تعمل على مستوى تتموج في روح الخلود ،فهذه الرحلة هي يترفَّع عن مستوى البداية والنهاية؛ ألنّها ّ محفّز خالد للخيال والعطاء ،واإللهام. في األساطير ،عندما كان يذهب الفارس للبحث عن الخلود ،بالبحث عن «إكسير الحياة» ،كان يدرك في بنهاية البحث ،أنه مشى هذا الطريق ليكتشف ذاته ،وأن إكسيرالحياة ليست قارورة دواء ِسحريّة ،تحول الفاني إلى الخالد ،بل هو التذكار لما كان في عمقه ،ما كان خالدا في ذاته .وعند هذا االكتشاف ،تتولد رغبة جديدة في قلب الفارس ،للعودة والتذكير والعطاء ،فالفارس انتشى هنا بأن يكون خادما ُعري نفسه من جراثيم للحياة وروحها الواحدة ،خادما للم ُحبوبة ،فترى الفارس ي ّ الزيف ،والتقبّل الخارجي ،ليلعب بصدق دور المذكر للناس .المذكر لما كان أصيال فيهم ،وقد نسوه آو تناسوه. ولكن ال يعود الفارس هنا للعطاء كما مشى في الرحلة ،في رحلة اإلتيان بإكسير الحياة ،بل عودته مختومة بمعرفة صادقة ،تعلق كالوسام على صدره ،هو وسام ال القوة المختومة يخضع لتهديدات الزمان ،وال يتغيَّر بتغيُّر المناصب ،فهذا وسام ّ بِحبر اكتشاف الذات .هو الوسام الذي ناله الفارس لقاء شجاعته ،الشجاعة التي روضت تنين الخوف ،ليغدو هزيال ،وترى ناره وأالعيبه القديمة قد فقدت وهجها، َّ فوسام اكتشاف الذات ،هو وسام الفارس الذي سلم نفسه لرسالة وجودية تتملكه، لتفرغ عصارتها من خالله ،فتصبح الرسالة هي الفارس ،والمحرك ،والقائد، والمعلم. وإن بدا هذا الفارس بالرمز األسطوري ،فتذكر أنه أنت ،وهو القائد الذي يعيش في صلبك ،أما الرسالة التي يحملها ،فهي رسالتك القلبيّة التي تحول التعبير عن الذات ،إلى التعبير األسمى عن الذات .فقد ارتقى التعبير هنا من المتعة اللحظية في السريان ،إلى سبب راسخ ،وواضح العيان ،وال نعني السبب هنا بالهدف السطحي الذي تجري لتحقّقه وينتهي ،بل نتكلّم عن السبب الوجودي المستدام ،والقابع تحت ك ّل األهداف. الرسالة هي الطريق التي اخترتها قبل الوالدة ،وكأن فيها شهوة الروح األصليّة الال منتهي ،بهدف رفعة اإلنسانيّة ،والخليقة عامة .فهذا الطريق هو لتسلك مسلك ّ ويحررك من قيدك ،هو الذي يؤلمك ويطهرك من ألمك ،وهو نفس ّ الذي يقيدك، الطريق الذي يعريك برحمة ال ُحب .فهو الطريق الذي اخترت أن تسلك قبل أن تعرف أنّك سلكت ،ومشيت في أسفاره قبل أن تعي أنّك مشيت. وبالرغم من جمال هذه التعابير الشعرية ،وكثرة الرموز المحمولة في باطنها ،فإنها قد ال تحاكي العمليّة التي فيك مباشرة ،فالرسالة ،أو رحلة الفارس ،كلّها تعابير تسللت من عالم األساطير للواقعية ،لتصف لك ،أن النبض الذي يدفعك ْ مختلفة، باتّجاه معيّن ،وهو ليس باالتّجاه العشوائي ،بل هو حدسك المرشد إلى رسالتك إلى التعبير األسمى عن الذات .وهذا النبض ،ما هو ّإال «شغفك» كما يس ّميه العامة. ففي مسيرتك باتّجاه شغفك ،أنت ال تمشي للخارج ،وإن بدا األمر كذلك ،فما قد تكشيف لمعدنك األصيل .فك ّل خطوة باتجاه طريق ٌ يُخيَّل لك بالسعي الخارجي ،هو الشغف ،هي اكتشاف أعمق لذاتك ،ومواجهة صادقة أكثر مع تنين الخوف ،الذي يحرس طريق الشغف .بهذه المواجهة واالنتصار المستمر ،سترتقي شجاعتك، ووعيك لمراحل أعلى ،لتقترن أكثر بسببك الوجودي ،الذي كان ،وال يزال يحرك ك ّل مساعيك ،وإلهاماتها .وكأنه بالحركة باتجاه الشغف ،تبدأ حشوتك الداخليّة باالنزالق من عمق الزجاجة ،لتوضح أن ك ّل دوافعك ،وهداياك الداخليّة ،وحتى «خبرة» ماضيك ،سخرت في اتجاه واحد ،لتحرير رسالتك المحورية من باطنك إلى يقينك. وفي اختيارك لالنصياع لهذا الطريق ،سترى قوى الكون النورانية تعمل بجانبك، وسترى الكثير من المعلمين ،والمالئكة ،والمرشدين األسطوريين ،الذين تعرفهم أو «نسيتهم» على مستوى الروح ،واألرض ينجذبون للعمل معك .وكيف ال؟ وأنت أصبحت أداة للرفعة والتأثير الجميل ،أداة خادمة لرسالة فريدة. تذكر أن نظام الحياة قد ُهندِس لكشف الرسالة التي ترتسم في دواخلك ،وفيها دافعك الوجودي األصيل ،الرسالة التي أغوت روحك المحلقة لتتجسد في تجربة الجسد ي باتّجاه الشغف الذي ض ّالفيزيائية .وك ّل ما عليك فعله لكشف هذه الرسالة ،هو ال ُم ِ سه بقلبك اآلن ،فالشغف هو الخبز الذي ترميه يد الرسالة على طريق رحلتك، تح ُّ سرنا الصغير.لترشدك إلى الخطوة التي بعدها ،وهذا ّ طريق الرسالة هو نفسه طريق الشغف. بأال تسعى إلى إيضاح رسالتك بالسؤال التقليدي: لذلك سأنصحك هنا من ك ّل قلبي ّ سيْر خلف شغفك ،مع التأ ّمل ما هي رسالتي؟ بل بااللتزام بما أوضحنا ،وهو ال َّ المحركة خلف هذا الشغف .وال تفسر القول ،بإهمال التأ ّمل في ِّ صبور في دوافعك ال ّ األولَ ِويّة في حياتك ،ولكن إن فقد ماهية رسالتك ،فهذا تأ ّمل عظيم ،وعليه أن يأخذ ْ سيتحول إلى صداع فكري! ّ هذا التأ ّمل العمل التقديمي نحو الشغف، فالرسالة ليست بجملة ِسحريّة تنزل عليك ،فتح ّ ِول حياتك إلى جنة الوضوح، وتطهر قلبك بالبرائة ،من زيف البحث الخارجي عن الذات .ولكن اكتشاف الرسالة، تأتي من خالل عمليّة تكشيف مستمر أللغاز رحلتك الخاصة ،والتع ّمق الدائم في أركان دوافعك الذهنية ،والعاطفية ،والروحية ،وهي عمليّة قد تأخذ سنين ،بل ستأخذ سنين .نقول سنين ،ليس إلحباطك ،وإنّما لتسترخي لجمال الرحلة وغموضها، وكأنّك بك ّل خطوة في مسيرة شغفك ،وفي كل تع ّمق في ذاتك تكشف لك الرسالة ضلعا من ضلوعها. فال تضي ّْع وقتك ،وطاقتك في «البحث الذهني» عن الرسالة ،ولكن ابدأ الرحلة اآلن بالسعي خلف شغفك. وقد يُخيَّل لك اآلن ،لكن لماذا ك ّل هذا التعقيد؟ ولماذا ال نعرف رسالتنا منذ البداية وتنتهي المسألة؟ وقد يبدو على هذا السؤال وصمة المنطقية ،ولكن تذكر أن جزءا من لعبة الحياة الروحيّة على األرض هو «نسيان ذاكرة الروح» ،وسبب قدومها ي في المجهول، ض ّ الحكمة العليا ،لصقل شجاعتك بال ُم ِ هنا ،وفي هذا شي ٌء من ِ سعي في اتّجاه المغامرة. والتعلم غير التقليدي ،لتقديس فضولك لل ّ وكأن الحياة تقول لك بأنين الناي :إن أردت اكتشاف أحضاني ،فأيقظ شجاعتك َّ لتمشي بطريق الشغف ،وإن أردت معرفة أسراري ،فأيقظ في ِس ِ ّرك االلتزام ال ُح ّر ي بنداء القلب .فروحك ال ترضى أن تكشف أسبابها ،حتى تستوي في ض ّ لل ُم ِ لقوة التزامك .وإن فعلت من دون تحليالت زائدة، شجاعتك ،وتظهر النيَّة الصادقه ّ ستكتشف عمقا جديدا من العطاء واإلخالص ..عمقا يتعدّى مستوى النجاحات، والطموح الشخصيّة ،لتالمس فيه روحا جديدة من المجد والبساطة ،أو باألحرى هي كانت دائمة البساطة ،وأنت أدركت هذا اآلن. وهذا ال يعني بالضرورة أن تترك ك ّل شيء في حياتك ،من عملك الحالي ،وعالقاتك بحكمة ،وبإبقاء األمور كما هي ،مع وغيرها ،لتمشي وراء شغفك ،ولكن ق ْم بذلك ِ ي بتيّاره ،سيقوم الشغف ض ّفتح مساحة صغيرة لطريق الشغف في حياتك .وعند ال ُم ِ بتوسعة هذا الطريق بنفسه ،ورمي األثقال التي تحيِّده عندك. ولكن قد يخطر لك اآلن ،أني ال أعرف حتى ما هو شغفي ،فكيف أمشي في طريقه! هذا هو حوارنا القادم ،وإليضاح شغفك ،سنطلق على كلمة الشغف هنا وبلغة «كن أنت» :النبض االبتكاري .ففي هذا المفهوم شك ٌل أكثر من العمليّة ،لتحقيق هذا المسعى الوجودي. للتذكير: ي من وعي القطيع إلى وعي الذات. حرر التدريج ّ * والدة القائد تتطلّب الت ّ ّ * أسرع وأسلس طريقة للتح ُّرر من النّظم االجتماعية هي عن طريق تقبُّل الذات. قادر على التالعب بكافة األفكار كاحتماليّات فكريّة في فضائها، * القائد المستنير ٌ ومن دون التعلق بها. ّ الحق. * الحدس هو مفتاح القوة ،واألساس للقائد شغف.* طريق الرسالة هو طريق ال َّ أسئلة للتفكر: هل توقن بأن في داخلك قائدا؟ إذا كان الجواب ال ،ف ِل َم ال؟ ماذ يقول لك حدسك ،وتخاف أن تسمعه؟ ماذا سيتغير في حياتك إن التزمت في صوت الحدس؟ إن أردت السعي اآلن فيما يلهمك ،فمن أين ستبدأ؟ النبضُاالبتكاريُ ّ سك، ي ،هو ذلك الطريق الذي يميل له قلبك ،وتتّقد بصحبته حوا ُّ النبض االبتكار ّ وابتكاراتك ،وخياالتك .هو حلم الروح المستور ،والذي تمتزج فيه شواطئ أيامك ببحار األحالم ،ليتحول وجودك إلى حكاية حلم .في أحضان هذا الحلم ال ُمقدّس ،تفتح البصيرة نوافذها ألنوار معارف جديدة ،أو باألحرى ،معارف من قِدَ ِم الزمان ّ مخزنة في روحك ،وفي باطن األرض ،ووهج النجوم .معارف وإدراكات ،غير متاحة للشخص الذي لم يالمس طاقة الحلم. ي ،وحتى حتما قد عشت هذه الحالة من قبل ،عندما سلّمت الدفّة لنبضك االبتكار ّ المرة األخيرة التي ألهمت بفقرة شعرية وكتبتها ،أو لو كانت لوقت قلي ٍل ،فهل ت َ ْذ ُكر ّ ي عن مادّة أنت شغوف بها ،وشاركتها ،ألم لوحة فنية ورسمتها ،أو مقطع تعليم ّ تحس في هذه اللحظات بأن الحياة بدأت تُشبه الحلم؟ ألم توقن كيف تملّكتك طاقةُ ّ الحلم كالحبيب الغامض ،الذي تسلّل إلى قيود قلبك بخلسة ،لفك كوداته السرية؟ ولكن يبقى السؤال ،هل هذه حالة آنيَّة ،وتنتهي؟ أم تستطيع أن تعيش حياتك بهذا ي،الشكل؟ يعني هل تستطيع أن تُسلّم حياتك كاملة وبكل تفاصيلها ،لنبضك االبتكار ّ ليأخذك إلى رحلته المتجدّدة من االبتكارات الدائمة؟ ي على مدار الحياة ،خاليا من إن كان جوابك ال ،وبدا سعيك مع نبضك االبتكار ّ ي منك ،تأ ّكد بك ّل أقسام الكون الممكنة، المنطق والعقالنيَّة ،وخصوصا للجزء التحليل ّ ي هو ليس فقط بالمتاح ،وإنما هو أن طريق النبض االبتكار ّ وعهود الحياة كافّةّ ، طريق التعقّل األصيل ،هو طريق الرشد .فميل قلبك باتّجاه معيّن لم يكن بالصدفة، ي فيه ،هو الموافقة الكاملة ض ّفهذا الميل ُو ِلدَ من أعماق روحك ،وموافقتك على ال ُم ِ على تقبّل إرشاد الروح ،وطريقها. ولتسترحْ نفسك بالطمأنينَة ،فإن هذا الطريق ليس بالغريب عليك ،وإن بدا أنه يأخذك بعيدا عن ذاتك ،فهو سيقربها معك إلى َحدّ االتحاد ،فال تضيِ ّْع نشوة االتحاد الخالد ،للمنطق الرخيص ،الذي ال يعي قوانين الحياة األساسيّة .فهذا المنطق إن َصفُهُ باألخرق؛ وصف بشيء فَ ُج ُّل ما يقال عليه ،باألخرق ،والمشبع باألنانيَّة ،ون ِ ألنّه ال يدري ماهيّة االنجذابات القلبيّة ،ومنطقها الروحي الحكيم. تروضها ،وإنّما اللغةفانجذاب القلب باتجاه معين ،هو ليس بالنزوة التي عليك أن ّ التي يتحدثها معك قلبك في طريق الرسالة ،فهل هناك من مجيب؟ «مرة ّ ي في هذا الطريق؟ واإلجابة ض ّ تظن أنه الحائل بينك وبين ال ُم ِ ّ وما الذي أخرى» :نظام الخوف ،ذلك النظام الذي إن بدا عليها الرحمة ،فهو خ ََال من الرحمة، ،واستشرى فيه ك ّل أنواع الطغيان .ذلك النظام الذي يحاول سلبك رسالتك األصيلة صة فقط ،فتراه يرمي بك ّل األسباب التي قد تبدو بالمنطقيّة؛ لكي ال تسلك لراحته الخا ّ ألن رحلة العبور فيه تبدو بالوعرة ،وفيها البعد عن ي؛ ّ طريق النبض االبتكار ّ منزلك المريح. سحْ ب والئك منه ،والتخفيف أن ال َح ّل مع نظام الخوف ليس بمحاربته ،بل ِب َ وتذكر ّ من اإلنصات له ،فهذا الصوت الخائف سيبقى يُجعجع ،ويجعجع ،ويتعالى بالصراخ ،وخصوصا عند البعد عن منطقة الراحة المعتادة ،فهو الضعيف الخائف، ولكنّه لن يعلو عن َم ْي ِل قلبك العجيب. فقل نعم لهذا الميل ،وابدأ بالتدرب على السريان خلفه اآلن .وعند أخذك القرار المتكرر لالنسياب مع تيّاره ،من دون أسباب واضحة ،أو منطقيّة ،ستفتح لك الخطوة ّ ي ،هو كإعطاء الضوء صة ،فانسيابك وراء نبضك االبتكار ّ القادمة في رحلتك الخا ّ األخضر للكون لفتح المرحلة القادمة من لعبتك الروحيّة ،فامضي اآلن مع تيارك. ومهما كان العائق الفكري الذي تواجهه من ليس لدي المهارة ،المال ،أو الوقت، أو مهما كان السبب ،أس ِْر معه اآلن ،ومن دون االنتظار أن تكون جاهزا. فال تظن واهما أنه يجب أن تكون جاهزا لتنساب مع انسياب قلبك ،فالجهوزيّة ما صها شفاة الخوف عليك قبل النوم ،فَدَعِ الشفاه المهترئة صة أخرى ،تق ّ هي ّإال ق ّ امض وراءه ألنّه رسالتك ،ومصيرك، ِ ي اآلن.وامض مع نبضك االبتكار ّ ِ تُ ْ ثرثِر، ومهمتك. ي خطوة واحدة مع ذلك الذي يميل له قلبك ،األمر بهذه ض ّفم ّهمتك تتجلّى بال ُم ِ البساطة. صته لتيّارك يتحول االنقياد مع هذا الميل ألسلوب حياة ،وتصبح األذن المتن ّ ّ وعندما القلبي ،سترى بنفسك إن ك ّل التهديدات « المنطقيّة» التي تلقّيتها من نظام الخوف، ما كانت ّإال تحذيرات واهمة ،وخلفها تقبع قدرتك الحدسيّة الكاملة على اشتمام طريق اإللهام ،وانجذابات القلب الصادقة. طأطأ الرأس على اقتراحات صوت فهنا تقف على مفترق الخيار ،أن توافق ُم ِ المكرر ،أو ترضخ ألنبل القوى التي فيك ،وتمشي بطريق ّ الخوف ،لتعيد القديم القلب؟ وبرضوخك البطولي لميل القلب ،تتجلّى أ ْس َمى درجات السيادة على نفسك، وغير ذلك ستكون كحال العبد الذي استعبدَته لنفسك «بمنطق» الخوف األعمى، سرنا الصغير. وهذا ّ السيّد هو من استسلم لطريق القلب ،والعبد هو من استعبدَتْه نفسه بمنطق الخوف األعمى. فكما ترى هنا إن ك ّل أجزاء الكتاب ،تغريك باتّجاه واحد ،هو اتّجاه النبض ي ،أو ميل القلب ،أو الشغف ورحلته الفريدة .فك ّل ما ذُكر عن احترافية االبتكار ّ ي ،والقوانين المحركة ،والغوص في كودات الذات ،والشفاء العاطف ّ ِّ الذهن ،وأنظمته ي. الكونيّة ،هي برزت لتعمل كرديفٍ لك ،في سعيك الصادق مع نبضك االبتكار ّ وكيف لن َيستن ِفر الكتاب طاقاته الصاعقة إلغوائك إلى هذا الطريق ،وهو على يروج لها يقين كام ٍل ،إنه طريق السعادة ال ُمطلقة .وال نتحدّث هنا عن السعادة التي ّ ٍ اإلعالم ،بنوعٍ من االبتسامات البالستيكيّة ،وأحاسيس اإلثارة المفبركة طول الوقت. إنّما هي سعادة ٌ أنقى ،سعادة ٌ أنبل ،سعادة ٌ متجذّرة ،وال تتغير مع تغيّر ظروف الزمان ،أو حاالتك الذهنيَّة؛ ألنّها سعادة ُمنبثقة من صدق الذات ،وصدق النيَّة، ي.وصدق ال َمسْعى ،وفي جوهر هذا ال َمسْعى يتجلّى نبضك االبتكار ّ ليس هذا فحسب ،وإنّما في هذا ال َمسْعى ،تتَّسم أشكال الثراء المستدام بك ّل أشكالها، والسر ،بكلمة «المستدام» ،فالكثيرون انهالت عليهم الثروات الماديّة ،ولكن لبُعدهم الداخلي عن طاقة الثراء الحقّه ،لم يكونوا قادرين على استدامتها .ونرى هذا جليًّا باألبحاث التي نُشرت عن األشخاص الذين ربحوا اليانصيب ،وتحديدا األعلى من مليون دوالر ،فالغالبيّة العظمى منهم بدّدوا هذه الثروات في أق ّل من ٣سنين؛ ألنّها أن الكثيرين دبّت فيهم المصيبة ي ،وحتى ّلم تتالءم مع مستوى نضوجهم السيكولوج ّ صاحبها ،لركاكة القاعدة؟ ِ وراء األخرى ،أَت َرى كيف أصبحت الثروة كعبءٍ على هذا بدل أن تقوم الثروة بواجبها الرئيسي كخادم ودود لرسالتك ،بتسريع دائرة التأثير ،والفاعليّة. ألن فيها نيَّة مختلفة تماما ،ال ي فقاعدتك أرسخ؛ ّ عند السعي مع نبضك االبتكار ّ سيحولّ ي ،الذي يناشد فيه المرء نتائج لحظيّة ،وال يحلم بصندوق الذهب الخشب ّ تعاسته إلى سعادة بلحظة ،وإنّما هي طريق النضوج المتجدّد مع ذاتك ،وتحدّيات الحياة .في هذا المسلك تتجلّى االستدامة ،بأحلى صورها ،فطريق الثراء المستدام، بر ِويَّة مع ال ُمعطيات التي ي ،والنضوج َ هو طريق السعي في نبضك االبتكار ّ ستواجهها في ك ّل مرحلة من اللعبة الروحيّة. قوة ٌ تسعى للتعبير من قوة ابتكارية خالدة ،وفيها ّ هناك في أعماق صدرك ،تقبع ّ تتموج خاللك ،وتسعى ألن تُجنّدك لقادة الحياة الصادقين ،في عصارة هذه ّ القوة ّ شهوة التكوين ،وفي جوهر هذه الشهوة نداء «كن أنت» ،فهل ستلبّي؟ وإن رفضت أو تململت عن هذا النبض الساهر -وهو أيضا خيار -فالنتيجة هي االنكماش، االنكماش التدريجي حتّى تصغر طاقيًّا أكثر وأكثر ،إلى َح ِدّ النملة ،بل إلى َح ِدّ الخفاء. وال نتكلّم عن االختفاء السحري الممتع بغطاء هاري بوتر ،بل هو الخوف من تعرية ذاتك ،ومكنوناتها .وفي هذا الخوف ،انكماش عن عظمتك األصيلة ،وطريقها األصيل ،االنكماش عن إظهار بريقك ،بالطلب الجاهل لألمان الخارجي ،وهذا اآلخر هو وهم أيضا. أن لديها َميْال للمشاركة مرة ،اكتشفنا َّ أدرب سيدة ّ فعلى سبيل المثال عندما كنت ّ عن العالقات اإلنسانيّة ،وعندها سألتها»:ما هي الطريقة المثلى لتبدئي التعبير عن نفسك هناك ،وتشاركي مواد هادفة باتّجاه هذا الميل؟» بدأت النظر إلى أعلى، تحول هذا الشغف البريء ،إلى والتفكير بتحليل أكثر ،وبدأتُ أالحظ حينها كيف ّ تحلي ٍل معقّد ،وكأنّها تنحاز من َم ْي ِل القلب إلى رأسها ،فأوق ْفتُها ،وقلت « :ال أريدك ْطني حولين هذا الميل ،إلى رؤية واضحة المعالم اآلن ،بل أع ِ أن تفكري كيف ست ُ ّ خطوة واحدة لتمشي مع هذا الميل» ،فقالت :أريد أن أشارك «كذا وكذا» بفيديو، فحدّدنا الوقت لمشاركة الفيديو. أتى األسبوع الذي بعده ،ولم تقم السيّدة بمشاركة الفيديو كما اتفقنا ،وعندما سألتها لماذا؟ قالت لي :إنها عندما قامت عن الكرسي لتقوم بالتصوير ،سمعت صوتا يقول ص هذا بمنطقيّة كاملة ،ثم سألتُها وبك ّل هدوء« :هل لها اجلسي ،فجلست ،وكانت تقُ ّ الحكمة الذي يرشدك إلى طريق الرسالة؟ « الصوت الذي سمعته حينها هو صوت ِ فتململت للحظة ،وقالت« :ال أظن» ،فأصررتُ على أن تجيب ،بنعم أو ال؟ فقالت: ْ «ال». ت تروينها لي ،بأنّك تريدين أن ثم قمت بسؤالها« :هل تذكرين األحالم التي كن ِ تكوني ُمل ِهمة للسيدات» ،قالت «نعم» ،فقلت« :هنا يتجلّى ّأول ت َ َح ٍدّ ،لتحويل طاقة الحلم إلى أرض الفيزيائيّة ،وهنا يتجلّى الخيار لالنسياب بتيار القلب ،أو تيار الخوف؟ فماذا اخترت؟»هنا جلست السيدة في صمت لبرهة ،وقالت»:الخوف»، ت للخوف لحظتها ،وبصدق؟ قالت: ت عندما أنص ّ ِسألتها حينها« :وماذا أحسس ِ ت في نهاية اليوم ،هل بالتمكين ،أم «بالراحة» ،ثم أكملت« :ماذا أحسس ِ لتحس بما يدور في جسدها، ّ لثوان أخرى، ٍ باالنكماش؟» فصمتت وقالت»:االنكماش». هنا يتجلَّى خيار الرسالة ،إ ّما بأخذك الفعل الذي يأخذك إلى التمكين أو االنكماش، حتى إن كان خارج دائرة المريح والمعتاد .هذا طبعا ال يعني الصراع مع الحياة ولين، ٍ بالعزيمة ال ُم ْف ِرطة ،فنحن بالكثير من األحيان نحتاج للتعامل مع المقاومة ٍّ بفن والتي قد تكون على شكل تمكين تدريجي للنفس ،أو تغيير المعتقدات من العقل ي عميق ،للتخفيف من رعب نظام الباطن وأسالبيه كثيرة ،أوعمليّة شفاء عاطف ّ ب ،أو شافٍ لتطهير مدر ٍ الخوف ،وتيسير الخيار باتّجاه القلب ،أو قد نحتاج لتعيين ّ المكرر .لكن هذا ال يطغى على ّ األفكار ال ُمعرقِلة من العقل الباطن ،وشحن الدعم المبدأ األساسي وهو :أن خيار االنسياب مع القلب يقودك للتمكين ،أ ّما خيار الخوف فيقودك لالنكماش ،وإن كان فيه راحة لحظيّة. ي. خيار القلب يقودك للتمكين ،وخيار الخوف يقودك لالنكماش الطاق ّ ت بالفرق ،وبذلك س ْ تقلق على السيدة؛ ألنّها عادت وأخذت قرار القلب ،وأح َّ وال ْ تحررت أكثر ،وأكثر من سجن الخوف ،إلى نبض الحياة الساهر. القرار التقدُّمي ّ في مسيرة النبض االبتكاري سترى الحدود تنهار بين عالم الخيال والواقع ، ،حتى يمزج الحلم بين الخيال والواقع ،فيصبح خيالك وواقعك واحدا ،أو كما وصفه ب ِدقَّة صة، ي «وليام بليك « :»William Blakeالخيال ليس حالة خا ّ الشاعر الروح ّ قوة رهيبة ،وليونة رهيبة، تتحرر منك ّ ّ إن ّما هو واقعك اإلنساني ذاته».في هذا المزج وتحول فيزيائيّة الحياة ّ تحول جمود الواقع إلى هيام االحتماليات ّ الال محدودة، ّ الص ّماء ،إلى خارطة كونيّة ال محدودة ،فترى من داخل ذاتك القارات ،والكواكب، والنجوم ،والحضارات الكونيّة كافّة. هذا النبض الساهر هو نفسه ،جنيَّة الروح التي تالمس قلبك بحنان في بعض ب تتحول إلى المارد الحازم ،لتلطمها بشدّة في أحيان أخرى .فاس َع بقل ِ ّ األحيان ،أو الحثيث الثائر أن تكون ال ُمعبِّر عن جنيَّة الروح ،وعندها سيدبّ في أعضائك مستوى جديد من الشغف ،شغف يتعالى عن أحاسيس اإلثارة التي تسطع وتزول ،إلى شغف ي. أصيل يولد من بوتقة التعبير الخالص ،من بوتقة نبضك االبتكار ّ ي فريد ،وله بوتقته الفريدة ومرشدها الفريد ،الذي ينقر على كتفيك فنبضك االبتكار ّ لالتّجاه األبسط ،اتجاه الصراط المستقيم .هو نفسه الحدس في باطنك ،الذي ينادي ت خافتٍ ،ليستميل قلبك ،لتكن أنت ،وفي بساطة «كن أنت» تتراقص أجمل بصو ٍ تعابير الصدق والجمال والعبقريّة .هي البساطة الوالدة لك ّل التعقيدات ،والمعادالت، والفلسفات ،واألنظمة الفكريّة جميعها .هي البساطة التي يسطع منها أشكال التكوين كافّة ،هي بساطة التعبير األعظم عن الذات. مرةفــــأول ّ ّ ي، أنا اذكر تماما ،كيف بدأتُ السعي الكامل ،باتّجاه نبضي االبتكار ّ حضـــرتُ فيديو عن تطـــوير الذات ،لشخــص اسمـه «نواه هاموند ،« Noah Hammondأحسست حينها بمي ٍل غريب في قلبي ،ميل فيه نوع من اإلدمان .فكنتُ أرجع من العمل ألركض الهثا إلى غرفتي ،وأغلق الباب ،وأقفز مرة كنت أراه يتحدّث ،كان على التخت ،وأفتح الالبتوب ألنصت لما يقول ،وك ّل ّ يتفعّل خيالي تلقائيًّا ألرى نفسي أفعل نفس الشيء. كنت أتخيّل أني أتحدث أمام الكاميرا ،ألُع ِبّر ع َّما يدور في خفايا قلبي عن األمل أدر ما المحتوى الذي سأشاركه .كنت أقضي الساعات والتطوير ،وحتى إن لم ِ والساعات وأنا أتخيّل نفسي أفعل ذلك ،ولم يكن هذا الخيال محصورا على حاالت الخيال التأ ّملية ،بل كان يصاحبني في طريقي للعمل ،والمأكل ،ومع األصدقاء. صص في التحدّث العلني ،أو التدريب لم أ ْد ِر وقتها أن هناك مهنة محترمة ،تتخ ّ لكن شيئا في صدري كان يدفعني هناك بال أي نوع من المنطق، يّ ، ي والجماع ّالفرد ّ أصر على أخذي إلى ّ أو الخبرة المسبقة في هذا المجال البتّة .إنه شي ٌء في صدري ي المعهود ،فطاوعت هذا النبض ،وليس رحلة المجهول ،بعيدا عن عملي الهندس ّ كنوع المطاوعة الخاملة فقط ،بل بسعي المناضل خلف حريّته ،وسعي صاحب شعر المحترق لنهر الماء أمامه .ولم يخذلني هذا السعي أبدا ،فكما طاوعته، ال َّ طاوعتني الحياة ،وال أعني هنا أنّي لم أواجه التح ِدّيات ،فالتحدّيات تبقى جزءا من لبوابة العالم اآلخر، جمال اللعبة الروحيّة ،ولكن بالمطاوعة ،ف ّككت الكود السري ّ عالم تعالى عن التقليد والنمطيّة ،إلى جنان الحلم الخالد. ي ،ومشاركة أفكاري بك ّل من استوى وبعدها بقرابة سنة من اللحاق بنبضي االبتكار ّ ّمت سيدة عرضا فيهم النضج للسماع وفي أي منصة ،من غرفتي إلى المراكز ،قد ْ تصورني باحترافية ،بعد أن تواجدتُ «بالصدفة» بمحاضرة قدّمتُها بح ّ ٍ ب، ّ لي بأن وشغف عن األداء العالي ،فوافقت فورا .أذكر تلك اللحظة حتى اآلن ،لحظة الدخول إلى االستوديو على سطح العمارة. مشينا سويًّا أنا والسيدة خالل أدراج العمارة وطوابقها ،وقلبي يتراقص من الفرحة، ق على باب االستوديو هناك والنداء ،ليفتح حتى وصلنا السطح ،ومن ث َّم قامت بالدَّ ّ ِ المساعد من الداخل على الفور .ولكني لم أختبر الموقف هكذا ،بل رأيت فتح الباب بالعرض البطيء ،وكأنه يفتح صدره إلى عالم سحري آخر ،ليتوقف معه الزمان من ذهني. بعدها سلَّم علينا المساعد ،وطلب منا الدخول إلى الداخل ،لتسقط عيني مباشرة يوم على الكاميرات واألضواء .بالنسبة لي كان وهج اإلضاءة كوهج الشمس في ٍ دافئ ،هو الصيف الذي يطري بهجة وسرورا إلى النفس ،و ُج ّل ما أقدر أن ٍ ي صيف ٍّ أصف هذا اإلحساس بأني وجدت بيتي حينها .حينها عرفت أن نفس النبض ي الذي جذبني إلى سطح العمارة ،هو أرجعني إلى بيت قلبي ،إلى البيت االبتكار ّ الذي أمتزج فيه الحلم بالحقيقة. ي منذ والدتي، تظن للحظة أني كنت شغوفا ،وساعيا للتعبير عن نبضي االبتكار ّ وال ّ بل على العكس ،وأعني هنا العكس تماما! فقد كنت أستيقظ بمنتصف اليومَّ ،إال إذا ألن عندي محاضرة بالجامعة ،وإن ذهبت هناك ،فإني أركض أجبرت على القيام؛ ّ للخلف ألضمن مكان نومي ،بحيث ال يراني الدكتور ،وبنفس الوقت أستطيع تسجيل حضوري ،وما أكثر الصور التي التقطها أصدقائي ،وأنا نائم في المحاضرات. أن الحماسة ليست من طبيعتي ،ولكني لم أعِ أن الحماس المتجذّر، كنت مقتنعا وقتها ّ ي؛ لذا إذا أنا سعيت مع نبضي س َريان مع نبضك االبتكار ّ هو الطبيعة اإلنسانيّة عن ال َّ ي أيضا. ي ،أنت تستطيع أن تسعى مع نبضك االبتكار ّ االبتكار ّ فواجبك كعاشق لألصالة والحريّة ،واسمح لي بأن أس ّميك كذلك ،أن تسعى مع ي ،أن تسعى مع هذه الطاقة الكونيّة السريعة .وإني أعدك بأنها نبضك االبتكار ّ أن هناك ذكاء كونِيًّا خالدا ،وترتيبا يفوق ستفتح لك أسرار ذاتك ،لتكتشف بنفسكَّ ، سرناتحليلك ،في قلب الطاقة االبتكاريّة ،وقلب الحياة ،وهم واحد ،وهذا ّ الصغير. ي يتجلّى قلب الحياة الواحدة. في قلب النبض االبتكار ّ ي هو أهم مساعي حياتك ،وربّما لذلك ل ّخص لذلك سيبقى َم ْس َعى النبض االبتكار ّ «جوزيف كامبل »Joseph Campbellفلسفته بثالث كلمات إنجليزية بسيطة: لخص ك ّل ما «اتبع بركتك .« Follow your Blissفهو قال لنا « :أستطيع أن أ ُ ِ ّ درسته وأيقنته بجملة واحدة ،اتبع َب َر َكت َك ،وعندما تفعل ذلك سيفتح لك الكون أبوابا في األماكن التي كان فيها حائط فقط» ،وشخصيًّا أرى البركة ،كاسم آخر للنبض ي. االبتكار ّ وال تخطئ البَ َر َكة ،باتجاه الشهوة اللحظيّة ،فشتّان بين االثنين ،وليس ل ْعنُنا بالثانيَّة، فالشهوة اللحظيّة لها مكانها بالحياة أيضا ،والذي يجب أن يُقّدس ويحترم ،ولكنّها ي هو ليس أكل الشكوالته ليست الطريق التي نصفه هنا ،فطريق النبض االبتكار ّ طول اليوم واصفا إيّاها بالبركة! وإنّما طريق الخدمة القلبيّة ،وإن كان فيها تأخير لشهوة النفس لحساب شهوة الروح ،بالعطاء ،وااللتزام ،والصادق. وكما أوضحنا ،يبدأ المسعى بهذا الطريق ،بخطوة واحدة ،فالطريق دائما يتجلّى بالخطوة القادمة ،وغير هذا ستصبح الرؤية التي تدفعك بالثقيلة؛ ألنّها تبدو بعيدة عن نضوجك السيكولوجي اآلن ،وهناك سبب لذلك ،فالرؤية الحقّة تتحداك للنضوج المستمر ،لتكون قادرا على التعبيرالكامل عنها .فتذ ّكر عندما مشيت بهذا االتجاه لم أن هناك شيئا يدعى بالتدريب أو التطوير ،واليوم أصبح مجالي ،بل ش ّكلت أكن أعي َّ مجاال فريدا لنفسي ،وهو رسالة من «كن أنت» ،تمزج فيه حركات التغيير المجتمعية بالوعي والفكر ،والعمل الريادي الصادق .فالحلم أصبح حقيقة ،بخطوة ي ،وما زال هذا الحلم ،وسيبقى في حالة واحدة ك ّل مرة باتّجاه النبض االبتكار ّ ليقص أحالما جديدة على شفاه الواقع. ّ مستمرا، ًّ نضوج ي ،فال أخترع الهدف هكذا أعيش حياتي اآلن ،بالسعي التام وراء النبض االبتكار ّ ي ،وهذا يتطلب خبرة القادم الذي سأنفذه من رأسي ،بل من إلهام النبض االبتكار ّ ي ،والتماشى مع تيّاره .ولتوضيح وتدريبا ،لالستماع إلى تدفّق النبض االبتكار ّ س ّر خلف اسم كورس «القائد المستنير» ،أو أكشف لك ال ِ ّ ْ المقصد دعني درسه ،وهو ّأول كورس في أكاديمية كن أنت « »Enlightened Leaderالذي أ ُ ّ -من دزن». قد لمع هذا االسم في نفسي وأنا نائم ،كإلهام بَ ّراق ،فقمت ومن دون التفكير بالخطوة ي أعرف أنّي إذا أعطيت اإللهام الوقت الكبير للتفكير ،سيبدأ نظام األولى؛ ألن ّ ؤرقة؛ لذا قمتُ مباشرة اليوم الذي بعده وبث شكوكه ال ُم ّ ّ الخوف بالتسلل إلى ذهني، وطلبت من المص ّممة التي أعمل معها ،أنت تص ّمم صورة كورس القائد المستنير، أو الذي كان يس ّمى القائد العالمي حينها ،وأنا حتى تلك اللحظة ال أدري ماذا سيحتوي ي تفاصيل عنه. الكورس ،أو أ ّ حتى أني بدأت اإلعالن عن الكورس ،وأنا ال أدري ماذا سيكون في الداخل؛ هذا بأن المعلومات ستنهال عندما أعلن ي عالية ،ومعها يقيني ّ ألن ثقتي بالنبض االبتكار ّ ّ عن الكورس ،وفعال حصل .واليوم أصبَح كورس القائد المستنير من أعمق البرامج ب الذات ،والتنوير ،والتعبير في القيادة ،يُعلّم فنون القيادة من بُعد آخر ،متجذّرا في ح ّ ِ الصادق. ت مع السنين ،كأيّة ت بيوم أو يومين ،بل نَ َم ْ ي لم تأ ِ وهذه الثقة مع النبض االبتكار ّ عالقة تبدؤها مع شخص آخر ،فعندما ترى صدق هذا الشخص ،يزداد حبك، ي ،فهي عالقة واحترامك له تلقائيًّا .وهكذا حال العالقة بينك وبين النبض االبتكار ّ ي. تنضج مع األيام ،وهي تبدأ كما أوضحنا بخطوة واحدة مع يد النبض االبتكار ّ فك ّل ما أطلبه منك اآلن خطوة واحدة بهذا االتّجاه. إن النبض الذي ألهمك ،ودفعك منذ البدء التّجاه معيّن ،لم يكن وليد وكما قلنا ّ بوابة الخوف التي تخشى أن تفتحها عمق ذاتكُ ،و ِلدَ من خلف ّ الصدفة ،فهو ُو ِلدَ من ُ المحرك إلحساس الشغف فيك ،هو ّ يفي داخلك .فنفس طريق النبض االبتكار ّ مصدر ألمك ،واختناقك َ طريق مواجهتك ألكبر مخاوفك ،مواجهة ما كان في السابق الرئيسي. نعم الشغف يولد من عمق األلم فيك ،جذر كل آالمك النفسية ،هو نفس المكان الذي لع ْنت َه ،ظانًّا أنّه مصدر مظالمك الرئيسيّة ،نفس المكان الذي خبّأته للعار من أن يظهر ،ونفس المكان الذي حبسته بأسوار القلعة الكبيرة ،معتقدا أنّه بذلك حماية لك، وهو معتقلك! ولكن الزمن ولّى لل َمالمة ،ولعب دور الضحيّة ،أو الهروب من ذلك األلم؛ ألنّه من نفس رحم تلك األلم يُصقل ُمركب الوعي ،والشجاعة ،والتعاطف المحرك ّ للقوة العظمى ،والعاملة كالوقود الكبير .هذه العناصر الثالثة المس َّخرة ّ لرسالتك القلبيّة ،وبتفاعل هذه العناصر معا ،يولد مزيج العبقريّة للعطاء الخالص. َعرية الذات بالهينة بتفعيل هذه العناصر الثالثة ،سيدبّ فيك ُحب التغيير ،وستغدو ت ِ مقابل المساعدة الحقّة ،فمن قلب ذلك األلم ،تولد فيك الرغبة الكاملة للعطاء والتغيير، فقوة الخوف قد وهناك ال يستطيع الخوف بك ّل أشكاله أن يقف عائقا في وجهكّ . لبت بالوعي الكامل لعظمة رسالتك الوجوديّة. س ْ ُ فعند التقاء الساعي لرسالته بمكان األلم من داخله ،أو ما اعتقد واهما أنه مصدر جراء البحث المغلوط عن ألمه ،ستحصل الصحوة ،ليدرك أن هذه األلم ،لم يكن ّإال ّ سد رسالته ،إن لم َي ِع طعم األلم «حب الذات» في الخارج ،فكيف للساعي أن يُج ّ صل مع أولئك الذين يعانون هناك ،إن لم يكن هو نفسه ش َِرب بنفسه؟ وكيف له أن يت ّ من نفس هذه الكأس سابقا ،ليرى أنها ليست ّإال الكأس المغشوشة؟ وكيف لشجاعته أن تتّقد ،إن لم تكن فيه الرغبة الجنونيَّة لتخفيف هذه المعاناة ،لمن يغرقون فيها؟ هناك في قلب الساعي لرسالته ،تضيق المساحة على جرثومة الخوف من األحكام، فهو الرأى األهم ،وارتضى أن يضع سعيه للخدمة فوق إرضاء العا ّمة ،فكيف لك الحق في رسالتك ،وأنت تحاول إرضاء العامة بنفس الوقت؟ ّ أن تكون الخادم فاالثنان يسلكان طرقا مختلفة ،ويمشيان في تيّارات متعاكسة ،فطريق األصالة هو طريق تقبّل الذات ،وإسقاط األقنعة الزائفة ،واآلخر هو طريق حياكة المزيد من ُ سيروض الحاجة إلرضاء العا ّمة ،ويحيّد شحنتها ّ األقنعة .فعشق العطاء لرسالتك، تحول إلى مصدر خدمة وتكشيف وكأن ألمك السابق ّ ّ العاطفيّة إلى درجة االستقرار، للذات ،وليس إرضاء للناس. أن هذا كالم يخلو من العمليّة ،فكيف يكون ما آلمني يوما نفسه وقد تظن اآلن ّ ي لمصدر صدر خدمتي وشغفي والهامي؟ وكيف يأخذني تيّار النبض االبتكار ّ َم ْ األلم من السابق؟ وما ال ُم ْغ ِري بذلك المسعى؟ وكيف يكون ذلك المكان الذي «شوهني» هو نفسه وقود رسالتي؟ شخصيًّا ال ألومك على هذه االعتراضات ،فأنا ّ أدري صعوبة الذهن لتصديق ،بأن ما تلعنه ِس ًّرا أو عالنيَّة ،هو نفسه طريق رسالتك ،وما تلوم الخالق عليه في الخفاء ،هو مصدر شجاعتك. ولنرم بعض الفرضيّات هنا على الطاولة ،بغرض اللعب بها ال ِ ولكن ماذا لو… ش ّ ِوه؟ وماذا لو كان ش ّ ِوه لك ،هو ليس بالم َ أكثر ،ماذا لو كان ذلك الذي اعتبرته الم َ ش ّ ِوه ،كودات رسالتك األصيلة؟ وماذا لو كان مصدر ما اعتبرته في «تفسير» الم َ القوة األصيلة فيك؟ استضعافك يوما ،هو نفسه مصدر ّ ماذا لو؟؟؟ أقص عليك قصة «ليزي Lizzie ّ والستيضاح اإلجابات لهذه اللعبة الذهنيَّة ،دعني « (أقبح فتاة بالعالم) ،فقصة هذه الفتاة غاية باألهميّة ،وفيها الوضوح المطلق ،عن اكتشاف مفتاح الرسالة عن طريق ألم الماضي .فكما تروى «ليزي» قصتها ،فهي استفاقت يوما لترى على «اليوتيوب» فيديو بعنوان :أقبح فتاة بالعالم ،وعندما أمعنت النظر رأت نفسها هناك! ولك أن تتخيّل صدمتها تلك اللحظة ،ولك أن تحس الشعور ،عندما تجد نفسك كمادّة إعالنيَّة للضحك والتعليق ،وخصوصا في موضوع غاية الحساسيّة كهذا. وصفت ليزي صدمتها بنوع من عدم التصديق ،فهي ال تدري لماذا ،أو كيف حدث ي إنسان بالعالم لهذه الدرجة من القساوة ،وينشر عنوانا هذا؟ أو كيف يتح ّجر قلب أ ّ هكذا؟ قررت أن تخوض بالرغم من قساوة التجربةّ ،إال أن ليزي ،ومع مرور الوقتّ ، ي ،لتتعدّى أحاسيس الضحيّة والمظالم. ي ،والتسامح الداخل ّ رحلة التطهير العاطف ّ أن الجمال يسكن في وبعد رحلة الشفاء ،أيقنت ليزي ّ ي ال يُؤخذ ،وال يُتنقص منه ،ويتعدّى الشكل داخلها ،وهو جمال خالد ،جمال روح ّ الفيزيائي ،ليش ّع من خالله . وبعد هذه الرحلة من الشفاء والوعي ،بدأت ليزي بمشاركة قصتها مع الناس، لتصبح متحدّثة ُمل ِهمة ،برسالة ُمل ِهمة ،تساعد الناس أن يروا جمالهم الداخلي. أترى كيف تحول ألم «ليزي» المحوري وهو شكلها «القبيح» إلى مصدر قوتها ورسالتها .فهذه النقلة الخيمائيّة بالطاقة ،كشفت «جمالها» ،وهو نفسه مصدر ّ في وعي ليزي أن المعاناة لم تكن من شكلها ،وإنّما من األفكار المغلوطة عن ذاتها، األفكار التي تُبعدها عن الجمال الواحد األصيل. أصبح»عدو» ليزي اللدود ،كأكبر نصير لها في رحلتها الروحيّة؟ فهذا ّ أترى كيف تحول إلى كاشف لرسالتها ،ومحفّز لحب الذات .أترى كيف الشخص الذي هاجمهاّ ، هندست الحياة نفسها لتجذب لليزي الحدث المناسب ،لتطهير النفس من زيفها، ت العناصر الثالثة من واالستيقاظ إلى رسالتها؟ أترى كيف من رحم هذا األلمُ ،و ِلدَ ِ الوعي بمعاناة الذين يبحثون عن الجمال من الخارج ،ومعه التعاطف العميق معهم، والشجاعة المطلقة للتغيُّر؟ هذه العناصر الثالثة هي ليست فقط أحاسيس محفّزة ،وإنّما هي حاملة معها معارف باطنيَّة للتغير العبقري ،والوصول السريع لقلب الجماهير الجاهزة لسماعك، وبطريقة تعبيرك الفريد عن هذه الرسالة ،والتي قد يكون بالكالم ،أو الكتابة ،أو الرقص ،أو الغناء… فتحويل األلم إلى الرسالة هو خيار ،هو الخيار ما بين لعب الضحيّة ،أو الشفاء للتمكين والعطاء. وللتوضيح أريدك أن تتخيّل معي هذا السيناريو ،تخيّل أن ليزي لعبت دور الضحيّة لذاك الحدث ،وتخيّل أنه بعد مرور ١٠سنين على هذه الحادثة ،وليزي ما زالت تلوم نفس الشخص ،وتلوم الرجال على قسوتهم ،وتلوم الناس ،وتلوم المجتمع… وعندما يسألها الناس ماذا بك ،تعانين؟ فهي تشير إلى ذلك الحدث بالماضي ،وكيف أن الناس أشرار ،وكيف وصفوها بالقبيحة ،ماذا سيحدث حينها؟ ّ وتتحول إلى غضب قاتم يأكل أحشاءها ،وحقد ّ ستذهب من انغالق إلى انغالق، ي على الكون والخالق ،وفي عمقها الحقد على الذات ،وعلى أسوأ الحاالت سوداو ّ قد يقودها هذا إلى االنتحار. أترى االختالف في الطريقين ،نفس الحدث قد يرتقي بك إلى المرحلة القادمة في اللعبة الروحيّة ،أو يأخذك إلى معاناة أكبر ،هنا يأتي الخيار ،فنحن نعيش في لعبة فيها الخيار .هو الخيار لتكرار األلم ،أو تحويلها لرسالة ،الخيار لخلق أعداء أكثر، تظن فيه أنّك ُّ أن العد ُّو الوحيد هو في داخلك ،هو ذلك المكان الذي أو اإلدراك َّ سرنا الصغير.مفصول عن الحب الواحد ،وهذا ّ تظن به أنّك مفصول عن مصدر ّ العد ُّو الوحيد هو في داخلك ،في المكان الذي الحب. أن عليك التألم لتعيش رسالتك، سر المقصد من ك ّل الذي ذُ ِك َر ّ ولكن تريّث َّأال تف ّ وكأن هناك نوعا َّ فهذا قطعا ليس المقصد ،حتى أن الكتاب يدعو إلنّهاء هذه الخرافة، تشربتمن «الفخر» في التألّم ،ولكن إن كنت «إنسانا» ،وأظنك كذلك ،فأنت ال بُدّ ّ من ُم ّر األنظمة الفكريّة المغلوطة في جسدك ،والتي أبعدتك عن حب ذاتك ،والتعبير مر ْرت بألم معيّن ،وواجبك كإنسان أن الصادق عنها .هنا تقطن رسالتك ،فأنت َ ولدت مستنيرا ،بعائلة مستنيرة ،ضمن مجتمع َ تساهم بتخفيفه عن غيرك ،فلو مستنير ،وفي كوكب مستنير ،ال يحتاج إلى قطرة من الشفاء ،ويعمل على طاقة الحب الصافي فقط ،ال أظن أن روحك ستأتي على األرض .وإن كانت الحال كذلك، وأنت هنا ،فنوع اللعبة الروحيّة التي ستلعبها ستختلف ،ومعها قوانين الرسالة. تذ ّكر أن الكتاب ال يدعو إلى األلم ،وإنّما للتعامل الراقي معه… تظن أنه أعمق ُّ وأيضا ال تفسر ما قيل من قبل ،على إجبار نَ ْفسك الكتشاف ما أعماق ألمك؛ لكي تجد الرسالة ،فهذا اآلخر شكل من اإلجبار ،وهو نتاج ال ُكره طور في المنظور ،والذي الرقّة بالت ّ ّ ي ،وليس حب الذات .فالعمليّة تحتاج إلى ِ ّ النفس ّ ي إلى أماكن ي العميق ،بالسفر الداخل ّ قد َينضج بسرعة أكبر عند الشفاء العاطف ّ الغضب التي تُسقطها على العامة ،لتجد لك طريقا خالل طبقات هذا الغضب ،وتصل إلى حجرة األلم الرئيسيّة ،وتستمتع لها ،حتى تفتح لك المساحة لتشربها بالحب. وبهذه العمليّة الخيميائيّة الدقيقة ،سيسلّم الجزء المتألم منك ،آالمه وغضبه إلى حضن الحياة ،فَيَ ْنقَى بحب الحياة ،وحب الذات ..هما واحد .من هنا سيولد مستوى جديد فيك من اإللهام ،مقدّما لك الخيار لاللتزام فيه أم ال. للتذكير: * طريق الرسالة هو طريق السعي خلف نبضك االبتكاري. * نبضك االبتكاري هو ما يميل له قلبك برقة. * السعي خلف النبض االبتكاري ،هو السعي بخطوة واحدة لما ينجذب له قلبك بصدق. الوعْي ،والتعاطف ،والشجاعة ب َمن جذر ألمك النفسي ،يولد ُم َر َّك ُ أسئلة للتف ُّكر: إن افترضت أنك تدري ما يجذب قلبك اآلن ،فما هو؟ ي خطوة واحدة في اتّجاهك؟ ض ّ ٌ جاهز لل ُم ِ هل أنت ما «الحجة» التي توقفك؟ هل أنت جاهز لتشفيرها؟ ما هو األلم الذي تخاف النظر إليه في داخلك؟ ب ،وحكمة؟ يتحول األلم إلى ح ّ ٍ ّ ماذا سيحدث عندما موازنةُاإللهامُبااللتزامُ بوابات مخيّلتك بلمسة من األحاسيس طر ُق فيه ّي ،ت ُ َ اإللهام هو صفة النبض االبتكار ّ ي ،ولكن اإللهام هو بداية الرقيقة التي يَصعُب عليك فهمها ،أو تأويلها بالجزء التحليل ّ الحكاية فقط ،وليست الحكاية كاملة ،فال تت ُّم مسيرتك في رسالتك الفريدة من دون وصل اإللهام بااللتزام .وكأن االلتزام هو الجسر الواصل بين وحي اإللهام ،وعالم شنه للحياة كتعبير عن احترامك الفيزيائيّة ،بين الباطن والظاهر ،فهو الجسر الذي تد ّ الكامل إللهاماتها؛ لذلك مهما ارتفعت قدرتك الحدسيّة على التقاط اإللهامات ،ال شيء سيغنيك عن االلتزام المستمر بهذا الطريق. ورغم أن وقع كلمة االلتزام ،فيها شي ٌء من الجمود وسلب الحريّةَّ ،إال أنها في الحقيقة العكس من ذلك تماما ،فااللتزام هو طريق الحريّة الكاملة للمضي برحلة سرنا الصغير. القلب ،وهذا ّ الحريّة المطلقة هي االلتزام المطلق بطريق القلب. قد تتسارع األسئلة في نفسك اآلن لتقول :ولكن كيف تكون الحريّة بااللتزام؟ وليس االثنان لهما طرق متناقضة؟ فأحدهما يدعو لفعل ما تشاء ،واآلخر يجبرك على إن لم ترغبْ به. االلتصاق بشيءٍ واحد ،حتى ْ ولكن هذا مفهومنا المبرمج عن االلتزام ،ودعنا نص ّحح سويًّا «أغلوطة االلتزام» بإرجاعها إلى األساس الذي استندت عليه ،كرافد للحريّة .فالحريّة هي ليست تمت بصلة للقفز ُّ ي شيءٍ ،وهي طبعا ال الجلوس على الكرسي ،وعدم فعل أ ّ العشوائي بين شيء وآخر ،على هوى النزعات العاطفيّة ،وبالتأكيد هي ليست العمل اختناق لحريتك ،وتقييدٌ لها .أ َّما الحريَّة األصيلة ،فهي ٌ على حسب المزاج ،ففي هذا َحق ،وليس الحياة مرتبطة حشويًّا بااللتزام الصادق ،بتشكيل الحياة التي ت ُ ْعشق وت ُ ْست ّ التي ب ُْر ِمجْ ت عليها ،من األنظمة الفكريّة المت َح ِ ّكمة في نفسك. وفي جوهر الحياة التي تستحق ،يتجلّى جوهر االلتزام الكامل بإلهاماتك والتعبير يتماش سعيها مع مزاجك اللحظي ،أو صعوبة المه ّمة، َ الصادق عنها ،وحتى إن لم فااللتزام بإلهامك هو روح الحريّة ،وهوعامود الثبات لرؤيتك العظمى .فال ُح ّر هو تحرر بالتزامه الصادق ،وليس َم ْن قَيَّدَ نفسه بحالته المزاجيّة ،وال ُح ّر هو من من ّ عمل بالحياة بك ّل قلبه ،وليس من سعى لالنسحاب منها بالتقاعس والتقاعد ،ال ُح ّر هو من رأى االلتزام من عيون الحريّة ،وليس القيد. ُ ي على مسامعنا عن مفهوم وربّما قد ألصق على االلتزام سمعة القيد المشينة ،لما ت ُ ِل َ َعرفه كنوع من اإلكراه لفعل ما ال نريد ،ودراسة ما ال نريد .فنرى الطفل االلتزام ،لن ِ الخاص ،ليُقتاد إلى النظام التعليمي ّ ي سحر ّ يُسلب من تعبيره الخالص ،وعالمه ال ِ ّ بصورته الفارغة الحالية ،فيُكره على «االلتزام» بالمقعد ،وباألوامر التي ال يدري هو و َم ْن يطبّقها ما الفائدة العظمى منها ،سوى ما يروى لهم من تهذيب النفس والتربية الصالحة ،وهي في الواقع سجن للطفل ،وغرس لبرامج الترويض في نفسه لتعوده على دور»الموظف» المطيع عند الكبر. ّ ثم نكمل المسرحيّة بإكراه الطفل على دراسة مواد غير فعالة قد ال تحاكي شغفه، ي استعمال عملي في حياته ،سوى النجاح في داخل النظام صلة أل ّ ّ تمت ِب ِ وال ونسوق نفس هذا المنهج المغلوط ّ التعليمي المبرمج ،ونطلق على هذا أيضا االلتزام. على نظم التفكير المختلفة ،فنطلق على من ُر ّ ِوض بالتقاليد المجتمعيّة ،وغيرها من نلطخ بها رداء االلتزام الصادق. السجون الفكريّة ،بال ُملتزم ،وهي بُقعةٌ أخرى ّ لذلك بقلب األخ ال ُم ِحبّ ،سأطلب منك أن تنسف مفهوم االلتزام التقليدي من ذهنك، لتفتح الغطاء له ليُستشف من منظور آخر ،من منظور الحريّة الحقّة ،فذلك الذي استوى فيه النضوج ،ليلتزم بطريق القلب هو ال ُح ّر ،وليس السجين ،وذلك الذي ت هو ال ُم ْخ ِلص الصادق ،وليس المتح ّجر، التزام ثاب ٍ ٍ حول طاقة اإللهام المتوهجة إلى َّ سد روح االستمرارية في عالمه ،وإن تالشت إثارة اإللهام األوليّة، وذلك الذي ج ّ المكرر .ولقلب ذلك المحارب ترضخ الحياة ِّ الم ْعطاء ،وليس ال ُم ِم ّل هو المحارب ِ قائال :أنت يا من التزمت بحريّتك ،سأرفدك خير الوجود ونشوته ،فترى تيّار الثراء يجرفه في سرعة لم يتخيَّلها من قبل. فالطبيعة لها ذكاؤها ال ُم َه ْندَس ،لتُثري من التقط إلهاماتها ،والتزم بمشاركتها ألن هذا العنصر للطبيعة مضمون الفعالية ،فهو قد الصادقة ،بإلهامات أكثر وأكثر؛ ّ أظهر التزامه من قبل ،وعلى غالب الحال سيُكمل بهذا االلتزام .فعلى سبيل المثال، بغض ّ ومستمرة، ّ عندما بدأتُ أشارك اإللهامات التي تزورني بصورة ممنهجة النظر عن مزاجي اللحظي ،هنا أمسى اإللهام صديقي الدائم؛ ألنّه على ثقة كاملة إنه يزور بيتا مضمونا ،وفيه العطاء أكيد ،وفيه نيَّة االلتزام المشاركة راسخة .على عكس حال الذي تتراقص اإللهامات في خياله ،وال تتعدّى حينها حدود الخيال حينها لضعف التزامه ،وفي عقر هذا الضعف ،ضعف في تمكينه؛ لذلك تمكين الذات هو تمكين االلتزام في اإللهام ،وليس التقاعس عنه .وعندما يتزاوج االلتزام برحيق اإللهام ،هنا يبدأ نوع آخر من السِحر بالظهور في حياتك. األول هو التجسيد لطاقة الحياة الذكريّة ،وتتجسد فيها صفة التقدم الواثق فالعنصر ّ المستقيم ،وغير المكترث بالقيود واألحكام ،أ ّما العنصر الثاني وهو اإللهام ،فهو تتلوى فيها خياالتك الجميلة ،وريعانها الرقيق .وبتزاوج تجسيد الطاقة األنثوية ،التي َّ االثنين بين االلتزام واإللهام ،يحصل االتزان ،ويولد طفل الحريّة ،هو ذاك الطفل الوالد ،إلى قيمة واضحة للعيان ،لتنتفع فيها البشريّة. الذي يُح ّ ِول رحم اإللهام َّ فتذ ّكر َّأال طاقة في الحياة تسمو على طاقة االلتزام المو َّجه بإلهاماتك القلبيّة ،فحتى الرسل وال ُحكماء ،الذين المسوا أعلى درجات اإللهام ،واالستيضاح ،واليقين، والتنوير ،أدركوا أن ك ّل هذه المعارف ال قيمة لها ،إن لم تتزاوج بااللتزام؛ لذلك أن في التزامهم ترى صفة االلتزام كالنيشان في رحلة حياتهم ،لدرجة أنهم اتهموا َّ وقوتها، نوعا من الصرامة المريبة ،الصرامة التي مقتها الناس لسنين طويلة لثباتها َّ وعدم تزعزعها مع المقاومة الخارجيّة ،الصرامة الذي تسطع من صدرالرسالة بقوتها العليا .وحتى إن تسلّل الشك لصاحب الرسالة ،فالشك الحقة ،واإليمان الكامل ّ ال ينتصر على االلتزام ،هذا طبعا إن أمسى االلتزام صادق الوجدان ،وخادم للرسالة العليا. وعندما نتكلّم عن االلتزام الصادق ،فنحن ال نتحدث عنه بالصفة التقليديّة ،والتي تظهر بالكثير من المواد التحميسيّة بصورة الشاب الذي يصرخ أمام الجميع :أنا ال مت .هذا ليس المقصد من االلتزام الذي نعني ،فهذا الشكل من أستسلم ،حتى وإن ُّ محركات سلوكك ،هي من ِّ االلتزام الحماسي قد ال يخدمك ،وحتى قد يعميك عن نظام الحب ،أو الخوف .فال تخطئ االلتزام الصادق بشكل من التعنُّت المرضي، المحركة ،وإرشادك الداخلي ،وإنّما دع التزامك الصارم ِّ الذي يفقدك االتصال بِنِيّتِ َك يلين مع انسياب إرشاداتك الحدسيّة ،وتغيّراتها. الحكمة ترشدك إلى التوقف عن فعل شيءٍ معيّن للتو ّجه إلى طريق فأحيانا قد ترى ِ آخر ،وهنا عليك الرضوخ؛ لذلك دع التزامك الثابت لَيِّنا في نفس الوقت ،وهو ما يجهل فعله الذهن االزدواجي الذي ينظر إلى أنصاف الحقائق ،وال يقدر على جمع النقائض في نقطة واحدة. موجها للتمكين وموجها لخدمة روح الحياة دائما وأبداّ ِ ، ِّ دع التزامك صادقَ ال َم ْن َبتِ، ي ،ورفعة اإلنسانيّة كك ّل ،وليس النصر الشخصي فقط .دعه ِ ّ موجها لإلتقان الشمول ّ موجها لتعزيزِّ موجها لالبتكار الجميل ،وليس الغرور،ِّ المستمر ،وليس المثاليّة، االحترافية ،وليس النتائج اللحظيّة .وستبرع تلقائيًّا بهذا ،عندما تُنقي التزامك مستمرة من الكشف المكرر ّ باستمرار ،ليشابه نغم الصالة في وجدانه ،وهي عمليّة ب المستمرة من الشوائب ،وفي عقر هذه الشوائب ،الحياد عن ح ّ ِ ّ عن نيّتك ،وتنقيتها الذات. محرك سلوكك ،فاسأل نفسك بصدق ّ ولك أن تفعل ذلك ،بالسؤال المتس ّمر عن واستمراريّة عن نيتك ،اسأل نفسك :لماذا أفعل ذلك السلوك؟ وال تفلتر اإلجابات بعقلك ،ليسمع نظام الخوف فيك ما يهوى سماعه ،بالقول :إنّك تفعل ذلك؛ ألنك تريد العطاء أو غيرها ،بل انظر إلى حقيقة النيَّة كما هي اآلن ،وغير ذلك ستعيش على تبرعت ،اسأل نفسك :لماذا أتبرع؟ وإن كانت النيَّة لتكسب أوهام مض ِلّلَة .فمثال إن ّ رضا الناس وتقبّلها ،فتقبّل نيتك كما هي اآلن ،وال تقاومها ،وبتقبّل المقاومة لها أيضا ،فالكشف وتقبّل المكشوف كما هو ،وكما أنت ،وكما هي نيّتك اآلن من دون أحكام ،هم بداية التغيير ،لترقى بنيتك بعدها لما يعكس حب الذات ،والعطاء الصادق. مناقض تماما لنظام الخوف الذي يعشق الكذب والتلميع في النيَّة ،لتظهر ٌ وهذا نفسك في عين نفسك الغاش نفسه إلى ّ غش للذات ،وال يلقى ٌّ باإلنسان الصالح ،وفي واقع األمر هو المغشوش بالحياة ،فتراه يظن ك ّل ما يلمع بالخارج ذهبا .وكيف لك أن تلوم الحياة سنَّة كونيّة.. حينها على خداعه ،وهو في منظور نفسه «المخادع» ،فهذا قانون و ُ سرنا الصغير.بأنّك تحصد نتائج الوعي الذي تختاره داخل نفسك ،وهذا ّ أنت تحصد نتائج الوعي الذي تختاره. المحركة ،ستستطيع تقييم نفسك كما هي ،لتصعد ِّ وباالستيضاح المستمر عن نيّتك بعدها تدريجيًّا بمستوى التزاماتك ،وغير ذلك ستصاب بالعمى ع َّما يحركك ،لتلتزم برغبات ال تصدر عن حب الذات وتعابيره النقية ،وإنّما تنبع من جروحك العاطفيّة. فكم من األشخاص التزموا النجاح لتعبئة فكرة «أنا مش كفاية»؟ وكم من األشخاص التزموا الشكل الخارجي األنيق ،للخوف من أحكام الناس عليهم؟ وكم منهم التزم الرياضة اليوميّة ،وعلى مدار السنين؟ ليس غرضا بالصحة المستدامة ،وإنّما لزيف البحث الخارجي عن الجمال والثقة بالنفس. ليتحول َّ فترى االلتزام للكثيرين خاليا من عنصر حبّ الذات ،وتعابيره الصادقة، إلى شك ٍل من االلتزام ال َم َرضي من دون معرفتهم بذلك .وإن كانت هذه حالك، فاألولى حينها أن تشفي نفسك بالكشف ،والتقبّل ،وتطهير األلم بالحبّ ،ثم تعدّل ْ المحركة ،قبل التقيّد بسجن» االلتزام الواهم» ،والذيِّ التزامك ،باالرتقاء بنيّته سيأخذك بعيدا عن ذاتك. لذلك ،عليك أن تتساءل من داخلك ،وباستمرار ،عن أفضل اتجاه لتسخير نيتة التزامك؟ مثال لك أن تسأل ما هي أفضل وأنقى نيَّة للعب الرياضة بالنسبة لي؟ وما هي وأعط المساحة ِ للتبرع بالنسبة لي؟ أفضل نيَّة للنجاح بالنسبة لي؟ وما هي أفضل نيَّة ّ لإلجابة أن تسطع من ِحكمتك الداخليّة ،فالمفتاحّ ،أال تبحث عن إجابات نموذجيّة، بل تبحث عن اليقين لما هو األنقي واألقرب لقلبك أنت ،وليس العا ّمة ،فنيّتك العليا فريدة َكفَرادَتِك. فمثال لو كنت كحالي ،وتسعى الحترافيّة التواصل ،وعبقريّة التحدّث العلني ،فاسأل نفسك :ما هو أفضل استعمال لهذه المهارة؟ بالنسبة لي اإلجابة واضحة كالكريستال، وهي إيصال رسالتي ألعمق مستوى ممكن للمستمع ،وهو مستوى المجال الطاقي وذاكرة الحمض النووي؛ لذلك أنا دائم السعي لتطوير قدراتي الحدسيّة في التواصل، وتفعيل القدرة على اختراق أبعاد المتل ِقّي من خالل الكالم المسموع ،وغير المسموع بالتخاطر الفكري ،والطاقي وراء الكلمات .ال أقول ذلك إلبهارك ،بل ألطلعك على دراياتي الكاملة ِبنِيّتي العليا لصقل مهارات التواصل عندي ،وهكذا أضمن، وألقصى قدراتيَّ ،أال أقع في فخ نظام الخوف ،الذي قد يستعمل المهارات الحدسيّة المختلفة ألجنداته الخاصة ،والتي قد تح ِيّدني عن االلتزام برسالتي .فتذكر أن االلتزام الذي نعني هنا ،هو االلتزام الصادق األصيل ،الذي يُعبِّر عن نيتك العليا، فيو ّجهك لقبلة رسالتك. ي ،ومن دون االلتزام الصادق األصيل ،ينبع من فوهة حب الذات وبركانه االبتكار ّ الخوف من حرقة ناره ،فال يأتي االلتزام الصادق ساعيا للتقبّل الخارجي ،كحال المنبثق من جروحك العاطفيّة ،أو األهداف المجتمعية المرسومة وغيرها؛ لذلك اسع لالستيضاح دائما وأبدا عن مصدر التزامك ،ومن داخلك ،وبصدق ،اس َع المحركة لك ّل سلوكياتك ،وبصدق ،وسنؤكد على كلمة ِّ لالستيضاح عن النيَّة الصدق ،ثم الصدق ،ثم الصدق. طى فيه الدورات ،وإنّما هو الرغبة األصيلة فيك يدرس ،وال تُع َهذا الصدق ال ُ لترى نفسك بعريها كما هي ،أم ال ..الرغبة لكشف من يصونها أو يتالعب فيها أم ال. سأطلب منك ،كصديق ،أن تكون صادقا في نيتك ،وبذلك ترتقي عن العامة التي تختار بوعي أو من دون أن تغمض عينا وتفتح عينا أخرى ،لترى أنصاف الحقائق، خوفا من عدم تقبّل الذات حينها. تذكر أن العمى الكامل قد يكون أفضل من النصفي ،فباإلنصاف ستوهم نفسك أنّك «شخص صالح» وتخلو تماما من «مزيج النور والظالم» القابع في ك ّل السيكولوجيّات اإلنسانيّة .وهذا «الشخص الصالح» ما هو ّإال استرتيجية خبيثة تخدع فيها نفسك ،لتبني صورة وهمية ومثالية للخارج ،ساعية بأجندتها المستورة عنك ،ألخذ الحب والتقبّل الخارجي .ونقول خبيثة؛ ألن في عمق هذه االستراتيجية ّ وتقززا منها. رفضا لنفسك مهرب من الصدق عن مصدر سلوكياتك ،ومساعيك والتزاماتك ،هذا إن َ لذا ،ال أردت الصحوة الكاملة ،وإن اكتشفت أن نيَّة أحد التزاماتك تخلو من نقاء الذات، فهذه ليست فرصة لجلد الذات ،فأنت إنسان ،وتفعل أفضل ما تعرف على حسب مستوى وعيك ك ّل لحظة .لذلك خذها كفرصة أخرى إلثراء الذات بكشف المستور عنها ،وتقبّلها كما هي ،ومن ثم التغيير. ي أية مشكلة بأن أكتشف أن نِيَّتي الحالية لكتابة هذا الكتاب قد انحازت فاآلن ليس لَدَ ّ ي انحيازات أخرى ،وإن كانت إلى التباهي ،أو الشهرة ،أو التقبُّل الخارجي ،أو أ ّ سفلى ،الحال كذلك سأراها وأحبها وأتقبلها ،كتعبير عن نظام الخوف ،وذاتك ال ُ فمن يَدّعِ «الصالح» طوال الوقت ..لم ولن وسأسعى إلى االستيضاح والتغييرْ . يذوق طعم الصالح والغفران؛ ألنه تعالى عنهم ب ِكب ِْر ِه. عند الصدق في نيتك ،ستتوازى التزاماتك رويًّا رويًّا مع نيّتك القلبيّة ،فترى مشيئة ع بين االثنين ،وهذا الكون فيك أصبحت مشيئتك الشخصيّة ،فال تضادّ ،وصرا َ القوة السِحريّة التي تجهلها العامة ،وهي المرحلة الثالثة من مستويات الخيار مصدر ّ التي تحدثنا عنها بالسابق .فإن لمست داخلك أكثر وأكثر ،ومعها التجذّر بأركان ح ّ ِ ب الذات ،سترى استيضاح نيتك يزيد تلقائيًّا ،ومعه نقاء التزاماتك في طريق رسالتك. وقد تفكر اآلن ،ولكن ماذا عن االلتزامات التي بدأتها أصال ،ومن خالل الصدق، واكتشفت أنها ال تعبر عن حقيقتي مطلقا ،هل أتركها؟ وقد تكون اإلجابة نعم ،ولكن هذا ليس ما ننصح به بالعادة؛ ألنّك ستتعود بذلك على االنسحاب كلّما اشتدّت األمور ،وهذا من أخطر البرمجيَّات الذهنيَّة في حياتك. فما الحل إذا؟ للتوضيح سأشارك معك خبرتي في فترة الدكتوراه… ففي مرحلة معيّنة من الدكتوراه ،أحسست أن النظام التعليمي ليس مكاني الحقيقي والتطور ،وخصوصا أني وقتها كنت أدرب الكثير من الناس ،وبدأت بقيادة ّ للتعلم رسالة « كن أنت» ،وأكاديميّتها .كنت أحس في معدتي الفارق بين االثنين ،فواحدٌ يمشي في دهاليز الجامعة التقليديّة إلشباع متطلَّباتها الباردة ،والتي لم أعد أؤمن بها ،وواحدٌ أذوق فيه طعم التغيُّر الحقيقي ،وصدق ال َمسْعى ،وبهذا التناقض أحسست بالصراع الداخلي ،ومهما حاولت أن «أفبرك» قيمة في ذهني للدكتوراه ،كان زيفها ينجلي سريعا. لبوابة وضوحي بحكمة ،ورفق بإرشادي ّ فشاركت مدربي وقتها ماذا يجري ،وقام ِ الداخلي ،وطلب مني حينها أن اعترف أني ال أحس قيمة للدكتوراه ،وهو كان من مخاوفي الكبرى! عندها أيقنت أن الحرية تكمن في الصدق بيني وبين نفسي في نوعية التزامي ،وأيضا عرفت أن الح َّل ليس بترك الجامعة ،بل برفع نوعيّة فقررت أن أستخدم الدكتوراه كرابط لرؤيتي الكبرى .فعلت ذلك بتسخيرها االلتزامّ ، صبر ،وتنظيم األفكار كتدريب صادق على االستمرارية ،والدّقّة ،والفعالية ،وال ّ ومنهجيّتها ،وهذه نفس الصفات التي تطلبها رؤيا الروح مني للنضوج باتجاهها. وعندها أصبحت الدكتوراه منطقية أكثر في ذهني ،ودوافعها أيضا منطقية ،فهي توازت حينها مع رؤيتي واتجاهها ،والمضحك أنّي بهذا النقلة الطاقيّة لاللتزام، تحولت الدكتوراه إلى متعة ،وفتحت لي أفاقا جديدة ،ألقوم من خاللها بمقابلة أكثر ّ أكثر عني،وكأن اللحظة التي أصبح التزا ٌم بالدكتوراه معبّرا َ َّ القادة ال ُم ْل ِهمين بالعالم. سرنا الصغير.صة ،وهذا ّ وبالطريقة التي تناسب قلبي ،قامت بفتح كنوزها الخا ّ عندما يصبح التزامك صادقا ،يفتح «ال ُملتزم به» كنوزه الدفينة. ولتسيير هذا ال َم ْنحى الفكري للعمليّة ،سأطلب منك أن تقوم بهذا التمرين الصغير، لمساعدتك على توجيه التزاماتك باتجاه القلب .التمرين بسيط ِجدًّا ،وغاية بالفعالية، ويلخص بثالثة أسئلة ،كالتالي ،وسأطلب منك قراءتهم ،وقراءة التوضيح لهم في ِّ األسفل ِبت ََر ّ ٍو: ما الذي أريد ّ فك االلتزام به اآلن ،ولألبد؟ ما الذي أريد تجديد االلتزام به؟ ما الذي أريد بدء التزام به؟ ببساطة ،األول يقصد ما ال تريد االستكمال في طريقه ،والثاني قد يعني تغيير نيتك وتجديدها ،أو تجديد طاقة التزامك ،كما فعلت بالدكتواره .أما الثالث فهو لبدء التزامات جديدة في حياتك ،لم تأخذها على عاتقك من قبل. هذا التمرين سيساعدك على فَ ِّك الطاقة المتج ّمدة من االلتزامات التي ال تخدم تطورك ،وتجديد ما يحتاج ذلك ،والبدء بالجديد .فك ّل التزام تأخذه على نفسك ،هو ّ ي بينك وبين الكون ،وال ينتهي َّإال ِبفَ ِ ّك ِه ،وعند تجديد ِنيّ ِت ِه بالنقاء سيزيد عقدٌ طا ِق ٌّ تمكينه ،وعنده تنشئة التزام جديد ستبدأ حلقةٌ طا ِقيّةٌ جديدة بينك ،وبين الكون. ق: لتجيب ،وبصد ٍ َ الوقت َ س ،و ُخ ِذ ولتبدأ التمرين ،تَنَفّ ْ اختر شيئا واحدا… ْ ي عن: سألغي االلتزام الطاقِ ّ اختر شيئا واحدا…»ح ِدّ ْد نوعيّة االلتزام الجديد». ْ ي في: سأجدّد االلتزام الطاقِ ّ اختر شيئا واحدا.. ْ سأبدأ التزاما جديدا مع: تكرر هذا التمرين ما شئت فيما بعد، ونطلب هنا شيئا واحدا بغاية التركيز ،ولك أن ّ المتكرر ،وأنصحك أن ال تفعلها أكثر من مرتين بالسنة، ِّ فك االلتزام ولكن احذر من ِّ للتقريب؛ ألنّه سيغذي عندك عادة االنسحاب .وإن كانت نوعية االلتزام الذي تريد آخر ،كعالقة مثال ،فطبعا حدّثهم قبل أن تزيله. ف ّكه يشمل شخصا َ للحكمة ،وليس التقاعس ،واسمح لي بأن فك االلتزام هو خادم ِ لذا تأكد من أن ّ أعطيك مثاال للتوضيح هنا… المتدربات ،ومن خالل الحوار معها عن كيفيّة التقدّم في ّ كنت أعمل مرة مع إحدى يؤرقها ،أحسسته في معدتي ،فسألتها طريق شغفها ،التقطت حدسيًّا أن هناك شيئا ّ ما بك؟ وبالتع ّمق اكتشفنا أن هناك التزاما أخذتها على نفسها قبل ثالث سنين ،لتنهي شهادة معيّنة في اإلدراة ،وهي لم ت ُ ْن ِه ِه أو توقفه ،وإنما تركته معلَّقا .فسألتها :هل هذه الشهادة نافعة لك في مسعاك الجديد؟ «في مسعى الشغف الذي تمشين به اآلن». ت هذا االلتزام كانت اإلجابة واضحة »:ال» .وعندها سألتها :كيف ستحسين إن أسقط ّ ِ اآلن؟ وقبل أن تنطق بحرف واحد ارتخى كتفاها ،وتغيّرت ك ّل الطاقة المحيطة بها، تحرره ،وهو ليس بخادم لها اآلن؟ لذا نقول فقط ألنّها حملت التزاما لم توفّ ِه ،ولم ّ الحكمة. قررت إلغاء االلتزام ،فتأ ّكد أنه من باب ِ إن ّ أكثر بالتمرين؛ ألنه أمسى واضحا ،وطريق االلتزام بات محدّدا .ولكن ض َ لم نَ ُخ ْ إن بقيت كلمة االلتزام ثقيلة على مسامعك ،حتى مع ك ّل هذا التطبيق العملي والتوضيح ،فلك أن تستبدلها بكلمة االستمرارية .فكلّنا نعي في داخلنا أن الشخص المستمر ،هو الذي يتحسن ،ويتطور مع الوقت .فمع االستمرارية تتشذَّب قدراتك، ّ ع من الملل، وتنجذب إليك الفرص أكثر ،وأكثر ،وكيف ال؟ والعنصر المستمر لم َيدَ ْ أو الحجج سبيال إلعاقة استمراريته ،حتى إن كان «يظن» أنه بطيء التعلم. فبطيء التعلم ،سيتعلم ،وإن أخذه الوقت أكثر ،وبهذا سيتغلب على سريع التعلم، الذي ينسحب بعد فترة .أال تذكر قصة السلحفاة التي استمرت في السير ،لتسبق األرنب السريع الذي توقف بعد فترة؟ االستمرارية هي من أكثر التح ِدّيات العاطفيّة التي ستواجهك في طريق رسالتك، فالعمل المستمر ليس بالسهل ،وخصوصا أن الحياة تعمل بفصول مختلفة ،ويحكمها قانون اإليقاع الكوني ،فترى اإللهام والشغف يصعد فيك ،وينطفئ بموجات. فالمستمر الحق هو من عمل مع قانون اإليقاع ،وتقلبات المزاج ،ولكن تعالى عنها أيضا! س ِ ّري الذي إن لذلك االستمرارية هي مفتاح النجاح األصيل ،وهي ذلك العنصر ال ِ ّ يت عنه ،تخلَّت عنك أحالمك ،والنجاحات التي تنتظرك ،وخصوصا في الوقت تخلَّ َ لت مشاركة الحاضر .فاآلن ،بزحام المعلومات ،وبوجود التكنولوجيا التي س َّه ْ المحتوى والمنتجات ،ال «يَعلَق» في ذهن الجماهير َّإال المستمر .فمن دون االستمرارية ،ستنسى ،ولن يُرى ألثرك النور ،فمن اعتمد فلسفة الضربة الواحدة للنجاح ،وإن حصلت ،سينساه الناس سريعا ،وستبدأ رسالته بالتب ُّخر تدريجيًّا. هذا ليس التح ِدّي الوحيد في وجه االستمرارية ،فقد تُفاجأ أيضا أنه في بداية مشاركتك للمحتوى لن تشت ّم رائحة النجاح الخارجي ،وقد تكون القلة القليلة من وقوة ،وهنا يرقد اختبار االستمرارية. الناس تهتم لرسالتك ،حتى إن كانت فيها عمق ّ إني أذكر خير الذكرى ،عند بدأت مشاركة أفكاري من خالل الفيديوهات الممنهجة، لقوتها ،ولكني فوجئت بأن القليل ِجدًّا من الناس حيث كنت ظانًّا أن الناس ست ُ ْذهل ّ يشاهدونها .فكانت الفيديوهات حرفيّا تُشاهد بعشرات معدودة ،وأ ّما الفتاة التي تضع صورة «المانيكير» ،أو طالء أظافرها الجديد ،تُشاهَد مئات اآلف من المرات ،أال تظن أن هذا أحبطني «قليال» وقتها؟ ولكن ما دفعني لالستمرارية ،هو يقيني الداخلي بقوة االستمرارية. ّ لذلك استمررت أسبوعا بعد أسبوع .نعم أسبوعا بعد أسبوع ،ومن دون أي استثناء، وبغض النظر عن عدد ِّ استمررت بتصوير الفيديوهات ،وغيرها من المواد، أعط مساحة للنقاش ِ س ّر ،أسبوع بعد أسبوع لم المشاهدات أو مزاجي ،وهنا ال ِ ّ باالستمرارية .استمررت في الصيف والثلج ،واستمررت في وقت تقديم رسالة ي ع ّمي .أسبوعا بعد أسبوع… الدكتوراه ،واستمررت عندما ت ُ ُو ِفّ َ بهذا ازدادت مهارتي تدريجيًّا ،ومعها اتضحت رسالتي ،وكيفيّة إيصالها للعامة، ومعها نوعيّة الناس الذين ينجذبون لها .ومع مرور الوقت زادت المشاهدات لتصل إلى مئات اآلالف أسبوعيّا ،بل الماليين أحيانا من المتابعين المخلصين لهذه الرسالة، رسالة (كن أنت). وليس المقصد هنا أن االستمرارية تضمن المتابعة ،وإن كان في هذا شي ٌء من الحقيقة ،ولكن المقصد أن الذي يبقى في اللعبة أطول وقت ممكن ،وبنيَّة صادقة ق في اللعبة وتغيّراتها ،حتى إن خلت للعطاء ،هو الذي سينتصر .فهذا الشخص با ٍ من إثارة اإللهام األولي. فاللحظة التي يضربك اإللهام ،سيتو َّهج كيانك بطاقة اإلثارة ،إثارة اإللهام األولي، ومن السهولة أن تتبعه حينها ،فغالب الناس تفعل ذلك ،ولكن بعد فترة سترى اإلثارة تنحدر ،وهنا عادة ما يقوم عامة الناس باالستسالم ،أو األسوأ يحولون العمل إلى شكل مزاجي على وجود اإللهام من عدمه .فترى الشخص يعمل على أهوائه صة ،ولكن هذا طبع الهاوي ،وال يمكن للهاوي أن يالمس احترافية وأحاسيسه الخا ّ المخلص ،الذي وهب نفسه لرسال ٍة حقّة. فلماذ تلتزم الحياة برسالتك ،إن كنت نفسك غير آبِ ٍه بااللتزام بها؟ وهذه مشكلة أراها خاصة بين ال ُكتّاب ،والفنانين ،والمبتكرين عا ّمة ،فتراهم يُل َهمون بفكرة أولية ،ويبدؤون بالتطبيق السريع ،ثم عند فتور شحنة الطاقة األساسيّة التي تأتي مع اإللهام ،يبدأ العمل باالنحدار على حسب المزاج .فإن «أحس» الكتابة كتب، س ْم ،وهكذا يبقى المبتكر على طابور االنتظار ،منتظرا جنّي وإن أحس الرسم َر َ ي» أو «.»Writer›s block اإللهام ليظهر ،وهذا ما يعرف «باالنقباض االبتكار ّ هو يحدث ألنه قد نسي أن اإللهام يُغذَّى باالستمرارية ،وليس العكس ،وهذا ّ سرنا الصغير. االستمرارية هي من تُش ِعل اإللهام ،وليس العكس. فعلى سبيل المثال عندما أتى إلهام هذا الكتاب ،والتزمتُ بكتابته ،في كثير من األيام أحس بالكتابة ،أو لم يكن التدفّق موجودا قبل الكتابة ،ولكن هذا ليس ُم ِه ًّما، ّ لم فاإلحساس هنا ثانوي ،مقارنة بااللتزام الكامل للكتابة ك ّل يوم صباحا ،حتى لو جلست أمام الالب توب ولم أكتب شيئا ،فهذا جزء من االستمرارية .وفي لغة الحياة، ي في داخلك ،فكأنّك تقول له تعتبر االستمرارية صالة التقديس للعنصر االبتكار ّ وباللغة التي يفهمها ،أنا ي ،ليأخذك من نقطة إلى سيتطور النبض االبتكار ّ َّ أقدسك وأحترمك وأب ّجلك ،وبهذا بعدها ،وبعدها ،وبعدها . وال نعني هنا َّأال تحترم أحاسيسك ،ولكن َّأال تضع أحاسيسك ،ومزاجك على درجة تعلو من االستمرارية ،فهذا الطريق األسرع للتدمير ،نعم الطريق األسرع للتدمير. فاألحاسيس هي نِت َاج األفكار كما أوضحنا ،واألفكار متغيّرة ،وعندما تمشي في صة ،فأنت بك ّل خطوة لألمام تبعد أكثر ،وأكثر عن مساحة طريق رسالتك الخا ّ الراحة ،فترى المقاومة الفكريّة تُفَعَّ ُل فيك ،ومعها أحاسيس الرغبة بالرجوع ت صغيرةٍ ويوميّة ،سترى هذه المقاومة ت َشفي والتوقف .ولكن إن التزمت بخطوا ٍ نفسها بنفسها ،وترضخ على ركبها أمام مهابة االستمرارية. لذلك االستمرارية التي ننشد منك ،هي خطوات صغيرة مستمرة ،تشابه خطى وأرجعت االستمرارية إلى مكانها األصلي ،كسيّد على َ الطفل .وإن بنيت هذه العادة، األحاسيس ،والمزاج اللحظي ،وليس عبدا لها ،سترى حياتك تتسع إلى الثراء .فقد ي،نقول بالعمومية هنا ،إن هناك نوعين من الناس ،األول :المستمر بنبضه االبتكار ّ والذي يلمس رؤيته الصادقة ،ويسعى بااللتزام بها ،ومن دون كل ٍل ،أو مل ٍل أو تردّد، وإن أصابه الكلل ،والملل ،والتردّد على السطح ،وهناك اآلخر ،الذي يجري هنا وهناك ،من دون االلتزام برؤيته ،أو حتى السعي الستيضاحها .هذا األخير تميل سفنه لخدمة األول ،تميل لواضح البصيرة والمستمر في عطائه ،فاألول هو القائد في طاقته ،واآلخر هوالتابع طاقيًّا. وهناك حادثة معيّنة حصلت معي توضح المقصد من هذا… في فترة معيّنة بدأت في تصوير سلسلة أسبوعية من الفيديوهات اإلنجليزية أسميتها «الحكمة العمليّة» ،وحينها التزمت بأن أصور مرة باألسبوع كما أوضحت ،ولم ِ يكن في ذلك االلتزام مساحة للنقاش ،فكنت أقوم ك ّل جمعة بعد التأ ّمل الصباحي بالتصوير .أقوم بذلك بنيَّة واضحة المعالم ،وفي قلبها العشق للتغيير ،بهدف رفعة الوعي ال َج ْمعي من الخوف إلى الحب .طبعا كان ذهني يأتي بك ّل األسباب أحس التصويرُّ «المنطقية» لعدم التصوير :فأنت لست ُمجيدا لإلنجليزية ،أو أني ال اليوم ،فاألجواء باردة في إسكتلندا واألفضل أن أبقى تحت اللحاف ،وغيرها من البدع .كنت أدع ذهني يثرثر ،بينما أحضر الكاميرا ،وأثبت اإلضاءة ،فتراني آخذ تقديميًّا من دون االلتفات إلى ذلك الحوار الداخلي؛ ألني أعي أنني إن انتظرت ِ فعال الحوار لينتهي ،لن ينتهي أبدا. القوة الصادقة من االلتزام الصادق ،بدأت أالحظ كيف يدعم الكون هذا وبهذه ّ االلتزام ،وبصورة غريبة ِجدًّا! مثال :مرة أتى الشخص الذي يحمل «الديليفيري ورن على الجرس «تماما» في اللحظة التي أنهيت فيها التصوير. َّ ،»Delivery قد تقول هذه صدفة ،ولكني لوعيي بقانون السبب والنتيجة أدري أن الصدف هي خرافة ذهنية .فقد أجزم اآلن أن االلتزام بعث رسالة طاقيّة صارمة على مستوى العقل الباطن لآلخرين؛ لكي ال يزعجوني حتى انتهاء التدفق الكالمي. فمن يدري ما حصل مع صاحب الدليفيري؟ فمن الممكن أنه أوقع مفتاحه قبل الضغط على الجرس بلحظات! هذا ما عنيت عندما قلت :الواضح البصير ،والملتزم الحق ،يحرك البقية لخدمة رسالته ،وهذا أحد قوانين الكون الخيميائية .فالبعد األعلى يطغى على البعد األصغر ،أو الطاقة العليا تطغى على الطاقة الصغرى ،وكما وقوة االلتزام بها. قوة تطغى على وضوح الرؤية ّ اتّضح من قبل ،ال ّ سيحرر ذهنك من النقاشات ّ ومن الفوائد األخرى لاللتزام الصادق المستمر ،أنه سما ،والتزامك غير وال ما أَعملو؟» فهنا كلمتك أصبحت قَ َ المتكررة« :أَعملو ّ ّ استمر صوت الخوف فيك بالجدال .فااللتزام هو وسيلة أخرى َّ راضخ للجدال ،وإن قوته. الحتراف الذهن ،وسلب نظام الخوف ّ تحول التزامك إلى قسوة ولكن « وهذا تنويه ُم ِه ٌّم ِجدًّا» ،فبالرغم ِم ّما ذُ ِك َر ،فال ّ أبدا ،فالتعاطف مع الذات هو ركيزة االلتزام بحقيقتك .فإن لم تلتزم اليوم ،فهذه ليست بالكارثة وت َحدُث معنا كلّنا ،وغدا يوم جديد ،وفيه فرصة جديدة لتجديد االلتزام، قوة رهيبة أيضا، قوة رهيبة ،فالتعاطف مع ذاتك فيه ّ واالستمرارية .فكما االلتزام فيه ّ وبالنهاية نحن بشر ،ولسنا ماكينات! وحتى األبحاث في علوم األداء ،ومنها التي أجرتها «براندون برشاد ،« Brendon Burchardإحدى أعظم الباحثين في ق ّمة األداء ،قد أثبتت أن األداء «العالي والمستدام» ،مقترن ك ّل االقتران بالتعاطف مع ضنِي ،وجلد النفس كأسلوبالنفس ،وليس القسوة عليها ،وهذا ينهي خرافة الجهد ال ُم ْ لألداء العالي ،ويقدم التعاطف مع النفس كمح ِفّ ٍز لرؤيا الروح. للتذكير: * الحرية المطلقة مرتبطة حش ِويًّا بااللتزام المطلق في رسالتك. * موازنة اإللهام بااللتزام هي الصفة الرئيسية ألصحاب الرسالة والمغيّرين. * صورة «الشخص الصالح» في ذهنك ،قد تعميك عن التمحص الصادق في نواياك. * االستمرارية هي مفتاح النجاح في عصر التكنولوجيا الذي نعيشه اآلن. ي بينك ،وبين الكون. * كل التزام هو عقدٌ طا ِق ٌّ أسئلة للتفكر: ْت كلمة االلتزام؟ماذا سيحدث إن احترمت ،وقدَّس َ هل ترى نفسك كشخص ملتزم؟ لماذا ال؟ هل أنت قادر على َر ْمي ِ هذه القصة الذهنية؟ ما الذي «تعرف» في قلبك إنك لو التزمت به سترتقي في نفسك ،وحياتك؟ هل أنت جاهز أن تعيد االلتزام به اآلن؟ رؤياُالروحُ عندما ننظر إلى الرؤيا عادة ما يت ُّم مناقشتها من مفهموم بدائي ال يتوافق مع زمن الصحوة ،وسرعة التغيُّر التي نعيشها اآلن .فعهدنا مناقشة الرؤيا بصيغة تقليديّة من خالل تدريبات مملّة ،ورتيبة ،تنحصر فيها الرؤيا على تحديد مجموعة من األهداف الباردة و»الواقعية» ،وشخصيًّا ال أدري أين اإللهام في ذلك؟ أو حتى لماذا نقدّس كلمة الواقعيّة ،وما الواقع َّإال «تجربتك الفكريّة» .بهذا المضمون الكالسيكي للرؤية ي. لت إلى محدّد فكري آخر ،وقاتل لإلبداع ،والمفاجآت ،والتنوير ال َج ْم ِع ّ تحو ْ قد َّ فما الحل لذلك؟ هل بِ َر ْمي ِ الرؤيا ،والتخلّص من هذا المفهوم كلّيًّا؟ قد يكون هذا أحد الحلول المرحلية ،والذي قد يكون ناجعا في فترة معيّنة من حياتك ،للمساهمة في فتح عوالم جديدة في نفسك ،ولكن سنقترح هنا أسلوبا بديال ،لترجع الرؤيا إلى فضاء الروح التي يفترض أن تنبثق منه .نتكلّم هنا عن أسلوب آخر «الرؤيا»… الرؤيا ،كرافد لحلمك ،ورسالتك ،وانفتاحك الذهني ،وبنفس الوقت لتركيز طاقتك في اتّجاه معيّن ،بدل العشوائيّة في المنحى. فالرؤيا التي نعني هنا ،هي نوع من العالقة ،واالنسجام بين داخلك وخارجك، صه بين قلبك ،وأركان الحياة المختلفة ،لتتحول فيها رؤيتك إلى االنسجام الذي تق ُّ « ُحلم ُمهندس» لك ولإلنسانيَّة كك ّل .حلم يتوازى مع ما ترغب حقًّا ،وفي ك ّل أنظمة حياتك ،وليس ما قيل لك أن ترغب ،فالرؤيا التي نعني هنا هي نظام حياة كامل، هو نظام الروح ،وهندسته الفريدة. بهذا المستوى الراقي من التفكير في الرؤيا ،ستتحول الرؤيا إلى «المهندس» الرئيسي داخل ذهنك وقلبك .هي الهندسة الفريدة ألركان حياتك المختلفة ،وباستخدام تفكيرك المستقل ،ومن خالل حقيقتك الذاتية ،وليس من خالل «كودات التفكير ال َج ْم ِعي» ،والتي تحْ ُكمك بمعنى النجاح في الصحة ،والصداقة ،والعمل ،والمال، والعطاء ،وغيرها. صة ،فما فالنداء هنا ،هو نداء حريّة مطلقة ،الحريّة الخالصة لخلق أنظمتك الخا ّ النظام ّإال تجسيد ألفكارك الذهنية ،لتعمل بعدها كوحدة مستقلة في الخارج .فالنظام هو وحدة فكريّة مستقلة ،تقوم بالتكرار ،والتحديث لعمليات فكريّة معيّنة ،بهدف توفير الطاقة ،وتحرير الذهن من الحاجة إلى إعادة التفكير ،وهذا ِس ُّرنا الصغير. المكرر. ّ النظام هو وحدة فكريّة مستقلة ،لتحرير الذهن من التفكير فلنأخذ المال على سبيل المثال ،فعند تشكيل نظام شخصي إلدارة المال ،فهذا النظام يعمل على توفير الطاقة بتقليص تفكيرك في كيفيّة إدارة المال ك ّل مرة ،ومن خالل تنظيم الحركة المالية إلى مداخل ومخارج معيّنة ،وهذا المبدأ نفسه يطبّق على مستوى شركة تدير المليارات ،ولكنها ستستخدم حينها برامج حاسوبية معقّدة ،وفرقا عاملة لتدوير النظام .لكن بالعمق اإلثنان واحد ،وباحجام مختلفة ،فاالثنان نظامان هادفان لتوفير الطاقة. فواحدة م َّما جعل اإلنسان أكثر المخلوقات سيطرة على األرض ،هو قدرته الرهيبة على خلق األنظمة المختلفة .ومن أعقد األنظمة التي احترف تشكيلها اإلنسان ،هي األنظمة المجتمعية ،وفي أساسها كودات فكريّة مبرمجة لتحديد طرق التبادل، والتواصل ،والتطور ،ومن هنا خلقت المدن ،والحضارات. ولكن تذكرأن ك ّل هذه األنظمة تعمل تحت مظلة واحدة ،وهي المظلة الفكرية ، فكلّها بأساسها أفكار .فأنظمة المجتمع ،والمدن ،والحضارات وحتى المال بدأت كلّها كأفكار ذهنيَّة ،حتى أصبحنا نراها كنظم حقيقية في الخارج ،ولها كيانها الخاص .وكأن النظام يتحول مع الوقت إلى عقل خارجي ،ليبدأ بتحديث نفسه، والدفاع عن وجوده ،وسنذ ّكرك مرة أخرى؛ كي ال تنسى أنه مهما تعقّد النظام ،فهو ال يتعدّى مستوى األفكار .فمثال لو نظرت على نظام المال أمامك ،ومن دون «فكرة المال» ستراه كورقة ،ولو نظرت على الورقة من دون «نظام اللغة» الذي أطلق عليها اسم «الورقة» ،ستراها كما هي» طاقة»! فوراء ك ّل األفكار ،تستنبط الحياة كما هي :كطاقة ابتكارية واحدة ،وفي صلبها خامة الفكر ،وهي خامة األنظمة كافّة. نقول هذا لنرتقي بمستوى تمكينك ،لتوقن ّأال شيء في الكون يُشكل من خارج ذهنك ،فحتى المال ،والمجتمعات ،والبالد أجمع ،تتش ّكل من داخلك ،فك ّل هذه مخزنة في عقلك َّ األنظمة تستخدم ذهنك لتشكيل وجودها ،فكلّها كودات فكريّة الباطن اآلن ،وتفعَّل ك ّل لحظة لتكرار بقائها ،كلّها أفكار. صة عن المال وتقرر أن تبدأ بتشكيل أنظمتك الخا ّ ّ ولك أن تتوقف اآلن ،وتتنفّس، والعمل والتعليم ،والعالقات وغيرها .وبهذا ستستذكر حقك الشرعي لتشيكل حياة فريدة ،بأنظمة فكريّة فريدة ،أنظمة تتماشى مع قلبك ،وليس األفكار المبرمجة بالوعي الجمعي. ألنّه بالنهاية الذين ش َّكلوا األنظمة الموجودة اآلن ،ليسوا أذكى منك ،وقد ال تكون نيتهم خدمتك ،بل على العكس تماما قد تكون الستعبادك! فغالب األنظمة الحالية تعمل كخادم للمصالح الشخصيّة متماشية مع أسلوب الهرمية في التسلسل ،وفيها أن األنظمة الحالية هي لمصلحتك ،فغالب تظن واهما ّ ّ األسفل خاد ٌم لألعلى؛ لذا ال ي من خوف ال يمكن أن يكون ت من نظام الخوف ،وما بُ ِن َ األنظمة الموجودة اآلن بُ ِن َي ْ صة ،والتي أنت حام ألجندته الخا ّ وتطور اإلنسانيّة كك ّل ،وإنّما هو ٍ ّ لتطورك ّ رافدا لست جزءا منها. وال نعني هنا أن المشكلة في مفهوم النظام نفسه ،بل بنوعيّة التفكير الذي ش َّكلَهُ، فإن كان النظام مغذَّى من فكر متناغم مع الروح أصبح خادما للحب والوحدة ،وإن حاد عن ذلك فهو أصبح وحشا كاسرا ،يُس ِكت جوعه المستمر بالتغ ٍذّي على جهلك بقوتك االبتكاريّة. الضمني ّ تذ ّكر أنه هذا ليس نداء للعب دور الضحيّة ،بل نداء للحريّة ،لتقوم بتشكيل أنظمتك الخاصة؛ ألنّه كما قلنا ،وسنقول ك ّل األنظمة بأساسها أفكار ،ولك أن تختار نوعيّة ي جديدة في العمل جديدة من األفكار ،ومعها أنظمة حياة جديدة ،تُجسد منها معانِ َ والصحة والعالقات ،أو كما قالها ببراعة «ستيف جوبز « : »Steve Jobsالحياة تصبح متقدمة أكثر عندما تكتشف حقيقة واحدة بسيطة ..أن ك ّل شيء في الخارج، والذي تطلق عليه اسم الحياة ،هو نتيجة تفكير أشخاص ليسوا أذكى منك ،وتستطيع ي هو عنصر ال أن تغيره» ،نعم تستطيع أن تغيّره؛ ألن عنصر التكوين االبتكار ّ محدود ،ومتاح بداخلك اآلن ،فهذا ميراثك الكوني الذي ال يمكن أن يسلب منك؛ لذا بحكمة لتشكيل أنظمة ثورية ،وتقدُّمية تتوازى مع قلبك ،وقلب استخدم هذا الميراث ِ اإلنسانيّة الواحد. لهذا الغرض بالذات ،بدأ الكتاب بعمليّة إيضاح شمولي لعمليّة التغيير بإرجاعها سرا بذلك طريقة عمل الذهن ،وكيف إلى أصلها الحقيقي ،كعمليّة داخليّة باقتدار ،مف ِ ّ أنه يسلك نظامين محركين :الحب أو الخوف .هذا اإليضاح الجذري سعى أن يكشف أن ك ّل األنظمة الخارجيّة تعمل بأحد هذين االتّجاهين ،إ ّما الحب أو لك اآلنّ ، بحس الحب ِّ الخوف ،وبينهما يسكن النطاق الفكري كامال ،فإحداهما ممتلئ والرسالة ،واآلخر فاقدٌ لها. ولألسف ،األنظمة التي ش ّكلَتها اإلنسانيّة حتى اآلن بعيدة ك ّل البعد عن نظام الحب، نظام الواحد ،والمشمول فيه طاقة الحبّ التقدّمي؛ لذلك نرى نظام التعليم يجهلك بذاتك ،ونظام العمل يستعبدك بطريقة عمل رتيبة ،وأوقات جموديّة ،ونظام العدالة يزيد المجرمين إجراما بتمكين صورة المجرم في داخلهم ،وغيرها. وواحدة من غايات الكتاب الرئيسية ،هي السعي لتغيير األنظمة الحالية ،بتغيير النظام األساسي ال ُمش ّكل لها ،وهي :السيكولوجية اإلنسانيّة ،بإرجاعها إلى تعبير ي الحدوث الحب والوحدة والرسالة ،وعندها سيصبح تغيير األنظمة الخارجيّة تلقائ َّ لنشهد سويًّا َبعدها رؤية جديدة ُكلّيًّا لعالم جديد. فتخيّل عالما فيه نظام التعليم يتحول من التبجيل المغلوط للجزء التحليلي ،إلى رفعة الحدس والتعبير الفريد عن الذات ،وتخيّل «السجون» ليست مكانا للعقاب ،وإنّما والتطور في حبّ الذات .وتخيّل النظام المالي يتسامى عن تصنيع ّ «مساحة للشفاء»، وحكمة التبادل في القيمة الوهميّة ،بغرض الكسب العشوائي ،إلى وضوح الرسالةِ ، روح العدالة القلبيّة .وتخيّل نظام الصحة يرتقي عن ثقافة التخدير لأللم ،إلى فهم الرسالة التي يريد إيصالها األلم ،وتخيّل أيضا أن هذا النظام يغطس أعمق من منظور الفيزيائيّة البحتة في تشخيص المرض ،إلى البحث الشمولي فيه ،وعلى ك ّل المستويات ،الروحيّة والعاطفيّة والذهنيَّة والجسديّة .وتخيّل نظام العمل يرتقي عن «الروبوتيه في األداء» ،وخدمة المصالح الشخصيّة ،ليتحول إلى شكل من العبادة ي .وتخيّل نظام القيادة يرتقي من السيطرة، في العطاء ،ونهج لرفع الوعي ال َج ْم ِع ّ وصناعة التابعين ،إلى خلق الفضاء اآلمن لألشخاص ليزهر من قلبهم القائد الداخلي، وفي هذا ضمنيَّة التمكين واإلبداع والفَرادة. وتخيّل العالقات الحميمة ،ترتقي من مفهومها التقليدي ،بانتظار فارس أو فارسة األحالم لتعطيك السعادة األبدية ،للنظر إلى العالقات الغرامية كوسيلة للتطور، وتعرية الذات .وتخيَّل نظام التربية يرتقي عن حاجة السيطرة ،والتملّكَ ، ور ْمي ِ المكررة على األبناء ،باستخدام كافة أشكال التالعب العاطفي من الرضا َّ األوامر المغلوط وغيرها ،إلى التربية الصادقة ،عن طريق ضرب المثال ال ُمل ِهم لألبناء في يتحول فيه ّ حب الذات ،والشفاء العاطفي ،والتمكين ،واالستقاللية الطاقيّة ،نظام ال ُمربّون إلى تالميذ مع أبنائهم لالرتقاء بمستوى وعيهم الشخصي ،وبذلك العائلة ككل ،وتخيّل .وتخيّل .وتخيّل… أهمية هذه الخياالت تتعدّى مساحة الحلم فقط ،إلى مسألة وجوديّة بحتة ،وفيها بقاء الجنس اإلنساني على ال َم َح ّك ،فاألنظمة القديمة قد استهلكت نفسها ،واستهلكت بحكمة القلب لتفوح من هذه األنظمة ك ِّل الروائح اإلنسانيّة ،بسبب فقدانها االتصال ِ َّت ك َّل الحدود ،وخصوصا بسبب الكريهة ،وتتابع فيها األخطاء الفادحة ،التي قد تعد ْ التطور التكنولوجي السريع في الوقت الحالي .في هذه األخطاء المتتالية خطورة مهدّدة للبقاء اإلنساني ،ليس ألن المشكلة بسرعة التطورالتكنولوجي ب َح ِدّ ذاتها ،بل بسيكولوجية اإلنسان المريضة بالخوف ،والجشع ،والجهل. لذلك نرى األنظمة الحالية تأكل من نفسها ،وتثقل كتف اإلنسانيّة بجراثيم التعقيد والطمع الجائر ،لتلوث بيوتنا ومجتماعتنا ،وتلوث الهواء ،والماء ،والسماء أيضا، جنس مهما ارتقت مكانته أن يستهلكها .وإن ي ٍ ونظام األرض المتّزن ال يسمح أل ِّ كانت روح األرض ُمحبّة وصبورة ،فهناك تصبح التضحية واجبة ،وباتّجاه األهم، واألهم هو األرض ،وبقاؤها ،وال نقول هذا إلخافتك ،بل إليضاح الضرورة القصوى لتغيير األنظمة الحالية ،والتغيير يبدأ من داخلك اآلن ،من رؤيتك القلبية، سرنا الصغير. وهذا ُّ تغيير األنظمة الحالية يبدأ من داخلك اآلن. أن تغيير األنظمة يبدأ من داخلك اآلن ،وأ ّما هذا ببساطة ما نحاول إيصاله هناّ ، القوة بيدك اآلن، االعتماد على النظم الحالية ،ستبقيك أسيرا في ُمكبّالتها .الجميل أن ّ لتشكيل أنظمة راقية تعمل من قلب الوحدة في داخلك ،أنظمة تسري سريان األفكار المتناغمة ،وباتّجاه الحب والتوحيد ،وليس األحكام والتقييد .هذه النقلة ليست بالصعبة؛ ألن األفكار عنصر طليق ،ومتغيّر ،وله القدرة على التشكيل ،والتغيير، وتأن لخلق أنظمتك ٍّ بحكم ٍة والتحويل بالطريقة التي ترغبها ،فاستعمل األفكار ِ صة ،من «رؤية روحك» الخاصة. الخا ّ وهذه الرؤية الروحيّة ستحول مفهوم الرؤية عندك ،من بضعة أهداف شخصيّة، إلى رؤية شمولية ،يستحدث فيها أنظمة جميلة ،وتقدّمية لك ،ولإلنسانيَّة كافّة. أكاد أجزم أن السؤال العالق في ذهنك اآلن هو :كيف لي أن أبدأ بتشكيل رؤية الروح اآلن ،وفيها أنظمتها الفريدة؟ البداية تستند إلى مدى ع ُمق فَهمك بأنّك المش ِ ّكل لواقعك ،ومعه أنظمة الحياة كافة، وال نتكلّم هنا عن الفهم الذهني لهذه الحقيقة فقط ،بل الفهم المتغلغل بك ّل خالياك، لترى نفسك كالمش ِ ّكل لواقعك فعال ،وترى أن الواقع هو خبرة تستحدث من داخل مستمرة من ّ المحركة .بتعمق هذا الفهم ،وهي عمليّة ِّ ذهنك فقط ،وكذلك أنظمته التمكين ،تصبح قدرتك على هندسة أنظمة حياتك بالبسيطة جدًّا ،بل تصبح كنوع من اللعب الممتع. أن مصدر االستضعاف اإلنساني هو واحد ،وهو عدم إيقانك الكامل بأنك تيقن من ّ المسبّب لنتائجك ،وهو خلل جذري بفهم قانون السبب والنتيجة .فقد تكون «عارفا» لهذا القانون ،ولكن على مستوى الذهن التحليلي فقط ،ومن دون موافقة العقل الباطن عليه؛ لذلك يبقى قانون السبب والنتيجة رهنَ «الفكرة الممتعة» لك ،وليس الحقيقية التي تعيش بها حياتك. فإن سعيت للفهم الكامل لقانون السبب والنتيجة ،فهذا يحتاج إلى الغ َْر ِز اليومي لهذا القانون في نفسك ،مع تخفيف المقاومة له من عقلك الباطن ،بالبحث والتم ّحص الدقيق ،لتكتشف فعال ،ومن دون جدال أنك المسبّب لكل تجلّيات حياتك .فكل مقاوم ٍة «لحقيقية» أنك المش ّكل لواقعك ،ستتحول إلى مساحة للعب دور الضحية واالستضعاف من جهتك ،وبالتالي لن تقدر على تشكيل رؤيتك ،فإن كان واقعك ليس له عالقة بك ،فكيف تكون رؤيتك؟ وبدأت َ غ ِرز في داخل عقل الباطن لح ٍدّ معيّن، وسنفترض هنا أن هذا المفهوم قد ُ الفهم بأنك المش ّكل لواقعك ،وخصوصا بعد ك ِّل ما قيل بالوحدات السابقة؛ لذلك لن نطيل الحوار عن قانون السبب والنتيجة ،وسنغوص سويًّا بكيفيّة تشكيل رؤيا الروح .ولكن لن نخوض هنا بكافة الحيثيات لكيفية فعل ذلك بتقسيم رؤيتك إلى ظم محدّدة ،وهندسة التفاصيل الملهمة لك ّل ركن؛ ألن هذا سيحتاج إلى أركان ونُ ٍ كتاب آخر ،ولكن سنقدّم لك هنا بداية الطريق. وبداية الطريق تبدأ بمفهوم بسيط ِجدًّا ،ولكن غاية في العمق والفاعلية ،ليفتح بصيرتك القلبيّة لمستوى جديد من هندسة الرؤية. أدرسه للمتدربين ،وأطلق عليه اسم «عجلة التناغم». هذا المفهوم ِ ّ «عجلة التناغم» هو اسم أطلقتُه على الدوائر الثالثة التي تراها هنا ،والتي يعملون سويّا إليضاح رؤيتك الشموليّة ،قبل الغوص بتفاصيلها .فإن كان في هذه العجلة تناغم وتوافق ،سارت عجلة حياتك بتدفق رهيب ،ومعها أنظمتها المهندسة ،وإن بطأ تدفق العجلة.التسوس الفكري بسبب البعد عن تيّار القلبَّ ، ّ اكتظت العجلة بشحمةّ  كما ترى في الصورة ،فالعجلة فيها أبعاد ثالثة أساسية ،تمزج رسالتك ،بتعابيرك صة ،وبالقيمة النهائية التي ستق ِدّمها للعامة ،وك ّل من هذه األبعاد قد ت َّم توضيحهاالخا ّ بوحدات الكتاب السابقة بطريقة أو بأخرى ،وهنا ستجتمع هذه المفاهيم سويًّا، لنوضحها من خالل عجلة التناغم ،حتى تستوي في رأسك ،وقلبك الصورة الكبرى. في الدائرة األولى ،يسكن البُ ْعدُ األول ،وهو أكثر األبعاد ِستْرا للناظر ،وهو بعد صة ،ويتجلّى منها حلمك ومهمتك .هنا تتبلور طاقة الرسالة .هنا تتخ ّمر رسالتك الخا ّ التكوين كاملة ،لينطق نبضك االبتكاري منها بهيبته الشامخة ،وإرشاداته الصامتة، في هذا البعد يحصل االلتقاء الداخلي مع سبب مجيئك إلى كوكب األرض ،هذا إن حصل طبعا! فترى طاقة الفرادة ،والتكوين تولد من هذا االلتقاء ،لتتَّضح تفاصيل رؤيتك وأنظمتها ،وأهدافها ،وكيفيّة تحقيقها. قد نقول إن بُعد الرسالة ،يتجلّى بارتفاع قدرتك السريعة على العودة إلى فضاء القلب ،فكلما التزمت التدريب الصادق للعودة إلى قلبك»بعد اللحظة» ،بتخفيف االنخطافات الذهنية إلى قصص الرأس الخائفة ،كنت على اتصال أكثر برسالتك، ض ْمنيًّا أن هناك رسالة أكبر منك ستحس ِ ّ ورسالة الوجود ككل؛ ألنه من بعد القلب تقود حياتك ،وإن كنت ال تعرف تفاصيلها ،وهذا اإلحساس بالذات هو ركيزة الرسالة األساسية ،وما يعطي لحياتك المعنى .ففي داخل قلبك تلتقي ك ُّل الرسائل تنوعها وفرادتها؛ ألنه بالعمق تزهو رسالة واحدة موحدة لك ّل الوجوديّة على ُّ المخلوقات ،وهي… هل لديك الفضول لتعرف ما هي الرسالة الجامعة لك ّل الخ َْلق؟ ض ْمنِيّة ْت بنعم ،فلن نطيل الحوار :هي التطور في درجات الوعي ،ومعها ِ إن أجب َ التطور في استشعار هللا لذاته ،والقدرة الكامنة على التعبير عن الذات اإللهية على ّ األرض .هذه هي نيّة التكوين األولية ،هي نيّة خالصة من قلب هللا. هذا المفهوم قد يبدو غريبا للبعض؛ لذلك نوضحه سويًّا ،والطريق األمثل الستيضاحه عن طريق الخوض بأساس «رحلة الروح» .فكل األرواح هي تعايبر عن روح الواحد ،تمشي في رحلة ّ الال منتهى. رحلة الروح هي رحلة مستمرة استمرار الحياة ،وإن اختلفت تجلّياتها الفيزيائيّة في حدود المكان والزمان لخدمة التطور؛ لذا كن على يقين من أن رحلة حياتك لم تبدأ مع بداية عمرك األرضي ،ولن تنتهي مع نهاية جسدك الحالي! والهدف من أية رحلة تأخذها الروح ،هو االرتفاع بمستوى الوعي كل مرة ،فيزداد معه مستوى التناغم والحب والحكمة والوحدة مع المصدر ،وبما أن روح هللا الواحد ذات مستويات ال محدودة من الوعي ،فرحلة الوعي كذلك .هي لعبة روحيّة ال متنهية، فاسترخ؛ ّ ألن ِ يُستنبط منها الدروس المختلفة على كل مستوى من المستويات، رحلتك أبديةٌ أبديةَ الوجود. وبما أنك على األرض اآلن ،فأنت تلعب جزءا من هذه اللعبة الروحية ،وهو جز ٌء مهم ِجدّا ،جدّا ،جدّا؛ ّ ألن اللعبة األرضية فيها تح ٍدّ َمهول ،وقد توفر لك نقالت هائلة في الوعي ،إن سمحت لهذه النقالت بالحصول .السبب بذلك هو طبيعة اللعبة األرضية ،وشروطها «الغريبة الحكيمة» ،والتي تنص أن عليك أن تنسى أصلك ّ لتظن واهما أنك قطعة لحم فيزيائيّة. الال محدود،ي ّ الروح ّ في هذا التح ِدّي المهندَس ،فرصة للتذكر ،واختراق كافة األبعاد ،للصعود بمستويات تطورك الروحي بماليين المرات .هو تح ٍدّ كبير الوعي لمراحل رهيبة ،لتسرع من ّ على الروح ،يرغمها على التطور الخارق ،وغير المسبوق. للتوضيح ،تخيّل أنك تلعب رياضة معيّنة ،وتتقنها باحترافية ،ودعنا نفترض هنا طلب منك أن تضع ِعصابة على عينيك كي ال ترى ،وأيضا أنها كرة القدم ،ومن ثم ُ طلب منك أن تربط يديك خلف رأسك ،ليس هذا فحسب ،بل أن تربط رجليك أيضا، ُ والطريقة الوحيدة للركض حينها هي القفز .انتظر -لم ينت ِه التحدي بعد -بل عليك أن ك ّل هذا التح ِدّي هو جزء من «اللعبة» ،ظانًّا أن هذه القيود هي أيضا أن تنسى َّ حقيقتك الجسدية. قوة الخيار ،إ ّما بلعب دور الضحية ،والنواح المستمر على حظك السيّئ، هنا تتجلى ّ أو بلعب اللعبة كاملة كما هي .إن عشت اللعبة كاملة ،حينها قد تولد منك قدرات خفية لم تتخيلها من قبل ،فقد تُدرب حواسك الحدسية ،وعمق بصيرتك لرؤية الملعب من غير النظر ،وقد تنمي تناغمك العضلي، وعزيمتك ،لطريقة القفز الفعالة ،ومن يدري ماذا قد يأتي بعدها؟ وقد تحس مع هذا التطور بالقدرات ،الشغف العميق لتعليم الناس الجدد في هذا الطريق ،لتعلمهم بعض األسرار ،والخفايا التي كشفت لك ،لتسيير اللعبة بسرعة وجمال ،وبالرغم من كل ال ُمقَيّدات . وتفك عندك ك ّل هذه القيود الوهمية ،ليبرأ النظر ّ وعندما يأتي الوقت المناسب، وترجع المشية إلى حالتها األصلية ،فلن تكون كالسابق؛ ألنك تعلّمت مهارات قوية وجديدة لم تكن تحلم بها من قبل ،مهارات تضيفها لقدرتك األصلية للجري والرؤية. حينها تكون القيود المهندسة خدمت رسالتها ،وأتى الوقت لمرحلة جديدة من اللعبة. هذه نفسها لعبة الروح ّ الال متنهية ،يتفنّن فيها الوجود بخلق األلعاب المختلفة ،وعلى مختلف األبعاد والكواكب ،وعلى مدارات مختلفة من المكان والزمان ،وما بعدها. وباتصالك الراسخ بقلبك ستلعب اللعبة بحرفية ،وستستذكر حدسيًّا «سبب» اللعبة األصيل كمحفز لرفعة الوعي .بذلك ست ُفتح لك العديد من أسرار اللعبة ،وإرشادات الرحمة الباطنية لتسيير اللعبة. كروح بدور ٍ فأنت تلعب لعبة الحياة الروحيّة في وجودك هنا على األرض ،تلعبها إنسان ،وبما أنك أتيت برسالة خاصة لرفع الوعي باتّجاهها ،فأنت مدعو ٌم تماما. فمهما كان التح ِدّي الذي تواجهه هنا ،هو مدعوم بالقوة التطورية لرفعة الوعي، وبالتالي تحقيق الدروس المطلوبة في مراحل اللعبة الروحية «التي اخترتها أنت». في هذه النظرة الشمولية للحياة ،لن تظن أن عليك أن تح ّل التحديات المالية على حدة والعالقات على حدة و و و… .وإنما ستأخذها كلّها كتحديات سطحية بهدف واحد« ،رفع الوعي». مرة ،وهذا ثابت فمهما كان التحدي الذي تواجهه ،فلديك الفرصة لرفع الوعي ك ّل ّ كوني؛ ألنك تعمل في ضمنية قانون القطبية .ففي كل مكان يتواجد فيه التحدي هناك بسيط يرشدك إلى وعي أعلى ،فلكل شيء قطب آخر .لهذا السبب قلنا في السابق ٌ ح ٌّل إن في داخل األلم يتواجد السالم والرسالة ،وفي داخل ما تلعنه ،يتواجد الخير ّ وفرصة التطور؛ لذا في عقر التحدي الذي تواجهه اآلن ،حل بسيط يضيف به ارتقاء لوعيك ،وبالتالي ارتقاء برسالتك الخاصة ،ومعه االرتقاء باللعبة الروحية. وكما قلنا ،فالقلب هو مفتاح التذكر لقوانين اللعبة وأساسها ،ليس هذا فحسب، فاتصالك القلبي سيخرج منك رسالتك الفريدة في خضم الرسالة الجامعة لرفعة تتكرر في خطوط الزمان الكونيّة ّ الوعي .رسالتك الفريدة هي رسالة «لم ولن» كافّة؛ ألن الخلق فريد ومتجدّد الخلق ،هنا ستزخر بذاتك كنسخة فريدة من روح الحياة الواحدة. ويا لها من لعبة مدهشة بذاتها! وحكمة مدهشة تديرها ،ورسالة مدهشة تحركها، ليجتمع في دوامتها الباطنيَّة والظاهرية ،الرسالة الجامعة لك ّل الخليقة ،والرسالة صة فيك ،وهذا من ِحكمة التكوين ،بالقدرة المتناهية على جمع النقائض. الفريدة الخا ّ لذلك بُعد الرسالة هو السند والمركز لعجلة التناغم؛ ألنّه يبقيها في طاقة التكوين صة ،وتعبيرك الخاص ،والقدرة على إعطاء األصيلة ،ليتسارع منها رسالتك الخا ّ سرنا الصغير.القيمة المفيدة ،وهذا ُّ طاقة التكوين األصيلة هي مركز رسالتك. أعتقد أننا تع ّمقنا كفاية في دائرة الرسالة ،فلننتقل اآلن إلى الدائرة الثانية ،والتي شخص ٍ فيها يقطن بُعد التعبير ،وهو ببساطة شديدة ،األدوار التي تهوى تأديتها .فك ّل له األدوار الفريدة التي يعشق التعبير عنها أكثر من البقية ،وال يأتي تفضيلك لدور هنا على اآلخر هنا ،من التعلق «بمنصب» الدور ،وكأن الدور يصبح منصبا فخريًّا، لتفخيم نفسك من نقصها الزائف ،وإنّما يأتي من اختيارك ،وتفضيلك الروحي الخاص ،ليتحول إلى خادم لرسالتك. نتكلّم هنا عن األدوارالفريدة التي ترتقي بقدرتك على ترتيب رسالتك ،والتعبير عنها إلى أسمى المراحل الممكنة .وعند البدء بالتف ُّكر في هذا البُعد ،عادة ما أطلب من المتدربين التركيز على خمسة أدوار رئيسية -ال لغرض التقييد -بل لغرض تركيز الطاقة. للتخفيف اآلن من وتيرة المدخالت الذهنيَّة ،وقبيل القفز إلى الدائرة الثالثة ،دعنا نوضح ،ك ّل ما ذكر عن أول دائرتين حتى اآلن ،بإعطائك مثاال شخصيًّا ،ومن رؤيتي الشخصيّة. أن رسالة حياتي األساسية هي كبقيّة الخليقة برفع الوعي .وأ ّما على ي ّ فمثال أن أ ِع َ صة ،فهي تتمركز حول تمكين الجنس اإلنساني ليجسد حقيقته بُعد رسالتي الخا ّ لحظة بلحظة ،وفي كل نواحي الحياة ،لخلق أنظمة ،ومجتمعات مستنيرة .ومن هذه ت مهمة خاصة ،بإيقاظ مليون قائد مستنير في عام .٢٠٣٦ الرسالة تجلَّ ْ أما في دائرة التعبير ،فتتجلَّى عندي أدوار رئيسية محبّبة لروحي ،وهي :دور المعلم ،الخيميائي أو الساحر المستنير ،الريادي المبتكر ،المدرب العبقري ،وقائد التغيير .وطبعا هذه األدوار قابلة للتعديل -على حسب عمقي المرحلي في رحلة اكتشاف الذات -ولكن في الوقت الحالي أحس أنها األدوار التي تحاكي وريد قلبي. ولتجذّري بالرسالة الجامعة لك ّل األدوار في قلبي وذهني ،يسقط عن هذه األدوار ثقل الهوية الزائفة ،إلى خفة التعبير اللحظي ،ألراها كأدور مسرحية ألعبها ،وأتقنها. أؤديها فقط ال غير ،من دون االلتصاق بها ،ومن دون تحويلها كوسيلة لتحصيل القيمة والحب. صة هو نهاية القصة ،ولكن قد يبدو اآلن للناظرأن التقاء الرسالة باألدوار الخا ّ اإلجابة ال ،فروح األرض العادلة ال تستريح ،حتى يتم التبادل بين عناصر الكون، ففي روح التبادل ضمانة كونيّة الستمرار العطاء والتطور .تصل عمليّة العطاء إلى أوج حالتها ،عندما تُترجم الرسالة ،وأدوارها نفسها إلى قيمة عمليّة ،لتحل بها مشكلة معيّنة للعامة ،وهذه هي الدائرة الثالثة .دائرة القيمة ،أو تبادل القيمة. فهنا يتحول الدور إلى قيمة تنتفع بها العامة ،كتأليف كتاب ما ،أو تدريب ،أو ،أو، أو… ب التطور بالمهارات الريادية واالرتقاء بها ،فهنا وجب احتراف وهذا البُ ْعد يتطلَّ ُ التسويق ،والبيع ،والكالم العلني ،وغيرها من المهارات األساسية بالريادة .ولكن ي هنا كباقي الناس ،فعملك الريادي يذخر بالثراء، الرياد ّ المحرك لعملك ّ ِّ لن يكون صل بالنظام الواحد ،ورسالتك ألنّه متأصل بشرور أقوى ،وأصلب بكثير ،فهو متأ ّ الوجودية ،ومتأصل باألدوار التي تشحن رسالتك باإلثارة ،لتتحول القيمة الريادية المتداد لما كان أصيال في قلبك. ي ذهنا رياديًّا ،وتتعلم عن التسويق ،وفنون اإلقناع ،وعلوم تخف أن تبنِ َ ْ لهذا ال اإلنجاز ،وإدارة المال ،وذهنيَّة الغنى ،وغيرها من العناصر المه ّمة في الريادة، فهذه العناصر ليست بالقبيحة ،وإنّما طريقة استعمالها إن خلت من الرسالة ،قد تتحول إلى التالعب القبيح .ولكن لك أنت بالذات يا من ارتضيت أن تتحرك بعمق َّ صة فيالقلب ،فالتسويق لك هو وسيلة لنشر رسالتك ،وهو رسم لشخصيّتك الخا ّ العالم ،وأما علوم اإلنجاز لك ،فهو عهد الملتزم بعطائه لضمان اإلنهاء السريع والدقيق لما بدأت ،وبالنسبة للتعمق بفهم المال ،وإدارته الحكيمة ،فهو مغ ٍذّ لقدرتك على التأثير ،واالنتشار والتغيير. لذا من المهم أن تستوفي األبعاد الثالثة لتعيش رؤية الروح كاملة ،فهذا االستيضاح هو ما سيوضح لك رؤيتك الخاصة ،وألركان حياتك كافة ،وأنظمتها المهندسة، وغير هذا ستكون ركيك القاعدة وركيك البنيان ،وهذا ما نراه لألسف مع كثير من الرياديين .فمن المضحك المبكي ،أن غالبية الرياديين يبحثون عن الرسالة على البعد الثالث مباشرة ،فتراهم يسألون « :هل رسالتي أن أفتح مطعما ،أم ماذا؟» والسبب لهذا اللغط الدارج هو الجهل بالبعد األول والثاني ،ألنّهم غير مرئيين، ويحتاجون إلى تعمق أكثر بالذات. فالبعد األول ،والثاني يحتاجان إلى الكشف الصادق لثنايا نفسك ومتاهاتها ،وكشف أماكن الزيف فيها ،وفي هذا ضمنية الكشف لمواطن عدم األمان من داخلك، لتحتضنهم بروح الحب والتقبّل ،بدل إسقاطهم على الخارج .هذا الذي قد يراه الريادي السطحي بالشيء المنفصل تماما عن نجاحه المستدام. لذا بقلب األخ ال ُم ِحبّ سأطلب منك ّأال تقع في هذا اللغط ،وال تظن للحظة أن النجاح المستدام الصادق يأتي من البعد المرئي ،بل غير المرئي دائما وأبدا .فالقيمة المرئية هي النتيجة للعمق الذي لمسته في ذاتك ،وإن خلت قاعدتك السيكولوجية من العمق، سيكون المحرك لك هو البحث الجائع عن النجاح السطحي فقط .حينها سيعمل قانون التردّد والجذب ضدّك؛ ألنّك تعمل من تردُّ ِد القلة وليس الوفرة ،فالنجاح الحقيقي هو نتيجة تع ُّمقك باكتشاف ذاتك ،ومدى جرأتك للتعبير عنها بقيمة فعّالة ،ومفيدة. فالتع ّمق بذاتك سيثري قدرتك على التعبير ،والعطاء ،والعمل لتشكيل قيمة نهائية رمزيّة التبادل. يُستفاد منها ،فتستقطب منها المال كشك ٍل من ِ األولين ،وكان التركيز فقط على بُعد القيمة ،ستقع فإن فقدت التركيز على البُ ْعدين ّ مباشرة في حضن المنافسة ،فال شيء مميّز بالذي تنتجه هنا غير التغنّي بمميزاته السطحيّة؛ لذلك نرى من حولنا أنواع الدعايات الفارغة ،التي تتغنى بسرعة هذا الكمبيوتر ،أو لذة هذا الطعام ،أو كفاءة هذا الشامبو ،ومن دون عنصر حقيقي في جوهرها .فالعنصر الجوهري البراق ،هو روح الرسالة ،أي روح التعمق بالذات. تذكر أن االتصال مع العمالء ال يحصل َّإال من عمق الرسالة ،ثم لك أن ت ُ ِ ّ سخر الدعاية في هذا االتّجاه ،فاالتصال ،والثقة ،والوالء ال يحصلون َّإال على مستوى الجزء العاطفي ،والجزء العاطفي هو نتاج االتصال بالراسالة. لذا ترى الذي بدأ عمله الريادي بهدف تغيير العالم لألفضل ،له طريقة مختلفة في صة ،والتي تقطن في رحلته الخاصة الدعاية ،مرتكزة على ذكر قصته الخا ّ هم لهالكتشاف الذات ،ونوعيّة التحدّيات التي واجهها ،وتطور منها ،ليحولها ك ُم ْل ٍ وكمحرك للقيمة النهائية التي يقدمها .فصاحب الرسالة ال يحتاج إلى الزيف ّ وللناس، في الدعاية واإلقناع ،وإنّما يستخدم هذه العناصر ،كمكبّر لحقيقته ،ونشوته الصادقة للتغير اإليجابي. فان كان هناك ريادي تحترمه ،وتراه متميّزا بأسلوبه الفريد ودعايته ،فتأكد من أنه القوة االبتكاريّة في داخله، اتصل بذاته على عمق أكبر ،تأكد من أنه اتصل بمصدر ّ ومعها الرغبة الكاملة للتغير ،وحتى لو لم يفعل ذلك بإدراك كامل .فعمليّة التوازي مع روح الحياة االبتكاريّة ،فيها ضمنيَّة التوازي مع األبعاد الثالثة ،ليرتووا من بعض ،وينسابوا مع بعض. ي» في هذه األبعاد الثالثة ،وباإلجابة «األو ِل ّ َّ لذا سأطلب منك أن تأخذ الوقت ،للتفكر عن هذه األسئلة الثالثة ،عن طريق الكتابة الخطية: -إن كان هناك سبب يدفعك للتغير اإليجابي بالعالم ،ولديك كل المال والوقت والموارد لتحقيقه ،فماذا يكون؟ -إن ُخيِّرت في مسرح الحياة ،أن تختار أي دور ،وبالمعرفة الكاملة أنك ستنجح فيه ،ماذا ستختار؟ -إن كان لديك ك ّل المهارات ،والقدرات لتحويل هذا الدور لقيمة تنتفع بها العامة، فماذا ستشكل؟ اآلن وبعد إكمالك لهذا التمرين ،سأكون صادقا معك… من النادر أن تجد إجابات فورية لهذه األسئلة ،ألن األجابات تتضح مع التعمق بذاتك .ولكن عند تالعبك الذهني المستمر بهذه األسئلة ،في إطار عجلة التناغم، ستعطي ذهنك فرصة التفكر برؤيتك بطريقة شمولية أكثر .ومع الوقت سترى عناصر الدوائر الثالثة تستنير من داخل ذهنك وقلبك ،لتجد من السهولة حينها أن ِس أركان حياتك وأهدافها ،وبغاية الدقة والوضوح .هذا ال يعني أن عليك انتظار ت ُ َه ْند َ صة ،فهذا أسلوب نظام وضوح الدوائر الثالثة قبل البدء بهندسة أركان حياتك الخا ّ الخوف في االنتظار األبدي ،وإنّما لك أن تبدأ اآلن ،وال تقلق سنعقب بعد قليل على طريقة البدء بهندسة أركان الحياة ،وسترى كيف ستسند هذه الحركة التقديميّة وضوحك الطاقي أكثر فأكثر ،ومعه وضوح الدوائر الثالثة أيضا ،فهي عمليّة تبادلية. فالوضوح ال ينزل عليك فجأة كحال «البيانو» الذي يقع على رأس البطل في أفالم الكرتون ،وإن حدث كذلك ،فهو يحدث عادة بعد استواء الوعي لمرحلة عليا من كريستالية الوضوح .ففي غالب األحيان يأتي وضوح المسعى من التفكير العميق، والتأمل ،والتعبير الصادق المستمر باتّجاه «نقطة الوضوح القادمة» ،فوضوح سرنا الصغير. الرؤية هي عمليّة ديناميكية ،وليست رتيبة متجمدة ،وهذا ّ وضوح الرؤية هي عمليّة ديناميكية مستمرة. لذلك استخدمنا «عجلة التناغم» لتسريع ديناميكية الوضوح ،وسأضمن لك أنها طريقة فعّالة ِجدًّا ،ليس ألني طرحتها عليك فقط ،بل ألنّها نفس طريقة عمل الطبيعة، فالطبيعة تعمل بهذه العجلة المتناغمة منذ األزل .فهناك رسالة جامعة لك ّل أركان الطبيعة ،وهي التناغم الكلّي ،وفيها ضمنيّة االرتقاء المستمر للوعي باتّجاه التوازن، والحب ،والحكمة الكليّة ،ليسطع من هذا االرتقاء الرسالة الفريدة لك ّل عنصر في الطبيعة. الرسالة الفريدة لك ِّل عنصر في الطبيعة ّ مخزنة بكودات ك ّل بذرة ،وبالرغبة لتجسيد بصمتها الطاقيّة الفريدة في العالم ،ثم يرتقي من هذه الرغبة التعبير الفريد أيضا، لتعبّر البذرة عن نفسها كشجرة السنديان ،أو زهرة التيوليب الجميلة ،وبالنهاية تخرج القيمة النهائية .وقد تكون هذه القيمة كالثمرة التي تأكل أو الغذاء الذي يغذي عناصر الطبيعة األخرى؛ لذا كل عناصر الطبيعة حقيقية ،وتعبر عن ذاتها بفرادة، وهذا ما يفترض به أن يكون حال اإلنسان ،هذا إن أردنا السالم على األرض. فالطبيعة تعمل بالتناغم مع رؤيا الحياة ،وهي التعبير الفريد عن روح الحياة الواحدة .ولكي تنساب مع نفس هذه الرؤيا المتناغمة عليك أن ترجع لمصدر التناغم األصيل من داخلك ،والذي يعيدنا إلى نفس النقاش األصيل :كن أنت. كن أنت هو سر التناغم مع الطبيعة؛ لذا سنقول إن عجلة التناغم هي ببساطة :كن أنت. بالتناغم مع كن أنت وعجلتها االبتكارية ،ستبزغ تدريجيًّا رؤى معينة لكل نواحي أن كن أنت ،هي رؤية واحدة مقيدة ،بل هي فضاء دائم حياتك .وال تظن واهما ّ الال متناهي .بهذا المنظور ،تصبح التالعب ألن «أنت» الحقيقية هي فضاء الذات َّ الحياة كالفضاء الملهم ،لتنتقي من كتالوجاته ما تشتهي وتحب ،لذلك تراني دائم البحث عن أشخاص ملهمين حول العالم ،ألكشف لنفسي احتماليات جديدة من كتالوج الحياة ،احتماليات لم أكن أراها من قبل ،ألستعملها بعد ذلك كرافد لرؤيتي، صة ،وبطعمي الخاص .فمثال :قد أرى شخصا ش ّكل حركة تغيير على وأركانها الخا ّ مستوى العالم ،وعنده شركات ُكثُر ،ولكنّه بنفس الوقت يعمل من دون جه ٍد ُمض ٍْن ي ساحر ،لينجذب إليه النجاح بك ّل بساطة وأناقة ،وبحريّة أو شقاء ،بل بيُسر طاق ّ وقتية ،ومكانيَّة ،ومالية رائعة ،عندها قد أضيف هذا الجزء إلى ركن العمل في رؤيتي ،وبما يتناسب مع فرادتها. وبعد كشف هذه االحتمالية ،وإضافتها إلى رؤيتي في العمل الخاص ،أبدأ بتفعيل هذه االحتماليات ومعاييرها الجديدة من داخل وعيي ،حتى تصبح واقعي الجديد الذي أجسده داخل خاليا جسدي ،أي حتى أحسها بجسدي ،ومن دون أية مقاومة، وبهذا أتناغم مع الواقع الجديد قبل تج ِلّيه على أرض المادة .ومن ثم أبدأ التحرك بهذا المنحى من دون شقاء ،وبخطوات ملهمة ،ومستمرة ،ومتناغمة ،هكذا أف ِعّل قانون السبب والنتيجة لالتجاه الذي أرغب ،هكذا أهندس حياتي بإدراكٍ ُم َو ّجه، وبخيارات حرة مستقلة. وقد تتساءل اآلن :ولكن حتى اآلن ال أدري ماذا أريد ،أو كيف أهندس أركان الحياة األساسية؟ وكما قلنا من قبل :لن نخوض بتفاصيل هذا الحوار لعمقه ،ولكن سأرشدك للطريقة التي أستخدمها لهندسة أركان حياتي بوضوح وأناقة. شخصيًّا أنا وشريكتي استنبطنا أسلوبنا الخاص في هندسة الرؤية في كافة نواحي حياتنا ،بعدما أُلهمنا «بكتاب الحياة «. Life Bookكتاب الحياة هو طريقة استحدثها الثنائي الرائع «جون وميسي »Jon and Missyلخلق حياة مدهشة .من الغريب مدر َبيْن بتطوير الذات أو ما شابه ،وإنما هما رياديّان على مستوى رفيع، أنهما ليسا ِ ّ نجاح عا ٍل ،وبصيغة المادة نتكلم هنا على الباليين ،والمدهش ٍ ولهما شركات ذات في أسلوب حياة جون وميسي ،ليس النجاح المادي فقط ،بل قدرتهما السحرية على تشكيل أعلى مستويات الحياة الممكنة ،وعلى كل األصعدة. كنت محظوظا ألخذ كورس كتاب الحياة ،والذي امتدّ لمدة أربعة أيام في فندق ساحر الجمال في غابات ماليزيا .أربعة أيام ال نفعل شيئا سوى التأمل صباحا وليال في أركان الحياة ،طبعا لن أَقدر أن أشارك كل تفاصيل التجربة؛ ألنه يطول شرح الموضوع ،والسبب الثاني؛ ألني ليس لدي الحق لمشاركة هذه المادة. بعد هذه التجربة قمت مع شريكتي مديحة باستحداث رؤيا الروح ،والتي ندرسها اآلن من كورس يمتد لمدة ٥أيام بنفس العنوان ،رؤيا الروح .وسأشارك معك هنا نواحي الحياة الــ ٩التي نشاركها مع الناس :الصحة ،العالم الداخلي ،الوعي ،قيادة الذات ،العالقات الرومنسية ،الصدقات والمجتمع ،التربية ،العمل والمال ،اليف ستايل أو أسلوب الحياة. وسأسمح لك ،أن تسمح لنفسك باستيضاح هذه النواحي ،أو كيفما اخترت أن تهندس حياتك… قد تحس اآلن باللغط بين هذه األركان وعجلة التناغم ،هذا مفهوم .ولكن في الحقيقة هم «مكملين لبعض» ،فعجلة التناغم هي الصورة الشمولية لرؤيا الروح ،وأركان الحياة هي تجلّي األنظمة من هذه الصورة الكبرى .وقد يقفز اعتراض آخر لذهنك ليقول :إن بناء الرؤية يتطلب وقتا وعمال ،ومجهودا كبيرا! هذا صحيح على مستوى معين ،ولكن النتائج ستغير حياتك؛ ألنه ستكون لك رؤيا واضحة كالكريستال لتقود حياتك. سيكون لك منهج واضح الختياراتك ،سيكون لك تركيز هائل من الصورة الكبرى إلى التفاصيل ،ستكون مقاد من روحك ،وليس من الضوضاء الخارجية ،التي تغريك هنا وهناك من دون وجهة واضحة. اآلن ،أود أن أضيف نقطة معينة لموضوع الرؤيا ،إنه من عملي مع كثير مع المتدربين على المستوى الشخصي والجماعات ،استنتجت أن عملية التطور تمر بمراحل معينة حسب مستوى الوعي ،وعادة ما تكون رؤيا الروح على مستوى آن واحد ،لتبدأ من عا ٍل من الطاقة .فعملية التطور تمشي بطريقة لولبيّة وهرميّة في ٍ وعي الضحية إلى التمكين ،ثم القيادة ،إلى التعبير الصادق ،ثم تصل إلى الوحدة مع تتحول هذه الطاقة إلى التعبير عن الوحدة ،عن طريق رؤيا الروح، َّ المصدر ،بعدها وهنا تبدأ روحك ببلورة نفسها على األرض ،وبأنظمة واضحة وصلبة .ومن ثم تكمل طريق التطور إلى فتح معارف الحكمة ،عن طريق احتراف عملية التج ِلّي، يتحول وجودك، ّ وطاقة األنظمة ،وأسرار الخيمياء ،لتصل الذروة وهي عندما ورؤياك المشكلة إلى حركة تغير كاملة في العالم ،تُلهم مجتمعات وشعوب .حينها كقوة وعي شموليّة ،تتحرك بين األرض والسماء لتلهم الماليين. يصبح الشخص ّ أعط ِه المجال لذا ال تضجر إن كنت تحس أن مفهوم الرؤيا بعيد عنك حتى اآلن ،بل ِ ستحس بطاقة الرؤيا تدفعك ّ بر ِويّة .وعندما يرتقي الوعي لدرجة معيّنة، لينضج َ للتعبير عنها ،وهنا تأتي الكتابة للرؤيا كالمرحلة القادمة لك .وحينها ستدرك أن عليك التركيز ثم التركيز ،ثم التركيز ،الحتراف القدرة على التجلّي السريع لهذه ض ْمنها احتراف التواصل مع الناس لتحقيق الرؤيا، الرؤيا على أرض الواقع ،وفي ِ فنحن ال نعيش على جزيرة لوحدنا. للتذكير: * الرؤيا سترتقي بك من العيش تحت األنظمة المبرمجة ،لهندسة أنظمتك الخاصة. * هناك ٣أبعاد لعجلة الرؤيا من الرسالة ،إلى األدوار الخاصة إلى القيمة . * الرسالة الجامعة لك ّل البشرية هي رفعة الوعي. * ستعيش حياة الوفرة ،عندما ترى كل نجاحات األشخاص أمامك ،ككتالوج قد تضيفه لرؤيتك الخاصة. أسئلة للتفكر: ماذا تريد؟ ماذا تريد حقًّا؟ لو أيقنت أنك موجود على األرض لسبب ،وسبب مه ّم ،ماذا سيختلف في أسلوب حياتك؟ ما الذي يلهمك في أسلوب حياة شخص ما؟ هل تستطيع أخذ ما يلهمك في الخارج ،وإضافته لرؤياك ،وبما يتناسب مع ذوقك؟ كيف؟ التواصلُالكاملُ نحن نذكر التواصل هنا؛ ألن التواصل هو من سيتوج رحلة الكتاب التي بدأنها، فكيف لك أن تدّعي التواصل الكامل مع ذاتك ،إن لم تكن قادرا على االتصال مع بوابة جديدة من مناجاة اآلخر؟ لذا سنقوم هنا ّ بفك عقدة االتصال ،ولألبد ،لتفتح لك ّ اآلخر ،وفي هذه المناجاة تتجلَّى أرقى أحاسيس الحب ،والرحمة ،والتقدم اإلنساني. لقد عهدنا أن يطرق باب االتصال مع اآلخر على أنه تكنيك لتحترفه ،ولكن هذا ليس فقط يخلو من الصحة ،بل فيه الكثير من التعقيد غير الضروري ،فماذا لو كان االتصال هو أبسط م ّما تتخيل؟ وماذا لو كان االتصال هو فطرتك األصيلة؟ وماذا لو كان عكس ما تعلمنا هو األدق :أن االتصال ليس «تقنية سرية» للتعلم ،بل هو الحاصل عن االلتقاء .وال تخطئ هنا إحساس االتصال ،بالقدرة على التحاور، وح َرف للصقل ،والتطوير والتأثير ،واإلقناع والخطابة ،فاألواخر هي تقنيات ِ المستمر ،ولكن االتصال ال. طورت مهارة الحوار -من دون روح االتصال ،-فلن ننوه أنك إذا ّ ومن المهم أن ّ تتطور صادقا في حوارك ،ولن تكون ّإال ذلك المشذب في الكالم واإلقناع ،من دون الصدق في المسعى ،وهي حال الكثير من القادة والسياسيين ،طبعا من اختار منهم الزيف على تعرية النفس .وفي هذا خطورة كبيرة على نفسك والناس. وللعودة إلى فرضيّتنا األولى عن االتصال ،بأنها حالة فطرية عن التقاء البشر، فالسؤال الذي يطرح نفسه من وحي الفرضية هذه :كيف يتم إعاقة هذا االتصال إذا؟ وفي هذا السؤال دقة هائلة عن السؤال القديم ،بنوعية التقنية التي عليك احترافه لالتصال. وبهذا التساؤل سيرتقي فن االتصال وعلومه الرديفة ،إلى مس ّمى آخرّ ، كفن التوقف عن إعاقة االتصال! فعند التوقف عند إعاقة االتصال ،سيرجع تواصلك إلى ما وجب أن يكون عليه ،كحالة فطرية تخلو من التعلم .فهل لك أن تتخيّل طفال يتعلم أدق -في حالة اتصالاالتصال ،أم هو أصال في حالة اتصال مع اآلخر -أو بصورة ّ مع ذاته ،وفي هذا شمول لآلخر. نفك ُمعيقَ االتّصال ،واآلن. لذا دعنا ّ هو ،وبكل بساطة… األفكار المشتّتة. من دون األفكار المشتتة سيحدث االتصال تلقائِيًّا من قلبك ،كنوع من التالقي بين اإلخوة واألخوات ،وفي هذا ضمنية الترابط واإلنصات العميق على مستويات سرنا الصغير. تتعدّى حروف الكالم .هو نوع من اإلنصات الروحي المقدس ،وهذا ُّ من دون األفكار المشتتة ،يتجلّى اإلنصات المقدس. فاإلنصات المقدّس الذي يخترق أحشاء الخوف واألحكام والدفاعية ،هو الحاصل، إن لم تقف عائال في وجهه ،هو اإلنصات على أعمق األبعاد الممكنة ،وهو بعد ْ الوحدة الروحية .من روح الوحدة ستحس معنى التواصل الصادق بأم عينيك، وستدرك سحره غير العادي. ولكن إن كان هذا النوع من التواصل بعيدا عنك ،وما زال ذهنك يطلب تمرينا عمليًّا لتطبقه ،فلك هذا ،وهو شكل من التجربة الممتعة للتالعب بها… في المرة القادمة التي تتحدث فيها مع شخص ،ويقوم هو بالحديث ،اسأل نفسك التالي :ماذا أفكر االن؟ هذا السؤال سيضيء إدراكك الذاتي لكمية األفكار المشتتة من داخل رأسك ،لتعي أن نوعية هذه األفكار ال تتعدَّى تحليلك الفكري لكالم الشخص ،لتحضير اإلجابة المسبقة ،هو السماع بهدف الرد فقط ال غير .وبسؤالك ماذا أفكر اآلن ،ستتعالى عن ي من عالم األفكار المبرمجة ،إلى هذه التيارات الذهنية ،ليحدث السقوط التدريج ّ فضاء الوحدة. في فضاء الوحدة ،يتجلَّى وعي اإلنصات المقدس ،هو اإلنصات الحدسي الذي ال يحتاج إلى التحليل ،والتجهيز ،والحكم ،والمرواغة .هو اإلنصات الذي تحس من خالله أنك تستمع إلى نفسك بهدوء ،ولكن في جسد آخر. أيعقل أن يكون هذا الحب؟ نعم يا صديقي هذا هو الحب من نظام الحب ،وليس الحب الذي اعتدنا عليه، والفارق بين االثنين شاسع .فمصائب اإلنسانية كافة هي من المحاوالت البائسة للحب ،من دون الفهم الكافي لنظام الحب ،وهذه ليست فكرتي الشخصيّة فحسب، وإنما ما أبرز في ملخص كتاب ما. ألديك الفضول لمعرفة هذا الكتاب؟ قبل اإلفصاح عن اسمه اسمح لي بأن أروي قصته معي… في مرة كنت أزور صديقتي إيمان في شركتها ،والمضحك باألمر أني أكتب هذه الكلمات اآلن من مكتبها أيضا! في تلك الزيارة قالت لي إيمان« :إيهاب خذ هذا الكتاب فقد يعجبك» ،وعندما نظرت إلى عنوانه تجلّت ابتسامة رقيقة على وجهي، أتريد معرفة السبب؟ كان عنوان الكتاب« ،نظام الحب» ،أليس هذا بالغريب؟ فأنا أدرس منذ سنين عدّة عن نظام الحب ،ونظام الخوف ،ليأتي كاتب آخر من فضاء آخر ،مؤكدا على نفس المفهوم .عندها تيقنت أن نفس هذا الوعي الذي أحمله باستمرار يعج «باإليثر»، وهناك مجموعة من األشخاص تلقطه وتجسده بتعابير مختلفة ،وحول مواضيع مختلفة ،ومن أماكن مختلفة ،فصاحب الكتاب ألماني ،وهو يستخدم نفس التعريف: نظام الحب. استهواني هذا الكتاب ،ونظرت مباشرة إلى خلفيته ألستوضح ملخصه ،وهذا كان الملخص :سبب معاناتك هي محاولة الحب من دون فهم نظام الحب ،أنا أقر بحقيقة تقر أيضا ،وللتأكيد انظر من حولك .فكم من اآلباء واألمهات هذه الجملة ،وأعتقد أنك ّ يحبون أوالدهم ،ولكن تواصلهم معهم -أو عدمهم باألحرى -ال يتعدى بحيرة الخوف والتقييد المقيت ،لدرجة أن الكثير من األبناء أصبحوا يشتهون موت الوالدين ليذوقوا طعم الحرية ،هل هذه الجملة صادمة لك؟ قد تكون كذلك ،ولكنها الحقيقة ،فالكثير دربتهم هذه هي رغبتهم السرية. من األشخاص الذين ّ تحول الحب لطغيان ،وبهذا أمسى التواصل كشكل من االختناق؟ اإلجابة فكيف ّ هي ذاتها من ملخص ذلك الكتاب :محاولة الحب من دون فهم نظام الحب. للحب نظام ،نظام يحكم حركة األرض والكواكب بدقة متناهية ،وإن غفل هذا النظام عن سيادته ،ولجزء من اللحظة ،سيحدث انهيار كوني في كل شيء من حولك ،وهذا يتضمن جسدك .فنظام الحب هو نظام االتزان ،وهذا االتزان محكوم بسيادة القانون ،هو قانون الواحد ،وكوداته الروحية ،هي كودات غير قابلة للتشفير أوالتالعب. لذا إن جرى اتصالك من تناغم النظام ،سيسطع منه االتصال والحب األصلي، وليس كمشاعر رومنسية آنية بل «ب َحرفِية» الوحدة ،فاالتصال الصادق فيها الحدس الداخلي ،بأنك واحد مع من تتكلم .كالكما تعبير عن مصدر الحياة الواحد. أنصت خلف أفكارك الشخصيّة ،فأنت كائن في روح الوحدة ،في روح النظام، َّ فإن وغير ذلك أنت في نظام الخوف وأحكامه المتكررة .وكل ما عليك فعله لتنساب بمنحى الحب ،هو العودة للسؤال ذاته في خضم الحوار :ماذا أفكر اآلن؟ هذا السؤال سينقل تركيزك من تيارات األفكار الشخصيّة ،وإن لم تكن مدركا لها، بالقوة ،فهذا سيبعدك أكثر ّ إلى عمق أكبر .وال نعني هنا أن تحاول إيقاف أفكارك عن قلب االتصال ،ولكن بالوعي لألفكار المتسارعة ،ستأخذ خطوة واحدة خلف ضجيجها ،وعندها ستعي المعنى الحقيقي لالتصال. فك ّل األفكار التي تلعلع في رأسك بحجة السمع ،ما هي َّإال انغالقات على منظورك الخاص ،تفلتر فيها المعاني التي يقصدها المتحدث من مفهومك الشخصي المبرمج. فتراك تحصر اتصالك مع كل البشر إلى منظورك الخاص ،أليس في هذا نوع من ّ المبطنة؟ العجرفة ،وحتى طعم من العنصريّة هكذا لن تستمع بغرض الفهم والتعلم والتطور ،بل بهدف االنتصار لنفسك ،تستمع لهيمنة أحكامك وإسقاطاتها الشخصيّة .هكذا يستحيل االتصال؛ ألنّه ابتعد عن مكان االتصال األصيل ،وذهب باتجاه األحكام غير المتزنة ،وهل هنالك شيء يدعى باألحكام المتزنة! ولكن إن استشعرت الحوار من عمق أكبر ،سترى أن الحوار ليس صراعا للصحة، أو معركة لغلبة رأيك على اآلخر ،بل هو حوار تمتد فيه أمواج البحر في شاطئ األمان المطلق ،هو أمواج متنوعة ،ومن خبرات متنوعة ،تلتقي فيها أبعاد الحياة المختلفة ،فيحصل الشفاء ،والتقارب بين الناس. يحصل الشفاء عندما تمد يديك إلى اآلخر ،للتوافق معه في المكان الوحيد الذي يسكن فيها الوفاق ،وهو االتفاق على وحدة الطبيعة األصليّة بينك وبين البشر كافّة. هو االتفاق مع اآلخر ،في المكان الذي يذوب فيه اآلخر ،وتدب فيه وحدة الحياة، سرنا الصغير.وهذا ّ اللقاء الحقيقي مع اآلخر ،يحدث في المكان الذي يذوب فيه اآلخر. للتدرب عليه ،بل هو الحاصل في ذاتك األصلية إن ّ وكما قلنا ،هذا ليس تكنيكا تفطنت لألفكار المشتتة ،هي الفطنة لوعي الذات من ضجيج األفكار المزعج ،وبهذه الفطنة ستستطيع أن تراقب نفسك أيضا .بالمراقبة ستكتشف مخاوفك الدفينة لحظة اتّقادها خالل الحوار ،وستكون قادرا على التعالي عنها ،أو التعبير عنها ،على حسب المطلب الطاقي حينها؛ ألنّها فقدت وصمة الشخصنة عنها ،فتراك بهدوء ورصانة قد تقول في الوقت المناسب« :آه إنّي أالحظ أنك عندما تقول كذا وكذا، تتفعّل مخاوفي ووسائلي الدفاعية ،فهل من الممكن أن تعيد ما قلت؛ ألنصت لك من قوة وأمان مطلق ،وكيف ال؟ وأنت رأيت ما بعد مكان أعمق؟» ،في هذا االعتراف ّ تعرى نفسها لآلخر. وسائلك الدفاعية ،وسمحت لنفسك بأن ّ وإن أفقدك الخوف لفطنتك ورشدك ،وهو سيحصل معك ،كما يحصل معي ومع كل شخص ،فهذا طبيعي ،فانتظر عندما تستعيد وعيك األصلي ،لتقوم بشفاء عدم األمان من داخلك ومع خلوتك بنفسك .وحتى قد تقوم بعدها باالعتذار للشخص قوة أيضا. بعدها؛ ألنك كنت غارقا في مخاوفك ،وهذه ّ بهذا ستشفي مخاوفك االجتماعية ..واحدة تلو األخرى ،حتى تصل بعد فترة إلى االسترخاء الكامل في الحوار ،وكأنك تتكلم مع أي شخص من داخل الجاكوزي! هو االسترخاء الذي يه ِيّئ سقوط المحبين إلى روح الوحدة ،وبهذا سيجتاح اتصالك لمسة من الدفء ،وحتى إن كانت األفكار متناقضة ،فالدفء يطغى على االختالف. فالمتّصل الحق ال يرى باالختالف مولّدا للرهبة ،وال ينشد من تقارب األفكار الراحة واألمان؛ ألنه يعي أن كل وجهات النظر تسبح في فضاء الوحدة .هو فضاء تلتقي فيها روح اإلنسان الواحدة ،ومهما بعدنا ،لن نبعد عن هذه الوحدة ،فهي شاملة وخالدة ومتعددة األبعاد. وال نعني هنا أنك باالتصال الحق ستكون موافقا على ك ّل األفكار وفي كل الحوارات ،على العكس تماما ،فهذا نوع من «الطاعة الوهمية» ،بل ستكون أصالتك بقوة أكثر ،فيما توافق ،وما ال توافق عليه ،ولكن دون السقوط عن بُعد معبرة ّ الوحدة ،وعندها سيرجع الحوار بين البشر ّإال ما كان يفترض أن يكون عليه، كوسيلة للتالقي واالمتزاج. ومن المؤكد أنك اختبرت هذا النوع من التالقي من قبل ،وكأنّك في حضرته توقف خالب من الحب ،ومن الممكن أنك ظننت حينها بإحساس َّ ٍ فيك الزمان ،وأحسست أظن!) ولكن ماذا لو قلت أن هذا الشخص هو رفيق روحك (على األقل هذا ما كنت ّ لك إن هذا ما يفترض أن يكون عليه االتصال ،إن تجاوزت «بأناقة» أفكارك صة ووسائلك الدفاعية. الخا ّ الشخص القادر على هذا المستوى من االتصال العميق ،هو ما يطلق عليها العامة الرقّة والجاذبية .فحضوره كام ٌل بالجذاب؛ ألن حضور هذا الشخص فيه نوع من ّ صا يحس فيه األشخاص بالغبطة واالكتفاء ،ظانّين ّ أن هناك ِس ًّرا خا ًّ ّ ي وصادق، ونق ٌّ في حضرة ذلك الشخص ،وما تلك الوصفة السِرية ّإال اإلنصات من روح الوحدة. هو إنصات يتعالى عن منظورك الخاص ،وحتى منظور اآلخر ،إلى مساحة الحياد بينكما ،حرفيًّا! تجرب هذه التجربة أيضا ،ففي حوارك القادم ،وبعد سؤالك ماذا أفكر ،قم فلماذا ال ّ بتركيز إدراكك على المساحة بينكما. في مساحة المنتصف بينك وبين «اآلخر» ،يسود الحياد من شخصنة اآلراء ،ويعم إنصات خاص بهيبة خاصة ،هي هيبة روحيّة ،يستشرى منها ٌ اإلنصات العميق ،هو حضور ملموس خلف كل الكلمات .هي هيبة ال يحتملها نظام الخوف ،فتراه يحاول أكبر دلي ٍل على ذلك ،فتذكر أردت ََّ الهرب منها بتعبئة الفراغ بالكالم الفارغ ،وإن آخر مرة صعدت فيها على المصعد ،وأحسست بالحاجة للتكلّم ،فقط ألنّه من الغرابة أن يسود السكوت. سيّة أخرى من داخلك ،فتراك تقرأ في هيبة اإلنصات العميق ،تتيقّظ قدرات ِح ِ ّ األشخاص على أبعاد مختلفة لم ت َ ْد ِر أنها متاحة لك من قبل ،أبعاد أعمق بكثير من مستوى الكالم نفسه .فالكالم وإن حمل الكثير من المعاني ،فهي سطحيّة ،بل غاية فيستشف الحاجات العاطفيّة ،والطاقيّة ّ من السطحيّة ،وأما اإلنصات الحق، للشخص ،وعندها ستكون قادرا على إشباعها. فتخيّل أنك تكلم صديقك ،ويقول لك « :المشروع الذي بدأته أصبح ًّ ممال جدًّا ،وإني ال أحس بأي شغف تُجاهه اآلن؛ لذا سأتوقف عنه؛ ألنه ليس مناسبا لي» ،إن لم تنصت بعمق قد تحاول إقناعه بالبقاء ،ولكن باإلنصات الذي يتجلّى من داخلك ،قد تستمع لشيء آخر ،شيء يقال من «طاقة الكالم» ،وقد يكون « :إني أحب هذا المشروع ،ولكني أخاف من الفشل ،وأريد التأكيد إنه إذا فشلت سأبقى محبوبا»، وهنا سيكون ردك كالشافي لهذه الحاجة الصامتة ،فتراك تذكره بحبك ودعمك له مهما كانت النتيجة ،وإنه حتى إن فشل ،فهناك دروس ليتعلمها فيمضي باتجاه النجاح القادم. وقد يخطر لك اآلن ،ألم يكن من األسهل لو عبر األشخاص ع ّما في خلدهم مباشرة؟ واإلجابة طبعا! تصله البشريّة حتى اآلن ،ليس ألن الناس ْ ولكن هذا ال َم ْنحى في التعبيرالصادق ،لم َّ ألن الغالبية ال تدري رغباتها األصيلة وال تجيد قراءة الرسائل كاذبة بالعمد ،بل ّ العاطفيّة من داخلهم ،فكيف لهم أن يعبروا لك عنها بوضوح؟ لذا قراءتك العميقة للكالم خلف الكالم ،هو شفاء للنفس اإلنسانية ،وهذه القراءة هي بقوة غريبة عنك ،بل هي إقرار بحقيقة فيزيائيّة ثابتة :هي قدرتك على نسخ ليست ّ التردد الطاقي للعواطف اإلنسانية ،فكل حاجة عاطفية لها تردّد معين ،وقراءتك لها هو قراءة لتردّدها .هكذا تلتقي الفيزياء ،والسيكولوجية كواحد. باألساس ك ّل شيء في الكون هو واحد؛ ألنه ال يضع هذه التقسيمات الوهمية بين الفيزياء ،والسيكولوجيا ،والفن ،والعلوم ،والرياضيات ،والروحانيات ،واألديان. كلها واحد! ولكن مع أن الكون يجمع وال يقسم ،ولكن يبقى له تقسيم من نوع آخر، هو ليس تقسيم األحكام ،بل تقسيم الحب والثراء. أتريد أن تعرف ماهية هذا التقسيم؟ ّ األدق أن نقول: هو تقسيم العوالم الشخصية .أو طبيعة العوالم المنفصلة. العوالم المنفصلة هي أساس االتصال اإلنساني ،وعدم المعرفة بحقيقة العوالم المنفصلة ،هو من يقيد الناس بالتشدد والعنصرية ،بظنهم الواهم أن عوالم كل األشخاص واحدة ،وهو نفسه عالم الشخص ذاته .فترى الشخص حينها يفسر كالم الناس كافة بما يتوازى مع معانيه الخاصة ،وحاجته العاطفية الخاصة. فطالما اعتقد البشر أن هناك عالما واحدا ،ثابت األركان ،وواضح المعالم ،ومن ثم هناك كافّة الخليقة التي تقطن هذا العالم .طبعا هذه فرضية مغلوطة تماما ،وتتنافي مع فيزياء التكوين ،ومنها تكوين الخبرة اإلنسانيّة ،فالحقيقة المطلقة أن لك ّل شخص عالمه الخاص الفريد .هذه الجملة ليست بالتصويرية ،بل فيها كل ّالحرفية؛ ألن العالم ،أو ما يس ّميه الناس «بالعالم» هو خبرة الشخص ألفكاره ،ولذلك ال يمكن أن يختبر شخصان العالم بالطريقة نفسها بالضبط .فاتجاه تشكيل العالم كما الواقع ،من الداخل إلى الخارج ،وليس العكس ،وهذا سرنا الصغير. لكل شخص عالمه الخاص. ويقينك المطلق بأن لك ّل شخص عالمه الخاص ،سيغير أسلوبك في كل اللقاءات؛ ألنك تعرف أنك تقابل عالما جديدا كل مرة ،وليس فقط شخصا جديدا ،وعندها ستتعالي على كل األحكام والتقيُّدات .أيضا معرفتك في العوالم المنفصلة ،سيضيف بعد اإلنسانيّة التصالك؛ ألنّك ال تأتي هنا فارضا أن خارطتك الذهنيَّة للعالم هي نفسها ألي شخص آخر ،فهي فريدة فرادة البصمة ،وإن كان فيها الكثير من التشابهات ،فهذه المعرفة ستسقط من إدراكك البعض من الغرور ،والكثير من االفتراضات ،لتفتح أذنك الداخليّة لعمق أكبر من الفضول. في مساحة الفضول مساحة أكبر للدهشة ،وقدرة أكثر للتعبير عن مكنوناتك ،فهنا لن تفترض أن العامة تقرأ خريطتك الذهنيَّة بالجلوس معك فقط ،وإن كان القلّة القليلة من األشخاص احترفت ذلك عن طريق النسخ الطاقي المو ّجه بالنية، عول على هذا الشيء.وسأنصحك أن ال ت ُ ّ فكم من المرات وقعت في خالف مع شخص آخر ،وعندما واجهته ،أدركت أنه لم َي ِع أصال أنّك في خالف .فالتفسير الذي أطلقته على كلمة معيّنة قالها ،هو ما سبَّب الخالف في داخلك ،وليست الكلمة نفسها. ومن خالل تدريبي لكثير من الناس أرى أهمية العوالم المنفصلة قائما ،فمن دون هذا الفهم ستراني «أفترض» معاني الكلمات التي يقولها المتدرب ،وعندها ستفقد الحكمة ،وإمكانيات التطور في هذه الفرضيات؛ لذلك أسعى دائما إليضاح الكثير من ِ معاني الكلمات ،فإن قال لي المتدرب :إن هذا الشيء يعني لي الكثير ،فتراني أسأل ماذا تعني بأنه يعني لك الكثير؟ فشخصيًّا إن عنى شي ٌء لي الكثير ،فالمعنى هو االلتزام به ،أم للمتدرب ،فقد يكون المنحى مختلفا تماما. العوالم المنفصلة هي مفتاح الفهم لآلخر ،بدل ال ُحكم عليه ،فمنطقه وإن كان لك غاية «بالتخلف» هو محكوم بنسيجه الفكري الذي يشكل عالمه ،وميكانيكية عمله، وإن تمحصت في هذا النسيج ،وسعيت لفهمه سترى بالعمق ،أن ك ّل أنواع األنسجة الفكريّة تصب في نية واحد :النية اإليجابية لعالم أفضل. والسؤال الذي يطرح نفسه :كيف سيغير هذا المبدأ «نوعية» الحياة بصورة عملية؟ لك أن تتذكر اآلن حاالت العراك المستمرة بين السياسيين ،فقط ألنّهم لم يعوا أنهم كلهم يعملون بنفس النية ،ولكن بنسيج فكري مختلف .فإن عرفوا أن النية الجامعة هي نية إيجابية ،ستختفي العواطف الملتهبة من الحوارات ،ويعم الهدوء واإلنصات الروحي الكامل. كيف ذلك؟ فكر في الذي يحارب من أجل تيار سياسي معين ،فهو يفعل ذلك لما يظن ان فيها األفضل للبالد ،فهو يتحرك من نية إيجابية ،والذي يتشدد لتيار عقائدي معين فهو يفعل ذلك لنفس السبب .كلها تصب بالعمق في نية إيجابية. فكلنا نعيش في عوالم منفصلة ،وبأنسجة فكرية منفصلة ،ومس َّخرة بِنِيّ ٍة إيجابية، سرنا الصغير.وهذا ُّ مهما اختلفت العوالم الفكرية ،كلها تلتقي بِنِيَّ ِة إيجابية. شر الشرور ،بل هو االلتقاء عندما يدرك الناس أنه باختالف األنسجة الفكرية ليس َّ بالنية اإليجابية ،ستنتهي األحكام فورا ،وسيع ُّم الفهم .هو الفهم لطبيعة الخبرة اإلنسانيّة ،كتجربة فريدة لك ّل انسان ،ولوال هذه الفرادة لخال الكون من عنصر التطور أبطأ من البطيئة. ّ الثراء ،ولكانت عمليّة هذا ألن الفرادة هي الوالدة لعمليّة التغذية الراجعة في الكون ،ومن دون الفرادة، ستتقلص التغذية الراجعة إلى منظور واحد عن الحياة .ولكن الحياة بحنكتها أبت أن سع المدخالت واآلفاق تكون هذه الحال ،وضمنت أن تؤسس نظاما ثوريًّا وثريًّا ،يو ّ والمخرجات .فإن اختبر ك ّل شخص العالم كحالة فكريّة فريدة ،وهو الحاصل ،فلك الحكمة المتواردة من ك ّل هذه العوالم ،والتي تصبّ بالنهاية في قلب أن تتخيّل كمية ِ الحياة الواحدة. وحتى في علوم الفيزياء الكمية ،تتضح فكرة التغذية الراجعة مع مصدر الحياة الحكمة في والمس ّمى بـ «المجال ،»fieldفك ّل شخص يغذي ،ويتغذى من مصدر ِ الحياة ،مضيفا إليه ومتعلما منه .ولك أن تتخيّل حجم المعلومات المتبادلة ،عندما يكون لكل شخص خبرة فريدة للعالم ،مقابل عالم واحد ،يٌرى من منظور واحد. ّ ولك أن تتخيَّل أيضا التض ُّخم في المعلومات ،إن كان لك ّل ذرة فرادة التبادل المعلوماتي ،وليس فقط لكل إنسان -وهو الحاصل -بهذا تصل الحياة إلى أسرع للتطور السريع. ّ مسرعة بهذا شغفها األصيل ّ حاالت التبادل المعلوماتي، وإن بدأ الحوار بالتعقد لترحاله إلى األبعاد العليا ،فلنقف ،ونتنفس… حرفيًّا تنفس، ولنرجع إلى الفكرة ذاتها :لك ّل شخص عالمه الخاص ،فاحترم هذه الحقيقة وقدّسْها، وستفتح لك بالمقابل األهمية المطلقة من «االنفصال» .فهذا االنفصال ال يولد انفصاال بين الناس ،كما هو انفصال الخوف ،بل على العكس تماما ،فتعبير الرحمة والتعاطف ما هو َّإال وليد هذا االنفصال في العوالم ،ألنه يو ِلّد الرغبة لالتصال على ما تعالى عن االنفصال ،وهو المصدر الذي تنبثق منه ك ّل العوالم المختلفة. ولنرجع هذا المفهوم للعمليّة ،كما اعتدنا ،اسمح لي بأن أروي لك القصة التالية… كنت مرة مع صديقي في متجر األفالم لشراء فيلم السهرة ،ومن خالل مسيرنا في المكان والذي يع ُّج برائحة األفالم وت َ ِب َعاتها ،من إكسسوارات األقراص الضخمة القديمة ،وقعت عينه من بين ك ّل األفالم على فيلم عن القرش « ، »jawsفركض ي بحماسة ،وقال« :إيهاب دعنا نشاهد مسرعا إليه وابتسامته تتّقد ،ومن ث َّم نظر إل َّ .»jaws بالرغم من رغبته القوية ،كان لي رأي مختلف تماما؛ ألن «خبرتي» مختلفة تماما، َّبت لي االنسداد الكامل في معدتي، فالنظر إلى صورة القرش على غالف الفيلم ،سب ْ ي تريدان الرجوع إلى الخلف. وحتى أني أحسست بقد َم َّ ولكن لمعرفتي بالعوالم المنفصلة ،رجع الفضول إلى نفسي ،واسترخى جسدي، وسألته« :ماذا تحب بهذا الفيلم ،فقال« :القرش »،وسألته« :لماذا تحب القرش؟ الحدّة ،واالنسياب و و و…» ،وباالستمرار «فراح يروي لي صفاته القوية من ِ بعملية اإلنصات العميق كان «عالمي» عن «القرش» يتسع ليلتقي «بعالمه» عن منظور آخر لم ٌ «القرش» .هنا بدأ الفضول بالتزايد أكثر ،فكلّما تكلّم أكثر ،فُتِ َح لي أره عن القرش من قبل ،وقد يكون في العمق منظور جديد لم أره عن نفسي من قبل. قد يبدو هذا المثال سخيفا للوهلة األولى ،ولكن تخيّل أني افترضت هنا أننا االثنان نختبر العالم بنفس الطريقة تماما ،فبهذا االعتقاد سيبدأ ذهني باالنجراف إلى األحكام تدريجيًّا ،قائال بداخلي« :ما هذا الذوق السخيف الذي لديه باختيار األفالم ،أال يرى أن هذا الفيلم مخيف؟ أهو يعشق الخوف والدراما ،أم ماذا؟ وقد يطول الحوار للوصول« :آااه قد عرفت أنه من نوع األشخاص الذين يسعون للدراما فقط ،وال يسعون للتطور واإليجابية و و و…» .بالتسارع مع هذه األحكام سترى النقاش يتدرج من األحكام إلى االنغالق إلى العدوانيَّة ،فتراني أقول له حينها بصوت صارخ « :ال ،لن نحضر هذا الفيلم ألنّه ليس جيّدا» ،وسترى حينها وسائله الدفاعية تتفعل ليدافع عن رأيه. أترى الفارق في نوعيّة الحوار ،وإن كان الحوار اآلخر تخيُّ ِليًّا . آخر .فتخيّل أنه كان ولتصل الفكرة كاملة ،فقد نضيف للحوار السابق بُعدا تخيُّ ِليًّا َ ع ْي أمه ،وهو لم يتعلم كلمة القرش بعد .ذلك الطفل لن هناك طفل محمول بين ذرا َ يختبر القرش حرفيًّا؛ ألن القرش لم يولد في عالمه حتى تلك اللحظة؛ ألنّه لم يُشكل من داخله هذه الكلمة حتى اآلن ،والتي في أصلها فكرة ،فتراه بدل القرش يرى مجموعة من األلوان ،والطاقة المتوهجة من خالل الصورة. لذا نفس هذا القرش كان تارة رائعا ،وتارة مخيفا ،وتارة غير موجود البتة! وهؤالء ليسوا فقط ثالثة عوالم فقط ،فبداخل كل واحد منهم ،تسكن فرادة العوالم الفرعية. أسمعك اآلن تقول ،آآآه ،أصبح الموضوع منطقيًّا اآلن. للروح منطق خاص مص ّمم بالتناغم مع قانون النظام الواحد ،هو منطق النظام، وفيها العوالم المنفصلة منطقي ،وبهذا المنطق ال يكون حب أي شخص لك شخصيًّا، فال شخص قادر على محبتك أو كرهك ،ولكن ما هم َّإال معبرين على عالمهم الخاص ،إما بحب الذات ،وإما بالبعد عنه .فإن كان الشخص محبًّا لك ،فما هو َّإال مظهر لحب الذات عنده ،وليس في ذلك شخصنة ،وإن كان الشخص حقودا ،وكارها ب الذات في داخله ،وليس في هذا شخصنة مظهر لحياده عن ح ّ ِ ٌ لك ،فما هو َّإال أيضا. إن أحبك أو كرهك شخص ،فهذا تعبير عن حبه لذاته ،أو البعد عنه. للرياديينوأذكر تماما اللحظة التي اتَّضح لي هذا الطرح ،فكنت أعطي محاضرة ِ ّ باألردن ،وفي المنتصف كنت أشارك معهم فكرة أننا نحس أفكارنا ،وليس العالم الخارجي. في أواخر المحاضرة سألني أحد الحضور« :إيهاب ،إني أحس أني لست محبوبا، وهذه حقيقة ،وليست من أفكاري ،فال شخص يحبني». وقبل استكمال القصة ،دعني أبُحْ لك بمعلومة صغيرة عن طريقة عمل ذهني في األسئلة ،فعندما أسأل عن أي سؤال بالمحاضرات وغيرها ،تنبثق من داخلي قدرة سريعة على تلقائية اإلجابة ،وإن لم أكن أعي وجودها من قبل ،وكانت األسئلة تعمل كمح ِفّ ٍز للتعاليم التي تريد االنجالء من خاللي ،وبهذا أفاجأ باإلجابة مع فجأة أحس ّ ت الجواب تلقائِيًّا ،أو على األقل لم الحاضرين .لكن هذه المرة ،ولسبب ما لم يأ ِ بذلك ،وبدل أن أقول ال أعرف ،اخترت االنسياق مع خوفي ،وأجبت إجابة تفرغ الحكمة. من ِ أسترحْ ،وبقي هذا السؤال يتردد في رأسي ،وكأنه ِ وعندما ذهبت إلى البيت ،لم يطرق أبواب وعي ٍ لمستوى جدي ٍد من نور المعرفة ،حتى فتحت الباب ،وحضر الجواب الشافي .عندها أدركت تماما ما قصصت عليك سابقا ،أنّه إن أحسست بعدم حب الناس لك ،فهذا فقط ألنّك بعدت عن حب الذات في قلبك ،وللتوضيح دعنا نتخيّل التالي: شخص مستنير لمس ٌ تخيَّل أنّك تمشي اآلن بالشارع ،وبالجانب المقابل يمشي أعماق الحب من قلبه ،وهو يش ّع «عالم الحب» للبشرية ،ولكنك ال تحس بالحب، فلماذا هو يحبك ،ولكن أنت ال تحس بذلك؟ ألنك غير قادر على الدخول إلى بوابة ي لعالمك ،مرتكز في خبرة (أنا مش محبوب) فقط. هذا العالم؛ ألن تردّدك الطاق ّ طبعا فكرة (أنا مش محبوب) هي وهم فكري ،وهي أساس الشرور اإلنسانية، ولألسف يخاف الكثيرون من تغيير هذا الوهم؛ ألن عالمهم بالكامل ،ومنشآته الفكرية كلها ،ترتكز على هذه الفكرة .وبانسحاق «ملح» هذه الفكرة ،سينسحق عالم ٌ انسحاق لعالم المحتويات الفكرية فقط .هي عملية تدمير الشخص ،ولكن ما هذا َّإال الال محدود خلف هذه روحي لتولد عوالم جديدة من الحب بعدها ،عوالم من الحب َّ الفكرة. فكرة «أنا مش محبوب» وهم كامل؛ ألنك تسبح اآلن في مصدر الحب الكامل والخالد اآلن ،هو المصدر الذي ليس له بداية أو نهاية ،ولكن فكرة واحدة حجبت عنك ما هو حقيقي ،ومتاح لك اآلن من عالم من الحب ،عالم الجنة .فالجنة ليست «مكان» لتصل إليه ،فهي «وعي» معين تعالى على بُ ْعد المكان والزمان ،هي الوعي الكامل بحب الحياة لذاتها ،ومنها أنت. محبوب مهما فعلت، ٌ تحس بأنك في الجنة ..لو أحسست أنك َّ ف ِ ّك ْر فيها للحظة ،ألن أو كنت ،وبذلك كل عناصر عالمك محبوبة مهما فعلت أو كانت ،طبعا هذا هو فردوس هللا .وستحجب عن نفسك هذا الفردوس ،إن اخترت واهما «عالم كره الذات» ،أو على األقل إن لم تختر التطهير التدريجي لعالم «كره الذات». عالم «كره الذات» هو ما تحتضنه العامة ،فإن لم تكن متيقظا ،قد تقوم بنسخ طاقة سخا في نفسك برمجة العبودية هذا العالم ،لتح ّ ِولَه تدريجيًّا إلى عالمك الخاص ،مر ِ ّ التي ترعى «كره الذات» ،والتي تدافع عن هذا الرعاية بالحجة المبرمجة :حب الذات أنانية! فكيف يكون ذلك ،وخالق الذات هو الحب نفسه؟! حب الذات ليس أنانية ،بل شفاء ،وتنوير ،واتصال مع الخالق ،وتعابير الخلق كافة. حب الذات أساس الحب اإلنساني ،فلن تقوى على حب أي إنسان ،بل أي مخلوق حتى لو كانت زهرة ،إن لم تحب نفسك .وتيقن أن حب الذات ال يعني أن عليك أن لتتشرب طاقة َّ تحتضن كل األشخاص ،وتقضي وقتك وجهدك في مساعدة الجميع ، كل األشخاص؛ ألنك تحبهم ،وواحد معهم ،فهذه برمجة مغلوطة أخرى من كره الذات ،مرتكزة في منطق إرضاء العامة ،أما حب الذات ،فيرعى احترام النفس، واستقالليتها ،ويرعى الحدود الطاقية الصارمة. فإن كنت من األشخاص الناسخين بسرعة للطاقة -كما هي طبيعتي -وهم الذين عندهم حساسية طاقية عالية ،فمن ال ُم ِه ّم أن تضع حدودا طاقية؛ لتضمن استقالليتك الطاقية ،وهو شكل من حب الذات ،غير ذلك ستتشرب أفكار الوعي الجمعي بسرعة .فإن ذهبت لشخص مكتئب ،ستخرج مكتئبا من عنده؛ ألنك تنسخ طاقته بسرعة لتساعده في عملية الشفاء. تيقن من أن الحساسية الطاقية قد تكون نعمة أو نقمة ،والخيار لك ،هي نعمة ألنها تساعدك على إحساس الوحدة ،وقراءة جذور المشاكل ،لتوفير الحلول السحرية، ونقمة إن كنت تنسخ كل شيء من حولك ،لتحتضنه كأنه أنت من دون وعي. لذا من المهم إن كان هناك شخص دائم التوتر َّأال تركز بطاقة كالمه ،وقد تتخيَّل ضلعا طاقِيًّا ،وتطلب من ذهنك أن يبرمج هذا المضلّع لالستقاللية الطاقية. حوله ُم َ تذكر الحدود الطاقية ليست أنانية ،إنما هي جزء من رحلة حب الذات. لذلك ،نعم من المهم ِجدًّا أن تضع نفسك مع أشخاص وبيئة ترتقي بك ،وتحتفل بحقيقتك ،وإن لم يكن هذا واقعك اآلن ،فاعمل على جذبه بالنية ،وبتشفير األفكار المعرقة له ،مع وضع نفسك في أماكن يتواجد فيها محبُّو اليقظة الروحية والتطور الذاتي. بقوة ،ولكن تذكر أن التأثير ليس من الخارج، أنت وبيئتك تؤثران على بعضكما ّ ولكن من داخلك ،وعندما تزداد احترافِيّتك الطاقِيّة أكثر فأكثر ،سترى قدرتك على التأثير بالبيئة تزداد ،وترى البيئة تنسخ منك أكثر م ّما تنسخ منها؛ ألن بصمتك الطاقيّة أصبحت الغالبة .هذا ال يعني طبعا أن تضع نفسك في بيئة محفّزة للكره، واألحكام والتجمد ألن طاقتك ارتفعت ،بل كما قلنا ،اختر بيئة محفّزة لنهضتك، وتطورك وعلى كل النواحي.ّ كل هذه التفاصيل عن البيئة والعالقات لها أهميتها ،ومكانها المحوري في إدارة الطاقة ،ولكن بالعمق الموضوع أبسط ،هو الحب ،حب الذات ،فهو الحل .والشفاء والتطور الفردي والجمعي ،وهو من سيرتقي بفجر جديد على األرض. للتذكير: * االتصال الصادق مع األشخاص هي ليست مهارة لتتعلمها ،وإنما حالتك الطبيعية. * أفضل طريقة للعودة لفطرة االتصال ،هو بتعدّي األفكار المشتّتة خالل الحوار، للسقوط في وعي الوحدة. * كل شخص له عالمه الخاص الكامل. * كل النوايا اإلنسانية تجتمع بغاية السالم. ق إلى حب الذات. * لن تستطيع أن تستقبل الحب ،إن لم ترت ِ أسئلة للتفكر: ماذا سيحصل إن كنت حاضرا مع الشخص الذي يتكلم ،بدل التفكير بكيفية الرد؟ هل من الممكن أن ترى الشخص الذي ستقابله ،كعالم جديد تلتقي فيه؟ كيف سيثري هذا خبرتك معه؟ إن كانت فكرة «أنت غير محبوب» وهم ،والحقيقة أنك تسبح في وعي الحب ،ماذا ستشعر؟ فجرُجديدٌُعلىُاألرض ٌ نحن نعيش اآلن في فجر جديد على كوكبنا األم ،األرض ،نعيش فجر الصحوة. فاألرض أكملت سالسل معينة من النضوج ،ضمن دوائر طاقية محددة ؛ لتدخل في عصر جديد من الوعي ،ومن بوابة عام الـ ٢٠١٢وما حولها. هي مرحلة جديدة من الوعي ،كما ذكر بكثير من النبوءات السابقة كالمايا وغيرها، وحتى في األبحاث العلمية الصادقة ،في مسارات األرض ،وحركة دورانها مع الشمس والنجوم ،والتي فسرها بطريقة مغلوطة الكثير من البشر على أنها نهاية العالم .وبالرغم من هذا اللغط في تأويل حقيقة عام ،٢٠١٢فما زال فيه أنصاف الحقائق :فهي نهاية العالم الذي اعتدنا عليها ،هي نهاية العالم الذي يعمل بجهل االنفصال ،والذي يتحرك بمنطق مخالف لقانون الواحد ،ونظامه األصيل. سباتها ،وقامت بالترحال إلى مستويات هو عالم جديد انتفضت فيه األرض من ُ أعلى من الوعي ،لتنتقل من البعد الثالث إلى البعد الخامس .هذه األبعاد هي ليست أبعادا مكانية ،وإنما أبعاد طاقية ،وذهنية تتمثل فيها درجات معينة من الوعي. فالثالث فيه وهم االنفصال متجلّيا بكره الذات والخوف والفقر ،والرابع فيه الوضوح الطاقي ،وانفضاح ال ُمخبّأ والمستور ،وأ ّما الخامس فهو التجلّي الحقيقي لحب الذات، والوحدة مع المصدر. البعد الخامس هو بُعد الرخاء ،والثراء ،والمحبة ،والتعاون ،واإلحسان ،واإلبداع والتعبير الصادق ،وفرادة الرسالة ،هو بُعد نتيقظ فيه إلى المعارف المستنيرة في الحضارات القديمة ،والتي تختبئ اآلن هامسة من قلب اإلنسانية .األرض ارتقت إلى البعد الخامس؛ لذا هي نصيرتك في هذه الرحلة ،فدعها تنصرك وترشدك. فامش مع تيار التغيير الذي ت َ ِب ْعته إلى البُعد الخامس ،والذي ِ نعم ،األرض نصيرتك، سينهض فيك كفرد ،واإلنسانية ككل ،ألن اإلنسان واحد غير مقسم .ليس هذا فحسب، بل سينهض أيضا بالكواكب ،والنجوم ،والحضارات الكونيّة ،وعلى أبعاد متعددة، وحول األكوان المرئية وغير المرئية .هي نهضة شمولية ،وغير مسبوقة في الوعي ،وعلى جميع المستويات ،والتي تأخذ عادة ماليين السنين لتنفيذها ،ولكننا اآلن سننفذها في أعوام قصيرة بين عام ٢٠١٢و ٢٠٥٠تقريبا. في عمر التطور هذه المدة تشابه الرمشة؛ لذا األصح أن نقول إنها ثورة في الوعي. وفي هذا الوقت المختلف من الزمان ،ستندثر األنظمة القديمة بسرعة البرق لتلد أنظمة جديدة ،فنحن ننهض سويًّا كإخوة وأخوات في الحب إلى عصر جديد على األرض ،وفيه أنظمة جديدة ،تعمل لخدمة الحب والتوحيد ،هو فجر جديد على األرض. في السابق كانت عمليّة النهضة والتطور مرهقة أكثر من وقتنا الحالية؛ وذلك ألن مستويات الطاقة على األرض لم تكن داعما إلى َح ٍدّ كبير للقفزات الكبيرة في الوعي ،وأما اآلن فالوضع تغير ،والزمن تغير ،وسرعة التطورالرهيبة أصبحت متاحة ألي شخص ارتضى أن يسلك طريق اليقظة ،وليست فقط حكرا على الرهبان والمتصوفين. هي نهضة بدأت بذورها بالتج ِلّي من بداية القرن الماضي ،ويعود الفضل في ذلك لموجات القادة المستنيرين ،الذين سمعوا نداء األرض على مستوى الروح ،ولبّوا ض ّم الموجة هذا النداء بالقدوم على هذا الكوكب لتيسير النهضة .ونحن اآلن في ِخ َ الثالثة من هؤالء القادة -وأنت منهم -والدليل أنك تقرأ هذا الكتاب ،فنحن نستذكر سويًّا أننا في مهمة واحدة على األرض ،للنهوض سويًّا بما نهضت فيه األرض أصال وهو البعد الخامس. لذا لن نبالغ أن نقول :إنّك تعيش اآلن في أفضل وقت بتاريخ الكرة األرضيّة ،ال هو أفضل وقت بتاريخ األكوان كافّة ،فأنت اآلن القائد والشهيد على حدث كوني مذهل ،سيبقى ذكراه في مكتبات الكون لماليين السنة ،وستعلم دروسه من جيل إلى آخر ،وعلى كواكب عدة .نحن اآلن شهود على التغيير ،وإن كان في هذه الشهادة االدهشة والرحمة ،ففيها أيضا الكثير من النقالت المرهقة ،والتسارع في مراحل التطهير؛ لذا هي تبقى شهادة العصر. ولمن عرف روح الشهادة الحقيقية ،له أن يشهد كل هذه التغيّرات بطمأنينة كاملة، له أن يشهد ك ّل التقلبات ،والعشوائية ،وسقوط األنظمة ،والصراخ ،واأللم ،من وسادة الروح المطمئنة ،وبالمعرفة الكاملة أن خالق الكون ،ال يعطي شخصا ،أو كوكبا أكثر من قدرته على التحمل. نحن نقفز اآلن سويًّا لدرجات غير مسبوقة بالوعي ،لنسير سويًّا في عصر الصحوة ِشئنا أم أبينا ،هي الصحوة من النوم ،الصحوة من حلم االنفصال إلى حقيقة الوحدة. بهذا سنشهد عصرا جديدا غير مسبوق ،وفيه تجربة غير مسبوقة على األرض. طبعا هذه التجربة الشرسة في رفعة الوعي الكلّي ،تأتي بضريبتها أيضا ،فالتسارع في األحداث لن يترك لإلنسانية مجال التعلق بأالعيب العادات والتقاليد ،وغيرها عار ،وخوفٍمن النظم الفكرية البالية ،وسيذيب شرور هذه األنظمة ،وما تحمله من ٍ وتقسيم .نحن نمضي اآلن سويًّا إلى ستر المكشوف في سبيل تج ِلّي الذات بروعتها اإللهية الكاملة. مرت فيها األكوان كافّة ،لسرعتهاقد تكون هذه الصحوة من أعظم التجارب التي َّ وضخامة تأثيرها ،هي صحوة شمولية تفتح معارف الذات على مصراعيها ،لتذكرنا أننا لسنا قطعة لحم فيزيائيّة ،وإنما «ذات خالدة متعددة األبعاد» .فكما استذكرت روح األرض ذاتها ،لترتقي بهذه المعرفة إلى مستويات جديدة من االتصال مع لتحول التواصل بينك وبين روح األرض ّ أركان الكون ،لك أن تفعل ذلك، والحضارات الكونيّة إلى حقيقة واقعة .طبعا هي حقيقة لمن اهتدى إلى هذه المستويات العليا من الوعي ،بين األرض والنجوم. هي صحوة االتصال المتعدد األبعاد ،وفيه السرعة الخارقة في االنتقال من محدودية الفكر االزدواجي ،إلى الفكر المتعدد األبعاد ،ودقة السببية .هي سرعة عظيمة في االنتقال من الفقر الذهني إلى عالم من االحتماليات َّ الال محدود. شخصيًّا أحس هذا التسارع في كل لحظة ،وفي ازدياد مستمر ،فهو حقيقة وواقع ملموس لي ،أحس التسارع في نهضة الوعي داخل خاليا جسدي ،أحسه وأراه وأتنفسه في أكثر األمور خفاء ،إلى أكثرها عملية ووضوحا ،وعلى مستوى الفرد والجماعة .فعندما بدأت رحلة التنوير في األردن حوالي ٢٠١٢كانت فكرة التأ ّمل شبيهة الكفر ،واآلن نرى مراكز التأ ّمل والعالج بالطاقة تع ّج بالمكان ،وفي تزايد رهيب ومستمر ،وحتى نرى المدارس تتَّخذ التأمل كجزءٍ من مناهجها ،وحتى أماكن العمل الرئيسية ،التي بدأت تعتبر التأمل ،وكورسات اإلدراة الذهنية اآلن ،كضرورة قصوى لتقدمها. أال يدعو هذا لالحتفال ،وفي كل لحظة؟ االحتفال بما كان أباؤنا وأجدادنا يحلمون فيه بسرهم… في وقت السلف كانت العبودية الذهنيَّة هي السائدة ،فالبشر كانوا مغمضين عن رحلة اكتشاف الذات ،بسبب التالعب المبرمج ،ولكن هذا الوقت انتهى ،أو شارف على االنتهاء ،ولعبة السيطرة باتت مكشوفة ومحروقة ،ومرة أخرى لمن اهتدى لقوتك األصلية على التبعية لهذا الكشف طريقا .ففي رحلة الصحوة استرجاع ّ كقوة كونيّة واحدة ،تعملون في تيارات متوازية ،هو الكذابة ،لتصبح أنت واألرض ّ التيار باتّجاه قيادة القلب ورضوخ الدماغ ،أو قيادة الحدس ،ورضوخ التحليل. فالهمسات الحدسية التي تتسارع إلى ذهنك اآلن هي رسائل مح ّملة من «اإليثر »Etherلذهنك ،رسائل من الوعي الكوني لتيقظك من سباتك. أسرار اليقظة بقيت دفينة عن العامة لعصور ِعدّة ،ونحن نعيش اآلن في عصر انكشافها ،االنكشاف لمعارف مستنيرة ،في صلب معرفة الذات ،فهي معارف ترتقي باإلنسانية إلى روح هللا الواحد ،هي معارف تتكشف من قلب األرض والحضارت القديمة ،وأيضا من قلب النجوم ،وحضارتها الكونيّة إلى نفسك .هي معارف اليقظة القوة ،والحكمة ،والحب على مصراعيها ،هي المعارف التي التي تفتح بوابات ّ تجلّي بنارها تكلسات الجهل ،والتالعب الحاصل في الـ ،DNAليستيقظ منك الـ DNAالكريستالي ،وفيه معارف أعمق بصلب التكوين. هناك جهات استفادت ،وما زالت تستفيد ،من جهلك ،وعدم معرفتك في مفاتيح التكوين ،فاألنظمة الحالية التي نراها من النظام التعليمي ،والتربية ،والعالقات، والمال ،بنت قواعدها من هذا الجهل ،وبمنطق العبودية ،والسيطرة على اإلنسان الخائف .فالكثير من القادة تغذّوا على هذا الجهل ،بتفعيل سياسة القطيع األعمى، ولكن أتى الزمن الذي يتغير فيه ك ّل شيء ،فاألنظمة القديمة في حالة انهيار ،لتخلق المساحة للتجديد ،وما أجملها من فترة أن نعيش فيها! أنت تعيش اآلن على هذه األرض الجميلة لسبب معيّن ،وفيه رسالة معينة من قلبها تريد مشاركتها لك :أنت هنا لصنع المعجزات ،وأنت هنا لتفعّل وقود اليقظة الخالدة، ب هذا النداء. أنت هنا لصنع ما يشابه المستحيل في سطحه ،أنت هنا لتـ(كن أنت) .فل ّ ِ نحن نريد حقيقتك أكثر من أي وقت آخر اآلن… امض في أسرار وامض في أسرار الذاتِ ، ِ فال تدع الجهل والخوف يجمد شجاعتك، امض في أسرار الحضارات القديمة وهي ال منتهية، ِ الحكمة ،وهي ال متنهية. تطرفا أن تلمس جزءا من قدرتها، وستفتح لك قوى جديدة ،ال تستطيع أكثر أحالمك ُّ القوة المس ّخرة من نظام الواحد. هي ّ للقوة كرغبة خائفة بالتح ُّكم،ي ّ القوة مختلفة كل االختالف عن المعنى التقليد ّهذه ّ القوة األصليّة التي تنبع من المحبة ،وبالمعرفة الصادقة بالنظام الواحد .هي هي ّ وارم رتابة ِ المعرفة التي تأخذك إلى شموخ حب الذات ،فقف شامخا في حبك، األفكار المتوارثة عن كتفك ،وخصوصا تلك التي تقول لك إن حبّ الذات أنانية، فهذه أكثر األفكار خطورة ،وتقيّدا ،وشيطنة. ارم حقول هذه األفكار البدائية ،وإن كانت متوارثة من كل نسلك ،والتي تنص ِ انفض غبارْ عليك أن القيمة تأتي من قبول المجتمع ،وليس حبك المستقل لذاتك، خالقة ،لتبدأكقوة روحية َّ هذه األفكار اآلن .انفضه وأحبّ ذاتك ،واذكر أهميتها ّ امض ِ التغيير بما يتوازى مع تيارات التغيير على األرض والسماء ،وهم واحد. للتغيير بما يتوازى مع معرفة الواحد ،فهو أساس المعرفة المثالية. المعرفة المثالية سترشدك إلى مكنوناتها الذاتية ،عندها ستصبح المغ ِيّر والقائد والخيميائي ،عندها ستصنع واقعا جديدا ،وفيه كوكب جديد ،ومن داخلك اآلن .هو كوكب ملهم للحبّ ،والسالم ،والتعبير الصادق عن الذات. دَعِ الكوكب الجديد يولد من قلبك ،فهو قابع هناك اآلن ،كوكب موحد من روح الواحد ،ليتعالى بك عن ت ُ ّرهات التقسيم .د ْعهُ يتعا َل فيك على جناح النسر الذهبي، ليأخذك محلّقا إلى نافذة الوحدة والخلود ،فمن تلك النافذة ،سترى الصورة الشمولية، لترى عملية التغيّر كما هي من العدم إلى الشيء ،ومن األشكل إلى الشكل .ستكون شهيدا علي عملية الخلق كامال… وليكن عنوانك القادم في شهادة التغيير ،هو التخلّي عن الماضي ،وخطوطه تكن عنصرا مجنّدا للماضي المبرمج ،أو األصح أن نقول: المهترئة المكررة ،فال ْ «برمجة الماضي» في اللحظة ،بل كن عنصرا مجنّدا للتغير .فما الحياة في ُم ِ ضيّها َّإال القادم ،ستسحق الماضي المشبع بالجهل ،فال تكن فريسة تتغذّى عليها أنظمة الماضي ،بتسليم أغلى ما تملك لها ،وهي استقالليتك الفكريّة وسيادة الخيار ،فقط لراحة المسعى اللحظية! استرجع ذاتك ،وازأر ،وهذا قد يتجلّى بالتكلم الحازم ،أو قد يعني السكون ،فزئير الروح ساكن ،وإن كان في الكالم ،وال تجعل الصوت الخائف في ذهنك ،والذي استنسخ صوتا له من صوتك الحالي ،أن يجد في نفسك الرحابة والتشجيع ،بل عامله بحذر خارق ،وتمييز خارق .فكما هناك النور هناك الظالم ،وهناك الوحدة المتعالية على هذه الثنائيات. فزمن الصحوة ال يعني أن تصدق كل شيء ،بل يعني التمييز ،تذكر كلمة التمييز، ص في معارف الذات ،فالمعلومات متطايرة هنا وهناك، للغو ِ س ّر ،والمفتاح ْ فهي ال ِ ّ فاستخدم التمييز. المرشدون متطايرون هنا وهناك ،استخدم التمييز ،أبعاد الروح تملؤها كل أشكال الخليقة ،استخدم التمييز. استخدم التمييز ،استخدم التمييز ،استخدم التمييز .ومصدر التمييز هو القلب. وإن طلب منك شخص ،أو جهة أن تتبعه من دون تفكير ،أو بدأت باستخدام اإليمان كح ّجة لتجميد العقل ،فالتمييز سيرشدك لخطورة هؤالء القادة ،ووجوب الهروب من مجلسهم. القوة والثراء ،واالستمتاع هم حالتك األصليّة ،والمصانة صون بالتمييز ستدرك أن ّ الحياة نفسها ،فال البعد عنها يغيرها ،وال الجهل بها يلغيها ،فما الصحوة غير تذكر ذلك األصيل فيك ،وما الشيطان غير رمزية الستر واإلخفاء؛ خوفا من هيبة العري. تعري نفسك رويًّا رويّا ،وخيارا بخيار ،وبهذه التعرية ستذكر حقيقتك فال تخف أن ِ ّ لتكون كالشخص السابح في وسط الغرقى. اإلنسانيّة واألرض تحتاجك اآلن ،تحتاج لعريك وحقيقتك وحبك لذاتك ،فال تحرمها ذلك ،وبهذا الحرمان تحرم نفسك من كنزك األصيل. فاألرض تمضي بسرعة غير مسبوقة إلى العالم الجديد ،تمضي بسرعة إلى فوتانات النور الذهبية ،والتي تحمل في باطنها كودات النور األصلية ،طبعا مرة أخرى لمن اهتدى إلى هذه الكودات ،والتقطها وفعَّلها ،وأنت تقوم بذلك اآلن ،فكلمات الكتاب ما هي َّإال تفعيل لكودات النور من داخلك. األرض استنارت ،وانتفضت ،وانفجرت ،هو انفجار البركان الخامد ،وفي هذا االنفجار قذف لمعادن العبودية حتى تخرج ،وتنصهر وتتب ّخر؛ لتعطي الفسحة ِلالفا سط نفسها كس ّجادة مرئيّة على أرض الخليقة .فنحن اآلن في الطريق الروح أن ت َب ُ إلى مرئية الجنّة على األرض ،وهو مستوى وعي جديد من داخلك اآلن ،هي الجنة التي تعمل فيه كل الخليقة بالتناغم مع نظام الواحد. وفي هذه الرغبة إليقاظ وعي الجنة على األرض ،سنرى المقاومة أيضا على مستوى الشخص والك ّل ،فمن اعتاد العبودية من الصعب عليه التخلّي عنها ،ومن كان نائما قد يشتم من يحاول إيقاظه ،والحل أن تدعهم ،وأن تحترم أن لك ّل شخص رحلته الروحية الخاصة .ركز على نفسك ،بالتركيز كيف تـ(كن أنت) ،هكذا ستقدم أكبر هدية لزمن الصحوة. المسألة باتت سهلة إ ّما أنّك تكون أنت ،كعنصر مح ِفّز للوحدة والحبّ والتمكين ،أو تدع جهل األحكام والخوف يقودانك… والسؤال الذي سيتركك به الكتاب :هل ستكون محفّزا لليقظة؟ هل ستلبي النداء؟ ال أحد يستطيع أن يجيب عن ذلك غيرك أنت ،ولكن دعني ْ أقل لك بقليل من الغرور وكثير من الثقة ،إنّك أصال أجبت من قلبك ،وقلت نعم لهذا النداء ،وهذا الكتاب الذي بين يديك ما هو َّإال استجابة لهذا النداء.