You are on page 1of 52

2

3
‫بانعقــاد احلــول تكــون (قــوارئ) قــد أمتــت عامهــا األول‪،‬‬
‫محملــة بإعجــاب وترقــب قرائهــا‪ ،‬وهــذا مــا يلقــي علــى عاتــق‬
‫حمــا ومســؤولية أكبــر‪ ،‬والعاملــون ماضــون‬ ‫ً‬ ‫أســرة املجلــة‬
‫ص ُعــداً يف ســبيل تقــدمي كل مــا هــو مفيــد ومثـ ٍـر‪ ،‬وستامســون‬ ‫ُ‬
‫ا مــن‬‫هــذا فيمــا هــو بــن أيديكــم اآلن‪ ،‬وفيمــا يأتــي مســتقب ً‬
‫أعــداد املجلــة‪.‬‬
‫مت ّيــز هــذا العــدد ‪-‬الرابــع‪ -‬بإضافــات ســتكون مســتمرة‬
‫يف بقيــة األعــداد‪ ،‬ومنهــا‪ :‬ملــف العــدد‪ ،‬الــذي يركــز علــى بلــد‬
‫معــن‪ ،‬ويتناولــه مــن الناحيــة الثقافيــة‪ ،‬كتُب ـاً وقــراء ومــزارات‬
‫ثقافيــة‪ .‬ومنهــا‪ :‬زاويــة القصــة القصيــرة‪ ،‬تــدور أحداثها بشــكل‬
‫أصيــل حــول القــراءة والكتــب ومــا هــو متصــل بفلكهمــا‪ ،‬تطــرح‬
‫جتــارب وتعالــج مشــكات‪.‬‬
‫ومنهــا‪ :‬زاويــة عــرض موجــز عــن الكتــب بلغتيهــا العربيــة‬
‫واإلجنليزيــة‪.‬‬
‫هــذه كلهــا زوايــا ثابتــة انطاق ـاً مــن هــذا العــدد‪ ،‬وفيمــا‬
‫يأتــي مــن األعــداد‪ ،‬باإلضافــة إلــى زوايــا أخــرى ســتظهر يف‬
‫وقتهــا‪.‬‬
‫وستُلم ‪-‬عزيزي القارئ‪ -‬يف هذا العدد مبشاركات متميزة‪،‬‬ ‫َ‬
‫حرصنا كل احلرص عند انتقائها أن تصل ملســتوى شــغفك‪ ،‬و‬
‫حتفــزك بطاقــة إيجابيــة نحــو عوالــم القــراءة الرحبــة‪ ،‬وتُريــك‬
‫بُعــداً فلســفياً خاص ـاً بفئــة القــراء‪ ،‬قــد ال يــويف الــكام هنــا‬
‫حــق مــا أمامــك مــن كنــوز مخبــوءة يف صفحــات املجلــة‪.‬‬
‫تفضل إلى املتعة‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫كمــا متيــزت فــرق املتطوعــن‬ ‫زائــر‪ ،‬وبلغــت املبيعــات اإلجماليــة لكتــب‬ ‫لــم تكــد أبــواب معــرض جــدة‬
‫املتواجــدة يف ردهــات وممــرات‬ ‫املعــرض ثمانيــة مايــن ريــال‪.‬‬ ‫الدولــي للكتــاب تُوصــد‪ ،‬حتــى مت‬
‫املعــرض‪ ،‬إذ كان مــن مهامهــا داللــة‬ ‫اجلديــر بالذكــر أن عــدد الــدور‬ ‫اعتمــاد إقامــة املعــرض خلمــس ســنوات‬
‫الــزوار علــى أماكــن الكتــب واملكتبــات‪،‬‬ ‫واملكتبــات املشــاركة بلــغ ‪ ٤٤0‬دار نشــر‬ ‫قادمــة‪ ،‬وبالتحديــد يف الثانــي عشــر مــن‬
‫والبحــث أحيانــاً عــن عناويــن محــددة‬ ‫ومكتبــة‪ ،‬مــن ‪25‬دولــة‪.‬‬ ‫ديســمبر مــن كل عــام‪.‬‬
‫يرغــب بهــا الزائــر‪.‬‬ ‫فيمــا نــ ّوه عــدد مــن الــزوار إلــى‬ ‫ً‬
‫ولــم يكــن هــذا القــرار نابعــا إال‬
‫وبع ـ ُد‪ :‬فــإن كان هــذا هــو مســتوى‬ ‫متيــز موقــع املعــرض ومتيــزه املطــل‬ ‫مــن ردة فعــل إيجابيــة‪ ،‬ومتماهيــة‬
‫التنظيــم واإلقبــال‪ ،‬فالســنوات القادمــة‬ ‫علــى البحــر‪ ،‬واجللســات املوزعــة يف‬ ‫مــع احلضــور اجلماهيــري املرضــي‬
‫حتمــل يف ثنايهــا الكثيــر مــن التميــز‬ ‫خــارج املعــرض‪ ،‬إذ يعطــي هــذا جــواً‬ ‫للمعــرض يف عامــه األول‪.‬‬
‫واإلبــداع‪.‬‬ ‫ا ويطبــع يف الذاكــرة مــا‬‫عائليــاً جميــ ً‬ ‫إذ بلــغ عــدد زوار املعــرض علــى‬
‫ال يُنســى‪.‬‬ ‫امتــداد أيامــه العشــرة‪ ٨50 ،‬ألــف‬

‫إجماليــة تبلــغ ‪ 300‬ألــف دوالر‪ ،‬وحوافز‬ ‫من كافة أنحاء الوطن العربي‪.‬‬ ‫أطلــق صاحــب الســمو الشــيخ‬
‫للمــدارس املشــاركة ومكافــأت مختلفــة‬ ‫بلغــت القيمــة اإلجماليــة للحوافــز‬ ‫محمــد بــن راشــد آل مكتــوم «حتــدي‬
‫للطــاب تتجــاوز قيمتهــا املليــون دوالر‪.‬‬ ‫‪ 3‬مايــن دوالر‪ ،‬حيــث ســيمنح للطالــب‬ ‫القــراءة العربــي» أكبــر مشــروع عربــي‬
‫املراحــل التنفيذيــة للمســابقة بــدأت‬ ‫الفائــز بتحــدي القــراءة العربــي ‪150‬‬ ‫لتشــجيع الطــاب علــى القــراءة‪ ،‬وذلــك‬
‫يف شــهر ســبتمبر‪ ،‬ليبــدأ الطــاب يف‬ ‫ألــف دوالر يخصــص ‪ 100‬ألــف منهــا‬ ‫بالتــزام أكثــر مــن مليــون طالــب بقــراءة‬
‫التحــدي مــع بدايــة شــهر أكتوبــر ‪2015‬‬ ‫منحــة لدراســته اجلامعيــة والباقــي‬ ‫خمســن مليــون كتــاب خــال عامهــم‬
‫وحتى شــهر مارس ‪ 2016‬عبر االنتقال‬ ‫ألســرته مكافــأة لهــم علــى توفيــر‬ ‫الدراســي‪.‬‬
‫يف خمــس مراحــل تضــم كل مرحلــة‬ ‫اجلــو التحفيــزي املناســب لــه‪ ،‬كمــا‬ ‫تهـدف املبادرة لتشجيع القـراءة‬
‫قــراءة وتلخيــص عشــر كتــب لألطفــال‬ ‫مت تخصيــص جائــزة بقيمــة مليــون‬ ‫بشكـــل مسـتـدام ومـنـتـظم عـبر نـظـام‬
‫لتبــدأ بعدهــا مراحــل التصفيــات‪،‬‬ ‫دوالر ألكثــر املــدارس مشــاركة علــى‬ ‫مـتـكامـل مـن املـتـابـعـة للـطـاب طـيـلـة‬
‫وســتعقد التصفيــات النهائيــة يف دبــي‬ ‫مســتوى الوطــن العربــي‪ ،‬كمــا يشــمل‬ ‫الـعـام الـدراسي‪ ،‬وتشتمـل املبادرة على‬
‫نهايــة شــهر مايــو مــن العــام ‪.2016‬‬ ‫التحــدي مكافــأت للمشــرفن املتميزيــن‬ ‫حوافـز مـاليـة وتـشـجـيـعـيـة للـمـدارس‬
‫علــى مســتوى الوطــن العربــي بقيمــة‬ ‫والطاب واألسر واملشرفن املشاركن‬

‫علياء العومير‬
‫‪@alyayod‬‬

‫‪5‬‬
‫مقطع من حوار إيزابيل الليندي عن القراءة يف صحيفة «نيويورك تاميز»‬
‫‪ ٤‬أبريل ‪2013‬‬
‫ترجمة‪ :‬راضي النماصي‬
‫‪@radhitrans‬‬

‫حظيت مجلة قوارئ بترجمة جزء من حوار ( إيزابيل الليندي ) القارئة التي سكبت يف قلب مؤلفاتها‬
‫عصارة قراءاتها‬
‫أين ومتى حتبني القراءة؟ لــم أبلــغ بعــد العمــر الــذي يقنعنــي أكــون كاتبــة‪ .‬كانــت شــخصياته تشــبه‬
‫بــأن إعــادة القــراءة أكثــر متعــة مــن عائلتــي‪ ،‬وكان أســلوبه يبــدو ســه ً‬
‫ا‪،‬‬
‫وفكــرت بالتالــي‪« :‬لــو اســتطاع الكتابة‬ ‫أقــرأ يف جهــاز «آي‪-‬بــاد» اكتشــاف أســلوب كتابــة جديــد‪.‬‬
‫هكــذا‪ ،‬فإنــي بالتأكيــد أســتطيع‪».‬‬ ‫اخلــاص بــي يف الطائــرة‪ ،‬وأســتمع‬
‫للكتــب الصوتيــة يف الســيارة‪ ،‬وأقــرأ ما هي الكتب التي كان لها‬
‫كيف تبدو مكتبتك؟ هل‬ ‫يف غرفــة نومــي أيض ـاً‪ ،‬حيــث أملــك أبلغ األثر عليك ككاتبة؟‬
‫ترتبني الكتب بطريقة‬ ‫أريكــة مريحــة ومصباحـاً وكلبــن مــن‬
‫وهل هناك كتاب محدد‬ ‫أجــل أن أبقــي جــواً دافئــاً‪.‬‬
‫معينة؟‬ ‫كتبــت العديــد مــن الروايــات أوقد فيك الرغبة للكتابة؟‬
‫التاريخيــة التــي تطلبــت بح ًثــا‬
‫منلــك يف املنــزل تشــكيلة جميلــة‬ ‫قــرأت يف مراهقتــي الروايــات‬ ‫متعمقــاً‪ ،‬لــذا فإنــي أقــرأ أيضــاً يف‬
‫الروســية والفرنســية واإلجنليزيــة‪ ،‬مــن الكتــب الكاســيكية ذات الغــاف‬
‫ذات املــكان الــذي أكتــب فيــه‪ .‬أعتــرف‬
‫وتعلمــت منهــا كيفيــة الكتابــة بشــكل اجللــدي‪ ،‬وقــد اشــتراها زوجــي علــى‬
‫بأنــي قارئــة فوضويــة وقليلــة الصبــر‪،‬‬
‫جيــد‪ .‬أمــا يف العشــرينات مــن مــدار ســنوات‪ ،‬وال أعتبرهــا ســوى‬
‫إذا لــم يشــد انتباهــي الكتــاب خــال‬
‫عمــري‪ ،‬كنــت أقــرأ لكتــاب حركــة مجــرد زينة‪ .‬بالنســبة لــي‪ ،‬فأنا أمتلك‬
‫أربعــن صفحــة فإنــي أتركــه وأذهــب‬
‫«بــووم» وهــي حركــة أدبيــة انطلقــت العديــد مــن الكتــب باللغــة اإلســبانية‪،‬‬
‫لغيــره‪ .‬هنــاك العديــد مــن الكتــب‬
‫خــال ســتينات و ســبعينات القــرن وأحتفــظ بهــا بســبب أنــي ال أســتطيع‬
‫التــي لــم أنههــا يف مكتبتــي‪ ،‬ولــن أعــود‬
‫العشــرين‪ ،‬أبــرز أفرادهــا هــم ماريــو احلصــول عليهــا بســهولة يف الواليــات‬
‫لهــا إال لــو كنــت مريضــة ومجبــرة‬
‫بارغــاس يوســا‪ ،‬كارلــوس فوينتيــس‪ ،‬املتحــدة‪ ،‬أمــا باقــي الكتــب فتذهــب‬
‫علــى الراحــة ألقــرأ أكثــر‪.‬‬
‫غابرييــل غارســيا ماركيــز يف أمريــكا وتأتــي بــن فتــرة وأخــرى‪ .‬كل عــام‬
‫الاتينيــة – ولألســف‪ ،‬كانــوا كلهــم أجمــع الكتــب التــي قرأتهــا ســل ًفا‬
‫رجــاالً –‪ .‬كان هنــاك العديــد مــن ولــن أعيــد قراءتهــا – وهــي تأتــي يف‬ ‫هل تعيدين قراءة بعض‬
‫قدمــت صناديــق كثيــرة – وأتخلــى عنهــا دون‬ ‫األصــوات املختلفــة التــي َّ‬ ‫الكتب؟ وما هي؟‬
‫قارتنــا املجنونــة للعالــم ولنــا كأفــراد‪ .‬أن أفتقدهــا الح ًقــا‪ ،‬ألنــي أســتطيع‬
‫هنــاك الكثيــر مــن الكتــب ولعــل روايــة «مائــة عــام مــن العزلــة» شــراءها فيمــا بعــد إذا أردتهــا‪.‬‬
‫لنقرأهــا‪ ،‬وأوقاتنــا محــدودة جــ ًدا‪ .‬ملاركيــز هــي التــي جعلتنــي أرغــب بــأن‬
‫أنــا يف الســبعن مــن عمــري‪ ،‬ولكنــي‬

‫‪6‬‬
‫فمــع كل كتــاب تترقــب‬ ‫االســتمرار إلــى أن يشــاء اهلل‬ ‫يف ذلــك احلــوار املقــدس‬
‫العقــول يف كل حــن ثمــار‬ ‫بــن دفتــي كتــاب‪.‬‬ ‫بــن (اقــرأ) و (مــا أنــا بقارئ)‬
‫أينعــت وحــان قطافهــا وتأبــى‬ ‫فيــا عجبــاً لرســول‬ ‫تتجــاذب قــوى (األمــر)‬
‫إال أن تكــون قاطفتهــا‪..‬‬ ‫الكتــاب يبنــي اجلســور بــن‬ ‫و(املســتحيل) لتفصــل بينهمــا‬
‫متــد يديهــا لتامــس مابــن‬ ‫مايــن النــاس وال ترهقــه‬ ‫(املعجــزات الربانيــة) مــع نبي‬
‫الســطور فمــا بينهــا أفــكار‬ ‫املســافات‪ ،‬كيــف لــه أن‬ ‫أمــي ســكب الوحــي يف روعــه‬
‫ال تبــذل ودهــا إال ملــن اجتهــد‬ ‫يحــرك ســاكنًا وينفــخ الــروح‬ ‫آيــات أعظــم و أقــدس كتــاب‪،‬‬
‫يف وصلهــا‪.‬‬ ‫لتــدب احليــاة يف أوصــال‬ ‫ليبثهــا يف أرواح أنهكهــا‬
‫إن حقيقــة الكتــاب ال‬ ‫ثقافــات‪ ،‬نســترق النظــر‬ ‫اجلهــل‪ ،‬هنــا فقــط نــدرك أن‬
‫تكمــن يف صفحــات و مــداد‬ ‫إليــه يف حضــرة اجلميــع فبــه‬ ‫(الكتــاب) لــم يعقــد اتفاقياتــه‬
‫وإمنــا يف مــا يحملــه مــن‬ ‫اكتفينــا ومــا اكتفينــا‪ ،‬يأســرنا‬ ‫فقــط مــع القــراءة‪ ،‬وإمنــا‬
‫عقائــد وأفــكار ورؤى ومنهــج‬ ‫حــرف وتلجمنــا كلمــة ونعقــد‬ ‫تناغــم مــع جميــع احلــواس‬
‫حيــاة تســتحق احليــاة‪ ،‬ففــي‬ ‫الهدنــة مــع نقطــة يف آخــر‬ ‫ليوصــل رســالته وليضمــن‬
‫كل نفــس بشــرية (كتــاب) إمــا‬ ‫ســطر ‪.‬‬ ‫لنفســه البقــاء واالنتشــار‪.‬‬
‫أن يتــاح لــه النشــر أو يظــل‬ ‫تلملــم شــتاتنا فكــرة‬ ‫كانــت ومازالــت الكتابــة‬
‫حبيــس النفــس‪.‬‬ ‫ويبعثرنــا ســؤال فنشــعل منــه‬ ‫فعــل بقــاء ملــن أراد البقــاء‪،‬‬
‫كل مــا يف الكتــاب ينبــض‬ ‫شــمعة تهتــك ســتر آالف‬ ‫فعندمــا كانــت الكتابــة رمــزاً‬
‫باحليــاة‪ ،‬فنحــن معــه وبــه‬ ‫الظلمــات‪.‬‬ ‫ســاعدت ذلــك اإلنســان‬
‫نعيــش ونــدرك ونســتوعب‬ ‫فمــا بــن كتــاب و كتــاب‬ ‫البســيط أن يُبقــي علــى‬
‫ونفهــم حقيقــة كل شــيء‪،‬‬ ‫نبحــث عــن آخــر لنجلــس‬ ‫بعــض مــن حيــاة ليقــول‬
‫فــإذا أردت أن تتناغــم مــع‬ ‫ســوية علــى طاولة مفاوضات‬ ‫كنــت هنــا‪ ،‬واليــوم وقــد‬
‫احليــاة فليكــن نصفــك اآلخــر‬ ‫فثمــة أفــكار متــ ُّل احلــرب‬ ‫ضجــت و امتــألت باملعانــي‬
‫(كتــاب)‪.‬‬ ‫وترنــو دائ ًمــا للســام ‪ ..‬فبــن‬ ‫واحلكايــات‪ ،‬هيــأت إلنســان‬
‫األفــكار والــرؤى صلــة رحــم‬ ‫اليــوم كل أســباب البقــاء‬
‫وقربــى مهمــا تباعــدت البــد‬ ‫ليــروي حكايــة ذلــك اإلنســان‬
‫ندى السماعـيل‬ ‫أن حتضنهــا دفتــا كتــاب‪.‬‬ ‫البســيط و يضمــن لنفســه‬
‫‪@ba7lah‬‬

‫‪7‬‬
‫ملف العدد‪ ،‬أعده وكتبه‪:‬‬
‫‪@drpolymath85‬‬ ‫د‪.‬سعيد الزهراني‬
‫‪@hind_alsbbar‬‬ ‫هنـد الصبار‬

‫يشــد الرحــال إليهــا فهــذه مدينتنــا‬ ‫إلــى إحــدى منــارات العلــم يف العالــم‬ ‫مدينــة ال متــوت أبــدا‪ ،‬فمنــذ مــا‬
‫مدينــة القــراءة وجوهــرة الشــرق والغــرب‬ ‫وأقــدم مؤسســة تعليميــة موجــودة إلــى‬ ‫يقــارب ثاثــة آالف عــام بقيــت حيــة تروي‬
‫وعاصمــة الكتــاب اجلديــد تفــد إليهــا‬ ‫وقتنــا احلاضــر‪ .‬بعــد فتــرة غيــر بعيــدة‬ ‫قصصهــا وتاريخهــا العميــق وثقافتهــا‬
‫العقــول مــن كل أصقــاع العالــم‪ ،‬فهــذا‬ ‫انطلــق احلاكــم بأمــر اهلل الفاطمــي‬ ‫املجيــدة علــى مــر األعــوام والســنن‪.‬‬
‫احلســن بــن الهيثــم أعظــم وأجــل‬ ‫بإنشــاء مكتبــة عظيمــة ســماها دار العلــم‬ ‫كانــت ضاحيــة يف العصــر الفرعونــي‬
‫عالــم متخصــص يف العلــوم التجريبيــة‬ ‫(احلكمــة) ومت افتتاحهــا بحســب بعــض‬ ‫تســمى بيــت الكتابــات أو دار عــاج الــروح‬
‫والهندســة قــدم مــن بغــداد إلــى القاهــرة‬ ‫املصــادر التاريخيــة عــام ‪ 395‬هجــري‪،‬‬ ‫لوجــود بعــض خزائــن ملفوفــات البــردي‬
‫ومكــث يف اجلامــع األزهــر يــدرس العلــوم‬ ‫وفتحــت مــن أول يــوم لعامــة الشــعب‬ ‫املهمــة‪ ،‬فقــد كانــت هــذه البدايــة فكيــف‬
‫التطبيقيــة والهندســة‪ ،‬وعــاش فيهــا‬ ‫للقــراءة واالســتعارة واحتــوت املكتبــة‬ ‫يقــدر أن تكــون لهــا نهايــة‪ .‬إن مدينــة‬
‫أيضــاً أعظــم أطبــاء العصــور الوســطى‬ ‫حســب تقديــرات املستشــرقة األملانيــة‬ ‫الكتــب واملكتبــات ال متــوت بــل تتجــدد يف‬
‫ومكتشــف الــدورة الدمويــة الصغــرى ابــن‬ ‫(هونكــة) علــى مليونــا وســتمائة ألــف‬ ‫كل عصــر وتفجــر مــا لديهــا مــن الكنــوز‬
‫النفيــس الــذي عــن رئيــس ألطبــاء مصر‪،‬‬ ‫مجلــد مــن بينهــا ‪ 6500‬مخطوطــة يف‬ ‫والعقــول وهــذه مدينتنــا مثــال حــي ونــادر‬
‫وال ننســى ابــن خلــدون عالــم االجتمــاع‬ ‫الرياضيــات و‪ 1٨000‬مخطوطــة يف‬ ‫ال يوجــد مثلهــا يف كل األزمــان والعصــور‪،‬‬
‫الــذي وصــل إلــى القاهــرة يف عهــد‬ ‫الفلســفة‪ ،‬ويقــول املقريــزي عنها «وحصل‬ ‫إنهــا القاهــرة اجلوهــرة التــي أطلــق عليهــا‬
‫الســلطان الظاهــر ســيف الديــن برقــوق‬ ‫يف هــذه الــدار مــن خزائــن أميــر املؤمنــن‬ ‫جوهــرة الشــرق وأحــق أن تكــون جوهــرة‬
‫اململوكي ودرس يف اجلامع األزهر وكانت‬ ‫احلاكــم بأمــر اهلل مــن الكتــب التــي أمــر‬ ‫العالــم أجمــع فلديهــا مــا يشــفع مــن‬
‫لــه نــدوة مشــهورة هنــاك‪ ،‬قــال عنهــا ابــن‬ ‫بحملهــا إليهــا مــن ســائر العلــوم واآلداب‬ ‫التاريــخ الثقــايف لبنــي االنســان‪.‬‬
‫خلــدون «رأيــت حاضــرة الدنيــا وبيتــان‬ ‫مالــم يــر مثلــه مجتمعــا ألحــد قــط»‪ .‬ولــم‬ ‫كان الصعــود احلقيقــي علــى مســرح‬
‫العالــم ومحشــر األمم ومــدرج الــذر مــن‬ ‫يســع بابــا رومــا سلفســتر الثانــي أن يقــول‬ ‫األحــداث والتاريــخ عندمــا احتفــى بهــا‬
‫البشــر وإيــوان اإلســام وكرســي امللــك‬ ‫عــن املكتبــة عــام ‪999‬م «إنــه ملــن املعلــوم‬ ‫املعــز لديــن اهلل الفاطمــي وســماها‬
‫تلــوح القصــور و األواويــن يف جــوه وتزهــو‬ ‫متامــا أنــه ال يوجــد أحــد يف رومــا لــه مــن‬ ‫القاهــرة وجعلهــا عاصمــة الدولــة‬
‫اخلوانــق واملــدارس والكواكــب بأفاقــه‬ ‫العلــم مــا يؤهلــه ألن يعمــل بوابــاً لتلــك‬ ‫واخلافــة وأراد لهــا أن تنافــس بغــداد‬
‫وتضــيء البــدور والكواكــب مــن علمائــه‪،‬‬ ‫املكتبــة و أنــى لنــا أن نعلــم النــاس ونحــن‬ ‫وقرطبــة‪ ،‬فكيــف الســبيل إلــى ذلــك إال‬
‫ويجبــي إليهــم الثمــرات واخليــرات ثجــة‬ ‫يف حاجــة ملــن يعلمنــا‪ ،‬إن فاقــد الشــيء ال‬ ‫عــن طريــق الكتــب‪ ،‬لتكــون بعــد ذلــك‬
‫ومــررت يف ســكك املدينــة تغــص بزحــام‬ ‫يعطيــه»‪.‬‬ ‫عاصمــة الفاطميــن السياســية والثقافيــة‬
‫املــارة‪ ،‬أســواقها تزخــر بالنعيــم»‪.‬‬ ‫وكمــا تكــون عواصــم الثقافــة و‬ ‫والدينيــة‪ .‬وأنشــأ قائــده جوهــر الصقلــي‬
‫العلــم واألدب يف العالــم مــزارا وحــ ً‬
‫ا‬ ‫اجلامــع األزهــر الــذي حتــول فيمــا بعــد‬

‫‪8‬‬
‫إلــى فرنســا وأقــام فيهــا خمــس ســنوات‬ ‫مكتبــات كثيــرة يف أنحــاء املدينــة واهتــم‬ ‫وأيضـاً قــدم الكثير مــن العلماء املهاجرين‬
‫وأنشــأ عندمــا رجــع مدرســة األلســن‬ ‫حكامهــا بالعلــم والعلمــاء ويقــول عميــد‬ ‫مــن األندلــس لينعمــوا بالزخــم الثقــايف‬
‫والترجمــة ‪ ,‬واســتقدم العلمــاء األوربيــن‬ ‫األدب العربــي طــه حســن أنــه لــو اســتمر‬ ‫يف القاهــرة وجنــد الشــاعر والطبيــب‬
‫مــن أوروبــا يف مجــاالت الطــب والهندســة‬ ‫حكــم املماليــك إلــى العصــر احلاضــر‬ ‫األندلســي أميــة ابــن أبــي الصلــت أوائــل‬
‫والزراعــة وجلــب أول مطبعــة مــن إيطاليــا‬ ‫لــكان للقاهــرة شــأن آخــر ولســوف تكــون‬ ‫القادمــن‪ .‬وبهــذه املكتبــات والعقــول‬
‫والتــي ســميت فيمــا بعــد مبطبعــة بــوالق‬ ‫يف مقدمــة املــدن العامليــة يف العصــر‬ ‫املهاجــرة وعقــول علمائهــا غــدت القاهــرة‬
‫وقــدر عــدد الكتــب التــي طبعتهــا إلــى‬ ‫احلديــث ألن فتــرة احلكــم العثمانــي‬ ‫مدينــة مصــدرة للعلــم فنشــطت حركــة‬
‫نهايــة القــرن التاســع عشــر أكثــر مــن‬ ‫كانــت فتــرة ركــود وســكون للمدينــة حتــى‬ ‫تأليــف عظيمــة وكثــر االهتمــام بالكتــاب‬
‫‪ 10‬آالف كتــاب‪ .‬وبــدأت القاهــرة تنتعــش‬ ‫أتــى عصــر محمــد علــي باشــا صانــع‬ ‫واقتنائــه وبقيــت علــى هــذه احلــال لعــدة‬
‫قليــا فــازدادت أعــداد الطــاب املبتعثــن‬ ‫النهضــة املصريــة وبانــي مصــر احلديثــة‪.‬‬ ‫قــرون نقشــت علــى جــدار الزمــان‪.‬‬
‫واملتعلمــن واملتســلحون بالعلــم والثقافــة‬ ‫كانــت ســاعة قــدر حرجــة يف تاريــخ‬ ‫كمــا قلنــا ســابقاً أنهــا مدينــة ال‬
‫األوروبيــة احلديثــة وقــدم الســوريون‬ ‫مصــر والقاهــرة خصوصــاً ومنعطــف‬ ‫متــوت ولكــن يحصــل لهــا أن تنــام‬
‫واللبنانيون ليســاعدوا يف عملية الترجمة‬ ‫تاريخــي مهــم عندمــا تولــى محمــد علــي‬ ‫وتغفــو ثــم تصحــو وتكــون أعظــم ممــا‬
‫أوال ويف إنشــاء الصحــف واملجــات‬ ‫باشــا عــرش مصــر فقــد أراد أن يطلــق‬ ‫كانــت عليــه مســتوعبة الثقافــة اجلديــدة‬
‫الثقافيــة ويشــاركوا يف عصــر النهضــة‬ ‫املــارد الــذي يف املصبــاح والــذي كان‬ ‫للقادمــن اجلــدد مــن احلــكام والعلمــاء‬
‫اجلديــدة يف النصــف الثانــي مــن القــرن‬ ‫يعيــش يف عصــور القــرون الوســطى‪.‬‬ ‫وعــوام النــاس‪ ،‬وقــد حكمــت املدينــة بعــد‬
‫التاســع عشــر مثــل أنطــون جميــل وجــورج‬ ‫بــدأ الباشــا يف اإلصاحــات‬ ‫الفاطميــن مــن قبــل األيوبيــن واملماليــك‬
‫زيــدان و العالــم الفريــد يعقــوب صــروف‬ ‫الشــاملة يف الزراعــة والعلــوم احلربيــة‬ ‫وبعدهــم العثمانيــن ووقفــت شــوكة‬
‫صاحــب مجلــة املقتطــف واألخويــن تقــا‬ ‫والرياضيــات وأقــام مدرســة متخصصــة‬ ‫يف حلــوق املغــول والصليبــن وكانــت‬
‫مؤسســي صحفيــة األهــرام‪ ،‬ومحمــد‬ ‫يف الترجمــة وأرســل البعثــات إلــى‬ ‫احلصــن املنيــع للعالــم االســامي‪ .‬أقــول‬
‫أمــن اخلاجنــي صاحــب مكتبــة اخلاجنــي‬ ‫إيطاليــا وفرنســا وعلــى رأســهم املترجــم‬ ‫إن القاهــرة قــد جتــدد عهدهــا بالكتــب‬
‫الشــهيرة املوجــودة إلــى اآلن‪.‬‬ ‫واملفكــر رفاعــة الطهطــاوي الــذي ابتعــث‬ ‫واملكتبــات يف العصــر اململوكــي ومت بنــاء‬

‫‪9‬‬
‫ســاعات يقلــب الكتــب فيهــا مــن ســاعات‬ ‫العربيــة و أحمــد أمــن الــذي أنشــأ هــو‬ ‫بــدأت القاهــرة تســترجع أيامهــا‬
‫الصبــاح حتــى منتصــف الظهيــرة‪ ،‬وأهــم‬ ‫و مجموعــة مــن املثقفــن جلنــة التأليــف‬ ‫العظيمــة ولكــن بوهــج أقــوى وأعنــف‬
‫مــن ذلــك ســور األزبكيــة الشــهير الــذي‬ ‫والترجمــة والتــي تعــد أكبر عمــل ومجهود‬ ‫فالهجــرات املتتاليــة لطــاب العلــم مــن‬
‫كان ســور حديقــة األزبكيــة وبعــد ذلــك‬ ‫حقيقــي يف ترجمــة روائــع األدب الغربــي‬ ‫األقطــار العربيــة واإلســامية والنهضــة‬
‫حتــول إلــى ســوق للكتــب بــل أعظــم ســوق‬ ‫إلــى العربيــة‪ ،‬ويف مجــال العلــم يكفــي‬ ‫األدبيــة احلديثــة علــى يــد كثيــر مــن‬
‫مفتــوح للكتــب ســتجد كل شــيء فيــه مــن‬ ‫القاهــرة ومصــر شــرفاً أن أخرجــت‬ ‫الكتــاب واألدبــاء مثــل املنفلوطــي وانتشــار‬
‫أقــدم املجــات والطبعــات للكتــب النــادرة‬ ‫مصطفــى مشــرفة عالــم الفيزيــاء‬ ‫الكتــاب املطبــوع والكتــب القصصيــة‬
‫إلــى اجلديــد يف عالــم الكتــب وســيخبرك‬ ‫العبقــري صديــق ألبــرت أينشــتاين‪،‬‬ ‫املترجمــة عــن الفرنســية واإلجنليزيــة‪،‬‬
‫العــم طاهــر يف ســور األزبكيــة أن أشــهر‬ ‫ويف أربعينيــات القــرن العشــرين كانــت‬ ‫والثــورة الفكريــة يف كل مجــاالت احليــاة‬
‫كتــاب مصــر وعظمائهــا كانــوا يشــترون‬ ‫معامــل الفيزيــاء والكيميــاء يف جامعــات‬ ‫واحلــركات الوطنيــة ومحاربــة االحتــال‬
‫مــن هــذا املــكان وكان الســور مــاذ لهــم‪,‬‬ ‫القاهــرة مثــل مثياتهــا يف إيطاليــا‪ .‬أمــا‬ ‫البريطانــي كل هــذا دفــع بالقاهــرة‬
‫وكل زائــر يبحــث عــن الســياحة الثقافيــة‬ ‫يف مجــال الفنــون واملوســيقى فالقاهــرة‬ ‫لتكــون عاصمــة الشــرق اجلديــد يف‬
‫عليــه بزيــارة الســور ويقتنــي بعــض الكتــب‬ ‫يف الصــدارة دائمــاً وأبــداً فهنــا مســرح‬ ‫مطلــع القــرن العشــرين‪ .‬وقاهــرة القــرن‬
‫منــه‪.‬‬ ‫الريحانــي ويوســف وهبــي والســت أم‬ ‫العشــرين تبــدو لوهلــة عاصمــة أوروبيــة‬
‫هكــذا هــي مــدن الثقافــة والقــراءة‬ ‫كلثــوم وعبدالوهــاب وعبداحلليــم وامللحــن‬ ‫جلمــال تنظيمهــا وحدائقهــا ومكتباتهــا‬
‫تنتــج عباقــرة يف كل املجــاالت فــكان‬ ‫واملوســيقار العبقــري ســيد درويــش‪.‬‬ ‫ودار األوبــرا وطابعهــا العمرانــي اجلديــد‬
‫مــن املتوقــع أن يحصــد جنيــب محفــوظ‬ ‫ويف مجال الكتب والنشر تعد القاهرة‬ ‫ووجــود جاليــة أوروبيــة كبيــرة قدمــت‬
‫جائــزة نوبــل وأيضــاً عالــم مصــر زويــل‬ ‫مدينــة القــراءة األولــى يف العالــم العربــي‬ ‫لتعمــل يف املدينــة‪.‬‬
‫وغيرهــم كثيــر مــن عباقــرة القاهــرة وكمــا‬ ‫فيوجــد فيهــا مئــات املكتبــات ودور النشــر‬ ‫اآلن القاهرة تعيش عصرها الذهبي‬
‫قلــت ســابقاً إن القاهــرة مدينــة ال متــوت‬ ‫ومكتبــات وســط القاهــرة قائمــة إلــى اآلن‬ ‫فكانــت بحــق ثــورة يف عالــم األدب والفكــر‬
‫أبــدا فقــد كانــت بدايتهــا داراً لعــاج‬ ‫تشــهد علــى ذلــك منــذ نشــأتها يف بدايــة‬ ‫والعلــوم والفنــون واملســرح وصعــد جيــل‬
‫الــروح فكيــف يقــدر أن تكــون لهــا نهايــة‪.‬‬ ‫القرن العشــرين وال زالت مصدراً للتنوير‬ ‫مــن األدبــاء واملفكريــن العظــام أمثــال‬
‫والثقافــة والعلــم‪ ،‬مثــل مكتبــة األجنلــو‬ ‫العقــاد وطــه حســن وتوفيــق احلكيــم‬
‫املصريــة التــي كان ميكــث فيهــا العقــاد‬ ‫والزيــات صاحــب الرســالة مجلــة الثقافــة‬

‫د‪ .‬سعيد الزهراني‬


‫‪@drpolymath85‬‬

‫‪10‬‬
‫الــذي قــرأه ال يــزال يقــول إن الــذي يعرفــه‬ ‫قــرأ للعقــاد يف مجلــة الرســالة وبــدأت‬ ‫كانــت خطواتــه األولــى أرق وعــرق‬
‫قليــل وأمامــه الكثيــر‪.‬‬ ‫رحلتــه معــه بعــد ذلــك إلــى أن تــويف العقــاد‬ ‫وقلــق‪ ،‬وحكايــة مــن قصــص الغجــر فقــد‬
‫كتــب أنيــس منصــور أكثــر مــن ‪200‬‬ ‫رحمــه اهلل‪ ،‬لقــد تتلمــذ علــى يديــه وتعــزز‬ ‫أصابتــه لعنتهــم وعذاباتهــم فعــاش متنقــا‬
‫كتــاب يف شــتى املوضوعــات مــن الفلســفة‬ ‫لديــه حــب القــراءة فمعلمــه وأســتاذه‬ ‫يف صغــره لظــروف عمــل والــده وعــاش‬
‫واألديــان والصحافــة والعلــم واألزيــاء‬ ‫العمــاق العقــاد الــذي عــاش للقــراءة‬ ‫الغربــة احلقيقيــة ولكــن الكتــاب كان‬
‫والتاريــخ والدراســات النفســية واألدبيــة‬ ‫وبهــا‪ ،‬وعندمــا وصــل إلــى القاهــرة قــال‬ ‫ينقــذه دائمــا فــكان ينــام حتتــه أو فوقــه‬
‫إلــى الرحــات والتــي بــرع فيهــا كثيــراً‬ ‫دخلــت جامعتــن‪ ..‬جامعــة العقــاد وجامعــة‬ ‫وأحيانــا يقــرأه وال يفهــم شــيء ممــا يقــرأ‬
‫فلديــه كتــب عديــدة عــن الرحــات‬ ‫القاهــرة وكتــب عــن رحلتــه مــع العقــاد‬ ‫ولكــن أحضــان الكتــب أعطتــه دفئـاً وأمانـاً‬
‫وأشــهرها حــول العالــم يف ‪ 200‬يــوم والتــي‬ ‫وصالونــه الشــهير يف كتــاب يعــد مــن أهــم‬ ‫ولــذا ظــل يدعــو إلــى القــراءة طــول عمــره‬
‫دونهــا أثنــاء طوافــه حــول الكــرة األرضيــة‬ ‫الكتــب العربيــة يف النصــف الثانــي مــن‬ ‫ليــرد إليهــا جــزء مــن اجلميــل‪ ،‬حتــى أنــه‬
‫وكتــب مقدمتــه طــه حســن وقــال عــن‬ ‫القــرن العشــرين وهــو يف ( صالــون العقــاد‬ ‫ألــف كتابــا أســماه ( اقــرأ ) أي شــيء‪ ،‬وهــو‬
‫الكتــاب هــذا كتــاب ممتــع حقـاً تقــرؤه فــا‬ ‫كانــت لنــا أيــام)‪ .‬ويف جامعــة القاهــرة‬ ‫القائــل ال أكبــر مــن القلــم وال أعظــم مــن‬
‫تنقــص متعتــك بــل تزيــد كلمــا تقدمــت يف‬ ‫درس الفلســفة وأصبــح أســتاذا لهــا ودرس‬ ‫العقــل‪.‬‬
‫قراءتــه‪.‬‬ ‫فيهــا أكثــر مــن عشــر ســنوات وتعــرف علــى‬ ‫بــدأت رحلتــي معــه قبــل أكثــر مــن‬
‫ا ظاهــرة فكريــة وأدبيــة غريبــة‬‫إنــه فعـ ً‬ ‫أســتاذه الفيلســوف العبقــري واملوســوعي‬ ‫‪ 15‬ســنة عندمــا قــرأت لــه أول كتــاب ولــم‬
‫عصيــة علــى التصنيــف يذكرنــا بعلمائنــا‬ ‫اآلخــر صاحــب الدراســات الفلســفية‬ ‫أمتالــك نفســي مــن الدهشــة والعظمــة‬
‫وأدبائنــا األوائــل الذيــن برعــوا وأبدعــوا‬ ‫والوجوديــة عبــد الرحمــن بــدوي وتعلم منه‬ ‫والعذوبــة يف األســلوب وكان فتحــاً مبينــا‬
‫يف كل شــيء فهــو قــارئ نهــم مهــووس‬ ‫حــب وعشــق الفلســفة وخصوصــا األملانيــة‬ ‫لــي وشــمعة أضــاءت طريقــي‪ ،‬ومــع كل‬
‫بالكتــب ومكتبتــه اخلاصــة احتــوت أكثــر‬ ‫وحــب اللغــات حتــى أنــه أتقــن أكثــر مــن ‪7‬‬ ‫كتــاب اقتنيــه لــه اشــتريت أضعافــا أخــرى‬
‫مــن ‪ 50‬ألــف كتــاب وهــو أيضــاً صحفــي‬ ‫لغــات يتحــدث بهــا بطاقــة ويقــرأ ألدبائهــا‬ ‫مــن الكتــب التــي دلنــي عليهــا يف كتبــه‬
‫ورئيــس حتريــر لكبــرى املجــات الثقافيــة‬ ‫ومفكريهــا ويترجــم لهــم فقــد ترجــم كثيــر‬ ‫ومقاالتــه الثريــة واملوســوعية حتــى كبــرت‬
‫يف مصــر وكاتــب ورحالــة وفيلســوف ولــو‬ ‫مــن املســرحيات والدراســات األدبيــة‬ ‫وانتفخــت مكتبتــي بســببه‪ ،‬فهــو يقــرأ كل‬
‫تفــرغ للفلســفة ألنشــأ مذهبــاً فكريــا‬ ‫مــن اإليطاليــة واألملانيــة إلــى الفرنســية‬ ‫شــيء وأي شــيء ويجــد متعــة يف ذلــك وأنــا‬
‫جديــدا‪ .‬ويعتبــر آخــر املوســوعين مــن‬ ‫وعرفنــا علــى كثيــر مــن فاســفتها‬ ‫أيضــاً‪ .‬هــل عرفتــم عمــن أحتــدث؟ عــن‬
‫املثقفــن العــرب والذيــن افتقدناهــم‬ ‫وعباقرتهــا مثــل صديقــه الكاتــب اإليطالــي‬ ‫أعظــم قــارئ يف الوطــن العربــي بشــهادة‬
‫بعــد وفاتــه رحمــه اهلل فقــد عــاش قارئ ـاً‬ ‫( ألبرتــو موارفيــا ) الــذي ترجــم لــه كثيــر‬ ‫عميــد األدب العربــي الدكتــور طــه حســن‪،‬‬
‫عاشــقاً لهــا باحثــاً عــن احلقيقــة مــن‬ ‫مــن قصصــه ورواياتــه‪.‬‬ ‫إننــي أحتــدث عــن أنيــس منصــور األديــب‬
‫خالهــا وكان يوصينــا بالقــراءة دائمــاً‬ ‫إننــا أمــام قــارئ بجميــع اللغــات ويريــد‬ ‫والصحفــي واملترجــم والكاتــب املشــهور‬
‫ويقــول‪ « :‬أي شــيء يقــع يف يــدك يجــب أن‬ ‫أن يعــرف كل شــي ويحشــره يف دماغــه‬ ‫واملتفلســف والــذي أعــده مبثابــة ســقراط‪،‬‬
‫تقــرأه املهــم أن تكــون القــراءة عــادة‪ ،‬وأن‬ ‫كمــا يقــول لعــل قلقــه املعــريف يهــدأ‪ ،‬حتــى‬ ‫فســقراط أنــزل الفلســفة مــن الســماء إلــى‬
‫تصاحبهــا لــذة املعرفــة‪ ،‬واملهــم أن يشــغلك‬ ‫أنــه يف أحــد رحاتــه إلــى أمريــكا وصــل‬ ‫األرض وجعلهــا يف متنــاول العقــول‪ ،‬أمــا‬
‫الكتــاب وأن يشــعل النــار يف خيالــك‬ ‫إلــى مكتبــة عامــة وقــال يف نفســه البــد‬ ‫أنيســنا فجعلهــا متعــة مؤكــدة وبثهــا يف‬
‫ويجــدد أحامــك ويفتــح شــهيتك علــى‬ ‫أننــي أعــرف الكثيــر مــن مــا حتويــه هــذه‬ ‫جميــع كتاباتــه ومقاالتــه فهــو فيلســوف‬
‫دنيــا جديــدة يف أي اجتــاه أدبــي أو علمــي‬ ‫الرفــوف وصــدق قارئنــا وأخــذ يقلــب‬ ‫بالفطــرة وجائــع للمعرفــة وعقلــه مشــتعل‬
‫أو فلكــي أو جغــرايف»‪.‬‬ ‫الكتــب وميــر علــى أســمائها حتــى قــال ال‬ ‫ويف شــغل وتفكيــر دائــم‪.‬‬
‫د‪ .‬سعيد الزهراني‬ ‫جديــد هنــا ميكــن أن يفيدنــي‪ ،‬ومــع كل‬ ‫كانــت نقطــة التحــول يف حياتــه عندمــا‬
‫‪@drpolymath85‬‬
‫‪11‬‬
‫✆ 񁰀‪⤆껾 軾䀆䀆䀆䀆‬‬ ‫‪폾‬‬

‫المتحف المصري‬
‫ال يمكــن لزائــر هــذه األرض‪ ،‬األرض التــي حــوت مــن التاريــخ مــا لــم تحــوه أراضــي‬

‫‪ЅЅЅЅЅЅЅЅЅЅЅЅЅЅЅЅЅЅЅЅЅЅЅЅЅЅЅЅЅЅЅЅ‬‬
‫ال ميكــن للســائح أن يــزور مصــر وال يخصــص رحلــة وينظمهــا إلــى املتحــف املصــري‬
‫الذي يحتــوي علــى أكبــر مجموعــة مــن اآلثــار املصريــة القدميــة ‪ ,‬وإن نافســه فيهــا‬ ‫البســيطة واســتأثرت بإقامــة اإلنســان عليهــا منــذ أزلهــا‪ ،‬و تعاقــب عليهــا مــا‬
‫متحفــي اللوفــر وميــت روبيتــان‪ .‬يقبــع املتحــف املصري مبيــدان التحريــر بقلــب القاهــرة‬
‫منــذ عــام ‪ ،1906‬يحــوي معــرض املتحــف علــى ‪ 136‬ألــف أثــر فرعونــي‪ ،‬باإلضافــة إلــى‬ ‫ال يحصــى مــن الثقافــات والملــل والــدول‪ ،‬مــا جعــل هــذا مــن أرض الكنانــة كمــا‬
‫مئــات اآلالف مــن اآلثــار املوجــودة يف مخازنــه مــن اآلثــار النفيســة جــدا التــي تعــود‬ ‫يســميها العــرب األرض التاريخيــة األولــى‪ ،‬أن يتجاهــل قيمــة المــزارات التاريخيــة‬
‫‪---------------------------------------------------------------------‬‬
‫إلــى مــا قبــل التأريــخ‪.‬‬ ‫والثقافيــة التــي حوتهــا هــذه األرض المجيــدة‪.‬‬
‫الســياحة الثقافيــة فــي مصــر ثريــة جــدا بــكل أنــواع اآلثــار التــي كمــا خربــت‬
‫ونهبــت وتــم التفريــط فــي بعضهــا إال أنهــا مازالــت تمتلــك مــا تثــري وتجــذب‬
‫وتســتقطب بــه اآلالف بــل والمالييــن مــن الســياح والمهتميــن بهــذا الشــأن‪.‬‬
‫المتحف اإلسالمي‬
‫يعــرف بأنــه أكبــر متحــف إســامي‪ ،‬بنــي يف عهــد اخلديــوي إســماعيل‪ ،‬كانــت فكــرة إنشــاء دار جتمــع‬
‫التحــف اإلســامية ســنة ‪1٨69‬م‪ ،‬حيــث جمعــت يف اإليــوان الشــرقي مــن جامــع احلاكــم وصــدر‬
‫مرســوم ســنة ‪1٨٨1‬م بتشــكيل جلنــة حفــظ اآلثــار العربيــة‪ ،‬وملــا ضــاق هــذا اإليــوان بالتحــف بنــي لهــا‬
‫مــكان يف صحــن هــذا اجلامــع حتــى بنــي هــذا املــكان احلالــي مبيــدان أحمــد ماهــر بشــارع بورســعيد‬
‫(اخلليــج املصــري قدميـاً) وكان يعــرف جــزءه الشــرقي بــدار اآلثــار العربيــة وجــزءه الغربــي باســم دار‬
‫الكتــب الســلطانية‪.‬‬
‫‪----------------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫‪---------------------------------------------------------------------‬‬

‫‪---------------------------------------------------------------------‬‬

‫‪----------------------------------------------------------------------------------------------‬‬

‫‪---------------------------------------------------------------------‬‬

‫‪----------------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫‪12‬‬
‫الجامع األزهر‬
‫هو أول عمل معماري أقامه الفاطميون يف مصر‪ ،‬بناه جوهر الصقلي بعد عام من فتح الفاطمين ملصر عام ‪ 970‬ميادية‪ ،‬جامع األزهر الشريف هو أول اجلوامع‬
‫الفاطمية يف العالم‪ ،‬ويعد هذا املعلم اإلسامي من أقدم اجلامعات اإلسامية يف العالم والتي يأتي إليها أفواج من الطاب من شتى بقاع األرض حتى اآلن‪.‬‬
‫‪-----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------‬‬

‫‪--------------------------------------------‬‬
‫‪-----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------‬‬

‫الكنيسة المعلقة‬ ‫خان الخليلي‪،‬‬


‫أحد أحياء القاهرة القدمية‬
‫تقــع الكنيســة املعلقــة فــى منطقــة القاهــرة القبطيــة األثريــة املهمــة يف حــي مصــر القدميــة‪ ،‬علــى‬ ‫خــان اخلليلــي واحــد مــن أعــرق أســواق الشــرق‪ ،‬يزيــد عمــره قلي ـ ً‬
‫ا‬
‫مقربــة مــن جامــع عمــرو بــن العــاص ومعبــد ”بــن عــزرا“ اليهــودي وكنيســة القديــس مينــا بجــوار‬ ‫علــى ‪ 600‬عــام ومــا زال معمــاره األصيــل باقيــاً علــى حالــه منــذ‬
‫حصــن بابليــون وكنيســة الشــهيد مرقوريــوس ”أبــو ســيفن“ وكنائــس عديــدة أخــرى‪ُ ،‬‬
‫وســ ِّميت‬ ‫عصر املماليك وحتــى اآلن‪ .‬هاجــر إليــه عــدد كبيــر مــن جتــار مدينــة‬
‫الكنيســة بهــذا االســم ألنهــا بُنيــت علــى برجــن مــن األبــراج القدميــة للحصــن الرومانــي الشــهير‬ ‫اخلليــل الفلســطينية وســكنوه و اآلن توجــد بــه جاليــة مــن أهــل اخلليل‬
‫”حصــن بابليــون“‪ ،‬وهــو احلصــن الــذى بنــاه اإلمبراطــور الرومانــي ”تراجــان“ يف القــرن الثانــي‬
‫تســكن بــه وتعمــل بالتجــارة وإليهــم ينســب خــان اخلليلــي بالقاهــرة‬
‫امليــادي‪ ،‬وتعتبــر الكنيســة املُعلّقــة أقــدم الكنائــس التــي مــا زالــت باقيــة يف مصــر علــى هيئتهــا‬
‫ومنــذ تدشــينها‪.‬‬ ‫وقــد ســمي بهــذا االســم نســبة ملؤسســه وهــو أحــد األمــراء املماليــك‬
‫‪--------------------------------------------------------------------‬‬ ‫وكان يدعــى جركــس اخلليلــي وهــو مــن مدينــة اخلليــل‪ .‬يذكــر أن‬
‫‪-------------------------------------------‬‬

‫حــي خــان اخلليلــي كان مصــدر إلهــام للعديــد مــن الكتــاب واألدبــاء‬
‫املصريــن أبرزهــم الكاتــب ‪:‬جنيــب محفــوظ والــذي ألــف روايتــه‬
‫التــي حتمــل اســم احلــي وحتكــي عــن أحــداث تقــع فيــه ويوجــد بــه‬
‫املقهــى األشــهر يف مصــر قهــوة الفيشــاوي التــي يصــل عمرهــا إلــى‬
‫‪ 200‬عــام‪.‬‬

‫‪----------------------------------------------------------------------------------------------‬‬

‫قلعة صالح الدين‬


‫شــرع صاح الديــن األيوبــي يف تشــييد قلعــة فــوق جبــل املقطــم يف موضــع كان يعــرف بقبــة الهــواء‪.‬‬
‫ولكنــه لــم يتمهــا يف حياتــه‪ .‬وإمنــا أمتهــا الســلطان الكامــل بــن العــادل‪ .‬فــكان أول مــن ســكنها‬
‫هو امللــك الكامــل واتخذهــا داراً للملــك‪ .‬واســتمرت كذلــك حتــى عهد محمــد علــي‪ .‬وتقــع قلعــة‬
‫صــاح الديــن األيوبــي يف حــي القلعــة بالقاهــرة‪ ،‬وتعــد قلعــة صــاح الديــن األيوبــي أحــد القــاع‬
‫احلربيــة التــي بُنيــت يف العصــور الوســطى وكانــت قلعــة ذات أهميــة عاليــة باحتالهــا للموقــع‬
‫الدفاعــي االســتراتيجي املســيطر علــى القاهــرة والفســطاط باإلضافــة لكونهــا الفاصــل بــن‬
‫‪---------------------------------------------------------------------‬‬
‫املدينتــن‪ ،‬واملــاذ األول لاعتصــام يف حالــة ســقوط املدينــة بيــد اخلصــوم‪.‬‬
‫‪----------------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫‪-------------------------------------------‬‬

‫‪13‬‬
‫‪---------------------------------------------------------------------------------------------- ---------------------------------------------------------------------‬‬
‫‪ѫѴ‬‬ ‫‪ѫ‬‬ ‫‪ѭ ɶϱFø‬‬
‫‪Ѭ ѳȤ½ɲK‬‬ ‫‪ѫ Ѵ ɯϱ‬‬
‫‪Ѭ ʇ¤`ϱÀL¼‰¤£‬‬
‫‪Ѭ‬‬
‫‪ɞɷxÖ‬‬
‫‪Ѵ ʇ´lשµ©Ȯ‬‬
‫‪Ѵ‬‬ ‫¼‪ʂȤįÖn‰|½¥‬‬ ‫‪µy÷ț‬‬
‫˛‬ ‫‪Nj‰¤‬‬
‫‪Ѵ‬‬ ‫‪ʅ‬‬ ‫‪ķѳ‬‬
‫‪ѫѴ‬‬ ‫‪ѫ Ѵ ʂª½ȝÖ‬‬
‫‪ѫѴ‬‬ ‫‪ѭ‬‬
‫¼‪ѫ Ѵ ŐUȝȹ L6U¤‬‬ ‫‪Ѫ‬‬ ‫‪Ѭ‬‬
‫|‪ʇ‬‬
‫½‪Ѵ 7÷µ©ÖřKF÷µ©ªȮϱʂTKF¤Ö‬‬ ‫‪ɲK‬‬ ‫ˆ‪ʂ‬‬ ‫¦‪ɷѴ ɯæFu‬‬
‫«‪6פ²×©TKֲ׳´|ʅőKF‰|ÀL¼‰¤‬‬
‫‪ѳ‬‬ ‫‪Ѭ‬‬
‫÷‪ʇªȮµɆ¨TL¤Á[úK³ǒÖϱ¼M×´Ž~[ŽF‬‬ ‫‪ɶµ©Ö‬‬
‫‪Ѵ‬‬
‫‪Ѭ‬‬ ‫‪ѫ‬‬
‫‪LŽHʑ¤6×¥§µ‬‬
‫‪Ѵ‬‬ ‫‪ѳ‬‬
‫>‪ƻϱÀL¼‰¤ÀKg6ÖÁ|‰Ö£ķFU:ÖK×au¤L©ȻtF¥‬‬

‫لوحة ‪ 㨀‬الصالة في القاهرة‬


‫جان جيرو ⤀‪ ⠀㄀㤀 㐀 ጠ ㄀㠀㈀㐀‬هو فنان‬
‫ونحات فرنسي‪ ،‬زار الشر في منتصف‬
‫القرن التاسع عشر تحديدا عا ‪㄀㠀㔀㘀‬‬
‫وتر لنا إرثا كامال من اللوحات⸀ تعتبر‬
‫لوحة ‪ᴠ‬الصالة في القاهرة‪ ᰠ‬من أفضل‬
‫وأروع أعمال الفنان العالمي جان جيرو‬
‫والتي اهتم فيها كمستشر بأهم ‪،‬‬
‫م هر ممكن أن يلفت ن ر زائر أجنبي‬
‫إلى القاهرة ⸀‬

‫لوحة ‪ 㨀‬الكتاب بالجامع األزهر‬

‫بريشة الفنان لو في ويت عا  ‪㄀㤀㠀‬‬


‫من بين كل المستشرقين األوروبيين‪ ،‬يشكل‬
‫الفنان النمساوي لو في ويت حالة فريدة‬
‫من نوعها‪ ،‬تتمثل خصوصيتها في االرتبا‬
‫بمكان واحد من هذا الشر ‪ 㨀‬مدينة القاهرة‬
‫وتكري سيرته المهنية كاملة لهذا‬
‫المكان بعد اكتشافه‬
‫⸀‬

‫‪14‬‬
‫لوحة ‪ 㨀‬بانوراما أبو الهول‬
‫ارع النحاسين بالقاهرة التاريخية‬ ‫لوحة من مجموعة القاهرة‬
‫وصل يفيد روبرت إلى اإلسكندريــة سنة‪㄀㠀㌀㠀‬‬ ‫بريشة الفنان البريطاني والتر تيندال‬ ‫للفنان البريطاني تشارلز روبرتسون‬
‫وقد أخذت مصر نصيب األسد من لوحات روبرت‬ ‫⤀‪⠀㄀㠀㔀㔀-㄀㤀㐀㐀‬‬ ‫⤀‪⠀㄀㠀㐀㐀-㄀㠀㤀㄀‬‬
‫فقد صور الكثير من معالم مصر في لوحاته مثل‬
‫∀قنا ر على النيل∀‪ ،‬و∀جامع ال ــوري∀‪ ،‬و∀باب زويلــة∀‬
‫و∀مقيا النيل في جزيرة الروضة∀‪ ،‬و∀ جرة العيلة المقدسة‪ᰠ‬‬
‫و∀قصر محمد علي∀‪ ،‬و∀مسلة في األقصر∀‪ᴠ ،‬ومعبد الكرنك‪ᰠ‬‬
‫و ‪ᴠ‬معبد إيزي في أسوان∀‪ ،‬و∀معبد أبو سمبل‪ᰠ‬‬

‫‪㄀‬‬

‫لوحات الفنان جون فريدريك لوي‬


‫فنان إنجليزي ‪㄀㠀㜀㘀 -㄀㠀 㐀‬‬
‫أحد أع م الرسامين المستشرقين البريطانيين‬

‫‪㈀‬‬
‫‪㌀‬‬

‫‪15‬‬
‫وهــو شــيء ال يعجــب أغلــب مــن يعرفنــي‬ ‫مســرحية كوميديــة‪.‬‬ ‫منــذ فتــرة ليســت بقصيــرة أصبحــت‬
‫لســت مندفعــة‬
‫ُ‬ ‫بالرغــم مــن أننــي فتــاة‬ ‫شــدت انتباهــي وبــدأت بتجميــع‬ ‫أحتفــظ بطريقــة خاصــة و فعالــة جــداً‬
‫لكــن لطاملــا كان ال ُكــره مــن مبــدأ أن‬ ‫أفــكاري وترتيبهــا وكانــت الفكــرة رقــم‬ ‫وهــي‪ :‬عندمــا أعيــش خيبــة أو تكــون‬
‫كثــرة الضحــك تقلــل هيبــة الفــرد‪ ،‬فكــرت‬ ‫واحــد هــي‪:‬‬ ‫إرادتــي ضعيفــة أبحــث بــن الكلمــات مــا‬
‫ا وتذكــرت أنــي قــرأت يف ســيرة‬ ‫قليــ ً‬ ‫ملاذا قال مسرحية؟‬ ‫قــد يكــون قــادر علــى ترميــم مــا بداخلــي‪،‬‬
‫املصطفــى عليــه الصــاة والســام أنــه‬ ‫هــل يُعقــل أن حياتــي اآلن أقــرب‬ ‫و دائمــا كنــت أفضــل الكلمــات املكتوبــة‬
‫قــد كان يضحــك مــع األعــراب الغــاظ‬ ‫مــا تكــون إلــى خشــبة مســرح تــروى عليهــا‬ ‫علــى مــا يُقــال لــي و ال أعلــم مــا هــو الســر‬
‫الشــداد ليشــعرهم بالســعة والرحمــة‬ ‫قصــة وأحــداث و ممثلــن؟‬ ‫لكــن تبقــى الكلمــات املكتوبــة ذات وقــع‬
‫والنعمــة التــي جــاء بهــا اإلســام ‪ ،‬وبــأن‬ ‫هــل املنتقديــن لقراراتــي وأفــكاري‬ ‫أعمــق بداخلــي وســحر جميــل‪.‬‬
‫الديــن فســحة ورفــق ولــن يُقابــل اإلســاءة‬ ‫وســلوكي مــا بــن مؤيــد أو رافــض هــم‬ ‫بذهــن مرهــق وإرادة منهكــة تصفحــت‬
‫باإلحســان والعبــوس بالضحــك‪.‬‬ ‫مجــرد حضــور املســرحية؟‬ ‫كتاب ‪:‬‬
‫هنــا أيقنــت أنــي أجبــت علــى أســئلتي‬ ‫هــل الدرامــا الكئيبــة احلزينــة املؤملــة‬ ‫‪DON`T SWEAT THE SMALL STUFF‬‬
‫‪And it`s all small stuff‬‬
‫وتأكــدت بأنــه مهمــا كان ثقــل الدرامــا‬ ‫اململــة التــي قــد تتخللهــا دمــوع أو بــرود‬ ‫‪RICHARD CARLSON‬‬
‫يف مــا قــد نعيشــه أو مــا ســوف نواجهــه‬ ‫مشــاعر مــن املمكــن أن تتحــول إلــى‬ ‫قرأت باســتطراد ولرمبا كان الســبب‬
‫ســيكون يف أدق تفاصيلــه كوميديــا يجــب‬ ‫كوميديــا مضحكــة مفرحــة ومبهجــة‬ ‫شــعوري أنهــا مقــاالت مكــررة عــن تطويــر‬
‫أن نبحــث عنهــا كــي تُخفــف مــن وقــع‬ ‫تُســعد الــروح قبــل أن تُســعد احمليطــن؟‬ ‫الــذات ســبق وقرأتهــا أو أننــي كنــت‬
‫الثقــل وجـ ّل مــا علينــا أن نكــون صبوريــن‬ ‫بــدأت أطــرح أســئلة وكأنــي أردت أن‬ ‫مشــغولة البــال بأفــكار مزدحمــة‪ ،‬قــرأت‬
‫مبتســمن لــكل شــيء‪.‬‬ ‫أنتصــر للكوميديــا بقناعــة ثابتــة حتيــزاً‬ ‫إلــى أن اســتوقفتني عبــارة‪:‬‬
‫جلــزء مــن شــخصيتي مييــل للضحــك‬ ‫‪ - 60‬حــول مســرحيتك الدراميــة إلــى‬

‫ود العتيبي‬
‫__‪@al3tebeh‬‬

‫‪16‬‬
‫ما الضي ُر يف أ ْن تب َق أص َّم عما يتف ّوه‬
‫به العالم من ت َّرهات؟‬
‫البشر‬
‫ِ‬ ‫ضجيج‬
‫ِ‬ ‫سماع‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫تتوقف عن‬ ‫أن‬
‫وأنينِهم!‬ ‫ميسون أحمد‬
‫‪@maysoon_ah2‬‬
‫عينيك لتصب َح ضريراً ال‬ ‫َ‬ ‫أو تُري َح‬
‫يبصر‪...‬‬
‫مامح ِ‬
‫آالف‬ ‫ضريراً أَطفأ زحا َم‬ ‫علينــا مـ ّر الســام‪ ،‬تلقــي بدلوهــا حينـاً يف‬ ‫ـدي تلــك العادة‪ ،‬مرافقــة الكتــاب‬ ‫أنــا لـ ّ‬
‫ِ‬ ‫ً‬
‫الهــواء فلرمبــا لــم يألــف قالبهــا قلبــك‪،‬‬ ‫احتجــت صديقــا‪ .‬إن حزّبنــي الضيــق‬ ‫ُ‬ ‫إن‬
‫اجلموع من ُمخ َّيلتِه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫لكنّــك علــى أقــل تقديــر أمضيــت الوقــت‬ ‫واحلــزن تقوقعــت بــن زوايــا دفــات كتــاب‪،‬‬
‫أو‪ُ ...‬كن أبكماً !‬
‫فيمــا يُذكــر‪.‬‬ ‫فكــم مــن مــرة ذاقــت الصفحــات ملوحــة‬
‫الكام ألجلِ الكام ‪..‬‬ ‫ِ‬ ‫نفس ُه من‬ ‫َح َر َم َ‬ ‫و تلــك التــي ترافقــك لبرهــة مــن الزّمــن‬ ‫أدمعــي!‬
‫معنى لكامي‪: -‬‬ ‫ً‬ ‫كنت تبحثُ عن‬ ‫‪-‬إ ْن َ‬ ‫وتأنــس بهــا حلــن انتهائــك منهــا‪ ،‬تــزرع‬ ‫اتخــذت مــن‬
‫ُ‬ ‫أحسســت باأللــم‬
‫ُ‬ ‫وإن‬
‫اجلواب أ ْن تفع َل‬
‫ِ‬ ‫فستتطلب معرف َة‬
‫ُ‬ ‫ا‪ ،‬يســهل اســترجاعه‬ ‫فيــك مــا يبقــى طويـ ً‬ ‫ـت يف فــاة الفكــر‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫الكتــاب مس ـكنا! وإن تهـ ُ‬
‫أمراً واحداً‪ ،‬بسيطاً وال أكث َر منه!‬ ‫وذكــر مــا احتــواه متــى مــا بحثــت عنــه يف‬ ‫اتخــذت مــن القــراءةَ مذهبــاً!‬
‫ُ‬
‫أدراج ذاكرتــك ثــم يبقــى معــك متمنيــاً‬ ‫فكــم آنــس مــن وحــدة وأحتضــن مــن‬
‫« ُق ْم واقرأ»‬ ‫إهــداءه رجــاء تبــادل املنفعــة‪ ،‬فتلــك كانــت‬ ‫حنــن‪ ،‬كــم س ـ ّكن مــن ألــم‪ ،‬وإن و ّلــد آخــر‬
‫كتاب‪ ..‬ال يفار ُق‬
‫حواسك نحو ٍ‬ ‫َ‬ ‫وجه‬‫ِّ‬ ‫الكتــب الزّميلــة ‪.‬‬ ‫ـت بســكونه لــروح عطشــى‪،‬‬ ‫باملقابــل‪ .‬أنصـ َ‬
‫ك َّفيْك‪ ..‬حقيبتك‪ ..‬أو جهازك‬ ‫وأخــرى حت ّبهــا‪ ،‬كانــت لــك فتحـاً وحبـا‪ً،‬‬ ‫عقــل جائــع‪ ،‬كــم‬‫ٍ‬ ‫وغــ ّذى بثرثرتــه شــغف‬
‫احملمول حتى!‬ ‫كانــت لــك ُمعلمـاً وشــيخاً‪ُ ،‬و ِهبــت لــك فيهــا‬ ‫ـك وأبكــى!‬ ‫أســع َد وأشــقى‪ ،‬كــم أضحـ َ‬
‫« ُق ْم واقرأ»‬ ‫حيــاة أخــرى‪ ،‬فِ كــر آخــر‪ ،‬هــي ذلــك األنــس‬ ‫حتــى لتكــون بعــض الكتــب بعــد‬
‫‪ -‬اطر ْح بثقلِ العالم عن عاتق‬ ‫وأشــرت إليــه يف بدايــة‬
‫ُ‬ ‫اللــذي قصدتــه‬ ‫هــذا أكثــر مــن كونهــا أوراق‪ ،‬أو وريقــات‬
‫تفكيرك‪.‬‬ ‫حديثــي‪.‬‬ ‫أصلهــا حلــاف شــجر‪ ،‬خُ طــت مــن روح‬
‫علــى كل حــال‪ ،‬منــذ يومــن أو أكثــر‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫كاتبهــا‪ ،‬وكأنهــا خالطــت الــ ّروح حتــى‬
‫رؤيتك مجدداً‪.‬‬
‫َ‬ ‫‪ -‬ح ِّد ْد زاوية‬
‫إلــي‪،‬‬
‫أعــرت صديقــة لــي أقــرب الكتــب ّ‬ ‫ُ‬ ‫ســكنتها‪ ،‬توشــك يف ذلــك منافســة غيرهــا‬
‫‪ -‬أَط ِل ْق سهام حت ُّر َرك إلى ٍ‬
‫عالم‬
‫أحــب أصدقائــي‪ ،‬لــك أن تعلــم‬ ‫أعرتهــا‬ ‫مــن األحيــاء بــل لهــي أبقــى وأحيــا‪.‬‬
‫َّ‬
‫آخر‪ ..‬ال متناهٍ ‪.‬‬ ‫تــرددي قبــل إعارتــه‪ ،‬يــد تقدمــه وأخــرى‬ ‫هــي كمــن ميشــي علــى األرض‪،‬‬
‫« ُق ْم واقرأ»‬ ‫تنــوح ج ـ ّراء فقــد قــد ِأزف وتبكينــي رجــاء‬ ‫ـب الوجــه أو هــاد إلــى الصــراط‬ ‫منهــا مكـ ّ‬
‫وكن مساهماً يف إحياء األمة بعلمِ ها‪،‬‬ ‫اختــاق أعــذار ألبقيــه معــي‪ ،‬متن ّيــت كل‬ ‫املســتقيم‪.‬‬
‫ثقا َفتِها‪ ،‬و ُرق ِّيها‪.‬‬ ‫التمنــي أن يعلــم مــن نعيرهــم الكتــب‪ ،‬بأننــا‬ ‫كأنهــا يف تلونهــا واختافهــا كأصنــاف‬
‫كوثر آل بزرون‬ ‫نُؤمنهــم علــى عظيــم‪ ،‬بأننــا كســرنا أنان ّيتنــا‬ ‫البشــر تتبايــن عاقتنــا بــك ّل صنــف‪.‬‬
‫‪@K_AlBazroon‬‬ ‫يف التملــك علّنــا نبادلهــم كنزنــا العميــق‪.‬‬ ‫فمــن الكتــب‪ ،‬تلــك الكتــب العابــرة‪ ،‬متـ ّر‬
‫‪17‬‬
‫أجرى احلوار ‪ :‬ندى السماعيل‬
‫‪@ba7lah‬‬

‫مدير إدارة النشر والترجمة يف شركة العبيكان للتعليم‪ ،‬من مؤلفاته ( القوة الهادئة ‪ /‬النهر اجلاري ‪ /‬فن إدارة املواقف )‬

‫أبعادها ؟ و مدى مصداقيتها ؟‬ ‫ولعــل الرســم أدنــاه يوضــح كيــف ميــر‬ ‫‪ /1‬كيف ترى حركة الترجمة يف‬
‫ليــس لهــا أي حــظ مــن املصداقيــة‪،‬‬ ‫املكتبات لدينا وهل تلبي متطلبات الكتــاب مبراحــل اإلنتــاج املختلفــة والتــي‬
‫تتبايــن بــن كتــاب وآخــر تبعـاً للتخصــص وأبعادهــا تســويقية بحتــة جــداً‪ ،‬ال‬ ‫احلركة الثقافية وحاجة القراء‬
‫يوجــد جهــة عربيــة واحــدة لديهــا أرقــام‬ ‫والنطــاق املوضوعــي للكتــاب‪.‬‬
‫وشغفهم املعريف؟‬
‫‪ /3‬تقييمك ملعارض الكتب لدينا حقيقيــة عــن املبيعــات‪ ،‬وكذلــك دور‬
‫حركــة متميــزة جــداً ومتطورة ينقصها‬
‫مقارنة مبعارض الكتب العاملية‪ ،‬النشــر تتحفــظ علــى هــذه األرقــام كمــا‬
‫بعــض النقــاط التــي لــو مت معاجلتهــا‬
‫لــو كانــت أســرار عســكرية‪ ،‬وأعتقــد أن‬ ‫لكانــت مخرجاتهــا عاليــة اجلــودة‪ ،‬منهــا أين تقف اآلن و كيف ميكنها أن‬
‫القــارئ العربــي اآلن أصبــح واعيــاً عــن‬
‫البرامــج املتخصصــة بالترجمــة‪ ،‬وكذلــك تلحق مبثيالتها يف الدول األخرى؟‬
‫ً ذي قبــل ‪ ،‬ويعــرف أن هــذه األســاليب لــن‬
‫وضــع املعــارض حاليـاً اليســر إطاقـا‬ ‫تصنيــف املترجمــن والعاملــن بالقطــاع‬
‫جتــدي نفع ـاً يف التغريــر بــه‪ ،‬كمــا أقتــرح‬
‫عمومــاً‪ ،‬وكذلــك وجــود جهــات داعمــة وهــو متبايــن جــداً مــع املعــارض العامليــة‬
‫علــى القــارئ عندمــا يقــرأ هــذه العبــارة‬
‫وراعيــة لعمليــات الترجمــة املتخصصــة متامــاً‪ ،‬كــون املعــارض العامليــة معــارض‬
‫أن يســأل الناشــر أو املــوزع (هــل ميكــن‬
‫لبيــع احلقــوق واألفــكار واالطــاع علــى‬ ‫واألكادمييــة‪.‬‬
‫إطاعــي علــى تقريــر مبيعــات الكتــاب)؟‬
‫التجــارب يف مجــاالت النشــر املختلفــة‪،‬‬ ‫‪ /2‬يروقنا منظر الكتب على‬
‫وســيرى بنفســه مصداقيــة العبــارة‪.‬‬
‫أمــا املعــارض العربيــة فجــل االهتمــام‬ ‫األرفف و لكننا جنهل كيف‬
‫ينصــب علــى البيــع املباشــر فقــط ومــا ‪ /5‬ما مدى رضاك عن عناوين‬
‫الكتب التي تنشرها مكتبة‬ ‫استقرت عليها‪ ،‬حدثنا عن املراحل‬
‫عــداه ففــي طــي النســيان أو التناســي‪.‬‬
‫العبيكان؟‬ ‫كمــا أن احلديــث عــن التنظيــم فهــو‬
‫التي مير بها الكتاب حتى يستقر‬
‫نحــن نغطــي مجموعــة تخصصــات‬ ‫حديــث يطــول جــداً‪ ،‬فيكفــي أن نعــرف‬ ‫بني يدي القارئ ؟‬
‫ميــر الكتــاب مبجموعــة مراحــل تبــدأ أن معــرض اســطنبول كمثــال يتــم كل مهمــة اليــوم للقــارئ العربــي ونحــاول‬
‫عمليــات املشــاركة والدفــع والشــحن جاهديــن تغطيــة الطيــف املعــريف بشــتى‬ ‫بالفكــرة وتنتهــي بالطباعــة‪،‬‬
‫وخافــه مــن عمليــات التنظيــم آلي ـاً مــن أنواعــه‪ ،‬خصوصــاً مــع التوســع الهائــل‬
‫ألفــه إلــى يائــه دون احلاجــة للحديــث مــع يف املعرفــة البشــرية اليــوم‪ .‬كمــا نحــاول‬
‫أحــد‪ ،‬وهــذا غيــر مطبــق يف كل املعــارض جاهديــن أن ال نكــرر الكتــب والعناويــن‬
‫قــدر املســتطاع‪ ،‬ويف النهايــة احلكــم‬ ‫العربيــة دومنــا اســتثناء‪.‬‬
‫مبيعا ) عبارة كثر باجلــودة مــن عدمهــا يحكمهــا القــارئ‪،‬‬ ‫ً‬ ‫‪ ( /4‬أكثر الكتب‬
‫ومبيعــات الكتــاب‪.‬‬ ‫تدوينها على أغلفة الكتب ‪ ،‬ما‬

‫‪18‬‬
‫تكون غير حضارية و كأن القراءة‬ ‫‪ /6‬ما معايير و متطلبات النشر يف جــداً‬
‫تؤت ثمارها؟‬
‫لم ِ‬ ‫مرفق لكم رابط ألحد الفعاليات‪:‬‬ ‫مكتبة العبيكان؟‬
‫‪https://www.youtube.com/‬‬
‫يجب أن يكون الســؤال ماذا يقرؤون؟‬ ‫‪watch?v=hS1YgPSUy4k‬‬ ‫منذ بداية النشــر يف شــركة العبيكان‬
‫لألســف الشــديد ســئلت هــذا الســؤال‬ ‫وضعنــا ألنفســنا معاييــر خاصــة ألزمنــا‬
‫‪ https://www.youtube.com/‬كثيــراً فيكــون جوابــي عليهــم أســأل مــن‬ ‫أنفســنا ومؤلفينــا ومترجمينــا بهــا تتركــز‬
‫‪ watch?v=O5M7FKH68ds‬يقــرأ مــاذا يقــرأ لتعــرف ســبب هــذه‬ ‫هــذه املعاييــر‪.‬‬
‫الســلوكيات التــي تراهــا؟‬ ‫‪ -‬باجلديــة واملوضوعيــة واملهنيــة يف‬
‫فعالية تيد ‪ TED‬خاصة بالكتب مثال ‪ :‬هنــاك كتــب غيــرت مســار البشــر يف‬ ‫طــرح املوضــوع‪.‬‬
‫‪https://www.youtube.com/‬‬
‫‪ kx9Y0-watch?v=LPrS7‬التفكيــر واإلبــداع واإللهــام وهنــاك كتــب‬ ‫‪ -‬االبتعــاد عــن التكــرار يف طرح املواضيع‬
‫هــذه الفعاليــات وغيرهــا تكــون لألســف علــى النقيــض متام ـاً ويبــدو أن‬ ‫التــي ســبق ومت طرحهــا مــن قبــل ناشــرين‬
‫مرتبطــة عــادة بنتائــج وجوائــز ومكافــآت القــراءة وطريقتهــا لــم تنضــج عنــد كثيــر‬ ‫آخرين‪.‬‬
‫غيــر تقليديــة تقدمهــا اجلهــات الراعيــة‪ ،‬ممــن ميارســون هــذه الســلوكيات‪.‬‬ ‫‪ -‬اإلســناد العلمــي يف الكتــب والتــي‬
‫مسابقات القراء اجلماعية وهي مشهورة‬ ‫تشــمل املراجــع واملصــادر التــي اعتمــد‬
‫بعيدا عن مجال عملك‬ ‫‪ً /4‬‬ ‫جــداً يف بعــض الــدول األوروبيــة ومحفــزة‬ ‫عليهــا الباحــث يف كتبــه‪.‬‬
‫د‪.‬محمد حدثنا عن ( ميولك‬ ‫جــداً نظــراً للتنافــس بــن املشــاركن‪،‬‬ ‫‪ -‬التركيــز علــى طــرق النشــر غيــر‬
‫التقليديــة وقبــول املواضيــع التــي تقبــل‬
‫وغيرهــا الكثيــر مــن الفعاليــات شــريطة القرائية ‪ /‬مجاالتك يف القراءة‬
‫أن تكــون غيــر منطيــة ومســتهلكة‪.‬‬ ‫طــرق اإلنتــاج املختلفــة‪.‬‬
‫‪ /‬ملن تقرأ ؟ ‪ /‬و ما التغيير الذي‬ ‫‪ -‬عــدم نشــر الكتــب ذات البعــد الطائفــي‬
‫أحدثته القراءة يف ذاتك ؟ )‬ ‫والفلســفي واجلدلــي وكذلــك تلــك الكتــب‬
‫حقيقة قراءاتي متعددة بحكم عملي‬ ‫‪ /8‬حدثنا د‪.‬محمد عن مكتبة‬
‫التــي ال تقــدم قيمــة مضافــة للقــارئ‬
‫لكننــي أقــرأ يف مجــال تخصصــي كثيــراً‪،‬‬ ‫زرتها و تطلعت لوجود مثيلة لها‬
‫العربــي‪.‬‬
‫مجــال املنصــات التعليميــة منصــات‬ ‫لدينا ‪ ،‬و لم ؟‬
‫النشــر اإللكترونــي‪ ،‬تطــور النشــر يف‬ ‫أشــهر مكتبــة زرتهــا كانــت مكتبــة‬
‫العالــم واجتاهاتــه‪ ،‬وكذلــك بعــض الكتــب‬ ‫للمكفوفــن يف مدينــة فرانكفــورت‬ ‫‪ /7‬ما األنشطة الثقافية التي‬
‫الفكريــة املتنوعــة‪.‬‬ ‫بأملانيــا واحلقيقــة أنهــا ليســت مكتبــة‬ ‫تفتقد إليها املكتبات العامة و‬
‫أقرأ كثيراً ملصطفى محمود‪ ،‬العقاد‪،‬‬ ‫فقــط‪ ،‬ولكنــه مركــز متكامــل فيــه كل‬ ‫التجارية و التي لو نفذت بالشكل‬
‫غازي القصيبي‪ ،‬رحمهم اهلل جميعاً‪.‬‬ ‫شــيء يخــص املكفوفــن‪ :‬أدوات كتابــة‪،‬‬ ‫املطلوب سيكون لها أبلغ األثر يف‬
‫أمــا التغييــر الــذي أحدثتــه فأكثــر‬ ‫أدوات تعلــم‪ ،‬كتــب‪ ،‬فنــون‪ ،‬مجســمات‬ ‫نشر ثقافة القراءة ؟‬
‫مــن أن حتصــى لكــن أختصرهــا مبقولــة‬ ‫باللمــس‪ ،‬كورســات تعليميــة وغيرهــا‬ ‫احلقيقــة املكتبــة تفتقــد ألشــياء كثيــرة‬
‫اجلاحــظ ( إن الكتــاب اجليــد يشــحذ‬ ‫الكثيــر وكل شــيء يتعلــق باملكفوفــن‬ ‫جــداً مــن أهمها‪:‬‬
‫طباعــك‪ ،‬ويفخــم ألفاظــك‪ ،‬ويجــود‬ ‫تقريبــاً‪ .‬وباملناســبة هــذا املركــز لــه ‪1٨‬‬ ‫املكتبــي املتميــز الــذي يســتطيع خدمــة‬
‫بيانــك‪ ،‬ويصقــل أفــكارك)‬ ‫فــرع علــى مســتوى أوروبــا‪ ،‬وأكثــر شــيء‬ ‫الباحــث والزائــر مبهنيــة وحرفيــة عاليــة‪،‬‬
‫كمــا أذكــر كلمــة شــهيرة جــداً للشــيخ‬ ‫شــدني فيهــا أن العاملــن فيهــا جميعــاً‬
‫كمــا تفتقــد للبرامــج القرائيــة اخلاصــة‬
‫ابــن بــاز رحمــة اهلل عندمــا قــال (القــراءة‬ ‫مــن املكفوفــن!! أليســت فكــرة جهنميــة‬ ‫واملســابقات واألنشــطة احملفــزة‪ ،‬برامــج‬
‫مــن النعــم املعجلــة للعبــد يف الدنيــا)‪.‬‬ ‫لتشــغيلهم ؟‬ ‫وفعاليــات غيــر تقليديــة جتــذب الــزوار‬
‫للمكتبــات علــى ســبيل املثــال‪:‬‬
‫كل الشــكر لــك د‪ .‬محمــد علــى هــذا‬ ‫‪ /9‬كيف تفسر إقبال الناس‬ ‫فعاليــة إجنايــت (إشــعال) وهــي فكــرة‬
‫اللقــاء املثمــر‪ ،‬باســمي واســم أســرة املجلة‬ ‫على القراءة و الكتاب و انتشار‬ ‫أجنبيــة لتحفيــز النــاس علــى إلهــام‬
‫شــاكرين وممتنــن لــك كثيـ ًرا‪..‬‬ ‫ممارسات دينية و اجتماعية‬ ‫غيرهــم بالكتــب التــي أثــرت بهــم‪ ،‬وأعتقد‬
‫وثقافية عديدة خاطئة و رمبا‬ ‫أرامكــو أقامــت نشــاط مشــابه كان مميــز‬

‫‪19‬‬
‫مي أحمد‬
‫‪@mai_ahmd‬‬

‫كريســتي ينعتونــه باملتخلــف عقليــاً غيــر‬ ‫ألفــام كنــص روايــة العمــى لســاراماغو‪،‬‬ ‫هنــاك نــوع مــن التنــاص اجلميــل مــا‬
‫أن عقــل بــراون كان صحيحــاً ممتلئــاً‬ ‫وعلــى الرغــم مــن رمزيــة النــص‬ ‫بــن األدب وبــن الســينما‪ ،‬هــذا التنــاص‬
‫بالصحــة والعافيــة‪ ،‬وكانــت لــه روح حــرة‬ ‫واحلــوارات النفســية املعقــدة إال أن أحــد‬ ‫الــذي يجمــع بــن الكلمــة والصــورة والــذي‬
‫طليقــة وإن كانــت قــد حبســت يف ذلــك‬ ‫أكبر أســاطن اإلخراج اســتطاع أن يحول‬ ‫كان ســبباً يف حتــول العديــد مــن األعمــال‬
‫اجلســد الصغيــر‪ ،‬كان علــى كريســتي أن‬ ‫هــذه الروايــة العظيمــة إلــى فيلــم أبكــى‬ ‫والكاســيكيات األدبيــة إلــى أفــام‪،‬‬
‫يتحــرر مــن عبوديتــه لهــذا اجلســد وأن‬ ‫مؤلــف احلكايــة نفســه عنــد مشــاهدة‬ ‫بعضهــا القــى رواجــاً عظيمــاً وبعضهــا‬
‫يحــاول إطــاق روحــه‪ ،‬فلــم يكــف عــن‬ ‫شــخصياته حيــة تــرزق‪ ،‬وكأنهــا قفــزت‬ ‫تراجــع ونســيه الزمــان‪ ،‬إن القــراءة‬
‫احملــاوالت بشــتى الطــرق‪ ،‬إمــا للفــت‬ ‫مــن الكتــاب إلــى الواقــع‪ ،‬وعلــى الرغــم‬ ‫تفتــح طاقــة اخليــال عنــد القــارىء‪،‬‬
‫النظــر أو حملاولــة االندمــاج مــع األســرة‬ ‫مــن أن نســبة جنــاح الفيلــم كانــت نســبية‬ ‫بينمــا الشاشــة حتصــره يف إطــار محــدد‬
‫ومتســكه باحليــاة وإثبــات وجــوده علــى‬ ‫حســب ظنــي إال أن أغلــب املشــاهدين‬ ‫هــذا اإلطــار وجــب أن يكــون ذا قيمــة‬
‫الرغــم مــن إعاقتــه‪.‬‬ ‫والذيــن قــرؤوا الروايــة مســبقاً انحــازوا‬ ‫عاليــة وإال انصــرف عنــه املشــاهد‪،‬‬
‫كان لوالــدة كريســتي يف الكتــاب دور‬ ‫لصفهــا والغرابــة يف ذلــك فمهمــا كان‬ ‫ولعــل أغلــب مطــاردي األفــام التــي‬
‫هــام‪ ،‬إنهــا األم التــي آمنــت بــه وأخلصــت‬ ‫الفيلــم ناجحـاً‪ ،‬فإنــه ســيظل عاجــزاً أمــام‬ ‫ظهــرت مــن فوانيــس الكتــب‪ ،‬باألســاس‬
‫لــه وحاولــت بــكل الطــرق أن تكــون لــه‬ ‫ســطوة الكلمــة وتأثيرهــا الــذي ال يــزول‬ ‫هــم قــراء أمعنــوا يف اخليــاالت وجــاؤوا‬
‫عونـاً علــى أن يشــق لــه طريقـاً يف احليــاة‪،‬‬ ‫حتــى مــع مضــي الوقــت‪.‬‬ ‫ملطابقــة خياالتهــم مــع خيــاالت مقدمــي‬
‫إال أن كريســتي لــم يتحــرر إال بعــد أن‬ ‫هنــاك روايــة صغيــرة ســأتوقف‬ ‫هــذه األفــام‪ ،‬إال أنهــا يف أغلــب األحيــان‬
‫توصــل إلــى أن ميســك الطبشــورة بقدمــه‬ ‫عندهــا ملــا حققتــه علــى الصعيديــن‬ ‫ال تتطابــق وإن تطابقــت فبنســبة قليلــة‬
‫اليســرى ليخــط بهــا حرفــه األول‪ ،‬لقــد‬ ‫الســينمائي والســرد الروائــي وحتــى‬ ‫فالســينما وإن كانــت تســرد قصــة حالهــا‬
‫كان يف اخلامســة مــن عمــره ووســط‬ ‫علــى صعيــد الترجمــة العربيــة‪ ،‬وهــي‬ ‫حــال الروايــة إال إنهــا مختلفــة‪ ،‬فهــي وإن‬
‫دهشــة وإعجــاب عائلتــه الكبيــرة لتصبــح‬ ‫روايــة قدمــي اليســرى للرســام واألديــب‬ ‫كانــت نتاجــا لــألدب إال إن لهــا نهجــاً‬
‫تلــك القدم هي وســيلته للحيــاة والتواصل‬ ‫اإليرلنــدي كريســتي بــراون وهــي ســيرة‬ ‫وأســلوباً تدخــل فيــه معاييــر مغايــرة كليـ ًة‪،‬‬
‫مــع اآلخريــن وطريقــه لإلبــداع والفــن‪.‬‬ ‫ذاتيــة كتبهــا بنفســه يحكــي فيهــا عــن‬ ‫لذلــك علــى ُقــراء القصــص أال يغضبــوا‬
‫إصابتــه منــذ الــوالدة بشــلل دماغــي تركــه‬ ‫يف حــال مــا فشــل هــذا التطابــق بــن نــص‬
‫عاجــزاً‪ ،‬بيديــن معوجتــن وجســد خــارج‬ ‫الروايــة وســيناريو الفيلــم‪.‬‬
‫عــن الســيطرة‪ ،‬كان كل مــن كانــوا حــول‬ ‫هنــاك نصــوص معقــدة للغايــة حتولــت‬

‫‪20‬‬
‫ألن عليه أن ياحق كل التفاصيل املتعلقة‬ ‫يشــير إلــى ذلــك‪ ،‬إنــه الفنــان العظيــم‬ ‫إن قصــة كريســتي بــراون هــي قصــة‬
‫بشــخصية كريســتي بــراون كيــف يعيــش‬ ‫دانيــال دي لويــس‪ ،‬وقدمــي اليســرى‬ ‫حتــدي وكفــاح وصــراع مــع اإلعاقــة‬
‫كيــف يــأكل كيــف يرســم كيــف يحــس‬ ‫الفيلــم الــذي حــاز ســبعة أوســكارات‬ ‫أثمــرت عــن رســام كبيــر وأديــب يصنــف‬
‫ـب وتــزوج‪ ،‬لقــد‬‫وكيــف يغضــب‪ ،‬كيــف أحـ َّ‬ ‫لشــدة مــا لفــت أنظــار صنــاع األفــام‪ ،‬إن‬ ‫يف درجــة ال تقــل عــن مواطنــه الشــهير‬
‫كان الفيلــم موحيــاً وصادقــاً يف الوقــت‬ ‫احلكايــة ال تقــوم علــى اإلتيــان بشــخص‬ ‫جويــس‪.‬‬
‫نفســه‪ ،‬ففــي الوقــت الــذي كانــت فيــه‬ ‫يشــبه الرســام ليــؤدي شــخصيته بــل‬ ‫لقــد كان الكتــاب واقعيــاً شــفافاً‪،‬‬
‫الروايــة تعتمــد علــى الكلمــة املؤثــرة كان‬ ‫كيــف جتعــل هــذا املمثــل يشــبه الرســام‬ ‫وذا إحســاس صــادق‪ ،‬كمــا كان ممتلئــاً‬
‫الفيلــم يعتمــد علــى الصــوت واملوســيقى‬ ‫بروحــه بعذاباتــه وآالمــه بحركاتــه املبهمــة‬ ‫بالعاطفــة‪ ،‬وجتســيد أحــام إنســان‪،‬‬
‫اإلميــاءة احلركــة والصمــت‪ ،‬لقــد كان‬ ‫ونداءاتــه الغامضــة بغضبــه اجلامــح‬ ‫وبــذل شــتى الطــرق إلثبــات الوجــود‪ ،‬أنــا‬
‫كاهمــا يســير يف نعومــة وساســة‪ ،‬وكان‬ ‫بانهياراتــه ورفضــه لاستســام ‪ ..‬لقــد‬ ‫هنــا أنــا أعيــش وأحــس أحــب وأحــزن‬
‫دانيــال دي لويــس دعامــة الفيلــم‪ ،‬فارتقــى‬ ‫كان دانيــال دي لويــس مثــاالً أو منوذجــاً‬ ‫وأتألــم‪ ،‬لقــد كتبــه بــراون عــدة مــرات‬
‫مبســتوى الفيلــم ومنحــه جاذبيــة فنيــة‬ ‫للممثــل البــارع الــذي لــم يحســن األداء‬ ‫ومزقــه حتــى يصــل إلــى نســخته األخيــرة‪،‬‬
‫خاصــة ليبقــى صــداه واســعاً وممتــداً‪.‬‬ ‫فقــط‪ ،‬بــل تق َّمــص روح الشــخصية‬ ‫لتصبــح ســيرة مترعــة باأللــم تُســيل دمــع‬
‫املفارقــة األخيــرة أن الكتــاب فيــه‬ ‫ببعدهــا النفســي وأبعادهــا الروحيــة‬ ‫القــارىء ويتعاطــف معــه‪ ،‬يحــزن ألجلــه‪،‬‬
‫جانــب حزيــن يتــرك ظالــه علــى‬ ‫التــي وضعهــا املؤلــف يف النــص‪ ،‬يف ذلــك‬ ‫وقــد يتســرب شــيءٌ مــن اإلحبــاط لشــدة‬
‫القــارىء‪ ،‬بينمــا ترتفــع جرعــة التفــاؤل‬ ‫الفيلــم لــم يكــن هنــاك وجــود لــدي لويــس‬ ‫مــا م ـ ّر بالرســام مــن متاعــب وآالم ‪ ..‬إال‬
‫يف الفيلــم وخاصــة يف مشــهد النهايــة‪،‬‬ ‫بــل كان كريســتي بــراون بشــحمه وحلمــه‬ ‫أن الكتــاب أيض ـاً يعطــي باملقابــل جرعــة‬
‫وألن احلــزن والفــرح يك ّمــان بعضهمــا‪،‬‬ ‫‪،‬ذلــك اإلحســاس باملضمــون الداخلــي‬ ‫للتحــدي ومثــاالً علــى النجــاح والقــدرة‬
‫فــإن املشــاهد يشــعر بــأن الفيلــم والكتــاب‬ ‫للشــخصية بــل ألعمــق منطقــة فيهــا‪ ،‬إنهــا‬ ‫علــى الوقــوف يف وجــه املصاعــب بــل‬
‫ينتميــان لبعضهمــا‪ ،‬وهــذا إحســاس نــادر‬ ‫حلظــة ال يصــل إليهــا إال فنــان عظيــم‪،‬‬ ‫وخلــق شــيء مــا مــن العــدم‪.‬‬
‫يف احلقيقــة مــن الصعــب أن يقدمــه فيلــم‬ ‫إنهــا حلظــة اإللهــام التــي تؤثــر وحتــدث‬ ‫وللحديــث عــن فيلــم قدمــي اليســرى‬
‫مــا للقــارىء املشــاهد ‪.‬‬ ‫مثــل هــذا االنقــاب‪.‬‬ ‫وهــل اســتطاع أن يحقــق النجــاح الــذي‬
‫ممــا ال شــك فيــه أن هنــاك جهــداً‬ ‫حققــه الكتــاب‪ ،‬فــإن تاريــخ الفيلــم‬
‫خارق ـاً بُــذل مــن قِ بــل الفنــان دي لويــس‪،‬‬ ‫يحكــي‪ ،‬وتاريــخ مــن قــام بــدور البطولــة‬

‫‪21‬‬
‫ساجد العبدلي الطبيب البشري واملدرب احملترف يف التنمية البشرية والقارئ املميز الذي ترك بصمته وأبى إال أن‬
‫تكون القراءة ثقافة مجتمع من خالل مؤلفاته ( القراءة الذكية ‪ /‬اقرأ ‪ /‬بصحبة كوب من الشاي)‬

‫كتابــي األول‪ :‬القــراءة الذكيــة يف العــام‬ ‫‪ .1‬أي أنواع القراءة تلك التي أثرت بهــا النــاس علــى أمــل أن يكــون فيهــا مــا‬
‫‪2006‬م‪ .‬وأنــا أتعامــل مــع كل كتــاب‬ ‫يفيدهــم‪ ،‬ومــا يامــس أرواحهــم‪.‬‬ ‫يف د‪ .‬ساجد؟‬
‫جديــد مــن كتبــي علــى أنــه مشــروع‪ ،‬البــد‬ ‫كل القــراءات التــي مارســتها أثــرت‬
‫لــه حتــى يبــدأ أن ينطلــق مــن فكــرة أؤمــن‬ ‫يف تكوينــي الفكــري والنفســي‪ .‬كتــاب مــا‪،‬‬
‫عميقــا بأنهــا متميــزة ومختلفــة عمــا هــو‬ ‫‪ .3‬ما فلسفة القراءة عند د‪ .‬ساجد‬ ‫يف أي مجــال كان‪ ،‬أو رمبــا فصــل مــن‬
‫مطــروح وســائد‪ ،‬وأنهــا ستشــكل إضافــة‬ ‫إجما ًال؟‬ ‫كتــاب‪ ،‬أو فقــرات أو رمبــا ســطور‪ ،‬قــد‬
‫للمكتبــة العربيــة وللقــارئ الذكــي‪ .‬الفكــرة‬ ‫القراءة بالنسبة لي سياحة يف عقول‬ ‫تكــون أثــارت يف عقلــي آالف األفــكار‬
‫الرئيســية للمشــروع الكتابــي تتحــول إلــى‬ ‫اآلخريــن علــى أمــل أن أجــد مــن النــور مــا‬ ‫والتســاؤالت وجعلتنــي أســتمر يف البحــث‬
‫خريطــة ذهنيــة أضــع فيهــا كل احملــاور‬ ‫يثيــر عقلــي للتفكيــر والتســاؤل والبحــث‬ ‫عــن اإلجابــات‪ .‬الكتــب التــي تشــعل يف‬
‫التــي ســأتناولها‪ ،‬ثــم أنطلــق لكتابــة‬ ‫عــن اإلجابــات املصيريــة التــي أحتاجهــا‬ ‫األســئلة هــي الكتــب التــي أثــرت يف كثيرا‪.‬‬
‫محتــوى الكتــاب علــى شــكل مقــاالت‪،‬‬ ‫ألتقــوى علــى مواجهــة هــذه احليــاة‬
‫أضــع كل واحــدة منهــا يف مكانهــا يف‬ ‫املثقلــة باألعبــاء‪.‬‬ ‫‪ .2‬ما الذي يدفع اإلنسان للكتابة‪،‬‬
‫الكتــاب‪ ،‬حتــى أنتهــي مــن كل احملتــوى‪،‬‬
‫لتبــدأ بعــد ذلــك مرحلة الكتابــة احلقيقية‬
‫من وجهة نظرك؟‬
‫‪ .4‬متى بدأ د‪ .‬ساجد الكتابة‪ ،‬وما‬ ‫الدوافــع كثيــرة‪ .‬رمبــا طمعــا يف‬
‫واملتمثلــة يف مرحلــة املراجعــة‪ ،‬والتغييــر‬
‫وإعــادة الكتابــة واإلضافــة واإلزالــة‪،‬‬
‫اخلطة التي يتبعها عند كتابة‬ ‫الشــهرة‪ ،‬أو بحثــا عــن املــال‪ ،‬أو تلبيــة‬
‫كتبه؟‬ ‫حلاجــة نفســية داخليــة إلفــراغ مــا يجيش‬
‫والتــي تســتغرق عــادة أكثــر مــن املرحلــة‬
‫بــدأ أول مشــاريعي الكتابيــة يف‬ ‫يف صــدره‪ .‬بالنســبة لــي كان دافعــي دومــا‬
‫التــي تســبقها‪.‬‬
‫هــو أن لــدي أفــكار مــا أرغــب بأن أشــارك العــام ‪ 200٤‬ميــادي‪ ،‬حيــث نشــرت‬

‫‪22‬‬
‫‪ .9‬قيل‪ :‬مصر تؤلف‪ ،‬ولبنان تطبع‪،‬‬ ‫‪ .7‬بعض األشخاص يرى أن‬ ‫‪ .5‬ما رأيك باستراتيجية القراءة‬
‫والعراق يقرأ‪ ،‬ما مدى انطباق هذه‬ ‫القراءة من الترف‪ ،‬كيف ميكن‬ ‫السريعة؟‬
‫املقولة يف عصرنا احلاضر؟‬ ‫إقناعه ‪ -‬برأيك ‪ -‬بأهميتها؟‬ ‫ال أعتقــد أن مشــكلة النــاس أنهــا‬
‫تغيــرت املوازيــن وال شــك‪ ،‬لظــروف‬ ‫املشــكلة أن هــؤالء النــاس يظنــون أن‬ ‫بطيئــة يف القــراءة‪ ،‬بــل مشــكلة الناس أنها‬
‫عديــدة‪ ،‬منهــا الظــروف السياســية‬ ‫ممارســة القــراءة هــي ألجــل االســتمتاع‬ ‫ال تقــرأ الكتــب أساســا‪ ،‬وال حتبهــا‪ .‬أغلــب‬
‫والتغيــرات االقتصاديــة‪ ،‬وكذلــك النهضــة‬ ‫وتزجيــة الوقــت فحســب‪ ،‬ولذلــك عندمــا‬ ‫النــاس تقــرأ مئــات الرســائل االلكترونيــة‬
‫الثقافيــة اآلخــذة بالتســارع يف دول‬ ‫يجــدون أنفســهم مطحونــن يف عجلــة‬ ‫عبــر هواتفهــا الذكيــة يوميــا‪ ،‬وال تعانــي‬
‫اخلليــج العربــي‪ .‬لكــن وعلــى كل حــال‪ ،‬ال‬ ‫احليــاة‪ ،‬يــرون أن البحــث عــن االســتمتاع‬ ‫يف ذلــك مشــكلة‪ .‬املشــكلة احلقيقيــة‬
‫يهمنــي هــذا كلــه‪ ،‬بــل مــا يهمنــي أن نــرى‬ ‫مــن التــرف‪ ،‬وهــذا صحيــح يف هــذه‬ ‫هــي أن النــاس ال حتــب قــراءة الكتــب‪،‬‬
‫كتابــا عربيــا جيــدا يصــل للقــارئ العربــي‬ ‫الزاويــة‪ .‬لكــن للقــراءة فوائــد عديــدة‪،‬‬ ‫لذلــك يجــب أن يكــون اهتمامنــا منصبــا‬
‫أينمــا كان بغــض النظــر عــن مصــدره‪.‬‬ ‫منهــا االســتمتاع وال شــك‪ ،‬ولكــن منهــا‬ ‫علــى هــذا اجلانــب‪ .‬كيــف نحبــب النــاس‬
‫أيضــا وقبــا أنهــا تعطــي اإلنســان قــدرة‬ ‫بقــراءة الكتــب‪ .‬فكــرة القــراءة الســريعة‬
‫‪ .1٠‬ما رأي د‪ .‬ساجد يف املجلة‬ ‫علــى مواجهــة أعبــاء احليــاة‪ ،‬حــن تنميــه‬ ‫والــدورات املرتبطــة بهــا راجــت ألســباب‬
‫نفســا وفكــرا‪ ،‬وتطــور ذكاءه العقلــي‬ ‫تســويقية جتاريــة بحتــة ال عاقــة لهــا‬
‫املتخصصة‪ ،‬كالتي تعنى بالشأن‬
‫والعاطفــي‪.‬‬ ‫بحقيقــة واقــع مشــكلة القــراءة‪.‬‬
‫القرائي؟‬
‫نحــن بحاجــة لهــذا طبعــا‪ ،‬مــع ضــرورة‬
‫أن نتذكــر أن للعصــر احلديــث أحكامــا‬
‫ومتطلبــات‪ .‬منــط احليــاة العصريــة‬ ‫‪ .8‬لـ د‪ .‬ساجد جهد ملموس يف‬ ‫‪ .6‬هل ترى أن القراءة املتنوعة من‬
‫إشاعة ثقافة القراءة‪ ،‬هل وجدمت املتطبــع بأســلوب الشــبكات االجتماعيــة‬ ‫املمكن أن تشكّ ل شخصية الفرد؟‬
‫تأثير ذلك فيمن حولكم (الزوجة‪ ،‬والرشــقات الســريعة‪ ،‬يحتــم تنــاوال‬ ‫ال يشــكل فكــر الفــرد‪ ،‬وشــخصيته‬
‫مختلفــا إلصــدار املجــات‪ ،‬حتــى ميكــن‬ ‫بالتبعيــة‪ ،‬إال تعريضــه لقــراءات متنوعــة‪،‬‬
‫األوالد)؟‬
‫هلل احلمــد‪ ،‬وجــدت لهــذا األمــر أثــرا لهــا أن جتــد مســاحتها يف ظــل هــذا‬ ‫وباألخــص قراءتــه ملــا يخالــف مــا لديــه‬
‫كبيــرا علــى كثيــر مــن أفــراد األســرة وعلى الزحــام والضجيــج‪.‬‬ ‫مــن قناعــات فكريــة‪ .‬مــن ال يتعــرض ملثــل‬
‫هــذه التحديــات الفكريــة لــن يتطــور ولــن‬
‫العديــد مــن أهلــي وأصدقائــي وزمائــي‪.‬‬
‫يخــرج مــن قمقــم التبعيــة ولــن يتطــور‬
‫ممارســة فعــل القــراءة اجلميــل مثــل‬
‫ولــن تتشــكل شــخصيته املســتقلة أبــدا‪.‬‬
‫حمــل العطــر‪ ،‬ســرعان مــا تنتشــر رائحتــه‬
‫الزكيــة حــول مــن يحملــه‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫هاني حيدر‬
‫روائي وكاتب سعودي‬
‫‪@hani_haidar‬‬

‫والكثيــر مــن نابغــي العالــم عام ـ ًة‬ ‫اآلنــي واآلجــل علــى اإلنســان فكــراً‬ ‫ّ‬ ‫ُرزق صديقــي املبتعــث بأمريــكا‬
‫وأمتنــا خاصــ ًة ذكــروا يف ســيرهم‬ ‫ا وشــخصية؟ً‬ ‫وعقــ ً‬ ‫مبولــود يف إحــدى مستشــفيات‬
‫الذاتيــة بأنهــم تأثــروا باملكتبــات‬ ‫احلقيقــة أن القــراءة تفيــد‬ ‫لــوس أجنلــوس‪ ،‬وبعــد أن اســتقر‬
‫العامــرة التــي كانــت يف بيوتهــم‪ ،‬فــإذا‬ ‫الرضيــع والصغيــر والشــاب والكبيــر‬ ‫وضــع اجلنــن والوالــدة‪ ،‬أتتــه إدارة‬
‫كان جــو القــراءة وحــده مفيــداً‪ ،‬فكيــف‬ ‫والشــيخ والذكــر واألنثــى‪ ،‬حتــى دون‬ ‫ٍ‬
‫بلفافــة حتــوي مجموعــة‬ ‫املستشــفى‬
‫احلــال بالقــراءة؟‬ ‫أن يــدرك الفــرد تلــك الفوائــد اجلمــة‬ ‫مــن الكتــب‪ ،‬فســألهم‪ :‬هــل الكتــب لــي؟‬
‫القــراءة هــي إحــدى املكونــات‬ ‫التــي تأتيــه دون وعــي منــه وتســاهم‬ ‫أم للوالــدة؟‬
‫األساســية للعقــل الســليم –الــذي ال‬ ‫بفعاليــة يف تشــكيل شــخصيته وصقــل‬ ‫فأجابــوه بــأن الكتــب هــي للمولــود‪،‬‬
‫يكــون يف اجلســد الســليم بالضرورة‪،-‬‬ ‫مواهبــه وتوســيع مداركــه وحتســن‬ ‫ويجــب عليهمــا أن يقرآنهــا عليه!!‬
‫ـب يف مخــزون مفرداتــه‪ ،‬تتيــح لــه‬ ‫تنصـ ّ‬ ‫منطوقــه لفظــاً وكتابــ ًة‪.‬‬ ‫وتعــد هــذه هديــة الكتــب مــن‬
‫أن ينتشــل منهــا مــا يحتاجــه وقتمــا‬ ‫كثيــر مــن النــاس يســتعجل ثمــرة‬ ‫العــادات املنتشــرة يف املستشــفيات‬
‫يحتاجــه نطقــاً أو كتابــة دون إدراك‬ ‫القــراءة ويظــن بأنــه مبجــرد قــراءة‬ ‫األمريكيــة لألطفــال حديثــي الــوالدة‪.‬‬
‫مباشــر منــه‪ ،‬هــي تتحــدث بالنيابــة‬ ‫كتــاب أو كتابــن ســيخرج مــن جلبابــه‬
‫عنــه وتظهــر كمــارد املصبــاح يف‬ ‫ـب‬
‫ـب مفــوهٌ أو كاتـ ٌ‬‫عالـ ٌم مجلـ ٌل أو خطيـ ٌ‬
‫اللحظــة التــي يقــدح صاحبهــا فكــره‬ ‫بليــغ‪ ،‬واحلقيقــة أن القــراءة عمليــة‬
‫التماســاً لهــا‪.‬‬ ‫تراكميــة يتضــح أثرهــا – عــاد ًة ‪ -‬علــى‬
‫القــراءة تنشــط العقــل وتقــوي‬ ‫املــدى الطويــل‪.‬‬
‫الذاكــرة وتســاعد علــى صفــاء‬ ‫يؤكــد أطبــاء األطفــال ظهــور‬
‫الذهــن وتدفــع عنــه البــادة والتشــتت‬ ‫عامــات النبــوغ والــذكاء علــى‬ ‫فهــل الطفــل الرضيــع ذو األشــهر‬
‫والنســيان‪ ،‬ذلــك أنهــا تُنشــئ روابــط‬ ‫الرضــع يف البيــوت التــي‬ ‫ّ‬ ‫األطفــال‬ ‫املعــدودة سيســتفيد مــن الكتــب‬
‫عصبيــة يف اخلايــا الدماغيــة وتبقيها‬ ‫تكثــر فيهــا النقاشــات اجلــادة أو يكــون‬ ‫والقــراءة؟ ومــا هــو التأثيــر اخلفــي‬
‫نشــطة ومتحفــزة علــى الــدوام‪.‬‬ ‫اآلبــاء فيهــا مــن القــراء‪.‬‬ ‫للقــراءة علــى الفــرد؟ ومــا مردودهــا‬

‫‪24‬‬
‫”·@‪cã”aÎ‬‬
‫بأجمــع‪ ،‬كل ذلــك وفــق مخطــط ســليم‬
‫يبــدأ منــذ ســن الرضاعــة ويترقــى‬
‫وإنهــاء الرســاالت بــدأ وحيــه وخطابــه‬
‫إلــى األمــة اخلامتــة التــي أرادهــا أن‬
‫للقــراءة مفعــول الســحر علــى‬
‫قــوة الشــخصية والكاريزمــا‪ ،‬فهــي‬
‫تدريجي ـاً حتــى آخــر مراحــل احليــاة‪،‬‬ ‫تكــون خيــر األمم‪ ،‬بــدأ وحيــه بأمــر‬ ‫تزيــد مــن ثقــة اإلنســان وتكســبه‬

‫‪Ô‘Ìáñ@7«c@Êc‬‬
‫محققــن مقولــة أحــد أكبــر أعــام‬ ‫القــراءة‪( :‬اقــرأ باســم ربــك الــذي‬ ‫جاذبيــة تلقائيــ ًة وحضــوراً الفتــاً يف‬
‫أمتنــا اإلمــام أحمــد بــن حنبــل حــن‬ ‫خلــق‪ ،‬خلــق اإلنســان مــن علــق‪ ،‬اقــرأ‬ ‫كل املجالــس التــي يحضرهــا ويشــارك‬
‫قــال‪( :‬مــع احملبــرة إلــى املقبــرة)‪.‬‬ ‫وربــك األكــرم‪ ،‬الــذي علــم بالقلــم‪ ،‬علــم‬ ‫فيهــا‪.‬‬
‫وهــذه الفوائــد املذكــورة أعــاه‬ ‫اإلنســان مــا لــم يعلــم) (العلــق)‪.‬‬ ‫هــي تفتــح مــدارك الشــخص‪،‬‬
‫ليســت حكــراً علــى قــراء ٍ‬
‫فــن مــن‬ ‫فهــو أمــر إلهــي يتضمــن كثيــراً‬ ‫وتصبــح كالضــوء املنتشــر يف أفــق‬
‫الفنــون‪ ،‬بــل هــي عامــة لــكل قــارئ‬ ‫مــن مدلــوالت النجــاح واخليريــة‪،‬‬ ‫الذهــن‪ ،‬جتعلــه مــدركاً ألبعــاد‬
‫يف أي مجــال أحبــه‪ ،‬فثمــة قــراء‬ ‫ومــن يتمســك بــه فقــد حــاز أفضليــة‬ ‫املواضيــع وحقيقتهــا‪ ،‬تهديــه يف‬
‫فتــح اهلل عليهــم يف قــراءة الكتــب‬ ‫عظمــى‪ ،‬وضمــن لــه مكانـاً يف دواويــن‬ ‫تشــعبات املســالك الشــائكة ‪ ،‬وترســيه‬
‫العلميــة الدســمة‪ ،‬وآخــرون حباهــم‬ ‫الناجحــن‪.‬‬ ‫بأمــان يف موانــئ الطمأنينــة‪.‬‬
‫اهلل قــدر ًة علــى قــراءة املراجــع‬ ‫وهــذا مــا أدركتــه دول العالــم‬ ‫أس الدمــاغ وقشــرة‬ ‫القــراءة هــي ّ‬
‫الضخمــة‪ ،‬والبعــض وجــد لذتــه يف‬ ‫املتقدمــة حتــى غــدت ثقافــة القــراءة‬ ‫الــذكاء ومفتــاح العلــم وبســاط‬
‫قــراءة األدب بفنونــه املتعــددة‪ ،‬املهــم‬ ‫متفشــية فيهــا وباديــ ًة يف جميــع‬ ‫املعلومــات‪ ،‬بوابــة التاريــخ ومجلبــة‬
‫أن حتــدد طريقــك وفقــاً ملواهبــك‬ ‫املظاهــر املجتمعيــة فقلمــا جتــد يف‬ ‫األخــاق و ُمكســبة األدب‪ ،‬بهــا تلــج‬
‫ورغباتــك وقدراتــك‪ ،‬ماحق ـاً شــغفك‬ ‫اليابــان أو أمريــكا أو بريطانيــا أو‬ ‫إلــى عقــول ال ُكتّــاب وتســير يف‬
‫دون تكلــف ينفــرك عــن املواصلــة‪ ،‬وال‬ ‫أوروبــا شــخصاً يف أي مــكان عــام‬ ‫باطــات بائــدة‪ ،‬وتقفــز حاجــز الزمــان‬
‫تســاهل يقلــل مــن مكاســبك القرائيــة‪.‬‬ ‫إال ويف يــده كتــاب‪ ،‬حتــى بلغــت نســب‬ ‫إلــى املســتقبل القــادم وتعــود بــك إلــى‬
‫هــا أنــت قــد علمــت أن «الرضــع»‬ ‫القــراءة لــدى الفــرد منهــم نســباً‬ ‫املاضــي الســحيق‪.‬‬
‫يف أمريــكا يقــرؤون‪ ،‬فمتــى ســتبدأ‬ ‫عالي ـ ًة قــد تفــوق نســب القــراءة لــدى‬ ‫لقــد خلــق اهلل اخلليقــة وجعلهــا أممـاً‬
‫أنــت بالقــراءة ؟‬ ‫مجتمعــات مــن دول العالــم الثالــث‬ ‫متتاليــة‪ ،‬حتــى إذا أراد ختــم األمم‬

‫‪25‬‬
‫ملؤلفه‪ :‬يوسف علي املطيري‬

‫الضطهــاد سياســي أو دينــي يف مناطــق‬ ‫متعمــد مــا يتعلــق باألقليــة اليهوديــة‪.‬‬


‫اســتقرارهم‪ ،‬ففــي بــاد فــارس كانــت‬ ‫انتشرت اليهودية يف اليمن واحلجاز‬
‫األوضــاع االقتصاديــة واالجتماعيــة‬ ‫ووســط شــبه اجلزيــرة العربيــة وســاحل‬
‫لليهــود متدهــورة للغايــة‪ ،‬ففــي نهايــة‬ ‫اخلليــج العربــي وغيرهــا مــن املناطــق‪،‬‬ ‫تتنــاول هــذه الدراســة تاريــخ‬
‫القــرن الثامــن عشــر وحتــت حكــم‬ ‫وقــد اختلفــت اآلراء يف شــأن الوقــت‬ ‫األقليــة اليهوديــة يف منطقــة اخلليــج‬
‫األســرة القاجاريــة‪ ،‬مت فــرض اإلســام‬ ‫الــذي ظهــرت فيــه اليهوديــة يف شــبه‬ ‫العربــي يف العصــر احلديــث‪،‬‬
‫عليهــم قســراً‪ ،‬فتحــول بعضهــم إلــى‬ ‫اجلزيــرة العربيــة‪ ،‬ومــا إذا كان معتنقــو‬ ‫وأنشــطتها االقتصاديــة وحياتهــا‬
‫يهــود متخفــن يُظهــرون اإلســام‪،‬‬ ‫اليهوديــة هــم يهــو ُد مهاجــرون إلــى شــبه‬ ‫االجتماعيــة‪ ،‬وعاقاتهــا بالســكان‬
‫وقــد أدى ذلــك إلــى هجــرة بعــض‬ ‫اجلزيــرة العربيــة مــن بــاد الشــام أو‬ ‫احملليــن والســلطات احملليــة واألجنبيــة‬
‫أفــراد األقليــة اليهوديــة إلــى الكويــت‬ ‫العــراق أو قبائــل عربيــة تهــودت عــن‬ ‫واحلركــة الصهيونيــة‪ ،‬وقــد جــاء‬
‫والبحريــن‪.‬‬ ‫طريــق التبشــير باليهوديــة أو عــن‬ ‫اختيــار موضــوع الدراســة انطاقـاً مــن‬
‫‪ /2‬تعــرض املناطــق التــي‬ ‫طريــق التجــارة‪.‬‬ ‫عــدة أســباب موضوعيــة‪ ،‬ومنهجيــة‬
‫تســتقر فيهــا أقليــة يهوديــة إلــى كــوارث‬ ‫يــرى فريــق مــن الباحثــن ومنهــم‬ ‫حتمتهــا الظــروف واألوضــاع التاريخيــة‬
‫طبيعية مختلفــة ‪.‬‬ ‫الباحــث اليهــودي إســرائيل ولفنســون‬ ‫والسياســية والعلميــة‪،‬‬
‫‪ /3‬جلــب بعــض اليهــود للعمــل‬ ‫أن وجــود الديانــة اليهوديــة يف شــبه‬ ‫ومن هذه األسباب ما يلي‪:‬‬
‫يف بعــض الدوائــر اإلداريــة واملاليــة‬ ‫اجلزيــرة العربيــة ارتبــط بهجــرة‬ ‫‪ /1‬االهتمــام العاملــي املتزايــد‬
‫ا حلكو ميــة ‪.‬‬ ‫يهوديــة مــن فلســطن ألســباب‬ ‫بدراســة أوضــاع األقليــات الدينيــة‬
‫‪ /٤‬البحــث عــن فــرص جتارية‬ ‫مختلفــة‪ ،‬وعــارض فريــق مــن الباحثــن‬ ‫والعرقيــة يف مختلــف مناطــق العالــم‬
‫أفضــل وحتقيــق الثــراء‪ ،‬ويُعتبــر هــذا‬ ‫هــذا الــرأي‪ ،‬ومنهــم الدكتــور أحمــد‬ ‫خصوصـاً بعــد ظهــور القوانــن الدوليــة‬
‫العامــل مــن أكثــر العوامــل التــي دعــت‬ ‫سوســة الــذي كان لــه الكثيــر مــن‬ ‫التــي متنــح األقليــات حقوقــاً متوازنــة‬
‫األقليــة اليهوديــة للهجــرة إلــى منطقــة‬ ‫املؤلفــات واألبحــاث املتعلقــة باليهوديــة‬ ‫مــع األكثريــة ملــا لهــذه األقليــات‬
‫اخلليــج العربــي‪.‬‬ ‫والصهيونيــة ويؤيــده يف هــذا الــرأي‬ ‫مــن تأثيــر مباشــر علــى االســتقرار‬
‫‪ /5‬العمــل يف بعــض الشــركات‬ ‫عــدد آخــر مــن الباحثــن واملستشــرقن‬ ‫ا لسيا ســي ‪.‬‬
‫األجنبيــة أو الشــركات التــي أسســها‬ ‫إذ يــرى‪« :‬أن يهــود اجلزيــرة العربيــة‬ ‫‪ /2‬قلــة الدراســات التــي‬
‫يهــود مبفردهــم أو مبشــاركة بعــض‬ ‫كانــوا عربـاً تهــودوا ال يهــوداً مهاجريــن‬ ‫تناولــت األقليــة اليهوديــة يف منطقــة‬
‫التجــار احملليــن‪ ،‬وخاصــة شــركات‬ ‫مــن فلســطن اســتعربوا»‪.‬‬ ‫اخلليــج العربــي وندرتهــا‪ ،‬حيــث أخــذت‬
‫النفــط‪ ،‬مثــل شــركة نفــط الكويــت أو‬ ‫ميكــن حتديــد العوامــل والظــروف‬ ‫أقليــات أخــرى مثــل الهنــود الهنــدوس‬
‫شــركة بابكــو يف البحريــن‪.‬‬ ‫التــي دعــت األقليــة اليهوديــة للهجــرة‬ ‫(البانيــان) واملســيحين اجلانــب األكبــر‬
‫إلــى منطقــة اخلليــج العربــي كالتالــي‪:‬‬ ‫مــن االهتمــام يف الوقــت الــذي أغفلــت‬
‫‪ /1‬تعــرض األقليــة اليهوديــة‬ ‫هــذه الدراســات بشــكل عفــوي أو‬

‫‪26‬‬
‫العربي والتجار اليهود‬ ‫والبحريــن يف القرنــن التاســع‬ ‫تتواجــد أقليــة يهوديــة صغيــرة‬
‫األجانب‬ ‫عشــر والعشــرين باحلملــة‬ ‫يف مســقط وصحــار ومطــرح قبــل‬
‫العثمانيــة علــى منطقــة األحســاء‬ ‫عــام ‪ 1٨2٨‬جــاء بعضهــا من الهند‪،‬‬
‫‪ ،1٨71‬فقــد جلــب العثمانيــون‬ ‫ومجموعــة مــن اليمــن هاجــرت‬
‫متتعــت األقليــة اليهوديــة‬
‫عنــد اســتيائهم علــى منطقــة‬ ‫بحثــاً عــن فــرص جتاريــة أفضــل‬
‫يف منطقــة اخلليــج العربــي‪،‬‬
‫األحســاء عــدداً مــن اليهــود مــن‬ ‫وتســامح دينــي‪ ،‬ثــم ازداد عددهــا‬
‫وحتــت ظــل حكوماتهــا احملليــة‪،‬‬
‫العــراق لتولــي بعــض الوظائــف‬ ‫بهجــرة مجموعــة جديــدة مــن‬
‫بحريــة تامــة يف جميــع املجــاالت‬
‫اإلداريــة واملاليــة هنــاك‪.‬‬ ‫بغداد يف عهد داوود باشــا‪ ،‬ويعتبر‬
‫االقتصاديــة‪ ،‬كمــا ســاهم تزايــد‬
‫اســتمرت أعــداد األقليــات‬ ‫العقــد الثالــث مــن القــرن التاســع‬
‫حجــم تدخــل القــوى األجنبيــة‬
‫اليهوديــة يف البحريــن باالزديــاد يف‬ ‫عشــر حتــى منتصــف القــرن فتــرة‬
‫االســتعمارية وخاصــة بريطانيــا‪،‬‬
‫الثاثينيــات مــن القــرن العشــرين‬ ‫ازدهــار لتواجــد األقليــة اليهوديــة‬
‫يف اتســاع حجــم أنشــطتهم‬
‫ممــا جعــل املواطنــن البحرينيــن‬ ‫يف ُعمــان التــي تركــزت يف مناطــق‬
‫االقتصاديــة‪ ،‬وبالتالــي حتســن‬
‫يكتبــون مقــاالت احتجــاج يف بعــض‬ ‫مســقط وصحــار ومطــرح‪ ،‬أي‬
‫أوضاعهــم االقتصاديــة‪.‬‬
‫الصحــف العربيــة يف ذلــك الوقــت‬ ‫منــذ اســتقرار األوضــاع يف عمــان‬
‫فقــد كان يف الكويــت يف‬
‫علــى الســماح لليهــود بالهجــرة إلــى‬ ‫للســلطان ســعيد بــن ســلطان حتــى‬
‫العقــد الثانــي مــن القــرن العشــرين‬
‫البحريــن‪.‬‬ ‫وفاتــه‪ ،‬حيــث وصــل عددهــم إلــى‬
‫تاجــران يهوديــان ثريــان يســتثمر‬
‫ومــن أبــرز األســر اليهوديــة‬ ‫‪ 350‬أســرة يف عــام ‪ ،1٨35‬ثــم بــدأ‬
‫كل منهمــا مــا بــن ‪ ٤000‬و ‪50‬‬
‫يف البحريــن حتــى اآلن عائلــة‬ ‫وجودهــم باألفــول بعــد ذلــك حتــى‬
‫ألــف روبيــة يف التجــارة احملليــة‪،‬‬
‫النونــو ذات األصــول العراقيــة‬ ‫وصــل عددهــم يف العقــد األول مــن‬
‫وهــي مبالــغ كبيــرة نســبياً يف تلــك‬
‫التــي بــرز منهــا إبراهيــم النونــو‬ ‫القــرن العشــرين إلــى ســتة فقــط‬
‫الفتــرة يتــم اســتثمارها يف التجــارة‬
‫عضــو مجلــس الشــورى يف مملكــة‬ ‫يف مســقط‪.‬‬
‫احملليــة‪.‬‬
‫البحريــن وهــدى النونــو ســفيرة‬ ‫ويرجــع أقــدم ذكــر لألقليــة‬
‫ويف البحريــن مــارس أغلبيــة‬
‫مملكــة البحريــن يف الواليــات‬ ‫اليهوديــة يف الكويــت إلــى مــا جــاء‬
‫األقليــة اليهوديــة أنشــطة جتاريــة‬
‫املتحــدة األمريكيــة اآلن‪ ،‬وعائلــة‬ ‫يف تقريــر لويــس بيلــي املقيــم‬
‫محــدودة حيــث كانــوا مــن الطبقــة‬
‫روبــن وكاء أشــهر شــركات‬ ‫السياســي البريطانــي يف اخلليــج‪،‬‬
‫الوســطى‪ ،‬كمــا مــارس بعضهــم‬
‫األجهــزة الكهربائيــة وااللكترونيــة‬ ‫والــذي زار الكويــت عــام ‪1٨65‬‬
‫أعمــاالً بســيطة وحرفــاً يدويــة‪،‬‬
‫يف البحريــن‪.‬‬ ‫وذكــر أن ســكان الكويــت مبــن‬
‫وبعضهــم وخاصــة ممــن قدمــوا‬
‫فيهــم اليهــود يتمتعــون بحريــة‬
‫مــن بــاد فــارس‪ ،‬عاشــوا حيــاة‬
‫العبــادة والشــعائر‪.‬‬
‫بائســة علــى الكفاف واملســاعدات‪.‬‬
‫األوضاع االقتصادية لألقلية‬ ‫كمــا ارتبطــت بدايــة تواجــد‬
‫اليهودية يف منطقة اخلليج‬ ‫األقليــة اليهوديــة يف األحســاء‬

‫‪27‬‬
‫لقد لعبت مجلتا «البعثة» الكويتية‬ ‫أفــراد األقليــة اليهوديــة يف البحريــن‬ ‫األوضاع االجتماعية لألقلية‬
‫الصــادرة يف القاهــرة منــذ عــام ‪19٤6‬‬ ‫يف حملــة التبرعــات التــي أقامتهــا‬ ‫اليهودية يف منطقة اخلليج‬
‫و «صــوت البحريــن» الصــادرة يف‬ ‫جلنــة أيتــام فلســطن عــام ‪.1939‬‬
‫عــام ‪ ،1950‬وبخاصــة األخيــرة دوراً‬
‫العربي‪:‬‬
‫كمــا أصــدرت األقليــة اليهوديــة‬
‫اعتــاد أفــراد األقليــة اليهوديــة‬
‫كبيــراً يف نشــر األخبــار املختلفــة‬ ‫يف البحريــن بيانــاً باســم «اجلاليــة‬
‫إمــا برغبتهــا ألســباب خاصــة تتعلــق‬
‫املتعلقــة باألقليــة اليهوديــة يف الكويــت‬ ‫اإلســرائيلية يف البحريــن» مبناســبة‬
‫بديانتهــم أو فرضــاً عليهــم‪ ،‬العيــش‬
‫والبحريــن‪ ،‬والربــط يف أحيــان كثيــرة‬ ‫إصــدار األمم املتحــدة قرارهــا الشــهير‬
‫يف أحيــاء أو أجــزاء مــن املــدن التــي‬
‫بــن بعــض أفــراد األقليــة اليهوديــة يف‬ ‫بتقســيم فلســطن عــام ‪ ،19٤7‬رفضــت‬
‫اســتقروا بهــا وهــو مــا يُســمى اجليتــو‬
‫الكويــت والبحرين باحلركة الصهيونية‬ ‫فيــه القــرار وأكــدت يف بيانهــا علــى‬
‫(واجليتــو‪ :‬هــو مــكان داخــل املدينــة‬
‫ودولــة إســرائيل‪ ،‬وخاصــة بعــد إعــان‬ ‫عروبــة فلســطن ضــد الصهيونيــة‬
‫عــال لــه‬
‫بســور ٍ‬
‫ٍ‬ ‫أو خارجهــا‪ ،‬محــاط‬
‫قيــام دولــة إســرائيل وهزميــة اجليــوش‬ ‫اجلائــرة‪.‬‬
‫بوابــة أو أكثــر تُغلــق عــاد ًة يف املســاء‬
‫العربيــة ومنــو الفكــر القومــي وانتشــاره‬
‫ويتمتــع بدرجــة عاليــة مــن اإلدارة‬
‫يف الكويــت والبحريــن؛ ومــن خــال‬ ‫تأثر األقلية اليهودية اجتماعي ًا‬ ‫الذاتيــة)‪ ،‬وكان اجليتــو يُشــكل حاجــزاً‬
‫ُمتابعــة مــا كانــت تنشــره هــذه املجــات‬
‫بالسكان احملليني‪:‬‬ ‫أمــام اندمــاج اجلماعــات اليهوديــة يف‬
‫الثــاث يتضــح أن هنــاك تنســيقاً بينهــا‬
‫اعتــاد عامــة وغالبيــة أفــراد األقلية‬ ‫املجتمعــات التــي تعيــش بينهــا‪ ،‬وكانــت‬
‫وتبــادالً يف نشــر األخبــار‪ ،‬وكان لهــذه‬
‫اليهوديــة ارتــداء مابــس الســكان‬ ‫النظــرة لتلــك اجليتــوات نظــرة ازدراء‬
‫املجــات دو ٌر كبيــر يف تغييــر النظــرة‬
‫احملليــن يف املجتمعــات التــي أقامــوا‬ ‫تنــم عــن نــوع مــن العــداء املوجــه‬
‫إلــى األقليــة اليهوديــة املســتقرة يف‬
‫فيهــا‪ ،‬العقــال أو الشــطفة والزبــون‬ ‫ضدهــم‪.‬‬
‫الكويــت والبحريــن وتهديــد وجودهــا‬
‫والبالطــو أو املعطــف‪ ،‬كمــا كان بعــض‬ ‫وإذا كانت اجليتوات قد ُعرفت يف‬
‫واســتقرارها السياســي واالقتصــادي‪،‬‬
‫اليهــود يرتــدون الثيــاب احملليــة‬ ‫املجتمعــات الغربيــة وبعــض املجتمعــات‬
‫وحملهــا رايــة املقاطعــة االقتصاديــة‬ ‫والغتــرة‪ ،‬والبعــض منهــم يرتــدي بشــتاً‬ ‫العربيــة‪ ،‬فإنهــا لــم يكــن لهــا وجــود يف‬
‫واالجتماعيــة لألقليــة اليهوديــة‪.‬‬
‫كذلــك‪ .‬وقــد جعــل ارتــداء عامــة أفــراد‬ ‫منطقــة اخلليــج العربــي التــي متتعــت‬
‫األقليــة اليهوديــة للمابــس احملليــة‬ ‫فيهــا األقليــة اليهوديــة باحلــق يف‬
‫هجرة األقلية اليهودية من‬ ‫البعــض ال ُمييــز بــن اليهــود وعامــة‬ ‫امتــاك املنــازل والســكن دون حتديــد‬
‫منطقة اخلليج العربي‬ ‫الســكان‪ ،‬بــل حتــى نســاء اليهــود كان‬ ‫ذلــك بحــي أو منطقــة معينــة‪ ،‬رغــم‬
‫تختلــف أســباب ودوافــع هجــرة‬ ‫البعــض منهــن ترتــدي العبــاءة وغطــاء‬ ‫تركــز تواجــد األقليــة اليهوديــة بجــوار‬
‫األقليــة اليهوديــة بــن منطقــة وأخــرى‬ ‫الوجــه عنــد خروجهــا مــن املنــزل‪ ،‬وقــد‬ ‫بعضهــم البعــض يف مراكــز املــدن‬
‫يف اخلليــج العربــي‪ ،‬وأدى اختــاف‬ ‫ســاهم عــدم متيــز األقليــة اليهوديــة‬ ‫السياســية والتجاريــة‪.‬‬
‫األســباب والدوافــع إلــى اختــاف‬ ‫مبابــس خاصــة بهــا يف ســرعة‬ ‫وكان ألفــراد األقليــة اليهوديــة‬
‫الفتــرة الزمنيــة التــي هاجــرت فيهــا‬ ‫اندماجهــم يف املجتمــع ورمبــا هــم‬ ‫احلــق يف امتــاك املنــازل والبنايــات‬
‫كل أقليــة‪ ،‬وبالتالــي اختــاف املناطــق‬ ‫قصــدوا ذلــك أيضــاً‪.‬‬ ‫واألراضــي‪ ،‬وممارســة األعمــال‬
‫التــي هاجــرت إليهــا‪ ،‬لذلــك ال ميكــن‬ ‫التجاريــة دون قيــود أو ضوابــط‬
‫اعتبــار هجــرة األقليــة اليهوديــة طــرداً‬ ‫دور الصحف واملجالت العربية‬ ‫خاصــة بهــم‪.‬‬
‫نتيجــة ظهــور القضيــة الفلســطينية‬ ‫كمــا أن بعضهــم اتخــذ موقفــاً‬
‫علــى مســرح األحــداث العربيــة‬
‫واخلليجية يف َت ُ‬
‫غير العالقات‬
‫إيجابيــاً مــن القضايــا التــي آمــن بهــا‬
‫والعامليــة ومــا نتــج عنهــا مــن صــراع‬
‫بني األقلية اليهودية والسكان‬
‫الســكان ودافعــوا عنهــا مثــل القضيــة‬
‫عربــي إســرائيلي كمــا تَ ّدعــي بعــض‬ ‫والسلطات احمللية يف منطقة‬ ‫الفلســطينية‪ ،‬فقــد شــارك بعــض‬
‫املصــادر اإلســرائيلية واألجنبيــة‪.‬‬ ‫اخلليج العربي‬

‫‪28‬‬
‫هند الصبار‬
‫‪@hind_alsbbar‬‬

‫℀‬ ‫بين ‪G‬ما ا‪ꀁ‬تقرأ و ‪G‬ما ا‪ꀁ‬تقتب‬


‫تنطلــق شــرحا وحتليــا أو تأييــدا‬ ‫هــل ســيجعلنا هــذا االحتفــال ننســى‬ ‫العبــارات التــي تصفنــا أو تصــف‬
‫وتعقيبــا علــى املخالــف منهــا‬ ‫القيمــة احلقيقيــة الرمزيــة ونلتفــت‬ ‫أشــياءنا بدقــة مــا كنــا نتخيــل أن‬
‫واملؤيــد ألفــكار النــص‪ ،‬بدأنــا‬ ‫بــكل إدراكنــا إلــى بهرجــة العبــارات‬ ‫الكلمــات قــد تشــرحها‪ ،‬وتلــك التــي‬
‫نفقــد اإلحســاس والتفكيــر العميــق‬ ‫وداللتهــا الســطحية‪ ،‬أو هــل نحــن‬ ‫تشــد انتباهنــا وتدهشــنا‪ ،‬أو تلــك‬
‫باخللفيــات واملتواريــات عــن وجــه‬ ‫أمــام نــوع جديــد مــن القــراءة التــي‬ ‫التــي نتعجــب أن كيــف لــم تخطــر‬
‫النــص الظاهــر لنــا والبحــث عــن‬ ‫قــد توصــف بـ(القــراءة بهــدف‬ ‫لنــا علــى بــال؟ وتلــك التــي مــن بــن‬
‫معناهــا الكامــن‪ ،‬بدأنــا نــرى الكثيــر‬ ‫االقتبــاس)؟‪.‬‬ ‫كل األســطر جتعلنــا نتوقــف لنفكــر‬
‫يتناقــل االقتباســات‪ ،‬يُســلم بــكل‬ ‫املواقع واحلسابات التي تختص‬ ‫فيهــا أو نبحــث عــن وســيلة توثيقهــا‪.‬‬
‫مافيهــا‪ ،‬ينشــرها دون أن يفكــر‬ ‫باالقتباســات اليــوم أصبحــت ال تعــد‬ ‫بــأن ندونهــا خارجــا أو نشــاركها‬
‫بخلفياتهــا وبترابــط االقتبــاس مبــا‬ ‫وال حتصــى‪ ،‬متابعوهــا ال يحصــون‪،‬‬ ‫أو نلتقــط لهــا صــورة! ال أحــد‬
‫هــو خلفــه ومــا هــو بعــده‪ .‬عمليــة‬ ‫الكثيــر منــا مــر بفتــرة مــن الفقــر‬ ‫ينكــر أنهــا مــن األشــياء اخلاصــة‬
‫الفصــل بــن النــص واالقتبــاس‬ ‫الفكــري واللغــوي الــذي يجعــل منــه‬ ‫واحلميميــة التــي يشــعر بهــا كل‬
‫والتمــرد الــذي يريــده املقتبــس‬ ‫متعطشــا مســتعدا الســتقبال وتناول‬ ‫قــارئ مــع كتابــه‪.‬‬
‫لألخيــر علــى الترابــط يقلقنــي‬ ‫كل اقتبــاس‪ .‬حقيقــ ًة وجدتنــي يف‬ ‫لكــن مشــاهد كالتالــي‪ :‬صــور‬
‫جــدا‪.‬‬ ‫وقــت مــن األوقــات أبحــث عن الكتب‬ ‫أســطر مظللــة باحملــددات امللونــة‪،‬‬
‫وقــد أتســاءل أيضــا هــل‬ ‫التــي أســتطيع أن أجــد فيهــا مــن‬ ‫عبــارات بــن عامــات تنصيــص‬
‫ميكــن أن يكــون االقتبــاس وســيلة‬ ‫االقتباســات والعبــارات اجلاهــزة مــا‬ ‫جتدهــا يوميــا يف حســابات القــراء‬
‫لتبــادل ونقــل أفــكار النصــوص‬ ‫يكفــي إلثــراء ماحظاتــي وأفــكاري‬ ‫وغيــر القــراء يف املواقــع وشــبكات‬
‫بطريقــة موضوعيــة‪ ،‬معبــرة عــن‬ ‫أو حتــى تغريداتــي و تدويناتــي‪ ،‬تلــك‬ ‫التواصــل‪ ،‬رؤوس وذيــول وحتــى‬
‫الســياق احلقيقــي‪ ،‬تســاعد علــى‬ ‫االقتباســات التــي تصــف واقعــا أراه‬ ‫متــون تدوينــات ومراجعــات عن كتب‬
‫الفهــم واإلدراك ال علــى التضليــل؟‬ ‫أو التــي أســتطيع بســهولة إســقاطها‬ ‫وغيرهــا متتلــىء بهــذه العبــارات‬
‫حيــث أنــه مــن املعلــوم جــدا هــذا‬ ‫علــى الواقــع‪ .‬وتلــك التــي تنــال‬ ‫«املنصصــة»‪ .‬قــد نتحــدث أيضــا عــن‬
‫ســبب الكثيــر مــن ســوء‬
‫ّ‬ ‫االنفصــال‬ ‫إعجــاب اآلخريــن وتدعــم رأيــي يف‬ ‫عــن تلــك الفرحــة أو كمــا نســتطيع‬
‫الفهــم وتأويــل النصــوص بطريقــة‬ ‫أحــد املوضوعــات‪ .‬لكننــي أدركــت‬ ‫تســميتها النشــوة التــي تعتــري‬
‫مجحفــة ملــا حتملــه يف احلقيقــة‪،‬‬ ‫الحق ـاً أن هــذا الســلوك يف اختيــار‬ ‫القــارئ عندمــا يجــد االقتبــاس‬
‫فكــم مــن األحــكام الظاملــة التــي‬ ‫الكتــب أو تصنيفهــا أو حتــى يف‬ ‫الــذي يظــن أنــه كان يبحــث عنــه‬
‫صــدرت يف حــق الكتــاب والنصــوص‬ ‫تنــاول النــص ونشــره ليــس باجليــد‪،‬‬ ‫وأنــه اختصــر كل معانــي النــص‬
‫بســبب ُمقتبــس مســتقصد التضليــل‬ ‫فــدور القــارئ ليــس محصــورا يف‬ ‫وغاياتــه‪ ،‬هــذا االقتبــاس الــذي‬
‫أو حتــى مقتبــس آخــر ال يقصــد‬ ‫التلقــي والنقــل فقــط‪ ،‬إمنــا الــدور‬ ‫قــد يكــون معبــرا عــن حالــة أو عــن‬
‫ذلــك‪.‬‬ ‫احلقيقــي لــه يكمــن يف القــراءة‬ ‫شــخص أو عن شــيء‪ ،‬يهرول لنشره‬
‫(ســيوران) كان قــد حــذر مــن‬ ‫الناقــدة وحتريــر املعلومــة والتفكيــر‬ ‫واســتعراضه والدفــاع عنــه‪ .‬البعــض‬
‫املفكريــن الذيــن ال تعمــل عقولهــم‬ ‫يف الرمــز و النظــر إلــى مــا وراء‬ ‫يصــل شــعوريا إلــى مرحلــة قــد‬
‫إال انطاقــا مــن االقتبــاس علــى‬ ‫النصــوص والعبــارات‪.‬‬ ‫توصــف بالبحــث عــن الكنــز‪ ،‬الكنــز‬
‫حــد قولــه لكننــي يف هــذه املقالــة‬ ‫لقــد بدأنــا نفقــد تلــك التعليقــات‬ ‫املكشــوف الــذي ينــايف طبيعتــه‪ ،‬مــا‬
‫أحــذر مــن القــراء الذيــن يجعلــون‬ ‫واملاحظــات واملناقشــات التــي‬ ‫يجعلــه يتجاهــل أو يهمــل الكنــز‬
‫االقتبــاس هدفهــم أو أولئــك الذيــن‬ ‫تزاحــم النصــوص األصليــة يف‬ ‫احلقيقــي‪ .‬جتعلــك هــذه املشــاهد‬
‫يروجــون ثقافــة االقتبــاس‪.‬‬ ‫مطالعتنــا للكتــب‪ ،‬األفــكار التــي‬ ‫وأكثــر تتأمــل وتفكــر يف هــذا األمــر‪،‬‬

‫‪29‬‬
‫صفية عبدالرحمن‬
‫‪@safiah_a‬‬

‫يســعه تصــور كميــة املناســبات الكثيــرة يف‬ ‫بعــض الشــيء عــن طبيعــة انســجامه مــع‬ ‫هــل حقـاً هنــاك إنســان اختــار بكامــل‬
‫احليــاة التــي قامــوا بإلغائهــا‪ ،‬مــن أجــل‬ ‫الكتــب‪ ،‬وليســامحني اهلل علــى مــا يف‬ ‫قــواه العقليــة أن يقــرأ الكتــب مــن أجــل‬
‫ارتشــاف متعــة اجللــوس والقــراءة‪.‬‬ ‫عبــارة بعــض الشــيء مــن تطفيــف‪.‬‬ ‫املتعــة؟‬
‫الق ـ ّراء فئــة صعبــة اإلرضــاء متام ـا‪ً،‬‬ ‫أجــل إنــه ينتمــي إلــى فئــة مــن غريبــي‬ ‫ال شــك أنــه مــن فصيلــة أخــرى‪،‬‬
‫أنــا أحــذر كل شــخص ُقـ ّدر لــه أن يرتبــط‬ ‫األطــوار‪ ،‬أكثرهــم اســتهلك طاقاتــه‬ ‫ال تشــبهنا‪ ،‬أخبرنــي مــن فضلــك بوضــوح‬
‫مــع قــارئ أنــه ســيعاني من حيــاة صعبة ال‬ ‫البصريــة حتــى ذوت عينــاه‪ ،‬وامتــألت‬ ‫كيــف ميكنــك االنســجام والضحــك مــع‬
‫ريــب‪ ،‬ومــن اجلديــر بالقــول أن أنصفهــم‬ ‫أدراجــه بنظــارات القــراءة مختلفــة‬ ‫كتلــة مــن الــورق ؟ الســيما هــذا الكتــاب‬
‫بــأن أذكــر أن هنــاك مكاســب ال ميكــن‬ ‫األحجــام واأللــوان‪ ،‬وهــم أســوأ النــاس‬ ‫الضخــم واملخيــف الــذي رأيتــك طــوال‬
‫احلصــول عليهــا بالطبــع إال منهــم‪ ،‬لكــن‬ ‫اكتراثــاً بشــأن صحتهــم‪ ،‬وحيويتهــم‪،‬‬ ‫الســاعات املاضيــة تعكــف عليــه و تقهقــه‬
‫علــى اآلخريــن التحلــي بالصبــر وســعة‬ ‫ويفضلــون عــادة اجللــوس وقضــاء كل‬ ‫بصحبتــه ‪ ،‬مــا املمتــع يف ســطور ســوداء‬
‫البــال ويجــب أن تكــون لديهــم قــدرات‬ ‫وقتهــم بالقــراءة‪ ،‬يشــترون صحبــة الكتــب‬ ‫ال حتتــوي حتــى علــى ألــوان مبهجــة للفــت‬
‫عاليــة علــى التحمــل‪ ،‬ألن القــارئ ســريع‬ ‫علــى غيرهــا‪ ،‬يفكــرون بهــا دائم ـاً‪ ،‬وبهــا‬ ‫االنتبــاه ! ال ميكننــي تصديــق أن بإمكانــك‬
‫امللــل‪ ،‬مصــاب بالقلــق‪ ،‬وتؤذيــه الفكــرة‬ ‫يحلمــون‪ ،‬وعندمــا يكونــون مــع النــاس‬ ‫االســتمتاع بكلمــات ص ّمــاء خاليــة حتــى‬
‫الســيئة‪ .‬إنــه أشــبه مــا يكــون مبهنــدس‬ ‫ا ‪ -‬وباملناســبة‬ ‫ويصبــح احلديــث ممــ ً‬ ‫مــن الصــور‪ ،‬كيــف تفعــل ذلــك؟ هــل أنــت‬
‫معمــاري غالب ـاً مــا يتحتــم عليــه العيــش‬ ‫عــادة مــا يصعــب االســتحواذ علــى‬ ‫إنســان طبيعــي؟ هــل مــا يحتويــه رأســك‬
‫يف خيمــة‪ ،‬ال شــيء ممــا يف مســكنه يشــبع‬ ‫اهتمامهــم ‪ -‬يلجــؤون إلــى التفكيــر‬ ‫يشــبه مــا يف رؤوســنا؟ هــل تقابــل نوعيــة‬
‫مــا يتقنــه‪ ،‬لــذا ألتمــس منــك أيها اإلنســان‬ ‫بالصفحــات املتبقيــة مــن كتابهــم احلالــي‪،‬‬ ‫األطبــاء نفســها لــو تعــرض دماغــك‬
‫ا مــن أجلــه‪ ،‬وأن‬ ‫الطيــب أن تتواضــع قليـ ً‬ ‫يحاولــون االســتنتاج واســتئناف التفكيــر‬ ‫للعطــب؟!‬
‫متنحــه الفرصــة علــى األقــل مــرة يومي ـاً‬ ‫مــن العبــارة التــي توقفــوا عندهــا أثنــاء‬ ‫إنهــا تســاؤالت تــدور يف عقــول‬
‫بــأن يقــرأ عليــك عبــارة لفتــت انتباهــه‬ ‫القــراءة‪ ،‬وإال فلــو كان األمــر بأيديهــم‬ ‫النــاس مــن حولنــا‪ ،‬بعضهــم يكــون جريئـاً‬
‫وإن كانــت مــن العناويــن التــي يف صفحــة‬ ‫ألحضــروا الكتــاب معهــم يف االجتماعــات‬ ‫وصريحـاً ليســأل بشــكل مباشــر أو ملتــو‪،‬‬
‫احملتــوى‪ ،‬ال بــأس رمبــا جتــد العبــارة‬ ‫العائليــة‪ ،‬وبرفقــة األصدقــاء‪ ،‬بــل وحتــى‬ ‫وبعضهــم يفضــل الســكوت‪ ،‬واغتصــاب‬
‫غبيــة وغيــر مفهومــة‪ ،‬فيصعــب عليــك‬ ‫يف حفــات الزفــاف ‪ -‬يــا اهلل كــم مــن‬ ‫ابتســامة مجاملــة مترقبـاً فرصــة للهــرب‪،‬‬
‫مجاراتــه يف التفكيــر‪ ،‬لكــن تفاعــل معهــا‬ ‫مجلــد كانــوا ســينتهون لــو اســتثمروا‬ ‫أو تغييــر املوضــوع‪.‬‬
‫باعتبارهــا جرعــة دواء عليــك تناولهــا مــن‬ ‫أوقاتهــم فقــط يف حفــات الزفــاف ‪ -‬ال‬ ‫بالتأكيــد حيــاة القــارئ ليســت ب ّراقــة‬
‫أجــل يــوم مشــرق برفقــة شــخص يعــرف‬ ‫ميكــن لصاحــب التســاؤالت أعــاه أن‬ ‫دائمــاً‪ ،‬وهــذا ال يعنــي أنــه يعانــي مــن‬
‫كيــف يكــون براق ـاً فيبهــج حياتــك‪.‬‬ ‫يتصــور آالف املــرات التــي متنــوا فيهــا‬ ‫مشــاكل يف االنســجام مــع اآلخريــن‪ ،‬أو‬
‫االنغمــاس يف كتــاب بــدل احلديــث عــن‬ ‫تنقــص حياتــه االجتماعيــة اإلثــارة‪ ،‬لكــن‬
‫األمــور الســطحية التــي تــدور حولهــم‪ ،‬وال‬ ‫نوعيــة انســجامه مــع النــاس مختلفــة‬

‫‪30‬‬
‫عباراتــه التــي يكتبهــا‪ ،‬وســتفتش عــن‬ ‫عشــرته ســتجعلك تخبــر اآلخريــن عــن‬ ‫تذكــر أنــك يجــب أن تكــون بارعـاً يف‬
‫اقتباســات تظــن أنهــا ســتعجبه‪ ،‬وعندمــا‬ ‫الكتــب وكأنــك قرأتهــا‪ ،‬بالرغــم مــن كونــك‬ ‫التمثيــل‪ ،‬مــع القليــل مــن ســرعة البديهــة‪،‬‬
‫تفاجئــك يف طريقــك زاويــة لبيــع الكتــب‬ ‫لــم تفتــح كتاب ـاً واحــداً منهــا‪ ،‬حتــى إنــك‬ ‫ألن القــارئ سيكتشــف خداعــك‪ ،‬فهــو‬
‫ســتتوقف عندهــا‪ ،‬لكــن حاشــا هلل‬ ‫ستشــك ألــف مــرة قبــل أن تتذكــر أنــك‬ ‫لألســف ال يعانــي مــن الغبــاء‪ ،‬فمقابــل‬
‫أنــت بالطبــع لــن تلمســها‪ ،‬يكفــي يف‬ ‫حقـاً لــم تقــرأ الكتــاب وأن كل مــا حتملــه‬ ‫صعوبــة إيجــاده ملــا يرضيــه وميتعــه ينتقــد‬
‫حياتــك مهــووس واحــد‪ ،‬ال تقــل بأننــي‬ ‫مــن معلومــات عنــه اقتبســتها مــن حديــث‬ ‫كل مــا يحــدث يف رأســه‪ ،‬يحللــه ويشـ ّرحه‬
‫لــم أحــذرك‪ ،‬أنــت وافقــت علــى خــوض‬ ‫صاحبــك‪ ،‬ســتصبح مــع مــرور الوقــت‬ ‫ويصنفــه إلــى أجــزاء‪ ،‬ممــا يقــوده للميــل‬
‫هــذه املغامــرة عندمــا تعرفــت علــى‬ ‫مدمن ـاً علــى حديثــه تســتمع بشــغف إلــى‬ ‫إلــى املبالغــة يف أمــور احليــاة‪ ،‬وتفاصيلها‪،‬‬
‫هــذا اإلنســان العجيــب‪ ،‬هــذه التركيبــة‬ ‫حكاياتــه‪ ،‬ورمبــا تقتــرح عليــه أنــواع مــن‬ ‫وغالب ـاً مــا يناقشــك يف أفــكار لــم تفكــر‬
‫الداخليــة املعقــدة‪ ،‬تلــك الشــبكة الغريبــة‬ ‫الكتــب تفضــل أن يقرأهــا‪ ،‬ألنــك فضولــي‬ ‫فيهــا مطلقـاً‪ ،‬وقــد يجادلك بشــأن مســألة‬
‫مــن التصرفــات املتفاوتــة‪ ،‬وهــذه املزاجيــة‬ ‫جتاههــا‪.‬‬ ‫ال تظنهــا تســتحق االلتفــات إليهــا‪ ،‬رمبــا‬
‫البهلوانيــة التــي جتعلــك يف دوامــة ال‬ ‫كل تلك الزيارات للمكتبات ومعارض‬ ‫يتســبب لــك انغماســه مبواقــف محرجــة‪،‬‬
‫تهــدأ‪ ،‬والتشــويق املســتمر ملفاجــآت هــذا‬ ‫الكتــب التــي حتملتهــا‪ ،‬أصبحــت اآلن‬ ‫فقــد يوقــف نظــام الســير يف الشــارع‪،‬‬
‫املخلــوق‪ ،‬الــذي يكــره املألــوف‪ ،‬ويفضــل‬ ‫ممتعــة‪ ،‬وصــرت تترقبهــا معــه‪ ،‬وأصبحــت‬ ‫فقــط ألن مــن علقــوا إعانهــم يف إحــدى‬
‫املــوت علــى التكــرار‪ ،‬ويحــب التغييــر‬ ‫حتفظ عن ظهر قلب أســماء دور النشــر‪،‬‬ ‫اللوحــات أخطــؤوا يف صياغــة اجلملــة‪ ،‬أو‬
‫حتــى إنــه ســيغريك ويقنعــك باالنتقــال‬ ‫بــل وتــكاد تضــرب كفــك مــع الناشــرين‬ ‫نظمــوا عبــارة هــي مــن الغبــاء والتفاهــة‬
‫للعيــش يف زحــل بحجــة أن األرض لــم‬ ‫كصديــق قــدمي‪ ،‬وصــرت تقفــز مــن مكتبــة‬ ‫لدرجــة جتعلــه يستشــيط غضب ـاً‪ ،‬حــاول‬
‫تعــد مثيــرة!‪.‬‬ ‫إلــى أخــرى تبحــث لــه عــن كتــاب يتمنــاه و‬ ‫أن متنعــه مــن محاولــة االتصــال بتلــك‬
‫أخيــراً أثــق بأنــك ســتكون ذكيــاً‬ ‫يتحــدث عنــه كحبيــب غائــب ف ّرقتــه عنــه‬ ‫الشــركة‪ ،‬ألن يومــه لــن يكــون طيبــاً‪،‬‬
‫وتســتثمر هــذا املخلــوق بشــيء يســتحق‪،‬‬ ‫األيــام‪.‬‬ ‫وأرجــو أن تكمــل معروفــك إن ســاءت‬
‫كــن داعمــاً لــه‪ ،‬اهتــف لــه يف املقدمــة‪،‬‬ ‫ومــا أجملــك وقــد تعلمــت أن ال‬ ‫األحــوال مبحاولــة اختــراع ســبب تذكــره‬
‫كــن كل جمهــوره‪ ،‬واســتمع إليــه‪ ،‬كل مــا‬ ‫تقاطــع انســجامه مــع الكتــاب بحديــث‬ ‫مبــرراً هــذه األزمــة لرجــل املــرور حتــى‬
‫يحتاجــه منــك بــن وقــت وآخــر هــو أذن‬ ‫عابــر‪ ،‬حتــى إنــك ســتتردد ألــف مــرة قبــل‬ ‫ال تصفعــه غرامــة‪ ،‬ألنــه مفلــس كالعــادة‬
‫تصغــي‪ ،‬وقلــب يتأثــر‪.‬‬ ‫أن تخبــره أن ثمــة كارثــة كونيــة‪ ،‬أو أن‬ ‫أنفــق نقــوده يف شــراء الكتــب‪.‬‬
‫تباهــى بــه دائمــاً‪ ،‬فأنــت متلــك‬ ‫قنبلــة نوويــة توشــك أن تنفجــر يف احلــي‬ ‫وإن رغبــت بــأن تكــون لطيفـاً وتشــعره‬
‫صنــدوق مفاجــآت ال ينضــب معينــه‪،‬‬ ‫املجــاور‪ ،‬لــن تفعــل ذلــك أبــداً بالطبــع‪ ،‬ألن‬ ‫بالبهجــة؛ حــاول مجاراتــه يف لعبــة‬
‫وإذا انتهــى بــك احلــال قارئــاً‪ ،‬ال تقــل‬ ‫النظــرة التــي ســتأتيك مــن تلــك العينــان‬ ‫الكلمــات أثنــاء الطــرق الطويلــة‪ ،‬فلوحــات‬
‫بأننــي لــم أحــذرك‪ ،‬فمرحبـاً بــك يف هــذا‬ ‫الشــاردتان ســتزعزعان ســامك الداخلي‬ ‫الشــوارع واألحــرف العشــوائية للوحــات‬
‫العالــم‪ ،‬هيــا ‪ ..‬ال تبالــغ باالندهــاش‪ ،‬فلــم‬ ‫لبقيــة اليــوم‪ ،‬وســتخرج الشــيطان مــن‬ ‫الســيارات التــي قــد ال تعنــي لــك شــيئاً‬
‫تــر منــه حتــى اآلن غيــر الواجهــة‪.‬‬ ‫مرقــده‪ ،‬وتفجــر بركان ـاً خامــداً‪ ،‬وحينهــا‬ ‫جتــد لهــا يف رأســه روابــط ال تنتهــي‪،‬‬
‫ســتعرف ببســاطة أيهــا املبــارك أن األمــر‬ ‫وتأكــد أن فعلــك هــذا ســيجازى يف الدنيــا‬
‫لــم يكــن أبــداً يســتحق املجازفــة‪.‬‬ ‫واآلخــرة‪ ،‬وستكســب يف حياتــك متعــة ال‬
‫ســتلفت انتباهــك صــور الكتــب‪،‬‬ ‫تضاهــى؛ ســتصبح حياتــك شــيقة مــع‬
‫وســتحتفظ بهــا لترســلها إليــه يف وقــت‬ ‫مــرور الوقــت‪ ،‬كل األشــياء العاديــة ســتبدأ‬
‫مائــم‪ ،‬ســتفكر بتعليــق مناســب حــول‬ ‫برؤيتهــا بطريقــة أخــرى‪ ،‬ســنوات مــن‬

‫‪31‬‬
‫فاطمة أبو سعدة‬
‫_‪@_0f9‬‬

‫األرواح يقــع بحســب الطبــاع التــي ُجبلــت‬ ‫الصداقــات كان لهــا النصيــب األكبــر مــن‬ ‫الصداقــة عاطفــة رفيعــة القــدر‪ ،‬لذيذة‬
‫عليهــا مــن خير وشــر‪ ،‬وال تنعقــد الصداقة‬ ‫الذكــر واالهتمــام؛ وبعــض الك ّتــاب ب ّوأهــا‬ ‫املطعــم‪ ،‬جليلــة املعانــي‪ ،‬وهــي أعلى مراتب‬
‫الفاضلــة بــن شــخصن إال أن يكــون بــن‬ ‫منزلــة تفــوق صداقــة اإلنســان‪ ،‬ألــم يقــل‬ ‫العاقــات اإلنســانية وأســماها‪ ،‬ومعنــى‬
‫روحيهمــا تقــارب‪ ،‬ويف آدابهمــا تشــابه‪،‬‬ ‫أميــر الشــعراء يف قصيدتــه الر ّنانــة‪( :‬أنــا‬ ‫الصداقــة هــو صــدق االعتقــاد يف املــودة‬
‫وقــد قــال الشــاعر‪:‬‬ ‫الصحابــا)‪ ،‬وقــال املتنبــي‬‫مــن بـ ّدل بالكتـ ِـب ّ‬ ‫واحملبــة والنصــح‪ ،‬وقــد احتفــى ديننــا‬
‫وما يلبث ا ِإلخوان أن يتفرقوا‬ ‫ليــس يف‬‫(وخيــ ُر َج ٍ‬ ‫يف أبياتــه الشــهيرة‪َ :‬‬ ‫اإلســامي مبشــاعر الصداقــة النقيــة‪،‬‬
‫شكل إلى شكلِ‬‫إذا لم يُؤ ِّلف رو ُح ٍ‬ ‫كتــاب) فهــل معنــى ذلــك أن‬ ‫ُ‬ ‫الزّمــانِ‬ ‫و ّرغــب املؤمنــن يف إخاصهــا هلل‪ ،‬وحــث‬
‫وقــال احلكيــم‪ :‬االئتــاف باجلواهــر قبــل‬ ‫نســتغني بالكتــب عــن األصدقــاء؟ بالطبــع‬ ‫علــى اتخــاذ الصديــق الصالــح‪ ،‬ور ّتــب على‬
‫االئتــاف باألجســام‪.‬‬ ‫ال‪ ،‬فــإذا كان الكتــاب يف نظــر املتنبــي‬ ‫ذلــك عظيــم األجــر والثــواب‪.‬‬
‫مثــل هــذا التآلــف الــذي يقــع بــن‬ ‫هــو خيــر جليــس‪ ،‬فهــو يــرى ً‬
‫أيضــا بــأن‬ ‫ِوملَــا للصداقــة مــن أهميــة يف حيــاة‬
‫بنــي اإلنســان يحــدث يف عوالــم الكتــب‪،‬‬ ‫الصديــق هــو أعظــم مــا ميلكــه اإلنســان‪،‬‬ ‫ــت كتــب العلمــاء‬ ‫اإلنســان‪ ،‬فقــد َحفِ ل َ ْ‬
‫وكمــا أن ث ّمــة بشــر يســتحقون احملبــة‬ ‫ألــم يقــل ُمعات ًبــا صديقــه ســيف الدولــة‪:‬‬ ‫ميــا وحدي ًثــا مبوضــوع‬ ‫واحلكمــاء قد ً‬
‫والصداقــة‪ ،‬فث ّمــة كتــب تتحــول مــن‬ ‫(شــ ُّر البــاد مــكا ٌن ال صديــق فيــه)‬ ‫الصداقــة‪ ،‬حيــث ألفــوا فيهــا الكتــب‪،‬‬
‫القــراءة لهــا إلــى الصداقــة معهــا‪ ،‬كتــب‬ ‫فكاهمــا ضروريــان ومكمــان لبعضهمــا‪،‬‬ ‫وصاغــوا احلكــم واألمثــال‪ ،‬ونظمــوا‬
‫مــن الوهلــة األولــى متنحنــا شــعور األلفــة‬ ‫ذلــك أن صداقــة الكتــاب هــي فــر ٌع عــن‬ ‫الشــعر‪ ،‬ود ّونــوا القصــص واألخبــار‬
‫روحــا‬
‫واحملبــة‪ ،‬وكأن روحنــا راحــت تعانــق ً‬ ‫صداقــة اإلنســان وجــزءٌ منهــا‪ ،‬رمبــا‬ ‫والتجــارب‪ .‬كمــا جــرت عــادة العلمــاء يف‬
‫أخــرى‪ ،‬وليــس ذلــك بغريــب‪ ،‬أليــس الكتاب‬ ‫تختلــف عنهــا يف املعنــى العــام‪ ،‬إال أنهمــا‬ ‫تراثنــا العربـ ّـي واإلســامي أن يعقــدوا لهــا‬
‫كائــن حــي يولــد مــع كل قــارىء جديــد؟! أال‬ ‫يف حقيقــة األمــر متشــابهتان وتلتقيــان‬ ‫ـص بهــا‪ ،‬وال يــكاد يخلــو كتــاب مــن‬
‫با ًبــا يختـ ّ‬
‫يوجــد وراء هــذا الكتــاب كاتــب عظيــم‪ ،‬لــه‬ ‫يف جوانــب عديــدة‪ ،‬ولعلــي يف ثنايــا هــذا‬ ‫كتــب كبــار األدبــاء والشــعراء والفاســفة‬
‫حضــوره الافــت‪ ،‬وشــخصيته اخلالــدة‪،‬‬ ‫املقــال أن أســلط الضــوء علــى أبــرز أوجــه‬ ‫مــن التطــ ّرق لذكرهــا واحلديــث عنهــا‬
‫شــخص يتحــدث إلينــا‪ ،‬ويخاطبنــا‪،‬‬ ‫االلتقــاء بــن هاتــن الصداقتــن النبيلتــن‬ ‫بطريقــة أو بأخــرى؛ مــا يؤكــد علــى أن‬
‫ويشــاركنا رحلــة احليــاة‪ ،‬وأســرار الــذات؟!‬ ‫فعلــى ســبيل املثــال‪ :‬يف عوالــم صداقــة‬ ‫للصداقــة حظــوة كبيــرة يف وجدانهــم‪.‬‬
‫يقــول أحمــد مطــر‪« :‬يف صبــاي املبكــر‬ ‫اإلنســان لبنــي اإلنســان يلتقــى املــرء يف‬ ‫فهــذا األديــب والشــاعر الكبيــر غــازي‬
‫غريــب‬
‫ٌ‬ ‫كان يداخلنــي دائ ًمــا إحســاس‬ ‫زحــام احليــاة بشــخص مــا‪ ،‬فيشــعر نحــوه‬ ‫أن الصداقة‬ ‫القصيبــي يقــول‪« :‬إننــي أؤمــن ّ‬
‫ولذيــ ٌذ بــأن الكتــب ُمــدن ح ّيــة حافلــة‬ ‫باأللفــة واالجنــذاب فكأمنــا يعرفــه حياتــه‬ ‫تُعطــي احليــاة معنــى أعمــق»‪.‬‬
‫بأنــواع األماكــن وأصنــاف النــاس‪ ،‬وكنــت‬ ‫كلهــا أو يزيــد‪ ،‬فمــا يلبثــا أن يتصادقــا‬ ‫ولــم يقتصــر حديثهــم عــن صداقــة‬
‫أتخيــل أن انطبــاق أغلفتهــا ال يوقــف علــى‬ ‫ويصبحــا صديقــن حميمــن‪ ،‬وقــد يعيــش‬ ‫اإلنســان فحســب؛ بــل جتــاوز ذلــك ليشــمل‬
‫اإلطــاق مــا فيهــا مــن ضجــة األصــوات‬ ‫ا وفصــوالً مــن‬ ‫شــخص دهــراً كامــ ً‬
‫ٍ‬ ‫مــع‬ ‫ضــروب الصداقــة املختلفــة كصداقــة‬
‫وحركــة النــاس واملركبــات‪ ،‬أو إينــاع النبــات‬ ‫العمــر؛ لكنــه ال يجــد معــه أي نــوع مــن‬ ‫األمكنــة‪ ،‬واألشــياء‪ ،‬والكائنــات‪ ،‬والطبيعــة‪،‬‬
‫وذبولــه‪ ،‬بــل إن األغلفــة ال تعــدو كونهــا‬ ‫األلفــة أو التقــارب الروحــي‪ ،‬وهــذا مــن‬ ‫والكــون‪ ،‬واألطفــال‪ ،‬والكتــب‪ ،‬وغيرهــا‪.‬‬
‫أبوا ًبــا‪ ،‬تخفــت بإغاقهــا الضجــة»‪.‬‬ ‫معانــي (األرواح جنــود مجنــدة)‪ ،‬فتعــا ُرف‬ ‫صداقــة الكتــب مــن بــن هــذه‬

‫‪32‬‬
‫فينــا ولــو لــم نشــعر‪ ،‬ويُ َق ّســم يف داخلنــا‪،‬‬ ‫بهــا عقولنــا‪ ،‬ونســتقي منهــا معارفنــا‪،‬‬ ‫إن الكتب التي نســتطيع أن نصادقها‬
‫فيعــز ّز لغتنــا‪ ،‬ويزيــد معرفتنــا‪ ،‬ويهــ ّذب‬ ‫ونســتلهم منهــا أفكارنــا‪ ،‬وقــد قيــل‪ :‬قــد‬ ‫قليلــة بالنســبة للكــم الهائــل الــذي يحيــط‬
‫أخاقنــا‪ ،‬ويوســع مداركنــا‪ ،‬وير ّقــي‬ ‫ا علــى‬ ‫عرفنــاك باختيــارك إذ كان دليــ ً‬ ‫بنــا‪ ،‬فكــم مــن الكتــب التــي حاولنــا‬
‫أســلوبنا يف الكتابــة واحلديــث‪ .‬قــال‬ ‫اللبيــب اختيــاره‪ .‬وقيــل‪« :‬قــل لــي مــاذا‬ ‫قراءتهــا لكنهــا لــم تفلــح يف اســتقطابنا‬
‫أحــد األدبــاء‪« :‬كمــا تنتخبــون األصدقــاء‬ ‫تقــرأ أقــل لــك من أنت!» فاإلنســان نتيجة‬ ‫لهــا‪ ،‬وبنظــرة عامــة علــى أُولــى صفحاتهــا‬
‫وتوالونهــم إذا رأيتــم فيهــم الفضــل‪،‬‬ ‫مــا يقــرأ‪ ،‬هــل يعنــي ذلــك أننــا نســتطيع‬ ‫وجدنــا أنهــا ال تائمنــا‪ ،‬فأعدناهــا إلــى‬
‫وحســن األخــاق‪ ،‬هكــذا اختــاروا الكتــب‬ ‫احلكــم علــى األشــخاص مــن خــال مــا‬ ‫ـرف غيــر آســفن‪ .‬ألــم نســأل أنفســنا‬ ‫الـ ّ‬
‫التــي تقرؤونهــا فهــي خيــر اجللســاء‪،‬‬ ‫يقــرؤون؟ نعــم‪ ،‬فلــو ســألت فا ًنــا عمــا‬ ‫منطــا معينًا‬‫يو ًمــا مــا الــذي يجعلنــا نختــار ً‬
‫إذا كانــت ممــا تتضمــن حكمــة األزمنــة‬ ‫يقــرأ‪ ،‬أو ألقيــت نظــرة إلــى مكتبتــه أو‬ ‫مــن الكتــب‪ ،‬ونقبــل بشــغف علــى كتــب‬
‫الســالفة واحلاضــرة‪ ،‬ألنهــا تزيدكــم عل ًمــا‬ ‫كتبــه التــي يحملهــا بــن يديــه يف خلواتــه‪،‬‬ ‫بعــض املؤ ّلفــن دون غيرهــم‪ ،‬فنشــعر‬
‫وتهديكــم صــراط احليــاة املســتقيم‪،‬‬ ‫ويصحبهــا معــه يف جلواتــه‪ ،‬سيســهل‬ ‫أننــا معقــودون بهــا‪ ،‬منجذبــون إليهــا‪،‬‬
‫وتفعــل فيكــم فعــل قــدوة الصديــق إذا كان‬ ‫عليــك معرفتــه؛ إذ إن نوعيــة املوضوعــات‬ ‫ونســعى المتاكهــا‪ ،‬نقرؤهــا بشــغف مــن‬
‫ميــا»‪.‬‬ ‫عاقــ ً‬
‫ا كر ً‬ ‫التــي يتغــ ّذى بهــا الفكــر تعتبــر مبثابــة‬ ‫أولهــا إلــى آخرهــا فــا نحــس معهــا‬
‫صديــق حميــم‬ ‫ٍ‬ ‫كمــا أن يف اتخــاذ‬ ‫مؤشــر واضــح علــى ميولنــا وتوجهاتنــا‬ ‫بالوقــت كيــف مضــى؟! نقرؤهــا فنشــعر‬
‫لــ ّذة روحيــة‪ ،‬كــذا يف صداقــة الكتــب‬ ‫وأهدافنــا‪ ،‬وميكــن التعــرف أكثــر مــن‬ ‫بيننــا وبينهــا بصلــة وربــاط عميــق كأمنــا‬
‫ـس وســعادة حقيقيــة دائمــة‪ ،‬هــل رأيــت‬ ‫أنـ ٌ‬ ‫خالهــا علــى شــخصيتنا وهو ّيتنــا‪،‬‬ ‫هــي مرآتنــا‪ ،‬أو انعــكاس أمزجتنــا‪ ،‬وكأن‬
‫صدي ًقــا للكتــاب يشــكو الوحــدة؟ أو يعانــي‬ ‫وكتبنــا املفضلــة هــي أشــبه بالبوصلــة أو‬ ‫مــا َحوتــه لــم يُكتــب إال لنــا‪ ،‬ولــم يجــىء‬
‫مــن الفــراغ؟ أو يشــعر بثقــل احليــاة‬ ‫اخلريطــة املؤديــة إلينــا‪ .‬ويف هــذا يقــول‬ ‫إال وفــق شــاكلتنا وهوانــا‪ .‬ونشــعر حــن‬
‫ومرارتهــا؟ حت ًمــا ال‪ ،‬فصديــق الكتــاب‬ ‫العقــاد‪« :‬والقــارئ املطبــوع يتوشــج مزاجه‬ ‫نلتقــي بهــا بلحظــة لقائنــا مبــن نحــب‪،‬‬
‫يعيــش أســعد أوقاتــه‪ ،‬وكلمــا فتــح كتا ًبــا‬ ‫علــى صنــف واحــد مــن القــراءة يوائمــه‬ ‫وقــد وصــف ســلمان العــودة هــذه اللحظــة‬
‫أحــس بنبــض احليــاة فيــه‪.‬‬
‫ّ‬ ‫جديــ ًدا‬ ‫ويتصــل النســب بينــه وبــن عقلــه وخُ لقــه‬ ‫ا‪« :‬ألتقــي بالكتــب صدفــة كمــا‬ ‫قائــ ً‬
‫صديــق الكتــاب يــراوده شــعور عميــق‬ ‫وهــواه‪ ،‬فــإذا عرفــت الكتــاب ومؤلفــه‬ ‫ٍ‬
‫صدفــة خيــ ٌر‬ ‫ألتقــي باألصدقــاء و( ُر ّب‬
‫باالغتنــاء والثــراء والرضــا‪ ،‬أتعرفــون لــم؟‬ ‫عرفــت القــارئ ومزاجــه‪ ،‬أو عرفــت علــى‬ ‫مــن ميعــاد) وأعــز األصدقــاء تع ّرفــت‬
‫محــاط بأصدقائــه وأحبابــه مــن‬ ‫ٌ‬ ‫ألنــه‬ ‫األقــل أن إقبالــه علــى طــراز آخــر مــن‬ ‫عليهــم بجــوار رفــوف املكتبــات»‪.‬‬
‫كل جانــب‪ ،‬يشــتاق للنبــي ‪-‬صلــى اهلل‬ ‫املؤلفــن بعيــد‪ ،‬وأن اعتكافــه علــى منــط‬ ‫وكمــا يُعــرف املــرء بأصدقائــه‬
‫عليــه وســلم‪ -‬فيــراه يف ســيرته‪ ،‬ويتمنــى‬ ‫آخــر مــن التأليــف عجيــب»‪.‬‬ ‫وأصفيائــه‪ ،‬وتــوزن أخاقــه بإخوانــه‬
‫أن يصحــب اإلمــام الشــافعي فيــراه يف‬ ‫وكمــا أن األصدقــاء منهــم النافــع‬ ‫ــن باملــرء‬‫ميــا قالــوا‪« :‬يُ َظ ّ‬
‫وأخائــه‪ ،‬وقد ً‬
‫كتــاب األم‪ ،‬ويهفــو للرافعــي فيصحبــه يف‬ ‫الــذي يضيــف إلــى عمــرك أعمــا ًرا بعلمــه‬ ‫مــا ظــن بقرينــه»‪ ،‬فهــو بطبعــه وفطرتــه‬
‫ويحــن للعقــاد فيلتقيــه يف‬
‫ّ‬ ‫وحــي القلــم‪،‬‬ ‫وفضلــه وخلقــه‪ ،‬ومنهــم الضــار الــذي‬ ‫يتأثــر مبــن يصاحبهــم‪ ،‬ويؤ ّثــر بهــم‪،‬‬
‫عبقر ّياتــه‪ ،‬ويتــوق للطنطــاوي فيجــده يف‬ ‫يســرق منــك عمــرك ويفســد عليــك دينــك‬ ‫كذلــك صداقــة الكتــاب ال تقــل تأثيــ ًرا‬
‫ذكرياتــه‪ ..‬أال يعتبــر ذلــك مبثابــة إحــدى‬ ‫ومروءتــك‪ ،‬وال تضيــف صحبتــه إليــك‬ ‫يف اإلنســان عــن تأثيــر الصديــق املــازم‪،‬‬
‫القــوى اخلارقــة التــي ميتلكهــا صديــق‬ ‫شــيء ‪ ،‬كــذا احلــال مــع الكتــب‪ ،‬منهــا‬ ‫وكمــا يُســتدل علينــا ممــن نصاحبهــم‪،‬‬
‫الكتــب‪ ،‬فيحــس معهــا كأمنــا نــال شــي ًئا‬ ‫الغــث ومنهــا الســمن‪ ،‬ومنهــا الزَّبــد الــذي‬ ‫أيضــا مــا نقــرؤه هــو ســبيل إلينــا ودليــل‬ ‫ً‬
‫مــن جنــة الفــردوس؟!‬ ‫يذهــب جفــا ًء‪ ،‬ومنهــا مــا ينفــع النــاس‬ ‫علينــا‪ ،‬فالنــاس يحكمــون علينــا مــن‬
‫فيمكــث يف العقــل‪ .‬فــكل كتــاب نقرؤه يؤثر‬ ‫حصيلــة مــا نقــرأ‪ ،‬مــن املنابــع التــي نغــذي‬

‫‪33‬‬
‫يقــول بهيــج عثمــان‪« :‬الكتــاب الــذي ال‬ ‫وأنــت بحضــرة كتــاب واحــد يأخــذك مــن‬ ‫إن الوقــت الــذي يقضيــه املــرء برفقــة‬
‫يــدع قارئــه يُف ّكــر فيــه بعــد فراقــه‪ ،‬ليــس‬ ‫بــن نفســك‪ ،‬ويســافر بــك يف فضــاءات‬ ‫كتــاب لهــو وقــت ذهبــي حافل احليــاة‪ ،‬يعج‬
‫الصديــق الــذي‬ ‫أن ّ‬ ‫بكتــاب ق ّيــم‪ ،‬كمــا ّ‬ ‫الــروح الرحيبــة‪ ،‬يقــول املازنــي‪« :‬وكنــت ال‬ ‫باألحــداث واملواقــف‪ ،‬ويزخــر باألفــكار‬
‫يُنســى بســهولة ليــس صدي ًقــا»‪.‬‬ ‫أتخطــى عتبــة البيــت إال متأ ّب ًطــا كتا ًبــا ال‬ ‫والتأمــات‪ ،‬وكــم يخســر أولئــك الذيــن ال‬
‫هــذه هــي الصداقــة التــي أطمــح أن‬ ‫علــي ليلــة إال طلعــت يف بعضهــا‬ ‫ّ‬ ‫متضــي‬ ‫يقــرؤون‪ ،‬أو لــم يصادقــوا الكتــب فــرص‬
‫نصــل إليهــا جمي ًعــا‪ ،‬ومبــا أننــي خصصــت‬ ‫ا أو كثيــ ًرا‪ ،‬وكانــت الكتــب أنيســي‬ ‫قليــ ً‬ ‫حيــوات نــادرة توف ّرهــا القــراءة وحدهــا‪.‬‬
‫حديثــي هــذه املــرة عــن صديقــي الكتــاب‪،‬‬ ‫يف وحدتــي‪ ،‬وســميري يف خلوتــي‪ ،‬وكنــت‬ ‫بصحبــة الكتــاب ال مــكان للعزلــة‬
‫فإنــه ليطيــب لــي قبــل اخلتــام أن أســ ّر‬ ‫أســتغني بهــا عــن متــع احليــاة ولــذات‬ ‫أو الوحشــة أو الوحــدة؛ بــل يُعتبــر‬
‫إليــه بحديــث الصديــق لصديقــه‪ ،‬وأن‬ ‫احلــس»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫جناحــا يف‬
‫ً‬ ‫أولئــك القــ ّراء أكثــر النــاس‬
‫أكتــب إليــه بصــدق‪« :‬ال أعلــم ملــاذا‬ ‫كمــا أن األصدقــاء احلقيقيــون ال‬ ‫التواصــل مــع اآلخريــن‪ ،‬وأعمقهــم فه ًمــا‬
‫وجدتنــي هــذه املــرة مدفوعــة للكتابــة‬ ‫يغيبــون عــن الذاكــرة‪ ،‬درجــة تأثيرهــم‬ ‫لتصرفاتهــم ونفســ ّياتهم‪ .‬ويؤكــد هــذا‬
‫عنــك واإلشــادة بفضلــك‪ ،‬ال شــك أننــي‬ ‫علينــا نحــو األفضــل‪ ،‬األشــياء اجلميلــة‬ ‫مــا توصــل إليــه كيــث أوتلــي‪ ،‬أســتاذ علــم‬
‫لــن أوفيــك حقّــك يف بضــع ســطور؛‬ ‫التــي اكتســبناها مــن أخاقهــم‪ ،‬النضــج‬ ‫النفــس يف جامعــة تورنتــو‪ ،‬حيــث قــال بــأن‬
‫لكــن حســبي أننــي أع ـ ّدك خيــر جليــس‪،‬‬ ‫واحلكمــة واإليجابيــة التي تعلمناها منهم‪،‬‬ ‫مــا يبــدو مــن عمليــة ُعزلــة ينقطــع فيهــا‬
‫وأصــدق صديــق‪ ،‬وأوفــى رفيــق‪ ،‬فمهمــا‬ ‫إمياننــا الــذي يــزداد حــن نخالطهــم‪ ،‬كل‬ ‫الشــخص مــع كتــاب يقــرؤه‪ ،‬يعــد ممارســة‬
‫التــف حولــي مــن أصدقــاء فإنــي لســت‬ ‫ّ‬ ‫هــذه اخلصــال وغيرهــا ممــا ال يحصــى‬ ‫لنــوع مــن التفاعــل اإلنســاني‪ ،‬وأضــاف‬
‫مبأمــن مــن فراقهــم ولــو بعــد حــن‪،‬‬ ‫جتعلنــا مدينــون لــكل حلظــة أمضيناهــا‬ ‫بــأن القــراءة تعــزّز اجلانــب االجتماعــي‬
‫فأنــت الصديــق الوحيــد الــذي ُكتــب لــه‬ ‫بصحبتهــم‪ ،‬ومهمــا بلغــت درجــة بعدنــا‬ ‫يف الدمــاغ‪ ،‬وبالتالــي فإنــه عندمــا نقــوم‬
‫الــدوام والبقــاء‪ ،‬وقــد عاهــدت نفســي‬ ‫عنهــم إال أننــا نراهــم يف أدق تفاصيــل‬ ‫بوضــع الكتــاب جان ًبــا نكــون بتنــا أكثــر‬
‫أن أكــون وف ّيــة لــك ماحييــت‪ ،‬حزينــة أنــا‬ ‫حياتنــا‪ ،‬نتمنــى لــو يعــود بنــا الزمــن‬ ‫اســتعدا ًدا للتفاعــل والتعــاون‪ ،‬بــل وحتــى‬
‫علــى كل دقيقــة فاتتنــي قبــل أن أعرفــك‪،‬‬ ‫لنعيــد تلــك الذكريــات‪ ،‬ونعيــش ذلــك‬ ‫تبــادل مشــاعر احلــب مــع اآلخريــن‪.‬‬
‫وممتنــة لــكل ثانيــة ق ّربتنــي منــك‪ ،‬ولــكل‬ ‫العهــد الــذي قلمــا يجــود الزمــان مبثلــه‪.‬‬ ‫يقــول ألبرتــو مانغويــل يف كتابــه تاريــخ‬
‫صديــق ســاعدني يف الوصــول إليــك‪ ،‬أو‬ ‫كذلــك لبعــض الكتــب ذكرياتهــا اللذيــذة‪،‬‬ ‫القــراءة‪« :‬أعطتنــي القــراءة عــذ ًرا مقبــوالً‬
‫أهدانــي إ ّيــاك‪ ،‬فأنــت الهد ّيــة األغلــى‬ ‫ومذاقهــا اخلــاص‪ ،‬وبريقهــا اآلســر‪ ،‬قــد‬ ‫معنــى لتلــك‬
‫ً‬ ‫لعزلتــي؛ بــل رمبــا أعطــت‬
‫دائ ًمــا‪ .‬عمــري يتضاعــف بــك‪ ،‬وبدونــك‬ ‫ميــر علــى كتــاب قرأنــاه عشــر ســنن‬ ‫العزلــة املفروضــة علــي‪ ..‬ال أســتطيع أن‬
‫لــن أتعـ ّدى حــدودي‪ ،‬أنــت عالـ ٌم مختلــف‪،‬‬ ‫ونحــن ال زلنــا نتذكــر تلــك الدهشــة الــذي‬ ‫أتذكــر أبـ ًدا أننــي كنــت وحيـ ًدا يف حلظــة‬
‫جن ـ ٌم يشــرق يف ســماء وجــودي‪ ،‬رســالتي‬ ‫متلكتنــا حلظــة قراءتــه‪ ،‬وذلــك الســحر‬ ‫مــن اللحظــات‪ ،‬علــى العكــس متا ًمــا؛ فــإن‬
‫أن أخلّــدك يف أرواح العاملــن‪ ،‬أن أجعلــك‬ ‫العجيــب الــذي أحسســنا بــه ونحــن نقلــب‬ ‫ألعــاب وأحاديــث األطفــال الذيــن مــا كنــت‬
‫صدي ًقــا عزي ـزًا لهــم‪ ،‬لكــي نلتقــي جمي ًعــا‬ ‫صفحاتــه‪ ،‬وننصهــر بــن كلماتــه‪ ،‬نعيــش‬ ‫ألقاهــم إال نــاد ًرا وجدتهــا أقــل إثــارة‬
‫الــدري الــذي‬
‫ّ‬ ‫يف كوكبــك‪ ،‬ذلــك الكوكــب‬ ‫حالــة ذهــول عــن العالــم‪ ،‬نتمنــى لــو أن‬ ‫بكثيــر مــن املغامــرات واألحاديــث التــي‬
‫يقطنــه ســوى أصدقــاؤك‪ ،‬وأصدقائــي‬ ‫ال ُ‬ ‫رحلتنــا معــه ليــس لهــا نهايــة‪ ،‬مــا يجعلنــا‬ ‫كنــت أعيشــها يف كتبــي»‪.‬‬
‫أيضــا‪ ،‬وقبــل هــذا وذاك‪ ..‬أصدقــاء‬ ‫ً‬ ‫نؤمــن بــأن ثمــة طاقــة هائلــة تختزلهــا‬ ‫حــن يصبــح الكتــاب رفي ًقــا لدربــك‪،‬‬
‫القــراءة‪.‬‬ ‫الكتــب بــن ط ّياتهــا‪.‬‬ ‫فلــن جتــد متعــة يف الدنيــا تعــادل متعتــك‬

‫‪34‬‬
35
‫”·@‪cã”aÎ‬‬
‫بعــض الكتــب نشــتريها ال لنقرأهــا‬
‫مباشــرة‪ ،‬بــل ألننــا نتوقــع أنــه‬
‫البحــث عــن املجهــول بــن الرفــوف‪،‬‬
‫الباحــث عــن الكتــب يف املكتبــات‬
‫الكتْ بــي العراقــي قاســم‬‫يذكــر ُ‬
‫محمــد الرجــب يف مذكراتــه عــن‬
‫يف يــوم مــن األيــام ســنعود إليهــا‬ ‫دائمـ ًا علــى موعــد مــع مفاجــأة غيــر‬ ‫أكبــر زبــون ملكتبــات ســوق الســراي‬

‫‪Ô‘Ìáñ@7«c@Êc‬‬
‫ونقرأهــا أو نخشــى عــدم العثــور‬ ‫منتظــرة أو صدفــة غيــر متوقعــة‬ ‫وهــو احملامــي واملــؤرخ العراقــي‬
‫ً‬
‫مســتقبا‪ ،‬وكــم مــن كتــاب‬ ‫عليهــا‬ ‫بعــد تنقيــب كثيــر وبحــث عســير ‪.‬‬ ‫عبــاس العــزاوي‪ ،‬الــذي كان يتــردد‬
‫أفلتــه مــن بــن يــدي وفرطــت بــه‪،‬‬ ‫القــراءة خبــرة متراكمــة علــى‬ ‫إلــى املكتبــات أربــع مــرات أو أكثــر كل‬
‫ســمعت وعملــت بالنصيحــة القائلة‪:‬‬ ‫مــر األيــام‪ ،‬الكتــب اجليــدة هــي‬ ‫يــوم فــا يفوتــه كتــاب مطبــوع أو‬
‫ـتره‬ ‫» حــن تصــادف كتابـ ًا ّ‬
‫جيــد ًا اشـ ِ‬ ‫الكتــب التــي ترفــع الــذوق األدبــي‬ ‫مخطــو ط !‬
‫حتّ ــى ولــو لــم تقــرأه»‪.‬‬ ‫واحلــس الفنــي ليصبــح القــارئ‬ ‫هــذا الولــع بالكتــب وإدمــان‬
‫يــرى بعــض النقــاد أنــه ولكــي‬ ‫ـا لقنــص أنفــع الكتــب وأمتعهــا‪،‬‬ ‫مؤهـ ً‬ ‫التــردد علــى املكتبــات والســفر بــن‬
‫تســتمتع بعمــل أدبــي ألي كاتــب‬ ‫قــد يكــون القــارئ علــى قــدر كاف‬ ‫املــدن والتجــوال يف معــارض الكتــب‬
‫ينبغــي أن تكــون ملمــ ًا بالعالــم‬ ‫مــن الثقافــة ويســتطيع أن يختــار‬ ‫وزيــارة املكتبــات العامــة واخلاصــة‬
‫اخلــاص الــذي عاشــه ذلــك األديــب‪،‬‬ ‫الكتــاب بنفســه‪ ،‬لكــن هــذا ال‬ ‫يقودنــي إلــى بعــض التســاؤالت‬
‫أصبــح لــدي اهتمــام بكتــب التراجــم‬ ‫مينــع بــأن يسترشــد مــن هــو أقــدر‬ ‫منهــا هــل الكتــاب يغنــي عــن متــع‬
‫والســيرة لفهــم أعمــال أديــب مــا‪ ،‬مــن‬ ‫منــه‪ ،‬وليــس يف ذلــك حــرج‪ ،‬إن‬ ‫ـذات العيــش؟ وهــل يحتاج‬ ‫احليــاة ولـ ّ‬
‫خــال قــراءة كتــب الســير والتراجــم‬ ‫مهمــة اإلرشــاد مهمــة دقيقــة ألنهــا‬ ‫القــارئ للتضحيــة بجــزء مــن وقتــه‬
‫تتضــح اجلوانــب املختلفــة واملواهــب‬ ‫تتطلــب فيمــن يقــوم بهــا أن ميتلــك‬ ‫للبحــث عــن الكتــب ؟‬
‫الكامنــة يف الشــخصية وفهــم روح‬ ‫ثقافــة واســعة واطاعــا كبيــرا علــى‬ ‫مثــل الدكتــور عبــاس العــزاوي‪،‬‬
‫العصــر الــذي عاشــه‪ ،‬ســاعدني يف‬ ‫التــراث العربــي والغربــي‪ ،‬كان يكفــي‬ ‫الكتــاب عنــده يدخــل يف قائمــة‬
‫البحــث عــن الكتــب كتــاب (األعام)‬ ‫أن يرمــي أحــد املرشــدين بعنــوان‬ ‫االحتياجــات اليوميــة مــن غــذاء‬
‫خليــر الديــن الزركلــي وهــذا الكتــاب‬ ‫كتــاب نفيــس حتــى أطيــر بحثــ ًا‬ ‫وكســاء ودواء‪ ،‬بــل تصــل إلــى مرحلــة‬
‫مــن أشــهر كتــب التراجــم يف العصــر‬ ‫عنــه يف املكتبــات‪.‬‬ ‫أكبــر مــن قائمــة االحتياجــات‬
‫احلديــث ومرجــع ال أســتغني عــن‬ ‫محصور‬
‫ٌ‬ ‫توزيــع املكتبــات يف وطننــا‬ ‫اليوميــة كمــا يقــول ألبرتــو‬
‫قراءتــه‪ ،‬أيضــا كتــاب (مصــادر‬ ‫يف نطــاق املــدن الكبيــرة‪ ،‬ولــو عــددت‬ ‫مانغويــل يف كتابــه تاريــخ القــراءة‬
‫الدراســة األدبيــة) ليوســف أســعد‬ ‫لــك املكتبــات ذات التنــوع يف كتبهــا‬ ‫بــأن القــراءة مثــل التنفــس وظيفيــة‬
‫داغــر وكتــب أخــرى ال يتســع املجــال‬ ‫ال تــكاد تتجــاوز عــدد أصابــع‬ ‫حياتيــة‪.‬‬
‫لذكرهــا‪ ،‬هــذه الكتــب تختصــر‬ ‫اليــد الواحــدة‪ ،‬ال تلبــي حاجــة‬ ‫إن من طبيعة القراءة التوسع‪ ،‬كل‬
‫الوقــت واجلهــد يف البحــث عــن‬ ‫شــريحة كبيــرة مــن جمهــور متنــوع‬ ‫كتــاب يزيــدك معرفــة‪ ،‬كلمــا قرأنــا‬
‫أعمــال املؤلــف ومــا ُكتــب عنــه ‪.‬‬ ‫االهتمامــات‪ ،‬ممــا يجعــل البحــث‬ ‫كتابـ ًا صــار دافعـ ًا نحــو قــراءة كتــاب‬
‫عــن بعــض الكتــب أشــبه مباحقــة‬ ‫آخــر‪ ،‬تتوســع القــراءة ويتوســع‬
‫ســراب يف صحــراء قاحلــة‪.‬‬ ‫البحــث يف املكتبــات وتبــدأ لــذة‬

‫‪36‬‬
‫”·@‪cã”aÎ‬‬
‫لــك معرفــة عــدد النســخ املتبقيــة‬
‫يف فروعهــا املنتشــرة‪ ،‬أمتنــى أن‬
‫وجمــود واعتمادهــا علــى كتــب‬
‫املناهــج‪ ،‬وهــذا الركــود طــال حتــى‬
‫كانــت مكتبــات ســوق الكتــاب‬
‫املســتعمل‪-‬فيما مضــى‪ -‬يف مدينــة‬
‫تاقــي هــذه الفكــرة القبــول لــدى‬ ‫مكتبــات عربيــة مثــل مكتبــات ســور‬ ‫الريــاض أكبــر منجــم لتزويــد رواد‬

‫‪Ô‘Ìáñ@7«c@Êc‬‬
‫بقيــة املكتبــات وتطبيقهــا فهــي‬ ‫األزبكيــة يف القاهــرة ومكتبــات‬ ‫القــراءة بالكتــب املتنوعــة والنــادرة‪،‬‬
‫توفــر الوقــت واجلهــد يف البحــث‬ ‫شــارع املتنبــي يف بغــداد‪.‬‬ ‫ليــس مــا مييــز مكتبــات الكتــاب‬
‫عــن الكتــب‪ ،‬لكــن مكتبــة جريــر‬ ‫املكتبــات العامــة يغفــل عنهــا رواد‬ ‫املســتعمل رخــص الكتــاب‪ -‬بعــض‬
‫كذلــك تعــوز إلــى التنــوع يف الكتــب‪،‬‬ ‫املكتبــات التجاريــة‪ ،‬معظــم املكتبــات‬ ‫الكتــب ليســت رخيصــة كمــا يتوقــع‬
‫فمــا يعــرض فيهــا مــن كتــب ال‬ ‫العامــة واجلامعيــة واملكتبــة‬ ‫البعــض‪ -‬لكــن جتــد فيهــا كتبــا‬
‫يكفــي حاجــة جمهــور كبيــر متنــوع‬ ‫الوطنيــة تقتنــي عــدد ًا كبيــر ًا مــن‬ ‫ال تتوقــع احلصــول عليهــا‪ ،‬ذات‬
‫االهتمامــات‪.‬‬ ‫الكتــب واملجــات‪ ،‬وأكثرهــا نــادر‬ ‫مــرة خرجــت مــن إحــدى مكتبــات‬
‫مــا أكثــر املكتبــات التــي أغلقــت‬ ‫ويصعــب العثــور عليــه‪.‬‬ ‫الكتــاب املســتعمل وأنــا أكاد أطيــر‬
‫ولــم تكمــل مســيرتها‪ ،‬يقــول األديــب‬ ‫املكتبــة التراثيــة كانــت نقطــة‬ ‫فرحــ ًا بكتــاب عنوانــه (أعمــال‬
‫الفرنســي جــورج دوهاميــل يف‬ ‫حتــول يف تاريــخ املكتبــات التجاريــة‬ ‫مهرجــان ابــن خلــدون) وهــو كتــاب‬
‫كتابــه «دفــاع عــن األدب»‪« :‬كلّمــا‬ ‫مبدينــة الريــاض‪ ،‬أحدثــت تغيــر‬ ‫ظللــت ســنوات أبحــث عنــه يف كل‬
‫رأيــت مكتبـ ًـة تفلــس أو قاعــة قــراءة‬ ‫كبيــر يف نوعيــة املقــروء وصاحبهــا‬ ‫مكتبــة‪ ،‬وأســأل عنــه كل صديــق‪،‬‬
‫إن هــذه هزميــة‬‫تغلــق أبوابهــا قلــت‪ّ :‬‬ ‫علــى قــدر كاف مــن الثقافــة خــدم‬ ‫فلــم أوفــق يف العثــور عليــه‪ ،‬وكان يف‬
‫للــروح!»‪.‬‬ ‫أصدقــاء الكتــب خدمــة عظيمــة‬ ‫حكــم احملــال‪ ،‬حتــى عثــرت عليــه‬
‫اآلن لــم تعــد هنــاك مشــكلة يف‬ ‫يســجلها التاريــخ‪ ،‬تتميــز هــذه‬ ‫بــن أكــوام الكتــب صدفــة يف هــذه‬
‫العثــور علــى الكتــب مــن متاجــر‬ ‫املكتبــة بتنــوع الكتــب وتعــدد‬ ‫املكتبــة‪.‬‬
‫بيــع الكتــب علــى الشــبكة وشــراء مــا‬ ‫اجتاهاتهــا أصبــح االطــاع علــى‬ ‫كذلــك هنــاك كتــب تبــاع بأســعار‬
‫حتتاجــه مــن كتــب لتصلــك خــال‬ ‫الفكــر العاملــي والكتــب احلديثــة‬ ‫زهيــدة منهــا مــا هو نــادر يغفــل عنها‬
‫أيــام مــن أي مــكان يف العالــم‪ ،‬ويف‬ ‫ممكنــا بعــد أن كان هنــاك نقــص يف‬ ‫املكتبــي‪ ،‬ومــن أجمــل مــا وجدتــه يف‬
‫عصــر الســرعة القــارئ يحصــل على‬ ‫املــواد الصاحلــة للقــراءة مــن حيــث‬ ‫مكتبــات الكتــاب املســتعمل عــدة‬
‫الكتــاب اإللكترونــي املطلــوب دون‬ ‫الشــكل واملضمــون للكتــب العربيــة‬ ‫أعــداد مــن مجــات قدميــة مثــل‬
‫عنــاء مــن خــال شــبكة االنترنــت يف‬ ‫والكتــب املترجمــة مــن اآلداب‬ ‫مجلــة املختــار وهــي مجلــة رصينــة‬
‫أقــل مــن دقيقــة هــي مــدة حتميــل‬ ‫العامليــة‪ ،‬غيــر أن هــذه املكتبــة‬ ‫توقفــت عــن اإلصــدار‪ ،‬ومجلــة‬
‫الكتــاب‪ ،‬بعــض هــذه الكتــب كان‬ ‫ينقصهــا توفيــر حاســب آلــي للبحــث‬ ‫الهــال ومجلــة العربــي الكويتيــة‪.‬‬
‫مجــرد مشــاهدة غافهــا الورقــي‬ ‫عــن قوائــم الكتــب‪.‬‬ ‫كــم مــن الكتــب النــادرة جتدهــا‬
‫حلــم!‬ ‫قامــت مكتبــة جريــر بتجربــة‬ ‫يف هــذه املكتبــات‪ ،‬لــم نعــد اليــوم‬
‫أبو يعرب‬ ‫رائــدة بوضعهــا محــرك للبحــث على‬ ‫نشــاهد هــذه الكتــب واملجــات نظــر ًا‬
‫‪@abdullah_1395‬‬ ‫موقعهــا اإللكترونــي للكتــب يتيــح‬ ‫ملــا أصــاب هــذه املكتبــات مــن ركــود‬

‫‪37‬‬
‫قــراءة القصــص والروايــات تأخــذ‬ ‫واالبتعاد عن سماسرة الكتب‪ ،‬الذين‬ ‫كــم مــن كتــاب ر ّوجــه غافــه‪ ،‬أو‬
‫القــارئ إلــى مســتوى حســي ومــادي أكثــر‬ ‫يســوقون ويبيعــون كتبـاً كــــ « كيف تتحدث‬ ‫عنوانــه‪ ،‬أو اســم صاحبــه‪ ،‬ومــا كان طــاء‬
‫مــن قــراءة الكتــب األخــرى التــي تعنــى‬ ‫لغـ ًة مــا يف أســبوع‪ ،‬اخســر خمســة باونــد‬ ‫ـور إال توري ـ ًة ملــا يف الفنــاء مــن ُر ٍ‬
‫كام‬ ‫السـ ِ‬
‫باجلانــب العقلــي واملوضوعــي‪ ،‬واألخيــرة‬ ‫يف شــهر‪ ،‬وتعلــم الطهــي يف عشــر دقائــق»‬ ‫وحطــام ال يســر العــن وال يعجبهــا‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫ولســت‬
‫ُ‬ ‫هــي مــا يصنــع ثقافــة واعية‪.‬‬ ‫صــار صعبــاً وكتبهــم متــأل األرفــف‬ ‫كثيــرون مــن يختــارون كتبـاً ويقتنونهــا‬
‫أنكــر أن للروايــات متعتهــا وأهميتهــا‬ ‫واملعــارض ‪ ،‬وعناوي ـ ٌن كالتــي ذكــرت آنف ـاً‬ ‫دون أي تريــث أو اهتمــام ملضمونهــا‪،‬‬
‫وخاصــة كبدايــة ملــن يريــد أن يؤصــل ركــن‬ ‫ليســت إال كذبـ ًة باخلــط العريــض تعتلــي‬ ‫فاالســم البــراق الــذي يعتلــي غــاف‬
‫القــراءة يف حياتــه‪ ،‬ولكــن علينــا أن نؤمــن‬ ‫غــاف كتــاب ال يفيــد يف أكثــر األحيــان‪،‬‬ ‫الكتــاب كفيــل بإقناعهــم بــأن فيــه مــا‬
‫بــأن الروايــات لــم تصنــع مثقف ـاً حقيقي ـاً‬ ‫والقــارئ احلــذق فقــط بإمكانــه التمييــز‬ ‫يســتحق أن يُقــرأ‪ ،‬وكثيــ ٌر مــن شــعراء‬
‫ذات يــوم‪.‬‬ ‫بــن هــذه الكتــب وغيرهــا مــن الكتــب‬ ‫و كتــاب و أدبــاء هــذا اجليــل اشــتهروا‬
‫علينــا أن نضــع يف احلســبان «أهميــة‬ ‫النافعــة الرافعــة لثقافــة الفــرد وعلمــه‪.‬‬ ‫وعرفــوا بكتــاب واحــد و قصيــدة واحــدة‬
‫االختيــار» ملــا يُنمــي فكرنــا ويُغــذي‬ ‫ليــس املهــم أن تقــرأ ولكــن كيــف وملــن‬ ‫لــم يســتطيعوا بعدهــا إخــراج مــا ينافســها‬
‫بأســس قــادرة علــى تقــومي‬ ‫ٍ‬ ‫عقليتنــا‬ ‫تقرأ؟‬ ‫أو يدانيهــا يف املســتوى‪ ،‬فكانــت هــي‬
‫ـال ُميكــن أن تُصلــح وتــرمم‬ ‫أفكارنــا كأجيـ ٍ‬ ‫نــرى معظــم رفــوف مكتباتنــا العامــة‬ ‫الكفيلــة بصقــل االســم وشــهرته حتــى‬
‫مــا تراكــم مــن ُمخلفــات فكــر املُجتمــع‬ ‫عامــر ًة بالروايــات والقصــص العربيــة‬ ‫وإن توقــف الكاتــب عــن حرفتــه يف اليــوم‬
‫الــذي ننتمــي إليــه واالرتقــاء بــهِ ملــا هــو‬ ‫واملترجمــة‪ ،‬دون غيرهــا مــن الكتــب التــي‬ ‫التالــي‪ ،‬فعمــل يتيــم كفيــل بــأن يُبهــر‬
‫أســمى ‪.‬‬ ‫مــن شــأنها أن تثــري ثقافتنــا وتنقــح‬ ‫ليعطــي للكاتــب ميداليــة‬
‫َ‬ ‫قــارئ اليــوم‬
‫القــراءة ســاح‪ ،‬والنبيــه هــو مــن‬ ‫بأقــام غيــر ناضجــة‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫أفكارنا‪ .‬روايــات‬ ‫ذهبيــ ًة أبديــة‪ ،‬ويغفــل أن الكاتــب ككل‬
‫اســتطا َع أن مييــ َز الفــرق بــن القــراءة‬ ‫بأفــكار رتيبــة‪ ،‬وتركيبــات هشــة هــي‬ ‫شــيء يف هــذه الدنيــا قــد يرتفــع مســتوى‬
‫التــي تُعمــر عقلياتنــا والتــي تُدمرهــا‬ ‫أغلــب مــا يحتــل ســوق الكتاب‪ ،‬لهــذا‬ ‫كتاباتــه وقــد يهبــط‪ ،‬قــد يكتــب فيبــدع‬
‫بثقافتهــا الرديئــة!‬ ‫الســبب نــرى أنــه مــن غيــر العــدل أن نلــوم‬ ‫وقــد يســرع فيثرثــر ويفشــل!‬
‫اقــرؤوا املفيــد اجلديــد‪ ،‬ال تتوقفــوا‬ ‫علــى الشــباب القــارئ اقتنــاءه ملثــل هــذه‬ ‫ومــن جهـ ٍـة أخــرى فــإن اختيــار الكتــب‬
‫عنــد أســلوب واحــد وال نــوع واحــد‪ ،‬ومــع‬ ‫الكتــب دون كتــب العلــم احلقيقيــة‪ ،‬ألنــه‬ ‫اجلديــرة بالقــراءة ليــس باألمــر اليســير‪،‬‬
‫كل هــذا فلتكــن لديكــم حــدود وضوابــط‬ ‫وببســاطة لــم يجــد غيرهــا أمــام عينيــه‪،‬‬ ‫فكــم مــن الصفقــات التجاريــة التــي‬
‫وقناعــات للــرد والنقــد والتصحيــح‬ ‫وغــ ّره الصــدى اإلعامــي للروايــة هــذه‬ ‫ُجتــرى علــى حســاب القــارئ املســكن‪،‬‬
‫واإلضافــة ‪.‬‬ ‫أو تلــك فقرأهــا فأضــاع وقتــه ومالــه وال‬ ‫ســعر‬
‫ٍ‬ ‫باســم بــ ّراق أو غــاف ملّــاع‪ ،‬أو‬
‫أخالــه فــاز بشــيء‪.‬‬ ‫زهيــد‪.‬‬

‫نسرين إسماعيل‬
‫‪@nisreanismael‬‬

‫‪38‬‬
‫قــد ال نعــي أهميــة ذلــك‪ ،‬ولكنــه أمــر‬ ‫وفــوق ذلــك تأتــي يف قالــب ال يتناســب‬ ‫اللغــات قوالــب‪ ،‬مضمونهــا إن لــم‬
‫يحــدث ببــطء وحــدة‪ .‬وممــا يُلحــظ كذلــك‬ ‫وعظمــة النــص األصلــي وال يليــق وعظمــة‬ ‫يتشــابه أســلوباً فهــو يتطابــق هدفــاً‬
‫تأثيــر أســلوب األدب الروســي يف كثيــر‬ ‫اللغــة الفصيحــة‪ ،‬وهنــا يقــع القــارئ‬ ‫وغايــة‪ ،‬ولكــن هــل اختــاط قالــب بآخــر‬
‫مــن األقــام العربيــة‪ ،‬وســوا ًء كان هــذا‬ ‫ضحيــ ًة لنــص معــاق‪ ،‬ناقــص ومحــ ّرف‬ ‫يُفســد املضمــون أم يزيــده متكين ـاً وقــوة؟‬
‫الفعــل مقصــوداً أم ال ‪ ،‬فــإن اســتخدام‬ ‫ـص َمكــذوب يف‬ ‫رمبــا‪ ،‬بــل وقــد ينتهــي لنـ ٍ‬ ‫مبراجعـ ٍـة آلخــر إحصائيــات األعمــال‬
‫التراكيــب الغريبــة الدخيلــة بُغيــة كتابــة‬ ‫النهايــة‪ ،‬ومــا ذلــك إال بســبب قصــور لغــة‬ ‫األدبيــة املترجمــة مــن العربيــة إلــى‬
‫شــيء مميــز وفريــد ليــس مــن اإلبــداع‪،‬‬ ‫املترجمــن وعــدم موازنتهــم بــن كفتــي‬ ‫اإلجنليزيــة والعكــس نــرى تباينــا ب ّينــا‪،‬‬
‫وإن كان الكاتــب أو املترجــم يتــوق لنشــر‬ ‫اللغتــن‪ ،‬فرجحــت أولــى بخســت حــق‬ ‫واألمــر اجلديــر باالنتبــاه ليــس الرقــم‬
‫ترجمــة مميــزة بهــذه الكلمــات األعجميــة‪،‬‬ ‫أختهــا‪.‬‬ ‫دل علــى ضعــف وانكســار‬ ‫وحــده‪ ،‬وإن ّ‬
‫واألســاليب التــي ليســت مــن العربيــة فهــو‬ ‫وأبــرز نقــاط الضعــف التــي يعانــي‬ ‫يف اإلنتــاج العربــي اخلالــص‪ ،‬ولكــن‬
‫كســر ُحرمــة‬
‫ِ‬ ‫وعــن قصــد يعمــل علــى‬ ‫منهــا املترجــم غيــر احملنــك ســببها غفلتــه‬ ‫الســؤال هــل يف زحمــة األعمــال املترجمــة‬
‫اللغتــن‪ ،‬ألن تراجــع اللفــظ األصيــل‪،‬‬ ‫عــن اختــاف تراكيــب وقواعــد اللغــات‪،‬‬ ‫واكتظــاظ دور الطبــع بهــا أي عــن رقيبــة‬
‫وغيــاب الكلمــة الفصيحــة الصريحــة‬ ‫فيحــدث أن يخلــط بــن االســم والفعــل‪،‬‬ ‫علــى جــودة النتــاج؟ أم أن احلبــل علــى‬
‫املليحــة‪ ،‬وإفســاح املجــال لكلمــات ليســت‬ ‫ويســيء ترتيب اجلملــة‪ ،‬وال مييــز‬ ‫الغــارب؟‬
‫لنــا وال منــا‪ ،‬عجــز وخيانــة‪.‬‬ ‫بن املعنــى الوظيفــي لصيغــة الكلمــة‬ ‫إن دخــول اآلخــر إلينــا بطريقــة‬
‫لقد آذت نصوص كثيرة اللغة العربية‬ ‫وغيرهــا كثير‪ .‬ومثــل هــذه األخطــاء قــد‬ ‫ميكــن وصفهــا بأنهــا «ســامية» يعــد‬
‫يف أوجــه عــدة‪ ،‬أبرزهــا اإلســهاب غيــر‬ ‫ال تتضــح للقــارئ العــادي‪ ،‬إمــا لضعــف‬ ‫تهديــدا‪ ،‬فبمــا نــراه مــن ترجمــات ركيكــة‬
‫املبــرر واحلشــو الزائــد الــذي يتجاهــل‬ ‫يف مخزونــه اللغــوي أو لثقتــه يف الكتــاب‬ ‫ومفــردات العربيــ ُة منهــا بــراء وأســاليب‬
‫ٍ‬
‫اإلعجــاز واإليجــاز يف اللســان العربــي‪،‬‬ ‫الــذي أمامــه‪ ،‬ومــن أمثلــة ذلــك‪:‬‬ ‫غريبــة ال يليــق بــأن تصنــف إبداعــا‬
‫وقــد طمســت تلــك النصــوص مامــ َح‬ ‫ا‪:‬‬ ‫قولهم (لعــب دوراً) فيقــول املترجــم مثـ ً‬ ‫ولكنهــا تهجــن وصــو ٌر دخيلــة‪ ،‬بذلــك‬
‫جماليــة كثيــرة يف اللغــة أهمهــا ميــزة‬ ‫لعــب اجليــش دوراً عظيمــا يف نصــرة‬ ‫كلــه‪ ،‬أمســت الترجمة بالفعــل مدخــ ً‬
‫ا‬
‫التــرادف التــي نُحتــت حتــى امتزجــت‬ ‫الثــوار‪ ،‬فأنــى يقتــرن اللعــب بعظ َمــة‬ ‫إلضعــاف اللغــة بــدل تقويتهــا وزيــادة‬
‫فيهــا املعانــي واختلطت‪ .‬ويتعــدى الضــرر‬ ‫الــدور‪ ،‬والقــول ‪( :‬عضــه بأســنانه)‬ ‫متكينهــا‪ ،‬وبابــاً يتســلل منــه اخلطــأ‬
‫اللغــة فيطــال العلــم‪ ،‬ويتســبب يف أخطــاء‬ ‫ـك رمبــا‪ ،‬فهــل ميكــن‬ ‫والســؤال هنــا مضحـ ٌ‬ ‫واللحــن‪.‬‬
‫علميــة ســببها عدم اإلدراك اللغــوي‬ ‫أن يكــون العــض بغيــر األســنان؟‬ ‫ففــي حــن أن اخلطــأ النحــوي‬
‫لــدالالت املعانــي‪ ،‬وتراكيــب القواعــد‬ ‫ومــن الغرابــة مبــكان أن جنــد جمل ـ ًة‬ ‫واإلمائــي‪ ،‬ال يتــوارى عــن التعريــف‬
‫واألســاليب‪.‬‬ ‫ّ‬
‫و(غطــى‬ ‫كـــ‪( :‬اســتق ّل الرجــل ّســيارة)‪،‬‬ ‫بنفســه أمــام أي قــارئ نبيــه‪ ،‬فــإن أخطــاء‬
‫نختــم بإجابــة الســؤال‪ ،‬فاحلبــل إذن‬ ‫املراســل احلــدث) والصــواب هــو‬ ‫أخــرى صــارت من بُنية ألســنتنا وتركيبات‬
‫علــى الغــارب ‪ ،‬وهــذه األخطــاء ليســت‬ ‫(اســتقلّت الســيارة الرجــل) أي حملتــه‬ ‫َمقولنــا‪ ،‬ال تتضــح إال لــذوي االختصــاص‪،‬‬
‫اللغــة ســبباً فيهــا ولكنهــا أخطــاءٌ بشــرية‪،‬‬ ‫و (نقــل املراســل احلــدث) ألن معنــى‬ ‫وبالتالــي فــإن القــارئ ســيحمل هــذا‬
‫واللــوم يقــع علــى املترجــم الــذي كلــف‬ ‫«غطــى» أخفــى‪ ،‬واملراســل مــا أُرســل‬ ‫اللفــظ أو التركيــب اخلاطــئ الــذي قــرأه‪،‬‬
‫نفســه هــذه املســؤولية‪ ،‬وعلــى رقابــة‬ ‫إال ليُبــدي‪ ،‬وغيــر هــذه األمثلــة كثيــر‪،‬‬ ‫ليســتخدمه قــوالً أو كتابــ ًة يف مواضــع‬
‫دورالطبــع التــي صــارت مهنتهــا بيــع ورق‬ ‫مثــل دخــول كاف التشــبيه علــى مــاال‬ ‫أخــرى جلمهــور آخــر‪ ،‬فينتشــر خطــأ‬
‫ال تصديــر ثقافــة ونشــر وعــي‪ ،‬وهــذا‬ ‫يصــح‪ ،‬واخللــط يف ترتيــب كلمــة (كافــة)‬ ‫يصبــح مــن العســير اقتاعــه مــن ألســنة‬
‫واهلل مؤســف ومزعــج‪.‬‬ ‫وســط اجلملــة‪ ،‬وعــدم التفريــق بــن‬ ‫وأقــام‪.‬‬
‫معنــى وغايــة يف ســياقات‬ ‫ً‬ ‫(أم) و (أو)‬ ‫إن خطــر األعمــال املترجمــة ‪-‬عبثـاً‪-‬‬
‫نسرين إسماعيل‬ ‫االســتفهام‪.‬‬ ‫كبيــر‪ ،‬فهــي تزاحــم األعمــال احملليــة‪،‬‬
‫‪@nisreanismael‬‬
‫‪39‬‬
‫د‪ .‬سعيد الزهراني‬
‫‪@drpolymath85‬‬

‫‪:‬‬

‫‪40‬‬
‫يحصل‬

‫‪41‬‬
‫آخ ـ ًرا لهــا‪ ،‬متا ًمــا كمــا نســتخدم األمثــال‬ ‫ناهيــك عــن كــون أعظــم القــ ّراء‬ ‫َ‬ ‫يحــب‪،‬‬ ‫حــب القــراءة كن ـزٌ‪ ،‬غنـ ّـي َم ـ ْن امتلكــه‪،‬‬
‫ونحــن جنهــل قصصهــا أو مقاصدهــا‬ ‫بحــر قطــرة‬‫ٍ‬ ‫هــم مــن يأخــذون مــن كل‬ ‫هــذا مــا أردده دائمــا عــن القــراءة‪ ،‬ولكــن‬
‫األساســية‪.‬‬ ‫‪-‬أو أكثــر‪ -‬ويتع ّمقــون يف مجــال أو أكثــر‪،‬‬ ‫ال تكــون القــراءة ثمينــة إن لــم تكســبك‬
‫أكثــر فئــة قــ ّراء تغفــل عــن االنتبــاه‬ ‫أحــب شــخص ًّيا أن أصفهــم‬ ‫ّ‬ ‫وأولئــك‬ ‫املداومــة عليهــا عل ًمــا أو فصاحــ ًة‪،‬‬
‫ملــا قــد يثــري معلوماتهــم العامــة هــم‬ ‫باملثقفــن ‪-‬ال ســ ّيما إن توازنــت لديهــم‬ ‫تثريــك لغــ ًة‬
‫َ‬ ‫فالقــراءة الثمينــة هــي التــي‬
‫معــن‪ ،‬وأكثــر‬
‫ّ‬ ‫مجــال‬
‫ٍ‬ ‫املتخصصــون يف‬ ‫ّ‬ ‫األخــاق مــع العلــم‪.‬‬ ‫وعل ًمــا قــد ال حتتاجــه يف تخصصــك أو‬
‫فئــة قــ ّراء ينتبهــون ج ّيــ ًدا للمصطلحــات‬ ‫كــي يكــون ح ّبــك للقــراءة كنـزًا‪ ،‬عليـ َ‬
‫ـك‬ ‫مجــال عملــك‪.‬‬
‫اجلديــدة والتعبيــرات اجلديــدة هــم‬ ‫أن تثبــت لنفســك قبــل اجلميــع بوجــود‬ ‫ـت طبي ًبــا علــى ســبيل املثــال‪ ،‬فــإن‬ ‫لــو كنـ َ‬
‫بالطبــع الكتّــاب والنقّــاد واألدبــاء بصفــة‬ ‫حصلــت عليهــا مــن‬‫َ‬ ‫مخرجــات مفيــدة‬ ‫معظــم الكتــب التــي حتتــاج إلــى قراءتهــا‬
‫عامة‪.‬‬ ‫ك ّل مجلّــد قرأتــه‪ ،‬حتّــى وإن كان الكتــاب‬ ‫هــي كتــب الطــب والصحــة وكل مــا يــدور‬
‫شــخصا لــم يقــرأ‬
‫ً‬ ‫قابلــت‬
‫َ‬ ‫قــد تكــون‬ ‫قصص ًّيــا وغيــر واقعــي‪ ،‬فأكبــر هديــة قــد‬ ‫حولهــا‪ ،‬وهــذا يزيــد مــن خبرتــك يف‬
‫ـت ولكنــه يفوقــك‬ ‫ـرأت أنـ َ‬‫كت ًبــا بقــدر مــا قـ َ‬ ‫حتصــل عليهــا حينهــا مــن الكاتــب هــي‬ ‫الطــب‪ ،‬ولكــن مــا قــد ال حتتاجــه يف عملك‬
‫فصاح ـ ًة وعل ًمــا‪ ،‬وبعــض املعلومــات التــي‬ ‫اإللهــام‪ ،‬واملصطلحــات اجلديــدة‪.‬‬ ‫ولكنــه يفيــدك بشــكل أو بآخــر يف لغتــك‬
‫َ‬
‫يخبــرك بأنهــا ُذكــرت يف‬ ‫ــك بهــا‬ ‫يفاجئُ َ‬ ‫ـب عقلــك‬ ‫فــأن تقــرأ كتا ًبــا يعنــي أن تصـ ّ‬ ‫األم ويف حياتــك ويف فكــرك االجتماعــي‬
‫ـت‪ ،‬ولكنــك ببسـ ٍ‬
‫ـاطة تــكاد‬ ‫ـاب قرأتَ ـ ُه أنـ َ‬ ‫كتـ ٍ‬ ‫ـك شــي ًئا مــا يف‬ ‫أوراق ثمينــة حتمــل لـ َ‬ ‫ٍ‬ ‫بــن‬ ‫والسياســي هــو أن تقــرأ كت ًبــا أدبيــة أو‬
‫أال تتذكرهــا‪ ،‬الســر ك ّل الســ ّر هــو يف‬ ‫كل صفحـ ٍـة منهــا‪ ،‬قــد يكــون املُخــرج مــن‬ ‫تاريخيــة أو غيرهــا‪ ،‬وهــذا مــا ينطبــق على‬
‫طريقتــك يف تنــاول اجلديــد مــن املعلومات‬ ‫الكتــاب إلها ًمــا أدب ًّيــا أو ف ّن ًّيــا‪ ،‬قــد يكــون‬ ‫جميــع الق ـ ّراء مــن جميــع التخصصــات‪.‬‬
‫واملصطلحــات واألســماء‪.‬‬ ‫معلومــة خبر ّيــة تفيــدك يف حياتــك أو‬ ‫ال ميكــن حصــر كلمــة قــارئ علــى‬
‫القراءة املثاليــة هــي القــراءة التــي‬ ‫مجــال عملــك أو تزيــدك عل ًمــا ملــا حتــب‬ ‫العلمــاء الذيــن يتخصصــون يف قــراءة‬
‫حتتــاج فيهــا إلــى أن تــدون الكثيــر الكثيــر‪،‬‬ ‫وتهــوى‪ ،‬وقــد يكــون املُخــرج مــن الصفحــة‬ ‫مثــا ”‪ ،‬وننفيهــا‬‫ً‬ ‫كتــب مع ّينــة ” كاألدب‬
‫نصوصــا نثريــة‪ ،‬أو‬
‫ً‬ ‫ـت تقــرأ‬
‫حتــى وإن كنـ َ‬ ‫كامل ـ ًة كلمــة جديــدة كنــت جتهــل معناهــا‪،‬‬ ‫املطلعــن الذين يتنوعــون يف قراءتهــم‬ ‫عــن ّ‬
‫ـاالت ذات ّيــة‪ ،‬أو رمبــا روايــة مــا‪ ،‬تأكــد‬ ‫مقـ ٍ‬ ‫أو رمبــا كنــت تفهمهــا مــن ســياق الــكام‬ ‫ـوم وغيرهــا‪ ،‬أو ح ّتــى‬ ‫أدب وتاريــخ وعلـ ٍ‬ ‫بــن ٍ‬
‫أنــك يف حاجــة ألن تنتبــه إلــى كم ّيــة‬ ‫كلمــا ســمعتها أو قرأتهــا ولكنــك لــم‬ ‫العكــس‪ ،‬فالقــراءة هــي فعــل يســتزيد منــه‬
‫األشــياء اجلديــدة التــي وجدتهــا بــن‬ ‫تســتخدمها يو ًمــا يف حواراتــك‪ ،‬أو قــد‬ ‫الشــخص مبــا يثــري مخزونــه اللغــوي‬
‫دفتــي هــذا الكتــاب‪.‬‬ ‫تســتخدمها ولكنــك ال تعــرف اســتخدا ًما‬ ‫والعلمــي أو اخليالــي‪ ،‬ك ّل بحســب مــا‬

‫‪42‬‬
‫يف الدفتــر‪ ،‬احــرص علــى تدويــن تعريفــات‬ ‫اجلرائــد‪ .‬وإن كنــت ممــن يحــب القــراءة يف‬ ‫كيف تستفيد من القراءة ؟‬
‫مختصــرة ومب ّينــة ملاهيــة تلــك املصطلحــات‪،‬‬ ‫فعليــك أن تخلــق ذلــك اجلــو قبــل‬ ‫َ‬ ‫معــن‬
‫ّ‬ ‫جــو‬ ‫َ‬
‫أنــواع القــراءة مختلفــة‪ ،‬هنــاك قــراءة‬
‫ولــك – بالطبــع – أن تبحــث عــن ك ّل مــا أثــار‬ ‫َ‬ ‫أن تهــ ّم بالقــراءة ؛ فالبعــض ال يقــرؤون إال‬ ‫عا ّمــة لفهـ ِـم اخلاصــة‪ ،‬وقــراءة علــى مراحــل‬
‫ـك – الح ًقــا – بــن الكتـ ِـب أو املواقــع أو‬
‫اهتمامـ َ‬ ‫يف هــدوء‪ ،‬والبعــض يفضلــون القــراءة يف‬ ‫لتلخيــص النــص‪ ،‬وقــراءة تثقيفيــة لاطــاع‪،‬‬
‫ـك بعــض األمثلــة حــول‬ ‫األفــام الوثائقيــة؛ إليـ َ‬ ‫مقهــى مزدحــم بالنــاس‪ ،‬وآخــرون ال يقــرؤون‬ ‫وقــراءة تطويريــة تطــور اللغــة أو العلــم‪ ،‬وقــراءة‬
‫طريقــة تعريفــي يف دفتــري اخلــاص لكلمــات‬ ‫كــوب مــن القهــوة‪ ،‬والبعــض ال‬ ‫دون احتســاء ٍ‬ ‫تصويريــة الســتخراج فكــرة مقصودة‪ ،‬وغيرهــا‬
‫مســتخرجة مــن كتــاب (يوميــات نــص الليــل)‬ ‫يســتطيع البــدء يف القــراءة قبــل االنتهــاء مــن‬ ‫مــن القــراءات التــي تختلــف بحســب الهــدف؛‬
‫ملؤلفــه د‪ .‬مصطفــى محمــود‪:‬‬ ‫األعمــال املنزليــة أو املهنيــة ؛ اعــرف طبيعــة‬ ‫أوال أن حتــدد الهــدف لتعــرف‬ ‫عليــك ً‬
‫َ‬ ‫لــذا‬
‫‪ -‬داروِ ن‪( :‬تشارلز داروين) عالم تاريخ‬ ‫العاقــة بــن الكتــب ونفســك ” أو بــن القــراءة‬ ‫مــا نــوع القــراءة التــي ستمارســها‪ ،‬ومــا الــذي‬
‫طبيعي‪ ،‬ومؤلف بريطاني‪.‬‬ ‫بصفــة عامــة ونفســك ”‪ ،‬فــكل جملــة تقرأهــا‪،‬‬ ‫ـك التركيــز عليــه واالنتبــاه لــه‪.‬‬‫ينبغــي عليـ َ‬
‫‪ -‬جزر الواق واق‪ :‬يقال أنها تقع يف الصن‬ ‫ســيختلف وقعهــا عليــك باختــاف وقــت وحــال‬ ‫ســأذكر لــك بعــض النقــاط التي أتبعهــا‬
‫أو الهند‪.‬‬ ‫قراءتــك لهــا ‪.‬‬ ‫يف القــراءة التثقيفيــة ‪-‬والتــي أصــف حبهــا‬
‫‪ -‬عويص‪ :‬شائك‪ ،‬صعب‪ ،‬يصعب فهمه‪.‬‬ ‫‪ -3‬أثنــاء قراءتــك‪ ،‬ســتجد كلمــات لــم تفهمهــا‪،‬‬ ‫بالكنــز‪ -‬لعلهــا تعمــل علــى إفادتــك يف قراءتك؛‬
‫‪ -‬يضطرم‪( :‬اضطرم فهو مضطرم) يهيج‪،‬‬ ‫مصطلحــات جديــدة لــم تقرأهــا مــن قبــل‬ ‫وأقصــد بالقــراءة التثقيفيــة‪ ،‬هــي القــراءة‬
‫يشتد‪ ،‬يشتعل‪.‬‬ ‫كااملصطلحــات السياســية‪ ،‬وأســماء ال تعــرف‬ ‫التــي تزيــد مــن حصيلــة القــارئ املعلوماتيــة‬
‫‪ -‬ماكميان‪ :‬دار نشر مصرية‪.‬‬ ‫عنهــا الكثيــر أو أنــك قــد جتهلهــا متا ًمــا‬ ‫واللغويــة‪ ،‬ليكـ ّون مــن خالهــا فكــرة عامــة عــن‬
‫ماكي‪ :‬مصطلح مصري يدل على‬ ‫‪ -‬باخرة ّ‬ ‫(أشــخاص‪ ،‬دول‪ ،‬اختراعــات‪ ،‬مخلوقــات)‪،‬‬ ‫ك ّل مصطلــح – أو معلومــة – ذكــر فيهــا‪:‬‬
‫أن الباخرة للتمليك أو مملوكة‪.‬‬ ‫وكلمــات ال جتيــد اســتخدامها يف كتاباتــك أو‬ ‫عليــك أن تبــدأ باملــا ّدة‬‫َ‬ ‫‪ -1‬قبــل كل شــيء‪،‬‬
‫‪ -‬عقدة أوديب‪ :‬هي عقدة (يف علم النفس)‬ ‫حواراتــك؛ ألنــك ال تعــرف لهــا مرادفــات‪ ،‬كل‬ ‫كنــت قار ًئــا‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مســتواك‪ ،‬فــإن‬ ‫التــي توافــق‬
‫يعشق فيها االبن والدته‪.‬‬ ‫عليــك فعلــه حينهــا هــو أن تضــع إشــارة‬ ‫َ‬ ‫مــا‬ ‫لــألدب فابــدأ مبــا يناســبك لغو ًّيا لتتــدرج‬
‫التحضر) الوحشية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ -‬الهمجية‪( :‬عكس‬ ‫كل منهــا‪ ،‬وال تقلــق عنــد رؤيــة الصفحــة‬ ‫ّ‬ ‫حتــت ٍ‬ ‫ـت طال ًبــا‬ ‫بعدهــا إلــى مســتويات أعلــى‪ .‬وإن كنـ َ‬
‫ممتلئــة باإلشــارات‪ ،‬فمــن لــم يجهــل لــن يتعلــم‪،‬‬ ‫جامع ًّيا تقــرأ يف مجالــك خــارج املقــررات‪،‬‬
‫‪ -6‬مــن الطبيعــي بعــد أن جتمــع الكثيــر مــن‬ ‫تلــك خطــوة ســتق ّوي مــن ذكائــك اللغــوي‬ ‫ينبغــي عليــك أن تختــار مــا يعلــو مســتواك‬
‫املعلومــات يف دفتــرك أن تنســى جــز ًءا كبيــ ًرا‬ ‫فتكــون أكثــر قــدرة علــى الفهــم الســريع وعلــى‬ ‫العلمــي بدرجــة؛ حتّــى ال تســتهلك الوقــت يف‬
‫منهــا‪ ،‬فلــن ترســخ ج ّيــ ًدا يف ذاكرتــك مــا لــم‬ ‫التعبيــر بوضــوح‪ ،‬كمــا ســتزيد مــن مخزونــك‬ ‫محاولــة فهــم مــا يفوقــك مســت ًوى‪ .‬وإن كنــت‬
‫تســتخدمها يف كتاباتك وتراجعها وتقرأها بن‬ ‫العلمــي والثقــايف لتفهــم مــا يــدور حولــك يف‬ ‫قــد بــدأت للتــو يف قــراءة تطويــر الــذات‪ ،‬فابــدأ‬
‫احلــن واآلخــر‪ ،‬وتذكــر بــأن تذكــر يف حـ ٍ‬
‫ـوارات‬ ‫احليــاة بشــكل أقــل غموضــاً‪ .‬وتذكــر! إن لــم‬ ‫‪-‬علــى ســبيل املثــال‪ -‬بالكتــب احملفــزة السلســة‬
‫بعضــا مما قرأتــه‪ ،‬فاستشــهادك مبــا‬ ‫مناســبة ً‬ ‫تكــن قراءتــك للنــص وأنــت جاهــل لتلــك‬ ‫والتــي تكــون مبثابــة مق ّدمــة لعلــوم التنميــة‬
‫تعلمــت يزيــده ثبا ًتــا يف الذاكــرة‪.‬‬ ‫املعانــي قــد يؤثــر علــى انســجامك يف النــص‬ ‫ن‬
‫البشــرية وتطويــر الــذات؛ حتّــى ال جتــد بــ َ‬
‫وفهمــك لفكــرة الكاتــب الرئيســية فــا تتوقــف‬ ‫ـك كتا ًبــا ال يفهمــه إال مــن تعمــق يف هــذا‬ ‫يديـ َ‬
‫ـك كانــت بعــض اخلطــوات التــي أتبعهــا‬ ‫تلـ َ‬ ‫عنــد كل مــا تضــع عنده إشــارة‪ ،‬بــل أكمــل إلــى‬ ‫املجــال‪ ،‬فتكــره القــراءة منــذ البــدء؛ وقــس‬
‫ألثــري معلوماتــي بهــا والتــي آمــل أن تكــو َن‬ ‫أن تأخذ حصتك مــن القراءة اليوميــة‪.‬‬ ‫ـال آخــر‪ ،‬فالقــراءة مبختلــف‬ ‫علــى ذلــك أي مجـ ٍ‬
‫َ‬
‫لديــك طريقــة أخــرى‬ ‫مفيــد ًة َ‬
‫لــك‪ ،‬قــد تكــون‬ ‫‪ -٤‬حــن تنتهــي مــن الكتــاب أو حــن تتوقــف‬ ‫مجاالتهــا تشــبه تعلّــم لغــة جديــدة‪ ،‬حتتــاج إلــى‬
‫رمبــا قــد تصنــع‬ ‫أنفــع مــن طريقتــي‪ ،‬أو ّ‬ ‫بعــد جــزء منــه‪ ،‬ابــدأ بتدويــن كل كلمــة مــن تلــك‬ ‫التــدرج يف الفهــم‪ ،‬مــن األســهل إلــى األقــل‬
‫ـكل أكبــر‪ ،‬ك ّل‬ ‫ـتقبا‪ -‬طريقــة تفيـ َ‬
‫ـدك بشـ ٍ‬ ‫‪-‬مسـ ً‬ ‫الكلمــات يف دفتـ ٍـر خــاص‪ ،‬ســتجد الصفحــات‬ ‫ســهولة‪.‬‬
‫ـك فعلــه هــو أن تهــيء لنفســك عوامــل‬ ‫مــا عليـ َ‬ ‫ـوم جتــد نفســك‬ ‫تتكاثــر؛ و ّفــر مــا د ّونتــه إلــى يـ ٍ‬ ‫ـك أن حترص‬ ‫‪ -2‬حــن تبــدأ بقــراءة كتــاب‪ ،‬عليـ َ‬
‫َ‬
‫هدفــك مــن قــراءة الكتــب‬ ‫التثقيــف إن كا َن‬ ‫فيــه متف ّر ًغــا ومســتع ًّدا للبحــث عــن كل مــا‬ ‫علــى اختيــار الوقــت املناســب لقراءتــه‪ ،‬فمثـ ًـا‬
‫كنــت ممــن ميلــك هــذا الكنــز‬‫َ‬ ‫كهــديف‪ ،‬وإن‬ ‫دونتــه‪.‬‬ ‫قــد تكــون ممــن تناســبهم قــراءة الروايــات‬
‫”حــب القــراءة»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ -5‬عندمــا تبــدأ البحــث عــن كل مــا د ّونتــه‬ ‫قبــل النــوم‪ ،‬أو قــراءة السياســة بعــد تصفّــح‬

‫سارة خالد مائكة‬


‫‪@sk_novembre‬‬

‫‪43‬‬
‫ميــوت كمــداً بعــد أن قــرأ روايَــة (زوربــا)‬ ‫ُ‬ ‫وتعرضــه للخطــر أكثــر‪ ،‬وشــرع بالكِ تابــة‬ ‫«نعتذر لك عن قبول روايتك!»‬
‫ألنــه اكتَشــف أن حيَاتــه املاضيــة وعيشــه‬ ‫ونشــوتِه) لكِ نــه خشــي علــى‬ ‫ـب َ‬ ‫عــن (ا ُ‬
‫حلـ َّ‬ ‫أغلــق بريــده اإللكترونــي مــع تنهيــدة‬
‫بــن ال ُكتــب وانعِ زالــه عــن جيرانــهِ األُميــن‬ ‫حلــب البائِــس‪.‬‬‫قلبِــه مــن وع َكــة هــذا ا ُ‬ ‫بطيئــة وكأنــه يز ُفــر ُكل خيبــات حياتِــه‪،‬‬
‫نتيجتــه ودفــع‬ ‫لــم ي ُكــن إال خطــأ ت َكبــد َ‬ ‫وأخيــراً اســتق ّر علــى أن يكتُــب عــن‬ ‫ن َهــض مِ ــن مكانِــه وأخــذ يتأمــل مكتَبــه‪،‬‬
‫ُجــل عمــره ألجلــه!‬ ‫أمضــى ُعمــره بــن ال ُكتــب)‬ ‫ـيخ كبيــر َ‬ ‫(شـ ٍ‬ ‫تراصــة ويف ُطرتِهــا علّــق‬ ‫ُهنــا ُكتــب ُم ّ‬
‫يظــن ال يجــب‬ ‫حليــاة حســب مــا ُ‬ ‫فا َ‬ ‫َهــذه الفِ كــرة جعلتــه ينتَشــي ويتح ّمــس‬ ‫احظــات حتــى يعــود إليهــا‬ ‫َ‬ ‫بعــض امل ُ‬
‫أن ت ُكــون ُمغرقــة بال ُكتــب والقــراءة فقــط‪،‬‬ ‫أكثــر‪ ،‬جعلــت مِ ــن الكِ تابــة لديــه ُمتعــة‬ ‫الحقــاً‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بَــل حتتــاج أن ت َعيــش تفاهتَهــا وأن تُغامِ ــر‬ ‫وليســت واجبــاً تأليفيــاً‪.‬‬ ‫وأ َمامــه وبِجانــب بــاب الغُرفــة املُعتــق‬
‫بِصداقــة غيــر القُــراء ألنهــم وبِبســاطة‬ ‫والبحــث عــن اإللهــام‬ ‫َ‬ ‫بــدأ الكتابــة‬ ‫لوحــة «فتــاة تقــرأ»‬ ‫الســماء علّــق َ‬ ‫بِلــون ّ‬
‫حليــاة بخبراتِهــم ال بِخبــرة‬ ‫قــد ف َهمــوا ا َ‬ ‫األدبــي مِ ــن خــال زيَــارة املكتَبــات‬ ‫لألملانــي غوســتاف‪ ،‬لتُلهِ مــه يف ُكل حلظــة‬
‫َمــن قــرؤوا عن ُهــم!‬ ‫ال َعظيمــة‪ ،‬و اســتغرق ذلِــك مِ نــه عامــن‬ ‫أنُــه يجــب أن يقــرأ وأال يتَوقــف عــن‬
‫ووجــد ورقــة ماحظــات‬ ‫أغلــق الدفتَــر َ‬ ‫َ‬ ‫كاملــن‪ ،‬زار فيهمــا مكتبــات القاهــرة‪،‬‬ ‫القــراءة!‬
‫قــد ألصقهــا علــى الغِ ــاف األســود لت َكــون‬ ‫اإلســكندرية‪ ،‬بغــداد‪ ،‬الــدار البيضــاء‪،‬‬ ‫التفــت يســاراً ليطمئِــن علــى ُكتبــه‬
‫افتتَاحيــة روايته ‪:‬‬ ‫حتــى ختمهــا بالريــاض‪ .‬قــرأ العديــد‬ ‫املَرصوصــة بِعنايــة علــى أرفــف مكتَبتــه‪،‬‬
‫توجــد لنقرأهــا فقــط‪ ،‬بــل‬ ‫(ال ُكتــب لــم َ‬ ‫مِ ــن ال ُكتــب ملؤلفــن ُكثــر‪ ،‬ل َقــد حــاول‬ ‫ابتســم بِحبُــور و ُهــو ميســح بِعينيــه عناوين‬
‫لن َعيــش مع َهــا ونشــتم َعبــق رائِحتهــا‬ ‫أن يتقمــص حقيقــة ذلِــك الشــيخ حتــى‬ ‫ُكتبــه البرا َقــة‪ ،‬وحــن التفــت ميين ـاً َ‬
‫وجــد‬
‫ِننســاها أحيانــاً!)‬ ‫و ِلتُز ّيــن مكتبَاتنــا ‪ ،‬ول َ‬ ‫خليــال يف هــذه ا َ‬
‫حلالــة‬ ‫يكتُبــه حقـاً‪ ،‬ألن ا َ‬ ‫لوحــة م َهامــه التــي علّقهــا علــى اجلِ ــدار‬
‫تذ ّكــر شــ ُعوره حينمــا انتَهــى منهــا‪،‬‬ ‫الي َكفــي‪ ،‬كان يجــب أن يُط ّعمــه بِالواقــع‬ ‫ليعــرف خُ طتــه الكِ تابيــة ‪.‬‬
‫وكيــف اســتغرقه تفكيــره ب َكيفيــة اســتقبِال‬ ‫التجربــة لي ُكــون أكثــر‬ ‫اللذيــذ وشــيء مِ ــن َ‬ ‫املخنــوق نســي ُم الهــواء‬ ‫أنعــش صــدرهُ َ‬
‫مجدونها أم أن ُهم‬ ‫النَــاس لروايتــه‪َ ،‬هــل سـيُ ِ‬ ‫ِصدقــاً !‬ ‫اخلفيــف الــذي حـ ّرك الســتائر احلريريَة‪،‬‬
‫وأي ُدور‬ ‫سيُشــيحون وجوههــم عنَهــا‪ّ ،‬‬ ‫لــذا يف أحــد فصــول الروايَــة جتِ ــده‬ ‫والشــفق‬‫َ‬ ‫ِ‬
‫الواســعة‬ ‫الســماء‬
‫وأخــذ يتأمــل ّ‬
‫النشــر ســتقبل بِهــا خصوص ـاً أنــه كا ِتــب‬ ‫َ‬ ‫حتــدث عــن مكتبــة اإلســكندرية‬ ‫قــد َ‬ ‫متوهــج‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫يغطيهــا بِلــون أحمــر‬ ‫الــذي بــدأ َ‬
‫ا أمــام ِرحلــة‬ ‫م َغمــور‪ ،‬وتأكــد أنــ ُه فِ عــ ً‬ ‫العظيمــة‪ ،‬أحــد أقــدم املكتبــات يف العالــم‬ ‫عــاد ليُقلــب الدفتَــر األســود الــذي‬
‫جنــز نِصفهــا بِكتابــة رواي ِتــه تِلــك!‬ ‫طويلــة أ َ‬ ‫ذات الواجهــة املزينــة بــكل لغــات العالــم‬ ‫جلديــدة‪ ،‬والتَــي‬ ‫خصصــه لِكتابــة رواي ِتــه ا َ‬ ‫ّ‬
‫عــاد ليفتــح بريــد الــدار الناشــرة مِ ــن‬ ‫املختلِفــة‪ ،‬والتــي حينَمــا تضــع قدمــك‬ ‫انتهــى مِ نهــا أخيــراً‪ ،‬وهــو يفكِ ــر بالفتــرة‬
‫جديــد وأرســل لهــم مستفســراً عــن ســبب‬ ‫فيهــا تُبهِ ــرك بضــوء الشــمس الكثيــف‬ ‫املاضيــة أثنــاء كِ تابتهــا وكيــف انعــزل عــن‬
‫الرفــض‪ ،‬وصلــه الــرد ســريعاً بـــ‪:‬‬ ‫الــذي يختــرق أعمدتَهــا َ‬
‫الش ِ‬
‫ــاهقة‪.‬‬ ‫اآلخريــن ليُنجزهــا يف الوقــت احملــدد‪.‬‬
‫«…‪ .‬بِســبب ســرقتك األدبيــة يف بعــض‬ ‫وهــو يَعتقِ ــد أن تَصميمهــا الافِ ــت‬ ‫كان اختيــار فكــرة الروايــة صعبــا‪ ،‬بــدأ‬
‫املقطوعــات بــدون اإلشــارة لذلــك»‬ ‫ـتحق منــه‬ ‫هــو مــن ج َعلهــا أكثــر مكتَبــة تسـ ِ‬ ‫يتذ َكــر األفــكار الكثيــرة التــي مــرت بــه‬
‫الســرقات‬ ‫ضحــك بِخيبــة أل َن هــذه َ‬ ‫إفرا َدهــا باحلديــث و ُمحاولــة جعــل القراء‬ ‫أثنــاء عصفــه الذِ هنــي‪ ،‬يف البدايــة قــرر‬
‫منــا جــاءت بِفعــل‬ ‫مقصــودة‪ ،‬إ َ‬ ‫ُ‬ ‫ليســت‬ ‫َ‬ ‫يتشــوقون لزيَارتِهــا!‬ ‫َ‬ ‫أن تكــون عــن (م َعركــة الغُلــو يف الديــن)‬
‫ِباســات التــي‬ ‫ترســبات القِ ــراءة واالقت َ‬ ‫ُ‬ ‫يتحــدث عــن‬ ‫ويف آخــر الروايــة جتِ ــده َ‬ ‫وجــد أن إثــارة مِ ثــل‬ ‫لكِ نــه تراجــع بعــد أن َ‬
‫امتَــأل َعقلــ ُه بِهــا علــى مــ ّر قراءاتِــه‬ ‫الكا ِتــب الرقيــق جبــران خليــل جبــران يف‬ ‫القضايــا لــن تُرضــي اجلميــع‪ ،‬ألنــه‬ ‫َ‬ ‫هــذه‬
‫الطويلــة!!‬ ‫َ‬ ‫حلــب والبــؤس أيضــاً‪،‬‬ ‫ُمحاولــة لعيــش ا ُ‬ ‫ســ َيجد فئــة ُمت ِجــده وأخــرى تُع ِّنفــه‪،‬‬
‫تراجــع عــن فكــرة النشــر … ووضــع‬ ‫وكأنــه اختَــار جبــران ليُخ ِبــر ال َعالــم عــن‬ ‫فف ّكــر بالكِ تابــة عــن (شــاب ناقِ ــم علــى‬
‫روايتــه يف الــ ُدرج !‬ ‫وحبيبتــه البعيــدة !‬ ‫وحد ِتــه َ‬ ‫يستســغ الفِ كــرة‬ ‫ِ‬ ‫حكومتــه) لكِ نــه لــم‬
‫زهرة الصالح‬ ‫يف ن َهايــة الروايَــة جعــل ذلــك الشــيخ‬ ‫ِك طاقتــه‬ ‫َ‬ ‫اخلطيــرة‪ ،‬وجــد أنهــا ستســتهل ُ‬ ‫َ‬
‫‪@meeladfajr‬‬

‫‪44‬‬
‫ذكــرت فيــه مؤلفــة الكتــاب أكثــر مــن ‪750‬‬ ‫يف علــم النفــس اإلرشــادي تعتبــر‬ ‫يحــدث يف مــكان مــا يف العالــم أن‬
‫روايــة وكتــاب تعالــج أنواع ـاً مختلفــة مــن‬ ‫عمليــة العــاج النفســي بالقــراءة أحــد‬ ‫يصــاب شــخص مــا بأزمــة عاطفيــة‬
‫األمــراض العضويــة والنفســية!‬ ‫وســائل العــاج املعــريف التــي تهــدف‬ ‫أو صدمــة لفقــد قريــب أو عزيــز ثــم‬
‫مــن ال يهــوى القــراءة قــد يظــن أن‬ ‫لتغييــر أمنــاط التفكيــر الســالبة وذلــك‬ ‫يذهــب ملعالــج نفســي ويتحــدث معــه‬
‫هــذا العــاج غيــر مناســب لــه ولكــن‬ ‫بإحــال أفــكار إيجابيــة حتســن مــن‬ ‫عمــا مــر بــه‪ ،‬وبــدال أن يصــرف لــه‬
‫احلقيقــة أنــه مناســب فمــا ال تســتطيع‬ ‫الصحــة النفســية لــدى العميــل عبــر‬ ‫املعالــج عاجــا دوائيــا يخفــف مــن وطــأة‬
‫أن تقــرأه تســتطيع ســماعه أو تســتطيع‬ ‫القــراءة ومناقشــة املقــروء‪ ،‬وتتكــون عملية‬ ‫املصيبــة أو يعلمــه طرقــا لتجــاوز هــذه‬
‫مشــاهدته أيضــاً‪ ،‬ونوعيــة اإلنتــاج‬ ‫العــاج مــن معالــج نفســي متخصــص‬ ‫األزمــة فيتفاجــأ بــأن املعالــج يكتــب لــه‬
‫الفكــري املعالــج ومتكــن املعالــج القرائــي‬ ‫يف العــاج بالقــراءة‪ ،‬وعميــل يطلــب‬ ‫وصفــة عاجيــة حتتــوي علــى مجموعــة‬
‫مــن فنياتــه النفســية واختيــاره احلســن‬ ‫املســاعدة‪ ،‬باإلضافــة إلنتــاج فكــري‬ ‫مــن الكتــب واملقــاالت وقــد يضيــف لهــا‬
‫لإلنتــاج ووجــود الرغبــة اجلــادة لــدى‬ ‫معالــج (يشــمل اإلنتــاج الفكــري القــرآن‬ ‫فيلمـاً أو مقطــع فيديــو صغيــر! وهــذا مــا‬
‫العميــل جميعهــا عوامــل مهمــة تســاعد‬ ‫الكــرمي واألحاديــث وقصــص الســير‬ ‫يســمى بالعــاج بالقــراءة أو مــا يســمى‬
‫يف حتقيــق التوافــق النفســي يف العــاج‬ ‫والتراجــم وبعــض املقاطــع األدبيــة‬ ‫بالـــ ‪.Bibliotherapy‬‬
‫بالقــراءة‪.‬‬ ‫والقصصيــة وكتــب التغيــر اإليجابــي‬ ‫القراءة قد تكون أسلوب حياة وهواية‬
‫إن بنــاء وإنتــاج فكــري عربــي‬ ‫باإلضافــة لإلنتــاج املرئــي واملســموع)‪.‬‬ ‫وقــد تكــون عاجــا نتجــاوز بــه منعطفــات‬
‫يتماشــى مــع قيمنــا اإلســامية وثقافتنــا‬ ‫لســوء احلــظ لــم يهتــم الباحثــون‬ ‫احليــاة املؤملــة‪ ،‬أحيانــاً قــد نســمع كلمــة‬
‫األصيلــة مهمــة ليســت باملســتحيلة إذا‬ ‫العــرب لهــذا النــوع مــن العــاج بالقــراءة‬ ‫مــن مقــرب لنــا تؤذينــا وجتــرح مشــاعرنا‪،‬‬
‫وجــدت لهــا املظلــة الرســمية الداعمــة‬ ‫كثيــرا‪ ،‬والدراســات العربيــة يف هــذا‬ ‫وقــد نســمع كلمــة لصديــق لنــا تكــون‬
‫واملتمثلــة يف وزارة التعليــم (بإضافــة مــادة‬ ‫املجــال ال تتجــاوز عــدد أصابــع اليــد‬ ‫بلســما وطمأنينــة وهــذه فلســفة العــاج‬
‫العــاج بالقــراءة كمتطلــب لتخصــص علــم‬ ‫الواحــدة‪ ،‬بينمــا يف الــدول املتقدمــة‬ ‫أن مــن يتأثــر بكلمــة قــد يشــفى‬‫بالقــراءة ّ‬
‫النفــس يف اجلامعــات)‪ ،‬ووزارة الصحــة‬ ‫أصبحــت الدراســات باملئــات وبالتالــي‬ ‫بكلمــة‪.‬‬
‫بتبنــي هــذا النــوع مــن العــاج واإلشــراف‬ ‫تعــدد الدراســات أدى إلــى أن العــاج‬ ‫قــال اهلل تعالــى (وننــزل مــن القــرآن‬
‫عليــه يف العيــادات النفســية‪ ،‬واملكتبــات‬ ‫بالقــراءة دخــل يف عــاج أنــواع كثيــرة مــن‬ ‫مــا هــو شــفاء ورحمــة للمؤمنــن) وهــذا‬
‫بشــكل عــام يف توفيــر املــادة القرائيــة‪،‬‬ ‫االضطرابــات النفســية نتيجــة لوفــرة‬ ‫دليــل علــى التأثيــر القــوي الــذي يحــدث‬
‫وقبــل ذلــك تظافــر جهــود الباحثــن‬ ‫اإلنتــاج الفكــري املعالــج مثــل (القلــق‪،‬‬ ‫عنــد قــراءة القــرآن‪ ،‬واليغيــب عــن‬
‫مــن األطبــاء واألخصائيــن النفســين‪،‬‬ ‫واالكتئــاب‪ ،‬واخلجــل‪ ،‬والرهــاب بجميــع‬ ‫الذهــن أن أول آيــة أنزلــت علــى نبينــا‬
‫باإلضافــة ألمنــاء املكتبــات بالعمــل‬ ‫أنواعــه‪ .‬وغيرهــا) ممــا أدى إلــى حتســن‬ ‫عليــه الصــاة والســام وهــو خائــف يف‬
‫كفريــق هدفــه حتقيــق التوافــق النفســي‬ ‫الصحــة النفســية لــدى الكثير ممن يعيش‬ ‫الغــار (اقــرأ)‪ ،‬حــن يأمــرك اهلل بالقــراءة‬
‫باســتخدام العــاج بالقــراءة لطالــب‬ ‫يف تلــك املجتمعــات املتقدمــة وســاعدهم‬ ‫ويدعــوك يف آيــات أخــرى للتأمــل والتدبــر‬
‫اخلدمة(العميــل)‪.‬‬ ‫علــى جتــاوز أزماتهــم حتــى أنــه قبــل‬ ‫والتفكــر ســتجد أن هنــاك تأثيــرا يحــدث‬
‫أحمد الزهراني‬ ‫عامــن صــدر يف بريطانيــا كتــاب بعنــوان‬ ‫وأفــكارا تتغيــر مــن خــال القــراءة يزيــد‬
‫‪@ Ahz96666‬‬ ‫(العــاج بالروايــة مــن األلــف إلــى اليــاء)‪،‬‬ ‫مــن فعاليتهــا التفكــر والتأمــل‪.‬‬
‫‪45‬‬
46
47
48
‫أمام الشاشات وال ننسى وضعية‬ ‫‪ -‬إجهــاد يف العــن الــذي ينشــأ عــادة مــن‬ ‫إن اســتخدام األجهــزة الذكيــة‪ ،‬و‬
‫اجللوس اخلاطئة أو املسافة ‪.‬‬ ‫انقباض‪/‬انبســاط عضــات التكيــف يف‬ ‫الهواتــف اخللويــة‪ ،‬و اللوحيــة‪ ،‬و قــوارئ‬
‫‪ /6‬قد يتفاقم كذلك مع اإلضاءة إذا لم‬ ‫العــن بطريقــة أكثــر مــن املعتــاد نتيجــة‬ ‫الكتــب وأجهــزة األلعــاب والتلفزيونــات‬
‫تُضبط باتساق‬ ‫لوضــع الشاشــات علــى مقربــة مــن العــن‬ ‫ملــدة تتــراوح بــن ســاعتن خلمــس‬
‫حتــى تتــم رؤيــة مــايف الشاشــة بوضــوح‬ ‫ســاعات متواصلــة يوميــا مــن املمكــن أن‬
‫و مــع تزايــد املشــكلة يهمنــا معرفــة‬ ‫ومــن املاحــظ أنــه ليــس تأثيــرا دائمــا بــل‬ ‫يتســبب فيمــا يســمى ( اإلجهــاد العينــي‬
‫مؤقــت‪ ،‬يتــراوح بــن البســيط‪ ،‬املتوســط‪ ،‬وســائل التقليــل مــن اإلجهــاد الرقمــي ‪:‬‬ ‫الرقمــي ) ‪ ،‬فمــا هــو؟‬
‫الشــديد وهــذا يتبايــن مــن شــخص آلخــر‬ ‫هــو شــعور بعــدم الراحــة يف العــن‬
‫حســب كثافــة اســتخدامه للشاشــات ‪ /1‬قاعدة العشرينات الثاث ‪ :‬وهي‬ ‫خــال اســتخدام أي مــن الشاشــات‬
‫بعد مرور ‪ 20‬دقيقة من التحديق يف‬ ‫الرقميــة‪.‬‬ ‫الرقميــة مــع أعــراض أخــرى ‪ .‬مــن‬
‫الشاشات تنظر جلسم يبعد عنك‬ ‫املعــروف أن أعيننــا ترمــش مبعــدل‬
‫و قــد تتفاقــم املشــكلة لألســباب ‪20‬قدم‪ 6/‬م وملدة ‪20‬ثانية‬ ‫‪ 1٨‬مــرة يف الدقيقــة الواحــدة ‪ ،‬وحينمــا‬
‫‪ /2‬ضبط اإلضاءة لتقليل الوهج‬ ‫التاليــة ‪:‬‬ ‫نحــدق يف الشاشــات ملــدة ســاعتن أو‬
‫‪ /3‬اإلبقاء على مسافة معينة‬ ‫أكثــر يقــل معــدل الرمشــان وهــذا بــدوره‬
‫‪ /٤‬ضبط اإلضاءة اخللفية‬ ‫‪ /1‬إجهاد العن الرقمي قد يتفاقم‬ ‫يــؤدي إلــى الشــعور بجفــاف يف العــن‬
‫مع وجود مشكات يف العن ابتداء مثل ‪ /5‬تكبير حجم اخلط‬ ‫ألن الرمــش عامــل ترطيــب كماســحات‬
‫‪ /6‬احلرص على الرمش‬ ‫طول النظر‪ ،‬قصره‪ ،‬أو الابؤرية‬ ‫الســيارة األماميــة للزجــاج األمامــي ‪/‬‬
‫‪ /7‬شرب السوائل‬ ‫‪ /2‬إجهاد العن قد يتفاقم كلما تقدم‬ ‫القرنيــة‪ ،‬وهــذا بــدوره يــؤدي إلــى الشــعور‬
‫‪ /٨‬البد من حتديد وقت معن لألطفال‬ ‫املرء يف العمر‬ ‫ببعــض التهيــج أو بالوخــز واحمــرار يف‬
‫‪ /3‬قد يتفاقم يف نهاية اليوم بن الثالثة مع األجهزة‬ ‫العــن‬
‫‪ /9‬ارتداء املساعد البصري يف حال‬ ‫والتاسعة مساء‬ ‫و من أعراضه كذلك ‪:‬‬
‫النظارة والعدسات مع األخذ يف‬ ‫‪ /٤‬قد يتفاقم مع الشاشات ذوات‬
‫اجلودة األقل‪ ،‬خذ مثا شاشات الـ‪ HD‬االعتبار جودات معينة لها ‪.‬‬ ‫‪ -‬آالم يف الرقبة ‪/‬الظهر أو حتى الكتف‬
‫مقارنة بسواها‬ ‫‪ -‬الرؤية الضبابية‬
‫‪ /5‬قد يتفاقم كلما زادت مدة املكث‬ ‫‪ -‬الصداع‬

‫د‪ .‬منى عبداهلل‬


‫أخصائية عيون‬

‫‪49‬‬
ꧾ꫾쳾 跾 껾 韾軾 귾軾􁰀
------------------------

50
magazine.rfriends.net

51

You might also like