Professional Documents
Culture Documents
تُع ّد الدولة الأموية أولى دول الخلافية الإسلامية ،ويع ّد معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه-
مؤسّ سها؛ فبعد مقتل عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه ،-تولّى ولده الحسن الخلافة ،ثم ّ تنازل عنها
لمعاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه ،-على أن ترجع إليه بعد وفاة معاوية ،إلا أنه توفى قبل معاوية،
واس تمرت الخلاف ة الس فيانية لب ني أمي ّة ،ح تى ت وفي معاوي ة الث اني بن يزي د بن معاوي ة ،فث ار عب د الله بن
الزبير ،ونادى بنفسه خليفة للمسلمين ،ووقعت في عهده الفتنة الثانية بين المسلمين ،فوصلت الخلافة لعبد
الملك بن مروان ،وهو مؤسس المروانية من الأسرة الأموية ،وظل الملك فيهم حتى تولى مروان بن محمد
بن مروان ،الذي سقطت في عهده خلافة بني أمية على يد العباسيين ،]١[.وفيما يأتي عرض التاريخ
السياسي للدولة الأموية
ن الحديث عن التاريخ السياسي للدولة الأموية لا يظهر ولا يت ّضح إلى من خلال التطر ّق إلى ما مرت
إ ّ
به الدولة الأموية من أحداث ،منذ نشأتها وربما قبل ذلك ،حتى القضاء عليها ،ولا يمكن ف َهم الأسباب
المؤدّية إلى قيام الدولة العباسية التالية لها ،إلا من خلال قراءة التاريخ السياسي للدولة الأموية ،والذي
ستعرض له المقالة فيما يأتي.
يذكر التاريخ السياسي للدولة الأموية ما شهدته الخلافة الإسلامية قبل تأسيسها من فتن داخلية ابتدأت
من عهد عثمان بن عفان وأدّت إلى مقتله ،ثم انتقلت إلى خلافة علي بن أبي طالب ،وأثارت الكثر
من القلاقل التي لم يقدر على إنهاء أغلبها ،فأدّت إلى قتله على يد الخارجي على يد عبد الرحمن بن ملجم،
وكان هذا الأخير قد اتفق مع الخارجيين البرك بن عبد الله التميم ّي على قتل معاية بن أبي سفيان،
وعمرو بن بكر التميم ّي السعديّ على قتل عمر بن العاص ،فنجح الأول فيما خطط له ،وفشل الآخران
[]٢
في مهمّتهما.
فكان لخلافة علي بن أبي طالب أن تنتهي ،وتبدأ خلافة جديدة رفض فيها معاوية بن أبي سفيان -وهو
الأحق بالخلافة من بعده رغم الخلاف بينه وبين علي بن أبي طالب في معركة صفّين -ترك ولايته
الشام ،فبايع أهل العراق الحسن بن الحسين على الخلافة ،وبايع أهل الشام معاوية بن أبي سفيان ،فما
رفض القتال ودعا إلى الصلح ،وبايع معاوية بن
َ كان من معاوية إلا أن سار بجيشه إلى الحسن الذي
أبي سفيان على الخلافة ،فسُمّي ذلك العام بعام الجماعة ،لاتفاق المسلمين على خليفة لهم بعد خلاف
[]٢
طويل دام سنوات بين معاوية وعليّ.
وقد شهدت خلافة معاوية بن أبي سفيان والإجماع عليه عودة للفتوحات الإسلامية والحرب
على البيزنط يين في إفريقي ا والبح ر ،بع د توق ف حرك ة الفتوح ات الإس لامية نهائ ًًّي ّ ا من ذ قي ام فتن ة مقت ل
عثمان سنة 35هـ ،وخلافة علي بن أبي طالب .كما عادت فتوحات المشرق في سجستان وخراسان
وبلاد ما وراء النهر ،والأناضول حتى عمورية ،فتمكن من استعادة أرمينيا التي خسرها المسلمون أيام
[]٣
الفتنة.
يرك ّز التاريخ السياسي للدولة الأموية على الفتوحات الإسلامية على الغزوات والحملات التي شنّها معاوية
بن أبي سفيان ،ففي عام 49هـ أرسل -بقيادة سفيان بن عوف الأزديّ -حملته الأولى
لفتح القس طنطينية ،ولكنه ا ع ادت خاس رة لحل ول الش تاء وص عوبة ظ روف القت ال ،فك ان ممن قتل وا في
[]٣
الحملة الصحابيّ أبو أيوب الأنصاري.
في عام 53هـ أرسل معاوية حملته الثانية بقيادة فضالة بن عبيد الأنصاري ،فتمكّن أسطوله في طريقة
للقسطنطينية في طريقه من فتح جزيرتي أرواد ورودس على ساحل آسيا الغربيّ ،وفيهما أسس المسلمون
مرة أخرى في حملتهم ،لما شهده
قاعدة لحصار القسطنطينية منها وأقاموا فيها سبع سنين ،ولكنّهم فشلوا ّ
المسلمون من صمود الروم في المدينة التي كانوا يُحاصرونها خلال الصيف ويرحلون عنها إلى أن سحب
[]٣
معاوية بن أبي سفيان أسطوله ،وأعاده دون فتح القسطنطينية عام 60هـ.
لم تقتصر فتوحات معاوية على ما سبق ،بل وضع عقبة بن نافع قائد ًا على جيش المغرب ،فقاد َ العديد
من الحملات فيه ا ،وب نى ب إذن معاوي ة مدين ة الق يروان بين س نتي 50و 55هـ لتك ون مرك زًا لانطلاق
غزوات المسلمين تنطلق منه قواتهم للغزوات .كما عمل عقبة بن نافع على عقد الكثير من المصالحات
مع أمازيغ المغرب ،وأدخل الكثير من قبائلهم في الإسلام ،واستمرت الفتوحات الإسلامية فيها حتى
وصلت تلمسان .ولم تتوقف غزواتهم هنا ،بل كان له أن يفتح مرار ًا وتكرار ًا في جبهة الشرق ،سجستان
فقوهستان في سنتي 43ـ 45هـ ،وغزو بلاد ما وراء النهر والسند وجبال الغور ،التي ع ُرف أهلها
بنكث العهد.
[]٣
ل عاصمة
كان من أبرز التغ ي ّرات في التاريخ السياسي للدولة الأموية في عهد معاوية بن أبي سفيان ،أنه نق َ
الدولة من الكوفة التي اختارها علي بن أبي طالب إلى دمشق ،مما أثار س َ
خط بعض أهل العراق والحجاز،
كما شهدت الدولة في عهده فترة من الاستقرار والرخاء[ ،]٢التي ظهرت في المناسبات فيذكر في التاريخ
ن الملسمين أتاحوا المجال لأهل الذمة للاحتفال بأعيادهم في
السياسي للدولة الأموية والتاريخ الأموي أ ّ
جو من الحرية والتسامح ،وكلن ما يميزها عن احتفالات أحل الذمة في أيام الخلافة الراشدية وأيام
الرسول ،استرجاع ولاة الأمصار للمواكب تقليدا للفرس والروم ،واتخاذ معاوية بن أبي سفيان حرسا
يرفعون السيوف عند مقصورته والحراب بين يديه؛ خوفا من الاغتيال ،ويذكر أنه بني مقصورة ً خاصة ً
في المسجد يُصلي بها بعيدا عن الناس بعد محاولة قتله هو وعلي بن أبي طالب وعمرو بن الخاص من
[
الخوارج ،وقد قلده ولاته من بعده ،كزياد بن أبيه في العراق ،خاصة المسير بالحربة حتى أصبح تقليدًا.
]٤
ويذكر فيما يذكر التاريخ السياسي للدولة الأموية أن وسائل التسلية للأمويين كالصيد ،كانت سبيل ًا
لتدريب الجند على الركض والكر ّ والفروسية والرمي بالنشّاب والضرب بالسيف والدبوس ،ويقلل
[]٤
المبالاة بإراقة الدماء.
وقد شهد التاريخ السياسي للدولة الأموية في عهد معاوية إلغاء نظام مجلس الشورى ،وإنشاء نظام للشرطة
للحماية والحراسته كان يُعِي ِّّنه هو بنفسه ،كما ط ََّو ّر ديوان البريد وأنشأ ديوان ًا جديد ًا لتنظيمه أكثر هو ديوان
الخاتم ،كما حو ّل نظام الخلافة إلى نظام وراثي عندما عيّن ابنه يزيد بن معاوية وليًا للعهد من بعده،
[]٢
وذلك بعد أن كان نظام الخلافة قائمًا بالشورى.
خلافة المروانيين
خاض معاوية بن أبي سفيان خلال التاريخ السياسي للدولة الأموية العديد من المعارك ضد ثورات
ل حال الدولة مستقرًا إلى وفاته عام 60هـ،
الخوارج ،حتى تمكن من إخماد ثورتهم عام 45هـ ،فظ ّ
وتولّى الخلافة بعده ابنه وليّ العهد يزيد الذي بايعه أهل الشام عام 50هـ ،ولمّا كان يزيد بن معاوية
خارج دمشق عندما توفّى والده ،فقد أخذ الضحاك بن قيس البيعة له ،وبعدها عاد إلى دمشق،
[]٢
وقدمت الوفود لتعزيته بوفاة أبيه وتهنئت ِه بالخلافة.
فما كان من يزيد بن معاوية إلا أ ْن ح َذا ح َ ْذو َ أبيه في تعيين عقبة بن نافع قائد ًا لجيوش المغرب ،الذي
استمر بحملاته حتى وصل فيها إلى مدينة طنجة عام 62هـ ،ولكنْ ما لبث أن قتل هذا الأخير ،بعد
تحالف الروم والأمازيغ بقيادة كسيلة بن كمرم على قتله عام 63هـ ،وكان ممن قتل معه القائد المغربي
أبو المهاجر دينار ،فتمكّن كسيلة من استعادة أرض أفريقية ومدينة القيروان ،وقد حقّق يزيد في عهده
فتوحات محددة ،كفتح بعض مناطق المشرق في خراسان وما وراء النهر.
[]٢
شهد عهد يزيد الكثير من الفتن والقلاقل واحدة من أبرز الوقائع التاريخي ّة ،التي أثرت في تاريخ الدولة
الأموية والدولة الإسلامية ،وأدّت إلى انقسامات كبيرة فيها حتى سمي عهده بعهد الفتنة الثانية ،ففيه
وقعت معركة كربلاء عام 61هـ ،ذلك أن أهل الكوفة رفضوا خلافة يزيد بن معاوية ،واتفقوا على
مبايعة الحسين بن علي بالخلافة -وكان الأخير رافضًا لمبايعة يزيد ،-وشج ّعه عبد الله بن الزبير على ذلك
بعد أن حذره عبد الله بن العباس ،ولكن الحسين ارتأى أن يأخذ بنصيحة عبد الله بن الزبير ،فأخذ
عمه مسلم بن عقيل البيعة له من 12,000كوفي .وما إن وصل الخبر ليزيد حتى سارع بعزل النعمان
بن بشير عن ولايتها وعَيَّ ّن عبيد الله بن زياد مكانه ،فقبض عبيد الله على مسلم وقتله ،وعندما علم رجال
الحسين بذلك أص ُُّرّوا على الثأر لمسلم ،والتقوا بجيش بقيادة عمر بن سعد بن أبي وقاص قربَ كربلاء،
وهناك طلب عمر من الحسين تسلين نفسه كأسير حرب ،إلا أن الحسين رفض ،فوقعت واقعة كربلاء
[]٢
التي قتل فيها الحسين وكل من كان معه.
ل الحسين استغ َّ ّ
َل عبد الله بن الزبير الأمر لي ُحر ّض أهل الحجاز على يزيد بن معاوية ،فبايعه أهل عندما قُت َ
الحجاز ومصر ،وحاصروا بني أمية في المدينة في منزل مروان بن الحكم ،فأرسل يزيد إلى المدينة جيشا ً
بقيادة مسلم بن عقبة ،وأمره بمحاصرتهم ثلاثة أيام ،وعندما بلغ َها المدينة دخلها من جهة ت ُس ََّمّى الحرة،
فكانت موقعة الحرة سنة 61هـ التي ه ُزم فيها أهل المدينة ،بعد أن رفضوا مبايعة يزيد ،وأجبروا على
المبايعة بالق ََّو ّة ،ومنها انتقل مسلم إلى مكة للقضاء على ثورة ابن الزبير ،وقد توف ََّيّ مسلم في الطريق إلى
مكة ،وأخذ القيادة عنه الحصين بن نُمير ،وعند وصولهم إلى مكة وصلت أنباء وفاة يزيد ،فاضرب
[]٢
الجيش ،وتركوا عبد الله بن الزبير دون قتله وعادوا إلى الشام.
عند وفاة يزيد طالَبَ مروان بن الحكم بالخلافة لنفسه وبايعه أهل المدينة واليمن ،وقضى على الفتنة التي
ن نفسه خليفة في الآن ذاته مع مروان ،في معركة مرج راهط،
أثارها عبد الله بن الزبير عندما أعل َ
واستعاد مصر دون قتال ،وبُويع مروان ،كما واجه مروان عبيد الله بن زياد وقضى على ثورة التوابين،
وتوفي بعدها عام 65هـ.]٢[.
استلم عبد الملك بن مروان الحكم من بعده ،لكن ّه واجه العديد من الانقسام في الدولة الأموية ،منها:
الدولة الأموية في مصر والشام ،ودولة ابن الزبير في الحجاز والعراق ،وثورة المختار الثقفي الذي ثار وسيطر
على الكوفة ،وبعض الخوارج بعد ثورتين على إقليمي الأهواز والنجدات ،وثورة مصعب بن الزبير بعد
قضائه على المختار الثقفي ،فالتقى عبد الملك مع مصعب بن الزبير في معركة دير الجاثليق عام 71هـ
فاستعاد فيها العراق ،وفي عام 73هـ سي ّر جيشا إلى مك ّة بقيادة الحجاج بن يوسف الثقفي ،قُتل فيه ابن
َّ ّ
استتَب الحكم لخليفة واحد في البلاد ،وسُم ّي عام الزبير ،فكوفئ َ الحجاج بأن عين واليًا للعراق والمشرق،
73هـ بعام الجماعة الثاني.]٢[.
ع ُرف عهد عمر بن عبد العزيز" الخليفة الزاهد" 101هـ بالرخاء والاستقرار ،حتى قيل ما بقي فقير ولا
محتاج في عصره ،وقد عرف من عدله بخامس الخلفاء الراشدين ،وقامت سياسة حكمه على وقف
الفتوحات نظرًا لاتساع الدولة الكبير ،والعمل على توطيد الحكم وإصلاحه وإصلاح أمور الناس،
ودعوة أهل المناطق المفتوحة إلى الإسلام ،وإعادة ما في أيدي بني أمي ّة من مال إلى بيت مال
المسلمين ،بالإضافة إلى إصلاحه الأراضي الزراعية واستصلاحها ،وحفر الآبار وتمهيد الطرقات ،وبناء
الفنادق لأبناء السبيل ،وبناء المساجد ،كما شهد َ عهده أول تحرك جديدٍ للخوارج منذ أيام عبد الملك
بقيادة بسطام اليشكوري ،ولكنه راسله وأقنعه بعدم التمر ّد ،وقد استمرت لعامين ونصف تقريبًا.
[]١
تولّى الخلافة من بعده ابن عِم ِّّه يزيد بن عبد الملك 105هـ الذي حاول السير على خطى عمر بن عبد
العزيز ،ولم يفلح لقلة خبرته ،وصغر سنه ،وإحاطته برفقاء السوء ،وكان من الممكن لعهده أن ي َشهد
انحطاطًا كبير ًا للدولة لولا بعض رجالها كمسلمة بن عبد الملك الذين حاولوا الحفاظ على قو ّتها ،وساعدوه
على غزو إقليم الصغد في ما وراء النهر ع َّ َّدة مرات بعد أن نقض أهله عهدهم مع المسلمين في عامي
102و 104هـ ،والقيام ببعض الغزوات ضد البيزنطيين في موقعتين كبيرتين في فرنسا :معركة تولوز
التي ه ُزم المُسلمون فيها ،وأخرى فتح فيها سبتمانيا وليون وتوغل في منطقة بورغونيا ،وغزا في فترة قريبة
محمد بن يزيد جزيرة صقلية ،كما شهد عهده ثورة ضخمة للخوارج بقيادة يزيد بن المهلب للوصول إلى
الخلافة ،وبايعه أهل البصرة ،ولكنه ما لبث أن ه ُزم َ وقتله مسلمة بن عبد الملك في معركة عفر عام
[]١
102هـ.
عندما توف ََّيّ يزيد بن عبد الملك استلم الحكم أخوه هشام ،الذي ع ُرف في التاريخ السياسي للدولة الأموية
بقوته وخبرته السياسية وحنكته سياسية ،وأدار الدولة بكفاءة عالية ،وحافظ على استقرارها طيلة
حكمه ،واستمر بالغزوات الواسعة على الجبهة الشرقية في السند وما وراء النهر والشمال في الأناضول
والقوقاز والغرب في الأندلس وجنوب غالة فرنسا ،وشهد َ عهده بلوغ الدولة الأموية ذروة اتساعها
وأقصى حدودها على الرغم من عدم تغير حدود الدولة الأموي ّة بضم مناطق جديدة إليها ،فامت َّ َّدت
ح دودها من أط راف الص ين ش رقًا إلى جن وب فرنس ا غرب ًا ،وك انت معرك ة بلاط الش هداء من أهم
المعارك التي خاضها المسلمون في عهد هشان بن عبد الملك ،بالإضافة إلى العديد من الغزوات على البلاد
التي فتحها المسلمون ونكثت عهدها معهم كبلاد ما وراء النهر التي غزاها المسلمون ثلاث مرات عام
[]١
121هـ ومرتين سنة 123هـ.
كما شهد التاريخ السياسي للدولة الأموية في عهد هشام بن عبد الملك ،الكثير من ثورات الخوارج ،وفي
بقاع مختلفة من الدولة الأموية ،ومن أبرز ثوراتهم عليه ثورة شبيب بن صحاري ،وثورة زيد بن علي بن
الحسين ،وتمكّن هشام من قتلهما وإخماد ثورتيهما.
[]١
عرف نظام الحكم خلال التاريخ السياسي للدولة الأموية منصبين مهمين في الدولة ،الأول عام الوالي أو
العامل ،والثاني الكاتب ،أما الوالي أو العامل فيتبع للنظام الإداري ،الذي كان الأمويين فيه يختارون
عربيا أصيلا ليول ّوه على ولاية من الولايات المترامية للدولة ويعطوه سلطات مطلقة في ولايته ،وعرف
الوالي باسم العامل أيضًا ،ومن أبرز الولاة في الدولة الأموية :عمرو بن العاص واليًا لمصر ،وزياد بن أبيه
[
واليًا للبصرة والكوفة ،والحجاج بن يوسف الذي كان واليًا من بعد زياد على العراقين الشمالي والجنوبي.
]٢
وكانت مهمة الوالي تتمثل في قيادة الجيش وإمامة الصلاة وجباية الخراج وإدارة البريد وإدارة أعمال
الولاية قضائ ًًّي ّا والمالية التي أداروا من خلالها مصاريف الولاية التي أخذت من الضرائب المحلية ،مع
[]٢
إرسال الفائض منها إلى دمشق ليوضع في بيت المال.
كثرة الخلافات المذهبية والأحزاب السياسية ،منذ نشأة الدولة الأموية؛ كالشيعة والخوارج،
خاصة الخوارج وفرقهم؛ فقد كانت الخطابة السياسية عبر التاريخ السياسي للدولة الأموية الفن
الأول للخوارج الذي استخدموه لمصالحم .ومن فرق الخوارج التي ع ُرفت في الدولة الأموية:
الأزارقة في فارس ،والإباضية في اليمن وحضرموت ،والنجدات في اليمامة وحضرموت
[]٥
والبحرين ،والصفرية في الموصل وشمالي العراق.
كثرة الفتن الداخلية وتتابعها ،كثورة عبد الله بن الزبير ،وحركة ابن الأشعث ،وثورة المختار
[]٦
الثقفي ،فكانت الخطابة وأداة للدعاية وحربا ضد الخصوم.
[]٦
اتساع حركة الفتوحات الإسلامية ،خلال التاريخ السياسي للدولة الأموية.
وقوع الجدل بين الفرق الدينية واحتدامه ،فكانت الخطابة السياسية وسيلة لكسب تأييد الناس
لجماعة دون أخرى.
[]٦
تكاثر الوفود القادمة على الخلفاء وولاة الدولة فترة التاريخ السياسي للدولة الأموية؛ لمبايعتهم أو
لتهنأتهم بالمناسبات الدينية والسياسية ،كانتصارهم في غزواتهم وفتوحاتهم.
[]٦
كان ل ِما امتلكه الخطباء من ثقافة لغوية ودينية ،وعنايتهم بما حفظوه من السابقين ،وإقبالهم على
القرآن الكريم ،دور كبير في ازدهار الخطابة السياسية في تاريخ الدولة الإسلامية ،وربطها
[]٦
بالدين ،إذ كان الخليفة إمامهم ،وتنتظم مصالحم به.
توفّي َ هشام بن عبد الملك125 هـ ،وآل الحكم من بعده إلى الأحفاد ،وكانت تلك بداية انحطاط الدولة
في التاريخ السياسي للدولة الأموية؛ إذ َّ
توَق ّفت الفتوحات الإسلامية ،وسيطرت الصراعات الداخلية على
الدولة ،وتولّى الخلافة وليّ العهد الوليد بن يزيد الذي لم يكن أهلا لها لما عرف عنه من لهو وترف،
فأخذ الوليد بن يزيد بملاحقة من أ ََّي ّد تنصيب مسلمة بن هشام وليًا للعهد مكانه ،فقتلهم ،حتى ثارت
[]١
قبائلهم واستمالت يزيد بن الوليد ،الذي قاد جيشا سار به إلى الوليد بن يزيد وقتله.
استلم يزيد بن الوليد الحكم من بعده ،فأثارت سياسة حكمه الكثير من الفتن الداخلية ،بعد أن حاول
التقشف ،وأعاد َ رواتب الجند إلى ما كانت عليه بعد أن رفعها الوليد في عهده ،فغضب الجند ولقّبوه
بالناقص ،كما رفض آخرون مبايعته بعد تفجّ عهم بمقتل يزيد ،مما سرّع من تدهور الدولة الأموية إلى أن
توفّى واستلم من بعده أخوه إبراهيم بن الوليد ولاية العهد بناء ً على طلب القدرية ،وهنا رفض الكثير من
أساسَي ّين عن مقتل الوليد والفتن التي فَجَّ ّرها ،فتدخل
َّ الناس مبايعته ،على اعتبار أنه وأخيه يزيد مسؤولين
ابن عم ّهما مروان بن َّ
محَم ّد والي أرمينيا وأذربيجان ،وسار َ بجيش إلى دمشق وخلع الخليفة ،وبويع مروان
[]١
بالخلافة.
ويُذكر في التاريخ السياسي للدولة الأموية أن ّه عندما بُويع مروان بالخلافة كانت الدولة قد سقطت بالفعل
تحت النزاعات والخلافات ،وفات الأوان لإصلاحها ،فقام مروان بنقل العاصمة من دمشق إلى مدينة
حران في الجزيرة؛ لعدم ثقته بمن في الشام ،فثار عليه أهل الشام ،ولكنه س ُرعان ما قمع الثورة ،ولكنّها لم
تكن الثورة الأخيرة ،فقامت واحدة في الجزيرة واليمن عام 127هـ ،وأخرى في الموصل عام 129هـ،
ثم في أفريقيا بين عام َ ْي 132 -131هـ ،وقد أنهكت هذه الثورات المتتالية مروان في محاولة السيطرة
عليها ،حتى تفاجأ بالم ّد العباسي في خراسان فالعراق ،فواجهه في معركة الزاب الكبير عام َ 132هـ،
ولكن ّه خسر المعركة ،وكانت نهاية الدولة الأموية وسُقوطها ونهاية التاريخ السياسي للدولة الأموية في
ل مكان ،وقتلوا على يد العباسيّين بعد
ل مروان بعدها بشهور ،ولوحق بنو أمية في ك ّ
المشرق العربي ،وقُت َ
قيام دولتهم.
[]١
المراجع[]-
بتصرّف.
^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س" الدولة الأموية" ،www.wikiwand.com ،اطّ لع عليه بتاريخ -01 .2
.2019-07بتصرّف.
^ أ ب ت ث ج" خلافة معاوية بن أبي سفيان" ،islamstory.com ،اطّ لع عليه بتاريخ -07-01 .3
.2019بتصرّف.
^ أ ب" المناسبات في العصر الأموي" ،islamstory.com ،اطّ لع عليه بتاريخ .2019-07-01 .4
بتصرّف.
↑" الخطابة في العصر الأموي" ،www.almerja.com ،اطّ لع عليه بتاريخ .2019-07-01 .5
بتصرّف.
^ أ ب ت ث ج" الخطابة في العصر الأموي" ،www.alukah.net ،اطّ لع عليه بتاريخ -07-01 .6
.2019بتصرّف.
المجتمع في العهد الاموي
يُمكن القول أن المجتمع في عهد الدولة الأموية -على الرغم من عدم امتلاكه تدرجا ً اجتماعيا ً
دقيقا ً أو صارما ً -قد تألف من خمس طبقات أساسية ،هي :الخلفاء والولاة والعلماء والأثرياء
والعامة .فالطبقة الأولى هي الخلفاء وعائلاتهم ،وهم أصحاب السلطة والسيادة العليا في الدولة ولهم
الصلاحيات المطلقة بها .ثم يليهم كبار الولاة والقادة وكاتبو الدواوين .فالعلماء ،الذين مع أنهم يأتون
في الطبقة الثالثة فقد كان احترام العامة لبضعهم يفوق احترامهم وتقديرهم للولاة والخلفاء أنفسهم.
ثم كبار الأثرياء من التجار وشيوخ العشائر .وأخيرا ً تأتي الطبقة الخامسة وهي عامة الناس ،مثل
عاش العرب بشكل عام حياة بسيطة في أيام الإسلام وقبله ،فكان طعامهم على سبيل المثال يتألف
من بضعة أصناف فحسب ،أفخرها على الإطلاق هو اللحم مع الثريد .لكن مع توسع الفتوحات في
العصر الأموي وترامي أطراف الدولة وازدهارها اختلفت الحال ،إذ اقتبس العرب عادات الكثير
من الثقافات التي احتكوا بها نتيجة الفتوحات ،فأصبحوا يستخدمون أدوات فخارية وخشبية لتناول
الطعام كانت تأتيهم من الصين مثل الشوك والملاعق ،وأصبحوا يتناولون طعامهم على موائد
وكراس خشبية بدلا ً من أن يجلسوا على الأرض ويتناولوه بأيديهم كما في السّابق .وقد ساهم في
نقل مثل هذه العادات الحياتية والاجتماعية إلى العرب إحضارهم الكثير من الجواري إلى
الأموية ،فكان يَخرج الخليفة في موكب مهيب وسط رجال الدولة الكبار يتقدمهم الجند لأداء صلاة
العيد .كما أن الأعراس والأفراح وبعد أن كانت بسيطة جدا ً في عهود الخلفاء الراشدين وما قبل
الإسلام باتت مترفة جدا ً وتُنفق عليها أموال طائلة ،فكانوا يقيمون ولائم عظيمة في الأعراس ،ثم
يلعب الفتيان بالرامح ويتسابقون بالخيل فيما تجلس النساء يتحدثن إلى بعضهن البعض ،وأما العروس
فكانت تزين بزينة عظيمة ،ويُحيط بها خدمها ي ُغنون لها حتى تذهب إلى بيت زوجها ]155 [.وقد
كان من وسائل الترفيه والتسلية الشائعة في تلك الحقبة جلب المغنين أو «المضحكين» الذين يلقون
النكات ويضحكون الناس .كما كانت ألعاب النرد والشطرنج شائعة أيضاً ،اللتين أخذهما العرب من
الفرس .كما كانوا يرفهون عن أنفسهم بالصيد والرياضة ،وأقامت الدولة في عهد هشام بن عبد الملك
بشكل عام امتاز المجتمع في العصر الأموي بالترف الكثير على النقيض من عهود الإسلام السابقة.
ولم ينعكس ذلك على المناسبات والعادات الاجتماعية فحسب ،إنما على ملابس العامة أيضاً،
فتنافس الناس وخصوصا ً الخلفاء وكبار رجال البلاط في شراء الملابس الجديدة والفاخرة والمتميزة،
ح الجميع يرتدون جبابا ً وأردية وسراويل وعمائم وقلانس .ثم ومع ازدياد الإسراف أصبح
وأصب َ
التجار يجلبون معهم إلى البلاد الإسلامية مختلف أنواع الحرير والصوف بين موش ّى ومطر ّز ومحاك
بالذهب والفضة ومرصع بالأحجار الكريمة ]157[.وكان خلفاء بني أمية يرتدون ملابس بيضاء على
الأغلب ومن أفخر أنواع القماش المطرز ]158[.وكان من قطع الملابس التي ارتداها الأمويون:
القباء (رداء أو زي خارجي مفتوح عند الرقبة أو يقفل بأزرار وهو ضيق الكمين وفي بعض
الأحيان متوسط الاتساع) والدراعة (جبة مشقوفة من الأمام) والطيلسان (الطرح التي تغطي
الرأس) والغلالة (ثوب رقيق شفاف يشبه القميص الذي ترتديه المرأة) الملحفة (ملاية) والإزار
(لباس لستر العورة) والشاشية (قبعة) والتكة (رباط السروال) ]159[.كما أن أسلوب إنتاج
الأقمشة الخاصة المطرزة في المناسج الملكية ولد في العصر الأموي ،ثم تطور لاحقا ً وساد في أنحاء
الدولة الإسلامية خلال العصور الوسطى ،وكان أول خليفة أموي يؤسس مصانع خاصة للنسيج
ح غير
المطرز هشام بن عبد الملك ]160[.وقد كان من الظواهر المهمة في العصر الأموي أن أصب َ
المسلمين يرتدون ملابس العرب الفاخرة ،حتى جاء عهد عمر بن عبد العزيز الذي حَرّم على أهل
الذمة ارتداء لباس الرأس العربي ومنه العمامة والعصب والطيلسان والملابس العسكرية العربية
والأردية الخاصة مثل القبعة ،وكان على هؤلاء أن يرتدوا حزاما ً متميزا ً يسمى المنِ ْطَق وأحيانا ً الز ُن ّار
بنو أمية:
كان خلفاء الدولة الأموية يقومون بتعيين من هم من بنو أمية في مناصب سياسية معينة ،وكان معاوية
بن أبي سفيان يقوم بتعيين بني حرب وبني العاص ولاة ً للحجاز ،وكان تركيزه على تعيين الأشخاص من
بنو أمية فقط على الحجاز؛ وذلك ليقضي على طموحاتهم في السياسة ،وكان يح ّد من طموحاتهم بأنه لم
طويل. لوقت واليا ً أمية بنو من أحدا ً يبقي يكن
وعيَ ّن معاوية بن أبي سفيان أخيه عنبسة وأمه عاتكه بنت أبي أزيهر لولاية الطائف ،وبعدها قام بعزله
ووضع أخيه الثاني عتبة وأمه هند بنت عتبة ،وعندما سأله عنبسه عنن سبب عزله له على الرغم من أنه
لم يكن خائنا ً أو مقصراً ،فأجابه معاوية بأن أمه هي هند ،وأيضا ً َ
عي ّن مروان بن الحكم بن أبي العاص
أمية. بن العاص بن سعيد وعيَ ّن عزله ثم المدينة على
وقام معاوية بتعيين عبد الملك بن مروان على ديوان المدينة وذلك بطلب مروان بن الحكم ،ولام سعيد
بن عثمان معاوية بن أبي سفيان لعدم تولي ِّه لأي من المناصب وعلى الرغم من تخليهم للخلافة له،
وغضب سعيد غضبا ً شديدا ً بعد أن جعل معاوية ولاية العهد لابنه يزيد ،ولأنه هو الأحق فيها لأن أبوه
عفان. بن عثمان وهو مظلوما ً خليفة ً كان هو
وتجاهل معاوية بن أبي سفيان مطالب سعيد بن عثمان ،ولم يقم معاوية بتعيين أي أحد من أقاربه على
الولايات المهمة كولاية العراق باستثناء ابن أخته عبد الرحمن بن أم الحكم الثقفي ،وكان قد َ
عي ّنه بعد
سيرته. سوء بسبب الكوفة أهل طرده ولكم أبيه، بن زياد وفاة
وكان معاوية خائفا ً من تعيين أي أحد من أقاربه على الولايات الهامة؛ خوفا ً من أن يحتفظوا بأموال
الخراج ويستقلوا على حسابه ،وكان يزيد بن معاوية يسير على سياسة أبيه ،ولم يعين أي أحد من أقاربه
على ولاية العراق ،واستمر هذا النهج في عهد المروانيين.
ثراء الأمويين:
كان الخلفاء يمنحون أقربائهم الأموال والقطائع ،فقد قام يزيد بن معاوية بن عبد الملك بن مروان بقطع
أرض كان يملكها معاوية بن أبي سفيان ،واشتراها بعض اليهود وهي في وادي القرى ،وكانت بداية
سياسة توزيع الأراضي في عهد عثمان بن عفان وأكملها من بعده معاوية بن أبي سفيان ،حيث قام
أمية. لبنو الصوافي أراضي من قطائع بمنح معاوية
وكان مسلمة بن عبد الملك من أثرياء الدولة ،وكانت ثرواته بإمكانها مساعدة الخليفة ،فقد عمل على
تسليم أمواله وقيامه بمشروع مقابل إقطاع الطساسيج.
الأشراف في الدولة الأموية:
أشراف الشام:
كان معاوية بن أبي سفيان يهتم كثيرا ً لأشراف الشام؛ لأنه كان واليا ً على الشام في عهد عمر بن
الخطاب ،وكانت الشام مقرا ً رئيسي للخلافة الأموية ،وكان معاوية قد قام بزيادة الرابط مع قبيلة كلب
وهي أهم فرع في قضاعة ،فتزوج بنت بحدل الكلبية أم يزيد بن معاوية.
أشراف الكوفة:
أشراف البصرة:
حاول معاوية بن أبي سفيان جاهدا ً أن يضمن أشراف البصرة ،وقد دفع لهم الكثير من الأموال لشراء
ضمائرهم ،وأجلس منهم على سريره كالأحنف بن قيس وكان يحترمه لشدة حكمته ،وظ َ ّ
ل أشراف
البصرة موالين للخلافة الأموية في عهد الخليفة يزيد بن معاوية.
أشراف خراسان:
كان معاوية بن أبي سفيان يحترم عقل شريف خراسان حضين بن المنذر الرقاشي من شيبان.
أشراف الحجاز:
قام الخليفة يزيد بن معاوية بإكرام أشراف المدينة عندما أتوا إليه ،وأغدق على الأشراف الكثير من
الأموال والعطايا؛ لأنهم ينتمون أساسا ً لقبيلة قريش ،وواصل يزيد السير في خطى والده لتوثيق
العلاقات مع أشراف الحجاز ،ود َعّم الخلفاء السفيانيون علاقاتهم مع أشراف مصر.
أشراف مصر:
أكرم معاوية بن أبي سفيان أشراف مصر ،فمنحهم الدور كعمير بن وهب بن عمير ،وكان أشراف مصر
يرافقون عتبة بن أبي سفيان والي مصر عند ذهابه للخليفة معاوية بن أبي سفيان.
الفقية هو شخص له القدرة على استخراج واستنباط أحكام جديدة من القرآن الكريم والسنة النبوية ،ولم
يكن لدى الفقهاء ارتباط في سلطة الدولة الأموية حتى عهد عمر بن عبد العزيز ،وقد درس عمر على يد
المسي ّب ،وعروة بن ُأذينة،
َ أكبر علماء المدينة كعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن معسود ،وسعيد بن
وأبي سلمة بن عبد الرحمن ،وسالم بن عبد الله بن عبد الله بن عمر ،والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق،
والزهري.
وعندما تولَ ّى عمر بن عبد العزيز الخلافة أرسل للحسن البصري ولمطرف بن عبد الله الشخير ليعظوه ،وقد
ردوا عليه بأن يتمسك بحبل الله تعالى ،وألا تغويه الدنيا.
الدولة الأموية في أقصى اتساعها خلال عهد هشام بن عبد الملك( باللون الأخضر الفاتح) ،ويوضح
موقعها في الخريطة وقوع أغلب الطرق التجارية الأساسية في العالم القديم ضمن أراضيها.
وعموما ً فقد كان الاقتصاد الأمويّ كبيرا ً ومزدهراً ،حيث غذته كثيرا ً الفتوحات الإسلامية الواسعة،
فأصبحت الدولة الأموية مسيطرة على أغلب الطرق التجارية الأساسية في العالم القديم ،وسيطرت من
ث ََّم ّ على الحركة التجارية فيها ،فضلا ً عن أن ربوعها شملت الكثير من المراكز الزراعية والصناعية الهامة
ح نمو حركة تجارية ضخمة بين ولاياتها بدون عوائق،
التي أغنت وأثرت اقتصادها ،مكا أن توسعها أتا َ
[]2
جعلت نقل البضائع والمتاجرة بها سهلا ً ويسيراً ،فازدهرت الحركة التجارية في الدولة.
المصادر[عدل]
يُوجد عدد محدود ٌ من المصادر التاريخية التي تتناول موضوع الاقتصاد الأمويّ ،مثل كتابي
"الخراج" لأبي يوسف و"الأموال" لأبي عبيد القاسم ،غير أن مثل هذه الكتب ترك ّز على الاقتصاد من
الناحية الفقهية ،وأحكام الغنائم والجزية والخراج[؟] وما إلى ذلك ،وأما المصادر التي تبحث ميزانية الدولة
وأحوالها المالية في العصر الأموي فهي معدومة تماماً ،ولذلك فإن الوسيلة الأساسية لمعرفة الأحوال
ي العامّ للأفراد عبر التقص ّي عن
الاقتصادية في عصر الدولة الأموية هي في دراسة المستوى المعيش ّ
مستوى الاحتفالات والمناسبات الاجتماعية والحركة العمرانية في ذلك العصر ،وغيرها من الأمور
التي تعب ّر عن مدى غنى الأفراد في المجتمع.
[]1
الزراعة[عدل]
اهتَم ّ العرب والمسلمون عموما ً بالزراعة اهتماما ً عظيما ً وأولوها اهتماما ً كبيرا ً جداً ،ولم يَش َّ َّذ الأمويون عن
َّ
الريّ بأنظمة فاعتنوا كبيراً، اهتماما ً بها فاهتموا القاعدة، هذه
وأق اموا الجس ور[؟] والس دود وش قوا ال ترع[؟] وطهوره ا موس ميا ً َّ
وعَم ّروا القن اطير[؟] والنواع ير والط واحين ،وق د
ازده رت به ذا الزراع ة ونمت في أص قاع الدول ة ]4[]3[.كم ا بن وا مقاييس ا ً كث يرة ك انت تس تخدم في قي اس
ارتف اع منس وب نه ر الني ل ]5[،فب نيت في مص ر مق اييس أنص نا (في عه د معاوي ة بن أبي
س فيان) وحل وان( في عه د عب د العزي ز بن م روان) والروض ة( س نة 97 هـ في عه د أس امة بن زي د).
]3وأما من القناطير فبُنيت قنطرة قرطبة في الوادي الكبير على يد السمح بن مالك الخولاني سنة101
[]5
هـ بأمر الخليفة عمر بن عبد العزيز ،وكانت من أعظم قناطير الدنيا آنذاك.
ومن ضمن المحاصيل التي جرت زراعتها في العصر الأموي -والكثير منها لم تكن ت ُزر َع في هذه المناطق
ب ال يات والقطن وقص ابقا ً -الحمض س
البيضاء والحبوب والبقول والكرمة[؟] والفستق والزيتون والنخيل والأرز ومن أبرز المناطق التي ز ُرعت
وعني َ بها مصر خصوصا ً ضفاف نهر النيل -التي قاس عبيد الله بن الحبحاب مساحة أراضيها الزراعية
فبلغت 100ف دان - والع راق وغوط ة دمش ق ]3[.كم ا أن من الأراض ي الش هيرة ال تي استص لحها وزرعه ا
الأمويون أرض الموات في الشام التي زرعها معاوية بن أبي سفيان وجعل منها بساتين زاهرة.
اعتنى الأمويون بالأراضي وشجعوا على استصلاحها لكي يزيد الخراج[؟] ويزداد بدوره دخل الدولة ،كما
أنهم عنوا بعمال الخراج وفصلوا ولاية الخراج عن الولاية العادية -وهو أمر كان غير معتاد آنذاك -
للتركيز عليه أكثر .وقد وضعوا نظاما ً لجباية الخراج يَتض ََّمّن ثلاثة مبادئ أساسية هي المحاسبة والمقاسمة
خصيص جزء
ٌ واللالتزام ،فالأول هو قياس مساحة الأرض ونوع غلتها لتحديد قدر الخراج ،والثاني هو ت
من المحصول يبلغ الثلث أو الربع تقريبا ً لوضعه في بيت مال المسلمين ،وأما الثالث فهو تحمل أحد أثرياء
[]5
قرية أو مدينة أو إقليم مسؤولية جباية الخراج من منطقته لمدة سنة كاملة.
ومن الأمثلة على اهتمام الأمويين بالزراعة أن الحجاج بن يوسف الثقفي كتبَ إلى عبد الملك بن
مروان ليستأذنه في أخذ الفضل من الفلاحين ،فأجابه الخليفة" :لا تكن على درهمك المأخوذ
أحرص منك على درهمك المتروك ،وأب قِ لهم لحوما ً يعقدون عليها شحوما ً" .وقد تدهور الاقتصاد
في فترة من فترات ولاية الحجاج على العراق وتراجعت الزراعة وتولّد نقص في المواد الغذائية ،وذلك
نتيجة لهجرة الفلاحين في أنحاء الدولة من القرى والحقول إلى المدن وترك العمل في الزراعة ،فأمرَ
[
هو وقرة بن شريك العبسي - والي مصر آنذاك -بعودة الفلاحين إلى حقولهم في ولايتي مصر والعراق
]6لتأمين الغذاء اللازم للدولة وإنعاش الزراعة من جديد ،لكن مع ذلك فقد لاقى القرار سخطا ً شعبيا ً
في الدولة لإجبار الناس على العمل بالزراعة دون رغبتهم بها ]4[.وبالإضافة إلى ذلك فقد كان الأميوون
يُقدمون المعونات إلى الفلاحين في أوقات الفتن والاضطرابات التي تُصعب عملهم ،ومن ضمن ذلك أن
ق َّ َّدم الحجاج إلا مزارعي العراق مليوني درهم لمساعدتهم على زراعة أراضيهم خلال ولايته على الإقليم.
وفي عهد عمر بن عبد العزيز بقي القليل من المال في بيت المال المسلمين بالعراق فكتب عمر إلى
ُف عن أرضه ،فأسلفه ما يقوى به
ضع َ
واليها" :أن ظ ِر ْ من كانت عليه جزية (خراج الأرض) ف َ َ
على عمل أرضه؛ فإنا لا نريدهم لعام ولا لعامين" .
[]7
الصناعة[عدل]
بعد أن سيطرت الدولة الأموية على مصر والمغرب العربي الذين كانا خاضعين لسلطة الإمبراطورية
البيزنطيةَّ
استمَر ّت بدعم بعض الصناعات الأساسية التي كانت سائدة في العهد البيزنطي والاستفادة
منها ،مثل صناعة الأقمشة وصبغها -خصوصا ً باللون الأرجواني[؟] - وصناعة ورق البردي ،وقد زادت
ح لها أسواقا ً جديدة، هذه الصناعات من النشاط الاقتصاديّ في الدولة ،كما أن ُّ
توُسّ ع الدولة الأموية فت َ
ح يُص َّ َّدر إلى الحجاز ،وهكذا ،وعموما ً ازدهر َ
فمثلا ً بدلا ً من تصدير القمح من مصر إلى القسطنطينية أصب َ
[]8
النشاط الاقتصاديّ بين مصر وجنوب وجنوب شرقي الدولة الإسلامية كثيرا ً في العهد الأمويّ .
وعموما ً من الصناعات البارزة التي ازدهرت في العصر الأمويّ الصناعات الحربية والعسكرية كاف ّة ،مثل
الحراب والخوذ والسيوف وغيرها من أدوات القتال ،بالإضافة إلى صناعة السفن للمعارك البحرية التي
يد اط ورش كندرية ودمي ل الإس احلية مث دن الس ير من الم رت في الكث ازده
مص ر وعك ا وص ور[؟] وص يدا وب يروت في الش ام .كم ا ازده رت الص ناعات الخش بية للعم ارة وص نع أث اث
المنازل ،وصناعات النسيج التي كانت الأكثر ازدهارا ً في مصر والشام والعراق وفارس وما وراء النهر
[]9
وشملت موادا ً مختلفة مثل الصوف والقطن والكتان والحرير.
التجارة[عدل]
شهدت الدولة الأموية حركة تجارية نشطة عبر َ أنحائها المختلفة الواسعة ومع الدول والإمبراطوريات
الأخرى المجاورة على حد سواء .ولم تُقم الدولة أي قيود من أي شكل على كافة أشكال التجارة بين
ولايات الدولة نفسها ،كما لم تفرض قيودا ً أو تقنن بأي شكل التداولات التجارية مع الدول المجاورة،
ولم تحتكر أي نوع من البضائع التجارية ،وبذلك فإن القوانين التجارية لم تختلف في العهد الأموي كثيرا ً
[]5
عما كانت عليه في عهد الخلافة الراشدة.
قبل الإسلام كان دور العرب التجاريّ يَقتصر بشكل أساسي على كونهم وسيطا ً وأراضيهم معبرا ً هاما ً
ين إلى د والص ُُّر ّ من الهن تي تم ية ال ة الأساس رق التجاري للط
قوافلها التوابل والبخور والحرير من المشرق إلى القارة الأوروبية حيث الطلب عليها كبير .أما في العصر
ل النشاط
الأموي فقد أصبحت الطرق التجارية بأكملها تقريبا ً تحت سيادتهم ،وسيطر المسلمون على ج ّ
التجاري في العالم القديم ،إذ أصبحوا يُصدّرون بضائعهم إلى الشرق والغرب ،فالصين لها على سبيل
المث ال المنس وجات الص وفية والقطني ة والكتاني ة والبس ط والمع ادن وخ ام الحدي د وس بائك ال ذهب والفض ة
فيما استورد المسلمون منها الحرير بدورهم .وفضلا ً عن الدور الكبير الذي لعبه هذا النشاط التجاريّ
الواسع في تنشيط وتقوية الاقتصاد الأمويّ ،فقد انتعش الاقتصاد أكثر بما يُشبه رسوما ً جمركية كانت
تفرضها الدولة على القوافل التجارية الما ََّرّة بأراضيها ،وقد جعلها ذلك أكثر ثراء ً وقوة على الصعيد
[]10
الاقتصاديّ .
ٌس ٌّفن بحرا ً وقد كان للقوافل التجارية في الدولة الأموية طريقان أساسيان ُّ
تمُر ّ عبرهما ،الأول تعبر فيه ال ّ
ح تى تبل غ مض يق ب اب المن دب ،فإم ا أن تواص ل إبحاره ا ع بر َ البح ر الأحم ر ح تى تبل غ
مين اء القل زم - الس ويس فتنق ل بض ائعها من هن اك ع بر القواف ل البري ة إلى الم وانئ المتوس طية
مث ل الإس كندرية فتنق ل بح را ً إلى أوروب ا ،وإم ا أن تف رغ بض ائعها في ع دن ب اليمن ثم تنقله ا ب را ً ع بر
س احل ش به الجزي رة العربي ة م رورا ً بمك ة( ال تي ك انت مرك زا ً تجاري ا ً هام ا ً) وح تى غ زة في فلس طين حيث
تت ابع بح را ً إلى أوروب ا ،وق د ك انت تم ُُّر ّ ع بر ه ذا الطري ق أغلب البض ائع المُص َّ َّدرة إلى ش مال
أفريقي ا والأن دلس وأوروب ا الغربي ة .وأم ا الطري ق الث اني فتم ُُّر ّ في ه الس فن ع بر الخليج الع ربي ح تى تف رغ
بض ائعها في مين اء الأيل ة ق ربَ البص رة ،ومن هن اك تت ابع قواف ل ال بر طريقه ا ع بر َ الع راق ثم إلى الش ام،
وهن اك تف رغ الحمول ة في الم وانئ المتوس طية مث ل عك ا وص ور[؟] وص يدا وب يروت واللاذقي ة وأنطاكي ا حيث
تُنق َل إلى أوروبا ،وهو الطريق الذي كانت تُنق َل عبره أغلب البضائع المُص َّ َّدرة إلى أوروبا
الشرقية والجنوبية قادمة من الصين عبر بلاد ما وراء النهر.
[]11
الموارد الاقتصادية[عدل]
كان من موارد الاقتصاد الأمويّ الأساسية الخراج[؟] الذي فرضته الدولة الأموية على الأراضي
المفتوحة ،فبدلا ً من توزيعها على الجنود أصبحت ملكا ً للدولة ،وت ُرك َ مزارعوها يعملون بها مقابل الخراج
ال ذي يُؤ ََّدّون ه للحكوم ة .كم ا ك ان من م وارد الدول ة الب ارزة الأخ رى الغن ائم ،حيث تقض ي
أحكام الإسلام بوضع خمسها في بيت مال المسلمين وتقسيم الباقي على الجنود ،بالإضافة إلى الجزية التي
فرضتها الدولة الأموية على أهالي المناطق المفتوحة غير المسلمين ،حيث تلزمهم بدفع قدر من المال ق َّ َّدره
الفقه اء بـ 48درهم ا ً للأغني اء و 24للمتوس ّ طين و 12للفق راء الق ادرين على الكس ب ،فيم ا ع ُفي منه ا
الشيوخ والأطفال والنساء والفقراء العاجزون عن الكسب (الذين خُصّ ص لهم عطاء من بيت المال).
وأما من موارد الأرض فقد كان هناك الركاز ،وهو كل ما ي ُستخرج من باطن الأرض
ج من أرض خاص ة ف إن للدول ة خمس قيم ة الم واد،
مث ل ال ذهب والفض ة والنح اس ،وفي ح ال اس تخر َ
وأما إن كانت أرضا ً للدولة فإن كل ريعها يكون لبيت المال.
وأيضا ً نظرا ً إلى وقوع الدولة الأموية على معظم الطرقات التجارية الأساسية في العالم القديم وسيطرتها
عليها فقد كان من مواردها المالية الأساسيات الضرائب التي فرضتها على القوافل التجارية التي تدخل
حدودها أو تخرج منها .بلغت قيمة هذه الضرائب ربع عشر قيمة البضائع للتجار المسلمين (ما يعادل 1
من 40منها) ،ونصف العشر للتجار من أهل الذمة الذين يُعدون رعايا للدولة ( 1من ،)20والعشر
[]12
للكفار الذين من أهل الحرب.
الأوضاع الاقتصادية[عدل]
ازدهرت التجارة بين مصر وجنوب وجنوب شرقي الدولة الإسلامية كثيرا ً خلال العهد الأمويّ ،
وذلك بتصدير مواد عديدة من أبرزها القمح المصري .وبعد َ ظهور الدولة الأموية وتوسّ عها في
منطقة الشرق الأدنى عادت الحركة التجارية مع المناطق المجاورة إلى الانتعاش ،إذ كان َت التعاملات
التجاري ة مح دودة ج دا ً بينه ا وبين من اطق نف وذ الدول ة البيزنطي ة قب ل ذل ك خلال عه د الإمبراطوري ة
الساس انية وحربه ا م ع البيزنط يين في الق رن الس ادس للميلاد ،وأم ا بع د أن أص بحت أغلب من اطق
ح من الممكن للحركة التجارية
الإمبراطوريتين كلاهما جزءا ً من أراضي الدولة الأموية الشاسعة فقد أصب َ
أن تأخذ طريقها بحرية عبر َ أصقاع الدولة .وقد كان لانفتاح الأبواب هذا أمام التجارة في أنحاء الدولة
الأموية دور ٌ كبيرا ً في إثراء مصر وازدهارها الاقتصاديّ الكبير في هذا العصر ،والذي دام طوال
الق رنين الس ابع والث امن الميلاد ََّي ّين ،وأص بحت خلال ه الإس كندرية كم ا وص فها المؤرخ ون مدين ة ع امرة
ل هذا الازدهار الاقتصاديّ أيضا ً بلاد الشام،
وواسعة فيها بضائع ومستوردات من كل البلاد ،كما شم َ
فض لا ً عن المغ رب الع ربي ال ذي ك ثر في ه ال ذهب ور ُبيت في ه الكث ير من الخي ول والإب ل وازده رت
[]8
تجارة الحبوب التي تشتهر المنطقة بها.
ومن بين كافة مناطق الدولة الأموية الواسعة لم تشهد سوى منطقة واحدة ركودا ً وضعفا ً اقتصاد ََّي ّين في
ه ذا العص ر ،وهي ش به الجزي رة الأيبيري ة وجن وب غال ة( إس بانيا والبرتغ ال وجن وب فرنس ا حالي ا ً) ،وذل ك
بعد أن ركدت الحركة التجارية التي كانت موجودة سابقا ً بين الموانئ الفرنسية والشامية ،بالإضافة إلى
انخفاض الطلب على الرقيق السلافي الذي كان من أهم موارد التجارة في فرنسا ،وبعد أن استبدل
[]8
بالرقيق التركي والأفريقي.
بلغ الاقتصاد الأمويّ ذروة ازدهاره في عهد الخليفة عمر بن عبد العزيز ،حتى أنه يُحكى عن عهده أن
عمال الصدقات كانوا ي َبحثون عن فقراء ليعطوهم المال فلا يَجدون .وقد وف ّرت الدولة في عهده للأفراد
خدمات كثيرة وساعدت على توفير العلاج وإعالة المحتاجين ،كما ساعدت الشباب على الزواج وأعانت
[]1
من يريد تأدية الحج[؟] ،وغير ذلك من الحاجات.
في الحقيقة فإن الفتوحات الإسلامية لم تعطل الحركة التجارية في العالم القديم ،إنما ح ََّرّكت اتجاهها
َّ
استمَر ّت فيها الحركات التجارية وغيرته لتغذي الدولة نفسها أكثر من خارجها .والمناطق الوحيدة التي
نش طة بش كل ملح وظ خ ارج الدول ة الأموي ة بع د فتوحاته ا الكب يرة هي بيزنط ة وإيطالي ا وبلاد الخ زر
وبشكل عام فقد كانت أغلب المبادلات التجارية في العالم القديم تدور بين أراضي الدولتين الأموية
والبيزنطية الكبيرتين المتنازعتين ،وقد أ ََّدّت القطيعة بينهما نتيجة الحرب إلى شلل كبير في الحركة
[]8
الاقتصادية خصوصا ً في منطقة حوض المتوسط.
عقد َ الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان في سنة 69 هـ صلحا ً مع البيزنطيين التزموا بموجبه بدفع مبالغ
كبيرة من المال إلى الإمبراطور البيزنطيّ ،حيث كان عبد الملك مشغولا ً بنزاعات الدولة الداخلية
وعاجزا ً عن الدفاع عن حدودها .لكن عندما جاء َ وقت تأدية الأموال أرسل عبد الملك إلى
الإمبراطور جستنيان الثاني الدنانير العربية التي بدأ بضربها حديثا ً في دمشق بدلا ً مما اعتادته المنطقة من
دنانير رومانية ،فغضب جستنيان وبدأ حربا ً ضد الأمويين ،وقد تقل ّصت إثر َ هذه الحرب المبادلات
التجاري ة كث يرا ً بين ال دولتين ،مث ل ورق ال بردي ال ذي أوقفت مص ر تص ديره إلى البيزنط يين ،ونفس
الشيء في الولايات البيزنطية ،غير أن الولايات البيزنطية في آسيا الصغرى رفض ت موق ف الإمبراطور
[]8
ولم تلتزم بالمقاطعة فاستمر ّت بتصدير الخشب إلى مصر كما في السابق.
ولاحقا ً زادت المقاطعة أكثر ،ففي القرن الثامن الميلادي دخلت الإمبراطورية البيزنطية في قطيعة
كاملة مع الدولة الأموية وحظرت تصدير كافة أشكال السلع التجارية إليها ،وذلك على ُّ
الُر ّغم من أن
الأمويين لم يردوا على ذلك بأي إجراءات .ومع الوقت ازدادت سيطرة البيزنطيين على الحركة التجارية
في المنطق ة ،وتمكّنت أس اطيلهم البحري ة من الهيمن ة على الحرك ة البحري ة عس كريا ً وتجاري ا ً في البح ر
الأبيض المتوس ط والبح ر الأس ود خلال ف ترات كب يرة من الق رن الث امن ،خصوص ا ً بع د حمل ة
القسطنطينية التي استنفذت أساطيل الدولة البحرية كثيرا ً وأنهكتها ،ولم تلتئم القوة البحرية الأموية من
جراح هذه الحملة حتى عهد هشام بن عبد الملك في منتصف القرن الثامن .منذ ثلاثينيات هذا القرن
بدأ البحر المتوسط بالانقسام إلى شطرين منفصلين معزولين عن بعضهما تجارياً ،واحد تحتَ السيطرة
الإسلامية والآخر تحتَ السيطرة البيزنطية ،وذلك نتيجة للحرب بين الأمتين .ويعتبر المؤرخون أن
الإمبراطورية البيزنطية كانت تستخدم العزلة الاقتصادية كسلاح ضد عدوّتها الدولة الأموية لإنهاكها
[]8
وهزمها في الحرب.
المراجع[عدل]
↑ تعدى إلى الأعلى ل :أ ب ت موسوعة سفير للتاريخ الإسلاميّ ،الجزء الثاني "العصر الأموي"، .1
ل :أ ب ت ث ج ح [ حوض البحر المتوسط :صراع تجاري بين بيزنطية تعدى إلى الأعلى
↑ .8
مراجعة مرجع
والعرب] .موقع الحكواتي .تاريخ الولوج .2012-05-05
^ موسوعة سفير للتاريخ الإسلاميّ ،الجزء الثاني "العصر الأموي" ،مرجع سابق ،ص .9
.86
^ موس .10